الأمم المتحدة

A/HRC/29/26/Add.2

الجمعية العامة

Distr.: General

5 May 2015

Arabic

Original: English

مجلس حقوق الإنسان

الدورة التاسعة والعشرون

البند 3 من جدول الأعمال

تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان، المدنية والس ياسية والاقتصادية

والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية

إضافة

البعثة إلى الإمارات العربية المتحدة *

موجز

أجرت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين زيارة رسمية إلى الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 27 كانون الثاني/يناير إلى 5 شباط/فبراير 2014. وكان الغرض من الزيارة النظر في الإنجازات التي حققها البلد والتحديات التي تواجهه في ضمان استقلال القضاء وممارسة مهنة المحاماة بحرّية.

والتقت المقررة الخاصة أثناء الزيارة بعدد من كبار المسؤولين الحكوميين في وزارات العدل والداخلية والخارجية الاتحادية، ودائرة القضاء في أبو ظبي، فضلاً عن رئيس المحكمة الاتحادية العليا، وقضاة على الصعيدين الاتحادي والمحلي، والنائب العام، وأعضاء في النيابات العامة الاتحادية والمحلية. كما التقت بمحامين وأعضاء في السلك الدبلوماسي والمجتمع المدني.

وتستهل المقررة الخاصة تقريرها بلمحة عامة عن النظام القضائي الاتحادي وأطره الدستورية والقانونية. وتعرض في الجزء الثاني من التقرير النتائج التي توصلت إليها والشواغل التي تساورها، بالتركيز على المواضيع التالية: (أ) عدم الوضوح القانوني؛ و(ب) استقلال القضاء ونزاهته؛ و(ج) القضاة من غير المواطنين؛ و(د) الم ساءلة والتدابير التأديبية؛ و(ﻫ) المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية وإقامة العدل؛ و(و) الوصول إلى العدالة والمساعدة القضائية؛ و(ز) المرأة في نظام العدالة؛ و(ح) النيابة العامة؛ و

وتعترف المقررة الخاصة بأن نظام العدالة في الإمارات العربية المتحدة تطوَّر في فترة زمنية وجيزة نسبياً ليصبح نظاماً محكماً ومعقّداً من المحاكم. ولكن رغم التقدم والإنجازات الجديرة بالثناء، فإن المقررة الخاصة تشعر بالقلق لأن التحديات وأوجه القصور التي حدّدتها خطيرة وتؤثر سلباً في إقامة العدل والتمتع بحقوق الإنسان وثقة الجمهور في القضاء. ويُختتم التقرير بتوصيات موجهة إلى جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة.

[بالعربية والإنكليزية فقط]

تقرير المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين عن بعثتها إلى الإمارات العربية المتحدة

المحتويات

الفقـرات الصفحة

أولاً - مقدمة 1-4 4

ثانياً -

ألف -

باء -

جيم - هيكل المحاكم 18-26 7

ثالثاً - التحديات أمام استقلال القضاء ونزاهته وأمام إقامة العدل على نحو سليم 27-8 4 9

ألف - عدم الوضوح القانوني 28- 29 9

باء - استقلال القضاء ونزاهته 30 - 39 9

جيم - القضاة من غير مواطني الإمارات العربية المتحدة 40 - 45 12

دال - المساءلة والتدابير التأديبية 46 - 47 13

هاء - المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية وإقامة العدل 48 - 62 13

واو - الوصول إلى العدالة والمساعدة القضائية 63 - 65 17

زاي - المرأة في نظام العدالة 66 -7 0 17

حاء - النيابة العامة 71 - 74 18

طاء -

ياء - التعليم والتدريب وبناء القدرات 82-84 21

رابعاً -

خامساَ - التوصيات 90-132 23

أولاً - مقدمة

١ - أجرت المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، غابرييلا نول، زيارة رسمية إلى الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 28 كانون الثاني/يناير إلى 5 شباط/فبراير 2014 بناءً على دعوة من الحكومة الاتحادية. وكان الغرض من الزيارة النظرُ، بروح تتسم بالتعاون والحوار، في كل من الإنجازات التي حققها البلد وأوجه القصور التي تواجهه على صعيد ضمان استقلال القضاء وممارسة مهنة المحاماة بحرّية.

٢ - وزارت المقررة الخاصة أبو ظبي ودبي والشارقة، والتقت بوزير العدل وعدد من كبار المسؤولين الحكوميين في وزارات العدل والداخلية والخارجية الاتحادية، فضلاً عن مسؤولين من دائرة القضاء في أبو ظبي. كما التقت برئيس المحكمة العليا الاتحادية وقضاة اتحاديين، وقضاة من السلطات القضائية المحلية في أبو ظبي ودبي، والنائب العام الاتحادي وأعضاء في النيابة العامة الاتحادية، وأعضاء في النيابة العامة في كل من أبو ظبي ودبي، وممثلين عن معهد دبي القضائي ومعهد التدريب والدراسات القضائية في الشارقة، ومحامين. وبالإضافة إلى ذلك، التقت بأعضاء من السلك الدبلوماسي وبممثلين عن المجتمع المدني.

٣ - وتود المقررة الخاصة أن تعرب عن شكرها ل حكومة الإمارات العربية المتحدة على تعاونها معها في الاضطلاع بأعباء ولايتها . وتشير المقررة الخاصة إلى أن الإمارات العربية المتحدة عضو في مجلس حقوق الإنسان، ما يجعل تعاون الدولة مع الإجراءات الخاصة أمراً أساسياً لتكون مثالاً يُحتذى به . وتتوجه بالشكر أيضاً لجميع من كرسوا وقتهم لمشاطرتها خبراتهم وآراءهم.

٤ - وتشدد المقررة الخاصة على أن الحكومة، بدعوتها إياها لإجراء زيارة رسمية، تكون قد وافقت على الإطار المرجعي لمثل هذه الزيارات، الذي يشمل ضمان عدم تعرّض أي شخص كان على اتصال بها في إطار الزيارة ل تهديدات أو مضايقة أو عقوبة أو غير ذلك من الأفعال الانتقامية، أو تحريك دعاوى قضائية بحقه نتيجة اتصاله بها.

ثانياً -

٥ - الإمارات العربية المتحدة دولة اتحادية أُنشئت في كانون الأول/ديسمبر 1971 عندما انتهت الحماية البريطانية على مختلف المشيخات في المنطقة. وتتألف من سبع إمارات هي : أبو ظبي وأم القيوين ودبي ورأس الخيمة والشارقة وعجمان والفجيرة تمارس السيادة على أراضيها في جميع المسائل التي لا تدخل ضمن الولاية القضائية للاتحاد.

ألف -

٦ - اعتُمد دستور الإمارات العربية المتحدة في 18 تموز /يوليه 1971، ودخل حيز النفاذ في 2 كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه. وكان الدستور مؤقتاً إ لى أن جعله التعديل الدستوري رقم 1 لسنة 1996 دائماً. ولا يعترف الدستور صراحةً بالفصل بين السلطات.

٧ - وينظّم الفصل الخامس من الباب الرابع من الدستور القضاء، ويشمل أحكاماً تعترف باستقلال القضاة (المادة 94)، وتُنشئ المحكمة الاتحادية العليا والمحاكم الاتحادية الابتدائية (المادة 95) واختصاصاتها (المادتان 99 و102 على التوالي)، وتنص على تشكيلة المحكمة الاتحادية العليا وتعيين قضاتها (المادة 96)، وكذلك على عدم جواز عزلهم من مناصبهم (المادة 97). كما يبيّن الفصل الخامس اختصاصات السلطات القضائية المحلية في الإمارات، وينص على إمكانية نقل اختصاصاتها، كلها أو بعضها، إلى المحاكم الاتحادية الابتدائية عن طريق سن تشريع محدد (المادتان 104 و105). ويُنشئ الفصل الخامس منصب النائب العام ونيابة عامة اتحادية (المادة 106).

٨ - وبالإضافة إلى ذلك، يكفل الباب الثالث من الدستور مجموعة مختارة من الحقوق والحريات الأساسية.

باء -

٩ - يقوم النظام القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة على أساس كل من القانون المدني وأحكام الشريعة الإسلامية. ويعترف الدستور بالشريعة مصدراً رئيسياً للتشريع. والقضاة ملزمون بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الاتحادية وغيرها من القوانين المرعية في الإمارات ( ) .

١٠ - وإلى جانب الأحكام الدستورية ذات الصلة، ينظّم السلطةَ القضائيةَ الاتحادية، بصورة رئيسية، القانونُ الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 "بشأن المحكمة الاتحادية العليا" (بصيغته المعدلة)، والقانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 بشأن إنشاء محاكم اتحادية ونقل اختصاصات الهيئات القضائية المحلية في بعض الإمارات إليها (بصيغته المعدلة )، والقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 "بشأن السلطة القضائية الاتحادية" (بصيغته المعدلة).

١١ - ويبين القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973 تنظيم المحكمة الاتحادية العليا وتشكيلتها واختصاصاتها، ويُنشئ دائرة للمواد الدستورية. ويبيّن أيضاً شروط توظيف القضاة وتعيينهم ومدة ولايتهم وسن تقاعدهم، ودور رئيس المحكمة، ومساءلة القضاة، فضلاً عن الإجراءات التأديبية والجزاءات المتعلقة بهم. وينظّم هذا القانون تشكيلة النيابة العامة الاتحادية وتسلسلها الهرمي واختصاصاتها، وشروط توظيف أعضاء النيابة العامة وتعيينهم ونقلهم وسن تقاعدهم، والنظام الداخلي للمحكمة العليا.

١٢ - و قد أنشأ القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 المحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية، ونقل اختصاصات الهيئات القضائية المحلية القائمة في إمارات أم القيوين والشارقة وعجمان والفجيرة إلى تلك المحاكم الاتحادية. ويحدّد القانون اختصاصات المحاكم الابتدائية الاتحادية وولايتها في المسائل الجنائية والمدنية والتجارية والإدارية ومسائل الأحوال الشخصية. وينص القانون أيضاً على أن يشرف وزير العدل على المحاكم الاتحادية.

١٣ - ويحدد القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 جملة أمور منها هيكل المحاكم، وتشكيلة المحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية، وتشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي واختصاصاته، وشروط توظيف القضاة وتعيينهم وترقيتهم ونقلهم ومدة ولايتهم وسن تقاعدهم، واستقلال القضاة وواجباتهم ومساءلتهم، فضلاً عن الإجراءات التأديبية والجزاءات المتعلقة بهم. وينظّم هذا القانون أيضاً النيابة العامة الاتحادية، التي أُنشئت كهيئة تحت إشراف ورقابة مباشرين من وزير العدل. ويحدّد تشكيلة النيابة العامة وتسلسلها الهرمي، وشروط توظيف أعضاء النيابة العامة وتعيينهم وترقيتهم ومدة ولايتهم وسن تقاعدهم، وواجبات أعضاء النيابة العامة ومساءلتهم، فضلاً عن الإجراءات التأديبية والجزاءات المتعلقة بهم. ويُنشئ القانون دائرة التفتيش القضائي في وزارة العدل ويخوّلها التفتيش على أعمال قضاة المحاكم الاتحادية الابتدائية والاستئنافية وأعضاء النيابة العامة.

١٤ - ويحدّد القانون رقم 23 لسنة 1991 "بشأن تنظيم مهنة المحاماة" (بصيغته المعدلة)، حقوق المحامين وواجباتهم، وينظّم أيضاً شروط قبول المحامين الممارسين وتسجيلهم، والإجراءات التأديبية والعقوبات الممكن اتخاذها بحقهم. ويُنشئ القانون أيضاً لجنة قبول المحامين أمام المحاكم، التي تتألف من سبعة أعضاء.

١٥ - ويشمل الإطار القانوني أيضاً قانون العقوبات (القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1987، بصيغته المعدلة) وقانون المعاملات المدنية (القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985، بصيغته المعدلة)، وقانون الإجراءات الجزائية (القانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992، بصيغته المعدلة)، وقانون الإجراءات المدنية (القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 1992، بصيغته المعدلة)، والقانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1978 بشأن "تنظيم حالات وإجراءات الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا"، ومجموعة من القوانين الاتحادية التي تُنشئ محاكم اتحادية ابتدائية واستئنافية في إمارات ومدن أخرى غير العاصمة، أبو ظبي.

١٦ - وعلى الصعيد الدولي، تُعَدّ الإمارات العربية المتحدة دولة طرفاً في عدة معاهدات لحقوق الإنسان، من بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

١٧ - وعلى الصعيد الإقليمي، صادقت الإمارات العربية المتحدة على الميثاق العربي لحقوق الإنسان في عام 2008. ويتضمن الميثاق مجموعة شاملة من الأحكام الملزمة ذات الصلة بولاية المقررة الخاصة .

جيم - هيكل المحاكم

١٨ - قبل إنشاء الإمارات العربية المتحدة، كان لكل إمارة من الإمارات السبع نظامها القضائي المحلي الخاص. فنصَّ دستور الإمارات العربية المتحدة على إنشاء محكمة اتحادية عليا تتمتع باختصاصات قضائية حصرية في قائمة محددة من المسائل القضائية في جميع الإمارات. وفي جميع المسائل القضائية الأخرى، سمح الدستور للإمارات بالاحتفاظ بسلطاتها القضائية المحلية أو بالانضمام إلى النظام القضائي الاتحادي. فاحتفظت إمارات أبو ظبي ودبي ورأس الخيمة بسلطاتها القضائية المحلية الخاصة وطوّرتها، وهذه السلطات موزعة الآن في نُظُم ذات مستويات ثلاثة (ابتدائي واستئناف ونقض)، وتعمل بصورة مستقلة عن النظام الاتحادي. وهذا يعني وجود نظامين للعدالة في الإمارات الثلاث تلك، يعملان بالتوازي مع بعضهما بعضاً، إذ يشمل اختصاص نظام العدالة المحلي جميع المسائل القضائية التي لا تقع ضمن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا حصراً. وتُعَدّ الأحكام الصادرة عن محاكم النقض المحلية نهائية، إلاّ إذا طُعن في دستورية قانون ما أو تطبيقه أمام المحكمة الاتحادية العليا.

١ - المحكمة الاتحادية العليا

١٩ - أنشأ الدستور المحكمة الاتحادية العليا، وينظّم ها القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1973. وهي أعلى محكمة في النظام القضائي الاتحادي، ومقرها أبو ظبي. وتختص المحكمة حصراً بمجموعة من المسائل، من بينها المنازعات بين الإمارات المختلفة أو بين الإمارات وحكومة الاتحاد، ودستورية التشريعات واللوائح الاتحادية والمحلية، وتفسير الدستور والمعاهدات الدولية، والجرائم التي لها مساس مباشر بمصالح الاتحاد، ولا سيما الجرائم المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي، وتنازع الاختصاص. وبالإضافة إلى ذلك، تختص المحكمة بالنظر في طعون قرارات المحاكم الاتحادية الاستئنافية، وفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1978. وتضم المحكمة دوائر مختلفة، من بينها دائرة المواد الدستورية ودائرة أمن الدولة.

٢٠ - وتتألف المحكمة العليا من رئيس وأربعة قضاة، فضلاً عن عدد كافٍ من القضاة المناوبين، يُعيَّنون بمرسوم صادر عن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بعد موافقة مجلس الوزراء على التعيين وتصديقه من جانب المجلس الأعلى للاتحاد، الذي يتألف من حكام الإمارات السبع ( ) . وللمحكمة العليا جمعية عمومية تتألف من جميع قضاتها برئاسة رئيسها، وتنظر في تشكيل الدوائر، وتوزيع مهام المحكمة العليا وغير ذلك من الشؤون الإدارية والداخلية للمحكمة. وللمحكمة العليا أيضاً مكتب فني، مؤلف من القضاة، وأعضاء النيابة العامة، وإدارة الفتوى والتشريع والقضايا في وزارة العدل، وغيرهم من الخبراء القانونيين، ويشرف المكتب على نَسخ الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا وطبعها، واستخلاص القواعد القانونية منها، وإعداد البحوث القانونية التي تطلبها المحكمة العليا، والاضطلاع بمهام فنية أخرى.

٢ - المحاكم الاتحادية الاستئنافية

٢١ - أُنشئت المحاكم الاتحادية الاستئنافية بموجب القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978، ومقرها أبو ظبي، كما يمكن إنشاؤها في إمارات أخرى بموجب قانون اتحادي ( ) . وينظّم تلك المحاكم القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 كذلك، وهي تتألف من دوائر مختلفة تنظر في الطعون في قرارات المحاكم الاتحادية الابتدائية، في المسائل الجنائية والمدنية والتجارية والإدارية ومسائل الأحوال الشخصية. وباستثناء عدد من الحالات التي يحدّدها القانون، تكون قرارات هذه المحاكم نهائية ولا يمكن الطعن فيها أمام المحكمة الاتحادية العليا.

٢٢ - وتتألف المحاكم الاستئنافية من رئيس وعدد كافٍ من القضاة، يُعيَّنون بمرسوم صادر عن رئيس الإمارات العربية المتحدة بناءً على اقتراح من وزير العدل، ويشرف عليها وزير العدل.

٣ - المحاكم الاتحادية الابتدائية

٢٣ - أنشئت المحاكم الاتحادية الابتدائية بموجب القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 1978 أيضاً، ومقرها أبو ظبي، كما يمكن إنشاؤها في إمارات أخرى بموجب قانون اتحادي ( ) . وينظّمها القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983، شأنها في ذلك شأن المحاكم الاستئنافية، وتضم دوائر مختلفة تنظر في المسائل الجنائية والمدنية والتجارية والإدارية ومسائل الأحوال الشخصية.

٢٤ - وتتألف المحاكم الابتدائية من رئيس وعدد كافٍ من القضاة، يُعيَّنون بمرسوم صادر عن رئيس الإمارات العربية المتحدة بناءً على اقتراح من وزير العدل، الذي يشرف عليها وزير العدل.

٤ - المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي

٢٥ - أُنشئ المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي بموجب القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 بغية تحقيق استقلال القضاء. وتشمل اختصاصاته إبداء رأيه في المسائل المتعلقة بالقضاء والنيابة العامة، ودراسة التشريعات المتعلقة بتطوير النظام القضائي واقتراحها، وإبداء رأيه في ترقية القضاة وأعضاء النيابة العامة وإعارتهم وانتدابهم. ويمكن أن يمارس المجلس أيضاً أي مهام أخرى يُعهد إليه بها بمقتضى القانون.

٢٦ - ويتألف المجلس الأعلى من سبعة أعضاء (ثلاثة منهم فقط من القضاة)، وهم: وزير العدل (رئيساً)، ووكيل وزارة العدل، ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، والنائب العام، ومدير دائرة التفتيش القضائي، وأقدم رئيسين عاملَين للمحكمة الاتحادية الاستئنافية.

ثالثاً - التحديات أمام استقلال القضاء ونزاهته وأمام إقامة العدل على نحو سليم

٢٧ - على الرغم من التقدم الملحوظ الذي أحرزه النظام القضائي الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة والتحديثات المدخلة عليه فإنه لا يزال يواجه تحديات جدّية تؤثر بشكل مباشر في تحقيق العدالة وإعمال حقوق الإنسان. فثمة تفاوت في استقلال القضاء ونزاهته والشفافية والكفاءة في إقامة العدل فيما بين الإمارات المختلفة، وفيما بين نُظُم العدالة المحلية المختلفة والنظام الاتحادي.

ألف - عدم الوضوح القانوني

٢٨ - النظام الاتحادي للإمارات العربية المتحدة معقد وقد يصعب فهمه، ولا سيما لغير المواطنين، الذين يشكّلون غالبية السكان. وأُبلغت المقررة الخاصة، خلال زيارتها، بأن من الصعب أحياناً على الناس، نظراً لتداخل القوانين الاتحادية والقوانين المحلية، معرفة الحدود التي تفصل بين نظامي العدالة الاتحادي والمحلي. ويبدو أن هناك أيضاً انعداماً في التنسيق في تطبيق القوانين الاتحادية في مختلف الإمارات. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن الناس يواجهون صعوبة في تحديد الأحكام القانونية التي تنطبق عليهم وحالات انطباقها، تبعاً لمكان وجودهم في دولة الاتحاد وبأن القوانين تُطبَّق أحياناً بطريقة تعسفية. ويؤدي ذلك إلى الغموض وانعدام الثقة في كل من سلطات إنفاذ القانون ونظام العدالة.

29 - وعلاوة على ذلك، أُبلِغت المقررة الخاصة أن تشريعات مهمة، من بينها القانون الاتحادي رقم 2 الصادر عام 2003 (كما عُدّل بال مرسوم الاتحادي رقم 1 الصادر عام 2001) "بشأن جهاز أمن الدولة"، و المر سوم الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 " ب شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات" والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 "بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية"، تتضمن تعاريف مبهمة وفضفاضة للجرائم الجنائية في مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وهذه الأحكام تخالف أيضاً مبدأ الشرعية وتفتح الباب أمام التأويل التعسفي وإساءة الاستخدام. ويقتضي مبدأ الشرعية، وهو أمر أساسي في أي نظام يقوم على سيادة القانون، أن يجري تعريف الجرائم ضمن أحكام قانونية واضحة يمكن التثبت منها والتكهن بها وأن يعرفها الناس، بما يسمح للأفراد بأن يفهموا بوضوح الحدود التي يضعها القانون المعني و أ ن ينظموا سلوكهم وفقاً لذلك .

باء - استقلال القضاء ونزاهته

١ - الفصل بين السلطات والتدخل في استقلال القضاء

30 - تأسف المقررة الخاصة لأن الدستور لا يكفل صراحةً مبدأ الفصل بين السلطات. فإلى جانب سيادة القانون، يمهد مبدأ الفصل بين السلطات الطريق أمام إقامة العدل على نحو يضمن الاستقلال والنزاهة. ولذلك ينبغي رسم حدود واضحة بين اختصاصات مختلف فروع السلطة. وقد بيّنت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 32 (2007) على المادة 14 المتعلقة بالحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، ما يلي: "لا يتسق مع مبدأ استقلال الهيئة القضائية أي وضع لا يُميَّز فيه بوضوح بين وظائف واختصاصات السلطتين القضائية والتنفيذية أو تتمكن فيه السلطة التنفيذية من السيطرة على السلطة القضائية أو توجيهها" (الفقرة 19).

31 - وفي ذلك السياق، من المهم الإشارة إلى عدم وجود فصل واضح بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في الإمارات العربية المتحدة. فغالبية أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لا يُنتخبون من قبل المواطنين بل يعيَّنون وفقاً لطرائق تحددها كل إمارة بنفسها. وعلاوة على ذلك، لا يملك المجلس سلطات تشريعية كاملة.

32 - وحالياً، تمارس وزارة العدل اختصاص الإشراف الإداري والمالي على المحاكم. وتشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي مثيرة للجدل، إذ إن ثلاثة فقط مما مجموعه سبعة أعضاء، قضاةٌ. والأعضاء الآخرون هم النائب العام وثلاثة ممثلين عن السلطة التنفيذية. كما أن ولاية المجلس محدودة جداً. وما أن تعالَج مسألة تشكيل المجلس، ينبغي اتخاذ تدابير لتعزيز دوره. إذ يمكن أن يشمل دوره، على سبيل المثال، المسؤولية عن اختيار القضاة وتعيينهم، ومسؤوليات متعلقة بإدارة المحاكم.

33 - ورغم الصعوبة البالغة في توثيق أي تدخل مباشر في عمل القضاة أو تهديد لاستقلالهم، فإن المقررة الخاصة تشعر بقلق شديد إزاء تقارير وادعاءات تتعلق بضغوط يمارسها أعضاء في السلطة التنفيذية، وأعضاء النيابة العامة وغيرهم من الموظفين الحكوميين، ولا سيما أفراد من جهاز أمن الدولة. ويساور المقررة الخاصة القلق تحديداً لأن السلطة التنفيذية لا تزال تسيطر بحكم الواقع على النظام القضائي.

34 - وأ بلغت الحكومةُ المقررةَ الخاصة أن العمل جارٍ لوضع قانون اتحادي جديد بشأن القضاء يحلّ محل القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983. وبحسب التقارير، سيعزز مشروع القانون استقلال القضاء. وترحب المقررة الخاصة بتلك المبادرة، ولكنها تشعر بالقلق لقلة الشفافية في عملية صياغة القانون. ويبدو أنه لم يتم، إبان الزيارة، التشاور بما فيه الكفاية مع ممثلي القضاء، بشأن مضمون مشروع القانون . وتأسف المقررة الخاصة أيضاً لعدم تزويدها بنسخة من مشروع القانون ليتسنى لها إبداء تعليقات موضوعية عليه.

٢ - اختيار القضاة وتعيينهم

35 - يُعيَّن رئيس المحكمة الاتحادية العليا وقضاتها بمرسوم رئاسي، بعد موافقة مجلس الوزراء على التعيين وتصديقه من جانب المجلس الأعلى للاتحاد. ويعيَّن القضاة الاتحاديون الآخرون بمرسوم رئاسي بناءً على اقترح من وزير العدل. وقد تؤثر التعيينات والترشيحات من جانب أعلى ممثلي السلطة التنفيذية تأثيراً كبيراً في مواقف القضاة وسلوكهم. ويساور المقررة الخاصة القلق لأن الآلية الحالية لتعيين القضاة تفتقر إلى الشفافية، ويمكن أن تعرّضهم لضغوط سياسية غير لائقة.

36 - وتود المقررة الخاصة أن تؤكد أهمية وضع وتطبيق معايير واضحة وموضوعية وشفافة في اختيار القضاة، ولا سيما فيما يتعلق بالمؤهلات والنزاهة والقدرة والكفاءة، ليس فقط من أجل تحديد أنسب المرشحين وتعزيز التصور بأن عملية اختيارهم عادلة، وإنما من أجل ضمان استقلالهم أيضاً. وتمثّل الامتحانات التنافسية التي تكون في جزء منها على الأقل كتابية وتخفي هوية الممتَحَنين أداة مهمة في عملية الاختيار.

٣ - النزاهة والتصور العام والثقة

37 - تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء تقارير تتحدث عن حالات يبدو فيها أن القضاة افتقروا إلى النزاهة وأظهروا تحيزاً، ولا سيما فيما يتعلق بغير المواطنين في الإمارات العربية المتحدة. ويبدو أن هناك تصوراً بين الأجانب المقيمين في الإمارات العربية المتحدة بأن المحاكم المحلية لا يمكن الوثوق فيها ، و بشكل أكثر تحديداً، أن القضاة لا يعاملون المواطنين وغير المواطنين بالطريقة نفسها. وأُبلِ غت المقررة الخاصة أن الأجانب لا يثقون في نظام العدالة إلى درجة أن كثيراً منهم لا يبلغون عن الجرائم أو الانتهاكات.

38 - وجدير بالذكر أن الدولة ملزَمة، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بضمان الحق في المساواة أمام المحاكم والحق في المحاكمة العادلة لجميع الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية، بصرف النظر عن الجنسية أو أي وضع آخر، بما في ذلك انعدام الجنسية. كما ينبغي للقضاة أداء مهامهم دون محاباة أو تحيز أو تحامل، ولا ينبغي أن يُظهِروا، قولاً أو فعلاً ، تحيزاً أو تحاملاً تجاه أي شخص أو جماعة على أسس منها العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الأصل القومي ( ) . وتكتسب تلك الالتزامات أهمية أكبر عندما يؤخذ في الاعتبار أن عدد الأجانب الذين يعيشون في الإمارات العربية المتحدة يفوق عدد المواطنين بكثير.

39 - وعلاوة على ذلك، أُبلِغت المقررة الخاصة أن العلاقة المهنية بين القضاة وأعضاء النيابة العامة في المحاكم الاتحادية وثيقة بشكل مفرط. فهم، بحسب التقارير، يتشاركون في المكاتب، ويدخلون قاعات المحكمة معاً، ويتناقشون في محاضر المحكمة، وهذه الأمور تناقض ما يتصوره الناس عن تمتع القضاة بالنزاهة و احترام مبدأ تكافؤ الوسائل بين النيابة والدفاع. وكما جاء في مبادئ بنغالور للسلوك القضائي، ينبغي للقضاة تجنّب الحالات التي قد تثير على نحو معقول شبهة وجود محاباة أو تحيز أو الانطباع بذلك.

جيم - القضاة من غير مواطني الإمارات العربية المتحدة

40 - يُستقدَم كثير من القضاة من بلدان عربية أخرى للعمل في الجهازين القضائيين الاتحادي والمحلي على أساس مؤقت، ويتجاوز عددهم في بعض المحاكم عدد القضاة من مواطني الإمارات العربية المتحدة. فالرواتب جذابة، ما يسهّل العثور على مرشحين، ولا سيما من الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان ومصر والمغرب. وهذه الظاهرة غير شائعة على الإطلاق على مستوى العالم. وبحسب السلطات، كان تعيين قضاة غير مواطنين أمراً ضرورياً للتعامل مع نقص المواطنين المؤهلين، نظراً إلى حداثة عهد النظام القضائي في الإمارات العربية المتحدة نسبياً. وأوضحت السلطات أيضاً أن المهن الأخرى كانت في العادة أكثر جاذبية من الناحية المالية. ويقال إن ذلك الوضع عولِج في عام 2011 بإجراء زيادة كبيرة في رواتب القضاة. وفي الأمد الأبعد، سيتألف القضاء من المواطنين فقط.

41 - ويمثّل استقلال القضاة من غير المواطنين مسألة معقدة تتطلب دراسة متأنية. وتأسف المقررة الخاصة لعدم تزويدها في أثناء الزيارة بأرقام مفصّلة عن القضاة من غير المواطنين الذين يعملون على الصعيدين الاتحادي أو المحلي، بما في ذلك عددهم أو بلدانهم الأصلية أو توزيعهم على المستويات الهرمية المختلفة أو معايير اختيارهم.

42 - ومدة ولاية القضاة غير المواطنين ليست مضمونة على ذات النحو الذي تُضمن به ولاية القضاة المواطنين. فهم، وفقاً للمعلومات الواردة، يُستقدَمون بموجب عقود مؤقتة يتعيّن تجديدها سنوياً. غير أن المدة الكاملة للعقود تتوقف على القواعد المنظِّمة لإعارتهم في بلدهم الأصلي. وبالتالي، لا يمكن تجديد عقود القضاة غير المواطنين إلاّ لعدد معيّن من السنوات، قد يتفاوت تبعاً لبلدهم الأصلي. وعليه، لا مفر من الطابع المؤقت لمدة ولاية القضاة غير المواطنين.

43 - ورغم عدم الإبلاغ عن أي حالات محددة، فإن المقررة الخاصة تشعر بالقلق إزاء إمكانية فصل القضاة غير المواطنين في أي وقت، ما يجعلهم عرضة للضغوط من أي جهة، بما في ذلك من النيابة العامة ومن أعضاء السلطة التنفيذية. وبالإضافة إلى ذلك، يُزعَم وجود اختلاف في الاستحقاقات والبدلات المخصصة للقضاة المواطنين وغير المواطنين.

44 - وتتفهم المقررة الخاصة الأساس المنطقي لتعيين قضاة غير مواطنين والتقييدات المترتبة على ذلك، ومع ذلك، فإنها تشعر بالقلق إزاء استقلالهم. كما أنها تعتقد أن بالإمكان عمل المزيد لضمان مدة ولاية القضاة من غير المواطنين، وحتى إن كان لفترة محددة فقط. ويجب أيضاً إعادة النظر في أوضاع عملهم، إذ لا ينبغي التسامح مع التمييز بين القضاة المواطنين وغير المواطنين، باستثناء التمييز الناتج عن قواعد الإعارة في البلدان الأصلية.

45 - وتود المقررة الخاصة أن تؤكد أن الحد من عدد القضاة غير المواطنين سبيل مشروع يمكن أن تقصده السلطات. ولكن يجب تنفيذ العملية بامتثال تام للالتزامات الدولية المترتبة على الدولة في مجال حقوق الإنسان، ولتشريعاتها الداخلية الخاصة.

دال - المساءلة والتدابير التأديبية

46 - ثمة وجه آخر من أوجه القصور التي تؤثر في استقلال القضاء ونزاهته، وهو عدم وضع مدونة مكتوبة لقواعد سلوك القضاة الاتحاديين، إذ إن المتوفر في الوقت الحاضر هو مشروع مدونة فقط. وقد وضعت السلطة القضائية المحلية في أبو ظبي مدونة لقواعد السلوك القضائي تشمل عشر قواعد ومبادئ أساسية. ولكن عدم وجود مدونة مشتركة لقواعد السلوك بين جميع السلطات القضائية في الإمارات العربية المتحدة قد ينطوي على إشكالية، ويؤدي إلى تفاوتات فيما بين الإمارات، وفيما بين نُظُم العدالة الاتحادية والمحلية. غير أن المقررة الخاصة ترحّب بكون الإجراءات التأديبية بحق القضاة الاتحاديين تندرج ضمن الاختصاص الحصري لأعضاء الجهاز القضائي؛ وهناك، بالفعل، مجلس تأديبي يتألف من رئيس المحكمة الاتحادية العليا وأربعة من كبار قضاتها، هو المسؤول عن تأديب القضاة الاتحاديين.

47 - وفي ذلك السياق، من المهم تذكُّر أن الغاية من استقلال القضاء ونزاهته ليست مصلحة القضاة أنفسهم، بل مستخدمي المحاكم، وذلك في إطار حقهم الثابت في الحصول على محاكمة عادلة. وعليه، فإن النزاهة والمساءلة عنصران أساسيان في استقلال القضاء، ويرتبطان ارتباطاً وثيقاً بتحقيق سيادة القانون. وعلى الرغم من أن القانونين الاتحادي ين رقم 10 لسنة 1973 ورقم 3 لسنة 1983 ينصان على بعض العناصر التي تتعلق بأشكال السلوك المحظور التي قد تستتبع اتخاذ تدابير تأديبية، فإنه يجب تزويد القضاة بتوجيهات مفصلة بشأن المخالفات التي تؤدي إلى تدابير تأديبية.

هاء - المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية وإقامة العدل

48 - تشعر المقررة الخاصة بقلق بالغ إزاء الادعاءات الخطيرة التي وردت أثناء زيارتها بحدوث انتهاكات لضمانات مراعاة الأصول القانونية والمحاكمة العادلة، ولا سيما فيما يتعلق بالجرائم المتصلة بأمن الدولة. ولا يمكن الاستهانة بالعواقب المحتملة لهذه الانتهاكات على حياة الناس وعلى احترام حقوقهم الإنسانية.

1- الاعتقال التعسفي والاحتجاز السابق للمحاكمة

49 - ينصّ قانون الإجراءات الجزائية، على وجوب إحالة الأشخاص المقبوض عليهم إلى النيابة العامة في غضون 48 ساعة. ويحق للنيابة العامة تمديد الاحتجاز السابق للمحاكمة لمدة أقصاها 21 يوماً. وعند انقضاء تلك الفترة، يجب عرض المحتجَز على قاضٍ، ويمكن أن يمدّد القاضي الاحتجاز. وتأسف المقررة الخاصة لأن القانون لا ينص على حد أقصى للاحتجاز السابق للمحاكمة، من شأنه أن يحول دون حدوث انتهاكات.

50 - وتلاحظ المقررة الخاصة، بقلق، أن ضمانات عدم الاعتقال والاحتجاز التعسفيين المحدودة التي ينص عليها قانون الإجراءات الجزائية لا تنطبق على الأشخاص الذين يُلقى القبض عليهم بتهم تتعلق بالمساس بأمن الدولة وبالإرهاب . فالقوانين ذات الصلة تمنح النيابة العامة صلاحية تمديد الاحتجاز السابق للمحاكمة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر قبل عرض المحتجَز على قاضٍ.

51 - وعلاوة على ذلك، ينص قانون الإجراءات الجزائية على وجوب إبراز أمر توقيف، ما لم يُلقَ القبض على الشخص في حالة تلبّس، غير أن المقررة الخاصة تلقت تقارير كثيرة تفيد بإلقاء القبض على أشخاص من دون وجود أمر توقيف. وهذه الحالات في الغالب تتعلق بأشخاص اتُّهموا لاحقاً بارتكاب جرائم ضد أمن الدولة. وبعد إلقاء موظفي أمن الدولة القبض على أولئك الأشخاص، اقتيد معظمهم إلى مرافق احتجاز سرية، ومُنعوا من الاتصال بالعالم الخارجي أياماً أو أسابيع أو حتى أشهر، مع إبقائهم في بعض الأحيان في الحبس الانفرادي. وقد تبلغ حالات الاحتجاز هذه مبلغ الاختفاء القسري أحياناً، إذ ترفض السلطات الاعتراف بأنها احتجزت الشخص و/أو ترفض تأكيد مصيره ومكان وجوده. وغني عن القول بأنه يتعذّر على المحتجَزين في أماكن الاحتجاز تلك توكيل محامٍ، في انتهاك للمبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين، التي تقضي بأن يتاح لكل مَن يُتهم بارتكاب جريمة توكيل محامٍ في غضون فترة لا تتجاوز 48 ساعة من إلقاء القبض عليه.

2- التعذيب والاعترافات القسرية

52 - تلقّت المقررة الخاصة في إثناء زيارتها معلومات وأدلة ذات مصداقية تفيد بتعرّض كثير ممن أُلقي عليهم القبض من دون أمر توقيف ونُقلوا إلى أماكن احتجاز غير رسمية، للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، لأغراض منها انتزاع اعترافات بالذنب أو شهادات ضد محتجَزين آخرين. ووردت شهادات متسقة عن أشكال التعذيب وسوء المعاملة التالية: الحرمان من ضوء النهار، والتعرّض لإضاءة كهربائية ساطعة على مدار اليوم، وتعصيب العينين والتهديد، والاحتجاز في زنزانات صغيرة جداً من دون نوافذ أو مرحاض، والإجبار على طلب الإذن وخلع الملابس من أجل الذهاب إلى المرحاض، والتعرّض لدرجات حرارة شديدة، والضرب، واقتلاع الأظافر ونتف اللحى، والإبقاء تحت تأثير المخدرات، والاعتداءات الجنسية والتهديدات بارتكابها، والإهانات.

53 - وقد أُبلِغت المقررة الخاصة أن أكثر من 200 شكوى تتعلق بأفعال تعذيب و/أو سوء معاملة قُدِّمت إلى قضاة و/أو أعضاء في النيابة العامة خلال السنوات القليلة الماضية، غير أن هذه الشكاوى لم تُستلَم أو تُسجَّل، وبالتالي لم تكن موضوع دعاوى قضائية. وعلاوة على ذلك، يُزعَم أنه لم يُجرَ أي تحقيق مستقل في تلك الشكاوى. وفي حالة واحدة أُبلِغت بها المقررة الخاصة، أمر قاضٍ لجنة طبية بالتحقيق في ادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة. وأفادت وسائل الإعلام بأن التقرير أثبت بطلان الادعاءات، ولكن لم يُطّلع محامي الدفاع عليه مطلقاً أو يُقدَّم إلى المحكمة.

54 - وترى المقررة الخاصة أن عدم التحقيق جدّياً في ذلك النوع من الادعاءات يشجّع على إفلات الجناة من العقاب. كما يشكّل انتهاكاً لالتزامات الإمارات العربية المتحدة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

55 - والقضاة وأعضاء النيابة العامة ملزَمون ليس فقط باحترام حقوق الأطراف وبإعمالها، بما في ذلك ضمانات مراعاة الأصول القانونية والمحاكمة العادلة، وإنما باحترام حقوق الإنسان أيضاً. وفي ذلك الصدد، تشتمل فكرتا مراعاة الأصول القانونية والمحاكمة العادلة على ضمانة عقد جلسات محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة مُنشأة بموجب القانون. ولا يجب أن تقبل المحكمة أي أدلة تقوم على التعذيب أو سوء المعاملة، بل يجب استخدامها لمقاضاة الأشخاص الذين لجأوا إلى هذه الأساليب.

3- إمكانية توكيل محامٍ

56 - يساور المقررة الخاصة قلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن في وسع الشرطة أو النيابة العامة أن تقيّد قدرة الشخص المتهم على الاتصال بمحامٍ أثناء مرحلة التحقيق. وتعرب المقررة الخاصة عن جزعها تحديداً إزاء التقارير التي تتحدث عن تقييد شديد يُفرَض على قدرة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم تمس أمن الدولة على الاتصال بمحامٍ. ويُزعم أن واحداً من المدّعى عليهم قابل محاميه مرة واحدة فقط قبل محاكمته، و أن آخر اجتمع بمحاميه للمرة الأولى في المحكمة. وكثيراً ما تكون الاجتماعات بالمحامين قصيرة جداً، ل ا تتجاوز بضع دقائق، كما أنها لا تجري على انفراد، بل تكون مراقَبة بل إنها حسب التقارير، تسجل من قبل النيابة العامة أو أجهزة الأمن. وعليه، تعكس الادعاءات حدوث انتهاكات للمعايير الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والضمانات التي تكفل ممارسة مهنة المحاماة بحرّية.

4- الحصول على المعلومات، والشفافية، وجلسات المحكمة العلنية

57 - تظل المقررة الخاصة تشعر بالقلق إزاء ما يظهر من انعدام للشفافية أثناء مرحلة التحقيق وإجراءات المحكمة، ولا سيما فيما يتعلق بالقضايا الجنائية المنظورة أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا. وفي تلك القضايا، يبدو أن المحامين يواجهون صعوبات شديدة أيضاً في الحصول على المعلومات، ولا سيما ملفات التحقيق. ففي إحدى القضايا، لم يتمكّن محامي الدفاع من الاطلاع على ملف موكليه إلاّ عند بداية جلسات المحكمة. ولكن يجب أن يتاح للمحامين الاطلاع على الملفات منذ مرحلة التحقيق، لتمكينهم من إعداد دفاع مناسب.

58 - ويتفاقم انعدام الشفافية عندما لا تكون جلسات المحكمة علنية. فمفهوم المحاكمة العادلة يشمل ضمانة أن تكون جلسات المحاكمة العادلة علنية. ذلك أن علنية جلسات المحكمة تضمن شفافية الإجراءات، وبالتالي تمنح المدّعى عليه ضمانة مهمة. ووفقاً للمعلومات الواردة، كانت الجلسات في كثير من القضايا البارزة المنظورة أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا مغلقةً، أو مفتوحةً بشكل محدود لعامة الجمهور. ويمكن للظروف الاستثنائية أن تسوّغ استبعاد الجمهور برمته أو جزء منه من جلسات الاستماع إلا أن هذا الاستبعاد يجب أن تكون له دواعيه الواضحة، ويجب الإعلان عن الحكم بما في ذلك الإعلان عن النتائج الأساسية والأدلة والاستدلالات القانونية.

59 - وتلقّت المقررة الخاصة تقارير عن قضايا فُرض فيها التسجيل الإلزامي، وغيره من الإجراءات الإدارية المرهقة، على أقارب المدّعى عليهم والمراقبين الدوليين للمحاكمات وأفراد من الجمهور. ولكن حتى الذين استوفوا جميع الشروط، لم يُسمح لهم دائماً بحضور الجلسات. وقد أدّت عمليات التفتيش الكامل على مدخل قاعات المحكمة إلى حالات لا معقولة، منها منع محامي دفاع من دخول القاعة مع ملف قضيته. وتملك المحاكم صلاحية استبعاد الجمهور، كله أو بعضه، في ظروف استثنائية، ولكن لا يجب أن يصبح ذلك قاعدة بحكم الواقع. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق لأن استبعاد الجمهور من حضور الجلسات يشيع الشك في نزاهة الإجراءات القضائية.

60 - كما تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء التقارير التي تفيد بأن الترجمة التحريرية والشفوية في القضايا التي تتعلق بأشخاص غير ناطقين باللغة العربية، غير متوفرة بشكل دائم في الممارسة العملية، رغم أن القانون يقتضي ذلك، أو تكون ذات نوعية رديئة.

5- المراجعة أمام محكمة أعلى

61 - لكل شخص يُدان بجريمة حق اللجوء إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. ولكن في الإمارات العربية المتحدة، تقع القضايا المتعلقة بالجرائم التي تمس مصالح الاتحاد مباشرة، بما فيها ما يسمى جرائم أمن الدولة، ضمن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا حصراً. وعليه، يُنظَر في تلك القضايا في جميع مراحل التقاضي أمام دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا دون إمكانية المراجعة أمام محكمة أعلى درجة، لأن المحكمة الاتحادية العليا هي أعلى محكمة في الإمارات العربية المتحدة. وذلك انتهاك للمعايير الدول ية لحقوق الإنسا ن . وترحب المقررة الخاصة بالمعلومات التي قدمتها الحكومة والتي تشير إلى أن السلطات تنظر في مسألة تعديل القوانين بحيث تنص على إمكانية التقدم بطعون في مثل هذه القضايا.

6- إدارة المحاك م وإدارة القضايا

62 - وقفت المقررة الخاصة على تطوير نظامَي العدالة المحليين في أبو ظبي ودبي نُظُماً حاسوبية متقدمة للغاية في إدارة المحاكم والقضايا. وتتيح هذه النُّظُم إمكانية الحصول عبر الإنترنت على قدر هائل من المعلومات، بما في ذلك حالة القضايا وتواريخ الجلسات و الإحصاءات . كما طُوِّرت تطبيقات للهواتف الذكية مثيرة للإعجاب تيسّر عمل القضاة والمحامين ومستخدمي المحاكم على السواء. وتأمل المقررة الخاصة في أن تُتاح هذه الأدوات المتطورة عما قريب في القضايا الجنائية، أو على مستوى المحاكم الاتحادية وأن يتواصل تطويرها . ومع ذلك، تظل الفوارق في نوعية الخدمات القضائية المقدَّمة لسكان الإمارات السبع مصدر قلق ينبغي معالجته.

واو - الوصول إلى العدالة والمساعدة القضائية

63 - تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء قدرة الأشخاص الضعفاء من السكان، مثل العمال المهاجرين والعاملين في المنازل والأشخاص عديمي الجنسية، المعروفين أيضاً باسم البدون ، على الوصول إلى العدالة. فهم يواجهون عقبات شديدة في الوصول إلى نظام العدالة، من بينها انعدام الهوية القانونية في حالة البدون ، وعدم توفر معلومات عن النظام القانوني والإجراءات القضائية بلغة يفهمها الفرد، وانعدام الثقة في نظام العدالة. ولذلك، يستحيل على الأشخاص الضعفاء في أحيان كثيرة التماس سبل الانتصاف من الانتهاكات التي يعانون منها، ما يشكّل خرقاً لمبدأ المساواة أمام المحاكم. وتحيط المقررة الخاصة علماً، بتقدير، المعلومات التي وردتها الجهود التي تبذلها السلطات من أجل التواصل مع العمال المهاجرين وتوعيتهم بحقوقهم ودعمهم في تحريك الدّعاوى القضائية بسبل منها الإعفاء من الرسوم القضائية. وتعرب المقررة الخاصة عن أملها في أن تعزز تلك الجهود.

64 - وعلى المستوى الاتحادي، لا تتاح المساعدة القضائية المؤسسية إلاّ للمدّعى عليهم الذين لا يطيقون التكاليف المالية المترتبة على توكيل محامٍ في نظام العدالة الجنائية. وتُخصَّص الموارد من ميزانية المحاكم الاتحادية، ويختار القضاة المحامين من قائمة لتكليفهم بتلك القضايا.

65 - وبالنظر إلى ما تقدم، ترحّب المقررة الخاصة بإنشاء نظام المساعدة القضائية المجانية في دائرة القضاء في أبو ظبي. ومنذ عام 2011، تُقدَّم المساعدة القضائية المجانية للمعوزين في الإمارة، في قضايا منها القضايا المدنية. وتُقدَّم ثلاثة أنواع من الخدمات إلى المتقاضين الذين لا يطيقون التكاليف المترتبة على توكيل محامٍ: تعيين محامٍ، وسداد رسوم الخبراء الذين قد تمس إليهم الحاجة في القضية المعنية، وتوفير المساعدة القضائية للمحتجَزين. وقد أبلغت السلطات المقررة الخاصة أن غالبية المستفيدين من تلك الخدمات القضائية المجانية هم عمال مهاجرون. وتقول المقررة الخاصة إن هناك معلومات مشجعة وردتها من الحكومة تفيد باستعداد وزارة العدل للنظر في ذلك المثال الإيجابي بغية تعزيز نظام المساعدة القانونية على المستوى الاتحادي.

زاي - المرأة في نظام العدالة

66 - نظرت المقررة الخاصة في أثناء زيارتها في مسألة إدماج المنظور الجنساني وحقوق المرأة في نظام العدالة. ويساورها قلق بالغ لأن المادتين 18 و58، على التوالي، من القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 تحظران على المرأة أن تصبح قاضية اتحادية أو عضواً في النيابة العامة الاتحادية. ويُعدّ هذان الحكمان التمييزيان انتهاكاً لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي انضمت إليها الإمارات العربية المتحدة في عام 2004، وهما بالتالي غير مقبولين.

67 - وتلاحظ المقررة الخاصة مع التقدير أن النظامَين القضائيين المحليين في أبو ظبي ودبي يتيحان للمرأة أن تصبح قاضية وعضواً في النيابة العامة. وهناك في إطار السلطة القضائية المحلية في أبو ظبي تسع قاضيات و18 من النساء الأعضاء في النيابة العامة. وثمة 73 امرأة ممن قيدت أسماؤهن في سجلات المحامين في محاكم أبو ظبي، يمثّلن 19 في المائة من إجمالي عدد المحامين هناك. ويوجد في نظام العدالة المحلي في دبي ثلاث قاضيات و17 من النساء الأعضاء في النيابة العامة. وشعرت المقررة الخاصة بالارتياح لسماعها بوجود برامج في تينك الإمارتين تهدف إلى تمكين المرأة وتعزيز تمثيلها في القضاء.

68 - ومع ذلك، يبدو أن النساء لا يزلن يواجهن تمييزاً جنسانياً مؤسسياً في جوانب كثيرة من نظام العدالة، من بينها عند تقديم الشكاوى إلى الشرطة أو المثول أمام المحاكم. فالقضاة وأعضاء النيابة العامة، وحتى المحامون، يُبدون التحيز الجنساني والمواقف والممارسات التمييزية الموجودة في المجتمع في الإمارات العربية المتحدة، وهنا التحيز والتمييز إنما هو صورة ل لبنية المجتمعية التقليدية والأبوية السائدة في الإمارات العربية المتحدة.

69 - وفي ذلك الصدد، تشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء تقارير تفيد بأن غالبية حالات الاعتداء الجنسي والعنف المنزلي لا تصل إلى المحاكم. إذ يمارَس ضغط اجتماعي هائل على النساء لكي لا يُبلِغن الشرطة أو المحاكم بهذه الاعتداءات. وتبعث على القلق المعاملةُ والوصمُ اللذان تواجههما بعض النساء اللاتي يجرؤن على تقديم شكوى تتعلق بالاعتداء الجنسي. وفي قضية تناقلتها وسائل الإعلام على نطاق واسع، لجأت امرأة تحمل جنسية أجنبية إلى الشرطة تشتكي تعرّضها للاغتصاب، ولكن انتهى بها المطاف إلى أن تُحاكَم وتُدان على أساس أنها مارست الجنس غير المشروع. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق أيضاً إزاء حالة العاملات المهاجرات، بمن فيهن العاملات في المنازل، إذ إن وضعهن هش للغاية عندما يتعلق الأمر بالاحتكام إلى القضاء والانتصاف في حالات تعرضهن للإيذاء .

70 - وتود المقررة الخاصة أن تشدد على أن وجود سلطة قضائية أكثر تمثيلاً ومراعاة للاعتبارات الجنسانية قد يكون حاسماً في تمكين النساء من الاحتكام إلى القضاء ، والمطالبة بحقوقهن، و بذلك يحطمن أنماط التمييز الجنساني والإفلات من العقاب في حالات العنف ضد المرأة. وترحب المقررة الخاصة بالمعلومات التي وردتها بشأن المبادرة التي اتخذتها وزارة العدل في الآونة الأخيرة والتي تهدف إلى التصدي لبعض الشواغل فيما يتعلق بالمرأة والقضاء؛ وقالت إنها تودّ الحصول على المزيد من التفاصيل بشأن مضمون تلك المبادرة.

حاء - النيابة العامة

71 - أُنشئت النيابة العامة الاتحادية تحت الإشراف والرقابة المباشرين لوزير العدل. ويرأسها النائب العام، ولأعضائها رتب مختلفة. ويقترح وزير العدل أسماء المرشحين للنيابة العامة، ويوافق عليهم مجلس الوزراء قبل تعيينهم رسمياً بمرسوم اتحادي صادر عن رئيس الدولة. وتشكّل هذه الرقابة بحكم القانون مصدر قلق بالغاً للمقررة الخاصة لما فيها من تهديد واضح لاستقلالية أعضاء النيابة العامة.

72 - ومن هذا المنطلق، يساور المقررة الخاصة قلق شديد إزاء التقارير التي تفيد بأن أعضاء من السلطة التنفيذية وجهاز أمن الدولة يؤثّرون في أحيان كثيرة في أعضاء النيابة العامة. فينبغي للنيابة العامة أن تكون مستقلة وينبغي لأعضائها أداء مهامهم باستقلالية وموضوعية ونزاهة، امتثالاً للقانون والمبادئ القانونية الدولية، بما فيها المبدأ الأساسي القائل بافتراض البراءة.

73 - وتشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء الادعاءات ذات المصداقية بتلاعب أفراد الشرطة أو الأجهزة الأمنية الأخرى أو النيابة العامة بالأدلة، أو بتلفيقها أحياناً. كما علمت المقررة الخاصة أن النيابة العامة تواصل البحث في قضايا حتى عند ثبوت بطلان الادعاءات. ففي قضية أُبلِغت بها المقررة الخاصة، اعتُبر أحد المتهمين مذنباً بجريمة رغم أنه كان محتجَزاً على خلفية مسألة أخرى وقت ارتكابها، في حين كان آخرُ خارج البلد ولديه أدلة تؤكد ذلك. ومع ذلك، حوكِما و أُدينا لاحقاً بارتكاب أفعال ما كان من الممكن أن يرتكباها استناداً إلى أدلة واضحة ومتاحة.

74 - وتشكّل النيابة العامة جزءاً من الجهاز القضائي على كل من مستوى الإمارات والمستوى الاتحادي. وهي مسؤولة عن التحقيق في الجرائم، وإصدار أوامر التوقيف والتفتيش والضبط، ومباشرة الدعاوى الجنائية، وإنفاذ القرارات في القضايا الجنائية. كما يدخل في اختصاصات النيابة العامة رصد مراكز الاحتجاز، و هي تضطلع بدور فاعل في الإجراءات التأديبية بحق المحامين. و يثير تركيز المهام بهذا الشكل في يد النيابة العامة قلق المقررة الخاصة، لأنه قد يحول دون استقلال التحقيقات والإجراءات الجنائية ونزاهتها. ونتيجة لذلك، يمكن أن يتأثر مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع، الذي يتطلب المساواة في الإجراءات بين النيابة والدفاع.

طاء -

75 - يضطلع المحامون بدور أساسي أيضاً في ضمان استقلال القضاء وتعزيز سيادة القانون، شأنهم في ذلك شأن القضاة وأعضاء النيابة العامة.

76 - وترد شروط الانضمام إلى نقابة المحامين في المادة 6 من القانون رقم 23 لسنة 1991، وتشمل تدريباً إلزامياً مدته سنتان، ولكنها لا تشمل امتحاناً كتابياً موحداً لنقابة المحامين. ونتيجة لذلك، قد ينشأ تفاوت كبير في كفاءة المحامين، الأمر الذي يثير قلق المقررة الخاصة.

77 - وفي الإمارات العربية المتحدة، أنشئت لجنة قبول المحامين في وزارة العدل، وهي مسؤولة عن قبول المحامين وتسجيلهم في أحد الجداول التي ينص عليها القانون ( ) . وتشعر المقررة الخاصة بالقلق إزاء تدخل السلطة التنفيذية البالغ في قبول المحامين وتسجيلهم، ومشاركة المحامين المحدودة للغاية في ذلك، وهي ترى في ذلك تعارضاً مع المبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين، كونه يقوّض استقلال المحامين. وتلاحظ المقررة الخاصة بقلق أيضاً أن المحامين الممارسين مُلزَمون بتقديم طلب لتجديد تسجيلهم في النقابة سنوياً.

78 - ويساور المقررة الخاصة القلق أيضاً إزاء مشاركة السلطة التنفيذية في الإجراءات التأديبية بحق المحامين وفي شطب أسمائهم من النقابة. والواقع أن لجنة قبول المحامين مسؤولة كذلك عن الشكاوى ضد المحامين. ويمكن الطعن في قرارات اللجنة أمام المحكمة الاتحادية العليا. وبالإضافة إلى ذلك، ينص القانون رقم 23 لسنة 1991 على مجموعة مختارة من حقوق المحامين وواجباتهم ، ولكن لم توضَع مدونة شاملة لقواعد السلوك أو الأخلاق تحدد بوضوح المخالفات وكيفية المعاقبة عليها. وترحب المقررة الخاصة بالمعلومات التي وردتها بشأن مشروع من مشاريع وزارة العدل يقضي بزيادة تطوير المهن القانونية ويأخذ هذا المشروع، حسب ما أفادت به التقارير، بعين الاعتبار المسائل المتعلقة بالتعليم والتدريب وضمانات الاستقلالية واعتماد مدونة لقواعد السلوك ومسائل أخرى. وقالت إنها تشجع السلطات على أن تنظر بجدية في التوصيات ذات الصلة الواردة في هذا التقرير.

79 - وشعرت المقررة الخاصة بالجزع إزاء تقارير تفيد بتعرّض محامين تولّوا قضايا تتعلق بأمن الدولة، للمضايقة والتهديد والضغوط، بطرق منها المراقبة المتواصلة، وحملات التشهير العامة، والترحيل التعسفي للمحامين غير المواطنين. وشعرت بالجزع أيضاً إزاء كثرة العقبات التي يواجهها المحامون الذين يتولّون قضايا متعلقة بأمن الدولة يومياً في أدائهم واجباتهم المهنية وتمثيلهم مصالح موكّليهم.

80 - و لا يجوز مطلقاً أن يجري الربط بين المحامين وموكّليهم أو قضايا موكّليهم نتيجة لأداء المحامين لمهام وظائفهم. ولكن في قضية واحدة على الأقل، أُلقي القبض على محامٍ لاستفساره عن مكان وجود موكّليه في فرع نيابة أمن الدولة. وهذا بالطبع أمر غير مقبول، وينبغي التحقيق فيه فوراً. كما يشجّع أفرادُ الشرطة أو موظفو أمن الدولة أو أعضاء النيابة العامة أسر الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بأمن الدولة على عدم توكيل محامين بعينهم. ويجب وضع حدّ لهذه الممارسة.

81 - ولعدم معاقبة مرتكبي هذه الانتهاكات لاستقلال مهنة المحاماة أثر مثبط في المحامين. و قد أُبلِغت المقررة الخاصة أن توكيل محامين في القضايا المتعلقة بأمن الدولة أصبح أمراً صعباً للغاية. فكثير من المحامين يرفضون هذه القضايا أو يتخلون عنها في مرحلة مبكرة بسبب الضغوط الممارَسة عليهم. وذلك مبعث قلق شديد، ويمكنه أن يؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحق المدّعى عليهم في محاكمة عادلة، بما في ذلك حقهم في توكيل محامٍ يختارونه بأنفسهم.

ياء - التعليم والتدريب وبناء القدرات

82 - أقرّت سلطات الإمارات العربية المتحدة على الصعيدين الاتحادي والمحلي بأهمية توفير التعليم والتدريب المهني المرتفعَي الجودة للقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين، بغية ضمان الفعالية في إقامة العدل. وقد بُذلت جهود واتُّخذت بعض التدابير في محاولة لمعالجة أوجه النقص في هذا المجال في الإمارات العربية المتحدة. ومن بينها، على سبيل المثال، برامج تقدّم منحاً دراسية للقضاة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

83 - وأُنشئت أكاديمية الدراسات القضائية والتدريب المتخصص في أبو ظبي في عام 2008 لتوفير التدريب للقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين، وغيرهم. ويوفر معهد دبي القضائي التدريب للقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين، بما في ذلك دورات تدريبية إلزامية للقضاة وأعضاء النيابة العامة. وأُبلِغت المقررة الخاصة باستحداث شهادة جديدة في حقوق الإنسان والنظام القضائي مخصصة للقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين، ومن المقرر البدء في تلقين مقرراتها اعتباراً من ربيع عام 2014. ومن المفترض أن تتألف الدروس من قرابة 50 ساعة تدريب في مجموعة متنوعة من مواضيع حقوق الإنسان لها صلة مباشرة بالقضاء. وترحّب المقررة الخاصة بتلك المبادرة، وتأمل في أن يستفيد القضا ة على الصعيدين المحلي والاتحادي من دورات تدريبية مماثلة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة .

84 - ومع ذلك لا تزال ثمة تحديات، ولا سيما على صعيد التطبيق العملي للمعارف التي يكتسبها القضاة أو أعضاء النيابة العامة أو المحامون أثناء التدريب في عملهم اليومي. ولذلك يلزم بذل مزيد من الجهود للنهوض بخبرات القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين ونوعية عملهم. وينبغي تقييم تطبيق المعارف و/أو المهارات المكتسبة أثناء التدريب، وإعادة النظر في الاحتياجات التدريبية بناءً على النتائج التي جُمِّعت. وينبغي أيضاً تنويع التدريب المقدَّم، وتضمينه وحدات نموذجية عن مواضيع محددة تتعلق بحقوق الإنسان، مثل حقوق المرأة أو حقوق العمال المهاجرين. وسيتطلب ذلك التزاماً جاداً من السلطات، فضلاً عن استثمار للموارد. وتود المقررة الخاصة أن تؤكد أن الهدف النهائي الذي تسعى إليه الإمارات العربية المتحدة وهو " أمرتة " قضائها، لن يتحقق من دون هذه الجهود.

رابعاً -

85 - ترحّب المقررة الخاصة باعتراف دستور عام 1971 بمبدأ استقلال القضاء. ومن المهم الاعتراف كذلك بأن نظام العدالة في الإمارات العربية المتحدة تطوَّر في فترة زمنية وجيزة نسبياً ليصبح نظاماً محكماً ومعقداً من المحاكم، يشمل محاكم وسلطات قضائية اتحادية ومحلية.

86 - ورغم التقدم المحرز الجدير بالثناء، يواجه النظام القضائي الحالي في الإمارات العربية المتحدة تحديات تؤثر سلباً في إقامة العدل والتمتع بحقوق الإنسان وثقة الجمهور في القضاء. وتشعر المقررة الخاصة بالقلق بوجه خاص إزاء التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات خطيرة لضمانات المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية في الجرائم المتعلقة بأمن الدولة بصفة خاصة، ولكن ليس فيها وحدها. كما تشعر بالقلق إزاء المضايقة والضغوط والتهديدات التي يتعرض لها بعض المح امين، في انتهاك لاستقلالهم، ولا سيما عندما يتولّون قضايا متعلقة بجرائم تمس أمن الدولة.

87 - وإذا كان ينبغي التنويه والإشادة بالإنجازات، فإن من العدل تسليط الضوء، عند النظر في استقلالية نظام العدالة ونزاهته وشفافيته وكفاءته وفعاليته، على التحديات وأوجه القصور القائمة في هذا المجال. وكما ورد أعلاه، يمكن أن تقوّض هذه التحديات وأوجه القصور ممارسةَ حقوق الإنسان بشكل مباشر، وأن تشكّل عقبات فعلية أمام التنمية السياسية المستقرة في البلد، وبالتالي أمام تعزيز نموه الاقتصادي.

88 - وينبغي للإمارات العربية المتحدة، بوصفها عضواً في مجلس حقوق الإنسان، ألاً تدّخر جهداً لتنفيذ التوصيات في مجال حقوق الإنسان تنفيذاً فعالاً. والمقررة الخاصة على استعداد لتقديم المساعدة التقنية والمشورة عند الاقتضاء. وقد تكون مكاتب الأمم المتحدة ووكالاتها في وضع يسمح لها بتقديم المساعدة. فعلى سبيل المثال، يوجد في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مجموعة من الأدوات الجاهزة للاستعمال يمكن استخدامها من أجل النهوض بعمل نظام العدالة الجنائية وتعزيز شفافيته، تماشياً مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.

89 - وتشجّع المقررة الخاصة الإمارات العربية المتحدة بقوة على مواصلة العمل مع آليات حقوق الإنسان، وتأمل منها ، على وجه الخصوص ، أن تستقبل مزيداً من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة في المستقبل القريب. وفي ذلك السياق، توصي المقررة الخاصة بتوجيه دعوات لإجراء زيارات رسمية لكل من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والمقرر الخاص المعنى بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي.

خامساً - التوصيات

90 - ينبغي التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين به، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري .

91- ينبغي إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفقاً للمبادئ المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية (مبادئ باريس) .

92- ينبغي اتخاذ خطوات محددة لإزالة أوجه التفاوت بين الإمارات المختلفة، على صعيد استقلال القضاء ونزاهته، والشفافية والكفاءة في إقامة العدل، بغية النهوض بنظام ا لعدالة برمته وجعله أكثر اتساقاً .

عدم الوضوح القانوني

93- ينبغي تيسير إطلاع الجمهور على جميع القوا نين واللوائح الاتحادية والمحلية بغية تعزيز مبدأ الوضوح القانوني .

94- ينبغي تعديل الأحكام التشريعية التي صيغت بعبارات فضفاضة و/أو مبهمة أكثر مما ينبغي، وبشكل خاص الأحكام الواردة في قانون العقوبات والقوانين الاتحادية رقم 2 لسنة 2003، ورقم 7 لسنة 2014 ، والمرسوم الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 وذلك بغية الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ومبدأ الشرعية.

95- ينبغي إذكاء الوعي العام بمضمون القوانين، وتطبيقها، والالتزامات المترتبة عليها، والفروق بين قوانين الإمارات الم ختلفة .

استقلال القضاء ونزاهته

96- ينبغي تكريس مبدأ الفصل بين السلطات في الدستور، واتخاذ تدا بير ملموسة لتعزيز استقلال القضاء .

97- ينبغي فصل مهام وزارة العدل بوضوح عن مهام السلطة القضائية والمحاكم الاتحادية، وينبغي بوجه خاص نقل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم فوراً إلى القضاء، ليكون القضاء ذاتي التنظيم .

98- ينبغي إعادة النظر في تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي بغية زيادة تمثيل القضاة فيه، والعمل على الحدّ من أعضاء السلطة التنفيذية فيه أو حتى استبعادهم من عضويته.

99- ينبغي التشاور على نحو ذي مغزى مع الجهات الفاعلة في نظام العدالة والجمهور في عملية وضع القانون الاتح ادي المنقح بشأن السلطة القضائية .

100- ينبغي، حفاظاً على استقلال القضاة، أن يكون تعيينهم من جانب هيئة مستقلة مؤلفة أساساً من القضاة، وينبغي تفادي مشاركة ممثلي ن عن السلطة التنفيذية في الهيئة .

101- ينبغي وضع امتحان كتابي موحد من أجل ضمان تقييم كفاءة القضاة المرشحين وخبرتهم بطريقة تخفي هوية الممتَحَنين وتضمن الشفافية .

102- ينبغي التحقيق فوراً في الشكاوى المتعلقة بالمواقف التمييزية وغير ذلك من السلوك غير اللائق الذي يبدر عن القضاة، ومعاقبة القضا ة المعنيين إذا ثبتت صحة تلك الشكاوى .

القضاة من غير المواطنين

103- ينبغي منح القضاة من غير المواطنين الضمانات ذاتها الممنوحة للقضاة المواطنين، شريطة أن تتماشى مع قواعد الإعارة في بلدانهم الأصلية؛ ولا ينبغي أن تجدُّد عقودهم سنوياً، بل ينبغي أن تدوم العقود طوال فترة الإ عارة التي يسمح بها البلد الأصلي .

104- ينبغي اعتماد استراتيجية شفافة وواضحة، تقترن ببرنامج تُخصَّص له موارد كافية، من أجل تقليص عدد القضاة غير المواطنين تدريجياً، وذلك من أجل الامتثال التام للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان؛ وفي الأمد الأبعد، ينبغي أن يكون الهدف جعل العضوية في القضاء مقصورة كلياً على المواطنين الإمارتيين .

المساءلة والتدابير التأديبية

105- ينبغي اعتماد مدونة مكتوبة لقواعد سلوك ا لقضاة على الصعيدين الاتحادي والمحلي، تتماشى مع مبادئ بنغالور للسلوك القضائي .

المحاكمة العادلة ومراعاة الأصول القانونية وإقامة العدل

106- ينبغي التحقيق فوراً في الشكاوى المتعلقة بانتهاكات مبدأ مراعاة الأصول القانونية والمحاكمة العادلة، واتخاذ تدابير عاجلة لتصحيح هذا الوضع ، ويمكن أن تشمل هذه التدابير إعادة النظر في القرارات والأحكام الصادرة، و/أو الإفراج ع ن المحتجزين، و/أو تقديم تعويضات .

107- ينبغي تعديل قانون الإجراءات الجنائية لينص على ح د للاحتجاز السابق للمحاكمة .

108- ينبغي الكف فوراً عن ال ممارسة الفعلية المتمثلة في إلقاء القبض خارج نطاق القانون على من يُشتبه في ارتكابهم جرائم ضد أمن الدولة وإيداعهم أماكن احتجاز سرية، ومنعهم من الاتصال بالعالم الخارجي وحبسهم انفرادياً؛ وينبغي أن تمتثل جميع عمليات الاعتقال والاحتجاز للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان التي تكفل الحرية والأمن الشخصي .

109- لا ينبغي مطلقاً أن تُقبَل أمام المحاكم الأدلةُ والاعترافاتُ التي يعلم أعضاء النيابة العامة أو القضاة أو يعتقدون بشكل معقول أنها تأتّت باللجوء إلى أساليب غير مشروعة، ولا سيما التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو غير ذلك من خروق ات حقوق الإنسان، لأنها تشكّل انتهاكاً خطيرا ً لحقوق المدّعى عليه الإنسانية .

110- ينبغي إنشاء هيئة مستقلة مؤلفة من مهنيين ذوي خبرة وتجربة دولية في مجالات من بينها الطب الشرعي وعلم النفس واضطرابات ما بعد الصدمة، وللتحقيق في جميع الادعاءات بالتعذيب وسوء المعاملة التي يُزعَم أنها حدثت في أثناء الاعتقال و/أو الاحتجاز؛ وينبغي أن يتاح لهذه الهيئة الوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز ومقابلة المحتجَزين على انفراد، وينبغي الاتفاق على تشكيلتها مع محامي المدّعى عليهم وذويهم.

111- ينبغي إتاحة الاتصال مع المحامي على انفراد في جميع القضايا في غضون فترة لا تتجاوز 48 ساعة من التوقيف، بامتثال تام للمعايير الدولية المتعلقة ب المحاكمة العادلة ومهنة المحاماة .

112- ينبغي أن يُكفل في القانون والممارسة العملية وصول المحامين وصولاً كاملاً إلى المعلومات والملفات والوثائق ذات الصلة الموجودة في حوزة السلطات أو تحت سيطرتها؛ وتتضمن المعلومات ذات الصلة، كحد أدنى، جميع المواد التي تبرئ المتهم أو التي تُزمع النيابة العامة استخدامها في المحكمة ضد المتهم .

113- ينبغي أن تكون جلسات المحكمة علنية، إلاّ إذا أمكن تبرير فرض تقييدات على حضورها بشكل واضح يتماشى مع الاستثناءات التي يجيز ها القانون الدولي لحقوق الإنسان .

114- ينبغي توفير خدمات ترجمة شفوية وتحريرية عالية الجودة لغير الناطقين باللغة العربية في جميع مراحل الدعاوى القانونية، بما في ذلك مرحلتا التحقيق و الاحتجاز رهن المحاكمة .

115- ينبغي تعديل الدستور والتشريعات ذات الصلة لضمان الحق في أن تراجع محكمة أعلى قرار الإدانة والحكم الصادر في جميع القضايا، بما فيها القضايا التي تندرج حالياً في إطار الولاية ا لحصرية للمحكمة الاتحادية العليا .

116- ينبغي التوسّع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، ول ا سيما في نظام العدالة الجنائية ، وتسجيل جميع جلسات المحكمة لضمان إقامة ال عدل بطريقة سليمة ومناسبة وشفافة .

الوصول إلى العدالة والمساعدة القضائية

117- ينبغي مضاعفة الجهود من أجل اعتماد سياسات وتدابير واضحة تهدف إلى تعزيز المساواة في الوصول إلى العدالة، ولا سيما للفئات الضعيفة مثل العاملين المهاجرين والعاملين في المنازل، بطرق منها توفير المساعدة القضائية المجا نية والتوعية بالحقوق والإجراءات .

118- ينبغي اتخاذ خطوات من أجل تقديم المساعدة القضائية المجانية للمعوزين، بما في ذلك في القضايا غير الجنائية على الصعيدين الاتحادي والمحلي في عموم الإمارات العربية المتحدة .

المرأة في نظام العدالة

119- ينبغي التصدي للتحيز والتنميط والتمييز الجنساني الذي لا يزال مستحكماً في نظام العدالة والقضاء عليه على وجه السرعة. وتحقيقاً لذلك، ينبغي توفير تدريب إلزامي لجميع القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين على الصعيدين الاتحادي والمحلي في مجال المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة، بما في ذلك حظر العنف الممارس على المرأة، وما يتصل بذلك من معايير دولية لحقوق الإنسان، ولا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وينبغي أيضاً أن تشكّل دراسة المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة والمعايير الدولية ذات الصلة جزءاً لا يتجزأ من التعليم القانوني للقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين .

120- ينبغي تعديل القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 1983 على وجه السرعة للسماح للمرأة بأن تصبح قاضية اتحادية وعضو اً في النيابة العامة الاتحادية. وينبغي اتخاذ مزيد من التدابير والسياسات الواضحة من أجل تحسين تمثيل المرأة في السلطة القضائية على الصعيدين الاتحادي والمحلي. وينبغي على وجه الخصوص، تشجيع المرأة على الدراسات القانونية والتفكير في ا لمحاماة والقضاء كمسارَين مهنيين .

121- ينبغي وضع إجراءات وسياسات وممارسات تراعي الاعتبارات الجنسانية من أجل تعزيز احتكام المرأة إلى القضاء على قدم المساواة مع الرجل .

122- ينبغي جمع بيانات إحصائية مفصّلة عن عدد الشكاوى والتحقيقات والملاحقات القضائية والإدانات في قضايا العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف الجنسي .

النيابة العامة

123- ينبغي ضمان استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل ؛ وينبغي أن يكون أعضاء النيابة العامة قادرين على الاضطلاع بأنشطتهم الوظيفية على نحو مستقل وموضوعي ومحايد، من دون أن يتعرضوا لضغوط من السلطة التنفيذية أو أي طرف آخر .

124- ينبغي أن يتصرف أعضاء النيابة العامة بمهنية في جميع الأوقات، وأن يسعوا إلى الاستقلال والنزاهة في مسلكهم، وإلى أن يظهروا في أعين الناس بذلك المظهر؛ وينبغي أن يؤدوا واجباتهم بإنصاف، وأن يحترموا كرام ة الإنسان وحقوق الإنسان ويحموها .

125- ينبغي إعادة النظر في اختصاصات النيابة العامة ووظائفها، ومتى لزم الأمر، ضمان تماشي تلك الاختصاصات والوظائف مع المعايير الدولية في مجال إقامة العدالة الجنائية. وينبغي على وجه الخصوص أن يكون إنفاذ القرارات القضائية صلاحيةً مقصورة على القضاة ، وليس على أعضاء النيابة العامة .

126- ينبغي وضع امتحان كتابي موحد وإلزامي لنقابة المحامين، وإجراؤه بحيث تُخفى هوية الممتَحَنين. وينبغي أن يشارك المحامون مشاركة كاملة في إعداد الامتحان .

127- ينبغي إنشاء نقابة محامين ذاتية التنظيم ومستقلة، لها نظام أساسي ممتثل للمعايير الدولية، وتضطلع بمهام منها الإشراف على عملية قبول المرشحين للنقابة وإنفاذ التدابير التأديبية، بما في ذلك شطب الاسم من النقابة. وينبغي الاعت راف رسمياً بالنقابة وباستقلالها .

128- ينبغي وضع مدونة موحدة لقواعد السلوك أو الأخلاقيات بمشاركة كاملة من المحامين. وينبغي أن تنص مدونة السلوك على الإجراءات التأديبية الواجبة التطبيق، وتقدّم توجيهات مفصلة فيما يتعلق بالمخالفات التي تستتبع اتخاذ تدابي ر تأديبية بحق المحامين .

129- ينبغي إنشاء هيئة تأديبية نزيهة يشكّلها العاملون في مهنة المحاماة، واعتماد إجراء واضح لكيفية تنفيذ الإجراءات التأدي بية، يتماشى مع المعايير الدولية .

130- ينبغي أن تحترم السلطات استقلال المحامين وتضمنه. وينبغي اتخاذ تدابير فورية لوضع حد لجميع أشكال المضايقة والضغوط والتهديدات التي تمارَس على المحامين، ولإزالة العقبات الكثيرة التي تمنع المحامين من أداء وا جباتهم المهنية وتأكيد استقلالهم .

التعليم والتدريب وبناء القدرات

131- ينبغي توفير تعليم وتدريب مهني عالي الجودة، بما في ذلك ال تدريب أثناء العمل وتدريب متخصص، لجميع القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين العاملين على الصعيدين الاتحادي والمحلي كليهما. وينبغي أن يكون التدريب في مجال حقوق الإنسان إلزامياً لجميع القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامي ن على الصعيدين الاتحادي والمحلي .

132- ينبغي توسيع نطاق التدريب المهني والتدريب أثناء العمل. وينبغي أيضاً توحيد فرص التعليم والتدريب بين الإمارات المختلفة لضمان تمتع القضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين بالفرص نفسها على الصعيد الوطني.