الأمم المتحدة

تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

المجلد الثاني

الجمعية العامة

الوثائق الرسمية

الدورة الثامنة والخمسون

الملحق رقم 40 (A/58/40)

A/58/40 (Vol.II)

الجمعية العامة

الوثائق الرسمية

الدورة الثامنة والخمسون

الملحق رقم 40 A/58/40 (Vol.II)

تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

المجلد الثاني

الأمم المتحدة • نيويورك، 2003

ملاحظة

تتكون رموز وثائق الأمم المتحدة من أحرف لاتينية كبيرة وأرقام. وإيراد رمز من هذه الرموز هو إشارة إلى وثيقة من وثائق الأمم ا لمتحدة.

المحتويات

المجلد الأول

الفق ـ ـرات الصفحة

موجز

الفصل

الأول - الاختصاص والأنشطة

ألف- الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

باء - دورات اللجنة

جيم - الحضور

دال - انتخاب أعضاء المكتب

هاء - ا لمقرران الخاصان

واو - الأفرقة العاملة وفرق العمل المعنية بالتقارير القطرية

زاي - توصيات الأمين العام بشأن إصلاح الهيئات المنشأة بموجب معاهدات

حاء - أنشطة الأمم المتحدة المتصلة بحقوق الإنسان

طاء - الاجتماع مع الدول الأطراف

ياء - حالات عدم ال تقيد بمقتضى المادة 4 من العهد

كاف- التعليقات العامة بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد

لام - الموارد من الموظفين

ميم - مكافآت اللجنة

نون - الدعاية لأعمال اللجنة

سين - الوثائق والمنشورات المتعلقة بأعمال اللجنة

عين - الاجتماعات المقرر أن تعقدها اللجنة

فاء- اعتماد التقرير

الثاني - أساليب عمل اللجنة بموجب المادة 40 من العهد: التطورات الجديدة

ألف- التطورات والمقررات الأخيرة فيما يتصل بالإجراءات

باء - الملاحظات الختامية

جيم- الصلات بالمعاهدات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان والهيئات المنشأة بموجب معاهدات

دال- التعاون مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى

المحتويات ( تابع )

الفق ـ ـرات الصفحة

الفصل

الثالث- تقديم التقارير من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف- التقارير المقدمة إلى الأمين العام في الفترة من آب/أغسطس 2000 إلى تموز/يو ليه 2003

باء - التقارير المتأخرة وعدم وفاء الدول الأطـراف بالتزامـها بموجـب المادة 40

الرابع - النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

مصر

توغو

إستونيا

لكسمبرغ

مالي

سلوفاكيا

البرتغال

السلفادور

إسرائيل

ا لخامس- النظر في البلاغات الواردة بموجب البروتوكول الاختياري

ألف- تقدم العمل

باء - تزايد عدد البلاغات المعروضة على اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

جيم- النهج المتبعة في دراسة البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري

دال - الآراء الفردية

هاء - القضايا التي نظرت فيها اللجنة

واو - سبل الانتصاف المطلوبة بموجب آراء اللجنة

السادس- أنشطة المتابعة بموجب البروتوكول الاختياري

السابع - متابعة الملاحظات الختامية

المحتويات ( تابع )

الفق ـ ـرات الصفحة

المرفقات

الأول - الدول الأطـراف في العهد الدولي الخاص بالحق وق المدنية والسياسية وفي البروتوكولين الاختياريين والدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد حتى 8 آب/أغسطس 2003

ألف- الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (149)

باء - الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري (1 04)

جيم- الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الثاني الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام (49)

دال- الدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد (47)

الثاني - أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وأعضاء مكتبها

ألف- أعضاء اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان

باء - أعضاء المكتب

الثالث - تعديل المادة 69 ألف من النظام الداخلي للجنة

الرابع - تقديم تقارير ومعلومات إضافية من جانب الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

الخامس- حالة التقارير والحالات التي نظر فيها أثناء الفترة قيد الاستعراض وحالة التقارير التي لا تزال معروضة على اللجنة

المجلد الثاني

المرفق

السادس- آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 11

ألف- البلاغ رقم 726/1996، زيلودكوفا ضد أوكرانيا

(الآراء التي اعتمدت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 11

باء- البلاغ رقم 757/1997، بيزولدوفا ضد الجمهورية التشيكية

(الآراء التي اعتمدت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 23

جيم- البلاغ رقم 778/19 97، كورونيل وآخرون ضد كولومبيا

(الآراء التي اعتمدت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 39

دال- البلاغ رقم 781/1997، علييف ضد أوكرانيا

(الآراء التي اعتمدت في 7 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 51

المحتويات ( تابع )

الصفحة

ا لمرفق

السادس ( تابع )

هاء- البلاغ رقم 796/1998، ريس ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 14 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 60

واو- البلاغ رقم 814/1998، باستوخوف ضد بيلاروس

(الآراء التي اعتمدت في 5 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 69

ز اي- البلاغ رقم 829/1998، جدج ضد كندا

(الآراء التي اعتمدت في 5 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 76

حاء- البلاغ رقم 836/1998، جيلازاوسكاس ضد ليتوانيا

(الآراء التي اعتمدت في 17 آذار/مارس 2003، الدورة السابعة والسبعون) 105

طاء- البلاغ رقم 838/19 98، هيندريكس ضد غيانا

(الآراء التي اعتمدت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 114

ياء- البلاغ رقم 852/1999، بوريسينكو ضد هنغاريا

(الآراء التي اعتمدت في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 120

كاف- البلاغ رقم 856 /1999، شامبالا ضد زامبيا

(الآراء التي اعتمدت في 15 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 131

لام- البلاغ رقم 864/1999، رويز أغودو ضد إسبانيا

(الآراء التي اعتمدت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 135

ميم- البلاغ رقم 875/199 9، فيليبوفيتش ضد ليتوانيا

(الآراء التي اعتمدت في 4 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 146

نون- البلاغ رقم 878/1999، كانغ ضد كوريا

(الآراء التي اعتمدت في 15 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 153

سين- البلاغ رقم 886/1999، بوندارينكو ضد ب يلاروس

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 2003، الدورة السابعة والسبعون) 162

عين- البلاغ رقم 887/1999، لياشكفيتش ضد بيلاروس

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 2003، الدورة السابعة والسبعون) 170

المحتويات ( تابع )

المرفق الصفحة

السادس ( تابع )

فاء - البلاغ رقم 893/1999، سعيد ضد نيوزيلندا

(الآراء التي اعتمدت في 28 آذار/مارس 2003، الدورة السابعة والسبعون) 177

صاد- البلاغ رقم 900/1999، س. ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون) 189

قاف- البلاغ رقم 908/2000، إيفانس ضد ترينيداد وتوباغو

(الآراء التي اعتمدت في 21 آذار/مارس 2003، الدورة السابعة والسبعون) 219

راء- البلاغ رقم 933/2000، أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستـودي وونجودي، وريني

سيبو ماتوبوكا وغيرهم ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية

(الآراء ا لتي اعتمدت في 31 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 227

شين- البلاغ رقم 941/2000، يَنغ ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 6 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 234

تاء- البلاغ رقم 950/2000، سارما ضد سري لانكا

(الآراء التي اعتمدت في 16 تم وز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 251

ثاء- البلاغ رقم 960/2000، كلاوس دييتر بومغارتن ضد ألمانيا

(الآراء التي اعتمدت في 31 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 265

خاء البلاغ رقم 981/2001، غوميز كاسافرانكا ضد بيرو

(الآراء التي اعتمدت في 2 2 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 284

ذال- البلاغ رقم 983/2001، لف وشركاه ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 25 آذار/مارس 2003، الدورة السابعة والسبعون) 292

ضاد- البلاغ رقم 986/2001، سيمي ضد إسبانيا

(الآراء التي اعتمدت في 30 تموز/يوليه 20 03، الدورة الثامنة والسبعون) 310

ألف ألف- البلاغ رقم 998/2001، ألتهامر وآخرون ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 8 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 324

باء باء- البلاغ رقم 1007/2001، سينيرو فرناندِث ضد إسبانيا

(الآراء التي اعتمدت في 7 آب/أغس طس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 333

جيم جيم- البلاغ رقم 1014/2001، بابان وغيره ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 6 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 339

المحتويات ( تابع )

المرفق الصفحة

السادس ( تابع )

دال دال- البلاغ رقم 1020/2002، كابال وباس يني ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 7 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 355

هاء هاء- البلاغ رقم 1077/2002، كاربو وغيره ضد الفلبين

(الآراء التي اعتمدت في 28 آذار/مارس 2003، الدورة الثامنة والسبعون) 374

واو واو- البلاغ رقم 1086/2002، فايس ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 2003، الدورة السابعة والسبعون) 386

السابع- قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي أعلنت بموجبها عدم قبول البلاغات بمقتضى البروتوكول

الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 401

أ لف- البلاغ رقم 693/1996، نام ضد كوريا

(قرار اتخذ في 28 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 401

باء- البلاغ رقم 743/1997، ترونغ ضد كندا

(قرار اتخذ في 28 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 409

جيم- البلاغ رقم 771/1997، بولين ضد الات حاد الروسي

(قرار اتخذ في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين) 418

دال- البلاغ رقم 820/1998، راجان وآخرون ضد نيوزيلندا

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 423

هاء- البلاغ رقم 837/1998، كولانوفسكي ضد بولندا

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 433

واو- البلاغ رقم 872/1999، كوروفسكي ضد بولندا

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 439

زاي- البلاغ رقم 876/1999، ياما وخالد ضد سلوفاكيا

(قرار اتخذ في 31 تشرين ال أول/أكتوبر 2002، في الدورة السابعة والسبعين) 448

حاء- البلاغ رقم 881/1999، كولينز ضد أستراليا

(قرار اتخذ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين) 453

طاء- البلاغ رقم 890/1999، كراوسر ضد النمسا

(قرار اتخذ في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2 002، في الدورة السادسة والسبعين) 461

المحتويات ( تابع )

المرفق الصفحة

السابع ( تابع )

ياء- البلاغ رقم 942/2000، جوناسين ضد النرويج

(قرار اتخذ في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين) 471

كاف- البلاغ رقم 951/2000، كريستيانسن ضد آيسلندا

(قرار اتخذ في 16 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 489

لام- البلاغ رقم 953/2000، زوندل ضد كندا

(قرار اتخذ في 27 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 499

ميم- البلاغ رقم 956/2000، بسيونيري ضد إسبانيا

(قرار اتخذ في 7 آب/أغسطس 200 3، في الدورة الثامنة والسبعين) 509

نون- البلاغ رقم 972/2001، كازانتزيس ضد قرص

(قرار اتخذ في 7 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 516

سين- البلاغ رقم 978/2001، ديكسيت ضد أستراليا

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 522

عين- البلاغ رقم 980/2001، حسين ضد موريشيوس

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 532

فاء- البلاغ رقم 984/2001، شوكورو ضد أستراليا

(قرار اتخذ في 28 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 537

صاد- البلاغ رقم 987/2001 ، غومبير ضد فرنسا

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 548

قاف- البلاغ رقم 989/2001، كولار ضد النمسا

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 555

راء- البلاغ رقم 1001/2001، ستريك ضد هولندا

(قرار اتخذ ف ي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين) 564

شين- البلاغ رقم 1004/2001، إستيفيل ضد إسبانيا

(قرار اتخذ في 25 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 569

تاء- البلاغ رقم 1013/2002، بوبولي ضد إسبانيا

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 20 03، في الدورة الثامنة والسبعين) 573

المحتويات ( تابع )

المرفق الصفحة

السابع ( تابع )

ثاء- البلاغ رقم 1021/2001، هيرو بالاني ضد إسبانيا

(قرار اتخذ في 25 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 580

خاء- البلاغ رقم 1038/2001، أو كولجوين ضد آيرلندا

( قرار اتخذ في 28 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 583

ذال- البلاغ رقم 1049/2002، فان بويفلدي ضد فرنسا

(قرار اتخذ في 26 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 591

ضاد- البلاغ رقم 1082/2002، دي كليبل ضد بلجيكا

(قرار اتخذ في 28 آذار/مار س 2003، في الدورة السابعة والسبعين) 600

ألف ألف- البلاغ رقم 1088/2002، فريتر ضد فرنسا

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 606

باء باء- البلاغ رقم 1091/2002، بيريرا ضد سري لانكا

(قرار اتخذ في 7 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثام نة والسبعين) 612

جيم جيم- البلاغ رقم 1114/2002، كافانا ضد آيرلندا

(قرار اتخذ في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين) 618

دال دال- البلاغ رقم 1142/2002، فان غرينسفان ضد هولندا

(قرار اتخذ في 27 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة و السبعين) 623

هاء هاء- البلاغ رقم 1169/2003، هوم ضد الفلبين

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين) 627

المرفق السادس

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 مـن البروتوكول الاختياري الملحق بالعهـد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - البلاغ رقم 726/1996، زيلودكوفا ضد أوكرانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : السيدة فالينتينا زيلودكوفا (يمثلها محام هو السيد إيغور فوسكوبوينيكوف)

الشخص المدعي أنه ضحية : السيد ألكسندر زيلودكوف

الدولة الطرف : أوكرانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 28 آذار/مارس 1994 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تشرين الأول/أكت وبر 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 726/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان نيابة عن السيد ألكسندر زيلودكوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتا حتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل ، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتِن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

يرد في تذييل لهذه الوثيقة نص أربعة آراء فردية وقع عليهما أعضاء اللجنة السيد نيسوكي أندو والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد رافائيل ريفاس بوسادا .

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة فالنتينا زيلودكوفا، مواطنة أوكرانية من أصل روسي. وتقدم البلاغ نيابة عن ابنها، ألكسندر زيلودكوف، وهو مواطن أوكراني من أصل روسي، وكان محبوساً في سجن أوكراني وقت تقديم هذا البلاغ. وهي تدعي أن ابنها ضحية انتهاك المواد 2 و7 و9 و10 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وصاحبة البلاغ يمثلها محام (1) .

الوقائع كما قدمتها صاحبة البلاغ

2- تصرح صاحبة البلاغ بأنه تم القبض على ابنها في 4 أيلول/سبتمبر 2002 وأنه اتهم هو ورجلان آخران باغتصاب فتاة قاصرة عمرها 13 سنة يبدأ اسمها بحرفي ه‍. ك. وزُعم أن الاغتصاب قد حدث في 23 آب/أغسطس 1992. وفي 28 آذار/مارس 1994، أدانت المحكمة المحلية في أوردزونيكيزفسكي (ماريوبول) ابن صاحبة البلاغ وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. ورُفض استئنافه أمام المحكمة الإقليمية في دونتسك في 6 أيار/مايو 1994. كما رُفض الا ستئناف الذي قدمه بعد ذلك إلى المحكمة العليا في أوكرانيا في 28 حزيران/يونيه 1995.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن ابنها ضحية انتهاك المادتين 7 و10 من العهد لأنه عومل معاملة سيئة جداً وقت القبض عليه وفي مناسبات أخرى قبل محاكمته ولأن أوضاع السجن لم تكن إنساني ة. وفيما يتعلق بالسبب الأول، تصرح صاحبة البلاغ، بوجه خاص، بأن ابنها قد اقتيد إلى مركز شرطة في 4 أيلول/سبتمبر 1992 لتقديم أدلة كشاهد في قضية سرقة. وتذكر أنه أخذ في مركز الشرطة إلى قاعة تعرّض فيها للضرب المبرح بأدوات معدنية على أيدي عدة رجال شرطة وطوال ساعات . ويتعرف ابنها على هوية أحد المعتدين بأنه السيد ك.، وهو قائد شرطة ووالد ضحية الاغتصاب المزعومة. وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن السيد كاربوهين قد أجبر ابنها على تحرير اعتراف بالاغتصاب المزعوم. وتشرح قائلة إنه رفض تقديم أية شكوى إلى رجل كان يرتدي زياً مدنياً جا ء بعد ذلك إلى غرفة الاستجواب ليطرح عليه بضعة أسئلة، وذلك خوفاً من التعرض مرة أخرى للضرب إذا ما اشتكى. وتزعم صاحبة البلاغ أن ابنها قد أصيب بجروح بالغة نتيجة للضرب الذي تعرض لـه وتصرح بأن صحته لا تزال في حالة سيئة. وأنه عانى بوجه خاص من أذى شديد أصاب عينه ال يسرى. ولم تقدم أية إثباتات طبية لأنه ليس بوسع ابنها الاطلاع على سجلاته الطبية. وتقدم مع ذلك تقريراً محرراً من طبيب السجن المحبوس فيه ابنها يتبين فيه أنه اشتكى بالفعل للطبيب من حالة عينه. وبالإضافة إلى ذلك، قدمت إلى اللجنة مجموعة كبيرة من السجلات الطبية لإث بات أن ابنها كان في صحة جيدة حتى عام 1992.

3-2 وفيما يتعلق بوجه خاص بحالة السيد زيلودكوف البدنية أثناء الحبس وبقلة العناية الطبية التي تلقاها في السجن الذي حبس فيه، تزعم صاحبة البلاغ أيضاً أن ابنها قد تعرض ذات مرة لتسمم بالميثان، وأنها واجهت مع ذلك عقبات ع ندما حاولت توفير الأدوية له. وفيما يتعلق بأوضاع الحبس بوجه عام، تصرح صاحبة البلاغ بأن السجن مكتظ اكتظاظاً شديداً وأن قلة الأغذية والأدوية وغير ذلك من "اللوازم الأساسية جداً" مثيرة للقلق.

3-3 وتزعم صاحبة البلاغ أيضاً أن ابنها ضحية انتهاك الفقرة 2 من المادة 9 والفقرة 3 من المادة 14 لأنه لم يسمح له بالاتصال بمحام خلال الأيام السبعة الأولى من الحبس بعد القبض عليه ولأنه لم توجه إليه أية تهمة بارتكاب جرائم إلا بعد مرور 50 يوماً على إلقاء القبض عليه.

3-4 وتزعم صاحبة البلاغ أن حق ابنها في محاكمة عادلة، حسبما تنص ع ليه الفقرة 1 من المادة 14، قد انتهك في الإجراءات التي اتخذت ضده. وهي تحتج مرة أخرى بأن ابنها قد أكره على الإدلاء باعترافه وتدعي أيضاً أن الأدلة المتبقية ضده قد لُفقت لتغطية جريمة ارتكبت قبل ذلك، هي جريمة السطو على شقته التي ارتكبتها ابنة السيد كاربوهين (ضح ية الاغتصاب) وامرأة أخرى. وفيما يتعلق بالمحاكمة أيضاً، تزعم صاحبة البلاغ أنه لم تتح لابنها فرصة للحصول على شهادة شاهد في المحاكمة التي جرت بشأن قضيته.

3-5 وتصرح صاحبة البلاغ بأن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وفيما يتعلق بالإدانة بالاغتصاب والحكم ال صادر بحقه، وردت الإشارة في الفقرة 2 أعلاه إلى المحاكمة وإلى الاستئنافين اللذين رُفضا. وفيما يتعلق بالضرب الذي زعم أن السيد زيلودكوف قد تعرض له، يدعي ممثلا ابن صاحبة البلاغ أنهما قدما طلباً إلى المحاكم وسلطات النيابة عدة مرات من عام 1992 إلى عام 1994، ولكن سلطات النيابة رفضت اتخاذ إجراءات جنائية ضد المعتدين المزعومين. وقد أُرسلت إلى اللجنة نسخ من رسائلهما والتماساتهما.

رسالة الدولة الطرف وتعليقات صاحبة البلاغ عليها

4-1 اقتصر رد الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 21 نيسان/أبريل 1997 على التصريح بأن الحجج التي ق دمتها صاحبة البلاغ للإفادة بأن ابنها لم يشارك في ارتكاب الجريمة، وأن استجوابه لم يتم بوسائل مباحة، وأنه اتُّهم كذباً بارتكاب الجريمة، وأن سلطات التحقيق والمحكمة قد انتهكت القانون، هي حجج تم النظر فيها وثبت أنه لا أساس لها من الصحة وأن الأفعال الجنائية التي ارتكبها قد قدرت على الوجه الصحيح وتحددت معاقبته في ضوء الخطر العام الذي تمثله الجرائم المرتكبة، وفي ضوء المعلومات المتعلقة بسلوكه.

4-2 ولم تقدم صاحبة البلاغ، في رسالتها المؤرخة 15 أيلول/سبتمبر 1997، تعليقات أخرى على البلاغ أو على رسالة الدولة الطرف، وقد طلبت إلى اللجنة المضي قدماً في النظر في مقبولية البلاغ.

القرار بشأن المقبولية

5-1 لقد قامت اللجنة، من خلال فريقها العامل بمقتضى الفقرة 2 من المادة 87 من نظامها الداخلي، بالنظر في مقبولية البلاغ في 7 آذار/مارس 1999.

5-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً للفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي. وبالمثل، استنتجت اللجنة أن ابن صاحبة البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف المحلية لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 و فيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بأن ابنها قد ضرب على أيدي رجال الشرطة عند إلقاء القبض عليه في أيلول/سبتمبر 1992، وأنه أُكره على الإدلاء باعترافه، فقد لاحظت اللجنة أنه بالرغم من أن الدولة الطرف لم تدحض هذه الادعاءات صراحة، فقد تبين من حكم محكمة الدرجة الأولى أن المحكمة قد نظرت في ادعاءات صاحبة البلاغ واستنتجت أنها لا تستند إلى أي أساس من الصحة. أما فيما يتعلق برفض النيابة اتخاذ إجراءات جنائية ضد المعتدين المزعومين، فقد لاحظت اللجنة أن النيابة نظرت في طلب صاحبة البلاغ وخلصت إلى أنه ليس هناك أساس لاتخاذ إجراءات . وفي غياب دليل قاطع على تحيز المحكمة أو سلطات النيابة أو بسوء تصرفهما، فإن اللجنة ليست في وضع يسمح لها بأن تشكك في تقدير هاتين الهيئتين للأدلة وبالتالي فقد استنتجت أن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وبالمثل، استنتجت اللجنة أن ادعاء صاحبة البلاغ بأن المادة 14 قد انتهكت بدعوى أن الأدلة المقدمة ضد ابنها ملفّقة، هو ادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لأن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءها فيما يتعلق بتحيز المحكمة أو بسوء تصرفها.

5-5 وفيما يتعلق بزعم حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 14 بحجة أنه لم تتح للسيد زيلودكوف فرصة للحصول على شهادة شاهد أثناء المحاكمة، لاحظت اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثر هذه القضية في الاستئناف. وأكدت اللجنة من ثم أن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لأن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءها بأدلة كافية لأغراض المقبولية.

5-6 ولاحظت اللجنة أن صاحبة البلاغ قد ادعت أن التهم لم توجه إلى ابنها إلا بعد مرور 50 يوماً على إلقاء القبص عليه وأنه تبين أنه لم يمثل أمام سلطة قضائية مختصة خلال هذه الفترة. ورأت اللج نة أن ذلك يمكن أن يثير قضايا بموجب الفقرتين 2 و3 من المادة 9 واعتبرت البلاغ مقبولاً بموجب أحكام هاتين الفقرتين.

5-7 وفيما يتعلق بزعم حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 على أساس أوضاع الحبس بوجه عام وقلة العناية الطبية بوجه خاص، لاحظت اللجنة أن صاحبة البلاغ قد ادعت أنه لم يسمح لابنها بالاطلاع على السجلات الطبية الخاصة به وأن الدولة الطرف لم تدحض ادعاءات صاحبة البلاغ في هذا الصدد. واعتبرت اللجنة أن هذا الادعاء قد أثبت بأدلة كافية للبت في أسسه الموضوعية.

5-8 وعليه، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في 7 آذار/م ارس 1999، في دورتها الخامسة والستين، أن البلاغ مقبول يقدر ما يمكن أن يثير قضايا بموجب الفقرتين 2 و3 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 أحاطت الدولة الطرف اللجنة علماً، في ملاحظاتها على الأسس ا لموضوعية للبلاغ، المؤرخة 26 كانون الأول/ ديسمبر 1999، بأن مكتب النائب العام في أوكرانيا قد أجرى تحقيقاً في أعقاب قرار اللجنة قبول البلاغ. وقد ثبت أنه تم القبض على السيد زيلودكوف في 4 أيلول/سبتمبر 1992 وأنه حبس حبساً احتياطياً في 7 أيلول/سبتمبر 1992 بقرار م ن مكتب النائب العام. ووجهت التهمة إليه في 14 أيلول/سبتمبر 1992 في حدود فترة الأيام العشرة المقررة لتوجيه التهم بعد صدور قرار اتخاذ التدبير الوقائي، كما تنص على ذلك المادة 148 من قانون الإجراءات الجنائية. وتزعم الدولة الطرف، في ضوء ما تقدم، أن الادعاء المشا ر إليه في قرار القبول بأن التهمة لم توجه إلى السيد زيلودكوف إلا بعد 50 يوماً من القبض عليه، لم يعكس واقع الحال.

6-2 وتؤكد الدولة الطرف أن مكتب النائب العام قد حقق عدة مرات في قرار اتخاذ إجراءات جنائية ضد السيد زيلودكوف. فخلال فترة التحقيقات الأولية والمحاك مة، كان السيد زيلودكوف محبوساً في مركز الاحتجاز في ماريوبول. ويشير ملفه وسجلاته الطبية إلى أنه تم إدخاله في 14 أيلول/سبتمبر 1992 وأنه أجري له فحص طبي. وعندما استفسر الأطباء منه عن حالته الصحية، زعم أنه كان قد أصيب بمرض بوتكين (اليرقان الوبائي الخمجي) في عا م 1983 وأجريت له عملية جراحية في عام 1986 بسبب وجود ثقب في البطن مصحوب بنزيف دموي في الجهة اليمنى من صدره. وأفادت التقارير بأنه لم يشتك من حالته الصحية ولم يقدم أية شكوى من أنه قد ضرب أثناء الاستجواب. وتبين من الفحص الطبي أنه في صحة جيدة. وعند وصوله إلى ال مركز، أعطيت لـه مرتبة ووسادة ولحاف وملاءات، فضلاً عن ملعقة وشوكة وسكين وصحن. وعُين له مكان للنوم ووُفّر لـه الغذاء وفقاً للمعايير المقبولة. وخلال فترة إقامته في مركز الاحتجاز من 14 أيلول/سبتمبر 1992 إلى 27 أيار/مايو 1994، لم يشتك للإدارة من أوضاع سجنه ولا من الغذاء أو الرعاية الطبية. ولم يتصل بإدارة الخدمات الطبية إلا في 2 شباط/فبراير 1994 عندما اشتكى من أن بصره قد ضعف في عينه اليسرى. وتبين من كشف الطبيب أنه مصاب بقصر نظر. ولم ترد في السجلات الطبية أسباب ضعف نظره ولم يستشر السيد زيلودكوف الطبيب في هذه المسأ لة مرة أخرى.

6-3 وتصر الدولة الطرف على أنه نظراً إلى الوقت الذي انقضى، لم يكن ممكناً معرفة ما إذا كان الطلب الذي توجه إلى إدارة المركز لإصدار شهادة تتضمن معلومات عن حالة السيد زيلودكوف الصحية أو للسماح له بالاطلاع على سجلاته الطبية قد كُلّف بذلك من جانب ا لسيد زيلودكوف أو من جانب محاميه أو والدته. ومع ذلك، ونتيجة لإجراء اتخذته والدته، فقد تم العثور في ملفات مكتب النائب العام على نسخة من شهادة طبية بشأن حالة السيد زيلودكوف الصحية أعدت في 2 آذار/مارس 1994 بناء على طلب محاميه ووقع عليها طبيب المركز. وفيما يلي نص الشهادة: رداً على طلبكم المؤرخ 22 شباط/فبراير 1994، أود أن أحيطكم علماً بأنه تم تسجيل السيد زيلودكوف في إدارة الخدمات الطبية التابعة للمؤسسة الطبية يو - يا 312/98 منذ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1992. وأنه لم يقدم أية شكوى بشأن حالته الصحية. وثبت أنه يعاني م ن نزيف جلدي داخلي في الجهة اليمنى من صدره. ووفقاً لسجله الطبي، كان السيد زيلودكوف قد أصيب بمرض بوتكين في عام 1983 وأجريت لـه عملية جراحية في عام 1986. وهو يشكو حالياً من ضعف البصر في عينه اليسرى. والمؤسسة ليست في وضع يسمح لها بتحديد درجة قصر البصر. وتحاج ا لدولة الطرف بأن المعلومات الواردة في الشهادة تتمشى تماماً مع محتويات السجل الطبي وهذا يدحض الإدعاء بأنه لم يسمح للسيد زيلودكوف بالإطلاع على سجلاته الطبية.

6-4 ووفقاً لطلب قدمه المحامي المدافع حالياً عن السيد زيلودكوف للوقوف على حالته الصحية، فقد صدر على م ا يزعم أمر لإجراء فحوص طبية له. ونقل السيد زيلودكوف إلى المستشفى الإقليمي التابع للسجن لتشخيص الآثار اللاحقة للتسمم بالميثان (1986) (2) ، والمصحوبة بصداع محرك وعائي، وبالتهاب قصبي مزمن، وبمتلازمة وهنية إنباتية وبضعف في نظر العين اليسرى. وزعم أنه بقي في المست شفى تحت المراقبة من 31 تشرين الأول/أكتوبر إلى 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 وأنه تلقى خلال هذه الفترة عناية طبية ملائمة. وكانت نتيجة التشخيص كالآتي عندما ترك المستشفى: آثار متبقية من التسمم بالهيدروكربون، والتهاب دماغي سام، ومتلازمة وهنية متواضعة، والتهاب قص بي مزمن في حالة فتور. وأوصي على ما يزعم بأن تجري له فحوص طبية من جانب طبيب أمراض الجهاز العصبي ومن جانب معالج، وأعلن أن حالة السيد زيلودكوف الصحية تسمح له بالعمل.

6-5 وتستطرد الدولة الطرف قائلة إن السيد زيلودكوف قد طلب، خلال الفترة التي قضاها في السجن من 27 أيار/ مايو 1994 إلى 29 كانون الأول/ديسمبر 1998، الحصول على الرعاية الطبية في مناسبات عديدة ولأسباب مختلفة (3) ، وتؤكد أنه لم يشتك في أية مرة بين وقت القبض عليه والإفراج عنه من حدوث أي تقصير في توفير الرعاية الطبية له أو من نوعية الرعاية الطبية التي تلقاها .

6-6 وعليه، تستنتج الدولة الطرف أن المعلومات الواردة في قرار المقبولية فيما يتعلق بأوضاع السجن غير المرضية في مركز ماريوبول للحبس الاحتياطي، والتقصير في توفير الرعاية الطبية في الأماكن التي حبس فيها السيد زيلودكوف خلال فترة الاستجواب وفي السجن، وحرمانه من الاطلاع على ملفه الطبي هي معلومات يجب اعتبارها غير مدعّمة بأدلة كافية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

7-1 تصرح صاحبة البلاغ، في تعليقاتها المؤرخة 27 كانون الثاني/يناير 2001، بأن الدولة الطرف لم تدحض في ملاحظاتها ما قالته من أن ابنها لم يمثل أمام سلطة قضائية مختصة إلا بعد 50 يوماً من إلقاء القبض عليه. وقد زعم أن المادة 148 من قانون الإجراءات الجنائية لا تشير إلى أي موعد نهائي لإبلاغ الأشخاص بالتهم الموجهة إليهم (4) . فادِّعاء الدولة الطرف بأن التهمة قد وجهت إلى ابنها في 14 أيلول/سبتمبر هو ادعاء لا تثبته الأدلة المستندية، وهو من ثم ادعاء ملفق. وتستطرد صاحبة البلاغ قائلة إن المادة 155 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يجوز حبس أي شخص حبساً احتياطياً لأكثر من ثلاثة أيام يتعين بعدها إحالته إلى مركز احتجاز. وإن الاستثناءات الوحيدة هي الحالات التي لا يوجد فيها مركز احتجاز أو يستحيل فيها النقل لسوء أحوال الطرق البرية. بيد أن ابن صاحبة البلاغ قد اعتقل بالقرب من منطقة ماريوبول التي يوجد فيها مركز احتجاز. وتختتم صاحبة البلاغ قائلة إن أوضاع الاحتجاز كانت سيئة لأن مركز الاحتجاز غير مصمم لحبس أشخاص ل مدة تزيد على ثلاثة أيام، في حين أن ابنها قد بقى فيه لمدة 10 أيام.

7-2 وتصرح صاحبة البلاغ بأن مركز الاحتجاز لم يتلق نفس الوثائق الطبية التي كانت متاحة خلال التحقيقات الأولى. ولذلك فهي تصر على أن هناك وثائق مفقودة. ويتضمن الملف، على ما يُزعم، نتائج فحص طبي أ جري لابنها بناء على طلبه بصدد إفادته بأنه تعرّض للضرب. ويزعم أيضاً أن الوثائق التي تشهد على حالته الصحية بعد إصابته بالتسمم (5) وغيرها من الوثائق مفقودة. والنتيجة في رأي صاحبة البلاغ هي حرمان ابنها من الحصول على مساعدة طبية كافية خلال تلك الفترات.

7-3 وترفق صاحبة البلاغ نسخاً من وثائق تقدمها لإثبات أن المحامي قد طلب الاطلاع على الملف الطبي الخاص بالسيد زيلودكوف في مناسبات عديدة ولكن بدون جدوى (6) . وفي رأي صاحبة البلاغ أنه لم يعد ممكناً الأخذ بأقوال الدولة الطرف بأنها لم تتمكن من معرفة ما إذا كان الطلب الذي قد م إلى إدارة المركز لإصدار شهادة فيما يخص الحالة الصحية للسيد زيلودكوف أو السماح لـه بالاطلاع على ملفاته الطبية قد كُلّف بذلك من جانب السيد زيلودكوف أو من جانب محاميه أو والدته.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

8-1 نظرت اللجنة ا لمعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 ويجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الدولة الطرف فد انتهكت حقوق السيد زيلودكوف بموجب الفقرتين 2 و3 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قد ادعت أن ابنها قد حبس لأكثر من 50 يوماً دون أن يتم إبلاغه بالتهم الموجهة إليه، وأنه لم يمثل خلال هذه الفترة أمام سلطة قضائية مختصة، وأنه لم يتلق عناية طبية كافية، ولم يسمح له على ما يزعم با لاطلاع على البيانات الواردة في ملفه الطبي.

8-3 وتحيط اللجنة علماً بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن مدة حبس السيد زيلودكوف بعد إلقاء القبض عليه في 4 أيلول/سبتمبر 1992 بشبهة مشاركته في الاغتصاب قد مددت بموافقة وكيل النيابة المختص في دائرة نوفو ازوسك في 7 أيلول/سبتمبر 1992 وبأن التهمة قد وجهت إليه في 14 أيلول/سبتمبر 1992، أي في حدود فترة الأيام العشرة المقررة قانوناً. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قد ادعت أن ابنها لم يبلّغ بالتهم المحددة الموجهة إليه إلا بعد مرور 50 يوماً على حبسه وأنه لم ي مثل أمام قاض أو أمام أي موظف رسمي آخر مخول بموجب القانون سلطة ممارسة وظائف قضائية خلال هذه الفترة. ولم تعترض الدولة الطرف على أن السيد زيلودكوف لم يمثل بسرعة أمام قاض بعد إلقاء القبض عليه باتهامه بارتكاب جريمة جنائية، وإنما صرحت بأنه حبس حبساً احتياطياً بق رار من النائب العام ( prokuror ). ولم تقدم الدولة الطرف معلومات كافية لإثبات أن الوكيل يتمتع بالموضوعية والنزاهة المهنية اللازمة لاعتباره "موظفاً مصرحاً له بممارسة سلطة قضائية" بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 9 من العهد. وتستنج اللجنة من ثم أن الد ولة الطرف قد انتهكت حقوق ابن صاحبة البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9 من العهد.

8-4 وفيما يتعلق بادعاء حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 بصدد المعاملة التي زعم أن الضحية تلقاها في الحبس، لا سيما بصدد العلاج الطبي الذي تلقاه واطلاعه على السجلات الطبية، تحيط اللجنة علماً برد الدولة الطرف الذي يفيد بأن السيد زيلودكوف قد تلقى الرعاية الطبية وأنه أجريت لـه فحوص طبية وأدخل المستشفى خلال مدة إقامته في المركز وفي السجن، وأصدرت شهادة طبية على أساس السجلات الطبية، عند طلبها، في 2 آذار/مارس 1994. بيد أن هذه الأقوال لا تتعارض مع الحجة التي قدمت نيابة عن الضحية المزعومة ومفادها أنه رغم الطلبات المتكررة، لم تسمح له سلطات الدولة الطرف بالاطلاع المباشر على السجلات الطبية الفعلية. واللجنة ليست في وضع يسمح لها بأن تبتّ في مسألة مدى ملاءمة السجلات الطبية المعنية لتقدير أوضاع س جن السيد زيلودكوف، بما في ذلك العلاج الطبي الذي قدم له. وفي غياب ما يفسر هذا الرفض، ترى اللجنة أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ. ومن ثم، تستنتج اللجنة، في ظل ملابسات هذا البلاغ، أنه ينبغي اعتبار رفض السماح للسيد زيلودكوف بالاطلاع على س جلاته الطبية باستمرار وبدون مبرّر، سبباً كافياً لاستنتاج أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

10- وترى اللجنة أن من حق السيد زيلودكوف، بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، أن يستفيد من سبيل انتصاف فعال يستتبع د فع تعويض لـه. وإنه ينبغي للدولة الطرف أن تتخذ تدابير فعالة تكفل عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل، لاسيما باتخاذ خطوات عاجلة تضمن قيام سلطة تتمتع بالموضوعية والنزاهة المؤسسية اللازمة بوصفها "جهة مصرحاً لها بممارسة سلطة قضائية" بالمعنى المنصوص عليه ف ي الفقرة 3 من المادة 9 من العهد، باتخاذ القرارات المتعلقة بتمديد مدة الحبس الاحتياطي.

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا و أنها قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين ي وماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

]اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) بدأ سريان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في أوكرانيا في 23 آذار/مارس 1976، وبدأ سريان البروتوكول الاختياري في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1991.

(2) نتيجة الإصابة بحادث عمل.

(3) تعطي الدولة الطرف تواريخ الزيارات الطبية التي تلقاها السيد زيلودكوف لأسباب مختلفة هي: التهاب قصبي، وكسر في عظم الساق الأكبر، وحالة ضعف عام، وآلام في منطقة الصدر، ومشاكل في الجهاز البولي والبواسير.

(4) ترفق صاحبة البلاغ النص الأوكراني للقانون. وفيما يلي نص الفقرة 4 من المادة 148 من قانون الإجراءات الجنائية: "يجوز في حالات استثنائية فرض تدبير وقائي على الأشخاص المتهمين بارتكاب جريمة جنائية وذلك قبل توجيه التهم إليهم. وفي هذه الحالات، ينبغي توجيه التهم خلال فترة لا تتعدى 10 أيام من تاريخ اتخاذ التدبير الوقائي. وإذا لم توجه التهم خلال هذه الفترة الزمنية، كان التدبير الوقائي لا غياً".

(5) لا تذكر صاحبة البلاغ نوع التسمم؛ وهي تشير على ما يبدو إلى تسمم ابنها بالميثان في عام 1986.

(6) وجهت ثلاثة ردود بالرفض للمحامي. وكان الرد الأول المؤرخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 1994 هو رفض الإدارة الإذن للمحامي بالاطلاع على الملف على أساس أنه كان م قرراً نقل السجين في ذلك اليوم إلى المستشفى الإقليمي لإجراء اختبارات وإرسال ملفه معه. أما الوثيقة الثانية المؤرخة 30 أيلول/سبتمبر 1994، فهي رد من مركز الاحتجاز بأنه لا يستطيع السماح بالاطلاع على السجلات الطبية لأن المحتجز قد نقل إلى السجن مع ملفه وبأن المعل ومات الوحيدة التي لديه ترد في سجل المركز ومفادها أن لجنة خبراء قد درست حالة ابن صاحبة البلاغ وخلصت إلى أنه ترك المركز بصحة جيدة. والرفض الثالث المؤرخ 5 كانون الثاني/يناير 1995 هو رد من وزارة الداخلية على محامي ابن صاحبة البلاغ في ذلك الوقت يفيد بأنه لا يجو ز لوزارة الداخلية أن تأذن بالاطلاع على السجلات الطبية لأن هذا الإذن من اختصاص المحاكم.

تذييل

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

إنني اتفق مع الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة بأن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق ابن صاحبة البلاغ بموجب الفقرة 3 من الماد ة 9 من العهد (8-3). ومع ذلك، فمن الصعب علي أن أشاطر اللجنة استنتاجها بأن رفض الدولة الطرف السماح بالاطلاع على السجلات الطبية الخاصة بابن صاحبة البلاغ بشكل مستمر وبدون أي تفسير يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 (8-4).

فمن جهة، تفيد الدولة بأنه نتيجة لإجر اء اتخذته صاحبة البلاغ وبناء على طلب محامي ابنها، تم إعداد شهادة طبية بشأن الحالة الصحية لابن صاحبة البلاغ وقّع عليها طبيب المركز، وبأن المعلومات الواردة في الشهادة تتفق تماماً مع محتويات السجلات الطبية (6-3). ومن جهة أخرى، تسلِم اللجنة بأنها ليست في وضع ي مكنها من البت في مسألة مدى ملاءمة السجلات الطبية المعنية لتقدير الأوضاع التي حبس فيها ابن صاحبة البلاغ، بما في ذلك العلاج الطبي الذي قدم لـه (8-4).

وفي رأيي أنه ينبغي للدولة الطرف أن تتيح السجلات الطبية لابن صاحبة البلاغ. ومع ذلك، يصعب عليّ أن اقنع نفسي ب أن رفض السماح بالاطلاع على السجلات الطبية يشكل، في حد ذاته، انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 من جانب الدولة الطرف في هذه الحالة.

( توقيع ): نيسوكي أندو

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية و الصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد ب. ن. باغواتي

لقد أتيحت لي فرصة الاطلاع على الآراء التي أعربت عنها غالبية أعضاء اللجنة. وإنني إذ أتفق مع الغالبية في الاستنتاج بأن انتهاكاً قد حدث من جانب الدولة الطرف لحقوق ابن صاحبة البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9 من العهد، لا أستطيع أن أوافق على الاستنتاج الذي توصلت إليه الغالبية وهو أن رفض الدولة الطرف المستمر والذي ليس له ما يفسره للسماح بالاطلاع على السجلات الطبية الخاصة بابنها يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

ولق د أكدت الدولة الطرف في الفقرة 6-3 من البلاغ أنه نتيجة لإجراء اتخذته صاحبة البلاغ، أتيحت لها نسخة من شهادة طبية بشأن حالة ابنها الصحية، تم إعدادها في 2 آذار/مارس 1994، بناء على طلب محاميها ووقع عليها طبيب مركز الاحتجاز، وكانت البيانات الواردة في هذه الشهادة الطبية تتمشى تماماً مع محتويات السجلات الطبية. ولم تنكر صاحبة البلاغ هذا التوكيد ولم تعترض عليه. ومن الصعب في ظل هذه الظروف تقدير أو معرفة ما كان يمكن لصاحبة البلاغ الحصول عليه من معلومات إضافية بشأن صحة ابنها أو حالته البدنية من خلال الاطلاع على السجلات الطبية، وكيف حال رفض السماح هذا دون تمكينها من إثبات حدوث انتهاك لحقوق ابنها بموجب الفقرة 1 من المادة 10. وفي رأيي، على أي حال، أن رفض السماح بالاطلاع على السجلات الطبية لا يمكن أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 لأن الهدف الوحيد من الاطلاع على السجلات الطبية هو الحصول على أدلة تثبت أن الفقرة 1 من المادة 10 قد انتهكت ورفض إتاحة هذا الدليل لا يمكن أن يعتبر انتهاكاً لهذه المادة.

ويصعب عليّ بالتالي أن أوافق الغالبية في أن رفض السماح بالاطلاع على السجلات الطبية يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 1 0 من العهد.

( توقيع ): ب. ن. باغواتي

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبدته عضو اللجنة السيدة سيسيليا مدينا كيروغا

إنني أوافق على قر ار اللجنة في هذه القضية ولكنـني اختلف مع المنطق الكامن وراءه بصدد حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 من العهد، كما ورد في الفقرة 8-4 من آراء اللجنة.

إنني اعتبر أن منطق اللجنة يقيد بشدة تفسير الفقرة 1 من المادة 10 بربط انتهاك هذا الحكم بما لاطلاع الضحية على ملفاته الطبية من تأثير مباشر محتمل على العلاج الطبي الذي تلقاه في السجن، لتقدير "أوضاع حبس السيد زيلودكوف، بما في ذلك العلاج الطبي الذي قدم له".

فالفقرة 1 من المادة 10 تقضي بأن تعامِل الدول جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم "معاملة إنسانية تحترم الكرامة ا لأصيلة في الشخص الإنساني". وهذا يعني في رأيي أن على الدول التزاماً باحترام وصون جميع حقوق الإنسان للأفراد لأنها تعكس الجوانب المختلفة لكرامة الإنسان التي يحميها العهد، حتى في حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم. فهذا الحكم يفرض التزاماً بالاحترام يشمل جميع حق وق الإنسان المعترف بها في العهد. ولا يمتد ليؤثر على أي حق أو حقوق غير الحق في الحرية الشخصية متى تمخضت هذه الحقوق حتماً عن الحرمان من هذه الحرية، وهو ما على الدولة تبريره.

ويشكل حق الشخص في الاطلاع على سجلاته الطبية جزءاً من حق جميع الأفراد في الاطلاع عل ى البيانات الشخصية التي تخصهم. ولم تعط الدولة أي سبب يبرر رفضها السماح بالاطلاع على هذه السجلات، ومجرد رفض السماح للضحية بالاطلاع على سجلاته الطبية يشكل انتهاكاً لالتزام الدولة باحترام حق جميع الأشخاص "في المعاملة معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في ا لشخص الإنساني"، بصرف النظر عن النتائج التي كان يمكن أن تترتب على هذا الرفض فيما يتعلق بالعلاج الطبي للضحية.

( توقيع ): سيسيليا مدينا كيروغا

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية وا لعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد رافائيل ريفاس بوسادا

إنني أوافق على ما ورد في الفقرة 8-3 من القرار التي تستنتج أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق ابن صاحبة البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولكنني لا أوافق على ذلك الجزء من الفقرة 8-4 من هذا القرار حيث تستنتج اللجنة أن رفض السماح للسيد زيلودكوف بالاطلاع على السجلات الطبية يشكل سبباً كافياً لاستنتاج أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت.

أولاً، لا أجد أن شكوى صاحبة البلاغ الت ي جاء فيها أن السلطات قد رفضت بدون وجه حق إتاحة السجلات الطبية الخاصة بابنها، والتي كانت قد طلبتها عدة مرات وفقاً لما أفادت به، قد دُعمت بما فيه الكفاية. صحيح أن السلطات قد ردت مرتين في 30 أيلول/سبتمبر و31 تشرين الأول/أكتوبر 1994 بأنه لا يمكن إتاحتها، المر ة الأولى لأنه كان قد تم نقل السجين إلى السجن مع ملفه، والمرة الثانية لأنه كان قد نقل إلى المستشفى في ذلك اليوم لتجرى لـه فحوص طبية ومن ثم كانت سجلاته الطبية مطلوبة. وأفاد الرد الثالث على طلب صاحبة البلاغ، الذي ورد من وزارة الداخلية، بأن الإذن بذلك يرجع إلى المحاكم. وظاهرياً، يبدو أنه لكل رد من هذه الردود أساس من الصحة. هذا علاوة على أن السلطات قد أصدرت شهادة طبية في 2 آذار/مارس 1994 تتضمن، كما تؤكد ذلك، جميع المعلومات الخاصة بسجله الطبي. ولم تعترض صاحبة البلاغ على ما أكدته الدولة الطرف بدليل أنها لم تزعم قط في شكواها أن ابنها قد تعرض لأذى من جراء عدم وضع سجلاته الطبية تحت تصرفه وهي سجلات ليس بوسعنا أن نؤكد وجودها في أي وقت تأكيداً مطلقاً.

ثانياً، أن السجلات الطبية أو الإكلينيكية الخاصة بشخص ما هي مجرد وسيلة أو أداة تيسر العلاج الطبي أو الرعاية الطبية التي ي جب أن تستند إلى هذه الوسيلة أو هذه الأداة. وهي ليست غاية في حد ذاتها، بل هي سبيل لتحقيق نتيجة تتمثل في الحفاظ على صحة شخص ما أو علاجه.

وفي القضية الراهنة، أكدت الدولة الطرف أنها وفرت للسيد زيلودكوف العناية الطبية الملائمة، وفي الفقرة 8-4، لا تشير اللجنة إ لى أن عدم توافر العناية الطبية يشكل سبباً لانتهاك الفقرة 1 من المادة 10 من العهد، بل أشارت فقط إلى رفض السماح بالاطلاع على السجلات الطبية. وأرى أن هناك تناقضاً في القول بأن رفض إتاحة الوثائق المزعومة التي تتضمن السجلات الطبية التي يفترض أنها لازمة لتوفير ا لعناية التي طلبها المحتجز يشكل انتهاكاً للعهد، والاعتراف ضمناً في الوقت ذاته بأن الرعاية الطبية كانت كافية، لأن صاحبة البلاغ لم تؤسس شكواها على هذا الجانب.

وأخيراً، وإن لم يكن هذا الاعتبار أقل أهمية لأنه يمثل النقطة الرئيسية في هذا الرأي المخالف، فإنه حتى وإن لم تكن هناك علاقة بين أهمية حيازة سجلات طبية والعناية الطبية التي يحق للمحتجز الحصول عليها، فإنني لا أوافق على توسيع نطاق تفسير الفقرة 1 من المادة 10 من العهد إلى هذا الحد. فالاستنتاج بأن رفض السماح بالاطلاع على السجلات الطبية لشخص محروم من حريته، باف تراض ثبوت هذا الرفض، يشكل معاملة "غير إنسانية" ويتعارض مع "احترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني" إنما يتعدى نطاق هذه الفقرة ويمكن أن يقضي على مبدأ أساسي يجب أن يكون أسمى من أية تفسيرات غريبة.

وللأسباب الوارد ذكرها أعلاه، فإنني لا أوافق على ما ورد في ذ لك الجزء من الفقرة 9 من البلاغ رقم 726/1996 الذي يشير إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت الفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

5 تشرين الثاني/نوفمبر 2002

( توقيع ): رافائيل ريفاس بوسادا

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص ال أصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

باء - البلاغ رقم 757/1997، بيزولدوفا ضد الجمهورية التشيكية*

(الآراء التي اعتمدت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : السيدة الزبيتا بيزولدوفا (ممثلة بالمحامي اللورد لستر من هيرن هيل)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : الجمهورية التشيكية

تاريخ تقديم البلاغ : 30 أيلول/سبتمبر 1996 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وا لسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 757/1997، الذي قدمته السيدة الزبيتا بيزولدوفا إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ـــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، وال سيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

ويرد في تذييل لهذه الوثيقة نص رأيين فرديين من عضوي اللجنة السيد نيسوكي أندو والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي.

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة الزبيتا بيزولدوفا، وهي مواطنة تشيكية تقطن براغ، الجمهورية التشيكية. وتدعي أنها وقعت ضحية انتهاك من قبل الجمهورية التشيكية للمادتين 26 و2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلها محام. وقد بدأ سريان العهد بالنسبة لتشيكوسلوفاكيا في آذار/مارس 1976، وبدأ سريان البروتوكول الاختياري في حزيران/يونيه 1991 (1) .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 -1 ولدت السيدة بيزولدوفا في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1947 في فيينا، وهي ابنة الدكتور جندريش شوارزنبرغ، ووريثته الشرعية. وتذكر صاحبة البلاغ أن الحكومة الألمانية النازية قد صادرت في عام 1940 كل ممتلكات أسرتها في النمسا، وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا، بما في ذلك ضيعة في تشيكوسلوفاكيا معروفة باسم "ستكل". وقالت إن الممتلكات قد صودرت لأن جدها بالتبني الدكتور أدولف شوارزنبرغ كان معارضاً للسياسات النازية. وقد غادر تشيكوسلوفاكيا في عام أ يلول/سبتمبر 1939 وتوفي في عام 1950. أما والد صاحبة البلاغ، جندريش فقد اعتقله الألمان في عام 1943 وسجن في بوشنفالد وأُطلق سراحه في عام 1944. وذهب إلى المنفى في الولايات المتحدة ولم يعد إلى تشيكوسلوفاكيا بعد الحرب.

2-2 وبعد الحرب العالمية الثانية، وضعت أملاك الأسرة تحت الإدارة الوطنية بواسطة حكومة تشيكوسلوفاكيا في عام 1945. وعملاً بالمرسومين اللذين أصدرهما الرئيس التشيكوسلوفاكي إدوارد بينيس وهما المرسوم رقم 12 المؤرخ 21 حزيران/يونيه 1945 والمرسوم رقم 108 المؤرخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 1945، صودرت البيوت والممتل كات الزراعية للأشخاص الذين ينحدرون من أصول عرقية ألمانية وهنغارية. وطبق هذان المرسومان على ضيعة شوارزنبرغ، على أساس أن شوارزنبرغ كان من أصول ألمانية، مع أنه كان دائماً مواطناً تشيكوسلوفاكياً مخلصاً ومدافعاً عن المصالح التشيكوسلوفاكية.

2-3 وبتاريخ 13 آب/أغس طس 1947، تم تنفيذ قانون المصادرة العامة رقم 142/1947 الذي يسمح للحكومة بتأميم الأراضي الزراعية التي تزيد مساحتها على 50 هكتاراً والمؤسسات الصناعية التي تستخدم ما يزيد على 200 عامل، وذلك مقابل التعويض. ومع هذا، فإن هذا القانون لم يطبق على ضيعة شوارزنبرغ لأن ه في نفس اليوم صدر قانون خاص هو القانون رقم 143/1947 (والمسمى "قانون شوارزنبرغ") ينص على نقل ملكية ممتلكات شوارزنبرغ إلى الدولة دون تعويض، مع أن الممتلكات كانت قد صودرت بالفعل عملاً بمرسومي بينيس رقمي 12 و108(2). وتدعي صاحبة البلاغ بأن القانون رقم 143/1947 كان غير دستوري، وتمييزياً وتعسفياً، وأبقى على الاضطهاد السابق لعائلة شوارزنبرغ من طرف النازي وأضفى عليه الصفة الرسمية. وطبقاً لما ذكرته صاحبة البلاغ، لا يمس القانون بصورة تلقائية المصادرة السابقة بموجب مرسومي بينيس. ومع ذلك، وفي 30 كانون الثاني/يناير 1948 ، وأتيحت مصادرة الأراضي الزراعية لشوارزنبرغ. وأبلغ ممثل شوارزنبرغ بذلك بخطاب مؤرخ في 12 شباط/فبراير 1948، وأتيحت الأطراف إمكانية الاستئناف في غضون 15 يوماً. ومن ثم فصاحبة البلاغ تذكر أن الإلغاء لم يدخل حيز النفاذ إلا بعد 27 شباط/فبراير 1948 (أي بعد يومين م ن تاريخ الاستحقاق في 25 شباط/فبراير 1948 لرد الحق إلى صاحبه بموجب القانون 229/1991).

2-4 وطبقاً لما ذكرته صاحبة البلاغ، لم يتم نقل الملكية بصورة تلقائية منذ بدء نفاذ القانون 143/1947، ولكنه تم رهناً بإدراجها في الجدول (أي تحريرها في السجلات)، ضمن سجل نقل ح قوق الملكية ذات الصلة. وفي هذا السياق، تذكر صاحبة البلاغ أن إجراءات الإدارة الوطنية (انظر الفقرة 2-2) ظلت نافذة المفعول حتى حزيران/يونيه 1948، وأن إدراج الممتلكات في السجـل بواسطـة مكاتـب الأراضي والمحاكم قد بين أنه لم يعتبر في ذلك الوقت أن القانون 143/194 7 قد استتبع انتقالاً فورياً للملكية.

2-5 وعقب انهيار الإدارة الشيوعية في عام 1989، تم تنفيذ عدة قوانين لرد الممتلكات. وعملاً بالقانون 229/1991 (3) . فإن صاحبة البلاغ طلبت من سلطات الأراضي الإقليمية رد ممتلكاتها، ولكن طلباتها قد رفضت بموجب قرارات صدرت في 14 شباط/فبراير، و20 آذار/مارس، و19 تموز/يوليه 1994.

2-6 وقد رفضت محكمة مدينة براغ، بقراريها الصادرين في 27 حزيران/يونيه 1994 (4) و28 شباط/فبراير 1995 (5) ، استئناف صاحبة البلاغ وقررت أن حيازة الأملاك قد نقلت قانونياً وتلقائياً إلى الدولة بحكم القانون رقم 143/194 7 الصادر بتاريخ 13 آب/أغسطس 1947. ونظراً لأنه طبقاً لقانون رد الممتلكات رقم 299/1991، فإن المدة القانونية لطلبات الرد قد بدأت في 25 شباط/فبراير 1948، وقررت محكمة مدينة براغ أن صاحبة البلاغ ليست مخولة بالمطالبة باستعادة الممتلكات (6) . ورفضت المحكمة طلب صاحبة البلاغ تعليق الإجراءات بغية مطالبة المحكمة الدستورية بالحكم بعدم الدستورية وإلغاء القانون رقم 143/1947.

2-7 وفي 9 آذار/مارس 1995، رفض طلب صاحبة البلاغ المقدم إلى المحكمة الدستورية بشأن قرار محكمة مدينة براغ الصادر في 27 حزيران/يونيه 1994. وأيدت المحكمة قر ار محكمة المدينة بأن الملكية قد نقلت إلى الدولة تلقائياً بحكم القانون رقم 143/1947، ورفضت النظر فيما إذا كان القانون 143/1947 غير دستوري وباطـلاً، ولم تستأنف صاحبة البلاغ أمام المحكمة الدستورية قرار محكمة المدينة الصادر في 28 شباط/فبراير 1995، لأنهها رأت أ ن ذلك سيكون بلا جدوى في ضوء نتيجة الاستئناف الأول.

2-8 وطبقاً لما ذكرته صاحبة البلاغ، فإن تفسير المحاكم بأن نقل الممتلكات كان تلقائياً ولم يخضع لأي إدراج في السجل هو تفسير يتناقض تناقضاً واضحاً مع السجلات المعاصرة ومع نص القانون ذاته الذي يبين أن الإدراج ف ي السجل كان شرطاً ضرورياً لنقل الملكية، وهو ما حدث في القضية الراهنة بعد 25 شباط/فبراير 1948.

2-9 وكانت صاحبة البلاغ قدمت طلباً إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان بتاريخ 24 آب/أغسطس 1995 بشأن دعوى استعادة ملكية "ستكل" والطريقة التي عولجت بها الدعوى بواسطة المحاكم التشيكية، ولكن هذا الطلب اعتبر غير مقبول بتاريخ 11 نيسان/أبريل 1996. وتذكر صاحبة البلاغ أن اللجنة المذكورة لم تحقق في جوهر الشكوى، وأضافت أن بلاغها إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان مختلف وأوسع نطاقاً من شكواها إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان.

2 - 10 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكر صاحبة البلاغ أنه لا توجد أي سبل انتصاف محلية فعالة أخرى متاحة لها فيما يتصل برفض شكواها وحرمانها من أي سبيل للانتصاف، سواء بواسطة استعادة الممتلكات أو التعويض عن الاستيلاء غير القانوني والتعسفي والتمييزي ع لى ملكيتها أو عن رفض شكواها فيما يخص عدم إتاحة أي سبيل من سبل الانتصاف.

2-11 ويبدو من المعلومات المقدمة أن صاحبة البلاغ تواصل المطالبة باستعادة أجزاء مختلفة من ملكية أسرتها، بموجب القانون 243/1992 (7) الذي ينص على رد الممتلكات المصادرة بموجب مرسومي بينيس. و قد رفضت هذه الشكوى من قِبَل محكمة مدينة براغ في 30 نيسان/أبريل 1997، على أساس أن أملاك أسرتها لم تصادر بناء على مرسومي بينيس، بل بناء على القانون 143/1947. وقد اعتبر المحامي، أن المحكمة تجاهلت بذلك حقيقة أن الأملاك كانت بالفعل قد صودرت بواسطة الدولة بموجب مرسومي بينيس في عام 1945، وأنها لم ترد قط إلى أصحابها الشرعيين، وبحيث إن القانون رقم 143/1947 لا يمكن تطبيقه كما أنه لم يطبق لنقل الملكية من أسرة شوارزنبرغ إلى الدولة. ورفضت المحكمة إحالة قضية دستورية القانون 143/1947 إلى المحكمة الدستورية لأنها رأت أن هذا لن يؤثر على نتيجة القضية. وفي 13 أيار/مايو 1997، لم تنظر المحكمة الدستورية في حجة صاحبة البلاغ بأن القانون رقم 143/1947 كان غير دستوري، لأن المحكمة رأت بأنها ليست في وضع يسمح لها بتقديم اقتراح لإلغاء هذا القانون.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن الرفض المس تمر من طرف السلطات التشيكية، بما في ذلك المحكمة الدستورية التشيكية، الاعتراف بأن القانون رقم 143/1947 هو قانون تمييزي واستثنائي، ومن ثم فهو باطل ولاغ، ويشكل تدخلاً تعسفياً وتمييزاً متواصلين وغير دستوريين إزاء حق صاحبة البلاغ في التمتع السلمي بتركتها وممتلك اتها، بما في ذلك الحق في الرد والتعويض. وفضلاً عن ذلك، فإن قانون رد الممتلكات رقم 229/1991 ينتهك المادة 26 من العهد لأنه ينطوي على تمييز جائر وتعسفي فيما بين ضحايا المصادرة السابقة للأملاك.

3-2 وفي هذا السياق، تشرح صاحبة البلاغ أن أثر القانون رقم 143/1947 فيما يتعلق بالقانون رقم 229/1991 يميز ضدها بطريقة تعسفية وجائرة بحرمانها من الحصول على سبيل للانتصاف ضد مصادرة الأملاك. وهي تذكر أنها ضحية للفوارق التعسفية في المعاملة مقارنة بالضحايا الآخرين للمصادرات السابقة. وهي تشير في هذا السياق إلى التفسير المنحرف لل محاكم التشيكية بالنسبة للقانون رقم 143/1947 باعتباره قد نفذ النقل التلقائي للملكية إلى الدولة التشيكية، ورفض المحكمة الدستورية النظر في دستورية القانون رقم 143/1947، والتفسير التعسفي والمتناقض للقانون 143/1947 والقانون 143/1947، والاختيار التعسفي لتاريخ ال تنفيذ في 25 شباط/فبراير 1948، وقيام المحاكم بعد عام 1991 بإقرار التمييز التعسفي فيما يتصل برد الملكية بين القانون رقم 142/1947 والقانون رقم 1434/1947.

3-3 ويشير المحامي إلى قرار المحكمة الدستورية بتاريخ 13 أيار/مايو 1997 الذي تناولت فيه دستورية القانون رقم 229/1991 وذكرت أن هناك مبررات معقولة وموضوعية لاستثناء كل المطالبات الأخرى برد الممتلكات وذلك لمجرد أن القانون كان تعبيراً واضحاً عن الإرادة السياسية للمشرع بأن تكون طلبات الرد مشروطة أساساً بوجود ما يسمى مدة حاسمة وأن من الواضع أن المشرع قد عمد إلى تعيين الوقت المحدد.

3-4 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ أن هناك تمييزاً تعسفياً وجائراً بينها وبين ضحايا مصادرات الملكية بموجب القانون رقم 142/1947، شرح المحامي أنه طبقاً للفرع 32(1) من القانون رقم 299/1991، فإن الاستيلاء على الملكية بموجب القانون رقم 142/1947 ق د أُلغي، ولكن المشرع التشيكي تقاعس عن إلغاء الاستيلاء على الملكية بموجب القانون رقم 143/1947. وفضلاً عن ذلك، فقد قيل إنه فيما يتعلق بالقانون رقم 142/1947، تعتبر المحكمة الدستورية تاريخ الإدراج أو الاستيلاء على الملكية بمثابة تاريخ مادي لأغراض إثبات الأهلية للتعويض، مع أنه، بالنسبة للقانون رقم 143/1947، يعتبر تاريخ إصدار القانون التاريخ المادي. وفي هذا السياق، تذكر صاحبة البلاغ أن مقاطعة بوهيميا لم تضع يدها على الأملاك قبل أيار/ مايو 1948.

3-5 كما تدعي صاحبة البلاغ أنه تم التمييز تمييزاً تعسفياً وجائراً بينه ا وبين الضحايا الآخرين لعمليات مصادرة الأملاك بموجب مرسومي بينيس لعام 1945، لأن هؤلاء الضحايا الآخرين مؤهلون للاستفادة من رد الأملاك بموجب هذين المرسومين وبموجب القانون رقم 87/1991 والقانون رقم 229/1991، وكذلك فيما يتعلق بالقانون رقم 243/1992 وبخصوص الملكي ة المستولى عليها سواء قبل أو بعد 25 شباط/فبراير 1948، إذا ما أثبتوا إخلاصهم للجمهورية التشيكية وبراءتهم من أي إساءات ضد الدولة التشيكوسلوفاكية، في حين أن صاحبة البلاغ قد حرمت من هذه الفرصة، لأنه وطبقاً للأحكام التي صدرت بعد عام 1991، فإن المصادرة بموجب مرس ومي بينيس قد حلت محل إنفاذ القانون رقم 143/1947.

3-6 وذُكر أن حرمان صاحبة البلاغ واستبعادها من سبل الانتصاف الفعالة من الاستيلاء التعسفي وغير القانوني والجائر والتمييزي لأملاكها بموجب مرسومي بينيس والقانون رقم 143/1947، يشكلان معاملة تعسفية وغير عادلة وغير دستورية وتمييزية متواصلة ضد صاحبة البلاغ من قِبَل السلطات العامة التشريعية والتنفيذية والقضائية للجمهورية التشيكية وهو الأمر الذي يتناقض مع التزامات الجمهورية التشيكية بموجب المادتين 2 و26 من العهد. وفي هذا الصدد، تذكر صاحبة البلاغ أن ما قررته اللجنة المع نية بحقوق الإنسان في قضية سيمونيك (8) يعتبر ذا صلة مباشرة بشكواها.

3-7 وفيما يتصل بشكواها بموجب الفقرة 1 من المادة 24 من العهد، تذكر صاحبة البلاغ أنها قد حرمت من الحق في المساواة أمام المحاكم التشيكية ومن المرافعة العادلة أمام محكمة مستقلة وغير منحازة، بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى مثل هذه المحكمة. وفي هذا السياق، تشير صاحبة البلاغ إلى الطريقة التي رفضت بها المحاكم شكواها، وذلك مقارنة بالتشريع الأكثر ملاءمة في المحكمة الدستورية بصدد قضايا مماثلة. وقد رفضت المحكمة الدستورية البت في دستورية القانون رقم 143/194 7.

3-8 وفي هذا السياق، تشير صاحبة البلاغ إلى أنه مما يتناقض أساساً مع المنطق وحسن الإدراك أن تقوم المحكمة الدستورية بإقرار الآثار القانونية للقانون 143/1947، في حين أنها قد أعلنت في نفس الوقت أن مسألة الصحة الدستورية للقانون غير ذات صلة بتحديد حقوق صاحبة ا لبلاغ. كما أن قرار المحكمة كان فضلاً عن ذلك متنافياً مع تشريعها ووظائفها الدستورية المتمثلة في إلغاء التشريعات التمييزية.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 احتجت الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة في 4 كانون الأول/ديسمبر 1997، بأن البلاغ غير مقبول بسبب فوات الزمن الم حدد، ومن الواضح أنه لا أساس لـه من الصحة نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفي معرض شرحها لخلفية التشريع الخاص برد الممتلكات، شددت الدولة الطرف على أن هذا التشريع قد وضع للتعامل مع الآثار اللاحقة على النظام الشيوعي الاستبدادي، وأنه قد اقتصر منطقياً على تاريخ استيلاء الشيوعيين على السلطة، وأنه قانون على سبيل الهبة ولم يهدف أبداً إلى توفير التعويض الإجمالي.

4-2 وطبقاً لما ذكرته الدولة الطرف، فإنه من الواضح أن البلاغ لا يستند إلى أي أساس من الصحة نظراً لأنه يتضح من نص القانون رقم 143/1947 أن الممتلكات ا لمذكورة قد انتقلت من الدكتور أدولف شوارزنبرغ إلى الدولة بمقتضى هذا القانون، قبل التاريخ القانوني وهو 25 شباط/فبراير 1948 الوارد في القانون رقم 229/1991. وتشرح الدولة الطرف أن الإدراج غير مطلوب إلا لتغيير الملكية بواسطة النقل (مما يستلزم موافقة صاحبها الساب ق) وليس لتغيير الملكية عن طريق انتقالها (مما لا يستلزم موافقة المالك). فالإدراج في الحالات الأخيرة هو إجراء شكلي ليس إلا، والمقصود به حماية ممتلكات الدولة في مواجهة الغير. كما أن القانون 243/1992 لا ينطبق على حالة صاحبة البلاغ، نظراً لأنه مقيد صراحة بنزع ا لملكية بموجب مرسومي بنيس.

4-3 وتحتج الدولة الطرف بأن اللجنة غير مختصة بسبب فوات الزمن المحدد للنظر في شكوى صاحبة البلاغ من أن القانون رقم 143/1947 كان غير قانوني أو تمييزياً. وتعترف الدولة الطرف بأن اللجنة قد تكون مختصة بسبب فوات الزمن المحدد، بتقدير القضا يا المشمولة بالقانون رقم 229/1991 و243/1992، بما في ذلك القضايا التي نشأت في الفترة السابقة لتاريخ نفاذ مفعول العهد بالنسبة للجمهورية التشيكية. ومع ذلك، ونظراً لأن أياً من القانونين لا ينطبق على قضية صاحبة البلاغ، فإن نطاق العلاقات القانونية الذي حدده القا نون رقم 143/1947 لا يدخل في نطاق العهد بسبب فوات الزمن المحدد.

4-4 وأخيراً، تحتج الدولة الطرف بأن البلاغ المقدم إلى اللجنة هو أوسع نطاقاً من شكوى صاحبة البلاغ إلى المحكمة الدستورية ومن ثم فهو غير مقبول نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد ، ذكرت الدولة الطرف أن هناك 27 شكوى مقدمة من صاحبة البلاغ ما زالت معلقة أمام المحكمة الدستورية.

تعليقات صاحبة البلاغ

5-1 في تعليقاتها على أقوال الدولة الطرف، لا تطعن صاحبة البلاغ في تفسير الدولة الطرف بأن التشريع لم يهدف أبداً إلى توفير التعويض الإجمالي، و لكنها تذكر أن الشكوى في الحالة الراهنة تهتم بالطريقة التي طبقت بها هذه التشريعات على قضية صاحبة البلاغ، مما يفضي إلى الحرمان التمييزي والاستبعاد من سبل الانتصاف الفعالة من أجل رد الممتلكات أو التعويض عن المصادرة غير القانونية لممتلكات أسرتها، ويشكل وانتهاك اً لحقها في المساواة أمام القانون والحماية العادلة التي يوفرها القانون. كما أن الشكوى تنصب على حرمانها من حقها في المساواة أمام المحاكم التشيكية والمرافعة العادلة أمامها.

5-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه من الواضح أنه ليس للبلاغ أي أساس من الصحة، فإن المحامي يشير إلى النظام القانوني لرد الممتلكات والتعويض عنها، وهو نظام يتألف من عدة قوانين وتعوزه الشفافية. وتعارض صاحبة البلاغ نص الوقائع كما عرضتها الدولة الطرف وتصر على أن ممتلكات أسرتها قد صودرت بصورة غير قانونية من قِِبَل الدولة بموجب مرسومي بنيس رقم ي 12/1945 و108/1945، وأن القانون رقم 143/1947 لم ينتزع الملكية من الأسرة. ومع ذلك، وهو ما تنكره صاحبة البلاغ، فإذا كان القانون رقم 143/1947 قد حرم أسرة صاحبة البلاغ من أملاكها كما توحي بذلك الدولة الطرف، فإن صاحبة البلاغ إذن تطعن في أقوال الدولة الطرف بأن الملكية قد انتزعت قبل التاريخ القانوني وهو 25 شباط/فمبراير 1948.

5-3 وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تعالج الشكوى من أن المحكمة الدستورية قد حرمتها من المرافعة بشأن دستورية القانون رقم 143/1947 بإعلانها أن شكواها غير مقبولة.

5-4 وبخصوص حجة الدولة ال طرف بأن البلاغ غير مقبول بسبب فوات الزمن المحدد، تشير صاحبة البلاغ إلى أنها لا تشكو من أن القانون رقم 143/1947 كان خرقاً للعهد، ولكن لأن أفعال وأوجه تقصير السلطات العامة للدولة الطرف بعد دخول العهد والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ، مما حرمها بطريقة تمييزية من سبل الانتصاف الفعالة لاسترداد الممتلكات والحصول على تعويض، قد انتهكت العهد.

5-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن بلاغ صاحبة البلاغ قد جاء أوسع نطاقاً من استئنافها أمام المحكمة الدستورية وبأن هناك عدة شكاوى دستورية ما زالت معلقة أمام المحكمة الدستورية، فإنها تقول إن ذلك كان بسبب تقاعس المحاكم عن معالجة جوهر قضيتها، وعدم تعاون السلطات للتحقق ومساعدة صاحبة البلاغ على توضيح المسائل المطروحة.

5-6 وفي رسالة أخرى بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 1999، أحاطت صاحبة البلاغ اللجنة علماً بالتطورات في قضيتها. فهي تشير إلى القرارات التي اتخذتها المحكمة الدستورية بتاريخ 4 أيلول/سبتمبر 1998، والتي قررت فيها المحكمة أن شكاواها المتصلة برد الممتلكات بموجب القانون رقم 243/1992 جاءت بعد الوقت المحدد المنصوص عليه بالنسبة للشكاوى بموجب هذا القانون. وهي تشرح أن الوقت المحدد لتقدي م الشكاوى كان كانون الأول/ديسمبر 1992، وبالنسبة للأشخاص المخولين الذين كانوا اعتباراً من 29 أيار/مايو 1992 غير مقيمين في الجمهورية التشيكية، فإن التاريخ المحدد كان 15 تموز/يوليه 1996. وصاحبة البلاغ، التي أصبحت مواطنة تشيكية ومقيمة في عام 1993، قد قدمت شكوا ها بتاريخ 10 تموز/يوليه 1996. ومع هذا، فالمحكمة رفضت شكواها نظراً لأنها لم تكن مواطنة في 29 أيار/مايو 1992، ومن ثم فهي ليست مخولة كما ورد في القانون.

5-7 وتدعي صاحبة البلاغ أن اشتراط المواطنة التشيكية يشكل انتهاكاً لحقوقها بوجب المادتين 2 و26 من العهد. وفي هذا السياق، فهي تشير إلى آراء اللجنة في قضية سيمونيك (القضية رقم 516/1992).

5-8 وذكر المحامي كذلك أنه بموجب القرار المؤرخ في 26 أيار/مايو 1998، قررت المحكمة الدستورية في براغ أن شكوى صاحبة البلاغ المتصلة برد الممتلكات غير مقبولة بسبب نفاذ الزمن المحدد وأن ها لذلك لا تحتاج إلى البت فيما إذا كان لصاحبة البلاغ الحق في الملكية من عدمه. وطبقاً لما ذكرته صاحبة البلاغ، فإن المحكمة برفضها البت في دعواها المتصلة بحق الملكية قد حرمتها من العدالة، مما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

النظر في مسألة المقب ولية

6-1 نظرت اللجنة، في جلستها السادسة والستين المعقودة في تموز/يوليه 1999، في مقبولية البلاغ.

6-2 ورأت اللجنة أن شكاوى صاحبة البلاغ بشأن القانون رقم 143/1947 هي شكاوى خارجة عن نطاق اختصاصها بسبب نفاذ الزمن المحدد، ومن ثم فهي غير مقبولة بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ من أنها قد حرمت من المرافعة العادلة بسبب الطريقة التي فسرت بها المحاكم القوانين التي ينبغي أن تطبق في قضيتها، ذكرت اللجنة بأن تفسير القانون المحلي هو أساساً مسألة تخص المحاكم وسلطات الدولة الطرف المع نية وأعلنت بالتالي أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-4 واعتبرت اللجنة كذلك أن شكوى صاحبة البلاغ من أنها كانت ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، غير مقبولة لأن المحكمة قد رفضت البت فيما إذا كان لها الحق قانو ناً في الملكية. ووجدت اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثبت، لأغراض المقبولية، بالحجج شكواها من أن تقاعس المحاكم في هذا الصدد كان تعسفياً، أو أن إخفاق الحكومة في فحص دستورية القانون رقم 143/1947 قد شكل انتهاكاً للمادة 24(1).

6-5 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف ع لى البلاغ باعتباره غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لاحظت اللجنة أن جميع المسائل التي أثيرت في البلاغ الحالي قد عرضت أمام المحاكم المحلية للدولة الطرف في إطار عدة طلبات مقدمة من صاحبة البلاغ، وقد نظرت فيها أعلى سلطة قضائية في الدولة الطرف. ومن ثم فإن اللجنة رأت أن نظرها في البلاغ غير مستبعد بموجب الاشتراط الوارد في الفقرة 2(ب) من المادة 5، من البروتوكول الاختياري.

6-6 ولاحظت اللجنة أن شكوى مماثلة مقدمة من صاحبة البلاغ قد رفضت من قِبَل اللجنة الأوروبية المعنية بحقوق الإنسان بتاريخ 11 نيسان/أبريل 1996. ومع ذلك، فإن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل أي عقبة أمام قبول الشكوى الحالية، نظراً لأن المسألة لم تعد معلقة في إطار أي إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، وأن الجمهورية التشيكية لم تتحفظ على المادة 5(2) (أ) م ن البروتوكول الاختياري.

6-7 وبتاريخ 9 تموز/يوليه 1999، قررت اللجنة أن شكاوى صاحبة البلاغ المتبقية من أنها قد حرمت بطريقة تمييزية من الاستفادة من أي سبيل للانتصاف هي شكاوى مقبولة لأنها قد تثير مسائل بموجب المادتين 2 و26 من العهد.

أقوال الدولة الطرف وصاحبة ا لبلاغ بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 أشارت صاحبة البلاغ، في رسالتها المؤرخة في 23 آذار/مارس 2002، إلى آراء اللجنة في القضية رقم 774/1997 ( بروك ضد الجمهورية التشيكية ). وفيما يتعلق بمسألة إمكانية الحصول العادل على المعلومات ضمن الحدود المقبولة بموجب المادتي ن 2 و26 من العهد، ادعت صاحبة البلاغ أن وزارة الزراعة ومختلف دوائر محفوظات الدولة، وكذلك جميع سلطات الأراضي قد حرمتها بصورة مستمرة وحتى عام 2001 من الحصول على الملف الكامل بشأن إجراءات المصادرة ضد جدها الدكتور أدولف شوارزنبرغ واستئنافاتها المقدمة في الوقت ا لمناسب (انظر الفقرة 5-5 أعلاه). وذكرت بصفة خاصة أن محاميها قد حرم حتى عام 2001 من التفتيش عن ملف شوارزنبرغ من طرف مدير الشؤون القانونية في الوزارة، الدكتور جندريش أورفوس. وقد أبلغت الوزارة المحامي في 11 أيار/مايو 2001 بعد أن عثرت صاحبة البلاغ على وثائق أخر ى ذات صلة في دائرة أخرى للمحفوظات، بأن الملف موجود فعلاً وسمح لـه بفحصه. وفضلاً عن ذلك، ذكر أنه في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1993، أنكرت رئيسة محفوظات الدولة في كريملوف، الدكتورة أناكيبيكوفا، حق صاحبة البلاغ في استخدام المحفوظات في وجود مساعدها المهندس زالوها، وصرفتها قائلة "لكل المواطنين التشيك الحق في استخدام المحفوظات، أما أنت فلا حق لك في ذلك". وتشكو صاحبة البلاغ من أن مثل هذا الحرمان من إمكانيات الحصول على المعلومات تظهر المعاملة غير العادلة التي تعرضت لها من جانب السلطات التشيكية منذ عام 1992.

7-2 وتثبت ال وثائق التي لم يسمح بالاطلاع عليها أن ضيعة شوارزنبرغ قد صودرت فعلاً عملاً بالمرسوم الرئاسي رقم 12/45 وأن سلطات الدولة الطرف لم تمنع صاحبة البلاغ فحسب من التحري والإبلاغ عن الحقائق الكاملة لقضيتها إلى سلطات الأراضي والمحاكم والوفاء بالمواعيد المحددة لتقديم ا لشكاوى طبقاً للقانونين 87/91 و243/92، ولكنها ضللت عن عمد جميع سلطات الأراضي واللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

7-3 وبتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، أكدت المحكمة الإقليمية في تشيسك بيدوجوفيش (1560 633/201-115) وبوصفها محكمة استئناف، أن ضيعة شوارزنبرغ قد صود رت بالفعل عملاً بالجملة (أ) من الفقرة 1 من الفرع 1 من المرسوم رقم 12/45، ومن ثم فقد أكدت عدم انطباق القانون 143/47. ومع ذلك، لم تضمن المحكمة أي إنصاف لصاحبة البلاغ لعدم وجود أي سبل انتصاف متاحة لأي شخص يعتبر أنه من أصل ألماني أو هنغاري.

7-4 وقد رفضت وزارة الأراضي كذلك كل طلبات استئناف صاحبة البلاغ ضد كل سلطات الأراضي لإعادة فتح مختلف دعوى رد الممتلكات في ضوء المعلومات الحاسمة التي أخفيت والتي تمكنت صاحبة البلاغ في نهاية المطاف من الحصول عليها. ويفترض أن المراسيم السلبية الموحدة الصادرة عن مختلف سلطات الأراض ي قد صدرت بناء على تعليمات من الوزارة ذاتها، حيث إن الوزارة قد أصدرت أوامر لسلطات الأراضي بخصوص إجراءات أخرى تتعلق بصاحبة البلاغ.

7-5 وذكر أيضاً أن محكمة مدينة براغ قد تجاهلت الاستنتاجات ذات الصلة للمحكمة الدستورية التشيكية بعدم تطبيقها لقانون رد الممتلكات رقم 243/92. ويزعم أن هذا الحرمان من العدالة يشكل معاملة غير عادلة بسبب لغة صاحبة البلاغ وأصولها الوطنية والاجتماعية، وممتلكاتها.

8-1 وفي المذكرة الشفوية المؤرخة في 7 حزيران/يونيه 2002، أبدت الدولة الطرف الملاحظات التالية بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. ففيما يتعلق بطعن صاحبة البلاغ في تفسير القانون رقم 143/1947 من طرف المحاكم التشيكية، تلاحظ الدولة الطرف أن "تفسير القوانين المحلية هو في الأساس مسألة تخص المحاكم وسلطات الدولة الطرف المعنية؛ وأنه ليس من سلطة اللجنة تقييم ما إذا كانت السلطات المختصة للدولة الطرف المذكورة قد فسرت وطبقت القانون المحلي بصورة صحيحة في القضية الحالية، إلا إذا ثبت أنها لم تفسره ولم تطبقه بحسن نية أو إذا اتضح أنه قد حدثت إساءة لاستخدام السلطة. وقد وصفت إجراءات محاكم الجمهورية التشيكية في القضية المذكورة بالتفصيل في ملاحظات الجمهورية الت شيكية على مقبولية البلاغ، مما يؤكد قانونية إجراءات المحكمة. ومن جهة أخرى، فإن صاحبة البلاغ لم تثبت بالوثائق ادعاء حدوث تفسير منحرف للقانون رقم 143/1947".

8-2 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ من التمييز بين تفسيرات القانون رقم 142/1947 والقانون 143/1947، تشير الدولة الطرف إلى ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ والتي تحتوي على مقتطفات من الأحكام ذات الصلة للقانون 143/1947، وعلى شرح تفسيراتها بواسطة السلطات الإدارية والقضائية للجمهورية التشيكية.

8-3 وفيما يتصل باعتراض صاحبة البلاغ على اختيار التاريخ القانوني في 25 شب اط/فبراير 1948، بوصفه اختياراً تعسفياً، تلاحظ الدولة الطرف أن مسألة امتثال تاريخ الأهلية القانوني وهو 25 شباط/فبراير 1948 والوارد في قانون الجمهورية التشيكية الخاص برد الممتلكات، للمادتين 2 و26 من العهد، قد نظرت فيها اللجنة مراراً وتكراراً. وفي هذا الصدد، تشير الجمهورية التشيكية إلى قرارات اللجنة في قضيتي روديجير شلوسر ضد الجمهورية التشيكية (الشكوى رقم 670/1995) وجيرهارد ماليك ضد الجمهورية التشيكية (الشكوى رقم 669/1995). وفي كلتا القضيتين، خلصت اللجنة إلى "أنه ليس كل تفرقة أو تفاضل في المعاملة يعد تمييزاً ف ي إطار فحوى المادتين 2 و26. وترى اللجنة أنه في القضية الحالية، فإن التشريع الذي اعتمد بعد سقوط النظام الشيوعي لا يبدو تعسفياً في الظاهر في إطار فحوى المدة 26 لمجرد أنه لا يعوض ضحايا الظلم الذي حدث في الفترة السابقة للنظام الشيوعي، كما تدعي صاحبة البلاغ". و كان الغرض من تشريع رد الممتلكات هو تصحيح ظلم مصادرة الممتلكات الذي أحدثه النظام الشيوعي في الفترة 1948-1989. وكان النص على تاريخ الأهلية القانوني، وهو 25 شباط/فبراير 1948، نصاًً موضوعياً لأن الانقلاب الشيوعي حدث في 25 شباط/فبراير 1948، وهو أمر مبرر فيما يت علق بالإمكانات الاقتصادية للدولة التي هي في حالة انتقال من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي. وينبغي أيضا في هذا الصدد مراعاة عدم وجود الاعتراف بحق الرد في القانون الدولي".

8-4 وفيما يتعلق باعتراض صاحبة البلاغ على التفرقة في رد الممتلكات بين القانون رقم 142/1947 والقانون 143/1947، والتمييز التعسفي والجائر بين صاحبة البلاغ والضحايا الآخرين لعمليات مصادرة الممتلكات بموجب المرسومين الرئاسيين لعام 1945، تلاحظ الدولة الطرف أن "تشريع رد الممتلكات لا يرتبط بنقل الملكية الذي تم قبل 25 شباط/فبراير 1948. طبقاً للقوانين التي تنفذ سياسة اجتماعية واقتصادية جديدة للدولة. وأن هذه القوانين ليست بأدوات للاضطهاد الشيوعي. ففي حين أن القانون 229/1991 يشير إلى القانون رقم 142/1947 (الفقرة 1ب من المادة 6)، فإنه ينص كذلك على أن نقل الملكية يجب أن يتم في الفترة القانونية من 2 5 شباط/فبراير 1948 وحتى 1 كانون الثاني/ يناير 1990. وعن طريق هذا الشرط التراكمي للقانون 229/1991، فهو يراعي الغرض المشار إليه أعلاه وكذلك فلسفة تشريع الرد ويمثل المعايير الموضوعية التي تخول استعادة الممتلكات. فقد نقلت ملكية جد صاحبة البلاغ إلى الدولة قبل 2 5 شباط/فبراير 1948 ومن ثم لا تنطبق عليها أحكام استعادة الممتلكات الآيلة من النظام الشيوعي. أما استعادة الأملاك بسبب أشكال الظلم الناشئة عن التطبيق غير الصحيح للمرسومين الرئاسيين، فهي منصوص عليها بموجب القانون رقم 243/1992، وهو يتعلق بحالة مختلفة تماماً عن حالة جد صاحبة البلاغ ومن ثم فهو لا صلة لـه بهذه القضية".

9-1 وفي تعليقاتها المؤرخة في 24 حزيران/يونيه 2002، كررت صاحبة البلاغ أن جوهر الشكوى هو أن السلطات التشيكية قد انتهكت حقها في المعاملة العادلة بحرمانها تعسفياً من حقها في استعادة الممتلكات بموجب القان ون رقم 243/1992، الذي مدد أهلية استعادة الممتلكات لأي مواطن من الجمهورية التشيكية (مثل صاحبة البلاغ) والمنحدر من شخص (دكتور أدولف شوارزنبرغ) فقد ممتلكاته نتيجة المرسوم الرئاسي رقم 12/1945 أو المرسوم الرئاسي رقم 108/1945. ورهناً بكون أن الممتلكات قد صودرت ب موجب مرسوم بينيس، فليس هناك أي اشتراط بموجب القانون التشيكي بأن تكون قد صودرت في غضون الفترة القانونية المنصوص عليها في القانون رقم 87/1991 والقانون رقم 229/1991، ابتداءً من 25 شباط/فبراير 1948.

9-2 وذُكر أن السلطات التشيكية قد تجاهلت بصورة تعسفية القرينة الواضحة تماماً المقدمة من صاحبة البلاغ والمأخوذة من السجلات الرسمية المعاصرة، ومفادها أن الممتلكات قد استولت عليها الدولة التشيكوسلوفاكية من الدكتور أدولف شوارزنبرغ بموجب المرسوم رقم 12/1945، وإنما قد حرمتها من أي سبيل للانتصاف على الأساس الخاطئ بأن الممتل كات قد استولي عليها بموجب ما يسمى "قانون شوارزنبرغ"، القانون رقم 143/1947، بدلاً من الاستيلاء عليها بموجب مرسوم بينيس رقم 12/1945. وتركز الحكومة التشيكية في ملاحظاتها فقط على تبرير تحديد التاريخ الفاصل وهو 25 شباط/فبراير 1948، والمنصوص عليه في قانوني رد ال ممتلكات رقمي 87/1991 و229/1991. وقد أخفقت الدولة الطرف في معالجة جوهر قضية صاحبة البلاغ، وهو أن الممتلكات ذات الصلة قد صودرت عملاً بمرسوم بينيس، ولذلك فإنه لا علاقة لها تماماً بكون الاستيلاء قد حدث قبل 25 شباط/فبراير 1948. وترفض الدولة الطرف إشارة صاحبة ال بلاغ إلى حقها في استعادة الممتلكات عملاً بالقانون رقم 243/1992 وذلك في جملة واحدة تذكر فيها فقط أنها "تتعلق بحالة مختلفة تماماً عن حالة جد صاحبة البلاغ ومن ثم فهي غير ذات صلة بهذه القضية". ولم تقدم أي قرينة أو أفكار لإثبات هذا الزعم المجرد، والذي يتنافى مع قرار المحكمة الإقليمية في تشيك بيديجوفيش، التي انعقدت كمحكمة استئناف، والمؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001. وقد وجد هذا القرار أن ممتلكات الدكتور أدولف شوارزنبرغ قد نقلت إلى ملكية الدولة عملاً بالمرسوم رقم 12/1945. وذكرت المحكمة أنه "لا شك في أن ممتلكات أدولف شوارزنبرغ قد انتقلت إلى ملكية الدولة الطرف وبأثر فوري طبقاً للمرسوم رقم 12/1945 بالكامل". ولم تتجاهل الدولة الطرف في ملاحظاتها استنتاج المحكمة الإقليمية فقط، بل أخفقت كذلك في معالجة الحقائق والحجج الأخرى المعروضة على اللجنة من قبل صاحبة البلاغ في عر ضها المؤرخ في 23 آذار/مارس 2002 (انظر الفقرتين 7-1 و7-5 أعلاه).

9-3 وتشير صاحبة البلاغ إلى القرينة المعروضة على اللجنة والتي تبين أن السلطات التشيكية حرمتها بصورة منتظمة وحتى عام 2001 من إمكانات الحصول على الوثائق التي تثبت أن المصادرات قد حدثت عملاً بمرسو م بينيس رقم 12/1945. وباستبعاد هذه القرينة، فإن السلطات حالت بصورة خاطئة دون قيام صاحبة البلاغ بالتحري عن الحقائق الصحيحة لقضيتها وإبلاغ سلطات الأراضي والمحاكم بذلك.

9-4 وفضلاً عن ذلك، تشير صاحبة البلاغ، ولأغراض هذه القضية، إلى ما ذكرته اللجنة في ملاحظاتها الواردة في قراراتها بشأن مقبولية قضيتي شلوسر وماليك ضد الجمهورية التشيكية، والتي تعتمد عليها الدولة الطرف، معتبرة أنها غير ذات صلة بقضيتها. وتقبل صاحبة البلاغ أنه ليس كل تفرقة في المعاملة ترقى إلى حد التمييز، ولكن حقائق قضيتها مختلفة تماماً عن ظروف قضيتي شلوسر وماليك - فقضية صاحبة البلاغ تنصب على الحرمان التعسفي من إمكانات الحصول على معلومات حاسمة لممارسة حقوقها في استعادة ممتلكاتها، والحرمان التعسفي من أي سبيل للانتصاف عملاً بالقانون رقم 243/1992، والذي سُن لإصلاح أنواع الظلم الذي وقع عند تطبيق مرسومي بين يس، مثل ذلك الذي عانى منه الدكتور أدولف شوارزنبرغ.

10- وقد أُحيلت مذكرة صاحبة البلاغ إلى الدولة الطرف بتاريخ 24 حزيران/يونيه 2002. ولم يرد المزيد من التعليقات.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

11-1 طبقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بدأت ال لجنة النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ على أساس كل المعلومات المقدمة من الطرفين.

11-2 وكان السؤال المطروح على اللجنة هو ما إذا كانت صاحبة البلاغ قد حرمت بطريقة تمييزية من الاستفادة من سبيل انتصاف فعال. وطبقاً للمادة 26 من العهد، فالناس جميعا سواء أمام القانو ن ويتمتعون بحق متساو في التمتع بحمايته.

11-3 وتلاحظ اللجنة من أقوال صاحبة البلاغ أن جوهر الشكوى يتمثل في أن السلطات التشيكية قد انتهكت حقها في المعاملة العادلة والمتساوية بحرمانها وبصورة تعسفية من حقها في استعادة ممتلكاتها على أساس القانونين 229/1991 و243 /1992 بحجة أن ممتلكات جدها بالتبني قد صودرت بموجب القانون رقم 143/1947، وليس بموجب مرسومي بينيس رقمي 12 و108/1945، ومن ثم فإن قوانين الاستعادة لعامي 1991 و1992 لا تنطبق عليها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن حجة صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف دأبت وحتى عام 2001، على حرمانها من الحصول على الملفات والمحفوظات ذات الصلة، حتى يمكن للوثائق عند تقديمها أن تثبت أن المصادرة قد حدثت بالفعل على أساس مرسومي بينيس لعام 1945 وليس على أساس القانون رقم 143/1947، ومع ما ينجم عن ذلك من أن صاحبة البلاغ مخولة لاستعادة أملاكها بموجب قانون ي عام 1991 و1992.

11-4 وتذكر اللجنة بقراراتها السابقة التي تعتبر أن تفسير وتطبيق القانون المحلي هو أساساً مسألة تخص محاكم وسلطات الدولة الطرف المعنية. ومع هذا، فعند النظر في أي شكوى بموجب القانون المحلي، لا بد من أن يتمتع الفرد بالإمكانات المتساوية في الحص ول على سبيل الانتصاف، والتي تشمل منحه الفرصة لإثبات وتقديم حقائق صحيحة، والتي بدونها ستضلل المحاكم. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعالج ادعاءات صاحبة البلاغ بأنها قد حرمت من الحصول على الوثائق التي تعتبر حاسمة بالنسبة للبت في قضيتها على الوجه الصحيح. وف ي غياب أي تفسير من الدولة الطرف، لا بد من إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب.

11-5 وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة كذلك أنه بموجب القرار المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، اعترفت المحكمة الإقليمية لتشيك بودجوفيش بأن الاستيلاء على ممتلكات الدكتور أ دولف شوارزنبرغ قد حدث عملاً بمرسوم بينيس رقم 12/1945. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه في 30 كانون الثاني/يناير 1948،، ألغيت مصادرة الأراضي الزراعية لشوارزنبرغ بموجب مرسومي بينيس رقمي 12 و108/1945، ويبدو أن ذلك كان من أجل إفساح المجال أمام تطبيق القانون 143/1947. وه ذا يبدو أن النقطة الزمنية التي نفذ فيها الإلغاء الفعلي لم توضح لأن المحاكم انطلقت من المنطق القائل بأن القانون رقم 143 هو الأساس القانوني الوحيد القابل للتطبيق.

11-6 وليس من مهام اللجنة البت في المسائل المتعلقة بالقانون التشيكي بل بإجراءات محاكم الدولة الط رف. ومع هذا، وجدت اللجنة أن صاحبة البلاغ قد عوملت مراراً وتكراراً بصورة تمييزية بحرمانها من الحصول على الوثائق ذات الصلة التي قد تثبت دعاواها في استرداد الأملاك. ولذلك فإن اللجنة ترى أن حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 26 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2، قد انتهكت.

12-1 وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفي ضوء الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع التي عرضت عليها تظهر حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2.

12-2 ووفقاً للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعالاً يشمل منحها فرصة تقديم شكوى جديدة لاستعادة الممتلكات أو التعويض. وينبغي للدولة الطرف مراجعة تشريعها وممارساتها الإدارية من أجل ضمان تمتع جميع الأفراد بالمساواة أمام القانون وكذلك بالحماية المتساوية التي يوفرها القانون.

12-3 إن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن تقرر ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا، كما أنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأ فراد المقيمين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية، الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك. وتحث اللجنة كذلك الدولة الطرف على وضع إجراءات للتعامل مع الآراء المعتمدة بموجب البروتوكول ال اختياري.

12-4 وفي هذا الصدد، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، وفي غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر آرائها هذه.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) زالت جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاتحادية من الوجود في 31 كانون الأول/ديسمبر 1992. وفي 22 شباط/ فبراير 1993، أخطرت الجمهورية التشيكية بأنها خلفتها كطرف في الع هد والبروتوكول الاختياري.

(2) ينص القانون على ما يلي:

"1(1) تنقل بموجب القانون ملكية ممتلكات الفرع المسمى فرع البكورة في أسرة شوارزنبرغ في هلوبكا وفلاتافو - ولكونها واقعة في جمهورية تشيكوسلوفاكيا - إلى مقاطعة بوهيميا.

....

"4- إن نقل حقوق الملكية وجميع ال حقوق طبقاً للفقرة 1 لصالح مقاطعة بوهيميا، ستعالجها المحاكم والمكاتب التي تحتفظ بسجلات الممتلكات غير المنقولة أو أي حقوق أخرى، وذلك عقب طلب مقدم من اللجنة الوطنية في براغ.

"5(1) تنقل الأملاك إلى ملكية مقاطعة بوهيميا دون تعويض للملاك السابقين.

...

(3) دخل القانون رقم 299/1991 الصادر عن الجمعية الاتحادية لجمهورية تشيكوسلوفاكيا الاتحادية حيز التنفيذ بتاريخ 24 حزيران/يونيه 1991. وكان الغرض من هذا القانون هو ما يلي: "تخفيف آثار بعض الأضرار التي حاقت بالممتلكات والتي عانى منها الملاك من ذوي الممتلكات الزراعية وا لحرجية في الفترة من 1948-1989". وطبقاً للقانون، فإن الأشخاص الذين هم من مواطني جمهورية تشيكوسلوفاكيا الاتحادية والذين يقطنون بصفة دائمة على أراضيها، والذين انتقلت ملكية أراضيهم ومبانيهم وهياكلهم التي كانت مملوكة لأصحابها الأصليين، إلى الدولة أو أي كيان آخر قانوني في الفترة ما بين 25 شباط/فبراير 1948 و1 كانون الثاني/يناير 1990، يحق لهم استعادة ممتلكاتهم السابقة، ومن بين عدة أمور أخرى، إذا ما كانت قد انتقلت ملكيتها إلى الدولة عن طريق نزع الملكية دون تعويض بموجب القانون 142/1947، وعموماً عن طريق مصادرة الملكية دون تعويض. ووفقاً للحكم الصادر في 13 كانون الأول/ديسمبر 1995، حكمت المحكمة الدستورية بأن اشتراط الإقامة الدائمة في القانون 229/1991، غير دستوري.

(4) بشأن ملكية "ستكل".

(5) بشأن الممتلكات في كروملوف وكلاتوفي.

(6) قررت محكمة مدينة براغ أن صاحبة البلاغ لي ست "بالشخص المخول" بموجب الفرع 4(1) من القانون 229/1991 على أساس أن نقل أملاك شوارزنبرغ إلى تشيكوسلوفاكيا حدث فوراً عقب صدور القانون 143/1947 بتاريخ 13 آب/أغسطس 1947، وقبل التاريخ القانوني وهو 25 شباط/فبراير 1948 المنصوص عليه في الفرع 4(1) من القانون 229/1 991. ومع ذلك، وقبل حكم محكمة مدينة براغ، فقد كان التفسير هو أن التاريخ المادي كان هو تاريخ إدراج الملكية، والذي كان في هذه القضية الحالية قد حدث بعد 25 شباط/فبراير 1948. وفي هذا السياق، تذكر صاحبة البلاغ أن المحكمة الدستورية، وبالحكم الصادر في 14 حزيران/يو نيه 1995، بشأن القانون 142/1947، اعترفت بأنه حتى 1 كانون الثاني/يناير 1951 كان الإدراج لزاماً لنقل الملكية.

(7) ينص القانون رقم 243/1992 على استعادة الممتلكات التي صودرت بموجب مرسومي بينيس رقمي 12/19456 و108/1945، شريطة أن يكون الشاكي مواطناً تشيكياً وأنه لم يقترف أي جرم ضد دولة تشيكوسلوفاكيا.

(8) سيمونيك ضد الجمهورية التشيكية ، القضية رقم 516/1992. آراء اعتمدت في 17 تموز/يوليه 1995.

تذييل

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو، وهو موافق جزئياً

بالنسبة لرأيي الخاص بشأن قوانين استعادة الأملاك التي نفذت بعد 1991، أُشير إلى رأيي الفردي الذي ورد كتذييل لآراء اللجنة في البلاغ رقم 774/1997: بروك ضد الجمهورية التشيكية .

أما بالنسبة لآراء اللجنة في القضية الحالية، يجب عليّ أولاً أن أشير إلى أن الآراء تتعارض مع قرار مقبولية اللجنة نفسه. ففي قرار المقبولية ا لمؤرخ في 9 تموز/يوليه 1999، قالت اللجنة بوضوح إن شكوى صاحبة البلاغ بشأن القانون 143/1947، يخرج عن اختصاص اللجنة لفوات الزمن المحدد، ومن ثم فهو غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري (6-2). ومع ذلك، فإن اللجنة أثناء فحصها للأسس الموضوعية دخلت في ت فاصيل دعاوى صاحبة البلاغ وذكرت أنه بتاريخ 30 كانون الثاني/يناير 1948، ألغيت مصادرة الممتلكات المذكورة بموجب مرسومي بينيس رقم 12 و108/1945 بغية إفساح الطريق أمام تطبيق القانون 143/1947 (11-5)، وأنه في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، اعترفت المحكمة الإقليمية لت شيك بوديجوفيش بأن المصادرة قد تمت عملاً بمرسوم بينيس رقم 12/1945 (11-5)، وأن صاحبة الشكوى قد حرمت من حقها في الحصول على الوثائق ذات الصلة والتي كانت حاسمة بالنسبة للقرار الصحيح لقضيتها (1104)، وأن هذه الوثائق وحدها هي التي يمكن أن تثبت أن المصادرة قد حدثت على أساس مرسومي بينيس لعام 1945 وليس على أساس القانون 143/1947 (11-3).

ثانياً ، يجب عليّ أن أشير إلى أن اللجنة في بياناتها وكذلك في استنتاجها ذكرت أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحبة البلاغ في الحماية المتساوية التي يوفرها القانون بموجب المادتين 26 و2 بحرمان ص احبة البلاغ من إمكانات الحصول على الوثائق ذات الصلة (11-6)، قد انحرفت عن تشريعها المتعارف عليه من أنها ينبغي لها ألا تعمل كمحكمة من الدرجة الرابعة حيال أي محكمة محلية. وحقاً إن اللجنة تشير إلى أن تفسير وتطبيق القانون المحلي هو أساساً مسألة تخص محاكم وسلطات الدولة الطرف المعنية (11-4 و11-6). ومع ذلك، ففي حين أن المحاكم التشيكية قد قررت أن الممتلكات المذكورة قد انتقلت إلى الدولة قبل 25 شباط/فبراير 1948، ومن ثم لا تقع ضمن استعادة الممتلكات الناجمة عن النظام الشيوعي (8-4) فقد خلصت اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ قد حرمت من الحصول على الوثائق ذات الصلة انتهاكاً للمادتين 26 و2 من العهد (11-6)، وأن الدولة الطرف عليها التزام بمنح صاحبة البلاغ الفرصة لتقديم شكوى جديدة لاستعادة ممتلكاتها عل ى أساس الوثائق ذات الصلة (12-2).

ثالثاً ، لا بد وأن أشير إلى أنه بتاريخ 11 أيار/مايو 2001، لم يُبلغ محامي صاحبة البلاغ فقط من طرف وزارة الزراعة التشيكية بوجود الوثائق ذات الصلة، بل سُمح لـه كذلك بفحصها (7-1). ومنذ هذا التاريخ فصاعداً، فإنه في رأيي، من المستحيل القول بأن الدولة الطرف واصلت انتهاك حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 26 و2 بحرم انها من إمكانات الحصول على الوثائق المذكورة.

( توقيع ): نيسوكي أندو

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد برافولاتشاند را ناتوارال باغواتي، وهو موافق جزئياً

أوافق على استنتاج اللجنة بأن الوقائع المعروضة عليها تظهر حدوث انتهاك للمادتين 26 و2 من العهد. ومع هذا، فإنني مقتنع بأن هناك أيضاً انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 للعهد، والتي تنص على أن الناس جميعاً سواء أمام المحاكم و أنهم يتمتعون بمرافعة عادلة بشأن حقوقهم والتزاماتهم من قبل محكمة مختصة. وكشرط مسبق للمرافعة المجدية لأي شكوى، فإن أي شخص ينبغي أن تتوفر لـه الإمكانات الكاملة والعادلة للوصول إلى مصادر المعلومات العامة، بما في ذلك سجلات ومحفوظات الأراضي، كيما يحصل على العناص ر اللازمة لإقامة الدعوى، وقد بينت صاحبت البلاغ أنها قد حرمت من مثل هذه الإمكانات المتساوية، وأن الدولة الطرف قد تقاعست عن شرح أو دحض ادعاءات صاحبة البلاغ. وفضلاً عن ذلك، فإن الإجراءات القضائية المطولة في هذه القضية، والتي دامت حتى الآن ما يزيد على عشر سنوا ت، لم تستكمل بعد. وفي سياق هذه القضية المعنية والإحجام الظاهر للسلطات التشيكية والمحاكم التشيكية عن النظر في دعاوى الاستعادة بطريقة عادلة وسريعة، فإن ذلك يستتبع كذلك انتهاكاً لروح بل ونص المادة 14. وينبغي أيضاً التذكير بأن الدولة الطرف، وبعد دخول البروتوكو ل الاختياري حيز النفاذ للجمهورية التشيكية، قد واصلت تطبيق القانون رقم 143/1947 ("قانون شوارزنبرغ")، الذي استهدف حصراً ممتلكات أسرة صاحبة البلاغ. ومثل هذا التشريع الشخصي يتنافى مع العهد، بوصفه إنكاراً للحق في المساواة. وفي ضوء ما تقدم، اعتقد أن سبيل الانتصا ف الملائم كان ينبغي أن يكون استعادة الممتلكات وليس مجرد منح الفرصة لإعادة تقديم شكوى للمحاكم التشيكية.

وفي عام 1999، أعلنت اللجنة مقبولية هذا البلاغ من حيث إنه قد يثير مسائل بموجب المادتين 26 و2 من العهد. ولا أعتقد أن هذا يمنع اللجنة بالضرورة من تقرير انت هاك المادة 14، نظراً لأن الدولة الطرف كانت على علم بجميع عناصر البلاغ وكان في استطاعتها معالجة قضايا المادة 14 التي أثارتها صاحبة البلاغ. وبطبيعة الحال، فإن اللجنة كانت تستطيع مراجعة قرار مقبوليتها كيما تشمل الشكاوى بموجب المادة 14 من العهد، وأن تطلب ملاحظ ات ذات صلة من الدولة الطرف. ومع هذا، فإن هذا من شأنه زيادة تأخير القضية التي ظلت أمام محاكم الدولة الطرف منذ عام 1992 وأمام اللجنة منذ عام 1997.

( توقيع ) برافولاتشاندرا ناتوارال باغواتي

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي ه و النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

جيم - البلاغ رقم 778/1997، كورونيل وآخرون ضد كولومبيا *

(الآراء التي اعتمدت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : خوسيه أنطونيو كورونيل وآخرون

(ي مثلهم المحامي السيد فيدريكو أندريو غوزمان)

الأشـخاص الذيـن غوستافو كورونيل نفارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون يدعون أنهم ضحايا : إميليو كينتيرو روبيرو، ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورامون فيلليغاس تيلليز وإرنستو اسكانيو اسكاني و

الدولة الطرف : كولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ : 29 أيلول/سبتمبر 1996 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 778/1997 الذي قدمه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السيد خوسيه أنطونيو كورونيل وآخرون باسم الأقارب السبعة غوستافو كورونيل نفارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو، ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورا مون فيلليغاس تيلليز وإرنستو اسكانيو اسكانيو بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ـــــــــــــ

* اشترك في ا لنظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد راجسومر لالاه، وا لسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين والسيد ماكسويل يالدين.

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ الستة هم خوسيه أنطونيو كورونيل، وخوسيه دي لا كروز سانشيز، ولوسينيد فيلليغاس، وخوسيه ديل كارمن سانشيز، وخيسوس أوريليو كينتيرو ونيديا لينوريس اسكانيو اسكانيو، وهم يقدمون هذا البلاغ باسم أفراد الأسرة السبعة المتوفين: غوستافو كورونيل نفارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون إمي ليو كينتيرو روبيرو، ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورامون فيلليغاس تيلليز وإرنستو اسكانيو اسكانيو، وجميعهم مواطنون كولومبيون توفوا في كانون الثاني/يناير 1993 (1) . ويدعي أصحاب البلاغ أن أقاربهم كانوا ضحايا انتهاك كولومبيا للفقرة 3 من المادة 2 وللفقرة 1 من الم ادة 6 وللمواد 7 و9 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 خلال الفترة الواقعة بين 12 و14 كانون الثاني/يناير 1993، قامت قوات من كتيبة مكافحة رجال حرب العصابات (رقم 17) "موتيلونيس" الملحقة بالفرق ة الثانية المتنقلة في الجيش الوطني الكولومبي، بعملية عسكرية في قرية سان خوسيه ديل تارا للسكان الأصليين (بلدية هاكاري، مقاطعة شمال سانتاندير) وشرعت بعملية تفتيش في المنطقة وذلك باقتحام عدد من المستوطنات والقرى المجاورة. وخلال هذه العمليات، أغار الجنود على ع دة منازل وأوقفوا عددا من الأفراد من بينهم رامون فيلليغاس تيلليز، وغوستافو كورونيل نفارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو. ونفذت عمليات الإغارة والتوقيف بشكل غير قانوني لأنه لم يكن لد ى الجنود أوامر قضائية على نحو ما تنص عليه أحكام القانون الكولومبي للإجراءات الجنائية بشأن إجراء عمليات التفتيش أو التوقيف.

2-2 وتعرض رامون فيلليغاس تيلليز، وغوستافو كورونيل نفارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو للتعذيب على يد الجنود وأُجبر عدد منهم على ارتداء بزات عسكرية والقيام بدوريات مع أفراد الكتيبة (رقم 17) "موتيلونيس". و"اختفوا" جميعاً بين 13 و14 كانون الثاني/ يناير 1993.

2-3 وفي 26 كانون الثاني/يناير 1993، اختفى لويس إرنستو اس كانيو اسكانيو البالغ من العمر 16 سنة وهو في طريقه إلى المنزل حيث اختطفه جنود كانوا قد أغاروا على منزل عائلة اسكانيو اسكانيو قبل بضعة أيام بإساءة معاملة ومضايقة الأسرة التي تضم ستة قصر وشاباً متخلفاً عقلياً يبلغ من العمر 22 سنة حاولوا شنقه. وبقى الجنود في ا لمنزل حتى 31 كانون الثاني/يناير وأخذوا سكانه كرهائن. وشوهد لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو لآخر مرة على بعد 15 دقيقة تقريباً من منزل الأسرة. وفي نفس اليوم، سمع أفراد عائلة اسكانيو صيحات وطلقات نارية خارج المنزل. وفي 27 كانون الثاني/يناير، نجح اثنان من إخوان لو يس إرنستو اسكانيو اسكانيو في الإفلات من الحرس العسكري وتوجها إلى مقاطعة أوكانيا لإطلاع السلطات المحلية على الحادث وتقديم شكوى إلى مكتب النائب العام في المقاطعة. ولم يبدأ البحث عن لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو إلا بعد انسحاب الدورية العسكرية، وكانت نتيجته الع ثور على مطواة جيب له على بعد 300 متر من المنزل.

2-4 وأبلغت الفرقة الثانية المتنقلة عن وقوع عدة اشتباكات مسلحة مع أفراد من رجال حرب العصابات التابعين للقوات المسلحة الثورية في كولومبيا - الأول في 13 كانون الثاني/يناير 1993، والثاني في 18 كانون الثاني/يناير 1993 واثنين في 27 كانون الثاني/يناير 1993. وأفادت أقوال السلطات العسكرية بأن القوات النظامية قد قتلت عدداً من رجال حرب العصابات أثناء الاشتباكات. وفي 13 كانون الثاني/يناير 1993، عاينت الشرطة القضائية في مقاطعة أوكانيا ثلاث جثث، وكانت واحدة منها هي جثة غوس تافو كورونيل نفارو. وفي 18 كانون الثاني/يناير، أودع الجنود في المستشفى جثث أربعة من رجال حرب العصابات الذين زعم أنهم "قتلوا في المعركة". وعاينت الشرطة القضائية هذه الجثث وأكدت وفاة لويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو، وناهون إلياس سان شيز فيغا ورامون إميليو سانشيز. وفي 29 كانون الثاني/يناير 1993، ردت الفرقة الثانية المتنقلة جثث أربعة أشخاص قتلوا في الاشتباكات المزعومة في 27 كانون الثاني/يناير 1993؛ وقامت الشرطة القضائية مرة أخرى بمعاينة الجثث. وفي 21 أيار/مايو 1993 استخرجت الجثث الأربع الأخيرة من المقبرة في مقاطعة أوكانيا؛ وكانت واحدة منها هي جثة لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو التي تعرف عليها أقاربه. وورد في تقرير الطبيب الشرعي أن واحدة من الجثث التي أودعت المستشفى في 18 كانون الثاني/يناير كانت بها عدة ثقوب ناجمة عن الإصابة بطلقات نارية مصح وبة بعلامات حرق بالبارود. وفي شهادات معاينة الجثث الصادرة في 21 أيار/مايو 1993، ذكر موظفو الشرطة القضائية أن الجثث كانت مكسوة ببزات لا تستخدم إلا من جانب الشرطة الوطنية.

2-5 وأطلع أفراد أسر الضحايا والمنظمات غير الحكومية المعاونة لهم السلطات القضائية المعن ية بالمسائل الجنائية، والسلطات الإدارية والتأديبية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية على الأحداث التي وقعت. وخلال الفترة الواقعة بين 15 كانون الثاني/يناير و1 شباط/فبراير 1993، أبلغ الأقارب مكتب النائب العام في مقاطعة أوكانيا باختفاء أفراد أسرهم. كم ا قدموا شكوى إلى نفس السلطة بشأن إساءة استخدام الفرقة الثانية المتنقلة للسلطة، واتخذوا عدة إجراءات لدى مكتب النائب العام في مقاطعة أوكانيا، والمكتب الوطني لبحث الشكاوى ومعالجتها (مكتب أمين المظالم) والمكتب الإقليمي للمدعي العام في منطقة كوكوتا. وأرسل رئيس بلدية هاكاري رسالة رسمية إلى قائد الفرقة طالباً منه التحقيق في الوقائع وإصدار أمر بالإفراج عن الفلاحين. وقدم رئيس بلدية لا بلايا شكاوى إلى السلطات المختصة بشأن الأحداث التي ارتكبتها الفرقة الثانية المتنقلة في البلدية التي يتولى شؤونها، ألا وهي أفعال العنف التي ارتكبت ضد أسرة اسكانيو اسكانيو واختفاء لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو. وبعد الإبلاغ عن الأحداث، تعرضت أسر اسكانيو وسانشيز وكينتيرو لمضايقات كثيرة اضطرت على أثرها إلى ترك المنطقة والانتقال إلى أماكن مختلفة في البلد.

2-6 وفي 15 تموز/يوليه 1993، قام موظف بل دية هاكاري المسؤول عن القضية، بعد الحصول على معلومات من الأقارب، بتقديم تقرير خلص فيه إلى أنه يستحيل "تعيين هوية كل فرد" من الأفراد المسؤولين عن اختطاف غوستافو كورونيل نفارو ورامون فيلليغاس تيلليز، وإلى أنهم مع ذلك أعضاء في الفرقة الثانية المتنقلة.

2-7 وكا نت أسرة لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو هي الوحيدة التي قدمت شكوى بنفسها إلى مكتب المدعي العام في مقاطعة أوكانيا في شباط/فبراير 1993. أما الوقائع الخاصة بالضحايا الآخرين، فقد تولت إحدى المنظمات غير الحكومية توجيه نظر مكتب المدعي العام إليها لأن الأسر الأخرى كا نت متخوفة من تقديمها بنفسها إلى مكاتب الهيئة القضائية في مقاطعة أوكانيا. وحفظت التحقيقات الأولية التي أجريت في الملف رقم 4239 وأحيلت في 15 نيسان/أبريل 1995 إلى القضاء العسكري بوصفه الهيئة المختصة. واعتباراً من 30 آب/أغسطس 1995، فصاعداً حاول الأقارب عدة مرا ت إقناع وحدة حقوق الإنسان التابعة لمكتب المدعي العام بإجراء تحقيقات جنائية، ولكن طلبها قد رفض بدعوى أن المسألة من اختصاص المحاكم العسكرية.

2-8 وأجرى القضاء الجنائي العسكري عدة تحقيقات أولية في الوقائع التي ورد وصفها. وقامت وحدة التحقيق الجنائي العسكري رقم 47 الملحقة بالفرقة الثانية المتنقلة، بإجراء التحقيقات الأولية رقم 27 و30 و28 (2) ترد نتائج هذه التحقيقات في الملف رقم 979 حيث أشير فيها باستمرار إلى الأحداث بأنها "حالات وفاة في المعركة".

2-9 وفي 3 تموز/يوليه 1996، كانت الفرقة الثانية المتنقلة متمركزة في مد ينة فوساغاسوغا (كوندينامركا)، ونجحت أسرة لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو في تقديم طلب للادعاء بالحق المدني. وحتى تاريخ تقديم الرسالة الأولى، لم يكن قد تم إخطارها باتخاذ أي قرار قضائي بخصوص هذا الموضوع (3) .

2-10 ويذكر أصحاب البلاغ أن وحدة التحقيقات الخاصة الملحق ة بمكتب النائب العام قد فتحت ملفاً (رقم 2291-93/DH) بشأن الأحداث المعنية إثر الشكاوى التي قدمها الأقارب إلى مكتب النائب العام في مقاطعة أوكانيا، وتم تعيين موظفين لإجراء التحقيق. وفي 22 شباط/فبراير 1993، استرعى تقرير أولي أعده الموظفون المسؤولون عن التحقيق الانتباه إلى أوجه التناقض بين أقوال الأقارب وأقوال أفراد القوات العسكرية، وإلى المعوقات والصعوبات التي أقامها القاضي المسؤول عن المحكمة رقم 47 في إدارة التحقيق الجنائي العسكري لعرقلة عملهم. واقترحوا ضرورة البحث عن أدلة أخرى واتخاذ إجراءات تأديبية ضد القاض ي رقم 47 في إدارة التحقيق الجنائي العسكري.

2-11 وأمر مدير وحدة التحقيقات الخاصة بإجراء تحقيق جديد، بما في ذلك التحقيق في تصرفات القاضي رقم 47 في إدارة التحقيق الجنائي العسكري. وقدم الموظفون الذين قاموا بالتحقيق عدة تقارير إلى المدير؛ وذكر في أحد هذه التقار ير المتعلقة بلويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورامون إميليو روبيرو كينتيرو، وناهون إلياس سانشيز فيغا ورامون إميليو سانشير، "أنه ثبت تماماً أن المسؤولية المادية تقع على عاتق الفرع جيم من الكتيبة المضادة لحرب المغاوير رقم 17 ( ` موتيلونيس ` ) والملحقة بالفرقة الثاني ة المتنقلة التي تخضع لقيادة النقيب سيرنا أربيلائز ماوريسيو".

2-12 وفي 29 حزيران/يونيه 1994، أكد الموظفون في تقريرهم الختامي أنه ثبت تماماً أن أفراد الكتيبة المضادة لحرب المغاوير رقم 17 ("موتيلونيس") والملحقة بالفرقة الثانية المتنقلة قد اعتقلوا الفلاحين أثن اء عملية عسكرية تم تنفيذها امتثالاً للأمر رقم 10 الصادر عن قائد هذه الوحدة العسكرية؛ وأن آخر مرة شوهد فيها الفلاحون وهم على قيد الحياة كانت وهم في أيدي الجنود ويبدو أنهم توفوا بعد ذلك وقت حدوث الاشتباكين المزعومين مع وحدات القوات العسكرية. وأكد الموظفون أي ضاً أن آخر مرة شوهد فيها القاصر لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو وهو على قيد الحياة كانت وقت توجهه إلى منزله على مسافة تبعد حوالي 15 دقيقة عنه، وعثر عليه بعد ذلك وقد فارق الحياة إثر حدوث اشتباك آخر مزعوم مع القوات العسكرية. وعيَن الموظفون هوية القادة والضباط وض باط الصف والجنود الذين شكلوا جزءاً من الدوريات التي قامت بأسر الفلاحين واحتلال مسكن عائلة اسكانيو. وقد استنتج التقرير أنه "استناداً إلى الأدلة المقدمة، فإن الادعاء بأن الضحايا قد اشتركوا في المعارك التي زعم حدوثها إدعاء لا أساس لـه من الصحة لأنه كان قد تم اعتقالهم بالفعل من جانب قوات الجيش الوطني بطريقة لم تكن علاوة على ذلك قانونية؛ وأنه كانت توجد علامات وشم على عدد منهم مما يدل بمزيد من الوضوح على أنهم لم يكونوا في وضع يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم...". وأوصى التقرير بإحالة القضية إلى شعبة القوات المسلحة التا بعة لمكتب النائب العام.

2-13 وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 1994، أحالت شعبة القوات المسلحة التابعة لمكتب النائب العام الملف إلى شعبة حقوق الإنسان الملحقة بنفس المكتب لاختصاصها بالموضوع. ويشير مستند الإحالة إلى أنه "تم إثبات العناصر التالية ... أن الضحايا كانوا عُزّلاً تماماً ...، قرب المسافة التي أطلق منها الرصاص الذي قتلهم واعتقالهم قبل وفاتهم؛ وهذه الأدلة إلى جانب أدلة أخرى تنفي وجود معركة زعم حدوثها كانت على ما يزعم السبب الرئيسي لحالات الوفاة المسجلة".

2-14 وفي 28 تشـرين الثـاني/نوفمبر 1994، فتحت شعبة حقوق الإنسان ملف التحقيقات التأديبية رقم 153713-008 وشرعت في إجراء التحقيقات الأولية. وفي 26 نيسان/أبريل 1996، أبلغت واحدة من المنظمات غير الحكومية بأن الإجراءات لا تزال في مرحلة التحقيق الأولى.

2-15 وفي 13 كانون الثاني/يناير 1995، أقامت أسر الضحايا دعاوى ضد كو لومبيا أمام المحكمة الإدارية بشأن وفاة لويس هونوريو كينتيرو روبيرو، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو، ورامون إميليو سانشيز، ولويس إرنستو اسكانيو اسكانيو، وناهون إلياس سانشيز فيغا ورامون فيلليغاس تيلليز؛ وأعلن قبول الدعاوى خلال الفترة الواقعة بين 31 كانون الثان ي/يناير و24 شباط/فبراير 1995.

الشكوى

3-1 يزعم أصحاب البلاغ أن الوقائع المذكورة أعلاه وقائع تمثل انتهاك كولومبيا للفقرة 1 من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بسبب حرمان الضحايا السبعة تعسفاً من الحياة.

3-2 ويزعم أصحاب البلاغ أيضاً أ ن المادة 7 من العهد قد انتهكت بسبب التعذيب الذي تعرض له الضحايا بعد اعتقالهم تعسفاً وقبل قتلهم.

3-3 ويؤكد أصحاب البلاغ أن اعتقال القوات المسلحة للضحايا بدون أي أمر من أوامر التوقيف إنما يشكل انتهاكاً للمادة 9 من العهد.

3-4 ويزعم أصحاب البلاغ أيضاً أن الما دة 17 من العهد قد انتهكت لأن حق الضحايا في الخصوصيات وعدم التدخل في شؤونهم الأسرية قد انتهك وقت توقيفهم في منازلهم.

3-5 ويزعم أصحاب البلاغ أن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد قد انتهكت لأن الدولة الطرف لم توفر وسائل انتصاف فعالة في قضايا لم تف فيها بالتزامها بكفالة الحقوق التي يحميها العهد.

3-6 ويزعم أصحاب البلاغ أنه نظراً إلى طابع الحقوق المنتهكة وإلى جسامة الأحداث، فإن وسائل الانتصاف الوحيدة التي يمكن اعتبارها وسائل فعالة هي وسائل الانتصاف القضائية وفقاً لما تقضي به السوابق القضائية للجنة (4) ، لا وسائل الان تصاف التأديبية مثلما هو الحال في هذه القضية. ويرى أصحاب البلاغ أيضاً نه لا يجوز اعتبار المحاكم العسكرية محاكم تتيح وسائل انتصاف فعالة بالمعني المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 2 لأن القضاة في القضاء العسكري هم حكم وخصم في آن واحد. وهذه هي بالفعل حالة مناف ية للعدالة لأن قاضي محكمة الدرجة الأولى في القضايا الجنائية العسكرية هو قائد الفرقة الثانية المتنقلة وهو بالضبط الشخص المسؤول عن العملية العسكرية التي أسفرت عن وقوع الأحداث التي تشكل موضوع الشكوى.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تطلب الدولة ال طرف في رسالتيها المؤرختين 11 شباط/فبراير و9 حزيران/يونيه 1998 الإعلان عن عدم قبول الشكوى لأن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد كما تقضي بذلك الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

4-2 وتؤكد الد ولة الطرف أن إقامة دعاوى وتقديم شكاوى أمام سلطات التحقيق والرقابة السلطات القضائية في الدولة، كما وردت الإشارة إلى ذلك في رسالة أصحاب البلاغ فيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية، تشكل أساساً لاتخاذ الإجراءات الملائمة ولكنها لا تعني في حد ذاتها استنفا د وسائل الانتصاف هذه.

4-3 وتصرح الدولة الطرف أيضاً بأن هناك عدة إجراءات قيد التنفيذ يمكن أن يستنتج منها أن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد. وفيما يلي هذه الإجراءات:

- فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية، تقوم المحكمة رقم 47 في إدارة التحقيق الجنائية العسكرية ب عملية التحقيق. ويجري إحراز تقدم في واحدة من أهم مراحل الإجراءات الجنائية، ألا وهي مرحلة التحقيـق التي اتخذت فيها عدة خطوات، مثل الإدلاء ببيانات، والتعرف على الصور، واستخراج الجثث، والقيام بزيارات خاصة إلى المكان الذي وقعت فيه الأحداث وإلى مواقع مجاورة أخرى ؛

- في ضوء قرار المحكمة الدستورية رقم جيم-358، طلبت الحكومة الكولومبية إلى مكتب النائب العام دراسة إمكانية إحالة الإجراءات الجنائية إلى المحاكم العادية؛

- فيما يتعلق بالإجراءات التأديبية، فتحت شعبة حقوق الإنسان التابعة لمكتب النائب العام ملف الإجراءات الت أديبية رقم 153713-008 لإجراء تحقيق تأديبي بخصوص أفراد القوات المسلحة المزعوم تورطهم؛

- فيما يتعلق بالمنازعة الإدارية، تم اتخاذ إجراءات (انظر الفقرة 2-15) للحصول على تعويضات مباشرة ويجري النظر فيها الآن أمام المحاكم المختصة بالمنازعات الإدارية للحصول من ا لدولة على تعويض عن الأضرار التي يجوز أن يكون أحد موظفيها قد ألحقها بفرد لدى قيامه بمهامه؛ وهذه الإجراءات يمكن أن تسفر عن إقرار بالمسؤولية المؤسسية للدولة فيما يتعلق بالأحداث التي تشكل موضوع الشكوى.

4-4 وتفيد الدولة الطرف بأن النتيجة التي توصل إليها أصحا ب البلاغ هي أن "الأسر والمنظمات غير الحكومية قد توجهت إلى جميع الهيئات القانونية الممكنة واستنفدت جميع السبل القانونية التي كانت متاحة لها" ولكنها لم تذكر الطريقة التي تؤدي بها هذه الهيئات وظائفها. فأصحاب البلاغ يشيرون بأنفسهم إلى "القدر الكبير من المعلوما ت التي جمعتها سلطات التحقيق"؛ وهذا يؤكد حجة الحكومة بأن الهيئات القضائية قد عكفت على دراسة القضية وأنها لا تزال تفعل ذلك.

4-5 ولا تشاطر الدولة الطرف أصحاب البلاغ رأيهم الذي يفيد "بأن القضية قد سقطت في مستنقع الإفلات من العقاب". إذ لا يجوز وصف وسائل الانتص اف في حد ذاتها بأنها عقيمة كما لا يجوز إرسال التعميمات بشأن عقمها المزعوم بسبب الصعوبات التي واجهتها السلطات وأسر الضحايا لدى وضع هذه الوسائل موضع التنفيذ. فعلى سبيل المثال، تقدمت أخت أحد الضحايا بالتماس إلى الإدارة الوطنية للنيابة العامة طالبة منها أن تقض ي بوجود تنازع في الاختصاصات كي يتسنى إحالة الإجراءات من القضاء الجنائي العسكري إلى المحاكم العادية. ولم يكن بالإمكان الاستجابة لهذا الطلب ورفض لمجرد أنها قدمته لا إلى هيئة قضائية وإنما إلى هيئة إدارية غير مختصة بالبت في التماسات كهذه. وهذا لا يعني بطبيعة ا لحال أنه كان هناك إنكار للعدالة ولا يجوز تفسير الصعوبات والتأخير في النظر في وسائل الانتصاف على إنها تمثل "إفلاتاً من العقاب" من جانب الدولة.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يؤكد أصحاب البلاغ في رسالتيهم المؤرختين 30 آذار/مارس و19 تشرين ا لأول/أكتوبر 1998 أن مجرد وجود وسائل إجرائية للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان لا يكفي؛ إذ يجب أن تكون هذه الوسائل قادرة على حماية الحق المنتهك، أو في حالة عجزها عن ذلك، على تعويض الأضرار الناتجة عن انتهاكه. ويفيدون بأن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد أكدت على أن وسائل الانتصاف المحلية في القضاء الجنائي هي الوحيدة التي يمكن اعتبار أنها تشكل، في حالة الانتهاكات الجسيمة بوجه خاص، وسائل انتصاف فعالة بالمعنى المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 2 من العهد (5) . ويفيدون أيضاً بأنه لا يجوز، وفقاً للجنة، اعتبار وسائل الانت صاف الإدارية والتأديبية البحتة وسائل انتصاف كافية أو فعالة.

5-2 ويؤكد أصحاب البلاغ أن الإجراء التأديبي المعني هو آلية رصد ذاتي للخدمة المدنية التي تتمثل مهمتها في تأمين سير عمل الخدمة بشكل سليم.

5-3 ووفقا لما ذكره أصحاب البلاغ فإن القضاء الإداري لا يتصدى إ لا لجانب واحد من جوانب الحق في التعويض، ألا وهو تضرر الضحية وفقدانها للدخل نتيجة إساءة استخدام السلطة من جانب موظف من موظفي الدولة أو نتيجة خطأ ارتكب في إطار الخدمة المدنية. أما الجوانب الأخرى التي ينطوي عليها حق الضحايا في التعويض عن انتهاك حقوق الإنسان، مثل الحق في حماية أفراد الأسرة (6) ، فإنها غير مشمولة بأحكام المحاكم الإدارية أو بأحكام مجلس الدولة. ومن وجهة النظر هذه، فإن القضاء الإداري لا يكفل الحق في التعويض بما فيه الكفاية.

5-4 أما فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الحكومة قد طلبت إلى مكتب ا لنائب العام النظر في إمكانية إحالة الإجراءات الجنائية إلى المحاكم العادية في ضوء قرار المحكمة الدستورية رقم جيم-358، فيقدم أصحاب البلاغ الملاحظات التالية:

- إن قيام السلطات العسكرية حالياً بإحالة الإجراءات الجنائية إلى المحاكم العادية ليس فعلاً مؤكداً وإنم ا هو مجرد احتمال. ذلك أن المحاكم العسكرية قد رفضت في حالات مماثلة الامتثال لقرارات المحكمة الدستورية.

- بالرغم من أن قرار المحكمة الدستورية رقم 358/97 قد قضى بعدم دستورية عدد من مواد قانون القضاء العسكري، فإن أحكام الدستور التي تحكم القضاء العسكري لا تزال سارية، ويجوز، نتيجة لصياغتها الغامضة، محاكمة أفراد القوات المسلحة الذين يرتكبون انتهاكات في مجال حقوق الإنسان أمام المحاكم العسكرية.

- لقد وجهت أسرة اسكانيو اسكانيو نداءً لإحالة القضية إلى المحاكم العادية في ضوء قرار المحكمة الدستورية رقم 358/97. ورفض مكتب المدعى العام نداءها.

- إن مكتب المدعى العام هو الذي قرر بالفعل، بدون أي سبب قانوني مبرر لذلك، إحالة الإجراءات الجنائية في القضية إلى المحاكم العسكرية.

5-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن السلطات التي توجه إليها أقارب الضحايا قد "اضطلعت بم هامها"، يصرح أصحاب البلاغ بأن هذا التوكيد بعيد عن الحقيقة لأن المذكرات المرسلة قد عينت اسم كل مؤسسة من مؤسسات الدولة التي تم اللجوء إليها وأشير فيها إلى المرحلة التي وصلت إليها الإجراءات.

5-6 ولا تزال الإجراءات الجنائية جارية أمام القضاء الجنائي العسكري و لم تتمكن أسر الضحايا حتى الآن من طلب الحق في الادعاء المدني. وفي 27 شباط/فبراير 1998، أمرت شعبة حقوق الإنسان التابعة لمكتب النائب العام بوقف التحقيقات التأديبية الجارية ضد عدد من المسؤولين عن الأحداث التي تنطوي عليها القضية. واستند قرار مكتب النائب العام إ لى أن أحد الضباط المتورطين قد توفي وأن الإجراءات التأديبية المتخذة ضد الآخرين قد خضعت للتقادم وفقاً للمادة 34 من القانون 200 لعام 1995 التي تحدد خمس سنوات كمدة تقادم القضايا التأديبية.

5-7 وأخيراً، يكرر أصحاب البلاغ أن وسيلة الانتصاف المحلية الوحيدة الملائ مة هي الدعاوى الجنائية التي أقيمت في هذه القضية أمام المحاكم العسكرية. ووفقاً للسوابق القضائية للجنة ولهيئات أخرى دولية معنية بحماية حقوق الإنسان، لا يجوز اعتبار المحاكم العسكرية في كولومبيا محاكم تتيح وسائل انتصاف فعالة للتصدي للانتهاكات التي يرتكبها أفرا د الجيش في مجال حقوق الإنسان. وحتى إذا جاز اعتبار المحاكمة التي تجري في محكمة عسكرية وسيلة انتصاف ملائمة، فقد أجرت المحكمة الجنائيـة العسكرية تحقيقاتها الجنائية لأكثر من خمس سنوات ولم تتوصل إلى أية نتيجة. ويحدد القانون الجنائي العسكري في كولومبيا 30 يوماً كحد أقصى لإنهاء التحقيقات الأولية (المادة 552)، و60 يوماً كحد أقصى لإنهاء الإجراءات في الحالات التي يصل فيها عدد الجرائم أو المتهمين إلى اثنين أو أكثر (المادة 562). ومع مراعاة الأشكال الإجرائية المختلفة، يجب أن تجري المحاكمة في غضون شهرين (المواد 652 إلى 6 81)، من جانب محكمة عسكرية للإجراءات المستعجلة تتصدى لجرائم القتل والاعتداء على سلامة الأشخاص (المادة 683). وقد تعدت الإجراءات الجارية أمام المحكمة الجنائية العسكرية هذه المدد.

القرار بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في دورتها السبعين، في مقبولية البلاغ، وأكدت أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية كما تقضي بذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وفيما يتعلق بالفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فقد اعتبرت اللجنة أن المدة التي استغرقتها الإجراءات القضائية للتحقيق في حالات الوفاة ومحاكمة مرتكبي الأفعال ليس لها ما يبررها. وبالإضافة إلى ذلك، أشارت اللجنة إلى أنه لا يجوز، في حالات الانتهاكات الجسيمة، مثل انتهاك حقوق الإنسان الأساسية، وبخاصة الحق في الحياة، اعتب ار وسائل الانتصاف الإدارية والتأديبية البحتة وسائل كافية أو فعالة. وعلاوة على ذلك، رأت اللجنة أن إجراءات التعويض قد طالت أكثر مما يمكن قبوله منطقياً.

6-3 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2000، أعلنت اللجنة قبول البلاغ معتبرة أن الوقائع المقدمة قد أثارت قضايا بموج ب المواد 6 و7 و9 و17 من العهد بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 تورد الدولة الطرف مرة أخرى في تعليقيها المؤرخين 3 أيار/مايو و20 أيلول/سبتمبر 2001 الحجج التي كانت قد قدمتها بشأن مقبولية البلاغ وتكرر أن وس ائل الانتصاف المحلية لم تستنفد وأنه لا يجوز وصف الحالة بأنها إنكار للعدالة.

7-2 وتصرح الدولة الطرف بأن النيابة العامة قد أتاحت معلومات أفادت فيها بأن النيابة المتخصصة لدى المحاكم الجنائية الخاصة، الوحدة 51-3 المعنية بالإرهاب، قد بدأت التحقيق في وفاة غوستاف و كورونيل نفارو وآخرين (القضية رقم 282 15). وفيما يلي النتائج التي توصلت إليها حتى الآن:

- قرر مكتب النائب العام، في 19 شباط/فبراير 1999، تكليف المحاكم العادية بالتحقيق في القضية وأمر بإحالة الملف فوراً إلى هذه المحاكم. وفي 18 أيلول/سبتمبر 2000، أصدرت المد يرية الوطنية للنيابة العامة أمراً بتكليف الوحدة الوطنية في النيابة المعنية بحقوق الإنسان بدراسة الملف رقم 15282 لمواصلة الإجراءات. وأعادت الوحدة الوطنية في النيابة المعنية بحقوق الإنسان الملف رقم 15282 إلى وحدة النيابة العامة لأنه لا يدخل في اختصاصها. وأخي راً، أعلنت النيابة المتخصصة في رسالة مؤرخة 15 شباط/فبراير 2001 أنها استجابت لطلب المعلومات الذي قدمته رابطة أقارب الأشخاص المحتجزين والمفقودين (7) .

- في 22 آذار/مارس 2001، أمرت النيابة المتخصصة بعقد جلسة سماع حرة للمتهمين الاثنين النقيب ماوريسيو سيرنا أربي لائز وفرانسيسكو شيليتو والتيرو يرأسها القاضي رقم 47 في وحدة التحقيق الجنائية العسكرية.

7-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الكف عن النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ لأنه يجري اتخاذ قرارات في النظام القض ائي المحلي بشأن حماية حقوق الملتمسين.

7-4 وتكرر الدولة الطرف أن التحقيقات الجنائية في المرحلة الأولية الآن وأن السلطات لم تغلق أو تعلق التحقيقات في أي وقت. ومن ثم، لا يمكن القول إن الدولة الطرف قد انتهكت القانون الدولي لأنها أتاحت جميع الوسائل القضائية الم حلية للحصول على نتائج.

7-5 وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أن هناك تناقضاً في الحجج التي قدمها أصحاب البلاغ وهي حجج أولتها اللجنة الاعتبار عند اتخاذ قرارها بشأن المقبولية.

تعليقات أصحاب البلاغ على الأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 يشير أصحاب البلاغ في تعليقاتهم على م لاحظات الدولة الطرف بتاريخ 13 تموز/يوليه و27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي رد فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ. فوفقاً لأصحاب البلاغ، لم تنكر الدولة الطرف احتجاز ستة من الضحايا السبعة الذين كان من بينهم قاصر، بشكل غير قانوني، و تعذيبهم واختفائهم وقتلهم بعد ذلك، ولا اختفاء شخص آخر على يد أفراد الكتيبة المضادة لحرب المغاوير رقم 17 ("موتيلونيس") الملحقة بالفرقة الثانية المتنقلة في الجيش الوطني الكولومبي. كما أن الدولة الطرف لم تنازع في عمليات الإغارة غير القانونية التي تم شنها على م ساكن أسر الضحايا المغتالين والمختفين ولا في اعتقال عدد من المقيمين بشكل غير قانوني. هذا علاوة على أنها لم تفعل شيئاً فيما يتعلق بقتل عدد كبير من أفراد أسرة اسكانيو على يد القوات شبه العسكرية المزعومة ولا فيما يتعلق بالمضايقات المستمرة التي تعرض لها أفراد ا لأسرة وموظفو المنظمات غير الحكومية الذين أبلغوا عن الأحداث.

8-2 وفي رأي أصحاب البلاغ أن تعليقات الدولة الطرف تدل على أن التحقيقات قد ظلت في المرحلة الأولية على مدى ثماني سنوات. ومن جهة أخرى، طلبت النيابة الجنائية التابعة للنيابة العامة، في 19 شباط/فبراير 1 998، إحالة الإجراءات الجنائية العسكرية إلى المحاكم العادية. وتلقى القاضي رقم 47 في وحدة التحقيقات الجنائية العسكرية هذا الطلب في 13 أيار/مايو 1998 فأمرت بإحالة الإجراءات الأولية إلى مكتب النائب العام في إقليم أوكانيا. وتجري التحقيقات الجنائية الآن في الأحد اث من جانب الوحدة الفرعية الثالثة المعنية بالإرهاب والتابعة للنيابة لدى المحكمة الجنائية في الدائرة المتخصصة للنيابة العامة.

8-3 ويؤكد أصحاب البلاغ أن القرار بعقد جلسة سماع حرة للنقيب ماوريسيو سيرنا أربيلائز قرار لا معنى له لأنه توفي في آب/أغسطس 1994 كما و ردت الإشارة إلى ذلك في الفقرة 5-6 أعلاه. ويفيد أصحاب البلاغ بأن ما يدعو إلى الاستغراب هو أن الأمر لم يقتصر على عدم توجيه الاتهام إلى الأفراد الآخرين المتورطين في القوات العسكرية، ولكن لم يتم وقفهم عن العمل أثناء التحقيقات، بل وتمت ترقيتهم لاحقاً.

8-4 وفيما يتعلق بالمنازعة الإدارية التي أقامتها أسر الضحايا، فقد رفضت المحكمة الإدارية في سانتاندير المطالبات بالتعويض في 29 أيلول/سبتمبر 2000.

8-5 وأخيراً، يكرر أصحاب البلاغ أن عدم تصريح الدولة الطرف بأي شئ فيما يتعلق بالأحداث والانتهاكات المشار إليها في البلاغ و لا فيما يتعلق برفض توفير وسائل انتصاف فعالة للتصدي لهذه الانتهاكات الجسيمة لا يمكن تفسيره إلا كقبول للوقائع.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 لقد نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من ا لبروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن الدولـة الطرف لا تزال تصر على أن جميع وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد وعلى أن هناك بضعة إجراءات لا تزال معلقة. وترى اللجنة أن تطبيق وسائل الانتصاف المحلية قد طال بدون وجه حق وأنه يمكن من ثم النظر في البلاغ بموجب الفقر ة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات إضافية بشأن ملابسات القضية. وأنه ينبغي في حالة عدم وجود أي رد من جانب الدولة الطرف إيلاء الاعتبار الواجب للشكاوى التي قدمها أصحاب البلاغ بقدر ما يمكن إثباتها.

9-3 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ بأن الفقرة 1 من المادة 6 من العهد قد انتهكت، تلاحظ اللجنة أن وحدة التحقيقات الخاصة التابعة للنيابة العامة قد أثبتت في تقريرها الختامي المؤرخ 29 حزيران/يونيه 1994، أن موظفي الدولة كانوا مسؤولين عن احتجاز الضحايا واختفائه م، وفقاً لما أفاد به أصحاب البلاغ. وعلاوة على ذلك، أقرت شعبة حقوق الإنسان التابعة للنيابة العامة، في قرارها المؤرخ 27 شباط/فبراير 1998 والذي كان معروضاً على اللجنة، بأن قوات أمن الدولة قد اعتقلت الضحايا وقتلتهم. وحيث إن الدولة الطرف لم تدحض، علاوة على ذلك، هذه الوقائع ولم تتخذ التدابير اللازمة ضد الأشخاص المسؤولين عن اغتيال الضحايا، فتستنتج اللجنة أن الدولة الطرف لم تحترم الحق في الحياة ولم تكفله لغوستافو كورونيل نافارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ورامون إميليو سانشيز، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو، ولويس هون وريو كينتيرو روبيرو، ورامون فيلليغاس تيلليز ولويس إرنستو اسكانيو اسكانيو، منتهكة بذلك الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

9-4 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن الاعتقالات كانت غير قانونية بسبب عدم صدور أوامر بالتوقيف. ومع مراعاة أن الدولة الطرف لم تنكر هذا الواقع، وبما أن المستندات المشار إليها في الفقرة 9-3 قد دعمت الشكوى دعماً كافياً، في رأي اللجنة، فتستنتج اللجنة أن المادة 9 من العهد قد انتهكت فيما يتعلق بالضحايا السبعة.

9-5 وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البل اغ أن المادة 7 من العهد قد انتهكت، تلاحظ اللجنة أن النيابة العامة قد أقرت في القرار الصادر في 27 شباط/فبراير 1998 المشار إليه في الفقرات السابقة، بأن الضحايا غوستافو كورونيل نافارو، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ولويس إرنستو اسكانيو اسكانيو ولويس هونوريو كينت يرو روبيرو قد تعرضوا لمعاملة تتنافى والمادة 7. ومع مراعاة ظروف اختفاء الضحايا الأربع وكون الدولة الطرف لم تنكر أنهم تعرضوا لمعاملة تتنافى وهذه المادة، تستنتج اللجنة أن الضحايا الأربع كانوا موضع انتهاك صريح للمادة 7 من العهد.

9-6 وفيما يتعلق مع ذلك بالادعاء ات الخاصة برامون إميليو سانشيز، ورامون إميليو كينتيرو روبيرو ورامون فيلليغاس تيلليز، تعتبر اللجنة أن ليست لديها معلومات كافية للبت في ما إذا كانت المادة 7 من العهد قد انتهكت أم لا.

9-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 17 من العهد، فعلى اللجنة أن تحسم ما إذ ا كانت الأوضاع الخاصة التي تمت فيها الإغارة على منازل الضحايا وأسرهم تشكل انتهاكاً لهذه المادة. وتأخذ اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن الغارات والاعتقالات قد تمت بشكل غير قانوني لأنه لم يكن لدى الجنود أي أمر من أوامر التفتيش أو التوقيف. وتحيط علماً أي ضاً بالشهادات المثبتة التي جمعتها النيابة العامة من الشهود والتي تدل على أن الإجراءات قد نفذت بشكل غير قانوني في المنازل الخاصة التي كانت الضحايا تقيم فيها. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير في هذا الصدد لتبرير الإجراءات الوارد وص فها. ومن ثم، تستنتج اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 7 قد انتهكت لأنه تم الدخول بشكل غير مشروع في منازل الضحايا وأسرهم وفي المنازل التي كان يوجد فيها الضحايا، بما في ذلك منزل القاصر لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو رغم أنه لم يكن موجوداً فيه في ذلك الوقت.

9-8 وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تتخذ إجراءاتها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع التي عُرضت عليها تشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6؛ وللمادة 7 بصدد غوستافو كورونيل نافارو ، وناهون إلياس سانشيز فيغا، ولويس إرنستو اسكانيو اسكانيو ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو، وللمادة 9؛ والمادة 17 من العهد.

10- ووفقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تتيح لأقارب الضحايا وسائل انتصاف فعالة تشمل التعويض. وتحث ا للجنة الدولة الطرف على الانتهاء من التحقيقات في انتهاك المادتين 6 و7 بدون تأخير وعلى التعجيل بالإجراءات الجنائية ضد مرتكبي الجرائم في المحاكم الجنائية العادية. وعلى الدولة الطرف التزام أيضا باتخاذ خطوات لمنع تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.

11- وإذ تضع ال لجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان العهد قد انتهك أو لم ينتهك، وأنها تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبتوفير سبل انتصاف فعالة وقابلة للتنفيذ متى ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ قرار اللجنة. وعلاوة على ذلك، تطلب إلى الدولة الطرف نشر قرار اللجنة.

]اعتمدت بالإسبان ية والإنكليزية والفرنسية علما بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وستصدر فيما بعد بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير[.

الحواشي

(1) إن صلة القرابة بين أصحاب البلاغ والضحايا هي كالآتي:

خوسيه أنطونيو كورونيل، والد غوستافو كورونيل نافارو؛

خوسيه دي لا كروز سانشيز، والد ناهون إلياس سانشيز فيغا؛

لوسينيد فيلليغاس، أخت رامون فيلليغاس تيلليز؛

خوسيه ديل كارمون سانشيز، والد رامون إميليو سانشيز؛

خيزوس أوريليو كينتيرو، والد رامون إميليو ولويس هونوريو كينتيرو روبيرو؛

نيديا لينوريس اسكانيو اسكانيو، أ خت لويس إرنستو اسكانيو اسكانيو.

(2) في 25 كانون الثاني/يناير، و2 شباط/فبراير, و10 شباط/فبراير 1993 على التوالي.

(3) ليس هناك بالفعل أي دليل حتى الآن على أنه تم إخطارهم بأي قرار قضائي.

(4) انظر الآراء التي اعتمدت في القضيتين رقمي 563/1993 (Nydia Bautista de Arellana v. Colombia) في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1995، الفقرة 8-2، و612/1995 (Arhuacos v. Colombia) في 29 تموز/يوليه 1997، الفقرة 8-2.

(5) انظر الحاشية رقم 4.

(6)CCPR/C/D/563/1993، الفقرة 10.

(7) يفيد الرد الخطي الذي توجد نسخة منه لدى الأمانة بأنه تم الإدلاء ببيانات خلال مرحلة التحقيق الأولي من جانب جميع الأشخاص الذين كانوا على علم بالوقائع بطريقة أو بأخرى، وقدمت أدلة على ذلك. ويفيد أيضاً بأنه يجري النظر حالياً في مسألة الهيئة المختصة بدراسة القضية.

دال - البلاغ رقم 781/1997 علييف ضد أوكرانيا *

(الآرا ء التي اعتمدت في 7 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد آزر غاريفيردي أوغلي علييف

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أوكرانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 21 أيلول/سبتمبر 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 آب/أغسطس 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 781/1997، المقدم من السيد آزر غاريفيردي أوغلي علييف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المد نية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ، والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد آزر غاريفيردي أوغلي علييف، وهو مو اطن أذربيجاني، مولود في 30 آب/أغسطس 1971. وكان صاحب البلاغ، في وقت تقديم البلاغ، محبوساً في مركز دونتسك للاحتجاز (سيزو) في أوكرانيا، في انتظار إعدامه. ويدّعي أنه ضحية انتهاكات أوكرانيا (1) للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعلى الرغم من أنه لا ي حتج بأحكام معينة من العهد، يبدو أن البلاغ يثير مسائل في إطار المواد 6 و7 و10 والفقرة 1 والفقرات الفرعية (د) و(ه‍) و(و) من الفقرة 3 والفقرة 5 من المادة 14 والمادة 15 من العهد. ولا يمثله محام.

ـــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسما ؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والس ير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي.

1-2 وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، طلبت اللجنة، وفقاً للمادة 86 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف وقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق صاحب الب لاغ بينما لا يـزال بلاغه قيد النظر. وفي 30 أيلول/سبتمبر 2002، أبلغت الدولة الطرف اللجنة أن حكم الإعدام الصادر بحق صاحب البلاغ قد خُفِّف، بتاريخ 26 حزيران/يونيه 2000، إلى السجن المؤبد.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 8 حزيران/يونيه 1996، وفي بلدة ماكي يفكا، أوكرانيا، نشبت مشاجرة بين صاحب البلاغ والسيد كروتوفيرتسيف والسيد كوت في إحدى الشقق، بعد تعاطيهم لكميات كبيرة من الكحول. وتطورت المشاجرة إلى قتال. وشهد الحدث شخص رابع، وهو السيد غونتشارينكو. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فقد ضربه كل من السيد كوت والسي د كروتوفيرتسيف بشِّدة. كما ضربه السيد كروتوفيرتسيف بقنينة فارغة. وضرب صاحب البلاغ، بينما كان يدافع عن نفسه، السيد كوت والسيد كروتوفيرتسيف بسكين وأصابهما بجروح بليغة، ومن ثم هرب.

2-2 ويقول صاحب البلاغ إنه سرعان ما اتصل بزوجة السيد كروتوفيرتسيف بعد فترة وجي زة من أجل أن يبلغها بالحدث ويطلب منها أن تطلب النجدة. ولدى سماعها هذه الأخبار، بدأت السيدة كروتوفيرتسيفا بضربه. ويقول إنه جرح وجهها عندئذ بسكين وعاد إلى شقته، حيث قامت زوجته وبعض الجيران بمعالجة جروحه.

2-3 وفي 8 حزيران/يونيه 1996، أبلغ صاحب البلاغ أحد ضباط التحقيق الجنائي بالحدث، وهو السيد فولكوف، الذي أمره بإحضار مبلغ قدره 000 15 دولار لرشوة الشرطة ووكلاء النيابة. ولم يتمكن صاحب البلاغ من جمع سوى 600 5 دولار. وأدلى صاحب البلاغ بإفادة رسمية خطياً في سيارة السيد فولكوف. وأخبر ضابط الشرطة صاحب البلاغ، لدى سما عه أن أحد الضحايا قد مات، بأنه إن لم يأت بالمبلغ المطلوب بحلول الساعة الثانية بعد الظهر، فإنه سيجلب لنفسه المتاعب.

2-4 وبعد ظهيرة الثامن من حزيران/يونيه 1996، غادر صاحب البلاغ وزوجته البلدة وذهبا ليختبئا في قرية حماته، في الوقت الذي حاول فيه والده أن يجمع المبلغ المطلوب منه. وعندما عادا، اعتقلتهما الشرطة بتاريخ 27 آب/أغسطس 1996 وأخذتهما إلى أحد مراكز الشرطة، حيث استُجوبا لمدة أربعة أيام، ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، لم يقدم لهما أي طعام خلال احتجازهما. وأخضع السيد فولكوف وضباط آخرين صاحب البلاغ لضغوط بدنية ، شملت حرمانه من الأوكسجين عن طريق إجباره على وضع قناع واق من الغاز على وجهه، من أجل إكراهه على الاعتراف بعدد من الجرائم التي لم يبت فيها بعد. كما ضُربت زوجته، التي كانت حبلى في ذلك الوقت، ووضع كيس من السيلوفان على رأسها، مما أدى إلى فقدانها لوعيها. ووقّع صاحب البلاغ، من أجل إطلاق سراح زوجته، على جميع المستندات التي وُضِعت أمامه، من دون قراءتها.

2-5 وأطلق ضباط الشرطة سراح زوجته بعد أن وعدتهم بعدم إفشاء سر ما حدث خلال احتجازهما، وفي حالة عدم قيامها بذلك فإن زوجها سيُقتل ويعاد حبسها. وبعد تعرُّضها للإجهاض، قر رت زوجة صاحب البلاغ أن تجمع أدلة طبية من أجل تقديم شكوى، وعند ذلك قام السيد فولكوف وضابط آخر بتهديدها مرة أخرى. ويقول صاحب البلاغ إنه اشتكى إلى أحد الوكلاء في 31 كانون الثاني/يناير 1997، بيد أن الوكيل نصحه بأن يقدم مزاعمه أثناء المحاكمة.

2-6 واحتُجِز صاحب البلاغ لمدة خمسة أشهر - من دون توفير سبيل لحصوله على أحد المحامين؛ ويقول إنه لم يقم أي طبيب نفساني شرعي أو أحد الأطباء بفحصه، بالرغم من سوابقه المرضية. ولم يستطع صاحب البلاغ، خلال إعادة تمثيل مراحل الجريمة، المشاركة في ذلك، سوى عندما تعلّق الأمر بالسيد كرو توفيرتسيف والسيد كوت أيضاً.

2-7 وتولت محكمة دونتسك الإقليمية النظر في القضية. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، لم تستمع المحكمة سوى لشهود السيدة كروتوفيرتسيفا، وهم جميعاً جيرانها وأصدقاؤها.

2-8 ويقول صاحب البلاغ إنه، بالرغم من أن المدعي العام طلب بأن يُحكم عل يه بالسجن لمدة 15 سنة، رأت المحكمة في 11 نيسان/أبريل 1997 أنه مذنب بقتل كل من السيد كروتوفيرتسيف والسيد كوت ومحاولة قتل السيدة كروتوفيرتسيفا، وحكمت عليه بالإعدام. وفي 28 نيسان/أبريل 1997، قدم صاحب البلاغ استئنافاً لدى المحكمة العليا. ويدّعي أن محكمة دونتسك الإقليمية لم تُحل استئنافه إليها وأن هذا الاستئناف قد ألغي على نحو غير قانوني. وفي هذا الصدد، يلاحظ صاحب البلاغ أن المدعي العام قد طلب إلغاء الحكم وإحالة القضية لعدم تمشيها مع بعض أحكام المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أنه قد حُكِم عليه بالإعدام دون مراعاة حقيقة أن عقوبة الإعدام قد ألغيت من الناحية القانونية عملاً بالمادتين 3 و28 من دستور أوكرانيا، مما يجعل الحكم غير دستوري وغير قابل للإنفاذ، ويتنافى مع أحكام المادة 6 من العهد.

3-2 وقد تُعتبر مزاعم صاحب البلاغ القائلة إن ه وزوجته وقعا ضحيتين للتعذيب وإساءة المعاملة على يد الشرطة بقصد انتزاع اعترافات منهما في أثناء احتجازهما، انتهاكاً للفقرة الفرعية (ز) من الفقرة 3 من المادة 14 والمادتين 7 و10، بالاقتران مع المادة 6 من العهد.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ أنه حُرِم من الحصول على مح اكمة منصفة للأسباب التالية. فبعد اعتقاله، استجوبه ضباط الشرطة لمدة أربعة أيام في مركز الشرطة حيث كان الرئيس شقيق أحد المتوفيين. ويدّعي أن التهم التي وُجِّهت إليه كانت متناقضة، وأن عرض الشرطة والمدعي العام للوقائع كان متحيزاً، وأن المحكمة لم تستدع سوى شهود يخدمون مصلحة الادعاء العام والضحايا. ويقول صاحب البلاغ إنه اكتشف، لدى تفحُّصه لسجل قضيته، أن صفحات الملف لم تكن محددة أو مرقمة أو مترابطة، مما يوحي بإمكانية إزالة الأدلة من أجل إخفاء الأفعال غير المشروعة والأخطاء الإجرائية، وأن المحكمة الإقليمية لم تقم بإح الة الاستئناف الذي قدمه إلى المحكمة العليا. وقد تشكل هذه الأمور جميعها انتهاكاً للفقرة 1 والفقرة الفرعية (ه‍) من الفقرة 3 والفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

3-4 ويدّعي صاحب البلاغ أنه لم يتح لـه سبيل الاستعانة بمحامٍ في أثناء الأشهر الخمسة التي تلت اعتقاله، وهي الفترة الممتدة من 27 آب/أغسطس إلى 18 كانون الأول/ديسمبر 1996؛ وأن المحكمة العليا اتخذت قرارها في 17 تموز/ يوليه 1997 في غيابه وغياب محاميه، مما يشكل انتهاكاً للفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد.

3-5 ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فإن ال محكمة العليا قد أكدت قراراً غير مشروع، لأن عقوبة الإعدام لم تكن متفقة مع الدستور الأوكراني لعام 1996. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1999، أعلنت المحكمة الدستورية أن عقوبة الإعدام ليست دستورية؛ ومنذ ذلك التاريخ تراوحت العقوبة المنصوص عليها في المادة 93 من القان ون الجنائي بين الحبس لمدة 8 و15 سنة. وحُكِم على صاحب البلاغ بالسجن المؤبد، عوضاً عن النظر في تخفيف حكمه "عن طريق إعادة النظر بصورة سريعة" في إدانته، وذلك عملاً بالتعديلات المُدخلة على القانون الجنائي بتاريخ 22 شباط/فبراير 2000. ويرى صاحب البلاغ أن هذا يشكل انتهاكاً لحقه في الحصول على حكم أخف لأن العقوبة المنصوص عليها بموجب "القانون المؤقت" عقب القرار الذي صدر عن المحكمة الدستورية (في كانون الأول/ديسمبر 1999)، كانت تتراوح بين الحبس لمدة 8 و15 سنة، في حين أنه قد حُكِم عليه بالسجن المؤبد عقب الإصلاحات التي أُد خلت في عام 2000.

3-6 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أنه، بالرغم من سوابقه المرضية، لم يقم أي طبيب نفساني متخصص بفحصه، ولم تُعالج الجروح التي أُصيب بها خلال الأحداث التي وقعت في 8 حزيران/يونيه 1996.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرتيها الشفويتين المؤرختين 26 أيار/مايو 1998 و20 أيلول/سبتمبر 2002، مدعية أن القضية لا تنطوي على أي انتهاك للحقوق المعترف بها بموجب العهد، بالنظر لأن صاحب البلاغ قد حصل على محاكمة منصفة وأنه قد حكم عليه وفقاً للقانون.

4-2 وقد ر فع الادعاء العام لبلدة ماكييفا في 9 حزيران/يونيه 1996 دعوى جنائية بشأن مقتل السيد كروتوفيرتسيف والسيد كوت والهجوم الذي تعرضت لـه السيدة كروتوفيرتسيفا. وفي 13 حزيران/يونيه 1996، صدر أمر بإلقاء القبض على السيد علييف وزوجته واعتُقلا بتاريخ 28 آب/أغسطس 1996. و في 11 نيسان/أبريل 1997، حكمت محكمة دونتسك الإقليمية على صاحب البلاغ بالإعدام بتهمة القتل المتعمد بالتلازم مع الظروف المشددة وبتهمة السرقة المتفاقمة للأمتعة الشخصية. وفي 17 تموز/يوليه 1997، أكدت المحكمة العليا القرار. وعملاً بالتعديلات التشريعية، خففت محكمة دونتسك الإقليمية في 26 حزيران/يونيه 2000 حكم الإعدام الصادر بحق السيد علييف إلى السجن المؤبد.

4-3 ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف، رأت المحكمة أن صاحب البلاغ مذنب بقتل الضحيتين بسكين عمداً وبدافع الانتقام في أثناء المشادة التي نشبت بينهم. وحاول صاحب البلاغ لاحقاً قتل زوجة السيد كروتوفيرتسيف بدافع الجشع، حيث هجم عليها وأصابها بجروح بليغة، قبل أن يسرق مجوهراتها. وعاد إلى مسرح الجريمة في نفس اليوم من أجل أن ينتزع سلسلة ذهبية من جثة السيد كروتوفيرتسيف.

4-4 وأيدت استنتاجات التحقيق الأولي والفحص الشرعي الأدلة المت علقة بالجريمة، وأكدها بضعة شهود، فضلاً عن التفتيش الذي أُجري لمسرح الجريمة والأدلة المادية والاستنتاجات التي توصل إليها الخبراء.

4-5 وتُصرُّ الدولة الطرف على أن المحاكم وصفت أفعال صاحب البلاغ وصفاً صحيحاً على أنها تمثل جرائم بموجب مواد القانون الجنائي ذات الصلة. وترى أن مزاعم صاحب البلاغ القائلة إنه جرح السيد كروتوفيرتسيف والسيد كوت دفاعاً عن النفس قد فندتها المستندات الإجرائية والمحاكم. وفي ضوء خطورة هذه الجرائم على وجه التحديد، رأت المحكمة أن صاحب البلاغ يشكل خطراً استثنائياً على المجتمع وفرضت عليه عقوبة استثنائية.

4-6 ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف فقد نظرت المحكمة العليا في ادعاء صاحب البلاغ القائل إنه خضع لطرق تحقيق غير مسموح بها، واعتبرته ادعاءً غير مؤكد. وتقرر الدولة الطرف أن سجل القضية لا يتضمن أي عنصر من شأنه أن يؤدي للتوصل إلى استنتاج مفاده أن هناك طرق غير قانونية قد استخدمت خلال التحقيق الأولي؛ كما أن صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى لدى محكمة دونتسك الإقليمية في هذا الصدد. ولا تشتمل سجلات المحكمة على أي شكوى مقدمة من السيد علييف فيما يتعلق باستخدام طرق تحقيق غير قانونية أو غيرها من الأفعال غير المشروعة التي ارتكبها المحققون. ولم يدع صاحب البلاغ، في طلبه الذي قدمه بشأن إجراء استعراض قضائي، أن المحققين أجبروه وزوجته على الإدلاء بإفادات كاذبة، سوى بعد أن اتخذت المحكمة الإقليمية قرارها. وتشير الدولة الطرف إلى أن الطلب الذي قدمه محامي صاحب البلاغ بشأن إجراء م راجعة قضائية لم يتضمن مزاعم من هذا القبيل.

4-7 وختاماً، تلاحظ الدولة الطرف أنه ليس هناك داع للطعن في الأحكام القضائية الصادرة بحق صاحب البلاغ وأن صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى لدى النائب العام فيما يتعلق بادعاء عدم مشروعية الحكم الصادر بحقه.

تعليقات صاحب ال بلاغ

5-1 قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2003. وهو يؤكد مجدداً مزاعمه السابقة ويحتج على وصف الادعاء العام والمحاكم لأفعاله. ويصر على أنه، في ليلة السابع - الثامن من حزيران/يونيه 1996، قد جرح السيد كوت والسيد كروتوفير تسيف، ولم يقتلهما. وهو يطعن في إفادات الشهود، التي يدعي أن "ضباط الشرطة أرفقوها بسجل القضية" واستخدمتها المحكمة.

5-2 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن التحقيقات والمحاكم كانت متحيزة ضده، بالنظر إلى أن شقيق أحد الضحيتين كان، في وقت ارتكاب الجريمة، رئيس مركز شرطة مقاطعة ماكييفكا، بينما كانت شقيقة الضحية الأخرى رئيسة الإدارة المعنية بإصدار بطاقات الهوية التابعة لمركز الشرطة الرئيسي وأنها كانت، علاوة على ذلك، متزوجة بأحد القضاة. ويزعم صاحب البلاغ أن ضباط الشرطة قدموا وصفاً مختلفاً لسلسلة الأحداث من أجل تشديد الحكم ال صادر بحقه.

5-3 ويوضح صاحب البلاغ، فيما يتعلق بمزاعم إساءة المعاملة التي يدعي أنه وقع ضحية لها، أن جزءاً من ملفه الإجرامي تلطخ بدمائه. ويؤكد مجدداً أن المحققين وضعوا قناعاً واقياً من الغاز على رأسه وسدوا مجرى الهواء من أجل إجباره على الإدلاء بشهادة تستخدم ض ده. وتعرضت زوجته أيضاً للضرب والخنق. ويزعم أنه اشتكى، دون جدوى، "إلى العديد من السلطات" بشأن تعرضه لعنف بدني وكان بوسع عدد من المحتجزين معه أن يشهدوا على أنه أُصيب برضوض وأورام دموية نتيجة لإساءة معاملته.

5-4 ويستشهد صاحب البلاغ، كدليل يثبت تحيز المحققين، بأن التحقيق الجنائي في مقتل السيد كوت والسيد كروتوفيرتسيف افتُتح بتاريخ 9 حزيران/يونيه 1996، بينما توفي السيد كوت متأثراً بجراحه في 13 حزيران/يونيه 1996.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

قرار بشأن المقبولية

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ق بل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة من أن نفس المسألة لا يجري بحثها بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدول ي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم استئنافاً لدى المحكمة العليا في أوكرانيا، التي أكدت قرار المحكمة الصغرى، وأن الدولة الطرف لم تزعم أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد استوفى شروط الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بزعم صاحب البلاغ القائل إن ضباط الشرطة عاملوهما هو وزوجته معاملة غير إنسانية خلال احتجازهما من أجل إجب ارهما على الإدلاء بإفادات تستخدم ضدهما، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم البلاغ بالنيابة عن نفسه فقط، دون الإشارة إلى أنه قد خوِّل بالتصرف بالأصالة عن زوجته ودون توضيح ما إذا كانت زوجته قادرة أم لا على تقديم شكوى خاصة بها. وتقرر اللجنة، عملاً بالفقرة 1 من ا لبروتوكول الاختياري والفقرة الفرعية (ب) من المادة 90 من قانونها الداخلي، أنها ستنظر فقط في شكوى صاحب البلاغ.

6-5 أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ القائل إن المحكمة حكمت عليه بالإعدام دون مراعاة أن المادتين 3 و28 من الدستور الأوكراني لعام 1996 قد ألغيتا هذ ه العقوبة، تلاحظ اللجنة أن إلغاء الدولة الطرف لعقوبة الإعدام، لم يكن سوى نتيجة لقرار المحكمة الدستورية المؤرخ 29 كانون الأول/ديسمبر 1999 والتعديل البرلماني الذي أُدخل على القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية بتاريخ 22 شباط/فبراير 2000، أي، بعد اتخاذ ق رار نهائي بشأن القضية. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، زعمه القائل إن فرض حكم الإعدام عليه في عام 1997 قد حدث بعد أن ألغت الدولة الطرف عقوبة الإعدام. وبناء على ذلك، يعد هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول ا لاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يقول، فيما يخص مزاعمه المتعلقة بإساءة المعاملة والتعذيب، أنه اشتكى بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 1997 إلى أحد الوكلاء وقد نصحه بتقديم مزاعمه أثناء المحاكمة. وتدعي الدولة الطرف أن هذا الزعم لم يثر أمام محكمة دونتسك الإقليمية وأن صاحب البلاغ لم يطلق زعمه هذا سوى عندما قدم طلبه بشأن إجراء مراجعة قضائية. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا نظرت في هذا الزعم، لدى إصدارها لحكمها، وقررت أنه لا يستند إلى أساس. وتشير اللجنة إلى أن أمر تقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة يرجع عمو ماً إلى محاكم الدول الأطراف في العهد، وليس إلى اللجنة، ما لم يتضح أن قرارات المحاكم تعسفية على نحو جلي أو أنها تعتبر بمثابة إساءة لتطبيق أحكام العدالة. ومع ذلك، لا تتضمن المعلومات التي استُرعي انتباه اللجنة إليها فيما يتعلق بهذه المسألة أي شيء يبين أن قرار ات المحاكم الأوكرانية أو تصرفات السلطات المختصة كانت تعسفية أو اعتبرت بمثابة إساءة لتطبيق أحكام العدالة. وبالتالي يعد هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وفيما يخص مزاعم صاحب البلاغ أنه حُرم من الحصول على محاكمة منصفة لأن شقيق أحد المتوفيين كان رئيس مركز الشرطة الذي استجوب فيه لأول مرة، تلاحظ اللجنة، أولاً، أن الوثائق المعروضة عليها لا تشتمل على أي شيء من شأنه أن يقودها إلى استنتاج أن هذه المزاعم قد عُرضت على السلطات الوطنية المختصة. وثانياً، وفيما يتعلق بادعاء صاحب الب لاغ أن التهم الموجهة إليه كانت متناقضة، وأن عرض الشرطة والمدعي العام للوقائع كان متحيزاً، وأن المحكمة لم تستمع سوى لشهود يخدمون مصلحة الادعاء العام، وأن القضاة كانوا متحيزين تحيزاً واضحاً، ترى اللجنة أن هذه المزاعم لم يتم إثباتها على نحو واف لأغراض المقبول ية. وبناء على ذلك، تعلن عن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-8 وزعم صاحب البلاغ أيضاً أن سجل قضيته قد تم التلاعب به من أجل إخفاء أخطاء إجرائية؛ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يشر إلى ما إذا كان قد عرض هذه المزاعم أ م لا على السلطات الوطنية المختصة. وعلاوة على ذلك، لم يزعم أن سجل قضيته كان مزوراً. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا الزعم لم يتم إثباته لأغراض المقبولية وأنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-9 أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ القائل إن الطلب الذي قدمه بشأن إجراء مراجعة قضائية قد رفضته المحكمة الإقليمية على نحو غير قانوني، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا في أوكرانيا نظرت في طلبه وأكدت قرار المحكمة الإقليمية بتاريخ 17 تموز/يوليه 1997، وأن الدولة الطرف قدمت نسخة من القرار. وترى اللجنة، ودون الحاجة إلى تقديم معلومات أخرى ذات صلة فيما يخص النظر في طلب صاحب البلاغ بشأن إجراء مراجعة قضائية، أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-10 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه حُكم عليه بعقوبة أشد من العقوبة التي ينص عليها القانون. وتفند الدولة الطرف هذا الزعم، إذ تعتبر أن المحاكم قد وصفت أفعال صاحب البلاغ وصفاً صحيحاً بموجب القانون الجنائي وحكمت عليه بما يتفق والقانون. وفي ضوء النسخ التي قدمتها الدولة الطرف عن القرارات القضائية المعنية، وفي غياب أية معلومات تشير إ لى أن هذه القرارات تنتهك بأي حال من الأحوال حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 15 من العهد، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لم يتم إثباتها بشكل كاف لتلبية معايير المقبولية بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-11 وفيما يخص شكوى صاحب البلاغ من أنه قد حُ رم من الاستعانة بمحام ٍخلال الأشهر الخمسة الأولى من التحقيق وإن المحكمة العليا أصدرت حكمها، بتاريخ 17 تموز/يوليه 1997، في غيابه وغياب محاميه، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تبد أي اعتراض بشأن المقبولية، وبالتالي تواصل النظر في الأسس الموضوعية لهذا الزعم، والتي قد تثير مسائل في إطار الفقرة 1 والفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14 والمادة 6 من العهد.

6-12 وبناء على ذلك، تواصل اللجنة النظر في الشكاوى التي أعلن عن أنها مقبولة بموجب الفقرة 1 والفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14، والمادة 6 من العهد .

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، بموجب ما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 ويزعم صاحب البلاغ، أولاً، أنه لم يحصل على خدمات أحد المح امين في أثناء فترة الأشهر الخمسة الأولى من الاحتجاز. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ظلت ساكتة في هذا الصدد؛ كما تلاحظ أن النسخ المقدمة من القرارات القضائية المعنية لا تتطرق إلى زعم صاحب البلاغ القائل إنه لم يمثله محام لمدة خمسة أشهر، بالرغم من أن صاحب البلا غ ذكر هذا الزعم في شكواه التي قدمها إلى المحكمة العليا بتاريخ 29 نيسان/أبريل 1997. وترى اللجنة، لدى دراستها لطبيعة القضية والمسائل التي تم التطرق إليها خلال هذه الفترة، ولا سيما استجواب ضباط الشرطة لصاحب البلاغ وإعادة تمثيل مراحل الجريمة، التي لم يستدع صاح ب البلاغ للمشاركة فيها، أنه كان ينبغي توفير إمكانية حصول صاحب البلاغ على خدمات محامٍ وتمثيل أحد المحامين لـه. وبناء على ذلك، ولعدم تقديم الدولة الطرف لأية معلومات ذات صلة، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

7 -3 وثانياً، يدَّعي صاحب البلاغ أن المحكمة العليا استمعت، لاحقاً في 17 تموز/يوليه 1997، إلى قضيته في غيابه وغياب محاميه. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في هذا الادعاء ولم تقدم أية أسباب بشأن هذا الغياب. وترى أن القرار المؤرخ 17 تموز/يوليه 1997 لا يذك ر أن صاحب البلاغ أو محاميه كان حاضراً بل يذكر حضور أحد الوكلاء. وعلاوة على ذلك لم يطعن في عدم تمثيل صاحب البلاغ من الناحية القانونية في المراحل الأولى من التحقيقات. وإذ تضع اللجنة في اعتبارها الوقائع المعروضة عليها، وعدم إبداء الدولة الطرف لأية ملاحظات ذات صلة، ترى أنه يجب إيلاء مزاعم صاحب البلاغ ما تستحقه من اهتمام. وتشير إلى أحكامها القضائية التي تنص على وجوب توفير التمثيل القانوني خلال كافة مراحل الإجراءات الجنائية، ولا سيما في الحالات التي يكون فيها المتهم محكوماً عليه بعقوبة الإعدام (2) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وجود انتهاك للفقرة 1 من المادة 14، فضلاً عن وجود انتهاك مستقل للفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد.

7-4 وترى اللجنة (3) أن توقيع الحكم بالإعدام استناداً إلى استنتاج إحدى المحاكم التي لم تمتثل لأحك ام العهد يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد إن لم تتوفر إمكانية لتقديم استئناف آخر ضد هذا الحكم. وفي قضية صاحب البلاغ، صدر الحكم النهائي بالإعدام بدون استيفاء شروط الحصول على محاكمة منصفة مثلما تنص على ذلك المادة 14 من العهد، وبالتالي فإن ذلك يعتبر انتهاكاً ل لمادة 6. ومع ذلك، فقد تم تدارك هذا الانتهاك عن طريق تخفيف الحكم بالإعدام بالقرار الصادر عن محكمة دونتسك الإقليمية المؤرخ 26 حزيران/يونيه 2000.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد ا لدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الفقرة 1 والفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد.

9- ويحق لصاحب البلاغ، بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، الحصول على سبيل من سبل الانتص اف الفعالة. وترى اللجنة أنه، بالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يكن ممثلاً بمحامٍ حسب الأصول المرعية خلال الأشهر الأولى من اعتقاله وفي أثناء جزء من محاكمته، مع أنه تعرض لمخاطر الحكم عليه بالإعدام، ينبغي النظر في إطلاق سراحه مبكراً. وتلتزم الدولة الطرف باتخاذ الت دابير الرامية إلى منع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعال في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير ال متخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً أيضاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد حيز النفاذ با لنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976، بينما دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 1991.

(2) انظر على سبيل المثال Robinson v. Jamaica، البلاغ رقم 223/1987 وBrown v. Jamaica، البـلاغ رقـم 775/1997. وCornov Levy v. Jamaica، البـ لاغ رقـم 179/1996، وClarence Marshal v. Jamaica، البلاغ رقم 730/1996.

(3) انظر Levy v. Jamaica، المرجع سالف الذكر؛ Marshal v. Jamaica، المرجع سالف الذكر.

هاء - البلاغ رقم 796/1998 ريس ضد جامايكا*

(الآراء التي اعتمدت في 14 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : لويد ريس (تمثله محامية، السيدة بيني روجرز)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ البلاغ : 16 كانون الثاني/يناير 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 14 تموز/يوليه 2003،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 796/1998 المقدم إلى اللجنة باسم السيد لويد ريس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع ال معلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 16 كانون الثاني/يناير 1998 هو لويد ريس وهو مواطن جامايكي مولود في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1957، وهو محبو س حالياً في سجن منطقة سانت كاترين. ويدعي أنه ضحية لقيام جامايكا بانتهاك الفقرة 1 من المادتين 7 و9، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرات 1 و2 و3، الفقرات الفرعية (أ) إلى (د) من المادة 14، ، والمادة 5 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتمثله محامي ة.

ـــــــــــــــ

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في هذا البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يا لدين.

1-2 وقد دخل كل من العهد والبروتوكول حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مار س 1976. وانسحبت الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997، وأصبح الانسحاب نافذاً اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 1998.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 ألقي القبض على صاحب البلاغ في 23 كانون الثاني/يناير 1983، واتُهم بارتكاب جري متي قتل أثناء أحداث وقعت في 11 كانون الثاني/يناير 1983. وفي جلسة الاستماع الأولية عُين لـه محام كي يقدم لـه مساعدة قانونية. وأثناء المحاكمة التي عقدت أمام محكمة دائرة كلارندون، في الفترة من 20 إلى 27 أيلول/سبتمبر 1983، دفع صاحب البلاغ ببراءته من كلتا الجري متين ولكنه اعترف بأنه كان متواجداً في مكان ارتكاب جريمتي القتل. وقد أدانته هيئة محلفين بارتكاب جريمتي القتل وحكم عليه بالإعدام.

2-2 وفور إدانته وصدور الحكم عليه، قدم صاحب البلاغ إخطاراً بالاستئناف وطلب منه أن تمنحه محكمة الاستئناف مساعدة قانونية. وتم تعيين محامٍ لتقديم المساعدة القانونية لـه، ولكن صاحب البلاغ لم يُخطر بتاريخ جلسة الاستئناف، ولم يسمح لـه بلقاء محاميه كي يعطيه أي توجيهات. ولم يكن حاضراً في جلسة الاستئناف المعقودة في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1986، لم يخطر بما حدث في جلسة الاستماع هذه فيما عدا رفض دعوى الاستئناف. وفي 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986، رفضت محكمة الاستئناف طلبه بالاستئناف.

2-3 وفي 4 أيار/مايو 1988، أرسل صاحب البلاغ إخطاراً باعتزامه تقديم التماس إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، رفضت اللجنة القضائية التما س صاحب البلاغ دون إبداء الأسباب ورفضت الإذن بالاستئناف.

2-4 وفي انتظار توقيع حكم الإعدام، كان المكان الذي حُبس فيه صاحب البلاغ يستخدمه أيضاً سجناء مصابون بمرض عقلي كانوا يعتدون في بعض الأحيان على السجناء الآخرين. كما أشار صاحب البلاغ إلى تقارير عن حالات ضر ب عشوائي وعن وجود حراس سجون غلاظ وشديدي القسوة (1) . واشتكى من الأوضاع غير الصحية السائدة، وخاصة النفايات الملقاة في المكان وانبعاث روائح كريهة طول الوقت. ويشير إلى إفادات أخرى بحفر حُفر للفضلات البشرية وانتشار الروائح العفنة الكريهة للغاية (2) . وكان يجري تفر يغ دلاء الفضلات البشرية والمياه القذرة مرة واحدة فقط في صباح كل يوم. وكانت المياه الجارية ملوثة بالحشرات والفضلات البشرية، وكان يقتضي من النزلاء أن يتشاركوا في استخدام أوان بلاستيكية قذرة. وكانت الفترة الزمنية اليومية المسموح فيها لصاحب البلاغ أن يغادر زنز انته محدودة للغاية، حيث كانت تقل عن أقل من نصف ساعة أحياناً. وقد تسببت هذه الأوضاع في إلحاق أضرار خطيرة بصحته، حيث أصيب باضطرابات في الجلد ومواجهة مشاكل في البصر. وعلى الرغم من أن طبيب السجن أحاله إلى أخصائي عيون في عام 1994، فلم يسمح لـه حتى تاريخ تقديم ا لبلاغ من الذهاب إلى هذا الأخصائي. كذلك عندما أصيب بكسر في عظم إصبعه في حادث لم ينقل إلى المستشفى إلا بعد يومين من الحادث، الأمر الذي حال دون التئام إصبعه على الوجه الصحيح وبذا تأثرت قدرته على الكتابة.

2-5 وفي نيسان/أبريل أو أيار/مايو 1995، قام الحاكم العام بتخفيف حكم الإعدام المفروض على صاحب البلاغ إلى السجن مدى الحياة (3) . وكان تخفيف الحكم بالإعدام مصحوباً بقرار مفاده أنه يجب أن تنقضي سبع سنوات اعتباراً من تاريخ تخفيف العقوبة قبل النظر في إمكانية السماح بالإفراج غير المشروط. ولم يُخطر صاحب البلاغ بقرار تخفي ف الحكم الصادر ضده إلا بعد وقوع الحدث، ولم يتلق مطلقاً أي وثائق رسمية تتصل بهذا القرار. ولم يكن لدى صاحب البلاغ أي فرصة للاحتجاج فيما يتعلق بقرار تخفيف الحكم أو بالقرار بشأن مدة الإفراج غير المشروط. وما زال محبوساً في سجن منطقة سانت كاترين.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3(ب) من المادة 14، لأنه لم يُتح لـه ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه أثناء المحاكمة، وللاتصال بمحام يختاره بنفسه. ويدعي أن احتجازه حتى المحاكمة يضاعف من أهمية استطاعته إعطاء بيانات مفصلة إلى محاميه. غير أنه لم يتمكن، قبل جلسة الاستماع الأولية لقضيته، من التحدث مع محامي المساعدة القانونية المعين لـه سوى لمدة نصف ساعة. كما لم يتمكن من إجراء أي مقابلة أخرى مع محاميه قبل المحاكمة أو بعدها. وأثناء فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، لم يقم محامي المساعدة القانونية أبداً بزيارة صاحب البلاغ ولم يستعرض معه القضية على الإطلاق تحضيراً للمحاكمة. ونتيجة لذلك، لم يستدع شهود النفي للإدلاء بأقوالهم في المحاكمة. ولم يتسن لـه التحدث مع محاميه سوى من قفص الاتهام مباشرة، في الوقت الذي كانت فيه المحاكمة جارية بالفعل، وتم تجاهل الكثير من أقواله ببساطة. كذلك لم يتمكن من مناقشة أقوال الادعاء مع محاميه الذي لم يقم بالإشارة إلى التناقضات الكبيرة في الأدلة التي ساقها الادعاء. ويؤكد صاحب البلاغ أنه أبلغ القاضي عند نقطة معينة في المحاكمة بأنه غير راض عن تمثيله القانوني، ولكن قيل لـه إن البديل الوحيد ال متاح لـه هو أن يمثل نفسه بنفسه.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للفقرة 3(ﻫ) من المادة 14، لأنه لم تتح لـه فرصة كافية لأن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، ولأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بذات الشروط المطبقة على شهود الاتهام. ولم يوافق المحامي على طلبه باستدعاء بعض شهود النفي، وبخاصة ضابط شرطة جامايكي أدلى بشهادة في الجلسة الأولية مفادها أن ضباط شرطة آخرين ممن تولوا التحقيق في جريمتي القتل قاموا بتلفيق أدلة ضد صاحب البلاغ (4) . ويؤكد صاحب البلاغ أن السبب الأساسي في عدم ا لاتصال بالشهود واستدعائهم هو أن الأتعاب المدفوعة للمحامين نظير المساعدة القانونية غير كافية إلى درجة لا تمكنهم من إجراء التحقيقات اللازمة.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14، من حيث إن توجيهات قاضي الموضوع إلى هيئة المحلفين كانت غير كا فية. وبينما يسلم صاحب البلاغ بأنه يقع عموماً على عاتق المحاكم المحلية تقييم الوقائع والأدلة في أي قضية بعينها، فإنه يدعي بأنه في الظروف الخاصة بقضيته كانت تعليمات القاضي "غير كافية بالمرة" الأمر الذي يبلغ حد إساءة تطبيق أحكام العدالة. أولاً، يؤكد صاحب البل اغ أن القاضي أبدى ملاحظات فيما يتعلق باحتمال أن يكون طرف آخر مذنباً، دون أن يحذر في الوقت نفسه هيئة المحلفين من خطورة أن يدلي هذا الشخص بشهادة ضد صاحب البلاغ. وثانياً، أدلى القاضي في تلخيصه بتعليقات يزعم أنها متحيزة للادعاء، لا سيما بدعوة هيئة المحلفين إلى استخلاص نتائج من عدم قيام المحامي بتناول بعض النقاط. فيما يتعلق بزعم صاحب البلاغ أثناء المحاكمة بأن الصفحات التي تتضمن الأقوال التي أدلى بها للشرطة لا تطابق تماماً ما اعترف به، دعا القاضي هيئة المحلفين إلى عدم تصديق رواية صاحب البلاغ على أساس أن جميع الصف حات كانت كلها من نفس اللون، وهي حجة لم يسوقها أي من الطرفين. كما أن القاضي لم يقدم توجيهات كافية لهيئة المحلفين بشأن النتائج التي ينبغي استخلاصها من أي أقوال أدلى بها صاحب البلاغ وترى هيئة المحلفين أنها غير صحيحة. كذلك دعا القاضي هيئة المحلفين إلى مقارنة ن ماذج من خط صاحب البلاغ دون الاستعانة بخبير.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرتين 3(ب) و5 من المادة 14، من حيث إنه لم يُبلغ بجلسة النظر في دعوى الاستئناف التي رفعها وأن محاميه لم يكن من اختياره، وأن الفرصة لم تتح لـه لإعطاء بيانات للمحامي المعين لتمثي له في دعوى الاستئناف. ووجه عدة رسائل إلى المحامي المعين كي يمثله في دعوى الاستئناف التي أقامها لكنه لم يتلق أي رد. ونتيجة لذلك، لم يتسن لـه أن يصحح الأخطاء التي نشأت أثناء جلسة الاستماع.

3-5 كما يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14 يتمثل ف ي التأخيرات في مختلف مراحل الإجراءات القضائية. ويسترعي الانتباه إلى انقضاء ما يزيد على ثلاث سنوات بين تقديمه لدعوى الاستئناف بعد إدانته مباشرة في 27 أيلول/سبتمبر 1983، وبين رفض دعوى الاستئناف في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1986. وهو لا يعرف متى تم إعداد سجل الم حاكمة، لكنه يؤكد أن محاميه حصل على نسخة من هذا السجل قبل جلسة الاستماع ببعض الوقت.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ فضلاً عن ذلك حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 14، حيث إن انتهاك الفقرتين 1 و3 من المادة 14، الذي يحرم أي متهم من الضمانات التي تكفل المحاكمة العادلة، يشك ل أيضاً انتهاكاً لمبدأ افتراض البراءة. وهو يستند في ذلك إلى الآراء التي أبدتها اللجنة في قضية بردومو وآخرين ضد أوروغواي (5) .

3-7 وبالإضافة إلى ذلك، يزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرتين 1 و3، الفقرات الفرعية (أ) و(ب) و(د) من المادة 14 من حيث إنه لم يخطر بال مكان الذي اتخذ فيه قرار تخفيف الحكم الصادر ضده ولا بالطريقة التي اتخذ بها هذا القرار، وأن الفرصة لم تتح لـه أو لمحاميه لتقديم بيانات شفوية أو خطية فيما يتعلق بمدة الإفراج غير المشروط عنه. كما أنه لم يبلغ بالعناصر أو المسائل التي أخذت في الاعتبار أو بالمباد ئ التي طبقها الحاكم العام، كما أن الإجراءات لم تعقد بصورة علنية. وهو، علاوة على ذلك، يدعي أن عدم وضع المدة التي قضاها صاحب البلاغ في الحبس قبل تخفيف الحكم بالعقوبة الصادر ضده في الاعتبار (أكثر من 12 سنة) عند النظر في مدة الإفراج غير المشروط عنه، يشكل انتها كاً لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد، ذلك أنه تعرض للاحتجاز التعسفي. ويؤكد أن القرار بتخفيف الحكم بالإعدام الصادر ضده يشكل بالفعل تمديداً للحكم الأصلي الصادر ضده، وأنه كان ينبغي تحديد مدة الإفراج غير المشروط عند صدور الحكم بتخفيف العقوبة المفروضة عليه. والضمانات الواردة في المادة 14 من العهد لا تشمل الإدانة فحسب، وإنما تشمل أيضاً عملية إصدار الحكم بالعقوبة وفقاً لمبدأ عام مفاده أن "متطلبات الإجراءات القانونية الواجبة" التي تنطبق على مرحلة الإدانة تشمل أيضاً عملية إصدار الحكم بالعقوبة (6) . ويزعم صاح ب البلاغ أنه لم يتمتع بأي من هذه الضمانات عند صدور الحكم بتخفيف العقوبة الصادرة ضده.

3-8 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 فيما يتعلق بأوضاع احتجازه في سجن منطقة سانت كاترين، الوارد وصفها في الفقرة 2-4 أعلاه. ويشير صاحب البلاغ إ لى السوابق القانونية للجنة ومؤداها أن الحبس "في ظل أوضاع من شأنها أن تلحق ضرراً بليغاً بصحة المساجين" يشكل انتهاكاً لهـذه الأحكام (7) .

3-9 كما يؤكد صاحب البلاغ أن الشعور بالكرب والهم والقلق النفسي المصاحب للحبس انتظاراً لتنفيذ عقوبة الإعدام يشكل انتهاكاً لل مادة 7 والفقرة 1 من المادة 10. كما أن عزله لمدة طويلة تزيد على 12 سنة وتوقفه الإجباري عن ممارسة أي نشاط قد زادا معاناته النفسية إلى درجة يمكن فيها اعتبار "أعراض حالة انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام" معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة. ويستند صاحب الإبلاغ لتوضيح ذل ك إلى الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سورينع ضد المملكة المتحدة (8) Soering v. United Kingdom .

3-10 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يذكر صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من ممارسة حقه الدستوري في الطعن لأنه لم يستطع جمع المبلغ الل ازم لهذا الغرض ولأن الدولة الطرف لم تبد استعداداً لتزويده بالمبلغ اللازم للقيام بذلك.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في مذكرة مؤرخة 2 تشرين الأول/أكتوبر 1998، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية القرار وأسسه الموضوعية.

4- 2 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3(ب) و(ه‍) من المادة 14، بشأن الطريقة التي أدار بها محامي المساعدة القانونية قضية صاحب البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أنها أكدت دائماً أنها ليست مسؤولة عن الطريقة التي يدير بها المحامون القضايا. وتقول إن واجب الدولة ال طرف هو تعيين محام مختص، وليس التدخل في سير القضايا، سواء كان ذلك عن طريق القيام بفعل أو الامتناع عن ذلك. وبعد التعيين لا تكون مسؤولية الدولة عن أداء محامي المساعدة القانونية أكبر من مسؤوليتها عن أداء محام خاص. وتطبق الدولة الطرف المبادئ نفسها على الانتهاكا ت المزعومة للفقرتين 3 و5 من المادة 14 فيما يتصل بالطريقة التي أدار بها المحامي دعوى الاستئناف التي أقامها صاحب البلاغ.

4-3 وبصدد الانتهاك المزعوم للفقرة 1 من المادة 14، في ما يخص توجيهات القاضي لهيئة المحلفين، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يسلم بأنه ت قع على عاتق محاكم الدولة عموماً مسؤولية تقييم ما يعطيه القاضي من تعليمات لهيئة المحلفين، إلا إذا أمكن إثبات أن التعليمات كانت تعسفية بصورة واضحة أو أنها تبلغ حد إساءة تطبيق أحكام العدالة. وتشير الدولة الطرف إلى أن محكمة الاستئناف قد قامت في هذه القضية بتقي يم التعليمات التي أعطاها القاضي بالتفصيل ثم قام بعد ذلك مجلس المحكمة بتقييمها ولم يجد كلاهما أي تجاوز. ولا توافق الدولة الطرف على أن تعليمات القاضي كانت غير كافية إلى حد ينبغي معه للجنة أن تتجاهل قرار محاكم الاستئناف.

4-4 وبخصوص الانتهاك المزعوم للفقرة 3( ج) من المادة 14، وهو انقضاء ثلاث سنوات بين تقديم الإخطار بالاستئناف وصدور حكم محكمة الاستئناف، تقول الدولة الطرف إنه في حين أن التأخير كان أطول من المستصوب، فهو لم يتسبب في إلحاق ضرر لا مبرر لـه لصاحب البلاغ وبالتالي لا يشكل انتهاكاً للعهد.

4-5 أما فيما يت علق بالانتهاكات المزعومة للعهد والناشئة عن تحديد مدة للإفراج غير المشروط بعد تخفيف الحكم الصادر ضد صاحب البلاغ، فإن الدولة الطرف تنفي وجود أي تناقض بين هذا الإجراء والعهد. وتشير إلى أن تحديد مدة الإفراج غير المشروط ينص عليه القانون (المعدل) الخاص بالجرائم المرتكبة ضد الأشخاص وأن جميع العوامل ذات الصلة، بما في ذلك أي أدلة على الصحة الجسدية والذهنية لصاحب البلاغ وما إلى ذلك، كانت معروضة على الحاكم العام عند النظر في تقرير قاضي الموضوع. وتزعم الدولة الطرف أن القول بأن صاحب البلاغ أو محاميه لم تتح لهما فرصة تقد يم بيانات لا يجعل العملية غير منصفة في حد ذاتها.

ملاحظات لاحقة مقدمة من الطرفين

5-1 قدم صاحب البلاغ ملاحظات لاحقة في رسالة مؤرخة 18 كانون الأول/ديسمبر 1998، وأبدت الدولة الطرف مزيداً من التعليقات في مذكرة مؤرخة 25 أيار/مايو 1999. وشملت الملاحظات وكذلك التع ليقات تكراراً للحجج الواردة أعلاه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في الادعاءات الواردة في البلاغ، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من النظام الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا وفقاً ل لبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن جامايكا كانت وقت تقديم البلاغ طرفاً في البروتوكول الاختياري. ومن ثم، فإن انسحاب الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997، والذي أصبح نافذ المفعول في 23 كانون الثاني/يناير 199 8، لا يمس اختصاص اللجنة بالنظر في هذا البلاغ.

6-3 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفيما يتعلق باستنفاذ سب ل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدّع أن هناك أي سبل انتصاف محلية لم يقم صاحب البلاغ بعد باستنفادها. ونظراً لعدم وجود أي اعتراض آخر من جانب الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ، ترى اللجنة أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3(ب) و(ه‍) من الم ادة 14، من حيث إن صاحب البلاغ لم يوفر لـه الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه وأن دفاع محاميه عنه كان ضعيفاً، تكرر اللجنة أحكامها السابقة مؤداها أنه كان يتعين في مثل هذه الحالة على صاحب البلاغ أو محاميه تقديم طلب تأجيل الدعوى في بداية المحاكمة، إذا رئي أ ن الوقت المتاح لهما غير كافٍ لإعداد الدفاع. ولا يتبين من سجل المحاكمة أنه تم تقديم طلب كهذا (9) . أما فيما يتعلق بالمسائل التي أثارتها اعتراضات صاحب البلاغ على أسلوب مرافعة المحامي في هذه القضية، تشير اللجنة إلى أنه لا يمكن أن تحمل الدولة الطرف المسؤولية عن سلوك محامي الدفاع، ما لم يظهر للقاضي أو كان ينبغي أن يظهر لـه أن سلوك المحامي يتعارض مع مصلحة العدالة (10) . وترى اللجنة أنه لا يوجد، في هذه القضية، ما يشير إلى أن سلوك المحامي كان يتنافى بوضوح مع مسؤولياته المهنية. وبناء على ذلك لا ترى اللجنة أن هناك أي انت هاك للعهد فيما يتعلق بهذه المسائل.

7-3 وبصدد الانتهاك المزعوم للفقرة 1 من المادة 14، من حيث إن التعليمات التي أعطاها قاضي الموضوع لهيئة المحلفين بشأن أدلة الإثبات لم تكن كافية، تشير اللجنة إلى سوابقها القانونية ومفادها أنه لا يحق للجنة أن تستعرض التوجيهات المحددة التي يعطيها قاضي الموضوع لهيئة المحلفين ما لم يثبت أن التوجيهات المعطاة إلى هيئة المحلفين كانت تعسفية بشكل واضح أو أنها بلغت حد إساءة تطبيق أحكام العدالة. وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن أدلة الإثبات فضلاً عن التعليمات التي أعطاها القاضي لهيئة المح لفين قد درست باستفاضة أثناء دعوى الاستئناف، ولا ترى فيها تعسفاً واضحاً أو إساءة تطبيق لأحكام العدالة (11) . وبالتالي، لا ترى اللجنة أن هناك أي انتهاك للعهد في هذا الصدد.

7-4 وفيما يخص الادعاء بانتهاك للفقرتين 3(ب) و5 من المادة 14، بشأن إعداد دعوى استئناف وتي سيرها؛ تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ وقع على طلب بالسماح لـه بالاستئناف سرد فيه بالتفصيل الأسباب التي تدعوه إلى استئناف الحكم، وهو بالتالي ليس في وضع يسمح لـه بالادعاء بأنه لم يتمكن من إعطاء تعليمات للمحامي المكلف بالدفاع عنه في دعوى الاستئناف. وعلاوة على ذل ك، تذكر اللجنة بالأحكام التي أصدرتها (المشار إليها في الفقرة 7-2 أعلاه) ومفادها أنه لا يمكن أن تحمل الدول الأطراف المسؤولية عن سلوك المحامين في المحاكم. وفي هذه القضية، لا ترى اللجنة وجود أي شيء استثنائي في الطريقة التي أدير بها الاستئناف يبرر التخلي عن هذ ا النهج. وبناء على ذلك، لا ترى اللجنة أن هناك أي انتهاك فيما يتعلق بهذه المسائل.

7-5 أما فيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة 3(ج) من المادة 14، الذي جاء في شكل تأخير مدته ثلاث سنوات وشهر واحد بين تاريخ تقديم طلب الاستئناف وتاريخ اتخاذ تدابير بشأنه، فتلاحظ ا للجنة الملابسات الخاصة لهذه القضية، أي قيام صاحب البلاغ بتقديم إخطار بالاستئناف فور انتهاء المحاكمة في اليوم الذي أدين فيه. واللجنة، إذ تلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير لهذا التأخير ولم تذكر أي عوامل يمكن بالاستناد إليها عزو التأخير إلى صاحب ال بلاغ، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14.

7-6 وبصدد الادعاءات المتصلة بانتهاك الفقرة 2 من المادة 14؛ الناشئ عن انتهاكات لضمانات المحاكمة العادلة والواردة في الفقرتين 1 و3 من المادة 14، تلاحظ اللجنة، في ضوء النتائج التي توصلت إليها والواردة أعلاه فيما يتعلق بهذه الأحكام الأخيرة، أنه لا تثور أي مسألة منفصلة في إطار الفقرة 2 من المادة 14.

7-7 أما بخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بحدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 والفقرتين 1 و3(أ) و(ب) و(د)، ناشئ عن تخفيف الحكم بالعقوبة الصادرة ضده وتحديد مدة سبع سنوات لا يمكن قبل انقضائها النظر في مسائل تتعلق بالإفراج المشروط، فتشير اللجنة إلى رأي سابق لها مفاده أن الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 لا تنطبق على عملية تخفيف العقوبة (12) . كما أن اللجنة لا تشارك وجهة النظر القائلة بأن استبدال عقوبة ا لإعدام بعقوبة السجن مدى الحياة، مع إمكانية منح الإفراج المشروط في المستقبل، يشكل "إدانة من جديد" يشوبها التعسف. ويستنتج من ذلك أن صاحب البلاغ ما زال محتجزاً على نحو مشروع طبقاً للحكم الأصلي الصادر ضده، على النحو المعدل بالقرار الصادر بتخفيف العقوبة، ولا تث ور في هذا الصدد مسألة احتجاز مناف للمادة 9. وبناء على ذلك، لا ترى اللجنة أن هناك أي انتهاك للعهد فما يتعلق بهذه المسائل.

7-8 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار الفقرة 1 من المادتين 7 و10 بشأن الظروف المحددة لحبسه وطول مدة هذا الحبس في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام عليه، يجب على اللجنة، في حالة عدم وجود أي ردود من الدولة الطرف، أن تولي الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ نظراً لعدم وجود ما يفندها. وترى اللجنة، على نحو ما خلصت إليه مراراً في ادعاءات قدمت فيها دُفوع مماثلة (13) ، أن أوضاع الاحتجاز التي وص َفها صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً لحقه في التمتع بمعاملة إنسانية وباحترام للكرامة المتأصلة للإنسان، ومن ثم فهي تتنافى مع الفقرة 1 من المادة 10. وفي ضوء هذا الاستنتاج المتعلق بالمادة 10، وهي من أحكام العهد التي تعالج بالتحديد حالة الأشخاص الذين يحرمون من حريته م والتي تشمل فيما يتعلق بهؤلاء الأشخاص العناصر المنصوص عليها عموماً في المادة 7، ليس هناك ما يدعو إلى النظر بصورة منفصلة في الادعاءات الناشئة بموجب المادة 7.

8- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إذ تتصرف عملاً بالفقرة 4 من المادة 5، من البروتوكول الاختياري ا لملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك للفقـرة 1 من المادة 10، والفقرة 3(ج) من المادة 14، من العهد.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على الدولة الطرف الالتزام بتوفير سبيل انتصاف فع ال لصاحب البلاغ. كما أن الدولة الطرف ملزمة بتحسين الأوضاع الحالية لاحتجاز صاحب البلاغ أو إخلاء سبيله.

10- وقد اعترفت جامايكا، عندما أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا. وقد قدم هذا البلا غ للنظر فيه قبل انسحاب جامايكا من البروتوكول الاختياري الذي أصبح نافذاً اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 1998؛ ووفقـاً للفقـرة 2 من المادة 12، ما زالت جامايكا تخضع لتطبيق البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بهذا البلاغ وعملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف يكون فعالاً وقابلاً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) Prison Conditions in Jamaica: An Americas Watch Report (Human Rights Watch, New York, May 1990).

(2) المرجع نفسه، At 13 and, further, Report of the Task Force on Correctional Services (Ministry of Public Services, Jamaica, March 1989).

(3) تم تخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن مدى الحياة بمقتضى حكم مجلس الملكة في قضية برات ومورغان ضد جامايكا Pratt and Morgan v. Jamaica . ومن غير المعروف ما هو على وجه التحديد التاريخ الذي اتخذ فيه الحاكم العام القرار بتخفيف العقوبة.

(4) في قضية بل ضد مدير الادعاء العام، Bell v. Director of Public Prosecutions [1986] LRC 392، اعترف مجلس الملكة بوجود صعوبة حقيقية في تأمين حضور الشهود إلى المحاكم.

(5) القضية رقم 8/1977، الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 1980.

(6) يشير صاحب البلاغ إلى سند قضائي في هـذا الصـدد هـو قضية ر. ضد نيوتن R. v. Newton (1973) l WLR 233وقضية جاردنر ضد ولاية فلوريداGardner v. State of Florida 430 US 439, 358 (1977).

(7) فاليـنتيني دي بـازانو وآخـرون ضد أوروغواي Valentini de Bazzano et al v. Uruguay ، البلاغ رقم 5/1977، الآراء المعتمدة في 18 آب/أغسطس 1979.

(8)[1989] 11 EHRR 439.

(9) انظر، على سبيل المثال، سيمسون ضد جامايكا Simpson v. Jamaica ، البلاغ رقم 695/1996، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

(10) المرجع نفسه.

(11) هنري ودوغلاس ضد جامايكا ، البلاغ رقم 571/1994، الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 1996.

(12) كيندي ضد ترينيداد وتوباغو ، البلاغ رقم 845/1998، الآ راء المعتمدة في 26 آذار/مارس 2002.

(13) انظــر علـى سبيل المثال، سكتس ضد ترينيداد وتوباغو (Sextus v. Trinidad and Tobago) ، البلاغ رقم 818/1998، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001 .

واو - البلاغ رقم 814/1998 باستوخوف ضد بيلاروس *

(الآراء التي اعتمدت في 5 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد ميخائيل إيفانوفيتش باستوخوف

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ البلاغ : 11 شباط/فبراير 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب ال مادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 آب/أغسطس 2003،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 814/1998 الذي قدمه إلى اللجنة السيد ميخائيل إيفانوفيتش باستوخوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد ميخائيل إيفانوفيتش باستوخوف، وهو مواطن بيلاروسي. وهو مقيم في مينسك (بيلاروسيا). ويزعم أنه ضحية انتهاكات بيلاروسيا للمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويُستشف من إفادات صاحب البلاغ أن البلاغ يثير كذلك مسائل في إطار الفقرة 1 من المادة 14، والمادة 25(ج) من العهد. ولا يمثل صاحب البلاغ محام.

ـــــــــــــــ

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في هذا البلاغ: السيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد عبد الفتاح عمر، والسيد رومن فيروشيفسكي.

ويرد في تذييل هذه الوثيقة رأي فردي وقعه عضوا اللجنة السيدة روث ودجوود والسيد والتر كالين.

1-2 وقد دخل العهد والبروتوكول ال اختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى بيلاروس في 23 آذار/مارس 1976 و30 كانون الأول/ديسمبر 1992 على التوالي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 28 نيسان/أبريل 1994، قام المجلس الأعلى (البرلمان)، وفقاً للإجراء القانوني ذي الصلة، وبخاصة الدستور الصادر في 15 آذار/ مارس 1994، بانتخاب صاحب البلاغ قاضياً بالمحكمة الدستورية لفترة 11 عاماً.

2-2 وبموجب مرسوم رئاسي مؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 1997، فقد صاحب البلاغ منصبه على أساس أن ولايته قد انقضت عقب دخول الدستور الجديد المؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 (1) حيز التنفيذ.

2 -3 وفي 11 شباط/فبراير 1997، قدّم صاحب البلاغ شكوى إلى محكمة محلية لإعادته إلى منصبه. وفي 21 شباط/فبراير 1997، رفضت المحكمة قبول الدعوى.

2-4 وفي 31 آذار/مارس 1997، قام صاحب البلاغ باستئناف ذلك القرار لدى محكمة مينسك المحلية التي رفضت استئنافه في 10 آذار/مار س 1997 على أساس أن المحاكم غير مخولة سلطة النظر في النـزاعات المتعلقة بإعادة الأشخاص إلى مناصبهم، كما في حالة قضاة المحكمة الدستورية، الذين عينهم المجلس الأعلى لجمهورية بيلاروس.

2-5 وفي 2 حزيران/يونيه 1997، تقدم صاحب البلاغ بطلب مراجعة قضائية إلى المحكمة ا لعليا. وفي 13 حزيران/يونيه 1997، رفضت المحكمة العليا الطلب على أساس ما تقدم.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أن المرسوم الرئاسي المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 1997 غير قانوني.

3-2 وهو يوضح أن المرسوم يشير إلى المادة 146 من دستور 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 الذي ينص على أن يعين رئيس الجمهورية والبرلمـان والحكومة، خلال شهرين من دخول الدستور حيز التنفيذ، الأجهزة الخاضعة لولاية كل منهم. وهو يحتج بأنه لا يمكن للدستور، أكثر من أي قانون آخر، أن يمس، بمفعول رجعي، المركز القانوني لأي مواطن. وهو يزعم، فيما يتعلق بحالته، أن ه لا يمكن استبدال القضاة إلا عند شغور مناصبهم وبالتالي فإن من الواضح أن تقليص مدة ولايته يعتبر إجراء تعسفياً.

3-3 ويضيف صاحب البلاغ أن أنشطة المحكمة الدستورية يحكمها قانون خاص، وهو قانون المحكمة الدستورية لجمهورية بيلاروس. وتتضمن المادة 18 من القانون قائمة مستفيضة بالظروف التي يمكن أن تقلص في إطارها ولاية القضاة. ولا يرد السبب المذكور في المرسوم المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 1997 ضمن تلك الظروف، وتبعاً لذلك يجب أن يعتبر المرسوم غير قانوني. وإضافة إلى ذلك، فإن المرسوم ينتهك المادة 25 من الدستور التي تضمن استق لال القضاء بوسائل تشمل إجراءات خاصة بإيقاف القضاة عن العمل وتنحيتهم عن مناصبهم.

3-4 ويزعم صاحب البلاغ أن المحاكم قد أخطأت في حقه إذ حرمته من الحماية التي يوفرها لـه القانون في نزاعه مع رئيس الدولة، مما يشكل انتهاكاً للمادة 2 من العهد.

3-5 ويقول صاحب البلاغ إنه استنفد سبل الانتصاف المحلية وإن القضية ليست معروضة على أية هيئة أخرى من هيئات التحقيق أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 ترى الدولة الطرف في ملاحظاتها بتاريخ 14 تموز/يوليه 1998 أن البلاغ ينبغي أن يعتبر غير مقبول.

4-2 وهي تؤكد أن الأحكام القضائية المتعلقة بدعاوى صاحب البلاغ تتسق مع المادة 224 من قانون العمل. وتنص تلك المادة على وجوب أن ينظر بموجب القانون في أي نزاع يتعلق بإنهاء خدمة أشخاص عينهم رئيس الدولة، أو انتخبهم أو عينهم أو ثبتهم البرلمان أو انتخبتهم ا لمجالس المحلية للنواب، وتبعاً لذلك تحاجج الدولة الطرف بالقول إن قانون العمل ينص بالنسبة إلى الأشخاص الذين تشملهم نفس فئة صاحب البلاغ، أي الأشخاص الذين انتخبهم البرلمان، على إجراء لتسوية النزاعات يختلف عن الإجراء العادي. وتخلص الدولة الطرف إلى القول إن صاحب البلاغ لم يتبع الإجراء الذي ينص عليه القانون وإن شكواه من أنه لم يتمكن من إنفاذ حقوقه ليس لها بالتالي أي أساس من الصحة.

4-3 وتكرر الدولة الطرف، في ملاحظاتها بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2001، القول بأن خدمات صاحب البلاغ كقاض قد أُنهيت بموجب المرسوم الرئاس ي على أساس انقضاء فترة ولاية قضاة المحكمة الدستورية. وتشدد مجدداً على أنه بموجب المادة 224 من قانون العمل، لا تعتبر قضية صاحب البلاغ من القضايا التي تنظر فيها المحاكم.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن قانون العمل الصادر في 1 كانون الثاني/يناير 2000 قد حل مح ل قانون العمل السابق (وبالتالي المادة 224) وأعطى مفعولاً كاملاً ليس فقط لأحكام المادة 60 من دستور 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 التي تضمن حماية الحقوق والحريات الفردية من جانب محكمة مستقلة ومحايدة ضمن الحدود الزمنية التي يحددها القانون، وإنما أيضاً لأحكام ال مادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتعلق بوسائل الانتصاف القضائية.

4-5 وتقول الدولة الطرف إنه تبعاً لذلك، ووفقاً للمادة 242 من قانون العمل، يحق لكل شخص أن يقدّم دعوى إلى محكمة خلال شهر لإعادته إلى وظيفته.

4-6 وبالتالي، تؤكد الدولة الطرف أن قانون العمل الجديد قد أزال جميع القيود على اللجوء إلى المحاكم وأنه كان بوسع صاحب البلاغ أن يقدم استئنافاً إلى المحاكم خلال المهلة الزمنية المحددة. وهي تقول إنه ليست لديها معلومات بشأن حالة صاحب البلاغ في هذا الصدد.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يُعيد صا حب البلاغ أولاً، في تعليقاته المؤرخة 20 آذار/مارس 2002، بيان الأسباب التي تجعله يعتبر أن المرسوم الرئاسي المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 1997 غير قانوني. ويقول إن تطبيق المرسوم لا يمكن أن يُبرّر باعتباره "مرتبطاً بانقضاء مدة الولاية القضائية" ذلك لأنه لا وجود لهذه العبارة الأخيرة في القانون البيلاروسي الحالي. وتبعاً لذلك، فإن الإجراء الذي اتخذه رئيس الجمهورية قد شكّل تدخلاً في عمل المحكمة الدستورية وانتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ المدنية والوظيفية.

5-2 ثانياً، يعتبر صاحب البلاغ أن التعليل الذي قدمته الدولة الطرف ب شأن اختصاص المحاكم فيما يتصل بهذه القضية غير مقنع ولا يستند إلى القانون الساري وقتئذ.

5-3 ويوضح صاحب البلاغ أن المادة 61 من دستور 15 آذار/مارس 1994 تضمن حماية الحقوق والحريات الفردية من جانب محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، وهو مبدأ ينطبق مباشرة في غياب أي قان ون يجعل ذلك المبدأ يقتصر على فئات محددة من المواطنين. ويرى صاحب البلاغ أن هذا المبدأ ينطبق بالتالي على قضاة المحاكم العليا، بما فيها المحكمة الدستورية، فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لحقوقهم في العمل.

5-4 ويؤكد صاحب البلاغ، إضافة إلى ذلك، أن المادة 4 من ق انون الإجراءات المدنية تجبر المحاكم على قبول أي شكوى من أي مواطن لأغراض النظر فيها.

5-5 ويؤكد صاحب البلاغ أنه نتيجة لرفض النظر في شكواه، تكون المحكمة المحلية ومحكمة مينسك المحلية والمحكمة العليا قد انتهكت التشريع السابق الذكر. وهو يدعي أن المحاكم قد تصرفت على النحو الذي تصرفت به لأن النـزاع موضوع البحث يمسّ رئيس الدولة الذي بإمكانه أن يخلع القضاة المعنيين. ويشدد صاحب البلاغ على أن المحاكم في بيلاروس هي محاكم غير مستقلة عن الجهاز التنفيذي، ولا سيما رئيس الجمهورية.

5-6 ويضيف صاحب البلاغ أن المادة 224 من قانون العمل ما كان من الممكن أن تطبق إلا إذا رفضت المحاكم الدعوى المقامة أمامها بعد إجراء محاكمة. ونظراً إلى أن المحاكم قد رفضت حتى النظر في الدعوى التي قدمها، فإن تذرع الدولة الطرف بتلك المادة هو تذرع في غير محله.

5-7 ثالثاً، يفند صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف القائلة بأن قانون العمل الجديد يمكِّنه من تقديم دعوى إلى المحاكم خلال فترة زمنية محددة. ويشير في هذا الصدد إلى أنه سُرِّح من الجهاز القضائي قبل أكثر من أربع سنوات من دخول قانون العمل حيز التنفيذ.

النظر في مدى مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري والعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، كما تنص على ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن القضية ذاتها ليست موضع نظر أمام أية هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، أحاطت اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف فيما يتعلق أولاً بأن دعوى صاحب البلاغ لم تكن في إطار اختصاص المحاكم، و ثانياً أنه يمكن بموجب قانون العمل الجديد الصادر في 1 كانون الثاني/يناير 2000 تقديم استئناف إلى المحاكم. كما وضعت اللجنة في اعتبارها حجج صاحب البلاغ القائلة بأنه وفقاً للدستور ولقانون الإجراءات المدنية وقانون العمل الساري المفعول عندئذ، كانت المحاكم مجبرة ع لى النظر في الشكوى التي تقدم بها وأن تذرع الدولة الطرف بقانون العمل الجديد هو تذرع غير وجيه نظراً إلى أن المهلة الزمنية المحددة التي قررها ذلك القانون للتقدم بالاستئناف لا يمكن أن تطبق بأثر رجعي على نزاع نشب عام 1997.

6-4 وتذكِّر اللجنة بأن المادة 91 من نظ امها الداخلي والفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تقتضيان ضمنياً أن تقدم الدولة الطرف في العهد إلى اللجنة جميع المعلومات المتوفرة لديها بما في ذلك، في مرحلة البت في مقبولية البلاغ، معلومات مفصلة عن سبل الانتصاف المتوفرة لضحايا الانتهاكات المزعومة في ظل ملابسات قضاياهم. وتعتبر اللجنة، أولاً، أن الدولة الطرف لم تقدم معلومات عن سبل الانتصاف الفعلية والمتوفرة. وتعتبر اللجنة، ثانياً، أن الدولة الطرف قد أشارت إلى توفر سبيل انتصاف أمام المحاكم بموجب قانون العمل الجديد وأنه، وفقاً للمعلومات المتاحة للجنة، لا يمكن ربط ذلك السبيل بالملابسات المحددة لقضية صاحب البلاغ نظراً إلى أنه لم يكن متاحاً فيما يتعلق بفقدان وظيفة جدت قبل ثلاثة أعوام من سنّ القانون. وتبعاً لذلك، فإن اللجنة مقتنعة بأن صاحب البلاغ قد استوفى الشروط المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وعلى ضوء الاستنتاجات السالفة الذكر، تعلن اللجنة أن بلاغ صاحب البلاغ مقبول، وهو يثير قضايا تشملها المادتان 14 و25 من العهد، مقترنة بالمادة 2. وتبعاً لذلك، تشرع اللجنة في النظر في أسس البلاغ، الموضوعية وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ على ضوء جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفان.

7-2 وقد توصلت اللجنة، إلى آرائها واضعة في اعتبا رها أولاً أن الدولة الطرف لم تقدم للجنة حججاً مدعمةً بما فيه الكفاية بخصوص سبل الانتصاف الفعلية المتاحة في هذه القضية، وثانياً، أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحب البـلاغ بشأن إنهاء خدماته في الجهاز القضائي أو بشأن استقلال المحاكم في هذا الصدد. وتلفت اللجنة الانتباه إلى أن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تنص على أن تقوم الدول الأطراف بموافاة اللجنة بالإيضاحات أو البيانات الكتابية اللازمة لاستجلاء القضايا، مع الإشارة عند الاقتضاء إلى أية تدابير لرفع الظلامة قد تكون اتخذتها. وبناء على ذلك، ي جب أن يُعترف بوجاهة الادعاءات ذات الصلة لصاحب البلاغ نظراً إلى أنهها قد جاءت مدعمة بالأدلة على نحو وافٍ.

7-3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحب البلاغ على عدم جواز تسريحه من الجهاز القضائي نظراً إلى أنه كان قد انتُخب، وفقاً للقانون الساري وقتئذ، قاضياً بتاريخ 25 نيسان/أبريل 1994 لولاية تدوم 11 عاماً. كما تلاحظ اللجنة أن المرسوم الرئاسي 106 المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 1997 لا يستند إلى استبدال المحكمة الدستورية بمحكمة جديدة بل إنه يشير إلى صاحب البلاغ شخصياً. والسبب الوحيد الذي تضمنه المرسوم الرئاسي لعزل صاحب ا لبلاغ عن منصبه هو نهاية فترة ولايته كقاض بالمحكمة الدستورية، ومن الواضح أن هذا ليس صحيحاً. وإضافة إلى ذلك، لم تتح وسائل حماية قضائية فعلية لصاحب البلاغ للاعتراض على تسريحه من الجهاز القضائي. وفي ظل هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن عزل صاحب البلاغ من منصبه كقاض في المحكمة الدستورية، قبل سنوات عديدة من نهاية الولاية التي عُيِّن لها، ينال من استقلال القضاء ولا يحترم حقوق صاحب البلاغ، استناداً إلى مبدأ المساواة العامة، في العمل وفي الخدمة العمومية في بلده. وتبعـاً لذلك، فقد انتُهكت المادة 25(ج) من العهد مقترنة بالفق رة 1 من المادة 14، بشأن استقلال القضاء، وأحكام المادة 2.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 25(ج) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وا لسياسية، بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 14، بشأن استقلال الجهاز القضائي وأحكام المادة 2.

9- وعلى الدولة الطرف, وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، التزام بأن توفر لصاحب البلاغ سبيلاً فعالاً للانتصاف، بما في ذلك التعويض. كما أن على الدولة الطرف التزاما ً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- واللجنة, إذ تضع في اعتبارها أن بيلاروس، بدخولها طرفاً في البروتوكول الاختياري، تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف تعهدت, عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل ل جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سُبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً, معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. ك ما تطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراءها.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) "المرسوم الرئاسي رقم 106 المؤرخ 24 كانون الثاني/ينا ير 1997 الذي يُنحي السيد ميخائيل باستوخوف عن منصبه كقاض بالمحكمة الدستورية: وفقاً للمادة 146 من دستور بيلاروس، يُنحى السيد باستوخوف عن منصبه كقاض بالمحكمة الدستورية لدى انقضاء ولايته".

تذييل

رأي فردي أبداه عضوا اللجنة السيدة روث ودجوود والسيد والتر كالين (موافقان)

إن عزل القاضي ميخائيل إيفانوفيتش باستوخوف عن منصبه كقاض بالمحكمة الدستورية لبيلاروس كان جزءاً من محاولة للنيل من استقلال الجهاز القضائي. وفي حين يمكن تغيير نظام تشكيل المحاكم الوطنية بوسائل ديمقراطية شرعية، فإن التغيير في هذه القضية كان محاولة ل تعزيز سلطة جهاز واحد من أجهزة الحكم بذريعة إجراء استفتاء دستوري. وقد حال ذلك دون اكتمال تحول الدولة الطرف نحو جهاز قضائي مستقل. وتبعاً لذلك، فإن المرسوم الرئاسي الذي تم بموجبه عزل القاضي باستوخوف عن منصبه كقاض بالمحكمة الدستورية قد انتهك الحقوق المضمونة لـ ه ولشعب بيلاروس بموجب المادتين 14 و25 من العهد.

(توقيع ): روث ودجوود

(توقيع): والتر كالين

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزية هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير.]

زاي- الب لاغ رقم 829/1998، جدج ضد كندا *

(الآراء التي اعتمدت في 5 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : روجر جدج (يمثله المحامي اريك ساتون)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 7 آب/أغسطس 1998 (الرسالة الأولى)

إن الل جنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 آب/أغسطس 2003،

وبعد أن انتهت من نظرها في البلاغ رقم 829/1998، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم السيد روجر جدج بموجب البروتوكو ل الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 7 آب/أغس طس 1998، هو روجر جدج، وهو مواطن من الولايات المتحدة الأمريكية، كان في وقت تقديم هذا البلاغ محتجزاً في سانت آن دي بلين ST-Anne-des-Plaines، كيبيك بكندا، وتم ترحيله في يوم تقديم البلاغ، أي 7 آب/أغسطس 1998. وهو يدعي أنه وقع ضحية لقيام كندا بانتهاك المواد 6 و7 و10 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ويمثله محام.

ــــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد أحمد توفيق خليل، السيد فرانكو دي باسكوال يه، السير نايجل رودلي، السيد مارتين شاينين، السيد عبد الفتاح عمر، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيد والتر كالين، السيد راجسومر لالاه، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين.

ولم تشارك السيدة روث ودجوود في اعتما د هذه الآراء عملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة.

ويرد في تذييل لهذه الوثيقة رأي فردي بتوقيع عضو من أعضاء اللجنة هو السيد راجسومر لالاه.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 15 نيسان/أبريل 1987، أصدرت محكمة القانون العام في فيلادلفيا، بنسيلفانيا، حكم ها بإدانة صاحب البلاغ بتهمة ارتكاب جريمتي قتل عمد من الدرجة الأولى وحيازة أداة ارتكاب الجريمة. وفي 12 حزيران/يونيه 1987، حكم عليه بالإعدام بالكرسي الكهربائي. وهرب من السجن في 14 حزيران/يونيه 1987 وفر إلى كندا (1) .

2-2 وفي 13 تموز/يوليه 1988، أُدين صاحب البل اغ بارتكاب سرقتين ارتكبهما في فانكوفر، كندا. وفي 8 آب/ أغسطس 1988، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات. واستأنف صاحب البلاغ الحكم الصادر ضده، إلا أن استئنافه رُفض في 11 آذار/مارس 1991.

2-3 وفي 15 حزيران/يونيه 1993، صدر أمر بترحيل صاحب البلاغ. وكان هذا الأمر مشرو طاً، إذ إن صاحب البلاغ أعلن عن اعتزامه طلب اللجوء. وفي 8 حزيران/يونيه 1994، سحب طلب اللجوء الذي قدمه، وعند هذه النقطة أصبح أمر الترحيل نافذاً.

2-4 وفي 26 كانون الثاني/يناير 1995، قامت الهيئة الوطنية الكندية للإفراج المشروط، بناء على طلب من دائرة السجون الك ندية، بإعادة النظر في قضيته وأمرت باحتجازه إلى حين انتهاء مدة عقوبته، أي 8 آب/أغسطس 1998 (2) .

2-5 وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، كتب صاحب البلاغ إلى وزير شؤون الجنسية والهجرة يطلب منه تدخل الوزارة من أجل وقف أمر الترحيل الصادر ضده، إلى حين ورود طلب من سلط ات الولايات المتحدة بهذا الشأن وتلقيه. وإذا كان ترحيله قد تم بموجب معاهدة تسليم المجرمين، لتمكنت كندا من طلب ضمانات من الولايات المتحدة بأنه لن يُعدم. وفي رسالة مؤرخة 18 شباط/فبراير 1998، رفض الوزير طلبه (3) .

2-6 والتمس صاحب البلاغ الإذن من المحكمة الفيدرال ية الكندية لتقديم طلب بالمراجعة القضائية لرفض الوزير. والتمس صاحب البلاغ في طلبه وقف تنفيذ أمر الترحيل إلى حين تسليمه وإصدار إعلان يفيد بأن احتجازه في كندا وترحيله إلى الولايات المتحدة يشكلان انتهاكاً لحقوقه بموجب الميثاق الكندي. ورُفض طلب الإذن المقدم من صاحب البلاغ في 23 حزيران/يونيه 1998. ولم تبد أي أسباب لهذا الرفض، ولا يمكن الطعن في رفض منح الإذن.

2-7 ثم قدم صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا في كيبيك، التي تشترك مع المحكمة الفيدرالية الكندية في الاختصاص، التماساً مطابقاً لذلك الذي قدمه إلى المحكمة الفيدرا لية. وفي 6 آب/أغسطس 1998، قضت المحكمة العليا بعدم الاختصاص نظراً لأن المحكمة الفيدرالية نظرت بالفعل في هذا القضية، رغم أنها لم تكلل بالنجاح.

2-8 ويؤكد صاحب البلاغ على أنه بالرغم من أنه يمكن الطعن في الحكم الصادر عن المحكمة العليا أمام محكمة الاستئناف، فإن هذا لا يمكن أن يعتبر سبيلاً فعالاً للانتصاف، لأن المسألـة كانت ستقتصر على اختصاص المحكمة لا على الأسس الموضوعية للقضية.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن كندا سببت لـه معاناة ذهنية تعتبر بمثابة معاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة، إذ إنها احتجزته لمدة عشر سنوات كان خلالها على يقين من أن الإعدام يتهدده في نهاية عقوبته، وأن هذا يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد. ويؤكد أنه عانى من "ظاهرة جناح المحكوم عليهم بالإعدام" أثناء احتجازه في كندا. وهذا يعني حالة كر ب عقلي ونفساني، وهو يرى أنه لا يهم كثيراً أن عقوبة ال إعدام لن تُنفذ في الأراضي الكندية. ويزعم صاحب البلاغ أنه لا يوجد سبب موضوعي يدعو الدولة الطرف إلى فرض عقوبة عليه ذلك أنه كان محكوماً عليه بالإعدام في كل الأحوال، حتى وإن كان ذلك في بلد طرف آخر، وبالتالي، لم يكن لما فعلته الدولة الطرف من نتيجة سوى إطالة أمد كربه في السجن وهو ينتظر ترحيله وإعدامه. وأفيد أيضاً في هذا الصدد، أن صاحب البلاغ لم يُعامل معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للمادة 10 من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن "كندا، باحتجازها لـه لمدة عشر سنوات با لرغم من أنه يواجه الإعدام المؤكد في نهاية عقوبته، وباقتراحها الآن ترحيله إلى الولايات المتحدة، قد انتهكت حقه في الحياة، وهذا يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد".

3-3 كذلك يزعم صاحب البلاغ أنه محروم، بسبب وضعه كهارب، من كامل إجراءات الاستئناف في الولايات المتح ـدة، بموجب تشريع بنسيلفانيا، ومن ثم، فإن كندا بإعادتها إياه إلى الولايات المتحدة تكون شاركت في انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب البلاغ أن قاضي التحقيق ارتكب أخطاء في توجيهاته للمحلفين، الأمر الذي كان يمكن أن يشكل سبباً للطعن في إدانته وعقوبته على السواء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ غير مقبولة بالنظر إلى عدم استنفاده سبل الانتصاف المحلية، وتقصيره في إثارة مسائل بموجب العهد، وعدم إثبات ادعاءاته بالأدلة، وعدم توافق بلاغه مع ال عهد.

4-2 وبشأن عدم استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق باحتجازه في كندا، تجادل الدولة الطرف أولاً بأن صاحب البلاغ لم يرفع قضيته أمام المحاكم المختصة في كندا في الوقت المناسب. وفي 1988، لم يقم صاحب البلاغ أثناء جلسة النطق بالحكم عليه واستئن افه ضد إدانته بالسرقة بتقديم شكوى، كما يدعي الآن، بأن عقوبة السجن لمدة عشر سنوات، على ضوء إدانته والأحكام الصادرة في حقه في الولايات المتحدة، تعتبر معاملة أو عقوبة قاسية تنطوي على انتهاك للمادة 12 من الميثاق الكندي للحقوق والحريات. ولم يسق صاحب البلاغ هذه الحجج إلا في عام 1998، عندما أصبح ترحيله من كندا وشيكاً.

4-3 ثانياً، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقم بالطعن لدى شعبة الاستئناف التابعة للهيئة الوطنية للإفراج المشروط في كندا أو بالطعن أمام المحاكم في كل من قرار الهيئة الوطنية للإفراج المشروط الذي يقضي بعدم الإفراج عنه قبل انقضاء كامل مدة عقوبته، والمراجعات السنوية لهذا القرار. ولو كان نجح في رفع دعاوى الاستئناف هذه، فإنه ربما كان قد أُفرج عنه قبل انقضاء مدة عقوبته. ولا يتفق عدم اللجوء إلى سبل الانتصاف هذه بصورة واضحة مع موقف صاحب البلاغ المتمثل في القول بأن كندا انتهكت حقوقه بموجب العهد بقيامها باحتجازه في كندا بدلاً من ترحيله إلى الولايات المتحدة.

4-4 ثالثاً، تجادل الدولة الطرف بأن إذا كان صاحب البلاغ يرغب في الترحيل إلى الولايات المتحدة بدلاً من البقاء محتجزاً في كندا، كان يمكنه أيضاً أن يلتمس من إدارة شؤون الهجرة والجنسية أن تتدخل لدى الهيئة الوطنية للإفراج المشروط من أجل طلب الإفراج عنه وترحيله إلى الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، كان يمكن لـه أن يقدم طلباً بنقله إلى بنسيلفانيا بموجب معاهدة تسليم المجرمين المبرمة بين كندا والولايات المتحدة الأمر يكية بشأن تنفيذ العقوبات الجنائية. وترى الدولة الطرف أن عدم إقدام صاحب البلاغ على اتباع هذه الطرق يثير شكوكاً حول صحة تأكيده بأنه كان يرغب في ترحيله إلى الولايات المتحدة، التي حكم عليه فيها بالإعدام.

4-5 أما بخصوص عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعل ق بطلب صاحب البلاغ بوقف أمر ترحيله إلى الولايات المتحدة، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يستأنف حكم المحكمة العليا في كيبيك لدى محكمة الاستئناف. وخلافاً لما يراه صاحب البلاغ من أن سبيل الانتصاف هذا لن يكون مفيداً لأنه سيقتصر على اختصاص المحكمة لا ع لى الأسس الموضوعية للقضية، تقول الدولة الطرف بأن التماس صاحب البلاغ رُفض لأسباب إجرائية وموضوعية على السواء، ومن ثم، فإنه كان يمكن لمحكمة الاستئناف أن تقوم بمراجعة هذا الحكم على الأسس الموضوعية.

4-6 وتذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت أن احتجازه وترح يله اللاحق إلى الولايات المتحدة يثيران مسائل بموجب المواد 6 و7 و10 والفقرة 5 من المادة 14، من العهد. وإذا كانت اللجنة ترى أن هذه المواد تنطبق في هذه الحالة، فإن الدولة الطرف تحاج بأن صاحب البلاغ قصّر في إثبات أي من ادعاءاته لأغراض المقبولية.

4-7 وفيما يتعل ق بالانتهاك المزعوم للمادتين 7 و10، تذهب الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يستشهد بأي نص يؤيد ما يؤكده من أن "ظاهرة جناح المحكوم عليهم بالإعدام" يمكن أن تنطبق على سجين محتجز في دولة ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم المرتكبة في هذه الدولة، عندما يكون هذا الشخص قد حكم عليه من قبل بعقوبة الإعدام في بلد آخر. وكان صاحب البلاغ محكوماً عليه بالسجن لارتكابه جريمتي سرقة في كندا ولم يكن في انتظار توقيع عقوبة الإعدام عليه في كندا. وبالتالي، فإن "ظاهرة جناح المحكوم عليهم بالإعدام" لا تنطبق في هذه الظروف، وادعاؤه لا يدخل ضمن نطاق المادتين 7 و10.

4-8 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن فرض عقوبة عليه في كندا لم يكن لـه سبب موضوعي حيث إنه كان محكوماً عليه بالإعدام في الولايات المتحدة، تفيد الدولة الطرف بأن مبدأ العقاب القائم على المعاقبة والتحذير والردع يتطلب فرض عقوبات في كندا على من يرتكب جرائم في كندا.

4-9 ووفقاً للدولة الطرف، إذا لم يلاحق ويعاقب المحكوم عليهم بالإعدام الفارون إلى كندا، على ما يرتكبونه من جرائم في كندا، فإن هذا سيؤدي إلى تجاوزات محتملة. أولا، سيخلق معايير مزدوجة للعدالة. وسيفلت هؤلاء الهاربون من الملاح قة، في حين أن الأفراد الذين لا يواجهون عقوبة الإعدام سيُلاحقون ويُعاقبون، رغم أن الجريمة المرتكبة في كندا هي الجريمة نفسها في كلتا الحالتين. وبالمثل، فإن ذلك سيشجع على الخروج عن القانون في صفوف هؤلاء الهاربين الذين يتمتعون بحكم الواقع بحصانة من الملاحقة ال قضائية والسجن. والحاصل أن الهاربين المحكوم عليهم بالإعدام لارتكابهم جريمة قتل في الولايات المتحدة سيكون لهم "مطلق الحرية" في ارتكاب جرائم لاحقة في كندا.

4-10 وإذا ما تبين للجنة أن وقائع هذا البلاغ تثير بالفعل مسائل بموجب المادتين 7 و10، فإن الدولة الطرف تؤ كد أن صاحب البلاغ لم يثبت بالأدلة حدوث انتهاك لهاتين المادتين لأغراض المقبولية. وتحاج الدولة الطرف بأن اللجنة كررت في العديد من المناسبات تأكيد أن الاحتجاز لمدة طويلة في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام لا يشكل انتهاكاً للمادتين 7 و10 في حالة عدم وجود ظروف قاهرة أخرى (4) . وهي تذكر أنه يجب دراسة وقائع وظروف كل بلاغ، وأن اللجنة قامت في الماضي بمراعاة العوامل الشخصية ذات الصلة لصاحب البلاغ، والظروف المحددة لاحتجازه في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام، وما إذا كانت طريقة الإعدام المقترحة مقيتة بشكل خاص. ولا تنطبق هذه الظروف في هذه الحالة. وعلاوة على ذلك، توضح الدولة الطرف أنه عندما يكون سبب التأخير في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام راجعاً إلى المتهم، خاصة عند هروبه من السجن، فلا يمكن للمتهم أن يستفيد من هذا التأخير. ولقد نشأ التأخير في هذه الحالة عن الأعمال الإجرامية التي ارتكبه ا صاحب البلاغ وهروبه وجريمتي السرقة اللتين ارتكبهما في كندا (5) .

4-11 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 6، تذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي حجة تؤيد قوله بأن احتجاز فرد لجرائم ارتكبها في هذه الدولة بالرغم من أن الشخص نفسه حُكم عليه بالإعدام في دولة أخرى يثير أي مسألة بموجب المادة 6. وفُرضت عقوبة على صاحب البلاغ في كندا لأنه ارتكب جريمتي سرقة فيها وهو لا يواجه عقوبة الإعدام في كندا.

4-12 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه بأن الترحيل من كندا يشكل انتهاكاً للمادة 6. وتعيد إلى الأذها ن حكم اللجنة بأنه "إذا اتخذت دولة طرف قراراً يتعلق بأحد الأشخاص الخاضعين لولايتها، وكانت النتيجة الحتمية والمرتقبة لذلك هي تعرض حقوق الشخص للانتهاك بموجب العهد في ولاية مختلفة، فإن الدولة الطرف نفسها قد تكون منتهكة للعهد" (6) . كذلك تستشهد الدولة الطرف بقرار اللجنة في قضية ريد ضد جامايكا ، عندما قررت أن نص المادة 6 على أنه يمكن "فرض عقوبة إعدام وفقاً للقوانين" يعني ضمناً أنه تمت مراعاة الضمانات الإجرائية المنصوص عليها في العهد (7) . ووفقاً للدولة الطرف، إذا كانت الضمانات الإجرائية الواردة في العهد قد روعيت، لما كان هناك انتهاك للمادة 6. والمسألة الوحيدة بالضمانات الإجرائية التي أثارها صاحب البلاغ هي الإمكانيات المحدودة التي يتيحها قانون بنسيلفانيا المتعلقة بالإدانة والعقوبة. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه بأنه حُرم من الحق في أن تقوم محكمة عليا للطعن في الحكم بمراجعة قضيته، وتشير مع إدخال ما يلزم من تعديل إلى ملاحظاتها بشأن الفقرة 5 من المادة 14 (أدناه).

4-13 وفيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد، تسوق الدولة الطرف عدة حجج لإثبات أنه لا توجد أي مسألة مثارة بموجب هذه المادة. أولاً، تؤكد الدو لة الطرف أن شكوى صاحب البلاغ ترتكز على قانون الولايات المتحدة وقانون ولاية بنسيلفانيا وليس على القانون الكندي. وبالتالي، ليس لدى صاحب البلاغ شكوى ظاهرة الوجاهة ضد كندا.

4-14 ثانياً، تحاج الدولة الطرف بأن حق صاحب البلاغ في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في ق ضيته، ينبغي أن يعالج بموجب المادة 6 وليس على نحو مستقل بموجب المادة 14. وتدفع بأنه، نظراً لأن اللجنة تفسر الفقرة 2 من المادة 6، على أنها تقتضي مراعاة الضمانات الإجرائية المنصوص عليها في العهد، بما فيها الحق في أن تقوم محكمة أعلى درجة بإعادة النظر، المنصوص عليه في الفقرة 5 من المادة 14، بقدر ما يثير هذا البلاغ من مسائل بموجب المادة 6، ينبغي أن يعالج هذا الحق في إعادة النظر في إطار المادة 6 فحسب.

4-15 ثالثـاً، تـدفع الدولة الطرف بأن احتجاز صاحب البلاغ في كندا، وترحيله منها لا يثير أي مسألة بموجب المادة 14، حي ث لم يكن لسجنه بسبب جريمتي السرقة اللتين ارتكبهما في كندا أي نتيجة حتمية ويمكن التنبؤ بها بالنسبة لحقه في أن يعاد النظر في بنسيلفانيا في الحكم بإدانته والعقوبة الصادرة ضده. ولاحظت أيضاً أنه لم تترتب على ترحيل صاحب البلاغ أي نتيجة حتمية ويمكن التنبؤ بها بال نسبة لحقه في الاستئناف، ذلك أن الاستئناف تم بالفعل في 1991، أثناء وجوده في السجن في كندا.

4-16 وتحاج الدولة الطرف بأنه على الرغم من أنه يمكن، في الولايات المتحدة، أن تتأثر حقوق أي سجين سلباً إذا هرب من السجن، فإن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه بأن حقه في أن تع يد محكمة أعلى درجة النظر في قضيته قد انتهك. وترفق الدولة الطرف القرار الذي أصدرته المحكمة العليا في بنسيلفانيا بشأن دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ، موضحة أن المحكمة العليا مخولة قانوناً بإعادة النظر في جميع الأحكام بالإعدام، وخاصة في مدى كفاية الأدل ة التي تؤيد الإدانة بجريمة القتل العمد من الدرجة الأولى، وقد تم بالفعل الاضطلاع بهذه المراجعة الإلزامية بشأن قضية صاحب البلاغ في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1991، والتي كان ممثلاً فيها بمحام. وأكدت المحكم العليا كلاً من الإدانة والعقوبة، وفيما يتعلق بالادعاء بأن قاضي التحقيق ارتكب أخطاء في التوجيهات التي قدمها إلى هيئة المحلفين وبأن المحكمة العليا لم تراجع هذه الأخطاء، تدفع الدولة الطرف بأنه حتى إذا كان القاضي قد ارتكب أخطاء بالفعل، فإنه لا يمكن لأي هيئة محلفين تلقت تعليمات سليمة أن تتوصل بعد دراسة واقعية للأدلة لأي نتيجة أخرى غير تلك التي خلصت إليها هيئة المحلفين في محاكمة صاحب البلاغ.

4-17 وتفيد الدولة الطرف أيضاً أنه ما زال يمكن لصاحب البلاغ أن يلجأ إلى سبيلين إضافيين للانتصاف في الولايات المتحدة. ويتمثل الأول في تقديم التماس إلى محكمة القانون العام بموجب قانون التظلم بعد الإدانة في بنسيلفانيا والتي يمكن فيها إثارة مسائل دستورية. وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم التماساً بالفعل بموجب هذا القانون. ويتمثل سبيل الانتصاف الثاني في التماس أمر بالإحضار يتم تقديمه في محكمة المنطقة الكائنة في المنطقة الشرقية لبنسيل فانيا. ولهذه المحكمة صلاحية إسقاط أحكام محاكم الكومنولث في بنسيلفانيا، إذا خلصت إلى أن الحكم بالإدانة ينتهك الحقوق المكفولة للمتهمين بارتكاب جرائم بموجب القانون الاتحادي. وإذا لم يوفق صاحب البلاغ في كلا الالتماسين، فيمكن لـه أن يستأنف لدى محاكم أعلى درجة و في نهاية المطاف لدى المحكمة العليا للولايات المتحدة.

4-18 وبالإضافة إلى ذلك، تفيد الدولة الطرف بأنه يمكن لصاحب البلاغ أن يقدم التماساً إلى حاكم ولاية بنسيلفانيا يطلب فيه العفو أو تخفيف عقوبته. وهروب صاحب البلاغ لا يمنع تقديم مثل هذا الطلب. وتذكر الدولة الط رف أنه في ضوء سبل الانتصاف المتاحة للمساجين الذي ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام، لم ينفذ سوى حكمان بالإعدام في بنسيلفانيا على مدى الثلاثين سنة الماضية.

4-19 وأخيراً، فيما يتعلق بمقبولية البلاغ ككل، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ يتنافى مع أحكام العهد، بموجب الم ادة 3 من البروتوكول الاختياري، والفقرة 1 من المادة 5 من العهد. وتؤكد على أنه ينبغي ألا تثار الأحكام الواردة في العهد كدرع واق من المسؤولية الجنائية، ويجب ألا يُسمح لصاحب البلاغ أنه بالاستناد إلى العهد في تأييد حجته القائلة بأنه كان ينبغي ألا يُحاكم في كندا على جرائم ارتكبها فيها. وعلاوة على ذلك، ينبغي ألا يستخدم أحكام العهد هؤلاء الذين تخلوا طوعاً عن بعض الحقوق باقترافهم أعمالاً إجرامية. وتدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ متناقضة. ذلك إنه يدعي من ناحية أن ترحيله من كندا إلى الولايات المتحدة يشكل انت هاكاً للمادة 6، والفقرة 5 من المادة 14 من العهد، ويزعم من ناحية أخرى أن احتجازه يشكل انتهاكاً للمادتين 7 و10. وبالتالي، تعتبر كندا أنها انتهكت العهد بترحيله وكذلك بعدم ترحيله.

رد الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 فيما يتعلق بالادعاء بانتهاك المادتين 7 و10، تقول الدولة الطرف إنه خلافاً لما ذكر في ملاحظات صاحب البلاغ، لا تقتصر "ظاهرة جناح المحكوم عليهم بالإعدام" على الضغوط النفسية التي يعاني منها السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، وإنما تتصل أيضاً بعوامل أخرى تشمل التحديد الدوري لتواريخ تنفيذ الإعدام، ويلي ذ لك إرجاء تنفيذ أحكام الإعدام، وإساءة المعاملة البدنية، والطعام غير الكافي والعزلة.

5-2 وفيما يتعلق بطلب صاحب البلاغ بوقف ترحيله إلى أن تتلقى كندا طلباً بالتسليم وضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، تشير الدولة الطرف إلى أن الولايات المتحدة غير ملزمة بأن تطلب تسليم أي هارب ولا بأن تمنح مثل هذه الضمانات. ولا يمكن توقع أن تنتظر حكومة كندا طلباً كهذا أو تنتظر منح مثل هذه التأكيدات قبل ترحيل الهاربين إلى الولايات المتحدة. إن الخطر المتمثل في أن يفلت هارب من العقاب، وعدم وجود تفويض يسمح باحتجازه إلى حين وصول طلب بتس ليمه وأهمية عدم توفير ملاذ آمن لأولئك المتهمين أو المذنبين بارتكاب جريمة قتل، هي عوامل تبرر عدم وجود التزام كهذا. وعلاوة على ذلك، فإن وزير شؤون المواطنة والهجرة ملزم قانوناً بتنفيذ أوامر الترحيل في أقرب فرصة عملية ممكنة.

5-3 أما بخصوص الادعاء بانتهاك الماد ة 6، ومزاعم صاحب البلاغ بأن هناك أخطاء ارتكبت أثناء محاكمته في بنسيلفانيا، الأمر الذي كان يمكن أن يشكل أساساً لدعوى استئناف، تذكر الدولة الطرف أنه ليس من اختصاص اللجنة استعراض الوقائـع والأدلة الواردة في المحاكمات ما لم يتبين حدوث تعسف أو إساءة تطبيق لأحكا م العدالة (8) . وسيكون من غير المناسب أن يفرض عليها التزام باستعراض إجراءات محاكمة، خاصة وأنها تمت في الولايات المتحدة.

5-4 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14، تدفع الدولة الطرف بأن هذه المادة لا تحدد نوع إعادة النظر اللازم إجراؤها، وتشير إلى الأعمال التحضيريـة (Travaux Préparatoires) للعهد، التي تزعم الدولة الطرف أنها تنص على حكم عام يعترف بمبدأ الحق في إعادة النظر، ولكنه يترك نوع إجراء إعادة النظر لتحدده الدول الأطراف وفقاً للنظم القانونية في كل منها (9) .

5-5 وتعيد الدولة الطرف التأكيد على أن المحكمة العليا في بنسيلفانيا قامت بإعادة نظر كاملة في قضية صاحب البلاغ. وتذكر أنه بالرغم من أن المتهم الذي يهرب من السجن في بنسيلفانيا يعتبر، من حيث المبدأ، أنه فقد حقه في أن يستأنف للحصول على حكم بإعادة نظر كاملة، فإن المحكمة العليا تخلت عن موقفها هذا في الآونة الأخيرة، وقررت أن يُسمح للهارب بممارسة حقوقه في التظلم بعد المحاكمة بالطريقة نفسها التي كان سيتبعها لو لم يصبح هارباً. وتوضح الدول الطرف أن ذلك يتوقف على ما إذا عاد الهارب في الوقت المناسب لإقامة إجراءات تظلم بعد المحاكمة أو دعوى الطعن. وتلاحظ أيضا ً أنه يمكن منح استثناءات فيما يتعلق بالمواعيد النهائية لرفع الدعاوى بما يسمح برفع الدعاوى في وقت متأخر (10) .

تعليقات صاحب البلاغ على رد الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

6-1 فيما يتعلق بالحجج التي ساقتها الدولة الطرف بشأن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتصل باحتجاز صاحب البلاغ في كندا، يؤكد صاحب البلاغ أن أمر ترحيله لم يصدر إلا في عام 1993، أي بعد ما يقرب من خمس سنوات من إدانته بارتكاب جريمتي السرقة. ويدفع بأنه كان من الممكن منحه إفراجاً مشروطاً مبكراً لأغراض ترحيله إلى الولايات المتحدة وما كان في هذه الحالة سيعرف أن كندا ستقرر في 1988 إبقاءه في السجن للمدة الكاملة لعقوبته البالغة 10 سنوات. وفضلاً عن ذلك، ما كان في وسعه أنه يعرف أن بالرغم من أن الولايات المتحدة كانت على استعداد لطلب تسليمه، فإنها لن تفعل ذلك "نظراً لأن ترحيل صاحب البلاغ في ن هاية المطاف إلى الولايات المتحدة يثير مشاكل أقل فيما يبدو".

6-2 وفيما يتعلق بمسألة الاستئناف لدى الهيئة الوطنية للإفراج المشروط، بما في ذلك استئناف المراجعات السنوية، يؤكد صاحب البلاغ أن عمليات الاستئناف من هذا الطابع كانت ستكون غير فعالة، حيث إنه استناداً إلى الأدلة كانت يمكن للهيئة أن تخلص فقط إلى أنه "إذا أفرج" عن صاحب البلاغ فإنه سيلحق على الأرجح، ضمن جملة أمور، ضرراً خطيراً بشخص آخر قبل انقضاء مدة عقوبته. غير أنه كان ينبغي لسلطات السجن ألا تعرض أساساً حالة صاحب البلاغ على هيئة الإفراج المشروط لمراجعتها ، بالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يكن سيفرج عنه في حقيقة الأمر عند انقضاء ثلثي عقوبته، ولكنه كان سيُسلم إلى دائرة الهجرة الكندية لترحيله، وذلك لأنه لم يكن في وسع الهيئة، عند عرض هذه الحادثة عليها، أن ترفض أصلاً إصدار حكم بشأن ما يحتمل أن يسببه صاحب البلاغ من ضرر إذا ما أفرج عنه.

6-3 وفيما يتعلق بإمكانية طلب النقل إلى الولايات المتحدة عملاً بمعاهدة تسليم المجرمين، يدفع صاحب البلاغ بأن موافقة كل من الدولتين الطرفين ضرورية لمثل هذا النقل وأن كندا لم تكن ستوافق أبداً بالنظر إلى رفضها ترحيله قبل أن يكون قد قضى مدة سجنه بالكامل. وبالإضافة إلى ذلك، يجادل صاحب البلاغ بأن عبء التماس سبل انتصاف لا يقع على عاتقه، حيث إن كافة السبل لم تكن مجدية للتعجيل بعودته إلى الولاية القضائية التي حكم عليه فيها بالإعدام.

6-4 وفيما يتعلق بإمكانية استئناف قرار المحكمة العليا في كيبيك الم تعلق بطلب صاحب البلاغ بوقف أمر الترحيل، يذكر صاحب البلاغ أن النطق بهذا القرار تم شفوياً في 6 آب/أغسطس 1998، في حوالي الساعة00/20. وحكومة كندا رحلت صاحب البلاغ في الساعات الأولى من صباح يوم 7 آب/أغسطس 1998، قبل أن يكون ممكناً الشروع في أي دعوى استئناف. وبال تالي، فإن أي استئناف مهما كان نوعه سيكون عملياً بلا أهمية وغير مفيد لأن جوهر موضوع الإجراءات لم يَعُد مندرجاً في نطاق الولاية القضائية الكندية.

6-5 ويكرر صاحب البلاغ التأكيد على أن قاضي المحكمة العليا قضى بعدم اختصاص النظر في وقف أمر الترحيل لأن المحكمة ال اتحادية كانت قد رفضت التدخل. ويدفع بحجة أنه بالرغم من أن القاضي بدأ في تحليل القضية بناء على الأسس الموضوعية، فقد كان ينبغي له عدم القيام بذلك، لأنه قضى بعدم الاختصاص ولأن أي استئناف، إن لم يكن عديم الأهمية، كان سيكون مقصوراً على مسألة معرفة ما إذا كان ينب غي أن يقضي بعدم الاختصاص وليس على مسألة ما إذا كان صاحب البلاغ قد أثبت أن حقوقه قد انتهكت بموجب الميثاق الكندي للحقوق والحريات.

6-6 ويفند صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف بشأن عدم التوافق ويقول إن الافتراض بأنه إذا ظلت الجرائم التي ارتكبها صاحب البلاغ في كندا دون عقاب، ستكون سابقة قد أرسيت يمكن بموجبها للمحكوم عليهم بالإعدام في دولة ما أن يرتكبوا جرائم ويفلتوا من العقاب خاطئ تماماً. بل على النقيض من ذلك فإذا عرف السجناء المحكوم عليهم بالإعدام أنهم سيُحاكمون بسبب ارتكاب جرائم في كندا، فإن ذلك سيشجعهم على ارتكاب جرائم فيها من أجل قضاء عقوبة سجن في كندا والبقاء على قيد الحياة، أو حتى ارتكاب جريمة قتل في كندا، بحيث يتأجل تنفيذ عقوبة الإعدام إلى أجل غير مسمى. ولو "كان تم ترحيل صاحب البلاغ عن طريق التسليم بعد القبض عليه في كندا في 1988، لما كان لديه حجج يسوقها".

6-7 و يعترض صاحب البلاغ على الحجج التي ساقتها الدولة الطرف فيما يتعلق بالأسس الموضوعية. ويؤكد أنه ليس لديه حجة للقول بأن الحبس بسبب جرائم ارتكبت في كندا يمكن أن يكون احتجازاً في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام إذ أنه لا توجد حالة مسجلة من هذا النوع. ويؤكد صاحب البلاغ أن المعاناة النفسية التي سينطوي عليها الاحتجاز في جناح المحكوم عليهم بالإعدام، بدأت منذ القبض عليه في كندا في 1988 و"لن تنتهي إلا عند إعدامه في الولايات المتحدة".

6-8 ويرفض صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف القائلة بأن القرار المتخذ في قضية برات ومورغان (11) مس وغ لاعتبار أنه لا يمكن لسجين أن يشكو عندما يكون التأخير ناجماً عن خطأ ارتكبه هو مثل "الهروب من السجن". وهو يسلم بأن الفترة التي كان فيها طليقاً لا تُحتسب كجزء من التأخير ولكن هذه الفترة بدأت منذ أن قبضت السلطات الكندية على صاحب البلاغ. كما يدفع بأنه لم يكن محتجزاً في كندا بسبب هروبه بل بالأحرى لأنه حوكم وأدين لارتكابه جريمتي سرقة.

6-9 أما فيما يتعلق بإشارة الدولة الطرف إلى ظروف الاحتجاز في وحدة المعالجة الخاصة، فيوضح صاحب البلاغ أن هذا المرفق هو مرفق الإجراءات الأمنية المشددة للغاية الوحيد من نوعه في كندا، وأنه خضع فيه "لظروف عيش مقيتة". ويدفع أيضاً بأن قرار الهيئة الوطنية للإفراج المشروط باحتجازه للسنوات العشر الكاملة وهي مدة عقوبته، والمراجعات السنوية اللاحقة التي ثبتت هذا القرار يعتبر شكلاً من أشكال الإرجاء، وإن يكن مؤقتاً، إلى حين عودته إلى الولايات المت حدة التي سينفذ فيها الحكم بإعدامه. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى مناقشة هذه المسألة في قضية برات ومورغان (مجلس الملكة) التي علق فيها اللورد غريفيث على حالة الكرب التي تنتاب السجناء المدانين الذين ينتقلون من حالة التنفيذ الوشيك لحكم الإعدام إلى حالة ت أجيل تنفيذ هذا الحكم.

6-10 ويدَّعي صاحب البلاغ أن ترحيله إلى ولاية تقيد حقوقه في الاستئناف يشكل انتهاكاً للفقرة 5 من المادة 14 من العهد، ويشير إلى أنه ينبغي قراءة المادة 6 من العهد بالاقتران مع الفقرة 5 من المادة 14 منه. أما بخصوص مسألة قيام المحكمة العليا في بنسيلفانيا بإعادة النظر في قضيته، فيذكر أن المحكمة رفضت النظر في أي ادعاءات بشأن وقوع أخطاء أثناء المحاكمة، وبالتالي، أعادت النظر في الأدلة وقررت الإبقاء على الإدانة والعقوبة. والمسائل المتعلقة بمدى ملاءمة التوجيهات المقدمة إلى هيئة المحلفين مستبعدة من هذا النوع من المراجعة.

6-11 ودون أن يطلب صاحب البلاغ من اللجنة النظر في محاضر جلسات المحاكمة على جريمة القتل، يشير أيضاً إلى الأخطاء المزعومة التي وقعت أثناء سير محاكمته والتي كان يمكن أن تغير نتيجة الدعوى. وهو يشير إلى سؤال مقدم من هيئة المحلفين تطلب فيه توضيح الفرق ما بين القتل العمد من الدرجة الأولى والدرجة الثالثة والقتل الخطأ. ولم تتلق هيئة المحلفين رداً على سؤالها، ذلك أنه تعذر تحديد مكان محامي صاحب البلاغ. وعندما ظهر المحامي في اليوم التالي، كانت هيئة المحلفين جاهزة لإصدار حكمها دون تلقي رد على طلب الإيضاح. وعندئذ صدر قرار هيئة المحلفين بالإدانة بارتكاب جريمة القتل العمد من الدرجة الأولى.

6-12 ويجادل صاحب البلاغ بأنه إذا كان يمكن قبول آلية تسمح بإعادة نظر محدودة في الدعاوى التي لا تنطوي على جرائم يعاقب عليها بعقوبة الإعدام، فإن هذا الأمر غير مقبول ال بتة عندما يتعلق الأمر بحياة المتهم، الذي حرم من أن يُعاد النظر في دعواه بوقوع أخطاء أثناء المحاكمة.

6-13 وفيما يتعلق بإمكانية تقديم التماس بموجب قانون التظلم بعد الإدانة، يؤكد صاحب البلاغ أنه قدم بالفعل التماساً بالانتصاف عن طريق رفع دعوى عندما تم ترحيله إ لى الولايات المتحدة. وقد رُفضت هذه الدعوى في 21 تموز/يوليه 1999، وبعد الإحالة إلى الدعوى السابقة، قضية الكومنولث ضد كيندلر، ( Commonwealth v. Kindler )، سيقت حجة مفادها أن وضع صاحب البلاغ كهارب جعله غير مؤهل لتقديم التماس بالانتصاف. وذكر صاحب البلاغ أيضاً أن التماسه بموجب قانون التظلم بعد الإدانة رُفض، ولا يمكن له أن يقدم طلباً بالإحضار لدى السلطات الفيدرالية، فلقد رُفض الالتماس بموجب قانون التظلم بعد الإدانة بسبب عدم احترام قاعدة من القواعد المعمول بها في الدولة.

6-14 أما بخصوص إمكانية تقديم طلب إلى حاكم ولا ية بنسيلفانيا لالتماس استبدال عقوبة صاحب البلاغ بعقوبة السجن مدى الحياة، يقول صاحب البلاغ إن المحافظ هو رجل سياسي منتخب لا يملك صلاحية القيام بمراجعة مستقلة وحيادية للقرارات القضائية. وأفيد بأن وظيفته في هذا المضمار "لا تفي باشتراطات المادتين 14 (5) و6 من العهد".

نظر اللجنة في المقبولية

7-1 قامت اللجنة في دورتها الخامسة والسبعين بالنظر في مقبولية البلاغ وتأكدت من أن هذه المسألة نفسها لا يجري بحثها في إطار أي إجراء دولي آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية.

7-2 وبشأن شكوى صاحب البلاغ المتعلقة بأحوال السجن في كن دا، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه بالأدلة، لأغراض المقبولية.

7-3 وبخصوص مسألة الانتهاك المزعوم للمادتين 7 و10 من العهد في سياق احتجاز صاحب البلاغ في كندا انتظاراً للتنفيذ المحتمل لعقوبة الإعدام في الولايات المتحدة بعد قضاء مدة سجنه في كندا، لاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يكن مودعاً في جناح المحكوم عليهم بالإعدام في كندا، ولكنه كان يقضي عقوبة مدتها 10 سنوات بسبب ارتكاب جريمة سرقة. وبناء على ذلك، لم يثر صاحب البلاغ مسائل بموجب المادتين 7 و10 في هذا الصدد، وخلصت اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلا غ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك المادة 6 من العهد بالنظر إلى احتجاز صاحب البلاغ في كندا بسبب جرائم ارتكبها على أراضيها، فإنها تعتبر أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، كيف انتُهك حقه في الحياة باحتجازه في كندا بسبب جرائم ارتكبها على أراضيها. واعتبر هذا الجانب من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-5 احتجت الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يمكنه الاستناد إلى البروتوكول الاختياري للتقدم بشكوى ضد إبعاده إلى الولايات المتحدة ال أمريكية، فهو لم يستأنف، لدى محكمة الاستئناف، طلبه بوقف تنفيذ أمر الإبعاد الصادر عن المحكمة العليا في كيبيك، لذا، فهو لم يستنفد كل سبل الانتصاف المحلية. وأشارت اللجنة إلى رد صاحب البلاغ الذي يذكر فيه بأنه لو كان قد رفع دعوى الاستئناف لكان ذلك بلا جدوى لأن م حكمة الاستئناف كانت ستقتصر على تناول مسألة الاختصاص القضائي وليس الأسس الموضوعية للدعوى، كما أشارت إلى أن الدولة الطرف أبعدت صاحب البلاغ في غضون ساعات من صدور قرار المحكمة العليا، فجعلت محاولة استئناف القرار غير واردة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعتر ض على سرعة ترحيل صاحب البلاغ بعد صدور قرار المحكمة العليا ضده وبالتالي، وبصرف النظر عما إذا كان بمقدوره الاستئناف، ترى اللجنة أن من غير المعقول توقع أن يتمكن صاحب البلاغ من استئناف مثل هذه القضية بعد أن تم إبعاده، وهو التصرف الذي اعتُبِر انتهاكا للعهد. وعل يه، رفضت اللجنة حجة الدولة الطرف بعدم قبول هذا الجزء من البلاغ نظرا لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

7-6 وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد وأن كندا قد انتهكت المادة 6 عندما أبعدته، تلاحظ اللجنة حق صاحب البلاغ، بموجب قواني ن ولاية بنسلفانيا، في الطعن الكامل في الإدانة والحكم. كذلك لاحظت اللجنة، حسب الوثائق المقدمة من الأطراف، أن المحكمة العليا في بنسلفانيا، التي يقع عليها التزام قانوني باستعراض كل حالات الحكم بالإعدام، قد استعرضت الإدانة والحكم، مع أن مدى الاستئناف كان محدود ا بعد أن أصبح صاحب البلاغ طريدا للعدالة. ووفقا لهذه الوثائق فإن صاحب البلاغ قد مثله محام وأن المحكمة قد استعرضت الأدلة والقانون والعناصر التي يجب أن تتوفر للإدانة بجريمة قتل من الدرجة الأولى والحكم بالإعدام. وفي مثل هذه الظروف الخاصة، رأت اللجنة أن صاحب ا لبلاغ لم يُثبت، لأغراض مقبولية بلاغه، أن حقوقه قد انتهكت بموجب الفقرة 5 من المادة 14، وأن إبعاده من كندا ينطوي على انتهاكٍ للمادة 6 من العهد.

7-7 وبصرف النظر عن قرارها بعدم مقبولية الدعوى القائمة على الفقرة 5 من المادة 14، فقد اعتبرت اللجنة أن الحقائق المع روضة أمامها أثارت موضوعين بموجب العهد وينبغي دراستهما حسب الأسباب الجوهرية للدعوى:

1- هل انتهكت كندا التي ألغت عقوبة الإعدام حق صاحب البلاغ في الحياة المنصوص عليه في المادة 6 أو حقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو ا لمهينة، المنصوص عليه في المادة 7 أو حقه في الانتصاف المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 2 بإبعاده إلى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام دون ضمان عدم تنفيذ هذه العقوبة؟

2- وقد أقرت الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد أُبعِد إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل تمكنه من ممارسة حقه في الاستئناف عند رفض طلبه بوقف تنفيذ أمر الإبعاد أمام محكمة الاستئناف في كيبيك. وترتب على ذلك عدم تمكن صاحب البلاغ من متابعة المزيد من سبل الانتصاف المتاحة. وهل انتهكت الدولة الطرف بإبعاده إلى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام، قبل ممارسة كافة حق وقه في الاعتراض على قرار الإبعاد حقوقه المنصوص عليها في المواد 6 و7 و2 من العهد؟

وخلصت اللجنة إلى أنه نظرا لخطورة هذه الأسئلة، ينبغي إعطاء الأطراف فرصة التعليق عليها قبل أن تبدي اللجنة وجهة نظرها بشأن الأسس الموضوعية للدعوى. وطُلب من الأطراف تقديم معلومات بشأن الوضع الإجرائي الراهن لصاحب البلاغ في الولايات المتحدة الأمريكية وبشأن سبل الانتصاف المناسبة التي يحق لـه اللجوء إليها. كما طُلب من الدولة الطرف استكمال ملاحظاتها فيما يتعلق بالأسئلة المطروحة أعلاه وتوفير المعلومات في أقرب وقت ممكن، على أن يتم ذلك عل ى أية حال خلال ثلاثة شهور من تاريخ إرسال قرار مقبولية البلاغ. وسيجري إرسال أي بيانات يتم تلقيها من الدولة الطرف إلى صاحب البلاغ الذي سيطلب منه الرد خلال شهرين.

رد الدولة الطرف على الأسس الموضوعية للدعوى بناءً على طلب اللجنة

8-1 بموجب المذكرة الشفوية المؤرخ ة في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، ردت الدولة الطرف على الأسئلة والطلب المقدم من اللجنة للحصول على المزيد من المعلومات.

1- هل انتهكت كندا العهد بعدم سعيها للحصول على ضمانات بأن عقوبة الإعدام لن تُنفّذ

8-2 تشير الدولة الطرف إلى الفقرة 1 من المادة 6، التي تنص على أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً. وتقرّ، فيما يتعلق بفرض عقوبة الإعدام، بأن الفقرة 2 من المادة 6 تسمح تحديدا بتطبيقها في البلدان التي لم تقم بإلغائها، لكنها تستوجب تنفيذها بطريقة تراعي الشروط المبينة في المادة 6.

8-3 والمادة 6 لا تشير صراحة إلى الحالة التي يتم فيها تسليم أو ترحيل شخص إلى دولة أخرى حيث يكون هذا الشخص معرضا للحكم بالإعدام. لكن الدولة الطرف تلاحظ أن اللجنة تعتبر "أنه إذا ما اتخذت دولة طرف قراراً يتعلق بأحد الأشخاص الموجودين في حدود ولايتها القضائية و كانت النتيجة الحتمية المرتقبة هي أن تتعرض حقوق هذا الشخص بموجب العهد للانتهاك في نطاق ولاية قضائية أخرى، فإن الدولة الطرف نفسها قد تكون منتهكة للعهد" (12) . وعليه، وجدت اللجنة أن المادة 6 تنطبق على الحالة التي تسعى فيها الدولة الطرف إلى تسليم أو ترحيل شخص إل ى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام.

8-4 أما المادة 6 فتجيز قيام الدول الأطراف بتسليم أو ترحيل الأشخاص إلى دول يواجهون فيها عقوبة الإعدام، على أن تتوفر الشروط الواردة في المادة 6 بشأن فرض عقوبة الإعدام. وتقول الدولة الطرف إن اللجنة، في الحالة الراهنة، تتساءل ف يما يبدو عما إذا كان فرض عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة الأمريكية يفي أم لا بالشروط المنصوص عليها في المادة 6 (13) ، بل يبدو أنها تتساءل عما إذا كان عدم حصول كندا على ضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام على صاحب البلاغ يعتبر انتهاكاً للعهد.

8-5 ووفقاً للدولة الطرف، فإن المادة 6 وتعليق اللجنة العام رقم 14 على المادة 6 (14) لم يتناولا مسألة السعي للحصول على ضمانات، ولا يوجد أساس قانوني يساند الرأي القائل بأن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام يجب عليها، بموجب القانون الدولي، السعي للحصول على ضمانات. وترى الدولة الطرف أن إدراج مثل هذا المطلب تحت المادة 6 سيشكل انحرافا كبيرا عن القواعد المقبولة لتفسير المعاهدات، بما في ذلك مبدأ أن المعاهدة ينبغي تفسيرها على ضوء نوايا الدول الأطراف كما يتبدى من أحكام المعاهدة (15) .

8-6 وتذكر الدولة الطرف أن اللجنة قد بحثت عدة بلاغات تتعلق بتسليم أو ترحيل أشخاص من كندا إلى دول يواجهون فيها عقوبة الإعدام. ولم تعرب اللجنة عن قلقها، في أي من هذه الحالات، بشأن عدم السعي للحصول على الضمانات. إضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة قد رفضت في مناسبات سابقة الاقتراح القائل بأن الدولة التي أ لغت عقوبة الإعدام وصدقت على العهد، مطالبة بالضرورة برفض تسليم المجرمين، أو السعي للحصول على ضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام. وفي بلاغ كيندلر ضد كنـدا (16) ، طرحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السؤال التالي: "هل حقيقة أن كندا قد ألغت عقوبة الإعدام ... يستوجب ع ليها رفض تسليم المجرمين أو طلب ضمانات من الولايات المتحدة الأمريكية بأن عقوبة الإعدام لن تطبق على كيندلر". وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة أعلنت في هذا الصدد "أنها لا ترى أن أحكام المادة 6 من العهد تستوجب بالضرورة من كندا رفض تسليم المجرمين أو السعي للحصول ع لى ضمانات". وهذه التعليقات تكررت في آراء اللجنة في بلاغ Ng ضد كندا (17) وبلاغ كوكس ضد كندا (18) .

8-7 أمّا بالنسبة للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والذي ينبغي بموجبه على الدول الأطراف اتخاذ كل التدابير الضرورية لإلغاء عقوبة الإعدام في حدود ولاياتها القضائية، فإن الدولة الطرف تشير إلى النتائج التي توصلت إليها اللجنة وتبين للدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الثاني أن أحكام هذا البروتوكول تعتبر أحكاماً إضافية للعهد، وخصوصا الماد ة 6 (19) . وترى أن الصك قد لزم الصمت في مسألة تسليم أو ترحيل المطلوبين ليواجهوا عقوبة الإعدام، بما في ذلك مسألة ما إذا كانت هنالك حاجة للحصول على ضمانات. ولم تعرب الدولة الطرف عن رأيها في إمكانية تفسير هذا الصك على أنه يفرض شرط السعي للحصول على ضمانات، لكنها شددت على أنها ليست طرفاً في البروتوكول الاختياري الثاني في الوقت الراهن. وعليه، يمكن فقط فحص أفعالها بموجب أحكام العهد.

8-8 واحتجت الدولة الطرف بأنه في تاريخ ترحيل صاحب البلاغ، أي 7 آب/أغسطس 1998، لم تكن هنالك متطلبات قانونية محلية تستوجب من كندا السعي لل حصول على ضمانات من الولايات المتحدة الأمريكية بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام عليه. وبينما لم تكن المحكمة العليا الكندية قد بتت في الجانب المتعلق بإجراءات الهجرة في هذه القضية، فقد تعاملت معها من حيث تسليم مطلوب للعدالة، وخلصت في قضية كيندلر ضد كندا (وزير العدل) ( 20) ، وفي قضية تسليم Ng (21) إلى أن منح الوزير حق التصرف فيما يتعلق بالحصول على ضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام، وقرار تسليم كيندلر وNg دون الحصول على هذه الضمانات لا يعد انتهاكاً لدستور كندا (22) .

8-9 وتحتج الدولة الطرف بأن تصرف أي دولة طرف يجب تقييمه على ضو ء القانون المطبق وقت حدوث الانتهاك المزعوم للمعاهدة: فعند تسليم صاحب البلاغ لم يكن هنالك شرط قانوني دولي يطالب كندا بالتماس ضمانـات بأن عقوبة الإعدام لن توقع على روجر جدج. وترى أن ذلك يبرره تفسير اللجنة للعهد في حالة كيندلر و Ng وكوكس. إضافة إلى ذلك فإن الم عاهدة النموذجية لتسليم المجرمين (23) لا تذكر عدم وجود الضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام على أنه "أساس إلزامي لرفض" تسليم شخص مطلوب، لكنها تعتبره "أساساً اختيارياً للرفض". وأخيرا، ترى أن مطالبة الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بالحصول على ضمانات في كافة الحالات عند تسليم الأشخاص إلى بلدان قد يواجهون فيها عقوبة الإعدام يعتبر مسألة تتعلق بسياسة الدولة وليس مطلبا قانونيا بموجب العهد.

8-10 وبصدد السؤال عما إذا كان ترحيل صاحب البلاغ دون ضمانات إلى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام يعتبر انتهاكا للمادة 7 من العهد، ترى الد ولـة الطرف أن اللجنة تعتبر أن تسليم أو ترحيل المطلوبين، بموجب الفقرة 2 من المادة 6، إلى حيث يواجهون عقوبة الإعدام لا يعتبر في حد ذاته انتهاكا للمادة 7 (24) . كما تلاحظ النتائج التي توصلت إليها اللجنة أنه قد تثار مسائل بموجب المادة 7 فيما يتعلق بعقوبة الإعدام رهناً ب‍ "العوامل الشخصية ذات الصلة المتعلقة بصاحب البلاغ والظروف المحددة المحيطة بالاحتجاز في جناح المحكوم عليهم بالإعدام، وما إذا كانت طريقة الإعدام المقترحة مقيتة" (25) .

8-11 وتحاج الدولة الطرف بأن اللجنة قد رفضت، في هذه القضية، أي ادعاءات فيما يتعلق با لعوامل الشخصية لصاحب البلاغ وظروف الاحتجاز في جناح المحكوم عليهم بالإعدام وطريقة الإعدام على أساس أن هذه الادعاءات غير مقبولة. والموضوع الوحيد الذي أُثير هو ما إذا كان عدم حصول كندا على ضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام يعتبر انتهاكا لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7. وتذهب الدولة الطرف إلى أنه إذا كان فرض عقوبة الإعدام بموجب الفقرة 2 من المادة 6 لا ينتهك المادة 7، فإن عدم سعي الدولة للحصول على ضمانات بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام لا يمكن أن يشكل انتهاكا للمادة 7. والحكم بغير ذلك يعني أن فرض دولة ما لعقوبة الإعدام بموجب الفقرة 2 من المادة 6 لا يشكل تعذيباً أو ضرباً من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة فحسب وإنما يعني أن الدولة التي تسلم المجرم إلى دولة أخرى دون الحصول على ضمانات بعدم تطبيق عقوبة الإعدام تكون قد عرضته لخطر فعلي لمواجهة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ومن وجهة نظر الدولة الطرف، فإن ذلك يعتبر بمثابة تفسير خاطئ للمادة 7. ولهذه الأسباب تؤكد الدولة الطرف أنها لم تنتهك المادة 7 عندما سلّمت روجر جدج إلى الولايات المتحدة دون طلب ضمانات.

8-12 وتوافق الدولة الطرف على أن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد تطلب من الدول الأطراف ضمان توفير سبل انتصاف فعالة لأي شخص تُنتهك حقوقه أو حرياته بموجب العهد، وضمان النظر في دعاوى انتهاك الحقوق أمام السلطات المختصة، وضمان تطبيق وسائل الانتصاف. وتعتمد الدولة الطرف على الحجج التي قدمته ا بشأن المادتين 6 و7 وتؤكد على ضوئها أنها لم تنتهك حقوق أو حريات صاحب البلاغ بموجب العهد. وبناء على ذلك، تقع على كندا في هذه القضية أي التزامات بموجب الفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 2.

8-13 وبالإضافة إلى ذلك ترى الدولة الطرف أن السلطات القضائية المختصة يمكن أ ن تبتَّ في ادعاءات انتهاك حقوق وحريات الأشخاص، وأن توفر سبل الانتصاف الفعالة متى تم إثبات مثل هذه الادعاءات بالأدلة. وتحاج الدولة الطرف على وجه الخصوص بأنه كان من الممكن التوجّه إلى المحاكم المحلية (26) للبت في مسألة ما إذا كان على الدولة الطرف الحصول على ض مانات بعدم تطبيق عقوبة الإعدام على صاحب البلاغ.

2- هل يُعتبر ترحيل صاحب البلاغ إلى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام قبل تمكينه من ممارسة كل حقوقه في الاعتراض على الترحيل انتهاكا لحقوقه بموجب المواد 6 و7 و2 من العهد؟

8-14 تعتمد الدولة الطرف، مع التعديل المقتضى حسب الأحوال، على الحجج التي قدمتها من قبل فيما يتعلق بالسؤال الأول الذي طرحته اللجنة. وخصوصا حجتها بأن المادة 6 وتعليق اللجنة العام ذا الصلة (27) لم يتطرقا لمسألة ما إذا كان على الدولة السماح للأشخاص بممارسة كافة حقوقهم في الاستئناف قبل ترحيلهم إلى دولة حك م عليهم فيها بالإعدام. ولا يوجد أي سند قانوني لهذا الاقتراح، وإيجاد تبرير لذلك في المادة 6 يشكل انحرافاً كبيراً عن الأنظمة المقبولة لتفسير المعاهدات. ومن وجهة نظر الدولة الطرف، فإن الفقرة 4 من المادة 6 والفقرة 5 من المادة 14 توفران ضمانات مهمة للدولة الطرف التي تسعى لفرض عقوبة الإعدام (28) ، لكنهما لا تنطبقان على الدولة الطرف القائمة بترحيل أو تسليم المطلوبين إلى دولة حكم عليهم فيها بالإعدام.

8-15 وتشير الدولة الطرف إلى أن المادة 48 من قانون الهجرة (29) تنص على ضرورة تنفيذ أمر الترحيل حالما يكون ذلك ممكنا مع م راعاة أي أوامر إدارية أو قضائية لوقف التنفيذ ، بمعنى أن الوزير يصبح ملزما من الناحية القانونية بتنفيذ أمر الترحيل في أقرب وقت ممكن عندما لا توجد أحكام بوقف تنفيذه، وليس لديه حرية تصرف كبيرة في هذا الصدد. وفي الحالة الراهنة، ترى الدولة الطرف أن صـاحب البـلا غ لم تنطبق عليه أحكام التوقيف الإداري بموجب المادتين 49 و50 من قانون الهجرة وأن طلبه الحصول على أمر قضائي بوقف التنفيذ قد رفضته المحاكم التي نظرت فيه.

8-16 وتدفع الدولة الطرف بأن طلب السماح بالمراجعة القضائية لرد الوزير الذي جاء فيه أنه لا يمكنه إرجاء التر حيل، والذي تضمّن مذكرة مطولة يعرض فيها الحجج، قد نظرت فيه محكمة فيدرالية من قبل ورفضته. كما نظرت المحكمة العليا في كيبيك في الالتماس الذي تقدم به صاحب البلاغ بخصوص نفس الموضوع ورفضته لأسباب إجرائية وتتعلق بموضوع الدعوى. ولم تجد أي من المحكمتين سببا كافيا ل وقف تنفيذ الترحيل. وتحاج الدولة الطرف بأنها إذا قررت وقف تنفيذ أمر الترحيل إلى أن يتم استنفاد كل مستويات الاستئناف، فذلك يعني أن مرتكبي الجرائم الخطيرة، مثل صاحب البلاغ، سيبقون في كندا لفترات أطول، مما يؤجل ترحيلهم لأمد طويل مع عدم ضمان حبس أمثاله من الـمج رمين الخطرين طوال جميع مراحل الاستئناف (30) .

8-17 وعما إذا كان هنالك انتهاك للمادة 7 في هذا الصدد، تعتمد الدولة الطرف، مع التعديل المقتضى حسب الأحوال، على الحجج التي قدمتها سابقا بشأن السؤال الأول الذي طرحته اللجنة. وعلى وجه الخصوص، إذا كان فرض عقوبة الإعدا م على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 6 لا يعتبر انتهاكا للمادة 7، فإن عدم قيام الدولة بمنح الشخص إمكانية اللجوء إلى كل سبل التظلّم القضائية قبل ترحيله إلى الدولة التي تفرض عقوبة الإعدام لا يمكن اعتباره انتهاكا للمادة 7. وتدفع الدولة الطرف بأن الم سألة الجوهرية هي ما إذا كانت الدولة الطرف التي تفرض عقوبة الإعدام تراعي المعايير المحددة في المادة 6 وأحكام العهد الأخرى ذات الصلة، وليس ما إذا كانت الدولة الطرف التي ترحّل شخصا إلى دولة يواجه فيها عقوبة الإعدام قد منحته أم لا الفرصة الكافية لمراجعة قرار ا لترحيل قضائيا.

8-18 وفيما يتعلق بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ترى الدولة الطرف أنها لم تنتهك أياً من حقوق صاحب البلاغ التي يكفلها له العهد، حيث أُتيحت له، قبل ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فرصة كافية للمراجعة القضائية لأمر ترحيله، بما في ذلك إعا دة النظر في ما إذا كان الترحيل ينتهك ما له من حقوق كإنسان.

8-19 وبشأن وضع صاحب البلاغ في الولايات المتحدة حاليا، أوضحت الدولة الطرف أن مكتب وكيل نيابة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، أبلغها أن صاحب البلاغ محبوس حاليا في أحد سجون الولاية ولم يحدد بعد تاريخ لتنف يذ عقوبة الإعدام.

8-20 وفي 23 أيار/مايو 2002، رفضت المحكمة العليا في بنسلفانيا التظلم الذي قدمه صاحب البلاغ بعد إدانته. كما قدّم مؤخرا عريضة بخصوص أمر الإحضار إلى المحكمة الفدرالية في الولاية. والقرارات السلبية الصادرة عن محكمة الولاية يمكن استئنافها لدى م حكمة الاستئناف الفيدرالية للدائرة القضائية الثالثة. كما يمكن أن يعقب ذلك استئناف لدى المحكمة العليا للولايات المتحدة الأمريكية. وإذا رُفضت طعون صاحب البلاغ على المستوى الفيدرالي، يمكن تقديم طلب عفو إلى حاكم الولاية. إضافة إلى ذلك، تؤكد الدولة الطرف أنه وفق ا لولاية بنسلفانيا لم تنفّذ عقوبة الإعدام إلاّ على ثلاثة أشخاص منذ إعادة العمل بها في 1976.

8-21 ودون الإخلال بأي من الحجج السابقة، أطلعت الدولة الطرف اللجنة على التطورات التي سُجلت محلياً منذ الأحداث التي ارتبطت بهذه القضية. ففي 15 شباط/فبراير 2001، رأت ا لمحكمة العليا الكندية، في قضية الولايات المتحدة الأمريكية ضد بيرنز (31) ، أن الحكومة يجب عليها في كل الحالات، فيما عدا القضايا الاستثنائية، أن تحصل على ضمانات بعدم تطبيق عقوبة الإعدام، عند تسليم المجرمين إلى دولة يواجهون فيها عقوبة الإعدام. وتبين الدولة الطر ف أن إدارة شؤون الجنسية والهجرة الكندية تدرس التأثير المحتمل لهذا القرار على ترحيل المهاجرين.

رد صاحب البلاغ على الأسس الموضوعية للدعوى عملاً بطلب اللجنة

9-1 رد صاحب البلاغ، في رسالته بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2003، على طلب المعلومات المقدم من اللجنة وع لّق على الحجج التي قدمتها الدولة الطرف. وذكر أنها اعتمدت، في موضوع ترحيل وتسليم المجرمين، على القرار المتخذ في قضية كيندلر ضد كندا (32) لتبرير حجتها بأن الدولة الطرف التي ألغت عقوبة الإعدام لا تكون قد انتهكت العهد بالضرورة إذا لم تطلب ضمانات بعدم تطبيق عقوب ة الإعدام، وتكون بذلك قد أساءت تأويل الحقائق المرتبطة بقضية كيندلر فضلاً عن مفعول قرار اللجنة في هذا الصدد.

9-2 أولاً، يحتج صاحب البلاغ بأن قضية كيندلر تعالج مسألة التسليم التي تختلف عن الإبعاد. وذكر بيان اللجنة بأن العهد كان يمكن أن يكون قد انتُهِك "إذا ت م اتخاذ قرار التسليم بلا ضمانات بصورة تعسفية أو على وجه الاستعجال". ومع ذلك، وبما أن الوزير قد درس حجج السيد كيندلر قبل الأمر بتسليمه دون ضمانات، فإن اللجنة لا ترى أن القرار قد تم "تعسّفا أو على وجه الاستعجال". والقضية قيد البحث الآن تتعلق بالإبعاد، وليس ه نالك إجراء قانوني يمكِّن الشخص المبعد من طلب ضمان عدم تنفيذ عقوبة الإعدام.

9-3 ثانياً، يشدد صاحب البلاغ على أنه التمس من المحاكم الكندية إعلان أن ترحيله عن طريق الإبعاد من شأنه أن ينتهك حقوقه بموجب الميثاق الكندي للحقوق والحريات، وذلك من أجل إرجاء ترحيله م ن كندا و"إجبار" الولايات المتحدة الأمريكية على المطالبة بتسليمه، الأمر الذي كان سيمكّنه من أن يطلب من وزير العدل السعي للحصول على ضمانات بعدم تطبيق عقوبة الإعدام. ونظرا لعدم تمتع وزير العدل بمثل هذه السلطات في حالة الطرد، فقد حرمت الدولة الطرف صاحب البلاغ من الحماية التي توفرها معاهدة تسليم المجرمين ولم يتم مطلقاً استعراض إمكانية طلب هذه الضمانات. وأوضح صاحب البلاغ أن الولايات المتحدة كان يمكن أن تطلب تسليمه، وقد أرفق رسالة مؤرخة في 3 شباط/فبراير 1994 من مكتب وكيل النيابة في فيلادلفيا تبين إمكانية الشروع في إجراءات التسليم إذا كان ذلك ضرورياً. وكان من الممكن اللجوء إلى النظام القضائي المحلي لمواجهة رفض الوزير طلب الضمانات. وبحكم "تجاوزها" عن عملية التسليم وإرجاع صاحب البلاغ ليواجه عقوبة الإعدام، يقال إن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه بموجب المواد 6 و7 و2 (3) م ن العهد حيث إنها، وخلافا لما فعلت في قضية كيندلر، لم تدرس الأسس الموضوعية للضمانات.

9-4 وعما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ بإبعاده قبل أن يمارس كافة حقوقه في الاعتراض على قرار الإبعاد، يرى صاحب البلاغ أن تفسير الدولة الطرف لالتزاماتها ت قييدي للغاية، وأن القضايا التي تتعلق بعقوبة الإعدام تتطلب اهتماما خاصا. وبترحيله في غضون ساعات عقب صدور قرار المحكمة العليا في كيبيك (تم التسليم في ساعة متأخرة من المساء)، فإن الدولة الطرف قد ضمنت ألا تكون المسائل المتعلقة بالحقوق المدنية التي أثارها صاحب البلاغ محلّ مراجعة جديدة.

9-5 ويحتج صاحب البلاغ بأن هذا النهج التقييدي يخالف صياغة التعليق العام للمادة 2 الذي جاء فيه "... تعتبر اللجنة أن من الضروري لفت انتباه الدول الأطراف إلى أن الالتزام بمقتضى العهد لا يقتصر على احترام حقوق الإنسان، بل إن الدول الأطر اف قد تعهدت كذلك بأن تضمن التمتع بهذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين ضمن ولايتها". وقيام الدولة الطرف بترحيل صاحـب البلاغ على عجل لكي لا يتمتع بممارسة حقه في الاستئناف، لا تكون قد انتهكت الفقرة 3 من المادة 2 من العهد فحسب بل وانتهكت أيضا روح هذا التعليق ال عام.

9-6 ويذكر صاحب البلاغ أن للوزير قدر من حرية التصرف بموجب المادة 48 من قانون الهجرة ولم يكن ملزما بترحيله "فوراً". كما أن القضاء المحلي يقر واجب الوزير في ممارسة هذا الحق لكل حالة على حدة. ويشير إلى قضية وانغ ضد وزير شؤون الجنسية والهجرة (33) حيث ارتئي "أن حرية التصرف التي ينبغي ممارستها هي التحول أم لا إلى إجراءات أخرى قد تجعل أمر الترحيل غير فعال أو غير قابل للتطبيق، علماً بأن موضوع هذه المسألة هو تحديد ما إذا كان ترحيل هذا الشخص قد يعرضه لخطر الموت أو عقوبة أخرى قاسية". ووفقا لهذا المبدأ، يعتقد صاحب ا لبلاغ أنه كان ينبغي عدم ترحيله إلا بعد أن تتاح لـه فرصة إعادة النظر في الاستئناف. ولولا أن الإبعاد قد منعه من التمتع بحقه في الاستئناف، لكان من الممكن أن تكون قضيته قيد النظر في النظام القضائي الكندي عندما قررت المحكمة العليا الكندية، في قضية الولايات المت حدة الأمريكية ضد بيرنز (34) ، أنه، فيما عدا قضايا استثنائية، يجب طلب الضمانات في كل القضايا التي قد تفرض فيها عقوبة الإعدام، وكان بإمكانه عندئذ الاستفادة من ذلك القرار.

9-7 وبخصوص حجة الدولة الطرف (الفقرة 8-13) التي مؤداها أنّ "مسألة ما إذا كانت كندا مطالبة أم لا بالسعي للحصول على ضمانات بعدم تطبيق عقوبة الإعدام على روجر جدج"، أوضح صاحب البلاغ أن الدولة الطرف أساءت فهم موقفه القانوني. أما الإجراءات التي قام بها في كندا فقد كان الغرض منها وقف تنفيذ أمر إبعاده لإجبار الولايات المتحدة الأمريكية على طلب تسليمه، و في هذه المرحلة وحدها كان في الإمكان إثارة مسألة الحصول على الضمانات.

9-8 وفيما يتعلق بالموقف القانوني الراهن لصاحب البلاغ، اعترض هذا الأخير على القول بأن تاريخ تنفيذ الإعدام لم يحدد. فقد ورد أن حاكم الولاية قد وقّع في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2002 على مذكرة ت نفيذ الإعدام المقرر ليوم 10 كانون الأول/ديسمبر 2002. ومع ذلك عُلِق التنفيذ في انتظار أمر الإحضار أمام المحكمة الاتحادية المحلية.

المسائل والإجراءات القانونية المعروضة أمام اللجنة

10-1 بحثت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان البلاغ على ضوء المعلومات التي وفرها ال طرفان بموجب الفقرة 1 من المادة 5 في البروتوكول الاختياري.

السؤال-1 هل انتهكت كندا التي ألغت عقوبة الإعدام حق صاحب البلاغ في الحياة بموجب المادة 6 أو حقه بموجب المادة 7 في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المه ينة أو حقه في سبل الانتصاف الفعالة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد بترحيله إلى دولة حكم عليه فيها بالإعدام دون ضمانات بعدم تطبيق العقوبة ؟

10-2 وبالنظر لالتزامات كندا، بوصفها دولة طرفاً ألغت عقوبة الإعدام، في ما يخص ترحيل أشخاص إلى بلد آخر محكوم عليهم فيه بالإعدام، تذكّر اللجنة بالأحكام القضائية السابقة في قضية كيندلر ضد كندا (35) ، التي جاء فيها أنّ إبعاد شخص من بلد ألغى عقوبة الإعدام إلى آخر يواجه فيه هذه العقوبة يمثل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 من العهد. والأساس المنطقي الذي استندت إليه اللجنة في هذا القرار يقوم على تفسير للعهد يجمع بين أحكام الفقرة 1 من المادة 6 وأحكام الفقرة 2 من المادة 6 التي لا تمنع فرض عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الأشد خـطورة. وبما أن كندا ليست هي التي فرضت عقوبة الإعدام وإنما أبعدت صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليو اجه هذه العقوبة، فالترحيل في حد ذاته لا يعد انتهاكا ما لم يوجد خطر حقيقي بتعرض الحقوق المكفولة لصاحب البلاغ بموجب العهد للانتهاك في الولايات المتحدة الأمريكية. أما بخصوص مسألة الضمانات فترى اللجنة أن أحكام المادة 6 لا تتطلب من كندا بالضرورة رفض ال تسليم أو السعي إلى الحصول على ضمانات، ولكن ينبغي على الأقل أن تفكر الدولة القائمة بالتسليم في ذلك.

10-3 ومع إقرار اللجنة بضرورة ضمان اتساق وتماسك أحكامها القضائية، تُلاحظ إمكانية وجود أوضاع استثنائية تستدعي مراجعة مدى تطبيق الحقوق التي يحميها العهد، مثلاً عندما يشم ل الانتهاك المزعوم أبسط الحقوق الأساسية، وهو الحق في الحياة، خصوصا إذا كانت هنالك تطورات واقعية وقانونية وتغيرات في الرأي العالمي تجاه المسألة المثارة. واللجنة تدرك حقيقة أن السابقة القضائية سالفة الذكر قد وُضعت قبل حوالي 10 سنوات، ومنذ ذلك الوقت وتوافق ال آراء الدولي آخذ في التزايد لصالح إلغاء عقوبة الإعدام، كما يوجد في الدول التي احتفظت بعقوبة الإعدام توافق آراء متزايد حول عدم تنفيذها. وتلاحظ اللجنة أنه ومنذ قضية كيندلر، اعترفت الدولة الطرف نفسها بالحاجة إلى تعديل قانونها المحلي لتأمين حماية المجرمين الذين يتم ترحيلهم من كندا لدول يواجهون فيها عقوبة الإعدام، كما هو الحال في قضية الولايات المتحدة الأمريكية ضد بيرنز . ففي تلك القضية، رأت المحكمة العليا في كندا أن الحكومة يجب أن تسعى، في كل القضايا، ما عدا الاستثنائية منها، إلى الحصول على ضمانات بعدم تطبيق عقوب ة الإعدام قبل تسليم الشخص المطلوب إلى دولة يواجه فيها هذه العقوبة. وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب شروط هذا الحكم، فإن "الدول الأخرى التي ألغت عقوبة الإعدام لا تسلم المطلوبين دون الحصول على ضمانات (36) ." وترى اللجنة أن العهد ينبغي أن يُفسر على أنه صك حيٌ وأن ال حقوق التي يحميها ينبغي تطبيقها في إطار وعلى ضوء الظروف السائدة حالياً.

10-4 وتلاحظ اللجنة، لدى استعراض تطبيقها للمادة 6، أنه وفقا لما تقتضيه اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، ينبغي تفسير المعاهدات بنية حسنة وفقا للمعاني العادية التي ينبغي إعطاؤها للتعابير حس ب السياق الواردة فيه وفي ضوء موضوع المعاهدة وغرضها. وتعتبر الفقرة 1 من المادة 6 التي تنص على أن "كل كائن بشري يتمتع بالحق الأصيل في الحياة" بمثابة قاعدة عامة الغرض منها حماية الحياة. والدول الأطراف التي ألغت عقوبة الإعدام عليها التزام بموجب هذه الفقرة بحما ية هذا الحق في كل الظروف. أما الفقرات من 2 إلى 6 من المادة 6 فالواضح أنها قد أدرجت لتفادي قراءة للفقرة 1 من هذه المادة يمكن أن يفهم منها إلغاء عقوبة الإعدام. لقد تم تعزيز صياغة المادة من خلال العبارات الافتتاحية للفقرة 2 ("في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإع دام") والفقرة 6 ("ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قِبَل أية دولة طرف في هذا العهد"). وفي واقع الأمر أن الفقرات من 2 إلى 6 لها مهمة مزدوجة تتمثل في إيجاد استثناء يتعلق بالحق في الحياة فيما يتصل بعقوبة الإعدام مع تحديد قيود بشأن مدى هذا الاستثناء. وعقوبة الإعدام التي تصدر عندما تتوفر عناصر معينة هي فقط التي تستفيد من هذا الاستثناء. ومن بين هذه القيود تلك المذكورة في العبارات الافتتاحية للفقرة 2، وتحديدا عبارة فقط الدول الأطراف التي "لم تلغ عقوبة الإعدام" هي التي يم كنها الاستفادة من الإستثناءات المذكورة في الفقرات من 2 إلى 6. وبالنسبة للبلدان التي ألغت عقوبة الإعدام، هنالك التزام يتمثل في عدم تعريض شخص لخطر تنفيذ هذه العقوبة عليه. لذا، لا يجوز لهذه البلدان ترحيل أشخاص من ولايتهم القضائية، سواء كان ذلك عن طريق الإبعاد أو التسليم، إذا كان من المتوقع إلى حد معقول أنه سيُحكم عليهم بالإعدام، دون ضمان عدم تنفيذ هذه العقوبة.

10-5 وتقر اللجنة بأن تفسير الفقرتين 1 و2 من المادة 6 بهذه الطريقة، يعني معاملة الدول الأعضاء التي ألغت عقوبة الإعدام وتلك التي لم تلغها بشكل مختلف. كما تعتبر اللجنة أن هذا الإجراء هو نتيجة حتمية لصياغة الأحكام نفسها التي سعت، كما يتضح جليا من الأعمال التحضيرية، إلى التوفيق بين وجهات نظر متباينة بشأن عقوبة الإعدام، وذلك في محاولة لإيجاد حل وسط بين واضعي الأحكام. وتلاحظ اللجنة أنه قد جاء في الأعمال التحضيري ة أن الإلغاء ينبغي أن يكون أحد المبادئ الأساسية للعهد هذا، من جهة، لكنه أشير، من جهة أخرى، إلى أن عقوبة الإعدام موجودة في بلدان معينة وأن إلغاءها سيخلق مشكلات لهذه البلدان. ولقد اعتبر العديد من المندوبين والهيئات المشاركة في عملية الصياغة عقوبة الإعدام "شذ وذاً" أو "شراً لا بد منه". لذا، يصبح من المنطقي تفسير الفقرة الأولى من المادة 6 بمعنى واسع، بينما ينبغي تضييق نطاق تفسير الفقرة 2 التي تتطرق لعقوبة الإعدام.

10-6 لهذه الأسباب، تعتبر اللجنة أن كندا بوصفها دولة طرفاً ألغت عقوبة الإعدام، وبصرف النظر عن عدم تص ديقها حتى الآن على البروتوكول الاختياري الثاني الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، قد انتهكت حق صاحب البلاغ في الحياة المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 6، وذلك بترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يواجه عقوبة الإعدام، دون التأكد من عدم تنفيذها عليه. وتق ر اللجنة أن كندا لم تفرض بنفسها عقوبة الإعدام على صاحب البلاغ، لكنها بقيامها بترحيله إلى بلد يواجه فيه عقوبة الإعدام تعتبر بمثابة الحلقة الجوهرية في التسلسل السببي التي تجعل إعدامه أمرا ممكناً.

10-7 وبالنسبة لدعوى الدولة الطرف التي تطالب بتقييم تصرفها على ضوء القانون الساري وقت حدوث الانتهاك المزعوم للمعاهدة، ترى اللجنة أن حماية حقوق الإنسان تتطور وأن معنى الحقوق المنصوص عليها في العهد ينبغي تفسيره من حيث المبدأ بالرجوع إلى الوقت الذي تمت فيه دراسة القضية وليس، كما تزعم الدولة الطرف، إلى الوقت الذي وقع فيه الانتهاك المزعوم. وتلاحظ اللجنة أيضا أن موقفها، قبل إبعاد صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة، كان يتأرجح بخصوص دولة طرف ألغت عقوبة الإعدام (وهي دولة طرف في البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام)، بين ما إذا كان تطبيق عقوبة الإعدام بعد الترحيل إلى بلد آخر يُعتبر انتهاكا للعهد، وبين ما إذا كان هنالك خطر حقيقي بتطبيق عقوبة الإعدام (البلاغ رقم 692/1996، A.R.J ضد استراليا، الآراء المعتمدة في 28 تموز/يوليه 1997، والبلاغ رقم 706/1996، G.T ضد استراليا، الآراء المعتمدة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997). إضافة إلى ذلك، لا تؤثر دواعي قلق الدولة الطرف فيما يتعلق بإمكانية النظر بأثر رجعي في إطار النهج الحالي على المسائل المنفصلة التي يتم التطرق لها في السؤال 2 أدناه.

السؤال 2- لقد أقرت الدولة الطر ف بأن صاحب البلاغ قد رحِّل إلى الولايات المتحدة الأمريكية قبل أن يمارس حقه في الطعن في قرار رفض الطلب الذي قدمه إلى محكمة الاستئناف في كيبيك لوقف تنفيذ الترحيل. وبالتالي لم يتمكن من التماس المزيد من سبل الانتصاف التي قد تكون متاحة. وبترحيل صاحب البلاغ إلى دولة حُكم عليه فيها بالإعدام وقبل أن يتمكن من ممارسة كافة حقوقه للطعن في قرار الترحيل، هل تكون الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه بموجب المادتين 6 و7 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد؟

10-8 أما فيما يتصل بمسألة ما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ ال منصوص عليها في المادة 6 والفقرة 3 من المادة 2 بترحيله إلى الولايات المتحدة المحكوم فيها عليه بعقوبة الإعدام، وذلك قبل أن يمارس حقه في استئناف قرار رفض الطلب الذي قدمه إلى محكمة الاستئناف في كيبيك لوقف تنفيذ الترحيل، وبالتالي لم يتمكّن من التماس المزيد من س بل الانتصاف، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قامت بترحيل صاحب البلاغ من ولايتها القضائية في غضون ساعات بعد صدور قرار المحكمة العليا في كيبيك، وذلك بطريقة يبدو أنها محاولة لمنعه من ممارسة حقه في الاستئناف لدى محكمة الاستئناف. وليس واضحاً من الملاحظات المعروضة أمام اللجنة إلى أي مدى كان بإمكان محكمة الاستئناف أن تنظر في قضية صاحب البلاغ، إلا أن الدولة الطرف نفسها تسلّم بأن محكمة الاستئناف كان بإمكانها أن تراجع الحكم بالاستناد إلى الأسس الموضوعية للقضية، بما أن التماس صاحب البلاغ قد رفضته المحكمة الأعلى درجة لأسب اب إجرائية وموضوعية (انظر الفقرة 4-5 أعلاه).

10-9 وتشير اللجنة إلى القرار الذي اتخذته في قضية أ. ر. ج. ضد أستراليا (37) ، وهي قضية إبعاد لم تجد فيها اللجنة أن الدولة المبعِدة انتهكت المادة 6، حيث لم يكن بالإمكان التنبؤ بأنه سيحكم عليه بالإعدام، "ولأن السلطات القضائية وسلطات الهجرة التي نظرت في القضية قد عُرضت عليها حجج كثيرة "عن احتمال وقوع انتهاك للمادة 6. وتجد اللجنة في القضية موضع البحث أن الدولة الطرف، عندما منعت صاحب البلاغ من رفع دعوى استئناف حسب ما يجيزه له القانون المحلي، عجزت عن إثبات أنها أولت نظراً كافياً لادعاء صاحب البلاغ أن إبعاده إلى بلد يواجه فيه حكماً بالإعدام يعتبر انتهاكاً حقه في الحياة. وتتيح الدولة الطرف نظام استئناف بفرض ضمان حقوق أي فرد يرفع دعوى، بما في ذلك حقوق صاحب البلاغ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأهم الحقوق الأساسية، ألا وهو الحق في الحياة. وإذا وُضِع في الحسبان أن الدولة الطرف ألغت عقوبة الإعدام، فإن قرار إبعاد صاحب البلاغ إلى دولة يواجه فيها حكماً بالإعدام دون إتاحة فرصة لـه للاستفادة من سبل الاستئناف المتاحة لـه، يُعتبر قراراً تعسفياً ومخلاً بالمادة 6 وكذلك بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

10-10 وبعد أن وجدت اللجنة أن هناك انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد وحدها مقروءة بالاقتران بالفقرة 3 من المادة 2، لا ترى ضرورة للنظر فيما إذا كانت الوقائع ذاتها تعتبر بمثابة انتهاك للمادة 7 من العهد.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملا ً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع كما تبيَّنت للجنة تكشف عن إخلال كندا بالفقرة 1 من المادة 6 فقط من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالاقتران بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

12- وتخلص اللجنة، عملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، إلى أنه يحق لصاحب البلاغ الانتصاف المناسب، بما في ذلك الاحتجاج إن أمكن لدى الدولة المستقبلة، للحيلولة دون تنفيذ حكم الإعدام على صاحب البلاغ.

13- وحيث إن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البرو توكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبأن تكفل سبلاً مجدية للتظلم وتنفيذ الأحك ام التي تصدر في هذا الصدد إذا ثبت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ الآراء التي قدمتها اللجنة. كما تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

] اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية وا لفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

الحواشي

(1) يذكر صاحب البلاغ أن طريقة تنفيذ الإعدام قد عدِّلت بعد ذلك لتصبح الإعدام بحقنة مميتة.

(2) حسب ما أوضحته الدولة الطرف في وقت لاحق، فإنه بموجب التدابير العقابية والإفراج المشروط، يحق لأي سجين في كندا أن يتم الإفراج عنه بعد أن يكون قد قضى ثلثي مدة عقوبته (أي تاريخ الإفراج القانوني). بيد أن دائرة السجون الكندية تستعرض كل حالة من الحالات، عن طريق هيئة الإفراج ال مشروط للبت فيما إذا كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن السجين سيرتكب جريمة تسبب وفاة أو ضرراً خطيراً، إذا ما أُفرج عنه في تاريخ الإفراج القانوني. وقد توصلت دائرة السجون الكندية إلى هذا الاستنتاج فيما يتعلق بصاحب البلاغ.

(3) حسب ما أوضحته الدولة الطرف وما ورد في الوثائق المقدمة، أحاط الوزير صاحب البلاغ علماً بأنه لا يوجد حكم بموجب المادتين 49 و50 من قانون الهجرة يقضي بتأجيل الترحيل إلى حين تلقى طلب أو أمر تسليم. ومع ذلك، فإذا تلقى وزير العدل طلباً بالتسليم، فإن أمر الترحيل يؤجل عملاً بالفقرة 50(1) (أ) من قانون الهجرة. ولم يصل أي طلب تسليم.

(4) تشـير الـدولة الـطرف إلى القضايا التالية: برات ومورغان ضد جامايكا، البلاغ رقم 210/1986 و225/1987، وباريت وساتكليف ضد جامايكا، البلاغان رقم 270/1988، و271/1988، وكيندلر ضد كندا، البلاغ رقم 470/1990. والآراء ا لمعتمدة في 30 تموز/يوليه 1993، وجونسون ضد جامايكا، البلاغ رقم 588/1994 وفرانسيس ضد جامايكا، البلاغ رقم 606/1994.

(5) تشـير الـدولة الطرف إلى قضية برات ومورغان المذكورة أعلاه. ووالن وباتيست (رقم 2) (1994) 45 W.I.R. 405 at 436 (C.A., Trinidad & Tobago) .

(6 ) كيندلر ، أعلاه،

(7) ريد ضد جامايكا، البلاغ رقم 250/1987.

(8) ماكتاغارت ضد جامايكا، البلاغ رقم 749/1997 .

(9) تحيل الدولة الطرف إلىM. Nowak, U.N. Covenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary (Strasbourg: N.P. Engel, Publisher, 1993) at 266. (م . نوفاك، "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: تعليق على العهد"، (ستراسبورغ: دار ن.ب. إنغيل للنشر، 1993) الصفحة 266).

(10) تشير الدولة الطرف إلى قضية كومنولث بنسيلفانيـا ضد ديمر (Commonwealth of Pennsylvania v. Deemer, 705 A. 2d 627 (Pa. 1997).

(11) قضية برات ومورغان ضد جامايكا المشار إليها أعلاه.

(12) كيندلر ضد كندا، القضية المشار إليها أعلاه Ng ضد كندا، البلاغ رقم 469/1999، الآراء المعتمدة في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، كوكس ضد كندا، البلاغ رقم 539/1993، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتو بر 1994، G.T ضد استراليا، البلاغ رقم 706/1996، الآراء المعتمدة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 .

(13) حسب قول الدولة الطرف فيما يتعلق بشروط تطبيق عقوبة الإعدام في ولاية بنسلفانيا، خلصت اللجنة في الفقرة 7-7 من قرارها بشأن مقبولية الدعوى إلى أن لصاحب البلاغ ال حق بموجب قانون بنسلفانيا في الطعن التام في الحكم والإدانة اللتين استعرضتهما المحكمة العليا في بنسلفانيا. وترى اللجنة أن دعوى صاحب البلاغ على أساس الفقرة 5 من المادة 14 تعتبر غير مقبولة.

(14)HRI/GEN/Rev.6.

(15) تشير الدولة الطرف إلى المادة 31 من اتفاقيـة فيينا لقانون المعاهدات. وثيقة الأمم المتحدة A/Conf. 39/27(1969)، التي تبين أن "المعاهـدة ينبغي تفسيرها بنية حسنة وفقا للمعاني العادية التي ينبغي إعطاؤها لتعابير المعاهدة حسب السياق الواردة فيه وفي ضوء موضوع المعاهدة وغرضها". وتشترط المادة 31 أن يكون الم عنى المعتاد لشروط حكم ما في الاتفاقية هو المصدر الأساسي لتفسير معناه. وسياق المعاهدة لأغراض تفسير أحكامها يشمل أي اتفاق لاحق أو ممارسات الدول الأطراف التي تعطي معنىً إضافيـاً للأحكـام (الفقرتان 2 و3 من المادة 31).

(16) القضية المشار إليها أعلاه.

(17) الق ضية المشار إليها أعلاه.

(18) القضية المشار إليها أعلاه.

(19) قضية G.T ضد أستراليا ، المشار إليها أعلاه.

(20) [1991] 2 S.C.R. 779

(21) [1991] 2 S.C.R. 858.

(22) المرجع نفسه، الصفحة 840.

(23) قرار الأمم المتحدة A/RES/45/116 المعتمد في 14 كانون الثاني/ يناير 1990.

(24) كيندلر ضد كندا ، القضية المشار إليها أعلاه.

(25) كيندلر ضد كندا ، القضية المشار إليها أعلاه.

(26) تشير الدولة الطرف إلى الميثاق الكندي للحقوق والحريات، الذي تكفل المادة 24(1) منه بشكل مماثل لما ينص عليه العهد الحماية لحق الشخص في "الحي اة والحرية والأمن" وعدم حرمانه من هذا الحق "إلا بموجب المبادئ الأساسية للعدالة" (المادة 7) والحق في "عدم التعرض لأي معاملة أو عقوبة وحشية وقاسية" (المادة 12). وأي شخص يدعي أن حقه في الحرية قد انتُهك، بإمكانه التوجّه إلى أي محكمة مختصة للحصول على سبل الانتص اف وفق ما تعتبره المحكمة عادلا ومناسبا في مثل هذه الظروف.

(27) التعليق العام المذكور أعلاه.

(28) في القضية الحالية، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم بالأدلة انتهاك حقه في الاستئناف بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، لأغراض مقبولية البلاغ (الفقرة 7-7).

(29) هذا الحكم قد أُلغي واستبدل بحكم مشابه في قانون الهجرة وحماية اللاجئين.

(30) توضح الدولة الطرف أنه بموجب قانون الهجرة السابق والقانون الجديد للهجرة وحماية اللاجئين، يمكن للوزير أن يدافع عن الاعتقال خلال عملية الاستئناف على أساس أن الشخص قد يشك ل خطرا على المجتمع ككل ومن المرجح ألا يحضر بغرض ترحيله. وسوف يقوم صانع قرار مستقل بمراجعة أسباب الاحتجاز. ومع ذلك لن يكون بإمكان الوزير ضمان استمرار احتجاز الشخص، وكلما طالت فترة الاحتجاز ازداد احتمال إطلاق سراح الشخص.

(31)Neutral citation 2001 SCC 7. [2001] S.C.J No.8.

(32) القضية المشار إليها أعلاه.

(33)[2001] FCT 148 (March 6,2001).

(34) القضية المشار إليها أعلاه.

(35) القضية المشار إليها أعلاه.

(36) القضية المشار إليها أعلاه.

(37) القضية المشار إليها أعلاه.

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو، بشأن القرار القرار الذي اعتمدته اللجنة في 17 تموز/يوليه 2002 فيما يتعلق بجواز النظر في البلاغ رقم 829/1998 (قضية جَدْج ضد كندا)

لا يسعني، مع الأسف، إلا أن أُعرب عن عدم اتفاقي مع اللجنة فيما خلصت إليه في الفقرة 7-8 التي تُوَجِّه فيها نظر كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف إلى المسألتين المشار إليهما في تلك الفقرة والمتعلقتين بالمواد 6 و7 و2 من العهد، طالبةً إليهما معالجة هاتين المسألتين.

وتبين اللجنة بوضوح، في قرارها المتخذ بشأن جواز النظر في البلاغ، أن النظر فيه غير جائز فيما يتصل بالمسائل المند رجة في المواد 7، و10 (الفقرة 7-4)، و6 (الفقرة 7-5)، و14 (5) (الفقرة 7-7)، إلا أنها تخلص إلى أن الوقائع التي عرضها صاحب البلاغ تثير المسألتين المشار إليهما أعلاه. وفي البلاغ موضع البحث، عرضَ صاحبه، كما عرضت الدولة الطرف، قضيتهما على ضوء ما سبق أن اتخذته الل جنة من قرارات ومقررات بشأن القضية رقم 470/1991 ( قضية ج. كيندلر ضد كندا )، لأن الوقائع الأساسية المعروضة في البلاغين المذكورين متشابهة للغاية بل وتكاد تكون واحدة. والحجج التي ساقتها اللجنة في البلاغ موضوع البحث توحي بذلك أيضاً. وأرى في هذه الظروف أنه ليس من المنطقي بالنسبة إلى اللجنة أن تقول إن النظر في البلاغ غير جائز في الأمور المتصلة بالمواد 7 و10 و6 و14(5) من جهة، وأن تقول إنه يثير مسائل تندرج في المواد 6 و7 و2 من جهة أخرى، ما لم تحدد كيفية إزالة هذه التناقضات الظاهرة. ولا يمكن الاكتفاء بمجرد الإشارة إلى "خطورة هذه المسائل" (الفقرة 7-8): هذا إذن ما دفعني إلى الإدلاء بهذا الرأي الفردي!

( توقيع ): نيسوكي أندو

رأي فردي أدلت به السيدة كريستين شانيه بشأن القرار الذي اعتمـدته اللجنة في 17 تموز/يوليه 2002 فيما يتعلق بجواز النظر في البلاغ رقم 829/1998 (قضية جَدْج ض د كندا)

إن اللجنة، خلافاً لموقفها في قضية كيندلر ضد كندا ، تتناول في القضية الراهنة بصورة مباشرة المسألة الأساسية المتمثلة في معرفة ما إذا كانت كندا، التي ألغت عقوبة الإعدام، قد انتهكت حق صاحب البلاغ في الحياة بمقتضى المادة 6 من العهد بتسليمه إلى دولة كان يواجه فيها عقوبة الإعدام، دون التأكد من أن هذا الحكم لن ينفذ فيه.

ولا يسعني إلا أن أؤيد هذا النهج، الذي دافعت عنه وكنت آمل في أن يطبق في قضية كيندلر؛ فقد كان ذلك هو أساس الرأي الفردي الذي كنت قد أدليت به في تلك القضية.

وأعتقد بأن طرح ذاك السؤال يحول دون ضرورة تقديم جواب كتلك التي تقدمها اللجنة في هذه القضية بشأن انتهاك كندا للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

والموقف الذي اعتمدته اللجنة فيما يتعلق بهذا الأمر يفترض أنها تعلن اختصاصها للنظر في الحجج التي يسوقها صاحب البلاغ فيما يتعلق باحتمال الإخلال بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد، نتيجة مخالفات لأصول المحاكمة في الإجراءات المتخذة ضد صاحب البلاغ في الـولايات المتحدة، وهو موقف مشابه للموقف المتخذ في قضية كيندلر (الفقرة 14-3).

وإذا كان بإمكان اللجنة أن تعلن نفسها مختصة لتقدير درجة الخطر الذي يهدد الحياة (عقوبة الإعدام) أو يهدد السلامة البدنية (التعذيب)، اعتقد أن خلوصها إلى أن انتهاكاً قد حدث في دولة طرف في العهد نتيجةً لتقاعس دولة ثالثة عن مراعاة حكم من أحكام العهد هو أمر أقل بداهة.

واتخاذ الموقف المناقض لذلك هو بمثابة مطالبة دولة طرف تقاعست عن مراعاة حقوق الإن سان في علاقاتها مع دولة ثالثة بأن تكون مسؤولة، تجاه الشخص المعني، عن مراعاة تلك الدولة الثالثة لكافة الحقوق التي يضمنها العهد.

ولما لا؟ فلا شك في أن ذلك سيكون بمثابة خطوة إلى الأمام في مجال إعمال حقوق الإنسان، إلا أنه ستنشأ فوراً مشاكل قانونية وعملية.

ف ما هو المقصود بالدولة الثالثة، على سبيل المثال؟ وما هو الوضع فيما يتعلق بالدول غير الأطراف في العهد؟ وما هو الوضع فيما يتعلق بدولة تكون طرفاً في العهد ولكنها لا تشترك في الإجراءات؟ وهل يشمل التزام الدولة الطرف في العهد كافة الحقوق المنصوص عليها في العهد أو بعض هذه الحقوق فقط في علاقاتها مع دول ثالثة؟ وهل يمكن لدولة طرف في العهد أن تقدم تحفظاً بعدم تنفيذ العهد في علاقاتها الثنائية مع دولة أخرى؟

وبغض النظر عما تتسم به الإجابات على هذه الأسئلة من طابع معقد، فإن تطبيق الحل "الأقصى" عملياً محفوف بالمشاكل.

وإذا كان بإمكان اللجنة تأكيد أن الدولة الطرف لم تجازف أي مجازفة لا لزوم لها، ولكنه ربما كان بإمكانها إبداء رأي بشأن التدابير الوقائية التي اتخذتها الدولة الطرف لهذا الغرض، لا يمكن لها أبداً أن تكون متأكدة تماماً مما إذا كانت دولة ثالثة قد انتهكت الحقوق التي يك فلها العهد إن لم تكن تلك الدولة طرفاً في الإجراء.

لذلك اعتقد بأنه كان يجب على اللجنة في هذه القضية أن تتجنب إبداء رأي فيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14، وأنه كان يجب عليها أن تنتظر رداً من الدولة الطرف بشأن المسألة الأساسية المتصلة بقيام دولة ألغت عقوبة ا لإعدام بطرد شخص إلى دولة يكون فيها الشخص المطرود معرضاً لخطر الإعدام، نظراً إلى أن العبارات التي ستصاغ بها المسألة المتصلة بالفقرة 5 من المادة 14 ستختلف باختلاف الرد المقدم على السؤال الأول رهناً بما إذا كان إيجابياً أم سلبياً.

فإن لم يسمح لدولة ألغت عقوب ة الإعدام بأن تطرد أو تسلم شخصاً إلى دولة يتعرض فيها ذاك الشخص للإعدام، لفقدت مسألة قانونية الإجراء المتخذ في تلك الدولة أهميتها.

ولكن من جهة أخرى، إن أبقت اللجنة على الموقف الذي اعتمدته في قضية كيندلر، فستضطر إلى أن تدرس بدقة مسألة التزامات الدول الأطرا ف بموجب العهد في علاقاتها مع دول ثالثة.

( توقيع ): كريستين شانيه

رأي فردي أبداه السيد هيبوليتو سولاري - يريغوين، عضو اللجـنـة، بشأن القرار الذي اعتمدته اللجنة في 17 تموز/يوليه 2002 فيما يتعلق بجواز النظر في البلاغ رقم 829/1998 (قضية جَدْج ضد كندا) (رأي مخ الف)

إنني لا أتفق مع اللجنة فيما خلصت إليه بشأن هذا البلاغ، وذلك للأسباب المبينة أدناه:

ترى اللجنة أن محامي صاحب البلاغ قدم، لأغراض جواز النظر في البلاغ، أدلة تثبت ادعائه أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الحياة بموجب المادة 6 والفقرة 5 من المادة 14 من العهد ، بإبعاده إلى الولايات المتحدة حيث صدر عليه حكم بالإعدام، كما ترى اللجنة أن شكواه مطابقة لما ورد في العهد. وبناءً عليه، تعلن اللجنة جواز النظر في هذا الجزء من البلاغ ويجب النظر في وقائعه الموضوعية.

نظر اللجنة في القضية من حيث وقائعها الموضوعية

فيما يتعلق باحتمال إخلال كندا بالمادة 6 من العهد بإبعادها صاحب البلاغ ليواجه حكماً بالإعدام في الولايات المتحدة، تشير اللجنة إلى المعايير التي أقرتها في مجموعة قراراتها السابقة، بما مفاده أنه يجب على الدول التي ألغت عقوبة الإعدام والتي تسلم شخصاً إلى بلد يواجه فيه ذا ك الشخص حكماً بالإعدام أن تتأكد بنفسها من أن الشخص المعني لا يتعرض لخطر حقيقي بانتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 6 من العهد (1) .

وتنوِّه اللجنة بأن الحجة التي ساقتها الدولة الطرف في هذا البلاغ أن سبل انتصاف إضافية عديدة أتيحت لصاحب البلاغ لإعادة النظر ف ي قضيته، كتقديم التماس إلى المحكمة الابتدائية ذات الاختصاص العام لتخفيف الحكم بعد الإدانة، وطلب أمر بالمثول أمام محكمة الولايات المتحدة المحلية لمنطقة شرقي بنسلفانيا، والتماس الرأفة من حاكم بنسيلفانيا، واستئناف الدعوى أمام محكمة التمييز العليا في بنسيلفاني ا. وتلاحظ اللجنة أن محكمة التمييز العليا في بنسيلفانيا أعادت النظر بصورة تلقائية وغيابياً في الحكم الصادر بحق صاحب البلاغ عندما كان معتقلاً في كندا. وعلى الرغم من وجود محام يدافع عنه، لم تجرِ محكمة التمييز العليا استعراضاً كاملاً للقضية، كما لم تستعرض كفاي ة الأدلة، أو الأخطاء المحتملة أثناء المحاكمة أو تناسب العقوبة. ولا يعتبر هذا النوع من الاستعراض متساوقاً والحق الذي تحميه الفقرة 5 من المادة 14 من العهد التي تنص على إجراء تقييم كامل للأدلة ولإجراءات المحاكمة. وترى اللجنة أن مثل هذا القصور في قضية يمكن فيه ا إصدار حكم بالإعدام يعتبر بمثابة حرمان الفرد من محاكمة عادلة، الأمر الذي يتنافى والحق الذي تحميه الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. كما ترى اللجنة أن هروب صاحب البلاغ من الولايات المتحدة منعاً لتنفيذ حكم الإعدام بحقه لا يُحِلُّ كندا من التزاماتها بموجب العهد . وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف واجبة المساءلة عن الإخلال بأحكام المادة 6 من العهد نتيجة لإخلالها بأحكام الفقرة 5 من المادة 14 منه.

وقد أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأنه لا يوجد أي قانون يجيز لها اعتقال صاحب البلاغ بعد انقضاء المدة ا لتي حكم عليه بأدائها، وأنها اضطرت بالتالي إلى إبعاده. وترى اللجنة أن هذه الإجابة غير مرضية لأسباب ثلاثة، هي: (1) أن كندا قامت بإبعاد صاحب البلاغ وهي تعلم أنه لن يحق لـه استئناف الحكم في قضية خاضعة لعقوبة الإعدام؛ وأن السرعة التي توختها كندا في إبعاد صاحب ا لبلاغ لم تتح لـه فرصة الطعن في قرار إبعاده؛ (3) وأن كندا اتخذت في هذه القضية قراراً من طرف واحد ولا يمكن لها بالتالي أن تتمسك بالتزاماتها بموجب معاهدة التسليم التي أبرمتها مع الولايات المتحدة نظراً إلى أن الولايات المتحدة لم تطلب في أي وقت من الأوقات تسليم صاحب البلاغ.

وتجد اللجنة، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن كندا عندما أبعدت صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة ولم تتخذ التدابير الوقائية اللازمة لضمان مراعاة حقوقه المنصوص عليها في المادة 6 وفي الفقرة 5 من المادة 14 من العهد مراعاة كاملة، قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 2 من العهد التي تقضي بأن تكفل الدولة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها.

وتطلب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى الدولة الطرف أن تبذل ما بوسعها من جهود بصورة عاجلة للحي لولة دون فرض عقوبة الإعدام على صاحب البلاغ أو لإتاحة فرصة لـه لإعادة النظر في كامل قضية إدانته والحكم الصادر بحقه. وعلى الدولة الطرف أن تضمن عدم حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

ونظراً إلى أن الدولة الطرف اعترفت بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري باختصاص ا للجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا وأنها تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وذلك بتوفير سبل انتصاف فعالة وبتنفيذ ما يصدر من أحكام في ذاك الصدد إذا ثبت وقو ع الانتهاك، تود اللجنة أن تتلقى، في غضون 90 يوماً، معلومات من الدولة الطرف بشأن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ الآراء المقدمة من اللجنة. كما تطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء.

( توقيع ): هيبوليتو سولاري - يريغوين

الحاشية

(1) البلاغ رقم 692/1996، أ. أ. ج. ضد أستراليا ؛ والبلاغ رقم 706/1996، ت. ضد أستراليا ؛ والبلاغ رقم 470/1991، كيندلر ضد كندا ؛ والبلاغ رقم 469/1991، شيتات نغ ضد كندا ؛ والبلاغ رقم 481/1992، كوكس ضد كندا .

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة السيد راجسومر لالاّه، (رأي مؤيد)

أعرب عن تأييدي الكامل لق رار اللجنة بإعادة النظر في النهج الذي كانت قد اعتمدته في قضية كيندلر ضد كندا بخصوص التفسير الصحيح لعبارة "الحق في الحياة (ال‍ ) ملازم لكل إنسان" الذي تكفله المادة 6(1) من العهد. هذا التفسير المنقح يرد توضيحه بشكل جيد في الفقرتين 10-4 و10-5 من آراء اللجنة ا لواردة في هذه الوثيقة. غير أنني أود أن أضيف ثلاث ملاحظات.

فأود، أولاً، أن أقول إنه رغم أن من المشجع ملاحظة وجود توافق متزايد في الآراء على الصعيد الدولي تأييداً لإلغاء عقوبة الإعدام، على نحو ما لاحظته اللجنة في الفقرة 10-3 من هذه الآراء، فينبغي التذكير بأ ن اللجنة، عندما كانت تنظر في آرائها بخصوص قضية كيندلر قبل زهاء 10 سنوات، كانت الاختلافات كبيرة فيها فيما يتعلق بالالتزامات التي تتعهد بها الدولة الطرف بموجب المادة 6(1) من العهد عندما تبت فيما إذا كان يجب إبعاد فرد ما من إقليمها إلى دولة أخرى كان قد حكم عل يه بالإعدام فيها. وكان خمسة على الأقل من أعضاء اللجنة قد أبدوا آراء مخالفة لآراء اللجنة، ولا سيما فيما يتعلق بجوهر المادة 6(1) من العهد وبتنفيذها وتفسيرها. وتم بيان الأسباب التي دفعت هؤلاء الأعضاء الخمسة إلى الاعتراض، في آراء فردية مستقلة أُلحِقَت بهذا الر أي المستقل بوصفها الآراء ألف وباء وجيم ودال وهاء. ولقد تم في الرأي المستقل المدرج في التذييـل هـاء بيان الحدث الذي يبدو أكثر صلة بالموضوع (الفقرات 19 إلى 25).

أما ملاحظتي الثانية فهي أن أحكاماً أخرى من العهد، ولا سيما ما ورد منها في المادة 5(2) وفي المادة 26، قد تتسم بالأهمية في تفسير المادة 6(1)، على النحو المذكور في بعض الآراء الفردية المقدمة.

وإنه لمن المشجع أيضاً أن تكون محكمة التمييز العليا لكندا قد أقرت في حالات مماثلة وجوب أن يكون الحصول على ضمانات وكما لاحظت اللجنة، خاضعاً لاستثناءات. وأتساءل إلى أي مدى يمكن أخذ تلك الاستثناءات في الاعتبار من وجهة نظر مفاهيمية، نظراً إلى أن المادة 6(1) قائمة بحد ذاتها، ونظراً إلى الأثر الذي قد يترتب على المادة 5(2) وكذلك على المادة 26 التي تحكم تصرفات الدول الأطراف في المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ولكن تلك هي عقبة يجب على اللجنة أن تتخطاها في قضية مناسبة.

( توقيع ): راجسومر لالاّه

الحاشية

(1) للاطلاع على هذه الآراء الفردية، يرجى الرجوع إلى البلاغ رقم 470/1991، قضية كيندلر ضد كندا الواردة في الفصل الثاني عشر، شين من التقرير السنوي A/48/40، المجلد الثاني.

حاء- البلاغ رقم 836/1998، جيلازاوسكاس ضد ليتوانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 17 آذار/مارس 2003، الدورة السابعة والسبعون)

المقدم من : كيستوتيس جيلازاوسكاس (يمثلة المحامي ك.ستونغيس)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ليتوانيا

تاريخ البلاغ : 14 نيسان/أبريل 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 آذار/مارس 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 836/1998 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد كيستوتيس جيلازاوسكس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المقدمة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروت وكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد كيستوتيس جيلازاوسكاس، وهو مواطن من ليتوانيا يقضي حالياً فترة حكم بالسجن لمدة 13 سنة في سجن برافينسكيس رقم 2 في ليتوانيا. ويدعي أنه وقع ضحية انتهاك ليتوانيا للفقرات 1 و3(ز) و5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ويمثله محام.

ــــــــــــــ

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارالال باغواتي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيدة كريستين شانيه، الس يد فرانكو ديباسكواليه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شييرر، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي، ال سيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 في 4 أيار/مايو 1994، حُكم على صاحب البلاغ مع شريكه المدعى عليه، بالسجن لمدة 13 سنة لقتل السيد ميخايلاس ليتفينينكا في 20 آذار/مارس 1993. ووفقاً للحكم الصادر، فإن الضحية قد قُتل في عقر داره من قبل المتهم ين بعد أن كانا يحتسيان معه الخمر. وقد عُثر على الضحية مخبأً في أريكته؛ ووفقاً لرأي الأطباء الخبراء، فإن الضحية لقي مصرعه بسبب ما تلقاه من ضربات في جسده وطعنات في عينيه وقلبه ورئتيه. وظهرت على جثة الضحية 27 إصابة، وهناك ما يشير إلى محاولة لقطع ساقه. وادعى ا لعديد من الشهود أنهم علموا من المتهمين أنهما اشتركا في قتل الضحية. وأدانت المحكمة المدعى عليهما بالتهم الموجهة إليهما، وحكمت بسجنهما لنفس المدة.

2-2 وقُدمت بالنيابة عن صاحب البلاغ طلبات لنقض الحكم أربع مرات إلاّ أن طلب مراجعة القضية رفض كل مرة. وفي 28 أيلو ل/سبتمبر 1995، قدمت والدة صاحب البلاغ طلباً بالنقض (1) . وفي نفس اليوم، قدم محامي صاحب البلاغ طلباً مماثلاً لنقض الحكم، رفضه في 8 كانون الأول/ديسمبر 1995 رئيس شعبة القضايا الجنائية في المحكمة العليا. وفي 2 نيسان/أبريل 1996، قدم محامي صاحب البلاغ طلباً آخر لن قض الحكم، رفضه أيضاً رئيس المحكمة العليا. وأخيراً وفي 15 نيسان/أبريل 1996، قدم محامي صاحب البلاغ آخر طلب للنقض رفض في 12 حزيران/يونيه 1996.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أولاً بوقوع انتهاك لأحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، لأنه لم يُمنح فرصة لاستئناف ال حكم الصادر في 4 أيار/مايو 1994. وفي هذه القضية، كانت محكمة الدرجة الأولى هي المحكمة العليا ووفقاً لقانون الدولة الطرف لا تخضع أحكام هذه المحكمة للاستئناف. ويجوز مراجعة أحكام هذه المحكمة بعد تقديم طلب لنقض الحكم إلى المحكمة العليا، لكن المراجعة في هذه الحال ة تترك لتقدير رئيس المحكمة العليا أو شعبة الدعاوى الجنائية بالمحكمة العليا. وفشلت جميع المحاولات لتقديم طلب بالنقض.

3-2 كما يدعي صاحب البلاغ بوقوع انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، لأن المدعي العام لم يتمكن من إثبات أن صاحب البلاغ كان لديه الدا فع والنية لارتكاب الجريمة وأن المحكمة لم تشر إلى هذا الجانب من الجريمة في الحكم المكتوب. ولذلك، فلم يكن من القانوني، وفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، إدانته بجريمة "القتل العمد" (2) . ويؤكد صاحب البلاغ أن المدعي العام لم يتمكن من إثبات العلاقة السببية بين الضربا ت التي يُزعم أن صاحب البلاغ قد وجهها إلى الضحية ووفاة الضحية. ووفقاً لأقوال صاحب البلاغ، فإن المحكمة لم تتمكن من معرفة السبب الفعلي للوفاة على وجه التحديد. ولذلك فإنه يدعي أن إدانته ومحاكمته لم يكونا عادلين.

3-3 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ بوقوع انتهاك لأحكا م الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد، لأنه أُجبر، في التحقيق الأوَّلي، على الاعتراف بأنه ضرب الضحية مرتين. وشهد صاحب البلاغ فيما بعد بأنه لم يضرب الضحية، بل إن شريكه المدعى عليه هو الذي قام بطعن الضحية وأنه ساعد شريكه في التخلص من الجثة. ويدعي صاحب البلاغ أ نه تعرض للتهديد والضرب والخداع على يد السيد ديجيزنيس، المحقق المكلف بقضيته. وادعى أنه كانت تربط السيد ديجنزنيس علاقة حميمة بوالدته وأنه استخدم والدته كوسيلة للحصول على الاعتراف. ووفقاً لصاحب البلاغ، فإن المحقق خدع والدته، لأنه أقنعها بأن تكتب إليه وتشجعه ع لى الاعتراف بضرب الضحية، لكي يتجنب عقوبة الإعدام.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف في رسائل مؤرخة 21 كانون الأول/ديسمبر 1998 ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

الادعاء بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد

4-2 فيما يتعلق بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، تقدم الدولة الطرف إيضاحات بإمكانيات الاستئناف المتاحة في إطار الإجراءات الداخلية، لأن النظام قد عدل بعد مرور بضعة شهور على إدانة صاحب البلاغ.

4-3 وكان نظام المستويين القضائي - المحاكم المحلية والمحاكم العليا - مطبقاً في الدولة الطرف وقت صدور الحكم. وكان بإمكان المحكمتين، المحكمة المحلية والمحكمة العليا، أن تعملا كمحكمة من محاكم الدرجة الأولى، ووفقاً لقانون الإجراءات الجنائية الذي كان سارياً في ذلك الوقت، كان هناك نوعان من الاستئناف:

- فيجوز الا ستئناف أمام المحكمة العليا بشأن أحكام المحاكم غير النافذة بعد، وذلك في غضون 7 أيام من إعلان الحكم. ومع ذلك، فإن الأحكام التي تصدر عن المحكمة العليا العاملة بوصفها محكمة درجة أولى، تكون نهائية وغير قابلة للاستئناف أمام محكمة النقض.

- ويجوز استئناف أحكام الم حاكم المحلية وأحكام المحاكم العليا بعد دخولها حيز النفاذ، من خلال تقديم "اعتراض رقابي" في غضون سنة واحدة من بدء نفاذ الأحكام. ولا يحق إلا لرئيس المحكمة العليا والمدعي العام ونائبيهما، تقديم هذا "الاعتراض الرقابي". ولا يحق للشخص المحكوم عليه أو محاميه إلا ا لتوجه إلى هاتين الشخصيتين طالبين إليهما تقديم "الاعتراض الرقابي". وفي حالة تقديم مثل هذا الطلب، فإن "رئاسة" المحكمة العليا تستمع إلى الدعوى وتقرر إما رفض الاعتراض، أو رفض الدعوى الجنائية أو تبرئة الشخص، أو إعادة الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى أو اتخاذ أي ق رار آخر.

4-4 وكان هذا الإجراء مطبقاً حتى 1 كانون الثاني/يناير 1995. ومع ذلك، فإن صاحب البلاغ، في القضية قيد النظر، لم يتقدم لا هو ولا محاميه بطلب لتقديم "اعتراض رقابي" بعد بدء نفاذ الحكم على المتهم.

4-5 وفي 1 كانون الثاني/يناير 1995، دخلت حيز النفاذ قواني ن جديدة عديدة لتعديل الإجراءات الداخلية:

- القانون الصادر في 31 أيار/مايو 1994 ("القانون الجديد الخاص بالمحاكم")، الذي دخل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 1995، والذي استعيض بموجبه عن نظام المستويين بنظام المستويات الأربعة (المحاكم المحلية ومحاكم المقاط عات ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا).

- القانون الصادر في 15 حزيران/يونيه 1994، الذي دخل حيز النفاذ في 1 تموز/يوليه 1994 والذي ينص على تنفيذ "قانون المحاكم" الجديد ويحدد مدى الصلاحية "الانتقالية" للمحاكم الليتوانية.

- القانون الصادر في 17 تشرين الثاني/نوف مبر 1994، الذي ينص على نظم جديدة للاستئناف بشأن الأحكام غير النافذة بعد ونقض الأحكام التي بدأ نفاذها.

4-6 ويقضي القانون الصادر في 15 حزيران/يونيه 1994بأن تنظر المحكمة العليا، ابتداء من 1 كانون الثاني/يناير 1995، في دعاوى النقض بشأن جميع القرارات التي تكون المحكمة العليا قد اتخذتها بوصفها محكمة أول درجة. ولذلك يحق للشخص المحكوم عليه أو لمحاميه أن يتوجها إلى رئيس المحكمة العليا أو رؤساء محاكم المقاطعات أو رؤساء شعب الدعاوى الجنائية لهذه المحاكم من أجل تقديم طلبات النقض إلى المحكمة العليا. ووفقاً للمادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن المهلة الزمنية لتقديم الطلب هي سنة واحدة.

4-7 وفي البلاغ قيد البحث، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يقـدم طلباً لنقض الحكم حتى 4 أيار/مايو 1995، أي بعد مرور سنة واحدة من بدء نفاذ الحكم عليه، لكنه لم يفعل ذلك.

4-8 وقدم محامي صاحب ال بلاغ طلباً بالنقض في 28 أيلول/سبتمبر 1995 بعد انقضاء مهلة السنة. ولذلك قرر رئيس شعبة الدعاوى الجنائية بالمحكمة العليا، في 8 كانون الأول/ديسمبر 1995، أنه، وفقاً لأحكام الفقرة 6 من المادة 3 من قانون 15 حزيران/يونيه 1994، لا يوجد أساس لتقديم طلب النقض. ويصدق هذا المنطق أيضاً على الطلب الذي قدمه المحامي في 2 نيسان/أبريل 1996.

4-9 كما تود الدولة الطرف أن تؤكد أنه كان يحق لصاحب البلاغ المطالبة "بتمديد المهلة الزمنية لتقديم طلب النقض" لكنه لم يستخدم هذا الحق.

4-10 وفي الختام، تشير الدولة الطرف إلى أن قانون الإجراء ات الجنائية الذي كان نافذاً وقت صدور الحكم في 4 أيار/مايو 1994، لم يتح أي إمكانية لتقديم طلبات بالنقض. ومع ذلك، كان يحق لصاحب البلاغ ومحاميه، في الفترة بين بدء نفاذ الحكم و1 كانون الثاني/يناير 1995، توجيه التماس إلى رئيس المحكمة العليا أو للمدعي العام أو م ن لنائبيهما لتقديم "اعتراض رقابي على الحكم من جانبهم". وفضلاً عن ذلك، كان يحق لصاحب البلاغ ومحاميه في الفترة بين من 1 تموز/يوليه 1994، وتاريخ دخول قانون 15 حزيران/يونيه 1994 حيز النفاذ، و4 أيار/مايو 1995، مخاطبة رئيس المحكمة العليا، أو رؤساء محاكم المقاطعا ت أو رؤساء شعب الدعاوى الجنائية للمحاكم أعلاه للإذن بتقديم طلب النقض. ولم يستفد صاحب من أي من هذه الإمكانيات، حيث وجه محامي صاحب البلاغ طلبي الإذن بالنقض في 28 أيلول/ سبتمبر 1995 و2 نيسان/أبريل 1996، أي بعد انتهاء المهلة الزمنية المحددة بسنة واحدة.

4-11 وف يما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا كانت أعلى درجة قضائية في الدولة الطرف وقت صدور الحكم في القضية الحالية، لكن حق صاحب البلاغ في طلب "الاعتراض الرقابي" في الفترة بين 4 أيار/مايو 1994 و1 كانون الثاني/يناير 1995 و طلب النقض في الفترة بين 1 تموز/يوليه 1994 و4 أيار/مايو 1995 يجب اعتبارهما بمثابة مراجعة بالمعنى المقصود في نص الفقرة 5.

4-12 وعليه، فإن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية، ويجب الإعلان عن عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

الانتهاك المزعوم لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد

4-13 تؤكد الدولة الطرف أولاً، مشيرة في ذلك إلى عدد من أحكام دستور ليتوانيا وقانون الإجراءات الجنائية بها أنه تم، أثناء الإجراءات المتعلقة بدعوى صاحب البلاغ، تطبيق مب ادئ من قبيل استقلال الهيئة القضائية، والمساواة أمام القانون، والحق في الاستعانة بمحامٍ، وعلنية المحاكمة، وذلك وفقاً لمقتضيات أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

4-14 وفيما يتعلق بوقائع البلاغ الأخرى، فإن الدولة الطرف تشير إلى أنها لا تستطيع تقييم أدلة ال دعوى الجنائية ولا تحديد وزنها نظراً لتعقد الأدلة في هذه القضية، وهو حق تقديري تملكه المحاكم.

4-15 ولذلك، فإن الدولة الطرف ترى أن الادعاءات بانتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد لا تتمشى مع أحكام العهد ويجب اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب أحكام المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

الانتهاك المزعوم لأحكام الفقرة 3(ز) من المادة 14

4-16 تسترعي الدولة الطرف انتباه اللجنة إلى أحكام قانون الإجراءات الجنائية المطبق لديها والتي تنص على عدم جواز السعي إلى الحصول على شهادات من المتهم أو من أشخاص آخرين ي كونون طرفاً في الإجراءات الجنائية، باستخدام العنف أو التهديد أو باتباع أية وسائل أخرى غير قانونية.

4-17 وتلاحظ الدولة الطرف أنه على الرغم من الادعاءات بارتكاب أفعال غير قانونية، فإن صاحب البلاغ لم يستخدم حقه بموجب أحكام المادة 52 من قانون الإجراءات الجنائي ة للاستئناف ضد أفعال ارتكبها أو إجراءات اتخذها القائم على الاستجواب أو المحقق أو المدعي العام أو المحكمة. وفضلاً عن ذلك، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يقدم هذه الوقائع إلى المدعي العام الذي كان واجبه يقتضي في هذه الحالة أن يحقق فيها بصفة رسمية.

4-18 كما تلاحظ الدولة الطرف أن الشهادة التي أدلى بها صاحب البلاغ أثناء المحاكمة لم يتبعها طلب ملموس موجه إلى المحكمة بموجب أحكام المادة 267 من قانون الإجراءات الجنائية. ولذلك، فإن المحكمة لم تصدر قراراً بهذا الصدد. وفضلاً عن ذلك، فإن جميع الشهادات التي أدلى بها المتهم أ ثناء المحاكمة لها قيمة الدليل وإنها تخضع للتقييم الذي تجريه المحكمة عند اتخاذ قراراتها.

4-19 ولذلك، فإن الدولة الطرف ترى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية في هذا الصدد وأنه يجب الإعلان عن عدم جواز قبول هذا الجزء من البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 قدم صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 30 حزيران/يونيه 1999 تعليقاته بشأن رسالة الدولة الطرف.

5-2 ففيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14، يرى صاحب البلاغ أن الحق في توجيه طلب إلى رئيس المحكمة العليا أو إلى المدعي العام أو إلى نائبيهما لتقديم "اعترا ض رقابي" على الحكم من جانبهم أو طلب بالنقض لا يشكل مراجعة للحكم بالمعنى المقصود من الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لأن تقديم "اعتراض رقابي" أو طلب نقض هو حق استثنائي يخضع للسلطة التقديرية لهذه الجهات المسؤولة وليس بواجب.

5-3 ويدعي صاحب البلاغ أن إمكانية تقد يم طلب نقض بما يتفق ومقتضيات الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لم تتح إلا اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 1995.

5-4 وفيما يتعلق بالمهلة الزمنية المحددة بسنة واحدة لتقديم طلب بالنقض، التي تدعى الدولة الطرف أنها انقضت في هذه الحالة، يدعي صاحب البلاغ أن المهلة الزمنية المحددة بسنة واحدة والمنصوص عليها في المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية لا تسري إلا على طلبات النقض المراد بها تشديد العقوبة على الشخص المدان. فوفقاً لهذه المادة، "يجوز تقديم طلب بالنقض بشأن حكم ما من أجل تطبيق قانون ينص على تغليظ الجريمة [...] أو لأهداف أخرى، مما يسيء إلى وضعية الشخص المدان [...]" (4) . والغرض من تقديم طلبي النقض في 28 أيلول/سبتمبر 1995 و2 نيسان/أبريل 1996 هو تبرئة صاحب البلاغ، وبالتالي تحسين وضعه. ولذلك فإن طلبي النقض قدما بالشكل الطبيعي ولا يمكن تطبيق المهلة الزمنية المحددة بسن ة واحدة عليهما.

5-5 وأشار صاحب البلاغ إلى وجود تناقض واضح بين الحجج التي ساقتها الدولة الطرف ومحتوى الرسائل التي رفُض بها طلب النقض، موضحاً بصورة أكثر أن القرار الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر 1995 الذي رُفض به تقديم طلب النقض لم يستند إلى تجاوز المهلة الزم نية المحددة بسنة واحدة، بل إلى أن "دوافع طلبك بالنقض [...] مرفوضة بالاستناد إلى أدلة درستها المحكمة وروعيت في الحكم" .

5-6 وفيما يتعلق بطلب النقض الثاني المؤرخ 2 نيسان/أبريل 1996، ذكر رئيس المحكمة العليا في رسالة مؤرخة 5 نيسان/أبريل 1996 أن القانون لا ينص ع لى أن المحكمة العليا هي "محكمة نقض فيما يتعلق ب‍ [الأحكام التي] تعتمد هي نفسها" . وأضاف أن أحكام المحكمة العليا "نهائية و [لا يجوز الطعن فيها ولذلك فإن إعادة عرض الدعوى للحكم] أمر مستحيل" . ولم يشر رئيس المحكمة العليا إلى المهـلة الزمنيـة المحددة بسنة واحدة. ولذلك فإن المطالبة بموجب أحكام الفقرة 5 من المادة 14 تستند إلى أدلة كافية.

5-7 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة1 من المادة 14، يؤكد صاحب البلاغ من جديد أنه لم يتم الامتثال لمبادئ الإجراءات الجنائية ولذلك فإن استنتاجات المحكمة لم تراع الأسس الموضوعية للب لاغ.

5-8 وفيما يتعلق بانتهاك أحكام الفقرة 3(ز) من المادة 14، يؤكد صاحب البلاغ من جديد أنه أدلى بما أدلى به من اعترافات أثناء التحقيق الأولي لأن المحقق ضلله ولأنه وقع ضحية العنف أثناء التحقيق. ودعماً لهذا الزعم، يشير صاحب البلاغ إلى الرسالة التي وجهها شريكه المدعى عليه، إلى والديه، وإلى شهادات السيد ساوليوس بيلدزيوس الذي كان مسجوناً معه، وإلى شرائط صوتيه سجلت عليها محادثة جرت بينه وبين المحقق. وفضلاً عن ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه قدم شكوى إلى المدعي العام في ليتوانيا في 15 وفي 30 أيار/مايو 1996 ضد المحقق وإلى أن المدعي العام قرر في 12 حزيران/يونيه 1996 عدم إجراء أي تحقيق.

5-9 ولم تقدم الدولة الطرف ملاحظات أخرى بشأن الدفوع الأخيرة التي قدمها صاحب البلاغ .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد ضمن بلاغ ما، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 ووفقاً لما تقتضيه أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تحققت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرتين 1 و3(ز) من المادة 14، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بأن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 4 أيار/مايو 1994 لا يعكس الأسس الموضوعية للبلاغ وأ نه أُجبر، أثناء التحقيق، على الاعتراف بالقتل الذي أُدين به فيما بعد. وفي هذا الصدد، أحاطت اللجنة علماً بالرسالة غير المؤرخة التي أرسلها شريك صاحب البلاغ المدعي عليه وكذلك بالشهادة التي أفاد بها في 15 حزيران/يونيه 1995 السيد ساوليوس بيلدزيوس رفيق صاحب البلا غ في زنزانة السجن.

6-4 وتلاحظ اللجنة، مذكِّرة بأن مسألة تقييم الوقائع في قضية ما تعود بوجه عام إلى محاكم الدول الأطراف وأنها ليست من اختصاص اللجنة، أن هذه الادعاءات أُثيرت أثناء المحاكمة وأن المحكمة العليا تناولتها في حكمها. وفضلاً عن ذلك، فلا يتضح من المع لومات المعروضة على اللجنة والحجج التي قدمها صاحب البلاغ أن تقييم المحكمة للوقائع كان تعسفياً بشكل ظاهر أو أنه كان بمثابة إنكار للعدالة. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعزز ادعاءه بموجب أحكام الفقرتين 1 و3(ز) من المادة 14 من العهد بأدلة ولذلك لا يكون هذ ا الادعاء مقبولاً بموجب أحكام المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف بضرورة الإعلان عن عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. كما تحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ حاول أربع مرات الحصول على الموافقة لتقديم طلب لنقض حكم المحكمة العليا لكنه تم رفض هذه الطلبات أو لم يُرد عليها. وبما أن الطرفين يعترفان بعدم وجود سبل انتصاف محلية متاحة حالياً، وبما أن مطالبة صاحب البلاغ تستند إلى الادعاء بعدم وجود إمكانية لمراجعة الحكم الصادر في 4 أيار/مايو 1994، فإن اللجنة ترى أنه ينبغي النظر في مقبولية هذا البلاغ في آن واحد مع النظر في أسسه الموضوعية.

بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 فيما يتعلق بتقديم "اعتراض رقابي"، تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أنه "كان يحق لصاحب البلاغ أن يوجه، في الفترة ما بين 4 أيار/مايو 1994 و1 كانون الثاني/يناير 1995، طلباً إلى رئيس المحكمة العليا في ليتوانيا أو إلى المدعي العام أو نائبيهما لتقديم "الاعتراض الرقابي" وأن هذه الإمكانية تشكل حقاً لمراجعة الحكم وفقاً لمفهوم الفق رة 5 من المادة 14 من العهد، وأن صاحب البلاغ لم يستخدم هذا الحق. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن القرار بتقديم "اعتراض رقابي" حق استثنائي يخضع للسلطة التقديرية للجهة المسؤولة التي تتلقى الطلب ولذلك فإنه لا يشكل التزاماً بمراجعة قضية ما اتخذت الم حكمة العليا قراراً بشأنها باعتبارها محكمة أول درجة.

7-2 وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أنه وفقاً لصياغة آخر عبارة من الحكم الصادر في 4 أيار/مايو 1994، "يكون الحكم نهائياً ولا يجوز الاحتجاج عليه أو استئنافه أمام محكمة النقض" . كما تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تحتج على الادعاء بأن تقديم "اعتراض رقابي" يشكل سبيل انتصاف استثنائياً يخضع للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة العليا أو للمدعي العام أو لنائبيهما. ولذلك ترى اللجنة أنه وفقاً لظروف البلاغ، فإن هذه الإمكانية ليست بمثابة سبيل انتصاف ينبغي استنفاده لأغرا ض أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من العهد. وفضلاً عن ذلك، فاللجنة إذ تذكّر بقرارها المتعلق بالبلاغ رقم 701/1996 (7) ، تلاحظ أن الفقرة 5 من المادة 14 تنطوي ضمناً على الحق في مراجعة القانون والوقائع من قبل محكمة أعلى. وترى اللجنة أن طلب تقديم "اعتراض رقابي" لا يعني أن للشخص حقاً في أن تراجع حكمه وقرار إدانته محكمة أعلى بموجب أحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

7-3 وفيما يتعلق بتقديم طلب بالنقض، تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أنه كان بإمكان رئيس المحكمة العليا أو رؤساء محاكم المقاطعات أو رؤساء شعب الدعاو ى الجنائية لهذه المحاكم النظر، في الفترة ما بين 1 تموز/يوليه 1994 و4 أيار/مايو 1995، في طلب بالنقض بناء على التماس من صاحب البلاغ, وبأن هذه الإمكانية تشكل حقاً في مراجعة الحكم، بالمعنى المقصود من أحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، وبأن صاحب البلاغ لم ي ستخدم هذا الحق في غضون المهلة الزمنية المحددة بسنة واحدة ابتداء من تاريخ نفاذ الحكم ، أي قبل 4 أيار/مايو 1995، وفقاً لأحكام المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية للدولة الطرف. ومن جهة أخرى، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن قرار تقديم طلب بالنقض، ش أنه شأن تقديم "اعتراض رقابي"، هو حق استثنائي يخضع لاستنساب الجهة المسؤولة التي تتلقى الطلب ولذلك فإنه لا يشكل التزاماً بمراجعة دعوى أصدرت المحكمة العليا في شأنها قراراً بوصفها محكمة أول درجة. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن المهلة الزمنية المح ددة بسنة واحدة التي أشارت إليها الدولة الطرف لا تتعلق إلا بطلبات النقض الرامية إلى إضعاف موقف المتهم.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تعليق على الحجج التي قدمها صاحب البلاغ فيما يتعلق بالحقوق التمييزية لرئيس المحكمة العليا أو رؤساء محاكم المق اطعات أو رؤساء شعب الدعاوى الجنائية لهذه المحاكم بشأن تقديم طلبات النقض والمهلة الزمنية لتقديم التماس بطلب النقض. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى رسالتين أحالهما صاحب البلاغ إلى اللجنة مؤرختين في 28 كانون الأول/ديسمبر 1998 (من رئيس شعبة الدعاوى الجنائية بال محكمة العليا) وفي 5 نيسان/أبريل 1996 (من رئيس المحكمة العليا)، نص بهما على رفض التماس طلب النقض بالاستناد، على التوالي، إلى أن "دوافع طلب النقض [...] مرفوضة بموجب الأدلة [التي] تم النظر فيها في المحكمة وروعيت في الحكم وإلى أن "[تشريع الدولة الطرف] لا ينص [ على أن المحكمة العليا] هي محكمة نقض للأحكام [...] التي تصدرها هي نفسها. وأحكام [المحكمة العليا] هي أحكام نهائية ولا يجوز الطعن فيها". وتلاحظ اللجنة أن هاتين الرسالتين لا تشيران إلى مهلة زمنية.

7-5 وترى اللجنة، آخذة في اعتبارها ملاحظات صاحب البلاغ فيما يتعل ق بالطابع الاستثنائي والطبيعة الاستنسابية لتقديم طلب النقض، وعدم رد الدولة الطرف بهذا الشأن، وشكل ومضمون الرسالتين اللتين تضمنتا رفض التماسات طلب النقض، أن المعلومات المعروضة أمامها تثبت بما يكفي أنه وفقاً لظروف البلاغ، لا تشكل التماسات طلب النقض التي قدمه ا صاحب البلاغ، حتى في حالة تقديمها قبل 4 أيار/مايو 1995 وفقاً لما ادعت الدولة الطرف بضرورته، سبيلاً للانتصاف كان يجب استنفاده لأغراض أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من العهد.

7-6 وفضلاً عن ذلك، فإن اللجنة إذ تذكّر بتحليلها الوارد في الفقرة 7-2 أعلاه ترى أن س بيل الانتصاف هذا لا يشكل حق مراجعة للحكم وفقاً لمفهوم الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لأنه لا يمكن تقديم طلب النقض إلى محكمة أعلى على النحو المشار إليه في النص المذكور (الفقرة 5 من المادة 14).

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، متصرفةً بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف النقاب عن حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

9- وعملاً بأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب (أصحاب) البلاغ، بما في ذلك فرصة تقديم استئناف جديد وإذا تعذر ذلك الآن يكون عليها أن تنظر، على النحو الواجب، في مسألة إطلاق سراح صاحب البلاغ. كما أن على الدولة الطرف أن تمنع حدوث انتهاكات من هذا النوع في المستقبل.

10- وبما أن الدولة الطرف ، قد اعترفت بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأن تحسم ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد المقيمين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية، الحقوق المعتر ف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى، في غضون تسعين يوماً، معلومات من الدولة الطرف عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر آراءها .

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما ً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

الحواشي

(1) يدعي صاحب البلاغ أنه لم يتلق أي رد على طلبه.

(2) وفقاً للحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 4 أيار/مايو 1994، فإن "الإصابات التي أوقعها المدعى عليهما بالضحية [تسببت في آلام شديدة] وكانا يعيان ذلك. وقد [أوقع] المدعى عليهما هذه الإصابات في الضحية عن عمد وكانا يرغبان في ذلك. وقد ارتكبا الجريمة عن خبث قصد ولذلك فإ ن أفعالهما توصف عن حق وفقاً لأحكام المادة 105(5) من [القانون الجنائي] لجمهورية ليتوانيا بالقتل العمد الوحشي".

(3) وفقاً لترجمة صاحب البلاغ.

(4) سيرزاريو غوميز فاسكيز ضد إسبانيا ، البلاغ رقم 701/1996، اعتمدت الآراء في 20 تموز/يوليه 2000.

طاء - البلاغ رقم 838/1998، هيندريكس ضد غيانا *

(الآراء التي اعتمدت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : أورال هيندريكس

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : غيانا

تاريخ تقديم البلاغ : 5 حزيران/يونيه 1998 (الرسالة الأولى)

إن الل جنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 838/1998 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد أورال هيندريك س في إطار البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في حسبانها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء معتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب هذا ال بلاغ هو السيد أورال هيندريكس، وهو مواطن من غيانا، وكان في وقت تقديم البلاغ محتجزاً في سجن جورجتاون، بمدينة جورجتاون، في غيانا. ويدَّعي أنه وقع ضحية انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها غيانا (1) . بيد أن صاحب البلاغ لا يتذرع بأي حكم محدد من أحكام العهد ويبدو أن ا لبلاغ يثير قضايا تندرج في إطار المادتين 9 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وهو لا يمثله محام.

ــــــــــــــ

* اشترك في بحث هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كر يستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتين شاينين، وا لسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

يرد في تذييل لهذه الوثيقة نص الرأي الفردي الموقع من عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري يريغوين.

1-2 ووفقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف في 28 أيلول/ سبتمبر 1998 ألا تنفذ حكم الإعدام المحكوم به على صاحب البلاغ أثناء نظر اللجنة في هذا البلاغ (2) .

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 أُلقي القبض في 13 كانون الأول/ديسمبر 1992 في "ويست بانك"، ديميرارا، في غيانا على صاحب البلاغ الذي كـان يشتبه في قيامه بقتل أول اده الثلاثة البالغين من العمر عامين و4 و7 أعوام في 12 كانون الأول/ديسمبر 1992.

2-2 وفي 5 شباط/فبراير 1996، حكمت محكمة ابتدائية في مقاطعة "ويست ديميرارا" على صاحب البلاغ بالإعدام شنقاً. وفي 4 تموز/يوليه 1997، أقرت محكمة الاستئناف الحكم الصادر عليه.

الشكوى

3 -1 يدَّعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقوقه المنصوص عليها في العهد لأنه حُرم من إمكانية الاستعانة بمحامٍ عند استجوابه بعض القبض عليه.

3-2 ويدَّعي صاحب البلاغ كذلك أنه لم يُسمح له باستجواب أحد الشهود أثناء المحاكمة بالنظر إلى غياب محاميه أثناء إحدى جلسات مكتب مسجِّل المحكمة.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم تجر إحالة بعض أقوال الشهود إلى محاميه وأن رد الفعل الوحيد الصادر عن القاضي هو أنه قال للادعاء العام أنه كان ينبغي القيام بذلك.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه أُجبر على التوقيع على اعتراف، مثلما حدث عندما طلب الحصول ع لى شيء من الطعام والماء فقيل له إنه لن يحصل على طعام وماء إلا إذا وقع على اعتراف.

3-5 ويؤكد صاحب البلاغ أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وأنه لا يجري النظر في هذه القضية نفسها في ظل إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين.

ملاحظات الدولة ال طرف على مقبولية البلاغ وأساسه الموضوعي

4- على الرغم من الطلب الموجه من اللجنة إلى الدولة الطرف بمذكرة شفوية مؤرخة 28 أيلول/سبتمبر 1998 ومن الرسائل التذكيرية الموجهة من الأمانـة في 7 شباط/فبراير 2000 و14 كانون الأول/ديسمبر 2000 و5 تشرين الأول/أكتوبر 2001، ف إن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات بشأن مدى مقبولية هذا البلاغ أو أساسه الموضوعي.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

النظر في مسألة المقبولية

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الد اخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

5-2 وقد تحققت اللجنة من أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5- 3 وتحققت اللجنة أيضاً، استناداً إلى المادة المعروضة عليها، من أن صاحب البلاغ قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري وأن الدولة الطرف لم تثر أي اعتراض في هذا الصدد.

5-4 ومن رأي اللجنة أن البلاغ يثير مسائل في إطار المادة 6، والفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 3(ج) و(د) و(ه‍) و(ز) من المادة 14من العهد ولذلك فإنها تعلن أن البلاغ مقبول.

النظر في الأساس الموضوعي للبلاغ

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتيحت لها على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وعلاوة على ذلك فإنه يجب، في ضوء عدم قيام الدولة الطرف بالتعاون مع اللجنة بشأن المسألة المعروضة عليها، إعطاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحقه من الأهمية بقدر ما أُقيم الدليل عليها. وتشير اللجنة في ه ذا الصدد إلى أن على أي دولة طرف التزاماً، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتعاون مع اللجنة وبتقديم تفسيرات أو بيانات خطية توضح المسألة وأي سبيل انتصاف يكون قد أُتيح في هذا الصدد.

6-2 وفيما يتعلق بالادعاءات المتصلة بمسألة ما إذا كان صا حب البلاغ قد أُبلغ بحقه في أن يحصل على مساعدة محامٍ عندما استُجوب بعد إلقاء القبض عليه وكذلك مسألة اعترافه الذي أُجبر عليه، وهو ما يحتمل أن يثير مسائل في إطار الفقرة 3(د) و(ز) من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن محضر المحاكمة يكشف عن أن محامي صاحب البلا غ قد بحث هذه المسائل باستفاضة أمام المحكمة الابتدائية بقصد جعل اعتراف صاحب البلاغ غير مقبول كدليل وأن المحكمة قد نظرت في ذلك كما ينبغي. وتكرر اللجنة في هذا الصدد الإعراب عن فقهها القانوني ومؤداه أن استعراض الوقائع والأدلة في قضية من القضايا هو أمر يقع على عاتق محاكم الدول الأطراف في العهد. ومن شأن محاكم الاستئناف في الدول الأطراف في العهد، وليس من شأن اللجنة، أن تستعرض المسلك الذي سلكته المحاكمة وتعليمات القاضي الموجهة إلى هيئة المحلفين، إلا إذا أمكن التحقق من أن تقييم الأدلة كان تعسفياً على نحو واضح أو كان بمثابة إنكار للعدالة أو أن القاضي قد انتهك بجلاء التزامه المتعلق بالنزاهة. ولم يكشف محضر المحاكمة في قضية صاحب البلاغ عن أن هذه العيوب قد اعتورت محاكمته. وتبعاً لذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ لا يكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3 (د) و(ز) من المادة 14 من العهد.

6-3 وفيما يتعلق بالمسائل المثارة في إطار الفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد حُوكم بعد إلقاء القبض عليه بأكثر من ثلاث سنوات. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام 8، ووفقاً لـه "ينبغي أن يكون الاحتجاز قبل المحا كمة استثناءً وأن يكون لأقصر فترة ممكنة"، واللجنة إذ تلاحظ أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير يبرر مثل هذا التأخير الطويل، ترى أن فترة الاحتجاز قبل المحاكمة تشكل في الحالة الماثلة تأخيراً غير معقول. ولذلك تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 من العهد. وفضلاً عن ذلك، إذ تشير اللجنة إلى التزام الدولة الطرف بضمان محاكمة الشخص المتهم دون تأخير لا موجب له، فإنها تخلص إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف أيضاً عن حدوث انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

6-4 وفيما يتع لق بالادعاءات القائلة بأن محامي صاحب البلاغ كان غائباً في الجلسة المعقودة بمكتب مسجل المحكمة، وأنه نتيجة لذلك قد حُرم من الحق في استجواب أحد الشهود، تلاحظ اللجنة من المعلومات المعروضة عليها أن صاحب البلاغ يشير في الواقع إلى الجلسة التي وضح فيها أن محاميه ل م يكن حاضراً في مرحلة ما وأن الدولة الطرف لم تنازع في ذلك. وتشير اللجنة إلى قضائها السابق ومؤداه أن من البديهي، في قضايا الحكم بالإعدام، أن تتاح المساعدة القانونية في جميع مراحل الدعوى الجنائية (3) . وهي تذكّر أيضاً بمقررها الوارد في البلاغ رقم 775/1997 ( برا ون ضد جامايكا )، المعتمد في 23 آذار/مارس 1999 الذي قررت فيه أنه لا يجوز للقاضي المضي في الاستماع لأقوال الشهود في جلسة محاكمة أولية دون أن تتاح لصاحب البلاغ الفرصة لضمان حضور محاميه. وتبعاً لذلك، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3(د) و(ه‍) من المادة 14 وأيضاً، بناء على ذلك، للمادة 6 من العهد.

6-5 وفيما يتعلق بالادعاءات القائلة بأن بعض أقوال الشهود لم تُبلّغ إلى محامي صاحب البلاغ مما يحتمل أن يثير مسألة ما في إطار الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن محضر الم حاكمة لا يحتوي على أي إشارة في هذا الصدد ولذلك فإنها ترى أن صاحب البلاغ لم يقم الدليل على ادعائه بحدوث انتهاك للفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد في هذا الصدد.

7- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاخت ياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 وللفقرة 3(ج) و(د) و(ه‍) من المادة 14 ومن ثم للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل ان تصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تخفيف الحكم الصادر. كذلك فإن على الدولة الطرف التزاماً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- وإذ يوضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها كطرف إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها وبإتاحة سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإن اللجنة ترغب في أن تتلقى من ا لدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية و العربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انضمت حكومة غيانا بصورة أولية إلى البروتوكول الاختياري في 10 أيار/مايو 1993. وعقب تقديم هذا البلاغ في 5 كانون الثاني/يناير 1999، أخطرت حكومة غيانا الأمين العام أنها قد قررت الانسحاب من البروتوكول الاختياري المذكو ر اعتباراً من 5 نيسان/أبريل 1999. وفي ذلك التاريخ نفسه، عادت حكومة غيانا إلى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري مع تقديم تحفظ ("تعيد غيانا الانضمام إلى البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتشفع ذلك بتحفظ على المادة 6 مفاده أن ا للجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست لها أهلية تلقي وبحث بلاغات مقدمة من أي شخص خاضع لحكم الإعدام لارتكاب جرائم قتل وخيانة بخصوص أي مسألة تتعلق بمقاضاته أو احتجازه أو محاكمته أو إدانته أو الحكم عليه أو تنفيذ حكم الإعدام وأي مسألة ترتبط بذلك").

(2) لم تبلغ الد ولة الطرف اللجنة شيئاً بخصوص امتثالها لهذا الطلب.

(3) انظر، في جملة أمور، آراء اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 695/1996، ديفون سيمبسون ضد جامايكا، المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2001، والبلاغ رقم 730/1996، كلارينس مارشال ضد جامايكا ، المعتمدة في 3 تشرين ا لثاني/نوفمبر 1998، والبلاغ رقم 459/1991، أوسبورن رايت وإيريك هارفي ضد جامايكا ، المعتمدة في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1995، والبلاغ رقم 223/1987، فرانك روبنسون ضد جامايكا ، المعتمدة في 30 آذار/مارس 1989.

تذييل

رأي فردي صادر عن عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يريغوين (رأي مخالف)

أعرب عن اختلافي بخصوص هذا البلاغ استناداً إلى ما يلي:

وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تخفيف الحكم وتقديم تعويض ملائم أو النظر في إطلاق سراحه في و قت مبكر. وعلى الدولة الطرف أيضاً التزام بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

( توقيع ) هيبوليتو سولاري - يريغوين

ياء - البلاغ رقم 852/1999، بوريسينكو ضد هنغاريا *

(الآراء التي اعتمدت في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : ال سيد روستيسلاف بوريسينكو

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هنغاريا

تاريخ تقديم البلاغ : 2 آب/أغسطس 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 852/1999 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد روستيسلاف بوريسينكو بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها كافة المعلومات الخطي ة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد روستيسلاف بوريسينكو، وهو مواطن أوكراني يقيم حالياً في أوكرانيا. ويدعي أنه ضحية انتهاكات ارتكبتها جمهورية هنغاريا ف ي إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويبدو أن البلاغ يثير مسائل في إطار الفقرات 1 و2 و3 من المادتين 7 و9 والفقرتين 2 و3(ح) و(ه‍) و(ز) من المادتين 13 و14 والمادة 17 من العهد. وليس هناك محام يمثله.

ـــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد لويس هانكين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتسمر، السيد راجسومر لا لاه، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

يرد في تذييل هذه الوثيقة نصوص ثلاثة آراء فردية وقع عليها أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيد هيبوليتو سولاري - يريغوين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 29 نيسان/أبريل 1996، وصل صاحب البلاغ وصديقه السيد كوسبيش إلى بودابست. وكانا في ذلك الوقت في طريقهما من بلغراد حيث شاركا، بوصفهما عضوين في فريق سامبو ال وطني الأوكراني للمصارعة، في نزال للمصارعة، وكانا عائدين إلى أوكرانيا. ولاحقاً في ذلك اليوم ضلاّ طريقهما وسألا وكيل سفر عن موقع محطة القطار. ونظراً لأنهما كانا متأخرين عن موعد قطارهما، فقد ركضا باتجاه محطة القطار. وفي هذه الأثناء، استوقفهما ثلاثة من رجال ال شرطة يرتدون ملابس مدنية. واشتبهوا فيهما على أنهما من النشالين. وأساؤوا معاملة صاحب البلاغ وصديقه حيث "كبلونا بالأصفاد وضربوا رأسينا قبالة سقائف معدنية عندما حاولنا أن نتكلم". واستُجوِبا لمدة ثلاثة ساعات في مركز الشرطة.

2-2 وفي 30 نيسان/أبريل 1996، أُتهم صا حب البلاغ وصديقه بالسرقة. وعلى الرغم من أن التهم لم تُترجم عن الهنغارية، إلا أنه جرى توفير مترجم فوري لهما. ووقّع السيد كوسبيش على التقرير الخاص بالتحقيق، بيد أن صاحب البلاغ رفض التوقيع دون حضور محام ومن دون إدراج روايته لوقائع الحادث. وقدّم صاحب البلاغ وص ديقه شكاوى ضد اعتقالهما واستجوابهما. وفي 1 أيار/مايو 1996، رفض المدعي العام هذه الشكاوى في قرار خطي، بعد استعراض مشروعية الاعتقال والاحتجاز.

2-3 وفي 2 أيار/مايو 1996، قُدّم صاحب البلاغ وصديقه إلى محكمة بيشت المركزية في المقاطعة، بغرض تقرير ما إذا كان ينبغي وضعهما رهن الاعتقال. وقررت المحكمة احتجازهما خشية هروبهما. ولم يُسمح لصاحب البلاغ وصديقه خلال استجواب الشرطة لهما وخلال جلسة الاستماع المتعلقة بالاحتجاز وأثناء الاحتجاز نفسه، بأن يجريا اتصالات مع سفارتيهما أو عائلتيهما أو محاميهما أو منظمتهما الرياضية. وف ي 7 أيار/مايو 1996، أكملت سلطات الشرطة التحقيق وأحالت القضية إلى مكتب المدعي العام.

2-4 وفي 15 أيار/مايو 1996 وبناءً على طلب قدمته السفارة الأوكرانية، أنهى المدعي العام احتجاز صاحب البلاغ وصديقه. وفي نفس التاريخ، أمرت سلطات الهجرة بإبعاد صاحب البلاغ وصديقه من هنغاريا وحظرت عليهما دخول البلاد ثانية والإقامة فيها لمدة خمسة أعوام. وبالتماسهما من موظفي الشرطة ما إذا كان بوسعهما الطعن في قرار الإبعاد، جرى ابلاغهما عن طريق مترجم فوري يمثل السفارة الأوكرانية، بأنه لا يجوز الطعن في القرار. ووقّع صاحب البلاغ وصديقه في نفس الوقت دون علم منهما، تنازلاً عن حقهما في الطعن (1) . ولم تُتاح أي ترجمة لأمر الإبعاد. ولم يعلم صاحب البلاغ وصديقه بأن الطعن في أمر الإبعاد كان ممكناً، وأنهما قد تنازلا عن حقهما في ذلك دون قصد، إلا حينما عادا إلى أوكرانيا واطلعا على ترجمة إنكليزية لأمر الإبعاد. ولم يتم إبعادهما استناداً إلى كفالات قدمتها السفارة الأوكرانية بشأن امتثال صاحب البلاغ وصديقه للأمر بمغادرة جمهورية هنغاريا في غضون الوقت المحدد لذلك. وغادر صاحب البلاغ وصديقه البلاد في 16 أيار/مايو 1996.

2-5 وفي 3 تموز/يوليه 1996، وبعد تعنيف صاح ب البلاغ وصديقه بموجب الباب 71 من قانون الإجراءات الجنائية الهنغاري، أمر مكتب المدعي العام بإيقاف تحقيقاته بموجب الباب 139 (2) من القانون لأن "تصرفهما لم يعد خاضعاً للعقوبة" (3) .

2-6 وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، قدم صاحب البلاغ وصديقه شكوى ضد هذا القرار يطلبان فيها الاعتراف ببراءتهما، ويدّعيان فيها أن الشرطة المكلفة بالتحقيق قد أساءت معاملتهما. وفي 12 حزيران/يونيه 1997، واستناداً إلى الشكوى التي قدماها، أبطَل رئيس مكتب الادعاء العام البلدي العمل بالقرار المؤرخ 3 تموز/يوليه 1996، وأمر مكتب الادعاء العام ال محلي باستئناف الإجراءات.

2-7 وفي 28 أيار/مايو 1998، أُرسل ملف القضية إلى السلطات الأوكرانية حتى يتسنى النظر في القضية في أوكرانيا. وأبلغت وزارة الخارجية الأوكرانية صاحب البلاغ في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، بأن السلطات الأوكرانية لا تعتزم اللجوء إلى الإجر اءات الجنائية ضده وضد صديقه بالاستناد إلى المعلومات التي لديها.

2-8 وحققت السلطات الهنغارية في الشكويين اللتين قدمهما صاحب البلاغ وصديقه ضد الشرطة، وصدر أمر بإنهاء التحقيق بموجب قرار مؤرخ في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1998. وعلى الرغم من أن الكاتب طعن في هذا ال قرار، إلا أنه لم يتسلم أي رد من السلطات.

الشكوى

3-1 يشكو صاحب البلاغ من أن حقوقه قد انتهكت، لأنه أُعتقل وأُتهم دون وجود أي دليل يثبت ضلوعه في نشاط جنائي، وأسيئت معاملته من جانب الشرطة حينما تم اعتقاله. ويدعي أنه لم يفهم ما هي التهمة التي وجهت إليه وأن الته مة نفسها لم تُترجم. كما يدعي حدوث انتهاك للعهد، نظراً لأنه احتُجز لأكثر من أسبوعين دون محاكمة.

3-2 ويشكو صاحب البلاغ من أن الدولة الطرف انتهكت العهد، لأنه أُبعد بغير وجه حق وحُرم من إمكانية مراجعة قرار إبعاده. ويشكو من أن القانون الخاص بالإبعاد، ينص على أن ه يمكن منع أي أجنبي من الدخول إذا ما ارتكب/ارتكبت جريمة عن عمد، يُعاقب/تُعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على خمس سنوات. وفي هذه القضية، لم يُتهم صاحب البلاغ سوى بجريمة يُعاقب عليها بالسجن لمدة سنتين كأقصى حد ممكن. وبالإضافة إلى ذلك، فهو يزعم أن الشرطة خدعته في ما يتعلق بتنفيذ أمر الإبعاد، لأنهما ادعت بصورة غير صحيحة أنه لا يحق له الاستئناف.

3-3 وهو يشكو من انتهاك العهد لأنه لم يُحاكم "دونما تأخير لا داعي لـه"، ولعدم استدعاء أحد الشهود المهمين على هذا الحادث، إلى جلسة الاستماع المتعلقة بالاحتجاز.

3-4 ويشكو أيضاً من انتهاك العهد - حيث لم تتح لـه فرصة الاستعانة بمحامٍ بالرغم من تقديمه للعديد من الطلبات في هذا الخصوص، وحُرم من إجراء اتصالات مع أصدقائه وسفارته منذ الوقت الذي اعتُقل فيه وحتى إطلاق سراحه من الاحتجاز.

3-5 وأخيراً يدعي صاحب البلاغ انتهاك العهد، بما أنه لم يتمكن من المشاركة في البطولة الأوروبية للجودو ولا المشاركة في الألعاب الأولمبية، نظراً لاحتجازه. كما مُني بخسارة سمعته فضلاًُ عن خسارته لزبائنه، بوصفه مديراً في إحدى المؤسسات القانونية. وخسر أيضاً "مؤهلاته الرياضية"، وبدأ أعضاء نادي سامبو الأوكراني للمصار عة وأسرته وأصدقائه ينظرون إليه بصورة سيئة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 بموجب الرسالة المؤرخة 19 نيسان/أبريل 1999، أبدت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتشكك في رواية صاحب البلاغ للأحداث المؤدي ة إلى اعتقاله، وترويها على النحو التالي. في 29 نيسان/أبريل 1996 في بودابست، رأى ثلاثة من أفراد الشرطة السرية رجلان في قطار، أحدهما يسأل امرأة سؤالاً، بينما يفتح الآخر حقيبة يدها ويدخل يده فيها. وحينما نبهت الشرطة المرأة إلى ما يحدث، قفز الرجلان من القطار ف جأة. وأخبرت المرأة الشرطة، أنه على الرغم من أنه كان لديها محفظة في جزء آخر من الحقيبة، إلا أنه لم يكن لديها سوى أوراق في الجزء الذي مد يده فيه أحد الرجلان. وعندما نزلت الشرطة من القطار في المحطة التالية، ألقت القبض على الرجلين وكبلتهما بالأصفاد عنوة، واقتا دتهما إلى مركز الشرطة. وجرى إبلاغهما عن طريق مترجم فوري، بأمر الاعتقال الذي قدم كلاهما شكوى ضده.

4-2 واتهمت الشرطة صاحب البلاغ وصديقه في 30 نيسان/أبريل 1996، بالشروع في السرقة وجرى إبلاغهما بالتهمتين عن طريق مترجم فوري. وأمرت سلطات التحقيق بتوكيل محام لكل من الضحيتين المزعومتين. وتقاعس المحاميان عن الحضور سواء خلال الاستجواب، أو خلال جلسة الاستماع المتعلقة بالاحتجاز. ولم يحضرا سوى خلال "تقديم الملفات" عندما أغلقت الشرطة التحقيقات وأُحيلت القضية إلى مكتب الادعاء.

4-3 وفيما يتعلق بالمقبولية، تؤكد الدولة الطرف على أن ادعاء صاحب البلاغ بانتهاك المادة 13 غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، حيث جرى إخطار صاحب البلاغ أيضاً، عند اطلاعه على أمر الإبعاد عن طريق المترجم الفوري، بحقيقة أن القرار كان خاضعاً للاستئناف، على أنه لم يكن لهذا الاستئناف أثر إيقافي فيم ا يتعلق بتنفيذ القرار. ونظراً لعدم ممارسته لحقه في الاستئناف، فقد حال دون إتاحة الفرصة للدولة الطرف كيما تتحرى عن وجود أي انتهاكات مزعومة تحرياً كاملاً وتنتصف لها انتصافاً كاملاً. كما وتؤكد الدولة الطرف على أن صاحب البلاغ إذا كان لم يفلح في استئنافه، لكان بوسعه التماس مراجعة قضائية لهذا القرار. وبالنسبة لادعائه القائل بأنه قد خُدع فيما يتعلق بإمكانية الطعن في قرار الإبعاد، تؤكد الدولة الطرف على أنه لم يسترع انتباه السلطات أبداً إلى هذه المسألة، وبالنظر لحضور ممثل من السفارة الأوكرانية خلال هذا الحادث، فقد ك ان من السهل إثبات هذه الشكوى.

4-4 وبالنسبة للشكوى المتعلقة بقيام السلطات الهنغارية بمنعه من إجراء اتصالات مع محاميه أو أصدقائه أو سفارته منذ اعتقاله وحتى إطلاق سراحه، تؤكد الدولة الطرف على أن هذا الزعم غير مقبول أيضاً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ووف قاً لما تقوله الدولة الطرف، فقد كان بوسع صاحب البلاغ تقديم شكوى بنفس الطريقة التي قدم بها شكوى ضد اعتقاله واستجوابه.

4-5 وفيما يتعلق بالمزاعم ذات الصلة بانتهاكات المادة 14، تؤكد الدولة الطرف أن هذه المزاعم غير مقبولة بحسب الاختصاص الموضوعي للقضية، لأن صاحب البلاغ لم يَمثل أمام السلطات الهنغارية للإجابة على التهمة الموجهة إليه، وأن المسألة الوحيدة التي جرى النظر فيها في المحكمة هي أمر الاحتجاز على سبيل الاحتياط.

4-6 وبالنسبة للأسس الموضوعية للبلاغ، تشكك الدولة الطرف في وجود انتهاك للمادة 9 من العهد. وتؤكد عل ى أنه جرى إبلاغ صاحب البلاغ عند اعتقاله عن طريق مترجمه الفوري، بالأسباب التي دعت إلى إلقاء القبض عليه، وقُدم إلى المحكمة في غضون ثلاثة أيام. ونظرت المحكمة خلال جلسة الاستماع المتعلقة بالاحتجاز، في إجراء منصوص عليه بموجب القانون، فيما إذا كان هناك "اشتباه ف ي حدود المعقول" في أن صاحب البلاغ قد ارتكب جريمة. وبالاستناد إلى الأدلة التي قُدمت، وجدت المحكمة أن هذا الاشتباه موجود. ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف، فقد جرى احتجاز صاحب البلاغ لأنه لم يكن لديه مكان يقيم فيه في هنغاريا، وفي رأي المحكمة فقد كان هناك احتمال في أن يفر سراً من وجه العدالة. وبالاضافة إلى ذلك، وجدت المحكمة أنه كانت هناك مخاوف تتعلق بالعودة إلى نفس الخطيئة، نظراً لطبيعة الجرم الذي أُتهم به. كما وتؤكد الدولة الطرف على أن فترة احتجازه لم تتجاوز الفترة المعقولة.

4-7 وتضيف الدولة الطرف أيضاً أن مكتب المدعي العام أجرى تحقيقاً بشأن الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمعاملة السيئة التي تلقاها على أيدي الشرطة، وهو أمر لـه صلة بمسألة مشروعية الاعتقال. وتؤكد الدولة الطرف أنه يتبين من أقوال السيد كوسبيش أن المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأنه باستثناء التقييد بالأغلال لم يتم اللجوء إلى أي عنف. ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف فإن السلطات الهنغارية لم يكن بمقدورها فحص رسالة صاحب البلاغ لأن محل إقامته كان مجهولاً حتى بالنسبة للسلطات الأوكرانية، ولم يتسن الاتصال به. ومجمل القول، ترى الدولة الطرف، أنه جرى الا متثال لكافة المقتضيات المتعلقة بالحقوق المشمولة بالحماية بموجب المادة 9.

4-8 وإذا قررت اللجنة أن الادعاء المتعلق بانتهاك المادة 13، مقبول، تؤكد الدولة الطرف أنه لم يحدث أي انتهاك لهذه المادة لأن الفقرة 2 من البند 23 من قانون الأجانب تنص على أنه يمكن فرض حظ ر على دخول الرعايا الأجانب وإقامتهم في البلاد الذين قد يضر دخولهم أو إقامتهم بالسلامة العامة أو يعرضها للخطر. وارتئ أن إقامة صاحب البلاغ في جمهورية هنغاريا كان سيعرض السلامة العامة للخطر نظراً لتهمة النشل المنسوبة إليه، وبالتالي فهو حظر مشروع.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 بموجب رسالة مؤرخة 1 تموز/يوليه 1999، ردّ صاحب البلاغ على ما أبدته الدولة من ملاحظات. في ما يخص أمر الإبعاد يؤكد صاحب البلاغ أنه قد قدم شكوى ضد الشرطة لقيامها بخداعه فيما يتعلق بإمكانية الطعن في القرار إلى "المدعي العام" قبل مغادرته لهنغاريا وعن طريق القسم القنصلي التابع للسفارة الأوكرانية.

5-2 وبصدد حجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، وذلك بعدم تقديمه لشكوى بخصوص رفض الدولة الطرف السماح لـه بإجراء اتصالات مع محاميه أو سفارته أو أصدقائه، يذكر صاحب البلاغ أن ال فرصة لم تُتَح له لتقديم هذه الشكوى.

5-3 وبالنسبة لحجة الدولة الطرف فيما يتعلق بعدم استلام رسالة أخرى من صاحب البلاغ حول معاملة الشرطة له معاملة سيئة، يؤكد صاحب البلاغ أنه قد قدم هذه الأدلة، بعد أن تلقى وثائق أرسلها مكتب المدعي العام لجمهورية هنغاريا في 10 آذار/مارس 1998 عن طريق المدعي العام لجمهورية أوكرانيا. ورد صاحب البلاغ على الأسئلة التي طرحتها السلطات الهنغارية، وقدم لها بياناً عن روايته للمعاملة التي تلقَّاها.

5-4 وفيما يتعلق بالحجة القائلة بأن بقاء صاحب البلاغ في هنغاريا كان سيعرض السلامة العامة للخط ر، يتساءل صاحب البلاغ عن الكيفية التي توصلت بها الدولة الطرف إلى هذا الاستنتاج نظراً لحقيقة أنه لم يُدَن بأي جرم.

5-5 ويؤكد صاحب البلاغ أن المحامي حضر بالنيابة عنه خلال "تقديم الملفات"، بعد انتهاء التحقيق، بيد أنه يقول إنه تم تخصيص محامٍ واحدٍ لكل من الضحي تين المزعومتين، وإنه لم تتح لأي منهما فرصة التحدث إليه.

5-6 ويقدم صاحب البلاغ الادعاءات الجديدة التالية فيما يتعلق بقضيته. أولاً، إن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، لأن إبعاده من هنغاريا بالاستناد إلى تهمة لم تتم إدانته بها، يُعدّ انتها كاً لافتراض البراءة. ثانياً، إنها انتهكت الفقرة 3(ز) من المادة 14، وأن صاحب البلاغ يزعم أنه قد تعرض لضغوط كي يقر بذنب لم يرتكبه وذلك بعدم السماح لـه بالذهاب إلى المرحاض عندما كان في الاحتجاز وإخباره أنه في حالة تقديمه لأي شكوى، فإن معالجتها ستستغرق شهراً ك املاً وأنه سيبقى محتجزاً طوال هذه الفترة.

5-7 ولم تبد الدولة الطرف أي ملاحظات إضافية بشأن مقبولية القضية أو أسسها الموضوعية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في أي بلاغ يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإ نسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة من أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين لأغراض الفقرة 2(أ) من الماد ة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بمسألة إخفاق الدولة الطرف في توفير إمكانات وصول صاحب البلاغ إلى محامٍ، تشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ كان بوسعه تقديم شكوى بنفس الطريقة التي قدم بها الشكوى المتعلقة بالطعن في مشروعية اع تقاله واستجوابه. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفاصيل بشأن الكيفية التي كان بوسع صاحب البلاغ أن يقدم بها هذه الشكوى. كما أنها لم تذكر ما إذا كان قد أبلغ بهذه الإمكانية في الوقت الذي طلب فيه تمثيلاً قانونياً وإتاحة إمكانية الوصول إلى ممثل من سفار ته. وبوصفه مواطناً أوكرانياً مودع في سجن خارج وطنه ويفتقر إلى المهارات اللغوية اللازمة لمعرفة كيفية تقديم هذه الشكوى، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم معلومات وافية لإثبات أن سبيل الانتصاف هذا كان من الممكن أن يكون فعالاً. ولذلك تجد اللجنة أن هذا الجزء م ن البلاغ مقبول. (انظر الفقرة 3-4)

6-4 وفيما يتعلق بمسألة إبعاده، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد أدعى أن عدم قيامه بالطعن في الطعن في قرار الإبعاد يعزى إلى أن الشرطة التي تولت تنفيذ أمر الإبعاد قد أبلغته بأنه لا يجوز لـه الطعن في القرار وأنه وقع على تنازل ع ن حقه في الطعن بواسطة الخداع. وتصر الدولة الطرف على أنه أبلغ عن طريق مترجم فوري من السفارة الأوكرانية، بأن بإمكانه الطعن في أمر الإبعاد، ولكن ذلك لن يكون لـه أثر إيقافي. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ كان يصحبه مترجم فوري من السفارة الأوكرانية الذي كان بوسعه ترجمة أمر الإبعاد الذي يقر صاحب البلاغ، بأنه تضمن توضيحاً بأن لـه الحق في الطعن. وبناء على ذلك تجد اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. (انظر الفقرتان 3-2 و5-6)

6- 5 وبالنسبة للادعاءات المتعلقة بانتهاك الفقرة 2 من المادة 14، ونظراً لما يزعم من انتهاك الحق في افتراض البراءة، الفقرة 3(ز)، بحيث أن صاحب البلاغ يدعي أنه قد تعرض لضغوط كي يقر بذنبٍ لم يرتكبه، وادعاءاته الأخرى التي تفيد بأنه لم يحاكم دونما تأخير لا مبرر له، وأنه لم يجر استدعاء أحد الشهود لجلسة الاستماع المتعلقة بالاحتجاز، فإن اللجنة تجد أن صاحب البلاغ قد عجز عن إثبات هذه الادعاءات لأغراض المقبولية. ولذلك فإن هذه الادعاءات غير مقبولة في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري. (انظر الفقرتان 3-3 و5-6)

6-6 وبالم ثل ففيما يتعلق بمسألة انتهاك العهد حيث إنه مني بخسارة سمعته من الناحيتين الشخصية والمهنية نظراً لاحتجازه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستطع في هذا الخصوص إثبات هذا الادعاء لأغراض المقبولية. كما ترى أن ادعاءه بشأن المعاملة السيئة من جانب الشرطة مما يثير مس ألة في إطار المادة 7 من العهد، لم تثبت صحته أيضاً. ولذلك فهي ترى أن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. (انظر الفقرتان 3-5 و3-1)

6-7 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 من العهد فيما يتعلق باعتقاله واحتجازه، وعلى عدم توفير تمثيل قانوني لـه، على الرغم من طلباته التي قدمها بهذا الشأن. كما أن الادعاء الأخير يثير مسألة في إطار الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذه الأجزاء من البلاغ مقبولة. (انظر الفقرة 3-1)

6-8 واستناداً إلى ما ورد أعلاه، تجد اللجنة أن أجزاء البلاغ ذات الصلة باعتقال صاحب البلاغ واحتجازه - وعدم توفير تمثيل قانوني له تعتبر مقبولة.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفين، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بالادعاء بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 1 من المادة 9 من العهد، تذكر اللجنة بأنه طبقاً لهذه المادة لا يجوز أن يتعرض أي شخص للاعتقال أو الاحتجاز الت عسفي. وتحتج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يعترض على اعتقاله للاشتباه في ارتكابه لجرم. ولا في ضوء هذه الظروف ترى اللجنة أن هناك أي انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 من العهد. (انظر الفقرة 3-1)

7-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 2 من المادة 9 من العهد، لأنه لم يفهم الأسباب التي دعت إلى اعتقاله أو التهم المنسوبة إليه، تشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف القائلة إنها وفرت مترجماً فورياً لصاحب البلاغ، أوضح له هذه الأسباب والتهم، وفي ظل هذه الظروف لا ترى اللجنة أن هناك أي انتهاك للعهد في ه ذا الخصوص. (انظر الفقرة 3-1)

7-4 وبخصوص الادعاء بانتهاك الفقرة 3 من المادة 9، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد احتجز لمدة ثلاثة أيام قبل مثوله أمام مسؤول قضائي - ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف لأي توضيح يبين الحاجة التي دعت إلى احتجازه لهذه الفترة، ترى اللجن ة أن هناك انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 من العهد.

7-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ القائل بأنه لم يتوفر له أي تمثيل قانوني منذ اعتقاله وحتى إطلاق سراحه من الاحتجاز، والذي تضمن جلسة استماع تتعلق بالاحتجاز، كان عليه خلالها أن يمثل نفسه، تنوه اللجنة بأن الد ولة الطرف أكدت أنه بالرغم من تخصيص محام لـه، إلا أن المحامي لم يحضر خلال الاستجواب أو خلال جلسة الاستماع. وأوضحت اللجنة في سوابقها القضائية، أن الدولة الطرف ملزمة بضمان توفير تمثيل قانوني يكفل تمثيل المتهم تمثيلاً فعالاً. وتشير إلى أحكامها السابقة أيضاً، ب أنه ينبغي إتاحة المساعدة القانونية في كافة مراحل الإجراءات الجنائية. وبالتالي، فهي تجد أن الوقائع المطروحة أمامها تكشف عن انتهاك للفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تعمل بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاخت ياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، يشمل تقد يم تعويضات له. كما أنها ملزمة بمنع أي انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها كطرف في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الخاضعين لسلطتها القضائية ضمن إقليمها، بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف يكون فعالاً وقابلاً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى معلومات من الدولة الطرف في غضون تسعين يوماً عن التدابير ال متخذة كي توضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ومطلوب أيضاً من الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا تقرير.]

الحواشي

(1) ويقول صاحب الب لاغ إنه فهم من الطلب بكتابة "لا" فيما يتعلق بأمر الإبعاد، أنه يعترض على الأمر ذاته وليس على الرغبة في تقديم طعن.

(2) تنص المادة 139 على ما يلي: "(1) يتعين إنهاء التحقيقات بموجب أمر إذا ... (ج) كان هناك سبب يستبعد العقوبة أو ينهي العمل بها ...".

(3) وتنص المادة 71 على ما يلي: "يتعين توبيخ الأشخاص الذين لا يخضعون للعقوبة نظراً إلى أن درجة التهديد الذي تمثله الجريمة المرتكبة حيال المجتمع لم تعد ذات شأن (المادة 36) ... (3) ويقصد بالتوبيخ، إعراب السلطات عن رفضها ودعوتها للجاني إلى الامتناع عن ارتكاب جرائم جنائ ية في المستقبل". ووفقاً لما تقولـه الدولة الطرف فإن هذه القرارات استخدمت في الترجمة الروسية بالنسبة للشخصين المعنيين عن طريق مكتب المدعي العام لأوكرانيا. وترد في المادة 36 ما يلي: "لا يعاقب الشخص الذي لم يعد فعله في وقت إصدار حكم قضائي ضده، يمثل تهديداً لل مجتمع أو إذا كان التهديد الذي يمثله يعتبر تافهاً للغاية بحيث تصبح حتى أخف العقوبات الواجبة التطبيق على هذا الشخص وفقاً لهذا القانون، بلا ضرورة".

تذييل

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

أتفق مع ما توصلت إلية اللجنة من نتائج حول وجود انتهاك للفق رة 3(د) من المادة 14، نظراً لعدم توفير الدولة الطرف لتمثيل قانوني فعال لصاحب البلاغ (7-5). على أنني لا أتفق مع ما توصلت إليه اللجنة من نتيجة تفيد بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 3 من المادة 9، لأن صاحب البلاغ احتجز لمدة ثلاثة أيام قبل مثوله أمام مسؤول قضائي ، وأنها لم توضح الحاجة التي دعت إلى احتجازه لهذه المدة (7-4).

والواقع أنه جرى اعتقال صاحب البلاغ وصديقه في 29 نيسان/أبريل 1996، للاشتباه في ارتكابهما جريمة نشل (2-1 و4-1). واتهما بالسرقة في 30 نيسان/أبريل 1996، وفي 1 أيار/مايو 1996، رفض المدعي العام في قر ار خطي الشكوى المقدمة في ما يخص اعتقالهما واستجوابهما (2-2 و4-2). وفي 2 أيار/مايو 1996، قدما إلى محكمة بيشت المركزية في المقاطعة بغرض البت فيما إذا كان ينبغي وضعهما في الاحتجاز، وقررت المحكمة احتجازهما خشية هروبهما (2-3).

وتبين سلسلة الأحداث هذه بوضوح ما حدث خلال الأيام الثلاثة (29 نيسان/أبريل - 2 أيار/مايو 1996)، التي يعترف بها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف. وبالإضافة إلى ذلك، فمع أن صاحب البلاغ يدعي أن هناك انتهاكاً للعهد، نظراً لاحتجازه لأكثر من أسبوعين دون محاكمة (3-1 و3-3) فإنه لا يدعي على وجه التحد يد أن الاحتجاز لمدة ثلاثة أيام يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9. والواقع أن اللجنة نفسها هي التي تحدد هذه المسألة المتعلقة بهذا الاحتجاز الذي دام ثلاثة أيام، وتقرر استناداً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح لذلك، أن الاحتجاز يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من ا لمادة 9.

وإنني لا أرى في ظل هذه الظروف أن هناك أي داع لتوجيه اللوم للدولة الطرف على عدم تقديمها لأي توضيح يبين الضرورة التي دعت إلى الاحتجاز. وعلاوة على ذلك فإن اللجنة لم تقرر أبداً حسب ما أتذكَّر أن الاحتجاز لمدة ثلاثة أيام يشكل في حد ذاته انتهاكاً للفقر ة 3 من المادة 9. ولهذه الأسباب فإنني لا أستطيع أن أتفق مع آراء اللجنة في هذا الصدد.

( التوقيع ): نيسوكي أندو

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

أتفق مع ما توصلت إليه اللجنة من نتائج تتعلق بوجود انتهاك للفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد. إلا أنني لا أستطيع الاتفاق معها فيما يتعلق بوجود انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 لأن صاحب البلاغ احتجز لمدة يومين قبل مثوله أمام مسؤول قضائي.

وإن السبب الرئيسي الذي يدعوني إلى عدم اتفاقي معها بشأن الانتهاك المزعوم للفقرة 3 من المادة 9، هو أن صاحب البلاغ لم يثر هذه الشكوى في البلاغ الذي قدمه، وأن الشكوى الوحيدة التي قدمها في هذا الخصوص كانت تتعلق باحتجازه لمدة أسبوعين دونما محاكمة، وسيكون من غير الصحيح في ظل هذه الظروف القول بأن الدولة الطرف ونظراً لعدم قيامها بتوضيح السبب في التأخير الذي دام 3 أيا م قبل أن يمثل صاحب البلاغ أمام مسؤول قضائي، يجب أن يعتبر هذا التأخير بأنه يمثل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 من العهد. ولما كان صاحب البلاغ لم يقدم هذه الشكوى على وجه التحديد في بلاغه، فكيف يمكن أن يتوقع من الدولة الطرف أن تعالجها وأن توضح السبب في التأخير الذي دام 3 أيام؟ ولذلك لا يمكن الخلوص إلى استنتاج من واقعة عدم توضيح الدولة الطرف لهذا التأخير. ولو جرى تقديم هذه الشكوى المحددة، لطلب إلى الدولة الطرف توضيح السبب في التأخير، فإذا لم تقدم توضيحاً مقبولاً، لكان هناك مبرر لأن تجد اللجنة إخلالاً بالفقرة 3 م ن المادة 9. لكن الأمر لا يكون كذلك، عند عدم تقديم شكوى محددة في البلاغ عن هذا التأخير الذي دام ثلاثة أيام. وعلاوة على ذلك، فإنني لا أستطيع أن أوافق على أن الفقرة 3 من المادة 9 تتوخى حكماً صارماً ومتشدداً يقضي بوجوب تقديم أي شخص محتجز للمثول أمام مسؤول قضائ ي في غضون 48 ساعة من احتجازه. وفي النهاية يجب أن يتوقف البت في مسألة الامتثال أو عدم الامتثال لمقتضيات الفقرة 3 من المادة 9 على الوقائع المتعلقة بكل قضية على حدة.

وبالتالي فإنني أرى أنه من غير الصحيح في هذه القضية، القول بأنه قد حدث انتهاك للفقرة 3 من الم ادة 9 من العهد.

( التوقيع ): برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

رأي فردي صادر عن عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يريغوين (رأي مخالف)

أعرب عن اختلافي بخصوص هذا البلاغ استناداً إلى ما يلي:

وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزا ماً بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تخفيف الحكم وتقديم تعويض ملائم أو النظر في إطلاق سراحه في وقت مبكر. وعلى الدولة الطرف أيضاً التزام بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

( توقيع ) هيبوليتو سولاري - يريغوين

كاف - البلاغ رقم 856/1999، شامبالا ضد زامبيا *

(الآراء التي اعتمدت في 15 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة السبعون)

المقدم من : ألكس سوتيلي شامبالا

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : زامبيا

تاريخ تقديم البلاغ : 18 نيسان/أبريل و30 تموز/يوليه 1997 (الرسالتان الأوليان)

إ ن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 تموز/يوليه 2003،

وبعد أن انتهت من نظرها في البلاغ رقم 856/1999، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد ألكس سوتيلي شامبالا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء مقدمة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب ال بلاغ هو ألكس سوتيلي شامبالا، وهو مواطن زامبي، ولد في عام 1948. وهو يدعي أنه وقع ضحية لقيام زامبيا بانتهاك أحكام الفقرتين 3 و5 من المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ولا يمثله محام.

ــــــــــــــ

* شارك في النظر في هذا البل اغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتين شاينين، ا لسيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري ييرغوين، السيدة روث ودجوود، السيد رومان فيروزشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 ألقي القبض على صاحب البلاغ واحتجز دون توجيه أي تهمة إليه في 7 شباط/فبراير 1987. وصدر أمر من الشرطة باحتجاز ه عملاً بالمادة 33(6) من قانون المحافظة على الأمن في 12 شباط/فبراير 1987. وقد ألغي هذا الأمر في 24 شباط/فبراير 1987، ولكن في هذا اليوم نفسه حل محله أمر احتجاز صادر عن رئيس الجمهورية بموجب المادة 33(أ) من قانون المحافظة على الأمن العام. وأُخطر صاحب البلاغ ف ي 5 آذار/مارس 1987 بأسباب احتجازه التي توضح أنه احتجز لأنه (أ) استقبل سجيناً هارباً، هو هنري كالينغا، وأبقاه في منزله؛ و(ب) كان يعرف أنه محتجز بموجب قانون المحافظة على الأمن العام؛ و(ج) ساعد السيد كالينغا في محاولته للهروب إلى بلد معاد لزامبيا؛ و(د) لم يبل غ قوات الأمن مطلقاً بوجود السيد كالينغا.

2-2 وبعد احتجاز صاحب البلاغ لما يزيد على سنة دون أن يمثل أمام أي محكمة أو مسؤول قضائي، قدم طلباً بإخلاء سبيله. وفي 22 أيلول/سبتمبر 1988، قررت المحكمة العليا لزامبيا أنه لا توجد أسباب لإبقائه في الحجز. مع ذلك لم يُفر ج عن صاحب البلاغ حتى شهر كانون الأول/ديسمبر 1988، عندما ألغى الرئيس احتجازه. ووفقاً لصاحب البلاغ، كانت المدة القصوى لعقوبة الحبس عن الجريمة التي اتهم بارتكابها هي ستة أشهر.

2-3 ويذكر صاحب البلاغ أنه بموجب القانون الزامبي لا يجوز لأي شخص أن يلتمس تعويضاً عن احتجاز غير مشروع. وعلاوة على ذلك فعندما سأل المحامين عما إذا كانت هناك إمكانية تقديم شكوى، قيل لـه إن قضيته سُقطت بالتقادم بموجب القوانين الزامبية. وبالتالي، لا توجد سبل انتصاف متاحة. ومع ذلك فعندما علم صاحب البلاغ أن بيتر شيكو يواليا وهنري كالينغا حصلا ع لى تعويض بعد اعتماد قرارات صادرة عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، كتب إلى مكتب النائب العام طالباً التعويض. وبالرغم من أن الرسائل سُجلت في مكتب النائب العام، فإنه لم يتلق أي رد.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، باحتجازها لـه بشكل تعسفي لنحو سنت ين، دون إحضاره أمام قاض أو مسؤول آخر مخول قانوناً بممارسة السلطة القضائية، تكون قد انتهكت حقوقه بموجب أحكام الفقرتين 3 و5 من المادة 9 من العهد. ويمكن أن تثير هذه الوقائع المزيد من المسائل بموجب المادة 9 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأ سسه الموضوعية

4- في مذكرة شفوية مؤرخة 26 آذار/مارس 2001، سلمت الدولة الطرف بالوقائع الوارد وصفها في البلاغ، وأوضحت أنها ستقوم بالاتصال بصاحب الشكوى بغرض تعويضه عن فترة الاحتجاز موضع البحث.

الاتصالات اللاحقة بالأطراف

5-1 أخطر صاحب البلاغ اللجنة، في رسائله ا لمؤرخة 20 حزيران/يونيه و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، وكذلك في 30 كانون الثاني/يناير 2002، بأنه لم يحصل بعد على تعويض من الدولة الطرف. وفي رسالته الأخيرة، قال إنه أرسل تذكيراً إلى مكتب النائب العام، المسؤول عن دفع التعويض في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2001.

5-2 و في مذكرة شفوية مؤرخة 7 آذار/مارس 2002، قامت الأمانة بتذكير الدولة الطرف بالوفاء بوعدها بتعويض صاحب البلاغ دون المزيد من التأخير وطلبت من الدولة الطرف إبلاغها بالتدابير المتخذة. ولم تتلق أي رد من الدولة الطرف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة من أنه لا يجري النظر ف ي المسألة ذاتها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على المستوى الدولي لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة بقلق أنه بالرغم من تسليم الدولة الطرف بصحة الوقائع المزعومة في البلاغ وتعهدها بتعويض صاحب البلاغ عن فترة الاحتجاز موضع البحث، ورغم رسالة التذكير التي أرسلتها الأمانة لهذا الغرض، فإن الدولة الطرف لم تف بتعهدها.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ. وعلى أساس المعلومات المعروضة عليها، تخلص اللجنة بالتالي إلى أن صاحب البلاغ قد است وفى المتطلبات بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5، من البروتوكول الاختياري، وأنه لا توجد عقبات أخرى تحول دون قبول شكواه فيما يتعلق بالانتهاكات المحتملة للمادة 9.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطر فان. وهي تلاحظ بقلق نقص المعلومات المقدمة من جانب الدولة الطرف، وتشير إلى أن الفقرة 2 من المادة 4 تنص ضمناً على أن تنظر الدولة بحسن نية في جميع الادعاءات المقدمة ضدها وأن تزود اللجنة بجميع المعلومات المتوفرة لديها. ولم تقم الدولة الطرف بإحالة أية معلومات ذ ات صلة إلى اللجنة بخلاف مذكرتها المؤرخة 26 آذار/مارس 2001. وفي هذه الظروف، يجب إعطاء الأهمية الواجبة لادعاءات صاحب البلاغ بقدر ما تكون موثقة بالأدلة.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه تعرض للاحتجاز التعسفي، فقد لاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ احتجز لمدة 22 شهراً، اعتباراً من 7 شباط/فبراير 1987، وهو ادعاء لم تفنده الدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، لم تسع الدولة الطرف إلى إبلاغ اللجنة بمبررات هذا الاحتجاز الطويل. ومن ثم، يعتبر هذا الاحتجاز، في رأي اللجنة، احتجازاً تعسفياً ويشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 1 من الماد ة 9 مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2.

7-3 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ لفترة الشهرين الإضافيين بعد أن قررت المحكمة العليا أنه لا توجد أسباب لإبقائه قيد الاحتجاز يعتبر، بالإضافة إلى كونه تعسفياً وفقاً للفقرة 1 من المادة 9، متعارضاً أيضاً م ع القانون الزامبي المحلي، وهذا ينطوي على انتهاك للحق في التعويض بموجب الفقرة 5 من المادة 9.

8- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقا ئع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 9، مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2، والفقرة 5 من المادة 9 من العهد.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وبالنظر إلى أن الدولة الط رف قد تعهدت بدفع تعويض، فإن اللجنة تحث الدولة الطرف على أن تقوم في أقرب وقت ممكن بمنح تعويض لصاحب البلاغ عن المدة التي احتجز خلالها على نحو تعسفي في الفترة من 7 شباط/فبراير 1987 إلى كانون الأول/ديسمبر 1988. والدولة الطرف ملزمة بكفالة عدم حدوث مثل هذه الانت هاكات في المستقبل.

10- وقد اعترفت الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان أي انتهاك للعهد قد حدث. وقد تعهدت الدولة الطرف، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليمها أو الخاضعين لولا يتها القضائية الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في الحالات التي تخلص اللجنة فيها إلى أنه قد حدث انتهاك للعهد. وتود اللجنة أن تتلقى، في غضون تسعين يوماً، معلومات بشأن التدابير المتخذة لتنفيذ ما جاء في آرائها. والدولة الطر ف مطالبة أيضاً بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف في 10 تموز/يوليه 1984.

(2) يقضي أمر الاحتجاز الذي أصدرته الشرطة بتاريخ 12 شباط/فبراير 1987 باحتجاز صاحب البلاغ لمدة لا تتجاوز 28 يوماً إلى حين اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي أو لا ينبغي إصدار أمر احتجاز ضده.

(3) انظر بواليا ضد زا مبيا ، القضية رقم 314/1988، الآراء المعتمدة في 14 تموز/يوليه 1993، وكالينغا ضد زامبيا ، الآراء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1993.

لام - البلاغ رقم 864/1999، رويز أغودو ضد إسبانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المق دم من : السيد ألفونسو رويز أغودو (يمثله السيد جوزي لويس مازون كوستا)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ القرار المتعلق بالقبول : 15 آذار/مارس 2001

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص ب الحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وبعد أن انتهت من نظرها في البلاغ 864/1999 الذي قدمه السيد ألفونسو رويز أغودو بموجب البروتوكول الاختياري الملحق العهد الدول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع الم علومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو ألفونسو رويز أغودو، وهو مواطن إسباني. ويدعي في البلاغ الذي قدمه بتاريخ 12 آذار/مارس 1998 أنه ضحية انتهاك إسبان يا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يؤكد في بلاغه المؤرخ 27 آب/أغسطس 1999 أنه ضحية لانتهاك المادة 7 والفقرة 3 من المادة 10 من العهد. وصاحب البلاغ ممثل بمحام.

ـــــــــــــ

* اشترك في بحث هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤه م: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ (1)

2-1 في الفترة من 1971 إلى 1983 كان ألفونسـو رويـز أغـودو، يشغل منصب مدير م صرفCaja Rural Provincial في بلدة سيخين الصغيرة (مورسيا) حيث كان مسؤولاً عن العلاقات مع عملاء البنك. وفي الفترة من 1981 إلى 1983 تم التعامل في المكتب التابع للمصرف في سيخين على 75 وثيقة خاصة بقروض وهمية تمثل نسخة طبق الأصل من عدد مكافئ من القروض الحقيقية. و بعبارة أخرى كان هناك عملاء للمصرف وقعوا على بياض استمارات خاصة بقروض ثم مُلئت هذه الاستمارات في نسختين اثنتين.

2-2 ثم استولى مصرف Caja de Ahorros de Murcia على مصرف Caja Rural Provincial وورد اسم كلا هذين المصرفين في الإجراءات الجنائية التي بوشرت ضد ألفونس و رويز أغودو وآخرين بوصف المصرفين الجهة المتظلمة أو الطرف المتضرر. وتقدم المحامي عن ألفونسو رويز أغودو فوراً بطلب الحصول على الملفات الأصلية للحسابات، التي احتفظ بها صاحب البلاغ في مصرف سيخين حيث أودعت الأموال المتأتية من القروض الوهمية حسب قول المتظلم لعر ضها أثناء النظر في الدعوى. ووفقاً لصاحب البلاغ سيتبين من هذه الملفات أن الأموال لم تذهب لألفونسو رويز أغودو بل ذهبت لأشخاص آخرين. وقدم المصرف نسخة محوسبة من الملفات.

2-3 ويؤكد المحامي أنه بالرغم من أن الدعوى رفعت ضد موكله في عام 1983 فلم يصدر أي حكم حتى عا م 1994. وفي نهاية المطاف أصدر قاضي المحكمة الجنائية رقم 1 في مورسيا، الحكم على صاحب البلاغ بالحبس لمدة سنتين وأربعة أشهر ويوم واحد حبساً عادياً مع دفعه لغرامة عن جريمة الاحتيال، وحكم عليه بعقوبة أخرى مماثلة عن ارتكاب جريمة تزوير صك تجاري.

2-4 وطعن صاحب الب لاغ في الحكم الصادر ضده، استناداً إلى أن خطأً فادحاً قد ارتُكب في تقييم الأدلة وأن الحكم صدر عليه بسبب أفعال اقترفها في الواقع شخص آخر. كما أدعى أن أدلة غير موثقة (قدِّمت في شكل نسخة محوسبة من حساباته) قد استُخدمت ضده.

2-5 وأصدرت الدائرة القضائية الثالثة ا لتابعة لمحكمة مورسيا قراراً بشأن الطعن الذي قدمه في 7 أيار/مايو 1996. وحسب قول المحامي ينطوي هذا القرار على حجج تتنافى مع الحق في افتراض البراءة، مما يعني أن عبء الإثبات يجب على الدوام أن يقع على عاتق الطرف الذي يوجه الاتهام، حيث يرد فيه ما يلي:

"(...) تبي ن أن المتهم، السيد ألفونسو رويز أغودو، حوَّل المبالغ المختلسة إلى حسابه الخاص وإلى حسابات أخرى يمكنه النفاذ إليها مع أن الاستنتاجات استندت إلى بيانات محوسبة تقدم بها موظفو البنك المذكور، وهو إجراء يعتبره خبراء الدفاع أنفسهم إجراءً عادياً، وذلك برغم أنه من الأفضل بلا شك الحصول على الوثائق الأصلية للمعاملات المحاسبية المعنية. ومن ناحية أخرى كان ينبغي تقديم البيانات أو الوقائع التي تدحض موثوقية الملفات المأخوذة عن الحاسوب.".

2-6 ويقول المحامي إن الجملة الأخيرة من هذه الفقرة تبين أن محكمة الاستئناف قد اتخذت موق فاً يتنافى مع الحق في افتراض البراءة حيث إنها تفترض أن المتهم مذنب ما دام لم يثبت براءته وحيث إن أدلة غير موثقة البتة اعتبرت كافية لحرمان موكله من حقه في افتراض براءته ومطالبة جهة الادعاء بتقديم الأدلة التي تكفل ضمانات بالموثوقية.

2-7 وقدِّم إلى المحكمة ال دستورية طلب وقائي بإنفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ) ضد القرار الصادر عن المحكمة العليا الإقليمية في مورسيا ورُفض في وقت لاحق بقرار صدر في 18 أيلول/سبتمبر 1996. ومن ثم يرى المحامي أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفذت.

2-8 ويؤكد محامي مقدم البلاغ أن موكله ضحية لخطة دبّرها مصرف Caja Rural وتبناها في وقت لاحق مصرف Caja de Ahorros de Murcia لكي يُلصقا به أفعالاً غير مشروعة لم يقترفها وقد حاول تقديم الأدلة التي تبرهن على ذلك بالاستناد إلى الوثائق المصرفية الأصلية. وعلاوة على ذلك يفيد صاحب البلاغ أن مصرف Caja de Ahorrosقدم وثيقة مزورة يُنسب فيها إلى ألفونسو رويز أغودو تهمة الترتيب لقرض بمبلغ 90 مليون بيزيتا لم يطلبه مستخدماً لهذا الغرض استمارة على بياض كان قد وقَّع عليها.

2-9 وفي بلاغ ثان مؤرخ 27 آب/أغسطس 1999 أفاد محامي صاحب البلاغ أن المحكمة الجنائية رقم 1 في مورسيا أخطرت صاحب البلاغ في أمر صادر في 25 أيلول/سبتمبر 1998 بأن مجلس الوزراء قد رفض طلبه بالعفو ولا بد من إيداعه في السجن. وقد تم الطعن في ذلك القرار أمام القاضي وأمام المحكمة العليا الإقليمية في وقت لاحق استنادا إلى الأسس القائلة بأن العقوبة المفروضة تش كل، بالنظر إلى الفاصل الزمني الهائل والبالغ 16 سنة الذي انقضى منذ بداية الدعوى، انتهاكاً للحق في عدم التعرض لعقوبة قاسية أو مهينة وأن العقوبة لم تعد تخدم الغرض الإصلاحي المقصود منها. وقد رفضت المحكمة الجنائية والمحكمة العليا كلتاهما مزاعم صاحب البلاغ.

2-10 وتقدم صاحب البلاغ بطلب آخر بإنفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ) إلى المحكمة الدستورية في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1998 بعد أن أُبلغ بقرار قاضي المحكمة الجنائية الذي يأمر بإدخاله السجن. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 1998 طلب صاحب البلاغ من المحكمة الدستورية كتابة أن ترجئ النظر في طلبه المتعلق بإنفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ) لأن الطعون التي قدمها معروضة على المحكمة الجنائية والمحكمة العليا الإقليمية للنظر فيها. ولم تقدم المحكمة الدستورية أي رد. والتمس صاحب البلاغ، في طلب قدمه في 17 شباط/فبراير 1999 تمديد طلب إنفاذ الح قوق الدستورية ( أمبارو ) بعد أن رفضت الطعون التي تقدم بها إلى المحكمة الجنائية والمحكمة العليا. وبعد ثمانية أيام أُبلغ بقرار المحكمة الدستورية برفض طلبه إنفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ).

2-11 وبعد دخول ألفونسو رويز أغودو السجن بشهرين اثنين قررت السلطات المسؤو لة عن السجون إيداعه في مرافق الاحتجاز المفتوحة وهذا يعني أن ينام في السجن طوال الأسبوع وأن تقيّد تحركاته كلما غادر السجن.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن إسبانيا انتهكت الفقرة 1 من المادة 14 من العهد على أساس أن المحكمة الجنائية والمحكمة العليا كلتيهما أجاز تا إصدار حكم بالسجن بالاعتماد على أدلة مستندية اعتباطية قدمها الادعاء؛ وأن الحجج التي تضمنها الشرح القانوني للحكم الذي أصدرته المحكمة العليا الإقليمية ضد المتهم تتنافى مع مبدأ أن عبء الإثبات يقع على الطرف الذي يوجه الاتهام وهو المبدأ ذاته الذي يقوم عليه ال حق في افتراض البراءة.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن الفقرة 3 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت حيث إن الإجراءات الجنائية قد دامت أكثر من 15 سنة.

3-3 وأشار كذلك إلى عدم وجود محضر حرفي للأقوال التي أدلى بها الشهود والخبراء والأطراف والمحامي بل مجرد ملخص وضعه كاتب المحكمة بحيث غدت الإجراءات، في نظر صاحب البلاغ، تفتقر إلى الضمانات الأساسية. وعلاوة على ذلك كانت الأطراف الموجهة للاتهام تحظى بميزة واضحة في الدعوى. وأشار إلى الفقرة 1 من المادة 790 من قانون الإجراءات الجنائية مؤكداً أن قواعد الإجراءات الموجزة تخالف المبدأ الأساسي المتعلق بتكافؤ الفرص المتاحة في الإجراءات القضائية.

3-4 وفي بلاغ ثان مؤرخ 27 آب/أغسطس 1999 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 7 من العهد حيث إن صدور حكم في غير أوانه بعد انقضاء 16 سنة بين الوقائع والعقوبة الفعلية يعتبر بمثابة عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. ويرى المحامي أن الحكم الصادر ضد ألفونسو رويز أغودو بعد أن انقضى الحد الزمني القانوني هو حكم غير إنساني ويتنافى مع المادة 7 من العهد.

3-5 ويزعم صاحب البلاغ كذلك أن هناك ما يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 10 من العهد التي تكفل الحق في أن يكون الغرض الأساسي من نظام السجون هو إصلاح السجناء وإعادة تأهيلهم اجتماعياً. ويقول إنه مواطن مثالي كما يشهد بذلك تقرير صادر عن الحرس المدني في المدينة التي يقطن فيها. على أن المراد بالحكم تقويض اعتزازه بنفسه وتشويه سمعة المتهم شخصياً وكل هذا مناف للفقرة 3 من المادة 10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف فيما يتعلق بجواز قبول البلاغ

4-1 تطلب الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 18 حزيران/يونيه 1999 إعلان أن الشكوى المتصلة بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد غير مقبولة حيث إن الشخص الذي يدعي أنه ضحية لم يتقدم في أي مناس بة بشكوى إلى المحاكم المحلية أو المحكمة الدستورية بأن حقوقه المكفولة بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت؛ ولم يشْكُ من انعدام المساواة أمام المحاكم أو عدم النظر العلني في الدعوى أو الافتقار إلى محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة.

4-2 وفيما يتعلق بانته اك الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد تشير الدولة الطرف إلى أن الحق في أن يحاكم الشخص دون أي تأخير لا مبرر لـه هو حق أساسي يكفله القانون الإسباني. وتذكر الدولة الطرف في رسالتها أن الانتهاك الراجع إلى طول الإجراءات بشكل مفرط قد يعطي الحق في جبر الضرر من حيث المضمون و/أو الحصول على تعويض. وفيما يخص الحق في أن تتم الإجراءات القضائية في غضون فترة زمنية معقولة فإن الجبر من حيث المضمون يضحي غير ممكن فور انتفاء التأخير.

4-3 وتوضح الدولة الطرف أنه يمكن المطالبة بالجبر التعويضي وفقاً للإجراء المنصوص عليه في المادة 29 2 والمواد التالية لها من القانون الخاص بتصريف شؤون العدل وبموجبه تقدم شكوى من سير العدالة بشكل غير طبيعي إلى وزارة العدل وفي حالة عدم الموافقة يمكن طلب المراجعة القضائية.

4-4 وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف، إلى قرار صادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 29 تش رين الأول/أكتوبر 1999 ومفاده أنه "من الناحية الدستورية لا يترتب على التأخير دون مبرر سوى شكل واحد من الجبر وهو إنهاء التأخير. والطعن استناداً إلى هذه الأسس في إطار إجراء عادي وتقديم طلب بإنفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ) فور انتفاء تلك الأسس لا طائل من ورائه ... والاعتراف بأن مثل هذا التأخير قد حدث ... ولأي غرض آخر غير إنهاء التأخير، ينبغي أن يلتمسه الشخص المعني من خلال الإجراءات الإدارية والقضائية المناسبة" (قضية برييتو رودريغيز).

4-5 وتزعم الدولة الطرف أنها تتحمل المسؤولية عن إقامة العدل في غضون فترة زمنية معقولة بغض النظر عما إذا كان قد تم الاحتجاج على أي تأخير أو لم يتم. وتشير كذلك إلى أن المعايير المطبقة في القانون الإسباني لتحديد الحالات التي تكون فيها مدة الإجراءات غير معقولة هي تلك التي حددتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تعتبر سوابقها القضائية قابلة للتطبيق المباشر في القانون الإسباني المحلي على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 10 من الدستور.

4-6 وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أعلنت في قرارها الصادر في 6 تموز/يوليه 1993، أي شكوى من التأخير غير المعقول تقدم إ لى مؤسسات ستراسبورغ فيما يتصل بإجراءات تكون قد انتهت بالفعل أي حيثما لا تتاح إمكانية الجبر من حيث الموضوع ولكنها تتاح عن طريق التعويض فحسب فإنه ينبغي اعتبارها غير مقبولة تماماً في جميع الحالات على أساس أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفذ إذ إن سبيل التظلم ا لمتاح في إطار القانون الخاص بتصريف شؤون العدل لم يُستخدم.

4-7 وفي الحالة قيد النظر ادعي حدوث تأخير لا مبرر لـه بعد انتهاء الإجراءات عندما لم يعد الجبر من حيث الموضوع منطبقاً وإنما يمكن الجبر فقط عن طريق التعويض. وترى الدولة الطرف أن ألفونسو رويز أغودو لم ي لتمس أي تعويض عن التأخير غير المبرر المزعوم وإنما فقط عدم تنفيذ الإجراءات الجنائية.

4-8 وفيما يتعلق بعدم وجود محضر حرفي للإجراءات كما ذكر المحامي، تزعم الدولة أنه لا توجد أي مادة في العهد تشترط أن تكون محاضر المحكمة حرفية كما أنها لا ترى ما هو وجه الضرر ال ذي لحق بالسيد رويز أغودو نتيجة لعدم وجود محضر حرفي. وحيث إنه لم يدع في أي وقت من الأوقات حدوث ذلك الانتهاك أثناء سير الإجراءات المحلية فليس من المعقول الاعتراض من جديد، بعد انقضاء خمس سنوات على المحاكمة، بالقول إن محضر الجلسات لم يكن حرفياً.

4-9 ويؤكد الشخ ص الذي يزعم أنه ضحية بأن نظام الإجراءات الموجزة يخالف المبدأ الأساسي المتعلق بتكافؤ الفرص في الإجراءات القضائية. وترى الدولة الطرف أنه من غير المعقول التذمر من "قاعدة قانونية" دون الإشارة إلى ماهية الحقوق المحددة والمكفولة بموجب العهد للشخص الذي يزعم أنه ض حية والتي تأثرت دون أن يكون الشخص قد قدم الشكوى في مرحلة سابقة أثناء سير الإجراءات المحلية.

4-10 أما فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لمبدأ افتراض البراءة فتؤكد الدولة الطرف أنه توجد في المستندات الفعلية المعروضة أدلة وفيرة تثبت إدانته.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز القبول

5-1 يؤكد ممثل صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة 27 آب/أغسطس 1999 أنه بالرغم من ادعاء الدولة بأن صاحب البلاغ لم يقدم شكوى لانتهاك حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد في ما يخص الإجراءات المحلية إلا أن طلب إ نفاذ الحقوق الدستورية ( أمبارو ) المقدم إلى المحكمة الدستورية يبرهن على أنه كانت هناك شكوى من انتهاك حقوقه المشمولة بحماية الفقرة 24 من الدستور الإسباني، التي تعترف بالحق في محاكمة منصفة وفي افتراض البراءة. ولذلك فإن ملاحظة الدولة الطرف لا أساس لها من الصحة.

5-2 وفيما يتعلق بقول الدولة الطرف إن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفذ يؤكد صاحب البلاغ من جديد أن المدعى عليه التمس الاعتراف بحقه في سير الإجراءات القضائية دون تأخير لا مبرر لـه لدى المحكمة الدستورية التي قضت في قرار صادر بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر 1999 بأنه " فيما يتعلق بالاعتراف بالحق في إجراءات قضائية دون تأخير لا مبرر له فإن الأحكام الدستورية اقتضت منذ البداية وجوب تقديم شكوى مسبقة بصدد التأخير مع إشارة صريحة إلى المبدأ الدستوري ووجوب أن تكون الإجراءات أمام المحكمة جارية (...) وهو شرط لم يستوف فيما يبدو. بال إضافة إلى ذلك فحيث إن حكماً قطعياً قد صدر، يجب التماس الانتصاف عبر القنوات الملائمة". ويقول المحامي إن صاحب البلاغ لم يطلب من المحكمة الدستورية الحصول على تعويض عن انتهاك حقه في الإجراءات دون تأخير لا مبرر لـه. بل إنه طلب أن تعترف المحكمة بأن انتهاكاً قد ح دث، وبذا يسترعي انتباه الدولة إلى التعدي على حق من الحقوق الأساسية. واشتراط مباشرة دعوى قضائية جديدة التماساً "للانتصاف" لا يتمشى مع الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ إلى المحكمة الدستورية. وعلاوة على ذلك فوفقاً للفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تس ري القاعدة المتعلقة باستنفاذ سبل الانتصاف المحلية عندما يطول بصورة غير معقولة تنفيذ سبل الانتصاف.

5-3 وفيما يخص القرارات السابقة الصادرة عن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن مقبولية الحالات ذات الصلة بالتأخير غير المبرر في الإجراءات القضائية يرى المحامي أن هذه السوابق ليست ملزمة للجنة بأي حال من الأحوال. وصاحب البلاغ قد استنفذ سبل الانتصاف القانونية في بلده بتقديم طعن أمام المحكمة الدستورية وبرفض الاعتراف بأنه ضحية لانتهاك تلك الحقوق على أساس أنه كان ينبغي لـه الطعن فيها فور اتضاح انتهاك الحق في النظر في دعواه بدون تأخير لا مبرر لـه. وتلاحظ اللجنة أن إسبانيا ذكرت، في تقريرها الدوري الرابع ما يلي: "لا يشترط القانون الإسباني أن يحتج الطرف أثناء الإجراءات على طول مدتها المفرط. وترتيباً على ذلك، وبغض النظر عما إذا الطرف المعني قد احتج على التأخير أو لم يحتج، ت قع على عاتق الدولة مسؤولية إقامة العدل خلال فترة زمنية معقولة. وكنتيجة لهذا الواجب ولتلك المسؤولية يتوجب على الدولة أن تعوض الطرف عن الضرر المعني الناجم عن عدم وفاء الدولة بالتزاماتها، وبحسب الاقتضاء، عن الضرر المادي الناتج. ولأغراض هذا التعويض، وفي حالة ع دم وجود إعلان من المحكمة أو من المحكمة الدستورية بشأن الطول المفرط لفترة الإجراءات، يقوم المجلس العام للقضاء بالإبلاغ عن هذا الطول المفرط في الإجراءات وتقوم الإدارة بتحديد مبلغ التعويض الذي سيمنح للمضرور".

5-4 أما فيما يتعلق بالدفع بعدم جواز قبول الشكوى في ما يخص عدم وجود محضر حرفي لوقائع الجلسات، يؤكد المحامي أن الحق في الطعن لا يكون حقيقياً ولا مجدياً إذا لم يكن هناك محضر حرفي يتناول أقوال الشهود والخبراء حيث إنه لا يمكن لمحكمة من الدرجة الثانية أن تراجع على الوجه الصحيح ما قررته محكمة من الدرجة الأولى إذا لم يعرض عليها محضر حرفي. وطلب المتهم، في الطعن الذي قدمه، بإعادة النظر في الأدلة بدعوى حدوث خطأ. وعدم وجود محضر حرفي يعني أن تفاصيل مهمة تضمنتها الأقوال التي أدلى بها الشهود والخبراء ربما تكون قد أغفلت.

5-5 ويرى المحامي أن صاحب البلاغ وجد نفسه في مواجهة وضع غير موات أثناء الدعوى بسبب التعدي على الحق في تكافؤ الفرص حيث إن الإجراءات الجنائية كانت تنطوي على تحيّز بحكم القانون ضدّه وتنحاز لصالح المدعي العام والأطراف التي توجه الاتهام. ويشير محامي صاحب البلاغ إلى أن المتهم اضطر إلى التخلي عن الفرص التي تتيحها لـه الفقرة 1 من المادة 790 من قانون الإجراءات الجنائية ولم يتمكن من تقديم المزيد من الأدلة مثلاً بأن يطلب من جديد الحصول على الملفات الأصلية لحساباته والتي كان يمكنه بواسطتها أن يبرهن على أنه لم يحتفظ بالمال الذي اتهم باختلاسه.

5-6 وفيما يخص ملاحظات الدولة المتعلقة بالشكوى بأن مبدأ افتراض البراءة لم يُحترم يشير المحامي إلى أن صاحب البلاغ حُرم من الحصول على الدليل القاطع لإثبات براءته وهذا الدليل هو الملفات الأصلية لحساباته المصرفية لدى مصرف Caja Rural Provincial التي يجوزها الطرف المدعي. ومن الآثار المترتبة على الحق في افتراض البراءة أن عبء الإثبات يجب أن يقع على عاتق الادعاء وأن المتهم ينبغي أن يتمتع بحق تفسير الشك لصالحه ويعترف القرار الصادر عن المحكمة العليا الإقليمية بأن عبء إثبات البراءة قد ألقي على عاتق المتهم إذ جاء فيه "في حين أنه كان من الأفضل بلا ش ك وجود الوثائق الأصلية للمعاملات المحاسبية المعنية فقد كان من اللازم إبراز البيانات أو الوقائع لدحض موثوقية الملفات الحاسوبية". ومع ذلك فإن المتهم لا يمكنه إثبات براءته إلا بالإشارة إلى المستندات المحاسبية الأصلية.

القرار المتعلق بجواز القبول

6-1 نظرت اللج نة، في دورتها الحادية والسبعين المعقودة في آذار/مارس ونيسان/أبريل في مسألة جواز قبول البلاغ وتحققت على نحو ما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة نفسها ليست محل بحث عن إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 وفيما يتعلق بالادعاء بحدوث تأخير لا مبرر لـه، أحاطت اللجنة علماً برد الدولة الطرف على البلاغ الذي ادعت فيه الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. وأشارت الدولة الطرف إلى أن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية قد أعلنت في تموز/يوليه 1993 أن ج ميع الشكاوى المتصلة بالتأخير الذي لا مبرر لـه تعتبر غير مقبولة على أساس أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد، إذا لم يستخدم سبيل الانتصاف المتاح بموجب المادة 292 والمواد التالية لها من قانون تصريف شؤون العدل. غير أن اللجنة أخذت بعين الاعتبار حقيقة أن الإجراءا ت، في الحالة قيد النظر، قد بدأت في عام 1983 ولم يصدر أي حكم حتى عام 1994، وأن الدولة الطرف لم تثبت سبب التأخير في المذكرة التي قدمتها. وفي ظل هذه الظروف خلصت اللجنة إلى أن سبل الانتصاف المحلية امتدت على نحو غير معقول بالمعنى الوارد في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري وبالتالي فإن ذلك الحكم لا يمنعها من بحث الأسس الموضوعية لهذا البلاغ.

6-3 وفيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ فيما يخص انتهاك الفقرة 3 من المادة 10 والفقرة 7 من العهد رأت اللجنة أن تلك الادعاءات قصرت عن إقامة الدليل القاطع لأغراض المق بولية.

6-4 وبالتالي أعلنت لجنة حقوق الإنسان في 15 آذار/مارس 2001 أن البلاغ مقبول حيث إنه قد يثير مسائل ذات صلة بالمادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 أكدت الدولة الطرف، في ملاحظاتها الصادرة في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 أن الإجراءات التي بوشرت ضد ألفونسو رويز أغودو كانت طويلة "على نحو مفرط" وأن المحكمة الجنائية قد أدلت، في إطار الإجراءات القانونية المحلية، ببيان بهذا المعنى الذي أصدرته في 21 كانون الأول/ديسمبر 1994. ولذلك ترى الدولة الطرف أنه إذا قررت اللجنة أن تذكر في تع ليقاتها أن هناك انتهاكاً للحق في أن يحاكم الشخص دون تأخير لا مبرر لـه فإنها بذلك تكرر شيئاً تمّ تأكيده على الصعيد المحلي.

7-2 وفيما يخص الآثار المترتبة على التأخير، فإن صاحب البلاغ طعن في الحكم مطالباً بتخفيف العقوبة الصادرة ضده إلى أقصى حد. وتفيد الدولة ا لطرف أن المحكمة الجنائية قد نظرت في الطعن الذي قدمه والمحكمة خففت الحكم إلى عقوبة وسط لمدة أقصر.

7-3 ومن ناحية أخرى تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يطلب من المحكمة الدستورية الإقرار بانتهاك حق أي شخص في محاكمة دون تأخير لا مبرر لـه كما يدعي محاميه وإن ّما طلب عدم إنفاذ الحكم الصادر. وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يوجد أي أساس قانوني لالتماس كهذا حيث إن القانون والعهد لا ينصّان على عدم إنفاذ الأحكام في الحالات التي يطول فيها أمد المحاكمة بشكل مفرط.

7-4 وتعيد الدولة الطرف التأكيد على أن السبيل الوحيد الممكن ف ي هذه الحالة هو التعويض المالي. بيد أن صاحب البلاغ لم يطالب مطلقاً بمثل هذا التعويض ومن ثم فإن الدولة الطرف لا تفهم السبب الذي يدعو اللجنة إلى القول إن سبل الانتصاف المحلية قد طال أمدها بشكل غير معقول في ما يخص الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختيا ري. وفي هذا الصدد ترى الدولة الطرف أنه لو كان صاحب البلاغ قد تقدم بدعوى يطالب فيها الحصول على تعويض مالي في عام 1996 عن طريق القناة التي أبلغته بها المحكمة الدستورية لكان قد تلقى فعلاً مثل هذا التعويض.

7-5 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لمبدأ افتراض البراءة تسوق الدولة الطرف حججاً مضادة ثلاثاً.

7-6 أولاً، تنوه الدولة الطرف بأن ألفونسو رويز أغودو لم يحكم عليه بالإدانة بالاستناد إلى البيانات المحوسبة وحدها وهذا أمر مثبت في الحكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية.

7-7 ثانياً، ترى الدولة الطرف أن استراتيجية الدفاع ال تي اتبعها ألفونسو رويز أغودو التي يدعي فيها أن موظفاً في المكتب يدعى ألفونسو دي غيا روبلز هو المسؤول عن الجريمة ومع ذلك فإنه لا يطلب الحكم عليه بالبراءة وإنما تخفيف الحكم إلى أقصر مدة، تشكل اعترافاً بسلوك جنائي سلكه صاحب البلاغ.

7-8 ثالثاً، وفيما يتعلق با لسجلات المحوسبة تذكر الدولة الطرف أن العمليات المصرفية ترد في سجلات محوسبة تغطي كافة المعاملات اليومية التي تجري من خلال ماكينة الإيداع النقدي وشباك الصرف؛ وتلك السجلات تم إبرازها لكي تبحث أثناء الإجراءات الشفوية. وتشدد الدولة الطرف على أن الخبراء الذين عي نهم الدفاع أنفسهم ذكروا أثناء المرافعات الشفوية أنهم لا يشككون في السجلات المحوسبة للحسابات.

7-9 وفي ضوء تلك المعلومات، تشير الدولة الطرف إلى أن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا الإقليمية لا يعكس اتجاه عبء الإثبات. وكل ما تقوله هو أن صاحب البلاغ يعترض على دليل من الأدلة المشروعة لم يطعن فيه في الوقت المناسب وأنه كان ينبغي لـه الاعتراض عليه وتقديم الأدلة التي تعزز موقفه إزاء الأدلة التي تجرمه.

7-10 وفيما يتعلق بمحاضر المحاكمة تكرر الدولة الطرف القول بأنه لا توجد أي مادة في العهد تشترط أن تكون تلك المحاضر حرف ية. وتؤكد أيضاً أن صاحب البلاغ قد وقّع على المحضر كما وقّع عليه محاميه بما يتمشى تماماً مع الإجراءات المعمول بها وأنه لم تقدم مطلقاً أي شكوى باستخدام سبل الانتصاف المحلية.

7-11 وتؤكد الدولة الطرف، علاوة على ذلك أنه لم تقدم أي شكوى محلية فيما يتعلق بقواعد الإجراءات الموجزة ومبدأ تكافؤ الفرص كما أن العهد لا يسمح بإعادة النظر الموجزة للقانون.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 يؤكد ممثل صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2002 أن الحق في أن يحاكم ال شخص بدون تأخير لا مبرر لـه واجب من الواجبات التي تقع على جميع الدول التي وقعت على العهد وأن الممارسة الفعلية لذلك الحق لا تقتضي تقديم شكوى مسبقة من المتهم. ولذلك فإنه يرى أن القرار الصادر عن المحكمة الدستورية يعكس روحاً بيروقراطية برفضه الصريح الاعتراف بوج ود انتهاك بذريعة أن صاحب البلاغ لم يتقدم من قبل بشكوى إلى السلطات القانونية المتدخلة.

8-2 ويدفع المحامي بأن النظام المزدوج القائم على جبر الضرر الناشئ عن التأخير الذي لا مبرر لـه والمشار إليه في مذكرة الدولة الطرف لا ينفذ على النحو الفعال. وجبر الضرر الناش ئ عن الانتهاك والاعتراف بهذا الانتهاك بحكم طبيعتهما، يجب أن يتما، أثناء سير الدعوى وليس في نطاق إجراءات قانونية جديدة يمكن أن تدوم تسع سنوات - سنتان لعرض الدعوى على محكمة الدرجة الأولى وسبع سنوات لطلب المراجعة القضائية. وبالنظر إلى ما تقدم، يؤكد ممثل صاحب البلاغ أنه يتعين أن يوضع "تشريع لمنع التأخير الذي لا مبرر لـه" يكون من شأنه كحد أدنى أن يسمح للقاضي الذي ينظر في الدعوى نفسها بوضع كشف بالتدابير التعويضية آخذاً بعين الاعتبار المدة التي تستغرقها الدعوى. والمفروض أن تشمل هذه التدابير تخفيف العقوبة الصادر، و الإعفاء من أداء العقوبة، وتعليق عقوبة بالسجن، أو الحق في الحصول على تعويض مالي تقدر قيمته بصورة مباشرة دون الحاجة إلى اللجوء إلى إجراء آخر.

8-3 ويشير المحامي إلى أن الحكومة رفضت العفو عن ألفونسو رويز أغودو بالرغم من أن صاحب البلاغ تقدم بالتماس محدد لهذا ال غرض وبالرغم من الأمر بجبر الضرر بمقتضى الفقرة 4 من المادة 4 من القانون الجنائي. ويدعي بالإضافة إلى ذلك أنه كان ينبغي للمحكمة الدستورية أن تعترف بأن هناك حقاً أساسياً قد انتهك وبالتالي اقترح أن تنظر الحكومة في منح العفو كسبيل للترضية.

8-4 وفيما يتعلق بالحك م بتخفيف العقوبة الذي أصدرته المحكمة الجنائية يذكر المحامي أن صاحب البلاغ ليس لـه سجل جنائي وكان بوسع القاضي أن يحكم بأدنى عقوبة. بيد أن القاضي حكم بعقوبة وسط بمدة أقصر بحيث كان تخفيف العقوبة أمراً وهمياً بحتاً.

8-5 وفيما يتعلق بافتراض البراءة يكرر المحامي القول بأن الدليل القاطع الذي يبرهن على براءة صاحب البلاغ لم يكن مستنداً أصلياً بل كان صورة حاسوبية مستنسخة اعتباطياً قدمها صاحب الشكوى. وقد اعترض صاحب البلاغ على هذا الدليل وطالب بالمستندات الأصلية التي لم يقدمها المصرف. وتمت الإشارة أيضاً إلى أن مصرف Caja Rural de Cehegín لم يكن يحوز نظاماً للمعلومات المحوسبة في عام 1983 وأن الأسلوب المتبع في تدوين الأصول والخصوم كان آلياً.

8-6 وفيما يتعلق بالشهادة الشخصية التي ذكرتها الدولة الطرف باعتبارها بعض إيراد الأشكال الأخرى للإثبات يؤكد المحامي أن مثل هذا الدليل ل ـه صلة بعناصر اتهام أخرى ونقاط لا يمكن الجزم بها مثل وجود قروض متعددة وهي أمور لم تثبت أن صاحب البلاغ مذنب.

8-7 وينوه المحامي بأن يرد في محضر المحاكمة أن ألفونسو رويز أغودو لم يعترف في أي وقت من الأوقات بأنه مذنب كما يُدَّعى. كما يبين المحضر أن الخبراء أق روا بأنهم لم يتمكنوا من توفير المزيد من المعلومات دون أن يكون لديهم أدلة أخرى مثل حسابات السيد رويز أغودو.

8-8 أما فيما يخص تكافؤ الفرص فيؤكد المحامي أن الدولة الطرف فيما أشارت إلى أن صاحب البلاغ لم يتقدم بشكوى بخصوص عدم التكافؤ هذا في سبل الانتصاف المحلية ، فإنها لم تشر إلى وجود الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1990 والذي رفضت فيه مسألة عدم دستورية هذا الموضوع.

8-9 وفيما يخص سجل المحاكمة يرى ممثل صاحب البلاغ أن الحق في الاستئناف يستدعي، كضمان أساسي، أن يتاح لمحكمة الدرجة الأ على محضر حرفي يمكن أن تطلع فيه على تفاصيل المحاكمة وأدلة الإثبات المقدمة. فإذا لم يتوفر سوى محضر موجز لا يمكن القيام بطعن حقيقي بالاستناد إلى وقائع الدعوى.

8-10 ويشير ممثل صاحب البلاغ في تعليقاته التي قدمها في 3 تموز/يوليه 2002 إلى أن الحكم الذي أصدرته الد ائرة الجنائية للمحكمة في 26 كانون الأول/ديسمبر 2000 والذي ورد فيه أن "السوابق القانونية المتوفرة لدى هذه الدائرة أثبتت بوضوح أن القرار المتعلق بموثوقية الأقوال التي قدمت أثناء المحاكمة تعتبر مسألة لا علاقة لها بتقديم طلب يتعلق بالمراجعة القضائية نظراً لأن القرار لا يمكن أن يصدر إلا عن محكمة استمعت مباشرة إلى تلك الأقوال أي سمعها الأعضاء بآذانهم وبصفة مباشرة". وفي هذا الصدد يفيد المحامي أن المحكمة نفسها اعترفت بأنه لا يمكن إجراء أي إعادة نظر حقيقية في محكمة أعلى دون أن يكون هناك محضر حرفي لكافة الأقوال المدل ى بها.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء كافة المعلومات الخطية التي أتاحتها لها الأطراف المعنية وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أكدت صراحة أن محاكمة السيد ألفونسو رويز أغودو كانت طويلة بشكل مفرط وأن هذا الأمر ورد ذكره في سبل الانتصاف القانونية المحلية؛ بيد أن الدولة الطرف لم تعط أي تفسير يبرر حدوث تأخير كهذا. وتذكّر اللجنة بموقفها كما هو وارد في التعليق العام بشأن المادة 14 حيث تم النصّ على وجوب أن تتم جميع مراحل النظر في الدعوى القضائية دون تأخير لا مبرر لـه وأنه لإضفاء الفعالية على هذا الحق يجب أن يكون السبيل متاحاً لضمان العمل بأمر كهذا في جميع الأحوال. وترى اللجنة أنه حدث تأخير في هذه القضية لمدة 11 سنة في سير الدعوى القضائية من الدرجة الأولى وأكثر من 13 سنة إلى أنه رفض الطعن، الأمر الذي يشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ المنصوص عليه في الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد في أن يحاكم دون تأخير لا مبرر لـه (2) . وترى اللجنة كذلك أن مجرد الحصول على تعويض بعد محاكمة طال أمدها بلا مبرر وعلى نحو مستقل عن هذه المحاكمة لا يمثل انتصافاً فعالاً.

9-2 وقد أحاطت اللجنة علماً بالحجج التي ساقتها الأطراف فيما يتعلق بتقييم الأدلة الموثقة المثبتة للجريمة. واللجنة تستند إلى آرائها السابقة وتكرر مجدداً أنه برغم أن المادة 14 تكفل الحق في محاكمة منصفة، فإن النظر في الوقائع والأدلة في أي قضية بعينها هو أمر منوط بالمحاكم المحلية وليس منوطاً باللجنة ما لم يكن هناك مجال لإثبات أن التقييم كان متحيزاً بشكل واضح أو كان تعسفياً أو كان بمثابة إنكار للعدالة (3) . والمستندات المعروضة على اللجنة في هذه القضية لا تبرهن على أن المحاكمة شابها عيب كهذا. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بملاحظات الدولة الطرف حيث تدفع بأن صاحب البلاغ لم يزعم مطلقاً أمام المحاكم المحلية أن الدليل الذي تمثله السجلات المحوسبة هو دليل غير قانوني وتلاحظ أن عدة أشكال من الأدلة، وفقاً للحكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية، أخذت في الاعتبار لإثبات الوقائع وبالتالي تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد أي انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

9-3 وفيما يتعلق بعدم وجود محضر حرفي للمحاكمة ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يوضح ماهية الضرر الذي تعرض لـه نتيجة لعدم وجود هذا المستند. وبالتالي ترى اللجنة أنه لا يوجد أي انتهاك سواء للفقرة 1 من المادة 14 أو للحق في الاستئناف المنصوص عليه في الفقرة 5 من المادة 14.

9-4 وأخيراً تحيط اللجنة علماً بزعم صاحب البلاغ أن الإجراء الموجز، وبخاصة المادة 790 من قانون الإجراءات الجنائية، يخل بمبدأ تكافؤ الفرص. وترى اللجنة أن صا حب البلاغ، استناداً إلى المعلومات والمستندات المقدمة، لم يضمّن شكواه الأدلة التي تسمح بتحديد ما إذا كان هناك فعلاً انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 في هذا الصدد.

10- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ترى أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً من جانب إسبانيا للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

11- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال بما في ذلك توفير تعويض ع ن طول المحاكمة بشكل مفرط. ويتعين على الدولة الطرف أن تتخذ تدابير فعالة تحول دون استطالة سير الدعوى على نحو لا مبرر لـه وأن تكفل عدم اضطرار الأفراد إلى رفع دعوى قضائية جديدة للمطالبة بتعويض.

12- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختيار ي، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها وبتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ إذا ما ثبت ح دوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لا حقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) البلاغان المؤرخان 12 آذار/مارس 1998 و27 آب/أغسطس 1999.

(2) انظر على سبيل المثال البلاغات رقم 614/1995، صامويل توماس ضد جامايكا : ورقم 676/1996، ياسين وتوماس ضد جمهورية غيانا ؛ ورقم 526/1993، هيل وهيل ضد إسبانيا .

(3) انظر على سبيل المثال البلاغين رقم 634/1995، ديزموند آموري ضد جامايكا ورقم 679/1996، محمد رفعت درويش ضد النمسا .

ميم- البلاغ رقم 875/1999، جان فيليبوفيتش ضد ليتوانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 4 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : يان فيليبوفيتش (يمثله المحامي ك. ستونجيو كونتورا، وهو عضو في نقابة المحامين في جمهورية ليتوانيا)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ليتوانيا

تاريخ البلاغ : 25 كانون الثاني/يناير 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بح قوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 4 آب/أغسطس 2002،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 875/1999 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد يان فيليبوفيتش بموجب البروتوكول الاختيا ري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المقدمة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 25 كانون الثاني/يناير 1997 هو السيد يان فيليبوفيتش، وهو مواطنٌ ليتواني أُدين بجريمة قتلٍ مع سبق الإصرار والترصد. ويدعي أنه ضحية انتهاك ليتوانيا الفقرتين 1 و3(ج) من المادة 14 وللفقرة 1 من المادة 15 من العهد. ويمثله محامٍ. وقد دخل كل من العهد والبروتوكول حيز النفاذ ف ي ليتوانيا في 20 شباط/فبراير 1992.

_______________

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيد فرانكو ديباسكواليه، السيد موريس غليليه أهانه انزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 في 3 أيلول/ سبتمبر 1991، حدثت مشاجرة صاحب البلاغ والسيد زهوك وعلى إثرها عثر على السيد زهوك مغشياً عليه وجرى نقله إلى المستشفى، وهناك لم تجر لـه عملية جراحية إلا في 5 أيلول/سبتمبر تُوفي على إثرها في اليوم ذاته. ويعتقد صاحب البلاغ أن أسباب وفاة السيد زهوك هي الإصابة بفت قٍ بطني حاد والتهابٍ في الصِّفاق، وقد ساءت حالته بسبب التأخر في إجراء العملية الجراحية.

2-2 وبدأت التحقيقات الأولية في أيلول/سبتمبر 1991. وأدانت محكمة مقاطعة فيلنيوس في 16 كانون الثاني/يناير 1996 (1) صاحب البلاغ بتهمة ارتكابه جريمة قتلٍ مع سبق الإصرار أو ال ترصد غير أن صاحب البلاغ استأنف الحكم أمام المحكمة ذاتها، التي رفضت دعوى الاستئناف في 13 آذار/مارس 1996. وفي 2 أيار/مايو 1996، رفضت الشعبة الجنائية في محكمة ليتوانيا العليا طلب صاحب البلاغ بإجراء مراجعة قضائية. وبالتالي رفض نائب رئيس المحكمة العليا والمدعي العام في ليتوانيا في 1 تموز/يوليه 1996 تقديم طلب بإجراء مراجعة قضائية.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه وقع ضحية انتهاكٍ للحق في الحصول على محاكمة منصفة على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14، فلم تكن التحقيقات الأولية ولا الإجراءات الشفوية نزيهة، ولم يول أي اهتمام لنتائج التحقيقات التي أجرتها لجنة كلفت بتحديد سبب التأخر في إجراء العملية الجراحية والخطأ في تشخيص حالة السيد زهوك. ويقول صاحب البلاغ إنه لو كانت رواية التحقيقات للأحداث صحيحة، لكانت التهمة الوحيدة التي يمكن توجيهها هي إلحاق ضررٍ جسدي با لغ بالسيد زهوك وليس القتل مع سبق الإصرار والترصد.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاكٍ للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد، فرغم أن التحقيق كان قد بدأ في أيلول/سبتمبر 1991، لم يصدر الحكم عليه حتى 16 كانون الثاني/يناير 1996، ولم يتسلم الحكم النهائي إلا في 2 أيا ر/مايو 1996، أي بعد انقضاء أربع سنوات وثمانية أشهرٍ على بدء الإجراءات القضائية. وهو يعتقد أن ذلك يشكل تأخيراً لا مبرر له.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاكٍ للفقرة 1 من المادة 15 من العهد، ذلك أن العقوبة الصادرة ضده كانت أقسى من العقوبة التي كان يتعين صدو رها ضده وقت ارتكاب الجريمة. ويقول إن العقوبة الخاصة بارتكاب جريمة قتلٍ مع سبق الإصرار والترصد التي كانت تُفرض في عام 1991 بموجب المادة 104 من القانون الجنائي الليتواني كانت تقضي بالسجن لمدةٍ تتراوح ما بين 3 أعوام و12 عاماً. غير أن الحكم الذي صدر ضده كان قد اتُخذ بموجب المادة 104 الجديدة من القانون الجنائي، التي تقضي بالسجن لفترةٍ تتراوح ما بين 5 أعوام و12 عاماً، وحكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات. كما يدعي أن المحكمة لم تذكر أبداً لا في حكمها ولا في قراراتٍ أصدرتها لاحقاً أنه أُدين بمقتضى نص المادة 104 من القانو ن الجنائي الذي أصبح نافذاً اعتباراً من 10 حزيران/يونيه 1993 (2) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

(أ) الادعاء بانتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد

4-1 فيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 14، تسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى السوابق القضائية للجنة، ولا سيما الآراء الصادرة في 28 أيلول/سبتمبر 1999 بخصوص البلاغ رقم 710/1996 ( هانكل ضد جامايكا ) والآراء الصادرة في 9 نيسان/أبريل 1981 بشأن البلاغ رقم 58/1979 ( ماروفيدو ضد السويد )، التي جاء فيها أن أمر استعراض الوقائع والأدلة في قضيةٍ محددة هو أمر تقرره عموماً المحاكم المحلية، ما لم يكن من الممكن إثبات أن التقييم كان متحيزاً أو تعسفياً أو بمثابة إساءة تطبيق لأحكام العدالة.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن محاكم ليتوانيا، أي كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، فضلاً عن المحكمة العليا، قد أشارت صر احة إلى استنتاجات لجنة التحقيق. وقد رأت المحكمة العليا، على وجه الخصوص، أن المحكمة الابتدائية كانت قد تحققت تماماً من جميع الملابسات المادية للقضية وقيّمت الأدلة المقدمة تقييماً صحيحاً، وبما يتفق وشروط المادتين 18 و76 من قانون الإجراءات الجنائية (3) . كما اس تعرضت المحكمة العليا التكييف القانوني للجريمة وفقاً للقانون المحلي، وأقرت بأن تصنيفها كجريمة قتلٍ مع سبق الإصرار والترصد وفقاً لمضمون المادة 104 من القانون الجنائي الليتواني كان صائباً.

4-3 وفي ضوء ما ورد آنفاً، فإن القضية لا تكشف عن أي مخالفة يمكن بالاستن اد إليها استنتاج أن تقييماً غير سليمٍ للأدلة أو إساءة تطبيق لأحكام العدالة قد حدث أثناء محاكمة صاحب البلاغ. وبالتالي يجب إعلان أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري لأنه يتعارض مع أحكام العهد.

(ب) الانتهاك المزعوم للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد

4-4 تعتقد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد بنى ادعاءاته على أساس المدة التي استغرقتها الإجراءات القضائية ليس إلا، ولم يسق أي حجةٍ أخرى يدعم بها شكواه. غير أن مدة الإجراءات لا يمكن في حد ذاتها أن تشكل انتهاكـاً للفقرة 3(ج) من المادة 14، على الرغم من أن العهد ينص بالفعل صراحةً على الحق في المحاكمة دون تأخيرٍ لا مبرر لـه. ويتعين على صاحب البلاغ، بالإضافة إلى تقديمه الحجج الداعمة لشكواه، ألا يبين بالتحديد طول المدة التي استغرقتها الإجراءات فحسب، بل أن يشير كذلك إلى فترات التأخير التي تع زى إلى الدولة الطرف وأن يقدم أدلةً محددة في هذا الشأن.

4-5- وتقول الدولة الطرف أيضاً إن تقديرات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالفترة التي استغرقتها المحاكمة ليست صحيحة. فعلى وجه التحديد، لم تبدأ فترة المحاكمة في أيلول/سبتمبر 1991 وإنما في 20 شباط/فبراير 1992، وه و التاريخ الذي أصبح فيه كل من العهد والبروتوكول الاختياري نافذين في ليتوانيا.

4-6 وبما أن صاحب البلاغ لم يقدم معلوماتٍ بشأن فترات التأخير غير المبررة في الإجراءات الجنائية، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدعم شكواه بالأدلة، وعليه تعلن أن هذا الجزء من ا لبلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

(ج) الانتهاك المزعوم للفقرة 1 من المادة 15 من العهد

4-7 تعترض الدولة على ادعاء صاحب البلاغ بأن عدم ورود أي إشارة محددة في الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية إلى نص المادة 104 من القانون الجنائي الذ ي ينطبق في هذه القضية يدل على حدوث انتهاكٍ للفقرة 1 من المادة 15 من العهد. وتشير إلى أن محكمة ليتوانيا العليا قد أعادت النظر في شرعية هذا الحكم، ودحضت الحجج التي قدمها صاحب البلاغ ومفادها أن المحكمة الابتدائية كانت قد فرضت عقوبة خاطئة موضحةً أن العقوبة كان ت قد فُرضت بموجب المادة 39 من القانون الجنائي (4) . وهذه المادة تنسجم مع المبدأ القائل بأنه لا يمكن تطبيق أي قانونٍ ينص على عقوبات أقسى بأثر ٍرجعي. وبالتالي فإن المحكمة العليا بإقرارها لشرعية هذه العقوبة التي فرضت بمقتضى المادة 39، قد أكدت أيضاً أن هذه العقو بة تتوافق مع مبدأ عدم تطبيق القانون بأثرٍ رجعي المنصوص عليه في المادة 7 من القانون الجنائي.

4-8 وتوضح الدولة الطرف أن المحكمة العليا قد تحققت كذلك من عدم وجود أي مبرراتٍ أخرى تستدعي اعتبار العقوبة المفروضة أقسى من العقوبة التي كان من المحتمل أن تفرض بصورةٍ مشروعة فيما يتعلق بعملٍ إجراميٍ من هذا النوع ارتكب في الظروف المحددة لهذه القضية. وفي هذه القضية، كان هناك ظرف مشدد للعقوبة، وهو أن صاحب البلاغ كان مخمراً ولم تكن هناك أي ظروفٍ مخففة. والمادة 104 من القانون الجنائي الذي كان سارياً حين ارتكب صاحب البلاغ جر يمته تنص على فرض عقوبةٍ بالسجن لمدةٍ تتراوح ما بين 3 أعوام و12 عاماً. وقت حُكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة ست سنوات، وهي مدة تقع تماماً ضمن الحدود التي تنص عليها هذه المادة.

4-9 وبالنظر إلى أن المحكمة العليا رأت أن هذه العقوبة المفروضة على صاحب البلاغ تتفق مع المادة 39 من القانون الجنائي الليتواني وأخذت في اعتبارها السوابق القضائية للجنة ومفادها أن المحاكم المحلية هي المسؤولة عموماً عن استعراض الوقائع والأدلة في قضيةٍ محددة، تزعم الدولة الطرف أن العقوبة المفروضة تتمشى مع تحريم فرض عقوبةٍ أقسى من العقوبة الم نطبقة وقت ارتكاب الجريمة، حسبما تنص الفقرة 1 من المادة 15 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 يدعي صاحب البلاغ في تعليقاته المقدمة في 20 آب/أغسطس 2000 أنه طوال الإجراءات القانونية كان حقّه في الدفاع وحقه في عرض قضيته أمام المحكمة مجرد أمور شكلية كما يتبدى بوضوح من قرار المحكمة.

5-2 وقد استندت محكمة مقاطعة فيلنيوس في حكمها بإدانة صاحب البلاغ الصادر في 16 كانون الثاني/يناير 1996 إلى أن الأسباب الوحيدة لوفاة السيد زهوك هي الضربات التي تلقاها من صاحب البلاغ على رأسه ومعدته مما أودى بحياته. ويزعم صاحب البلاغ أن المحكمة اعتمدت هذه الاستنتاجات دون وجود أي دليل موثوق يُعول عليه ودون بحث الأدلة الرئيسية (5) ، فقد ذكر في تقرير الطب الشرعي أن وفاة السيد زهوك نتجت عن إصابة في المعدة أدت إلى التهاب الصِّفاق. كما بين التقرير الطبي أن العملي ة الجراحية قد أجريت للسيد زهوك بعد فوات الأوان وأن الإصابات التي أفضت إلى وفاته لم تشخص إلا بعد انقضاء 30 ساعة على وصوله إلى المستشفى وأن الطبيب الذي اشتبه في احتمال تعرض معدة السيد زهوك لإصابات لم يتخذ الإجراءات اللازمة للقيام بتشخيصٍ نهائي لتحديد ضرورة ا لقيام على الفور بعملية جراحية له.

5-3 وفيما يتعلق بالفقرة 3(ج) من المادة 14، يتفق صاحب البلاغ مع الدولة الطرف على أنه ينبغي حساب مدة الإجراءات اعتباراً من تاريخ دخول العهد حيز النفاذ، أي في 20 شباط/فبراير 1992، ولكن حتى في هـذه الحالة فإن المدة تعتبر طويلة جداً، نظراً لوجود فاصل زمني قدره أربع سنواتٍ وشهرين بين تاريخ بدء نفاذ العهد و2 أيار/مايو 1996.

5-4 ومع الأخذ في الاعتبار أن الأدلة قد جُمعت خلال المراحل الأولية للتحقيق وأن تقرير الطب الشرعي قد أُعد في 6 أيلول/سبتمبر 1991 وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1992 عل ى التوالي، يتبين أن السبب الوحيد لهذه الإجراءات المطولة في هذه القضية هو تأخر المحققين غير المبرر في استدعاء صاحب البلاغ للمثول أمام المحكمة.

5-5 وفي الختام، يشير صاحب البلاغ إلى الفقرة 1 من المادة 15 من العهد ويؤكد ثانيةً أنه كان ينبغي أن يُحاكم وفق القان ون الذي كان سارياً وقت ارتكاب الجريمة، في حين أن الجرائم التي حُوكم لأجلها لم تكن في الواقع محددة في القانون الذي كان نافذاً وقت ارتكابها. فمحكمة مقاطعة فيلنيوس التي نظرت في قضيته رأت أن توصيف الجريمة يتوافق مع المادة 104 من القانون الجنائي (جريمة قتلٍ مع سبق الإصرار والترصد)، وذلك دون أن تراعي الفقرة 2 من المادة 111 التي تنص على جريمة إلحاق ضرر جسدي بالغ يؤدي إلى الوفاة، والتي كانت نافذة حينئذٍ. كما يزعم صاحب البلاغ أن العقوبة التي تطبق على هذا النوع من الجرائم كانت أقسى من تلك التي كانت سارية أثناء ارتكاب الجريمة. ويقول إنه لا يوافق على ملاحظة الدولة الطرف بأن المحكمة العليا قد أكدت في حكمها الصادر في 2 أيار/مايو 1996 على أن العقوبة طبقت وفقاً للقانون الذي كان سارياً في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغٍ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ، ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم غير مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وقد أكدت اللجنة أن المسألة ذاتها ليست محل درا سةٍ بموجب إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية وفقاً لما تقتضيه أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. كما أكدت أن الضحية قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختيار ي. وأحاطت اللجنة علماً كذلك بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ بموجب الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب القرار بشأن انتهاك الفقرة 1 من المادة 14، تشير اللجنة إلى أن محاكم الدولة الطرف، وليس اللجنة، هي المسؤولة عن استعراض الوقائع في أي قضيةٍ بعينها. وتحيط اللجنة علماً بمزاعم الدولة الطرف بأن المحكمة العليا قد نظرت في جميع الأدلة المعروضة. وإضافةً إلى ذلك، فإن المعلومات المتوفرة لدى اللجنة وحجج صاحب البلاغ لا تدل على أن تقييم المحاكم للوقائع كان واضحا ً في تعسفه أو بلغ حد إساءة تطبيق أحكام العدالة. وعليه، فإن اللجنة تعتقد أن الشكوى غير مقبولة لعدم كفاية الأدلة بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بشأن الفقرة 3(ج) من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 15 من العهد، فإن ال لجنة تعتقد أن هذه الشكاوى قد دُعمت بأدلة كافية ووافية لأغراض المقبولية. وبالتالي فإنها، ستنظر في هذا الجزء من البلاغ بناءً على الوقائع في ضوء المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

7 -1 فيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بأن المحاكمة قد استغرقت وقتاً طويلاً للغاية، حيث بدأ التحقيق في أيلول/سبتمبر 1991 وأصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بإدانته في 1 كانون الثاني/يناير 1996، تحيط اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف وهي ضرورة حساب مدة الإجراءات اعتبار اً من تاريخ نفاذ العهد والبروتوكول في ليتوانيا، أي في 20 شباط/فبراير 1992. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن التحقيق كان قد بدأ قبل دخول العهد والبروتوكول حيز النفاذ فقد استمرت الإجراءات حتى عام 1996. كما تحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسيرٍ للسبب في وجود فاصل زمني قدره أربع سنوات وأربعة أشهر بين تاريخ بدء التحقيق وصدور الإدانة في المحكمة الابتدائية، واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن التحقيق قد انتهى وفقاً للمعلومات المتوفرة لديها، عقب التقرير الذي قدمته لجنة الطب الشرعي وأن القضية ليست بالغة التعقيد إلى الحد الذي يبرر تأخيراً مدته أربع سنوات وأربعة أشهرٍ، أو ثلاث سنواتٍ وشهرين بعد إعداد تقرير الطب الشرعي، تخلص إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت الفقرة 3(ج) من المادة 14.

7-2 وبصدد ادعاءات صاحب البلاغ بأن العقوبة الصادرة ضده أقسى من العقوبة الت ي كان ينبغي أن تفرض عليه وقت ارتكاب الجريمة، فتحيط اللجنة علماًً بادعاءاته وبأنه لا يوضح أي حكم من الأحكام التي صدرت ضده ما هو نص المادة 104 من القانون الجنائي الذي طُبق في إصدار عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات. غير أن اللجنة تلاحظ كذلك أن الحكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة ست سنوات يندرج تماماً ضمن الحدود التي ينص عليها القانون السابق (من 3 سنوات إلى 12 سنة)، وأن الدولة الطرف أشارت إلى وجود بعض الظروف المشددة للعقوبة في القضية. وفيما يتعلق بملابسات هذه القضية، لا تستطيع اللجنة، بالاستناد إلى ما يتوفر لديها من مو اد، أن تخلص إلى أن عقوبة صاحب البلاغ لم تحدد وفقاً للقانون الذي كان سارياً وقت ارتكاب لجريمة. وبالتالي ليس هناك أي انتهاكٍ للفقرة 1 من المادة 15 من العهد.

8- ولجنة حقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدو لي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

9- وعملاً بأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبل الانتصاف الفعالة لصاحب البلاغ، بما فيها التعويض. كما أن ا لدولة الطرف ملزمة بضمان عدم وقوع انتهاكاتٍ مماثلة في المستقبل.

10- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البتّ في ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا، وأنها قد تعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد المقيمين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها وبتوفير سبيل انتصافٍ فعال وقابل للإنفاذ إذا ما ثبت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى في غضون 90 يوماً معلومات من الدولة الطرف عن التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) المادة 104 من القانون الجنائي.

(2) أصب ح القانون الجنائي الليتواني الجديد نافذاً في حزيران/يونيه 1993.

(3) تنص المادة 18 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب اتخاذ المحكمة والمدعي العام والمحقق والمستجوِب جميع التدابير التي ينص عليها القانون للتحقيق بطريقةٍ جدية وشاملة في جميع الظروف الخاصة بق ضيةٍ محددة ولتحديد الظروف المشددة والمخففة للعقوبة، فضلاً عن الظروف المثبتة للجريمة والنافية للتهمة. وتنص المادة 76 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجب على المحكمة والمدعي العام والمحقق والمستجوب تقييم الأدلة وفقاً لاعتقاداتهم الخاصة وبالاستناد إلى درا سةٍ جدية وشاملة لجميع الملابسات الخاصة بالقضية، وفقاً للقانون ولأخلاقيات مهنة القانون.

(4) تبين المادة 39 من هذا القانون بجلاء أنه يتعين على المحكمة المعنية أن تطبق العقوبة ضمن الحدود التي تنص عليها هذه المادة، محددةً المسؤولية فيما يتعلق بالجريمة المرتكب ة. كما يتعين على المحكمة أن تأخذ في الاعتبار طابع الجريمة وخطورتها وظروفها المشددة أو المخففة للعقوبة.

(5) يعتقد صاحب البلاغ أن فحص الطب الشرعي إلزامي في الإجراءات الجنائية، عملاً بالفقرة 1 من المادة 86 من قانون الإجراءات الجنائية، ويعد واحداً من الأدلة ا لرئيسية (الفقرة 2 من المادة 74 والفقرة 3 من المادة 85).

نون - البلاغ رقم 878/1999، كانغ ضد كوريا *

(الآراء التي اعتمدت في 15 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : يونغ - جو كانغ (يمثله السيد يونغ - وانغ شو، محامٍٍٍٍٍ)

الشخص المدعى أنه ضحي ة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جمهورية كوريا

تاريخ تقديم البلاغ : 27 أيار/مايو 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 تموز/يوليه 2003،

وبعد أن انتهت من نظرها في الب لاغ رقم 878/1999 المقـدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم السيد يونغ - جو كانغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي أتيحت لها من صاحب البلاغ والدولة الطرف

تعتمد ما يلي :

الآراء المتخذة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 27 أيار/مايو 1998 هو السيد يونغ - جو كانغ، وهو مواطن كوري، كان سجينا وقت تقديم البلاغ. وأفرج عنه لاحقا. يدعي أنه ضحية لانتهاك جمهورية كوريا لأحكام الفقرتي ن 1 و3 من المادة 10، والفقرتين 1 و2 من المادة 18، والفقرتين 1 و2 من المادة 19، ولأحكام المادة 26 من العهد. ويمثل صاحبَ البلاغ محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 10 تموز/يوليه 1990.

ــــــــــــ

* شارك في النظر في هذا ال بلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد ايفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، ال سيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ، رفقة آخرين من معارفه، معارضا للنظام العسكري للدولة الطرف في الثمانينيات. وفي 1984، وزع صاحب البلاغ كتيبات ينتقد فيها النظام واستخدام قوات الأم ن من أجل التضييق عليه وعلى آخرين. وفي ذلك الوقت، ذهب أيضا إلى كوريا الشمالية في زيارة غير مأذون بها (وبالتالي فهي جناية). وفي كانون الثاني/يناير، وآذار/مارس وأيار/مايو 1985، وزع منشورات تدعو إلى الانشقاق وتتناول العديد من القضايا السياسية والتاريخية والاقت صادية والاجتماعية.

2-2 اعتقلت وكالة تخطيط الأمن القومي صاحب البلاغ دون أمر بالاعتقال يوم 1 تموز/يوليه 1985. واحتجز بشكل منعزل واستجوب رهن الاعتقال لدى الوكالة، معانيا "التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة" على مدى 36 يوماً. ومن جراء التعذيب، اعترف بانضمام ه إلى حزب العمل في كوريا الشمالية، وبتلقيه تعليمات بالتجسس من كوريا الشمالية. ولم يصدر أمر قضائي باعتقاله إلا في 5 آب/أغسطس 1985 فقط. وظل رهن الاعتقال إلى أن وجهت إليه التهمة رسميا في 4 أيلول/سبتمبر 1985 بالادعاء بارتكابه انتهاكات لقانون الأمن القومي الصاد ر بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 1980 (1) . وشملت هذه الادعاءات الاجتماعَ مع عضو آخر في حلقة لجواسيس، والقيام "بأنشطة تصب في مصلحة الأعداء" استفادت منها كوريا الشمالية، وجمع أسرار الدولة أو الأسرار العسكرية وإفشاءها (التجسس)، والتآمر.

2-3 وفي كانون الثاني/يناي ر 1986، حوكم صاحب البلاغ أمام الدائرة العاشرة للمحكمة الجنائية المحلية في سيول بتهمة ارتكابه انتهاكات لقانون الأمن القومي، كجزء من قضية حلقة جواسيس أدين فيها 15 شخصاً عامي 1985 و1986 (2) . وأثناء المحاكمة، دفع صاحب البلاغ بأن اعترافاته انتزعت منه بالتعذيب. وفي 20 كانون الثاني/يناير 1986، استندت المحكمة إلى اعترافات صاحب البلاغ، فأدانته وحكمت عليه بالسجن المؤبد. فقد وجدت المحكمة أن صاحب البلاغ "أصبح عضواً في منظمة معادية للدولة"، وأن محاورة منتقدي النظام الآخرين والاجتماع بهم هو "جريمة تمجيد للمنظمة المعادية للدولة، أو تشجيع لها أو انحياز لجانبها" و"جريمة اجتماع بعضو في منظمة معادية للدولة". ونُعت توزيع المنشورات بكونه يرقى إلى درجة "التجسس".

2-4 ورُفض الطعنان اللذان تقدم بهما تباعاً من قبل الدائرة الجنائية الرابعة لمحكمة الاستئناف بسيول في 31 أيار/مايو 1986 و من قبل الدائرة الأولى للمحكمة العليا في 23 أيلول/سبتمبر 1986 (3) . وبما أنه أدين عام 1986، لم تكن لديه أي إمكانية لرفع أي دعوى دستورية أمام المحكمة الدستورية، التي لم تُنشأ إلا بموجب دستور 1987.

2-5 وبعد إدانة صاحب البلاغ، احتجز في حبس انفرادي. وصنف في درجة "مجرم عنيد" (3) شيوعي بموجب "نظام التحول الأيديولوجي"، وهو نظام أضفى عليه قانون الإدارة الجنائية لعام 1980 الصبغة القانونية وأُعد من أجل إحداث تحول في آراء السجين السياسية من خلال تقديم الامتيازات والمعاملة التفضيلية في السجن. وبسبب هذا التصنيف، لم يكن صاحب البلاغ مؤهلا لمزيد من المعاملة التفضيلية. وفي 14 آذار/مارس 1991، أعيد تصنيف نظام اعتقال صاحب البلاغ بموجب قانون تصنيف المدانين ومعاملتهم ("قانون 1991") إلى تصنيف "الأشخاص الذين لم يبدوا بوادر للتوبة بعد ارتكابهم جرائم ترمي إلى تدمير النظام الأساسي الحر وا لديمقراطي بجحوده". وبالإضافة إلى ذلك، ولأن صاحب البلاغ أدين بموجب قانون الأمن القومي، فقد خضع لعملية صارمة للغاية من أجل الاستفادة من إخلاء السبيل المشروط (4) .

2-6 وفي 17 شباط/فبراير 1992، قدم صاحب البلاغ و41 شخصا آخر من السجناء السياسيين لمدة طويلة المداني ن بموجب قانون الأمن القومي عريضة دستورية لدى المحكمة الدستورية، يلتمسون فيها البت في عدم دستورية "نظام التحول الأيديولوجي" وإلغاءه. غير أن المحكمة وجدت في 25 أيار/مايو 1992، أن الشكوى قد سقطت بمضي الوقت. ورغم تسليم المحكمة بأن للانتهاكات المزعومة أثر مستمر ، رأت مع ذلك أن الشكوى كان ينبغي تقديمها في غضون 180 يوماً على دخول قانون 1991 حيز النفاذ في 14 آذار/مارس 1991.

2-7 وفي 1993، خُفف الحكم بالسجن المؤبد على صاحب البلاغ بموجب مرسوم رئاسي ليصبح 20 سنة سجناً. وفي 7 تموز/يوليه 1994، قدم صاحب البلاغ شكوى جنائية ضد ثمانية مسؤولين في وكالة تخطيط الأمن القومي بشأن "اعتقاله غير القانوني" وسوء المعاملة التي عاناها في تموز/يوليه وآب/أغسطس 1985. إلا أن المدعي العام قرر عدم توجيه التهمة إلى المشتبه بهم في الوكالة لأن الشكوى قد سقطت بالتقادم فعلا. وأيد مكتب المدعي العام ا لسامي هذا القرار لاحقاً. وعند استئناف القرار، في 9 كانون الثاني/يناير 1995، أكدت المحكمة الدستورية قرار المدعي العام السامي، متمسكةً بالعمل في هذه الشكوى بأجل السنوات السبع المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية.

2-8 وعقب تنصيب إدارة جديدة عام 1998، أفرج عن صاحب البلاغ في 25 شباط/فبراير 1999 (بعد تقديم هذا البلاغ) بموجب عفو عام (5) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 2 من المادة 19 انتُهكت، فيما يتعلق بإدانته بموجب قانون الأمن القومي بتهمة جمعه "أسراراً للدولة أو أسراراً عسكرية" وإفشائها (التجسس). وجاءت إدانته إثر انتزاع اعترافات منه بالتعذيب أثناء اعتقال غير قانوني، بينما المعلومات التي عُدت "سرية" معروفةٌ لدى الجمهور. ونظراً لتأويل المحكمة العليا لمفهوم "السر" (انظر الحاشية 3، أعلاه)، لم ير الادعاء لزوماً لإثبات ما يشكله نشر المعلومات من تهديد للأمن ال قومي. فبالكاد يلزم فرض رقابة على الأفكار المعروفة لدى الجمهور من أجل حماية الأمن القومي، وبالتالي فإن إدانة صاحب البلاغ وسجنه لاحقا أمر خارج القيود القانونية للفقرة 3 من المادة 19.

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أن أحكام الفقرتين 1 و3 من المادة 10، والفقرتين 1 و2 من المادة 18، والفقرة 1 من المادة 19، بالإضافة إلى المادة 26 قد انتُهكت فيما يخص "نظام التحول الأيديولوجي". فقد نُعت صاحب البلاغ بكونه "شيوعيا"، وذلك نعت يرفضه. ثم اعتقل في حبس انفرادي لمدة 13 سنة لرفضه "التحول". لذا فإن ما عاناه من إكراه على تغيير فك ره ووجدانه نتيجة تصنيفه وحبس الامتيازات عنه، بالإضافة إلى عدم وجود إمكانية لإخلاء السبيل المشروط ما لم "يغير فكره"، هو انتهاكٌ لحقه في اعتناق ما يشاء من معتقدات، دون تدخل في ذلك. وهكذا خضع صاحب البلاغ للتمييز بصورة منتظمة على أساس آرائه السياسية، ولمعاملته في السجن بصورة لا تحفظ له كرامته الفطرية ولا ترمي إلى إصلاحه وإعادة تأهيله اجتماعيا.

3-3 وللدلالة على حجته بأن "نظام التحول الأيديولوجي" ينتهك العهد، يشير صاحب البلاغ إلى الملاحظات الختامية التي أبدتها اللجنة بشأن التقرير الأولي لجمهورية كوريا والتي تفيد بما يلي:

"إن شاغل اللجنة الرئيسي هو استمرار العمل بقانون الأمن القومي ... ثم إن بعض المسائل التي يتناولها قانون الأمن القومي محددة بعبارات غامضة نوعا ما، مما يسمح بتفسير فضفاض يمكن أن تترتب عليه جزاءات عل أفعال قد لا تشكل خطورة حقيقية على أمن الدولة وردود أفعال لا يأذن بها العهد. ... كما أن اللجنة ترى أن الأحوال التي تجري في ظلها إعادة تعليم المسجونين لا تشكل تأهيلا بالمعنى العادي للمصطلح، وإن مقدار الإكراه المستخدم في هذه العملية قد يبلغ مبلغ مخالفة أحكام العهد المتصلة بحرية الوجدان ..." (6) .

3-4 وقد ردد هذ ه المخاوف المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير. فقد نص تقريره على "تشجيع" الدولة الطرف "تشجيعا قويا على إلغاء قانون الأمن القومي والنظر في وسائل أخرى لحماية أمنها القومي". ويشير التقرير على الدولة الطرف كذلك بأن تتوقف "عن ممارستها المتمثلة في مطالبة السجناء بالتخلي عما يُزعم أنها آراء سياسية تأباها المؤسسة الحاكمة أو لا تستسيغها"، ويوصي "[ب] الإفراج دون شرط عن جميع السجناء المعتقلين بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير" بالإضافة إلى "إعادة النظر في حالات السجنا ء الذي حوكموا في ظل حكومات سابقة" (7) .

3-5 ويدعي صاحب البلاغ كذلك (دون الإشارة إلى المادة 2 بالتحديد) أن رفض المحكمة الدستورية لطلبه بشأن "نظام التحول الأيديولوجي" حرمه من "سبيل فعال للانتصاف" وهو ما وجدته المحكمة نفسها انتهاكا مستمرا لحقوقه.

3-6 ويسعى صاحب البلاغ إلى ما يلي: (أ) الإعلان أن إدانته بتهمة "التجسس" والخضوع "لنظام التحول الأيديولوجي" انتهاكٌ للأحكام ذات الصلة من العهد، (ب) الإفراج عنه فوراً ودون شروط (8) ، (ج) إلغاء "نظام التحول الأيديولوجي"، (د) إعادة البت في قضيته، (ه‍) تقديم تعويض مناسب لانتهاك حقوق صاحب البلاغ، (و) نشر آراء اللجنة رسمياً.

3-7 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وليس لديه سبيل آخر فعال للانتصاف بموجب النظام القانوني للبلد فيما يتعلق بادعاء انتهاك حقوقه. وفيما يتعلق بانطباق ا لتقادم المسقط (على كل من عريضته المقدمة إلى المحكمة الدستورية والإجراءات الجنائية التي بدأها)، يحتج صاحب البلاغ في كلتا الحالتين باستحالة رفع قضية ضد معذبي المنشقين السياسيين في غضون المواعيد الحتمية لرفع الدعاوى في ظل النظام العسكري اللادستوري القائم آنذا ك. ويُقر النظام القانوني الكوري نفسه بأن النظام الدستوري عُطل حتى شباط/فبراير 1993 (9) وبالتالي كان ينبغي أن يبدأ التقادم المسقط في حالته اعتبارا من ذلك التاريخ.

3-8 أما فيما يتعلق بمقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزماني، يذكر صاحب البلاغ أنه يعاني آثارا با دية خلفتها إدانته الأولى التي تشكل من حيث المدة التي قضاها في السجن انتهاكاً للعهد بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. ويُذكر أن انتهاكات العهد بسبب "نظام التحول الأيديولوجي" اكتست طابعا مستمرا إلى حين الإفراج عنه.

3-9 ويؤكد صاحب البلاغ أن المسألة لم تُعرض للدراسة في إطار أي إجراء آخر للتحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 تنازع الدولة الطرف في ملاحظاتها التي قدمتها في 30 كانون الأول/ديسمبر 1999 و22 حزيران/يونيه 2000 في المقبولية والأسس ال موضوعية للبلاغ، على التوالي.

4-2 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأسباب ثلاثة. أولاً، إن صاحب البلاغ أفرج عنه في 25 شباط/فبراير 1999 بموجب عفو عام. ثانياً، ألغي "قانون التحول الأيديولوجي" في حزيران/يونيه 1998 واستعيض عنه ب‍ "نظام قسم التقيد بالقانون" . ولا يعمل هذا النظام بالإجبار، وإنما يطلب إلى السجناء القسم بتقيدهم بالقانون. وليس القسم شرطا أساسيا للإفراج، كما يدل على ذلك الإفراج في إطار العفو العام الذي صدر في 15 آب/أغسطس 1999 عن 49 شخصا أدينوا بانتهاكهم لقانون الأمن القومي دون أداء القسم. ثالثا، " لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير جرائم التجسس والأنشطة الإرهابية" التي أدين بها صاحب البلاغ "بكونها حقا في حرية التعبير". وتحتج في ذلك الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ، وهو عميل لكوريا الشمالية، سعى إلى قلب حكومتها، وسرب أسرارا للدولة إلى كوريا الشمالية، وشارك في "أنشطة إرهابية شريرة معادية للدولة بتعليمات من كوريا الشمالية" وتآمر على تدمير المركز الثقافي الأمريكي في مدينة كوانغ - جو "إذكاءً لمشاعر العداء لأمريكا في أوساط الشعب الكوري".

4-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، ترى الدولة الطرف أن البلاغ لا يستند إلى أ ساس لأسباب مماثلة. أولاً، تحتج الدولة الطرف بأن إدانة صاحب البلاغ بالتجسس والقيام بأنشطة إرهابية بتعليمات من كوريا الشمالية جاءت عقب محاكمات عادلة وعلنية. ثانياً، تشير الدولة الطرف إلى الفقرة 3(ب) من المادة 19 من العهد لافتراض أن حرية التعبير لا يمكن أن تب رر هذه الجرائم. ثالثاً، ليس ثمة أي حجة تثبت الإكراه أو سوء المعاملة في تحقيق الادعاء العام مع صاحب البلاغ، لأنه نفسه أقر بأن اعترافه كان طوعاً ودون قيد (10) . رابعاً، ما ينص عليه قسم التقيد بالقانون عقب إلغاء "نظام التحول الأيديولوجي" هو مجرد طلب للقسم بالام تثال للقانون وبالتالي فهو لا يقيد أي حقوق لحرية الرأي أو الوجدان. خامساً، تشير الدولة الطرف مرة أخرى إلى أن القسم ليس شرطا أساسيا للإفراج عن المعتقلين وأن إطلاق سراح صاحب البلاغ في 25 شباط/فبراير 1999 جزء من عفو عام "كان الهدف منه تيسير المصالحة الوطنية". وختاماً، ولأن الإجراءات المتبعة في قضية صاحب البلاغ متسقة مع العهد، ليس هناك أي أساس لإعادة المحاكمة أو التعويض.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يرفض صاحب البلاغ ملاحظات الدولة الطرف بشأن كل من المقبولية والأسس الموضوعية في رسالتين وجههما في 11 شباط/فبراير 2000 وف ي 8 أيلول/سبتمبر 2000.

5-2 ويشير صاحب البلاغ إلى أن "العفو" الذي شمل صاحب البلاغ ليس من الناحية القانونية سوى "تعليق لتنفيذ العقوبة" فحسب على النحو المنصوص عليه في المادة 471 من قانون الإجراءات الجنائية. وبالتالي، فإن صاحب البلاغ لم يفرج عنه إلا بشكل مشروط و هو عرضة للاعتقال من جديد في أي وقت، لا سيما إذا تغيرت الظروف السياسية. ويقابل صاحب البلاغ هذه الحالة مع حالات العفو غير المشروط الذي شمل منشقين سابقين تورطوا في الانقلاب العسكري لعام 1980 وأفرج عنهم يومَ أطلق سراح صاحب البلاغ، ولا يواجهون أي إمكانية للا عتقال في المستقبل.

5-3 ويرد صاحب البلاغ قول الدولة الطرف إن "نظام التحول الأيديولوجي" قد ألغي تماماً، مشيراً إلى الطابع المماثل الذي يكتسيه "نظام قسم التقيد بالقانون". ويستشهد صاحب البلاغ بالملاحظات الختامية للجنة بشأن جمهورية كوريا إذ تشير إلى أن "شرط الق سم يطبق على أساس تمييزي، لا سيما على الأشخاص المدانين بموجب قانون الأمن القومي، وأن هذا الشرط يقتضي في واقع الأمر من الأشخاص القسم بالتقيد بقانـون يتنافى مع العهد" (11) .

5-4 ويدعو صاحب البلاغ الدولة الطرف إلى إقامة الدليل على ادعاء كونه عميلا لكوريا الشمالي ة، وتسريبه أسراراً للدولة إلى كوريا الشمالية ومشاركته في "أنشطة إرهابية شريرة معادية للدولة". ويرد صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف تورطه في "التآمر على تفجير المركز الثقافي الأمريكي في كوانغ - جو" ناعتاً إياه بالقذف. ويلاحظ أن المسائل المحيطة بإدانته بالقيا م "بنشاط إرهابي" لا تشكل جزءا من بلاغه الأصلي، إذ اقتصر في بلاغه على إدانته "بالتجسس". وبالتالي فإنه يرفض ملاحظة الدولة الطرف فيما يتعلق بالإدانة بالتجسس، إلا أنه مستعد لإثبات ما عاناه من تعذيب وانتزاع للاعترافات بالقوة حين كان في قبضة وكالة تخطيط الأمن ال قومي والمدعين العامين بتهمة الإرهاب كذلك، إذا قدمت الدولة الطرف دليلا على إدانته بهذه الجريمة. ويتساءل صاحب البلاغ عن الأسباب التي دعت الدولة الطرف إلى عدم التحقيق جديا بشأن طول اعتقال صاحب البلاغ بشكل منعزل، مما يشكل جريمة خطيرة بموجب القانون الداخلي، وبش أن اعتقاله لاحقا قبل المحاكمة وبعد صدور أمر الاعتقال.

5-5 وفيما يتعلق بالمعاملة غير اللائقة في المرحلة السابقة للمحاكمة، يشير صاحب البلاغ إلى أن أحداً من المدعين العامين والقضاة لم يحقق بشأن المدة الطويلة للاعتقال غير القانوني وما قد يكون وقع أثناء تلك الف ترة. أما بخصوص طواعية الاعترافات واستخدامها في المحاكمة لاحقا، يقول صاحب البلاغ إنه لما أثار هذه المسائل، ما كان إلا أن سُئل عما إذا كان يريد العودة إلى وكالة تخطيط الأمن القومي (12) .

5-6 ويسلم صاحب البلاغ بأن من البديهي ألا يكون الحق في حرية التعبير مبرراً للتجسس، غير أنه يحاجج بأن ذلك لا يفترض جدلاً التشكيك في سلوكه في هذه الحالة المعينة. فكما ورد في البلاغ، تعد "أسرار الدولة أو الأسرار العسكرية" التي أدين بإفشائها في علم الجمهور ولا تشكل أي خطر على حياة الدولة الطرف أو أمنها. وبناء عليه، فإن نشر هذه "الأس رار" محمي بموجب المادة 19. وبالتالي فإن على الدولة الطرف أن تبرر الأسباب التي تجعل جمع المعلومات التي أدين صاحب البلاغ بجمعها وإفشائها تشكل هذا الخطر، ولم تقم الدولة الطرف بذلك. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه بموجب قانون الأمن القومي، يقع عبء الإثبات على عاتق ا لفرد لكي يثبت عدم تشكيله خطراً على أمن الدولة، بدلا من أن يكون على الدولة إثبات خطورة هذا الفرد.

5-7 وختاماً، يلاحظ صاحب البلاغ أن الإفراج عنه مشروط، وأنه لا يزال ضحية لأنه عرضة لخطر الاعتقال من جديد استنادا إلى الإدانة. وعلاوة على ذلك، ظل "نظام التحول الأ يديولوجي" معمولا به حتى الإفراج عنه. ويطلب إلى اللجنة البت فيما إذا كان وضعه قبل الإفراج عنه وبعده متفقا وأحكام العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ادعاء ورد في بلاغ، على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، فيما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة من عدم كون هذه المسألة ذاتها قيد الدراسة بموجب إجراء دولي آخر للتحقيق أو التسوية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدَّع عدم استنفاد صاحب البلاغ لأي سبل محلية للانتصاف.

6-3 أما فيما يتعلق بالمقبولية من حيث الاختصاص الزماني لإدانة صاحب البلاغ بالتجسس، وادعاء ظروف التعذيب وال اعتقال غير القانوني التي سبقت الإدانة، تلاحظ اللجنة أن هذه الأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف. وتشير في ذلك إلى قرارها بأنه في مثل هذه الظروف، لا تعد مدة السجن في حد ذاتها، دون عوامل إضافية،"أثراً مستمراً"، يشكل انته اكا للعهد، ويكفي لجعل الظروف الأصلية التي أدت إلى السجن تدخل في نطاق الاختصاص الزماني للجنة (13) .

6-4 وفيما يتعلق بما تبقى من ادعاءات، تحاجج الدولة الطرف بأن البلاغ خال من الموضوع لأن صاحب البلاغ أفرج عنه. لكن اللجنة تلاحظ أنه لا يمكن عد بلاغ خاليا من الموض وع وغير مقبول إلا إذا قدمت الدولة الطرف سبيلا فعالا وكاملا للانتصاف من الادعاءات المعروضة على اللجنة. أما في هذه الحالة، فلا توجد أي إشارة تدل على أن صاحب البلاغ قد مُنح تعويضا مناسبا عن الانتهاكات المزعومة. وبناء عليه، ترى اللجنة أن مسألة إتاحة سبيل فعال للانتصاف لا يمكن البت فيها إلا من خلال تناول الأسس الموضوعية للقضية.

6-5 أما فيما يخص ما بقي من اعتراضات الدولة الطرف، ترى اللجنة أنها تكتسي طابع المحاججة بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ وسيُنظر فيها على أنسب وجه في تلك المرحلة من نظرها في القضية.

النظر في الأ سس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن "نظام التحول الأيديولوجي" ين تهك حقوقه بموجب المواد 18 و19 و26، تلاحظ اللجنة الطبيعة القسرية التي يكتسيها هذا النظام، والتي حوفظ عليها في هذا الصدد في خَلَفه "نظام قسم التقيد بالقانون"، الذي يطبق بطريقة تمييزية بهدف تغيير الرأي السياسي للسجين من خلال الترغيب بالمعاملة التفضيلية داخل ا لسجن وتحسين إمكانيات الإفراج المشروط (14) . وترى اللجنة أن هذا النظام، الذي لم تبرر الدولة الطرف لزومه لأي من الأغراض المقيِّدة الجائزة المنصوص عليها في المادتين 18 و19، يقيد على أساس تمييزي حرية التعبير والمعتقد والجهر بالرأي السياسي وبالتالي ينتهك الفقرة 1 من المادة 18، والفقرة 1من المادة 19، وكلاهما مرتبط بالمادة 26.

7-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتبقية في إطار المادة 10، ترى اللجنة أن اعتقاله في حبس انفرادي لمدة بلغت 13 سنة، منها أزيد من ثمان سنين قضيت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، ي عد تدبيرا من الخطورة بمكان وله من الأثر الشديد على الفرد المعني، بحيث يستلزم تبريرا في غاية الجدية والتفصيل. وترى اللجنة أن الحبس لهذه المدة الطويلة، لمجرد آرائه السياسية المفترضة على ما يبدو، لا يرقى إلى مستوى استيفاء الشرط الأساسي للتبرير، ويشكل في الآن ذاته انتهاكا للفقرة 1 من المادة 10، التي تحمي الكرامة الفطرية لصاحب البلاغ، وللفقرة 3 من المادة نفسها التي تنص على أن يكون الهدف الأساسي من الاعتقال الإصلاح وإعادة التأهيل الاجتماعي.

7-4 وفي ضوء هذه النتائج، ليست اللجنة في حاجة إلى النظر في الادعاء الآخر ا لوارد في إطار المادة 2 بشأن الزعم بعدم إتاحة المحاكم المحلية لصاحب البلاغ سبيلا فعالا للانتصاف من الانتهاكات المعنية.

8- لذا ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق ا لمدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك الفقرتين 1 و3 من المادة 10 والفقرة 1 من المادة 18 والفقرة 1من المادة 19، بالارتباط مع المادة 26 من العهد.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد يقع على الدولة الطرف الالتزام بأن تكفل لصاحب ا لبلاغ سبيل انتصاف فعال. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، رغم الإفراج عن صاحب البلاغ، ملزمة بمنح صاحب البلاغ تعويضا يتناسب وجسامة الانتهاكات المعنية. والدولة الطرف ملزمة بتفادي انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضم امها كطرف في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، تود ا للجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لتطبيق آراء اللجنة. والمرجو من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) سن هذا القانون "المجلس التشريعي للأمن القومي"، وهو هيئة غير منتخبة نُظمت كجهاز تشريعي عقب الانقلاب العسكري لعام 1980. ويُعاقَب على تشكيل "منظمة معادية للدولة" أو الانضمام إليها، وعلى التجس س أو غيره من الأنشطة التي تتم بتعليمات من منظمة معادية للدولة بعقوبات شديدة بموجب المادتين 3 و4 على التوالي.

(2) في 1994، وجد الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للجنة حقوق الإنسان، في غياب رد من الدولة الطرف، أن سجن اثنين من هؤلاء الأفراد الآخري ن كان ذا طابع تعسفي. (E/CN.4/1994/27 في الصفحة 108 وما بعدها).

(3) فيما يتعلق بجريمة التجسس، كان قرار المحكمة السابق على النحو التالي: "... و إن كانت المعلومات بديهية ومن باب ما يُعلم عادةً وبشكل طبيعي في جمهورية كوريا، فهي تعد من أسرار الدولة بموجب قانون الأمن القومي حينما قد تكون فيها مصلحة لمنظمة معادية للدولة وقد تشكل ضرراً بالنسبة لنا" [التأكيد مضاف].

(4) لم تُعرَّف عبارة "مجرم عنيد" بشكل محدد، وإنما يبدو من سياق البلاغ أن القصد منها سجين لا يمتثل لنظام التحول الأيديولوجي ولشروط التخلي عن هذه الأيديولو جيا (انظر أدناه).

(5) بموجب قانون إدارة إخلاء السبيل المشروط، في مثل هذه الحالات، تقوم لجنة النظر في إخلاء السبيل المشروط "بدراسة ما إذا كان المدان قد اهتدى إلى الفكر [كذا]، وتطلب عند اللزوم، إلى المدان أن يعلن هدايته أو يدلي ببيان بشأنها".

(6) انظر، رغم ذ لك، الفقرة 5-2 أدناه.

(7)CCPR/C/79/Add.6، 25 أيلول/سبتمبر 1992، في الفقرتين 6 و7.

(8)E/CN.4/1996/39/Add.1، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، في الفقرات من 12 إلى 26، و46.

(9) في بلاغاته اللاحقة التي قدمها بعد الإفراج عنه، يؤكد صاحب البلاغ أنه عرضة للسجن من جد يد وبالتالي يصر على طلب الإفراج "دون شرط" ودون احتمال السجن من جديد.

(10) يشير صاحب البلاغ إلى قرار المحكمة العليا في سيول الصادر في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996، الذي يدين الرئيسين السابقين شون دو - هوان وروه تاي - وو بمحاولة الانقلاب وارتكاب أعمال قتل، وال ذي يقضي بأن "حالة التمرد على أرض الواقع" استمرت حتى شباط/فبراير 1993. وعلى غرار ذلك، يقر القانون الخاص لعام 1995 بشأن حركة 18 أيار/مايو للانتقال إلى الديمقراطية أن النظام الدستوري عُطل حتى 24 شباط/فبراير 1993، وبالتالي مدد فترة التقادم المسقط بالنسبة لجرائ م الانقلاب.

(11) انظر، مع ذلك، الفقرة 2-3 أعلاه.

(12)CCPR/C/79/Add.114، 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الفقرة 15.

(13) ما يقصده صاحب البلاغ بهذه العبارة غير واضح، غير أنه قد يبدو أن صاحب البلاغ قيل له إنه قد يُعاد إلى وكالة تخطيط الأمن القومي لاستجوابه من جد يد إن هو استمر في منازعة الظروف التي تم فيها الاستجواب الأول.

(14) انظر أيضا قضية بولان ضد الاتحاد الروسي رقم 771/1997، القرار المعتمد في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2002.

سين- البلاغ رقم 886/1999، بوندارينكو ضد بيلاروس *

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 20 03، الدورة السابعة والسبعون)

المقدم من : السيدة ناتاليا شيدكو (تمثلها المحامية السيدة تتيانا بروتكو)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحبة البلاغ وابنها أنطون بوندارينكو (متوفى)

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ البلاغ : 11 كانون الثاني/يناير 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 نيسان/أبريل 2003،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 866/1999 الذي قُدم إلى اللجنة نيابة عن السيدة ناتاليا شيدكو والسيد أنطون بوندارينكو بموجب البروتوكو ل الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المقدمة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البل اغ هي السيدة ناتاليا شيدكو، وهي مواطنة بيلاروسية. وهي تتصرف باسمها وباسم ابنها المتوفى، أنطون بوندارينكو، وهو أيضاً مواطن بيلاروسي كان وقت تقديم هذا البلاغ، في 11 كانون الثاني/يناير 1999، محتجزاً ينتظر تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه بعدما أدين لارتكابه جريمة قتل وحُكم عليه بالإعدام. وتزعم أن ابنها المتوفى هو ضحية انتهاكات جمهورية بيلاروسيا (1) للمادتين 6 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويُستشف من إفادات صاحبة البلاغ أن البلاغ يطرح كذلك مسائل في إطار المادة 7 من العهد. وتمثلها محامية.

ــــــــ ــــــــ

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في هذا البلاغ: السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والس ير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

1-2 وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، من الدولة الطرف أن توقف تنفيذ حكم الإعدام بحق السيد بوندارينكو ريثما تبت اللجنة في هذه القضية، وذلك عملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي. وقد قامت اللجنة, بعدما تبين لها من مذكرة الدولة الطرف الصادرة في 12 كانون الثاني/يناير 2000 أن حكم ا لإعدام قد نُفذ بالسيد بوندارينكو في تاريخ سابق غير محدد، بتوجيه أسئلة معينة إلى كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف (2) . واستشفت من الإجابات أن السيد بوندارينكو قد أُعدم في تموز/يوليه 1999 (3) ، أي قبل تاريخ تسجيل اللجنة للبلاغ.

1-3 وتلاحظ اللجنة مع الأسف أنه عن دما أصبحت في وضع يخولها أن تقدم طلبها بموجب المادة 86، كان حكم الإعدام قد نُفذ بالفعل. وتدرك اللجنة ضرورة أن تُعالج القضايا التي يمكن أن تكون موضوع طلبات تُقدَّم بموجب المادة 86 بالسرعة اللازمة لتمكين الدول الأطراف من الامتثال لطلباتها، وسوف تكفل حدوث ذلك.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 اتُهم السيد بوندارينكو بارتكاب جريمة قتل وجرائم أخرى عديدة ، وثبت أنه مذنب وحكمت عليه المحكمة الإقليمية في مينسك بالإعدام رمياً بالرصاص في 22 حزيران/يونيه 1998. وأكدت المحكمة العليا في 21 آب/أغسطس 1998. ووفقاً للتقييم الذ ي قدمته المحاكم للوقائع، اقتحم السيد بوندارينكو في 25 تموز/يوليه 1997, أحد المنازل الخاصة، بصحبة قاصر يُدعى فوسكوبوينيكوف، وأجبر أصحاب المنزل, وهو يسلط السكين على رقابهم, على فتح خزنتهم الحديدية. وبعد السطو على الموجودات الثمينة في الخزنة، حذَّر السيد فوسك وبوينيكوف السيد بوندارينكو بأن أحد سكان المنزل، وهو السيد كوريلنكوف، قد يبلغ عنهما واقترح أن يقوم السيد بوندارينكو بقتله. وقام بوندارينكو بطعن السيد كوريلنكوف مرتين في عنقه بسكين جيب ثم توقف. وواصل السيد فوسكوبوينيكوف طعن السيد كوريلنكوف بسكين خاص به في عن قه وفي جسده حتى فارق الحياة. كما قُتلت جدة كوريلنكوف، السيدة مارتيننكو, عندما فتحت الباب الخارجي، إذ أجبرها السيد فوسكوبوينيكوف على نزول سلم القبو ثم طعنها مرات عديدة.

2-2 وتقول صاحبة البلاغ إن أدلة الطب الشرعي قد انتهت إلى أن السيد كوريلنكوف قد توفي متأثر اً بجروح كثيرة في عنقه وجسده، بالإضافة إلى تلف في الوريد الوداجي الأيسر وإصابة في الحنجرة, وقد فاقم من حالته إصابته بنزيف خارجي شديد وتعرضه لصدمة نفسية حادة. وتعتقد صاحبة البلاغ أن المحاكمة أثبتت أن السيد بوندارينكو طعن السيد كوريلنكوف مرتين فقط، وترى أن ذ لك ما كان ليؤدي إلى وفاته. أما فيما يتعلق بقتل السيدة مارتيننكو، فإن صاحبة البلاغ تعتبر أن هناك أدلة لا يمكن دحضها تثبت أن السيد بوندارينكو لم يكن مذنباً. فقد قيل إن السيد فوسكوبوينيكوف كان قد اعترف في 24 آب/أغسطس 1998 بأنه قدم إفادةً كاذبة أثناء التحقيقات وفي المحكمة عندما وجه التهمة زوراً إلى بوندارينكو. وكان قد رفض في السابق أن يكشف عن مكان وجود السلاح الذي استخدمه في الجريمة، أي سكينه التي ارتكب بها كلتا الجريمتين، لكنه كشف الآن عن المكان الذي خبأها فيه بحيث يمكن إعادة فتح ملف القضية وإجراء المزيد من ال تحقيقات.

2-3 وتقول صاحبة البلاغ إن رئيس المحكمة العليا رفض حتى إضافة السكين إلى ملف القضية، معتبراً أنها لم تشكل دليلاً كافياً لإثبات ادعاء السيد بوندارينكو بعدم تورطه في هاتين الجريمتين. وعليه، قيل إن المحكمة رفضت أن تدرج في الملف، دفاعاً عن ابن صاحبة الب لاغ, أدلة كان يمكن أن تخفف من ذنبه وتثبت عدم تورطه بصورة فعلية في جريمتي القتل.

الشكوى

3-1 تزعم صاحبة البلاغ أنه لم تكن تتوفر لدى المحاكم المحلية الأدلة الواضحة التي لا لبس فيها التي تثبت أن ابنها مذنب بارتكاب الجريمتين. وترى أن رئيس المحكمة العليا تجاهل ش هادة شريك ابنها المدعى عليه (التي قُدمت بعد المحاكمة) ورفضت إدراج هذه الأدلة التي ربما كانت ستخفف ذنب ابنها. وتقول إن هذا يؤكد موقف المحكمة المسبق تجاه ابنها، وأنه لا يمكن بالتالي اعتبار هذه المحكمة مستقلة ومحايدة. وترى أن هذا التصرف يشكل انتهاكاً للمادتين 6 و14 من العهد.

3-2 ويُستشف أيضاً من الملف أن البلاغ قد يطرح مسائل في إطار المادة 7 من العهد، تتعلق بحجب معلومات عن صاحبة البلاغ بشأن تاريخ إعدام ابنها ومكان دفنه، وذلك على الرغم من أن صاحبة البلاغ لم تستشهد مباشرة بهذه الأحكام.

3-3 وأخيراً، فإن البلاغ يط رح على ما يبدو مسائل تتعلق باحترام الدولة الطرف لالتزاماتها بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، فقد زُعم أن الدولة الطرف نفذت حكم الإعدام بابن صاحبة البلاغ قبل تسجيل اللجنة لهذا البلاغ، ولكن بعد إبلاغها المحامي وإدارة السجن والمحكمة العليا بتقديم هذ ا البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة صدرت في 12 كانون الثاني/يناير 2000 وأشارت فيها إلى أن المحكمة الإقليمية في مينسك حاكمت السيد بوندارينكو وأدانته في 22 حزيران/يونيه 1998 لارتكابه جميع الجرائم المحدَّدة في إطار المواد 8 9 و90 و96 و100 من القانون الجنائي لجمهورية بيلاروس (4) . وقد حُكم عليه بالإعدام وبمصادرة ممتلكاته. في حين حكم على السيد فوسكوبوينيكوف، للتهم ذاتها، بالسجن لمدة عشر سنوات وبمصادرة ممتلكاته (5) .

4-2 وترى الدولة الطرف أن الأدلة المقدمة في هذه القضية أثبتت بوضوح أن السيدين بوندارينكو وفوسكوبوينيكوف أُدينا بشن هجوم مسلح على السيدة مارتيننكو والسيد كوريلنكوف وارتكاب جريمة قتل مشددة بحقهما.

4-3 وتقول الدولة الطرف إنه على الرغم من أن السيد فوسكوبوينيكوف أنكر تورطه في هاتين الجريمتين، فإن الأدلة أثبتت جرمه. واقتنع كل م ن المحققين والمحاكم بأن السيدين بوندارينكو وفوسكوبوينيكوف قد ارتكبا معاً عمليتي قتل السيدة مارتيننكو والسيد كوريلنكوف وبأنهما اشتركا معاً في طعنهما. وعليه، فإن إفادة السيد فوسكوبوينيكوف بأنه كذب أثناء التحقيق والمحاكمة واتهم زوراً بوندارينكو هي إفادة لا أس اس لها من الصحة.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن تقييم المحاكم لأفعال السيدين بوندارينكو وفوسكوبوينيكوف كان صحيحاً. وبعد أن نظرت المحكمة في طبيعة الجرائم التي ارتكبها السيد بوندارينكو وما تمثله من خطر كبير على الجمهور، وفي دوافعه وأساليبه، فضلاً عن معلومات سابقة انعكست سلباً على شخصية المتهم، توصلت إلى استنتاج مفاده أن السيد بوندارينكو يشكل تهديداً خاصاً للمجتمع, ففرضت بحقه عقوبة الإعدام.

4-5 وترى الدولة الطرف أن جميع جوانب القضية قد دُرست دراسة شاملة أثناء التحقيقات الأولية وإجراءات المحاكم. وعليه، لا توجد أي أس س يمكن الاستناد إليها للطعن في هذه الأحكام.

4-6 وتختتم الدولة الطرف ملاحظاتها بمعلومات تفيد بأن حكم الإعدام قد نُفذ بحق السيد بوندارينكو, بيد أنها لم تفصح عن تاريخ التنفيذ.

تعليقات صاحبة البلاغ

5-1 تشير المحامية في تعليقاتها المؤرخة 29 كانون الثاني/يناير 2001 إلى ادعاءات الدولة الطرف بأن المحاكم قدمت وصفاً صحيحاً لأفعال السيدين بوندارينكو وفوسكوبوينيكوف وبأن المحققين والمحاكم أثبتوا أنهما ارتكبا معاً جريمتي قتل السيدة مارتيننكو والسيد كوريلنكوف. بيد أن المحامية تبين أن أدلة الطب الشرعي خلصت إلى أن السيد كو ريلنكوف قد مات متأثراً بجروح كثيرة في رقبته وجسده وفي خده الأيسر وحنجرته، بالإضافة إلى إصابته بنزيف شديد وتعرضه لصدمة نفسية حادة. واستنتجت المحاكم أن السيد بوندارينكو قام بطعن السيد بوريلنكوف مرتين، وذلك, في رأي المحامية, لم يكن ولا يمكن أن يكون السبب في و فاته.

5-2 وتشير المحامية إلى أن السيد فوسكوبوينيكوف اعترف بأنه ارتكب بمفرده عملية قتل السيدة مارتيننكو. بيد أن السكين المستخدمة في ارتكاب الجريمتين لم تدرج في ملف القضية.

5-3 وبناء على ذلك، تستنتج المحامية أن الحكم بالإعدام الذي فرض بحق السيد بوندارينكو قد شكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد. وعلى أية حال، فقد نفذ الحكم.

ملاحظات إضافية مقدمة من صاحبة البلاغ ومن الدولة الطرف

6-1 بعدما أرسلت اللجنة رسالة إلى الطرفين في 11 تموز/يوليه 2002 وأرفقت بها طلباً تلتمس فيه معلومات عن تنفيذ حكم الإعدام (6) ، قدمت المحامية في 24 تموز/يوليه 2002 الملاحظات التالية. فقد أفادت بأن صاحبة البلاغ قد حصلت، على حد قولها، على شهادة وفاة مؤرخة 26 تموز/يوليه 1999 تبين أن ابنها قد أعدم في 24 تموز/يوليه 1999 (7) . كما أعلنت المحامية أن أحكام الإعدام تنفذ سراً في بيلاروس. ولا يُبلغ السجين المدا ن ولا أسرته بتاريخ إعدامه (8) , وينقل جميع المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام إلى "مركز احتجاز منطقة مينسك رقم 1" (SIZO-1)، حيث يسجنون في "زنزانات الإعدام" المنفصلة وتقدَّم لهم ثياب (مقلمة) تختلف عن ثياب المحتجزين الآخرين.

6-2 وتلاحظ المحامية أن عمليات الإعدام ينف ذها, في منطقة خاصة, جنود تنتقيهم "لجنة تنفيذ أحكام الإعدام". ووسيلة الإعدام هي الرمي بالرصاص ويستخدم منفذ عملية الإعدام مسدساً. ويسلم رئيس المركز المسدس إلى منفذ قرار الإعدام. وبعد الانتهاء من تنفيذ عملية الإعدام، ينشئ أحد الأطباء سجلاً يثبت فيه حالة الوفا ة، بحضور وكيل النيابة وممثل عن إدارة السجن.

6-3 كما تلاحظ المحامية أن الجنود يقومون أثناء الليل بنقل جثمان السجين الذي أعدم إلى إحدى مقابر منطقة مينسك وبدفنه فيها، دون وضع أي إشارة يمكن تمييزها وتبين اسم السجين أو مكان دفنه بالضبط.

6-4 وتقول المحامية إنه م تى أُعلمت المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام بأن الحكم قد نفذ، تبلغ المحكمة أحد أفراد عائلة السجين الذي تم إعدامه. وتحصل الأسرة فيما بعد على شهادة وفاة تصدرها دائرة السجل المدني البلدية وتشير فيها إلى أن قرار المحكمة كان سبب الوفاة.

6-5 وتؤكد المحامية، دون أن تقدم أي تفاصيل أخرى، أن السيدة شيدكو أبلغت محامي ابنها والمحكمة العليا وسلطات السجن أنها قدمت بلاغاً إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل حدوث واقعة إعدام ابنها.

7-1 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2002, أجابت الدولة الطرف على طلب اللجنة (9) المتعلق بتاريخ إعدام ابن صا حبة البلاغ، وباللحظة التي عرفت فيها الدولة الطرف تماماً بوجود هذا البلاغ. وهي تؤكد أن السيد بوندارينكو قد أعدم في 16 تموز/يوليه 1999، بناءً على قرار أصدرته محكمة مينسك الإقليمية, في 22 حزيران/يونيه 1998. كما تؤكد على أن مذكرة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإ نسان المتعلقة بتسجيل البلاغ قد صدرت بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أي أن تنفيذ الإعدام قد حدث قبل ثلاثة أشهر من إبلاغ الدولة الطرف بتسجيل البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 ولم تقدم الدولة الطرف ملاحظات أخرى بشأن مزاعم صاحبة البلاغ.

المسائل والإجرا ءات المعروضة على اللجنة

الخرق المزعوم للبروتوكول الاختياري

8-1 زعمت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري عندما أعدمت ابنها على الرغم من أنه تم إرسال بلاغ إلى اللجنة وإعلام محامي ابنها وسلطات السجن والمحكمة العليا به، قبل إعدام ابنها والتسجيل الرسمي لبلاغها المقدم بموجب البروتوكول الاختياري. ولم تدحض الدولة الطرف صراحةً زعم صاحبة البلاغ، وبينت أنها أُعلمت بتسجيل هذا البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري عن طريق مذكرة شفوية مؤرخة 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أي بعد ثلاثة اشهر من تنفيذ الإعدام. وقد عالجت اللجنة، في قضايا فصلت فيها سابقاً، مسألة الدولة الطرف التي تخل بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري بسبب تنفيذ حكم الإعدام في شخص قدم بلاغاً إلى اللجنة، وذلك ليس من زاوية معرفة ما إذا كانت اللجنة طالبت صراحةً باتخاذ تدابير حماية مؤقتة فحسب، وإنما أيضاً على أساس طبيعة عقوبة الإعدام التي لا يمكن الرجوع فيها. بيد أنه في الظروف الخاصة بالبلاغ الحالي, وبالنظر إلى أن الحالة الأولى التي أثبتت فيها اللجنة حدوث إخلال بأحكام البروتوكول الاختياري بسبب إعدام شخص كانت قضيته معروضة أمام اللجنة (10) قد تقررت ونُشرت بعد تنفيذ حكم الإعدام بالسيد بوندارينكو، فإن اللجنة لا يمكن أن تعتبر الدولة الطـرف مسؤولة عن خرق البروتوكول الاختياري بسبب إعدامها السيد بوندارينكو بعد تقديم البلاغ، إنما قبل تسجيله (11) .

القرار بشأن المقبولية

9-1 يتعين على اللجنة المعن ية بحقوق الإنسان، قبل أن تنظر في أي شكوى ترد في أحد البلاغات، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 وتلاحظ اللجنة أنه لا يجري النظر في المسألة ذاتها في إطار أي إجراء دولي آخر وأن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وعليه فقد تم تلبية الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-3 وأحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ ومفادها أنه لم يكن يتوفر لدى المحاكم الدليل الواضح والمقنع الذي لا لبس فيه، والذي يثبت ارتكاب ابنها لجريمتي القتل، وأن رئيس المحكمة العليا تجاهل شهادة شريك ابنها المدعى عليه التي أدلى بها بعد المحاكمة ورفض إدراج دليل من شأنه أن يخفف ذنب ابنها. وتعتقد صاحبة البلاغ أن ذلك يدل قطعاً على أن المحكمة تبنت موقفاً مقرراً مسبقا ً فيما يتعلق بذنب ابنها، وهذا ما يثبت عدم استقلالية المحاكم وعدم حيادها، مما يشكل انتهاكاً للمادتين 6 و14 من العهد. وبناء على ذلك، فإن هذه الادعاءات تطعن في صحة تقييم محاكم الدولة الطرف للوقائع والأدلة. وتشير اللجنة إلى أنه يعود إلى محاكم الدول الأطراف في العهد أن تستعرض بصفةٍ عامة الوقائع والأدلة في قضية محددة، ما لم يتبين بوضوح أن تقييم الأدلة كان تعسفياً أو بلغ حد إنكار العدالة، أو أن المحكمة أخلت بطريقة أخرى بالتزامها المتمثل في الاستقلالية والحياد. والمعلومات المعروضة أمام اللجنة لا توفر الأدلة التي تث بت صحة الادعاء بأن قرارات المحكمة الإقليمية في مينسك والمحكمة العليا قد شابتها عيوب من هذا القبيل، حتى لغرض تحديد المقبولية. وعليه, فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-4 وترى اللجنة أن الادعاء الآخر الذي قدمته صاحبة البلاغ، وهو أن عدم قيام السلطات بإبلاغ أسرة السجين المدان، إما عن طريقه هو أو بصورة مباشرة، بتاريخ إعدامه، وكذلك عدم قيامها بإبلاغ صاحبة البلاغ بالمكان المحدد الذي دفن فيه ابنها, يعتبران بمثابة انتهاك للعهد، هو ادعاء مقبول لكونه يطرح على ما يبدو مسألةً في إطار المادة 7 من العهد.

9-5 وبناءً على ما سبق، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول بالقدر المبين في الفقرة 9-4 أعلاه وتنتقل إلى النظر في الوقائع الموضوعية لهذه الشكوى.

النظر في الوقائع الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع ال معلومات التي أتاحتها الأطراف، وفقاً لما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وتلاحظ اللجنة أن زعم صاحبة البلاغ بأن أسرتها لم تبلغ بتاريخ ولا بساعة إعدام ابنها ولا بمكان حدوث هذا الإعدام، كما أنها لم تبلغ بالمكان الصحيح الذي دفن فيه ف يما بعد،لم يدحض حتى الآن. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف على هذا الادعاء، وفي غياب تقديم الدولة الطرف أي معلومات أخرى ذات صلة عن الممارسة التي تتبعها في تنفيذ أحكام الإعدام، ينبغي أن يولى الاهتمام الواجب لادعاء صاحبة البلاغ. وتدرك اللجنة ما عانت منه صا حبة البلاغ, كأم لسجين مدان, من آلام وضغوط نفسية متواصلة نتيجة بقاء حالة الغموض التي لفت الظروف التي أدت إلى إعدامه، فضلاً عن المكان الذي دفن فيه. والسرية التامة التي أحاطت تاريخ الإعدام ومكان الدفن ورفض تسليم الجثمان لدفنه كان لـه وقع الترهيب أو العقاب على الأسر من خلال تركها عمداً في حالة من الغموض والأسى. وترى اللجنة أن عدم قيام السلطات بداية بإخطار صاحبة البلاغ بالتاريخ الذي تقرر فيه إعدام ابنها، واستمرارها فيما بعد في عدم إخطار صاحبة البلاغ بمكان قبر ابنها، قد بلغا حد المعاملة غير الإنسانية لصاحبة البلا غ، وشكلا انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

11- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة أمامها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

12- وعلى الدو لة الطرف, وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، التزام بأن توفر لصاحبة البلاغ سبيلاً فعالاً للتظلم، بما في ذلك معلومات عن المكان الذي دفن فيه ابنها، وبأن تعوض عن الآلام التي عانتها. كما أن على الدولة الطرف التزاماً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- واللجنة, إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بدخولها طرفاً في البروتوكول الاختياري، تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف تعهدت, عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً, معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. كما تطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراءه ا.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير].

الحواشي

(1) دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آ ذار/مارس 1976 والبروتوكول الاختياري في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992.

(2) طلبت اللجنة في 11 تموز/يوليه 2002 المعلومات التالية:

(أ) من الدولة الطرف:

1- "موعد تنفيذ حكم الإعدام بالضبط،

2- والوقت الذي علمت فيه الدولة الطرف بوجود البلاغ ؟".

(ب) من صاحبة ا لبلاغ:

1- "التاريخ الذي نفذ فيه حكم الإعدام،

2- وما إذا كانت قد أعلمت الدولة الطرف بتقديم البلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل تسجيل هذه القضية؟".

(3) تقول صاحبة البلاغ إن ابنها قد اعدم في 24 تموز/يوليه 1999؛ في حين أعطت الدولة الطرف تاريخ 16 تموز/يوليه 1999.

(4) مع ذلك, لم تقدم الدولة الطرف نص المواد المعنية.

(5) أخذت المحكمة في اعتبارها أن السيد فوسكوبوينيكوف كان قاصراً لحظة ارتكاب الجريمة.

(6) انظر الحاشية رقم 2

(7) انظر الحاشية رقم 3.

(8) تقدم صاحبة البلاغ نسخة من المادة 175 من قانون ب يلاروس المتعلق بالإعدام الجنائي. وينص هذا القانون تحديداً على تنفيذ أحكام الإعدام رمياً بالرصاص. ويحضر تنفيذ حكم الإعدام وكيل النيابة وطبيب وممثل عن السجن الذي تحدث فيه حالة الإعدام. ويسمح, في حالات استثنائية، بحضور أشخاص آخرين بموجب إذن من وكيل النيابة. و يؤكد الطبيب حالة الوفاة، ثم ينشئ سجلاً بهذا الخصوص. وتُلزم إدارة السجن بإبلاغ المحكمة التي أصدرت الحكم بأن الحكم قد نفذ, فتبلغ المحكمة بدورها أحد أقرباء الشخص الذي أعدم. ولا يسلَّم جثمان الشخص الذي أعدم للدفن، كما لا تُعلم أسرته أو أقاربه بمكان دفنه.

(9) انظر الحاشية رقم 2.

(10) البلاغ رقم 869/1999، بيانديونغ وآخرون ضد الفلبين .

(11) البلاغات رقم 839/1998، و840/1998، و841/1998، مانساراج وآخرون ضد سيراليون، وغبوري وآخرون ضد سيراليون، وسيسي وآخرون ضد سيراليون ، الفقرة 5-1 وما تلاها؛ البلاغ رقم 869/1999، بيان ديونغ وآخرون ضد الفلبين ، الفقرة 5-1 وما تلاها، والبلاغ رقم 580/1994، غلين آشبي ضد ترينيداد وتوباغو.

عين- البلاغ رقم 887/1999، لياشكِفيتش ضد بيلاروس *

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 2003، الدورة السابعة والسبعون)

المقدم من : ماريّا ستاسِلوفيتش (تمثله ا المحامية السيدة تاتيانا بروتكو)

الشخص المدعي بأنه ضحية : صاحبة البلاغ وابنها إيغور لياشكِفيتش (متوفى)

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ البلاغ: 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقو ق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 نيسان/أبريل 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 887/1999، الذي قُدم إلى اللجنة نيابة عن السيدة ماريّا ستاسِلوفيتش والسيد إيغور لياشكِفيتش بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياس ية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي قدمتها إليها كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة ماريّا ستاسِلوفيتش ، من رعايا بيلاروس. وهي تقدم البلا غ أصالةً عن نفسها ونيابةً عن ابنها، السيد إيغور لياشكِفيتش ، وهو أيضاً بيلاروسي الجنسية، وكان وقت تقديم البلاغ، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 مسجوناً بانتظار تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه إثر إدانته بارتكاب جريمة القتل العمد والحكم عليه بالإعدام. وتدعي صا حبة البلاغ أن ابنها هو ضحية لانتهاك جمهورية بيلاروس أحكام المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1) . ويتبين مما ورد في بلاغها أن البلاغ يطرح أيضاً مسائل تندرج في المادتين 7 و14 من العهد. وقد أوكلت صاحبة البلاغ محامية لتمثيلها.

ــــــــــ ـــ

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكِي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد فرانكو ديِباسكوالِيه، والسير نايجل رودلي، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد هيبوليِتو سولاري - يَ ريغويَن، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد والتر كالين، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة روث وِدجوود، والسيد ماكسويل يالدين.

1-2 وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، ووفقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة المعنية بحقوق الإن سان، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، من خلال المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، عدم تنفيذ حكم الإعدام بحق السيد لياشكِفيتش ريثما تبتّ اللجنة في قضيته. وبعثت الدولة الطرف في 12 كانون الثاني/يناير 2000 برسالة إلى اللجنة ورد فيها أن حكم الإعدام الصادر بحق ا لسيد لياشكِفيتش قد نُفِّذ في تاريخ غير محدد. وإثر ذلك، قامت اللجنة بطرح أسئلة محددة على صاحبة البلاغ والدولة الطرف (2) . وتبين من أجوبتهما أن الحكم على السيد لياشكِفيتش بالإعدام قد نُفذ في 15 آذار/مارس 1999، أي قبل تاريخ تسجيل البلاغ من قِبَل اللجنة.

1-3 تلا حظ اللجنة مع الأسف أنه، عندما تسنى لها تقديم طلبها بموجب المادة 86 من نظامها الداخلي، كان حكم الإعدام قد نُفِّذ. وتدرك اللجنة أن القضايا التي قد تخضع للطلبات المنصوص عليها في المادة 86 ينبغي أن تعالَج بما يلزم من سرعة لإتاحة المجال للدولة الطرف المعنية للا متثال لطلباتها، وسوف تحرص على معالجة تلك القضايا بهذه السرعة.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تذكر صاحبة البلاغ أن محكمة مدينة مينسك قد أصدرت في 15 تموز/يوليه 1997 حكماً بالإعدام بحق السيد لياشكِفيتش ، يقضي بأن يَنفذ هذا الحكم بإطلاق النار عليه من قِبَل فصيلة الإعدام. وكان قد أُدين، مع أربعة متهمين آخرين، بحرمان المدعو أ. فاسّيلييف من حريته بصورة غير شرعية، مسببين لـه معاناةً جسدية، ثم قتلِهِ عمداً في 25 حزيران/يونيه 1996. وأيدت المحكمة العليا الحكم في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 (3) .

2-2 وتَبيَّن لمحكمة مدينة مينسك أن أحد المتهمين مع السيد لياشكِفيتش، هو السيد ألتِشفسكيي قد قرر الانتقام من السيد فاسيلييف، وأنه أثناء تَعَرُّض هذا الأخير للضرب، قام متهم آخر، هو السيد دود كِفيتش، بسكب البنزين عليه، ثم قام السيد لياشكِفيتش بإشعال النار فيه. وتدعي صاحبة البلاغ أن السيد لياشكِفيتش قد أخبرها أنه لم يكن لديه دافع ولا سبب لفعل ذلك، وأنه لم يقم، لا بطعن السيد فاسّيلييف ولا بإشعال النار فيه، وأن أفعاله لم تكن قط سبب موت الضحية. وترى صاحبة البلاغ أن ليس ثمة ما يدل على أن ابنها قد قام بطعن السيد فاسّيلييف في رقبته أو ب خنقه. وهي ترى أنه يتضح من ملف المحكمة أن ابنها لم يكن ضالعاً مباشرةً في جريمة القتل.

2-3 ومن ثم، تشير صاحبة البلاغ إلى الإفادات التي أدلى بها المتهمون الآخرون، وتكرر أن ليس ثمة أدلة تثبت أن ابنها قد شارك مشاركة نشطة في الجريمة. وتدعي أنه لم ينظم الجريمة، و ليس بمقدوره أن يقوم بذلك، وهو اعتقاد يشاطرها إياه سكان قريتها، الذين وجهوا رسالة في هذا الصدد إلى رئيس الجمهورية، دون جدوى. وتذكر أن ابنها لم يقر بارتكاب الجريمة قط، وأنه أعرب حتى النهاية عن أمله في أن يتم تدارك الخطأ القضائي المرتكب بحقه، على الرغم من أن جميع سبل الانتصاف القضائي كانت قد استنفدت.

الشكوى

3-1 تجادل صاحبة البلاغ أن حكم إعدام ابنها قد صدر استناداً إلى بيِّنات ظرفية محضاً. فليس لدى المحكمة ما يثبت بشكل واضح ولا لبس فيه أن ابنها قد ارتكب الجريمة. وبرأيها أن ذلك يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد، ل كن فحوى بلاغها تدل على وجوب قراءة هذا الادعاء بالاقتران مع أحكام المادة 14 من العهد.

3-2 كما يظهر من الملف، أن البلاغ قد يطرح مسائل تندرج في المادة 7 من العهد، فيما يتعلق بعدم موافاة صاحبة البلاغ بمعلومات عن تاريخ إعدام ابنها ومكان دفنه، مع أن صاحبة البلاغ لم تستشهد مباشرة بالمادة المذكورة.

3-3 وأخيراً، يبدو أن البلاغ يطرح مسائل متصلة بوفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، حيث تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف قد نفذت حكم الإعدام بحق ابنها قبل قيام اللجنة بتسجيل بلاغها، ول كن بعد قيامها هي بإبلاغ محاميتها وإدارة السجون والمحكمة العليا بتقديمها البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 قدمت الدولة الطرف، بمذكرة مؤرخة 12 كانون الثاني/يناير 2000، ملاحظاتها التي ذكرت فيها أن محكمة مدينة مينسك قد قامت بمحاكمة السيد لياشكِفيتش وإدانته في 1 5 تموز/يوليه 1997 بجميع الجرائم المحددة في المادتين 124 و100 من القانون الجنائي لجمهورية بيلاروس (4) . وحكمت عليه بالإعدام. وأدانت المحكمة أربعة متهمين آخرين وحكمت على ثلاثة منهم بالسجن مدة 15 عاماً (5) .

4-2 وذكرت الدولة الطرف، في استعراضها للوقائع، أنه إثر م شاجرة حدثت في حوالي منتصف الليل بتاريخ 25 حزيران/يونيه 1996، قام السيد لياشكِفيتش والأربعة الآخرون بخطف السيد فاسّيلييف، وهو مسؤول سابق في الميليشيا، واقتادوه إلى مكان قريب من بحيرات براسلاف لقتله، مستخدمين في ذلك بالغ العنف. وقد ثبتت إدانة السيد لياشكِفيت ش: فقد أقر بأنه قام بضرب السيد فاسّيلييف مع المتهمين الآخرين، وأنه أمسك به من رقبته، وبعد سكب البنزين عليه. وإشعال النار فيه، قام بإذكاء النار بالأخشاب.

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أدلة قدمها المتهمون إلى المحكمة فيما يتعلق بتسلسل الأحداث ليلة الجريمة: عن ك يفية ضرب السيد فاسّيلييف ثم اقتياده للإلقاء به في البحيرة؛ وكيف أنه، عند استحالة ذلك، انهالوا عليه بمزيد من الضرب ثم أشعلوا النار فيه.

4-4 وتضيف الدولة الطرف أن ما خلُص إليه خبراء الطب الشرعي من نتائج إثر فحصهم الجروح والإصابات الداخلية والخارجية المتعددة التي لحقت بجثة السيد فاسّيلييف تثبِت إدانة السيد لياشكِفيتش.

4-5 وتفيد الدولة الطرف أن المحكمة قد نظرت في جميع جوانب القضية واستعرضتها بموضوعية. وقرارها إدانة السيد لياشكِفيتش لها ما يبررها، كما أن أفعاله تندرج على نحو صحيح في المواد ذات الصلة من القانون ا لجنائي. وتم البت في عقوبته في ضوء ما ارتكبه من أفعال وما كان متاحاً للمحكمة من معلومات سلبية عن شخصيته، وفي ضوء الظروف المشدِّدة التي ارتُكبت الجريمة في ظلها. وأيدت المحكمة العليا لجمهورية بيلاروس قرار محكمة مدينة مينسك في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1997. وليس لدى الدولة الطرف ما يدعو إلى الشك في صحة هذه القرارات.

تعليقات صاحبة البلاغ

5-1 لم تعلق صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف، مع أن تلك الملاحظات قد أحيلت إليها حسب الأصول، وعلى الرغم مما أعقبها من رسائل تذكير عديدة في وقت لاحق. وبعد أن أرسلت اللجنة في 1 1 تموز/يوليه 2002 طلباً محدداً آخر لموافاتها بمعلومات عن تنفيذ حكم الإعدام، أدلت محامية صاحبة البلاغ في 24 تموز/يوليه 2002 بملاحظات ذكرت فيها أن ابن صاحبة البلاغ قد أُعدم في 15 آذار/مارس 1999، وفقاً لشهادة الوفاة التي حصلت عليها صاحبة البلاغ في 5 أيار/مايو 1999. وأفادت المحامية كذلك أن أحكام الإعدام تنفَّذ سراً في بيلاروس. فلا المحكوم عليه ولا أسرته يبلَّغان بتاريخ الإعدام (6) وينُقل كل من يُحكم عليهم بالإعدام إلى مركز الاعتقال رقم 1 (SIZO-1) في مينسك، حيث يودعون "زنزانات إعدام" منفصلة ويعطون ملابس (مقلَّمة) تختلف عن بقية المحتجزين.

5-2 وتُبيِّن المحامية أن جنوداً مختارين من "لجنة تنفيذ أحكام الإعدام" يتولون تنفيذ هذه الأحكام في منطقة خاصة، حيث يقوم الجندي بإطلاق النار على المحكوم عليه من مسدس يقوم رئيس مركز الاعتقال بتسليمه لمنفِّذ حكم الإعدام. وبعد الإعدام، يقوم طبيب، بحضور وكيل نيابة وممثل لإدارة السجن، بتحرير تقرير يشهد فيه على حدوث الوفاة.

5-3 وتلاحظ المحامية كذلك أن جنوداً يقومون ليلاً بنقل الجثة إلى إحدى مقابر مينسك لدفنها، دون ترك أي أثر يمكن أن يُستدَل منه على اسم السجين أو موقع دفنه بالتحديد.

5-4 و تذكر المحامية أنه، حال إبلاغ المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام بأن حكمها قد نُفِّذ، تقوم المحكمة بإبلاغ أحد أعضاء أسرة السجين الذي أُعدم. ومن ثم، تقوم دائرة الأحوال المدنية التابعة للبلدية بإصدار شهادة وفاة إلى الأسرة، مع الإشارة في الشهادة إلى قرار المحكمة ب وصفه سببُ الوفاة.

5-5 وتؤكد المحامية، دون تقديم أية تفاصيل إضافية، أن السيدة ستاسِلوفيتش كانت قد أبلغت محامي ابنها والمحكمة العليا وسلطات السجن أنها كانت قد قدمت رسالة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل أن يتم تنفيذ حكم الإعدام بحق ابنها.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 بعثت الدولة الطرف في 12 أيلول/سبتمبر 2002 بردها على استفسار اللجنة (7) عن تاريخ تنفيذ حكم الإعدام بحق ابن صاحبة البلاغ، وعن اللحظة المحددة التي علمت فيها الدولة الطرف بوجود البلاغ. وتُكرر الدولة الطرف أن السيد لياشكِفيتش قد أعدم في 15 آذ ار/مارس 1999، تنفيذاً لقرار محكمة مدينة مينسك المؤرخ 15 تموز/يوليه 1997. وتؤكد أن مذكرة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتسجيل البلاغ مؤرخة 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أي أن حكم الإعدام قد نُفِّذ قبل أشهر عديدة (8) من إبلاغ الدولة الطر ف بتسجيل البلاغ بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري.

6-2 ولم تدلِ الدولة الطرف بملاحظات إضافية بشأن ادعاءات صاحبة البلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

الادعاء بالإخلال بأحكام البروتوكول الاختياري

7-1 ادعت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلت بالتز اماتها بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري بإعدامها ابن صاحبة البلاغ على الرغم من أن صاحبة البلاغ كانت قد أرسلت بلاغاً إلى اللجنة وأحاطت محامي ابنها وسلطات السجن والمحكمة العليا علماً بذلك، قبل إعدام ابنها وتسجيل بلاغها رسمياً بمقتضى أحكام البروتوكول الاختيا ري. والدولة الطرف لا تدحض صراحةً إدعاء صاحبة البلاغ، بل تذكر أنها أحيطت علماً بتسجيل البلاغ بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري بمذكرة شفوية مؤرخة 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، أي بعد تنفيذ حكم الإعدام بسبعة أشهر. وكانت اللجنة، في مجموعة سوابقها القانونية، قد تناولت مسألة تَصَرُّف دولة طرف ما تصرفاً مخلاً بالتزاماتها بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري بإعدامها شخصاً كان قد قدم بلاغاً إلى اللجنة، ليس فقط من منظور ما إذا كانت اللجنة قد طلبت صراحةً تنفيذ تدابير مؤقتة للحماية، بل أيضاً بالاستناد إلى كون عقوبة الإعدا م غيرَ قابلة للرجوع عنها بعد تنفيذها. غير أنه، في ظروف البلاغ الراهن، ونظراً لأن القضية الأولى التي أثبتت فيها اللجنة حدوث إخلال بأحكام البروتوكول الاختياري بإعدام شخص كانت قضيته قيد نظر اللجنة (9) قد تم البت فيها ونشر القرار بشأنها عقب إعدام السيد لياشكِفي تش، فلا يمكن للجنة أن تعتبر الدولة الطرف مسؤولة عن إخلال بأحكام البروتوكول الاختياري لإعدامها السيد لياشكِفيتش بعد تقديم البلاغ، بل قبل تسجيله.

البت في جواز النظر في البلاغ.

8-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يتعين عل يها، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبتَّ في ما إذا كان النظر في البلاغ جائزاً أم غير جائز بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتنوه اللجنة بأن المسألة ذاتها ليست موضِعَ دراسة بمقتضى أي إجراء دولي آخر، وأن سبل الانتصاف المحلية قد اس تنفدت. وعليه، فإن الشرطين المحددين في الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري مستوفَيان.

8-3 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ بأن كون إدانة ابنها والحكم عليه بالإعدام يستندان محضاً إلى أدلة ظرفية، وأن المحكمة لم تكن توجد لديها أدلة و اضحة تُثبت ارتكاب ابنها جريمة القتل العمد، هو أمر يُعدّ بمثابة انتهاك لأحكام المادة 14 من العهد، مقترنة بالمادة 6 منه. هذا الادعاء يطعن في تقييم محاكم الدولة الطرف للوقائع والأدلة. وتعيد اللجنة إلى الأذهان أنه يتعين عادة على محاكم الدول الأطراف في العهد أن تستعرض الوقائع والأدلة في قضية معينة، ما لم يمكن إظهار أن عملية تقييم الأدلة كانت تعسفية بشكل واضح أو أنها كانت تنطوي على إساءة تطبيق لأحكام العدالة، أو أن المحكمة قامت، على نحو آخر، بالإخلال بالتزامها بالاستقلال والنزاهة. والمعلومات التي أمام اللجنة لا ت ثبت صحة الادعاء بأن قراري محكمة مدينة مينسك والمحكمة العليا قد اعترتهما أوجه خلل من هذا القبيل، حتى لأغراض جواز النظر في البلاغ. وعليه، فلا يجوز النظر في هذا الجزء من البلاغ عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-4 وترى اللجنة أن الادعاء المتبقي لصاحبة البلاغ، ومفاده أن عدم قيام السلطات بإبلاغ أسرة المحكوم عليه بالإعدام، إما من خلاله أو مباشرة، بتاريخ تنفيذ الحكم، فضلاً عن عدم قيام السلطات بإبلاغها بالموقع المحدد الذي دُفن فيـه ابنها، يُعدُّ انتهاكاً لأحكام العهد، هو ادعاء يجوز النظر فيه، من حيث إنه يطر ح، على ما يبدو، مسألة تندرج في المادة 7 من العهد.

8-5 وعليه، تُعلن اللجنة جواز النظر في البلاغ بقدر ما هو مبين في الفقرة 8-4 أعلاه، وتمضي إلى دراسة الوقائع الموضوعية للادعاء.

النظر في الوقائع الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء كل ما عرضته عليها الأطراف من معلومات، على نحو ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن ادعاء صاحبة البلاغ بأن أسرتها لم تبلَّغ بتاريخ إعدام ابنها ولا بساعته أو مكانه، ولا بالمكان المحدد الذي دُفن فيه بعد ذلك، هو ادعاء لم يُثبِت أحد بطلانه. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أية حجة تثبت بطلان هذا الادعاء، ولعدم تقديمها أية معلومات أخرى ذات صلة بممارسة تنفيذ أحكام الإعدام، لا بد من إيلاء ادعاء صاحبة البلاغ الوزن الواجب. وتتفهم اللجنة ما تعانيه صاحبة البلاغ، بصفتها أم المحكو م عليه، من لوعة وضيق فكري متواصل نتيجة لعدم اليقين الذي ما برح يحيط بالظروف التي أفضت إلى إعدامه، فضلاً عن الغموض الذي يلُف مكان دفنه. وترى اللجنة أن السرّية التامة التي تكتنف تواريخ إعدام المحكوم عليهم وأماكن دفنهم، ورفض تسليم جثثهم من أجل دفنها، هي بمثاب ة تعذيب للأسر أو معاقبة لهم بتركها عمداً في حالة عدم يقين وكرب فكري. وترى اللجنة أن عدم قيام السلطات أولاً بإبلاغ صاحبة البلاغ بالتاريخ المقرر لإعدام ابنها، ثم إمعانها بعد ذلك في عدم إبلاغها موقع قبره، هو بمثابة معاملة صاحبة البلاغ معاملة لا إنسانية بما يخ ل بأحكام المادة 7 من العهد.

10- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزَمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ، بما في ذلك معلومات عن موقع دفن ابنها، وتعويضها عما عانته من لوعة. كذلك فإن على الدولة الطرف التزاماً بالحيلولة دون حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد أقرت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لم يحدث، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإنها ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز النفاذ لدى الدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976، والبروتوكول الاختياري في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992.

(2) طلبت اللجنة، في 11 تموز/يوليه 2002، المعلومات التالية:

(أ) من الدولة الطرف:

1- "متى تم تنفيذ حكم الإعدام على وجه التحديد، و

2- في أي وقت علمت الدولة الطرف بوجود البلاغ؟".

(ب) م ن صاحبة البلاغ:

1- "في أي تاريخ تم تنفيذ حكم الإعدام، و

2- هل قمتِ بإبلاغ الدولة الطرف بتقديم البلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل تسجيل القضية؟".

(3) وعلاوة على ذلك، فعقب إجراء استثنائي، رُفض في 15 كانون الثاني/يناير 1998 طلب قُدم إلى رئيس الم حكمة العليا بإعادة النظر في القضية.

(4) غير أن الدولة الطرف لم تقدم نص المواد موضوع البحث.

(5) أُلغيت القضية المرفوعة ضد أحد المتهمين إثر وفاته.

(6) تقدم صاحبة البلاغ نسخة عن المادة 175 من قانون الإعدام الجنائي البيلاروسي. وهي تنص، بوجه خاص، على تنفيذ أ حكام الإعدام بإطلاق النار. ويكون حاضراً أثناء تنفيذ حكم الإعدام وكيل نيابة، وممثل للسجن الذي يجري فيه الإعدام، وطبيب. ويمكن، في حالات استثنائية، بإذن من وكيل النيابة، السماح بحضور أشخاص آخرين. ويشهد الطبيب على الوفاة، ويحرِّر مستنداً بذلك. وتكون إدارة السج ن ملزمة بإبلاغ المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام بأن حكمها قد نُفذ، وتقوم المحكمة بدورها بإبلاغ أحد أقرباء من نُفذ فيه الحكم بذلك. ولا يُفرج عن جثة الشخص الذي أُعدم لدفنها، ولا يتم إبلاغ أسرته أو أقربائه بمكان الدفن.

(7) انظر الحاشية 2.

(8) "ستة أشهر"، حسب إفادة الدولة الطرف ذاتها.

(9) البلاغ رقم 869/1999، قضية بيانديونغ وغيره ضد الفلبين .

فاء - البلاغ رقم 893/1999، سعيد ضد نيوزيلندا *

(الآراء التي اعتمدت في 28 آذار/مارس 2003، الدور ة السابعة والسبعون)

المقدم من : محمد سعيد (يمثله المحامي السيد جون بتريس)

الأش خاص المدّعى أنهم ضحايا : صاحب البلاغ، وابنته وحفيده

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 28 آب/أغسطس 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 893/1999، الذي قدمه السيد محمد سعيد إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- إن صاحب البلاغ، المؤرخ 28 آب/أغسطس 1998، هو محمد سعيد، أحد مواطني فيجي، من مواليد 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945. وقد قدم البلاغ بالأصالة عن نفسه ونيابة عن ابنته جميلة، وهي مواطنة من فيجي مقيمة في نيوزيلندا، وحفيده روبيرت، المولود في نيوزيلندا في 14 شباط/فبراير 1989 (1) . وهو يدّعي قيام نيوزيلندا بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24 من العهد في قضية إبعاده إلى فيجي من نيوزيلندا. ويمثله محامٍ . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيِّز التنفيذ بالنسبة لنيوزيلندا في 26 آب/أغسطس 1989.

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، السيد برافوالاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد الفريدو كوستييرو هويوس، السيدة كري ستين شانيه، السيد فرانكو ديباسكواليه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد راجسومر لالاه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سـولاري يريغـوين، السيـدة روث ودجوود، السيد روم ن فيروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وصل صاحب البلاغ في تموز/يوليه 1988 إلى نيوزيلندا بناء على تأشيرة دخول مؤقتة للزيارة للقاء ابنته البالغة جميلة وزوجها. وبقيت زوجته وأولاده الأربعة الآخرون في فيجي. وفي شباط/فبراير 1989 ر ُزقت جميلة بطفل أسمته روبرت، وفي آذار/مارس 1989 تقدم صاحب البلاغ بطلب للحصول على الإقامة في نيوزيلندا لنفسه وزوجته وأولاده الأربعة المتبقين في فيجي. وفي حزيران/يونيه 1989 رُفِض طلب الإقامة. وبعد سلسلة من التمديدات، انتهى مفعول الإذن المؤقت الممنوح لصاحب ال بلاغ نهائياً في 7 حزيران/يونيه 1991، وأصبح وجوده في نيوزيلندا منذ ذلك الحين غير قانوني. وفي أيار/مايو 1992 وقع الطلاق بين ابنته وزوجها. وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، أُبلِغ صاحب البلاغ بأمر الإبعاد بموجب قانون الهجرة، وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 1992، قدم صاحب البلاغ طعناً ضد قرار ترحيله، إلى سلطة استعراض قرارات الإبعاد ("السلطة"). وفي عام 1995 تزوجت ابنة صاحب البلاغ مرة ثانية ثم طُلِّقت ومن ثم تزوجت مرة أخرى.

2-2 وفي 31 أيار/مايو 1996، وبعد تبادل مختلف الوثائق مع ممثل صاحب البلاغ في الفترة الفاصلة، رفضت ا لسلطة الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ. وفي 14 نيسان/أبريل 1997، أحالت المحكمة العليا المسألة في إطار طعن آخر إلى السلطة لإعادة سماع القضية. وفي 6 أيار/مايو 1997 توفي زوج جميلة السابق. وفي 18 أيلول/سبتمبر 1997، رفضت السلطة مرة ثانية طعن صاحب البلاغ ضد قرار التر حيل. وفي 29 نيسان/أبريل 1998، رفضت المحكمة العليا طعن صاحب البلاغ في القرار الثاني الذي اتخذته السلطة. وفي 22 تموز/يوليه 1998، رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ الإذن لـه بتقديم طعن أمام محكمة الاستئناف. وفي أثناء هذه الإجراءات رفض وزير الهجرة عدة طعون ت دعوه للتدخل بصورة خاصة على أساس أن المسألة لم يُفصل فيها بعد.

2-3 وفي 27 تموز/يوليه 1998، التمس ممثل صاحب البلاغ توجيهاً خاصاً من وزير الهجرة كي يسمح لموكله بالبقاء بصورة استثنائية في نيوزيلندا. وفي 28 آب/أغسطس 1998 بعث صاحب البلاغ رسالة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وفي 9 أيلول/سبتمبر 1998. رفض وزير الهجرة طلب إصدار التوجيه الخاص بسبب بطلان ما ورد في الادعاءات. وفي 9 حزيران/يونيه 1999 ألقي القبض على صاحب البلاغ بهدف إبعاده. وفي 10 حزيران/يونيه 1999، حكمت المحكمة العليا بناء على طلب للإعفاء المؤقت وتأجي ل الإبعاد، وأصدرت تعليماتها بإطلاق سراح صاحب البلاغ بكفالة، في الوقت الذي يتم فيه إجراء مقابلات ذات صلة بالموضوع. وفي 16 حزيران/يونيه 1999، وبعد إجراء تقييم إنساني للموضوع قررت السلطات المضي قدماً في تنفيذ عملية الإبعاد. وفي 1 تموز/يوليه 1999، رفضت المحكمة العليا طلب الإعفاء المؤقت. وفي 2 تموز/يوليه 1999، تم إبعاد صاحب البلاغ إلى فيجي.

2-4 وفي 3 تموز/يوليه 2000، ألغى وزير الهجرة أمر إبعاد صاحب البلاغ، ممّا يسمح لـه بتقديم طلب بالطريقة المعتادة للحصول على تأشيرة دخول مؤقتة أو بغرض الإقامة دون الانتظار حتى ان قضاء فترة الخمس سنوات المعتادة في أعقاب الإبعاد.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن إبعاده إلى فيجي ينتهك حقوق المدّعى بأنهم ضحايا فيما يتعلق بحماية الأسرة، التي تنص عليها الفقرة 1 من المادة 23. ويدّعي أنه وابنته وابنها يشكلون "أسرة" لأغراض المادة 23. ويقول إنهم كانوا يعيشون معاً على مدى سنوات طويلة، وأن الأسرة الممتدة أمر هام ثقافياً بالنسبة إليه. ويقول إن حماية حقوق حفيده تتطلب بقاءه معه في نيوزيلندا، حيث إن قانون حقوق الإنسان الدولي يهدف إلى الحفاظ على وحدة الأسرة ومنح أولوية قصوى لحقوق الطفل. وهو يعتمد ف ي هذه الأقوال على قرار اتخذته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بقبول إحدى الشكاوى (2) ، بموجب المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية (3) وتقرير صادر عن لجنة حقوق الإنسان الأسترالية (4) .

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أنه لم يكن في نيته في أي وق ت من الأوقات مراوغة السلطات وأنه كان خلال الفترة التي أمضاها في نيوزيلندا يحاول استخدام سبل الانتصاف المتاحة لـه بموجب قانون الهجرة النيوزيلندي. ويقول إن ابنته جميلة تعاني من "عدد من أنواع الإعاقة الجسدية والعاطفية" وإنها ترتبط ارتباطاً عاطفياً وثيقاً بأبي ها. ويقول أيضاً إنه أصيب في السنوات الأخيرة بمرض في القلب تطلَّب في بعض الأحيان إدخاله إلى المستشفى.

3-3 ويدّعي صاحب البلاغ، فيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 24، أن حفيده الذي حصل على الجنسية النيوزيلندية بسبب ولادته في نيوزيلندا، يحق له أن يتمتع بنفس تدابير الحماية التي يتمتع بها الأطفال النيوزيلنديون الآخرون. وأن طرد صاحب البلاغ، الذي يقول إنه أحد أهم الذين يؤمِّنون الرعاية للطفل، على أساس عدم تمتُّعه بالجنسية النيوزيلندية إنما يشكل تمييزاً ضد الحفيد وينتهك حقوقه في المعاملة دون تمييز بسبب العرق، أو الأصل ا لقومي أو الاجتماعي أو المولد. وقدّم صاحب البلاغ في تأييد أقواله هذه تقريراً من طبيب أسرة يصفه على أنه يمارس قدراً كبيراً من الرعاية الأبوية إزاء حفيده بسبب وفاة والده الطبيعي، وأن إبعاده بالتالي ينبغي إعادة النظر فيه "على أساس إنساني واقتصادي" (5) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تفند الدولة الطرف فيما قدمته في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 كلاً من المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ.

4-2 وتجادل الدولة الطرف فيما يتعلق بالمقبولية بأن هناك سبل انتصاف محلية ما زالت متاحة لصاحب البلاغ، وأن البلاغ يحتج بحق لا يشمله العهد، وأن البلاغ لم تدعم أسبابه بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية.

4-3 أما بالنسبة لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية، فتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد منح الإذن بتقديم طلب للحصول على إذني الزائر والمقيم (من فيجي) وقدم طلباً لل حصول على الإذن الأول. وإذا ما أخفق في الحصول على الموافقة على طلب الإقامة، فإن حقوق الاستئناف والمراجعة تكون متاحة له.

4-4 ومن ناحية ثانية تدعي الدولة الطرف أن الادعاء الأساسي لصاحب البلاغ كان أنه "ينبغي أن يمنح الإقامة في نيوزلندا لأن أحد أولاده البالغين الخمسة وحفيده يقيمان في نيوزيلندا. وبعبارة أخرى، فإن غرض صاحب البلاغ هو العثور على نص في العهد، من قبيل الحق الفرعي المشتق لغير المواطنين في الإقامة الدائمة في بلد أجنبي يقيم فيه أفراد أسرهم أو يحملون جنسية ذلك البلد" وتقول الدولة الطرف إنه لا القرارات الس ابقة الصادرة عن اللجنة (6) ، ولا المنطق المماثل الذي تبنته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (7) ، يفسران الفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24 هذا التفسير الفضفاض. وبالتالي فإن الحق الذي استشهد به ليس لـه وجود في العهد، وينبغي رفض الادعاء باعتباره غير مق بول من حيث طبيعة الموضوع.

4-5 وأخيراً تشير الدولة الطرف إلى أن البلاغ "يؤكد بجرأة حق [صاحب البلاغ] في الحياة العائلية وحق حفيده في رعايته" لكنه لا يثبت وجود انتهاك لأي من الحقين. حيث "يدعي" حصول انتهاك للفقرة 1 من المادة 23، في حين أنه لا يقدم أي دليل على أن الدولة الطرف لم تحم حقوق الأسرة أو الأطفال، سواء بصورة عامة أو في حالة محددة. وبالتالي فإنه لم يثبت، في رأي الدولة الطرف، صحة ادعاءاته إثباتاً كافياً.

4-6 أما بالنسبة للأسس الموضوعية فإن الدولة الطرف ترفض حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 23 أو الفقرة 1 من المادة 24.

4-7 وتشير الدولة الطرف إلى أن الالتزام بموجب الفقرة 1 من المادة 23 يشكل "ضمانة مؤسسية" (8) ، حيث تعتبر الدولة ملزمة ضمن حدود صلاحية تقديرية واسعة بحماية الوحدة الأسرية بشكل إيجابي. وتسرد الدولة الطرف عدداً من مجالات قانونها التي تعترف بالأسرة وتح ميها بصورة مؤسسية. وتشير إلى أنه رغم عدم وجود تعريف واحد ل‍ "الأسرة" بموجب القانون النيوزيلندي، فإن أكبر قدر ممكن من الحماية يمنح للمجموعات الأسرية "النواة" أو "المباشرة" التي تضم بالغاً واحداً أو أكثر وأي أطفال معالين. وتشير الدولة الطرف إلى أن هذا النوع من المجموعات الأسرية، وليس المجموعة الحالية، هو موضوع بحث تقرير يونغ (9) .

4-8 أما في نطاق الهجرة، فتشير الدولة الطرف إلى أن قانونها وسياستها ينصان على اعتراف وحماية واسعي النطاق للمجموعات الأسرية: ` 1 ` حيث إن سياسة الإقامة تضم فئة "أسرية" خاصة بأفراد الأسر ا لأجنبية، ` 2 ` يجوز منح أفراد الأسرة الذين يعيشون في الخارج أُذوناً للزيارة، ` 3 ` تتسم سياسة الإقامة بوجود فئة "اعتبارات إنسانية" تنطبق على أفراد الأسرة، ` 4 ` ثمة صلة بين الاعتبارات العائلية وبين مسألة الأذون الاستثنائية، ` 5 ` يتم تقييم الاعتبارات العائلية ذات الصلة بالرعاية الاجتماعية في قضايا الطعن في أوامر الإبعاد قبل تنفيذ أي أمر بالإبعاد.

4-9 وتفيد الدولة الطرف بأنها تؤّمن درجات متفاوتة من الحماية لمختلف أشكال العلاقات العائلية حيث يمنح الأزواج أو البالغون الذين يعالون أطفالاً، على سبيل المثال، قدراً من الح ماية أكبر مما يوفر للعلاقات العائلية بين الأولاد البالغين وآبائهم، أو بين الأخوة والأخوات البالغين. وتعكس هذه الفوارق التقييمات الموضوعية لدرجة الاعتماد في مختلف العلاقات العائلية. وبالتالي فبما أن الوالدين المسنين، على سبيل المثال، يحتمل أن يكونوا أكثر من غيرهم اعتماداً في إعالتهم على أولادهم البالغين فمن الأسهل لأحد الأبوين أن ينضم إلى ولد بالغ في نيوزيلندا مما هو الأمر بالنسبة لأخ بالغ آخر للولد البالغ قيد البحث. وتتطابق أوجه التمييز في السياسات هذه مع الشروط الأعم المنصوص عليها في المادة 23، وتسوّغها ال معايير الموضوعية، وتتطابق مع صلاحية تقدير الدولة الطرف فيما يتعلق بالطريقة الأفضل لحماية الوحدة الأسرية وتعزيزها.

4-10 وتشير الدولة الطرف إلى أن طلب صاحب البلاغ لمنحه حق الإقامة والطعن لاحقاً ضد الإبعاد تم النظر فيها وفقاً لقانون الدولة وسياستها. وقد كانت الظروف العائلية، بما في ذلك مصلحة ابنته وحفيده، وكذلك مصلحة زوجته وأولاده الأربعة المقيمين في فيجي، موضع النظر والدراسة الشاملين المرة تلو الأخرى (10) .

4-11 وتقول الدولة الطرف إن الالتزام بتوفير الحماية المؤسسية لا يسفر عن التزام أساسي بحماية كافة "الأسر"، مهما كان تعريفها، وفي كافة الظروف. بل يتعين موازنة هذا الالتزام مع اعتبارات أخرى، بما في ذلك، في هذه الحالة، العلاقات العائلية الأخرى لصاحب البلاغ. وعليه فإن الوضع يشبه ذلك الذي تم النظر فيه في قضية ستيوارت ضد كندا ، حيث ارتأت اللجنة أنه:

[لا يمكن اعتبار ا لتدخل في العلاقات العائلية للسيد ستيوارت الذي سيؤدي بالضرورة إلى ترحيله أمراً غير شرعي أو تعسفي حيث صدر أمر الإبعاد وفقاً للقانون وتعزيزاً للمصلحة المشروعة للدولة ومع إيلاء الاعتبار الواجب في إجـراءات الإبعاد للعلاقات العائلية للشخص المبعد. وعليه فإنه لا ي وجد أي انتهاك للمادتين 17 و23 من العهد (11) .

4-12 وعليه فإن البلاغ يبيّن كيفية عدم وفاء قانون نيوزيلندا بالالتزام العام الوارد ذكره في الفقرة 1 من المادة 23 بحماية وتعزيز وحدة الأسرة في المجتمع النيوزيلندي.

4-13 وتلاحظ الدولة الطرف أن امتناع محامي صاحب البل اغ عن الإشارة بصورة صريحة إلى الفقرة 1، المادة 17 من العهد يكتنفه الغموض. ولكن إذا اعتبرت المادة 17 ذات صلة بالظروف قيد البحث، فإن الدولة الطرف ترى أن المادة 17 تحظر التدخل "غير القانوني" أو "التعسفي" في شؤون الأسرة، وبالتالي فإنه لا يوجد حظر مطلق على التد خل عموماً، بل يشترط أن يكون هذا التدخل وفقاً للقانون، معقولاً، ومتناسباً ومتطابقاً مع العهد (12) . وبالتالي فإن الدولة الطرف تشير فيما يتعلق بالهجرة إلى قرار اللجنة القائل بأنه لا يمكن أن يقع التزام أساسي على الدولة الطرف باحترام اختيار الأسرة لبلد معين لإقا متها (13) . وكذلك قرارات المحكمة الأوروبية التي ارتأت على الدوام أنه لا يوجد التزام عام باحترام اختيار الزوجين للبلد الذي يقيمان فيه بيت الزوجية (14) ، وأنه يحق للدول أن توازن بين مصالح الأسرة ومصالحها المشروعة في ضبط حدودها (15) .

4-14 وقد اعترفت محاكم الدولة ا لطرف التوازن هذا حيث أكدت على ضرورة إيلاء الاعتبار الواجب لمصالح الأسر والأطفال وفقاً لأحكام العهد (16) . وتنص سياسة الإقامة في الدولة الطرف التي قدم صاحب البلاغ طلبه بموجبها، على طائفة عريضة من الظروف التي تسفر فيها الروابط العائلية المتينة في نيوزيلندا عن الحق في الإقامة. بيد أن قانون الدولة الطرف وسياستها تعترفان بالضرورة التي ينص عليها القانون الدولي والمتمثلة في تطبيق بعض القيود على الدخول والإقامة. وتشير الدولة الطرف إلى أنه يحق لها لدى تحديد هذه السياسة التمييز بين العلاقات العائلية التي تعتبرها أكثر إ لحاحاً من غيرها استناداً إلى عوامل موضوعية.

4-15 وبالالتفات إلى القضية المحددة من حيث نص المادة 17، تلاحظ الدولة الطرف أولاً أن صاحب البلاغ يعد واحدة من مختلف الفئات الأسرية، بما في ذلك علاقته بابنته جميلة وحفيده. وتقول الدولة الطرف إن وحدته الأسرية الأولى الخاصة به تتألف بالفعل، علاوة على شخصه من زوجته وابنه وبناته الثلاث في فيجي. وفي حين أنه من الواضح أنه تربطه علاقة وثيقة بابنته، فلا بد من الاعتراف بأنها امرأة بالغة، تركت فيجي وبدأت حياة جديدة في نيوزلندا بعد أن تزوجت وأنجبت ولداً وتزوجت مرة أخرى الآن. و يعتبر زواجها ذا صلة وطيدة وفق أي دراسة لعلاقة صاحب البلاغ بها وبابنها. وكما أشير أعلاه فإن الدولة الطرف تفيد بأنها قد تعلق أهمية على العلاقة بين صاحب البلاغ وابنته وزوجها وابنها أدنى مما تعلقه على صلة صاحب البلاغ بزوجته وأولاده الأربعة الآخرين.

4-16 وثانيا ً، تقول الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت كيف تدخل تصرف الدولة في حياته العائلية. فعلى الرغم من أن أفراد أسرته متفرقون الآن بين فيجي ونيوزيلندا، فإن ذلك كان نتيجة لقرار ابنته بالمغادرة والإقامة في نيوزيلندا. وفي حين أنه أصبح أشد ارتباطاً بابنته وحفيده ف ي نيوزيلندا، فإنه ينبغي التذكير بأن غرضه في البدء كان زيارة ابنته زيارة قصيرة، وأن فترات طويلة من إقامته اللاحقة تمت الموافقة عليها لمنحة فرصة ممارسة حقوق الطعن. وكان كل أفراد أسرته المباشرة ما عدا واحداً منهم في كامل تلك الفترة في فيجي، ولا بد من اعتبار ع لاقته العائلية الأساسية هناك. أضف إلى ذلك أن الاتصال المنتظم مع أسرته في نيوزيلندا يظل أمراً ممكناً. إذ إنه بالإضافة إلى إمكانية منحه إذن زيارة للقدوم إلى نيوزيلندا، وإلى توافر خدمات البريد والهاتف، فإن بمقدورهم العودة إلى فيجي أو زيارته فيها. وفي حين أن ه ذا الاتصال قد يكون أكثر تقطعاً مما يرغب به صاحب البلاغ، فإنه لا يقع على عاتق الدولة الطرف إعادة تركيب العلاقات العائلية التي انقطعت بقرار ابنته بمغادرة فيجي.

4-17 وحتى إذا اعتبرت اللجنة أنه حصل تدخل في الحياة العائلية لصاحب البلاغ بمعنى المادة 17، فإن الدو لة الطرف تفيد أن هذا التدخل كان تدخلاً مبرراً وقانونياً ومعقولاً، وأنه ما من شك في أنه تم النظر فيه في قرارات رفض طلب إقامته وعمليات الطعن التي أعقبتها ضد أمر الإبعاد وفقاً للقوانين والسياسات المنطبقة، وتم في إطار هذه العمليات إيلاء اهتمام كبير للظروف العا ئلية/الإنسانية.

4-18 وكان قد تم النظر في طلب الإقامة الأول في إطار فئتي الأسرة والعوامل الإنسانية. وأكد الوزير رفض الطلب مرتين ودعاه من خلال مقابلة إلى طرح المزيد من الوقائع. وما أن انتهت الأذون المؤقتة حتى نظرت السلطة فيما إذا كانت هناك "ظروف استثنائية ذا ت طبيعة إنسانية" تبرر إلغاء أمر الإبعاد.

4-19 ووجدت السلطة، بالنسبة لحالة ابنته جميلة الصحية، أنه توجد مرافق في كل من نيوزيلندا وفيجي توفر لها المعالجة الجيدة، وأنها إذا عادت إلى فيجي فإنها ستحصل على المزيد من "الدعم الأسري". وفي حين أن بعض الكرب العاطفي قد يحدث عند الانفصال، فإنه ما من ضرر جسدي خطير ينجم عن ذلك. أما بالنسبة لتهديدها بالانتحار إذا تم إبعاد صاحب البلاغ، فقد تم قبول ذلك دليلاً على شدة تأثرها العاطفي وحاجتها للدعم، وقد شُجعت على التماس المشورة. وكان بمقدورها السفر مع زوجها إلى فيجي، لكن ذلك ف ي حد ذاته لا يعتبر مبرراً لبقاء صاحب البلاغ في نيوزيلندا.

4-20 ووجدت السلطة أنه فيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بالتأخر في البت في طلباته وطعونه، فقد كان السبب في هذا التأخير يعود بصورة رئيسية إلى ممارسة صاحب البلاغ كافة حقوق الاستئناف والطعن. وبالإضافة إلى ذلك، كان صاحب البلاغ قد تعرض، في إطار التهميش السياسي والاقتصادي للهنود في فيجي، لكسر نافذته قبل ثماني سنوات وتعرضت جميلة لحادث سرقة. وفي حين أن ذلك أمر مؤسف ويستحق التعاطف، فإن هذه الأحداث لا تثبت أنه كان معرضاً لخطر إلحاق الأذى به شخصياً، أو تعريضه للتمي يز أو التهميش في حالة إبعاده (17) . وأخيراً، وبعد القبول بأن الدعم العائلي يعتبر هاماً في تحديد مصالح الطفل الفضلى ونمائه، فإن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الأبوين. وهذه القضية ليست قضية طفل يجبر على الانفصال عن أبويه بصورة غير طوعية.

4-21 وقد طعن صاحب الب لاغ لدى تقديم الاستئناف إلى المحكمة العليا بهذه الاستنتاجات وكذلك عدم نظر السلطة في رسالة تتضمن تفاصيل عن حالته الطبية كانت قد وصلت قبل يومين من اتخاذ القرار. واعتبرت المحكمة أن السلطة قد فسرت الوقائع والقانون تفسيراً صحيحاً، وأنه في حين لم تستطع السلطة ال نظر في الرسالة المشار إليها، فقد سبق لها أن عالجت مسألة صحة صاحب البلاغ. وأشارت أيضاً إلى أن صاحب البلاغ لا يستطيع الادعاء بأن السلطة لم تنظر في الرسالة عندما كان أمامه الجزء الأكبر من العام لوضع المعلومات قيد البحث أمام السلطة. وبعد ذلك، وعند تقديم طلب لإ جراء مراجعة قضائية ضد دائرة الهجرة بشأن قرار إبعاده، ارتأت المحكمة العليا أن الدائرة قد نظرت بصورة دقيقة وصحيحة في مختلف المسائل الإنسانية الناشئة عن هذا الوضع.

4-22 وتشير الدولة الطرف إلى أن القرار بإبعاد صاحب البلاغ يتطابق تماماً مع أهداف العهد وأغراضه. وأن صانعي القرار على كل مستوى من المستويات، بما في ذلك دائرة الهجرة والسلطة والمحكمة العليا والوزير، نظروا بصورة مستقلة في الصكوك الدولية ذات الصلة، كما شددت المحاكم المحلية على وجوب اتخاذ هذا الإجـراء بالفعل (18) . وتقول الدولة الطرف إن اللجنة سلّمت بوجوب الموازنة بين مبادئ حقوق الإنسان وبين حقوق الدول، المعترف بها بموجب القانون الدولي، في استبعاد الأجانب، وقبولهم رهناً بشروط معينة، أو طردهم (19) . وبقدر ما كان صاحب البلاغ يرغب في الطعن بتطبيق قانون وسياسة الهجرة فإن الدولة الطرف تدعو اللجنة إلى اتباع قراراته ا السابقة بألاّ تقبل بإعادة النظر في القوانين المحلية ما لم تكن هناك أدلة على سوء النية أو سوء استعمال السلطة، وهما أمران لم يرد ذكرهما في القضية الحالية (20) .

4-23 أما بالنسبة للادعاء بموجب الفقرة 1 من المادة 24، فإن الدولة الطرف تفيد بأن هذا الحكم يفرض وا جباً شاملاً باتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحماية الخاصة للأطفال ضمن نطاق سلطتها القضائية، وضمن صلاحيات تقديرية واسعة النطاق فيما يتعلق بكيفية تنفيذ ذلك من جانب الدولة. وتشير الدولة الطرف إلى الحماية الواسعة النطاق المؤمنة للأطفال، سواء بشكل عام أو في إطار الهجرة، حيث تؤخذ مصالح الأطفال بعين الاعتبار في كافة مراحل الإجراءات.

4-24 أما بالنسبة للادعاء بأن الحفيد قد عانى من التمييز، فتلاحظ الدولة الطرف أنه يبدو أن هذا الادعاء هو الشكوى من أن الجد، وليس حفيده، قد عُومل معاملة مختلفة على أساس الأصل القومي أو ال اجتماعي. وفي أية حالة، فإن صدور أمر الإبعاد تم بسبب تطبيق معايير الهجرة الاعتيادية، المنطبقة على كافة الأشخاص الذين يجدون أنفسهم في هذا الوضع بغض النظر عن جنسيتهم.

4-25 وبالإضافة إلى ذلك، فإذا كان هذا التمييز قد مورس ضد الحفيد، فإن التمييز الذي تحظره الماد ة 24 كان ينبغي أن يشير إلى التفريق على أساس السمات التي ينفرد بها الطفل نفسه. وبوصف روبرت مواطناً نيوزيلندياً، فإنه يحق لـه التمتع بحماية القانون بغض النظر عن أصله القومي أو الاجتماعي. ولم يحدث أي تمييز ضده بالمقارنة مع أطفال آخرين لم يتم إبعاد أجدادهم، كو نهم ليسوا من المقيمين في نيوزيلندا. وتمّ العثور في تلك الحالات على عوامل استثنائية تتطلب عدم الإبعاد، لكن هذه العوامل لم يكن لها وجود في الحالة الراهنة. وتعتبر الظروف التي تم الاستشهاد بها في قضية يونغ بصورة خاصة من جانب صاحب البلاغ مختلفة اختلافاً كبيراً ( 21) . فالعلاقة بين طفل رضيع وأبويه مختلفة تماماً عن العلاقة بين طفل وجده. وعلى أية حال فالشواغل التي أثارتها اللجنة في تلك الحالة أُخذت بعين الاعتبار بالفعل في الإجراءات الراهنة. وأخيراً فإن أي تفريق قد تجده اللجنة يمكن أن يبرّر على أساس موضوعي ومعقول ومتنا سب - كما سبق القول، وقد عكس رفض إقامة صاحب البلاغ موازنة دقيقة بين مختلف ظروف الأسرة.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 رفض صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 7 كانون الأول/ديسمبر 2000 عدداً من حجج الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وأكد أنه كان قد استنفد عن د تقديم البلاغ، كافة سبل الانتصاف المحلية وأنه تم إبعاده بالفعل بعد ذلك بفترة قصيرة. أما بالنسبة للأحداث اللاحقة لذلك، ففي حين أن صاحب البلاغ منح إذناً بتقديم طلب للحصول على إذن للزيارة، فإن ذلك قد رفض عندئذ أيضاً. ولا يوجد أي طعن ضد رفض منح إذن الزيارة. أ ما بالنسبة لمقبولية الموضوع، فإن صاحب البلاغ يقول إن ادعاءاته تتعلق بصورة محددة بالمادتين 23 و24 من العهد. ويشير إلى أن هذه المزاعم قد تم إثباتها بصورة كافية.

5-2 أما بالنسبة للأسس الموضوعية فيقول صاحب البلاغ إنه بموجب الفقرة 1 من المادة 23، لم يكن التدخل قيد البحث معقولاً ولا متناسباًً، لأن قانون وسياسة الهجرة النيوزيلندية لا تنص على السماح بهجرة صاحب البلاغ إلى نيوزيلندا رغم أنه كان لـه ابنة وحفيد هناك. وبالتالي فإنها لا تعترف اعترافاً يستحق الذكر بعلاقة الأسرة الممتدة الشائعة في ثقافات مثل ثقافته، مما "ي ثير تساؤلاً مبدئياًً عما إذا كانت هذه السياسات تمييزية على أساس العرق أو الأصل الإثني". ويعتبر صاحب البلاغ أن "من السذاجة" اختزال وضعه بعلاقة بين أب وابنته وحفيده فحسب، لأن ذلك لا يأخذ بعين الاعتبار "عزلة" جميلة ووحدتها في نيوزيلندا، ولا حقوق المواطنين الن يوزيلنديين. ويقول صاحب البلاغ إن عودتها إلى فيجي "ليست أمراً واقعياً".

5-3 ويحتج صاحب البلاغ بأنه لدى إبعاده تم "قطع علاقات أسرية متينة وأن ذلك ترك آثاراً ضارة جداً على روبرت". وهو يرفق تقريرين من طبيبة أسرة مؤرخين 29 حزيران/يونيه 2001 و1 أيلول/سبتمبر 2000 ، بشأن مشاكل السلوكية الناجمة بحسب رأي الطبيبة عن قرارات دائرة الهجرة المتعلقة بصاحب البلاغ (22) .

5-4 أما بالنسبة للإجراءات القضائية في المحاكم المحلية، فيفيد صاحب البلاغ أنه قدم استئنافه على أساس وجود أو عدم وجود ظروف استثنائية ذات طبيعة إنسانية. ووفقاً لم ا يقوله صاحب البلاغ، فقد اعتبرت المحاكم دوماً أن العلاقات العائلية الطبيعية لا يمكن أن تعتبر ظروفاً استثنائية. ويقول إنه في حين أن مفهوم التوازن تم الاعتراف به قضائياً، فإنه لا يوجد مبدأ تناسب طردي بموجب القانون النيوزيلندي. وفي حين يقبل صاحب البلاغ أن إجر اءات الهجرة تشترط الآن مراعاة الاتفاقات الدولية، فإنه يرفض قرار السلطة في قضيته لأنه غير معقول. ويقول أيضاً إن المحاكم العالية لا تبحث في الأسس الموضوعية لأي استئناف على أساس إنساني، ولكنها تحصر عملها في التقييم القانوني وتعتبر سبل انتصاف "تكاد تكون وهمية" [حسب قوله].

5-5 ويقول صاحب البلاغ إنه بالنسبة للفقرة 1 من المادة 24 فإن وظيفته كمقدم رعاية رئيسي لم يكن لها كبير وزن في إطار الجوانب الأسرية/الإنسانية من سياسة الإقامة المطبقة في الدولة الطرف، وذلك لأن طلبه قوبل بالرفض. أما بالنسبة للتمييز الذي يدعيه، فهو يعتبر أن أساس المعاملة المختلفة التي لقيها يعود إلى أصله القومي أو الاجتماعي.

مستندات تكميلية قدمتها الأطراف

6-1 قدمت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 16 تموز/يوليه 2001، وثائق تكميلية. وتقول فيها إنه تم رفض طلب صاحب البلاغ منحه تأشيرة دخول للزيارة بسبب الاحتم ال الكبير لعدم تقيده بشروط تأشيرة الدخول. غير أنه لم يقدم طلباً بعد للحصول على تأشيرة دخول من أجل الإقامة رغم توجيه دعوة إليه بأن يفعل ذلك. وقد منحت زوجة صاحب البلاغ تأشيرة دخول مؤقتة مدتها ثمانية أسابيع للسماح لها بمساعدة ابنتها بعد خضوع الأخيرة للعلاج ال طبي.

6-2 أما بالنسبة لادعاء صاحب البلاغ الوارد في تعليقاته على رسائل الدولة الطرف بأن سياسة الهجرة التي تتبعها قد تكون تمييزية، فإن الدولة الطرف، تعتبر أن "من غير المناسب أبداً" التقدم بادعاء لا يتناوله البلاغ. ومع ذلك فإن عدم قدرة صاحب البلاغ على الحصول ع لى الإقامة يجسد تطبيق سياسة الإقامة على قضيته وليس في هذا السياسة أي أوجه قصور. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سياسة الهجرة تنص بالفعل على العلاقات الممتدة، ويعتبر هذا التمييز الحد الذي توجد عنده فوارق بين مختلف العلاقات الأسرية، مطابقاً للعهد.

6-3 وترفض الدولة ال طرف ادعاء صاحب البلاغ أن المحاكم العليا لا تنظر إلا في المسائل القانونية وبالتالي فإنها لا تشكل سوى سبل انتصاف "تكاد تكون وهمية". وتشير إلى أن قضية صاحب البلاغ تم النظر فيها مرة تلو الأخرى وفقاً لقوانين وسياسات تراعي الالتزامات الدولية وتمتثل لها. وفي حين أن المحاكم قد تمتنع بصورة عامة عن إعادة النظر في الاستنتاجات الوقائعية الواردة في مثل هذه القرارات، فإن عملية إعادة النظر هذه تولي أهمية خاصة للامتثال للقانون والسياسات، بما في ذلك الامتثال للالتزامات الدولية.

6-4 وتلاحظ الدولة الطرف أن قضية الصحة النفسية للحفيد والتقارير النفسانية لم يثرها في البدء صاحب البلاغ في تعليقاته على رسائل الدولة الطرف، ولم يلفت انتباه أية سلطة محلية إليها. ومن المتاح لصاحب البلاغ التماس الدخول إلى نيوزيلندا على أسس إنسانية تتعلق بالصحة النفسية لحفيده.

6-5 وتلاحظ الدولة الطرف أن ت أكيدات صاحب البلاغ أنه كان أهم من يرعى حفيده لم تقبل كقضية واقعية من جانب السلطات المحلية. والهدف من ملاحظات صاحب البلاغ على هذه المسألة وغيرها من المسائل المتصلة بالواقع هو العودة إلى هذه المسائل التي سبق للسلطات المحلية أن نظرت فيها.

6-6 وأخيراً وفيما يخ ص ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا يوجد شرط قانوني يتطلب مراعاة أهمية الأسرة أو العهد، تلاحظ الدولة الطرف أن ذلك يشكل إغفالاً للمتطلبات الملزمة قانونياً، التي أرستها سياسة الهجرة إضافة إلى السوابق القضائية، كي يقوم كل من الرسميين والمحاكم وهيئات التحكيم بمراعاة ا لظروف العائلية والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان.

6-7 وقال صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة 15 آب/أغسطس 2001 إنه ليس لديه المزيد من التعليقات. وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2001 أحال رسالة من الطبيب توصي بمنح تأشيرة دخول مؤقتة لأي فرد من الأسرة يستطيع القي ام بزيارة قصيرة لنيوزيلندا بغية المساعدة في رعاية روبرت (23) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان ال بلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وفيما يتعلق بمقبولية الادعاءات التي قدمها صاحب البلاغ نيابة عن ابنته البالغة وعن حفيده، تشير اللجنة إلى قراراتها التي نصت دوماً على أنه ينبغي أن يظهر أي فرد أساساً مقنعاً لتقديم بلاغ نيابة عن شخص آخر في غياب أي تفويض بهذا الخصوص (24) . وتشير اللجنة إلا أن صاحب البلاغ لم يقدم أي تفويض من ابنته البالغة، ولم يثبت خلاف ذلك مما يجعل من المناسب التصرف نيابة عنها. وبالتالي فإن صاحب البلاغ ليس في موقع يخوله، من حيث معنى المادة 1 من البروتوكول الاختياري، تقديم طلب بموجب الفقرة 1 من المادة 23 نيابة عن ابنته البالغة جميلة. أما بالنسبة للادعاء المقدم نيابة عن حفيده روبيرت، بموجب الفقرة 1 من المادة 24، فإن اللجنة تعتبر أنه في غياب أية ظروف خاصة لم يتم إثباتها أو إظهارها في القضية الحالية، فإنه من غير المناسب أن يقدم صاحب البلاغ ادعاء نيابة عن حفيده دون الإعراب عن الموافقة على هذا التصرف من جانب الوالد المخول لحضانة الطفل (25) . وبالتالي فإن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ ليس مخولاً بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري لينوب عن ابنته وعن حفيده، وأن هذه الادعاءات غير مقبولة.

7-3 أما بالنسبة لادعاء صاحب البلاغ نفسه، فتشير اللجنة إلى أن حجج الدولة الطرف فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية تدعي أنه قد أصبح متاحاً لصاحب البلاغ، بعد إبعاده، أن يطلب منحه تصريح إقامة يمكّنه من العودة إلى نيوزيلندا، وأنه لم يفعل ذلك بعد. وتلاحظ اللجنة أن هذه الفرصة لم تصبح متاحة نتيجة للقرار (التقديري كلياً) الذي اتخذه الوزير بإلغاء أمر الإبعاد، وذلك بعد إبعاد صاحب البلاغ بالفعل، وأن طلب صاحب البلاغ الحصول على تصريح زيارة الذي أصبح ممكناً بعد قرار الوزير قد قوبل بالرفض. وفي هذه الظروف، لا ترى اللجنة أن سبيل الانتصاف الذي تـذرعت بـه الدولة الطرف بوصفها سبيلاً فعالاً يمكن اللجوء إليه إنما يستبعد اللجنة من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-4 أما بالنسبة لحجة الدولة الطرف بأن البلاغ لم تثبت صحته بما فيه ا لكفاية و/أو أنه يقع خارج نطاق العهد، فإن اللجنة تشير إلى قراراتها السابقة (26) ومفادها أن مسائل إبعاد الأشخاص إلى ولاية قضائية أخرى في سياق الهجرة قد تنشأ بموجب المواد التي يتذرع بها صاحب البلاغ. وبالتالي فإن اللجنة تجد أن ثمة معلومات كافية أمامها تثير مطال بة قابلة للمناقشة فيما يتعلق بصاحب البلاغ من حيث أحكام الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

7-5 وبالنظر إلى عدم وجود أية عقبات أخرى أمام المقبولية، فإن اللجنة تجد بالتالي أن البلاغ مقبول فيما يتعلق بادعاء انتهاك حق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 23 من الع هد.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسب ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وفيما يتعلق بالمطالب المقبولة بموجب الفقرة 1 من المادة 23 تشي ر اللجنة إلى قرارها السابق المتعلق بيوناتا ضد أستراليا (27) القائل إنه يتعين في ظروف استثنائية أن تقوم الدولة الطرف بإظهار عوامل تبرر إبعاد الأشخاص المتواجدين في حدود ولايتها القضائية على أن تتجاوز هذه العوامل مجرد تطبيق قانون الهجرة فيها بغية تفادي وصفها ب التعسفية. وفي قضية يوناتا كان الظرف الاستثنائي يتمثل في نية الدولة الطرف إبعاد والدي قاصر، ولد في أراضي الدولة الطرف، ومن ثم أصبح مواطناً بالتجنس بعد انقضاء فترة إقامة 10 سنوات في ذلك البلد. بيد أن إبعاد صاحب البلاغ في القضية الحالية يعني ترك الحفيد مع أمه وزوجها في نيوزيلندا. ونتيجة ذلك وبسبب انعدام وجود عوامل استثنائية، كتلك التي ورد ذكرها في قضية يوناتا، ترى اللجنة أن إبعاد صاحب البلاغ من جانب الدولة الطرف لا يتعارض مع حقه بموجب الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

9- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، تطبيق اً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الحقائق المعروضة عليها لا تكشف عن مخالفة أي مادة من مواد العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصد ر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لم يقدم صاحب البلاغ الذي كان يتصرف بالأصالة عن نفسه أي تفويض أو أي تبرير آخر لتقديم البلاغ نيابة عن الشخصين الأخيرين: انظر أيضاً الفقرة 7-3.

(2) قضية أوبال ضد المملكة المتحدة3EHRR 391 (1979) التي اعتُبرت مقبولة، وتم حل المسألة ودّياً فيما بعد.

(3) تنص المادة 8 من الاتفاقية على ما يلي: "لكل فرد الحق في احترام حياته الخاصة والعائلية، وبيته ومراسلاته".

(4) تقرير لجنة حقوق الإنسان رقم 10: "حقوق الأطفال المولودين في أستراليا: تقرير عن الشكوى المقدمة من السيد والسيدة ر. ج. أويونغ" (كانون الثاني/يناير 1985)، حيث ارتأت اللجنة أن ترحيل الأبوين اللذين كانا موجودين في أستراليا بصورة غير مشروعة وولد لهما طفل قبل عام واحد، وفي ظل ظروف لم يكن أمام الطفل، وهو مواطن أسترالي بسبب ولادته هناك، سو ى خيار المغادرة مع أبويه، يعد "منافياً ومتناقضاً مع حقوق الإنسان".

(5) تقرير مؤرخ 13 كانون الثاني/يناير 1999، صادر عن جولي باترسون، كبيرة أطباء أسرة.

(6) قضية ستيوارت ضد كندا (القضية رقم 537/1993 اعتمـدت الآراء بشأنها في ا تشرين الثاني/نوفمبر 1996).

(7) في قضية عبد العزيز ضد المملكة المتحدة (1995) EHRR 471، حيث قررت المحكمة في الفقرة 68: "أن الواجب الذي تفرضه المادة 8 [من العهد] لا يمكن اعتباره يشمل التزاماً عاماً من جانب الدولة المتعاقدة باحترام اختيار الزوجين للبلد الذي يقيمان فيه وقبول الزوجات من غير المواطنات للاستقرار في ذلك البلد".

(8)Nowak, M.: CCPR Commentary (Engel, 1993), at 290 and 402.

(9) انظر الحاشية 4 أعلاه.

(10) تشير الدولة الطرف إلى أنه فيما بين تموز/يوليه 1989 وتموز/يوليه 1999، استفاد صاحب البلاغ أو أعطي أكثر من 20 فرصة لتقديم طلبات أخرى بشأن هذه الأمور وطلب مراجعة للقرارات القاضية برفض إقامته وإبعاده. وتم النظر في طلباته بمنحه الإقامة و/أو الاستئناف ضد الإبعاد ثلاث مرات من جانب دائرة الهجرة، ومرتين من جانب سلطة مراجعة أوامر الإبعاد، ومرة من جانب أمين المظالم، وست مرات من جانب الوزير وأربع مرات من جانب المحكمة العليا.

(11) المرجع السابق، في الفقرة 12-10.

(12) التعليق العام 16 على المادة 17.

(13) ( Aumeeruddy-Cziffra v. Mauritius (Case No. 35/1978, Views adopted on 9 April 1981 .

(14) عبد العزيز ، المرجع السابق. 497-498 ، Gul v. Switz erland (1986) 22 EHRR 93, at 114 and Jaramillo v. United Kingdom (Appln. 24865/94) .

(15) Bouchelkia v. France (1997) 25 EHRR 686, at 707.

(16) انظر على سبيل المثال، Puli'uvea v. Removal Review Authority (1996) 2 HRNZ 510 (Court of Appeal).

(17) تشير ال دولة الطرف إلى أن هذا التقييم تم قبل الانشقاقات الداخلية الأخيرة التي حصلت في فيجي، والتي يمكن التذرع بوقائعها من جانب صاحب البلاغ في تقديم طلب جديد للحصول على الإذن.

(18) انظر، Puli'uvea op.cit, Tavita v Minister of Immigration [1994] 2 NZIR 257 (Court of Appeal), Schier v Removal Review Authority [1999] 1 NZLR 703 (Court of Appeal).

(19) تشير الدولة الطرف إلى التعليق العام رقم 15 "وضع الأجانب بموجب العهد".

(20) De Groot v The Netherlands (Case No. 578/1994, Decision adopted on 14 July 1995), Maroufidou v. Sweden (Case No. 58/1979, Views adopted on 9 April 1981).

(21) انظر الحاشية 4 أعلاه.

(22)Reports by Julie Patterson, Senior Family Therapist, Capital Coast Health..

(23) رسالة مؤرخة 19 كانون الأول/ديسمبر 2001 صادرة عن جولي باترسون، كبيرة أطباء أسرة "مصحة كابتل كوست".

(24) انظر على سبيل المثال، ف (نيابة عن ج.) ضد أستراليا (القضية 832/1998، القرار المعتمد في 25 تموز/ يوليه 2001).

(25) انظر على النقيض من ذلك النهج الذي اتخذ إزاء الظـروف الخاصـة في قضيـة لوريانو ضد بيرو رقم 540/1993، والآراء التي تم ا عتمادها في 25 آذار/مارس 1996، حيث وجد أن الدولة الطرف قد انتهكت، بين أمور أخرى، المواد 6 و7 و9 من العهد.

(26) يوناتا ضد أستراليا القضية رقم 930/2000، والآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2001.

(27) المرجع نفسه.

صاد - البلاغ رقم 900/1999، س. ضد أستراليا *

(ا لآراء التي اعتمدت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002، الدورة السادسة والسبعون)

المقدم من : السيد س. [حُجب الاسم ]

(يمثله المحامي السيد نيكولاس بويندر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1 999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 900/1999 الذي قدم، بالنيابة عن السيد س.، إلى اللجنة ا لمعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سسيليا مدينا كيروغا ، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا ، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينن، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين. وعملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد إيفان شيرير في بحث هذه الحالة.

ترد كتذييل لهذه الوثيقة نصوص آراء فردية وقع عليها أعضاء اللجنة التالي ة أسماؤهم: السيد نايجل رودلي؛ والسيد ديفيد كريتسمر؛ والسيد نيسوكي أندو والسيد إيكارت كلاين والسيد ماكسويل يالدين.

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 كبلاغ أولي هو السيد س. ( 1) الذي يحمل الجنسية الإيرانية والمولود في 15 كانون الثاني/يناير 1960 ويقبع حالياً في سجن بورت فيليب في ملبورن. وهو يدعي بأنه ضحية انتهاك أستراليا للمادتين 7 و9 (2) بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 2 من العهد. ويمثله محام.

1-2 وعقب تقديم البلاغ إلى اللجنة ال معنية بحقوق الإنسان في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أحيل إلى الدولة الطرف في 2 كانون الأول/ديسمبر 1999 طلب لاتخاذ تدابير مؤقتة عملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، حيث طُلب منها تعليق قرار إبعاد صاحب البلاغ ما دامت القضية معروضة على اللجنة.

الوقائع كم ا عرضت على اللجنة

2-1 إن صاحب البلاغ الذي لـه علاقات أسرية وثيقة في أستراليا (3) وليس في إيران قد مكث في أستراليا بصورة شرعية من 2 شباط/فبراير 1990 إلى 8 آب/أغسطس 1990 وغادرها بعدئذ. وفي 22 تموز/يوليه 1992، عاد إلى أستراليا بتأشيرة زيارة لكن بدون تذكرة العو دة جواً، فاحتجز على أساس أنه "غير مواطن" لا يحمل رخصة دخول في مركز لاحتجاز المهاجرين بموجب المادة 89 (سابقا) من قانون الهجرة لعام 1958 ريثما يرحَّل ("الاحتجاز الأول").

(أ) الطلب الأول للحصول على مركز اللاجئ والإجراءات اللاحقة

2-2 في 23 تموز/يوليه 1992، قد م صاحب البلاغ طلباً للحصول على مركز اللاجئ على أساس أنه يخشى لأسباب وجيهة الاضطهاد في إيران بصفته مسيحياً آشورياً. وفي 8 أيلول/سبتمبر 1992، رفض مندوب لوزير شؤون الهجرة والثقافات المتعددة الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ. وفي 26 أيار/مايو 1993، أيدت اللجنة المعن ية بإعادة النظر في طلبات الحصول على مركز اللاجئ قرار الرفض، فقدم صاحب البلاغ طعناً على هذا الرفض إلى المحكمة الاتحادية (4) .

(ب) الطلب المقدم إلى الوزير من أجل الإفراج المؤقت والإجراءات اللاحقة

2-3 في غضون ذلك، قدم صاحب البلاغ إلى وزير الهجرة في حزيران/يوني ه 1993 طلباً يلتمس فيه الإفراج المؤقت عنه ريثما تصدر المحكمة الاتحادية حكماً بشأن طلب اللجوء. وفي 23 آب/أغسطس 1993، رفض مندوب الوزير الطلب ملاحظاًَ أن المادة 89 من قانون الهجرة لا تخول إطلاق سراح شخص محتجز ما لم يرحّل من أستراليا أو يمنح تأشيرة دخول. وفي 1 0 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، رفضت المحكمة الاتحادية طلب صاحب البلاغ إعادة النظر قضائياً في قرار الوزير مؤكدة أن المادة 89 من قانون الهجرة لا تنص صراحةً أو ضمناً على أي سلطة إضافية/تقديرية تسمح بالإفراج عن شخص احتجز بموجبها. وفي 15 حزيران/يونيه 1994، رفضت ال محكمة الاتحادية بكامل هيئتها استئنافاً آخر قدمه صاحب البلاغ. ومن بين ما رفضته حجة مفادها أن الفقرة 1 من المادة 9 من العهد تجيز تفسير المادة 89 من قانون الهجرة تفسيراً لا يسمح إلا بفترة احتجاز دنيا، ويدل ضمناً على ضرورة توفر السلطة، عند الاقتضاء، للإفراج عن المحتجز ريثما يُبَت في طلب الحصول على مركز اللاجئ.

(ج) الإفراج لدواعي الصحة العقلية والطلب الثاني للحصول على مركز اللاجئ

2-4 في 18 آب/أغسطس 1993، خضع صاحب البلاغ لفحص نفساني (5) . وقد جاء الفحص عقب ظهور "بعض بواعث القلق على حالته النفسية والصحية نتيجة طول فترة الاحتجاز". فصاحب البلاغ، الذي حاول الانتحار بالصعق الكهربائي، قد كرر عزمه على الانتحار وتبين أنه يعاني "أقصى درجات الاكتئاب" وقد وُصفت لـه مسكنات في آب/أغسطس 1992 وبين آذار/مارس وحزيران/يونيه 1993. واعتبرت العالمة النفسانية، التي لاحظت أنه مصاب بحالة "ارتجاف حاد"، بأن هذا "ليس غير متوقع". وقد لاحظت "العديد من الإشارات التي أظهرها الفحص بأن السجن لمدة اثني عشر شهراً قد أنهكه"، فوجدت أن "لديه نزعة حادة إلى الانتحار" وأنه "يشكل خطراً بالغاً على نفسه". فلم يكن يقبل زيارة أفراد أسرته لأنه قد تكوَّن لديه "ش عور بالاضطهاد في المركز وهو يعتقد بأنهم يتحدثون بصوت مرتفع لإيذائه". واعتبرت أنه "لو أطلق سراحه لأصبح قادراً على استعادة صحته العقلية".

2-5 وفي 15 شباط/فبراير 1994، فُحصت حالة صاحب البلاغ النفسية المتدهورة مرة أخرى (6) . وأوصى الخبير بإجراء "المزيد من الفحص والعلاج النفسانيين على سبيل الاستعجال"، ورجَّح ألا يكون لهذا الفحص والعلاج جدوى مع استمرار الاحتجاز. فصاحب البلاغ "يحتاج عاجلاً إلى فترة يستريح فيها من ظروف [الاحتجاز] هذه"، كما "ينبغي استكشاف" سبل تقييم الترتيبات الخارجية المناسبة "على وجه الاستعجال" تلاف ياً "لخطر إيذاء النفس أو الاضطرابات السلوكية إذا لم تتخذ تدابير عاجلة". وفي 18 حزيران/يونيه 1994، فحص الخبير نفسه حالة صاحب البلاغ بناء على طلب موظفي مركز الاحتجاز (7) ، فلاحظ تدهوراً كبيراً يتمثل في تنامي شعوره بأنه مراقب ومضطهد، كما لاحظ وجود "معتقدات توهم ية واضحة" لديه. وكما في الحالة السابقة، فقد لوحظ أنه كان يعاني من اكتئاب شديد، واعتبر الخبير أن حالة صاحب البلاغ قد تدهورت إلى "اضطراب توهمي جلي مقترن بأعراض الاكتئاب". وطالب صراحة باستخدام إلى أدوية مضادة للذهان وربما أدوية مضادة للاكتئاب بعد ذلك. ولما كا نت حالته "تعزى في معظمها إلى القلق المتواصل الناجم عن البقاء قيد الاحتجاز"، فقد أوصى الخبير بالإفراج عنه ومعالجته خارجياً. غير أنه حذر من "أنه لا توجد ضمانات على أن أعراضه المرضية ستنتهي بسرعة حتى لو أفرج عنه، وأنه يحتاج إلى رعاية طبيب نفساني خبير فور إطلا ق سراحه لكي يراقب عملية الاستشفاء".

2-6 وفي 10 آب/أغسطس 1994، وعملاً بالمادة 11 من قانون الهجرة، أفرج عن صاحب البلاغ ووضع في كنف أسرته على أساس احتياجاته الصحية (العقلية) الخاصة. وخلال هذه المرحلة، كان صاحب البلاغ يعاني من التوهم ويتلقى علاجاً نفسانياً. وف ي 29 آب/أغسطس 1994، قدم صاحب البلاغ مرة أخرى طلباً للحصول على مركز اللاجئ الذي منح له في 8 شباط/فبراير 1995 بسبب ما قاساه في إيران بصفته مسيحياً آشورياً، فضلاً عن الحالة المتدهورة التي تعاني منها تلك الأقلية الدينية في إيران. وقد أوليت أهمية أيضاً للتدهور الواضح في حالته النفسانية خلال الفترة المطولة التي قضاها في مركز الاحتجاز ولتشخيص الاضطراب التوهمي وحالة الذهان الزوراني والاكتئاب مما يتطلب علاجاً صيدلانياً ونفسانياً"، وقد يزيد ذلك من حدة رد الفعل العكسي من جانب السلطات الإيرانية وردود فعل صاحب البلاغ ال متطرفة. وفي 16 آذار/مارس 1995، مُنح صاحب البلاغ تأشيرة الحماية المقابلة اعترافاً بمركزه كلاجئ.

(د) الحوادث الإجرامية والإجراءات الجنائية اللاحقة

2-7 في 20 أيار/مايو 1995، اقتحم صاحب البلاغ، الذي كان يعاني من أوهام ناجمة عن اضطراب عقلي وهو مسلَّح بسكاكين ، بيت صديقته السيدة أ.، التي تربطه بها صلة المصاهرة، واختبأ في خزانة للأواني. وفي 17 آب/أغسطس 1995، أقر بالتهم الموجهة إليه بأنه تواجد في مبنى بصورة غير مشروعة وخرب ممتلكات عمداً، وصدر بحقه حكم بالخدمة المجتمعية دون احتجازه على أن يتلقى علاجاً نفسانياً. وف ي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، عاد صاحب البلاغ إلى بيت السيدة أ. فخرب ممتلكات وهددها بالقتل فقُبض عليه. وفي 18 كانون الثاني/يناير 1996، هدد صاحب البلاغ السيدة أ. مرات عدة بواسطة الهاتف فقُبض عليه ثانية وتم احتجازه. ونتيجة للحدثين الأخيرين، أدانت محكمة مقاطع ة فيكتوريا صاحب البلاغ في 10 أيار/مايو 1996 بالسطو المقترن بظروف مشددة والتهديد بالقتل وحكم عليه بفترات متراكمة من السجن لمدة 3 سنوات ونصف (منها 18 شهراً قبل أن يصبح مؤهلاً للإفراج المشروط). ولم يستأنف صاحب البلاغ الحكم.

(ه‍) الأمر بالترحيل وما أعقبه من إ جراءات إعادة النظر الموضوعية

2-8 استجوب مندوب للوزير صاحب البلاغ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996 بصدد احتمال ترحيله بصفته غير مواطن مكث في أستراليا أقل من 10 سنوات وارتكب جريمة وحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن سنة. وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 1996، أجري لصاحب ا لبلاغ فحص طبي نفساني بناء على طلب مندوب الوزير (8) . وكشف الفحص، الذي بيَّن أن صاحب البلاغ لم يكن يعاني من مرض في السابق وأن الاعتقاد بالاضطهاد الناشئ عن مرضه قد ظهر أثناء الاحتجاز بأنه "لا يكاد يكون هناك شك بوجود علاقة سببية مباشرة بين الجريمة التي من أجلها يجري احتجازه والشعور بالاضطهاد الذي يعانيه بسبب إصابته بمرض [الذهان الفصامي] الذي يعاني منه". كما كشف، عن أنه نتيجة للعلاج، قلَّ خطر إقدامه في المستقبل على أعمال سببها المرض الذي يعاني منه، ولكن تظل هناك حاجة للإشراف الطبي النفساني عليه بكـل عناية. وفي 24 كانون الثاني/يناير 1997، أجري لصاحب البلاغ فحص طبي نفساني آخر خلص إلى نتائج مشابهة (9) . وفي 8 نيسان/أبريل 1997، أمر الوزير بترحيل صاحب البلاغ على هذا الأساس.

2-9 وفي 24 نيسان/أبريل 1997، استأنف صاحب البلاغ قرار الترحيل لدى محكمة الطعون الإدارية. وفي 28 تمو ز/يوليه 1997 (10) و1 آب/أغسطس 1997 (11) ، أجري لصاحب البلاغ فحصان طبيان نفسانيان. وفي 26 أيلول/سبتمبر 1997، رفضت محكمة الطعون الإدارية استئناف صاحب البلاغ وإن كانت قد قبلت فيما يبدو بأن سبب المرض العقلي لصاحب البلاغ يعود إلى احتجازه المطول في مركز احتجاز المه اجرين (12) . وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، قام الطبيب النفساني الذي كان يعالج صاحب البلاغ أثناء الفترة التي حكم فيها عليه جنائياً، بالتوسط من تلقاء نفسه، لدى الوزير باسم صاحب البلاغ (13) . وفي 29 تموز/يوليه 1998، ربح صاحب البلاغ دعوى الاستئناف لدى المحكمة ا لاتحادية الأسترالية على أساس أن الاضطراب العقلي الذي يعاني منه وظروفه الشخصية لم تؤخذ في الحسبان بصورة كافية عند تقييم ما إذا كانت جريمة التهديد بالقتل التي ارتكبها هي "جريمة خطيرة بوجه خاص"، وأنها قد تبرر ترحيله القسري بموجب المادة 33 من اتفاقية عام 1951 المتعلقة بمركز اللاجئين ("الاتفاقية"). ثم أحيلت القضية بناء على ذلك إلى محكمة الطعون الإدارية. وفي آذار/مارس 1998، بدأ علاج صاحب البلاغ يُعالَج بدواء خاص (كلورازيل) مما أسهم في تحسن حالته تحسناً ملحوظاً.

2-10 وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 1998، أكدت محكمة الطع ون الإدارية مجدّداً، وقد شُكِّلت بصورة مختلفة، قرار الترحيل بعد إعادة النظر في المسألة. وخلصت إلى أنه، بينما قد يعاني صاحب البلاغ من سلوك توهمي في إيران مما قد يؤدي إلى فقدانه حريته، نظراً لانتمائه العرقي والديني، فإن ذلك لن يكون "بسبب" عرقه أو دينه. وعليه ، فهو لا يدخل في نطاق أحكام الاتفاقية. وقررت أيضاً بأن صاحب البلاغ، عندما يكون تحت السيطرة بفعل تناول الأدوية الملائمة (14) ، فإنه يعتقد بأنه ليس مريضا،ً وأعلنت بأن هناك فرصة حقيقية لأن يتوقف عن التداوي. وفي حين أنها قررت بأنها "تشكّ" في تمكن صاحب البلاغ من الحصول على دواء الكلورازيل في إيران، فإنها لم تصدر أي حكم على مستوى الرعاية الصحية الإيرانية. غير أنها رأت أن صاحب البلاغ معرض لخطر كبير إذا هو لم يلتمس العلاج الملائم عموماً ودواء الكلورازيل خصوصاً، لأنه بدون هذا الدواء تعود إليه التوهمات الذهانية. ورأت أ نه ليست هناك قرائن تدل على وجود علاج بديل في إيران إذا تخلف صاحب البلاغ عن تناول الدواء، وأن احتمال عودة المرض أقوى في إيران منها في أستراليا. ولم تقرر شيئاً فيما يتصل بأصل المرض العقلي لصاحب البلاغ.

2-11 وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، استأنف صاحب البلاغ مرة أخرى قرار محكمة الطعون الإدارية لدى المحكمة الاتحادية. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 1998، أفرج عن صاحب البلاغ بشروط صارمة (15) ، لكنه بقي في مركز احتجاز المهاجرين أثناء فترة استئناف قرار محكمة الطعـون الإدارية. وفي 15 كانون الثاني/يناير 1999، قبلت المحكمة ا لاتحادية مرة أخرى، في جلسة عاجلة، استئناف صاحب البلاغ ضد قرار محكمة الطعون الإدارية. وقررت أن محكمة الطعون الإدارية قد فسرت الحماية التي توفرها المادة 33 من الاتفاقية تفسيراً في غير محله (16) ، بالإضافة إلى أنها لم تنظر مرة أخرى، كما ينبغي، في الظروف المخففة المتمثلة في حالة صاحب البلاغ العقلية وقت ارتكاب الجرائم. وأحالت المحكمة القضية إلى محكمة الطعون الإدارية للقضاء فيها على وجه الاستعجال، ومن ثم رفضت طلب صاحب البلاغ الذي يلتمس فيه الإفراج المؤقت. وفي 5 شباط/فبراير 1999، استأنف الوزير قرار المحكمة الاتحادية لدى المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها ("المحكمة بكامل هيئتها"). وفي 20 تموز/يوليه 1999، أجازت هذه المحكمة الاستئناف الذي قدمه الوزير ضد الحكم الصادر في 15 شباط/فبراير 1999، وقررت أن استنتاجات محكمة الطعون الإدارية في "قضية صعبة للغاية"، وإن كانت "قابلة للنقا ش"، قد عرضت عليها معززة بالأدلة وموازِنة بين العوامل المتعارضة (17) . ولاحظت المحكمة أنه "إذا كان بالإمكان التحكم في مرض [ه] بواسطة الدواء المتاح في أستراليا [كلورازيل]، فإن هذا الدواء يحتمل ألا يكون متوفراً في إيران". وبالتالي، فإن أثر القرار هو وقف الأمر ب الترحيل. وفي 5 آب/أغسطس 1999، قدم صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا طلباً بالحصول على إذن خاص باستئناف قرار المحكمة بكامل هيئتها. وفي 11 شباط/فبراير 2000، رُفض طلب الحصول على إذن خاص.

(و) الطلبات المقدمة إلى الوزير و ال إجراءات اللاحقة

2-12 في 19 كانون الثاني/ يناير 1999، عقب الحكم الثاني الذي أصدرته المحكمة الاتحادية لصالح صاحب البلاغ وضد محكمة الطعون الإدارية، ولاحقاً في شباط/فبراير وآذار/مارس، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى الوزير يلتمس فيه إلغاء الأمر بالترحيل والإفراج عنه من مركز احتجاز المهاجرين ؛ وكان الطلب معز ّزاً بمجموعة كبيرة من الآراء الطبية.

2-13 وفي 11 و18 آذار/مارس 1999، قرر الوزير ب أنه لن يأمر بالإفراج عن صاحب البلاغ وأن هذا الأخير سيظل قيد الاحتجاز. وفي 29 آذار/مارس، كتب صاحب البلاغ إلى المحكمة الاتحادية يطلب إليها إجراء مراجعة قضائية لقرار الوزير. وفي 8 نيسان/أبريل 1999، التمس صاحب البلاغ إفراجاً مؤقتاً ريثما تصدر المحكمة الاتحادية قراراً بشأن الطلب الرئيسي الم قدم في 29 آذار/مارس. وفي 20 نيسان/أبريل 1999، رفضت المحكمة الاتحادية الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ والذي يلتمس فيه مراجعة قرار الوزير بعدم الإفراج عنه. ورأت المحكمة أنه، إذا كانت هناك تساؤلات مهمة لا تزال تطرح عما إذا كان الوزير قد نظر في المسألة من زاوية لا تتصل بالموضوع لدى اتخاذه القرار، فإن توازن المصالح ي رجح رفض الأمر نظراً لأن تقديم استئناف إلى المحكمة بكامل هيئتها بشأن قرار محكمة الطعون الإدار ية كان قد أصبح وشيكاً . وفي 19 أيار/مايو 1999، قدم الوزير الأسباب التي استند إليها لرفض طلب صاحب البلاغ بالإفراج. وقدَّر، معتمداً جزئياً على قرارات محكمة الطعون الإدارية التي أ ُ بطلت لدى الاستئناف، إن إمكانية عودة صاحب البلاغ إلى اقتراف الجرائم كبيرة جداً، و خلص إلى أن صاحب البلاغ يشكل خطراً مستمراً على المجتمع وعلى ضحيته. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 1999، رد الوزير على الطلبات المؤرخة 6 و22 أيلول/سبتمبر 1999 و15 تشرين الأول/أكتوبر 1999 التي ي لتمس فيها إبطال الأمر بالترحيل و/أو الإفراج المؤقت ريثما يبت نهائياً ف ي قضيته. ورفض طلب الإفراج المؤقت، وقال إنه لا يزال يقيّم طلب إبطال الأمر بالترحيل. وفي كانون الأول/ديسمبر 2000، رفض الوزير إطلاق سراح صاحب البلاغ عقب تقديم مزيد من الطلبات من أجل التدخل (18) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض لانتهاك لحقوقه بموجب المادة 7 بطريقتين اثنتين. فهو أولاً قد احتجز بطريقة ولفترة طويلة (منذ وصوله في 22 تموز/يوليه 1992 حتى 10 آب/أغسطس 1994) تسب َّ ب ا له في مرض عقلي لم يكن يعاني منه من قبل. و تُجمِع الأدلة الطبية ع لى أن مرضه العقلي الخطير قد نجم عن احتجاز ه لمدة طويلة (19) ، وأن محكمة الط عون الإدارية والمحاكم قد سلمت بذلك. ويدعي صاحب البلاغ أنه سجن لأول مرة دون وجود أي دليل على احتمال فراره أو على أي خطر آخر على المجتمع. وقد كان بالإمكان الإفراج عنه لكي يعيش حياته في المجتمع بشروط الكفالة المعهودة مثل سند الكفالة أو الضمان ، أو شروط الإقامة و/أو الحضور إلى مركز الشرطة . ويزعم صاحب البلاغ أيضاً بأن احتجازه الحالي يخل بالمادة 7 (20) .

3-2 وثانياً، يد فع صاحب البلاغ ب أن أستراليا تنتهك المادة 7 لأن اقتراح ترحيله إلى إيران يعرضه لخطر انتهاك إيران حقوقه التي يكف ل ها العهد، وعلى الأقل المادة 7 وربما الم ادة 9 أيضاً. و هو يشير في هذا المقام إلى الاجتهادات السابقة للجنة ومفادها أنه إذا رح َّ لت دولة طرف شخصاً ما في إطار ولايتها القضائية، وكانت النتيجة الحتمية والمتوقعة انتهاك حقوق ذلك الشخص بموجب العهد في ولاية قضائية أخرى، فإن الدولة الطرف نفسها قد تكون انتهك ت العهد (21) . ويعتبر أن مندوب الوزير يرى أن لصاحب البلاغ أسباباً وجيهة تدفعه إلى الاعتقاد بأنه قد يتعرض للاضطهاد في إيران بسبب انتمائه الديني، ولأن حالته النفسية قد تثير انتباه السلطات مما قد يفضي إلى حرمانه من حريته في ظل ظروف تشكل اضطهاداً. و لم تدحض محكمة الطعون الإدارية هذا الموقف في الإجراءات اللاحقة، بل أكدته. وعلاوة على ذلك، استدل صاحب البـلاغ بأن نمط السلوك الذي أبدته إيران يؤيد الاستنتاج بأنه سيتعرض لانتهاك لحقوقه التي يكفلها العهد في حال ترحيله (22) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً بأن احتجازه المطول في أستراليا لدى وصوله يخل بالفقرتين 1 و4 من المادة 9 من العهد لأنه احتجز لدى وصوله بموجب الأحكام الإلزامية (غير التقديرية) للمادة 89 (سابقا) من قانون الهجرة. ولا تنص تلك الأحكام على أي إعادة للنظر في الاحتجاز، سواء بالوسائل القضائية أو الإدارية. ويرى صاحب الب لاغ أن قضيته تدخل في نطاق المبادئ التي بينتها اللجنة في آرائها في قضية أ. ضد أستراليا (23) ، حيث اعتبرت أن الاحتجاز الذي لم يُعَد فيه النظر دورياً ولا مبرر له في الحالة المعنية، حتى وإن كان يمسّ مهاجراً غير شرعي، ينتهك الفقرة 1 من المادة 9، وأن عدم توفر مراج عة قضائية حقيقية، بما فيها إمكانية الإفراج، يخل بالفقرة 4 من المادة 9. ويؤكد صاحب البلاغ على أنه، في قضية أ.، لم يكن ثمة داع لاحتجازه المطول، وأن للتشريعات المعمول بها حالياً نفس التأثير فيما يتعلق بحرمانه من إمكانية تقديم طلب قضائي حقيقي لإعادة النظر في ا حتجازه. وبسبب هذين الانتهاكين للمادة 9، يلتمس صاحب البلاغ تعويضاً كافياً على احتجازه بموجب الفقرة 3 من المادة 2. وهو يصر على أن احتجازه الراهن يخل بالمادة 9 (24) .

مرافعات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 ردت الدولة الطرف، بموجب مرافعاتها المؤرخة 1 آذار/مارس 2001، بخصوص مسألتي مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ والأسس الموضوعية التي استند إليها.

4-2 ففيما يتعلق بمقبولية الادعاءات بموجب المادة 7، تدفع الدولة الطرف بعدم مقبولية معظم هذه الادعاءات. أما فيما يتعلق بالادعاء الأول بأن الاحتجاز المطول ي نتهك المادة 7، فترى الدولة الطرف أن هذا الادعاء غير موثق وأنه يقع خارج نطاق المادة 7 وأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. ولم يقدم صاحب البلاغ أي دليل على أفعال أو ممارسات قامت بها الدولة الطرف تتجاوز الظروف العادية للاحتجاز والتي تكون قد جعلت الاحتجاز قاسي اً ومستوجباً للشجب بصورة خاصة. والدليل الوحيد المقدم هو ما تكوّن لديه من ذهان فصامي وهو قيد الاحتجاز، بينما لم يقدم أي دليل على أن مرضه العقلي قد نجم عن تعرضه لأي شكل من أشكال سوء المعاملة المحظورة بموجب المادة 7. وثانياً، لما كانت الشكوى في الواقع هي من ا لاحتجاز الذي تعرض لـه صاحب البلاغ وليس من المعاملة المستوجبة للشجب أو شكل الاحتجاز، فإنها تقع خارج نطاق المادة 7 كما بتت في ذلك اللجنة في وقت سابق. وثالثاً، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. فقد كان بإمكانه تقديم شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص التي تعد تقارير في البرلمان، أو إلى أمين مظالم الكومنولث، لأن بإمكان هاتين الهيئتين التوصية بسبل انتصاف، بما فيها التعويض.

4-3 وفيما يتعلق بذلك الجزء من القسم الثاني من الادعاء بموجب المادة 7 الذي يحتج بمسؤولية الدولة الطرف عما ق د يتعرض لـه صاحب البلاغ من انتهاك لحقوقه في إيران بموجب المادة 9، تدفع الدولة الطرف بأن هذا لا يدخل في نطاق المادة 7. وتزعم الدولة الطرف أن حظر الترحيل القسري بموجب المادة 7 ينحصر في احتمال التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو ال مهينة. ولا يمتد هذا الحظر ليشمل انتهاكات المادة 9 لأن الاحتجاز في حد ذاته ليس انتهاكاً للمادة 7 (25) . وعلاوة على ذلك، لم تعلن اللجنة قط أن المادة 9 تنطوي على التزام مماثل بعدم الترحيل القسري . وتفسر الدولة الطرف قضية ARJ ضد أستراليا (26) تفسيراً مفاده أن ضمان ات مراعاة أصول المحاكمات لا تقع ضمن نطاق حظر الترحيل القسري ، وهي تدفع، قياساً على هذا، بأن الانتهاكات المحتملة للمادة 9 ليست كذلك أيضاً.

4-4 وفيما يتصل بمقبولية الادعاءات بموجب المادة 9، لا تعترض الدولة الطرف على مقبولية ادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 9، لكنها تعتبر أن ادعاءه بموجب الفقرة 4 من المادة 9 غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فضلاً عن أنه غير موثق. وتدعي الدولة الطرف أن فترة احتجاز صاحب البلاغ الأولى قد اعتبرت وأعلن بأنها شرعية سواء من جانب أحد القضاة أو لدى الاستئناف عند ما اجتمعت المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها. ولم يلتمس صاحب البلاغ في أي مرحلة من مراحل احتجازه الأولى أو اللاحقة أمر الإحضار أو يحتج بالحكم القضائي الأصلي الذي أصدرته المحكمة العليا فيما يخص التماس أمر إحضار أو أي سبيل من سبل الانتصاف. وتذكّر الدولة الطرف بأ ن مجرد الشك في فعالية سبل الانتصاف لا يعفي المدّعي من شرط اللجوء إليها (27) . وتدعي الدولة الطرف أيضاً بأن ادعاء صاحب البلاغ هو مجرد زعم بأنه لا يوجد سبيل لتقديم طلب بالإفراج عنه من الحبس، إدارياً كان ذلك أو عن طريق محكمة. ولم يقدم أي دليل يبيّن كيف انتهكت ا لفقرة 4 من المادة 9. وكما ذُكر أعلاه، فإن ما فعله في الواقع هو طعنه في شرعية احتجازه في عدة مناسبات، ومن ثم فإن ادعاءه غير موثق.

4-5 أما في ما يتعلق بالأسس الموضوعية للادعاءات، فترى الدولة الطرف أنها جميعها لا تقوم على أي أساس من الصحة.

4-6 ففي ما يتصل بال جزء الأول من ادعاء صاحب البلاغ في إطار المادة 7 (المتعلق باحتجازه)، تلاحظ الدولة الطرف أنه، في حين أن اللجنة لم تفرق بين عناصر المادة 7 تفريقاً صارماً، إلا أنها ميزت بين فئات عامة، وتلاحظ أن التعذيب يرتبط بمعاملة يُقصد بها التسبب في معاناة وقسوة شديدتين لغ رض معين (28) . وتنطوي المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية على أفعال (لدى الاحتجاز في المقام الأول) يجب أن تبلغ حداً أدنى من الشدة ، لكنها لا تشكل تعذيباً (29) . وتعتبر المعاملة أو العقوبة "المهينة" "أضعف" درجات انتهاك المادة 7 حيث تعد شدة المعاناة أقل أه مية من درجة إهانة الضحية أو إذلالها (30) .

4-7 ومن ثم، فمن الواضح أنه بينما قد تشكل ظروف الاحتجاز الشديدة انتهاكاً للمادة 7 (سواء أكانت المعاناة بدنية أم نفسية)، فإن الاحتجاز، في حد ذاته ، ليس انتهاكاً للمادة 7. ففي قضية فوّولان ضد فنلندا ، أعربت اللجنة عن رأي مؤداه أنه "لكي تكون العقوبة مهينة، يجب أن يتجاوز الإذلال أو التحقير درجة معينة، ويجب في كل الأحوال أن تنطوي على عناصر أخرى تتعدى مجرد الحرمان من الحرية" (31) . وبالمثل، فقد أعربت اللجنة دوماً عن رأي مفاده أنه حتى الفترات المطولة للاحتجاز في قسم المحكوم عليه م بالإعدام لا تشكل انتهاكاً للمادة 7. فلكي ينتهك الاحتجاز المادة 7 يجب أن تكون هناك عناصر غير مشروعة في معاملة المحتجزين (32) .

4-8 وتؤكد الدولة الطرف، في تقييمها الظروف العامة السائدة في مراكز احتجاز المهاجرين في ضوء هذه المعايير، على أنها وضعت معايير خاصة بمراكز احتجاز المهاجرين تحكم ظروف معيشة المحتجزين في مرافق الاحتجاز وتحدد السمة المميزة للخدمات المطلوبة في بيئة احتجاز المهاجرين، وذلك بغرض ضمان رفاه جميع الأشخاص الموجودين فيها. وتتعلق هذه المعايير بحماية حياة المحتجزين الخاصة؛ والرعاية والسلامة الصحيتين ؛ والأنشطة الروحية والاجتماعية والتعليمية والترويحية؛ وتوفير خدمات المترجمين الفوريين؛ وتدريب موظفي مراكز الاحتجاز في مجال التنوع الثقافي، وما شابه ذلك. وتزعم الدولة الطرف أن الظروف السائدة في مركز ماريبيرنونغ لاحتجاز المهاجرين هي ظروف إنسانية بحيث تكفل را حة المقيمين فيه ريثما يبت في طلبات التأشيرة التي يقدمونها.

4-9 ثم تناولت الدولة الطرف حالة صاحب البلاغ الخاصة فقالت إنه لم يقدم في أي وقت خلال فترة احتجازه أية شكوى إلى وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة أو إلى أمين مظالم الكومنولث أو لجنة حقوق الإنسان و تكافؤ الفرص أو مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مع العلم أن إمكانية التظلم لدى هذه الهيئات معروفة ومعلن عنها. وقد كانت المعاملة التي يعامل بها صاحب البلاغ في مركز ماريبيرنونغ لاحتجاز المهاجرين معاملة إنسانية في كل الأحيان، وكان موظفو المركز يعطون سلامت ه البدنية والعقلية ورفاهه أولوية عالية تفوق مستوى الرعاية العادية. فعلى سبيل المثال، خفض موظفو المركز صوت جهاز الإعلان وقللوا عدد مرات استخدامه اليومي، وذلك عقب شكاواه من مستويات الضوضاء. وبالإضافة إلى ذلك، لما اشتكى صاحب البلاغ من أنه لم يكن يستطيع النوم بسبب الضجيج في المهجَع، عرضت عليه ترتيبات بديلة. كما أنه، قبل الإفراج الحالي عنه لكي يعيش في كنف أسرته، اعتمد موظفو المركز ترتيباً لتمكينه من زيارة أسرته مرة كل أسبوعين بحيث يمكنه تناول الطعام معها والاستراحة من رتابة الحياة في مركز احتجاز المهاجرين. وأخير اً، أفرج عن صاحب البلاغ في 10 آب/أغسطس 1994 إفراجاً دائماً ليعيش في كنف أسرته عندما تبين أن حالته النفسية تستدعي اتخاذ هذا الإجراء. وعلاوة على ذلك، كان صاحب البلاغ يتلقى في جميع الأوقات رعاية طبية ملائمة ومحترفة.

4-10 ثم تناولت الدولة الطرف مسألة تكوّن حال ة ال ان فصام الذهاني لدى صاحب البلاغ. فادعت وجود مجموعة من المؤلفات المقنعة التي تشير إلى إمكانية انتقال مرض الانفصام وراثياً (33) . وعليه، فإنه و إن كان من المؤسف جداً ظهور أعراض ال ان فصام لدى صاحب البلاغ عندما كان محتجزاً، فمن المرجح أنه كان لديه استعداد ل لإصا بة بذلك المرض، وأن تكوّن ذلك المرض لم ينشأ بالضرورة عن ظروف احتجازه. وإذا كانت الدولة الطرف تعترف بأن أي حرمان من الحرية قد يتسبب في شيء من ال إجهاد النفسي، فإن هذا الإجهاد لا يبلغ حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (و عليه، فهو بالتأكيد لا ي شكل ع قوبة). وعلى أية حال، فإن الأدلة الطبية تثبت أن تكوّن ال ان فصام لا يرتبط ب وجود " عامل إجهاد عادي ".

4-11 أما في ما يتعلق با لجزء الثاني من ادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 7 ( بشأن احتمال انتهاك حقوقه في إيران في حال الترحيل)، تق رّ الدولة الطرف بأنها تخضع لالت زام محدود بألا تعرّض صاحب البلاغ لانتهاكات لحقوقه التي يكفلها العهد بإعادته إلى إيران (34) . بيد أنها ت رى أن هذا الالتزام لا يمتد إلى جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد، بل يقتصر على أهم الحقوق المتعلقة بسلامة الشخص البدنية والعقلية (35) . وت قول الدولة الطرف إ ن ما تفهمه من الاجتهـادات السابقة للجنة هو أن هذا الالتزام لم يُثَر إلا فيما يتعلق بخطر التعرض للإعدام (المادة 6) (36) والتعذيب (المادة 7) لدى العودة. وعليه، فهي ترى أن هذا الالتزام ينحصر في هذين الحقين بموجب الماد تين 6 و7. أما في ما يتصل بالمادة 7، فيجب أن يتعلق الحظر صراحة بجوهر هذه المادة، ويمكن بالتالي أن ي شمل احتمال التعرض للتعذيب، وربما المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وترى الدولة الطرف أن اللجنة نفسها قد أعلنت أن الحظر المنصوص عليه في المادة 7 لا يمتد على سبيل المثال إلى ضمانات م راعاة الأصول القانونية الواجبة بمقتضى المادة 14 (37) . وتضيف أن من المسلّم به أن احتمال التعرض لانتهاك للحقوق يجب أن ي كون حقيقياً، أي أن يكون احتمال حدوث الانتهاك هو النتيجة الضرورية والمتوقعة لعودة ال شخص (38) .

4-12 ثم تطرقت الدولة الطرف إلى هذه القضية فرفضت ادعاء صاحب البلاغ بأن ّ تعرضه للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهي ن ة هو نتيجة حتمية ومتوقعة إن هو عاد إلى إيران . ويستند رفض الدولة الطرف هذا إلى أسباب ثلاثة يرد بيانها في ما يلي.

4-13 السبب الأول هو أن الاعتراف لصاحب البلاغ بمركز ا للاجئ يقوم على اعتبارات عدة غير احتمال حدوث انتهاك للمادة 7. وتدعي الدولة الطرف أن مركز اللاجئ قد مُنح على أساس أن صاحب البلاغ قد يتعرض ل‍ "الاضطهاد" في حال عودته. وتفيد الدولة الطرف أن "الاضطهاد" قد ي ُ فهم بأنه المضايقة المستمرة من جانب السلطات أو بعلمها (39 ) . و المعنى ال أساسي ل‍ "الاضطهاد" يشمل بالطبع الحرمان من الحياة أو الحرية الجسدية، ولكنه يشمل أيضاً المضايقات مثل الحيلولة دون الحصول على عمل أو مهنة أو على التعليم ، وتقييد الحريات المكفولة عادة في مجتمع ديمقراطي، مثل حرية التعبير أو التجمع أو العبادة أو الت نقل (40) . وقد روعي ت في تلبية طلب صاحب البلاغ عوامل مثل التمييز في مجالات العمل والتعليم والسكن ، والصعوبات في ممارسة شعائر الدين، وتدهور حالة حقوق الإنسان في إيران في ذلك الوقت. وبالتالي، فإن الاضطهاد مفهوم أوسع بكثير من المفهوم الوارد في المادة 7 من العهد ا لدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا ينبغي للاعتراف بمركز اللاجئ أن يدفع اللجنة إلى الاستنتاج بأن تعرض صاحب البلاغ لانتهاك المادة 7 لدى عودته هو نتيجة حتمية ومتوقعة.

4-14 والسبب الثاني هو أن الدولة الطرف ت رى أن التقارير التي كتبها الدكتور روبنشتاين ع ن حالة حقوق الإنسان في إيران (41) ، والتي يستند إليها صاحب البلاغ تعطي صورة خاطئة عن الواقع. وتدفع الدولة الطرف بأن حالة حقوق الإنسان في إيران قد تحسنت كثيراً في السنوات الأخيرة عقب انتخاب رئيس وحكومة إصلاحيَّين، وتشير إلى البيان الصادر عن مفوضة الأمم المتحد ة السامية لحقوق الإنسان في نيسان/أبريل 2000 والذي ترحب فيه بتقرير الممثل الخاص للجنة حقوق الإنسان عن تحسن حالة حقوق الإنسان في إيران (42) . وثمة ما يشير إلى تحسن العلاقات بين الحكومة الإيرانية والمسيحيين الآشوريين تحسناً ملحوظاً (43) .

4-15 وتدفع الدولة الطرف بأن ه يبدو أن التدخل الرسمي في الأنشطة الدينية المسيحية ي قتصر على المسيحيين الذين يمارسون نشاطاً تبشيرياً والمسلمين الذين يرتدون عن الإسلام ليصبحوا مسيحيين، مؤكدة أن المسيحيين الآشوريين لا ينشطون في تشجيع الناس على اعتناق دينهم، بل إنهم ينزعون إلى عدم تشجيع المسلمين على اعتناق دينهم. وبناء على معلومات من بعثة الدولة الطرف إلى إيران، فإن هذا يعني أن الأقلية المسيحية الآشورية تخضع لرقابة ومضايقة أقل بكثير مما قد يتعرض ل ـ ه أفراد الطوائف المسيحية أو الأقليات الدينية الأخرى. وحسب علم حكومة الدولة الطرف ، فإن عمليا ت الاعتقال و الاعتداء و القتل التي طالت المسيحيين والتي أشار إليها الدكتور روبنشتاين في تقاريره تمثل حوادث م عزو لة ولا تتعلق بالآشوريين وإنما بالمسيحيين من أتباع الكنيسة الإنجيلية والمسلمين المرتدين عن الإسلام.

4-16 وتفيد بعثة الدولة الطرف في إيران أيضاً أن ب إمكان المسيحيين الآشوريين، إن هم تقيدوا بقوانين البل اد ، أن يعيشوا حياة عادية وهنية وأن الحكومة الإيرانية لم تخصهم بالتمييز منذ فترة طويلة. وعلاوة على ذلك، فإن المعلومات التي بحوزة الدولة الطرف تبين بجلاء أن المسيحيين الآشوريين لم يتعرضوا أبداً لنفس المضايق ة التي تتعرض لها أقليات دينية أخرى. فهم يتمتعون بدرجة كبيرة من الحرية في ممارسة أنشطتهم الدينية دون أ ي تدخل . وهناك ما يدل دلالة قوية على أن المسيحيين الآشوريين تمكنوا مؤخراً من تعزيز وضعهم السياسي. فقد التقى الرئيس خاتمي بوجه خاص ب ممثل المسيحيين الآشوريين في المجلس (البرلمان)، السيد شمشون مقصودبور، الذي استطاع أيضاً إدخال تعديلات على القانون الإيراني بحيث يلغى التمييز القانوني في مجال توظيف المسيحيين.

4-17 و ما تعلمه الدولة الطرف أيضاً أن اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان، التابعة للقضاء الإيراني، قد شرعت في عا م 1999 في العمل على الارتقاء ب حقوق الأقليات الدينية في إيران. وينبغي النظر إلى هذا الجهد مقترناً بالالتزام الذي أعربت عنه الحكومة الإيرانية بتعزيز احترام سيادة القانون، بما في ذلك القضاء على الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، وجعل النظام القانوني و نظام السجون م توافقين مع المعايير الدولية (44) .

4-18 غير أن الدولة الطرف تسلم بأن صاحب البلاغ وأسرته قد تعرضا لبعض المضايقات من قبل "الباسداه " ( شباب لجان الأمن الأهلية) في إيران . ففي إحدى المناسبات احتجزه الباسداه وسألوه عن محتوى بعض الأشرطة المسجلة التي كانت معه في السي ارة ثم أطلقوا سراحه في غضون 48 ساعة بعد أن تلقى لكمات على وجهه. وفي مناسبة أخرى، احتجز الباسداه أسرته لمدة 24 ساعة لأنها قدمت لضيوفها خمراً في إحدى الحفلات ، ثم أطلقوا سراحها دون أن يصيب أفرادها أي أذى جسدي. وتدفع الدولة الطرف بأن هذه الأحداث وقعت منذ سنوات عدة ، وليس ثمة ما يثبت أن الباسداه كانو ا يَخُ صون بالمضايقة صاحب البلاغ أو أسرته دون سواهم. وهذ ا ن الحدث ا ن لا يمثلان اضطهاداً شخصياً لصاحب البلاغ باعتبار أنه ليس مسيحياً آشيورياً معروفاً بنشاطه بهذه الصفة.

4-19 وتفيد الحكومة الأسترالية أن وضع المسيحيين الآشو ريين في إيران أحمد بكثير مما يصفه الدكتور روبنشتاين. فهم في معظم الحالات يستطيعون ممارسة شعائر دينهم والعيش عيشة عادية دون التعرض لمضايق ة من قبل السلطات الإيرانية. ومع أنهم قد يتعرضون لبعض التمييز في مجالات السكن والتعليم والتوظيف، فإن ثمة دلالات واضحة على تنامي الجهود التي تبذلها الحكومة الإيرانية لتسوية الخلافات مع المسيحيين الآشوريين تحديداً وتحسين حالة حقوق الإنسان في إيران عموماً.

4-20 وأما السبب الثالث الذي أوردته الدولة الطرف، فيما يتعلق بالآثار المحتملة لوضع صاحب البلاغ الصحي، فهو أن الدولة الطرف تع لم من بعثتها إلى إيران أن ل لسلطات الطبية الإيرانية معرفة جيدة بالأمراض النفسية، وأن إيران توفر رعاية طبية ملائمة وشاملة ل لمصابين بأمراض نفسية (بما فيها الانفصام الذهاني) سواء في البيت أو في المستشفى. و لا ي ُ شترط للدخول إلى المستشفى الإفصاح عن الانتماء الدين ي، كما لا يوجد أي دليل على أن المسيحيين الآشوريين لا يسمح لهم بالاستفادة من مرافق الطب النفسي استفادة كاملة. و لا علم للدولة الطرف بأنه قد سبق أن تم احتجاز أشخاص تعسفاً أو أنهم قد تعرضوا لانتهاكات المادة 7 لمجرد إصابتهم بأمراض نفسية.

4-21 وتفيد الدولة الطرف أنها اتخذت جميع التدابير الممكنة ل إعلام صاحب البلاغ بحالته سعياً إلى تعزيز التزامه الحالي بتلقي العلاج، وأنها ستمده بجميع الوثائق الطبية اللازمة لاستمراره في تلقي الرعاية الطبية لدى عودته إلى إيران. أما الإدعاء بأنه لن يواصل تلقي العلاج الطبي بعد عودته إل ى إيران فمجرد ظن، ذلك أن صاحب البلاغ كان دائماً يبدي تعاوناً في تلقي العلاج في أستراليا. وعليه، لا يمكن الجزم بأن توقفه عن تلقي العلاج سيكون نتيجة حتمية لعودته إلى إيران. بل إنه حتى وإن اختار التوقف عن تناول الدواء، فليس نتيجة ً حتمية أن تصدر منه أفعال تعرض ه للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. حيث إن طبيعة مرض الانفصام الذهاني تجعل أي تصرف عنيف أو غريب مرتبطاً بصورة مباشرة بتوهمات الشخص المصاب. وبالتالي، فإن المصابين بالانفصام الذهاني لا يتصرفون عموماً ودوماً تصرفات عنيفة أو غير معتادة ، ويقتصر أي تصرف على موضوع توهماتهم. ففي حالة صاحب البلاغ، اقتصرت تصرفاته على أشخاص بعينهم، ولا يشير سجل سلوكه إلى تصرفه تصرفات عنيفة أو هستيرية مطلقة إزاء المسؤولين أو في ا لسياق ات الرسمية. ومن ثم فإن الدولة الطرف ترى أنه ليس نتيجة حتمية أن تكون ل صا حب البلاغ ردود فعل سلبية إزاء السلطات الإيرانية في حال عودته إلى إيران.

4-22 أما في ما يتعلق ب ادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 9، فت رى الدولة الطرف أن هذه الادعاءات أيضاً لا تقوم على أي أساس من الصحة. وتوضح الدولة الطرف في البداية أن "الاحتجاز الأول" ظل سارياً بموجب القانون ، منذ احتجازه لدى وصوله و حتى إصدار تأشيرة الحماية في آذار/مارس 1995 ، حتى ولو كان قد أفرج عنه في الواقع كإجراء استثنائي ووضع في كنف أسرته في آب/أغسطس 1994 من أجل رعايته، ذلك أن الشخص يعتبر محتجزاً في نظر القانون حتى يُرحَّل أو يمنح رخصة بالبقاء في أستراليا . أما بخصوص "الاحتجاز الحالي" ريثما ينفذ أمر الترحيل، فإن الاحتجاز ليس إلزامياً ويمكن الإفراج عن ال شخص حسب ما يقدره الوزير.

4-23 أما في ما يتصل بالشكوى المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 9، فتدفع الدولة الطرف بأن حظر الحرمان من الحرية ليس حظراً مطلق اً (45) . ففي حين أن الاحتجاز يجب أن يكون شرع ياً بموجب ال نظام القانوني المحلي، ترى الدولة الطرف أنه، لدى تحديد عنصر التعسف الإضافي في حالة بعينها ، ت ظل العناصر الرئيسية تتمثل في تحديد ما إذا كانت الظروف التي احتجز فيها شخص ما "معقولة" و"ضرورية" في ج ميع الأحوال أو أنها على العكس من ذلك تعسفية ، أي أن الاحتجاز غير ملائم أو ظالم أو غير متوقع. و هي تؤكد على أن الاجتهادات السابقة للجنة لا توحي بأن احتجاز ال مهاجرين غير ال شرعيين أو الاحتجاز لمدة طويلة يمكن أن يكون تعسفياً في حد ذاته (46) ، بل إن العامل الحاسم ل يس طول مدة الاحتجاز وإنما الأسس التي يستند إليها الاحتجاز، هل هي معقولة وضرورية ومتناسبة وملائمة ومبرَّرة في حالة بعينها أم لا.

4-24 ثم تنتقل الدولة الطرف إلى القضية موضوع البحث فتقول إن احتجاز صاحب البلاغ كان ولا يزال قانونياً، ومعقولاً وضرورياً في جميع ا لأحوال. وترى الدولة الطرف أنه يمكن أيضاً التمييز بين هذه الحالة وبين الوقائع المتعلقة بقضية أ. ضد أستراليا .

4-25 أما في ما يتعلق بالاحتجاز الأول، تقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ قد احتجز بموجب القانون، عملاً بالمادة 89 من قانون الهجرة لعام 1958. وقد أُيد قرار الاحتجاز قضائياً مرتين. وفي ما يخص مسألة التعسف ، فإن أحكام قانون الهجرة التي احتجز بموجبها و كذلك ال ملابسات ال خاصة ب حالته قد بررّت احتجازه الضروري والمعقول.

4-26 وتؤكد الدولة الطرف أن احتجاز المهاجرين الإلزامي هو إجراء استثنائي يقتصر في المقام الأول عل ى الأشخاص الذين يأتون إلى أستراليا بدون ترخيص (47) . فمن الضروري التأكد من أن الأشخاص الذين يدخلون أستراليا يحق لهم ذلك، وضمان صون سلامة نظام الهجرة . ويضمن احتجاز المهاجرين غير المرخص لهم ألا يدخلوا أستراليا قبل تقييم طلباتهم كما يجب والتأكد من أنها تسمح لهم بالدخول. كما أنه يتيح للمسؤولين فرصة التحدث مع هؤلاء الأشخاص بغية التحقيق في طلباتهم ومعالجتها دون تأخير، وإذا تبين أن تلك الطلبات لا مبرر لها، يُرحَّل الأشخاص المعنيون في أقرب وقت ممكن. وتدفع الدولة الطرف بأن احتجاز المهاجرين غير المرخص لهم يتفق مع الحقو ق الأساسية في السيادة، بما في ذلك حق الدول في مراقبة دخول الأشخاص إلى أراضيها. ولما لم يكن لدى الدولة الطرف نظام لبطاقات الهوية أو ما شابهه لتلقي خدمات الرعاية الاجتماعية، فمن الصعب كشف المهاجرين غير الشرعيين ورصدهم والقبض عليهم في المجتمع، مقارنة بالبلدان التي يوجد فيها مثل هذا النظام (48) .

4-27 ويتبين من خبرة الدولة الطرف أنه ما لم يُعمد إلى مراقبة الاحتجاز مراقبة صارمة، فمن المحتمل جداً أن يفر الأشخاص المعنيون ويختفون في المجتمع. ففي بعض الحالات، اختفى عدد من المهاجرين غير الشرعيين كانوا محتجزين في فنادق خاصة بالمهاجرين غير مسيَّجة ولم يكن المحتجزون فيها مطالبين بالاتصال بالسلطات لإثبات وجودهم. وكان من الصعب أيضاً التعاون مع الجماعات العرقية المحلية لتحديد أماكن وجود أولئك الأشخاص (49) . وبالتالي، توجد دلائل معقولة تبرر الاشتباه بأنه لو لم يحتجز الأشخاص المع نيون، بل أطلق سراحهم مؤقتاً ليعيشوا في المجتمع، لتجرءوا على عدم التقيد بشروط الإفراج ومن ثم الاختفاء في المجتمع. وتكرر الدولة الطرف أن كل طلب من طلبات الدخول أو البقاء يُفحص فحصاً دقيقاً، ومن ثم فإن سياستها القاضية باحتجاز المهاجرين غير الشرعيين هي سياسة م عقولة (50) ومتناسبة وضرورية في جميع الأحوال. وعليه، فإن الأحكام التي احتجز بموجبها صاحب البلاغ، والتي تشترط الاحتجاز الإلزامي، لم تكن تعسفية لأنها كانت مبررة ومتناسبة وفقاً للاعتبارات المبينة أعلاه.

4-28 وعلاوة على ذلك، فإن العوامل الفردية التي انطوى عليها احتجاز صاحب البلاغ تبين أيضاً انعدام التعسف. فقد أتى إلى أستراليا بتأشيرة زيارة ولم يكن بحوزته تذكرة إياب بالطائرة. وعندما استجوب في المطار، تبيّن لمستجوبيه وجود عدد من البيانات الزائفة على استمارة طلب التأشيرة، منها ادعاؤه بأن أباه وأمه يعيشان في إيران، ف ي حين أن أباه قد توفي وأمه تعيش في أستراليا وقد التمست الحصول على مركز اللاجئ. كما أنه كان قد أفاد بأن بحوزته 000 5 دولار أمريكي، لكن تبين أنه لا يملك منها شيئاً، وكان يكذب خلال الاستجواب بخصوص هذه المسألة. وكان قد اشترى تذكرة إياب لأغراض الحصول على التأشي رة، لكنه استرد ثمنها عندما منحت لـه التأشيرة. وهكذا، فإن ثمة مؤشرات معقولة على أنه لو رُخص لـه بالدخول إلى أستراليا، لربما أصبح مهاجراً غير شرعي. وعليه، فقد كان الاحتجاز ضرورياً لمنع اختفائه، ولم يكن غير متناسب مع الغرض المتوخى، ولم يكن مفاجئاً نظراً لأن ا لأحكام المتعلقة بالاحتجاز كانت سارية منذ فترة ومنشورة.

4-29 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه كانت ثمة أسباب أخرى تبرر استمرار الاحتجاز ريثما ينظر في طلب اللجوء. فلم يكن متوقعاً أن تطول مدة معالجة الطلب إلى حد يستدعي الإفراج عنه. وقد درس كل من متخذ القرار الأول والهيئة المعنية بإعادة النظر، على وجه الاستعجال، طلب المعالجة وإعادة النظر، وقد كان صاحب البلاغ محتجزاً لمدة تزيد قليلاً عن سنتين . وقد عولج الطلب الأصلي في أقل من شهرين، وتمت إعادة النظر الأولى في القرار في نحو ستة أسابيع. وبلغ مجموع الفترة من وقت إيداع ا لطب الأول في 23 تموز/يوليه 1992 إلى استكمال المعالجة الأولية وعمليات إعادة النظر الإداري المتعددة في الطلب الأول للحصول على مركز اللاجئ أقل من سنة.

4-30 وتدفع الدولة الطرف بأنه لما تبين أن استمرار الاحتجاز لم يكن ليساعد في علاج المرض النفسي الذي يعاني منه صاحب البلاغ، أفرج عنه ليعيش في كنف أسرته. وبالتالي، ومع أن الاحتجاز كان إلزامياً، فإنه لم يكن تعسفياً، إذ إن السياسة التي تشكل أساس الأحكام المتعلقة بالاحتجاز هي من المرونة بحيث إنها تسمح بالإفراج في الحالات الاستثنائية. وعليه، فلا يمكن القول إنه لا توجد أ سس يستند إليها شخص لطلب الإفراج عنه من الاحتجاز، إدارياً كان ذلك أو قضائياً.

4-31 وتلاحظ الدولة الطرف، وإن كانت لا توافق على آراء اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا ، أن هناك فروقاً وقائعية شاسعة بين القضيتين. أولاً، إن طول مدة الاحتجاز أقل بكثير (نحو 26 شهراً ب دلاً من 4 سنوات). ثانياً، إن الوقت الذي استغرقته معالجة الطلب الأول كان أقل بكثير هو الآخر (أقل من 6 أسابيع مقابل 77 أسبوعاً). ثالثاً، لا يوجد في الحالة الراهنة ما يوحي بأن فترة الاحتجاز وظروفه قد منعت صاحب البلاغ من الحصول على تمثيل قانوني أو من استقبال ا لزوار من أفراد أسرته. وفي النهاية، أفرج عنه من أماكن الاحتجاز المعتادة ليعيش في كنف أسرته وفي عهدتها عملاً بقرار اتخذته السلطة التنفيذية على أساس ممارسة سلطتها التقديرية.

4-32 أما في ما يتعلق بالاحتجاز الراهن، فقد احتجز صاحب البلاغ بصورة قانونية في مركز اح تجاز المهاجرين عملاً بالمادتين 253 و254 من قانون الهجرة لعام 1958 منذ أن أفرج عنه مؤقتاً في 4 كانون الأول/ديسمبر 1998 عندما كان محكوماً عليه بالسجن. ولم يكن الاحتجاز تعسفياً، بل كان ضرورياً ومعقولاً في جميع الأحوال، ويتناسب مع الغرض المنشود والمتمثل في ضما ن عدم اختفائه ريثما يبت في أمر ترحيله فضلاً عن ضمان حماية المجتمع الأسترالي. وبعد أن استنفد صاحب البلاغ جميع سبل الطعن، علقت الدولة الطرف قرار الترحيل استجابة لطلب اللجنة عملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي ريثما تبت في قضيته. وعلاوة على ذلك، تفيد الدولة ال طرف أن هناك مؤشرات معقولة على أن صاحب البلاغ كان سيخل بشروط الإفراج ويختفي إن أفرج عنه.

4-33 وتلاحظ الدولة الطرف أن وزيرها لشؤون الهجرة قد نظر شخصياً في مسوغات استمرار الاحتجاز في مناسبات عدة، وأعادت المحكمة الاتحادية النظر في القرار الذي اتخذه الوزير في 1 1 آذار/مارس 1999 والقاضي بعدم الإفراج عن صاحب البلاغ حيث تبيّن لها أن ذلك القرار يقوم على أسس سليمة. وتبين الأسباب التي استند إليها الوزير في اتخاذ قراره أن هذا القرار لم يكن تعسفياً. وقد روعيت جميع العوامل المتصلة بالقضية في اتخاذ قرار عدم الإفراج على أسا س وجود احتمال كبير بأن يكرر صاحب البلاغ جرائمه وأنه يشكل خطراً مستمراً على المجتمع ولا سيما على ضحيته السيدة أ.

4-34 أما بخصوص ما ادعاه صاحب البلاغ في إطار الفقرة 4 من المادة 9، فتلاحظ الدولة الطرف أن ذلك يقتضي من الشخص أن يكون قادراً على اختبار "شرعية" ال احتجاز. وترفض الدولة الطرف ما ذهبت إليه اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا من أن معيار "الشرعية" الوارد في هذا الحكم لا يقتصر على الامتثال للقانون المحلي بل يشمل أيضاً التقيـد بالفقرة 1 من المادة 9 وغيرها من أحكام العهد. وتزعم الدولة الطرف أنه لا يوجد شيء في أح كام العهد أو بنيته أو في الأعمال التحضيرية أو التعليقات العامة للجنة ما يؤيد هذا النهج.

4-35 وتحدد الدولة الطرف مختلف الآليات الموجودة في قانونها لاختبار شرعية الاحتجاز (51) ، وتعلن أن هذه الآليات كانت دائماً متاحة لصاحب البلاغ. وهي تكرر أنه فيما يتعلق بالاح تجاز الأول، لم يحدث أن قدم صاحب البلاغ طلباً إلى المحاكم مباشرة لإعادة النظر في احتجازه، لكنه قدم طلباً إلى الوزير التماساً للإفراج المؤقت عنه ريثما يُبت في استئنافه قرار رفض منحه مركز اللاجئ. وقد أيدت المحاكم مرتين رفض الوزير طلب صاحب البلاغ. أما بشأن الا حتجاز الحالي، ففي حين أن صاحب البلاغ التمس الإفراج المؤقت عنه، فإنه لم يطعن قط في شرعية احتجازه بصورة مباشرة؛ كما أن الدولة الطرف تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يفلح قط في استصدار قرار بالإفراج عنه سواء من قبل الوزير أو من المحكمة الاتحادية. وليس في عدم إصدار الم حاكم أحكاماً لصالحه ما يشكل دليلاً على انتهاك الفقرة 4 من المادة 9. وعلى أية حال، لم يسع صاحب البلاغ إلى الاستفادة من السبل المتاحة أمامه للطعن مباشرة في الاحتجاز. وتحيل الدولة الطرف إلى قضية ستيفنس ضد جامايكا (52) لإثبات الرأي القائل إن عدم الاستفادة من سب يل من سبل الانتصاف المتاحة، مثل حق المثول أمام القضاء، ليس دليلاً على انتهاك الفقرة 4 من المادة 9.

تعليقات صاحب البلاغ على أقوال الدولة الطرف

5-1 ردّ صاحب البلاغ على أقوال الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 16 أيار/مايو 2001.

5-2 وفيما يتعلق بأقوال الدولة الطرف ب شأن سُبل الانتصاف المحلية المتاحة، يشير صاحب البلاغ إلى الاجتهادات السابقة للجنة حيث رأت أن سُبل الانتصاف هذه يمكن أن تفسَّر باعتبارها تشير إلى سُبل الانتصاف القضائية لا سيما في قضايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان (53) ، كالاحتجاز التعسفي لفترة طويلة. وعل ى أية حال، ليس هناك التزام يقضي باللجوء إلى سُبل انتصاف غير قابلة للإنفاذ وغير فعالة (54) ، كما أن تقديم شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص أو إلى أمين المظالم لا يؤدي إلى إصدار أمر ملزم للدولة (55) . وفيما يتعلق بالقدرة على رفع دعوى إلى المحكمة العليا لإ صدار أمر إحضار أمام المحكمة، فإن إجراء كهذا سوف لن يكون ذا جدوى، نظراً لأن المحكمة العليا قد أقرّت صلاحية القوانين الخاصة بالاحتجاز الإلزامي (56) .

5-3 ورداً على ادعاء الدولة الطرف أنه ليس هناك دليل على أن انتهاكاً للمادة 7 قد تسبب في إصابة صاحب البلاغ بمرض عقلي، يشير صاحب البلاغ إلى سلسلة من التقييمات التي أجراها الخبراء لحالته على مدى فترة طويلة، وهي مرفقة بالبلاغ إلى جانب التقييم الجديد الذي يخلص بالإجماع إلى وجود علاقة سببية محددة بين احتجاز صاحب البلاغ وإصابته بالمرض النفسي (57) . وينتقد صاحب البلاغ الدولة الطرف لاعتمادها على مؤلفات الطب النفسي العامة للخلوص إلى نتيجة عكسية مفادها أن المرض العقلي الذي أصابه قد نجم عن استعداده للإصابة بالمرض وليس عن احتجازه لفترة طويلة، وهو يدعو اللجنة إلى أن تأخذ بالتقييمات المحددة لحالته. ويؤكد صاحب البلاغ أن أقوال الدولة الطرف بخصوص الظروف المعيشية في مركز ماريبير نونغ لاحتجاز المهاجرين هي أقوال لا صلة لها بالموضوع، لأن الدعوى المتعلقة بانتهاك المادة 7 مبنية على احتجاز صاحب البلاغ لفترة طويلة كانت الدولة الطرف تعلم فيها جيداً بأن ذلك يسبب لـه صدمة نفسية شديدة. فمنذ 19 آب/أ غسطس 1993 على الأقل، كانت سلطات الدولة الطرف تعلم بهذه الصدمة، ومن ثم فإن استمرارها في احتجازه رغم معرفتها بصدمته النفسية يوفر أساساً "لعنصر العقوبة القاسية" في إطار المادة 7.

5-4 وبالنسبة للادعاء المتعلق بانتهاك المادة 7 في حالة الرجوع إلى إيران، يلاحظ صا حب البلاغ أنه كان واضحاً بأن شكل الاضطهاد الذي كان في ذهن مندوبة الوزير في 8 شباط/فبراير 1995 عند موافقتها على طلب اللجوء كان ينطوي على الحقوق المنصوص عليها في المادة 7 (58) ، حيث رأت بأن هناك إمكانية حقيقية في أن يتم إخضاعه للحرمان من الحرية "في ظل ظروف تشك ِّل اضطهاداً بموجب الاتفاقية [الخاصة باللاجئين]" وهي ظروف يرى صاحب البلاغ أنه من الواضح أنها تتجاوز الاحتجاز بحد ذاته. كما يرفض صاحب البلاغ افتراض الدولة الطرف بأن الوضع في إيران قد تحسّن بحيث لم تعد هناك خطورة متوقعة بشأن انتهاك حقوقه. ويُعدُّ تقرير الممث ل الخاص الذي أشارت إليه الدولة الطرف غير قطعي فيما يخص "تحسُّن" وضع حقوق الإنسان، إذ إنه يلاحظ أن "حقوق الإنسان في إيران لا تزال إلى حد كبير تسير قُدُماً" وأنه يلزم "بذل المزيد من الجهود في هذا المجال". وعلاوة على ذلك، فقد أظهر التقرير اللاحق الذي قدمه الم مثل الخاص أن الأقليات لا تزال "مهملة" وأن "هناك طريقاً طويلاً يتعين قطعه من حيث التوصل إلى نهج يعتدُّ به على نحو أكبر فيما يتعلق بشواغل هذه الأقليات الإثنية والدينية" (59) . كما يؤكد صاحب البلاغ أن الأدلة النفسية تتعارض مع ادعاء الدولة الطرف بأنه سوف لن يتوق ف عن تعاطي الدواء في حال عودته، أو أنه إذا ما فعل ذلك فإن ردة فعله ستكون سلبيـة إزاء السلطات الإيرانية. ويلاحظ صاحب البلاغ بأنه ليس معروفاً ما إذا كان الدواء الذي يتعاطاه متوفراً في إيران أم لا.

5-5 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة بموجب المادة 9، يزعم صاحب الب لاغ بأن اللجنة قد خلصت بشكل قطعي في قضية أ. ضد أستراليا إلى أن سياسة الاحتجاز الإلزامي تشكل انتهاكاً لأحكام الفقرتين 1 و4 من المادة 9، وبأنه ينبغي الأخذ بهذا الاستنتاج لأن هذه القضية غير مختلفة من الناحية الوقائعية. ومن الواضح أن صاحب البلاغ قد وصل طالباً اللجوء، وقد فعل ذلك في غضون 24 ساعة من وصوله. وإنه لمن ضروب الخيال الإيحاء بأن احتجازه لفترة أولية على مدى سنتين كان مبرراً بسبب إدلائه بأقوال كاذبة بشأن مكان وجود والديه ومصدر الأموال التي كانت بحوزته. ولم تكن هناك مراجعة إدارية لاحتجازه خلال هذه الفترة، كما أخفقت الجهود المتعلقة بإجراء مراجعة قضائية لقضيته لأنه ليست هناك صلاحية لإطلاق سراحه. وقد جاء إطلاق سراحه من الحبس في 10 آب/أغسطس 1994 نظراً لتدهور حالته النفسية، عقب احتجاز غير قابل للمراجعة دام لمدة سنتين، كما تبيّن من طلبات المراجعة التي قُدمت سابقا ً بدون جدوى إلى المحكمة الفدرالية من أجل مراجعة القرار الذي صدر باحتجازه. وفيما يتعلـق باستمرار احتجازه فإنـه لا مبرر له، حيث إن التقارير الثلاثة المستقلة عن حالته النفسية، (المقدمة إلى الوزير) في آذار/مارس 2000 قد أشارت إلى أن حالته لا تثير "أي خطر يمكن ا كتشافه" وأنه "يتعين اعتبار أنه لا يشكل أي خطر ذي شأن على أي فرد بعد الآن" وأنه لا يشكل "خطراً سواء على ضحيته السابقة أو على المجتمع الأسترالي" (60) . كما يقدم صاحب البلاغ تقريراً إضافياً عن حالته النفسية مؤرخاً في 7 أيار/مايو 2001 يتضح من خلاله أنه قد تعافى تماماً منذ بضع سنين، وأنه لم يعد يشكل تهديداً للمجتمع سواء بشكل خاص أو عام (61) .

تعليقات تكميلية مقدمة من الدولة الطرف وصاحب البلاغ

6-1 تكرر الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة 16 آب/أغسطس 2001، بعض أقوالها السابقة وتقدم المزيد من الحجج. ففيما يتعلق بالمقبولية ، ترفض الدولة الطرف تفسير صاحب البلاغ للحكم الصادر في قضية آر تي ضد فرنسا (62) بأنه يتعين استنفاد سُبل الانتصاف القضائية فقط، لأن القرار يشير إلى هذه السُبل "في المقام الأول". ومن ثم فإن سُبل الانتصاف الإدارية الأخرى ليست مستثناة (63) ، ولذلك فإن أي شكوى مقدم ة إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، على سبيل المثال، ليست مستثناة من اشتراط استنفاد سُبل الانتصاف. وبالمثل، فإن قضية فيسنتي ضد كولومبيا (64) ، وفقاً لما تذهب إليه الدولة الطرف، لا تستثني من متطلبات الاستفاد إلاّ سُبل الانتصاف الإدارية غير الفعّالة. كما أن الدولة الطرف تقول إن اللجنة قد استبعدت سبيل الانتصاف الذي كان موضع جدل في قضية أليس ضد جامايكا (65) (التماس الرحمة في قضية جريمة يعاقب عليها بالإعدام) لكونه سبيلاً غير فعّال وليس لكونه سبيلاً غير قابل للإنفاذ كما يدّعي صاحب البلاغ. وعلى النقيض من ذلك، تصرّ الدولة الطرف على أن سُبل الانتصاف الإدارية في هذه القضية هي سُبل فعّالة، وأنها لم تتّبع من جانب صاحب البلاغ، وبالتالي لم يتم استيفاء متطلبات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وفي معرض الرد على ما زعمه صاحب البلاغ من أن وجود "عنصر العقوبة الإضافي" بموجب المادة 7 قد تمثَّل في عدم إطلاق سراحه على الرغم من معرفة الدولة الطرف بالضرر النفسي الذي لحق به جراء الاستمرار باحتجازه، تلاحظ الدولة الطرف أنه قد جرى الإفراج عنه فعلاً من جانب الوزير الذي اعتبر أن احتياجات رعاية صحته العقلية ستلبى من خلال العناية التي توفرها له الأسرة.

6-3 كما أن ما فهمته الدولة الطرف هو أن الشكوى الأصلية المستندة إلى المادة 7 تتعلق فقط بالاحتجاز الأولي، بيد أنها تفسِّر التعليقات اللاحقة لصاحب البلاغ (والإشارة إلى التقرير المؤرخ 7 أيار/مايو 2001 المتعلق بتقييم الحالة النفسي ة الراهنة لصاحب البلاغ) على أنها تبدو كما لو كانت مزاعم جديدة فيما يتعلق بالاحتجاز الحالي كذلك. وتردّ الدولة الطرف على ذلك بأنه ليس هناك ما يوحي بأن الاحتجاز الحالي هو احتجاز قاس أو مشدّد بشكل خاص بحيث يشكل انتهاكاً للمادة 7. وهي تلاحظ أن التقرير المؤرخ 7 أيار/مايو 2001 قد بَيّن أن صاحب البلاغ يتمتع بصحة عقلية جيدة، ولم يقدم أية أدلة على أفعال أو ممارسات توحي بأن الاحتجاز الحالي بحد ذاته أو أوضاع هذا الاحتجاز تثير مسائل في إطار المادة 7. فأي إيحاء بأن الاحتجاز الحالي يتسبّب في إلحاق الأذى النفسي بصاحب البـل اغ وأنـه يشكل بالتالي انتهاكاً للمادة 7 هو إيحاء لا سند لـه ومن ثم ينبغي رفضه باعتباره لا يقوم على أي أساس من الصحة أو باعتباره غير مقبول من حيث الموضوع.

6-4 وأخيراً، وفيما يتصل بالادعاء بموجب المادة 9 المتعلِّق بالاحتجاز الأصلي، فإن الدولة الطرف ترفض وصف صاحب البلاغ الذي يعتبر أن قضية أ. ضد أستراليا "أثبتت بشكل قطعي أن سياسة أستراليا المتعلقة بالاحتجاز الإلزامي تشكِّل انتهاكاً لأحكام المادة 9(1) و9(4)"، باعتبار أنه وصف غير صحيح. وبيّنت أنه عوضاً عن التعليق على هذه السياسة من الناحية المجرّدة، كان يتعين تحد يد مدى "التعسُّف" بالاستناد إلى ما هو موجود من المبررات المناسبة التي تسوِّغ استمرار الاحتجاز في الظروف الخاصة بهـذه القضية بعينها. والواقع أن ما ذُكر في هذه القضية هو أن احتجاز الأشخاص ممّن يطلبون اللجوء لا يشكِّل تعسفاً بحد ذاته.

6-5 وقد ردّ صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 21 أيلول/سبتمبر 2001، على الأقوال الإضافية للدولة الطرف موضحاً أيضاً أن الادعاءات بموجب المادتين 7 و9 تتعلق بالاحتجاز الحالي فضلاً عن الاحتجاز الأولي. وفيما يتعلق بالمقبولية، يصرّ صاحب البلاغ على أن سُبل الانتصاف الإدارية التي أثيرت من جانب الدولة الطرف، إنما هي سُبل "غير فعالة وغير قابلة للإنفاذ". وبما أن أي قرار حكومي يقضي باتخاذ إجراءات استجابة لتوصية ما صادرة عن أي من الهيئتين يُعدّ قراراً تنفيذياً بحتاً ويتّسم بطابع تقديري، فإنه لا ينبغي بالتالي اشتراط استنفاده (66) .

6-6 وبالنسبة للأسس ا لموضوعية للقضية، يرفض صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف التي تعتبر أنه لا يمكن القول بأن الضرر النفسي الذي أصاب صاحب البلاغ كان جرّاء احتجازه لفترة طويلة، نظراً لأن التقرير المؤرخ 7 أيار/مايو 2001 يبيِّن أن صاحب البلاغ يتمتع بصحة جيدة. وهو يلاحظ أن التقرير كان موجهاً نحو تحديد ما إذا كان مرضه السابق قد تسبَّب في ارتكابه للجرائم التي يراد إبعاده بسببها، وما إذا كان يشكِّل حالياً تهديداً لأي شخص. وقد كان الرد بالإيجاب على المسألة الأولى، وبالنفي على الثانية. وعلى أية حال، ليس هناك من داع يستوجب احتجاز صاحب البلاغ لفترة أطول أو إبعاده، ما دامت الدولة الطرف تقرّ بأنه يتمتع حالياً بصحة جيدة.

6-7 ثم يحتج صاحب البلاغ بأن كونه لا يعلم ما إذا كان سيُطلق سراحه أو متى سيُطلق سراحه، أو ما إذا كان سيُبعد أو متى سيتم إبعاده، هو أمر يشكل بحد ذاته انتهاكاً للمادة 7. كما أن ذلك ي شكِّل معاملة أو عقوبة قاسية بصفة خاصة، بما أنه قضى فترة السجن المحكوم عليه بها لما اقترفه من جرائم، ولأنه كان قد عانى في مركز احتجاز المهاجرين من مرض نفسي في ظل ظروف لم يكن يعلم فيها ما إذا كان سيتم إطلاق سراحه أو إبعاده أو متى سيتم أي منهما.

6-8 ويشير صاح ب البلاغ ختاماً إلى الأحكام القضائية الدولية السابقة، حيث إن احتجاز غير المواطنين احتجازاً إلزامياً لأغراض إبعادهم دون مبررات تشمل كل حالة على حدة قد اعتبر بالإجماع تقريباً انتهاكاً للحق في عدم التعرُّض للاحتجاز التعسفي وغير القانوني (67) .

المسائل والإجراء ات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادِّعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تي قّنت اللجنة من أن المسألة نفسها ليست موضع دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية وذلك لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-3 وتلاحظ اللجنة فيما يتعلق بمسألة استنفاد سُبل الانتصاف المحلية، أن حجة الدولة الطرف ه ي أن صاحب البلاغ لم يتّبِع سُبل انتصاف إدارية معيّنة (مكتب أمين مظالم الكومنولث ولجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص). وتلاحظ اللجنة أن أي قرار يصدر عن أي من هاتين الهيئتين، حتى ولو فصلتا في الادعاءات لصالح صاحب البلاغ، هو قرار يتسم بطابع التوصية وليس لـه أي أث ر ملزم بحيث يمكن للسلطة التنفيذية أن تتجاهله إذا ما استنسبت ذلك. وبالتالي فإنه لا يمكن وصف هذه السُبل بأنها سُبل فعّالة وفقاً لما يقتضيه البروتوكول الاختياري.

7-4 وبالنسبة للادعاءات المتعلقة بالفترة الأولى من الاحتجاز، تشير اللجنة إلى أن التشريعات التي احت ُجز صاحب البلاغ عملاً بها تنص على احتجاز الأشخاص احتجازاً إلزامياً حتى يتم منحهم الإذن أو يتم إبعادهم. وقد أكدت المحاكم أنه لا مجال لممارسة السلطة التقديرية فيما يتعلق بإطلاق سراح المحتجز في القضية المعنية. وتلاحظ اللجنة أن صلاحية المراجعة الوحيدة المتاحة للمحاكم هي أن تتخذ قراراً رسمياً يقضي بأن الفرد المعني هو في الواقع "غير مواطن يقيم بصورة غير مشروعة" وبالتالي ينطبق عليه النص ذو الصلة، وهو أمر غير مطعون فيه في هذه الحالة، عوضاً عن إجراء تقييم موضوعي يتعلق بما إذا كانت هناك أسس موضوعية تبرر الاحتجاز في م لابسات هذه القضية. وهكذا، بتطبيق أحكام القانون تطبيقاً مباشراً تُبطَلْ المراجعة القضائية الموضوعية التي يمكن أن توفر سبيلاً من سُبل الانتصاف. وهذا الاستنتاج لا يتغير بالاستناد إلى الحكم الاستثنائي الوارد في المادة 11 من القانون والذي ينص على سُبل الضبط وال احتجاز البديلة (في عهدة الأسرة في حالة صاحب البلاغ)، بينما يظل الشخص رهن الاحتجاز رسمياً. وتلاحظ اللجنة علاوة على ذلك أن المحكمة العليا أقرّت دستورية نظم الاحتجاز الإلزامي على أساس عوامل السياسة العامة التي عرضتها الدولة الطرف (68) . وبالتالي فإن الدولة الطر ف لم تثبت أنه كانت هناك سُبل انتصاف إدارية متاحة كان بإمكان صاحب البلاغ استنفادها فيما يتعلق بادعاءاته ذات الصلة بالفترة الأولية للاحتجاز، ولذلك ترى اللجنة أن هذه الادعاءات تعتبر مقبولة.

7-5 وفيما يتعلق بالادعاءات ذات الصلة بالإبعاد المقترح لصاحب البلاغ إل ى إيران، تلاحظ اللجنة بأن رفض المحكمة العليا السماح لـه بتقديم دعوى استئناف يعني أنه قد استنفد كافة سُبل الانتصاف الإدارية المتاحة ذات الصلة، وبالتالي فإنه ادعاءاته تعتبر مقبولة.

7-6 وبالنسبة للحجج الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف بأن الادعاءات المتعلقة ب الفترة الأولى من الاحتجاز والإبعاد المقترح لصاحب البلاغ هي ادعاءات غير موثقة، فإن اللجنة ترى، استناداً إلى المواد المعروضة عليها، أن صاحب البلاغ قد أثبت على نحو وافٍ، لأغراض المقبولية، أن هذه الوقائع تثير مسائل يمكن المجادلة فيها في إطار العهد.

7-7 وفيما ي تعلق بالادعاءات ذات الصلة بالفترة الثانية من الاحتجاز (الاحتجاز لحين الإبعاد)، تلاحظ اللجنة أنه على العكس من حالة الاحتجاز الإلزامي على الحدود، يدخل في نطاق السلطة التقديرية للوزير أن يصدر توجيهات باحتجاز شخص ما لحين إبعاده. وتلاحظ اللجنة أن أي قرار كهذا، فضلاً عن أي رفض لاحق من جانب الوزير فيما يتعلق بطلب مقدم من أجل الإفراج عن المحتجز، يمكن أن يُطعن فيه أمام المحاكم عن طريق المراجعة القضائية. ويمكن لإجراءات المراجعة القضائية هذه أن تلغي قرار الاحتجاز (أو مواصلة الاحتجاز) إذا كان القرار غير معقول بصورة واض حة، أو إذا كانت هناك عوامل ذات صلة لم تؤخذ في الاعتبار، أو إذا كانت قد أُخذت في الاعتبار عوامل ليست ذات صلة، أو إذا كان القرار غير قانوني لأسباب أخرى. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الفيدرالية قد اعتبرت في قرارها المؤرخ 20 نيسان/أبريل 1999 بشأن الطلب العاجل الذي قدمه صاحب البلاغ من أجل الإفراج عنه مؤقتاً لحين النظر في طلبه المؤرخ 29 آذار/مارس 1999 الذي قدمه طعناً في قرار الوزير القاضي بعدم إطلاق سراحه، أنه كانت هناك مسألة خطيرة يتعين النظر فيها فيما يتعلق بما إذا كان الوزير قد أخذ في الاعتبار عاملاً لا صلة لـه با لقضية، إلا أنه بالنظر إلى الاستئناف الوشيك أمام المحكمة بكامل هيئتها في إجراءات الإبعاد، فقد تبين من موازنة مختلف العوامل أن من الملائم عدم إطلاق سراح صاحب البلاغ.

7-8 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات حول ما إذا كان قد تابع طلب المراجعة المؤرخ 29 آذار/مارس 1999 الذي قدمه ضد قرار الوزير (وإذا لم يكن قد فعل ذلك، فما هي الأسباب)، أو ما إذا كان قد قبل دعوة المحكمة إلى إعادة تقديم الطلب من أجل الإفراج عنه مؤقتاً عقب النظر في الاستئناف أمام المحكمة بكامل هيئتها. كما أن صاحب البلاغ لم يفسر سبب تخلفه كم ا يبدو عن اللجوء إلى إجراءات المراجعة ضد قراري الوزير اللذين صدرا لاحقاً في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1999 وفي كانون الأول/ديسمبر 2000 بعدم إطلاق سراحه. وقد ترى اللجنة في ظل هذه الظروف، أن صاحب البلاغ قد تخلف عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بأي من ا لمسائل الناشئة عن الفترة الثانية لاحتجازه، وهي تعتبر ادعاءاته بموجب المادتين 7 و9 فيما يتعلق بهذه الفترة غير مقبولة بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للقضية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ ف ي ضوء كافة المعلومات التي أتاحها لها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وفيما يتعلق بالادعاءات ذات الصلة بالفترة الأولى من الاحتجاز من حيث صلتها بالفقرة 1 من المادة 9، تشير اللجنة إلى قراراتها السابقة حيث اع تبرت أنه من أجل تفادي وصف الاحتجاز بصفة التعسف، ينبغي ألا يستمر الاحتجاز لفترة تتعدى تلك التي تستطيع الدولة الطرف أن تقدم تبريرات مناسبة بشأنها (69) . وفي هذه القضية، استمر احتجاز صاحب البلاغ احتجازاً إلزاميا، كشخص غير مواطن وغير حائز على تصريح بالدخول، إلى أن يتم إبعاده أو منحه تصريحاً. ومع أن الدولة الطرف تقدم أسباباً معينة لتبرير الاحتجاز الفردي (الفقرة 4-28 وما بعدها)، فإن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تثبت أن تلك الأسباب تبرر استمرار احتجاز صاحب البلاغ، وذلك في ضوء مرور الوقت والظروف الطارئة وبصفة خاصة ، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت، في ضوء الظروف الخاصة لصاحب البلاغ، أنه لم تكن هناك وسائل أقل قساوة لتحقيق نفس الغايات، أي المطالبة بالامتثال لسياسات الدولة الطرف في مجال الهجرة، وذلك بوسائل منها مثلاً اشتراط الالتزام بالحضور إلى مركز الشرطة أو تقدي م كفالة أو غير ذلك من الشروط التي تراعي الحالة الصحية المتدهورة لصاحب البلاغ. وفي هذه الظروف، ومهما كانت الأسباب التي دعت إلى الاحتجاز الأصلي، فإن استمرار الاحتجاز في مركز المهاجرين لأكثر من عامين دون مبررات فردية ودون توفر أي فرصة لإجراء مراجعة قضائية موض وعية يعتبر، في رأي اللجنة، احتجازاً تعسفياً ويشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 9.

8-3 وبالنسبة للادعاء الآخر لصاحب البلاغ بشأن انتهاك أحكام الفقرة 4 من المادة 9 فيما يخص فترة الاحتجاز هذه، تشير اللجنة إلى مناقشتها لمسألة المقبولية الواردة أعلاه، وتلاحظ أن ا لمراجعة القضائية التي أُتيحت لصاحب البلاغ قد اقتصرت على مجرد إجراء تقييم رسمي لمسألة ما إذا كان الشخص المعني شخصاً من "غير المواطنين" ليس لديه إذن بالدخول. وتلاحظ اللجنة أنه لم تكن للمحكمة سلطة تقديرية، وهو ما أقرت به المحكمة بكامل هيئتها في حكمها المؤرخ 1 5 حزيران/يونيه 1994، لمراجعة قضية احتجاز صاحب البلاغ من الناحية الموضوعية فيما يتعلق باستمرار مبررات هذا الاحتجاز. وترى اللجنة أن العجز قضائياً عن الطعن في الاحتجاز الذي كان، أو أصبح، متعارضاً مع الفقرة 1 من المادة 9 يشكل انتهاكاً للفقرة 4 من نفس المادة.

8 -4 وفيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بأن فترة احتجازه الأولى تشكل انتهاكاً للمادة 7، تشير اللجنة إلى أن أدلة الطب النفسي الناشئة عن الفحوصات التي أُجريت لصاحب البلاغ خلال فترة طويلة والتي قبلت بها محاكم الدولة الطرف وهيئاتها القضائية، قد أجمعت بشكل أساسي على أن إصابة صاحب البلاغ بالمرض النفسي قد نجمت عن احتجازه لفترة طويلة في مركز المهاجرين. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف كانت تعلم منذ آب/أغسطس 1992 على الأقل عندما جرى وصف المهدئات لـه، بالمشاكل النفسية التي كان صاحب البلاغ يواجهها. وبحلول آب/أغسطس 1993 كان قد اتضح بالفعل أنه كان هناك تعارض بين استمرار احتجاز صاحب البلاغ وسلامته العقلية. وعلى الرغم من التقييمات الخطيرة المتزايدة للأحوال الصحية لصاحب البلاغ في شباط/فبراير وحزيران/يونيه 1994 (ومحاولته الانتحار)، فإن الوزير لم يمارس سلطته الاستثنائية في إطلاق سراحه من مركز احتجاز المهاجرين إلا في آب/أغسطس 1994، ولأسباب طبية (على أنه بقي رهن الاحتجاز من الناحية القانونية). وقد أظهرت الأحداث اللاحقة أن مرض صاحب البلاغ كان قد وصل في تلك المرحلة إلى مستوى من الخطورة يهدد بعواقب لا سبيل إلى تداركها. وفي رأي اللجنة أن است مرار احتجاز صاحب البلاغ عندما علمت الدولة الطرف بالمرض العقلي الذي يعانيه وتخلفت عن اتخاذ الخطوات اللازمة للتخفيف من هذا التدهور في صحته العقلية يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 7 من العهد.

8-5 وفيما يتعلق بحجج صاحب البلاغ بأن إبعاده إن حصل يشكل انتهاكاً لأحكام المادة 7، فإن اللجنة تعلق أهمية على حقيقة أن صاحب البلاغ كان قد مُنح أصلاً مركز اللاجئ على أساس خوف من الاضطهاد له ما يبرره لكونه مسيحياً آشورياً، بالإضافة إلى ما قد يترتب على عودته من عواقب تتصل بمرضه. ومن وجهة نظر اللجنة، فإن الدولة الطرف لم تثبت أن الظروف الحالية السائدة في الدولة المستقبلة قد بلغت مرحلة لم يعد فيها منح صفة اللاجئ أمراً نافذاً. كما تلاحظ اللجنة أن محكمة الطعون الإدارية التي أُقرّ قرارها خلال الاستئناف قد قبلت بأنه من غير المحتمل أن يكون الدواء الوحيد الناجع (كلوزاريل) والعلاج الاح تياطي متوفرين في إيران. كما أنها اعتبرت أن صاحب البلاغ "غير ملام على مرضه العقلي" الذي "أصيب به أول مرة عندما كان في أستراليا". وترى اللجنة، في الظروف التي اعترفت فيها الدولة الطرف بالتزامها بتوفير الحماية لصاحب البلاغ، أن إبعاده إلى بلد لا يحتمل أنه سيتلق ى فيه العلاج اللازم لمرضه الذي أصيب به من جراء انتهاك الدولة الطرف، بشكل كلي أو جزئي، لحقوقه يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

9- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكات لأحكام المادة 7 والفقرتين 1 و4 من المادة 9 من العهد.

10- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وفيما يتعلق بانتهاك الماد تين 7 و9 التي عانى منها صاحب البلاغ خلال فترة احتجازه الأولى، ينبغي للدولة الطرف أن تدفع لـه تعويضاً ملائماً. وبالنسبة للإبعاد المقترح لصاحب البلاغ ينبغي للدولة الطرف أن تمتنع عن إبعاده إلى إيران. كما أن الدولة الطرف ملزمة بتجنب حدوث انتهاكات مماثلة في الم ستقبل.

11- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها، وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأص لي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لم يكشف عن الاسم.

(2) مع أن صاحب البلاغ قد أشار إلى المادة 10 على غلاف البلاغ الذي قدمه، فإن الحجج الموضوعية التي قدمها لاحقاً كانت مبنيَّة على أساس المادة 9 (انظر الفقر ة 3-3 أدناه)؛ وبناء عليه، تنظر اللجنة في البلاغ على هذا الأساس الأخير.

(3) تقيم أم صاحب البلاغ وأخوه وزوجة أخيه في أستراليا. أما أبوه فتوفي. وله أخ يقيم في كندا.

(4) ليس واضحاً من المستندات ما إذا كانت المحكمة الاتحادية قد نظرت في الطعن الذي قدمه صاحب ال بلاغ بشأن رفض طلبه الأول للحصول على مركز اللاجئ.

( 5) "التقرير النفساني" المؤرخ 19 آب/أغسطس 1993 الذي قدمته العالمة النفسانية المتخصصة في الطب الشرعي السيدة إليزابيت وارن.

(6) "تقرير نفساني سري" مؤرخ 4 آذار/مارس 1994 قدمه الدكتور باتريك ماك - غوري، بكالور يوس في الطب وبكالوريوس في العلوم ودكتوراه وعضو الجمعية الملكية للأطباء النفسانيين (المملكة المتحدة)، وزميل الجمعية الأسترالية النيوزيلندية لأطباء علم النفس. وكشف خلاصة فحص الحالة العقلية أنه "رجل مكروب جداً" يتعاطى المسكنات ويعاني من "اضطراب سلوكي" و"تصور اضطهادي" مع ضعف واضح في القدرة على التذكُّر والتركيز. ويتميز مزاجه بالتقلب والقلق المقترن بالتوتر. واعتبر الخبير أن صاحب البلاغ يعاني من "حالة مركبة من القلق والاكتئاب" و"اضطراب اكتئابي شديد" مع وجود "أعراض خطيرة للقلق". وقال إنه من غير المستبعد أن يكون صا حب البلاغ مصاباً بحالة "اضطراب ناشئ عن التوهُّم".

(7) "التقرير النفساني السري" المؤرخ 27 حزيران/يونيه 1994 الذي قدمه الدكتور باتريك ماك - غوري.

(8) التقرير الطبي النفساني الذي قدمه الدكتور دوغلاس ر. بيل، كبير أمناء الطب النفسي، قسم الخدمات الإنسانية.

(9 ) التقرير الطبي النفساني السري، المؤرخ 29 كانون الثاني/يناير 1997 الذي قدمه الأستاذ الدكتور باتريك ماك - غوري، مركز الصحة العقلية للشباب. وقد لاحظ فيه "أنه قبل احتجازه، لم يكن هناك دليل على أنه كان يعاني من أي أمراض نفسانية وأن القلق الذي نجم عن احتجازه في المركز والشك في مستقبله الذي بلغ مداه الأقصى نظراً لطول مدة احتجازه قد عجّل من إصابته بمرض ذهاني خطير". "وهو لم يكن ليُصاب باضطراب نفساني خطير لو لم يحتجز لمدة طويلة وغير محددة". "وقد نشأ احتكاكه بنظام العدالة الجنائية، بكل بساطة، نتيجة لما تكوّن لديه من مرض نفساني نجمت عنه اعتقادات توهمية كانت سبباً في ما فعله". وفي ضوء العلاج الملائم، تحسنت حالته العقلية.

(10) التقرير النفساني، المؤرخ 5 آب/أغسطس 1997، المقدم من الدكتـورة إليزابيت وارن،Healey and Warren Psychologists. وقد أشار التقرير إلى رغبة [صاحب البل اغ] في الامتثال للأنظمة العلاجية وخلص، ضمن ما خلص إليه، إلى أنه "لما طالت مدة الاحتجاز [في مركز ماريبيرنونغ لاحتجاز المهاجرين]، تغيرت حالة هذا الرجل العقلية من شخص يعاني من القلق والاكتئاب والنزعة الانتحارية والارتياب إلى شخص ذي نزعة ذهانية وتوهمية صريحة".

(11) التقرير الطبي النفساني السري، المؤرخ 5 آب/أغسطس 1997، الذي قدمه الأستاذ الدكتور باتريك ماك - غوري، جامعة ملبورن. ففي حين يرى أن صاحب البلاغ لا يشكل، في ضوء العلاج الذي تلقاه، خطراً إلا في "الحدود الدنيا والمعقولة"، كرر التأكيد على أن إصابته بالصدمة واعتلاله "كانا في الأصل نتيجة احتجازه لمدة طويلة، وغير محددة في ذلك الوقت... [وهو] العامل الرئيسي الذي تسبب في مرضه العقلي الخطير الذي يعاني منه الآن. ويتضح ذلك بوجه خاص إذا علمنا بأنه لم يُسجل في تاريخ أسرته اضطراب عقلي ولا ما يدل على وجود قابلية للتعرض ل هذا الاضطراب". وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1998، قدم الخبير نفسه تقريراً آخر يكشف، في جملة أمور، أن "مرضه الأصلي قد نجم عن احتجازه الأول الذي حدث عقب وصوله إلى أستراليا".

(12) خلصت المحكمة إلى ما يلي: "إن هناك أدلة ... لا تقبل الجدال بأن الإجهاد والقلق النا جمين عن الاحتجاز والشك في مستقبله قد تسببا بإصابته بالمرض الذهاني الخطير. وقد عانى خلال الفترة المطولة التي قضاها في مركز احتجاز المهاجرين من تدهور واضح في صحته العقلية. وليست هناك أدلة على إصابته بأي مرض عقلي قبل احتجازه في مركز احتجاز المهاجرين... وقد قض ى ما يزيد على سنتين محتجزاً، ويبدو أنه لم يفرج عنه إلا بسبب تدهور صحته العقلية". [س] ضد وزير شؤون الهجرة والشؤون الإثنية [اقتباس محذوف].

(13) صرَّح مستشار الطب النفساني باري كيني قائلاً: "لقد توافقت آراؤنا، نحن الذين كنا معنيين بحالة هذا الرجل، على أن فت رة الاحتجاز نفسها قد تكون عجلت في إصابته بهذا الاضطراب التوهمي الذي عانى منه بالتأكيد. (وإننا نقرر ذلك بناء على عدم ظهور أية أعراض مرضية عليه في السابق، ولأنه كان يُحسن أداء عمله في إيران عندما كان يعمل محاسباً ولأنه، حين يتحكم في توهماته، يعمل ويظهر بمظهر جيد جداً في واقع الأمر)".

(14) اقتنعت محكمة الطعون الإدارية فيما يخص هذه المسألة بأن "السبب في أن [صاحب البلاغ] لم تعد ترد عليه أفكار توهمية وأنه أصبح باستطاعته بشكل أوضح أن يضع كل شخص في حياته مثل [ضحيته] موضعه المألوف، إنما يعود إلى العلاج بدواء كلوراز يل" وأن "احتمال عودة [صاحب البلاغ] إلى ارتكاب جرائم ومن ثم تعريض المجتمع للخطر هو من الضعف بحيث لا يكاد يُذكر إذا ما تناول دواء كلورازيل"؛ وقد "أثبت دواء كلورازيل نجاعته".

(15) الواقع أن صاحب البلاغ كان مؤهلاً للإفراج المشروط في تموز/يوليه 1997، لكن هيئة الإفراج المشروط أجلت إصدار قرارها بسبب إجراءات الترحيل التي كان الوزير قد بدأها. وقد كان بين يديها تقرير طبي نفساني مؤرخ 16 آذار/مارس 1998 طلبته من مستشار الطب النفساني باري كيني. وقد جاء في التقرير أن "الحالة الذهانية التي تكوّنت لديه عند الاحتجاز، مع عدم وجود سابقة ذات صلة، توحي بشدة بأن ما عجَّل بإصابته بهذه الحالة هو مكوثه لمدة طويلة قيد الاحتجاز".

(16) قررت المحكمة في هذه المسألة ما يلي: "نظراً لاستنتاجات محكمة الطعون الإدارية فيما يتعلق بما يمكن أن يحدث لمقدم الطلب إن هو عاد إلى إيران، واستنتاجها بأن عودته إلى حالته الذهانية قد تسترعي انتباه السلطات، بالإضافة إلى أنه بسبب انتمائه العرقي والديني قد يفقد حريته، فإني أعلن أن استنتاج محكمة الطعون الإدارية بأن [صاحب البلاغ] لا يتمتع بحماية الفقرة 1 من المادة 33 من الاتفاقية هو استنتاج غير معقول إلى درجة أن ه ما من محكمة سوية يمكن أن تخلص إلى نفس النتيجة. وقد لخصت محكمة الطعون الإدارية الظروف التي قد يسترعي فيها [صاحب البلاغ] انتباه السلطات ويتعرض للسجن، نتيجة مرضه، إن هو عاد إلى إيران وكذلك، جزئياً على الأقل، إذا اكتشفت السلطات بأنه مسيحي آشوري. ومن غير المع قول أن تدعي محكمة الطعون الإدارية بأن حرية [صاحب البلاغ] لن تتعرض للخطر بسبب انتمائه العرقي والديني. وبالطبع، قد يكون السبب في الاضطهاد حالته العقلية، لكن ما دام هناك احتمال اضطهاد يقوم جزئياً على سبب من الأسباب المنصوص عليها في الاتفاقية، لا يعود من المهم أن تكون علة الاضطهاد مسألة طارئة على الأسباب المنصوص عليها في الاتفاقية". [س.] ضد وزارة شؤون الهجرة والثقافات المتعددة [اقتباس محذوف].

(17) غير أن المحكمة وافقت على أن "المرض الذي يعاني منه" صاحب البلاغ "تكوَّن نتيجة احتجازه ريثما يُبت في طلبه تأشيرة حما ية". وقد بُت في ذلك الطلب لصالحه في النهاية. وقد كان المرض سبباً رئيسياً دفع [صاحب البلاغ] إلى ارتكاب جرائم يستحق عليها الترحيل". وزارة شؤون الهجرة والثقافات المتعددة ضد [س.] [الاقتباس محذوف] .

(18) ليس واضحاً ما إذا كان ذلك قراراً، أو يتضمن قراراً، بشأن ط لب إبطال الأمر بالترحيل الذي كان لا يزال معلقاً نظراً لإرجاء الوزير تلك المسألة في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1999.

(19) انظر الحواشي 5 و6 و7 و8 و9 و10 و11 و13 و15 أعلاه.

(20) وُضح ذلك في رسالته (الأخيرة) اللاحقة المؤرخة 21 أيلول/سبتمبر 2001. انظر الفقرة 5-3 (مع الحاشية 57)، والفقرة 6-3 والفقرات من 6-5 إلى 6-8.

(21) قضية أ. ر. ج. ضد أستراليا (رقم 692/1996) وقضية ت. ضد أستراليا (رقم 706/1996)، بالإضافة إلى التعليق العام رقم 20 على المادة 7.

(22) قدم صاحب البلاغ تقارير في هذا الصدد مؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 1994 و1 آب/أغسطس 1997 و19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 وضعها الدكتور كولن روبنشتاين، كبير المحاضرين في السياسة الشرق الأوسطية (جامعة موناش) وعضو اللجنة الفكتورية للشؤون الإثنية وتتناول "التمييز الحقيقي والفعلي ضد المسيحيين"، و"الترهيب الفعلي"، و"أشرس الحملات ض د الأقلية المسيحية الصغيرة منذ عام 1979"، بما في ذلك اغتيال رجال دين واعتقال مرتدين و"استئصال تدريجي للكنائس القائمة بذرائع قانونية". ويشهد وضع الأقليات، بما فيها الأقلية المسيحية، "ارتكاساً واضحاً" و"تدهوراً سريعاً". وعليه، فقد يتوقع صاحب البلاغ "وجود احت مال كبير للقصاص" و"اضطهاد حقيقي" في حال عودته.

(23) رقم 560/1993.

(24) وضّح ذلك في مرافعاته (النهائية) اللاحقة المقدمة في 21 أيلول/سبتمبر 2001. وإذا كان يبدو أن الشكوى الأولى تقتصر على فترة الاحتجاز الأولى، فإن المرافعات الرئيسية للدولة الطرف تتناول أيضا ً الاحتجاز الثاني من منظور المادة 9 (انظر بوجه خاص الفقرات من 4-22 إلى 4-24 والفقرات من 4-32 إلى 4-35).

(25) قضية فوّولانِّه ضد فنلندا ، رقم 265/1987.

(26) مرجع سابق.

(27) قضية ن. س. ضد كندا ، رقم 29/1978.

(28)McGoldrick, G. (1991), The Human Rights Com mittee: Its role in the development of the International Covenant on Civil and Political Rights, Clarendon Press, Oxford; Nowak M. (1993), United Nations Covenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary, Engel, Kehl. وهكذا، فإن الأفعال التي ترى ال لجنة أنها تشكل تعذيباً تشمل الضرب بصورة منهجية والصعق الكهربائي والغمر بمزيج من الماء، والدم والنفايات البشرية، والحرق، و عمليات الإعدام أو البتر الوهمية . (قضية غري موتا ضد أوروغواي رقم 11/1977؛ وبورغس ضد أوروغواي رقم 52/1979؛ وسنديك ضد أوروغواي رقم 63/1979 ؛ وأنخيل إستيريلا ضد أوروغواي رقم 74/1980؛ وهريرا روبيو ضد كولومبيا رقم 161/1983؛ ولافونتي ضد بوليفيارقم 176/1984).

(29) وُجدت انتهاكات في الفئات التالية من الحالات: الاعتداءات المباشرة على الأشخاص، وظروف الاحتجاز القاسية، والحبس الانفرادي لمدة طويلة وعد م توفير العلاج الطبي والنفساني الكافي للمحتجزين، ومن الأمثلة على ذلك العقوبة البدنية الشديدة (البتر والخصي والتعقيم والإعماء وغير ذلك)، والضرب بصورة منهجية، والصعق الكهربائي، والحرق، والتعليق لمدة طويلة من القيود المكبَّلة لليدين و/أو الرجلين، والإجبار على الوقوف لمدة طويلة، والتهديد، واحتجاز الأشخاص مقيدين ومعصوبين، وتعريض المحتجزين للبرد، وعدم تقديم إلا القليل من الطعام، والحبس الانفرادي، وكذا الأشكال المشددة لتنفيذ أحكام الإعدام. انظر قضية كاربالال ضد أوروغواي رقم 33/1978؛ وماسيوتي ضد أوروغواي رقم 25/197 8؛ وبيكيو ضد أوروغواي رقم 88/1981؛ وكاريبوني ضد أوروغواي رقم 159/1983؛ وبورتوريال ضد الجمهورية الدومينيكية رقم 188/1984.

(30) تشمل تلك الأفعال ممارسات الاحتجاز التعسفي التي ترمي إلى إهانة السجناء وإشعارهم بعدم الأمان (مثلا عن طريق الحبس الانفرادي المتكرر وتعريضهم للبرد ونقلهم المستمر من زنزانة إلى أخرى): قضية كونترس ضد أوروغواي رقم 139/1983، وتعليق النساء السجينات عاريات من أيديهن المكبلة: قضية إسوريانو دي بوتون ضد أوروغواي رقم 37/1978؛ وأرزواغا غيلباو ضد أوروغواي رقم 147/1983.

(31) مرجع سابق، الفقرة 9-2.

(32) قضية غراهام ضد جامايكا رقم 461/1991؛ وكيندلر ضد كندا رقم 470/1991؛ وجونسون ضد جامايكا رقم 588/1994؛ وشابلن ضد جامايكا رقم 596/1994.

(33)Davidson, G.C. and Neale, J.M. (1994), Abnormal Psychology (6 th ed.), John Wiliey & Sons, Brisbane; Gottesman, I.I., McGuffin, P. and Farmer, A.E. (1987), Clinical genetics as “clues” to the real genetics of schizophrenia, Schizophrenia Bulletin, 13, 23-47; Dworking, R.H., Lenzenwenger, M.F. and Moldin, S.O. (1987), Genetics and the phenomenology of schizophrenia. In P.D. Harvey and E.F. Walker (Eds.), Positive and negative symptoms of psychosis, Elrbaum, Hillsdale, NJ; Gottesman, I.I. and Shields, J. (1972), Schizophrenia and genetics: A twin study vantage point, Academic Press, New York; Rosenthal, D. (1970), Gen etic theory and abnormal behaviour, McGraw-Hill, New York; and Fischer, M. (1971), Psychosis in the off-spring of schizophrenic monozygotic twins and their normal co-twins, British Journal of Psychiatry, 118, 43-52.

(34) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التعليق العام رقم 20؛ 10/4/92، الفقرة 9.

(35) قضية أ. ر. ج. ضد أستراليا رقم 692/1996.

(36) قضية كيندلر ضد كندا ، مرجع سابق، وقضية كوكس ضد كندا رقم 539/1993؛ والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التعليق العام رقم 20، 10/4/92.

(37) م رجع سابق.

(38) المرجع نفسه.

(39)Hathaway, J.C. (1991), The law of refugee status, Butterworths, Toronto; Goodwin-Gill, G.S. (1996), The refugee in international law (2 nd ed.) Clarendon Paperbacks, Oxford.

(40)Goodwin-Gill, G.S. (1996), The refugee in international law (2 nd ed.) Clarendon Paperbacks, Oxford.

(41) انظر الحاشية 22 أعلاه.

(42)E/CN.4/2000/35.

(43) تشير الدولة الطرف إلى الزيارة التي قام بها الرئيس خاتمي إلى كنيسة آشورية في 17 أيلول/سبتمبر 2000، حيث أعلن أنه يرغب في العمل على "الخلافات وا لعمل لصالح جميع الإيرانيين، مسلمين وغير مسلمين، من أجل التعايش جنباً إلى جنب والتمتع بحياة لائقة كريمة" (وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)، 17 أيلول/سبتمبر 2000)، وإشادة أحد المطارنة الإيرانيين بالمسؤولين الإيرانيين لضمانهم الحريـات الدينية للأقليات العرقية (إيرنا، 30 تموز/يوليه 2000)، واستقبال المؤتمر السنوي للتحالف الآشوري العالمي الرئيس خاتمي في عام 1998 كضيف شرف.

(44)E/CN.4/2000/35.

(45) هذا ما أكدته الأعمال التحضيرية لصياغة الفقرة 1 من المادة 9 التي تبين أن المسؤولين عن الصياغة قد فسروا صراحة احتجاز غ ير المواطنين لأغراض المراقبة بأنه استثناء للقاعدة العامة القاضية بمنع حرمان أي شخص من حريته.

(46) في قضية أ. ضد أستراليا ، مرجع سابق، اعتُبر طول مدة احتجاز المهاجرين أحد العوامل التي تدخل في تقييم مدى تعسف الاحتجاز، لأن "الاحتجاز يجب ألا يستمر بعد الفترة ا لتي يمكن فيها للدولة أن تقدم المبررات اللازمة".

(47) ردّ الحكومة الأسترالية، في الفقرة 5، على آراء اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا .

(48) المرجع نفسه.

(49) أقوال الحكومة الأسترالية بشأن الأسس الموضوعية في قضية أ. ضد أستراليا .

(50) قضت المحكمة العليا أيضاً بأن أحكام الاحتجاز الإلزامي معقولة عملاً بالأمر الدستوري المحلي: قضية ليم ضد وزير شؤون الهجرة والشؤون الإثنية (1992) 176 CLR 1.

(51) المادة 75 ` 5 ` من الدستور وأمر الإحضار. وتشير الدولة الطرف إلى نظر المحكمة العليا في الأسس التي استند إليها الاحتجاز وخلوص ها إلى أن أحكاماً مشابهة بشأن الاحتجاز الإلزامي قد اعتبرت دستورية في قضية ليم ضد وزير شؤون الهجرة ، مرجع سابق.

(52) رقم 373/1989.

(53) قضية آر تي ضد فرنسا ، رقم 262/1987، وقضية فيسنتي ضد كولومبيا ، رقم 612/1995.

(54) قضية أليس ضد جامايكا ، رقم 276/1988.

(5 5) يستشهد صاحب البلاغ برفض السلطة التنفيذية لتقريرين صدرا مؤخراً عن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص يُبيِّنان الجوانب المتعلقة بسياسة اللجوء التي تنتهجها الدولة الطرف والتي تشكل خرقاً للمعايير الدولية.

(56) قضية ليم ضد أستراليا ، مرجع سابق.

(57) انظر الحاش ية 17 للاطلاع على إحالات إلى التقارير الأصلية. ويبين التقرير الإضافي عن الحالة النفسية، المؤرخ 7 أيار/مايو 2001 والمقدم من جانب الأستاذ المساعد هاري ميناس من مركز الصحة العقلية الدولية، أنه "بينما تعتبر العوامل الوراثية مهمة في ظهور الاستعداد للإصابة بمرض من هذا القبيل، فإن هذا المرض ينشأ في أحوال كثيرة عن الضغوط الهائلة. وإن الضغط الناجم عن احتجازه لمدة طويلة والإجراءات القانونية المطوّلة وعدم يقينه فيما يتعلق بمصيره، هي عوامل يمكن أن تكون كافية للتسبب في مرض شخص يكون لديه الاستعداد للإصابة بالمرض". وقد اع تبر الآن أن صاحب البلاغ "كان معافى من الناحية الطبية لمدة سنتين أو ربما لثلاث سنوات على الأقل".

(58) أعلاه، في الفقرة 2-6.

(59)E/CN.4/2001/39.

(60) تقارير مقدمة من الأستاذ ماك غوري، في 17 آذار/مارس 2000، والدكتور كيني في 7 آذار/مارس 2000، والدكتور كولك ارني في 10 آذار/مارس 2000.

(61) الأستاذ المساعد هاري ميناس، مركز الصحة الدولية، 7 أيار/مايو 2001 ( انظر الحاشية 57 أعلاه).

(62) المرجع سالف الذكر.

(63) اعتبر البلاغ في قضية ميل ضد فرنسا (689/1996)، غير مقبول لعدم استنفاد سُبل الانتصاف الإدارية.

(64) الم رجع سالف الذكر.

(65) المرجع سالف الذكر.

(66) يستشهد صاحب البلاغ مجدداً بقضية أليس ضد جامايكا ، المرجع سالف الذكر.

(67) رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قضية دوغوز ضد اليونان (الطلب 40907/98، الحكم المؤرخ 6 آذار/مارس 2001)، أن ظروف احتجاز طالبي الل جوء، بما في ذلك طول فترة احتجازهم المغالى فيها، تشكل معاملة لا إنسانية ومهينة وتبيِّن أيضاً أن احتجازهم هو احتجاز تعسفي، حيث لم يكن هناك سبيل انتصاف فعّال متاح يمكن بواسطته الطعن في قانونية هذا الاحتجاز. وبالمثل، ففي قضية ساسي ضد وزير الدولة (وزارة الداخلي ة ) (المحكمة العليا للمملكة المتحدة، الحكم المؤرخ 7 أيلول/سبتمبر 2001)، تبيّن أن احتجاز طالبي اللجوء احتجازاً إلزامياً دونما مبرر في كل حالة على حدة، يشكل احتجازاً تعسفياً.

(68) قضية ليم ضد أستراليا (1992) 176 CLR 1 (HCA).

(69) قضية أ. ضد أستراليا ، المرجع سالف الذكر، في الفقرة 9-4.

تذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السيد نايجل رودلي

إنني متفق مع اللجنة فيما توصلت إليه من استنتاجات بشأن انتهاكات الفقرة 1 من المادة 9 والمادة 7. على أنه بعد أن خلصت اللجنة إلى أن هناك انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 9، استنتجت أيضاً عل ى نحو غير ضروري إلى أنه كان هناك انتهاك للفقرة 4 من المادة 9، مستخدمة لغة تنزع إلى تفسير انتهاك الفقرة 1 من المادة 9 على أنه انتهاك "غير مشروع" بحكم القانون ضمن معنى الفقرة 4 من المادة 9. وبذلك تكون اللجنة قد سلكت الطريق الذي سبق لها أن سلكته في قضية أ. ضد أستراليا (560/1993).

ومن وجهة نظري، فإن هذا الطريق مفرط في الاتساع. كما أنه طريق يتعذر تبريره بالاستناد إلى نص العهد. فمن المؤكد أن صفة "التعسفي" الواردة في الفقرة 1 من المادة 9 تشمل عدم المشروعية. ويتضح ذلك من مفهوم التعسف بحد ذاته والعمل التحضيري. ولكن ني لا أستطيع أن أفهم كيف يكون العكس صحيحاً أيضاً. وكما أنه ليس هناك أي شيء يبرره في العمل التحضيري. ولكن هذا هو النهج الذي اتبع في قضية أ. ضد أستراليا والذي يبدو أن اللجنة تعيد تأكيده في هذه القضية على أن هذه الصعوبة التي أواجهها فيما يتعلق بنهج اللجنة لا تعني أنني أتبنى بالضرورة رأياً مفاده أن الفقرة 4 من المادة 9 لا يمكن أن تطبق أبداً في قضية تحتجز فيها شخص من جانب دولة طرف ما دامت هناك مراعاة للشكليات القانونية. ويمكنني أن أتصور على سبيل المثال أن تعذيب المحتجز يمكن أن يبرر ضرورة اللجوء إلى سبيل انتصاف ي شكك في استمرار مشروعية الاحتجاز.

والحجة التي أطرحها هنا تتمثل ببساطة في أن المسألة لم تكن بحاجة إلى معالجة في هذه القضية، لا سيما في ضوء حقيقة أن عدم توفر إمكانية الطعن القضائي في الاحتجاز يشكل جزءاً من الأسباب التي استندت إليها اللجنة في استنتاج حدوث انت هاك للفقرة 1 من المادة 9.

( توقيع ): نايجل رودلي

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي لعضو اللجنة السيد ديفيد كريتسمر

ارتأت اللجنة أن عدم وجود أية إمكانية لإجراء مراجعة قضائية موضوعية يعتبر عاملاً من العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في استنتاج أن استمرار احتجاز صاحب البلاغ يعد احتجازاً تعسفياً ويشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد. وإنني أشاطر زميلي نايجل رودلي الرأي في أنه لم تكن هناك في ظل هذه الظروف حاجة لمعالجة مسألة ما إذا كان عدم توفر مثل هذه المراجعة يُشكل أيضاً انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 9.

( توقيع ): ديفيد كريتسمر

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر ل احقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي لأعضاء اللجنة السيد نيسوكي أندو والسيد إيكارت كلاين والسيد ماكسويل يالدين (رأي مخالف جزئياً)

إننا وإن كنا نتفق مع اللجنة فيما توصلت إليه من استنتاج بشأن انتهاك الفقرتين 1 و4 من المادة 9، لسنا مقتنعين باستنتاجها بأن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 7 من العهد أيضاً. وقد تبيّن للجنة حدوث انتهاكات للمادة 7 لسببين. ويرد السبب الأول في الفقرة 8-4 من الآراء التي خلصت إليها اللجنة على أساس تقييم يتعلق باحتجاز صاحب البلاغ لفترة طويلة بعد أن أصبح و اضحاً أنه "كان هناك تعارض بين استمرار احتجاز صاحب البلاغ وسلامته العقلية". وقد وجدنا أنه من الصعب علينا اتباع هذا المنطق. فعلى الرغم من صحة القول بأن الصحة العقلية لصاحب البلاغ قد تدهورت حتى أُطلق سراحه من الاحتجاز ليوضع في عهدة أسرته في 10 آب/أغسطس 1994، إلا أنه ليس بمقدورنا أن نعتبر ذلك انتهاكاً للمادة 7، ذلك لأن استنتاجاً من هذا القبيل يؤدي إلى توسيع نطاق هذه المادة إلى حد بعيد جداً عن طرق الاحتجاز بحجة مفادها أن التعارض بين استمرار احتجاز صاحب البلاغ وسلامته العقلية لا يمكن حسمه إلا من خلال إطلاق سراحه - وإلا فإن الدولة الطرف ستكون قد انتهكت الحكم المذكور. وتُبيّن ظروف القضية أن صاحب البلاغ كان تحت المراقبة الدائمة وأنه قد جرى تقييم حالته النفسية. أما كون الدولة الطرف لم تأمر فورا بإطلاق سراحه، بل قررت أن تفعل ذلك بالاستناد فقط إلى تقرير عن الحالة النفسي ة لصاحب البلاغ مؤرخ في حزيران/يونيه 1994 يوصي فيه بشكل قاطع بإطلاق سراحه وتوفير العلاج الخارجي لـه (انظر الفقرة 2-5) فهو أمر لا يشكل في رأينا انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

كما أننا نرى أن الأساس الثاني الذي استندت إليه اللجنة في استنتاجها بشأن حدوث انتهاك ل لمادة 7 (الفقرة 8-5) هو أساس غير سليم أيضاً، حيث يستند تقييم اللجنة بمجمله إلى عدة حجج، وهي حجج غير مقنعة برمتها سواء أُخِذت كل واحدة منها على حدة أو أخذت بمجملها. ونحن لا نعتقد بأن الدولة الطرف قد أخفقت في دعم استنتاجها بأن صاحب البلاغ، بوصفه أحد المسيحيي ن الآشوريين، سوف لن يكابد الاضطهاد إذا ما تم إبعاده إلى إيران. ونشير في هذا الخصوص إلى الفقرات من 4-13 إلى 4-19 من آراء اللجنة. وفيما يتعلق بالحجة القائلة إن صاحب البلاغ سوف لن يتلقى علاجاً طبياً فعالاً في إيران، فإننا نشير إلى أقوال الدولة الطـرف الـواردة في الفقـرتين 4-20 و4-21 من آراء اللجنة. كما أننا لا نستطيع أن نفهم كيف يمكن الاستخفاف بهذه الحجج المفصلة لصالح استنتاج حدوث انتهاك للمادة 7، مثلما فعلت الأغلبية.

( توقيع ): السيد نيسوكي أندو

( توقيع ): السيد إيكارت كلاين

( توقيع ): السيد ماكسويل يالدين

[اعتم د بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

قاف - البلاغ رقم 908/2000، إيفانس ضد ترينيداد وتوباغو *

(الآراء التي اعتمدت في 21 آذار/مارس 2003، الدورة الساب عة والسبعون)

المقدم من : السيد زافيير إيفانس (يمثله محامٍ، السيد ساول ليهرفروند)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ترينيداد وتوباغو

تاريخ تقديم البلاغ : 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأ ة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 آذار/مارس 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 908/2000، الذي قُدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم السيد زافيير إيفانس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الد ولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف؛

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد زافيير إيفانس، وهو مواطن من مواطني ترينيداد وتوباغو، ويقضي حالياً حكماً بالسجن المؤبد في أحد السجون في أروكا. ويزعم أنه ضحية انتهاكات من جانب ترينيداد وتوباغـو للفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 والفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرات 1 و3(ج) و5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيدة روث ودجوود.

يرد نص لرأي فردي موقع من عضو اللجنة السيدة روث ودجوود، مرفقا ً بهذه الوثيقة .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 17 آذار/مارس 1986، ألقي القبض على صاحب البلاغ بدعوى ارتكاب جريمة قتل في 28 شباط/فبراير 1986 ووُجِّهت إليه بعد ذلك تهمة القتل العمد. وعلى إثر تحقيق أوّلي أُجري أمام إحدى المحاكم القضائية، عقدت المحاكمة أ مام محكمة العدل العليا في سان فرناندو في الفترة بين 22 حزيران/يونيه 1988 و4 تموز/يوليه 1988. وأُدين صاحب البلاغ بارتكاب جريمة القتل العمد وحُكِم عليه بعقوبة الإعدام. وفي 4 كانون الثاني/يناير 1994، خُفِّف الحكم من عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبّد لما تبقّى م ن "حياته الطبيعية".

2-2 وفي 26 نيسان/أبريل 1994، رفضت محكمة استئناف جمهورية ترينيداد وتوباغو دعوى الاستئناف التي أقامها لحكم الإدانة والعقوبة الصادرة ضده. ومثَّل صاحب البلاغ خلال محاكمته وأثناء دعوى الاستئناف محامٍ معيَّن من المحكمة. وفي 21 آذار/مارس 1997، قدم صاحب البلاغ التماساً بالحصول على إذن خاص باستئناف حكم الإدانة أمام اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص في لندن وسمح له بذلك. وتم الاستماع لدعوى الاستئناف، غير أنها رفضت في 17 كانون الأول/ديسمبر 1998.

2-3 وخلال المدة التي قضاها صاحب البلاغ وهو في جناح ا لمحكوم عليهم بالإعدام التي دامت خمس سنوات وستة أشهر، احتُجِز في الحبس الانفرادي في زنزانة تبلغ أبعادها تسعة أقدام طولاً وستة عرضاً تحوي سريراً ومنضدة ومقعداً كلها من الفولاذ. ولم تكن مجهزة بالمرافق الصحية، لكنه زُوِّد بدلو بلاستيكي لاستخدامه كمرحاض، كان يس مح لـه بتفريغه مرتين يومياً. ولم تكن هناك أي إضاءة طبيعية. وكان مصدر الضوء الوحيد هو أنبوب طويل من الفلورسنت مضاء طوال الليل والنهار، مركب فوق الباب خارج زنزانته. وكان يُسمح لـه بالخروج من زنزانته بمعدل مرة أو مرتين أسبوعياً للرياضة، وظل مقيد اليدين بالأصف اد طوال هذه المدة. وكانت كمية الطعام المقدمة إليه قليلة ولا تؤكل أو يكاد، ولا تكفي لتلبية احتياجاته الغذائية الخاصة. وكان يزود بالماء العذب، عند توفره، مرتين يومياً. وقلّما أجيبت طلباته باستشارة طبيب أو طبيب أسنان. ودعماً لهذه المزاعم، يشير صاحب البلاغ إلى مقالة نشرت في إحدى الصحف الوطنية، بتاريخ 5 آذار/مارس 1995، استُشهد فيها، في جملة أمور، بنص حديث الأمين العام لرابطة موظفي السجون، جاء فيه أن "أحوال السجون يرثى لها وغير محتملة مطلقاً وتشكل خطراً على صحة المساجين". ويؤكد صاحب البلاغ أن الأمين العام ذكر في نفس المقال أن قلة الموارد وتفشي الأمراض السارية، كالجدري والدرن والجرب، تجعل أيضاً وظيفة المسؤولين عن السجون عبئاً ثقيلاً (1) . ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن الموظف الصحي لم يستجب للشكاوى ولم يتخذ أي خطوات لتحسين الظروف الصحية التي لا تطاق داخل السجن.

الشكوى

3- 1 يدّعي صاحب البلاغ أن مدة 26 شهراً انقضت بين تاريخ وقوع جريمة القتل ومحاكمته، برغم أن المسائل التي تنطوي عليها القضية ليست معقّدة. وهو يرى أن هذه المدة طويلة على نحو غير معقول. ويزعم أن هذا التأخير حرمه من حقه في الحصول على محاكمة في غضون فترة زمنية معقول ة، مما يمثل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 3(ج) مـن المادة 14 من العهد (2) . ويقول صاحب البلاغ إن من المهم، لدى تقييم ما إذا كانت فترة التأخير معقولة النظر في أثر التأخير على عدالة المحاكمة. ويزعم في معرض دفاعه عن نفسه أنه لم يكن موجوداً في مكان الجري مة عند وقوعها، وأن أدلة التعرُّف على الجاني كانت قائمة على الظن أو خاطئة.

3-2 ويدّعي أيضاً وجود تأخير لمدة دامت خمس سنوات وتسعة أشهر بين إدانته والاستماع لدعوى استئناف الحكم الصادر ضده ويزعم أن حقه في إعادة النظر في الحكم الصادر ضده الذي تكفله الفقرتان 3(ج ) و5 من المادة 14 من العهد، قد انتُهك (3) . وفي هذا السياق، يؤكد صاحب البلاغ أن من المهم أن يوضع في الاعتبار أنه كان خاضعاً لعقوبة الإعدام طوال هذه المدة برمتها، ومراعاة ظروف حبسه بوصفه من المحكوم عليه بالإعدام.

3-3 ويدّعي صاحب البلاغ أن ظروف حبسه المخالفة ل لأصول المرعية خلال فترة السنوات الخمس التي قضاها وهو في جناح المحكوم عليهم بالإعدام تشكل معاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة، مما يمثل انتهاكاً للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ويقال إن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان قد أدانت مراراً وتكراراً هذه الظر وف لكونها تشكل خرقاً للمعايير المقبولة دولياً لكفالة الحد الأدنى من الحماية. ويزعم أن الظروف التي تعرّض لها تشكل أيضاً إخلالاً بقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

3-4 ويزعم صاحب البلاغ أن الحقوق التي تكفلها له المادة 14 بقراءتها بالاقترا ن مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فد انتُهكت. ويدّعي أنه حُرم من حق اللجوء إلى المحكمة، إذ إن القانون لا يمنح أي فرصة للاعتراض على فرض حكم إلزامي بالإعدام.

3-5 ويزعم أيضاً أن حقوقه بموجب المادة 14، عند قراءتها بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ق د انتُهكت. لأنه لم يمنح أي فرصة، عند تخفيف الحكم الصادر عليه بعقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد، لتقديم استشكالات قبل النطق بتخفيف الحكم.

3-6 وأخيراً، يدّعي صاحب البلاغ انتهاك المادة 14 بقراءتها بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، لأن تقديم طعن لاحق د ستوري أمام المحكمة العليا فيما يتعلـق بطول مـدة الحكـم بالسجن لم يكن متاحاً له، لأن المساعدة القانونية لا تقدم لمثل هذه الطعون ولأن التكاليف التي ينطوي عليها القيام بذلك تتجاوز موارد صاحب البلاغ. ويذكر أنه كان بالإمكان إقامة دعوى ابتدائية عملاً بالمادة 14( 1) من الدستور، على أساس أن الحكم الصادر عليه بالسجن المؤبد لِما تبقّى من "حياته الطبيعية" تعسفي وقاسٍ. لكنه يدّعي أنه حُرم فعلياً من ممارسة حقه الدستوري في المطالبة بجبر الأضرار التي لحقت به جراء انتهاك حقوقه نتيجة لعدم تقديم المساعدة القانونية اللازمة للط عون الدستورية. ويستشهد بقرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قضية كوري ضد جامايكا (4) ، ومؤداه وجوب إتاحة سبل انتصاف فعّالة في المحكمة الدستورية، وينبغي في سياق إعادة النظر في أي مخالفات للأصول المرعية في المحاكمات الجنائية، ينبغي تقديم المساعدة القانونية إل ى الذين لا تتوفر لهم الموارد اللازمة للقيام بذلك. كما يستشهد بالأحكام القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (5) ، ومؤداها أن كفالة الحق في اللجوء إلى محكمة فعلياً قد يتطلب تقديم المساعدة القانونية إلى مقدمي الطلبات المعوزين.

3-7 وفيما يتعلق بمقبولية البلا غ، يقول صاحب البلاغ إنه استنفد كافة سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. أما بصدد المزاعم المتعلقة بالتأخير السابق للمحاكمة أو المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة فيدّعي أنه لم يكن بالإمكان عرض هذه الشكاوى على المحاكم المحلية للدولة الطرف. ويشير إلى قضيتي ن محليتين تقرر فيهما أن التأخير السابق للمحاكمة لا يعتبر سبباً كافياً للطعن، حيثما يتعذر إثبات وجود مساس بعدالة المحاكمة، وأن دستور ترينيداد وتوباغو لا يمنح الحق في إجراء محاكمة عاجلة أو محاكمة في غضون فترة زمنية معقولة. وبالإضافة إلى ذلك، يزعم صاحب البلاغ أن من غير الممكن أن يتوقع منه إقامة دعوى دستورية أمام المحكمة الدستورية في جمهورية ترينيداد وتوباغو، إذ إنه يفتقر إلى الموارد المالية كما أن المساعدة القانونية ليست متاحة له (6) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 أحيل البلاغ والم ستندات المرفقة به إلى الدولة الطرف في 19 كانون الثاني/يناير 2000. ولم ترد الدولة الطرف على صاحب اللجنة الذي قدمته بموجب المادة 91 من النظام الداخلي، بشأن تقديم معلومات وملاحظات فيما يتعلق بمقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، على الرغم مما وُجِّه إليها من رسائل تذكيرية بهذا الشأن في 26 شباط/فبراير و11 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

5-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في الشكاوى الواردة في البلاغ، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من النظام الداخلي، م ا إذا كان البلاغ مقبولاًَ أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تدل ضمناً على أنه يتعين على أي دولة طرف أن تبحث بحسن نية، كافة المزاعم الموجّهة ضدها إليها، وأن تزود اللجنة بكافة الم علومات التي توجد تحت تصرفها. وفي ضوء عدم تعاون الدولة الطرف مع اللجنة بشأن المسألة المعروضة عليها، يتعين إيلاء الاهتمام الواجب لمزاعم صاحب البلاغ بقدر إثباتها بالأدلة.

5-2 ووفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تحققت اللجنة من أ ن المسألة ذاتها ليست قيد النظر بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدّع أن هناك أي سبل انتصاف محلية لا يزال يتعين على صاحب البلاغ أن يستنفدها، ولذلك فإن اللجنة تر ى أن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف المحلية.

5-3 وبصدد ما إذا كان صاحب البلاغ قد استوفى كافة معايير المقبولية الأخرى، تلاحظ اللجنة أنه فيما يتعلق بادعائه بأن الطابع الإلزامي للحكم بالإعدام يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، على أساس أن القان ون لا يمنح أي فرصة للسعي إلى تخفيف الحكم (الفقرة 3-4)، تشير اللجنة إلى آرائها التي اعتمدتها في قضيتي تومبسون ضد سان فنسنت وجزر غرينادين (7) وكيندي ضد ترينيداد وتوباغو (8) حيث أقرت فيهما أن عقوبة الإعدام الإلزامية بالنسبة لفئات معينة من الجرائم قد تشكِّل انتها كاً للفقرة 1 من المادة 6. على أنه على النقيض من الحالة في تينك القضيتين، فإن الحكم الصادر بالإعدام على صاحب البلاغ هذا قد خفف في عام 1974، أي قبل أن يقدم قضيته إلى اللجنة ببضع سنوات. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن تطبيق عقوبة الإعدام الإلزامية في قضيته ل ا تثير مسألة بموجب البروتوكول الاختياري. وبالتالي، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وفيما يتعلق بالادعاءات الأخرى التي قدمها صاحب البلاغ في الفقرات 3-1 و3-2 و3-3 و3-5 و3-6، ترى اللجنة، استناداً إلى الم علومات المعروضة عليها أن هذه الأجزاء من البلاغ غير مقبولة، وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف على النحو المنصوص عليه في الف قرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وفيما يتعلق بالادعاء فيما يخص التأخير غير المعقول السابق للمحاكمة، تلاحظ اللجنة أن التواريخ ذات الصلة، لأغراض تحديد طول فترة التأخير في نظر قضية صاحب البلاغ، هي الفترة الفاصلة بين تاريخ القبض على صاحب البلاغ و تاريخ المحاكمة وليس كما يدعي صاحب البلاغ، بين تاريخ وقوع الجريمة المزعومة، أي بعبارة أخرى تاريخ ارتكاب جريمة القتل، وتاريخ محاكمة صاحب البلاغ. وفي هذا الخصوص، تلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أنه يبدو أن هناك قدراً من التشوش في الإيضاحات التي قدمها محامي صاحب البلاغ فيما يتعلق بتاريخ إلقاء القبض على صاحب البلاغ، فإن من الواضح وضوح الشمس، من مستخرج من المحرر الأصلي للمحاكمة، أن صاحب البلاغ قد ألقي القبض عليه في 17 آذار/مارس 1986 وليس في 17 آذار/مارس 1988 (انظر الفقرة 2-1 والحاشية 1). وبالتالي، ترى اللجنة أن الت أخير لمدة سنتين وثلاثة أشهر بين تاريخ إلقاء القبض على صاحب البلاغ ومحاكمته، والذي بقي دون تفسير من جانب الدولة الطرف، يشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9 من العهد في محاكمته في غضون فترة زمنية معقولة أو إطلاق سراحه، رهناً باستيفاء شروط معينة، وكذلك لحق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد في أن يحاكم دون تأخير لا مبرر لـه.

6-3 أما فيما يتعلق بالادعاء بحدوث تأخير لمدة خمس سنوات وتسعة أشهر بين إدانته ورفض محكمة الاستئناف لجمهورية ترينيداد وتوباغو لدعوى الاستئناف التي أقامها والذي لم تفسر الدولة الطرف أيضاً سببه، تذكِّر اللجنة بأحكامها القضائية التي تفيد بأن الحقوق الواردة في الفقرة 3(ج) من المادة 14 والمادة 5، بقراءتهما معاً، تخول الحق في إعادة النظر في أي قرار يصدر خلال محاكمة دون تأخير (9) . وفي قضية جونسون ضد جامايكا (10) ، ر أت اللجنة أنه، فيما عدا الظروف الاستثنائية، يعتبر التأخير لمدة أربع سنوات وثلاثة أشهر مدة مطولة على نحو غير معقول. ونتيجة لهذه الاعتبارات، ترى اللجنة أن هناك انتهاكاً للفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 من العهد.

6-4 وبصدد الادعاء بأن ظروف الاحتجاز التي تعرض لها صاحب البلاغ خلال الفترة التي قضاها وهو في جناح المحكوم عليهم بالإعدام تمثل انتهاكاً للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، تلاحظ اللجنة أنه في غياب أي تفسير من الدولة الطرف، يتعين عليها أن تولي مزاعم صاحب البلاغ الاهتمام الواجب. وتلاحظ أن صاحب البلاغ قد احتُجز في الحبس الانفرادي وهو محكوم عليه بعقوبة الإعدام لمدة 5 سنوات في زنزانة تبلغ أبعادها 6 أقدام عرضاً و9 طولاً، دون مرافق صحية فيما عدا دلو للتخلص من الفضلات ودون إضاءة طبيعية، ولم يكن يُسمح لـه بالخروج من الزنزانة سوى مرة أو مرتين أسبوعياً، كان خلالها مقيد ا ليدين بالأصفاد، ولم يوفر لـه قدراً كافياً من الغذاء ولم تراع احتياجاته الغذائية الخاصة. وترى اللجنة أن ظروف الاحتجاز هذه - التي لم يجر الاعتراض كلية عليها - إذا ما نُظر إليها مجتمعة، تعتبر بمثابة انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وفي ضوء هذه النتيجة ل يست هناك فيما يتعلق بالمادة 10 وهي حكم من أحكام العهد ما يتناول على وجه التحديد حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم وتشتمل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص على العناصر الواردة عموماً في المادة 7، ضرورة للنظر بصورة منفصلة في الادعاءات الناشئة بموجب المادة 7 من العهد.

6- 5 أما فيما يخص ادعاء صاحب البلاغ بأنه حُرم من اللجوء إلى المحاكم من خلال عدم السماح لـه بتقديم استشكالات عندما تم تخفيف عقوبة الإعدام الصادرة ضده إلى السجن المؤبد لما تبقى من "حياته الطبيعية"، تشير اللجنة إلى الحكم الذي أصدرته في قضية كيندي ضد ترينيداد وتو باغو (11) الذي قررت فيه أن الدول الأطراف تحتفظ بسلطة التقدير فيما يتعلق بتوضيح طرائق ممارسة الحق في التماس تخفيف الحكم بالإعدام (الفقرة 4 من المادة 6) وأن هذا الحق لا يخضع للضمانات الإجرائية المنصوص عليها في المادة 14. ولذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يث بت أن عجزه عن تقديم استشكالات عند النظر في تخفيف الحكم الصادر ضده قد أدى إلى انتهاك أي حق من حقوقه المشمولة بالحماية بموجب العهد.

6-6 وبصدد الادعاء أنه حُرم من اللجوء إلى المحاكم ونتيجة لعدم تقديم المساعدة القانونية اللازمة كي يقدم طعناً دستورياً بصدد مسأل ة طول مدة العقوبة المفروضة بعد تخفيفها، تشير اللجنة إلى أحكامها القضائية السابقة (12) ، ومؤداها أن العهد لا يتضمن أي التزام صريح بأن تقوم أي دولة طرف بتوفير المساعدة القانونية إلى الأفراد في كافة القضايا، بل يقتصر تقديمها على تحديد التهمة الجنائية حيثما تقتض ي مصلحة القضاء ذلك. ومن ثم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يقتضي منها صراحة تقديم المساعدة القانونية خارج إطار أي محاكمة جنائية. وبما أن ادعاء صاحب البلاغ يتعلق بتخفيف الحكم الصادر ضده وليس بعدالة المحاكمة في حد ذاتها، يتعذر على اللجنة أن ترى أن هناك انتهاك اً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد في هذا الخصوص.

7- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكات للفقرة 3 من المادة 9 والفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8- ووفقاً للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك النظر في إخلاء سبيله مبكراً. وما دام صاحب البلاغ في السجن ، ينبغي معاملته معاملة إنسانية وعدم تعريضه للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويقع على الدولة الطرف أيضاً الالتزام بضمان عدم وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- وقد اعترفت الدولة الطرف، لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعني ة بحقوق الإنسان في البت فيما إذا كان العهد قد انتُهك أم لا. وقد قُدمت هذه القضية للنظر فيها قبل أن يصبح انسحاب الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري نافذاً في 27 حزيران/يونيه 2000؛ ووفقاً للفقرة 2 من المادة 12 من البروتوكول الاختياري، لا تزال تخضع لتطبيق ال بروتوكول الاختياري. وقد تعهدت الدولة الطرف وفقاً للمادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك. وتود اللجنة أن تت لقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدول الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية وال صينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دعماً لهذه المزاعم، يقدِّم صاحب البلاغ مقالات صحفية عن أوضاع السجون وإقراراً من المحامي الذي زار السجن موضع البحث وقدم في إقراره معلومات عن أوضاع السجن كما جاء وصفها على لسان النزلاء. ولم يكن صاحب البلاغ أح د هؤلاء النزلاء.

(2) يشير صاحب البلاغ إلى قضية ليليان سيلبرتي دي كاسايريجو ضد أوروغواي ، القضية رقم 56/1979، الآراء المعتمدة في 29 تموز/يوليه 1981، وقضية ميلان سكويرا ضد أوروغواي ، القضية رقم 6/1977، الآراء المعتمدة في 29 تموز/يوليه 1980، وقضية بنكني ضد كند ا ، القضية رقم 27/1979، الآراء المعتمدة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1981، وقضية سمارت ضد ترينيداد وتوباغو ، القضية رقم 672/1995، الآراء المعتمدة في 29 تموز/يوليه 1998، فضلاً عن أحكام القضاء التي أصدرتها لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، وبموجبها اعتبرت مدة سنتين وأربعة أشهر انتهاكاً للفقرة 5 من المادة 7 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

(3) يشير صاحب البلاغ إلى قضية بنكني ضد كندا، المرجع سالف الذكر، وقضية ليتل ضد جامايكا، القضية رقم 283/1998، الآراء المعتمدة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، وبرات ومورغان ضد جامايكا ، القضيتين رقم 210/1986، و225/1987، الآراء المعتمدة في 6 نيسان/أبريل 1989، وقضية كيلي ضد جامايكا ، القضية رقم 235/1987، الآراء المعتمدة في 17 تموز/يوليه 1996، وقضية نيبتون ضد ترينيداد وتوباغو ، القضية رقم 523/1992، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 1996.

(4) البلاغ رقم 377/1989، الآراء المعتمدة في 29 آذار/مارس 1994، حيث رأت اللجنة أنه "إذا لم تتوفر للشخص المدان الذي يلتمس إعادة النظر دستورياً في المخالفات المرتكبة في المحاكمة الجنائية موارد كافية للوفاء بتكاليف المساعدة القانونية اللازمة لمواصلة سب يل الانتصاف الدستوري، وحيثما اقتضت مصلحة العدالة ذلك، تعين على الدولة أن توفر المساعدة القانونية. وفي هذه القضية، فإن عدم توفير المساعدة القانونية حرم مقدم البلاغ من فرصة بحث المخالفات التي اكتنفت محاكمته جنائياً أمام محكمة دستورية ضمن محاكمة عادلة، ومن ثم يمثل هذا انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 والفقرة 3 من المادة 2".

(5) غولدير ضد المملكة المتحدة[1975] 1 EHRR 524 ، وأيري ضد آيرلندا[1979] 2 EHRR 305.

(6) في هذا الخصوص، يشير صاحب البلاغ إلى القضايا التالية للجنة المعنية بحقوق الإنسان: ليتل ضد جامايكا ، ا لمرجع نفسه؛ وريد ضد جامايكا ، القضية رقم 250/1987، الآراء المعتمدة في 20 تموز/يوليه 1990؛ وكولنس ضد جامايكا القضية رقم 356/1989، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1993؛ وسمارت ضد جامايكا القضية رقم 282/1988، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1993؛ وسمارت ضد تري نيداد وتوباغو، المرجع نفسه.

(7) القضية رقم 806/1998، الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

(8) القضية رقم 845/1998، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 2002.

(9) لوبوتو ضد زامبيا ، القضية رقم 390/1990، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1995 و نيبتون ضد ترينيداد وتوباغو ، المرجع نفسه.

(10) القضية رقم 588/1994، الآراء المعتمدة في 22 آذار/مارس 1996.

(11) المرجع نفسه.

(12) كيندي ضد ترينيداد وتوباغو ، المرجع نفسه.

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيدة روث ودجوود (مطابق جزئياً، مخالف جزئياً)

على غرار الرأي الموازي الذي أبداه كل من السادة نيسوكي أندو وإيكارت كلاين وديفيد كريتسمر في قضية كيندي ضد ترينيداد وتوباغو ، القضية رقم 845/1998 أود أن أعرب في القضية الراهنة عن احترامي للتحفظ الذي أبدته الدولة الطرف بتاريخ 26 أيار/مايو 1998، لدى انضمامها مجدداً للب روتوكول الاختياري. ويرد نص التحفظ على النحو التالي:

"... تنضم ترينيداد وتوباغو من جديد إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مع تحفظها على المادة 1 منه، مفاده أنه ليس من اختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان استلام ومع الجة بلاغات ذات صلة بأي سجين من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وتتصل بأي أمر يتعلق بمقاضاته أو باعتقاله أو بمحاكمته أو بإدانته أو بالحكم الصادر ضده أو بتوقيع عقوبة الإعدام عليه، أو أي أمر يتصل بذلك".

وتاريخ البلاغ الذي قدمه صاحب البلاغ إلى اللجنة في القضي ة الراهنة هو 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 أي بعد نفاذ التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف. ومن الجلي أن تخفيف الحكم بالإعدام الصادر في هذه القضية في عام 1994 لا يلغي أثر هذا التحفظ.

وأرى أن من المهم للجنة أن تحترم التحفظات التي أبدتها الدولة الطرف، التي تعد شرو طاً لموافقتها على البروتوكول الاختياري. وحتى إذا شاطر المرء وجهة النظر بأنه ينبغي للجنة أن تحكم بشكل مستقل على مدى توافق التحفظات التي تبديها الدول مع أهداف وأغراض البروتوكول الاختياري، فإنه يخلص إلى أن التحفظ الذي أبدته ترينيداد وتوباغو قد فشل في استيفاء هذا الشرط، غير أن للدول الأطراف الحق بموجب القانون الدولي العام وقانون المعاهدات، في أن تكون موافقتها على الالتزام بمعاهدة ما، بما في ذلك البروتوكول الاختياري، مشروطة بقبول أي تحفظ تبديه. وإلى هذا الحد لا أتفق مع الرأي السابق الذي أبدته اللجنة في التعليـق العـام رقـم 24(1994). وقد يكون لعدم قيام الدولة الطرف بالتعاون مع اللجنة في بحث الأسس الموضوعية لهذه القضية وقضية كيندي ضد ترينيداد وتوباغو الأسبق عهداً، علاقة إلى حد ما بالتغاضي عن تحفظها. (والواقع أن المشكلة نفسها قد تكون هي السبب في قرار الدولة الطرف بت وجيه إخطار بالانسحاب من البروتوكول الاختياري كليةً، اعتباراً من 23 تموز/يوليه 2000، وهي خطوة يسمح للدولة الطرف باتخاذها بموجب المادة 12 من البروتوكول الاختياري. ولا ينطبق هذا الانسحاب بشكل رسمي على هذه القضية.)

وحيث إن اللجنة رأت أن البلاغ الحالي مقبول، أ ود أن أعرب عن موافقتي على الأسس الموضوعية للقضية وهي أن ظروف السجن في جناح المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام، حسبما يزعم صاحب البلاغ كانت على ما يبدو مخالفة للأصول مخالفة شديدة. وتنوه قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء بأن بعض البلدان تواجه تح ديات فيما يتعلق بالميزانية والموارد. ومع ذلك فإن هذه القواعد تمثل "الشروط الدنيا التي تعترف بصلاحها الأمم المتحدة"، ولا تستوفي الظروف التي احتُجز في ظلها صاحب البلاغ خلال السنوات التي أمضاها في جناح المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام، في جملة أمور، الشروط المنصو ص عليها في الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 11 والفقرة الفرعية (1) من الفقرة 20 والفقرة الفرعية (1) من الفقرة 21 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. وتستنير اللجنة بهذه القواعد في تفسيرها للفقرة (1) من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحق وق المدنية والسياسية.

( توقيع ): روث ودجوود

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاًَ بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

راء - البلاغ رقم 933/2000، أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستوديوونجو دي، وريني سيبو ماتوبوكا وغيرهم ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية *

(الآراء التي اعتمدت في 31 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستودي وونجودي، وريني سيبو ماتوبوكا وغيرهم

باسم : أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستو دي وونجودي، وريني سيبو ماتوبوكا وغيرهم

الدولة الطرف : جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم البلاغ : 17 كانون الأول/ديسمبر 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تمو ز/يوليه 2003،

و قد انتهت من النظر في البلاغ رقم 933/2000 الذي قدمه أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستودي وونجودي، وريني سيبو ماتوبوكا وغيرهم بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم السادة أدريان مونديو بوسيو، وتوماس أوستودي وونجودي، وريني سيبو ماتوبوكا ، من مواطني جمهورية الكونغو الديمق راطية ، وهم يقدمون شكوى بصفتهم الشخصية وكذلك بصفتهم قضاة تعرضوا لتدبير عزل. ويدعون أنهم وقعوا ضحايا انتهاك جمهورية الكونغو الديمقراطية للمواد 9 و14 و19 و20 و21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويبدو أن البلاغ يثير أيضا مسائل تتصل بالفقرة (ج) من المادة 25 من العهد.

ـــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: ، السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو خويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 بموجب مرسوم ر ئاسي رقم 144 مؤرخ في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، عزل 315 قاضياً من قضاة المحاكم وأعضاء النيابة العامة، منهم أصحاب البلاغ، على النحو التالي:

"إن رئيس الجمهورية،

استناداً إلى المرسوم الاشتراعي الدستوري رقم 003 المؤرخ 27 أيار/مايو 1997 المتعلق بتنظيم السل طة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وممارستها، والمعدل والمستكمل حتى تاريخ هذا اليوم؛

واستنـاداً إلى الأمر رقم 88-056 المؤرخ 29 أيلول/سبتمبر 1988 الذي يحدد في المواد 37 و41 و42 منه النظام الأساسي للقضاة؛

وحيث يستخلص من تقارير مختلف اللجان التي شكلها وزير العدل والتي جالت جميع أنحاء البلد أن القضاة الواردة أسماؤهم أدناه ذوو أخلاق مريبة، أو فاسدون، أو تركوا وظائفهم أو يثبتون عدم كفاءة واضحة، وهو سلوك يتعارض مع واجبات مهنتهم، ومع شرف وكرامة وظائفهم؛

وحيث إن التصرفات المطعون فيها قد قللت من اعتبار السلطة الق ضائية، وشوهت صورة العدالة وشلَّت عملها؛

ونظراً إلى الطابع الملح للمسألة وضرورتها ووجاهتها؛

وعملاً بمقترحات وزير العدل؛

يرسم ما يلي:

المادة الأولى:

يعزل القضاة الآتية أسماؤهم من وظائفهم ...".

2-2 واعتراضاً على شرعية عمليات العزل هذه، قدم كل واحد من أصحاب البلاغ، عقب الإخطار وخلال مهلة ثلاثة شهور يحددها القانون، طعناً لدى رئيس الجمهورية للحصول على سحب المرسوم المذكور. وحيث إنهم لم يتلقوا أي رد، ووفقاً للأمر رقم 82/017 المؤرخ 31 آذار/مارس 1982 المتعلق بالإجراء المتبع عند تقديم الشكاوى إلى المحكمة العلي ا، فقد تقدم كل قاض من القضاة، خلال الفترة من نيسان/أبريل إلى كانون الأول/ديسمبر 1999، بالتماس إلى تلك الهيئة. ويستفاد على أساس المعلومات المقدمة من أصحاب البلاغ أن النائب العام للجمهورية الذي طُلب منه إبداء رأيه خلال فترة شهر، تعمد عدم تقديم تقرير النيابة العامة (1) إلا يوم 19 أيلول/سبتمبر 2000 بهدف عرقلة عملية الطعن. ومن جهة أخرى، اعتبرت المحكمة العليا، بموجب قرار مؤرخ في 26 أيلول/سبتمبر 2001، أن المرسوم الرئاسي رقم 144 يشكل عملاً حكومياً نظراً إلى أنه يدخل في إطار سياسة الحكومة الرامية إلى إصلاح الآداب الس ائدة داخل الجهاز القضائي وتحسين أداء إحدى السلطات الثلاث للدولة. وتبعاً لذلك رأت المحكمة العليا أن أعمال تنفيذ سياسة البلد التي قام بها رئيس الدولة، بوصفه سلطة سياسية، تخرج عن سلطان القاضي الإداري، واعتبرت تبعاً لذلك أن التماسات أصحاب البلاغ غير مقبولة.

2- 3 كما قام أصحاب البلاغ الذين نظموا أنفسهم من جهة أخرى تحت تسمية "فريق ال‍ 315 قاضياً المعزولين بصفة غير شرعية"، المعروف اختصاراً باسم فريق ال‍ 315، بتقديم التماس في 27 و29 كانون الثاني/يناير 1999 إلى وزير حقوق الإنسان، لكن دون جدوى.

2-4 وأخيرا يدّعي أصحاب البلاغ أنهم تعرّضوا لأشكال ضغط مختلفة من جانب السلطات لوضع حد لمطالباتهم. ويشيرون إلى أمري حضور صادرين ضد القاضيين رينيه سيبو ماتوبوكا وانتومبا كتشنغا (2) . ويوضحون أنه عقب اجتماع عُقد في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 بين فريق ال‍ 315 ووزير العدل لبحث المرسوم محل الخلاف، سحب الوزير أمري الحضور السابق ذكرهما. ويضيف أصحاب البلاغ أنه على إثر خطاب التذكير الموجه إلى وزير العدل بشأن عدم رده على مقابلتهم ذات الصلة بمرسوم العزل، ألقي القبض على القاضيين رينيه سيبو ماتوبوكا وبنوا مالو مالو واحتجزا في الفترة من 18 إلى 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 في مركز حجز غير شرعي، بمبنى مجموعة ليتو موبوتي، التابعة للمجموعة الخاصة بالأمن الرئاسي. واستمع إلى شهادتهم، من جهة أخرى، أشخاص غير محلفين، وغير مخولين من جانب النائب العام للجمهورية، مثلما ينص على ذلك القانون.

الشكوى

3-1 يفيد أصحا ب البلاغ أنهم ضحايا، في المقام الأول، تدابير عزل تبدو عدم شرعيتها، حسب زعمهم، جلية.

3-2 ويؤكدون أن المرسوم الرئاسي رقم 144 يتعارض مع المرسوم الاشتراعي الدستوري رقم 003 المؤرخ 27 أيار/مايو 1997 المتعلق بتنظيم وممارسة السلطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية و مع الأمر رقم 88-056 المؤرخ 29 أيلول/سبتمبر 1988 والمتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.

3-3 ويقول أصحاب البلاغ إنه في الوقت الذي ينص فيه التشريع السابق الذكر على أنه لا يحق لرئيس الجمهورية أن يعزل قاضياً مدنياً إلا بناء على اقتراح من المجلس الأعلى للقضاء (3) , فإن حالات العزل الحالية قد قُررت بناء على اقتراح من وزير العدل، وهو عضو في الجهاز التنفيذي، الذي حل، على هذا النحو، محل الهيئة الوحيدة المخولة في هذا المجال، وهي المجلس الأعلى للقضاء. ومن جهة أخرى، فإن التشريعات لا تخول، حسب أصحاب البلاغ، سلطة تقديرية رغم الظ روف التي يتذرع بها المرسوم الرئاسي رقم 144 - وهي الإلحاح، والضرورة والوجاهة - إذ لا يمكن لهذه الظروف أن تشكل أسباب عزل.

3-4 ويقول أصحاب البلاغ كذلك إن السلطات قد هزأت بالتزام يجب أن تتقيد به في المجال التأديبي، في جميع الحالات وهو مبدأ المرافعة الحضورية ول وازمه (ومنها افتراض البراءة). ذلك، أنه لم توجه أية سلطة أو جهاز أو لجنة إلى أصحاب البلاغ أي لوم أو إخطار، ولم يُستدعَ هؤلاء، في أي من الأوقات، للمثول أمام القاضي المحقق والمجلس الأعلى للقضاء على السواء، كما ينص على ذلك القانون.

3-5 وأخيراً، يؤكد أصحاب البل اغ أنه، انتهاكاً للالتزام بتبرير كل قرار يصدر بعزل موظف من موظفي الدولة، لا يشير المرسوم الرئاسي رقم 144 إلا إلى أسباب مبهمة، وغير دقيقة وغير شخصية - ألا وهي الأخلاق المريبة، وترك الوظيفة، وعدم الكفاءة الواضحة - وهي أسباب تعني في القانون الكونغولي، حسب رأي هم، عدم وجود أسباب. وفيما يتعلق بالادعاء بالأخلاق المريبة وبعدم الكفاءة الواضحة، يفيد أصحاب البلاغ أن ملفاتهم الشخصية لدى أمانة المجلس الأعلى للقضاء تبرز العكس. وبالنسبة إلى ادعاء ترك الوظيفة، فإن أصحاب البلاغ يؤكدون أن مغادرتهم لموقع عملهم كانت بسبب انعدا م أسباب الأمن الناتج عن الحرب وأن تسجيلهم لدى أمانة المجلس الأعلى للقضاء في كينشاسا، وهي مدينة اللجوء، يبين استعدادهم للعمل كقضاة. ويؤكدون أن أمانة المجلس الأعلى للقضاء قد عاملتهم، من جهة أخرى، معاملة مشردي حرب.

3-6 ويذكر أصحاب البلاغ التقريرين الصادرين لد ى لجنة حقوق الإنسان عن المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية (4) والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين (5) اللذين يعربان عن قلقهما بشأن المرسوم الرئاسي رقم 144 المتعلق بعزل القضاة ال‍ 315 والذي يشكل دليلا على وصاية ال جهاز التنفيذي على الجهاز القضائي. كما يشير أصحاب البلاغ من جهة أخرى إلى كلمة ألقاها مدير مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية ودعا فيها إلى إعادة الاعتبار للقضاة المخلوعين.

3-7 ويرى أصحاب البلاغ، في المقام الثاني، أنهم تعرضوا للقمع من جانب السلطة من خلال عمليات التوقيف والاحتجاز والاستجواب غير الشرعية التي خضع لها ثلاثة أعضاء من مجموعتهم (انظر الفقرة 2-4).

3-8 وأخيراً، يعتبر أصحاب البلاغ أنهم استنفدوا سبل الانتصاف المحلية. وإذ يذكِّرون بأن الطعن الذي تقدموا به إلى ر ئيس الجمهورية، ووزير حقوق الإنسان، ووزير العدل، لم يؤد إلى نتائج ويذكِّرون كذلك بقرار المحكمة العليا المؤرخ 26 أيلول/سبتمبر 2001، فإنهم يعتبرون أن استقلال القضاة الذين عينوا للبت في القضية لم يُضمن نظراً إلى أن كبير قضاة المحكمة العليا والنائب العام للجمهو رية وغيرهما من كبار القضاة قد عينتهم السلطة الجديدة الحاكمة، انتهاكاً للقانون الذي ينص على أن تلك التعيينات تتم عقب اقتراحات يقدمها المجلس الأعلى للقضاء. ويضيفون أنه بمناسبة تقليد رئيس الدولة هؤلاء القضاة وظائفهم، حاد كبير قضاة المحكمة العليا عن واجب الاحت راس وأيد شرعية مرسوم العزل. وإضافة إلى ذلك، يرى أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا، قد قررت، خطأً، بموجب قرارها المؤرخ 26 أيلول/سبتمبر 2001، عدم قبول شكاواهم وحرمتهم بذلك من أي سبيل من سبل الانتصاف.

3-9 ورغم الطلب وإشعارات التذكير (المذكرات الشفوية المؤرخة 7 ك انون الأول/ديسـمبر 2000 و12 تموز/يوليه 2001 و15 أيار/مايو 2003) التي وجهتها اللجنة إلى الدولة الطرف للرد على ادعاءات أصحاب البلاغ، لم تتلق اللجنة أي رد.

مداولات اللجنة بشأن المقبولية

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفق المادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في مقبولية الادعاء بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وقد تأكدت اللجنة، كما تنص على ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من عدم كون المسألة ذاتها محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

4-3 وتعتبر اللجنة أن شكوى أصحاب البلاغ، ومفادها أن الوقائع كما وصفوها تشـكل انتهاكاً للمواد 19 و20 و21، لم تدعم على النحو الكافي بالأدلة لأغراض المقبولية. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وترى اللجنة، في غياب أي معلومات مقدمة من الدولة الطرف، أن الشكوى المتعلقة بالمرسوم الرئاسي رقم 144 الذي عزل بموجبه 315 قاضياً، منهم أصحاب البلاغ الحاليون، وباعتقال واحتجاز القاضيين ريني سيبو ماتوبوكا وبينوا مالومالو يمكن أن تثي ر، بموجب المادة 9، والفقرة 1 من المادة 14 والفقرة (ج) من المادة 25 من العهد، مسائل تستحق النظر فيها من حيث الموضوع.

النظر في الأسس الموضوعية

5-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات المقدمة لها من الأطراف، وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 م ن البروتوكول الاختياري. وترى أنها لم تتلق أي جواب من الدولة الطرف، لا بشأن مقبولية هذا البلاغ ولا بشأن أسسه الموضوعية، رغم ما أُرسل إليها من إشعارات التذكير. وتذكّر اللجنة بأن الدولـة الطرف ملزمة بمقتضى الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري بالتعاون مع اللجنة، بأن تقدم إليها كتابةً إيضاحات أو بيانات توضح المسألة، وبأن تبين لها، عند الاقتضاء، التدابير التي يمكنها اتخاذها لتصحيح الوضع. وبما أن الدولة الطرف لم تبد أي تعاون في هذا الصدد، تجد اللجنة نفسها مضطرة إلى إيلاء الاعتبار الكامل لادعاءات أصحاب الب لاغ ما دامت هذه الادعاءات مدعمة بالأدلة.

5-2 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قد صاغوا ادعاءات واضحة ومفصلة تتعلق بعزلهم دون مراعاة الإجراءات والضمانات القانونية المنصوص عليها لذلك الغرض. وتلاحظ اللجنة، في هذا الصدد، أن وزير العدل، في تقريره الصادر في حزيران/ يونيه 1999 (انظر الفقرة 3-8) والنائب العام للجمهورية، في تقرير النيابة العامة المؤرخ 19 أيلول/سبتمبر 2000 (انظر الحاشية 1) يعترفان بعدم احترام الإجراءات والضمانات المنصوص عليها في مجال العزل. ومن جهة أخرى، تعتبر اللجنة أن الظروف التي يستند إليها المرسوم ال رئاسي رقم 144 لا يمكن في هذه الحالة أن تقبل بها اللجنة كأسباب تمكن من تبرير توافق تدابير العزل مع القانون، وبالخصوص المادة 4 من العهد. ذلك أن المرسوم الرئاسي لا يتضمن سوى إشارة إلى ظروف خاصة، دون تحديد طبيعة ونطاق مخالفات الحقوق التي تكرسها التشريعات الوطن ية والعهد، ودون تبيان الضرورة القصوى لتلك المخالفات وفترتها. وإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة عدم إرسال جمهورية الكونغو الديمقراطية إشعارا دوليا يتعلق باستخدام حق عدم التقيد، كما تنص على ذلك الفقرة 3 من المادة 4 من العهد. ومن جهة أخرى، تذكر اللجنة، استناداً إل ى سوابقها القضائية (6) ، بأن مبدأ التوظيف في الدوائر الحكومية في ظروف من المساواة ينطوي بالنسبة للدولة على واجب السهر على عدم ممارسة أي تمييز. وينسحب هذا المبدأ من باب أولى على الأشخاص الذين يضطلعون فعلاً بوظيفة حكومية، لا سيما الأشخاص الذين تعرضوا لإجراء عز ل. وفيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 14، تلاحظ اللجنة عدم وجود رد من جانب الدولة الطرف وتشير، من جهة، إلى أن أصحاب البلاغ لم يستفيدوا من الضمانات الملحقة بوظائفهم كقضاة والتي تنص على أنه كان من المفترض أن يمثلوا أمام المجلس الأعلى للقضاء وفقاً للقانون، ومن ج هة أخرى، إلى أن رئيس المحكمة العليا أبدى علناً، قبل المحاكمة، تأييده لعمليات العزل التي جرت (انظر الفقرة 3-8)، مما ينال من طابع الإنصاف الذي يجب أن تتصف به هذه المحاكمة. وتبعاً لذلك، تعتبر اللجنة أن عمليات العزل السابقة الذكر تشكل انتهاكاً لاستقلال الجهاز القضائي الذي تكفله الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وقد اتخذت تدابير عزل ضد أصحاب البلاغ بالاستناد إلى حجج لا يمكن للجنة أن تأخذ بها لتبرير عدم احترام الإجراءات والضمانات المنصوص عليها والتي يجب أن يستفيد منها كل مواطن في ظروف المساواة العامة. وفي غياب رد م ن الدولة الطرف، ونظراً إلى أن المحكمة العليا، بأمرها الصادر بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2001، قد حرمت أصحاب البلاغ من أي سبيل للانتصاف بعد أن أعلنت أن طلباتهم غير مقبولة لأن المرسوم الرئاسي رقم 144 يشكل عملاً حكومياً، تعتبر اللجنة أن الوقائع في هذه الحالة تبين انتهاكاً للفقرة (ج) من المادة 25 من العهد مقروءة مع الفقرة 1 من المادة 14 المتعلقة باستقلال الجهاز القضائي والفقرة 1 من المادة 2 من العهد.

5-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9 من العهد، تلاحظ اللجنة أنه تم إلقاء القبض على القاضيين ريني سيبو ماتوبوكا وبين وا مالومالو واحتجازهما تعسفا في الفترة من 18 إلى 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 في مركز اعتقال غير شرعي تابع للفريق الخاص بالأمن الرئاسي. وفي غياب رد الدولة الطرف، تلاحظ اللجنة انتهاكاً تعسفياً لحق الإنسان في الحرية وفي الأمان على شخصه بموجب المادة 9 من العهد.

6-1 وعملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 9 والفقرة 1 من المادة 14، والفقرة (ج) من المادة 25، مقروءة مع الفقرة 1 من الما دة 2 من العهد.

6-2 وعملاً بالفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن لأصحاب البلاغ الحق في سبيل انتصاف مجدٍ يمكن أن يكون على الشكل التالي: (أ) في غياب إجراء تأديبي كامل الشروط ضد أصحاب البلاغ، إعادتهم فعلاً إلى مناصبهم في الوظيفة الحكومية، بكل ما ين طوي عليه ذلك من نتائج، أو إلى منصب مماثل إن اقتضى الأمـر ذلك (7) ؛ و(ب) منحهم تعويضاً يحسب على أساس مبلغ يساوي الأجر الذي كانوا سيحصلون عليه منذ تاريخ عزلهم (8) . وختاماً، على الدولة الطرف أن تسهر على عدم تكرار انتهاكات مماثلة مستقبلاً، وبالخصوص أن لا تتخذ أي تدبير من تدابير العزل إلا في إطار احترام مواد العهد.

6-3 وتذكّر اللجنـة جمهورية الكونغو الديمقراطية أنها بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من الع هد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيلاً للانتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك. لذا، تُعرب اللجنة عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها، في غضون تسعين يوماً. كما أن الدولة مدعوة إلى نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أحال أصحاب البلاغ نسخة من تق رير النيابة العامة. ويطلب النائب العام للجمهورية في ذلك التقرير من المحكمة العليا أن تعلن في المقام الأول أن المرسوم الرئاسي رقم 144 هو عمل صادر عن الحكومة لا يخضع لسلطانها؛ وفي المقام الثاني، أن ذلك المرسوم مبرر بسبب الظروف الاستثنائية. واستناداً إلى اتها مات صادرة سواء عن السكان أو عن أجانب يعيشون في جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد القضاة المنعوتين بغير الأكـفاء، وغير المسؤولين، وغير الأخلاقيين والفاسدين واستناداً إلى بعثات قضاة بشأن هذا الموضوع، يؤكد النائب العام للجمهورية أن رئيس الدولة قد أصدر المرسوم ال رئاسي رقم 144 لمواجهة حالة أزمة تتسم بالحرب، واحتلال جزء من الأراضي وضرورة التدخل على وجه السرعة لمكافحة الإفلات من العقاب. ويشدد على أنه كان يتعذر على السلطة من الناحية المادية أن تتبع الإجراء التأديبي العادي، وأن الطابع الملح للمسألة، وتفسخ الجهاز القضائ ي، ومكافحة الإفلات من العقاب، هي عناصر لا تتماشى مع قرار محتمل بإرجاء العقوبة المفروضة على القضاة المعنيين.

(2) لم يحدد تاريخ أمري الحضور.

(3) يجتمع المجلس الأعلى للقضاء بوصفه الهيئة التأديبية تنفيذاً للعقاب النهائي لسببين اثنين، إما سبب تأديبي هو العزل ، أو جزائي لتنفيذ عقوبة سجن تزيد عن ثلاثة شهور.

(4) التقرير E/CN.4/1999/31، المؤرخ 8 شباط/فبراير 1999.

(5) التقرير E/CN.4/2000/61، المؤرخ 21 شباط/فبراير 2000.

(6) البلاغ رقم 422/1990 اديمايو م. آدوايوم ت. دياسو وياوو س. دوبو ضد توغو؛ الملاحظة العامة رقم 25 على المادة 25 من العهد (الدورة الخمسون - 1996).

(7) البلاغات ذات الأرقام 630/1995 عبدولايه مازو ضد الكاميرون؛ و641/1995 جيدومبي ضد جمهورية كونغو الديمقراطية و906/2000 فيليكس إنريكي شيرا فارغاس - ماتشوكا ضد بيرو.

(8) البلاغات ذات الأرقام 422/1990، 423 /1990 و424/1990 آديمايو م. آدوايوم - سفيانو ت. دياسو وياوو س. دوبو ضد توغو؛ و641/1995 جيدومبي ضـد جمهوريـة الكونغـو الديمقراطية و906/2000 فيليكس أنريكي شيرا فارغاس - ماشوكا ضد بيرو.

شين- البلاغ رقم 941/2000، يَنغ ضد أستراليا *

(الآراء التي اعتمدت في 6 آب/ أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

مقدم من : السيد إدوَرد يَنغ (تمثله المحاميتان السيدة ميشيل هانن والسيدة مونيك هيتر)

الشخص المدعى أنه الضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 29 حزيران/يونيه 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللج نة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 آب/أغسطس 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ 941/2000، الذي قُدم باسم السيد إدوَرد يَنغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الا ختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد القرار التالي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد إدوَرد يَنغ، وهو مواطن أسترالي مولود في 7 أيار/مايو 1935 ومقيم حاليا في مقاطعة نيو ساوث ويلز. ويدعي أنه كان ضحية انتهاك أستراليا للمادة 26 من العهد. وتمثله محاميتان.

________________

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، وال سيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي.

يرد في تذييل هذه الوثيقة نص رأيين فرديين وقع عليهما عضوا اللجنة السيدة روث ودجوود والسيد فرانكو ديباسكواليه.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ على علاقة مثلية مع السيد ك. لمدة 38 عاما. وكان السيد ك . من المحاربين القدماء، وحظي برعاية صاحب البلاغ في آخر سنوات حياته. وتوفي في 20 كانون الأول/ديسمبر 1998 وهو في ال‍ 73 من عمره. وفي 1 آذار/مارس 1999، طلب صاحب البلاغ الحصول على معاش طبقا للمادة 13 من قانون استحقاقات المحاربين القدماء بوصفه معال أحد المحاربي ن القدماء. وفي 12 آذار/مارس 1999، رفضت لجنة الإعادة إلى الوطن طلب صاحب البلاغ باعتباره من غير المعالين حسب تعريفهم في ذلك القانون، وتستشهد اللجنة في قرارها بالتشريعات التالية ذات الصلة:

تنص المادة 11 من القانون على ما يلي:

"المقصود بالمعال، في سياق المحا ربين القدماء (بما في ذلك المتوفون منهم)

(أ) الشريك..."

وتعرِّف المادة 5 - هاء من القانون "الشريك، من حيث علاقته بالشخص الذي دخل معه طرفاً في علاقة زوجية بأنه الطرف الآخر في العلاقة الزوجية".

وتعرف المادة 5 - هاء (2) مفهوم الزوجين كما يلي:

"يعد الشخص "طرفاً في علاقة زوجية" لأغراض هذا القانون إذا:

(أ) كان متزوجاً زواجاً شرعياً من شخص آخر ولا يعيش منفصلاً ومنعزلاً عنه بصفة دائمة؛ أو إذا

(ب) استوفى جميع الشروط التالية:

` 1 ` أن يكون الشخص مقيماً مع شخص من الجنس الآخر (أشير إليه بالشريك في هذه الفقرة)؛

` 2 ` ألا يكون الشخص متزوجاً زواجاً شرعياً من الشريك؛

` 3 ` أن تكون هناك بين الشخص والشريك علاقة تعتبرها اللجنة (...) علاقة زوجية؛

` 4 ` ألا تكون هناك بين الشخص والشريك علاقة محظورة بمفهوم المادة 23-باء من قانون الزواج لعام 1961".

وجاء في القرار أن "صيغة الما دة 5 - هاء (2)(ب)(1) - كما أبرزتُها - لا يعتريها أي غموض. ولذلك فليس باستطاعتي للأسف أن أجتهد في هذه المسألة. ومعنى هذا أنك في نظر التشريع لا تُعَدّ من معالي المحارب القديم المتوفى. وعليه، فلا يحق لك المطالبة بمعاش بموجب قانون استحقاقات المحاربين القدماء".

كما رُفض بموجب ذلك القانون منح صاحب البلاغ استحقاق الوفاة لعدم اعتباره "طرفاً في علاقة زوجية" (1) .

2-2 وفي 16 آذار/مارس 1999، قدم صاحب البلاغ طلبا إلى هيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء ملتمسا إعادة النظر في قرار اللجنة. وأيدت هيئة الاستئناف في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1999 قرار اللجنة، مستنتجة أن صاحب البلاغ ليس مُعالاً حسب تعريف المعال الوارد في القانون. وتشير هيئة الاستئناف في قرارها إلى التشريع المذكور آنفا معتبرة أنها "ليست مخولة سلطة تقديرية لتطبيق القانون، وهي في هذه الحالة ملزمة بمراعاة المادة 11 منه. وهكذا، يتعين على هيئة الاستئناف بموجب التشريع الساري أن تؤيد القرار موضوع الطعن بسبب وضع مقدم الطلب".

2-3 وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1999، رفضت لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص الشكوى التي قدمها إليها صاحب البلاغ، مبينة أن التدخل في المسألة ليس من اخت صاصها، بما أن صاحب البلاغ قد أُخضع لتطبيق التشريع بطريقة تلقائية دون ممارسة لسلطة تقديرية.

الشكوى

3-1 يشتكي صاحب البلاغ من أن رفض الدولة الطرف منحه استحقاق المعاش، على أساس أنه من نفس جنس شريكه، أي بسبب ميوله الجنسية، ينطوي على انتهاك لحقه في معاملة متكافئ ة أمام القانون ويتنافى مع المادة 26. وإذ يسلم بأن المادة 26 لا تجبر الدول الأطراف على سن تشريع بعينه، فهو يدفع بأن على هذه الدول، متى سنت ذلك التشريع، أن تجعله متفقاً مع أحكام المادة 26. ويذكّر صاحب البلاغ بأن اللجنة استنتجت من حيث المبدأ، في قضايا بروكس ض د هولندا (2) وزفان دي فريز ضد هولندا (3) ودانينغ ضد هولندا (4) ، أن قانون الضمان الاجتماعي يخضع لأحكام المادة 26. كما يذكّر بأن اللجنة قد سلمت في قضية تونن ضد أستراليا (5) بأن التفرقة على أساس الميول الجنسية محظورة بموجب المادة 26.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه كان باستطاعته الطعن في القرار أمام محكمة الكومنولث للاستئناف الإداري، لولا أن فرص نجاح هذا الطعن منعدمة، ذلك أنه مقيد أيضا بأحكام قانون استحقاقات المحاربين القدماء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تعلق الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 1 أيار/مايو 2001 على مقبولية قبول البلاغ وعلى أسسه الموضوعية. وتنظر في معنى الحقوق المكفولة في المادة 26 وتميز بين "المساواة أمام القانون" و"التساوي في التمتع بحماية القانون". إذ تزعم أن الأولى لا تستهدف القانون وإنما إنفاذه، والمقصود بها أن على القض اة والمسؤولين الإداريين ألا ينفذوا القوانين بطريقة تعسفية (6) . في حين تزعم أن الثاني يتعلق بجوهر القوانين وبتطبيقها على حد سواء (7) . ورغم أن صاحب البلاغ يشير في بلاغه إلى "المساواة أمام القانون"، لا تفهم الدولة الطرف ذلك على أنه متصل بما يدعى من انتهاك لهذا الجانب من المادة 26. وتفهم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لا يدعي تعسف القضاة والمسؤولين في إصدار القرار وإنما يدعي أن القانون ذاته ينطوي على تمييز، وأنه يثير مسألة التساوي في التمتع بحماية القانون طبقا للمادة 26.

4-2 وتطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ لأسب اب ثلاثة، فهي تزعم أولاً أن صاحب البلاغ ليس ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري، الذي بينت اللجنة وفقـاً لـه (8) أن على صاحب البلاغ أن يقدم الأدلة التي تثبت أنه قد تضرر شخصيا جراء فعل أو تقصير من جانب الدولة الطرف. ولئن كانت الدولة الطرف تؤيد قرارات السلطات المحلية القاضية برفض مطالبة صاحب البلاغ بالحصول على معاش، فهي لا تؤيد الأسباب التي قدمتها تلك الهيئات لتبرير الأحكام ذات الصلة. وتزعم الدولة الطرف أن فحص الوقائع في ضوء قانون استحقاقات المحاربين القدماء فحصا شاملا يبين أنه ما كان ليحق لأي شريك للسيد ك.، مثلياً كان أم مغايراً جنسياً، تقاضي معاش طبقا لقانون الاستحقاقات. وعليه، تزعم الدولة الطرف أن كلاً من ميول صاحب البلاغ الجنسية وميول السيد ك. الجنسية لا تعد عنصرا مقرِّراً في هذه المسألة.

4-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ تقدم بطلب لتقاضي معاش طبقا لقانون استحقاقات المحاربين القدماء، وأن الأحكام المتعلقة بالأهلية مبينة في القسم 2 من الجزء الثاني من ذلك القانون. وتحدد المادة 13 شروط "أهلية الحصول على معاش". وترى الدولة الطرف أنه يجب على صاحب البلاغ، لإثبات تعرضه لتمييز مخالف للقانون، أن يثبت أولا أن باستطاعته استيفاء شروط الاستحقاق الواردة في المادة 13.

4-4 وتوضح الدولة الطرف أن المادة 13 تنص على خمسة أسباب مختلفة لاستحقاق المعاش. وتخـول المادة 13(1)، بصفة خاصة، معال المحارب القديم، وشريكه أيضاً، طلب تقاضي معاش إذا كانت وفاة المحارب "ن اجمة عن حرب". وتزعم الدولة الطرف أن سجلات وزارة شؤون المحاربين القدماء لا تفيد بأن وفاة السيد ك. "ناجمة عن حرب"، كما لا يدعي صاحب البلاغ أن تلك الوفاة "ناجمة عن حرب". وعليه، تذكر الدولة الطرف أنه ما كان يحق لشريك مِثلي أو مغاير جنسياً للسيد ك. أن يتقاضى مع اشاً طبقا للبند الفرعي (1). ثم تمضي الدولة الطرف في فحص الوقائع الواردة في قضية صاحب البلاغ في ضوء بقية البنود الفرعية من المادة 13 سعيا إلى إثبات أنه ما كان ليحق لصاحب البلاغ تقاضي معاش، بصرف النظر عن علاقته بالسيد ك.، ذلك أن السيد ك. ليس من المحاربين الق دماء الذين يستوفون الشروط اللازمة. وتذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، إذ لم يكن يحق له في شتى الأحوال الحصول على ذلك البدل، لم يثبت استحقاقه للمعاش من حيث المبدأ، وعليه، فلا يعد ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1.

4-5 و ثانياً ، تذكّر الدولة الطرف بمجموعة القرا رات والآراء الصادرة سابقاً عن اللجنة (9) ، وتدفع بأن صاحب البلاغ لم يدعم قضيته بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وتدفع الدولة الطرف بأن على صاحب البلاغ، لرفع دعوى ظاهرة الوجاهة، أن يثبت أنه قد حُرم من الحصول على استحقاق كان سيتاح قانونا لشريك مغاير جنسياً للسيد ك.، وتشير إلى الحجج المقدمة في الفقرات من 4-2 إلى 4-4 أعلاه. وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ أساء تقييم جميع وقائع القضية وتقييم هذه الوقائع في ضوء المادة 13 من قانون الاستحقاقات، ومن ثم، فليس باستطاعته أن يثبت ما يدعيه من أن عدم حصوله على المعاش بموجب قانون الاستحقاقات مرده إلى تمييز على أساس الميول الجنسية، وهو ما ينطوي على خرق للمادة 26.

4-6 و ثالثاً ، تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأغراض المقبولية. وتفيد الدولة الطرف، محيلة إلى السوابق القضائية للجنة (10) ، أنه يس تخلص من آراء اللجنة عموما أن فرص نجاح سبيل ما من سبل الانتصاف ينبغي أن تكون منعدمة حتى يحق لصاحب البلاغ الادعاء بأنه لا حاجة إلى استنفاد سبيل الانتصاف ذاك لكي تعلن اللجنة مقبولية البلاغ.

4-7 وتفيد الدولة الطرف بأنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطعن في القرار أمام محكمة الاستئناف الإداري، وتقدم المعلومات التالية عن هذه المحكمة. أنشئت محكمة الاستئناف الإداري بموجب قانون اتحادي، وخُوِّلت صلاحية تأكيد الأحكام أو إبطالها، وإحالة المسألة إلى الجهة التي أصدرت القرار الأول لكي تتخذ قراراً جديداً أو تعدل القرار أو تستع يض عنه بآخر. ويتمثل دور المحكمة، عند ممارستها هذه الصلاحية في تحديد "القرار الصائب أو المستصوب" في ما يتصل بقضية معينة. وتجري المحكمة تلقائيا، عند أداء مهامها، فحصاً شاملاً للوقائع. والمحكمة غير ملزمة بالاكتفاء بالمعلومات المتوفرة للجهة التي أصدرت القرار ا لأول، ويمكنها النظر في معلومات لم تكن معروفة عند صدور القرار الأول. ويمكن لأحد الأطراف في قضية استمعت إليها محكمة الاستئناف الإداري أن يطلب إلى المحكمة الاتحادية إعادة النظر في القرار.

4-8 وتفيد الدولة الطرف بأنه كان من المحتمل جدا أن تخلص محكمة الاستئناف الإداري إلى أنه لا يحق لصاحب البلاغ، شأنه في ذلك شأن أي شريك مغاير أو مثيل جنسيا للسيد ك.، الحصول على معاش طبقا للمادة 13 من قانون الاستحقاقات. وكان القرار سيقوم على واحد من السببين التاليين: إما (1) إما أن السيد ك. لم يستوف الشروط المنصوص عليها في المادة 13 من ذلك القانون والتي يعتمد عليها حق الشريك في الحصول على معاش، لا سيما الشروط المتصلة بالإعاقة البالغة أو الوفاة الناجمة عن الخدمة الحربية (كما هو مبين في الفقرات من 4-2 إلى الفقرة 4-4)؛ (2) أو إما أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة على علاقته ال فعلية المزعومة مع السيد ك. (تقدم الدولة الطرف المزيد من المعلومات المتعلقة بهذه الحجة في ملاحظاتها على الأسس الموضوعية). وتزعم الدولة الطرف أن إصدار محكمة الاستئناف الإداري قرارا قائما على أحد هذين السببين أو كليهما ما كان لينطوي على أي تفرقة تشكل خرقا للم ادة 26 وأن هذه القضية ما كانت لتعرض على اللجنة.

4-9 وفي ما يتعلق بالأسس الموضوعية، تزعم الدولة الطرف أن حق صاحب البلاغ في تقاضي معاش، بصرف النظر عن الأسباب التي قدمتها هيئات البت في قضيته، لم يتحدد بالميول الجنسية لكل من السيد ك. وصاحب البلاغ، وأن ادعاء ص احب البلاغ يفتقر إلى أي أساس موضوعي لأغراض نظر اللجنة في البلاغ. ويقوم زعم الدولة الطرف هذا على أساسين. إذ تدعي أولا أنه ما كان ليحق لأي شريك مغاير أو مثيل جنسيا للسيد ك. أن يتقاضى معاشاً طبقا للمادة 13 من قانون استحقاقات المحاربين القدماء. وتفيد الدولة ال طرف ثانيا أن صاحب البلاغ لم يقدم في جميع الأحوال ما يكفي من الأدلة لإثبات أنه كان بالفعل شريك السيد ك. وعليه، تزعم الدولة الطرف، بصرف النظر عن أن صاحب البلاغ لم يتمكن من استيفاء شروط الأهلية المنصوص عليها في قانون الاستحقاقات، أن هيئات البت ما كانت لتقتنع بأن صاحب البلاغ قد استوفى شرط الحد الأدنى المتمثل في إثبات وجود علاقة فعلية.

4-10 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لدعم ما يدعيه من أنه الشريك الفعلي للسيد ك. وعليه، تفيد الدولة الطرف، على أساس فحص سليم للوقائع في ضوء القانون ذي الصلة، أنه لم تحدث أية تفرقة استندت إلى معايير غير معقولة وغير موضوعية أو عُللت بها. وتشدد الدولة الطرف على أهمية إنفاق أموال الحكومة حيثما كانت الحاجة إليها أمس. ومن ثم، فقد جرت العادة على تطبيق معايير الأهلية في ما يتعلق بمدفوعات الضمان الاجتماعي، وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة تقر بحقوق الدول في إخضاع المدفوعات المتصلة باستحقاقات الضمان الاجتماعي لمعايير الأهلية (11) .

4-11 وتوضح الدولة الطرف أن شرط تقديم الأدلة المناسبة على وجود علاقة فعلية يعتبر أحد الشروط التي يتعين استيفاؤها قبل أن يحق للمرء تقاضي معاش طبقا للمادة 13 من قانون استحقاقات المحاربين القدماء. وتفيد الدولة الطرف بأن السيد ك. لم يذكر في مراسلاته مع الوزارة شيئا سوى أنه كان أعزباً (12) . وتطلب الوزارة تقديم أدلة على العلاقات لتحديد الحق في تقاضي استحقاقات المعاش. وفي هذا الصدد، يرد في استمارة طلب تقاضي معاش بالنسبة لأرامل الحرب ما يلي:

"يرجى إرفاق نسخة من شهادة الزواج أو دليل على علاقتك بالمحارب القديم المتوفى، إن لم تكن قد قدمت هذه المستندات إلى الإدارة سلفا".

4-12 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم دليلا على أنه شريك المتوفى، فيما عدا طلب ه الحصول على معاش، سوى اسمه الوارد في شهادة وفاة السيد ك. وتفيد الدولة الطرف بأن المعلومات الواردة في شهادات الوفاة الصادرة في مقاطعة نيو ساوث ويلز، بما فيها تلك المتصلة بالأزواج، لا تعتبر دليلا موثوقا به في هذا الصدد. ويُذكر أن المعلومات الواردة في شهادة الوفاة لا تكفي وحدها لإثبات أن صاحب البلاغ كان شريك السيد ك. من أجل تطبيق قانون لاستحقاقات المحاربين القدماء. كما تفيد الدولة الطرف بأن الإدارة تأخذ في اعتبارها أدلة من قبيل المصروفات المتقاسمة، والتعايش أو تقاسم تجارب هامة، والرسائل، والهبة في إطار وصية، وشهادات أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو المقربين من الطرفين.

4-13 ويختلف تقييم ما إذا كان صاحب البلاغ بالفعل شريك السيد ك. أم لا عن التقييم الذي كان سيطبق على أي شخص مغاير أو مثيل جنسيا يدعي أنه لشريك محارب قديم. ولم يكن باستطاعة الوزارة، في غياب المزيد من ال أدلة، أن تقتنع بأن صاحب البلاغ كان شريك السيد ك. وتذكر الدولة الطرف أن تطبيق عملية التقييم على ذلك النحو يحول دون إثارة مسائل تتعلق بالتساوي في التمتع بحماية القانون. كما تذكر أنه لا وجود لأدلة على ارتكاب المسؤولين في الوزارة أعمالاً تعسفية من شأنها أن تدع م استنتاج خرق الضمان المكفول لصاحب البلاغ بالمساواة أمام القانون (الفقرة 4-1 أعلاه).

4-14 وختاما، تذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات مركزه كشريك فعلي للسيد ك.، وأن ذلك شكل بالتأكيد سببا أساسيا لرفض منحه المعاش. وترى الدولة ال طرف أن هذا الرفض لا يفضي إلى خرق لحقوق صاحب البلاغ المكفولة في المادة 26.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يكرر صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة 17 آب/أغسطس 2001 أنه ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري، باعتباره شخصا طبيعيا تضرر شخصيا من كونه حُرم من تقاضي معاش بسبب ميوله الجنسية. كما يكرر أن كلا من لجنة الإعادة إلى الوطن وهيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء أوضحت أن السبب في رفض طلبه هو أن شريكه لم يكن من الجنس الآخر، أي أن السبب في ذلك ميوله الجنسية.

5-2 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، رغم أنها أعربت عن عدم تأييدها للأسباب التي قدمتها كل من لجنة الإعادة إلى الوطن وهيئة الاستئناف لرفض الطلب، لا تنكر أن الجنس يعد شرطا من شروط تقديم المعاشات طبقا لقانون الاستحقاقات وأن ميول صاحب البلاغ الجنسية تحول دون استيفائه ذلك الشرط. كما يدعي أن الدولة الطرف لا تزعم أن أي هيئة محلية أخرى تعيد النظر في طلبه كانت ستخلص إلى استنتاج مخالف بشأن أهليته لتقاضي معاش باعتباره معالا.

5-3 وفي ما يتعلق بما تدعيه الدولة الطرف من أن صاحب البلاغ ليس ضحية لأن من الممكن رفض دفع معاش له طبقا لقانون الاستحقاقات على أساس ع دد من المعايير الأخرى التي لا علاقة لها بالجنس، يزعم صاحب البلاغ أن استيفاءه شروط الأهلية لا يؤثر على صفته كضحية للأسباب التالية: فحتى لو استوفى الشروط المنصوص عليها في المادة الفرعية 13، لن يحق له مع ذلك الحصول على المعاش لأنه لا يستوفي تعريف المعال. ويرى صاحب البلاغ أن من المهم التمييز بين قضايا كقضية هوفدمان ضد هولندا (13) ، حيث من الواضح أنه لم يكن يحق للفرد الحصول على استحقاقات حكومية معينة لأسباب أخرى غير الأسباب القائمة على التمييز المحظورة بموجب العهد، وقضايا يكون فيها حق تقاضي البدل قابلا للنقاش ويتط لب استماع هيئة إدارية حكومية مناسبة إلى القضية على نحو سليم ومنصف بغية تحديد الأهلية.

5-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يتسن لـه إثبات ما إذا كان باستطاعته استيفاء الشروط المنصوص عليها في تلك البنود الفرعية. ويقر بأنه لم يستطع استيفاء الشروط الواردة في بنود فر عية معينة من المادة الفرعية 13، تخوله الحق في الحصول على معاش، لكنه يدعي أن الفرصة لم تتح لـه بعد لإثبات استيفائه الشروط المنصوص عليها في بنود فرعية أخرى من المادة 13، تخوله الحق في الحصول على ذلك الاستحقاق. ويذكر أن الدولة الطرف، رغم ما سلمت به في رسالتها بخصوص قدرته على استيفاء مختلف الشروط، قد خولت الهيئات المحلية، بما فيها هيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء، صلاحية البت في ما إذا كانت الشروط ذات الصلة مستوفاة.

5-5 ويزعم صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، في ما افترضته في تلك المرحلة بشأن قدرته على استي فاء تلك الشروط، تعرضه للتمييز مجددا، ذلك أن باستطاعة المواطنين الذين يقيمون علاقات جنسية مع الجنس الآخر والذين يسعون إلى تقاضي هذا المعاش طبقا للبنود الفرعية المشار إليها أعلاه أن يستوفوا الشروط التي تتناولها بالتقييم لجنة الإعادة إلى الوطن أو هيئة الاستئن اف أو غيرهما من هيئات صنع القرار. وتنظر هذه الهيئات في جميع الأدلة المتعلقة بالقضية. ويفيد صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تحط علما بأدلة صاحب البلاغ ولا بحججه في ما يتعلق بالكيفية التي يمكن أن يستوفي بها تلك الشروط. وعلاوة على ذلك، يعتبر صاحب البلاغ أن مط البته بإعادة النظر في القرار مع أن من الواضح أن ذلك لن يفضي إلى نتيجة مخالفة، أمر ينطوي أيضا على تمييز. ويدعي أنه لا يعامَل على قدم المساواة مع غيره أمام القانون بما أنه استُبعد ببساطة على أساس ميوله الجنسية، ولو لم يكن قادراً على إثبات أنه يستوفي بقية الش روط اللازمة لتقاضي معاش.

5-6 وفي ما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يفيد صاحب البلاغ بأن هيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء إذ بينت بوضوح أنها لا تملك السلطة التقديرية للخروج باستنتاج غير ذلك الذي يستبعده من أهلية تقاضي المعاش بحجة أنه لا يستوف ي الشروط الواردة في تعريف المعال، فلن يجوز لمحكمة الاستئناف الإداري ولا المحكمة الاتحادية في أستراليا أن تخلصا إلى استنتاج آخر. ويفيد صاحب البلاغ بأن القانون الأسترالي لا يخول هيئة اتخاذ القرار، عندما يكون معنى أحد الأحكام في قانون ما بينا وجليا، سلطة تفسي ر ذلك الحكم بشكل مخالف. وتقتضي المادة 5 (ألف) تام أن يكون الشخص الذي يدعي أنه طرف في علاقة زوجية مرتبطا بعلاقة مع شخص من الجنس الآخر، كي يكتسب صفة الشريك ويحظى من ثم بمركز المعال طبقا للقانون.

5-7 ويزعم صاحب البلاغ أن هذا الحكم لا يترك لأي من هيئات اتخاذ ا لقرار حيزا لممارسة سلطتها التقديرية بغية إدراج الشركاء من نفس الجنس ضمن نطاق التعريف، حتى وإن رأت الهيئة أن من العدل والمعقول فعل ذلك. وفي ما يتعلق بتفسير مصطلحات مثل "الشريك" و"الزوج" و"العلاقة الزوجية" يفيد صاحب البلاغ بأن الأحكام القضائية لم تدرج العلاق ات المثلية حتى عندما كانت لها سلطة تقدير ذلك لأن المصطلح لم يُعرّف أبدا بصورة أدق. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تدعي أن أيا من محكمة الاستئناف الإدارية أو المحكمة الاتحادية كان لها أن تأتي بتفسير مخالف في هذا الصدد. ويشير إلى أن محكمة الاستئناف ال إداري كان لها، في أفضل الأحوال، أن تجد أسبابا أخرى لحرمانه من تقاضي المعاش غير "السبب القائم على التمييز".

5-8 ويزعم صاحب البلاغ أن ما سبق أن صدر عن اللجنة (14) من آراء وقرارات لا يطالبه إلا بأن يثبت أن طلب إعادة النظر في الأسباب التي سيقت لحرمانه من تقاضي المعاش هو أمر لا جدوى منه. ولا تطالبه سوابق اللجنة بالتماس سبل انتصاف محلية أخرى، إذ قد تعتبر هيئات أخرى أنه غير مؤهل لأسباب لم تثرها الهيئات التي كانت قد نظرت فعلا في طلبه. كما يزعم أنه ليس مطالبا بالتماس إعادة النظر في قرار ما لغرض استنفاد سبل الانتصاف ا لمحلية، إلا في ما يتعلق بذلك الجانب من القرار الذي يعتبر أن فيه انتهاكا للعهد.

5-9 ويكرر صاحب البلاغ أنه سعى بالفعل إلى أن تنظر لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص في ما يدعيه من أن جعل مدفوعات المعاش طبقا لقانون الاستحقاقات حكرا على الشركاء المغايرين جنسيا لل محاربين القدماء يعد انتهاكا للمادة 26 من العهد. ويذكر أن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص قد ردت قائلة إن الموارد المتاحة لها لا تسمح بالنظر في استحقاقات الأزواج المثليين بمقتضى أحكام قانون استحقاقات المحاربين القدماء، وإنها لا تستطيع النظر في المسألة على أي أساس آخر بما أن جهة البت في هذه المسألة لا تملك السلطة التقديرية لتحديد ما إذا كان صاحب البلاغ يستوفي شروط المعال كما يعرِّفه قانون استحقاقات المحاربين القدماء.

5-10 ويعارض صاحب البلاغ ما ادعته الدولة الطرف من أنه لو لجأ إلى محكمة الاستئناف الإداري، لرفضت طلبه لأسباب لا صلة لها بميوله الجنسية. ويزعم أن الدولة الطرف مخطئة في ما ادعت من أنه ما كان ليحق لـه الحصول على معاش طبقا للمادة 13 من قانون الاستحقاقات، مشيرا إلى أن هيئات الاستئناف ذات الصلاحية للنظر في طلبه لم تعرب أي منها عن أي قلق إزاء قدرته على استي فاء الشروط المنصوص عليها في البنود الفرعية من المادة 13. ويذكر صاحب البلاغ أن السيد ك. لم يكن يدخن قبل التحاقه بالجيش وأن آثار التدخين ساهمت في وفاته. وبموجب القضاء الأسترالي فإن المحاربين القدماء الذين ماتوا جراء أمراض متصلة بالتدخين تعد وفاتهم ناجمة عن إ صابات تسببت فيها الحرب، ويستوفون شروط المادة 13، إذا كان تجنيدهم هو السبب في التدخين. ويرى صاحب البلاغ أن طلبات الحصول على المعاشات طبقا لقانون الاستحقاقات، التي قدمها معالو المحاربين القدماء على أساس إصابات ناجمة عن الحرب، قد قُبلت حتى في الحالات التي أثب تت فيها بعد مماته الصلة بين وفاة المحارب القديم وإصابته الناجمة عن الحرب.

5-11 وأخيرا، يذكر صاحب البلاغ في ما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية أن موارده محدودة حيث إنه من غير ذوي الأملاك وإن دخله يقتصر على معاش يتقاضاه من وزارة الضمان الاجتماعي، ووضعه ا لمالي لا يسمح له بمتابعة الإجراءات القانونية.

5-12 وفي ما يتعلق بالأسس الموضوعية، يعود صاحب البلاغ إلى مسألة الأدلة المقدمة بخصوص علاقته مع السيد ك. ويفيد بأن ما زُعم من أنه لم يُمنح المعاش لأنه لم يـأت بما يكفي من الأدلة على علاقتـه مع السيد ك. لا يتسق مع القرارات الخطية الصادرة عن كل من لجنة الإعادة إلى الوطن وهيئة الاستئناف، اللتين سلمتا بعلاقته مع السيد ك. ويزعم أن باستطاعته إقناع هيئات استئناف أخرى بعلاقتهما (15) ، كما يدعي أن كلا القرارين يفيد بأن طلبه قد رفض لأنه لا يستوفي تعريف المعال، أي بسبب ميوله ا لجنسية. وإن هيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء قد أقرت صراحة بعلاقة صاحب البلاغ مع السيد ك. (16) .

5-13 ويقول صاحب البلاغ ألا غرو أن جاء رد السيد ك. على هذا النحو في الوثائق التي أشارت إليها الدولة الطرف في الفقرة 4-11، نظرا لمواقف أستراليا، وموقف وزار ة الدفاع وشؤون المحاربين القدماء بصفة خاصة، إزاء العلاقات المثلية، كما يتبين من رفض الوزارة الاعتراف بصحة هذه العلاقات (17) فلا تحتوي هذه الوثائق على ما ينفي علاقته بالسيد ك. أو يشكل دليلا على نفي هذه العلاقة. كما لا يوجد في أي من الوثائق المشار إليها بند ك ان من الممكن أن يتيح للسيد ك. وصف علاقته مع صاحب البلاغ، حيث لا ذكر فيها "للشريك".

الملاحظات التكميلية التي قدمتها الدولة الطرف

6-1 في 7 شباط/فبراير 2002، أعلمت الدولة الطرف اللجنة أن مجرد كونها لا ترد على كل مزاعم المحاميتين وادعاءاتهما لا يعني أنها تقر ب صحتها. إذ تنفي ما يدعيه صاحب البلاغ من أن الحكومة الأسترالية، من خلال ما سلمت به بخصوص قدرته على استيفاء الشروط المنصوص عليها في قانون الاستحقاقات، تعرضه للتمييز مجددا. وتبين الدولة الطرف أنها قامت بفحص الوقائع التي عرضها صاحب البلاغ في ضوء شروط الأهلية ال سارية على كل من يلتمس تقاضي معاش طبقا لقانون الاستحقاقات، مغايرا كان أو مثيلا جنسيا، دون أن يكون الغرض هو التمييز ضد صاحب البلاغ بل الرد على ادعاءاته على أكمل وجه ممكن. وترى الدولة الطرف أن فحص الشروط كان ضروريا للرد على الادعاءات وأنها ما كانت لتتوانى عنه بصرف النظر عن نوع جنس صاحب البلاغ أو ميوله الجنسية.

6-2 وفي ما يتعلق بما ادعاه صاحب البلاغ من أن شرط التماس إعادة النظر، عندما يكون من الواضح أن ذلك لن يفضي إلى نتيجة مخالفة، ينطوي أيضاً على تمييز، تفيد الدولة الطرف بأن مجرد إعلام اللجنة بالخيارات التي ك انت متاحة لصاحب البلاغ لا ينطوي البتة على تمييز. وتنفي الدولة الطرف ما ادعاه صاحب البلاغ من أن قرارات الهيئات المحلية كانت في حد ذاتها قائمة على تمييز وتدفع بأن طلب صاحب البلاغ قد حظي بنفس الاهتمام الذي تحظى به طلبات غيره.

6-3 وفي ما يتعلق بما يدعيه صاحب ا لبلاغ من أنه لم يُمنح فرصة لإثبات ما إذا كان يستوفي الشروط الواردة في المادة 13 من قانون الاستحقاقات، تكرر الدولة الطرف أنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطعن في قرار هيئة الاستئناف أمام محكمة الاستئناف الإداري. وتقوم المحكمة، في أدائها المهام المنوطة بها، بإع ادة النظر في القرار موضع الطعن بصفة شاملة، وكان يحق لصاحب البلاغ أن يثبت ما إذا كان يستوفي الشروط المنصوص عليها في المادة 13 (18) .

6-4 وتقول الدولة الطرف، إنها، بينما لا تخلص إلى أي استنتاج بخصوص صحة الأدلة الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ لإثبات علاقته مع السيد ك.، كان يتعين تقديم هذه الأدلة إلى محكمة الاستئناف الإداري. وتذكِّر الدولة الطرف بأنه ليس من وظيفة اللجنة أن تحل محل محكمة أو هيئة قضائية لتقييم الأدلة.

7-1 وفي 2 نيسان/أبريل 2002، أدلى صاحب البلاغ بتعليقات إضافية على رد الدولة الطرف. ويكرر صاحب البل اغ عموما الحجج الواردة في الرسائل السابقة. وفي ما يتعلق بما ادعاه عن تعرضه للتمييز وحرمانه من فرصة تقييم لجنة الإعادة إلى الوطن أو هيئة الاستئناف لقدرته على استيفاء الشروط المنصوص عليها في المادة 13، يزعم أن قدرته على استيفاء الشروط المنصوص عليها في قانون الاستحقاقات لم تخضع لتقييم هيئة من هيئات الاستئناف لأن طلبه رُفض على أساس ميوله الجنسية. إذ كانت هذه الشروط ستخضع لتقييم هيئة استئناف لو تعلق الأمر بمقدم طلب مغاير جنسيا، بما لا يترك للدولة الطرف فرصة إجراء هذا التقييم في هذه المرحلة، أي عند إبداء ملاحظاته ا أمام اللجنة.

7-2 وعلاوة على ذلك، يبين صاحب البلاغ أنه لم ينف أنه كان يحق لـه الاستئناف من الناحية النظرية، لكنه يزعم أن مطالبة شخص ما بتقديم طلبات لا جدوى منها من خلال عملية قانونية معقدة وطويلة ومكلفة ستخلص في نهاية المطاف إلى تأكيد القرار الأول، هو أمر ينطوي على تمييز. ويصر صاحب البلاغ على أن قرار كل من لجنة الإعادة إلى الوطن وهيئة الاستئناف ينطوي على تمييز.

7-3 وفي ما يتعلق بالمعلومات التي قدمها عن سياسات قوات الدفاع الأسترالية، يدعي صاحب البلاغ أن هذه المعلومات تبين موقف قوات الدفاع تجاه العلاقات الم ثلية بصفة عامة. كما يوجه اللجنة إلى موقع قوات الدفاع على شبكة الإنترنت لدعم حججه المتعلقة بموقف قوات الدفاع من العلاقات المثلية. ويتضح من هذا الموقع، حسب صاحب البلاغ، أن طائفة من الاستحقاقات متاحة لأسر موظفي قوات الدفاع لكنها تقتصر على "المتزوجين" منهم وعل ى أسرهم "الفعلية". ويزعم صاحب البلاغ أن في ذلك استبعادا للشركاء المثيلين جنسيا.

8-1 وفي 16 أيار/مايو 2002، كررت الدولة الطرف أنها، رغم كونها لا تنوي إبداء المزيد من التعليقات على حجج صاحب البلاغ، لا تعتبر بالضرورة تعليقاته وادعاءاته صحيحة أو صائبة.

المسائ ل والإجراءات المعروضة على اللجنة

بحث النظر في قبول البلاغ

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان النظر في البلاغ جائزاً أم غير جائز بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 وتحققت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولية أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-3 وتحيط اللجنة علما باعتراض الدولة الطرف على جواز النظر في البلاغ بحجة أن صاحب البلاغ ليس ضحية، إذ لم يثبت، بصرف النظر عن قرارات السلطات المحلية، أنه يحق لـه بشكل واضح تقاضي معاش، وأن القضية لم تحسم على أساس ميوله الجنسية. وتذكِّر اللجنة بأن صاحب البلاغ يعد ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري، إذا لحقه بص فة شخصية ضرر جراء فعل أو تقصير من جانب الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أن السلطات المحلية رفضت منح صاحب البلاغ معاشا بحجة أنه لا ينطبق عليه تعريف "الطرف في العلاقة الزوجية" بما أنه لم يعاشر "شخصا من الجنس الآخر". وترى الدولة الطرف أن الهيئات المحلية التي نظرت في القضية، من جهتها على الأقل، استنتجت أن ميول صاحب البلاغ الجنسية هي عامل مقرِّر لعدم الاستحقاق. وفي هذا الصدد، أثبت صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك مزعوم للعهد لأغراض البروتوكول الاختياري.

9-4 وتحيط اللجنة علما بما ادعته الدولة الطرف من أن صاحب البلاغ لم يست نفد سبل الانتصاف المحلية بما أنه لم يطعن في الحكم أمام محكمة الاستئناف الإداري، التي كانت على الأرجح ستخلص إلى أنه لا يحق لصاحب البلاغ تقاضي معاش لأسباب أخرى غير (أو إلى جانب) تلك المتعلقة بميوله الجنسية، مما لا ينطوي على أي تفرقة يمكن الاستناد إليها لادعا ء وقوع انتهاك للمادة 26. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تدعي أن محكمة الاستئناف الإداري كانت ستخلص إلى (أو حتى أنه كان يمكن أن تخلص إلى) نتيجة مخالفة لما خلصت إليه هيئة الاستئناف الخاصة بالمحاربين القدماء، بل إنها ربما تعللت بأسباب مخالفة لا أكثر لرفض طل به. وعلاوة على ذلك فالدولة الطرف لا تزعم أنه كان بإمكان المحكمة أن تعتمد تفسيرا مختلفا في ما يتعلق بمواد قانون الاستحقاقات المتنازع فيها (المواد 5(هاء) و5(هاء)2 و11)، والتي استند إليها رفض الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ. كما أنها لا تذكر أي هيئة محلية أخرى (ل ا على صعيد الدولة الفدرالية ولا على صعيد الولاية) كان لصاحب البلاغ أن يلجأ إليها للطعن في التشريع نفسه. كما تلاحظ اللجنة أنه يتضح من التشريع أن صاحب البلاغ ما كان ليستطيع أبدا تقاضي معاش، بصرف النظر عما إذا كان قادرا على استيفاء جميع الشروط الأخرى المنصوص عليها في قانون الاستحقاقات، إذ لم يكن يعاشر فردا من الجنس الآخر. وتذكِّر اللجنة بأنه لا حاجة إلى استنفاذ سبل الانتصاف المحلية إذا كانت فرص نجاحها منعدمة من الناحية الموضوعية، أي: متى تأكد أن الطلب سيرفض بموجب القوانين المحليـة الواجب تطبيقها، أو متى استحال ، وفقاً للسوابق القضائية للمحاكم المحلية العليا، التوصل إلى نتيجة إيجابية. (19) واللجنة، إذ تضع في اعتبارها الصيغة الجلية التي وردت بها المواد ذات الصلة من قانون الاستحقاقات، وإذ تحيط علما بأن الدولة الطرف نفسها تقر بأن الطعن في القرار أمام محكمة الاستئناف الإداري كان سيبوء بالفشل، تستنتج أنه لم تكن هناك سبل انتصاف فعالة بإمكان صاحب البلاغ اللجوء إليها. وإذ لا ترى اللجنة أي سبب يجعل النظر في البلاغ غير مقبول، تمضي إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ف ي هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها الأطراف، وفقا لنص الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 يدعي صاحب البلاغ أن رفض الدولة الطرف منحه معاشا بحجة أنه لا يستوفي تعريف "المعال"، بحكم أنه قد أقام علاقة مثلية مع السيد ك.، أمر ينطوي على انتهاك لحقوقه المكفولة في المادة 26 من العهد، بسبب ميوله الجنسية. وتحيط اللجنة علما بما ادعته الدولة الطرف من أن السلطات المحلية لو فحصت جميع الوقائع المتعلقة بقضية صاحب البلاغ في ضوء قانون الاستحقاقات لوجدت أسبابا أخرى لرفض طلبه، ولكانت الأسباب ذاتها تنطب ق على أي مقدم طلب بصرف النظر عن ميوله الجنسية. كما تحيط اللجنة علما بأن صاحب البلاغ يعارض الرأي الذي مفاده أنه لا يتمتع بحق مبدأي في تقاضي معاش. وتلاحظ اللجنة، في ما يتعلق بالحجج المقدمة، أن من غير الواضح ما إذا كان صاحب البلاغ قد استوفى بالفعل بقية الشروط المنصوص عليها في قانون الاستحقاقات، وتذكر بأنه ليس من واجب اللجنة فحص الوقائع والأدلة في هذا الصدد. إلا أنها تلاحظ أن السبب الوحيد الذي قدمته السلطات المحلية لتبرير رفض طلب صاحب البلاغ قد قام على ما استنتج من أن صاحب البلاغ لم يستوف شرط "معاشرة شخص من الج نس الآخر". ولن تنظر اللجنة، لأغراض البت في قضية صاحب البلاغ، إلا في هذا الجانب المعروض عليها من قانون استحقاقات المحاربين القدماء.

10-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تحيل على وجه التحديد إلى المواد المتنازع فيها من قانون الاستحقاقات (المواد 5(هاء) و5(ها ء)2 و11) والتي استند إليها رفض منح صاحب البلاغ معاشا لأنه لا يستوفي تعريف "الطرف في العلاقة الزوجية" بحكم أنه "لا يعاشر شخصا من الجنس الآخر". وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تنفي أن رفض المعاش على هذا الأساس يعد تفسيرا صائبا لقانون الاستحقاقات، لكنها تحيل ببساطة إلى أسباب أخرى وردت في ذلك القانون كان يمكن على أساسها رفض التماس صاحب البلاغ. وترى اللجنة أنه يستخلص من قراءة بسيطة لتعريف "الطرف في العلاقة الزوجية" طبقا لقانون الاستحقاقات أن صاحب البلاغ ما كان لـه أبدا أن يتقاضى معاشاً، بصرف النظر عما إذا كان ب استطاعته استيفاء جميع الشروط الأخرى المنصوص عليها في ذلك القانون، بما أنه لم يكن يعاشر شخصا من الجنس الآخر. ولا تعترض الدولة الطرف على ذلك. وبناء عليه، يبقى للجنة أن تبت في ما إذا كانت الدولة الطرف، برفضها منح صاحب البلاغ معاشا طبقا لقانون الاستحقاقات على أساس أنه من نفس نوع جنس السيد ك. المتوفى، قد انتهكت المادة 26 من العهد.

10-4 وتذَكِّر اللجنة بما خلصت إليه في قضايا سابقة من أن حظر التمييز بموجب المادة 26 يشمل أيضا التمييز القائم على الميول الجنسية (20) . وتذَكِّر بأنها استنتجت في بلاغات سابقة أن الفوارق ب ين المتزوجين وغير المتزوجين من المتغايرين جنسيا في الحصول على استحقاقات فوارق كانت معقولة وموضوعية، إذ اختار هؤلاء الزواج أو عدم الزواج بكل ما يترتب على ذلك من تبعات (21) . ويتبين من المواد المتنازع فيها من قانون الاستحقاقات أن الأفراد المتزوجين أو المتعاشري ن عشرة الأزواج من المتغايرين جنسيا (الذين بإمكانهم إثبات أنهم مرتبطون بعلاقة كالزواج) يستوفون تعريف "الطرف في العلاقة الزوجية" ومن ثم إلى تعريف "المعال"، لأغراض الحصول على استحقاقات المعاش. ومن الواضح في القضية القائمة أن صاحب البلاغ، باعتباره شريكا مثيلا جنسيا، لم يتسن لـه الزواج. كما لم يُعترف به كشريك معاشر للسيد ك.، لأغراض الحصول على استحقاقات المعاش، بسبب نوع جنسه أو ميوله الجنسية. وتذكر اللجنة بمجموعة أحكامها الدائمة التي لا تعتبر بموجبها كل تفرقة بمثابة تمييز محظور بمقتضى العهد، طالما قامت على معايير معقولة وموضوعية. ولا تقدم الدولة الطرف أية حجج على كيفية اعتبار هذه التفرقة بين الشركاء المتماثلين جنسيا، الذين يُستبعدون من تقاضي استحقاقات المعاشات بموجب القانون، والشركاء غير المتزوجين المتغايرين جنسيا، الذين يحصلون على هذه الاستحقاقات، تفرقة معقولة وم وضوعية، كما لم تقدَّم أدلة قد تشير إلى وجود عوامل من شأنها أن تبرر هذه التفرقة. وفي ظل هذه الظروف، تستنتج اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 26 من العهد بحرمان صاحب البلاغ من تقاضي معاش بسبب نوع جنسه أو ميوله الجنسية.

11- واللجنة المعنية بحقوق الإنسا ن، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك أستراليا للمادة 26 من العهد.

12- وبمقتضى الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، تستنتج اللجنة أن من حق صاحب البلاغ، باعتباره ضحية انتهاك للمادة 26، أن يتوفر لـه سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك إعادة النظر في طلبه المقدم لتقاضي معاش دون تمييز على أساس نوع جنسه أو ميوله الجنسية، وذلك من خلال تعديل القانون إذا اقتضى الأمر. والدولة الطرف ملزمة باتخاذ ما يلزم م ن التدابير للحيلولة دون حدوث انتهاكات مشابهة في المستقبل.

13- ومع مراعاة أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة للبت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك لأحكام العهد، وأن الدولة تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بكفالة الحقوق ا لمعترف بها فيه لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ إذا ما ثبت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تحصل من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، على معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإعمال آراء اللجنة. ويُطلب من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لا يقدم صاحب البلاغ أي مطالبة محددة في هذا الشأن.

(2) ا لقضية رقم 172/1984، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

(3) القضية رقم 182/1984، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

(4) القضية رقم 180/1984، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

(5) القضية رقم 488/1992، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1994.

(6 ) تشير الدولة الطرف إلى الأعمال التحضيرية للعهد وإلى الآراء المعتمدة بشأن البلاغات المتعلقة بقضايا بروكس ضد هولندا ودانينغ ضد هولندا وزفان دي فريز ضد هولندا ، المشار إليها أعلاه.

(7) تشير الدولة الطرف إلى وثيقة الأمم المتحدة A/42/40، الصفحة 139، الفقرات من 12-1 إلى 13-1، وإلى البلاغات المتعلقة بقضايا بروكس ضد هولندا ودانينغ ضد هولندا وزفان دي فريز ضد هولندا، المشار إليها أعلاه.

(8) تشير الدولة الطرف إلى البلاغات التالية سعيا إلى إبراز أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلـة لإثبات أنه ضحية: ج. ه‍. ضد كند ا ، القضية رقم 187/1985، القرار المعتمد في 12 نيسان/أبريل 1985؛ وتدمان وآخرون ضد كندا ، القضية رقم 816/1998، القرار المعتمد في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999؛ ودي غروت ضد هولندا ، القضية رقم 578/1994، القرار المعتمد في 14 تموز/يوليه 1995؛ وقضية تونن ضد أستراليا ، المشار إليها أعلاه.

(9) تشير الدولة الطرف إلى التقارير التالية الصادرة عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في وثائق الأمم المتحدة A/48/40، الفقرة 781؛ وA/47/40، الفقرة 625؛ وA/46/40، الفقرة 679؛ وA/45/40، الفقرة 608، وA/44/40، الفقرة 633؛ وA/43/40، الفقرة 654 ؛ وA/39/40، الفقرة 588؛ وA/52/40، الفقرة 478، وA/51/40، الفقرة 388؛ وA/50/40، الفقرة 500؛ وأولو باهاموندي ضد غينيا الاستوائية، القضية رقم 468/1991، الآراء المعتمدة في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1993؛ وج. أ. م. ب. ر. ضد هولندا، القضية رقم 477/1991، القرار المعتم د في 7 نيسان/أبريل 1994.

(10) تشير الدولة الطرف إلى البلاغات التالية: كيلي ضد جامايكا ، القضية رقم 537/1993، الآراء المعتمدة في 17 تموز/يوليه 1996؛ وهنري وآخرون ضد جامايكا ، القضية رقم 571/1994، الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 1996؛ وبيريرا نيابة عن كولاما ركو باتينو ضد بنما ، القضية رقم 437/1990، القرار المعتمد في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1994؛ وغ. ضد كندا ، القضية رقم 934/2000، القرار المعتمد في 17 تموز/يوليه 2000؛ وأ. ضد نيوزيلندا ، القضية رقم 754/1997، الآراء المعتمدة في 15 تموز/يوليه 1999؛ ومنصور وآخرون ضد هو لندا ، القضية رقم 883/1999، القرار المعتمد في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999؛ وماي ضد فرنسا ، القضية رقم 689/2000، الآراء المعتمدة في 10 تموز/يوليه 2000؛ وغوميز فاثكث ضد إسبانيا ، القضية رقم 701/1996، الآراء المعتمدة في 20 تموز/يوليه 2000.

(11) تشير الدولة الطرف على سبيل المثال إلى قضية نيفس ضد هولندا ، القضية رقم 425/1990، الآراء المعتمدة في 15 تموز/يوليه 1994.

(12) تقدم الدولة الطرف لدعم هذا الرأي الوثائق التالية التي قدمها السيد ك. (أ) طلب معاش الخدمة الخاص بالمحاربين القدماء والبحارة، الصفحات 2 و3 و5 و6؛ و(ب) تقرير عن نمط المعيشة، وبخاصة الفرع 2 المعنون "العلاقات الشخصية"، الذي لا إشارة فيه إلى شريك، والفرع 4 المعنون "أنشطة الترفيه والأنشطة المجتمعية"، الذي يقول فيه السيد ك. إنه نادرا ما يتلقى زيارات سواء من الأصدقاء أو الأقرباء؛ (ج) وتقرير طبي - نفساني، لا يش ار فيه إلى وجود شريك.

(13) البلاغ رقم 602/1994، الآراء المعتمدة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 . وأشارت اللجنة في هذه القضية إلى أنه "يبدو من المعلومات المعروضة عليها أن صاحب البلاغ، حتى ولو كان متزوجا من شريكته بدلا من معاشرتها معاشرة الأزواج دون زواج، ما كان يحق له الحصول على معاش تقاعدي بموجب القانون العام للأرامل والأيتام، حيث إنه لم يبلغ الأربعين من العمر، وليس عاجزا عن العمل، وليس لديه أولاد غير متزوجين يعيلهم. ومن ثم فإن المسألة المطروحة على اللجنة تنحصر في ما إذا كان يستحق استحقاقا مؤقتا فحسب".

(14) يشير صاحب البلاغ إلى قضية بارزيغ ضد فرنسا المشار إليها أعلاه؛ وقضية كولينز ضد جامايكا ، القضية رقم 356/1989، الآراء المعتمدة في 12 أيار/مايو 1993، المشار إليها أعلاه؛ وقضية ماي ضد فرنسا ، المشار إليها أعلاه؛ وقضية غوميز فاثكث ضد إسبانيا ، المشار إليها أعلاه.

(15) يقدم صاحب البلاغ بيانا يتعلق بعلاقته مع السيد ك. وثمان شهادات من أشخاص آخرين تفيد بوجود علاقة حقيقية وقديمة العهد بينهما. ويزعم صاحب البلاغ في رسالته الأخرى المؤرخة 2 نيسان/أبريل 2002، أنه لا يطلب من اللجنة البت في الوقائع استنادا إلى هذه الأدلة بل يقدمها لدحض الحجج التي تعللت بها الدولة الطرف.

(16) يقدم صاحب البلاغ القرار الذي جاء فيه ما يلي: "إن هيئة المحكمة ... متأثرة بالعلاقة الطويلة الأمد التي جمعته بالمحارب القديم المتوفى". ويرد في القراربعد ذلك سرد للأحكام ذات الصلة من قانون الاستحقاقات والمت علقة بتعريف المعال، وجاء فيه ما يلي: "يجب على هيئة المحكمة بمقتضى التشريع القائم أن تؤيد القرار المعروض عليها نظره في ما يتصل بمركز الملتمس".

(17) يقدم صاحب البلاغ موجزاً أعده بنفسه لسياسات وزارة الدفاع في ما يتعلق بالاعتراف بالعلاقات المثلية.

(18) تقـد م الدولة الطرف نسخا من المادتين 25 و43 من قانون محكمة الاستئناف الإداري لسنة 1975، تضمنت وصفا لوظائف هذه المحكمة.

(19) قضية بارزيغ ضد فرنسا ، المشار إليها أعلاه.

(20) قضية تونن ضد أستراليا ، المشار إليها أعلاه.

(21) قضية دانينغ ضد هولندا ، المشار إليها أع لاه.

تذييـل

رأي فردي أدلى به عضوا اللجنة السيدة روث ودجوود والسيد فرانكو ديباسكواليه (رأي متوافق)

تعترف بلدان كثيرة لجميع المواطنين بحق الخصوصية في العلاقات الحميمة بغض النظر عن ميولهم الجنسية. وأرست اللجنة سنة 1994 حقا مماثلا في الفقرة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ استنتجت في آرائها المتعلقة بقضية تونن ضد أستراليا (1) ، أن القوانين الجنائية في تسمانيا، الرامية إلى تجريم "الممارسات الجنسية غير الطبيعية" تعد "تدخلا تعسفيا وغير شرعي في الخصوصية". وفي قضية تونن، بينت الحكومة الاتحادية ل لجنة أن القانون الجنائي في تسمانيا يعد بالفعل "تدخلا تعسفيا في خصوصيات [السيد تونن]" و"لا يمكن تبريره" بأسباب تتعلق بالسياسات (2) . وقد ألغيت بالفعل القوانين التي تجرم النشاط الجنسي المثلي في أستراليا، ما عدا تسمانيا، ويبدو أن قرار اللجنة هذا قد أتاح لأسترال يا أداة لتخطي الحواجز التي يفرضها النظام الاتحادي.

وقد اشتكى صاحب البلاغ في تلك القضية من أن القانون الجنائي التسماني "لا يميز بين ممارسة النشاط الجنسي سرا أو علانية ، ويقحم في الحياة العامة نشاطا يمارس سرا" (3) . (أُضيف التأكيد بالأحرف المائلة). واستندت الل جنة في قرارها إلى حق المرء في أن تُحترم خصوصياته، ما لم تورد الدولة الطرف أية أسباب معقولة تتصل بالسلامة أو النظام العام أو الصحة أو الأخلاق لتبرير التدخل في خصوصيات المرء.

وتثير قضية إدوَرد يَنغ ضد أستراليا، المطروحة حاليا، مسألة أوسع نطاقاً، قد يكون لش تى الدول الأطراف فيها آراء قاطعة، خاصة في ما إذا كانت الدول الأطراف ملزمة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالتعامل مع العلاقات المثلية الطويلة الأمد كما تتعامل مع الزواج الرسمي و العلاقات المتغايرة جنسيا "الشبيهة بالزواج"، ويتعلق الأمر هن ا بمنح استحقاقات المعاش إلى المعالين الذين يتركهم موظفو الخدمة العسكرية بعد مماتهم. وتثير القضية، في هذا السياق الأوسع، مسألة عامة تتعلق بالحقوق الإيجابية في المساواة في المعاملة، وهي ما إذا كان من واجب الدول وضع العلاقات المثلية على قدم المساواة مع غيرها من أشكال العلاقات المدنية التقليدية.

وفي ما يتعلق بوقائع هذه القضية وملابساتها الخاصة، خلصت اللجنة إلى أن تفريق أستراليا بين الشركاء المدنيين المثيلين والمغايرين جنسيا لم يصمد أمام طعن السيد ينغ فيه. والخرق لا يتعلق بحق الخصوصية المكفول في المادة 17 من ال عهد، وإنما بالحق في المساواة أمام القانون المطالب به والمكفول في المادة 26 من العهد.

إلا أنه لابد من الإدلاء بملاحظتين بشأن حدود الحكم الصادر عن اللجنة في هذه القضية، لأغراض الممارسة مستقبلا.

أولاً وبصفة عامة، يتوجب على أصحاب الشكاوى استنفاد سبل الانتص اف المحلية، بما في ذلك إعمال حقوقهم الكاملة في الاستئناف على الصعيد المحلي، قبل أن تنظر اللجنة في أي بلاغ من حيث أسسه الموضوعية. وليس ثمة ما يجعلنا نسلم بأن المحاكم الأسترالية غير قادرة على تفسير القانون التنظيمي الأسترالي في ضوء القواعد التعاهدية التي اعت مدتها أستراليا بمحض إرادتها، أو بأنها غير راغبة في ذلك. وحتى وإن لم يدرج نظام قانوني ما أحكام العهد بصفة رسمية في قانونه المحلي، يمكن للعهد أن يشكل مرجعا قاطعا لدى تفسير مقصد المشَرِّع. وينبغي ألا تسلم اللجنة بأن القانون الدولي لا يؤثر على الأنظمة القانوني ة الوطنية إلا من الخارج. كما لا يمكن للجنة أن تطلب إدراج الحقوق بالاقتباس الصريح من العهد. فالعبرة بالجوهر لا بالتسميات، فقد تفضل بعض المحاكم الوطنية تفسير خياراتها في ضوء القانون العرفي الدستوري أو قواعد القانون المدني، دون الإخلال بجوهر الحقوق المكفولة ف ي العهد. وإذا استمرت زيادة حجم البلاغات الفردية المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، فسيتعين على اللجنة أن تتوخى مزيداً من الصرامة في إحالة القرارات التي اتخذتها المحاكم الوطنية إلى تلك المحاكم.

وفي هذه القضية، التمس السيد ينغ تقاضي معاش باع تباره معالاً لأحد المحاربين القدماء، مطالبا بمركز المعال الذي تركه السيد ك. بعد مماته. وخلصت اللجنة الأسترالية المعنية بالإعادة إلى الوطن إلى أن السيد ينغ غير مؤهل لنيل صفة المعال الشرعي طبقا للقانون الأسترالي، رغم صلة المعاشرة الطويلة التي يصفها السيد ينغ (4) . وفي مرحلة الاستئناف الأولى، أيدت هيئة الاستئناف الأسترالية الخاصة بالمحاربين القدماء رفض منح السيد ينغ الاستحقاقات المطلوبة. بيد أن المدعي لم يستأنف الحكم مرة أخرى أمام محكمة الكومنولث للاستئناف الإداري أو المحكمة الاتحادية في أستراليا، ولا يوجد في سج لاتنا ما يبين أن هذه الإجراءات ما كانت لتجدي نفعا.

وثانياً، تحد ظروف القضية المعروضة علينا من نطاق تأثير قرارنا. إذ لم تعترض أستراليا على جواز النظر في البلاغ إلا على أساس حجتين متصلتين بالوقائع، هما: (1) أنه لم يَثبت أن السيد ك. قد توفي جراء إصابة "سببته ا لـه الحـرب" ومن ثم فلا يمكنه أبدا أن يُخلِّف حقوق المعاش لأي معال كان، (2) وأن الأدلة المقدمة لا تكفي لإثبات وجود علاقة طويلة الأمد بين السيد ينغ والسيد ك.

وفي قضية بهذه الأهمية، ربما كان امتناع أستراليا عن الخوض في أي نقاش، مؤيدا كان أو معارضا، بشأن ال أسس الموضوعية للادعاء المقدم بموجب المادة 26 من العهد أمراً يدعو إلى العجب. إذ لم تُدل أستراليا بأية آراء تتعلق بما احتج به السيد ينغ من أن التفرقة القانونية بين الشركاء المدنيين المتماثلين والمتغايرين جنسيا لا أساس لها، وما كان أمام اللجنة في الواقع سوى إ صدار حكم دون سماع رأيها. ويتعين على الدولة الطرف بموجب سوابق العهد أن تقدم "شروطا معقولة وموضوعيـة" لأي تفـرقة تقوم بها على أساس نوع الجنس أو (حسب التوجيهات التي قدمناها للدولة الطرف في الفقرة 8-7 من قضية تونن) الميول الجنسية. إلا أن الدولة الطرف، كما تبين اللجنة في الفقرة 10-4 من قضية السيد ينغ المعروضة عليها، "لا تقدم أية حجج على كيفية اعتبار هذه التفرقة بين الشركاء المتماثلين جنسيا، الذين يُستبعدون من تقاضي المعاشات بموجب القانون، والشركاء غير المتزوجين المتغايرين جنسيا، الذين يحصلون على هذه المعاشات، تف رقة معقولة وموضوعية، كما لم تقدَّم أدلة قد تشير إلى وجود عوامل من شأنها أن تبرر هذه التفرقة". فليس ثمة في هذه القضية أي تنازع بكل ما في الكلمة من معان.

ويهتم كثير من الحكومات وأصحاب النوايا الحسنة بإيجاد حلول أخلاقية وقانونية مناسبة للمسائل والخلافات الم تعلقة بالمساواة في توزيع مختلف الاستحقاقات الحكومية على الأزواج المثليين والمغايرين جنسيا، بما في ذلك الرد على ادعاء لا يزال موضع جدل، مفاده أن الاعتراف بالزواج المثلي حق يتجاوز اختصاص القضاء. وثمة نقاش لا يقل جدية في العديد من الأنظمة الديمقراطية بشأن ما إذا كان يتعين إبقاء الخدمة العسكرية حكرا على الأشخاص المغايرين جنسيا.

ولم تسعَ اللجنة في القضية موضع البحث إلى إحصاء كامل طائفة الحجج "المعقولة والموضوعية" التي يمكن لدول أخرى ومدعين آخرين تقديمها مستقبلا في ما يتعلق بالمسائل المطروحة في سياق قضية السيد ينغ أو غيره من السياقات. ويتعين على اللجنة، لدى نظرها في البلاغات الفردية المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري، ألا تحيد عن مراعاة نطاق ما اتخذته أو ما امتنعت عن اتخاذه من قرارات في كل قضية.

( توقيع ) روث ودجوود

( توقيع ) فرانكو ديباسكواليه

[اعتمد بالإسباني ة والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تونن ضد أستراليا، البلاغ رقم 488/1992، الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 1994.

(2) المرجع نفسه ، الفقرة 6-2.

(3) ا لمرجع نفسه ، الفقرة 3-1 (أ).

(4) أفاد السيد ينغ بأنه كان رفيق السيد ك. لمدة 38 عاما، اعتبارا من سنة 1960. وقد خدم السيد ك. في القوات المسلحة الأسترالية لمدة ثلاثة أعوام، خلال الحرب العالمية الثانية. وقد رد مسؤول لجنة الإعادة إلى الوطن الذي تولى النظر في هذ ه القضية قائلا: "ليس باستطاعتي ... للأسف أن أجتهد في هذه المسألة" المرجع نفسه ، الفقرة 2-2.

تاء- البلاغ رقم 950/2000، سارما ضد سري لانكا *

(الآراء التي اعتمدت في 16 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد س. جيغاثيسوارا سارما

الشخص المدع ي أنه ضحية : صاحب البلاغ وأسرته وابنه السيد ج. ثيفاراجا سارما

الدولة الطرف : سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ : 25 تشرين الأول/أكتوبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية وال سياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 950/2000 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد س. جيغاثيسوارا سارما بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جم يع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ، المؤرخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 1999، هو السيد س. جيغاثيسوارا سارما، وهو مواطن سري لانكي يدعي أن ابنه كان ضحية انتهاك الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9 و10من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد) وأنه وأسرته كانا ضحيتي انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 من العهد. ولا يمثله محام.

1-2 بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد في الدولة الطرف في 11 حز يران/يونيه 1980 و3 تشرين الأول/أكتوبر 1997 على التوالي. وقدمت سري لانكا أيضاً تصريحاً "تعترف حكومة جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية بموجبه، عملاً بالمادة (1) من البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تتلقى وتنظر ـــــــــــــ ـ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايج ل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدين.

في البلاغات التي ترد من أفراد يدعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد ينشأ إما ع ن فعل أو امتناع أو تطور أو حدث وقع بعد تاريخ بدء نفاذ البروتوكول في جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية، أو عن قرار ذي صلة بفعل أو امتناع أو تطور أو حدث وقع بعد هذا التاريخ، مع مراعاة الولاية القضائية لجمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية. وتتصرف جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية أيضاً على أن يكون من المفهوم أن اللجنة لن تنظر في أي بلاغ من الأفراد ما لم تكن قد تحققت من أن الموضوع ذاته ليس موضع بحث أو لم يكن موضع بحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية".

1-3 وفي 23 آذ ار/مارس 2001، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تتصرف من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، النظر في مقبولية القضية بمعزل عن الأسس الموضوعية لها.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يدعي صاحب البلاغ أنه تم، في حوالي الثامنة والنصف من صباح يوم 23 حزيران/يونيه 1990، أثناء القيام بعملية عسكرية، اختطاف ابنه واختطافه هو وثلاثة أشخاص آخرين من جانب أفراد في الجيش من محل إقامة أسرتهم في أنبوفاليبورام، بحضور زوجة صاحب البلاغ وأشخاص آخرين. وسُلمت المجموعة بعد ذلك إلى أفراد آخرين في القوات العسكرية، من بي نهم العريف ساراث، في موقع آخر (معسكر الجيش في مجمع أناندا ستورز). واشتبه فيما يبدو في أن ابن صاحب البلاغ عضو في حركة نمور تحرير تاميل إيلام وتم ضربه وتعذيبه. واعتقل بعد ذلك اعتقالاً عسكرياً في مدرسة كالايماغال بعد مروره، على ما زُعم، بعدة أماكن أخرى. ويزعم أنه عذب هناك وغطي وجهه بلثام وأجبر على التعرف على أشخاص آخرين مشتبه فيهم.

2-2 وفي هذه الأثناء، نُقل صاحب البلاغ والأشخاص الآخرون المعتقلون إلى مدرسة كالايماغال أيضاً حيث أجبروا على الوقوف أمام ابن صاحب البلاغ الملثم ليتعرف عليهم. وفي وقت لاحق من هذا اليوم ، في حوالي الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة من بعد الظهر، اقتيد ابن صاحب البلاغ إلى معسكر الجيش في بلانتين بوينت، بينما أفرج عن صاحب البلاغ والأشخاص الآخرين. وأبلغ صاحب البلاغ الشرطة ولجنة الصليب الأحمر الدولية والمجموعات المعنية بحقوق الإنسان بما حدث.

2-3 واتخذت ترتيبات بعد ذلك لكي يلتقي أقارب الأشخاص المفقودين، في مجموعات من 50 شخصاً، باللواء بييريس، للوقوف على حالة الأشخاص المفقودين. وأثناء اللقاء الذي جرى في أيار/مايو 1991، علمت زوجة صاحب البلاغ بأن ابنها قد توفى.

2-4 ومع ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه في 9 ت شرين الأول/أكتوبر 1991، ما بين الساعة الواحدة والنصف والثانية من بعد الظهر، وبينما كان يعمل في "صيدلية المدينة للمستحضرات الطبية"، توقفت عربة عسكرية صفراء اللون تحمل لوحة رخصتها الرقم "35 سري 1999" أمام الصيدلية. ودخل الصيدلية ضابط جيش وطلب استنساخ بعض الأ وراق. وفي هذه اللحظة، رأى صاحب البلاغ ابنه في العربة وهو ينظر إليه. وعندما حاول صاحب البلاغ التحدث إليه، أشار له ابنه برأسه لمنعه من الاقتراب منه.

2-5 وبما أن ضابط الجيش قد عاد إلى الصيدلية عدة مرات، فقد عرف صاحب البلاغ أنه الضابط أمراسيكارا، وهو ضابط يحمل شارة عليها نجمة. وفي كانون الثاني/يناير 1993، مرت "المجموعة الرئاسية المتنقلة" بمدينة ترينكومالي واستطاع صاحب البلاغ أن يلتقي بالسيد د. ب. ويغيتونغي الذي كان حينذاك رئيس الوزراء، واشتكى لـه بشأن اختفاء ابنه. وأمر رئيس الوزراء بالإفراج عن ابن صاحب البلاغ أ ينما وجد. وفي آذار/مارس 1993، أفادت القوات العسكرية بأن ابن صاحب البلاغ لم يسبق اعتقاله قط.

2-6 وفي تموز/يوليه 1995، قدم صاحب البلاغ أدلة إلى "اللجنة الرئاسية المعنية للتحقيق في حالات الاعتقال والاختفاء غير الطوعي في المقاطعتين الشمالية والشرقية" (اللجنة الرئاسية للتحقيق) دون أن يسفر ذلك عن تحقيق أية نتيجة. وفي تموز/يوليه 1998، كتب صاحب البلاغ مرة أخرى إلى الرئيس، وعلم من الجيش في شباط/فبراير 1999 أن ما من شخص بهذا الاسم قد اعتقل اعتقالاً عسكرياً. وفي 30 آذار/مارس 1999، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى الرئيس لإج راء تحقيق كامل والإفراج عن ابنه.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ أن الوقائع المذكورة أعلاه تشكل انتهاكاً من الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9 و10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في رسالة مؤرخة 26 شباط/فبراير 2001، تصرح الدولة الطرف بأن البروتوك ول الاختياري لا ينطبق على هذه القضية بسبب العامل الزمني. ففي نظرها أن الحدث المزعوم الذي اعتقل فيه ابن صاحب البلاغ بشكل غير طوعي قد وقع في 23 حزيران/يونيه 1990 وأنه اختفى بعد ذلك في أيار/مايو 1991، وأن هذين الحدثين قد وقعا قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على سري لانكا.

4-2 وتصرح الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية. وتزعم أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى سبل الانتصاف التالية:

- استصدار أمر إحضار أمام محكمة الاستئناف، وهو أمر يتيح للمحكمة إمكانية إجبار السلطة المحتجزة على تقديم ا لضحية المزعومة أمامها؛

- في الحالات التي ترفض فيها الشرطة إجراء تحقيق أو تقصِر في إجرائه، تنص المادة 140 من دستور الدولة الطرف على إمكانية تقديم طلب إلى محكمة الاستئناف للحصول منها على أمر امتثال في الحالات التي لا تحترم فيها سلطة عامة التزاماً قانونياً أ و ترفض احترامه؛

- إذا لم يكن هناك تحقيق تم القيام به بمعرفة الشرطة، أو إذا رفض المشتكي الاعتماد على النتائج التي خلصت إليها الشرطة، كان من حقه أن يرفع مباشرة دعوى جنائية أمام محكمة درجة أولى عملاً بالمادة 136(1)(أ) من قانون الإجراءات الجنائية.

4-3 وتصرح الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أن سبل الانتصاف هذه عديمة الفعالية أو يمكن أن تكون عديمة الفعالية أو أنها يمكن أن تمتد لفترة زمنية غير معقولة.

4-4 ومن ثم، تعتبر الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في 25 أيار/مايو 2001، رد صاحب ال بلاغ على الملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف.

5-2 وفيما يتعلق باختصاص اللجنة الزمني، يعتبر صاحب البلاغ أنه يعاني هو وأسرته من الانتهاك المستمر للمادة 7 لأنه لم يحصل، على الأقل حتى هذا التاريخ، على أية معلومات تفيده بمكان وجود ابنه. ويشير صاحب البلاغ إلى سوا بق اللجنة في قضيتي Quinteros v. Uruguay و El Megreisi v. Lybian Arab Jamahiriya ويقول إن ما يزيد من العذاب النفسي هو تناقض الردود التي ترد من السلطات.

5-3 وللدلالة على جهوده المتواصلة التي لم يكف عن بذلها، يورد صاحب البلاغ الرسائل ال‍ 39 والطلبات الأخرى ال تي قدمها بصدد اختفاء ابنه. وقد أرسلت هذه الطلبات إلى عدة سلطات في سري لانكا، منها الشرطة والجيش واللجنة الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وعدة وزارات وإلى رئيس سري لانكا واللجنة الرئاسية للتحقيق. وبالرغم من جميع هذه الخطوات، لم يحصل صاحب البلاغ على أية معلومات أخرى تتعلق بمكان وجود ابنه. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت إدارة التحقيقات الجنائية في أعقاب تقديم هذا البلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أمراً بتسجيل الشهادات، بالسنهالية، التي أدلى بها صاحب البلاغ و9 شهود آخرين كان صاحب البلاغ قد ذكرهم في شكاوى سابقة، و لم يسفر ذلك عن تحقيق أية نتيجة ملموسة حتى الآن.

5-4 ويشدد صاحب البلاغ على أن هذا الجمود ليس لـه ما يبرره، حيث إنه قام بتزويد السلطات بأسماء الأشخاص المسؤولين عن الاختفاء وبأسماء شهود آخرين. وقد قدم التفاصيل التالية إلى سلطات الدولة الطرف:

"1- في 23 حزيران/ يونيه 1990، اختطف العريف ساراث، وهو جندي في الجيش، ابني بحضوري في أنبوفاليبورام. ومسقط رأسه هو غيريثالا، بولانارووا. وهو متزوج من قابلة، ويقيمان في 93 مايل بوست، كانتال. وتعمل زوجته في مستشفى كانتالا.

2 في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1991، اقتاد السيد أمراسيكارا من الجيش (شارة نجمة) ابني إلى صيدلية المدينة للمستحضرات الطبية في سيارة تحمل الرقم "35 سري 1919".

3- في 23 حزيران/يونيه 1990، كان موظفو الجيش التالية أسماؤهم يقومون بمهام عملهم أثناء الهجمة التي وقعت في أنبوفاليبورام:

(أ) اللواء باتريك

(ب) سوريش كاسم ( ملازم أول)

(ج) جاياسيكارا ] 000 [

(د) رامش (أبيبورا)

4- خلال هذه الفترة، كان هناك موظفون يضطلعون بمهام عملهم في معسكر الجيش في بلانتين بوينت. وفيما يلي أسماء هؤلاء الأشخاص علاوة على الأسماء المشار إليها في الفقرة 3:

(أ) سونيل تيناكون (تم نقله الآن من ه ذا المكان)

(ب) تيكيري باندا (يعمل هنا الآن)

(ج) النقيب غوناواردينا

(د) كونداس (أوروبي)

5- الشهود

(أ) زوجتي

(ب) السيد س. ألاغيا، 330، أنبوفاليبورام، ترينكومالي.

(ج) السيد ب. ماركاندو، 442، كانييا فيثي، باراثيبورام، ترينكو.

(د) السيد ب. نميثاز ان، 314، أنبوفاليبورام، ترينكومالي.

(ه‍) السيد س. ماثافان (محل مانيام)، أنبوفاليبورام، ترينكومالي.

(و) جنب أ. ل. مجيد، سيتي مديكال شارع دوكيارد، ترينكومالي.

(ز) السيدة مالخانثي ياتاوارا، 80 - ألف، والبولا، روكوويلا، نيتامبووا.

(ح) السيد ب. س. راميا ح، بيلايار كوفيليدي، سلفناياغابورام، ترينكو".

5-5 وأدلى صاحب البلاغ أيضاً بشهادة أمام لجنة الرئاسية للتحقيق في 29 تموز/يوليه 1995، ويشير إلى البيان التالي الذي أدلى به أمام اللجنة:

فيما يتعلق [...] بالأدلة المتاحة لإثبات حدوث عمليات الاختطاف أو الاختفاء هذ ه، [...] هناك أدلة كثيرة مؤيدة قدمها الأقارب والجيران وأفراد من بني البشر [هكذا قال] لأن معظم حالات الاعتقال هذه قد تم على الملأ أمام الناس، وغالباً من مخيمات اللاجئين وأثناء عمليات المحاصرة والتفتيش حيث كان عدد كبير من الأشخاص شاهداً على الأحداث.

فيما يتع لق [...] بالمكان الذي يوجد فيه حالياً الأشخاص المزعوم اختطافهم أو اختفاؤهم على هذا النحو، فقد ووجهت اللجنة بحائط من الكتمان في هذا التحقيق. فمن جهة، أنكر الموظفون التابعون لدائرة الأمن اشتراكهم في الاعتقالات وذلك بالرغم من وجود أدلة كثيرة تؤيد إدانتهم. ] 00 0 [

5-6 ويصر صاحب البلاغ على أن هذه الوقائع تكشف عن انتهاك للمواد 6 و7 و9 و10 من العهد.

5-7 ويصرح صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، وهي سبل فعالة ومتاحة وليست طويلة أكثر من اللازم. وبالإشارة إلى تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ، يزعم صاحب البلاغ أن المثول أمام المحكمة هو سبيل انتصاف عديم الفعالية في سري لانكا وطويل بلا داع. ويشير أيضاً إلى تقرير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي المؤرخ 28 كانون الأول/ديسمبر 1998 الذي يؤكد أن التحقيقات لا تجري حتى في حالة صدور أمر بذلك من المحاكم.

5-8 ويزعم صاحب البلاغ أن خلال الفترة 1989-1990، لم يكن للقانون وجود في ترينكومالي، ولم تكن المحاكم تدير أعمالها، وكان يتم إطلاق النار على الأشخاص عشوائياً وقد تم اعتقال عدد كبير من الأشخاص. وكانت مراكز الشرطة في "المقاطعتين الشمال ية والشرقية" تخضع لرئاسة السنهاليين الذين اعتقلوا مئات التاميل وتسببوا في اختفائهم. ونتيجة لذلك، لم يستطع صاحب البلاغ إخطار الشرطة باختفاء ابنه خوفاً من أعمال الانتقام أو من الاشتباه في قيامه بأنشطة إرهابية.

القرار بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة في دورتها السابعة والأربعين في مقبولية البلاغ. وبعد التأكد من أن نفس الموضوع ليس محل بحث ولم يكن محل بحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، فقد درست الوقائع التي قدمت إليها واعتبرت أن البلاغ يثير قضايا بموجب المادة 7 من العهد فيما يتعلق ب صاحب البلاغ وأسرته، وبموجب الفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 9 والمادة 10 من العهد فيما يتعلق بابن صاحب البلاغ.

6-2 وفيما يتعلق بتطبيق البروتوكول الاختياري تطبيقاً زمنياً على الدولة الطرف، لاحظت اللجنة أن سري لانكا قد قدمت، بعد انضمامها إ لى البروتوكول الاختياري، تصريحاً يقصر اختصاص اللجنة على الأحداث التي تقع بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. ومع ذلك، اعتبرت اللجنة أنه بالرغم من أن الاختطاف المزعوم لابن صاحب البلاغ واختفاءه لاحقاً قد وقعا قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري على الدولة الطرف ، فيجوز أن تكون الانتهاكات المزعومة للعهد، إذا تم تأكيدها بعد بحث الأسس الموضوعية للقضية، قد حدثت أو تواصل حدوثها بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري.

6-3 ونظرت اللجنة أيضاً في المسألة المتعلقة باستنفاذ سبل الانتصاف المحلية واعتبرت أن صاحب البلاغ قد لجأ، في ظل ظروف القضية، إلى استخدام سبل الانتصاف التي كانت متاحة وفعالة في سري لانكا بشكل معقول. ولاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ قد أقام دعوى في عام 1995 أمام هيئة مخصصة (هي اللجنة الرئاسية للتحقيق في حالات الاعتقال والاختفاء غير الطوعي في المقاطعتين الشمالية والشرقي ة) التي كانت قد أنشئت خصيصاً لنظر حالات كهذه. ومع مراعاة أن هذه اللجنة لم تتوصل بعد 7 سنوات إلى استنتاج نهائي بشأن اختفاء ابن صاحب البلاغ، فإن من رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن سبيل الانتصاف هذا طويل أكثر من اللازم. وعليه، أعلنت في 14 آذار/مارس 2002 أ ن البلاغ مقبول.

عرض الدولة الطرف للأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 قدمت الدولة الطرف، في 22 نيسان/أبريل 2002، تعليقاتها على الأسس الموضوعية للبلاغ.

7-2 فيما يتعلق بوقائع القضية وبالخطوات التي اتخذت بعد الاختفاء المزعوم لابن صاحب البلاغ، تدعي الدولة الطرف أن النا ئب العام في سري لانكا قد تلقى، في 24 تموز/يوليه و30 تشرين الأول/أكتوبر 2000، رسالتين من صاحب البلاغ طلب فيهما "إجراء تحقيق والإفراج" عن ابنه من الجيش. ووفقاً لهذين الطلبين، قامت إدارة النائب العام بإجراء تحريات مع الجيش السري لانكي لمعرفة ما إذا كان قد تم اعتقال ابن صاحب البلاغ وما إذا كان لا يزال محتجزاً. وكشفت التحريات أن لا البحرية السري لانكية ولا القوات الجوية السري لانكية ولا شرطة سري لانكا قد اعتقلت أو احتجزت ابن صاحب البلاغ. وأحيل طلبا صاحب البلاغ إلى وحدة اللجنة المعنية بالأشخاص المفقودين التابعة ل إدارة النائب العام. وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2000، أبلغ منسق وحدة اللجنة المعنية بالأشخاص المفقودين صاحب البلاغ بأنه سيتم اتخاذ إجراءات ملائمة وأوصى المفتش العام للشرطة بإجراء تحقيقات جنائية في الاختفاء المزعوم.

7-3 وفي 24 كانون الثاني/يناير 2001، قابل مخ برون تابعون لوحدة التحقيق في حالات الاختفاء عدداً من الأشخاص، من بينهم صاحب البلاغ وزوجته، وأجروا معهم مقابلات وسجلوا أقوالهم. وفي 25 كانون الثاني/يناير 2001، قامت وحدة التحقيق في حالات الاختفاء بزيارة معسكر الجيش في بلانتين بوينت. وأجرت في نفس اليوم وبين 8 و27 شباط/فبراير 2001 مقابلات مع عدد من الشهود الآخرين. وخلال الفترة الواقعة بين 3 نيسان/أبريل و26 حزيران/يونيه 2001، أجرت مقابلات مع 10 من موظفي الجيش، بمن فيهم الضابط المشرف على قوات الأمن في فرقة ترينكومالي في 1990/1991. وانتهت الوحدة من إجراء تحقيقها في 26 حزيران/يونيه 2001 وأحالت تقريرها إلى اللجنة المعنية بالأشخاص المفقودين، وطلبت هذه اللجنة في 22 آب/أغسطس 2001 إجراء تحقيقات أخرى بشأن بنود بعينها. وأحيلت نتائج هذه التحقيقات الإضافية إلى اللجنة المعنية بالأشخاص المفقودين في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

7-4 وتزعم الدولة الطرف أن نتائج التحقيق الجنائي قد كشفت عن أن العريف راتنامالا موديانسلاغي ساراث جاياسينغي بيريرا (الذي يطلق عليه فيما بعد اسم العريف ساراث) في جيش سري لانكا وشخصين آخرين لم تحدد هويتهما قد "اعتقلوا ابن صاحب البلاغ بشكل غير طوعي أي (اختطفو ه). وأن هذا الاختطاف لا يمت بصلة إلى "عملية المحاصرة والتفتيش" التي قام بها جيش سري لانكا في قرية أنبواليبورام في منطقة ترينكومالي لتعيين هوية المشتبه في قيامهم بأنشطة إرهابية والقبض عليهم. وحدثت بالفعل خلال هذه العملية حالات اعتقال واحتجاز لأغراض التحقيق وفقاً لما ينص عليه القانون، ولكن الضباط المسؤولين لم يكونوا على علم بتصرف العريف ساراث وباختطاف ابن صاحب البلاغ. ولم يثبت التحقيق أن ابن صاحب البلاغ قد احتجز في معسكر الجيش في بلانتين بوينت أو في أي مكان آخر من أماكن الاحتجاز ولم يتسن التحقق من مكان وجوده.

7-5 وأنكر العريف ساراث تورطه في الحدث ولم يقدم أية معلومات عن ابن صاحب البلاغ ولا أية أسباب مقبولة تفسر توريط الشهود له زوراً. ولذلك، قررت اللجنة المعنية بالأشخاص المفقودين تأسيس عملها على افتراض أن العريف والشخصين الآخرين اللذين لم تحدد هويتهما مسؤولون ع ن "اعتقال" ابن صاحب البلاغ "بشكل غير طوعي".

7-6 وفيما يتعلق بالأحداث التي وقعت في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1991، عندما ادعى صاحب البلاغ أنه رأى ابنه بصحبة الملازم الأول أماراسيكيرا، فقد كشفت التحقيقات أنه لم يكن هناك، في الفترة ذات الصلـة، أي ضابط بهذا الاسم ف ي منطقة ترنكومالي. فالشخص الذي كان يقوم بمهام عمله في المنطقـة ذات الصلة في 1990/1991 كان الضابط أماراسينغي الذي توفى بعد ذلك بفترة بسيطة نتيجة هجوم إرهابي.

7-7 وفي 18 شباط/فبراير 2002، أرسل صاحب البلاغ رسالة أخرى إلى النائب العام صرح فيها بأن ابنه قد "اخت طف" على يد العريف ساراث وطلب إليه التماس حل سريع للمسألة وتسليم ابنه بدون تأخير. وفي 28 شباط/فبراير 2002، أبلغ النائب العام صاحب البلاغ بأن ابنه قد اختفى بعد اختطافه في 23 حزيران/يونيه 1990 وأن مكان وجوده غير معروف.

7-8 وفي 5 آذار/مارس 2002، اتهُم العريف س اراث مع شخصين آخرين لم تحدد هويتهما "باختطاف" ابن صاحب البلاغ في 23 حزيران/يونيه 1990، وهو فعل يعاقب عليه بموجب المادة 365 من قانون العقوبات في سري لانكا. وأرسلت عريضة الاتهام إلى المحكمة العليا في ترينكومالي وأخطر صاحب البلاغ بإرسالها في 6 آذار/ماس 2002. وتزعم الدولة الطرف أن العريف ساراث قد اتهم "بالاختطاف" لأن ليس في تشريعها المحلي نص يقضي بأن "الاعتقال غير الطوعي" يشكل جريمة جنائية مميزة. وعلاوة على ذلك، لم تجد نتائج التحقيق ما يبرر الافتراض بأن العريف ساراث مسؤول عن مقتل الضحية، لأن هذه الضحية قد شوهدت وهي على قيد الحياة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1991. وستبدأ محاكمة العريف ساراث في أواخر عام 2002.

7-9 وتزعم الدولة الطرف أنها لم تتسبب لا بشكل مباشر أو من خلال القادة الميدانيين المختصين في جيشها، في اختفاء ابن صاحب البلاغ. وإلى أن انتهى التحقيق المشار إليه أعلاه، لم يكن تصرف العريف ساراث معروفاً لدى الدولة الطرف وكان بمثابة نشاط غير مشروع ومحظور، كما دل على ذلك اتهامه في الآونة الأخيرة. وفي ظل هذه الظروف، تعتبر الدولة الطرف أن "اختفاء" أو تجريد ابن صاحب البلاغ من الحرية لا يمكن أن يعتبر انتهاكاً لحقوقه الإنس انية.

7-10 وتكرر الدولة الطرف أن زعم "اعتقال" ابن صاحب البلاغ "بشكل غير طوعي" في 23 حزيران/يونيه 1990 أو "تجريده المزعوم من الحرية" بعد ذلك في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1991 أو في حدود هذا التاريخ قد حدث قبل أن تصدق سري لانكا على البروتوكول الاختياري، وأن ليست في البلاغ عناصر مادية تثبت أن هناك "انتهاكاً مستمراً".

7-11 ومن ثم، تزعم الدولة الطرف أنه ليست هناك أسس موضوعية للبلاغ، وأنه ينبغي، على أي حال، إعلان أنه غير مقبول للأسباب التي تم بيانها في الفقرة 7-10.

تعليقات صاحب البلاغ

8-1 في 2 آب/أغسطس 2002، أبدى صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ.

8-2 ويزعم صاحب البلاغ أن اختفاء ابنه قد حدث في ظرف كانت تتم فيه عمليات الاختفاء بشكل منتظم. وهو يشير إلى "التقرير الختامي للجنة المعنية بالتحقيق في حالات اختطاف أو اختفاء الأشخاص بشكل غ ير طوعي في المقاطعتين الشمالية والشرقية" الصادر في عام 1997، الذي يفيد بأن:

عدداً كبيراً من الشباب في الشمال والشرق قد اختفوا في الجزء الأخير من عام 1989 وخلال الجزء الأخير من عام 1990. وهناك صلة بين اختفاء الشباب على هذا النطاق الواسع وبين العمليات العسكر ية التي بدأت تنفذ ضد جبهة التحرير الشعبية في الجزء الأخير من عام 1989 وضد حركة نمور تحرير تاميل إيلام أثناء حرب إيلام الثانية التي بدأت في حزيران/يونيه 1990 ]000[ وكان واضحاً أن قسماً من الجيش ينفذ تعليمات رؤسائه السياسيين بحماس جدير بقضية أفضل. وخولت للجي ش سلطات كبيرة بموجب لوائح الطوارئ شملت سلطة التصرف بالجثث بدون فحصها بعد الوفاة أو بدون إجراء تحقيقات بشأنها، وشجع ذلك قسماً من الجيش على تجاوز الخط غير المرئي الفاصل بين عمليات الأمن المشروعة والاعتقالات وحالات القتل الحمقاء التي نفذت على نطاق واسع.

8-3 و يشدد صاحب البلاغ على أن أحد الجوانب التي تنطوي عليها حالات الاختفاء في سري لانكا هو إفلات الضباط وغيرهم من عملاء الدولة إفلاتاً تاماً من العقاب، كما يوضح ذلك التقرير الذي وضعه الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بعد زيارته الثالثة إلى سري لانكا في عام 1999 (3) . ويصرح صاحب البلاغ بأن اختفاء ابنه إنما هو فعل ارتكبه عملاء الدولة كجزء من نمط وسياسة حالات الاختفاء القسري التي تورط فيها جهاز الدولة على جميع مستوياته.

8-4 ويسترعي صاحب البلاغ الانتباه إلى أن الدولة الطرف لا تعترض على أن ابنه قد اختفى، حتى وإن زعمت أنها غير مسؤولة؛ و تؤكد أن ابنه قد اختطف في 23 حزيران/يونيه 1990 من جانب العريف ساراث وعسكريين آخرين لم تحدد هويتهما، بالرغم من أن الاختطاف قد تم بطريقة "منفصلة ومستقلة تماما" عن عملية المحاصرة والتفتيش التي قام بها الجيش في هذا الموقع في نفس الوقت؛ وتؤكد أن ضباط الجيش لم يكونوا على علم بتصرف العريف ساراث وباختطاف ابن صاحب البلاغ.

8-5 ويشير صاحب البلاغ إلى أن حالات الاختفاء القسري تمثل انتهاكاً صارخاً لأحكام كثيرة في العهد، من بينها المادة 7 (4) . ويشدد على أن إحدى المسائل الرئيسية في هذه القضية هي الإسناد، ويرى من ثم أن ما من شك في أن الدولة الطرف هي التي يعزى إليها اختفاء ابنه لأنه لا جدال في أن جيش سري لانكا جهاز من أجهزة هذه الدولة (5) . ففي الحالات التي ينتهك فيها جندي أو موظف رسمي آخر الحقوق المنصوص عليها في العهد باستخدام مركزه في الس لطة لتنفيذ فعل غير مشروع، يعزى الانتهاك إلى الدولة (6) ، حتى وإن تصرف الجندي أو الموظف الرسمي الآخر تصرفاً يتجاوز سلطته. ويـستنتج صاحب البلاغ، بالاستناد إلى الحكم الصادر من محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية Velasquez Rodriquez (7) وإلى الـحكم الصا در من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أنه حتى في الحالات التي يتصرف فيها موظف رسمي تصرفاً يتجاوز سلطته، تكون الدولة نفسها مسؤولة إذا أتاحت الوسائل أو التسهيلات لتنفيذ الفعل. وحتى إذا تصرف الموظفون الرسميون تصرفاً يتناقض مباشرة مع الأوامر التي أعطيت لهم، و هذا ليس معروفاً في هذه القضية، تظل الدولة مسؤولة عن هذه التصرفات (8) .

8-6 ويصر صاحب البلاغ على أن ابنه قد اعتقل واحتجز على يد أفراد في الجيش، من بينهم العريف ساراث وأفراد آخرون لم تحدد هويتهم، أثناء القيام بعملية تفتيش عسكري، وعلى أن هذه الأفعال فد أسفرت عن اختفاء ابنه. وبالإشارة إلى الأدلة الدامغة المعروضة على اللجنة الرئاسية للتحقيق، والتي تفيد بأن كثيرين في ترينكومالي من الذين تم اعتقالهم واقتيادهم إلى معسكر الجيش في بلانتين بوينت لم يظهروا إلى الوجود مرة أخرى، فإن الادعاء بأن حالة الاختفاء هذه فعل معزول نفذ بناء على مبادرة العريف ساراث وحده، دون علم أو تواطؤ آخرين على مستويات أخرى في سلسلة القيادة العسكرية، هو أمر لا يمكن تصديقه.

8-7 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة عن أفعال العريف ساراث حتى وإن لم تكن أفعاله، كما أشارت الدولة الطرف إلى ذلك، جزءاً من عملية عسكرية أوسع نطاقاً لأن ما من شك في أن الأفعال قد نفذت على يد أفراد من الجيش. فكان العريف ساراث يرتدي زياً عسكرياً في ذلك الوقت ولا جدال في أنه كان يخضع لأوامر ضابط لإجراء عملية تفتيش في هذه المنطقة خلال الفترة المعنية. وعليه، أتاحت الدولة الطرف ا لوسائل والتسهيلات لتنفيذ الفعل المنسوب إليها. وكون العريف ساراث موظفاً ذا رتبة دنيا، قد تصرّف بقدر كبير من الاستقلال ولم يتلقَ أوامر من رؤسائه، لا يعفي الدولة الطرف من مسؤوليتها.

8-8 ويفيد صاحب البلاغ أيضاً بأنه حتى إذا لم تنسب الأفعال مباشرة إلى الدولة ال طرف، فإن مسؤوليتها يمكن أن تنشأ بسبب تقصيرها في الوفاء بالالتزامات الإيجابية المتمثلة في منع حدوث انتهاكات جسيمة معينة مثل الانتهاكات التعسفية للحق في الحياة والمعاقبة عليها. وهذه المسؤولية يمكن أن تنشأ سواء نفذت الأفعال أو لم تنفذ من جانب أطراف فاعلة من غ ير الدول.

8-9 ويحاج صاحب البلاغ في هذا الصدد بأن ملابسات هذه القضية تثبت حتماً، كحد أدنى، قرينة على تحمل المسؤولية، لم تدحضها الـدولة الطرف. وفي هذه القضية، وبالإشارة إلى أحكام قضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (9) ، فإن الدولة الطرف، لا صاحب البلاغ، هي التي تستطيع الحصول على المعلومات ذات الصلة، وينبغي من ثم أن يقع عليها عبء إنكار قرينة المسؤولية. ولم تشرع الدولة الطرف في إجراء تحقيق شامل في ادعاءات صاحب البلاغ في مجالات تستطيع هي وحدها الحصول على المعلومات ذات الصلة وتزويد اللجنة بها.

8-10 ويحاج صاحب البلاغ بأن على الدولة، وفقاً لسوابق اللجنة (10) وسوابق محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، مسؤولية التحقيق في اختفاء ابنه بطريقة شاملة وفعالة لتقديم المسؤولين عن حالات الاختفاء أمام القضاء وتعويض أسر الضحايا (11) .

8-11 وفي هذه القضية، لم تبحث الدولة الطرف مسؤول يتها بفعالية والمسؤولية الفردية للمشتبه في ارتكابهم الجرائم بشكل مباشر، ولم تشرح سبب بدء التحقيق بعد مرور نحو 10 سنوات رغم علم السلطات المختصة بحالات الاختفاء منذ البداية. ولم يقدم التحقيق معلومات عن الأوامر التي يجوز أن تكون قد أعطيت للعريف ساراث وغيره من الأفراد بخصوص دورهم في عمليات التفتيش، ولم يأخذ سلسلة القيادة بعين الاعتبار. ولم يقدم معلومات عن النظم القائمة في إطار القوات العسكرية بشأن الأوامر، والتدريب، وإجراءات الإبلاغ أو بشأن عمليات أخرى لرصد نشاط الجنود، وهي معلومات يمكن أن تدعم أو تنفي الزعم بأ ن رؤساءه لم يصدروا أوامر لتنفيذ الأنشطة التي قام بها العريف ولم يكونوا على علم بها. ولم يقدم أدلة للإفادة بأن العريف ساراث أو زملاءه كانوا يتصرفون بصفة شخصية دون علم ضباط آخرين بذلك.

8-12 وهناك أيضاً نقص مستغرب في الأدلة التي قامت الدولة الطرف بجمعها. فلم يتم بالفعل إطلاع اللجنة على سجلات العمليات العسكرية التي جرت في هذه المنطقة في عام 1990 أو لم يتم تقديم هذه السجلات، ولم تقدم سجلات الاحتجاز أو معلومات بشأن عملية المحاصرة والتفتيش. ويبدو أن الدولة الطرف لم تجر أيضاً تحقيقات بشأن السيارة المسجلة تحت الرقم "35 سري 1919"، التي شوهد فيها ابن صاحب البلاغ لآخر مرة. ولم يدرج النائب العام في الاتهام الذي قدمه ضد العريف ساراث أفراداً رئيسيين كشهود أثناء المحاكمة، وذلك بالرغم من أنهم كانوا قد أدلوا بالفعل ببيانات أمام السلطات ويمكن أن يقدموا شهادات جوهرية في هذه الق ضية. ومن بين هؤلاء الأفراد بوبالابيلاي نميناثان الذي كان قد اعتقل مع ابن صاحب البلاغ واحتجز معه في معسكر الجيش في بلانتين بوينت، وسانثيا كروز الذي اعتقل هو الآخر مع ابن صاحب البلاغ ولكن أفرج عنه وهو في الطريق إلى معسكر الجيش في بلانتين بوينت، وس.ب. رامياح الذي كان شاهداً على اعتقال ابن صاحب البلاغ وشاموغام الغياح الذي اعتُقل ابن صاحب البلاغ من منزله. وعلاوة على ذلك، ليس هناك ما يشير إلى أنه تم تجميع أية أدلة بشأن دور الذين هم في رتب أعلى في الجيش لأن هؤلاء الضباط يمكن أن يكونوا هم أنفسهم مسؤولين جنائياً إما بشكل مباشر عن الحض على إصدار الأوامر أو بشكل غير مباشر عن تقصيرهم في منع مرؤوسيهم من ارتكاب هذه الأفعال أو في معاقبتهم على ذلك.

8-13 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يشدد صاحب البلاغ على أن اللجنة سبق وأن أعلنت أن القضية مقبولة في 14 آذار/مارس 2002 ويصر على أن الأحداث موضع الشكوى قد استمرت بعد تصديق الدولة الطرف على البروتوكول الاختياري وإلى اليوم الذي قدم فيه رسالته. ويذكر صاحب البلاغ أيضاً المادة 17 من إعلان الأمم المتحدة المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (12) .

8-14 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعتبر الدولة الطرف مسؤولة عن اختفاء ابنه وأن تعلن أنها انتهكت المواد 2 و6 و7 و9 و10 و17 من العهد. ويطلب أيضاً أن تقوم الدولة الطرف بإجراء تحقيق شامل وفعال وفقاً لما ورد اقتراحه أعلاه؛ وأن تطلعه على القدر الكافي من المعلومات التي سيسفر عنها هذا التحقيق؛ وأن تفرج عن ابنه وتدفع تعويضات كافية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلمات التي أتاحها لها الطرفان حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وفيما يتعلق بالادعاء الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن اختفاء ابنه، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تنكر أن ابن صاحب البلاغ قد اختطف على يد موظف في الجيش السري لانكي في 23 حزيران/يونيه 1990 وأنه لم يُعرف عنه شيء منذ ذلك الحين. وتعتبر اللجنة، لأغراض إثبات مسؤولية الدولة الطرف، أن كون الموظف الذ ي يعزى إليـه الاختفاء قد تصرف تصرفاً يتجاوز سلطته أو أن الموظفين الأعلى درجة لم يكونوا على علم بالإجراءات التي اتخذها هذا الموظف (13) ، أمر لا صلة لـه بهذه القضية. ومن ثم، تستنتج أن الدولة الطرف، في ظل هذه الظروف، مسؤولة عن اختفاء ابن صاحب البلاغ.

9-3 وتحيط اللجنة علماً بتعريف الاختفاء القسري الوارد في الفقرة 2(ط) من المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (14) ، التي تنص على ما يلي: يعني الاختفاء القسري للأشخاص إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه. ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم، بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة. ويشكل أي فعل اختفاء كهذا انتهاكاً لعدد كبير من الحقوق المجسدة في العهد، بما في ذلك حق الفرد في الحرية وفي الأمان على نفسه (المادة 9)، وحق الفرد في ألا يخضع للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة (المادة 7)، وحق جميع المحرومين من حريتهم في أن يعاملوا معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في ال شخص الإنساني (المادة 10). وينتهك هذا الفعل أيضاً الحق في الحياة أو يشكل تهديداً خطيرا عليه (المادة 6) (15) .

9-4 وتبين وقائع هذه القضية بكل وضوح إمكانية تطبيق المادة 9 من العهد بشأن حق الفرد في الحرية وفي الأمان على نفسه. وقد اعترفت الدولة الطرف هي نفسها بأن اعتقال ابن صاحب البلاغ كان غير مشروع وأنه مثل نشاطاً محظوراً. ولم يقتصر الأمر على عدم وجود أي سند قانوني لاعتقاله، بل لم يكن هناك بكل وضوح أي سند لمواصلة احتجازه. وليس هناك ما يمكن أن يبرر قط مثل هذا الانتهاك الجسيم للمادة 9. ولا شك في رأي اللجنة أن الوقا ئع المعروضة عليها في هذه القضية تدل على أن المادة 9 قد انتهكت كلية.

9-5 أما فيما يتعلق بزعم انتهاك المادة 7، فتعترف اللجنة بدرجة معاناة الشخص الذي يحبس حبساً لا نهائي دون أي اتصال بالعالم الخارجي (16) ، وتلاحظ في هذه القضية أن صاحب البلاغ قد رأى ابنه مصادفةً فيما يبدو بعد مرور نحو 15 شهراً على اعتقاله في بادئ الأمر. ولذلك ينبغي اعتباره ضحية انتهاك المادة 7. وإذ تلاحظ، علاوة على ذلك، حزن واضطراب أسرة صاحب البلاغ من جراء اختفاء ابنها واستمرار حالة انعدام اليقين بشأن مصيره ومكان وجوده (17) ، فتعتبر أن صاحب البلاغ وزوجته ضحيتا انتهاك للمادة 7 أيضاً من العهد. وترى اللجنة من ثم أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 7 من العهد فيما يتعلق بابن صاحب البلاغ وبأسرته على السواء.

9-6 وفيما يتعلق باحتمال انتهاك المادة 6 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطلب إليها الاستنتاج بأن ابنه قد توفى. وأنه في الوقت الذي يتذرع فيه بالمادة 6، يطلب أيضاً، علاوة على ذلك، الإفراج عن ابنه، مما يشير إلى أنه لم يقطع الأمل في أن يعود ابنه إلى الظهور مرة أخرى. وترى اللجنة، في هذه الظروف، أنه ليس لها أن تفترض أن ابن صاحب البلاغ قد توفى. وبما أن التزامات الدولة الطرف بموجب الفقرة 11 أدناه ستكون هي نفسها سواء تم التوصل إلى هذه النتيجة أم لا، ترى اللجنة أن من الملائم في هذه القضية عدم التوصل إلى أية نتيجة بشأن المادة 6.

9-7 وفي ضوء النتائج المشار إليها أعلاه، لا تعتبر اللجنة أن من الض روري تناول ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 10 و17 من العهد.

10- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي تتصرف وفقا للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك المادتين 7 و9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية فيما يتعلق بابن صاحب البلاغ وعن انتهاك المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتعلق بصاحب البلاغ وزوجته.

11- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن توفر لصاحب البلاغ وأسرته سبيل انتصاف فعا لاً، يشمل إجراء تحقيق شامل وفعال في اختفاء ابن صاحب البلاغ ومصيره، والإفراج عنه مباشرة إذا كان لا يزال على قيد الحياة، وتوفير القدر الكافي من المعلومات التي سيسفر عنها التحقيق الذي ستجريه، ومنح تعويض كاف عن الانتهاكات التي عانى منها ابن صاحب البلاغ وصاحب ا لبلاغ وأسرته. وترى اللجنة أن على الدولة الطرف أيضاً التزاماً بالتعجيل بالإجراءات الجنائية الراهنة وتأمين سرعة محاكمة جميع الأشخاص المسؤولين عن اختطاف ابن صاحب البلاغ بموجب المادة 356 من قانون العقوبات السري لانكي وتقديم أي شخص آخر تورط في حالة الاختفاء هذه أمام القضاء. وعلى الدولة الطرف أيضاً التزام بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

12- وبما أن الدولة الطرف قد اعترفت عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أن تقرر ما إذا كان العهد قد انتهك أو لم ينتهك، وأنها ق د تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد المقيمين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية، الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر آرائها هذه.

]اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيض اً كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) القضية رقم 107/1981، اعتمدت الآراء في 21 تموز/يوليه 1983.

(2) القضية رقم 440/1990، اعتمدت الآراء في 24 آذار/مارس 1994.

(3)E/CN.4/2000/64/Add.1، الفقرتان 34 و35.

(4) Celis Laureano v. Peru ، القضية رقم 540/1993، اعتمدت الآراء في 25 آذار/مارس 1996.

(5) Velasquez Rodriguez Case (1989)، محكمة البلـدان الأمريكية لحقوق الإنسان، الحكم المؤرخ 29 تموز/ يوليه 1998 (Ser.C) رقم 4 (1988).

(6) انظر Caballero Delgado and Santana Case ، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، الحكم المؤ رخ 8 كانون الأول/ديسمبر 1995 (التقرير السنوي لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان 1995 OAS/Ser.L/V III.33 Doc.4Garrido and Baigorria Case، الحكـم الصـادر بشأن الأسس الموضوعية، 2 شباط/فبراير 1996، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان).

(7)Velasquez Rodriguez Case (1989)، الحكــم المؤرخ 29 تموز/يوليه 1998، محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (Ser. C)، رقم 4 (1988)، الفقرتان 169-170.

(8) Timurtas v. Turkey ، المحكمة الأوروبيـة لحقوق الإنسـان، رقم الطلب 23531/94، الحكم المؤرخ 13 حزيران/يونيه 2000؛ Ertak v. Turkey ، المحكمة الأوروبيـة لحقوق الإنسان، رقم الطلب 20764/92، الحكم المؤرخ 9 أيار/ مايو 2000.

(9) انظر Bleier v. Uruguay ، القضيــة رقم 30/1978، المعتمدة في 24 آذار/مارس 1980، الفقرة 13-3 ("فيما يتعلق بعبء الإثبات، فإن ذلك لا يمكن أن يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، لا سيما إذا وضع في الاعتبار أن صاحب البلاغ والدولة الطرف لا يقفان دائماً على قدم المساواة فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى الأدلة وأن الدولة الطرف كثيراً ما تملك وحدها إمكانية الوصول إلى المعلومات ذات الصلة. ويفهم ضمناً من الفقرة (2) من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن من واجب الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في أية ادعاءات بانتهاك العهد موجهة ضدها وضد سلطاتها ] 000[").

(10) Sanjuan Arevalo v. Colombia ، القضيــة رقـم 181/1984، الآراء المعتمدة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1989؛ Avellanal v. Peru ، القض ية رقم 202/1986، الآراء المعتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1988؛ Mabaka Nsusu v. Congo ، القضيـة رقـم 157/1983، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1986؛ و Vicente et al. v.Colombia ، القضية رقم 612/1995، الآراء المعتمدة في 29 تموز/يوليه 1997؛ انظر أيضا التعليق ال عام رقم 6HRI/GEN/1/Rev.1 (1994)، الفقرة 6.

(11) الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان على التقرير الدوري الثالث المقدم من السنغال، 28 كانون الأول/ديسمبر 1992، CCPR/C/79/Add.10؛ انظر أيضاً Baboeram v. Surinam، القضية رقم 146/1983، الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 1985 وHugo Dermit v. Uruguay، القضيـة رقـم 84/1981، الآراء المعتمدة في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1982.

(12) حالات الاختفاء القسري "تُعتبر جريمة مستمرة طالما استمر مرتكبوها في إخفاء مصير ومكان وجود الأشخاص الذين اختفوا ولم يتم استجلاء هذه الوقا ئع". وبالمثل، تنص المادة 3 من اتفاقية البلدان الأمريكية بشأن اختفاء الأشخاص قسراً على أن جريمة الاختفاء القسري "ستظل تعتبر مستمرة أو دائمة طالما لم يحدد مصير أو مكان وجود الضحية".

(13) انظر المادة 7 من مشاريع المواد بشأن مسؤولية الدول عن الأفعال غير المشرو عة الذي اعتمدته لجنة القانون الدولي في دورتها الثالثة والخمسين المعقودة في عام 2001 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

(14) نص نظام روما الأساسي المعمم بوصفه الوثيقـة A/CONF.183/9 المؤرخة 17 تموز/يوليه 1998، والذي تم تصويبه بالمحاضر المؤرخة 10 تشرين الثاني/نو فمبر 1998، و12 تموز/يوليه 1999، و30 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، و8 أيار/ مايو 2000 و17 كانون الثاني/يناير 2001 و16 كانون الثاني/يناير 2002. وبدأ نفاذ النظام الأساسي في 1 تموز/يوليه 2002.

(15) انظر الفقرة 2 من المادة 1 من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص م ن الاختفاء القسري، قرار الجمعية العامة 47/133، الوثائق الرسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الدورة السابعة والأربعون ، الملحق (رقم 49) ص. 207 من النص الإنكليزي، ووثيقة الأمم المتحدة A/47/49 (1992). اعتمد الإعـلان قرار الجمعية العامة 47/133 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.

(16) انظر El Megreisi v. Libyan Arab Jamahiriya ، القضية رقم 440/1990، الآراء المعتمدة في 23 آذار/ مارس 1994.

(17) Quinteros v. Uruguay ، القضية رقم 107/1981، الآراء المعتمدة في 21 تموز/يوليه 1983.

ثاء- البلاغ رقم 960/2000 كلاوس دييتر بو مغارتن ضد ألمانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 31 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد كلاوس دييتر بومغارتن

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 30 أيلول/سبتمبر 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعني ة بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تموز/يوليه 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 960/2000، الذي قدمه السيد كلاوس دييتر بومغارتن إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول ا لاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ السيد كلا وس دييتر بومغارتن هو مواطن ألماني، كان وقت تقديم البلاغ محتجزا في سجن دوبيل في برلين بألمانيا (1) . وهو يدعي أنه وقع ضحية انتهاك ألمانيا للمادتين 15 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله أي محام.

الوقائع

2-1 كان صاحب البلاغ يشغل منذ عام 1979 وحتى تقاعده في شباط/فبراير 1990 منصب نائب وزير الدفاع ورئيس قوات الحدود في الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة.

ــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد موريس غليل يه أهان ها نزو ، و السيد ألفريدو كاستييرو ه ويوس ، و السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي ، و السيد رافائيل ري ف اس بوسادا ، والسيد أحمد توفيق خليل ، والسيد فرانكو ديباسك وا لي ه، و السير نايجل رودلي ، و السيد مارتن شاين ي ن ، و السيد إ يفان شيرير، والسيد عبد الفتاح عمر ، والسيد رومن فيرو شيف سكي ، والسيد والتر كالين ، و السيدة روث ودجوود ، و السيد ماكسويل يالد ي ن ، و السيد هيبو ليتو سولاري - يريغوين.

2-2 وفي 10 أيلول/سبتمبر 1996، أدانت المحكمة الإقليمية في برلين صاحب البلاغ بتهمة القتل (2) ومحاولة القتل في العديد من الأحداث التي وقعت في الفترة من 1980 إلى 1989، وحكمت عليه بالسجن مدة س ت سنوات ونصف. ورأت المحكمة أن صاحب البلاغ كان مسؤولا عن اغتيال أو محاولة اغتيال الأشخاص المعنيين، الذين استهدفتهم قوات الحدود بالرصاص أو بتفجير الألغام لدى محاولتهم عبور الحدود بين الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة وجمهورية ألمانيا الاتحادية بما في ذ لك برلين الغربية. وفي 30 نيسان/أبريل 1997، رفضت المحكمة الاتحادية الاستئناف الذي رفعه صاحب البلاغ إليها. كما أن المحكمة الدستورية الاتحادية رفضت طلب الاستئناف الدستوري الذي قدمه في 21 تموز/يوليه 1997، معتبرة أن قرارات المحكمة لم تنتهك القانون الدستوري.

2-3 وأدلى صاحب البلاغ بشهادة أمام المحكمة الإقليمية في برلين مفادها أن أعلى سلطة عسكرية في الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة، وهي مجلس الدفاع الوطني، قد وضعت منذ 1960، مبادئ توجيهية للسياسات العامة بشأن حماية الحدود والدفاع عنها، وهي مبادئ كان وزير الدف اع ملزَما بتطبيقها. وكانت قوات الحدود تحت الإشراف المباشر لوزير الدفاع؛ وكان رئيس قوات الحدود في الوقت ذاته أحد نواب الوزير.

2-4 وسعيا وراء تنفيذ المبادئ التوجيهية لسياسة مجلس الدفاع الوطني العامة، أصدر وزير الدفاع أمره السنوي رقم 101 بشأن حماية الحدود لرئ يس قوات الحدود، الذي قام بدوره بتحديد التدابير الأمنية والدفاعية اللازم اتخاذها بصيغة أكثر وضوحا في أمره السنوي رقم 80. ثم يخضع محتوى هذا الأمر لمزيد من التفسير والتنقيح على مختلف المستويات في السلم الهرمي في قوات الحدود، ويصل في النهاية إلى كل وحدة لتنفيذ ه.

2-5 كما أصدر صاحب البلاغ، بصفته رئيس قوات الحدود وفي إطار المسؤولية المناطة به وحده، الأوامر التالية: الأمـر رقم 80/79 المؤرخ 6 تشرين الأول/أكتوبر 1979، والأمر رقم 80/80 المؤرخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 1980، والأمر رقم 80/81 المؤرخ 6 تشرين الأول/أكتوبر 198 1، والأمر رقم 80/83 المؤرخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1983، والأمر رقم 80/84 المؤرخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 1984، والأمر رقم 80/85 المؤرخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 1985، والأمر رقم 80/86 المؤرخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 1986، والأمر رقم 80/88 المؤرخ 26 أيلول/سبتمبر 1988. وترد مقتطفات من هذه الأوامر (3) في الحكم الذي أصدرته المحكمة الإقليمية في برلين على النحو التالي:

"على حرس الحدود أن يسهروا، على نحو موثوق به وبدون توقف، في القطاعات الموكلة لهم، على حماية حرمة حدود الدولة للجمهورية الديمقراطية الألمانية، وأن يلقوا القبض ع لى المخالفين لأنظمة الحدود، وألا يسمحوا بانتهاكات الحدود ولا بانتشار الأعمال الاستفزازية على الحدود انتشاراً يطال داخل إقليم الدولة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. [...] ويتعين مواصلة تعزيز فعالية الأمن على الحدود. [...]

ويتعين تدريب [حرس الحدود] على التصرف بكياسة سياسية وحزم ومبادرة. ويتعين تدريبهم، في المقام الأول، على إلقاء القبض على المخالفين والاستفزازيين دون اللجوء إلى الأسلحة النارية. وينبغي تلقين الجنود، وخلال التدريبات على الرماية، من استخدام أسلحتهم النارية الشخصية بأمان وتدريبهم على مراعاة ا لأمان في مكافحة الأهداف التي تظهر على الحدود وتتحرك في الليل والنهار، على أن تُنفَّذ هذه المهام باستخدام أقل قدر ممكن من الذخيرة" (4) .

"ويتعين العمل على مواصلة تحسين استعداد القوات المنتشرة على الحدود وقدرتها على منع أي اعتداء على حدود الدولة من خلال اتخاذ تدابير تتميز بالكياسة السياسية والمهارة والحسم والهمة والشطارة وسعة الحيلة من الناحية التكتيكية. [...] ويتلقى الحرس الذين ينشرون على الحدود لتأمينها تدريباً على الاستخدام المحكم للأسلحة النارية في أثناء تنفيذهم للأمر بالقتال، عندما تستنفد كل وسائل الاحتجا ز، عملاً بالأنظمة الأساسية لاستخدام الأسلحة النارية [...]

ويتعين إيلاء عناية دقيقة لضمان سير المنشآت (الحدودية) وفعاليتها الكاملة ضماناً مستمراً. وينبغي [...] وجود مسافة 39.2 كلم من السياج الحدودي الأول، تضم 10 مرافق أو منشآت حدودية وألغاماً انشطارية [... ]. وينبغي القيام بالتغييرات والإصلاحات الرئيسية في [...] المنشآت الحدودية المفخخة بالألغام الانشطارية وفي 6 مرافق، وعلى طول 104 كلم من السياج الحدودي الأول. [...] وبغية تقديم الدعم لزيادة ` الريادة ` و ` الإشارة ` في قيادة حدود الجنوب، يتعين تأمين خدمات وحدتين استثنائيتين من الفصائل ` الرائدة ` [...] للفترة من 24 حزيران/يونيه 1982 إلى 15 تشرين الأول/أكتوبر 1982 [...]. ولا ينبغي نشر أفراد صيانة المرافق الحدودية المخففة بالألغام الانشطارية [...] في نوبات تستغرق 24 ساعة. وينبغي التخطيط ونشر أفراد الصيانة لما لا يقل ع ن 15 يوم عمل في الشهر.

[...]

ويتعين توجيه الجهود إلى تمكين جنود الحدود من العمل بطريقة تتميز بالكياسة السياسية وتبدي روح المبادرة وكذلك العزم لدى قوة الحدود، [...] بغية إصابة أهدافهم سواء ظهرت هذه الأهداف وتحركت ليلاً أو نهاراً" (5) .

"ويجب أن تنظم تدريبا ت قوات الحدود بكاملها وأن تستجيب لمقتضيات حماية حدود الدولة حماية موثوقة ليل نهار. ويجب تدريب الجنود على إطلاق النار بدقة أثناء مواجهة [...] الأهداف في جميع الحالات وتمكينهم من استخدام أسلحتهم النارية الشخصية على الحدود، وفقاً لأحكام القانون والأنظمة الأسا سية العسكرية، وبطريقة مسؤولة وحاسمة. وبغية اعتقال كل من ينتهك حرمة الحدود وكل من يثير المشاكل على الحدود مستخدما القوة البدنية، يتعين أن تتلقى قوات الحدود تدريبات على القتال المباشر الخاص بالحدود" (6) .

"ومن خلال الاستخدام والنشر المنسقين للقوات وللعتاد [.. .] يمكن التعرف في الوقت المناسب على محاولات انتهاك حرمة الحدود والتصدي للاعتداءات على حدود الدولة والوقاية منها بطريقة يوثق بها ومن خلال اتخاذ تدابير حاسمة" (7) .

"وينبغي التركيز على [...] التعرف السريع والدقيق على ما يشير إلى استعداد وتنفيذ انتهاك حرمة الح دود والقيام بأعمال استفزازية، كما ينبغي التركيز على اتخاذ تدابير في قوة الحدود تتميز بالكياسة السياسية وتكون هجومية ومضبوطة في جميع الظروف، واتخاذ تدابير سريعة ومحددة الهدف لإيقاف المتسللين عبر الحدود دون استخدام الأسلحة النارية، [...] ومنع أي اختراق للحدو د والنجاح في المواجهة الدفاعية للأعمال الاستفزازية [...]. ويتدرب أعضاء قوات الحدود ووحداتها خلال التدريب على الرماية على إصابة الهدف بالطلقة الأولى [...] في الثلث الأول من الوقت المتاح للقتال [...]. وينبغي التركيز على [...] محاربة الأهداف الصغيرة الواقعة ع لى مسافة إطلاق مباشر بأسلحة نارية شخصية أو أسلحة مزدوجة" (8) .

"وينبغي للتدريب القتالي والخاص أن يُمكن الوحدات والإدارات والأطقـُم وحرس الحدود من التعرف في الوقت المناسب على ما يشير إلى الاستعداد لانتهاك حرمة الحدود وإلى انتهاك حرمتها، كما ينبغي لـه أن يُمك نهم من العمل بحسم ومن اتخاذ المبادرة للحيلولة دون انتهاك حرمة الحدود، والعمل بنجاح على منع وقوع أعمال استفزازية على الحدود والحيلولة دون وقوع هجمات مسلحة ضد إقليم الجمهورية الديمقراطية الألمانية. [...] وينبغي اتخاذ التدابير الفعالة للنهوض بمستوى التدريب عل ى الرماية. [...] كما ينبغي أن يصبح أفراد حرس الحدود أكثر قدرة على استخدام أسلحتهم بأمان، وعلى إصابة أهدافهم أيا كانت الظروف [...] وبالطلقة الأولى" (9) .

السياق المحلي والتشريعات المحلية

3-1 شهدت الفترة بين عامي 1949 و1961 هروب قرابة مليونين ونصف مليون ألماني من الجمهورية الديمقراطية الألمانية إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، بما فيها برلين الغربية. وبغية وقف هذا التدفق من اللاجئين، شرعت الجمهورية الديمقراطية الألمانية في بناء حائط برلين في 13 آب/أغسطس 1961 وعززت مواقعها الأمنية على الحدود الداخلية الألمانية، لا سيما من خلال زرع حقول ألغام استبدلتها فيما بعد بألغام انشطارية من طراز SM-70. ولقي المئات من الأشخاص مصرعهم عند محاولتهم عبور الحدود، إما نتيجة انفجار الألغام بهم أو بسبب إطلاق الرصاص عليهم من قبل حرس الحدود الألمانية الشرقية.

3-2 وبعد الوحدة الألمانية، ش رّع المدعون العامّون في إجراء تحقيقات في مقتل أشخاص على الحدود الداخلية سابقاً في ألمانيا وذلك استناداً إلى معاهدة إنشاء ألمانيا المتحدة المبرمة في 31 آب/أغسطس 1990. وتنص معاهدة التوحيد، وكذلك قانون معاهدة التوحيد المؤرخ 23 أيلول/سبتمبر 1990، في الأحكام ال انتقالية الخاصة بالقانون الجنائي (المواد من 315 إلى 315 ج من القانون التمهيدي للقانون الجنائي)، على أن العادة درجت على أن يظل القانون الذي يُطبَّق في المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة سارياً على الأحداث السابقة للتوحيد الفعلي. وفيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت في الجمهوريـة الديمقراطية الألمانية السابقة، يبقى القانون الجنائي للجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة ساريا. وتنص الفقرة 3 من المادة 2 من القانون الجنائي (جمهورية ألمانيا الاتحادية) على أن قانون جمهورية ألمانيا الاتحادية لا يسري إلا إذا كان أكثر لينا من قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية.

3-3 وفي الفصل الأول من الجزء الخاص من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية)، المعنون "الجرائم المرتكبة ضد السيادة القومية للجمهورية الديمقراطية الألمانية، وضد السلام والإنسانية وحقوق الإنسان"، وردت المق دمة التالية:

"إن توقيع العقوبة القاسية على مرتكبي الجرائم ضد السيادة القومية للجمهورية الديمقراطية الألمانية وضد السلام والإنسانية وحقوق الإنسان، وعلى مرتكبي جرائم الحرب، شرط لازم لتحقيق السلام المستقر في العالم، ولتجديد الثقة في حقوق الإنسان الأساسية وكرا مة الإنسان وقيمته، وللحفاظ على حقوق الجميع".

وينص الباب 95 من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية) على ما يلي:

"لا يجوز لأي شخص يتصرف تصرفاً يخلُّ بحقوق الإنسان أو الحقوق الأساسية، أو بالالتزامات الدولية أو السيادة القومية للجمهورية الديمقراط ية الألمانية أن يبرر تصرفه باللجوء إلى القانون التشريعي أو إلى أمر أو توجيه صادر في هذا الصدد، ويعتبر هذا الشخص مسؤولاً مسؤولية جنائية".

وينص البابان 112 و113 من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية) على توقيع الجزاء على مرتكبي القتل العمد و " ا لقتل دون سابق إصرار":

الباب 112

القتل العمد

"(1) أي شخص يقتل شخصاً آخر عمداً يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات أو بالسجن المؤبد.

[...]

(3) يعاقب القانون على التحضير للجريمة ومحاولة ارتكابها".

الباب 113

القتل دون سابق إصرار

"(1) يعاقب القانو ن على ارتكاب جريمة قتل شخص عمداً بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات في الحالات التالية:

1- إذا وجد مرتكب الجريمة نفسه، وبدون ذنب منه، في حالة من الهيجان الشديد إثر تعرضه هو أو أحد أفراد أسرته لمعاملة سيئة، أو لتهديد خطير أو إهانة قاسية من قبل القتيل، فاضطره ذ لك أو حمله على ارتكاب جريمة القتل؛

2- المرأة التي تقتل طفلها أثناء وضعه أو بعد الوضع مباشرة؛

3- إذا كانت ثمة ظروف خاصة متصلة بالجريمة تخفف من مسؤولية مرتكبها بموجب القانون الجنائي.

(2) محاولة ارتكاب الجريمة يعاقب عليها القانون".

تنص المادة 258 من ال قانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية) على ما يلي:

"(1) لا يُحمِّل القانون مسؤولية جنائية لأعضاء القوات المسلحة بسبب أفعال ارتكبوها عند تنفيذهم أمراً صادراً عن رئيس لهم، إلا في الحالات التي يكون في تنفيذ هذا الأمر انتهاكاً صريحاً للقواعد المعترف بها في القانون الدولي العام أو القانون الجنائي.

(2) عندما يُنفِّذ المرؤوس أمراً يشكل انتهاكاً صريحاً للقواعد المعترف بها في القانون الدولي العام أو القانون الجنائي، يتحمَّل رئيسه الذي أصدر ذلك الأمر أيضا المسؤولية الجنائية عن ذلك.

(3) لا يتحمَّل المسؤ ولية الجنائية من يرفض الامتثال لأمر أو يتعذر عليه الامتثال لأمر يشكل تنفيذه انتهاكاً لقواعد القانون الدولي العام أو القانون الجنائي".

3-4 عملاً بالفقرة 2 من الباب 17 من قانون شرطة الشعب المؤرخ 11 حزيران/يونيه 1968 يبرر استخدام الأسلحة النارية في الحالات ال تالية:

"(أ) الحيلولة دون ارتكاب وشيك أو دون الاستمرار في ارتكاب جريمة يبدو في الظروف المحيطة بها أنها تشكل:

- جريمة خطيرة ضد سيادة الجمهورية الديمقراطية الألمانية أو ضد السلام أو الإنسانية أو حقوق الإنسان

- جريمة خطيرة ضد الجمهورية الديمقراطية الألمانية

- جريمة خطيرة ضد الشخص البشري

- جريمة خطيرة ضد السلامة العامة أو ضد نظام الدولة

- أي جريمة خطيرة أخرى، لا سيما تلك التي تستخدم الأسلحة النارية أو المتفجرات في ارتكابها؛

(ب) الحيلولة دون فرار أو إعادة اعتقال الأشخاص:

- الذين يشتبه اشتباهاً قوياً في ارتكا بهم جريمة خطيرة أو الذين ألقي عليهم القبض أو احتجزوا لارتكابه جريمة خطيرة

- الذين يشتبه اشتباهاً قوياً في ارتكابهم جريمة أقل خطورة، أو الذين ألقي القبض عليهم أو احتجزوا أو حكم عليهم بالسجن لارتكابهم جريمة تدل على وجود نية لاستخدام الأسلحة النارية أو المتفج رات، أو الهروب من السجن باللجوء إلى طرق عنيفة أخرى أو بالاعتداء على الأشخاص المسؤولين عن اعتقالهم أو حبسهم أو سجنهم أو الإشراف عليهم، أو الهروب جماعة.

- الذين حُكم عليهم بالحبس وسُجنوا في مركز احتجاز ذي احتياطات أمنية مشددة أو في سجن عادي

(ج) ضد الأشخاص ا لذين يحاولون بوسائل العنف إطلاق سراح أو المساعدة على هروب أشخاص ألقي القبض عليهم أو احتجزوا أو حكم عليهم بالسجن بسبب ارتكابهم جريمة خطيرة أو جريمة أقل خطورة.

(3) يتعين اللجوء إلى التحذير الواضح أو إلى إطلاق طلقة تحذيرية قبل استخدام الأسلحة النارية، ما عدا الحالات التي لا يمكن فيها تفادي خطر وشيك الوقوع أو إزالته إلا باستخدام السلاح الناري استخداماً محدد الهدف.

(4) عند استخدام الأسلحة النارية، ينبغي الحفاظ على الأرواح البشرية متى أمكن ذلك. ويتعين تقديم الإسعافات الأولية للأشخاص المصابين على أن تراعى التداب ير الأمنية اللازمة حالما يسمح تنفيذ عملية الشرطة بذلك.

(5) لا يجوز استخدام الأسلحة النارية ضد الأشخاص الذين يبدو من مظهرهم الخارجي أنهم أطفال أو عندما يُعرِّض هذا الاستخدام الغير للخطر. كما ينبغي عدم استخدام الأسلحة النارية، إذا أمكن ذلك، ضد الأحداث أو ال نساء.

(6) يضع وزير الداخلية ورئيس شرطة الشعب الألماني أنظمة مُفصّلة لاستخدام الأسلحة النارية [...]".

وتنص الفقرة 3 من الباب 20 من قانون شرطة الشعب على سريان هذه الأحكام كذلك على أفراد جيش الشعب الوطني.

3-5 دخل قانون حدود دولة الجمهورية الديمقراطية الألما نية حيز النفاذ في 1 أيار/مايو 1982 فحل محل الفقرة 2 من الباب 17 من قانون شرطة الشعب بشأن استخدام حرس الحدود للأسلحة النارية. وينص الباب 27 من قانون حدود الدولة على ما يلي:

"(1) إن استخدام الأسلحة النارية هو أقصى التدابير التي تنطوي على اللجوء إلى القوة ض د الشخص. ولا تُستخدم الأسلحة النارية إلا في حالة فشل اللجوء إلى القوة البدنية أو عدم وجود أمل في نجاحه، بالاستعانة بأجهزة آلية أو بدونها، ولا يجوز استخدام الأسلحة النارية ضد الأشخاص إلا إذا لم تؤد الطلقات التي استهدفت الأشياء أو الحيوانات إلى النتيجة المرج وة.

(2) واستخدام الأسلحة النارية مبرر في محاولة منع ارتكابٍ وشيك أو استمرار لجريمة يبدو في ظروفها أنها تشكل جريمة خطيرة. ويبرر ذلك الاستخدام إذا كان الغرض هو إلقاء القبض على شخص يشتبه اشتباهاً قوياً في ارتكابه جريمة خطيرة.

(3) لا تُستخدم الأسلحة النارية من حيث المبدأ إلا بعد توجيه إنذار واضح أو إطلاق طلقة تحذيرية، ما عدا الحالات التي لا يمكن فيها تفادي أو إزالة خطر وشيك الوقوع إلا بالاستخدام المحدد الهدف للسلاح الناري.

(4) لا يجوز استخدام الأسلحة النارية في الحالات التالية:

(أ) عندما تكون حياة الآخرين أ و صحتهم عرضة للخطر؛

(ب) عندما يبدو الأشخاص من المظهر الخارجي أطفالاً؛ أو

(ج) عندما تشكل الطلقات انتهاكا للسيادة الإقليمية لدولة جارة.

ولا يجوز استخدام الأسلحة النارية، إذا أمكن ذلك، ضد الأحداث أو النساء.

(5) عندما تُستخدم الأسلحة النارية، يتعين الحفاظ ع لى حياة البشر متى أمكن ذلك. ويتعين توفير الإسعافات الأولية للأشخاص المصابين، مع مراعاة التدابير الأمنية اللازمة".

3-6 وخلافاً لاستخدام الأسلحة النارية، لم ينظم القانون التشريعي زرع الألغام بل خضع هذا لمجموعة من أنظمة وأوامر الخدمة التي تتضمن مجموعة من التد ابير اللازمة لحماية مواقع الحدود من خلال زرع الألغام، واستخدام الأسلحة النارية أيضاً (10) .

3-7 وتُعرَّف العبارة "جريمة خطيرة"، المشار إليها في الفقرة (2) (أ) من الباب 17 من قانون شرطة الشعب وفي الفقرة 2 من الباب 27 من قانون حدود الدولة، في الفقرة 3 من الباب 1 من القانون الجنائي كما يلي:

"الجرائم الخطيرة هي اعتداءات تشكِّل خطراً على المجتمع، وخطراً على سيادة الجمهورية الديمقراطية الألمانية، والسلام والإنسانية أو حقوق الإنسان، وهي جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الجمهورية الديمقراطية الألمانية، والأفعال الإجر امية المرتكبة عمداً ضد الحياة. وتدخل في إطار هذه الجرائم أيضاً الجنح الأخرى التي تشكل خطراً على المجتمع والتي تُرتكب عمداً ضد حقوق المواطنين ومصالحهم وضد الملكية الاشتراكية وغير ذلك من حقوق المجتمع ومصالحه، وتلك التي تشكل انتهاكاً جسيماً للشرعية الاشتراكية والتي يعاقب القانون على ارتكابها، للأسباب ذاتها، بما لا يقل عن سنتين حبساً أو التي صدر بشأنها حكم بالسجن لمدة تزيد على سنتين في حدود العقوبات المطبقة".

3-8 ومن حيث المبدأ، لا تمنح الجمهورية الديمقراطية الألمانية مواطنيها الحق في السفر إلى بلد غربي بما في ذلك جمهورية ألمانيا الاتحادية وبرلين (الغربية). فالسفر إلى هذه البلدان كان يتطلب إذناً بذلك. وبموجب الأحكام القانونية المطبقة على إصدار جوازات السفر والتأشيرات في الجمهورية الديمقراطية الألمانية، كان من المستحيل بالنسبة للأشخاص الذين لا يتمتعون بأية امتياز ات سياسية، أو الذين لم يبلغوا بعدُ سن التقاعد أو الذين لا يتمتعون بأي إعفاء يستند إلى أسباب عائلية طارئة، أن يغادروا الجمهورية الديمقراطية الألمانية قانونيا إلى أي بلد غربي. وقد كان عبور الحدود بدون إذن بذلك يشكل جريمة جنائية بموجب الباب 213 ("عبور الحدود غير القانوني") من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية) التي تنص على ما يلي:

"(1) كل شخص يعبُر حدود الجمهورية الديمقراطية الألمانية بطريقة غير قانونية أو يخالف الأحكام التي تنظم الإذن بالإقامة المؤقتة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية وبعبور أراضيها يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنتين أو بالسجن مع وقف التنفيذ ووضع المحكوم عليه تحت المراقبة أو فرض غرامة عليه.

(2) [...]

(3) ويُعاقب الجاني، في الجرائم الخطيرة، بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثماني سنوات. وتعتبر الجرائم خطيرة بخاصة في الحالات التالية:

1- عندما تشكل الجريمة خطراً على حياة أو صحة البشر؛

2- عندما ترتكب الجريمة باستخدام الأسلحة النارية أو بوسائل وطرق خطيرة؛

3- عندما ترتكب الجريمة بحدة شديدة؛

4- عندما ترتكب الجريمة باللجوء إلى التزوير أو استخدام وثائق مزيفة أو وثائق تستخدم بطريقة الغش ، أو باستخدام مخبأ؛

5- عندما تُرتكب الجريمة بمشاركة آخرين؛ أو

6- عندما يرتكب الجريمة شخص كان القضاء قد أدانه فيما مضى لعبوره الحدود عبوراً غير قانوني.

(4) يشكل التحضير لارتكاب الجريمة ومحاولة ارتكابها جريمة جنائية".

3-9 الحالات الخطيرة من حالات عبور ا لحدود غير القانوني، بحسب تعريفها الوارد في الفقرة 3 من الباب 213 من القانون الجنائي، تشمل استخدام السُلَّم لتسلُّق السياج الحدودي، وهو ما اعتبر بمثابة ارتكاب جريمة باستخدام وسائل خطيرة (الفقرة 3، رقم 2 من الباب 213) (11) ، وعبور الحدود ببذل جهود جسدية هائلة (الفقرة 3، رقم 3 من الباب 213 "حدة شديدة") (12) . وبحسب حدة فعل الجريمة، تشكل هذه الأفعـال إما جنحا ًأو جرائم خطيرة (13) . وقد درجت العادة على النظر إلى الـحالات الخطيرة لعبور الحدود غير القانوني باعتبارها جرائم خطيرة (14) ، سواء أكان القانون يعاقب عليها بالسجن لمدة تفوق سنتين (15) أو كانت تعتبر بمثابة "اعتداءات خطرة على المجتمع" أو "انتهاك جسيم للشرعية الاشتراكية" (16) ، بموجب الفقرة 3 من المادة 1 من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية).

3-10 ولم تجر قط ملاحقة عضو من أعضاء حرس الحدود في الجمهورية ال ديمقراطية الألمانية بتهمة إصدار أوامر باستخدام الأسلحة النارية أو بتهمة تنفيذ هذه الأوامر.

3-11 وقد دخل العهد حيز النفاذ في الجمهورية الديمقراطية الألمانية في 23 آذار/مارس 1976. إلا أن البرلمان لم يدخله قط في النظام القانوني المحلي للجمهورية الديمقراطية ال ألمانية، كما تقتضي المادة 51 (17) من دستور الجمهورية الديمقراطية الألمانية (18) .

الدعوى المرفوعة أمام المحاكم المحلية

4-1 رأت المحكمة الإقليمية في برلين، في حكمها الذي أصدرته في 10 أيلول/سبتمبر 1996، واستناداً إلى الأحكام المتعلقة بالقتل في القانون الجنائي ف ي الجمهورية الديمقراطية الألمانية أن صاحب البلاغ كان مسؤولا عن وفاة وإصابة أشخاص حاولوا عبور الحدود الداخلية في ألمانيا، أو عبور حائط برلين على التوالي، بسبب الأوامر السنوية التي أصدرها والتي أدت إلى سلسلة من الأوامر المتتالية التي حملت حرس الحدود على ارتك اب الأفعال الواردة في هذه القضية. وفيما اعترفت المحكمة بأنه لم يكن في نية صاحب البلاغ مباشرة أن يتسبب في وفاة الأشخاص الذين انتهكوا الحدود، أشارت إلى أنه كان يدرك إدراكاً تاماً ويقبل بالنتيجة المباشرة لتطبيق تلك الأوامر وهي موت للأشخاص الذين يحاولون عبور ا لحدود. ورفضت المحكمة ادعاء صاحب البلاغ أنه أخطأ في إدراك كون أوامره محظورة لأن خطأ من هذا النوع كان يمكن تفاديه، نظراً لرتبته العسكرية الرفيعة المستوى ونظراً للصلاحيات التي يتمتع بها ولكون أوامره تشكل انتهاكاً صريحاً للحق في الحياة، ولأن ذلك يخل بالقوانين الجنائية في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. ورأت المحكمة أن أفعال صاحب البلاغ لا يوجد مبرر لها لا في لوائح الخدمة ذات الصلة الصادرة عن وزير الدفاع الوطني ولا في الفقرة 2 من المادة 27 من قانون حدود الدولة، وحاججت قائلة إن هذه المبررات القانونية ليست صحيحة لأنها أخلَّت إخلالاً صريحاً بالمبادئ الأساسية للعدالة وشكلت انتهاكاً حقوق الإنسان المحمية دولياً، بحسب نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

4-2 ورأت المحكمة أن إعطاء الأولوية لحرمة حدود الدولة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية على الحق في الحي اة للفارين العزل الذين يحاولون عبور الحدود الداخلية الألمانية، هو أساس لتبرير انتهاك المبادئ القانونية التي تقوم على القيمة الجوهرية للكائن البشري وكرامته اللتين يعترف بهما المجتمع الدولي. وخلُصت المحكمة إلى القول إنه في هذه الحالة تحل اعتبارات العدالة محل القانون الوضعي. وهذا الاستنتاج لا يشكل أي انتهاك لمبدأ عدم الرجعية المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 103 من القانون الأساسي الألماني، لأن توقع استمرار تطبيق القانون، كما كان مطبقاً في ممارسات الدولة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية، لتفسير مبرر قانوني تفسيراً عاماً يخالف حقوق الإنسان هو مسألة غير جديرة بحماية القانون. ورفضت المحكمة اعتبار الأمر رقم 101 مبرراً قانونياً، إذ رأت أن المسؤولية الجنائية لا تُستبعد، بموجب الفقرة 1 من المادة 258 من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية)، عندما يشكل ا لامتثال إلى أمر ما انتهاكاً صريحاً لقواعد القانون الدولي العام أو القانون الجنائي المعترف بها. وقد راعت المحكمة، عند تقييمها للعقوبة، الموازنة بين الجوانب التالية: (1) الهيكل الشمولي للجمهورية الديمقراطية الألمانية، الذي لم يدع لصاحب البلاغ إلا نطاقاً ضيقا ً للعمل، (2) وتقدم صاحب البلاغ في السن وإعرابه عن أسفه للضحايا، (3) ومرور فترة طويلة على ارتكاب هذه الأفعال، (4) وارتكابه خطأ (وإن كان من الممكن تفاديه) بخصوص عدم مشروعية أفعاله (وهو ما استخدم لصالحه)، (5) ومشاركته، على مستوى رفيع في الهرم الإداري، في صيان ة نظام مراقبة الحدود وتطويره (وهو ما استخدم ضده). وأصدرت المحكمة حكماً مخففاً، بالاستناد إلى الأحكام ذات الصلة من القانون الجنائي ( جمهورية ألمانيا الاتحادية)، وهي أحكام أكثر ليناً من الأحكام المقابلة لها في القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألماني ة.

4-3 ورفضت المحكمة الدستورية الاتحادية، في قرارها المؤرخ 21 تموز/يوليه 1997، الشكوى الدستورية التي تقدم بها صاحب البلاغ، ومفادها أن المحكمة الإقليمية في برلين والمحكمة الاتحادية قد انتهكتا مبدأ عدم الرجعية المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 103 من القانو ن الأساسي، لأنها قررت بأثر رجعي أن الأفعال التي ارتكبها هي أفعال يعاقب عليها القانون، بينما هي في قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية أفعال مشروعة. وذكرت المحكمة أنه لا يجوز لها مراجعة تفسير وتطبيق القانون الجنائي للجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة، لأن مراجعته تقتصر على مسألة ما إذا كانت قرارات المحكمة الابتدائية قد خالفت القانون الدستوري. ولم تجد المحكمة أي خرق للفقرة 2 من المادة 103 من القانون الأساسي، لأن توقع صاحب البلاغ أن تكون أفعاله مبررة في ممارسات الجمهورية الديمقراطية الألمانية هو مسألة لا تستحق الحماية الدستورية. وفي إشارتها إلى قرارها السابق بشأن إطلاق النار على الحدود (19) ، أكدت المحكمة أن عنصر حسن النية، الذي تحميه الفقرة 2 من المادة 103 من القانون الأساسي، لا يعتد به عندما تقنِّن الدولة قواعد تجيز أخطر الأخطاء الجنائية، مثل قتل البشر عم داً، ولكنها تنص في الوقت نفسه، على المبررات القانونية التي تستبعد المسؤولية الجنائية، مشجعة بذلك على ارتكاب هذه الأخطاء ومتجاهلة حقوق الإنسان العالمية التي يعترف بها المجتمع الدولي. أما الحماية الدقيقة التي تضمنها الفقرة 2 من المادة 103 من القانون الأساسي لمشروعية توقع الشخص أن تكون أفعاله مشروعة فلا تنطبق في هذه الحالة بالذات، لا سيما وأن صور نظام مراقبة الحدود في الجمهورية الديمقراطية الألمانية لا يمكنه أن يسود إلا بوجود الدولة.

الشكوى

5-1 يدعي صاحب البلاغ أنه وقع ضحية لانتهاك الدولة الطرف للمادتين 15 و26 من العهد، لأنه أدين بارتكاب أفعال في أثناء أدائه لواجباته لم تكن تشكل جريمة بموجب قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية أو بموجب القانون الدولي.

5-2 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 15 من العهد، يدعي صاحب البلاغ أن محاكم الدولة الطرف، قد جرَّدت في حكم ها على الأفعال التي قام بها، التشريعات ذات الصلة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية من معناها الأصلي، واستبدلته بمفهومها هي للعدالة. ويحاجج بأن المنطق الذي أخذت به المحاكم هو بمثابة عبث لأنه يعتبر أن برلمان ألمانيا الشرقية قد فرض على أفراد القوات المسلحة ا زدواجية العقاب، لأنه سن قوانين جنائية تفرض عليهم الامتثال لواجباتهم المهنية، وتجرّم في الوقت ذاته هذا الامتثال، سعياً وراء تحقيق هدف واحد، في نهاية المطاف، هو منعهم من مواصلة الامتثال لهذه الواجبات باللجوء إلى تبريرات قانونية. ويقول صاحب البلاغ إن الامتثال لواجبات العمل لم يشكل قط جريمة في قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية لا يُخالف مصالح المجتمع، كما تنص على ذلك الفقرة 1 من الباب 1 من القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. بل على العكس من ذلك، يستتبع عدم الامتثال لتنظيمات أو أوامر الخدمة ا لمتعلقة بحماية حدود الدولة في حد ذاته المسؤولية الجنائية، ولا يستثنى من ذلك إلا ما يتعلق بالحالات التي يشكل فيها الأمر خرقاً واضحاً لقواعد القانون الدولي العام أو القانون الجنائي المعترف بها (الباب 258 من القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية) .

5-3 ويحاجج صاحب البلاغ بالقول إن القانون الدولي لم يحظر زرع الألغام على طول الحدود التي تفصل دولتين ذواتي سيادة، علماً أن هذه الحدود تشكل إضافة إلى ذلك الخط الفاصل بين أكبر تحالفين عسكريين عرفهما التاريخ وأن القائد العام لحلف وارسو قد أمر بزرع تلك الألغا م . ويشير صاحب البلاغ إلى أن الألغام لم تزرع إلا في مناطق مخصصة للأغراض العسكرية، وإن علامات تحذير واضحة قد وضعت وإن سياجات عالية قد أقيمت لمنع الوصول إليها تلقائياً. كما يدعي صاحب البلاغ أن اللجنة خلصت، أثناء نظرها في التقرير الدوري الثاني للجمهورية الديمق راطية الألمانية في عام 1983، إلى أن نظام ألمانيا الشرقية لمراقبة الحدود نظام يتماشى ومقتضيات العهد.

5-4 ويحاجج صاحب البلاغ، فضلا عن ذلك، بأن القصد الجنائي يقتضي وجود إهمال واضح وعمدي لبعض القواعد الاجتماعية الأساسية، ومن الواضح أن الحال ليست كذلك عند امتثا ل الفرد لواجباته الوظيفية.

5-5 ويرى صاحب البلاغ أنه في وقت دخول معاهدة التوحيد حيز النفاذ في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1990، لم يكن يوجد أي أساس لملاحقته قضائياً على ما قام به من أفعال. ولا ينص النظام القضائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية على تحمل المسؤولي ة الجنائية بالاستناد فقط إلى مفاهيم القانون الطبيعي، التي لا أساس لها في القانون الوضعي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. ولما وافقت جمهورية ألمانيا الاتحادية على إدراج حظر التطبيق الرجعي لقانونها الجنائي في معاهدة التوحيد، كان ذلك في ضوء الفرصة التاريخي ة الفريدة من نوعها لتوحيد الدولتين الألمانيتين، فقبلت بعدم تطبيق مفاهيمها للعدالة على الأفعال التي ارتكبت في الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة. ويخلص صاحب البلاغ إلى القول إن إدانته ليس لها، بناء على ذلك، أي أساس قانوني في معاهدة التوحيد.

5-6 وفيما ي تعلق بالإشارة إلى "القانون الدولي" في الفقرة 1 من المادة 15، وشرط التقييد المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 15 من العهد، يقول صاحب البلاغ إن أفعاله لم تكن تشكل، في حينها ، أفعالا إجرامية بمقتضى القانون الدولي، ولا بمقتضى المبادئ العامة للقانون التي يعترف بها من المجتمع الدولي.

5-7 أما فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد، فإن صاحب البلاغ يدعي أنه تعرض للتمييز باعتباره مواطناً سابقاً في الجمهورية الديمقراطية الألمانية لأن المحاكم الألمانية لم تطبق في قضيته الأحكام التشريعية لجمهورية ألمانيا الاتح ادية المتعلقة باستخدام الأسلحة النارية، وهي أحكام تنص على أن المعرفة المسبقة لخطر هذه الأسلحة لا تنطوي على نية بالقتل، بل افترضت هذه المحاكم، أنه قبل بموت المتسللين عبر الحدود كنتيجة للأوامر التي أصدرها باستخدام الأسلحة النارية.

5-8 ويصرح صاحب البـلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلـية المتاحة له وبأن قضيته ليست معروضة أمام أية سلطة دولية أخرى للتحقيق أو التسوية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 قدمت الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 5 أيلول/سبتمبر 2001 ملاحظاتها بشأن جواز قب ول البلاغ وأسسه الموضوعية. وتؤكد فيها وقائع القضية كما عرضها صاحب البلاغ. إلا أنها ترفض ادعاءه أن إدانته تشكل انتهاكاً للمادتين 15 و26 من العهد.

6-2 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 15 من العهد، تذكر الدولة الطرف بأن المحكمة الإقليمية في برلين خلصت إلى أن أفعال صاحب البلاغ يعاقب عليها بموجب قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية في الوقت الذي ارتكبت فيه. وتستشهد الدولة الطرف بمقتطفات طويلة من قرار تاريخي اتخذته المحكمة الاتحادية (20) ، وورد أيضا في الحكم الصادر عن المحكمة الإقليمية في برلين (21) . وفقاً لهذا القرار، فأن المبرر القانوني الوارد في الفقرة 2 من المادة 27 من قانون الحدود، كما طبق في ممارسات الدولة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية، ينبغي ألا يُؤخذ به عند تطبيق القانون لأنه شكل انتهاكاً للمفاهيم الأساسية للعدالة والإنسانية بدرجة لا تُطاق، توجب خضو ع القانون الوضعي للعدالة (وهو ما يطلق عليه صيغة رادبروش (22) ). وفي تقييم التنازع مع العدالة الجوهرية، تشير المحكمة إلى العهد، لا سيما المادتين 6 و12، باعتبارهما "معيارين أكثر دقة" في هذا التقييم، وخلصت إلى أن السياسة التقييدية في منح التأشيرات التي كانت تنه جها الجمهورية الديمقراطية الألمانية لا تتفق وشرط التقييد المنصوص عليه في الفقرة 3 من المادة 12 من العهد، لأن هذه السياسة تجعل استثناء ممارسة حرية مغادرة الشخص لبلده قاعدة عامة، وتتجاهل في ذلك العلاقة الوطيدة بين الألمان المقيمين في الدولتين والمنتمين إلى أ مَّة واحدة. كما خلصت المحكمة إلى أن استخدام الأسلحة النارية ضد المتسللين عبر الحدود، على هذا النحو الذي لم يسبق له نظير من حيث الدقة، لا يتفق ومقتضيات المادة 6، لأنه استخدام لا يتناسب مع الهدف غير القانوني، في حد ذاته، المتمثل في ردع الآخرين عن عبور الحدود بدون ترخيص. وانطلاقا من هذه الفرضيات، رأت المحكمة ضرورة عدم الأخذ بالفقرة 2 من الباب 27 من قانون الحدود كمبرر لما ارتكب من أفعال لأنه كان على الجمهورية الديمقراطية الألمانية ذاتها، أن تفسر ذلك النص بطريقة تقييدية مستندة في ذلك إلى التزاماتها الدولية، وأحك امها الدستورية ومبدأ التناسب المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 30 من دستور الجمهورية الديمقراطية الألمانية، والفقرة 2 من الباب 27 من قانون الحدود. وترى المحكمة أن الجملة الأولى من الفقرة 2 من الباب 27 ينبغي تفسيرها كما يلي: "أجيز لحرس الحدود استخدام الأسل حة النارية لمنع الهروب في الحالات المشار إليها في القانون، إلا أن أساس التبرير يواجه حدوداً عند إطلاق النار، سواء مشروطة أو غير مشروطة للقتل، على لاجئ كان في تلك الظروف أعزلا ولم يكن يشكل أي خطر على حياة الغير وجسده".

6-3 وتتذرع الدولة الطرف بحكم آخر (23) ذ كرت فيه المحكمة الاتحادية أن الجمهورية الديمقراطية الألمانية صرحت دائماً بأنها تؤيد مبادئ الأمم المتحدة وأن المادة 91 من دستور الجمهورية الديمقراطية الألمانية تنص على التطبيق المباشر لقواعد القانون الدولي المعترف بها عموماً والمتعلقة بتوقيع الجزاء على مرتك بي الجرائم ضد الإنسانية ومرتكبي جرائم الحرب. وتستنتج الدولة الطرف من كلا الحكمين أن المحكمة الاتحادية لم تستند من ثم إلى القانون الدولي، وإنما اعتمدت في تقييمها لأفعال صاحب البلاغ باعتبارها أفعالاً تخضع للعقاب على القانون المحلي المطبق في الجمهورية الديمقر اطية الألمانية. وكون هذه الأفعال لم تلاحق قضائيا في الجمهورية الديمقراطية الألمانية لا يعني أنها لا تشكل أفعالاً إجرامية.

6-4 وتشير الدولة الطرف إلى القرار التاريخي الذي أصدرته المحكمة الدستورية الاتحادية (24) بشأن هذه المسألة، والذي أكدت فيه أنه، في غياب ا لتوقع المشروع للتعرض للجزاء، لا ينطبق حظر التطبيق الرجعي للقوانين الجنائية، المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 103 من القانون الأساسي، في الحالات التي تكون فيها الدولة الأخرى (الجمهورية الديمقراطية الألمانية) تقتضي أن تغطي الجرائم الجنائية أخطر المخالفات ا لجنائية، إلا أنها استبعدت في الوقت ذاته المسؤولية الجنائية بالاستناد إلى أسس تبريرية تتعدى القواعد المدونة، وتحث على ارتكاب هذه المخالفات، وتنتهك حقوق الإنسان التي يعترف بها المجتمع الدولي. وسعيا وراء تحقيق العدالة الجوهرية، ينبغي التخلي عن التطبيق الصارم للفقرة 2 من المادة 103، وبدون ذلك تكون إدارة القضاء الجنائي في الجمهورية الاتحادية مخالفة لأسس سيادة القانون لديها. وعلى الرغم من أن صيغة أحكام الجمهورية الديمقراطية الألمانية التي تنظم بها استخدام الأسلحة النارية في الحدود الداخلية الألمانية مطابقة لصيغة أحكام جمهورية ألمانيا الاتحادية المتعلقة باستخدام القوة، إلا أن القانون المدوّن في الجمهورية الديمقراطية الألمانية قد غلبت عليه مقتضيات المصالح السياسية، مما أدى إلى أن جعل مصلحة الدولة في منع الأشخاص من عبور حدودها بدون ترخيص فوق حق الشخص في الحيـاة. وفي غياب أي مبرر مقبول للقتل على الـحدود، ينطبق تعريف القتل الوارد في البابين 112 و113 من القانون الجنائي على أفعال صاحب البلاغ.

6-5 وتذكِّر الدولة الطرف بأنه، وفقاً لفقه اللجنة، تكون الأولوية لمحاكم الدولة الطرف وسلطاتها في تفسير وتطبيق القانون المحلي. ولا يج وز للجنة أن تتدخل إلا إذا كان هذا التفسير أو التطبيق تعسفيا. إلا أن القرارات الصادرة عن المحاكم الألمانية في حق صاحب البلاغ ليست قرارات تعسفية.

6-6 وترى الدولة الطرف أن المادة 15 من العهد لا تنطبق إلا إذا لم يستطع الشخص المعني أن يتحقق بشكل معقول، وبالاستن اد إلى صيغة القانون، من أن أفعاله يعاقب عليها القانون وإلا إذا لم يستطع كذلك أن يدرك سلفاً أنه قد يتحمل مسؤولية جنائية عما ارتكبه من أفعال. ونظراً للمركز الرفيع الذي احتله صاحب البلاغ باعتباره "عالماً عسكرياً مدرباً ومؤهلاً، كان لا بد لـه من أن يرى بوضوح أ ن الأوامر التي يصدرها تخالف مقتضيات المادتين 6 و12 من العهد، وأن ما يقوم به من أفعال قد يعرضه إلى الملاحقة القضائية، إذا ما تغيرت الظروف السياسية في الجمهورية الديمقراطية الألمانية.

6-7 وترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ أن اللجنة لم تعتبر قط أن نظام مرا قبة الحدود في الجمهورية الديمقراطية الألمانية يشكل انتهاكا للعهد، وتذكر بأن اللجنة لم تعتمد، قبل عام 1992، ملاحظات ختامية بشأن حالة حقوق الإنسان في الدول الأطراف التي قدمت تقارير في هذا الصدد. بيد أنه عندما عرضت الجمهورية الديمقراطية السابقة تقريرها الدوري الأول والثاني على اللجنة في عام 1978 و1984، أبدى العديد من أعضاء اللجنة انتقادات صريحة لنظام مراقبة الحدود هناك. وقد كان يجدر بصاحب البلاغ أيضاً أن يلاحظ استنكار نظام مراقبة الحدود في ممارسات المنظمات الدولية، لا سيما إدراج الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة في "قائمة - 1503"، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان في الفترة من 1981 إلى 1983، وذلك تحديداً بسبب أعمال القتل على الحدود وانتهاكات المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

6-8 وعلى نحو يتفق وتعليق اللجنة العام رقم 6 (25) ، ويتفق كذلك مع المبادئ الفق هية الثابتة في اللجنة (26) تخلص الدولة الطرف إلى القول إنها قانوناً، بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد، بملاحقة ومعاقبة من أزهقوا تعسفاً أرواح مواطني الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة. وإلى جانب ذلك، تقول الدولة الطرف إن إدانة صاحب البلاغ يمكن أن تش ملها الفقرة 2 من المادة 15 من العهد إذا كانت أفعاله، وقت حدوثها ، أفعالاً جنائية، وفقاً للمبادئ العامة للعدالة التي يعترف بها المجتمع الدولي. وفي هذا الإطار، تؤكد الدولة الطرف العلاقة الوثيقة التي تربط بين مبادئ نورمبورغ وصيغة رادبراش وتحاجج قائلة إن نظام م راقبة الحدود قد أدى إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

6-9 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد، تقول الدولة الطرف إن ملاحقة صاحب البلاغ لم تستند إلا إلى مشاركته الشخصية في نظام مراقبة الحدود، وإن حظر التمييز لا يعني عدم اعتبار الأشخاص مسؤو لين جنائيا عن الأفعال التي يرتكبونها. فالمسؤولية الجنائية عن أفعال جنائية ينص عليها قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية يمكن أن تطال أي شخص يخضع للقانون الجنائي في تلك الجمهورية بغض النظر عن جنسيته.

تعليقات صاحب البلاغ

7-1 رد صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 على ما عرضته الدولة الطرف. ويكرر الحجج التي جاءَت في رسالته الأولى ويضيف بأن المادة 15 من العهد تقتضي قيام المحاكم الألمانية بتطبيق قانون الإجراءات الجنائية في الجمهورية الديمقراطية الألمانية، لا سيما قانونها المتعلق بإقامة الدل يل لإثبات مسؤوليته الجنائية. وينص القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية على أن تعمد القتل لا يمكن افتراضه استناداً إلى معرفة الشخص بالمفعول الفتاك الذي يحتمل أن يُسفر عنه استخدام الأسلحة النارية. فالعمد يلغيه توقع إلا يتعرض المتسلل عبر الحدود إلا للإصابة بجروح أو توقع امتناعه عن تسلق منشآت الألغام. أما سلوك الشخص سلوكاً يعرضه للخطر فيقطع دائما الرابطة السببية الضرورية لإثبات المسؤولية الجنائية.

7-2 ويرفض صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف أن القواعد المدونة في الجمهورية الديمقراطية الألمانية قد غلب ت عليها أوامر لم تفسح أي مجال للتقدير على أساس مبدأ التناسب في استخدام الأسلحة النارية، ويقول إن جميع الأوامر العسكرية وأنظمة الخدمة تفرض على الجنود واجب إنقاذ أرواح المتسللين عبر الحدود، متى أمكن ذلك.

7-3 ويحاجج صاحب البلاغ كذلك بالقول إنه حتى وإن افترض أ ن الاضطلاع بالمهام العسكرية يشكل جريمة يعاقب عليها قانون الجمهورية الديمقراطية الألمانية، فإن معاهدة توحيد الألمانيتين تمنع المحاكم الألمانية من أن تنفي المبررات القانونية القائمة لمجرد أنها تحول دون الملاحقة القضائية الجنائية لمرتكبي هذه الأفعال. كما أن م خالفة المحاكم الألمانية بصفة منتظمة لمعاهدة التوحيد لا يشكل مبرراً أفضل لموقف الدولة الطرف.

7-4 ويقر صاحب البلاغ بأن الجمهورية الديمقراطية الألمانية كانت مسؤولة عن التزاماتها القانونية القائمة بموجب العهد. بيد أنه بالنظر إلى أن صاحب البلاغ ليس مماثلاً للجم هورية الديمقراطية الألمانية باعتبارها من أشخاص القانون الدولي، فلا يمكن للعهد أن ينشئ لـه حقوقا وأن يفرض عليه واجبات، ناهيك عن إنشاء مسؤولية جنائية عليه، علماً أن ذلك الصك لم يُدرج في القانون المحلي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. ويذكر صاحب البلاغ أنه وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 2 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، لا يشكل حرمان شخص من حياته انتهاكا لحقه في الحياة عندما يكون ذلك نتيجة لاستخدام القوة في حالة الضرورة القصوى لتوقيف شخص بطريقة قانونية أو لمنع شخص معتقل قانوناً من الهرب.

7-5 ويقول صاحب البلاغ إن زرع ألغام على الحدود الداخلية الألمانية كان إجراءً عسكرياً وقائياً للتصدي لهجوم يتوقع أن تشنه قوات منظمة حلف شمال الأطلسي. وينكر أن تكون الألغام قد زرعت بقصد قتل الأشخاص. ويضيف بأن إقامة سياجات أمنية حولها ووضع لافتات تحذير بادية للعيان كان الهدف منهما ردع المتسللين عبر الحدود عن دخول المناطق الملغَّمة. وما من أحد أجبر المتسللين عبر الحدود على دخول حقول الألغام التي يعرفون مخاطرها. ويذكِّر صاحب البلاغ بأنه لم يطلب قط من حرس الحدود استخدام الأسلحة النارية بإفراط. وقد كان المت سللون عبر الحدود يحذرون دائما بأمرهم بالتوقف وبطلقة إنذار واحدة على الأقل. وقد كان بإمكانهم دائماً التوقف عن محاولتهم عبور الحدود لكي لا يتعرضوا لإطلاق نار؛ وكان لإطلاق النار يستهدف دائماً القدمين. ويرى صاحب البلاغ أن موت الأشخاص في أثناء محاولة عبور الحدو د كانت استثناء وليس القاعدة العامة.

7-6 ويحاجج صاحب البلاغ بالقول إنه نتيجة للطابع المعقد لتسلسل الأوامر، لم يكن ممكناً قط لعضو رفيع المستوى في القوات المسلحة أن يشرف مباشرة على استخدام الأسلحة النارية في كل حالة بمفردها، وإنما يقتصر دوره على تحديد الشروط الواجب على كل جندي أن يحترمها عند استخدام هذه الأسلحة. وعلى الرغم من أن استخدام الأسلحة النارية يشكل في أغلب الأوقات خطراً على الحياة، إلا أن إصدار أمر باستخدامها لا يمكن أن يوازي قتل الشخص المعني عمداً. ويحاجج صاحب البلاغ، فضلا عن ذلك، بالقول إنه لا يمكن اعتباره مسؤولاً عن سياسة التأشيرات في الجمهورية الديمقراطية الألمانية.

7-7 ويقول صاحب البلاغ إن برلمان الدولة الطرف سنّ، في عام 1993، قانوناً يوقف بأثر رجعي أحكام التقادم الواردة في المادتين 82 و83 من القانون الجنائي (الجمهورية الديمقراطية الألمانية)، خلال الفترة التي لم يتم خلالها، لأسباب سياسية، ملاحقة مرتكبي الجرائم المتصلة بنظام مراقبة الحدود في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. ويحاجج بالقول إن الدولة الطرف تجاهلت اعتماد مجلس الدولة، وحكومة الجمهورية الديمقراطية الألمانية، عضواً عاماً في 17 تموز/يوليه 1 987، يسري أيضا على جرائم القتل التي ارتكبت قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 1987.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في البلاغات، يجب أن تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي ، ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تأكدت اللجنة، بمقتضى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الد ولية.

8-3 وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ. ومن ثم لا ترى اللجنة ما يمنع قبول البلاغ، ولذلك تُقرر أن البلاغ مقبول ما دام يثير قضايا مدرجة في إطار المادتين 15 و26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 15، على اللجنة تحديد ما إذا كان الحكم الصادر عن المحاكم الألمانية بإدانة صاحب البلاغ ب القتل ومحاولة القتل يشكل انتهاكا لتلك المادة.

9-3 وتلاحظ اللجنة، في الوقت نفسه، أن الطابع المحدد لأي انتهاك للفقرة 1 من المادة 15 من العهد يتطلب منها أن تنظر في ما إذا كان تفسير وتطبيق المحاكم المحلية للقانون الجنائي ذي الصلة في قضية معينة يشكل على ما يبدو انتهاكاً لمبدأ منع العقوبة بأثر رجعي أو منع توقيع العقوبة دون الاستناد إلى القانون. وستقتصر اللجنة، في ذلك على النظر في مسألة ما إذا كانت أفعال صاحب البلاغ، في وقت ارتكابها، قد شكّلت جرائم محددة تحديدا دقيقا بموجب القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية أو بموجب القانون الدولي (26) .

9-4 وقد وقعت الاغتيالات في إطار نظام كان ينكر بالفعل على سكان الجمهورية الديمقراطية الألمانية الحق في حرية مغادرة بلدهم. وكانت السلطات والأفراد المسؤولون عن إنفاذ هذا النظام مدربين على استخدام القوة الفتاكة لمنع الأفر اد من ممارسة حقهم في مغادرة بلدهم دون عنف. وتذكر اللجنة بأن القوة الفتاكة، وإن استعملت كخيار أخير، ينبغي أن يكون الهدف من هذا الاستعمال، بموجب المادة 6 من العهد، التصدي لخطر متناسب معه. وتذكر اللجنة كذلك بأن من واجب الدول الأطراف منع أفراد قوات الأمن التاب عة لها من القتل عسفاً (27) . وتلاحظ أخيراً أن الاستخدام غير المتناسب للقوة الفتاكة يعتبر استخداماً إجرامياً من منظور المبادئ العامة للقانون المعترف بها من قبل المجتمع الدولي عندما ارتكب صاحب البلاغ أفعاله.

9-5 وتحاجج الدولة الطرف، محاججة صحيحة بقولها إن القت ل يشكل انتهاكاً لالتزامات الجمهورية الديمقراطية الألمانية التي يفرضها القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 6 من العهد. وتحاجج أيضاً بالقول إن تلك الالتزامات ذاتها تفرض ملاحقة المشتبه فيهم كمسؤولين عن هذا القتل. وقد خلصت محاكم الدولة الطرف إلى أن هذ ا القتل يشكل انتهاكاً لأحكام القتل الواردة في القانون الجنائي في الجمهورية الديمقراطية الألمانية. وتقتضي هذه الأحكام تفسيرها وتطبيقها في سياق الأحكام ذات الصلة من القانون، مثل المادة 95 من القانون الجنائي، التي تستبعد اللجوء إلى القانون لتبرير الدفاع في قض ايا انتهاكات حقوق الإنسان (انظر الفقرة 3-3)، وقانون الحدود الذي ينظم استخدام القوة على الحدود (انظر الفقرة 3-5). وقد فسرت محاكم الدولة الطرف أحكام قانون الحدود بشأن استخدام القوة تفسيراً لا يستبعد من نطاق جريمة القتل اللجوء، على نحو غير متناسب، إلى القوة ا لفتاكة أو إلى قوة يُحتمل أن تكون فتاكة، في انتهاك لتلك الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان. وبناء عليه، لم يستثن قانون الحدود في أحكامه نظر المحاكم في القتل باعتباره انتهاكاً لأحكام جريمة القتل الواردة في القانون الجنائي. ولا تستطيع اللجنة أن ترى في هذا التف سير للقانون وفي إدانة صاحب البلاغ المبنية على هذا التفسير مخالفة للمادة 15 من العهد.

10- وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ وقوع انتهاك للمادة 26 من العهد، تلاحظ اللجنة أن معاهدة إنشاء دولة ألمانية متحدة تنص على ضرورة تطبيق القانون الجنائي في الجمهورية الديمقر اطية الألمانية السابقة على جميع الأفعال التي ارتُكبت في إقليمها، قبل تنفيذ التوحيد. وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن بعض الأحكام في قانون الدولة الطرف التي كان يمكن تطبيقها في حالات استخدم مسؤولي جمهورية ألمانيا الاتحادية للأسلحة النارية لم تطبق في قضيته. بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثبات أن أشخاصا آخرين في وضع مماثل لوضعه في الجمهورية الديمقراطية الألمانية أو في جمهورية ألمانيا الاتحادية قد عوملوا فعلاً معاملة مختلفة. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى القول إن صاحب البلاغ لم يقدم دليلا يثبت ما يدعيه ولا ترى أي انتهاك للمادة 26 في هذا الصدد.

11- وعملا بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الوقائع المعروضة أمامها لا تكشف عن وقوع أي انتهاك للم ادتين 15 و26 من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ بالنسبة للدولة ا لطرف في 23 آذار/مارس 1976 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 على التوالي. ولدى تصديق الدولة الطرف على البروتوكول الاختياري، أدخلت عليه تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 ينص على أن: "جمهورية ألمانيا الاتحادية تبدي تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 مفاده أن اختصاص اللجنة لا يسري على البلاغات:

(أ) التي سبق أن نُظر فيها بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين؛ أو

(ب) التي يتم من خلالها التوبيخ على انتهاك للحقوق تعود أحداثه إلى ما قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لجمهورية ألمان يا الاتحادية؛ أو

(ج) التي يتم من خلالها التوبيخ على انتهاك لأحكام المادة 26 من [العهد المذكور] إذا ما كان وبقدر ما كان الانتهاك الذي تم التوبيخ بشأنه يتعلق بحقوق غير الحقوق التي تكفلها أحكام العهد المذكور آنفاً" .

(2) يشار إليه في رسائل الدولة الطرف بالعب ارة "القتل الخطأ".

(3) تستند الترجمة الإنكليزية لهذه المقتطفات إلى الترجمات التي قدمتها الدولة الطرف.

(4) الأمر رقم 80/79 المؤرخ 6 تشرين الأول/أكتوبر 1979 (مقتطفات).

(5) الأمر رقم 80/81 المؤرخ 6 تشرين الأول/أكتوبر 1981 (مقتطفات).

(6) الأمر رقم 80/83 ال مؤرخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 1983 (مقتطفات).

(7) الأمر رقم 80/84 المؤرخ 9 تشرين الأول/أكتوبر 1984 (مقتطفات).

(8) الأمر رقم 80/85 المؤرخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 1985 (مقتطفات).

(9) الأمر رقم 80/86 المؤرخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 1986 (مقتطفات).

(10) انظر قرار المحكمة الدستورية الاتحادية الصادر في 21 تموز/يوليه 1997، في الصفحتين 4 و5 (وهو يحيل إلى قرار المحكمة الدستورية الاتحادية الصادر في 24 تشرين الأول/أكتوبر 1996 BVerfGE 95, 96).

(11) انظر Strafrecht der Deutschen Demokratischen Republik: Kommentar zum Straf gesetzbuch الصادر عن وزارة العدل في الجمهورية الديمقراطية الألمانية، برلين، 1987، ص 475.

(12) المرجع نفسه.

(13) المرجع نفسه، ص 474.

(14) انظر Alexy, Robert, Mauerschützen – zum Verhältnis von Recht, Moral und Strafbarkeit (1993), at p. 11; Brunner, G., „Recht auf Leben“, in: Brunner, G. (ed.), Menschenrechte in der DDR (1989), at p. 120;Polakiewicz, Jörg, „Verfassungs- und völkerrechtliche Aspekte der strafrechtlichen Ahndung des Schußwaffeneinsatzes an der innerdeutschen Grenze“, Europäische Grundrecht ezeitschrift 1992, at p. 179.

(15) انظر Alexy، Mauerschützen، ص 11.

(16) انظر المرجع نفسه، الصفحتان 11 و12.

(17) تنص المادة 51 من دستور الجمهورية الديمقراطية الألمانية على ما يلي: "يوافق البرلمان على المعاهدات التي تبرمها دولة الجمهورية الديمقراطية الألمانية والمعاهدات الدولية الأخرى بقدر ما تعدِّل القوانين الصادرة عن البرلمان. والبرلمان يقرر إنهاء هذه المعاهدات".

(18) انظر Alexy، Mauerschützen، الصفحتان 16 و17 (مع مراجع إضافية).

(19)BVerfGE 95, 96 (“Mauerschützen”).

(20)BGHSt 39، الصفحة 1 والصفحة 15 وما بعدها.

(21) انظر الصفحات من 104 إلى 106 من الحكم الذي أصدرته المحكمة الإقليمية في برلين في 10 أيلول/سبتمبر 1996.

(22) انظر Radbruch, Gustav, “Gesetzliches Unrecht und übergesetzliches Recht”, Süddeutsche Juristen-Zeitung (1946)، ص 105 وص 107.

(23)BGHSt 40، ص 241 والصفحة 245 وما بعده ا.

(24)BVerfGE 95، ص 96 والصفحة 133 وما بعدها.

(25) انظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الدورة السادسة عشرة (1982)، التعليق العام رقم 6، الفقرة 3.

(26) تشير الدولة الطرف، في هذا الصدد، إلى جملة من البلاغات، منها البلاغ رقم 161/1983، جواكيم هيريرا روبيو ضد كولومبـيا ، والآراء الـتي اعتمـدت بشأنه في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1987، وإلى وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/31/D/161/1983، الفقرتان 10-3 و11.

(27) اللجنة المعنية بحقوق الإنسـان، الدورة السادسة عشرة (1982)، التعليق العام رقم 6: المادة 6، الفقرة 3.

خاء- البلاغ ر قم 981/2001، غوميز كاسافرانكا ضد بيرو *

(الآراء التي اعتمدت في 22 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيدة تيوفيلا كاسافرانكا دو غوميز

الشخص المدعى أنه ضحية : السيد ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا

الدولة الطرف : بيرو

تاريخ تقديم البلاغ : 26 تشرين الأول/أكتوبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 تموز/يوليه 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 981/2001، المقدم من السيد ريكاردو إر نستو غوميز كاسافرانكا إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب ال فقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ، المؤرخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 1999، هي تيوفيلا كاسافرانكا دو غوميز ، التي تمثل ابنها، ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا ، وهو مواطن من بيرو مسجون حالياً بعد صدور حكم في حقه بالسجن لمدة 25 عاماً بتهمة ا لإرهاب. وبالرغم من أن صاحبة البلاغ لا تستشهد بأحكام معينة من العهد، فقد يثير البلاغ مسائل بموجب المادة 7؛ والفقرتين 1 و3 من المادة 9؛ والفقرات 1 و2 و3(ج) من المادة 14؛ والمادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي دخل حيز النفاذ في بيرو في 28 نيسان/أبريل 1978. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1980. ويمثل صاحبة البلاغ محام.

ــــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد موريس غل يليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبولتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكس ويل يالدين.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 كان المجني عليه طالباً في كلية طب الأسنان في جامعة إنكا غارسيلاسو دو لافيغا، كما كان يعمل في مطعم الأسرة. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 1986، أُلقي عليه القبض في مبنى قرب منزله، حيث كان قد ذهب للاستحمام، بعد أن أو قفته الشرطة مهددة إياه بالسلاح. واعتقل بدون أي أمر بإلقاء القبض، ودون أن يكون متلبساً بارتكاب أي جريمة؛ واقتيد إلى مكاتب ديركوته (Dircota)(1) ، حيث زج به في السجن بينما بدأت الشرطة التحقيق معه.

2-2 ووفقاً لما تقولـه صاحبة البلاغ، عُذب المجني عليه بدنياً ونف سياً وعقلياً تعذيباً قاسياً ووحشياً. ويذكر السجين، في سجلات جلسة الاستماع الشفوية الثانية، المعقودة في عام 1998، أنه عذب لانتزاع إفادات معينة منه. ويذكر على وجه الخصوص كيف أنهم أوثقوا يديه خلف ظهره ولووا ذراعيه، وشدوه على سارية ورفعوه عالياً في الهواء، ووض عوا مسدساً في فمه، وأخذوه إلى الساحل وحاولوا إغراقه، وحاولوا لاحقاً اغتصابه عن طريق إيلاج شمعة في شرجه. وفي 7 أيلول/سبتمبر 2001، أبلغ السيد غوميز كاسافرانكا إدارة الشرطة الوطنية المعنية بحقوق الإنسان بالتعذيب الذي تعرض له بينما كان في ديركوته بتاريخ 3 تشري ن الأول/أكتوبر 1986. وفي 17 أيلول/سبتمبر 2001، أصدرت الإدارة قراراً أشارت فيه إلى أن المجني عليه استشار محامياً ولكنه لم يقدم شكواه في الوقت المناسب. ثم اتهم السيد كاسافرانكا بالقتل وإلحاق الضرر جسمانياً بالآخرين وارتكاب أعمال إرهابية. وتصر صاحبة البلاغ عل ى أن ابنها كان دائماً بريئاً وأنه لم يكن يعرف حتى المتهمين الآخرين الذين يحتمل أنهم قد ورطوه في هذه الجريمة بسبب التعذيب الذي خضعوا له أيضاًَ.

2-3 ووفقاً لما تقوله صاحبة البلاغ، فقد وجهت الشرطة، في إجراء تعسفي سافر، تهماً ضد السجين في المحضر رقم 91-D4-DIRCOTE المؤرخ 22 تشرين الأول/أكتوبر 1986، باشتراكه في أفعال لم يرتكبها ولم يشارك في ارتكابها. ووفقاً لما يرد في محضر شرطة ديركوته، فإن السيد ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا ، المعروف ب‍ "توماس"، هو زعيم الميليشيا العسكرية لخلية سينديرو لومينوسو الإرهابية، التا بعة لقطاع نانا تشوسيكا المركزي. وقد جندت الخلية المزيد من الأفراد ونظمت " المدارس الشعبية" وشنت هجمات بالديناميت والقنابل الحارقة وسعت إلى تدمير وحدات الشرطة. ويرد في المحضر أن ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا هو الجاني الذي ارتكب، بمعية آخرين، جريمة إهاربي ة بتاريخ 31 تموز/ يوليه 1986، حيث شارك في إلقاء قنبلة حارقة، باستخدام أجهزة تفجير مصنعة محلياً، على شركة بابيليرا بيرواناسا. كما اتهم صاحب البلاغ بجرائم أخرى، بما فيها جرائم ارتكبت ضد الحياة البشرية، والأشخاص والصحة، وضد ممتلكات الشركة. ويذكر المحضر أن تفت يش ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا شخصياً لم يكشف النقاب عن حيازته لأسلحة أو متفجرات أو منشورات تحض على التخريب. كما جاءت نتيجة تفتيش منزله سلبية. ومع ذلك، أماطت التحليلات اللثام عن أن الخط الذي كُتبت به عدة نصوص سياسية تعتبر تخريبية كان خط ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا . وبالإضافة إلى ذلك، اتهم المحتجزون ساندرو غالدو آرييتا وفرانسيسكو رينا غارسيا وإغناسيو غويزادو تالافيرانو وروزا لوزتينيو سواسنابار، كاسافرانكا بالانتماء إلى خلية الدرب الساطع.

2-4 ومثل السجين أمام قاضي التحقيق بالدائرة رقم 39 بالمحكمة العل يا في ليما، التي فتحت تحقيقاً عن طريق إصدار أمر بحبسه في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1986. وتقول صاحبة البلاغ إن مكتب الادعاء لم يقدم أي دليل يثبت التهم الموجهة إلى ابنها. ومع ذلك، يرد في تقرير مكتب مدعي المقاطعة، المؤرخ 22 تموز/يوليه 1987، أن السيد غوميز كاسافر انكا، حسبما أشير إليه في شهادة الشرطة، مشترك بمعية آخرين، في خلية الدرب الساطع الإرهابية التابعة لقطاع نيانيا تشوسيكا المركزي. ويشير التقرير أيضاً إلى مختلف الإفادات التي أدلى بها متهمون آخرون، ممن زعموا عدم تأكيدهم لإفاداتهم أمام الشرطة لأنها انتزعت منهم تحت التعذيب (2) .

2-5 واكتفى القضاة، في الإجراءات الشفوية، باستجواب الضحية المزعوم على أساس الحجج الواردة في تقرير الشرطة، دون مراعاة الأحداث التي وقعت خلال المرحلة التي سبقت المحاكمة. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 1988، برأت محكمة ليما التأديبية السابعة الضحية، وأعلنت أنه بريء من التهم الموجهة إليه.

2-6 وقدم مكتب النائب العام طلباً بإلغاء الحكم، الذي أعلنت المحكمة العليا المحجوبة أنه لاغ بتاريخ 11 نيسان/أبريل 1997. ورأت المحكمة أن الوقائع لم تحدد كما ينبغي أو أن الأدلة لم يتم التثبت منها كما يجب.

2-7 وفي 11 أيلو ل/سبتمبر 1997، ألقت الشرطة القبض على السيد ريكاردو إرنستو غوميز كاسافرانكا وهو في منزله للاستماع إلى أقواله مرة أخرى في نفس التهم؛ وفي هذه المرة، حكمت عليه الدائرة الجنائية الخاصة بمكافحة الإرهاب في 30 كانون الثاني/يناير 1998، بالسجن لمدة 25 عاماً. وأكدت ا لمحكمة العليا الحكم في 18 أيلول/سبتمبر 1998.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ انتهاك حق ابنها في حماية الشخص وسلامته البدنية والنفسية والعقلية وحقه في عدم تعذيبه أثناء الاحتجاز. وتدعي أيضاً انتهاك حق الضحية في التمتع بالحرية والأمن.

3-2 وتدعي كذلك أن الدولة ا لطرف قد انتهكت، باتباعها لسياستها في مناهضة المتمردين، الضمانات القضائية لأصول المحاكمات والحماية التي توفرها المحاكم. كما تزعم صاحبة البلاغ أن هناك انتهاكاً للحق في الحماية القضائية، أي الحق في حضور جلسة استماع مع توفير الضمانات اللازمة وافتراض البراءة. و علاوة على ذلك، تدعي أن الحكم الذي صدر في حق ابنها لم يستند إلى المحضر الأصلي لتقرير الشرطة، ولم يرد فيه أي ذكر للأسس القانونية أو المسؤولية الجنائية الفردية.

3-3 وأخيراً، تدعي صاحبة البلاغ انتهاك مبدأ الشرعية، ومبدأ تمتع الضحية بالمساواة أمام القانون، ومبد أ عدم رجعية القانون.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تعترف الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 20 كانون الأول/ديسمبر 2001 بتلبية كافة الشروط المتعلقة بمقبولية البلاغ واستنفاد الضحية لجميع سبل الانتصاف المحلية وعدم عرض المسألة على أ ية هيئة دولية أخرى.

4-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن السيد غوميز كاسافرانكا قد اعتقل بموجب القانون الخاص بالتحقيق في الجرائم الإرهابية وفي سياق دستور عام 1979 الذي كان ساري المفعول آنذاك. وورد في المادة 9 من المرسوم التشريع ي رقم 46، المعتمد بتاريخ 10 آذار/مارس 1981، أي قبل إلقاء القبض على الضحية المزعوم، أن بإمكان الشرطة حبس من يزعم تورطهم في جرائم من هذا القبيل كجناة أو شركاء حبساً احتياطياً لمدة لا تتجاوز 15 يوماً، رهناً بتقديم إخطار فوري وخطي إلى مكتب المدعي العام وفي غضو ن 24 ساعة إلى قاضي التحقيق. وبناء على ذلك، فقد تصرفت الشرطة وفقاً للقانون.

4-3 وتزعم الدولة الطرف أن البلاغ لا يطعن في توافق المرسوم التشريعي رقم 46 مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو صحته أمام المحاكم الوطنية. وتؤكد الدولة الطرف أنه كان ب إمكان قضاة بيرو أن يعتبروا المرسوم غير متفق مع الدستور لو أنهم رأوا أنه غير قابل للانطباق على ابن صاحبة البلاغ. ولم يقدم بشأن الضحية أي طلب للمثول أمام القضاء أو الحماية القضائية (أمبارو)، سواء خلال فترة احتجازه في الحبس الاحتياطي أو أثناء محاكمته بشأن الإ رهاب. وبناء على ذلك، فقد احتجز وفقاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

4-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ أن ابنها عُذب تعذيباً قاسياً، تذكر الدولة الطرف أن الملف المتعلق بالعفو (3) يتضمن نسخة عن شهادات طبية تثبت عدم إساءة معاملة الضحية من الناحية البدنية.

4-5 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ يشير ببساطة إلى مسألة التعذيب دون تحديد التاريخ الذي خضع فيه الضحية للتعذيب حسبما يزعم أو طرق تعذيبه. وبالتالي ليس هناك أي دليل يثبت انتهاك المادة 7 من العهد.

4-6 وتؤكد الدولة الطرف امتثالها لقواعد أصول المحاكمات المن صوص عليها في المادة 14 من العهد. ووفقاً لما تقولـه لم يتم إثبات ادعاءات صاحبة البلاغ القائلة إن هناك انتهاكاً لأصول المحاكمات والحماية التي توفرها المحاكم، والحق في الحماية القضائية وحضور جلسة استماع مع توفير الضمانات اللازمة، ومبدأ افتراض البراءة، والحيثي ات المستندة إلى الوقائع والتشريع المطبق.

4-7 وتزعم الدولة الطرف أن محاكم بيرو قد حاكمت الضحية في ظروف تكفل المساواة. فقد استُمع إليه في جلسات استماع علنية في مناسبتين، عندما مثل أمام محكمة مؤلفة من قضاة محترفين ومتخصصين في القانون الجنائي، حيث سنحت لـه ال فرصة لعرض قضيته، واستطاع ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه شخصياً وعن طريق المحامي الذي اختاره. ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف، فإن المحاكم التي قاضته شُكلت بالفعل قبل مثوله أمامها، وفقاً للتشريعات التي كانت سارية المفعول آنذاك، وهي: قانون الإجراءات الجنائية، ال معتمد بالقانون رقم 9024 بتاريخ 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1939؛ والمرسوم بقانون رقم 25475، بصيغته المنقحة بالقانون رقم 26248 (4) والقانون رقم 26671 (5) ، وإن هذا القانون الأخير ألغى العمل بما يسمى "المحاكم المحجوبة". وبناء عليه، لم يحاكم المجني عليه في جلسة استم اع مغلقة من جانب إحدى المحاكم "المحجوبة"، بل إن قضيته نظر فيها في مناسبتين خلال جلسات استماع علنية من قبل قضاة شكلوا بذلك محكمة مختصة (شكلت سابقاً بموجب القانون)، ومستقلة (اختيرت على أساس الضمانات المؤسسية المنصوص عليها في الدستور وبموجب القانون) ونزيهة.

4-8 وتدعي الدولة الطرف أنه، بالرغم من أن الدائرة الجنائية للمحكمة العليا التي ألغت الحكم الذي برأ السيد كاسافرانكا في 11 نيسان/أبريل 1997 كانت دائرة "محجوبة"، فقد استند الحكم إلى ما يكفي من التبريرات.

4-9 وتم الامتثال لمبدأ افتراض البراءة المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، أثناء التحقيقات القضائية وفي المحاكمة. وبناء على الأدلة وغيرها من الشهادات التي أدلي بها في المحاكمة العادلة، خلص القضاة إلى أن افتراض البراءة لم يكن لـه أساس من الصحة. واتفقت المحكمة العليا معهم بتأكيدها للقرار.

4-10 وتزعم الدولة الطرف أن القرارات القضائية استندت إلى الوقائع والقانون. وبالرغم من أن هذا الأمر ليس حقاً منصوصاً عليه صراحة في العهد، فهو يتفق ومفهوم أصول المحاكمات.

4-11 وفيما يتعلق بالادعاءات القائلة إن هناك انتهاكات لمبدأ الشرعية ومبدأ المساواة أمام القانون وم بدأ عدم الرجعية، تزعم الدولة الطرف أن المحاكم حققت مع الضحية المزعوم بشأن جريمة الإرهاب وعاقبته عليها وطبقت القواعد الجنائية الخاصة فيما يتصل بالتحقيق والعقوبة. أي أنها طبقت، فيما يخص القواعد الإجرائية التي طبقتها في محاكمة عام 1998، المرسوم التشريعي رقم 4 6 المؤرخ 10 آذار/مارس 1981 والقانون رقم 24651 المؤرخ 6 آذار/مارس 1987 والمرسوم بقانون رقم 25475 المؤرخ 5 أيار/مايو 1992.

4-12 أما فيما يتعلق بتبرئة الضحية في 22 كانون الأول/ديسمبر 1988، فتذكر الدولة الطرف أن المحكمة الإصلاحية السابعة قد طبقت، كتشريع جنائي جوهري، المرسوم التشريعي رقم 46، الذي كان واجب التطبيق حينذاك على الجرائم المنسوبة إلى الضحية، والمتمثلة في قتل ضابط الشرطة رومان روخاس سافيدرا في 22 حزيران/يونيه 1986 ومحاولة حرق مصنع بابيليرا بيروانا سا عمداً في 31 تموز/يوليه 1986 وتفجير أبراج أسلاك الجه د العالي بتاريخ 27 تموز/يوليه 1986 وقتل نائب عريف الشرطة أوريليو دا كروز ديلاغويلا في 11 آب/أغسطس 1986، وقتل ضابط الشرطة رولاندو مارين باوسار في 2 أيلول/سبتمبر 1986، والتخطيط لقتل إنريكه توماس أوخيدة، وهو أحد المرشحين لزعامة حزب آبرسته بيروانو في تشاكلاساي و.

4-13 وألغي المرسوم التشريعي رقم 46 بموجب المادة 6 من القانون رقم 24651 المؤرخ 6 آذار/مارس 1987. وطبق هذا القانون في إدانة المتهم في 30 كانون الثاني/يناير 1998. وبالتالي طبقت الدائرة الجنائية المعنية بالجرائم الإرهابية التابعة لمحكمة ليمـا العليـا High Court حكماً قانونياً (القانون رقم 24651) وُضِع بعد تاريخ الأحداث التي اعتبرتها غير مشروعة. وأيدت محكمة بيرو العليا Supreme Court قرارها في 18 أيلول/سبتمبر 1998. ومع ذلك، ينص المرسوم التشريعي رقم 46 والقانون رقم 24651 على فرض عقوبات مماثلة بحق من يرتكب جرائم تعتبر بمثابة إرهاب. وبناء على ذلك، لم تبين صاحبة البلاغ الكيفية التي يمكن بها أن يعدّ هذا الأمر غير متفق مع المادة 15 من العهد.

4-14 وأخيراً، تشير الدولة الطرف إلى أن الأفعال التي أصدرت محاكم بيرو حكمها على الضحية بشأنها هي جرائم بموجب التشريع الوطني الو اجب التطبيق، وأن الحكم الساري المفعول في ذلك الوقت يمكن تطبيقه لكي يتسنى تصنيف الأفعال كما ينبغي. وبالإمكان تصحيح الوضع من خلال قيام المحاكم، لا الجهاز التنفيذي، بإصدار قرار آخر.

4-15 وختاماً، تؤكد الدولة الطرف مجدداً أنه ليست لديها أية ملاحظات تبديها بشأن مقبولية البلاغ، وأنها قد راعت أصول المحاكمات، وأنه لم ينتهك حق المجني عليه في التمتع بالحرية ولا حقه في التمتع بالأمن.

تعليقات صاحبة البلاغ فيما يتصل بمقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 تزعم صاحبة البلاغ في تعليقاتها أن جميع تأكيدات الدولة الطرف كاذبة، و لا تهدف سوى إلى إخفاء انتهاك المادتين 9 و14 من العهد. ووفقاً لما تقوله صاحبة البلاغ، لم ترد الدولة الطرف على ادعاءاتها المحددة بشأن المجني عليه، الذي حكم عليه بالسجن بعد أن حاكمته إحدى المحاكم "المحجوبة" وأدانته بدون أدلة أو إسناد للمسؤولية الفردية المادية بموجب تطبيق قوانين لم تكن سارية المفعول وقت حدوث الأفعال، مثلما هو الحال بالنسبة للقرار المؤرخ 30 كانون الثاني/يناير 1998.

5-2 وتدعي صاحبة البلاغ أن المجني عليه قد اعتقل دون أن يكون هناك أمر بإلقاء القبض عليه وبدون القبض عليه متلبساً بارتكاب الجريمة. وفيم ا يتعلق بفترة الاحتجاز، ينص القانون على فترة احتجاز أقصاها 15 يوماً في مركز الشرطة. ومع ذلك فقد احتجز الضحية لمدة 22 يوماً ولم يشر القرار إلى ذلك. كما أن الدولة لم تقدم أية معلومات عن مسألة تعذيب الضحية.

5-3 وتزعم صاحبة البلاغ أن القرار هو استمرار للأساليب التي كانت تتبعها المحاكم "المحجوبة". وقد جرى انتهاك الحق في تطبيق أصول المحاكمات وافتراض البراءة وعبء الإثبات فضلاً عن مبدأ الشرعية. وتدعي كذلك أن القرار إنما هو صورة حرفية طبق الأصل من شهادة الشرطة التي تتنافى ومبدأي الشرعية والمساواة أمام القانون. كما ت زعم أن المجني عليه قد حُوكم بموجب قانون لم يكن ساري المفعول وقت ارتكاب الأفعال، أي الفترة الممتدة من حزيران/يونيه إلى كانون الأول/ديسمبر 1986، بينما نطق بالحكم بموجب القانون 24651 المؤرخ 6 آذار/مارس 1987.

5-4 وتقول صاحبة البلاغ إن هذا القرار قد انتهك مبدأ تمتع الفرد بالحرية والأمن ومبدأ المساواة أمام القانون ومبدأ عدم الرجعية، والحق في تطبيق أصول المحاكمات وفي توفير المحاكم للحماية الفعالة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ م ا، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 تثبتت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة الفرع ية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتثبتت كذلك من أن المجني عليه قد استنفد سبل الانتصاف المحلية لأغراض الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تنكر مسألة انطباق ال فقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري على القضية، وبذلك فقد وافقت على قبولها. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة، بعد أن وضعت في اعتبارها ادعاءات صاحبة البلاغ، أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للقضية استناداً إلى المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 فيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن ابنها قد أسيئت معاملته بينما كان محتجزاً في مركز الشرطة، تلاحظ اللجنة أنه، مع أن صاحبة البلاغ ل م تقدم المزيد من المعلومات في هذا الصدد، فإن النسخ المرفقة من سجلات الإجراءات الشفوية المؤرخة 30 كانون الثاني/يناير 1998 تبين أن المجني عليه قدم وصفاً مفصلاً أمام القاضي لأعمال التعذيب التي تعرض لها. وترى اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات إضافية في هذا الخصوص، أو تفتح تحقيقاً رسمياً في الأحداث التي ورد وصف لها، أن هناك انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

7-2 وفيما يخص مزاعم صاحبة البلاغ المتعلقة بانتهاك حق الضحية في التمتع بالحرية والأمن واعتقال ابنها دون أمر بإلقاء القبض عليه، تأسف الل جنة لعدم تقديم الدولة الطرف لرد صريح على هذا الادعاء، حيث اكتفت في ردها بالتأكيد بعبارات عامة أن السيد غوميز كاسافرانكا قد اعتقل وفقاً لقانون بيرو. وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أن ابنها قد احتجز لمدة 22 يوماً في مركز الشرطة، بينما ينص القانون على فترة احتجاز قدرها 15 يوماً. وترى اللجنة أنه لا بد من إيلاء هذه الادعاءات الاهتمام اللازم بالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تحتج عليها. وبناءً على ذلك، ترى أن هناك انتهاكاً للفقرتين 1 و3 من المادة 9 من العهد.

7-3 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب الم ادة 14، فتحيط اللجنة علماً بأن إحدى الدوائر "المحجوبة" التابعة للمحكمة العليا هي التي أمرت بإعادة محاكمة السيدة غوميز كاسافرانكا بعد أن تمت تبرئته أولاً في عام 1988. ويثير هذا الأمر لوحده مسائل في إطار الفقرتين 1 و2 من المادة 14. وترى اللجنة، إذ تضع في اعت بارها أن السيد غوميز كاسافرانكا قد أدين بعد إعادة محاكمته في عام 1998، أن التأخير الذي حصل لما يقارب 12 سنة بعد وقوع الأحداث الأصلية و10 سنوات عقب المحاكمة الأولى، أياً كانت التدابير التي اتخذتها الدائرة الجنائية الخاصة بمكافحة الإرهاب لضمان افتراض براءة ا لسيد غوميز كاسافرانكا، قد أفضى إلى انتهاك حق صاحب البلاغ، بموجب الفقرة الفرعية (ج) من الفقرة 3 من المادة 14، في أن يحاكم دون تأخير لا مبرر لـه. وتستنتج اللجنة، في ظروف هذه القضية، أنه يوجد انتهاك للمادة 14 يتعلق بالحق في الحصول على محاكمة منصفة عموماً.

7- 4 وفيما يتصل بادعاءات صاحبة البلاغ بأن هناك انتهاكاً لمبدأي عدم الرجعية والمساواة أمام القانون كنتيجة لتطبيق القانون رقم 24651 المؤرخ 6 آذار/مارس 1987 عقب وقوع أحداث هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترف بوقوع هذا الأمر. ومع أنه يصح القول، مثلما أ كدت ذلك الدولة الطرف، إن أفعال الإرهاب في وقت وقوع الأحداث كانت تعتبر فعلاً جرائم بموجب المرسوم التشريعي رقم 46 الصادر في آذار/مارس 1981، يصح القول أيضاً إن القانون رقم 24651 الصادر في عام 1987 قد أدخل تعديلات على العقوبات، عن طريق فرض أحكام دنيا أعلى، مما زاد من حالة الأطراف المذنبة سوءاً (6) . وبالرغم من صدور حكم بالحد الأدنى من العقوبة، أي السجن لمدة 25 عاماً في حق السيد غوميز كاسافرانكا بموجب القانون الجديد، فيعتبر هذا الحكم أكثر من حكم مضاعف مقارنة بالحكم بالحد الأدنى من العقوبة الذي كان سيصدر بحقه بموجب القانون السابق، ولم تبين المحكمة ماهية الحكم الذي كان سيصدر بحقه بموجب القانون القديم لو أنه لا يزال مطبقاً. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن هناك انتهاكاً للمادة 15 من العهد.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البر وتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للمادة 7؛ والفقرتين 1 و3 من المادة 9؛ والمادتين 14 و15 من العهد.

9- وعملاً بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطر ف ملزمة بإطلاق سراح السيد غوميز كاسافرانكا ومنحه تعويضات مناسبة. كما أن الدولة الطرف ملزمة بضمان عدم تكرار وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وتود اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بعد أن أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفير سبيل من سبل الانتصاف الفعالة والقابلة للإنفاذ في حالة التثبت من وقوع انتهاك، أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويرجى من الدول الطرف أيضاً نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) إدارة مكافحة الإرهاب.

(2) ساندرو غالدو آرييتا وفرانسيسكو رينا غارسيا وإغناسيو غويزادو تالافيرانو وروزا لوزتينيو سواسنابار.

(3) اعتُمد القانون رقم 26655 لمنح العفو للأفراد المدانين بال إرهاب، وينظم إدارته المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بيرو. ولا توجد معلومات عن أي قرار اتخذ فيما يتصل بالسيد غوميز كاسافرانكا.

(4) القانون رقم 26248 الصادر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 الذي أعاد العمل بالمثول أمام المحاكم في قضايا الإرهاب والخيانة.

(5) ا لقانون رقم 26671 الصادر في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1996 الذي أرسى انتهاء العمل بالمحاكم "المحجوبة" اعتبارا من 15 تشرين الأول/أكتوبر 1997.

(6) يحدد المرسوم التشريعي رقم 46 الصادر في آذار/مارس 1981 الحد الأدنى للعقوبة بالسجن لمدة 12 عاما ولا يحدد العقوبة القص وى. ويحدد القانون رقم 24651 لعام 1987 الحد الأدنى للعقوبة بالسجن لمدة 25 عاما والعقوبة القصوى بالسجن مدى الحياة، على أن يقتصر ذلك على زعماء المنظمات الإرهابية.

ذال - البلاغ رقم 983/2001، لف وشركاه ضد أستراليا *

(الآراء التي اعتمدت في 25 آذار/مارس 2003، الد ورة السابعة والسبعون)

المقدم من : جون ك. لف، وويليام ل. بون، وويليام ج. كريغ، وبيتر ب. إيفانوف (ممثلين بالمحامية السيدة كاثرين فاوسيت)

الأشخاص الذي يدعون أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ: 1 آب/أغسطس 1997 (تاريخ الرسالة الأو لى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 آذار/مارس 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 983/2001، الذي قدمه جون ك. لف، وويليام ل. بون، وويليام ج. كريغ، وبيتر ب. إيفانو ف إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

_________________

* شارك في فحص هذا الب لاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيدة كريستين شانيه، والسيد فرانكو دي باسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاّه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتِن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين. وبموجب المادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد إيفان شيرير في فحص الحالة المعروضة.

يرد في تذييل لهذه الوثيقة نص رأيين فرديين وقع عليهما عضوا اللجنة السيد نيسوكي أندو والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي.

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم ويليا م ل. بون، وويليام ج. كريغ، وبيتر ب. إيفانوف، وجون ك. لف، وكلهم مواطنون أستراليون يدعون أنهم ضحايا انتهاك أستراليا لأحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 2، وأحكام المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتمثلهم محامية. وقد دخل البروتوكول الاختيا ري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز النفاذ بالنسبة في أستراليا في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1989 و24 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 و10 كانـون الثاني/يناير 1990 و24 آذار/مارس 1 990 على الترتيب أبرم السادة إيفانوف ولف وبون وكريغ وكلهم طيارون متمرسون، عقوداً بصفتهم طيارين يقودون طائرات في رحلات محلية تشغّلها الخطوط الجوية الأسترالية، التي هي اليوم جزء من الخطوط الجوية كانتاس المحدودة. وقد كانت الخطوط الجوية الأسترالية مملوكة للدولة بالكامل وتديرها إدارة معينة من الحكومة. وأنهت الشركة عقود أصحاب البلاغ لما بلغوا 60 سنة من عمرهم عملاً بسياسة للتقاعد الإلزامي تستند إلى العمر. لكن تقاعدهم الإلزامي تم في اليوم السابق لبلوغهم 60 سنة، أي 29 آب/أغسطس 1990 بالنسبة إلى السيد كريغ؛ و18 أيلول/س بتمبر 1990 بالنسبة إلى السيد إيفانوف؛ و12 تشرين الأول/أكتوبر 1991 بالنسبة إلى السيد بون؛ و17 أيار/ مايو 1992 بالنسبة إلى السيد لف. ولم تكن العقود التي وظفوا بموجبها تتضمن شرطاً محدداً ينص على التقاعد الإلزامي في ذلك العمر أو غيره. وكان لدى واحد من أصحاب ال بلاغ رخصة طيار صالحة وشهادات طبية في وقت إنهاء العقود. وبعد إنهاء خدمتهم، عينت شركة أخرى للخطوط الجوية السيد إيفانوف قائداً لطائرة من طراز B727، وفي عام 1997 أصبح السيد إيفانوف يعمل مدرباً على جهاز محاكاة لطائرات من طراز B737( 1 ) .

2-2 واعتباراً من 25 كانون الأول/ديسمبر 1991، رفضت الخطوط الجوية طلبات أصحاب البلاغ الرامية إلى إجراء مفاوضات بشأن إعادة توظيفهم. وفي 12 حزيران/يونيه 1992، قدم أصحاب البلاغ الأربعة شكوى إلى اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص مدعين فيها أنهم تعرضوا للتمييز على أساس العمر. و قد استغرق التحقيق في الشكاوى، حسب أصحاب البلاغ، وقتاً طويلاً بسبب رفض الشركة الدخول في المفاوضات أو التوفيق، وربما بسبب قرائن طبية موضع نزاع. وفي أعقاب قيام شركة كانتاس المملوكة للدولة بضم الخطوط الجوية الأسترالية في عام 1993، بيعت كانتاس بالكامل إلى القطا ع الخاص في صفقة تمت في 31 تموز/يوليه 1995.

2-3 وفي 30 آذار/مارس 1994، عُدل "قانون العلاقات الصناعية" الاتحادي لعام 1988 فأصبح إنهاء خدمة الشخص على أساس العمر إجراء غير قانوني. وفي أعقاب ذلك التعديل، فقد شخص يدعى السيد ألمان، وهو أيضاً طيار لدى الخطوط الجوي ة الأسترالية، وظيفته لما بلغ 60 سنة من عمره، فرفع في أعقاب ذلك دعوى ضد الشركة، وفي 18 آذار/مارس 1995، حكمت محكمة العلاقات الصناعية لصالحه. ونتيجة لذلك، أعيد توظيف السيد ألمان. ومنذئذ، توقفت شركة كانتاس (التي ضمت الخطوط الجوية الأسترالية) عن فرض سن للتقاعد على طياريها الذين يقومون برحلات داخلية.

2-4 وفي 14 آب/أغسطس 1995، قام مفوض حقوق الإنسان (آنذاك)، الذي يتولى مهمة لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص في مجال التحقيق في أي فعل أو ممارسة قد يتسمان بالتمييز، باستعراض الاستنتاجات التي خلص إليها المفوضون السابقون وم ؤداها أن التقاعد الإلزامي تمييزي، وأخذ برأيهم. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، أجرى المفوض تحقيقاً في إقالة أصحاب البلاغ وتلقى معلومات من شركة كانتاس (المدعى عليها) ومن أصحاب البلاغ. وفي 12 نيسان/أبريل 1996، قرر المفوض أن إحالة أصحاب البلاغ إلى التقاعد الإ لزامي لبلوغهم سن الستين هو إجراء تمييزي على أساس العمر. ورفض المحاججة بالقول إن جعل سن الستين حداً للتقاعد مطلوب بذاته لضمان سلامة الرحلات الجوية. وقدم المفوض التوصيات التالية إلى كانتاس: (1) ينبغي للشركة أن تتوقف عن ممارسة إحالة موظفيها إلى التقاعد الإلزا مي لمجرد بلوغهم سن الستين؛ (2) ينبغي للشركة أن تعوض أصحاب البلاغ عن الدخل الذي فقدوه نتيجة للسلوك التمييزي؛ (3) ينبغي للشركة أن تتخذ ما يلزم من ترتيبات كي تجرى للسيد إيفانوف الفحوص الطبية "لما بعد سن الستين"، وإذا استوفى السيد إيفانوف هذه المتطلبات وسواها مما تفرضه سلطة الطيران المدني، أعيدَ توظيفه وتدريبه من جديد، إن اقتضى الأمر، كطيار يقود طائرات شبيهة بالطائرات التي كان يقودها قبل تقاعده الإلزامي أو قريبة من ذلك قدر الإمكان. وبوجه أعم، أوصى الحكومة الاتحادية بفرض حظر شامل على التمييز على أساس العمر على ا لصعيد الوطني، بما في ذلك إلغاء الأحكام المتعلقة بالتقاعد الإلزامي المنصوص عليها في قانون الخدمة العمومية لعام 1922 وغيره من التشريعات الاتحادية.

2-5 وقد رفضت شركة كانتاس، التي يمتلكها اليوم القطاع الخاص، القبول باستنتاجات المفوض، كما رفضت توصيته بدفع تعويض ات. وفي 10 أيار/مايو 1996، رد مستشاروها القانونيون على لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بالقول إن الشركة توقفت عموماً عن ممارسة الإحالة إلى التقاعد الإلزامي عند بلوغ سن الستين عاماً، غير أنها رأت أنه من غير المناسب قبول التوصية بإعادة التوظيف أو التعويض التي قدمتها اللجنة في القضية المعنية. ولاحظت الشركة أن سياستها، التي تستند في المقام الأول إلى سلامة الطيران، سياسة مشروعة، ولم تنتف عنها هذه الصفة جراء التشريع الذي مكّن اللجنة من تقديم توصيات. وذكّرت الشركة بأنها أوضحت خلال جلسات اللجنة أنها غير مستعدة لقبول التوصية بإعادة التوظيف أو التعويض.

الشكوى

3- يزعم أصحاب البلاغ أن أستراليا انتهكت حقوقهم في عدم التمييز على أساس العمر بموجب المادة 26، لأنها تخلفت عن حمايتهم من إنهاء عقودهم التي تمت على هذا الأساس المحظور. كما يزعمون انتهاك حقهم في الحماية من التمييز عل ى أساس العمر الذي تكفله المادة 26 برفض الخطوط الجوية الأسترالية إجراء مفاوضات بشأن إعادة توظيف السيد إيفانوف وتخلف الدولة عن تيسير ذلك منذ 25 كانون الأول/ديسمبر 1991. وفضلاً عن ذلك يدفع أصحاب البلاغ بأنه متى وقعت انتهاكات، وجب على الدولة الطرف أن تتقيد بال توصيات المتعلقة بجبر الضرر التي تقدمها لجنتها لحقوق الإنسان. ورداً على ما دفعت به الدولة الطرف، أضاف أصحاب البلاغ انتهاكاً للمادة 2 لأن الدولة الطرف لم توفر سبل انتصاف فعالة عندما انتهك حق منصوص عليه في العهد ( 2 ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأ سسه الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة 3 كانون الثاني/يناير 2002، على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-2 أما فيما يتعلق بالشكوى المبدئية القائلة إن الدولة الطرف لم تنفذ توصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، فترى الدولة الطرف أن هذه الش كوى تخرج برمتها عن نطاق الاختصاص الموضوعي للعهد لأنه ليس في المادة 26 ما يستلزم أمراً كذلك.

4-3 وأما بصدد التوصيتين المحددتين الصادرتين عن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص وهما: ` 1 ` إبطال الأحكام المتصلة بالتقاعد الإلزامي المنصوص عليها في قانون الخدمة العموم ية لعام 1922 وغيره من التشريعات الاتحادية، ` 2 ` وسن تشريع يحظر التمييز على أساس العمر على الصعيد الوطني حظراً شاملاً، فإن الدولة الطرف تحاجج كذلك بالقول إن الادعاء غير مقبول فيما يتصل بالأشخاص المعنيين لأن الضحايا لم يقعوا ضحية لعدم تمكنهم المزعوم من اتخاذ إحدى هاتين الخطوتين. ففيما يخص التوصية ` 1 ` ، لم يكن أصحاب البلاغ موظفين بموجب قانون الخدمة العمومية لعام 1922، ومن ثم فإن أي تعديل لذلك القانون أو عدمه لم يكن ليؤثر عليهم. وأما فيما يخص التوصية ` 2 ` ، فإن أصحاب البلاغ لم يبينوا كيف تضرروا من عدم وجود حظر شامل للتمييز القائم على أساس العمر. ولا شيء يدل على أن وجود تشريع كذلك كان سيؤثر في قرارات الإقالة. كما لا توجد أدلة على حدوث تمييز بعد الإقالة، أو على كيفية منع ذلك في ظل الإطار المذكور.

4-4 وأما بصدد الأسس الموضوعية لتلك المزاعم، فتعلن الدولة الطرف، بالنسبة إلى التوصية ` 1 ` ، أن قانون الخدمة العمومية لعام 1999 ألغى سن التقاعد الإلزامية بالنسبة إلى موظفي الخدمة العمومية في الكومنولث. وأما فيما يتصل بالتوصية ` 2 ` فإن الدولة الطرف تلاحظ أنه لا يمكن لتشريع جديد، يرمي إلى تغيير أوضاع اجتماعية قديمة، أن يتحول إلى واقع بين عشية وضحاها ( 3 ) . فعندما تدخل الدول تعديلات على الأطر التشريعية، يستحسن منحها الوقت اللازم لإدخال تلك التغييرات تمشياً مع مساراتها الديمقراطية والدستورية. وقد قررت الدولة الطرف في الوقت الراهن تنفيذ إحدى أهم التوصيات الواردة في تقرير لجنة حقوق الإنسان و تكافؤ الفرص الصادر في عام 2000 والمعنون "مسائل السِّن" وذلك بوضع قانون اتحادي لمكافحة التمييز على أساس العمر يحظر التمييز على أساس العمر، وذلك بالتشاور مع أوساط الأعمال التجارية والمجتمعات المحلية. ولا تزال المسودة قيد الإعداد. كما ألغت الدولة الطرف التقاع د الإلزامي على أساس العمر في بعض المجالات التي تخضع لمسؤولية الكومنولث: قانون الخدمة العمومية لعام 1999 وقانون إلغاء التقاعد الإلزامي على أساس العمر (أصحاب المناصب الأصليين) لعام 2001، وتعتزم إلغاء التقاعد الإلزامي لمديري الشركات العامة. وفي عام 1996، حظر قانون علاقات العمل لعام 1996 (الذي حل محل قانون العلاقات الصناعية ) إنهاء الخدمة على أساس العمر. وفي الولايات والأقاليم، يعد التمييز غير مشروع في مجالات العمالة، والتعليم والتدريب، والسكن، والسلع والخدمات، والنوادي. وعليه، فإن الدولة الطرف تدفع بأنها تخطو خ طوات تدريجية، في الواقع، للقضاء على التمييز القائم على العمر.

4-5 وأما فيما يتعلق بالشكوى القائلة إن ` 1 ` الإقالة من الخطوط الجوية الأسترالية تنتهك المادة 26 مثلها في ذلك مثل ` 2 ` عدم حماية الدولة لأصحاب البلاغ من الإقالة، فإن الدولة الطرف تدفع بأن الدعوى غي ر مقبولة من حيث الاختصاص الزماني بالنسبة إلى السادة بون وكريغ وإيفانوف. فقد أقيل أصحاب البلاغ الثلاثة هؤلاء قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. وهم لم يدفعوا بوجود أي آثار مستمرة تمثل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. وترى الدولة الطرف أن النتائج المترتبة على الإقالة، التي لم تعد إجراء معمولاً به، لا تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد لأن الإقالة لم تكن إلا حدثاً وقع مرة واحدة. وأي حجة تقول بوجود آثار مستمرة استناداً إلى رفض إعادة توظيف أصحاب البلاغ، بمفهومه السليم، هي حجة تنطوي على الشكوى من تمييز جديد ومنفصل (إن وجد).

4-6 وإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف، بشأن الشكوى ` 1 ` ، بأنه لما كانت الجهة التي نفذت الإقالة إنما هي شركة اعتبارية وليست الحكومة، فإن الادعاء لا علاقة له بالدولة الطرف، وهو ما تشترطه المادة 1 من البروتوكول الاختياري. وتشير الدولة الطرف إلى فتوى اللجنة بأن البلاغات ضد الكيانات من غير الدول غير مقبولة ( 4 ) . وتدفع الدولة الطرف بأن مسؤوليتها عن أفعال شركة اعتبارية تتوقف على علاقتها بها. فحين لا يشكل الكيان جزءاً من هيكل الدولة الـرسمي، فلربما اعتُبرت أفعاله أفعالاً للدولة متى خول القانون الداخلي للكيا ن ممارسة بعض اختصاصات السلطة الحكومية ( 5 ) . وفي القضية موضع النظر، لم تكن الحكومة تتدخل في الإدارة اليومية رغم أن الدولة الطرف كانت في وقت الإقالة تملك جميع الأسهم في الخطوط الجوية الأسترالية، وهي شركة تجارية تابعة لحكومة الكومنولث.

4-7 وتوضح الدولة الطرف أن علاقتها بالخطوط الجوية الأسترالية كان يحكمها مجموعة من التشريعات تشمل ترتيباتها الإداريـة العامة وسياستها العامة إزاء جميع الشركات التجارية التابعة لحكومة الكومنولث. وفي عام 1988، عززت التغييرات في السياسة العامة استقلال الخطوط الجوية الأسترالية ومنحتها م رونة أكبر، وقللت السيطرة الحكومية إلى حدودها الدنيا. وفي أعقاب إصدار قانون الخطوط الجوية الأسترالية (تحويلها إلى شركة عمومية) في عام 1988، ألغيت الرقابة اليومية من الخدمة العمومية، وزادت العمليات التي تخضع لقرارات الإدارة التجارية التي يشرف عليها مجلس يتمت ع بالمزيد من الصلاحيات. وهكذا، فإن مسائل التعيين تركت لإدارة الخطوط الجوية الأسترالية التي يشرف عليها مجلسها في إطار مبادئ توجيهية حكومية عامة. وكانت الخطوط الجوية الأسترالية، بصفتها شركة اعتبارية، تصرف شؤونها بناء على سلطتها التقديرية، ولم تكن تمارس سلطات حكومية. وعليه، فإنه لو كان ثمة تمييز (وهو أمر تنكره الدولة الطرف)، لكانت الخطوط الجوية الأسترالية هي المسؤولة عنه وليس الدولة الطرف.

4-8 وفي ما يتعلق بالأسس الموضوعية لهذا الادعاء، تسلم الدولة الطرف بأن الإقالة استندت إلى معايير معقولة وموضوعية ولم تنتهك المادة 26، وبالتالي فإن أصحاب البلاغ لا يحتاجون إلى الحماية من ذلك الإجراء. وتشير الدولة الطرف إلى فتوى اللجنة التي ذهبت إلى أن التفريق لا يعني التمييز متى كان مبنياً على أسس معقولة وموضوعية ويرمي إلى أغراض مشروعة. وتسلم الدولة الطرف بأن هذا الحكم ينبغي أ ن يقوم على أساس المعلومات المتاحة في الوقت الذي وقع فيه الفعل، وذلك من منطلق المنطق والإنصاف. وهكذا، فإن التفريق المعقول والموضوعي على أساس المعلومات الطبية المتاحة للخطوط الجوية الأسترالية في حينه لا يبطل ظهور ممارسة لاحقة مخالفة له.

4-9 وتشير الدولة الطر ف إلى أن الاختبار الذي تجريه اللجنة يختلف عن الاختبار الذي تطبقه لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والمحاكم الأسترالية، أي "الشرط الضمني" لاختبار الوظيفة الذي يبرر التفريق على أساس العمر ( 6 ) . وعليه، فإن الأحكام الصادرة عن هذه الهيئات المحلية التي ترفض أن تكون سن معينة شرطاً طبياً ضمنياً ليست عاملاً للبت في المسألة الأوسع وهي مسألة ما إذا كانت الإقالة تستند إلى مبرر موضوعي ومعقول.

4-10 وفي ما يتعلق بالقضية موضع النظر، تدفع الدولة الطرف بأن الإقالة كانت مبررة وتعكس معياراً متفقاً عليه دولياً وتستند إلى دراسات وأد لة طبية، وطبقت لضمان سلامة الركاب وغيرهم من المعنيين بالسفر جواً إلى أقصى درجة ممكنة (وهو غرض مشروع بموجب العهد). وحاججت شركة كانتاس لدى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بالقول إن التقاعد الإلزامي ضروري للتقليل إلى الحد الأدنى من الخطر على سلامة الركاب والطا قم والجمهور عموماً. وبينما يعتبر أي تحديد للسن القصوى أمراً تعسفياً، لأن بعض الطيارين الأصحاء يجبرون على التقاعد، فإن اعتبار سن الستين السن القصوى يحقق توازناً معقولاً بين الطيارين الذين يرغبون في تمديد مدة خدمتهم والسلامة العامة. وبالمثل، فإن قرار رئيس ال طيارين في الخطوط الجوية الأسترالية القاضي بفرض تقاعد إلزامي يقوم على عرف مرعي على نطاق واسع وراسخ في صناعة الخطوط الجوية الأسترالية، كما أنه يقوم على شروط العمل الضمنية.

4-11 وتحاجج الدولة الطرف بالقول إن القرار استند للدراسات والقرائن الطبية المستمدة من أ بحاث علمية متنوعة منشورة عن الموضوع ( 7 ) . ففي إجراءات المحكمة في قضية كريستي ، اعتبَر الخبير في شهادته أن تحديد سن التقاعد إجراء "حصيف وضروري " وتبرره البيانات الطبية والميدانية. ورغم أن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص قد قبلت بما خلصت إليه المحكمة في قضية كريس تي ومؤداه أن "أياً من الدراسات المذكورة لا يؤيد الاختيار بين [التقاعد الإلزامي] وسلامة الطيران"، ترى الدولة الطرف أن ذلك لا يحدِّد المسألة العامة وهي مسألة المعايير المعقولة والموضوعية. بل إن الدراسات والبيانات الطبية المتاحة في وقت الإقالة توفر ما يكفي لل اعتقاد بأن التقاعد الإلزامي ضروري للسلامة وأن الإقالة كانت موضوعية ومعقولة.

4-12 وإضافة إلى ذلك، فقد رُسمت سياسة التقاعد الإلزامي رسماً يراعي معايير السلامة الدولية التي وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي والتي أريد لها أن تكون إلزامية وأن تتبعها دول عدة ب صفتها ممارسة فضلى. ومن المتوقع أن تتقيد الدولة ب‍ "المعايير" وتسعى إلى التقيد ب‍ "الممارسات الموصى بها". وتنص اتفاقية الطيران المدني الدولي على معيار يحدد السن القصوى لقائد الرحلات الدولية ب‍ 60 عاماً، كما تنص على ممارسة موصى بها تحدد السن القصوى لمساعد ال طيار ب‍ 60 عاماً. و لم تُخطر 162 دولة من أصل 186 دولة منظمة الطيران المدني الدولي بعدم التقيد بهذا المعيار. وانطلاقاً من هذه الأرقام، استنبطت الدولة الطرف معياراً دولياً في مجال السلامة مقبولاً على نطاق واسع يشير إلى معقولية الإقالة وموضوعيتها.

4-13 وفي عام 1992، عدلت الدولة الطرف "لوائح الطيران المدني" لديها لتسمح للطيارين الذين يقودون طائرات تجارية لنقل المسافرين والذين تتراوح أعمارهم بين 60 و65 سنة والذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة بأن يقوموا برحلات إن كانوا قد استكملوا، في جملة أمور، اختبار الكفاءة لقيادة الط ائرات/استعراض القدرة على الطيران قبل سنة أو ستة أشهر على التوالي من موعد الرحلة. وفي 3 آذار/مارس 2000، أخطرت الدولة الطرف منظمة الطيران المدني الدولي بعدم التقيد بالمعايير والممارسة الموصى بها. وهكذا، فإن الدولة الطرف تسمح للطيارين الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة بأن يقوموا برحلات في الوقت الذي تعترف فيه بوجود هواجس إزاء السلامة تتطلب اتخاذ تدابير وقائية. ومع أن الدولة الطرف لم تعد تقبل باعتبار التقاعد الإلزامي في سن الستين ضرورياً في حد ذاته لضمان السلامة، فإنه في وقت الإقالة كان من المعقول والموضوعي أن يستند إلى هذا الاعتبار لأن القرائن الطبية في ذلك الحين كانت تدل على وجود مخاطر بمجرد بلوغ ذلك العمر. ويستتبع ذلك أن التفريق لم يكن يتنافى مع المادة 26 وأن الدولة الطرف لم تكن مرغمة على حماية أصحاب البلاغ من تطبيق ذلك التفريق.

4-14 وفي ما يتعلق بادعاء أن رفض الدخ ول في مفاوضات لأغراض إعادة التوظيف يمثل تمييزاً على أساس العمر، تدفع الدولة الطرف مرة أخرى بأن الخطوط الجوية الأسترالية هي التي رفضت ذلك وأنها ليست مسؤولة عنها. وإضافة إلى ذلك، فإن الادعاء المذكور لم يقم على دليل لأن أصحاب البلاغ لم يقدموا أي معلومات عن ذل ك الرفض المزعوم، كما أنهم لم يفسروا كيف يشكل ذلك الرفض تمييزاً على أساس العمر. وهكذا، فإن هذا الادعاء القائم على هذين الأساسين غير مقبول أيضاً.

تعليقات أصحاب البلاغ

5-1 رفض أصحاب البلاغ دفوع الدولة الطرف في ما قدموه في 14 آذار/مارس 2002.

5-2 فهم يوضحون في البداية أنهم لا يقدمون ادعاء يتعلق بقانون الخدمة العمومية لعام 1922.

5-3 أما بصدد الادعاء الأول (بأن الدولة الطرف لم تسن تشريعاً يحظر التمييز على أساس العمر حظراً شاملاً، وهو ما يتعارض وتوصية لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص)، فإن أصحاب البلاغ بسطوا الكلام في ادعائهم. وهم يحاججون بأن تخلف الدولة عن سن ذلك التشريع هو ذاته انتهاك للعهد. وأضافوا إلى ذلك قولهم إنه لما كان الغرض القانوني الأساسي من لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص هو حماية الحقوق المنصوص عليها في العهد، فإن عدم تنفيذ توصياتها عندما تكتشف انتهاكات ل تلك الحقوق يخل بالتزامات الدولة الطرف بموجب الفقرتين 2 و3 من المادة 2، والمادة 26 من العهد. والبديل عن ذلك هو اعتبار تخلف الدولة عن تنفيذ توصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص دليلاً على وجود انتهاك وذلك كحد أدنى.

5-4 وفي ما يتعلق بمقبولية هذا الادعاء الأو ل، يشير أصحاب البلاغ إلى اختبار وضع "المتضرر الفعلي" الذي اعتمد في قضية نساء موريشيوس ( 8 ) ، محاججين بالقـول إن ادعـاءاتهم لم تكن نظرية وإنما تفي بذلك الشرط من النواحي التالية: ` 1 ` لم يكن هناك وقت الإقالة تشريع يحرِّم تلك السياسة، و ` 2 ` و/أو لم يكن هناك تشريع يمكّن من نقض قرار الإقالة بفعالية عندما بدأت الإجراءات القانونية في 12 حزيران/يونيه 1992، ` 3 ` و/أو لم يكن هناك تشريع يسمح بإعمال توصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص في الوقت الذي صدرت فيه، ` 4 ` و/أو لم يكن هناك في حالة السيد إيفانوف حكم يقضي بالتعويض عن ع دم إعادة توظفيه في ذلك الحين.

5-5 وفي ما يتعلق بالأسس الموضوعية لهذا الادعاء الأول، يدعو أصحاب البلاغ اللجنة إلى رفض دفوع الدولة الطرف المتصلة بالتنفيذ التدريجي على مر الزمن لتوصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص. ويحاججون بأنه رغم تلقي الحكومة التوصيات ال متعلقة بسن تشريع شامل وقابل للتنفيذ على مر الزمن يحظر التمييز على أساس العمر، لم تعرض أية تفاصيل عن التقدم المحرز في وضع قانون لمكافحة التمييز على أساس العمر لا من حيث مضمونه ولا عما إذا كان سيدخل حيز التنفيذ ومتى. ويدفع أصحاب البلاغ بأن هذا يختلف عن قضية بوغر ضد النمسا ( 9 ) حيث قدمت معلومات عن الجدول الزمني للتشريع الخاص بالانتصاف وتنفيذه. وإذا قبلت اللجنة بأن الدولة الطرف تتخذ تدابير مناسبة، يلاحظ أصحاب البلاغ أن اللجنة قد اعتبرت في قضية بوغر أن الدولة الطرف اعترفت ضمنياً بأن الشكوى قد قامت على أدلة. وكذلك يرى أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لم تنكر أن تخلفها عن تنفيذ حظر شامل للتمييز على أساس العمر ينتهك الأحكام المنصوص عليها في العهد، بل إن استعراض الإجراءات المتخذة لتدارك الإخلال اعتراف بأن الدليل قد قام على وجود انتهاك. هذا بالإضافة إلى أن اللجنة رأت في قضي ة بوغر أن على الدولة الطرف أن تقدم إلى الضحية تعويضاً كافياً على الرغم من الإجراءات المتخذة، ويدعو أصحاب البلاغ اللجنة إلى انتهاج النهج ذاته.

5-6 وفي ما يتعلق بالادعاء الثاني (بأن الدولة الطرف سمحت بإقالة أصحاب البلاغ من الخطوط الجوية الأسترالية على أساس ت مييزي في انتهاك لالتزاماتها بموجب المادة 26)، ` 1 ` يرفض أصحاب البلاغ الحجج التي قدمتها الدولة الطرف بخصوص المقبولية. وفي ما يتصل بحجج عدم المقبولية على أساس الاختصاص الزماني لأصحاب البلاغ الثلاثة الذين أقيلوا قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991 ("التاريخ المعني")، فإنهم يحاججون بالقول إن أفعال التمييز هذه استمرت، أو استمرت آثارها، بعد ذلك التاريخ في جوانب عدة: (أ) فقد منعوا بعد التاريخ المعني من العمل لدى الشركة التي عملوا لديها في السابق بسبب سياسة التقاعد الإلزامي؛ (ب) و قدموا شكاوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بعد التاريخ المعني؛ (ج) وتوصلت هذه اللجنة إلى استنتاجات تصب في مصلحتهم بعد التاريخ المعني؛ (د) لم ينفذ رب عملهم السابق بعد التاريخ المعني استنتاجات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، ولم يوظف السيد إيفانوف مجدداً .

5-7 ويرفض أصحاب البلاغ أيضاً محاججة الدولة الطرف بعدم المقبولية على أساس صفة الأشخاص المعنيين حيث تؤكد أن الدولة الطرف لم تقترف أي انتهاك لأن الخطوط الجوية الأسترالية كانت شركة اعتبارية ومشروعاً تجارياً تابعاً لحكومة الكومنولث في وقت الإقالة وتخضع ل‍ "ال أحكام الاعتيادية المتعلقة بمراقبة أنشطة الشركات وأدائها ومساءلتها". ويدفع أصحاب البلاغ بأنه بينما اتخذت بعض الإجراءات لتحقيق مستوى معين من استقلال شركة الطيران، فقد تم تسجيلها عملاً بالقانون وكانت حكومة الدولة الطرف تملك جميع الأسهم. ويسلم أصحاب البلاغ بأن الحكومة مسؤولة في النهاية عن القرارات المتعلقة بالإدارة بصفتها صاحبة الأسهم الوحيدة، ومن ثم فهي تتحمل مسؤولية مباشرة عن الإقالة التمييزية. كما أنها مسؤولة عن الإقالة وآثارها بسبب تخلفها عن سن تشريع يمنع التمييز على أساس العمر.

5-8 وفي ما يتعلق بالأسس المو ضوعية للادعاء الثاني، يدفع أصحاب البلاغ بأن الإقالة لم تقم على أسس معقولة وموضوعية، ومن ثم فهي تنتهك المادة 26. ويرون أن الاختبار المناسب هو اختبار ما إذا كان التفريق على أساس العمر موضوعياً ومعقولاً ومشروعاً في وقت الإقالة لغرض من أغراض العهد. ويرون أيضاً أن ذلك الاختبار لا يختلف من حيث المضمون عن الاختبار الذي طبقته لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والمحاكم الأسترالية ( 10 ) التي قدرت ما إذا كان "شرطاً ضمنياً" للوظيفة أن يكون عمر الطيار أقل من 60 سنة، وقضت بأن الأمر ليس كذلك. كما يرون أن لجنة حقوق الإنسان وتكا فؤ الفرص، برفضها الدفوع التي دفعت بها الخطوط الجوية الأسترالية، قد خلصت ضمناً إلى أن التفريق على أساس العمر ليس معقولاً ولا موضوعياً، وبالتالي فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست مضطرة إلى إعادة فحص تلك المسألة من أوَّلها.

5-9 ويؤكد أصحاب البلاغ أن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص قد درست، في استنتاجاتها عدداً من الاعتبارات التي تدفع بها الدولة الطرف الآن تأييداً للرأي القائل إن التفريق على أساس العمر كان موضوعياً ومعقولاً. وتشمل هذه الاعتبارات ما يلي: (أ) إن سن التقاعد الإلزامي تقوم على معيار مقبول دولياً ؛ (ب) وإن القرائن الطبية تدعم السياسة المنتهجة؛ (ج) وإن السياسة تؤمن أكبر قدر من السلامة للمسافرين؛ (د) وإن رئيس الطيارين في الخطوط الجوية الأسترالية فرض سن التقاعد الإلزامي بسبب ممارسة راسخة في صناعة الطيران. ويلاحظ أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لم تنفذ ال معايير الدولية التي تحاول الاستناد إليها في تبرير سياسة التقاعد الإلزامي. والواقع أن الدولة الطرف تسلم بأنها لم تعد تعترف بأن سن التقاعد الإلزامي المحددة بستين عاماً ضرورية في حد ذاتها لضمان السلامة. ويدفع أصحاب البلاغ فضلاً عن ذلك بأنها لم تكن ضرورية قط م ن حيث الموضوعية والمعقولية.

5-10 وفي ما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن الاختبار المناسب ينبغي أن يكون ما اعتقدت الخطوط الجوية الأسترالية أنه معقول في وقت الإقالة، يلاحظ أصحاب البلاغ أن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص قد رفضت هذا النوع من الاختبار "الذاتي". وي دعي أصحاب البلاغ أن اختبار تبرير التفريق يجب أن يكون موضوعياً، وإلا صار بإمكان الدولة الطرف بكل بساطة أن تؤكد اعتقادها بأن التفريق كان معقولاً كي تتفادى الاستنتاج بأن العهد قد انتهك.

وأضاف أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لم تثبت كيف كان الهدف من التفريق في هذ ه الحالة هو بلوغ "غرض مشروع في إطار العهد"، باعتبار ذلك عنصراً إضافياً يجب استيفاؤه في الاختبار "الموضوعي والمعقول".

5-11 وعلى أية حال، فإن أصحاب البلاغ يسلِّمون بأن قرار لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص اتُّخذ وفقاً للتفسير الدولي للاتفاقية رقم 111 بشأن الت مييز (في الاستخدام والمهنة) لمنظمة العمل الدولية ( 11 ) . وعلقت لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية على ذلك بقولها إن "الشرط الضمني" للتفريق على أساس العمر بشأن وظيفة بعينها يجب أن يتناسب مع الهدف المقصود بلوغه ويجب أن يكون ضرورياً بسبب الطبيعة الحقيقية للوظيف ة المعنية. ويسلِّم أصحاب البلاغ بأنه ينبغي أخذ آراء لجنة الخبراء في الحسبان لتقييم المعيار "الموضوعي والمعقول" بموجب المادة 26.

5-12 ومجمل القول هو إن أصحاب البلاغ يدعون اللجنة إلى أن تستنتج أن التفريق لم يستند إلى أسس موضوعية ومعقولة أو أن تقبل باستنتاجات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص أو إن رغبت في إعادة النظر، في جميع الأدلة المتعلقة بالمسألة، أن تدعو أصحاب البلاغ إلى تقديم المزيد من الأدلة.

5-13 وفي ما يتعلق بالادعاء الثالث (القائل إن الدولة الطرف قد تخلفت، في انتهاك لأحكام العهد، عن تيسير سعي السيد إيف انوف إلى إيجاد وظيفة أخرى)، يرفض أصحاب البلاغ حجج الدولة الطرف بخصوص عدم المقبولية. فأما بخصوص إقامة الدليل، فترى الدولة الطرف أن الرسالة التي بعث بها محامي شركة الطيران إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص في 10 أيار/مايو 1996 تقيم الدليل على الادعاء، لأنها توضح أن شركة كانتاس لن تعيد توظيف السيد إيفانوف لأن سياستها تستند إلى مبدأ سلامة الطيران وأن هذه السياسة ليست مخالفة للقانون. وأما بخصوص الحجة القائلة إن الدولة الطرف لم ترتكب انتهاكاً، فيكرر أصحاب البلاغ حججهم الواردة أعلاه بخصوص هذه المسألة ( 12 ) .

الدفوع الإضافية التي دفعت بها الدولة الطرف

6-1 ردت الدولة الطرف على تعليقات أصحاب البلاغ بتقديم المزيد من الردود في 13 أيار/مايو 2002، وكررت دفوعها السابقة وقدمت بعض التعليقات الإضافية.

6-2 في ما يتعلق بالادعاء القائل إن عدم سن تشريع يحظر التمييز على أساس العمر حظراً شاملاً هو في حد ذاته انتهاك للمادة 26 (بخلاف الادعاء المتعلق بتنفيذ توصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص)، تحاجج الدولة الطرف بالقول إنه لما كانت إقالة أصحاب البلاغ تستند إلى معايير معقولة وموضوعية، وبالتالي لم تكن تمييزية، فإنه لم يكن أمام القانون شيء يحظره. وعليه، فإن عدم تنفيذ حظر شامل للتمييز على أساس العمر لا ينتهك المادة 26 في ما يخص قضية أصحاب البلاغ.

6-3 وترفض الدولة الطرف محاججة المحامية بأنها قبلت ضمنياً، بعرضها للإجراءات التصحيحية المتخذة، أن الرفض المزعوم لتنفيذ إطار تشريعي ينتهك المادة 2 6. وتؤكد مجدداً أنه لا يمكن لأصحاب البلاغ المحاججة بأن انعدام التشريع قد أثر عليهم نظرياً في غياب فعل تمييزي ارتكب ضدهم.

6-4 وترفض الدولة الطرف أن يكون التشريع المتعلق بالتمييز على أساس العمر الذي وصفته بأنه قيد الإعداد قد جاء استجابة لاستنتاجات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص في حالة أصحاب البلاغ، بل هو استجابة لتوصيات قدمت بصورة منفصلة تماماً في "التقرير عن المسائل المتعلقة بالعمر" الصادر عن اللجنة نفسها في حزيران/يونيه 2000 ومؤداها أن الحكومة تنفذ عند اللزوم التوصية الخاصة بحظر التمييز على أساس العمر حظرا ً شاملاً. وتؤكد الدولة الطرف أنها لا تضع تشريعاً يحظر التمييز على أساس العمر حظراً شاملاً لأنها ترى أنها تنتهك أحكام العهد وإنما لتأمين وجود توازن بين ضرورة القضاء على التمييز الجائر على أساس العمر وضرورة تأمين مرونة كافية تراعي الحالات التي تكون فيها لمتط لبات السن دلالة خاصة.

6-5 ورداً على تفسير المحامية لقضية بوغر ضد النمسا ( 13 ) ، تدفع الدولة الطرف بأنه لما لم يكن ثمة انتهاك لأحكام العهد، فلا داعي لأن يتلقى أصحاب البلاغ تعويضاً. ورداً على تعليق المحامية بأن المعلومات التي قدمت عن التقدم المحرز في التشريع ال مقترح بشأن حظر التمييز على أساس العمر لم تكن كافية (بخلاف قضية بوغر )، تدفع الدولة الطرف بأنه ليس من الضروري فعل ذلك لأنه لم يكن ثمة انتهاك لأحكام العهد. لكن الحكومة تقول، في محاولة لمساعدة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إن الحكومة قد شرعت في سن تشريع بشأن ا لتمييز على أساس العمر. وتتشاور الحكومة مع قطاع الأعمال والمنظمات الأهلية التي تمثل المسنين والأطفال والشباب قبل اتخاذ قرارات بشأن المضمون المحدد لمشروع القانون تستند إلى المعلومات وتقوم على أساس التوازن. وقد تم العمل الأولي المتعلق بتحديد القضايا والمسائل الأساسية التي تثار بشأن مضمون مشروع القانون بشأن التمييز على أساس العمر، ومن المرجح أن يشمل مشروع القانون التمييز على أساس العمر في مجموعة من مجالات الحياة العامة، مثل العمالة والتعليم والحصول على السلع والخدمات والانتفاع بالمرافق المختلفة. وسوف يقدم مشروع القانون خلال فترة ولاية الحكومة الحالية.

6-6 وفي ما يتعلق بادعاء أن التخلف عن تنفيذ توصيات لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص ينتهك المادة 2 (فضلاً عن المادة 26)، تلاحظ الدولة الطرف أن ذلك زعم جديد أثير في مرحلة متأخرة من مراحل النظر في البلاغ، وتطلب إلى اللج نة المعنية بحقوق الإنسان أن تنظر في ما إذا كان من المناسب أن تقبل اللجنة المزاعم التي لا ترد في البلاغ الأصلي الذي تقدم به أصحاب البلاغ، وتطلب إلى اللجنة أن تلاحظ بخاصة أن الادعاء الجديد لا يأتي بقرائن أو وقائع جديدة، ومن ثم فلا شيء يبرر عدم قيام أصحاب الب لاغ بتقديم ذلك الادعاء في بلاغهم الأصلي. وعلى أية حال، فإن فتوى اللجنة الثابتة هي أن المادة 2 حق تبعي ولا يمكن الاحتجاج به مستقلاً عن حق آخر. ولما لم يكن ثمة انتهاك للمادة 26 في الحالة المعنية، فإنه لا مكان لوجود انتهاك للمادة 2.

6-7 أما في ما يتعلق بالناح ية الزمنية من الانتهاكات المزعومة، فإن الدولة الطرف ترفض القول باستمرار أي آثار (بالنسبة إلى كريغ وإيفانوف وبون) تشكل في حد ذاتها انتهاكاً لأحكام العهد ( 14 ) . وعلى سبيل التحديد، فإن الدولة الطرف تلاحظ، رداً على استمرار الآثار التي ادعاها أصحاب البلاغ، أن إقا لة أصحاب البلاغ لم تتكرر. ولو كان ثمة أي انتهاك لأحكام العهد، فقد حدث في وقت الإقالة. ثم إن عدم تمكن أصحاب البلاغ من العمل مجدداً في الخطوط الجوية الأسترالية بعد تاريخ الإقالة لا يعتبر في حد ذاته انتهاكاً لأحكام العهد. كما أن الحق في تقديم شكوى لدى لجنة حق وق الإنسان وتكافؤ الفرص، وتقديمها بالفعل، لا يعبر في حد ذاته عن انتهاك لأحكام العهد، وصدور استنتاجات (خلصت إليها لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص) في صالح المرء لا يعبر في حد ذاته عن انتهاك لأحكام العهد. وأخيراً، فكما أن رفض تنفيذ توصيات هيئة محلية لحقوق الإ نسان ليس انتهاكاً لأحكام العهد، فإن ذلك الرفض لا يمكن أن يشكل أثراً مستمراً لأنه لا يمكن أن يكون في حد ذاته انتهاكاً لأحكام العهد.

6-8 وتدفع الدولة الطرف بأنه لا توجد قرائن تدعم ادعاء المحامية بأن لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص خلصت إلى نتيجة ضمنية مؤداها أن التفريق الذي مارسته الخطوط الجوية الأسترالية لم يكن لا موضوعياً ولا معقولاً. وأضافت أنه حتى ولو كانت تلك القرائن متوافرة فإن "على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تتخذ قرارها الخاص بها لتتبيَّن إذا كانت إقالة أصحاب البلاغ موضوعية ومعقولة أم لا. واللجنة ه ي الهيئة التي خولها العهد ` تلقي البلاغات والنظر فيها ` وليس لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص . وربما لم يكن من المناسب أن تُخضع اللجنة سلطتها في اتخاذ القرار لهيئة وطنية في حين أن الدول الأطراف قد رضت بأن تمارس اللجنة سلطتها في اتخاذ القرار باستقلال عن قرارات الهيئات الوطنية".

6-9 أما في ما يتعلق بدفوع المحامية بشأن الطبيعة الذاتية/الموضوعية للاختبار الذي يتعين تطبيقه، فإن الدولة الطرف تقول إنها، رغم إشارتها إلى "الاعتقاد" في دفوعها، لم تقصد القول إن على اللجنة أن تنظر في ما إذا كانت الإقالة معقولة وموضوعية است ناداً إلى اعتقاد متخذ القرار، وإنما أن تطلب إلى اللجنة أن تنظر في ما إذا كانت الإقالة تقوم على معايير معقولة وموضوعية. وترى أيضاً أنه يجب تحديد مدى معقولية المعايير وموضوعيتها بالإشارة إلى المعلومات المتاحة لدى متخذ القرار في وقت الإقالة.

6-10 وتدفع الدولة الطرف بأن الخطوط الجوية الأسترالية استندت في قرارها إقالة أصحاب البلاغ إلى معايير موضوعية ومعقولة كانت متوافرة لديها آنذاك، وهي مستمدة من معايير مقبولة دولياً ومن دراسات وقرائن طبية والاهتمام بسلامة الركاب. وفي ما يتصل بتعليق المحامية القائل إن الدولة الط رف لم تثبت كيف كان التفريق في حالات أصحاب البلاغ يستهدف تحقيق "غرض مشروع في إطار العهد"، تشير الدولة الطرف إلى دفوعها القائلة إن سن تدبير يرمي إلى تأمين سلامة الركاب وغيرهم من المعنيين بالسفر جواً بأقصى درجة ممكنة من الأمن غرض مشروع بموجب العهد. وببساطة، ف إن هذا الغرض مشمول بالمادة 6 ولا يتعارض مع العهد.

6-11 أما في ما يتعلق بحجة المحامية القائلة إن نهج لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص ينسجم مع تفسير اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 وينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تتقيد به، فإن الدولة الطرف ترى أن تف سير اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 لا يتصل بالقضية المعروضة على اللجنة بموجب العهد ولا يبت فيها.

6-12 ورداً على تعليقات أصحاب البلاغ القائلة إن اختبار "الشرط الضمني"، الذي طبقته لجنة الخبراء في منظمة العمل الدولية، في جملة من طبقه، يماثل في جوهره اختب ار "الموضوعية والمعقولية"، تدفع الدولة الطرف بأن ثمة فروقاً كبيرة لأن التساؤل عما إذا كان شرط من الشروط ضرورياً أم لا يختلف عن التساؤل عما إذا كان شرط من الشروط موضوعياً ومعقولاً أم لا. فقد لا يكون الشرط ضرورياً في المطلق لكنه قد يظل مع ذلك موضوعياً ومعقول اً نظراً للاحتمالات الممكنة. وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تتبع فتواها وتطبق اختبار "الموضوعية والمعقولية" عوضاً عن اختبار الشرط الضمني/الضرورة.

6-13 ورداً على تعليقات أصحاب البلاغ القائلة إن الدولة الطرف لم تنفذ المعايير الدولية التي تستند إليها في تبر ير سياسة سن التقاعد الإلزامية، تلاحظ الدولة الطرف، على الرغم من أن قانونها لا يتضمن معيار منظمة الطيران المدني الدولي المشار إليه، أنها تتقيد بذلك المعيار كلما قامت شركة طيران أسترالية برحلة الذهاب إلى بلد يتقيد بذلك المعيار أو برحلة العودة منه.

6-14 ورداً على طلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة تزويدها بالمزيد من المواد متى قررت إعادة النظر في جميع القرائن المتصلة بهذه المسألة بغية اتخاذ قرار عملاً باختبار الموضوعية والمعقولية، طلبت الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ أن أصحاب البلاغ يدركون أن اللجنة قد تتخذ قرارها عم لاً باختبار الموضوعية والمعقولية. فهي تسأل بالتالي عن سبب عدم قيام أصحاب البلاغ بتقديم القرائن المتاحة دعماً لدفوعهم الآن بدلاً من تأجيل النظر في البلاغ وتناوله على نحو مجزّأ. والدولة الطرف مقتنعة بأن المسألة جاهزة للنظر فيها الآن، لكنها تلتمس السماح لها ب الرد متى طلبت اللجنة إلى أصحاب البلاغ إمدادها بالمزيد من الأدلة.

6-15 وأما بصدد ادعاء رفض إجراء مفاوضات بشأن إعادة التوظيف، فإن الدولة الطرف تصر على القول إنه لم تقدَّم أية قرائن تدل على أن القرارات المتصلة بعدم إجراء مفاوضات لإعادة التوظيف، أو إعادة استخد ام السيد إيفانوف، قد اتخذت بناء على شيء سوى الاعتبارات القانونية. وعليه، فإن الادعاء لا يقوم على أساس وهو غير مقبول.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وف قاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تثبتت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية تحقيقاً للأغراض الم نصوص عليها في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أي حجة على أنه لا تزال هناك سبل انتصاف محلية لم تستنفد وأن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7-3 في ما يتع لق بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف بأن ادعاءات ثلاثة من أصحاب البلاغ الأربعة (أي السادة بون وكريغ وإيفانوف) هي ادعاءات باطلة من حيث الاختصاص الزماني، فإن اللجنة ترى أن أفعال التمييز المزعومة، متى فهمت فهماً صحيحاً، قد وقعت واكتملت في وقت الإقالة. ولا ترى ا للجنة أن استمرار الآثار في هذه الحالة قد يرقى في حد ذاته إلى انتهاكات لأحكام العهد، ولا ترى أن ما تلا ذلك من رفض لإجراء مفاوضات بشأن إعادة التوظيف قد يعتبر بحق فعلاً تمييزياً جديداً لا علاقة له بالإقالة الأصلية. وعليه، فإن ادعاءات أصحاب البلاغ الثلاثة غير مقبولة من حيث الاختصاص الزماني. بيد أن ادعاء السيد لف، الذي يستند إلى إقالته بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ، ليس غير مقبول لهذا السبب.

7-4 وتحيط اللجنة علماً بالحجج الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف بشأن مقبولية الادعاء بأن إقالة السيد لف كانت ف ي الواقع فعلاً قامت به الخطوط الجوية الأسترالية بمحض إرادتها، ولم تكن، بموجب قواعد إسناد التصرف إلى الدولة، تعزى إلى الدولة الطرف، كما أنه لا يمكن اعتبار السيد لف ضحية، من وجهة نظر البروتوكول الاختياري، في غياب حظر للتمييز على أساس العمر. وفي ضوء الحاجة إل ى تمحيص وتقييم الوقائع المحددة المتصلة بهذه القضايا، وكذلك القانون المحدد، ترى اللجنة أنه من المناسب معالجة هذه الحجج في مرحلة الأسس الموضوعية لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتقييم مدى التزام الدولة الطرف بموجب المادة 26 من العهد باحترام مبدأ الحماية القانوني ة على قدم المساواة من الإقالة التمييزية وضمان تلك المساواة.

7-5 أما في ما يتعلق بادعاء وجود التزام مباشر بموجب العهد بتنفيذ الاستنتاجات التي تخلص إليها الهيئات المحلية المعنية بحقوق الإنسان (مثل لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص)، والتي ليست ملزمة بموجب القان ون الداخلي، فترى اللجنة أنها هي التي يعود إليها في النهاية واجب تفسير العهد على النحو الذي تراه صحيحاً ومناسباً، علماً بأنها ستولي ما يجب من اعتبار لقرارات تلك الهيئات، التي تستند كلياً أو جزئياً إلى الأحكام الواردة في العهد. وتتفق اللجنة مع موقف الدولة ال طرف القائل إن الدول الأطراف صدقت على البروتوكول الاختياري وهي تدرك أن اللجنة هي التي تملك ممارسة سلطة اتخاذ القرار بشأن تفسير العهد بصورة مستقلة عما تتخذه الهيئات الوطنية من قرارات. وبناء على ذلك، فإن الالتزام، في حد ذاته، القائم بموجب العهد بتنفيذ استنتاج ات غير ملزمة تخلص إليها تلك الهيئات غير القضائية يتنافى من حيث الاختصاص الموضوعي مع أحكام العهد، ومن ثم فإن هذا الادعاء المحدد غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها الأطراف، وفقاً لنص الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 والمسألة التي يتعين على اللجنة أن تبت فيها استناداً إلى الأسس الموضوعية هي مسألة ما إذا كان صاحب (أصحاب) البلاغ قد تعرض (تعرضوا) للتمييز، انتهاكاً للمادة 2 6 من العهد. وتذكّر اللجنة بفتواها الثابتة ومفادها أنه ليس كل تفريقٍ تمييزاً يشكل انتهاكاً للمادة 26، لكن التفريق يجب أن يقوم على أسس معقولة وموضوعية سعياً إلى تحقيق هدف مشروع بموجب العهد. فرغم أن العمر في حد ذاته غير مذكور كأحد أسباب التمييز المحرمة الوارد ة في الجملة الثانية من المادة 26، ترى اللجنة أن التفريق المتعلق بالعمر والذي لا يستند إلى معايير معقولة وموضوعية قد يرقى إلى التمييز على أساس "غير ذلك من الأسباب" بموجب الشرط المعني، أو الامتناع عن الحماية القانونية على قدم المساواة بالمعنى المقصود في الجم لة الأولى من المادة 26. بيد أنه من غير الواضح على الإطلاق أن سن التقاعد الإلزامية من شأنها أن تمثل تمييزاً على أساس العمر. وتحيط اللجنة علماً بأن نظم سن التقاعد الإلزامية قد تشمل بعداً يتعلق بحماية العمال، وذلك بتحديد مدة العمل، ولا سيما في حال وجود أنظمة شاملة للضمان الاجتماعي تؤمن معيشة الأشخاص الذين بلغوا تلك السن. وعلاوة على ذلك، قد تكون هناك أسباب تتصل بسياسة العمالة وراء تشريع أو سياسة سن التقاعد الإلزامية. وتلاحظ اللجنة أنه بينما وضعت منظمة العمل الدولية نظاماً متقدماً للحماية من التمييز في مجال العم ل، لا يرد حظر لسن التقاعد الإلزامية على ما يبدو في أي من اتفاقيات المنظمة. وبالطبع، فإن هذه الاعتبارات لا تعفي اللجنة، بموجب المادة 26، من مهمة تقييم ما إذا كان أي ترتيب خاص لتحديد سن إلزامية للتقاعد يتسم بالتمييز.

8-3 وكما تذكر الدولة الطرف، فإن الهدف في هذه القضية هدف مشروع وهو تحقيق أقصى درجة من السلامة للركاب والطاقم وغيرهم من الأشخاص المعنيين بالسفر جواً. وفي ما يتعلق بالطبيعة المعقولة والموضوعية للتفريق القائم على أساس العمر، تضع اللجنة في الاعتبار انتشار الممارسة الوطنية والدولية، في وقت إقالة أصحاب البلاغ، المتمثلة في فرض سن الستين عاماً سناً للتقاعد الإلزامي. وبغية تبرير ممارسة الإقالة في الوقت المعني، أشارت الدولة الطرف إلى نظام منظمة الطيران المدني الدولي الذي يهدف إلى تحقيق أكبر قدر من السلامة في الطيران، ويفهم أن ذلك هو هدفه. وفي هذه الحالات، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن التفريق الذي جرى لم يكن، في وقت إقالة السيد لف، يستند إلى اعتبارات موضوعية ومعقولة. وعليه، فإن اللجنة ترى أنها لا تستطيع إثبات حصول انتهاك للمادة 26.

8-4 وفي ضوء الاستنتاج السابق بأن السيد لف لم يتعرض للتمييز في انتهاك للمادة 26، فمن غير الضروري البت في ما إذا كانت الإقالة تعزى مباشرة إلى الدولة الطرف أو في ما إذا كانت الدولة الطرف تتحمل المسؤولية بسبب تخلفها عن منع طرف آخر من ممارسة التمييز.

9- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الا ختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لم تقدم أي معلومات عن أي عمل مهني، إن وجد، اضطلع به سائر أصحاب البلاغ.

(2) انظر أدناه، الفقرة 5-3.

(3) تشير الدولة الطرف إلى الرسائل المشابهة التي قدمتها الدولة الطرف في قضية بوغر ضد النمسا (القضية رقم 415/1990)، الآرا ء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1992.

(4) ف. ج. ج. ضد هولندا (القضية رقم 209/1986، القرار المعتمد في 25 آذار/مارس 1987)، وب. د. ب. ضد هولندا ، القضية رقم 273/1989، القرار المعتمد في 30 آذار/مارس 1989.

(5)Shaw, M.: International Law (4th ed.) (1997) pp.548-549; Brownlie, I.: Principles of Public International Law (5th ed.), p.449.

(6) ج. ب. كريستي ضد شركة كانتاس المحدودة للخطوط الجوية (1995) AILR 38؛ وشركة كانتاس المحدودة للخطوط الجوية ضد كريستي (1998) 193 CLR 280.

(7) ترد الدراسات التالية التي أشارت إليها ا لدولة الطرف ملخصة في تقرير لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص: (Kulak et al., "Epidemiological Study of In-flight Airline Pilot Incapacitation" (1971); Booze, "An Epidemiological Investigation of Occupation, Age and Exposure in General Aviation Accidents" (1977); National Institutes of Health, "Report of the National Institute on Aging Panel on the Experienced Pilots Study" (1981); Golaszewski, "The Influence of Total Flight Time, Recent Flight Time and Age on Pilot Accidents Rates" (1983); and Office of Technology Assessment of the United States Congress, "Medical Risk Assessment and the Age 60 Rule for Airline Pilots" (1990)).

(8) أَوُوميرودي - سزيفرا وغيرها ضد موريشيوس ، القضية رقم 35/1978، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1981.

(9) المرجع السابق.

(10) كريستي ضد شركة كانتاس المحدودة للخطوط الجوية (1995) AILR 1,623 (3-134).

(11) تنص الفقرة 2 من المادة 1 من الاتفاقية على أنه "لا يع تبر أي تفريق أو استبعاد أو تفضيل على أساس مؤهلات يقتضيها شغل وظيفة معيّنة من قبيل التمييز".

(12) انظر أعلاه، الفقرة 5-7.

(13) المرجع السابق.

(14) م. أ. ضد إيطاليا ، القضية رقم 117/1981، القرار المعتمد في 10 نيسان/أبريل 1984.

تذييل

رأي فردي أبداه عضو الل جنة السيد نيسوكي أندو (رأي متوافق)

إنني أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه معظم الآراء بأن فرض سن الستين عاماً سناً إلزامية للتقاعد لا ينتهك المادة 26. بيد أني لا أستطيع الموافقة على الآراء القائلة إن "التفريق المتعلق بالعمر ... قد يرقى إلى تمييز على أساس ` غير ذلك من الأسباب ` بموجب الشرط المعني أو إلى الامتناع عن توفير حماية القانون على قدم المساواة بالمعنى المقصود في الجملة الأولى من المادة 26" (الفقرة 8-2) للأسباب التالية:

أولاً ، أرى أنه لا ينبغي إدراج "العمر" في "غير ذلك من الأسباب" لأن للعمر صفةً مميز ة تختلف عن جميع الأسباب المذكورة في المادة 26. وكل الأسباب المذكورة في المادة 26 لا تنطبق إلا على جزء من الجنس البشري، أياً كان حجم هذا الجزء. وبالعكس، فإن العمر ينطبق على الجنس البشري كله، وبسبب هذه الصفة المتفردة، يعد العمر سبباً في معاملة جزء من الناس م عاملة مختلفة في نظام العهد برمته. فعلى سبيل المثال، تحرم الفقرة 5 من المادة 6 فرض عقوبة الإعدام على "الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة"، كما أن الفقرة 2 من المادة 23 تتحدث عن "الرجال والنساء في سن الزواج". وفضلاً عن ذلك، يفترض استعمال ألفـاظ مثل "كل ولد" (المادة 24) و"كل مواطن" (المادة 25) وجود عمر معين يعتبر سبباً مشروعاً يسمح بالممايزة بين الأشخاص على أساسه. وأنا أرى أنه ينبغي تفسير عبارة "غير ذلك من الأسباب" المشار إليها في المادة 26 على نحو يتفق مع جميع الخصائص المشتركة بين جميع الأسباب المنصو ص عليها في تلك المادة، وبذلك يستبعد العمر. وبالطبع، فإن هذا لا يمنع من أن تثير الممايزة على أساس "العمر" قضايا في إطار المادة 26، لكن حرف " ك‍ " الذي يسبق التعداد يعني ضمناً عدم وجود ضرورة لإدراج "العمر" في "غير ذلك من الأسباب".

ثانياً ، أشك في ما إذا كانت ا لمسألة في القضية قيد النظر هي مسألة "ال امتناع عن توفير حماية القانون على قدم المساواة بالمعنى المقصود في الجملة الأولى من المادة 26". وخلاصة القول إن أصحاب البلاغ في القضية الراهنة يدّعون أن الحكم على "المؤهلات المهنية" التي ينبغي أن تتوافر في الطيار يجب أ ن يقوم على أساس القدرات (الإمكانات) البدنية وغيرها من قدرات (إمكانات) كل فرد، وأن فرض سن إلزامية للتقاعد يغفل هذا الأساس، وأن فرض سن إلزامية للتقاعد يعد تمييزاً على أساس العمر، وهو محظور بموجب المادة 26. وهذا يعتبر بمثابة ادعاء بأن معاملة أشخاص من نفس العم ر يتمتعون بقدرات مختلفة معاملة مختلفة ينتهك مبدأ الحماية القانونية على قدم المساواة. بيد أن المؤهلات المهنية تستلزم دائماً سناً دنيا، في حين قد يكون لدى شخص دون تلك السن ما يكفي من قدرات للتأهل لمهنة معينة. وبتعبير آخر، تستدعي المؤهلات المهنية دائماً سناً دنيا معينة وكذا سناً قصوى، ومتطلبات العمر تلك ليست لها علاقة تُذْكر بالحماية القانونية على قدم المساواة.

ثالثاً ، أرى أن القضية الحالية تتصل ب‍ "الحق في العمل" وما يخضع له من"الحدود المقررة في القانون" في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتما عية والثقافية (المادة 6(1) والمادة 4 على التوالي). وهكذا، فإن المسألة هنا هي مسألة إيجاد توازن مناسب بين الحق الاقتصادي أو الاجتماعي وحدوده. ومن الطبيعي أن تحرم المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التمييز في القانون أو في الواقع في أي مجال تنظمه وتحميه السلطات العمومية، وهو ما ينطبق بالتالي على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لكن الحدود المفروضة على بعض الحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية، مثل الحق في العمل أو المعاش أو الضمان الاجتماعي، كما هي الحال في القضية الراهنة، تتطلب إجراء دراسة دقي قة لعوامل اقتصادية واجتماعية شتى، والدولة الطرف المعنية هي في العادة الجهة الأقدر على إجراء تقييم وتسوية موضوعيين ومعقولين. وهذا يعني أن على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان احترام الحدود المفروضة على تلك الحقوق التي تضعها الدولة الطرف المعنية ما لم تنطو بوضوح على مخالفات إجرائية جائرة أو تستتبع بجلاء نتائج ظالمة.

( توقيع ) نيسوكي أندو

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة ا لسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي (رأي متوافق)

السؤال هو عما إذا كان بالإمكان القول إن فرض سن الستين عاماً سناً إلزامية لتقاعد الطيارين ينتهك المادة 26 من العهد. هذه المادة لا تنص بصريح العبارة على أنه لا يجوز تعريض أي شخص للتمييز على أساس العمر. وأسب اب التمييز المحظورة مذكورة في المادة 26، لكن العمر ليس واحداً منها. وبالتالي فإن المادة 26 لا تنطبق على القضية قيد النظر البتة، وهذه حجة يمكن تقديمها.

وهذه الحجة غير مقبولة في رأيي وإن كانت تبدو معقولة. وهناك سببان رئيسيان حملاني على الذهاب هذا المذهب.

أ ولاً، إن المادة 26 تجسد ضمان المساواة أمام القانون وعدم التمييز. وهي ضمانة ضد التعسف الذي قد تنطوي عليه تصرفات الدولة. والمساواة نقيض التعسف. والمادة 26 ترمي بالتالي إلى الوقوف في وجه التعسف في تصرفات الدولة. والآن، لا يمكن القول إن تحديد سن الستين عاماً س ناً لتقاعد الطيارين هو عمل تعسفي. وليس الأمر كما لو أن الدولة الطرف اختارت تعسفاً سناً معينة لتقاعد الطيارين. وليس نادراً أن يحدد العديـد مـن البلدان سن تقاعد الطيارين ب‍ 60 عاماً، فهي السن التي لا يعتبر غير مقبول عندها توقع تأثير الطيارين، خاصة وأن عليهم قيادة طائرات تتطلب السيطرة عليها الكثير من الهمة واليقظة والتركيز وحضور الذهن. ولا أظن أن بالإمكان القول إن اختيار سن الستين لتقاعد الطيارين الإلزامي إجراء تعسفي أو غير معقول بحيث يشكل انتهاكاً للمادة 26.

ثانياً، إن حرف "ك‍" الذي يسبق تعداد الأسباب الوارد ة في المادة 26 يشير بوضوح إلى أن هذه الأسباب إنما وردت لأغراض الإيضاح وليس الحصر. ومن ثم، فإن العمر لم يُستثن كسبب محظور من أسباب التمييز. أما لفظ "الأسباب" (في العبارة "غير ذلك من الأسباب")، فيمكن تفسيره بحيث يشمل العمر. وعليه، فإن الحجة القائلة إنه متى ت بين وجود تمييز على أساس العمر انطبقت المادة 26 هي حجةٌ صحيحة. لكن لا بد من ثبوت أن ذلك تمييز. وليس كل تفريق مجلبة لإثم التمييز. فالتفريق لا يخضع للمادة 26 متى استند إلى معيار موضوعي ومعقول له علاقة منطقية بالغرض المراد تحقيقه. وفي القضية قيد البحث، وللأسبا ب المقدمة أعلاه، لا يمكن القول إن فرض سن الستين عاماً سناً لتقاعد الطيارين يشكل عملاً تعسفياً أو غير معقول، نظراً إلى الحاجة إلى بلوغ السلامة القصوى، ومن ثم فإن ذلك ليس انتهاكاً للمادة 26.

( توقيع ) برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

[اعتمد بالإسبانية والإنك ليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

ضاد - البلاغ رقم 986/2001، سيمي ضد إسبانيا *

(الآراء التي اعتمدت في 30 تموز/يوليه 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد جوزيف سيمي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 18 كانون الأول/ديسمبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تموز/يوليه 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 986/2001، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد جوزيف سيمي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد جوزيف سيمي (1) ، وهو مواطن كندي وكاميروني محتجز حالياً في سجن سيغوفيا بإسبانيا (2) . ويدعي أنه ضحية انتهاكات إسبانيا للفقرات 1 و2 و3 (د) و(ه‍) و5 من المادة 14، والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويدعي أيضاً في بلاغ لاحق أنه ضحية انتهاك إسبانيا للفقرة 1 من المادة 9 من العهد. وصاحب البلاغ لا يمثله محام.

ــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إ يفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ (3)

2-1 في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1991، وصلت سيدة تُدعى إيزابيل بيرناس إلى لانثاروتِه، وهي إحدى جزر الكناري، على متن طائرة قادمة من مدريد. وعند وصولها إلى لانثاروتِه، احتجزتها الشرطة للتفتيش. وفي تلك اللحظة، قام راكب أسود يرتدي قبعة ونظارة بمغادرة قاعة وصول الأمتعة دون أن يتسلم حقيبة سفر يُفترض أنها ملكه. وكانت الحقيبة قد سُجلت باسم ريمي روجر. وذكرت السيدة التي كانت تُخفي مخدرات في ملابسها إ ن رجلاً يُدعى جونسون قد أعطاها هذه المخدرات في مدريد.

2-2 ويذكر صاحب البلاغ جوزيف سيمي أنه احتُجز في مدريد في 7 شباط/فبراير 1992 وحكمت عليه محكمة لاس بالماس المحلية، ظلماً في آذار/مارس 1995، بالسجن لمدة 12 عاماً بجريمة الإضرار بالصحة العامة التي لم يرتكبها قط. ويشير صاحب البلاغ إلى أن اتهامه لا يستند سوى إلى أقوال السيدة إيزابيل بيرناس. ويؤكد أن تورطه يرجع إلى العداء القائم بينه، أي جوزيف سيمي، وبين أسرة صديق السيدة بيرنا، ويُدعى ديمتريو. ويوضح صاحب البلاغ أنه قد سبق سجنه لضلوعه المباشر في قتل ابن عم ديمتري و وأنه كان قد خرج لتوه من السجن عندما أُلقي القبض عليه بدون وجه حق في هذه الحادثة.

2-3 ويذكر صاحب البلاغ أن السيدة بيرناس أخبرت الشرطة أنها كانت قد التقت به في إحدى حانات الرقص في مدريد عشية إلقاء القبض عليها وفي حيازتها المخدرات وتدعي أنه اتفق معها في ذلك اللقاء على نقل المخدرات من مدريد إلى لانثاروتِه. ويذكر أن هذا غير صحيح لأن حانة الرقص (Discoteca Los Sueños) كانت مغلقة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1991 (وقدم رسالة بهذا المعنى موقعة من المدير).

2-4 ويوضح صاحب البلاغ أن رواية مصاحبته هو، جوزيف سيمي، لإيزابيل بيرناس في رحلتها إلى لانثاروتِه مستخدماً اسم ريمي روجر هي رواية لفقتها السيدة بيرناس. ويشير صاحب البلاغ إلى أن ريمي روجر هو صديق حميم لإيزابيل وصديقها ديمتريو. وقال إن ريمي روجر يتقاسم شقة مع رجل أسود آخر في مدريد. ويقول أيضاً إن السيدة أنخيلا بينيالو أور تيث، وهي صديقة صاحب البلاغ، أكدت في أثناء المحاكمة أن ريمي روجر، وهو أسود أيضا ويشبه صاحب البلاغ لـه وجود حقيقي. ويضيف صاحب البلاغ أنه لم يثبت قط أن الأشياء التي عُثر عليها في الحقيبة المتروكة على السير الناقل للأمتعة في مطار لانثاروتِه أشياء تخصه.

2-5 ويش ير صاحب البلاغ إلى أن قاضي التحقيق قد خالف الأصول عندما سُمح لأحد أفراد الحرس المدني المسؤول عن التحقيق في القضية، وهو فرانسيسكو فاليرو، بالتعرف عليه في طابور عرض والشهادة ضده بعد مرور أكثر من سنة على وقوع الحادثة. ويذكر صاحب البلاغ أن لدى الشرطة علماً بجم يع تفاصيل القضية وأنها تحتفظ بصورة في ملفاتها.

2-6 ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن المحكمة قد بنت حكمها بالإدانة على أقوال السيدة بيرناس أثناء التحقيق فقط، وتجاهلت الأدلة التي قدمها كما تجاهلت شهود النفي. ويدعي أنه كان قد توجه في صباح يوم الحادث إلى سجن إيريرا دي لا مانتشا لزيارة رفيقه من نفس البلد، نونغ سيمون، لكنه لم يتمكن من مقابلته بسبب تغيير مواعيد الزيارة؛ وأنه سافر عقب زيارة السجن بعد الظهر، مع السيد بيل وزوجته إلى استيبونا. وهذا ما أكده السيد بيل أمام موثق. ويرى صاحب البلاغ أنه لا يجوز تغليب أقوال السيدة بيرناس على شهادات الشهود الآخرين؛ ويؤكد من جديد أنه لا يوجد أي دليل على أنه كان موجوداً في لانثاروتِه.

2-7 ولجأ صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا لمراجعة الحكم الصادر في قضيته، لكن المحكمة اكتفت بالفصل في أسس المراجعة القضائية وأيدت حكم المحكمة الأدنى درجة؛ ولم تقم المحكمة قط بإعادة النظر في الأدلة التي استندت إليها المحكمة المحلية في إصدار حكمها بالإدانة. واستأنف صاحب البلاغ أيضاً أمام المحكمة الدستورية ورُفض استئنافه لتجاوز المهلة المحددة، أي لعدم رفع الاستئناف بمجرد إعلان حكم المحكمة العليا.

2-8 ولجأ صاحب البلاغ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ لكن دعواه رُفضت لعدم قيامه باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية (لعدم رفع دعوى الحماية - أمبارو- في حينها).

الشكوى

3-1 يؤكد صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاكات إسبانيا للمواد التالية من العهد الدولي الخاص بالحقو ق المدنية والسياسية.

(أ) المادة 26 والفقرة 1 من المادة 14

3-2 يرى صاحب البلاغ أنه أُدين لأنه أسود البشرة، ويذكر أن السود وأبناء أمريكا اللاتينية مرتبطون في أذهان الإسبان بتهريب المخدرات. ويدعي أن ذلك، مقترناً بالعنصرية السائدة في البلد، يعني تغليب أقوال أ ي إسباني على أقوال أي شخص أسود. ويقول إنه لو كان إسبانياً لما سُجن بناء على أقوال ذكرت ضده. ولهذا يدعي أن هناك انتهاكاً لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 26 من العهد.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، لانعدام المس اواة أمام المحاكم في قضيته وعدم حياد المحاكم. فقد حُكم على إيزابيل بيرناس بالسجن لمدة 3 أعوام؛ بينما حكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً. ويرى صاحب البلاغ أن المحكمة التي أصدرت الحكم قد أخلت بالضمانات الإجرائية عندما حكمت عليه بناء على أقوال أُدلي بها أثناء التح قيق. ويحتج بأن الحكم الصادر بإدانته وسجنه يستند إلى أقوال إيزابيل بيرناس فقط دون سماع أقواله. واستدعت المحكمة أيضاً نفس أفراد الحرس المدني الذين أجروا التحقيق برمته لكي يدلي أحدهم بأقواله كشاهد إثبات ويتعرف إليه بعد مرور أكثر من عام على الحادثة موضوع القضي ة (شاهد الإثبات فرانسيسكو فاليرو). وكان السيد فاليرو قد شارك عدة مرات في نقله من مركز الاحتجاز إلى مكتب قاضي التحقيق أثناء التحقيقات القضائية ولهذا السبب كان يعرفه. كما أن تقديمه إلى المحاكمة تم على أساس أقوال إيزابيل بيرناس ودون مراعاة لمختلف النقاط التي كانت في صالحه. ويدعي أن عبء إثبات عدم وجوده في لانثاروتِه في ذلك اليوم لا يقع عليه، وأن على الادعاء أن يثبت أنه كان موجوداً فيها. ويؤكد أنه لم يثبت أنه استخدم اسم ريمي روجر ولا أنه صاحب الحقيبة المهجورة في المطار. ويؤكد من جديد أن مجرد وجود اتهام لا يمكن ا عتباره دليلاً مقنعاً على أن فرداً قد ارتكب جريمة.

(ب) الفقرة 2 من المادة 14

3-4 يذكر صاحب البلاغ أن السيدة إيزابيل بيرناس قد احتُجزت في جزر الكناري وبناء على أقوالها، تم احتجازه في مدريد. وقبل ترحيله إلى جزر الكناري للمثول أمام السلطات القضائية التي كانت قد أمرت باحتجازه، صدر أمر بحبسه بجريمة الإضرار بالصحة العامة. ويذكر صاحب البلاغ أن أمر الحبس الذي بني على مجرد اتهام شفوي كان ينبغي أن يحدده كمشتبه فيه وليس كمرتكب لجريمة. فأقوال السيدة بيرناس لا يمكن أن تجب قرينة البراءة. ويذكر صاحب البلاغ أن من حق كل شخ ص أن تستمع السلطة القضائية المختصة إلى أقواله قبل إصدار حكم بسجنه على أساس التهم الموجهة إليه. والسبيل الوحيد لتحديد ما إذا كان شخص ما مذنباً هو إجراء محاكمة، ولا يجوز إعلان الإدانة إلا في حكم نهائي، وليس في أمر بالحبس.

(ج) الفقرة 3(د) من المادة 14

3-5 يذ كر صاحب البلاغ أن قاضي التحقيق (محكمة الرصيف رقم 2) قد أرغمه على الإدلاء بأقواله الأولية بدون حضور محام. ويذكر أن السيدة كارمن دولوريس فاخاردو كانت المحامية المنتدبة من المحكمة، لكنها تغيبت فأرغمه القاضي على الإدلاء بأقواله في حضور محامية المدعي، السيدة أف ريكيا ثيالا فرنانديث وحدها. ويؤكد أن المحكمة قد أخطأت عندما ذكرت أنه وكلّ السيدة أفريكا ثبالا وهي نفس المحامية التي وكلها الخصم، للدفاع عنه: ويذكر أن هذا غير صحيح على الإطلاق. ويؤكد صاحب البلاغ أنه ليس هناك ما يدل على أنه وكلَّ السيدة ثبالا للدفاع عنه.

(د ) الفقرة 3(ه‍) من المادة 14

3-6 يذكر صاحب البلاغ أن محاميه قد طلب إجراء مواجهة بينه وبين السيد إيزابيل بيرناس في عدد من المناسبات (28 أيلول/سبتمبر و22 تشرين الأول/أكتوبر و6 تشرين الثاني/نوفمبر 1992) لكن قاضي التحقيق رفض هذا الطلب. وبالإضافة إلى ذلك، تمت مح اكمة السيدة بيرناس قبل صاحب البلاغ ولم يتسن للمحكمة أو لمحامي صاحب البلاغ استجوابها. ويذكر صاحب البلاغ أن محامية السيدة بيرناس ووكيل النيابة قد توصلا إلى اتفاق تم بموجبه محاكمتها والحكم عليها بالسجن لمدة 3 أعوام.

(ه‍) الفقرة 5 من المادة 14

3-7 يدعي صاحب ا لبلاغ أن المحكمة العليا لم تقم بإعادة النظر في الظروف التي دفعت المحكمة المحلية إلى الحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً دون التحقق من صحة الاتهام الشفوي في محاكمته. ويضيف قائلاً إن الحق في اللجوء إلى وسيلة انتصاف فعالة أمام المحكمة العليا يُنتهك بصفة دائمة في جميع دعاوى المراجعة القضائية (النقض)، على نحو ما أقرت به اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

(و) الفقرة 1 من المادة 9

3-8 وفي بلاغ ثان، يؤكد صاحب البلاغ أن مطالبته بقضاء مدة العقوبة البالغة 12 عاماً بالكامل يُشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد، لأن الما دة 98 من قانون العقوبات الإسباني تنص على الإفراج المشروط بعد انقضاء ثلاثة أرباع مدة العقوبة. ويذكر أن من حقه الحصول على الإفراج المشروط لكن الشكاوى التي قدمها ضد القضاء الإسباني تسببت في فرض مدة العقوبة كاملة عليه.

3-9 ودون تحديد مادة العهد التي يفترض انته اكها يمضي صاحب البلاغ قائلاً، إن هناك مخالفة للضمانات الإجرائية نظراً لأنه جرت المحاكمة على نفس الجريمة مرتين. ففي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، حاكمت الدائرة الأولى لمحكمة غران كناريا المحلية في لاس بالماس إيزابيل بيرناس وحكمت عليها بالسجن لمدة 3 أعوام. وب عد مرور عامين، أجرت الدائرة الخامسة للمحكمة نفسها محاكمة ثانية ضد جوزيف سيمي لم تحضرها إيزابيل بيرناس. ويشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة أكدت في حكمها أنه يمكن أخذ أقوال إيزابيل بيرناس بعين الاعتبار رغم عدم حضورها لمحاكمته؛ وهذا مخالف لقانون الإجراءات الجنا ئية الذي ينص على أن التحقيق لا يعدو أن يكون مجرد إعداد للمحاكمة وأنه لا يجوز أن تكون المحاكمة مجرد تصديق على التحقيق السابق لها. ويذكر أن ضباط الشرطة الذين أجروا التحقيق ضده لم يحضروا المحاكمة.

المعلومات والملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ

4-1 في ملاحظات مؤرخة 17 أيلول/سبتمبر 2001، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تُعلن عدم قبول البلاغ. وتوضح أن المادة 2 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد تقضي بأن يستنفد الفرد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة؛ ويعني ذلك أن تكون وسائل الانتصاف المحلية قد استخدمت بشكل سليم وأن يكون اللجوء إليها قد تم بالتالي في حدود المهلة الزمنية التي يقررها القانون. فإذا ما حاول فرد من الأفراد استخدام وسيلة من وسائل الانتصاف المحلية المتاحة بعد المهلة الزمنية المقررة، يجب أن ترفض الهيئة المحلية طلبه لتجاوزه هذه المهلة. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية المتاحة، بما أن كلمة استنفاد تعني "الاستنفاد بشكل سليم".

4-2 وفي هذه القضية المحددة، أصدرت المحكمة العليا حكماً في 16 أيار/مايو 1996 أُبلغ إلى ممثل السيد سيمي في 13 حزيران/يونيه 1 996. ويجب أن يقدم طلب الحماية القضائية (أمبارو) من المحكمة الدستورية خلال فترة "أقصاها 20 يوماً من إعلان حكم المحكمة"، وفقاً للفقرة 3 من المادة 42 من قانون تنظيم المحاكم الدستورية (رقم 2/1979) المؤرخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 1979). وقدم السيد جوزيف سيمي طلبه ا لخاص بالحماية القضائية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أي بعد مرور عامين على إخطاره بالحكم. ولهذا أعلنت المحكمة الدستورية عدم قبول طلب الحماية القضائية بموجب القانون نظراً لتقديمه بعد الموعد النهائي. وكان عدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية، بسبب تقديم طلب الحماية القضائية بعد الموعد النهائي، هو ما دعا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى رفض طلب السيد سيمي.

تعليقات صاحب البلاغ بشأن جواز النظر في البلاغ

5-1 في رسالة مؤرخة 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، يوضح صاحب البلاغ أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد رفضت ف ي عدة مناسبات سابقة الإدعاء بعدم استنفاد وسيلة الاستئناف أمام المحكمة الدستورية طلباً للحماية القضائية (أمبارو)، وهو الادعاء الذي تلجأ إليه الدولة الطرف لتبرير طلبها عدم قبول البلاغ - وتحديداً في قضية ثيساريو غوميث فاثكيث الذي لجأ محاميه إلى اللجنة فور صدو ر حكم المحكمة العليا، ودون أن يستنفد وسيلة الاستئناف أمام المحكمة الدستورية. وعلى غرار قضية ثيساريو غوميث فاثكيث ضد إسبانيا، ينبغي رفض الأسباب التي تبديها إسبانيا في هذه الحالة.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه تقدم بطلب الحماية القضائية قبل الموعد النهائي المقرر لكن طلبه قد رفض. وقد رفضت المحكمة الدستورية في مختلف المناسبات دعاوى استئناف أساسية، في انتهاك واضح لقرينة البراءة. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن المحكمة ذكرت أنها لا تستطيع تعديل وقائع تقررت فعلاً، لأنه لا يجوز لمحكمة أعلى في إسبانيا أن تعيد تقييم الأدلة ال تي استند إليها الحكم في قضية.

5-3 وفيما يتعلق بالنص الوارد في المادة 2 من البروتوكول الاختياري، يؤكد صاحب البلاغ أنه ليس المطلوب، وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول، أن تستنفذ جميع وسائل الانتصاف المحلية إن كانت إجراءاتها تستغرق مدداً تتجاوز الحدو د المعقولة: ومن ثم فإن من حقه تماماً التقدم ببلاغ إلى اللجنة دون أن يكون قد استنفد وسيلة طلب الحماية القضائية وفقاً للدستور. وأخيراً، أكد أن حقوق الأفراد ليست مجرد مسائل بيروقراطية، وأن عدم استنفاده لوسيلة اللجوء إلى المحكمة الدستورية لا يمنع المعاقبة على انتهاكات حقوقه.

5-4 ويؤكد صاحب البلاغ أن طلب الحماية القضائية من المحكمة الدستورية لم يقدم بعد الموعد النهائي. فوفقاً لقوانين إسبانيا، يحسب الموعد النهائي لرفع أي استئناف قضائي اعتباراً من اليوم التالي للإخطار القانوني النهائي بالحكم أو الأمر المستأنف ضده، وفي هذه القضية كان الإخطار القانوني النهائي هو المستخرج الرسمي للحكم النهائي الصادر من المحكمة التي أجرت المحاكمة. ويشير صاحب البلاغ إلى أن هذا المستخرج الرسمي للحكم النهائي، الموقع والموثق بختم كاتب المحكمة، مؤرخ 25 أيلول/سبتمبر 1998، وأنه قدم طلب الحماي ة القضائية من المحكمة الدستورية في حدود المهلة القانونية البالغة 20 يوماً. ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة الدستورية أقرت في حكمها رقم 29/1981 المؤرخ 24 تموز/يوليه 1981، بأن من حق المستأنف أن يرفع استئنافاً بمجرد حصوله على المستخرج الرسمي للحكم.

5-5 ويوضح صاح ب البلاغ أن المحكمة الدستورية أعلنت عدم قبول طلبه للحماية القضائية، نظراً لتقديمه بعد الموعد النهائي، فقد رأت المحكمة أنه كان عليه أن يستأنف في عام 1996، وفي حدود 20 يوماً من إخطاره بحكم المحكمة العليا. ويشير إلى أنه لم يبلغ بهذا الحكم. ويرى أنه كان ينبغي أن يبلغ شخصياً بهذا الحكم بوصفه طرفاً معنياً وبوصفه الطرف الذي صدر ضده حكم إدانة.

5-6 ويوضح الملف أن المحكمة العليا قد أخطرت السيد فاثكيث غيين، المحامي الذي تقدم بطلب المراجعة القضائية (النقض) أمام المحكمة. ويحتج صاحب البلاغ بأن إخطار المحامي بالنيابة عنه مخالف للأصول القانونية لأنه لم يعط المحامي أي نوع من أنواع التفويض في قبول أي إخطار باسمه. فتمثيله تمثيلاً قانونياً يتطلب توكيلاً موقعاً منه أمام موثق، وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية في إسبانيا. ويذكر صاحب البلاغ أنه في تاريخ تقديم طلب المراجعة القضائية إ لى المحكمة العليا، كان يجهل، باعتباره أجنبياً، مهمة المحامي. ويذكر أن السيد غيين لم يتحدث معه قط وأنه لا توجد معرفة شخصية بينهما. ويذكر صاحب البلاغ أنه وكّل السيد كاباييرو محامياً لـه في الاستئناف.

الملاحظات الإضافية التي أدلت بها الدولة الطرف بشأن جواز ال نظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 في ملاحظات مؤرخة 16 كانون الثاني/يناير 2002، تثير الدولة الطرف من جديد مسألة المقبولية. وتذكر أن صاحب البلاغ يعترف صراحة بأن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد، بما أن طلب الحماية القضائية قدم بعد الموعد النهائي، وأنه يحاول تبرير سلوكه بثلاثة حج هي:

(أ) اليوم الأول لحساب مهلة العشرين يوماً لاستئناف حكم المحكمة العليا أمام المحكمة الدستورية. يذكر صاحب البلاغ أن المهلة لا تبدأ بالإخطار بالحكم، بل تبدأ بالإعلان النهائي لهذا الحكم. وتذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد أخطأ وأن م حاولة الخلط بين الإخطار بحكم لأغراض الطعن وتلقي مستخرج رسمي للحكم النهائي للمحكمة لأغراض تنفيذ العقوبة تتنافى مع جميع المعايير الإجرائية. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه تلقى إعلان المستخرج الرسمي في 25 أيلول/سبتمبر 1998 وقدم طلب الحماية القضائية في حدود مهلة ال‍ 20 يوماً، لكن التقديم تم في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 أي بعد مرور 47 يوماً؛

(ب) يذكر صاحب البلاغ أنه لم يوكِّل السيد فاثكيث غيين للدفاع عنه أمام المحكمة العليا. تقدم الدولة الطرف نسخة من طلب المراجعة القضائية المقدم إلى المحكمة العليا، وقد جاء فيه " لأغراض التمثيل أمام هذه المحكمة، يوكِّل المحامي أرخيميرو فاثكيث غيين، ويستمر محامي لانثاروتِه، السيد فيليب كاييرو غونثالث، في دفاعه"؛

(ج) يعتبر صاحب البلاغ أن قرار اللجنة في قضية ثيساريو غوميث فاثكيث ينطبق عليه. وترى الـدولة الطـرف أنه لا يوجد تشابـه بين قضية جوزيف سيمي وموضوع المقرر المتعلق بالمقبولية في البلاغ رقم 701/96. ففي قضية جوزيف سيمي، كان هناك طلب للحماية القضائية (أمبارو) - قدم بعد الموعد النهائي، لكنه قدم. أما في حالة البلاغ 701/96، فلم يقدم طلب للحماية القضائية. وفي قضية جوزيف سيمي ناقش طلب ال حماية القضائية مسألة قرينة البراءة. وأدعى البلاغ 701/96 عدم وجود حاجة إلى الحماية القضائية، نظراً لأن المحكمة الدستورية رأت أكثر من مرة أنه يمكن اعتبار طلب المراجعة القضائية (النقض) امتثالاً لأحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

6-2 وبناءً على ذلك، فإن وس ائل الانتصاف المحلية، كما يعترف صاحب البلاغ، لم تستنفد بشكل سليم في الواقع، ولهذا فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري

6-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ يعرب عن عدم اقتناعه بالأسلوب الذي اتبعته ال محاكم المحلية في تقييم الأدلة. واللجنة، بوصفها هيئة دولية، لا تجري تقييماً للأدلة لأن ذلك يدخل في اختصاص المحاكم المحلية. وتتمثل مهمة اللجنة في تحديد ما إذا كان تقييم الأدلة في قضية جنائية تقييماً معقولاً أو تعسفياً في مجمله، وتضيف الدولة الطرف أن صاحب الب لاغ قد أُدين في دعوى جنائية قدمت فيها المحكمة أسباباً وجيهة لحكمها وأن المحكمة العليا قد أيدت الحكم بعد ذلك بناء على مراجعتها لتقييم الأدلة.

6-4 وتذكر الدولة الطرف أن استراتيجية الدفاع عن السيد سيمي كانت تقوم على إنكار أن السيد سيمي هو الشخص الذي أعطى السي دة المخدرات وقام بشراء ملابس لها وتذكرة طائرة ورافقها في رحلتها، وترك حقيبة كبيرة على السير الناقل للأمتعة. وتشير إلى حكم المحكمة المحلية، الذي جاء فيه ما يلي بشأن هذا الادعاء:

"ينكر المتهم أي صلة له بالسلوك الإجرامي لإيزابيل بيرناس سان رومان، ويعزو اتهامه ا لـه مباشرة بإعطائها المخدرات... إلى أنها صديقة ديمتريو الذي كان المتهم قد قام بقتل إبن عمه. وأبدى الدفاع أيضاً أسفه لعدم استدعاء إيزابيل لحضور المحاكمة بكاملها لمناقشتها واستجواب الخصوم لها، بما أن ذلك لم يتحقق في المحاكمة السابقة في القضية نفسها.

"ونعت قد ... أنه يجوز تماماً أخذ أقوال إيزابيل بعين الاعتبار رغم عدم حضورها لهذه المحاكمة، أولاً لأن أقوالها أثناء التحقيقات، التي كانت تدلي بها دائماً بحضور محامٍ، قد توافرت للمحكمة في وثائق ثبت أنها مستنسخة بموافقة الأطراف، مما أتاح لها الاطلاع على أقوال إيزاب يل في المحاكمة السابقة التي أعلن فيها ممثلو الشخص الذي تجري محاكمته اليوم، وفريقهم الفني بالتالي، بإقامتها وبضرورة الحضور، ولكنهم اكتفوا بالحضور أثناء التحقيق، وبخاصة أثناء الاستجواب الذي تم بحضور ومشاركة محامي المتهم جوزيف سيمي في ذلك الوقت والآن، والذي ذ كرت فيه أنها لم تكن تعلم أن جوزيف سيمي قد أدين لقتله إبن عم ديمتريو؛ وثانياً، لأن شهادة فرانسيكسو فاليرو غيرا الحارس المدني تؤيد رواية إيزابيل بقوة ...".

6-5 وثانياً، يدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن في لانثاروتِه في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1991 لأنه كان يزور صدي قاً له في سجن إيريرا في ذلك اليوم ثم سافر مع زوجين إنكليزيين إلى إستيبونا على ساحل كوستا ديلسول. غير أنه ليس من الثابت على الإطلاق أنه قام بزيارة السجن، وينكر مسؤولو السجن أن الزيارة وقعت لأن 29 تشرين الأول/أكتوبر ليس من أيام الزيارة. أما فيما يتعلق بالرحل ة من إيريرا إلى مدريد ومن مدريد إلى إستيبونا مع الزوجين الإنكليزيين، فتذكر المحكمة أن هذا الدفع بالغيب أيضاً "مختلق تماماً ولا يمكن تصديقه لأن المتهم لم يتحدث في شهادته الأولى أمام قاضي التحقيق (بحضور محاميين) إلا عن زيارته لإيريرا وأغفل بلا عذر أي إشارة إ لى رحلته لإستيبونا، من ناحية ... ومن ناحية أخرى، لأن بيل لم يدل بأقواله أمام الموثق إلا قبل 8 أيام من إدلاء سيمي بأقواله، بناء على مكالمة هاتفية مع محامي الدفاع، وهذا يجرد في الواقع أقوال الزوجين الإنكليزيين من أي عفوية أو تلقائية".

6-6 وتذكر الدولة الطرف أن للمرء أن يوافق أو يعارض القيمة التي أعطتها المحكمة لهذا الدفع بالغيب، ولكن لا يجوز انتقاد حكمها اعتباره تعسفياً.

6-7 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى حكم المحكمة العليا:

"في ضوء ما تقدم، يجب التسليم بأن المحكمة الأدنى درجة قد استمعت أثناء المحاكمة إلى الشه ادات الشفوية عن الوقائع، وتوافرت لديها عناصر كافية في الدعوى للحكم على صدق تلك الشهادات، مما ينفي وقوع انتهاك للحق في قرينة البراءة.

"وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي التسليم بأن المحكمة التي أجرت المحاكمة قدمت أسباباً وجيهة لحكمها وأن المتهم قد حصل على دفاع ملائ م من محامٍ من اختياره، وأن استجابة المحكمة كانت منطقية".

6-8 ويعرب صاحب البلاغ عن أسفه لعدم إجراء مواجهة بينه وبين إيزابيل بيرناس. وقد وجه إليها محامي سيمي جميع الأسئلة التي رآها مناسبة أثناء استجوابها، مع المراعاة الواجبة لمبدأ الإجراءات المتنازعة. وتشير الدولة الطرف إلى أن السيد سيمي لم يقترح، في رده على التهم الموجهة إليه وفي بداية محاكمته، إجراء مواجهة بينه وبين السيدة. ومرفق نسخة من سجل المحكمة توضح التقيد بمبدأ الإجراءات المتنازعة كما توضح أن صاحب البلاغ ومحاميه لم يقدما أي شكوى بشأن انتهاك حقوقه. وكا ن على محامي دفاع السيد سيمي، إن أراد استجواب السيدة وإجراء مواجهة بينها وبين موكله أثناء المحاكمة، أن يقترح هذا الأمر في رده على التهم الموجهة. وفي رسالة مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 2002، تؤكد الدولة الطرف أن السيد سيمي لم يطلب قط في رده على التهم الموجهة إليه حضور السيدة بيرناس المحاكمة.

6-9 أما فيما يتعلق باختلاف الحكم الصادر ضده عن الحكم الصادر ضد السيدة بيرناس، فإن السبب واضح. فقد جرت محاكمة السيدة بيرناس بتهمة الإضرار بالصحة العامة (باعتبارها مجرد شريكة) ومنحت ظروفاً مخففة لندمها العفوي وحكم عليها بالس جن لمدة 3 أعوام، أما جوزيف سيمي فقد جرت محاكمته بوصفه تاجر مخدرات وطبقت عليه الظروف المشددة لارتكابه جريمة سابقة (أدين في 13 تموز/يوليه 1987 بجريمة القتل الجنائي) وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً.

6-10 وتذكر الدولة الطرف أنه لم يسبق قط أثناء المحاكمة أو في ط لب المراجعة القضائية الادعاء بأن محامي صاحب البلاغ لم يكن موجوداً عندما أدلى بأقواله للمرة الأولى أمام القاضي. وفي رسالة مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 2002، تذكر الدولة الطرف أن جوزيف سيمي قال بعد احتجازه في مدريد في 7 شباط/فبراير 1992، إنه يوكل "المحامي الم نتدب من المحكمة" للدفاع عنه. وفي اليوم نفسه أدلى بأقوال أمام القاضي في مدريد، فأكد أن اسمه الحقيقي هو جوزيف سيمي وليس سبينسر، بحضور السيدة كارمن مارتينث غونثالث المحامية. وفي لانثاروتِه، أدلى بأقواله أمام القاضي، في 14 أيار/مايو 1992، بحضور المحامية المنتد بة من المحكمة، السيدة كارمن دولورس فاخاردو.

6-11 وفيما يتعلق بعدم تطبيق مبدأ الشك يفسر لمصلحة المتهم ، تذكر الدولة الطرف أن المحكمة التي تصدر الحكم تتبع هذا المبدأ في حالة عدم تيقنها من أن المتهم مذنب، وعندئذ يجب أن يفسر الشك لمصلحة المتهم. أما في هذه القض ية، فإن المحكمة الناطقة بالحكم "قررت أن المستأنف مذنب بلا أدنى شك"، وفقاً لما ذكرته المحكمة العليا.

6-12 وتختتم الدولة الطرف قائلة إنها لا ترى انتهاكاً للضمانات المقررة بموجب المادة 14 من العهد، وتؤكد أنه ينبغي عدم قبول البلاغ أو عدم النظر فيه، بحسب الاقتض اء.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

7-1 في رسالة مؤرخة 11 شباط/فبراير 2002، يشير صاحب البلاغ إلى أن الوثيقة التي قدمتها الدولة الطرف كدليل يثبت أنه وكل فاثكيث غيين للدفاع عنه ليست صحيحة من الناحية القانونية. فالمادة 874 من قانون الإجراءات الج نائية، تقضي بأن يكون المحامي الذي يتقدم بطلب المراجعة القضائية (النقض) إلى المحكمة العليا في إسبانيا موكلاً من المستأنف كتابة أمام موثق ولكي يكون التمثيل معترفاً به من الناحية القانونية، يجب أن يوقع المحامي الموكل بنفسه أيضاً إلى جانب المستأنف والموثق. ويش ير صاحب البلاغ إلى أنه لا يوجد سوى توقيع واحد على الوثيقة التي قدمتها الدولة الطرف وهو توقيعه هو شخصياً. ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أنه لم يجر أي اتصال بالمحامي المذكور وأن المحكمة العليا لم ترسل إلى السيد فاثكيث أي إخطار باسمه مستوفٍ للشروط القانونية.

7-2 و فيما يتعلق بعدم استنفاد وسيلة طلب الحماية القضائية من المحكمة الدستورية، يشير صاحب البلاغ من جديد إلى البلاغ 701/96 ويكرر أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تقضي باستنفاد جميع وسائل الانتصاف المحلية إذا كان تطبيقها يستغرق مدداً تتجاوز ال حدود المعقولة. وإذا كانت الدولة الطرف لا ترى أي وجه شبه بين القضيتين، فإن صاحب البلاغ يرى العكس، أي أن عدم رفع استئناف والقيام بذلك بعد الموعد النهائي المقرر أمران متساويان. ففي كل من الحالتين، تعتبر وسيلة الانتصاف غير مستنفدة. ولذا فإن قرار اللجنة بشأن ال بلاغ 701/96 ينبغي أن يطبق عليه.

7-3 وفيما يتعلق بإدعاء الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت عدم قبول القضية لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية، يذكر صاحب البلاغ أن اللجنة لا تطبق بالضرورة نفس مبدأ المحكمة الأوروبية، وبخاصة لأن الفقرة 2(ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تقضي باستنفاد جميع وسائل الانتصاف المحلية إن كان تطبيقها يستغرق مدداً تتجاوز الحدود المعقولة.

7-4 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يكرر صاحب البلاغ ما ذكره في بلاغات سابقة من أنه لا يمكن اعتبار الاتهام الشفوي بمثابة إ ثبات كاف، ويكرر تعليقاته بشأن أقوال الحارس المدني فرانسيسكو فاليرو.

7-5 ويكرر صاحب البلاغ أنه لم يقم فعلاً بزيارة سجن إيريرا دي لا مانشا. فقد حصل على إذن بزيارة صديقه، نونغ سيمون، السجين في القسم المغلق (الوحدة 2). وسمح له بالزيارة قبل أربعة أيام من الحاد ثة التي تدور حولها القضية. ويشرح صاحب البلاغ أن أيام الزيارة بالوحدة 2 هي الاثنين والخميس، وأنه توجه إلى الوحدة في يوم الاثنين 29 تشرين الأول/أكتوبر 1991، لكنه أُبلغ بأن سيمون قد نقل إلى وحدة أخرى قبل ثلاثة أيام ولا يمكن زيارته، لأن أيام الزيارة في الوحدة الجديدة هي الأربعاء والجمعة. ويشرح صاحب البلاغ أنه نظراً لعدم تمكنه من زيارة سيمون، فإن الزيارة لم تتم رسمياً. وأثناء وجوده هناك قابل المدرب د. جوانجو، الذي قال إنه يتذكر حديثه معه في أواخر تشرين الأول/أكتوبر لكنه لم يتذكر التاريخ على وجه الدقة.

7-6 أما ف يما يتعلق بمسألة السفر إلى إستيبونا، فإن عدم الإشارة إليها في أقواله الأولى أمام قاضي التحقيق لا يعني أنها غير صحيحة. فقد امتنع عن ذكرها لأنه كان يخشى الإساءة إلى صديقيه بالاستعانة بهما كشاهدين في قضية تنطوي على اتجار بالمخدرات. وعندما ذكر ذلك لمحاميه، أخب ره المحامي أن شهادتهما بالغة الأهمية وقرر الاتصال بهما.

7-7 وينص القانون على أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته؛ ولا ينص القانون بأي مكان على أن الشخص مذنب إلى أن تثبت براءته. ويكرر صاحب البلاغ أنه لا يوجد دليل مادي على تورطه في الحادثة، لأنه ألقي القبض عليه وتمت محاكمته وإدانته استناداً إلى رواية إيزابيل بيرناس فقط.

7-8 أما بالنسبة للحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً وتطبيق ظروف مشددة عليه لارتكابه جريمة سابقة، فيذكر صاحب البلاغ أنه وفقاً للفقرة 8 من المادة 22 من قانون العقوبات الإسباني يعتبر المتهم معاوداً للجر يمة إذا كان وقت ارتكابه للجريمة قد سبق أن صدر ضده حكم واجب النفاذ لجريمة مماثلة. وفي حالته، كانت تلك هي المرة الأولى التي يلقى فيها القبض عليه ويصدر حكم بإدانته على جريمة متصلة بالاتجار بالمخدرات.

7-9 وفيما يتعلق بالأقوال التي أدلى بها بدون وجود محامٍ، يق ر صاحب البلاغ بأنه عندما نقل إلى الجزيرة لإخضاعه لاستجواب قاضي التحقيق، كانت السيدة كارمن دولورس فاخاردو هي المحامية المنتدبة من المحكمة. وعندما اصطحب للإدلاء بأقواله للمرة الأولى أمام القاضي في أواخر نيسان/أبريل 1992، لم تحضر المحامية بسبب مرضها، ولم يحضر من المحامين سوى محامية إيزابيل بيرناس، أي محامية الادعاء السيدة أفريكا ثبالا فرنانديث. ويذكر صاحب البلاغ أنه اعتقد أن المحامية الموجودة هي محاميته لأنه لم يكن يعرفها. ولم يدرك أنه قد أدلى بأقواله السابقة بدون وجود محامٍ إلا عندما أدلى بأقواله للمرة الثاني ة، في 14 أيار/مايو 1992، بحضور السيدة كارمن دولورس. وأضاف أن محاميته الخاصة قدمت احتجاجاً قانونياً بشأن ذلك في التماس التصحيح المقدم ضد أمر المحاكمة، وفعلت ذلك أيضاً في طلب المراجعة القضائية (النقض).

7-10 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الأقوال التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق رقم 6 في مدريد بحضور السيدة كارمن مارتينث ليست لها أي صلة بقضية لانثاروتِه التي دفعته إلى تقديم بلاغه إلى اللجنة. فتلك الأقوال (التي تشير إليها الدولة الطرف) متعلقة بجواز السفر البريطاني المزيف الذي كان في حيازته عند إلقاء القبض عليه؛ ولم تتم كن محكمة مدريد من أخذ أقواله بشأن قضية لانثاروتِه لأن قاضي الرصيف لم يطلب من نظيره في مدريد أخذ أقواله بشأن قضية الاتجار بالمخدرات.

7-11 ويكرر صاحب البلاغ من جديد أن حقوقه في أن يحاكم حضورياً وفي أن تكون قضيته محل نظر منصف وفي الحماية القانونية الفعالة قد انتهكت. ويشير مرة أخرى إلى كذب أقوال إيزابيل بيرناس وإلى مخالفة الأصول القانونية في شهادة الحرس المدني وفي تعرفه إليه.

المسائل والإجراءات التي عُرضت على اللجنة

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، يجب أن تبت اللجنة، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تطعن في البلاغ على أساس عدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. غير أن اللجنة ما برحت تعتقد أنه ليس من الضروري استنفاد وسيلة من وسائل الانتصاف م تى كانت فرص نجاحها معدومة. وترى اللجنة، على غرار ما حدث في قضية ثيساريو غوميث فاثكث ضد إسبانيا (البلاغ رقم 701/1996)، أن السوابق القضائية للمحكمة الدستورية الإسبانية توضح رفضها المتكرر لطلبات الحماية القضائية من الإدانة والعقوبة. ولذا ترى اللجنة أنه ليس هن اك ما يمنع قبول البلاغ.

8-3 وتنص الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يتعين على اللجنة، قبل النظر في أي بلاغ، أن تتأكد من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بالفعل من قِبَل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية . وتدرك اللجنة أن هنا ك اختلافاً بين النص الإسباني للفقرة 2(أ) من المادة 5 والنصين الإنكليزي والفرنسي (4) وأن هذا الاختلاف ليس مجرد خطأ ترجمة بل إنه يكشف اختلافات جوهرية في المضمون. وقد ناقش أعضاء اللجنة هذا الاختلاف في الدورة الرابعة للجنة المعقودة في نيويورك في 19 تموز/يوليه 1 978 (CCPR/C/SR.88)(5) . ولذا فإن اللجنة، إذ تضع في اعتبارها القرار المتخذ بشأن المسألة في عام 1978، تكرر أن مصطلح "sometido" الوارد في النص الإسباني ينبغي أن يفسر في ضوء النصوص الأخرى، أي ينبغي تفسيره على أنه يعني "محل دراسة" وفقاً لإجراء آخر من إجراءات الت حقيق الدولي أو التسوية الدولية. واستناداً إلى هذا التفسير، تعتبر اللجنة أن قضية جوزيف سيمي ليست محل دراسة من المحكمة الأوروبية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن لدولة الطرف لم تتمسك بتحفظها على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وبناء على ذلك، لا يوجد ما يمنع قبول البلاغ في هذا الشأن.

8-4 أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للمادة 26 من العهد، لأنه أدين بسبب لونه الأسود، تعتقد اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات تؤيد شكواه لأغراض قبول الادعاء وفقاً لمضمون المادة 2 من البروتوكول الاختياري. كما ترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 من العهد ، نظراً لإرغامه على قضاء مدة العقوبة بكاملها، لا تؤيده أدلة كافية لأغراض القبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-5 وبالنسبة للادعاء بأن محاكمة إيزابيل بيرناس ومحاكمة صا حب البلاغ قد أجريتا في زمنين مختلفين، تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يحدد صلة ذلك بالحقوق التي انتهكت وفقاً للعهد، ومن ثم فإن هذا الادعاء غير مقبول أيضاً وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

8-6 وتلاحظ اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للفقرتين 1 و2 من المادة 14 ، يشير تحديداً إلى تقييم الوقائع والأدلة. وكما ذكرت اللجنة في مناسبات أخرى (934/2000 ج. ضد كندا)، فإن تقييم الوقائع في قضية معينة هو من اختصاص محاكم الدول الأطراف وليس اللجنة، فاللجنة غير مختصة بمراجعة الوقائع أو الشهادات التي قامت المحاكم المحلي ة بتقييمها ما لم يكن هذا التقييم تعسفياً بشكل واضح أو ما لم تكن هناك إساءة في تطبيق أحكام العدالة. ولا تظهر المعلومات المقدمة إلى اللجنة أن تقييم المحاكم الإسبانية كان تعسفياً بشكل واضح أو يمكن أن يشكل إساءة في تطبيق أحكام العدالة. وبناء على ذلك، فإن هذا ا لادعاء أيضاً غير مؤيد بأدلة لأغراض القبول وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-7 وفيما يتعلق بادعاء وقوع انتهاك للفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد، لرفض ترتيب مواجهة، توضح المستندات المعروضة على اللجنة أن الأطراف قد شاركوا في إجراء متنازع وأن محامي صا حب البلاغ كانت لديه فرصة لاستجواب السيدة إيزابيل بيرناس. كما أن المعلومات المعروضة على اللجنة لا تظهر أن صاحب البلاغ أثار هذه المسألة أمام المحاكم الوطنية قبل عرضها على اللجنة. وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول ا لاختياري.

8-8 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 3(د) من المادة 14 ، نظراً لعدم حضور المحامي المنتدب من المحكمة عند إدلاء صاحب البلاغ بأقواله أمام قاضي التحقيق في الرصيف، تلاحظ اللجنة ما أشارت إليه الدولة الطرف من أن هذا الادعاء لم يرد في أثناء المحاكمة ولا في طلب المراجعة القضائية. كما تلاحظ ما أشار إليه صاحب البلاغ من أن هذا الادعاء قد ورد في التماس التصحيح المقدم ضد أمر المحاكمة وفي طلب المراجعة القضائية. وبحثت اللجنة بدقة التماس التصحيح وخلصت إلى عدم ورود إشارة إلى هذه النقطة فيه. وفيما يتعلق بطلب المراجع ة القضائية أيضاً، وجدت اللجنة ملاحظة في الأوراق التي قدمها صاحب البلاغ، جاء فيها "لم يُعثر على طلب المراجعة القضائية". وبناء على ذلك، تخلص اللجنة، في ضوء المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول ال اختياري.

8-9 وترى اللجنة أن ادعاء انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 ، مدعم بالأدلة فيما يتعلق بالمقبولية ولذا فستتابع النظر فيه من حيث الموضوع.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 تحيط اللجنة علماً بحجج صاحب البلاغ فيما يتعلق باحتمال وقوع انتهاك للفقرة 5 من الما دة 14 من العهد ، نظراً لأن المحكمة العليا لم تقم بإعادة تقييم الظروف التي دفعت المحكمة المحلية إلى إدانته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه وفقاً لما أشارت إليه الدولة الطرف، قامت المحكمة العليا فعلاً بمراجعة تقييم الأدلة الذي أجرته المحكمة التي أصدرت الحكم. وبالرغم من موقف الدولة الطرف فيما يتعلق بإعادة تقييم الأدلة في سياق المراجعة القضائية، واستناداً إلى المعلومات والأوراق التي تلقتها اللجنة، تكرر اللجنة آراءها التي كانت قد أعربت عنها في قضية ثيساريو غوميث فاثكيث وتعتبر المراجعة غير كاملة لأغراض الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وعملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة أن الوقائع، كما تتجلى أمامها، تكشف انتهاكاً للفقرة 5 من المادة 14 من العهد فيما يتعلق بجوزيف سيمي.

9-2 ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يحق لصاحب البلاغ الاستفادة من وسيلة تظلم فعالة. وينبغي أن يُكفل لصاحب البلاغ الحق في إعادة النظر في إدانته وفقاً لأحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. والدولة الطرف ملزمة بتجنب وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9-3 ونظراً لأن الدولة ال طرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا ولأنه وفقاً للمادة 2 من العهد، تتعهد الدولة الطرف بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها وبتوفير سبيل تظلم فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك ما، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر آرائها هذه.

[اعتُمدت بالإسبانية والإن كليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يُعرف أيضاً باسم جونسون أو سبنسر ماس فيكي.

(2) بدأ نفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالنسبة للدولة ال طرف في 27 تموز/يوليه 1977 وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد بالنسبة لها في 25 نيسان/أبريل 1985.

(3) عرض صاحب البلاغ هذه الوقائع في ثلاثة بلاغات مؤرخة 18 كانون الأول/ديسمبر 2000، و22 آذار/مارس 2001، و14 تشرين الثاني/نوفمبر 2001.

(4) تنص الفقرة 2 من المادة 5 على ما يلي: (أ)"El Comité no examinará ninguna comunicación de un individuo a menos que se haya cerciorado de que: El mismo asunto no ha sido sometido ya a otro procedimiento de examen o arreglo internacionales” / “Le Comité n’examinera aucune communication d’un particulier sans s’être assuré que: La même question n’est pas déjà en cours d’examen devant une autre instance internationale d’enquête ou de règlement.” “The Committee shall not consider any communication from an individual unless it has ascertained that: The same matter is not being examined under another procedure of international investigation or settlement”.

(5) في أثناء المناقشة، اختلف أعضاء اللجنة في الرأي بشأن الموضوع:

فقال السيد مورا روخاس إن النص الإسباني يمنع اللجنة من النظر في مسائل سبق عرضها فعلاً على إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ومن ثم يختلف في مضمونه عن النصوص باللغات الأ خرى. (...) وأبدى تشككه فيما إذا كان من اختصاص اللجنة الشروع في إجراء تصحيحي من تلقاء نفسها أو تجاهل التناقضات أو الأخطاء التي وردت في نصوص لغات معينة واتخاذ قرار بتطبيق النص الإنكليزي.

وقال السيد توموشات إنه لا يجوز أن تختلف تفسيرات العهد الدولي باختلاف ا لدول الأطراف. وقال السير فنسنت إيفانس إن الإبقاء في النص الإسباني على نص تم تعديله في النصوص الأخرى كان خطأ بالتأكيد. (...) وكان من الإنصاف تنبيه الدول الناطقة بالإسبانية إلى مسألة يمكن أن تؤثر في موقفها بشأن بلاغ معين أو تتحكم في سلوكها تجاه التصديق على ا لبروتوكول الاختياري أو إبداء تحفظ عند التصديق عليه.

وفي نهاية الجلسة، قال الرئيس إنه يمكن الإشارة في التقرير إلى الاتفاق على أن تستند اللجنة في أعمالها إلى نصوص اللغات الإنكليزية والروسية والفرنسية للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وأشار ال سيد أُوبسال إلى أن اللجنة لم تتخذ من الناحية النظرية أي قرار بشأن تفسير البروتوكول الاختياري، وإن التفسير لا يدخل في نطاق اختصاصها.

ألِف ألِف - البلاغ رقم 998/2001، ألتهامر وآخرون ضد النمسا *

(الآراء التي اعتمدت في 8 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من: السيد روبرت ألتهامر وآخرون (يمثلهم محامٍ، السيد الكسندر ه‍ أ موراوا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 22 نيسان/أبريل 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من ال عهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 8 آب/أغسطس 2003،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 998/2001، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن روبرت التهامر وآخرين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء التي أُدلي بها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم روبرت التهامر و11 مواطناً آخر من المواطنين النمساويين المقيمين في النمسا. وهم يدعون أنهم ضحايا انتهاك النمسا للمادة 26 من العهد. ويمثل أصحاب البلاغ محامٍ (1) . ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للنمسا في 10 آذار/مارس 1988.

ــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسما ؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهاهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومن فيروشيفسكي.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 أصحــاب البلاغ هــم موظفــون متعاقدون من هيئة التأمين الاجتماعي في سالسبورغ ( Salzburger Gebietskrankenkasse ). ويقول المحامي إنهم يتقاضون استحقاقاتهم ا لتعاقدية بموجب الخطط المقررة لهذا الغرض في لوائح الخدمة ألف الخاصة بمـوظفي هيئـة التأمـين الاجتمــاعي ( Dienstordnung a f ű r die Angestellten bei den Sozialversicherungsträgern ).

2-2 وتنص اللوائح، من بين مختلف الاستحقاقات الشهرية، على منح استحقاقات شهرية لل أسرة بمبلغ 220 شلناً نمساوياً واستحقاقات للأطفال بمبلغ قدره 260 شلناً نمساوياً لكل طفل بالنسبة للذين لديهم أطفال حتى سن 27 عاماً. وفي 1 كانون الثاني/يناير 1996، بدأ سريان تعديل للوائح ألغى الاستحقاقات الشهرية للأسرة وزاد استحقاقات الأطفال لتصل إلى 380 شلنا ً نمساوياً لكل طفل.

2-3 وفي 8 شباط/فبراير 1996، رفع أصحاب البلاغ دعوى قضائية في محكمة مقاطعة سالسبورغ يلتمسون فيها الحصول على حكم تفسيري يُلزم أن هيئة التأمين الاجتماعي الإقليمية في سالسبورغ بالاستمرار في دفع استحقاقات الأسرة إليهم كجزء من دخلهم بوصفهم مو ظفين متعاقدين. ورفضت محكمة المقاطعة شكوى أصحاب البلاغ في 11 حزيران/يونيه 1996. وأكدت أن الاستحقاقات التقاعدية ليست حقوقاً محمية ضد ما يطرأ من تعديلات على الإطار القانوني لاحقاً ((wohlerworbene Rechte شريطة أن تستند هذه التعديلات إلى أسس موضوعية وتمتثل لمبد أ التناسب. وخلصت إلى أن إلغاء استحقاقات الأسرة لم يتعلق بجوانب أساسية من الاستحقاقات التقاعدية بل إنه بدل تكميلي، كان معتدلاً من حيث المقدار (0.4-0.8 في المائة من الاستحقاقات التقاعدية)، ومبرراً بالحقيقة القائلة إن القرار المتخذ بشأن الاستفادة، من استخدام الدخل المالي المحدود في الأوقات التي تُفرض فيها قيود مالية بغية زيادة استحقاقات الأطفال استند إلى دوافع مشروعة للسياسة العامة الاجتماعية. ورفضت محكمة الاستئناف (Oberlandesgericht Linz) في 22 نيسان/ أبريل 1997 الاستئنـاف الـذي قدمه أصحـاب البلاغ في حكم يؤيد هذا التبرير. ورفضت المحكمة العليا (Oberster Gerichshof) طلباً آخر بشأن إعادة النظر في 7 كانون الثاني/يناير 1998. وبالتالي يقال إن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت.

2-4 ويوضح المحامي أن هيئات التأمين الاجتماعي الإقليمية هي مؤسسات منشأة بموجب القانون ال عام وأن اللائحة هي بمثابة مرسوم تشريعي (Verordnung) ينظم تقريباً جميع المسائل التي تتناولها الهيئة فيما يتعلق بالاستخدام، ومن ضمنها مبلغ الاستحقاقات التعاقدية وكيفية احتسابها، بما فيها الزيادات أو التعديلات الدورية. ويدفع المحامي بوجود أوجه شبه عديدة بين خ طط المعاشات التعاقدية المهنية (Betriebsrenten) التي يوفرها أرباب العمل في القطاع الخاص والخطة الموضوعة بموجب اللوائح. إلا أن من الممكن تغيير اللوائح بالإرادة المنفردة بمرسوم تشريعي صادر عن الدولة الطرف.

الشكوى

3-1 يزعم أصحاب البلاغ أن تعديل اللوائح يشكل ا نتهاكاً للفقرة 26 من العهد. ويدعون أنه بالرغم من أن هذا التعديل موضوعي في ظاهره، إلا أنه تمييزي من الناحية الفعلية، بالنظر لأن معظم المتقاعدين هم من أرباب الأسر المعيلين لأزواجهم ولم يعد لديهم أطفال دون سن 27 عاماً. ولذلك فإن تأثير التعديل أكبر بالنسبة للم تقاعدين منه بالنسبة للموظفين الناشطين لأنه يلغي من الناحية الفعلية العلاوات الممنوحة لمن يعولهم المتقاعدون جملة. ويزعم أن هذا التأثير العكسي كان متوقعاً ومتعمداً.

3-2 ويشير أصحاب البلاغ إلى أن التعديل هو الخطوة الثالثة في مجموعة من التعديلات الرامية إلى ت خفيض دخل الموظفين المتقاعدين (من أجل الاطّلاع على التعديلات السابقة، انظر القضيتان رقم 608/1995 (2) و803/1998 (3) ). ويقال إن الأثر التراكمي للتخفيضات يضع هذه القضية في منزلة تدنو من منزلة التعسف البيّن، وهو انتهاك لمبدأ المساواة أمام القانون. ويقال كذلك إن ع دم قيام المحاكم بمراعاة الأثر التراكمي للتعديلات بقصر نظرها على التعديلات المنفصلة في كل قضية من القضايا، أدى إلى عدم ضمان تمتع أصحاب البلاغ بحماية متساوية وفعالة ضد التمييز بالمعنى المقصود للمادة 26 من العهد.

3-3 ويقول المحامي إن الوقائع ذاتها هي أيضاً مو ضوع طلب قدمه أصحاب البلاغ إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان ادعوا فيه انتهاك الحق في الملكية (المادة 1 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق بالاتفاقية الأوروبية). ويدعي أن ذلك لا يحول دون مقبولية البلاغ لأن الحق في الملكية غير وارد في العهد وأن الاتفاقية ال أوروبية لا تتضمن أي حكم يقابل المادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ

4-1 تعترض الدولة الطرف، بالرسالة المؤرخة 25 أيلول/سبتمبر 2001، على مقبولية البلاغ. وتلاحظ أن هذا البلاغ أحيل إليها بالفعل كجزء من البلاغ 803/1998. وتزعم بالتا لي أن البلاغ غير مقبول لانتهاك مبدأ عدم جواز المحاكمة عن الجريمة ذاتها مرتين .

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن الطلبات التي قدمها أصحاب البلاغ إلى اللجنة الأوروبية على أساس نفس الوقائع المعروضة على اللجنة قد أُحيلت إلى المحكمة الأوروبية عملاً بالفقرة (2) م ن المادة 5 من البروتوكول رقم 11 وأن المحكمة أعلنت عن عدم مقبولية الطلبات بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2001 لأن الطلبات لم تكشف النقاب عن أي مظهر لانتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو البروتوكولات الملحقة بها.

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى تحف ظها فيما يتعلق بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (4) ، الذي لا يعترف باختصاص اللجنة في النظر في أي بلاغ مقدم من أحد الأفراد عندما تكون المسألة ذاتها محل دراسة اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وتوضح الدولة الطرف أن القصد من وراء التحفظ كان يتمثل بالتحديد في الحيلولة دون نظر هيئات ستراسبورغ واللجنة في نفس الوقائع تباعاً. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى أن المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية تنص على حظر التمييز الذي يشكل جزءاً مكملاً لكل الحقوق والحريات الأخرى بموجب الاتفاقية . وبالرغم من أن أصحاب البلاغ لم يثيروا مسألة انتهاك المادة 14 بالاقتران مع المادة 1 من البروتوكول الأول، تؤكد الدولة الطرف أن المحكمة تبحث الأحكام الأخرى للاتفاقية من تلقاء نفسها. وفي هذا الخصوص، تشير الدولة الطرف إلى نظر المحكمة الأوروبية في طلبات أصحاب ا لبلاغ التي لم تكشف النقاب عن وجود أي مظهر لانتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية. وبالتالي تخلص إلى أن أصحاب البلاغ يعرضون من الناحية الجوهرية نفس المسألة.

4-4 وعلاوة على ذلك، تزعم الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية قد نظرت في المسألة بالمعنى ا لمقصود للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5، بالنظر لأن القرار الصادر عنها بشأن عدم المقبولية لم يستند إلى الأسباب الشكلية بل إلى الأسباب المتعلقة بالأسس الموضوعية. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية السابقة للجنة (5) .

4-5 وتشير الدولة الطرف، فيما يتعلق بذكر اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في تحفظها، إلى أنها في الوقت الذي أبدت فيه التحفظ في عام 1987، كانت اللجنة الأوروبية هي الأداة الوحيدة من أدوات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية في إطار الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريا ت الأساسية، التي كان بإمكان المشتكين من الأفراد أن يلجأوا إليها. وعقب إعادة تنظيم هيئات ستراسبورغ بموجب البروتوكول رقم 11، تولت المحكمة الأوروبية عندئذ المهام التي كانت تقوم بها اللجنة سابقاً، ولا بد من اعتبارها على هذا النحو خلفاً للجنة فيما يتعلق بالطلبا ت المقدمة من الأفراد. وتخلص الدولة الطرف إلى أن تحفظها بالتالي صحيح بالمثل فيما يتعلق بالطلبات الخاضعة لدراسة المحكمة الأوروبية حالياً.

تعليقات أصحاب البلاغ على رسالة الدولة الطرف

5-1 يردّ أصحاب البلاغ، بالرسالة المؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001، على ملاح ظات الدولة الطرف ويدفعون بأن البلاغ الحالي ليس مطابقاً للبلاغ رقم 803/1998، حتى ولو كان قد نظر في البداية بالاشتراك مع هذا البلاغ. ويدفع المحامي بأن أصحاب البلاغين ليسوا هم بعينهم وأن البلاغين يتعلقان بانتهاكين مزعومين منفصلين لحقوق أصحاب البلاغ بموجب العه د.

5-2 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري وتحفظها في هذا الصدد، يزعم المحامي أنه ينبغي للمرء، عند تطبيق تحفظ ما أو تفسيره، أن يتأكد أولاً مما إذا كانت المصطلحات المستخدمة بحد ذاتها وا ضحة وغير مبهمة بشكلٍ كافٍ، وقد لا يلجأ المرء، إلى دراسة سياق التحفظ وهدفه وغرضه سوى في الحالات التي تكون فيها المصطلحات خلاف ذلك. ويعدّ التحفظ الذي تحتج به الدولة الطرف غير مبهم من حيث إنه يستبعد البلاغات التي تفحصها اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبناء ع لى ذلك، يزعم المحامي أن التحفظ قد فقد مجال انطباقه عقب بدء نفاذ البروتوكول رقم 11 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وأنه ليست هناك بالتالي أية عقبة تعترض طريق مقبولية هذا البلاغ بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5 من البروتوكول الاخت ياري.

5-3 وفيما يخص حجج الدولة الطرف بشأن تفسير التحفظ، يزعم المحامي أنه حتى في الوقت الذي أبدت فيه الدولة الطرف تحفظها، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو لجنة الوزراء هي التي أصدرت القرارات النهائية والملزِمة، وأن الفرد كان طرفاً بحد ذاته في الإجراءا ت المعروضة على المحكمة، وأن اللجنة كانت أساساً هيئة لتقصي الحقائق وفرزها.

5-4 ويزعم المحامي، رداً على بيان الدولة الطرف بشأن نطاق تحفظها، أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تحظر اللجوء إلى وسائل تفسير تكميلية عندما يتسم المعنى العادي للتحفظ وسياقه وهدفه وقص ده بالوضوح ويدّعي أن ما أرادت الدولة الطرف قوله لا يمكن أن يحلّ محل ما قالته فعلاً.

5-5 ويزعم أيضاً أنه يجب تفسير المعاهدات التي توفر الحماية لحقوق الإنسان، وبالأحرى التحفظات، في صالح الفرد وأنه يجب رفض أية محاولة لتوسيع نطاق تحفظ ما رفضاً قاطعاً.

5-6 أما فيما يتعلق بمسألة ما إذا كانت المحكمة الأوروبية قد نظرت أم لا في نفس القضية، يشير المحامي إلى الأحكام القضائية للجنة في هذا الخصوص ويخلص إلى أن القضية ذاتها هي عبارة عن طلب يتعلق بنفس الأفراد والوقائع والمزاعم بشأن انتهاكات الحقوق والحريات الأساسية. ويشير إلى أن هذه القضية تتعلق بنفس وقائع وأشخاص الطلب المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بيد أنها تثير ادعاءات مختلفة تماماً، بالنظر لأن البلاغ المقدم إلى اللجنة يتعلق بالحقوق المحمية بموجب العهد حصراً (الحق في المساواة) بينما يتعلق الطلب المقدم بموجب ال اتفاقية الأوروبية بالحق في الملكية والمحمي حصراً بموجب الاتفاقية وليس بموجب العهد. وفي هذا الصدد، يزعم المحامي أن المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تنص على حق مستقل في المساواة المادية، بل إنه حق تبعي لا يوفر نفس الحماية التي توفرها المادة 26 من العهد. ويفنِّد المحامي حجة الدولة الطرف القائلة إن المحكمة الأوروبية بحثت الأحكام الأخرى من تلقاء نفسها حين جدد أصحاب البلاغ أحكام الاتفاقية. وفي هذا الخصوص، يستشهد برسالة وردت عن أمانة المحكمة بشأن اعتراضاتها على مقبولية الطلبات على أساس المادة 1 من البروتوكول الإضافي الأول وحدها من دون الإشارة إلى المادة 14 من الاتفاقية. ويزعم كذلك أنه على ما يبدو من الرسالة أن المحكمة رفضت مقبولية الطلب نتيجة لموضوع البحث لأن الاستحقاقات بموجب خطط المعاش التقاعدي لا تعتبر بمثابة حقوق للملكية، وبالتالي فإنها لم تحلّ ِل أثر التعديلات.

الملاحظات الإضافية للدولة الطرف

6-1 تؤكد الدولة الطرف مجدداً، بالرسالة المؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2002، حججها بشأن مقبولية البلاغ. ففي ما يخص تحفظها بشأن الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تلاحظ الدول ة الطرف أنها أبدت هذا التحفظ عملاًً بتوصية لجنة الوزراء في 15 أيار/مايو 1970، من أجل الحيلولة دون إمكانية تقديم طلبات متتابعة إلى الهيئات المختلفة. ولدى النظر إلى المسألة من هذه الزاوية، لا يمكن استنتاج أن الدولة الطرف أرادت بصياغتها لهذا التحفظ أن تحيد عن التوصية الصادرة عن لجنة الوزراء. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى الإجراءات المحلية المتعلقة بالتصديق على البروتوكول الاختياري: حيث تشير إلى أن المحكمة الأوروبية هي الخلف القانوني للجنة الأوروبية وترى أن حجة المحامي بشأن دور اللجنة لا أثر لها على علاقة بالخَل َف القانوني، ولا سيما أن الدولة الطرف أبدت تحفظها فيما يتعلق بمهمة اللجنة في البت بشأن مقبولية طلب ما وإجراء تقييم أولي لأسسه الموضوعية. كما ترفض الدولة الطرف حجة المحامي القائلة إن تفسيرها يوسع نطاق التحفظ، بالنظر لأن مدلوله اليوم لا يختلف عمّا كان عليه ع ندما أبدته. وعلاوة على ذلك، تزعم الدولة الطرف أنه لم يكن من الممكن في عام 1987 التنبؤ بتعديل آلية الحماية المتعلقة بالاتفاقية.

6-2 وفيما يخص حجة أصحاب البلاغ أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تدرس طلباتهم في إطار المعنى المقصود للتحفظ، تزعم الدولة الطرف أن رفض اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان لأي شكوى عملاً بالفقرتين 3 و4 من المادة 35 من الاتفاقية يفترض مسبقاً أنها قد نظرت في الأسس الموضوعية للشكوى، بحيث تتضمن إجراءات المقبولية، ولو بشكل موجز، تقييماً جوهرياً للادعاء المتعلق بانتهاك الاتفاقية. وتؤكد مجدداً بالتالي أنه ينبغي الإعلان عن عدم مقبولية البلاغ في ضوء تحفظها بشأن الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5.

6-3 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تلاحظ الدولة الطرف أن صياغة هذا البلاغ هي نفس صياغة البلاغ الذي أحيل إلى الدولة الطرف بوصفه جزءاً من البلاغ رقم 803/1998 تماماً، وتشير إلى رسائلها فيما يتعلق بالبلاغ السابق. وزعمت الدولة الطرف، في هذه الرسائل، أن أثر التعديلات لا يمكن أن يقال عنه إنه يتسم بطابع تمييزي. وتوضح أن لوائح الخدمات ليست مرسوماً، وإنما هي اتفاق جماعي يُبرم بين رابطة مؤسسات الت أمين الاجتماعي ونقابة العمال ويُعتبر أصحاب البلاغ طرفاً فيه.

6-4 وتزعم الدولة الطرف كذلك أن إلغاء استحقاقات الأسرة لا يمثل تمييزاً لأن هذا التدبير يؤثر في العاملين والمتقاعدين على حد سواء. وقد تم احتساب هذا الإلغاء كيما يمثل تخفيضاً بنسبة تتراوح بين 0.4 و0 .8 في المائة من إجمالي مبلغ المعاش التقاعدي، والذي لا يمكن اعتباره غير معقول وفقاً لما تقوله الدولة الطرف.

تعليقات أصحاب البلاغ على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف

7-1 يؤكد أصحاب البلاغ مجدداً، بالرسالة المؤرخة 3 آذار/مارس 2002، أن هذا البلاغ هو بلاغ منفصل عن البلاغ الأصلي رقم 803/1998. ويضيفون أن القرار لا يعود إليهم للبت فيما إذا كان يتعين إضافة البلاغ إلى ملف القضية رقم 803/1998 أو التعامل معه كقضية جديدة.

7-2 ويطعن أصحاب البلاغ في تفسيرات الدولة الطرف للسبب الذي يقف وراء تحفظها ويلاحظون أن توصية لجنة ال وزراء كانت أوسع من التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف فعلاً. ويشير أصحاب البلاغ أيضاً إلى أن هناك 17 دولة فقط من مجموع 35 دولة طرفاً في كل من البروتوكول الاختياري والاتفاقية الأوروبية، أبدت تحفظاً بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة (2) من المادة 5 من البروتوكو ل الاختياري. ويزعمون أن الإشارة إلى قصد الدولة الطرف لا يمكن أن يحلها من نص التحفظ الذي أبدته. كما يحتج أصحاب البلاغ على بيان الدولة الطرف أن تفسير التحفظ بشكل أوسع لا يؤدي إلى توسيع نطاقه، ويزعمون أن التحفظ ما كان لينطبق أبداً لولا هذا التفسير.

7-3 ويحتج المحامي أيضاً على تحليل الدولة الطرف لوظائف اللجنة الأوروبية والمحكمة الأوروبية، ويدفع علاوة على ذلك بأن القرارات الصادرة بشأن دمج اللجنة والمحكمة كانت قائمة فعلاً على قدم وساق منذ عام 1982، أي قبل الموعد الذي أبدت فيه الدولة الطرف تحفظها، وأن التعديلات ال مدخلة على النظام الأوروبي لحماية حقوق الإنسان كانت بالتالي متوقَّعة في ذلك الوقت.

7-4 ويؤكد أصحاب البلاغ مجدداً أن إلغاء استحقاقات الأسرة هو أمر تمييزي في حقيقته، لأنه يؤثر إلى حد كبير في الموظفين المتقاعدين أكثر من الموظفين الناشطين الذين يُتوقع لهم أن يس تفيدوا بشكل أكثر من الموظفين المتقاعدين من الزيادة في استحقاقات الأطفال. ويلاحظون أن الدولة الطرف لم تتطرق إلى هذه الحجج في رسائلها.

7-5 ويقدم المحامي، برسالة أخرى مؤرخة 23 نيسان/أبريل 2002، بيانات أخيرة عن التأثيرات المالية للتعديلات التي أُدخلت على اللوا ئح. ويقال إن الخسارة التي تكبّدها الموظفون المتقاعدون في الدخل والناجمة عن الأثر التراكمي لتعديل عام 1992 (موضوع البلاغ رقم 608/1995) وتعديل عام 1994 (موضوع البلاغ رقم 803/1998) وتعديل عام 1996، وهو موضوع هذا البلاغ، خلال فترة الأعوام 1994-2001 تتراوح بين 916 34 و757 141 شلناً نمسـاوياً (6) .

المسائل والإجراءات التي عُرضت على اللجنة

8-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروت وكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وأحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة إن البلاغ غير مقبول لأنه أحيل سابقاً كجزء من البلاغ رقم 803/1998. وتلاحظ اللجنة أن قرارها المؤرخ 21 آذار/مارس 2002 الذي أعلنت فيه عدم قبول البلاغ رقم 803/1998 ليس لـه صلة بأي ح ال من الأحوال بمحتويات هذا البلاغ. وبناء على ذلك، لم تنظر اللجنة بعد في الادعاء الوارد في هذا البلاغ ولا يمكن تأييد اعتراض الدولة الطرف في هذا الصدد.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تحتج بالتحفظ الذي أبدته بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، الذي يمنع اللجنة من النظر في الادعاءات التي "درستها" "اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان" سابقاً. وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ القائلة إن الطلب الذي قدمه إلى اللجنة الأوروبية لم تنظر فيه هذه الهيئة أبداً، من الناحية الفعلية، وإنما أعل نت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عن أنه غير مقبول، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية قد تولّت من الناحية القانونية، كنتيجة للتعديل الذي أُدخِل على المعاهدة بفضل البروتوكول رقم 11، مهام اللجنة الأوروبية السابقة المتمثلة في تلقي الطلبات المقدمة بموجب الاتف اقية الأوروبية، والبت في مقبوليتها، وإجراء تقييم أولي لأسسها الموضوعية. وتلاحظ اللجنة، لأغراض التأكد من وجود إجراءات متوازية أو متتابعة مماثلة، حسب الأحوال، معروضة على اللجنة وهيئات ستراسبورغ، أن المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان قد خلفت اللجنة الأور وبية السابقة عن طريق تولي مهامها.

8-4 واللجنة بحاجة، بعد أن خلصت إلى أن تحفظ الدولة الطرف ينطبق، للنظر فيما إذا كان موضوع هذا البلاغ هو نفسه موضوع البلاغ الذي قُدم بموجب النظام الأوروبي. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن الموضوع ذاته يتعلق بنفس أصحاب البلا غ والوقائع والحقوق الجوهرية. وقد قررت فعلاً في مناسبات سابقة أن الحق المستقل في المساواة وعدم التمييز الراسخ في المادة 26 من العهد يوفر حماية أكثر مما يوفره الحق التبعي في عدم التمييز الوارد في المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية. وأحاطت اللجنة علماً بالقرار الذي اتخذته المحكمة الأوروبية بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 2001 الذي رفضت فيه طلب أصحاب البلاغ بوصفه غير مقبول فضلاً عن الرسالة التي وردت من الأمانة العامة للمحكمة الأوروبية التي توضح الأسس المحتملة لعدم المقبولية. وتلاحظ أن طلب أصحاب البلاغ قد رُفض لأنه ل م يكشف النقاب عن وجود أي مظهر لانتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو البروتوكولات الملحقة بها بالنظر لأنه لم يثر مسائل في إطار الحق في الملكية المحمي بموجب المادة 1 من البروتوكول رقم 1. ونتيجة لذلك، ولعدم وجود إدعاء مستقل بموجب الاتفاقية أو البروتوكولات الملحقة به، لم تستطع المحكمة النظر فيما إذا كانت الحقوق التبعية التي يتمتع بها أصحاب البلاغ بموجب المادة 14 من الاتفاقية قد انتهكت. وفي ظل ظروف هذه القضية، تخلص اللجنة بالتالي إلى أن قضية ما إذا كانت حقوق أصحاب البلاغ في المساواة أمام القانون وعدم التمييز قد انتهكت أم لا بموجب المادة 26 من العهد ليست هي نفس القضية التي عرضت على المحكمة الأوروبية.

8-5 وتأكدت اللجنة أن أصحاب البلاغ قد استنفدوا سبل الانتصاف المحلية لأغراض الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة أن البلاغ مقبول.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، مثلما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 ويدعي أصحا ب البلاغ أنهم ضحايا التمييز لأن إلغاء الاستحقاقات الأسرية يؤثر فيهم إلى حد كبير أكثر مما يؤثر في الموظفين الناشطين، بالنظر لكونهم من المتقاعدين. وتشير اللجنة إلى أنه يمكن أن يكون هناك أيضاً انتهاك للمادة 26 ناجم عن الأثر التمييزي لقانون أو تدبير ما يبدو مح ايداً ظاهرياً أو لا يقصد به التمييز (7) . إلا أن مثل هذا التمييز غير المباشر لا يمكن أن يقوم إلا على الأسس التي عددتها المادة 26 من العهد إن كانت النتائج الضارة لأحد القوانين أو القرارات تؤثر حصراً أو على نحو غير متناسب في الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو المولد أو حالة معينة أخرى. وعلاوة على ذلك، لا تعتبر القوانين أو القرارات التي لها مثل هذا الأثر بمثابة تمييز في الحالات التي تستند فيها إلى أسس موضوعية ومعقو لة. وفي ظروف هذه القضية، فإن إلغاء المبالغ الشهرية الممنوحة للأسر بالاقتران مع زيادة استحقاقات الأطفال لا تلحق الضرر بالمتقاعدين فحسب بل أيضاً بالموظفين الناشطين ممن (ليس لديهم بعد أو لم يعد لديهم) أطفال من الفئة العمرية المعنية، كما أن أصحاب البلاغ لم يبي نوا أن هذا التدبير قد أثر فيهم تأثيراً غير متناسب. وحتى لو فرضنا جدلاً، أن هذا الأثر يمكن إظهاره، ترى اللجنة أن التدبير كان مستنداً، مثلما أكدت ذلك المحاكم النمساوية (الفقرة 2-3 أعلاه)، إلى أسس موضوعية ومعقولة. ولهذه الأسباب، تستنتج اللجنة أن إلغاء المبالغ الشهرية الممنوحة للأسر، في ظروف هذه القضية، حتى في حالة دراسته في ضوء التعديلات السابقة التي أُدخلت على لوائح خدمة الموظفين العاملين في هيئة التأمين الاجتماعي، لا يعتبر بمثابة تمييز محظور بموجب المادة 26 من العهد.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف النقاب عن وجود انتهاك لأي من الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) سُجل بلاغ قدمه في وقت سابق العديد من أصحاب هذا البلاغ أنفسهم برقم 803/1998 وأعلنت اللجنة أنه غير مقبول بتاريخ 21 آذار/مارس 2002.

(2) انظر CCPR/C/57/D/608/1995، قر ار اللجنة المؤرخ 22 تموز/يوليه 1996 الذي أعلنت فيه عدم قبول البلاغ.

(3) انظر CCPR/C/74/D/803/1998، قرار اللجنة المؤرخ 21 آذار/مارس 2002 الذي أعلنت فيه عدم قبول البلاغ.

(4) أوردت الدولة الطرف، عند التصديق على البروتوكول الاختياري في 10 كانون الأول/ديسمب ر 1987، القضية التالية: "على أن يكون مفهوماً أنه يتعين، وفقاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول، ألا تنظر اللجنة المنصوص على تشكيلها في المادة 28 من العهد في أي بلاغ يقدمه فرد ما إلا بعد التأكد من أن المسألة ذاتها لم تكن بالفعل محل دراسة من جانب ال لجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

(5) البلاغ رقم 452/1991 (غلازيو ضد فرنسا)، الذي أُعلن عن أنه غير مقبول في 18 تموز/يوليه 1994.

(6) 1 يورو يساوي 13.7603 شلناً نمساوياً.

(7) انظر تعليق اللجنة العام رقم 18 بشأن عدم التمييز وآراء اللجنة المعتمدة بتاريخ 19 تموز/يوليه 1995 في القضية رقم 516/1992 (سيمونيك وآخرون ضد الجمهورية التشيكية) CCPR/C/54/D/516/1992)، الفقرة 11-7).

باء باء - البلاغ رقم 1007/2001، سينَيرو فرناندِث ضد إسبانيا *

(الآراء ا لتي اعتمدت في 7 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد مانويل سيَنيرو فرناندِث (يمثله السيد خوسيه لويس ماثون كوستا)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 آب/أغسطس 2003،

وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 1007/2001 الذي قدم نيابة عن السيد مانويل سينيرو فرنانديز بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي قدمها إليها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء التي أُدلي بها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ، المؤرخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، هو مانويل سينَيرو فرناندِث، وهو مواطن إسباني محروم حالياً من حريته بعد صدور حكم بسجنه لمدة 15 عاماً لاتجاره بالمخدرات وانتمائه إلى عصابة منظمة. ويدعي أنه ضحية انتهاك إسبانيا للمادة 9، والفقرات 1 و2 و3(ب) و5 من المادة 14، والماد ة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في 24 كانون الثاني/يناير 1985. وقد مثل صاحب البلاغ محام، ولكن هذا المحامي قد أبلغ اللجنة، في مذكرة تسلمتها في 3 آذار/مارس 2003، بأنه لم يعد يمثل صاحب البلاغ.

ـــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارال باغواتي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيد فرانكو ديباسكواليه، السيد موريس غيليله أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راج سومر لالاه، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السيد مارتن شاينين، السيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 6 أيلول/سبتمبر 1996، أدانت الشعبة الجنائية التابعة للمحكمة الوطنية العليا صاحب البلاغ بالاتجار بالمخدرات والانتماء إلى عصابة منظمة، وحكمت عليه بالسجن لمدة 15 سنة وبغرامة قدرها 200 مليون بيزيتا.

2-2 وفي 28 تموز/يوليه 1998، رفضت المحكمة العليا دعوى المراجعة القضائية التي رفعها صاحب البلاغ (الطعن بالنقض). وأقام صاحب البلاغ دعوى انتصاف أمام المحكمة الدستورية، ولكنها رُفضت في 17 شباط/فبراير 2000. وصرحت المحكمة العليا، في الحكم الذي أصدرته، بأن ليس من اختصاصها إعادة النظر في الأدلة التي استندت إليها محكمة الدرجة الأولى لإصدار حكمها بالإدانة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 9 من العهد قد انتهكت لأن الحكم الصادر ضده من المحكمة الوطنية العليا لم يكن موضع مراجعة من جانب محكمة أعلى درجة، فتم حبسه من ثم بشكل غير قانوني.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن الفقرتين 1 و3(ب) من المادة 14 قد انتهكتا لأن الاستجواب الأول الذي خضع لـه لم يجر بحضور المحامي الذي عينه بنفسه، بل جرى بحضور المحامي الذي انتدبته المحكمة، ولأن حضور رجال الشرطة كان على ما يزعم عدائياً ومفروضاً بالقوة، ولم يكفوا عن إبداء آرائهم للقاضي طوال الفترة التي استغرقها إجراء تقديم بيان الوقائع.

3-3 وفيما يتعلق بزعم انتهاك الفقرة 2 من المادة 14، يدعي صاحب البلاغ أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، لا على عاتق المدعى عليه، لأن للمتهم الحق في قرينة البراءة. ويدعي أن دليل الإثبات الوحيد ضده كان البيان التجريمي الذي أبداه المدعى عليه معه، ولم تكن له أية قيمة لأنه لم يعزز بالأدلة الأخرى التي قدمت ضد المدعى عليه معه.

3-4 أ ما فيما يتعلق بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14، فيدعي صاحب البلاغ أن على محكمة أعلى درجة أن تعيد النظر بالكامل في أدلة ومجريات أية قضية يجرى نظرها في محكمة الدرجة الأولى لأن دعوى المراجعة القضائية لا تنطوي إلا على مراجعة جزئية للحكم.

3-5 وأخيرا، يدعي صاحب الب لاغ أن المادة 26 من العهد قد انتهكت لأنه لم يمنح قط حق الاستئناف أو الحق في مراجعة كاملة للإدانة والحكم الصادر ضده لأنه حوكم في محكمة درجة أولى من جانب المحكمة الوطنية العليا. أما إذا كان الجرم الذي ارتكبه يعاقب عليه بعقوبة أقل صرامة، لكانت المحكمة الجنائي ة المركزية التابعة للمحكمة الوطنية العليا قد تولت محاكمته ولكان قد حصل وقتذاك على الحق في مراجعة كاملة للإدانة عن طريق الاستئناف.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تصرح الدولة الطرف، في رسالتيها المؤرختين 22 تشرين الأول/أك توبر 2001 و19 شباط/فبراير 2002، فيما يتعلق بزعم انتهاك المادة 9 من العهد، بأن صاحب البلاغ قد حرم من الحرية لسبب منصوص عليه في قانون العقوبات ووفقا لقانون الإجراءات الجنائية.

4-2 وفيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14، تشير الدولة الطرف إلى الرأي الذي أبدته الل جنة بشأن البلاغ رقم 701/1996 (1) ومفاده أن القضية لا تتعلق بتعديل التشريع الإسباني تعديلاً مجرداً، بل بمعرفة ما إذا كان إجراء الاستئناف المتبع قد وفر الضمانات المنصوص عليها في العهد. وفي هذا البلاغ، تؤكد الدولة الطرف أن زعم انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 غير مقبول لأن القضية لا تتعلق بتعديل القانون تعديلاً مجرداً، فليس في بلاغ صاحب البلاغ ما يشير إلى أن شيئاً قد حدث في إجراء الانتصاف المحلي يمكن أن يبرر ذلك الادعاء.

4-3 وفيما يتعلق بزعم انتهاك الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن حكم المحك مة العليا ذكر أنه تمت دراسة جميع الأدلة المقدمة. وقد ثبت بما فيه الكفاية تورط صاحب البلاغ في جرم جسيم يتعلق بالاتجار بالمخدرات، وهو جرم أدين بارتكابه، في إجراءات الخصومة التي مارس فيها حقه الكامل في الدفاع عن نفسه. وعلاوة على ذلك، فإن كون صاحب البلاغ قد اع ترض على الحكم بإدانته، مؤكداً نظرياً أنه لم تكن هناك أدلة كافية، لا يشكل أساساً لإثبات أن القرارات القضائية تنتهك الاتفاقية. ومن ثم، تعتبر الدولة الطرف أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

4-4 وفيما يتعلق بزعم انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تشير الدول ة الطرف إلى أن صاحب البلاغ قد حصل، في الدعاوى التي كانت مرفوعة أمام المحكمة الوطنية العليا، وأمام المحكمة العليا والمحكمة الدستورية، على مساعدة محامٍ اختاره بنفسه. وبالإضافة إلى ذلك، لم يبد صاحب البلاغ قط هذا الادعاء في المستندات التي قدمت إلى المحاكم الوط نية. وأخيراً، وفيما يتعلق بعدم وجود محام اختاره بنفسه أثناء الاستجواب الأول الذي خضع له، تصرح الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ، إلى جانب أنه لم يثر قط هذه المسألة أمام المحاكم الوطنية، فإنه رفض ببساطة إبداء تصريح عن ذلك.

4-5 أما فيما يتعلق بحضور رجال الشرطة ال ذي كان على ما يزعم عدائياً ومفروضاً بالقوة عندما قدم صاحب البلاغ بيانه بالوقائع، فتشير الدولة الطرف إلى أن حكم المحكمة الوطنية العليا يتناول هذا الادعاء، وإلى أن وصف صاحب البلاغ للأحداث دفاعاً عن نفسه ما كان يمكن أن يقدم تحت الخوف أو الترهيب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحكمة العليا، التي كرر صاحب البلاغ شكواه أمامها، قد ذكرت أيضاً في حكمها أنه لم يكن هناك ما يشير إلى وجود رجال شرطة وقتما أبدى صاحب البلاغ بيانه الأول بالوقائع. ومع أن رجال الشرطة كانوا حاضرين بالفعل وقت المواجهة التي تمت بين صاحب البلاغ والمدعى عليه الآخر في 13 آب/أغسطس 1992، فلا يمكن أن يقال إنه كان هناك أي تخويف من جانبهم لأن المواجهة جرت بحضور رجال قضاء ومحامي المدعى عليهما معاً. وينبغي من ثم الإعلان عن عدم قبول هذا الجزء من البلاغ.

4-6 وفيما يتعلق بالمادة 26 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى التعليقات التي أبدتها اللجنة في 20 تموز/يوليه 2000 بشأن البلاغ رقم 701/1996، في قضية غومِث فاثكِث ضد إسبانيا، والتي خلصت فيها، بالإشارة إلى النظام الإسباني الذي يفسح المجال لعدة أصناف من سبل الانتصاف بحسب خطورة الجرم المقترف، إلى أن اختلاف أساليب التعامل ب اختلاف الجرائم المقترفة لا يشكل بالضرورة معاملة تمييزية.

تعليقات صاحب البلاغ على جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 فيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14، يزعم صاحب البلاغ في تعليقيه المؤرخين 27 كانون الأول/ديسمبر 2001 و27 آذار/مارس 2002، أن الدعاوى ال وحيدة التي تمكن من رفعها أمام المحكمة العليا كانت تتعلق بانتهاكات الحقوق الأساسية وسوء تطبيق القانون، وأنه لم يلتمس خصيصاً إعادة النظر في الحكم بإدانته لأن شاهد الإثبات لم يكن جديراً بالثقة. وأخيراً، يؤكد أنه لم يتمكن من الحصول على إعادة النظر في الحكم بال إدانة في محكمة أعلى درجة.

5-2 أما فيما يتعلق بادعاءات الدولة الطرف بأنه لم يثر القضية المتعلقة بدرجتي التقاضي أمام المحكمة العليا أو المحكمة الدستورية، فيشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة الدستورية قد صرحت باستمرار بأن المراجعة القضائية يجب أن تتمشى مع الشرو ط المنصوص عليها في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، فيما يتعلق بدرجتي التقاضي في القضايا الجنائية.

5-3 وفيما يتعلق بالفقرة 2 من المادة 14، يصرح صاحب البلاغ بأن الدليل الوحيد الذي قدمه المدعي كان تصريح المدعى عليه معه. ويبدي شكه أيضاً في تصريح رئيس المخابرات في مدريد الذي كان المدعى عليه معه يعمل لديه، والذي يفيد بأن هذا المخبر لم يقدم له أية معلومات من شأنها أن تورط صاحب البلاغ.

5-4 وفيما يتعلق بزعم انتهاك الفقرتين 1 و3(ب) من المادة 14، يدحض صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف أنه لم يثر قط قضية المحامي أمام المح اكم الوطنية؛ ويفيد بأن هذه النقطة قد أثيرت في دعوى المراجعة القضائية وأن هذا هو سبب رفضه التوقيع على البيان الأول بالوقائع. ويزعم أيضاً أن موظف شرطة قد اعترف بأن اثنين من رجال الشرطة مكلفين بالتحقيق قد قاما أثناء الاستجواب الأول بتزويد القاضي بمعلومات وآرا ء.

5-5 وأخيراً، يكرر صاحب البلاغ أن الادعاءات المتعلقة بالفقرة 1 من المادة 9 وبالمادة 26 يجب أن تبحث بناء على أسسها الموضوعية لأن الدولة الطرف لم تقدم رداً ملائماً بشأنها.

المسائل والإجراءات التي عُرضت على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، ي تعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 ووفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فقد تحققت اللجنة من أن ه لا يجري النظر في المسألة نفسها في إطار إجراء آخر للتحقيق أو التسوية على المستوى الدولي. كما أنها تحققت من أن الضحية قد استنفد سبل التظلم الداخلية تحقيقاً للأغراض المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بزعم انتها ك المادة 9 من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، طريقة عدم إعادة النظر في الحكم الصادر ضده من محكمة أعلى درجة انتهاكاً للمادة 9. وتستنتج من ثم أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بزعم انتهاك المادة 26 من العهد لأن النظام الإسباني يفسح المجال لعدة أصناف من سبل الانتصاف بحسب خطورة الجرم المقترف، تعيد اللجنة ذكر الموقف الذي تبنته في الآراء التي أصدرتها بشأن البلاغ رقم 701/1996 في قضية غومِث فاثكِث ضد إسبانيا وخلصت فيه إلى أن اختلاف أ ساليب التعامل باختلاف الجرائم المقترفة لا يشكل بالضرورة معاملة تمييزية؛ وتعلن من ثم أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقه في قرينة البراءة بسبب قلة الأدلة التي تثبت ذنبه، تصرح اللجنة بأنها تبنت على الدوام الرأي بأنه يتعين عموماً على المحاكم المحلية تقدير الوقائع والأدلة المقدمة في قضية ما، إلا إذا أمكن إثبات أن تقديرها كان بكل وضوح متحيزاً أو تعسفياً أو معادلاً لإنكار العدالة. ولذلك تستنتج اللجنة أن صاحب ال بلاغ لم يدعم زعمه بأدلة وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أن الفقرتين 1 و3 (ب) من المادة 14 قد انتهكتا لأنه لم يكن لديه محام اختاره بنفسه أثناء الاستجواب الأول الذي خضع له، ولأن و جود رجال الشرطة كان عدائياً ومفروضاً بالقوة، تحيط اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف التي تفيد بأن صاحب البلاغ قد تلقى مساعدة محامٍ اختاره بنفسه أثناء المحاكمة وأنه رفض إبداء تصريح بذلك أثناء مرحلة الاستجواب. وتنكر الدولة الطرف أيضاً تصرف رجال الشرطة بالقو ة أثناء مرحلة تقديم البيان بالوقائع. ومع مراعاة الحجج التي قدمتها الدولة الطرف، تستنتج اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وأخيراً، تصرح اللجنة بأن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الفق رة 5 من المادة 14 مقبولة وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية في ضوء المعلومات المقدمة من الطرفين، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7- فيما يتعلق بمعرفة ما إذا كان صاحب البلاغ ضحية انتهاك الفقرة 5 من ا لمادة 14 من العهد لأن إدانته والحكم الصادر ضده قد أعيد النظر فيهما من جانب المحكمة العليا فقط، وهو إجراء يشكل مراجعة جزئية للإدانة والحكم، تشير اللجنة إلى الموقف الذي تبنته بشأن البلاغ رقم 701/1996، في قضية غومِث فاثكِث ضد إسبانيا. ورأت اللجنة في هذه القضي ة أن عدم تمكن المحكمة العليا، بصفتها هيئة الاستئناف الوحيدة، من إعادة النظر في الأدلة التي قدمت إلى محكمة الدرجة الأولى، تعادل في ملابسات تلك القضية، انتهاكاً للفقرة 5 من المادة 14. وبالمثل، وفيما يتعلق بهذا البلاغ، تذكر المحكمة العليا صراحة أن ليس من اختص اصها إعادة النظر في الأدلة التي استندت إليها محكمة الدرجة الأولى لإصدار حكمها بالإدانة. ونتيجة لذلك، لم يحصل صاحب البلاغ على الحق في أن يعاد النظر بالكامل في إدانته والحكم الصادر ضده.

8- وعليه، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تبين حدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

9- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن لصاحب البلاغ الحق في سبيل انتصاف فعال. وينبغي إعادة النظر في إدانة صاحب البلاغ وفقاً للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وعلى الدولة الطرف التزام باتخاذ التدابير اللازمة التي تكفل عدم حدوث هذه الانتهاكات في المستقبل.

10- ومع مراعاة أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللج نة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً في حالة إثبات حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى م ن الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

]اعتُمدت الآراء بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

ال حاشية

(1) البلاغ بشأن قضية غومِث فاثكِث ضد إسبانيا، الآراء المؤرخة 20 تموز/يوليه 2000، الفقرة 10-2.

جيم جيم - البلاغ رقم 1014/2001، بابان وغيره ضد أستراليا *

(الآراء التي اعتمدت في 6 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد عمر شريف بابان (يمثله المحامي السيد نيكولاس بويندر)

الشخصان المدعى أنهما ضحية : صاحب البلاغ وابنه، باوان هيمان بابان

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 19 كانون الأول/ديسمبر 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد ال دولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 آب/أغسطس 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1014/2001، الذي قدمه السيد عمر الشريف بابان إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسي اسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء التي اُدلي بها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد عمر الشريف بابان، المولود في 3 أيار/مايو 1976، وهو عراقي الجنسية وكردي الأصل. يتقدم بالبلاغ بالنيابة عن نفسه وعن ابنه باوان هيمان بابان، المولود في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، وهو من جنسية عراقية ومن أصل كردي كذلك. وقد كان صاحب البلاغ وابنه، عند تقديم البلاغ، معتقلين في مركز احتجاز فيلاوود في سيدني، أسترا ليا (1) . ويدعي صاحب البلاغ أنهما وقعا ضحية لانتهاكات أستراليا للمادة 7، والفقرة 1 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 19، والفقرة 1 من المادة 24 من العهد. ويمثله محام.

ــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برا فولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد عبد الفتاح عمر، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد والتر كالين، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة روث ودجوود، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين.

يرد في تذييل لهذه الوثيقة نصَّا رأيين فرديين وقَّع عليهما عضوا اللجنة السير نايجل رودلي والسيدة روث وِدجوود.

1-2 وفي 20 أيلول/سبتمبر 2001، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، من خلال مقرر ها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، إلى الدولة الطرف وفقا للمادة 86 من النظام الداخلي ألا تطرد صاحب البلاغ وابنه إلى العراق في حالة رفض المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ الذي من المقرر أن تنظر فيه في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2001، وما دامت القضية معروضة على اللجن ة لتنظر فيها.

الوقائع التي عرضت على اللجنة

2-1 يدعي صاحب البلاغ أنه كان في العراق عضوا نشطا في الاتحاد الوطني الكردستاني، وأنه تعرض للتهديد من طرف الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان مستهدفا من موظف في المخابرات العراقية مكلف بالقيام باغتيالات في شمال العراق .

2-2 وفي 15 حزيران/يونيه 1999، حل صاحب البلاغ وابنه في أستراليا بدون وثائق سفر واعتقلا في مركز لاحتجاز المهاجرين بموجب المادة 189 (1) من قانون الهجرة لعام 1958. وفي 28 حزيران/يونيه 1999، قدما طلباً للحصول على وضع اللجوء. وفي 7 تموز/يوليه 1999، قام موظف في وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة باستجواب صاحب البلاغ.

2-3 ورفضت وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة، في 13 تموز/يوليه 1999، طلب صاحب البلاغ. وفي 6 أيلول/سبتمبر 1999، رفضت محكمة مراجعة قضايا اللجوء قضية الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ والتي يطعن فيه ا قرار وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة. وفي 10 أيلول/سبتمبر 1999، ردت هذه الوزارة على صاحب البلاغ بقولها إن قضيته لا تفي بالشروط اللازمة لكي يمارس الوزير سلطته التقديرية التي تسمح لشخص ما بالبقاء في أستراليا استنادا إلى أسس إنسانية. وفي 12 نيسان/أبريل 2000، رفضت المحكمة الاتحادية (ويتلام ج.) طلب صاحب البلاغ القيام بمراجعة قضائية لقرار محكمة مراجعة قضايا اللجوء.

2-4 وفي 24 تموز/يوليه 2000، شارك صاحب البلاغ برفقة محتجزين آخرين في إضراب عن الطعام في قاعة للترفيه بمركز احتجاز فيلاوود في سيدني. وزُعم أن الم ضربين عن الطعام حرموا، في 26 تموز/يوليه 2000، من الطاقة ومن ال اتصال مع العالم الخارجي . وزُعم أنهم زودوا بزجاجات من الماء المخدر. كما زُعم أن الحراس منعوا قسراً المضربين عن الطعام من النوم بإحداث الضجيج. وفي 27 تموز/يوليه 2000، نُقل المضربون عن الطعام (وابن صاحب البلاغ) بالقوة ورحّلوا إلى مركز احتجاز آخر في بورت هيدلاند، غربي أستراليا. وفي هذا المركز، أودع صاحب البلاغ وابنه في زنزانة انفرادية غير مجهزة بنافذة ولا بمرحاض. وفي اليوم الخامس من الحبس الانفرادي (كان ابنه يحصل بانتظام على الغذاء منذ اليوم التالي ل وصولهما)، توقف صاحب البلاغ عن الإضراب على الطعام، وبعد مرور ثمانية أيام من ذلك، نُقل من زنزانته. ويدعي صاحب البلاغ أنه، خلال فترة الحبس الانفرادي، لم يُسمح لـه بالوصول إلى مستشاره القانوني. وفي 15 آب/أغسطس 2000، أعيد صاحب البلاغ وابنه إلى مركز احتجاز فيلاو ود في سيدني لحضور جلسة الاستماع إلى قضيتهما أمام المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها.

2-5 وفي 21 أيلول/سبتمبر 2000، رفضت المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها أي استئناف آخر يرفعه صاحب البلاغ ضد قرار المحكمة الاتحادية. وقدم صاحبا البلاغ، في اليوم نفسه، طلب إذن خاص للط عن في القرار أمام المحكمة العليا الأسترالية.

2-6 وفي حزيران/يونيه 2001، هرب صاحب البلاغ وابنه من مركز احتجاز فيلاوود. ولا توجد أية معلومات محددة عن مكان وجوده الحالي. وفي 16 تموز/يوليه 2001، أدرج سجل المحكمة العليا الأسترالية قضية صاحب البلاغ للاستماع إليه ا في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2001. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001، أرجأت المحكمة العليا الاستماع إلى استئناف صاحب البلاغ إلى حين تبيُّن مكان إقامتهما.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن المعاملة التي تلقاها خلال إضرابه عن الطعام، وترحيله القسري، وعدم مد ابنه بال غذاء عند وصولهما إلى بورت هيدلاند، وحبسه هناك في سجن انفرادي لمدة 13 يوما، كلّها أفعال تنتهك المادة 7. ثانياً، يدعي صاحب البلاغ أن إبعاده هو وابنه إلى العراق كان سيعرضهما بالضرورة وعلى نحو يمكن توقعه للتعذيب أو "سوء المعاملة القاسية" بسبب ماضيه في البلد، م ما ينشأ عنه انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 (2) . ويشير كذلك إلى مجموعة متنوعة من التقارير التي تشير إلى وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في العراق (3) .

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الاحتجاز الإلزامي مباشرة بعد الوصول وعدم قدر ة المحاكم أو السلطات الإدارية على الأمر بإطلاق سراحه مسألة تعتبر، كما خلصت إلى ذلك اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا (4) ، انتهاكاً للفقرتين 1 و4 من المادة 9. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أي مبرر يسمح لها بحبسه لمدة طويلة.

3-3 كما يدعي صاحب البلاغ أن حبسه في زنزانة انفرادية لمدة 13 يوما والمعاملة التي لقيها على العموم في الحبس انتهاك للفقرة 1 من المادة 10. ويستشهد، دعما لقضيته، بالسوابق القضائية للجنة (5) ، والتعليق العام رقم 21 بشأن حقوق السجناء، وملاحظات مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان وحالات الطوارئ (6) ، والقواعد النموذجية الدولية الدنيا لمعاملة السجناء (7) .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن إضرابه عن الطعام كان تعبيرا مشروعا عن حقه في الاحتجاج، وأن المعاملة التي لقيها في فيلاوود وترحيله القسري إلى بورت هيدلاند ما هو إلا انتهاك لحقوقه المنصوص عل يها في المادة 19. إذ ليس هناك أي إشارة إلى المساس بالأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة أو الأخلاق تبرر الإجراء الذي اتخذ.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن احتجاز ابنه والمعاملة التي لقيها مسألة تشكل انتهاكا لحقه المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 24، وهو ما ينبغي أن يفسر مع مراعاة الواجبات المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل. إذ لم يول أي اعتبار لمصالح الطفل الفضلى و/أو لإطلاق سراحه. ومن الخطأ التأكيد، في رأي صاحب البلاغ، على أن مصالح الطفل الفضلى تكمن في إبقائه مع والده بما أن حبس الوالد لمدة طويلة مسألة لا مبرر لها وبما أنه كان من الممكن إطلاق سراحهما إلى حين البت في طلبهما اللجوء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، بموجب ملاحظاتها المؤرخة 26 آذار/مارس 2002، على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية محاجة في ذل ك بأن محامي صاحب البلاغ، وكمسألة أولية، لا يتمتع بأي سلطة تخول له المثول نيابة عنه. وتحاج بأنه من الواضح أن انقضاء فترة طويلة بين تكليفه وتقديم البلاغ، بالإضافة إلى اختفاء صاحب البلاغ وابنه، لا تخول لمحامي صاحب البلاغ أي سلطة لمتابعة سير البلاغ بالنيابة عن هما.

4-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ في إطار المادة 7، فيما يتعلق بالطرد إلى العراق، تلاحظ الدولة الطرف أن الاستئناف الذي رفعه صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا بخصوص طلبه اللجوء قد أرجئ الفصل فيه إلى حين تحديد مكان تواجده هو وابنه، ويبقى أن تستنفد سبل الا نتصاف المتاحة والفعالة. وتقول الدولة الطرف كذلك إنه لا توجد أي ضحية - قبل اختفاء صاحب البلاغ لم تتخذ أي خطوات لترحيله، وبما أن صاحب البلاغ وابنه مختفيان، فإن قضية الترحيل تبقى مسألة افتراضية محضة في الوقت الراهن. وتدعي الدولة الطرف كذلك أن هذا البلاغ غير م قبول لعدم دعم الادعاء بأدلة.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 بشأن سوء المعاملة وظروف الاحتجاز، تحاج الدولة الطرف بأن ثمة العديد من الدعاوى المدنية التي يمكن رفعها إلى المحكمة والتي ينبغي فيها إثبات الادعاءات المقدمة (التي تنكرها الدولة الطرف) بترجيح إحدى القرائن. وتشمل هذه الدعاوى دعوى الإهمال ضد الكومنولث، ودعوى إساءة التصرف في منصب عام، ودعوى الاعتداء بالضرب. ويمكن، بالإضافة إلى ذلك، تقديم شكوى جنائية بالاعتداء غير المشروع إلى الشرطة. أضف إلى ذلك أن بإمكان صاحب البلاغ أن يتقدم بشكواه، فيما يت علق بالمعاملة في السجن، إلى مكتب أمين المظالم في الكومنولث المخوَّل سلطة تقديم التوصيات، وإلى وزارة الهجرة والثقافات المتعددة. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن صاحب البلاغ قدم شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص ولم يتم بعدُ الفصل فيها. كما تحاج بأن الأد لة غير كافية في ما يتعلق بهذه الادعاءات، فليس هناك، على سبيل المثال، أي تصريحات للشهود أو أي تفاصيل من السجناء أو الموظفين يمكنها أن تقدم دليلا لدعم الادعاء.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بانتهاك المادة 9، تحاج الدولة الطرف بأن إرجاء المحكمة العليا ال استماع إلى القضية يعني أن سبل الانتصاف لا تزال متوفرة. أضف إلى ذلك أن إجراءات أمر الإحضار/أمر الامتثال لا تزال متاحة في المحكمة العليا لاختبار مشروعية الاحتجاز. كما تحاج الدولة الطرف بأنه لم يتم إثبات هذه الادعاءات بالأدلة، بما أن صاحب البلاغ قد لجأ إلى مح اكمها التي لها سلطة البت في مشروعية الاحتجاز.

4-5 وتحاج الدولة الطرف بأن الادعاء بانتهاك المادة 19 لا يتماشى مع العهد، إذ أن الإضراب عن الطعام ليس تعبيراً من خلال " وسيلة " تحميها الفقرة 2 من المادة 19، ولا هو ما كان يتوخاه واضعو العهد. فهو ليس في نفس مرتبة الوسائل الشفوية أو الكتابية أو المطبوعة أو الفنية التي تدخل في سياق الحكم. وترى الدولة الطرف أن هذا الادعاء كذلك تنقصه الأدلة، أما بالنسبة للأسباب المقدمة فيما يتعلق بالمادتين 7 و10 بشأن سوء المعاملة في الاحتجاز فإن سبل الانتصاف لا تزال متاحة.

4-6 وفيما يت علق بالادعاء بانتهاك المادة 24، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، باعتباره أبا/وليا للأمر، له الحق في اللجوء إلى سبل الانتصاف نيابة عن ابنه. وقد أتيحت سبل انتصاف عدة تمكنه من الدفاع عن حقوق ابنه، فثمة شكوى مقدمة إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص ولم يتم بعد الفصل فيها، وثمة شكوى مقدمة إلى وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة بخصوص المعاملة التي تلقاها في الاحتجاز، وثمة شكوى مقدمة إلى مكتب أمين المظالم في الكومنولث، و/أو إجراء أمر الإحضار/أمر الامتثال المتخذ في المحكمة العليا الأسترالية للطعن في احتجازه.

4 -7 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تنكر الدولة الطرف أن يكشف أي من الادعاءات المقدمة عن انتهاك للعهد. أما بالنسبة للادعاء بسوء المعاملة المخالفة للمادتين 7 و10، فتلاحظ الدولة الطرف أن تقريرا ورد بعد الحادث يفيد أنه تم قطع التيار الكهربائي في قاعة الترفيه في فيلاوود على الساعة التاسعة بعد تهديد البعض بإيذاء أنفسهم بالصعق الكهربائي. وبقي التيار الكهربائي مشتغلا في الأماكن الأخرى، وكان السجناء أحرارا في مغادرة القاعة متى أرادوا ذلك. وتقول الدولة الطرف إن قطع التيار الكهربائي لفترة قصيرة (أقل من يوم واحد) كان أمر ا ضرورياً لسلامة السجناء، وليس في ذلك ما يخالف المادة 7. وينص التقرير كذلك على أن الماء، وخلافا للادعاء، بقي متوفرا طيلة الوقت. وتنكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أو أي شخص غيره قد تلقى مخدرا، فالتقرير يفيد بأنه لا وجود لدليل على هذا الأمر، بل لم تُقدَّم، ف ي واقع الأمر، أية زجاجة ماء.

4-8 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه منع من الاتصال بالعالم الخارجي، تشير الدولة الطرف إلى أن الوصول إلى قاعة الترفيه قد منع مؤقتا في ظهيرة 24 تموز/يوليه 2000 لأسباب أمنية. وفي 25 تموز/يوليه 2000، تم قطع الاتصال الموقعي واله اتفي في جميع أنحاء المركز. واتخذت هذه الإجراءات لفترة قصيرة وكانت ضرورية في ظل تلك الظروف، في حين كان بإمكان السجناء المغادرة متى أرادوا ذلك. ولا ينطبق هذا الأمر، وفقا لذلك، على الحبس الانفرادي حيث يكون السجين منقطعا تماما عن العالم الخارجي. وتنكر الدولة ا لطرف أن يكون الحراس متورطين في حرمان السجناء من النوم بالقوة، بعد إجراء تحقيق أبان عن عدم وجود دليل يدعم مثل هذا الادعاء (مثل تصريحات السجناء والموظفين).

4-9 أما بالنسبة لمسألة تكبيل اليدين بُعيد الترحيل من المركز، فتلاحظ الدولة الطرف من رد وزارة الهجرة وا لثقافات المتعددة على تحقيق لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بأن المضربين عن الطعام قد سجنوا ورُحِّلوا من قاعة الترفيه بأمن وبدون قوة ولا أية حوادث. وكان صاحب البلاغ مقيَّدا إلى الحد الأدنى (أي كان يُسمح لـه بالحركة الكافية لمساعدة ابنه) بقيود بلاستيكية حول م عصميه كإجراء وقائي، بما أنه كان مصنفا كسجين جد خطير اشتهر بمشاكله السلوكية. وقد كانت القيود تكبله لفترة قصيرة خلال نقله وذلك حرصا على سلامة السجناء والموظفين المرافقين له. وبعد الإقلاع فُكَّت قيوده. ولم يكن ولد صاحب البلاغ أو أي قاصر آخر، في أي وقت من الأو قات، مقيَّدا (ما عدا بحزام السلامة).

4-10 وتنكر الدولة الطرف أي ادعاء يتهمها بأنها لم توفر لولد صاحب البلاغ الطعام بُعيد الوصول إلى بورت هيدلاند، وتلاحظ أن السجناء قد وصلوا في الساعة الثانية وأربعين دقيقة بعد ظهر يوم 29 تموز/يوليه 2000 وأنهم مُدّوا بالأكل في الساعة السادسة وأربعين دقيقة مساء ذلك اليوم. وقُدِّم الأكل إلى الوحدة التي كان صاحب البلاغ يتواجد فيها. ورفض هو وآخرون معه أن يغادروا غرفهم، بعد ذلك نقل الأكل إلى غرفهم حتى يتمكنوا من الغذاء إن هم أرادوا ذلك. وقد كان اللبن متوفرا للكبار والصغار. كما وُز ِّع الغذاء ووُزِّعت المرطبات على جميع الركاب أثناء الرحلة عند ترحيل صاحب البلاغ وابنه من سيدني إلى بورت هيدلاند.

4-11 وفيما يتعلق بادعاء الحبس الانفرادي في بورت هيدلاند، تلاحظ الدولة الطرف أنه، بصرف النظر عن الليلة الأولى (29 تموز/يوليه 2000) التي كان السج ناء محتجزين خلالها في قاعات لإجراء محادثات فردية معهم والقيام بتقييمات أمنية، كان لجميع السجناء حرية التنقل في البناية، بما في ذلك القاعة المشتركة وساحة التمرين الخارجية. وقد أجرى صاحب البلاغ أربعة اتصالات هاتفية من بورت هيدلاند، ورفض عرضا بإجراء اتصال آخر في 11 آب/أغسطس 2000. ولم يقدم أي طلب للتحدث إلى محاميه أو أصدقائه. وترفض الدولة الطرف مسألة حبسه في زنزانة انفرادية، فغرفته تقع في جناح احتجاز عادي فيه 12 غرفة كل واحدة منها من طابقين. وكل طابق له مراحيض مركزية وغرفة مشتركة ومغسل وثلاجة وفرن ميكروويف وجها ز تلفزيون. وكل غرفة تتمتع بالنور الطبيعي وتتسع لأربعة أشخاص، وقد كان صاحب البلاغ وابنه ينزلان في إحدى هذه الغرف. وكان جميع السجناء يتمتعون بحرية الحركة حول البناية، بما في ذلك القاعة المشتركة وساحة التمرين الخارجية. وبناء على كل ما سبق، لم يثبت صاحب البلاغ وجود أية أفعال أو أي امتناع عن الفعل بدرجة من الخطورة تصل إلى حد إثارة قضايا تمس بأحكام المادة 7 أو الفقرة 1 من المادة 10، في ضوء مجموعة السوابق القانونية لأعمال اللجنة.

4-12 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 7 بترحيل صاحب البلاغ إلى العراق، تحاج الدولة ال طرف بأن الالتزام بعدم الإعادة القسرية لا يشمل جميع الحقوق في العهد، وإنما يقتصر على الحقوق الأساسية المتعلقة بالسلامة الجسدية والعقلية للشخص. وتحاج بأن ترحيل صاحب البلاغ وابنه إلى العراق لا يشكل تهديدا لهما بالخضوع للتعذيب أو لأي معاملة مماثلة، وبأنه لم يس بق قط وإلى يومنا هذا أن رُحِّل عراقي من أستراليا إلى العراق. ولما كان محل إقامتهما مجهولا، فليس ثمة أي اقتراح في هذه المرحلة بترحيلهما، وفي حال تحديد محل إقامتهما سيتخذ القرار آنذاك. وحتى إن اقترح ترحيلهما، ترفض الدولة الطرف أن تكون النتيجة الحتمية والمتوق عة لهذا الترحيل تعرضهما في العراق للتعذيب أو لأي معاملة مشابهة لذلك. وتشير بأن بلدانا أخرى، كهولندا مثلا، قد نجحت في إعادة أشخاص إلى الأقاليم الشمالية (الخاضعة للحكم الكردستاني) في العراق دون تعرضهم لأي خطر. كما أن المنظمة الدولية للهجرة تقدم المساعدة للسج ناء الراغبين في العودة طوعاً إلى هذه المناطق. وقد رفضت محكمة مراجعة شؤون المهاجرين، استنادا إلى الوقائع المقدمة، أن يكون ثمة ما يهدد صاحب البلاغ، سواء بادعائه الانتماء إلى الاتحاد الوطني الكردستاني أو كونه مهاجرا سريا، واللجنة مدعوة إلى إعطاء النتائج التي توصلت إليها هذه الهيئة الوزن الذي تستحقه.

4-13 أما فيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 9، تحاج الدولة الطرف بأن احتجاز صاحب البلاغ وابنه كان معقولا وضروريا في جميع الظروف والملابسات، ولم يكن غير ملائم وغير عادل وغير متوقع. وتلاحظ الدولة الطرف أن الاحتجاز كان أم را مشروعا بموجب قانون الهجرة. أما بالنسبة لمسألة التعسف، تحاج الدولة الطرف بأن الاحتجاز الإلزامي للمهاجرين أمر ضروري لضمان أن يكون الأجانب الذين يدخلون أستراليا مخولين لذلك بطريقة قانونية، ولدعم سلامة نظام الهجرة في البلد. ويضمن الاحتجاز عدم دخول الأشخاص إ لى حين البت في ادعاءاتهم على النحو المناسب، كما يوفر وسيلة فعالة للوصول إلى هؤلاء الأشخاص بغية التحقيق معهم على الفور والنظر في ادعاءاتهم. أضف إلى ذلك أن الدولة الطرف لا تملك أي نظام للتسجيل العام أو للتعرُّف على الهوية يتيح لها الوصول إلى أسواق العمل أو إ لى الخدمات الاجتماعية أو العامة - ومن ثم يكون من الصعب عليها أن ترصد المهاجرين السريين داخل المجتمع.

4-14 وقد أثبتت تجربة الدولة الطرف أن هناك احتمالاً كبيراً بالفرار، إذا لم تفرض قيودا صارمة على الاحتجاز. وأدى في السابق احتجاز بعض المهاجرين الذين دخلوا أس تراليا بدون إذن في بيوت معدة لسكن المهاجرين غير مسيجة شريطة إثبات وجودهم في أوقات معينة إلى فرارهم سرَّاً بسبب صعوبة تعاون الجماعات المحلية الإثنية. وبناء عليه، من المعقول اعتقاد أنه إذا أطلق سراح الأشخاص في المجتمع بانتظار الفصل في البلاغ، يكون ثمة حافز ق وي يدفعهم إلى الاختفاء في صفوف المواطنين بطريقة غير مشروعة. وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة العليا في أستراليا دعمت دستورية أحكام الاحتجاز المتعلقة بشؤون الهجرة، إذ خلصت إلى أنها ليست أحكاما تأديبية وإنما هي أحكام يمكن، وبشكل معقول، اعتبارها ضرورية لأسبا ب الترحيل أو للتمكن من تقديم طلب بالدخول والنظر فيه (8) . كما تلاحظ أن ثمة إجراء يسمح بالإفراج في حالات استثنائية.

4-15 وترى الدولة الطرف أن الملابسات الخاصة بالقضية توضح أن الاحتجاز كان مبَرَّرا ومناسبا. وقد ادعى صاحب البلاغ، فور وصوله، أنه يجهل كل التفاصيل المتعلقة بوثائقه وسفره، ملمّحا إلى قلة التعاون وإلى الحاجة إلى المزيد من التحقيق. ولو سمحت أستراليا لصاحب البلاغ وابنه بالدخول، لكانا مهاجرين بطريقة غير مشروعة. وقد احتجزا في البداية بانتظار النظر في طلبهما اللجوء، وكانا (ولا يزالان) حرَّين في مغادرة أست راليا في أي وقت أرادا ذلك، وبقيا في الحبس لأنهما اختارا متابعة إمكانية المراجعة والاستئناف. وما كان احتجازهما إلا الاستجابة للأهداف المتوخاة، أي التمكن من النظر في ادعاءات صاحب البلاغ والبت في طعونه، وسعياً وراء تحقيق سلامة حق أستراليا في وضع ضوابط على الد خول إليها.

4-16 وتحاج الدولة الطرف بأن وقائع القضية تختلف عن وقائع قضية أ. ضد أستراليا (9) ، والتي تدعي الدولة الطرف أن الحكم الصادر فيها هو، في أية حال، حكم خاطئ. ففي القضية محل النقاش، كان الاحتجاز قبل الفرار (21 شهراً) أقل بكثير من الاحتجاز لأربع سنوات كم ا هو الحال في قضية أ . فقد تم النظر في طلب صاحب البلاغ بالحصول على تأشيرة حماية في غضون 15 يوماً، مقارنة مع 77 أسبوعا في قضية أ . وتحاج الدولة الطرف بأنه، نتيجة لفرار صاحب البلاغ، لا يمكن في الوقت الراهن وصف أي احتجاز بكونه تعسفياً، ولا ينبغي للجنة أن تسمح بانتهاك القانون الأسترالي.

4-17 وفيما يتصل بادعاء انتهاك الفقرة 4 من المادة 9، تلاحظ الدولة الطرف أن للمحكمة الاتحادية اختصاصاً قضائياً في القضية الحالية يخولها إعادة النظر في رفض إعطاء تأشيرة الحماية. وتقول الدولة الطرف إنه لمَّا أدَّى القرار المتعلق بإعط اء تأشيرة حماية إلى استمرار احتجاز صاحب البلاغ وابنه، فإن القدرة على الوصول إلى المحكمة الاتحادية (كما فعل صاحب البلاغ) تستجيب لمقتضيات الفقرة 4 من المادة 9. أضف إلى ذلك أن مراجعة أمر الإحضار/أمر الامتثال تتم في المحكمة العليا لاختبار مشروعية الاحتجاز.

4-1 8 أما فيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 19، فتقول الدولة الطرف إنه لم تُقدَّم أية أدلة تبرهن على أن في ترحيل صاحب البلاغ إلى بورت هيلاند انتهاكاً لحقه في الرأي وانتهاكاً لحقه في التعبير. وقد كان بإمكان صاحب البلاغ، طيلة الوقت، أن يمارس هذين الحقين، بل مارسها بالفعل، عن طريق توقيعه مثلا على مذكرة احتجاج مقدمة إلى رئيس الوزراء في 14 تموز/يوليه 2000. وتفيد الدولة الطرف أنه إذا كان على اللجنة أن تعتبر الإضراب عن الطعام "وسيلة" من وسائل التعبير المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 19 (وهو ما ترفضه الدولة الطرف)، فل م تُفرض قيود على وسيلة التعبير هذه بترحيله، ولا كان الهدف من الترحيل توقيع العقاب عليه. بل في واقع الأمر، قوبلت رغبة صاحب البلاغ بالاستمرار في الإضراب عن الطعام في بورت هيدلاند بالاحترام.

4-19 وتلاحظ الدولة الطرف أن الإضراب عن الطعام ووضع حاجز لإعاقة المرو ر إلى قاعة الترفيه في فيلاوود يشكل حادثا خطيراً، لأن بعض السجناء لم يسمحوا لسجناء آخرين في حاجة إلى المساعدة الطبية برؤية الطاقم الطبي ومنعوا بعضهم من مغادرة قاعة الترفيه. وقد شكل الحادث تهديداً لصحة ورفاه العديد من السجناء، بمن فيهم شخص يعاني من مرض السكر وامرأة حامل وطفل صغير السن، ومن ثم كان ترحيل المشاركين في هذه الأعمال إلى مرافق أخرى مسألة أمنية. وتشير الدولة الطرف إلى تصريحاتها السابقة بأن صاحب البلاغ كان له الحق في بورت هيدلاند في التنقل وفي الاتصال بالعالم الخارجي. وتقول إن احتجاز السجناء في زنزانت هم لغرض إجراء تقييمات أمنية طيلة الليل مسألة لا تتعارض مع حق صاحب البلاغ بموجب المادة 19.

4-20 وتُفيد الدولة الطرف أنه إذا كانت اللجنة سترى في ترحيل صاحب البلاغ تعارضاً مع حقوقه بموجب الفقرة 2 من المادة 19، فإن هذا الإجراء يجد تبريره، في أية حال، في الفقرة 3 من المادة 19. وقد كان الترحيل قانونياً بموجب اللوائح التي تنظم عمليات المراكز والإشراف على السجناء. كما أن هذا الإجراء كان ضرورياً لاحترام حقوق السجناء الآخرين (انظر الفقرة السابقة)، بغية الحفاظ على النظام وعلى أمن المرافق، ولحماية سلامة الزوار وأمنهم ( أفادت تقارير الاستخبارات أن سجناء آخرين كانوا سينضمون إلى المظاهرة وسيستعملون العنف).

4-21 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 24، توضح الدولة الطرف أن المعايير التي تطبقها في قضايا الهجرة تراعي بصورة خاصة صحة الأطفال وسلامتهم ورفاههم. إذ تُوفَّر جميع البرامج الاجتماعية والترفيهية والتعليمية الملائمة لحاجيات كل طفل على حدة. وتُنظَّم رحلات خارجية. ويتم تقديم الرعاية الطبية المتخصصة متى دعت الضرورة ذلك. وتتم الاستجابة لحاجيات الطفل، فور قبوله في المركز، بوضع برامج في مجالات متعددة من قبيل البرامج التعليمية والدر اسات الدينية والأنشطة الترفيهية، وذلك بتشاور وثيق مع الوالدين. كما تُتخذ التدابير لتسهيل الاتصال بأفراد الأسرة في الخارج متى كان ذلك ممكنا، وتولى العناية لوضع الأطفال في مرفق يوجد فيه شخص بالغ أو أكثر يستطيع القيام بدور الرعاية والإرشاد. وثمة ترتيبات تسمح بالإفراج عن الأطفال ليعيشوا في المجتمع بتأشيرات انتقالية، حيث يمكن وضع ترتيبات تسمح بتوفير أسباب الرعاية والرفاه المناسبة لهم. ويتم تقييم مصالح الطفل الفضلى على نحو فردي لتحديد الحق في الاستفادة من هذا البرنامج. وتخضع جميع هذه الخدمات لمراجعة إدارية (مثل ا لفريق الاستشاري الحكومي المعني بقضايا احتجاز المهاجرين) ولمراجعة قضائية، وكذلك لتمحيص ومساءلة برلمانية.

4-22 وأثبت تقييم الظروف الخاصة التي يعيشها ابن صاحب البلاغ أن مصلحته الفضلى تكمن في وجوده بقرب والده، بما أنه ليس له أي أقرباء في أستراليا. ولم يبق محتج زاً إلا عندما كانت إجراءات تحديد وضع والده سارية وعند استئنافه بعد ذلك. وقد كان الدافع وراء نقل السجناء من قاعة الترفيه هو الاهتمام بصحة الأطفال بصورة خاصة، إذ تم نقلهم أولاً، خوفاً على سلامتهم. كما أن الموظفين اعتنوا بطفل صاحب البلاغ خلال الترحيل إلى بورت هيدلاند، حيث وضع برفقة والده في جناح عام بقرب أسر أخرى. وقام المستشار المسؤول في المركز بزيارة هذه البناية عدة مرات، ونظَّم ألعابا وأنشطة للأطفال. وتقول الدولة الطرف إن هذه الإجراءات تستجيب لمقتضيات المادة 24.

تعليقات المحامي على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 رد المحامي على ملاحظات الدولة الطرف، في رسالة مؤرخة 10 شباط/فبراير 2003 قائلا، فيما يتعلق بالأحقية في التظلم، إن الدولة الطرف تطعن في توكيله ليَمثـُل بالنيابة عن صاحب البلاغ وابنه. ويشير إلى سلطة القانون العام التي تفيد بأن للمحامي السلطة في التصرف كوكيل ع ام عن موكِّله في جميع المسائل التي قد تنشأ بصورة معقولة من قرار صادر في قضية ما. ويقع عبء الإثبات على عاتق (الدولة) الطرف التي تسعى إلى إثبات عدم وجود توكيل. وينص القانون العام على أن ما يستشهد به الوكيل هو تقديم نسخة من التوكيل الموقع، وهو ما يذكر المحامي بأنه ألحقه بالبلاغ الأصلي.

5-2 ويقدم المحامي نسخة من إفادة خطية مشفوعة بيمين مؤرخة 10 شباط/فبراير 2003 وتشير إلى ما يلي: ` 1 ` أنه تلقى مكالمة هاتفية من صاحب البلاغ بعد فراره من الاحتجاز؛ ` 2 ` ، أنه أجرى محادثة، في تشرين الثاني/نوفمبر 2001، بشأن صاحب البلاغ م ع عضو في المجتمع العراقي؛ ` 3 ` ، أنه على اقتناع، نتيجة لهذه المحادثات، بأن سلطته في الاستمرار في هذا البلاغ لا تزال سارية المفعول.

5-3 أما فيما يتعلق بمقبولية الادعاء بسوء المعاملة وانتهاك المادة 7، فيشير المحامي إلى الأحكام السابقة للجنة التي ترى فيها أن ال شكاوى التي ترفع إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص أو إلى مكتب أمين المظالم في الكومنولت لا تعتبر سبل انتصاف محلية فعالة لأغراض البروتوكول الاختياري، بما أن سبل الانتصاف التي تنص عليها هذه الهيئات هي سبل غير قابلة للإنفاذ وليس لها أثر إلزامي (10) . كما أن أي شكوى ترفع إلى وزارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة يكون لها الأثر ذاته. وليس الإجراء المدني سبيلا من سبل الانتصاف الفعالة، بما أن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه صاحب البلاغ هو قرار تحكيمي بحدوث أضرار، عوضا عن الاعتراف بانتهاك حق من حقوق الإنسان، وهو الهدف من ه ذا البلاغ. وقد لا تقدم الجزاءات الجنائية سبل الانتصاف الفعالة إلى صاحب البلاغ، إلا أنها قد تؤدي إلى توقيع العقوبة على مرتكبي الانتهاكات. ولم يتم، في أية حال، توجيه أية تهم جنائية ولا أجريت أية تحقيقات جنائية.

5-4 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 7 بشأن ترح يل صاحب البلاغ إلى العراق، يدعي المحامي أنه إذا ما احتجز صاحب البلاغ وابنه، ينشأ التزام بترحيلهما بموجب قانون الهجرة، وبما أنهما مواطنين عراقيين، فإن المكان الوحيد الذي يجوز نقلهما إليه هو العراق. ويفترض المحامي أن الوضع الراهن للأكراد في العراق لا يخفى عل ى اللجنة، وأن الانتهاكات الصارخة لحقوقهم المنصوص عليها في العهد تعتبر نتيجة ملزمة لرحيلهما.

5-5 وفيما يتعلق بالمادة 9، يشير المحامي إلى مجموعة من التقارير التي تنتقد سياسة الدولة الطرف المتعلقة بالاحتجاز الإلزامي (11) . كما يحاج المحامي بأن قرار اللجنة الصاد ر في قضية أ. ضد أستراليا (12) ، والصادر بعد ذلك في قضية س. ضد أستراليا (13) يفضي إلى النتيجة الحتمية أن هذا النظام ينتهك الفقرتين 1 و4 من المادة 9. ولا يمكن التمييز بين هذه القضية والقضيتين السابقتين، والفرق الوحيد هو أنّ احتجاز طفل قاصر يجعل الوضع أخطر، وبنا ء عليه يتعين تطبيق المبادئ التي نصت عليها اللجنة في السابق.

المسائل والإجراءات التي عرضت على اللجنة

بحث جواز النظر في البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ادِّعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تيقَّنت اللجنة من أن المسألة نفسها ليست موضع دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وترى اللجن ة، فيما يتعلق برفض الدولة الطرف استمرار المحامي في معالجة البلاغ، أن تقديم تصريح حسب الأصول قبل تقديم البلاغ يخول للمحامي، في السياق العادي، السلطة الكافية لمتابعة سير البلاغ إلى حين الفصل فيه. ولم تعتبر اللجنة، في القضية الحالية، أن مرور وقت طويل قبل تقدي م البلاغ قد تم تدوينه وتسجيله، ولا أن الظروف اللاحقة يمكن أن تعوق الاستدلال على أن المحامي كان ولا يزال مفوضا حسب الأصول.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بانتهاك المادة 7 بشأن احتمال ترحيله إلى العراق، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا، وبعد فراره، قد أرجأ ت النظر في الاستئناف الذي يطعن فيه في قرار محكمة مراجعة شؤون المهاجرين إلى حين تحديد مكان وجوده. وينشأ عن ذلك أن ثمة، في الوقت الراهن، سبل انتصاف لا تزال متاحة بالنسبة لهذا الادعاء. وبناء عليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من الب روتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يخص الادعاءات المتعلقة بسوء المعاملة وبانتهاك المادتين 7 و10 بشأن معاملة صاحب البلاغ وابنه في فيلاوود وبشأن ترحيلهما إلى بورت هيدلاند والمعاملة التي لقياها هناك، تحيط اللجنة علماً بردود الدولة الطرف على المسائل المثارة، بما فيه ا نتائج التحقيقات التي أجريت، وتلاحظ أن هذه النتائج لم يناقشها صاحبا البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، وبناء على ما سبق، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يتمكنا من تقديم الأدلة الكافية التي تدعم مقبولية ادعاءاتهما في هذه المسائل. ومن ثم يكون هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 9، أن أعلى محكمة في الدولة الطرف قررت أن أحكام الاحتجاز الإلزامي هي أحكام دستورية. وتلاحظ اللجنة، استنادا إلى أحكامها القضائية السابقة، أن النتي جة الوحيدة ل إجراءات أمر الإحضار في المحكمة العليا أو في أي محكمة أخرى هي تأكيد أن أحكام الاحتجاز الإلزامي قد طبِّقت على صاحب البلاغ لأنه دخل أستراليا بدون إذن بذلك. وبناء عليه، ليست هناك أية سبل انتصاف متاحة لصاحب البلاغ تسمح له بالطعن في احتجازه بموجب الم ادة 9، ومن ثم تكون هذه الادعاءات غير مقبولة.

6-7 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بانتهاك المادة 19، بأنه حتى لو افترضت اللجنة لأغراض المحاجة أن الإضراب عن الطعام يدخل في إطار الحق في الحرية وفي التعبير اللذين تحميهما هذه المادة، فإنها ترى، في ضوء دواعي القلق التي أثارتها الدولة الطرف بشأن صحة السجناء وسلامتهم، بمن فيهم الأطفال الصغار وغيرهم من الأشخاص، والخطوات التي اتخذت قانونياً لنقل المضربين عن الطعام من مكان معين والتي أثارت هذه الشواغل، يمكن فهمها انطلاقا من كونها تدخل في إطار القيود المشروعة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19. وبالتالي فإن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تثبت مقبولية ادعائه بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 19 من العهد.

6-8 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 24، تلاحظ اللجنة الحجة التي قدمتها الدولة الطرف التي تفيد فيها بأنه في غياب أقارب آخرين لطفل صاحب البلاغ في أستراليا، تكون مصالحه الفضلى قد احترمت أيما احترام ببقائه مع والده. وترى اللجنة، استنادا إلى الشروح التي قدمتها الدولة الطرف بشأن الجهود المبذولة لوضع برامج تعليمية وترفيهية وغيرها من البرامج لصالح الأ طفال، بما في ذلك المرافق الخارجية، أن ادعاء انتهاك حقوق صاحب البـلاغ المنصوص عليها في المادة 24، في ظل هذه الظروف والملابسات، غير مدعوم بالأدلة الكافية لكي يعتبر مقبولا. ولما كان ادعاء انتهاك المادة 24 يتعلق بإخضاعه لنظام الاحتجاز الإلزامي، فإن اللجنة ترى أنه من الأنسب معالجة هذه المسألة في سياق المادة 9 بتزامن مع النظر في الادعاء المقبول للوالد في إطار هذه المادة.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي أتاحها لها الطرفان على النحو المن صوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بالادعاءات ذات الصلة بانتهاك المادة 9، تشير اللجنة إلى أحكامها السابقة حيث اعتبرت أنه من أجل تفادي وصف الاحتجاز بصفة التعسف، ينبغي ألا يستمر الاحتجاز فترة تتعدى تلك التي تستطيع الدول ة الطرف أن تقدم تبريرات مناسبة بشأنها (14) . وفي هذه القضية، استمر احتجاز صاحب البلاغ احتجازاً إلزامياً، كشخص غير مواطن وغير حائز على تصريح بالدخول، إلى أن يتم إبعاده أو منحه تصريحاً. ومع أن الدولة الطرف تقدم أسباباً معينة لتبرير الاحتجاز الفردي (الفقرة 4-15 وما بعدها)، فإن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تثبت أن تلك الأسبـاب تبرر استمرار احتجاز صاحب البلاغ، وذلك في ضوء مرور الوقت والظروف الطارئة، كصعوبة الاحتجاز المطـول بالنسبة للابن أو كون الدولة الطرف لم تقم فيما يبدو خلال الفترة قيد الاستعراض بترحيل أي عر اقي من أستراليا (الفقرة 4-12). وبصفة خاصة، لم تثبت الدولة الطرف، في ضوء الظروف الخاصة لصاحب البلاغ، أنه لم تكن هناك وسائل أقل قساوة لتحقيق نفس الغايات، أي المطالبة بالامتثال لسياسات الدولة الطرف في مجال الهجرة، وذلك بوسائل منها مثلاً اشتراط الالتزام بالحضو ر إلى مركز الشرطة أو تقديم كفالة أو غير ذلك من الشروط. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ في القضية الحالية لم يتمكن من الطعن في قرار استمرار احتجازه أمام المحاكم. ولعل المراجعة القضائية لاحتجازه كانت ستقتصر على تقييم ما إذا كان صاحب البلاغ غير مواطن وغير ح ائز على تصريح بالدخول، ولعل المحاكم ذات الصلة، بتطبيقها المباشر لأحكام التشريعات ذات الصلة، تكون غير قادرة على النظر في الحجج التي تثبت أن الاحتجاز الفردي كان غير مشروع بموجب العهد. ولا تقتصر المراجعة القضائية لمشروعية الاحتجاز بموجب الفقرة 4 من المادة 9 ع لى مجرد أن يكون الاحتجاز ممتثلا للقانون المحلي، وإنما يتعين أن تشتمل كذلك على إمكانية الإفراج إذا كان الاحتجاز لا يتماشى ومقتضيات العهد، لا سيما تلك المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 9 (15) . ففي القضية الحالية، أودع صاحب البلاغ وابنه في مركز احتجاز خاص با لمهاجرين لمدة تناهز سنتين بدون مبررات فردية ودون توفر فرصة لإجراء مراجعة قضائية موضوعية لتطابق استمرار احتجازهما مع مقتضيات العهد. وبناء عليه، ترى اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ وابنه المنشأة بموجب الفقرتين 1 و4 من المادة 9 من العهد قد انتهكت.

8- إن اللجنة الم عنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكات لأحكام الفقرتين 1 و4 من المادة 9 من العهد فيما يتعلق بصاحب البلاغ وابن ه.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تقديم تعويض له.

10- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك ان تهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفي ذ. كما أن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انظر ، مع ذلك، الفقرة 2-6.

(2) يشير صاحب البل اغ إلى قرار اللجنة في قضية أ. ر. ج. ضد أستراليا القضية رقم 692/1996، الآراء المعتمدة في 11 آب/أغسطس 1997، وقضية ت. ضد أستراليا (القضية رقم 706/1996، الآراء المعتمدة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997.

(3) حالة حقوق الإنسان في العراق ، تقرير قدمه المقرر الخاص وف قاً لقـرار لجنة حقوق الإنسان 1998/65 (E/CN.4/1999/37)، 26 شباط/فبراير 1999، الفقرتان 82 و83؛ التقـرير العالمي لعام 2000 لمنظمة رصد حقوق الإنسان، ويمكن الاطلاع عليه بواسطة الإنترنت في الموقع www.hrw.org/hrw/wr2k1/mideast/iraq.html#government والموقع #kurdistan.

(4) القضية رقم 560/1993، الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 1997.

(5) يشير صاحب البلاغ إلى قضية أرزوادا جيلبوا ضد أوروغواي القضية رقم 147/1983، الآراء المعتمدة في 2 تشرين الثان ي/نوفمبر 1985، حيث خلصت اللجنة إلى انتهاك الفقرة 1 من المادة 10، لأن فترة الاحتجاز الانفرادي دامت خمسة عشرة يوماً.

(6) يشير صاحب البلاغ إلى أن المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب قد لاحظ أن الاحتجاز الانفرادي "ينبغي ألا يتجاوز سبعة أيام" (E/CN.4/1986/15)، فيما نادى المقرر الخاص المعني بحالات الطوارئ بعدم اعتبار الحق في "أمر الإحضار أو ما إلى ذلك من سبل الانتصاف السريعة أوالفعالة" كحق غير قابل للتعليق. (وردت في Marks, S. “Civil Liberties at the Margin: the UK Derogation and the European Court of Human Rights”, (1995) 15 Oxford Journal of Legal Studies 69, at 82-83).

(7) يلاحظ صاحبا البلاغ أن اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة أشارت بصراحة إلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1957) عند تناولها مشروع المادة 10 في عام 1958. وتناولت اللج نة هذه القواعد ذات الصلة بالمادة 10 في كل من تعليقها العام 21 وفي نظرها إلى التقارير الدورية للدول الأطراف بموجب العهد.

(8) قضية تشو كينغ ضد وزير الهجرة والشؤون العرقية (1992) CLR 1.

(9) المرجع المذكور.

(10) قضية س. ضد أستراليا القضية رقم 900/1999، الآر اء المعتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

(11) تقرير لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص المعنون Those who’ve come" across the seas: Detention of unauthorized arrivals"، ويمكـــــن الاطــــــلاع عليــه بواسطــة الإنتــرنت فــي الموقـــع:www.hreoc.gov.au/pdf/human_rights/asylum_seekers/h5_2_2.pdf; ؛ وزارة خارجية الولايات المتحدة، التقارير القطرية حول الممارسات في مجال حقوق الإنسان لعام 2000 (شباط/فبراير 2001)، متاحة على الشبكة على الموقع:www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2000/eap/index.cfm?docid=673؛ التقرير الخا ص لمنظمة رصد حقوق الإنسان، اللاجئون وطالبو اللجوء المشردون في الداخل ، متاح على الشبكة على الموقع: www.hrw.org/wr2k1/special/refugees.2html؛ التقرير السنوي لعام 2000 لمنظمة العفو الدولية؛ وSteel, Z., Moilica.R. “Detention of asylum seekers: assault on health, human rights and socialdevelopment” The Lancet Vol 357, 5 May 2001, at 1436.

(12) مرجع مذكور في موضع آخر.

(13) مرجع مذكور في موضع آخر.

(14) قضية أ. ضد أستراليا وقضية س. ضد أستراليا ، مرجعان مذكوران في موضع آخر.

(15) المرجعان نفسهما.

تذييل

رأي فردي أ دلى به عضو اللجنة السير نايجل رودلي (رأي مخالف جزئياً)

للأسباب التي ذكرتها في رأيي المستقل في قضية سي. ضد أستراليا (القضية رقم 900/1999، الآراء المعتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002)، أتفق مع اللجنة فيما خلصت إليه من حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 9، إلا أنني لا أتفق معها فيما خلصت إليه من حدوث انتهاك للفقرة 4 من المادة 9.

( توقيع ) نايجل رودلي

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما سيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أدلت ب ه السيدة روث وِ دجوود (رأي مخالف)

لا يسعني أن أتفق مع اللجنة في افتراضها بأن المعايير التشريعية التي تقتضي احتجاز أي صنف من أصناف المهاجرين الذين يدخلون بدون تصريح والتي تحد من السلطة التقديرية لمحكمة ما خلال تعليق إجراءات الهجرة تنتهك في حد ذاتها المادة 9 من العهد. فالضمان الذي تمنحه المادة 9 ضد الاحتجاز التعسفي، في نظر اللجنة، لا يقتضي فقط أن يستفيد الشخص من المراجعة القضائية، وإنما أن تكون المعايير التي تعتمد عليها المحكمة في التقييم معايير لا تكبلها قيود. كما أن الاستنتاجات الواقعية التي خلصت إليها الهي ئة التشريعية بشأن نجاح أو فشل سياسات الإفراج تحت الإشراف أو بشأن مشاكل تخلف بعض المهاجرين عن الإبلاغ عن دخولهم بدون تصريح لا تستحق إيلاءها هذه الأهمية.

ومن الممكن تطبيق المنطق ذاته للطعن في أي حكم جنائي إلزامي في القضايا الجنائية، بما أن المحكمة في هذه ال حالات تقتصر أيضا على تقييم الوقائع دون سلطة تقديرية وتغيير النتائج المنبثقة عن هذه الوقائع.

ولما كان من الوارد جدا أن تتطلب الفقرتان 1 و4 من المادة 9 من العهد إشارة إلى معايير موضوعية تتعدى القانون المحلي - أي أن عملاً ما قد يكون تعسفيا بموجب العهد حتى وإ ن كان يمتثل للقانون المحلي- فليس ثمة، مع ذلك، أي أسس في العهد تُملي بأن تكون المحاكم مستودعاً لجميع أحكام السياسة العامة وهيئةً لوضع المعايير في المجالات الصعبة، من قبيل الهجرة غير المشروعة. وإنه لمن السخرية لا محالة غض الطرف، بموجب البروتوكول الاختياري، ع ن تخلف صاحب الشكوى عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية في الطعن، وبالتالي إدانة الدولة الطرف لعدم وجود قرار قضائي مستقل (1) . ومما لا ريب فيه أن الإذن الخاص الذي أجاز لصاحب الشكوى بأن يرفع استئنافا إلى المحكمة العليا في أستراليا قد أصبح عالقا منذ أن فرّ صاحب الب لاغ من السلطات المعنية بالهجرة في أستراليا (2) .

وأثناء النظر في ما إذا كان احتجاز صاحب البلاغ مسبقا تعسفيا، يتعين ملاحظة أن أستراليا قد فصلت في استحقاق طلب الهجرة في وقت جد وجيز. وقد وصل صاحب البلاغ إلى استراليا دون حيازة أي وثائق سفر ولا أي دليل عن خطة رح لته، وقدم طلبا، بعد مرور أسبوعين، باللجوء السياسي استند فيه إلى ادعائه "الخوف من الاضطهاد لأسباب حقيقية". ومن ثم قيَّمت أستراليا طلبه ثم رفضته في غضون أسبوع آخر (أي في غضون شهر واحد من وصوله إلى هناك). وتم الفصل في قضية الاستئناف التي رفعها إلى محكمة مراجع ة شؤون اللاجئين في غضون شهرين تاليين، وبعد مرور أربعة أيام على ذلك، نظر الوزير المعني بقضايا المهاجرين في طلب صاحب البلاغ (ورفضه) الذي يلتمس فيه ممارسة السلطة التقديرية استناداً إلى أسس إنسانية. كما أن صاحب البلاغ كان صاحب القرار في اللجوء إلى ثلاث سبل إضا فية من سبل الاستئناف القضائي في المحكمة الاتحادية وفي المحكمة العليا الأسترالية، مما أدى إلى تجاوز فترة إصدار قرار نهائي في قضيته ثلاثة أشهر، وحتى في هذه الهيئات، تم البت في قضايا الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ إلى كل من المحكمة الاتحادية والمحكمة الاتحا دية بكامل هيئتها في غضون سنة إضافية. وقد قرر صاحب البلاغ التماس إذن خاص برفع قضية استئناف إلى المحكمة العليا الأسترالية، وتحديد موعد للنظر في القضية وأُرجئ الفصل فيها لأن صاحب البلاغ قد فر.

ولا يحاج صاحب البلاغ لأن رفض أستراليا الموضوعي طلبه اللجوء كان تع سفيا ولا يطعن في رفض الوزير منحه اللجوء استنادا إلى أسس إنسانية. وإنما يحاج لأن احتجازه باعتباره طالبا للجوء كان احتجازا تعسفيا وغير معقول لأن ظروف الإفراج تحت الإشراف، في حالته الشخصية، كانت كافية لمنع رحيله، وقد كان ينبغي أن تكون المحكمة قادرة على تقدير هذه المسألة. ولعل هذا الادعاء يبدو جريئاً من شخص فر هاربا في ما بعد. وبإمكان البرلمان الأسترالي، في أي حال من الأحوال، أن يخلص إلى أن أي مهاجر دخل أستراليا بدون تصريح ولم تقبل محكمة إدارية أو محكمة أقل درجة طلبه اللجوء ليس له الحق بعد ذلك في طلب ترحيله بعد ما استنفد سبل الاستئناف. ولا يستبعد اختصاص البرلمان هذا فرض بعض القيود، بموجب العهد، على طول الفترة الزمنية التي يمكن أن يظل خلالها ملتمسو اللجوء الذين ترفض طلباتهم محتجزين فيها، عندما لا تكون ثمة فرصة لعودتهم إلى بلد آخر. كما أنه لا يستبعد وجود وقت معقول قبل أن يصدر قرار الاستئناف، عندما يكون صاحب الطلب محتجزا. إلا أن صاحب البلاغ في هذه القضية لا تنطبق عليه هذه الحقائق.

وكم كنا نتمنى أن يكون العالم بلا حدود، وأن تنقضي الظروف التي تخلق طلبات اللجوء المشروعة. إلا أننا في الوقت الراهن ينبغي أن نعترف بحق الدو ل في ضبط الدخول إلى أقاليمها، وبحقها في اللجوء إلى أحكام تشريعية معقولة لتحقيق ذلك.

( توقيع ) روث وِ دجوود

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما سيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشيتان

(1) علينا ألا نفترض أن بإمكان محاكم الدولة الطرف أن تفصل في قضية محددة. ويمكن الإعلان عن تفسير المحاكم لنية البرلمان بقواعد العهد، وبالاستدلال المسموح به على أن البرلمان يرغب في أن يمتثل لالتزامات الدولة الطرف التي تمليها عليها المعاهدات. ا لا تفا ق في قضية يونغ ضد أستراليا ، القضية رقم 941/2000، الآراء المعتمدة في 6 آب/أغسطس 2003 (رأي موافق أدلت به ا لسيدة ر. وِ دجوود)

(2) يُحتمل أن يكون طلب صاحب ال بلاغ بمنحه إفراجا تقديريا محل جدل، بسبب فراره من ال حراسة القانونية.

دال دال - البلاغ رقم 1020/2002، كا بال وباسيني ضد أستراليا *

(الآراء التي اعتمدت في 7 آب/أغسطس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

المقدم من : السيد كارلوس كابال والسيد ماركو باسيني بيرتران (يمثلهما المحاميان السيد جون ب. بيس والسيد جون بودغوريليك)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 6 تموز/يوليه 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 آب/أغسطس 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1020/2001، المقدم إ لى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد كارلوس كابال والسيد ماركو باسيني بيرتران بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطر ف،

تعتمد ما يلي:

ــــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والت ر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومن فيروشيفسكي.

وعملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السير نايجل رودلي في اعتماد الآراء.

ويرد في تذييل بهذه الوثيقة نص رأي فردي بتوقيع عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري يريغوين.

الآراء التي أُدلي بها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبا البلاغ، المؤرخ 6 تموز/يوليه 2001، هما كارلوس كابال، المقيم حالياً في المكسيك، و ماركو باسيني بيرتران ("باسيني")، المحتجز حالياً في سجن بورت فيليب الخاضع لتحوطات أمنية قصوى بانتظار تسليمه إلى المكسيك. وكلاهما مواطنان مكسيكيان. ويدعيان أنهما ضحيتان لانتهاكات أستراليا للمادة 7 والفقرة 1 والفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 والفقرة 2 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهما محام.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

إجراءات التسليم

2-1 اعتقل صاحبا البلاغ بتاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 (1) في أستراليا، عملاً بأمرين مؤقتين بإلقاء القبض عليهما صادرين بموجب قانون التسليم لعام 1988 ("قانون التسليم"). وعُرضا على أحد قضاة التحقيق وأعيدا إلى الحبس على ذمة التحقيق في مركز احتجاز ملبورن، فيكتوريا، حيث عزلا فيه عن السجناء المدانين. وفي 4 كانون الثاني/يناير 1999، نقلا إلى سجن بورت فيليب، فيكتوريا. واحتجزا في وحدة مؤقتة لمدة ثلاثة أسابيع، ثم وضعا في وحدة للسجناء العاديين، ونقلا في آب/أغسطس 1999 إلى وحدة سيريوس إيست الخاضعة للحماية المشددة والتابعة لسجن بورت فيليب. ومنذ الوقت الذي احتجز فيه صاحبا البلاغ في سجن بورت فيليب، لم يعزلا عن السجناء المدانين ولم يعاملا معاملة مستقلة عنهم .

2- 2 وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 1998 و11 شباط/فبراير 1999، قدمت المكسيك طلبات رسمية بشأن تسليم كابال لصلته بارتكاب عدد من الجرائم المزعومة فيما يخص إدارة أحد المصارف وجرائم أخرى تتعلق بالتزوير والتهرب من دفع الضرائب وغسل الأموال. وفي 20 كانون الثاني/يناير 1999 ، قدمت المكسيك طلباً رسمياً بشأن تسليم باسيني لصلته بارتكاب جريمتين مزعومتين فيما يخص إدارة أحد المصارف وجريمة أخرى تتعلق بطمس الحقائق. وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1999، رأت إحدى الهيئات القضائية الأسترالية أن لصاحبي البلاغ الحق في تسليم نفسيهما، ووقعت أمرين بحبسهما في سجن بورت فيليب. وفي 29 آب/أغسطس 2000، رفضت المحكمة الفيدرالية لأستراليا طلب صاحبي البلاغ بشأن إجراء مراجعة قضائية لإجراءات التسليم. وقدم صاحبا البلاغ طلباً إلى كامل هيئة المحكمة الاتحادية لاستئناف هذا القرار. وفي 18 نيسان/أبريل 2001، رفضت المحك مة بكامل هيئتها طلبهما. وفي 7 أيلول/سبتمبر 2001، رفضت المحكمة العليا طلباً قدمه باسيني بشأن الحصول على إذن خاص لاستئناف قرار المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها.

2-3 ولغاية 20 كانون الأول/ديسمبر 2000، كان باسيني قد حصل على إفراج بكفالة عدة مرات لحين عودته إلى المجلس في 19 تموز/يوليه 2001 حيث لا يزال معتقلاً لحد الآن. وفي 4 تموز/يوليه 2001، منحت المحكمة العليا كابال إفراجاً بكفالة بيد أن هذا الأمر ألغي لدى استئنافه في 2 آب/أغسطس 2001. وفي نفس اليوم، أبلغ كابال السلطات بأنه لم يعد راغباً في الاستفادة مما تبقى من حقوق الرجوع المتاحة لـه وأنه قبل بتسليمه وعودته إلى المكسيك. وفي 6 أيلول/سبتمبر 2001، أُبعد إلى المكسيك.

2-4 وفي 22 أيار/مايو 2002، طلب باسيني إلى وزير العدل ألا يصدر قراراً بتسليمه بموجب الباب 22 من قانون التسليم لحين ظهور نتيجة دعوى إنفاذ الحقوق الدستوري ة في المكسيك. وأجاب الوزير هذا الطلب. وفي فاكس مؤرخ 9 شباط/فبراير 2003، أبلغ باسيني اللجنة بأنه قد قبل بالتسليم لدى استنفاده لجميع الاستئنافات في أستراليا فيما يتعلق بطلب التسليم الذي قدمته المكسيك، وأنه ينتظر حالياً تسليمه إلى المكسيك. وهو لا يزال مسجوناً في وحدة سيريوس إيست التابعة لسجن بورت فيليب .

أوضاع سجن صاحبي البلاغ ومعاملتهما

2-5 كان كابال، قبل تسليمه، محتجزاً مع السجناء المدانين في وحدة سيروس إيست المحمية حماية مُشددة والتابعة لسجن بورت فيليب الخاضع لتحوطات أمنية قصوى. ولا يزال باسيني محتجزاً مع ا لسجناء المدانين في نفس الوحدة. ويخضـع سجن بورت فيليب لإدارة خاصة، من جانب شركة المجموعة 4 المحدودة لتقديم خدمات الإصلاحيات ("المجموعة 4") وهو منظم بموجب قانون ولاية فيكتوريا. ولا ينص نظام السجون في فيكتوريا - على النقيض مما هو الحال في الولايات والأقاليم ا لأسترالية الأخرى - على حبس المحتجزين رهن التحقيق من دون كفالة لحين إكمال إجراءات التسليم حبساً انفرادياً.

2-6 ووفقاً لما يقوله صاحبا البلاغ، فإن وحدة سجن سيريوس إيست مأهولة "بالعديد من القتلة والمغتصبين المدانين"، والعنف أمر اعتيادي في هذه الوحدة، وغالباً ما يكون لنزلاء هذا السجن سوابق إجرامية في العنف وتعاطي المخدرات. وقد وصفهم أحد الأطباء النفسانيين الشرعيين بأنهم "جناة أكثر منهم ضحايا". وهناك سجين مصاب بمرض الإيدز في هذه الوحدة، و12 سجيناً مصابين بالتهاب الكبد من الفئة جيم. ويعاني العديد من السجناء من ا لأمراض المعدية، ويذكر حسبما يقول صاحبا البلاغ في إفادة خطية مشفوعة باليمين أدلى بها أحد نزلاء السجن أنهما احتجزا اعتباراً من 4 كانون الثاني/يناير 2000 مع سجين كان "يبصق دماً".

2-7 وهناك عمليات توقيف مستمرة بسبب العنف ويشير صاحبا البلاغ إلى إفادة خطية مشفوع ة باليمين لنزيل آخر من نزلاء السجن يصف مختلف الحوادث التي تعرض فيها لاعتداءات جنسية من سجناء آخرين. ويورد صاحبا البلاغ وصفاً لحادثتين تعرضا خلالهما لتهديدات عنيفة معينة. ففي 30 أيار/مايو 2000، تعرض باسيني ، الذي كان برفقة كابال، للتهديد بسكين معدنية طولها 2 0 سنتيمتراً من جانب نزيل من نزلاء السجن معروف بسوابقه الإجرامية في تعاطي المخدرات والعنف. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2000، أشار سجينان، في ساحة التمارين الرياضية، إلى أنهما يرغبان في التحدث إلى كابال واقتربا منه. واعترضهما موظفو السجن الذين فتشوهما ليكتشفا أن أحدهما كان يحمل معه مقصاً.

2-8 ولم تكن معاملة صاحبي البلاغ، ولا سيما معاملة باسيني ، مختلفة أو مستقلة عن معاملة السجناء المدانين. وينطبق الوصف التالي لمعاملة باسيني على كابال أيضاً قبل تسليمه. ولباسيني "رقم سجل إجرامي"، وهو ملزم بالإفصاح عنه في كل مرة ي طلب فيها إليه أن يعرف بنفسه. ويخضع لنفس الروتين اليومي الذي يخضع لـه السجناء المدانون، بما في ذلك فرض نفس القيود على كل شيء، ابتداءً من الاتصال المادي بأسرته إلى الطعام الذي يتناوله. وخلال النزاعات بشأن العلاقات الصناعية التي تؤدي إلى الإضرابات، يدار السجن بأقل عدد ممكن من الموظفين. وبالتالي، يحتجز جميع المعتقلين في السجن في زنزاناتهم لمدة 23 ساعة يومياً، بحيث لا يتسنى لهم خلالها سوى إجراء عدد قليل جداً من المكالمات الهاتفية. وتقلل أحكام السجناء المدانين، بالنظر لهذه الفوضى، بمقدار يوم إلى يومين تقريباً عن كل يوم إضراب. ولا يحصل باسيني بالمقابل على أي تعويض من أي نوع.

2-9 ويكبل باسيني في كل مرة ينقل فيها من السجن بالأغلال ويصفد بقيود مؤلفة من 12/17 حلقة. ويعرض أيضاً للتفتيش بعد كل زيارة، وقبل نقله إلى المحكمة وبعد عودته منها. وهذا يعني أنه قد يخضع لتفتيش جس مه تفتيشاً دقيقاً لأكثر من 3 مرات يومياً. ويتعرض باسيني للدفع والدسر على نحو منتظم وللعنف بشكل عام من قبل موظفي السجن.

2-10 وفي 17 كانون الأول/ديسمبر 1999، وضع صاحبا البلاغ في آن معاً فيما يوصف "بالقفص" لمدة ساعة واحدة. والقفص بحجم إحدى مقصورات الهاتف، وهو مثلث الشكل وله جداران من الصلب وجدار ثالث من المعدن تتخلله ثقوب مدورة صغيرة. ويوجد كرسي صغير مثبت فيه بيد أنه لا يتسع لجلوس شخصين معاً (2) .

2-11 ويقول صاحبا البلاغ إن المحاكم كانت تعرب من وقت لآخر عن قلقها الشديد إزاء حالتهما، بيد أنها لم تر أن حبسهما يشكل ظروفاً خاصة تكفي لإصدار قرار إفراج بكفالة في صالحهما (3) . وأصرت على أن احتمال فرارهما يفوق من حيث الأهمية الآثار السلبية التي يتركها هذا الحبس عليهما.

المحاولات التي قام بها صاحبا البلاغ للطعن في احتجازهما

2-12 قدم كابال، في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، طلب اً إلى المحكمة الاتحادية لاستصدار أمر زجري تمهيدي يمنع وزير العدل والجمارك ومدير سجن بورت فيليب من الاستمرار في احتجازه، لحين نظرها في طلب استئناف يتعلق بإجراءات التسليم المعروضة عليها (4) . ورُفض هذا الطلب في 3 كانون الأول/ديسمبر 1999.

2-13 وفي 19 أيار/مايو 2000، قدم صاحبا البلاغ طلباً في محكمة النقض في فيكتوريا لاستصدار أمر إحضار أمام المحكمة. وفي 30 أيار/مايو 2000، رُفض طلبهما. وفي 19 حزيران/يونيه 2000، قدما طلباً إلى المحكمة الاتحادية في أستراليا للحصول على مساعدة مماثلة، يزعمان فيه أن احتجازهما يتنافى وق انون التسليم. وفي 14 تموز/يوليه 2000، رفضت المحكمة طلبهما. وفي 28 تموز/يوليه 2000، استأنف صاحبا البلاغ هذا القرار أمام كامل هيئة المحكمة الاتحادية فرفضت بدورها الاستئناف. وفي 13 أيلول/سبتمبر 2000، قدما طلباً إلى المحكمة العليا في أستراليا للحصول على إذن خا ص لاستئناف القرار الصادر عن كامل هيئة المحكمة الاتحادية. وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، رُفض هذا الطلب.

2-14 وسعى صاحبا البلاغ، من خلال طلب مؤرخ 27 تموز/يوليه 2000 قدماه إلى المحكمة الاتحادية الأسترالية، للحصول، في جملة أمور، على أوامر تقضي بإطلاق سراحهم ا من السجن وإحالتهما إلى الشرطة الاتحادية الأسترالية و/أو شرطة فيكتوريا و/أو وزير العدل. وفي 11 آب/أغسطس 2000، أجلت المحكمة إعلان الطلب المقدم بشأن تغيير الاحتجاز إلى موعد يحدد فيما بعد. ولم يقدم المزيد من المعلومات عن نتيجة هذا الطلب.

2-15 وفي 8 آذار/مارس 2000، قدم صاحبا البلاغ شكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، يتذمران فيها من أن احتجازهما ينتهك أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 قدمـت هذه اللجنة نتائجها الأولية التي رأت فيها أن احتجاز صاحبي البلاغ هو انتهاك لحقوقهما بموجب المادة 7 والفقرة 1 والفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 من العهد. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 2001، أصدرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، بعد تسلمها لرسائل إضافية، قرارها النهائي، الذي رأت فيه أن "التصرفات والممارسات التي يشتكي منها صاحبا البلاغ لا تتفق بل وتتنافى مع أي حق من حقوق الإنسان".

2-16 ومنذ بدء احتجاز صاحبي البلاغ، وجهت رسائل عديدة إلى سلطات السجن بالنيابة عنهما، وطُلب فيها تحسين ظروف احتجازهما.

الشكوى

3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت ا لفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 من العهد، لعدم قيامها بفصلهما عن المدانين، وعدم معاملتهما معاملة مستقلة تليق بوضعهما بوصفهما غير مدانين (5) . وفي هذا الخصوص، يشيران إلى القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء ("القواعد الدنيا النموذجية") والمبدأ 8 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ("مجموعة المبادئ")، التي تؤكد مبدأ الفصل.

3-2 وفيما يتعلق بمسألة الفصل، يزعم صاحبا البلاغ أن حق "الإعفاء في الظروف الاستثنائية" المنصوص عليه في الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10، قد أُضيف لفائدة البلدان الفقيرة التي ليس باستطاعتها أن توفر تكاليف بناء أماكن احتجاز مستقلة (6) . ويشيران إلى تعليق اللجنة العام 21، الذي يرد فيه أنه "... من أجل التأكيد على مركزهم بوصفهم غير مدانين ويتمتعون في نفس الوقت بالحق في اعتبارهم أبرياء وفقاً لما هو منصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14. وينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تبين كيف يتم فصل المتهمين عن المدانين وأن توضح كيف تختلف معاملة المتهمين عن معاملة المدانين" (7) .

3-3 وفيما يخص مسألة المعاملة المستقلة ، يلاحظ صاحبا البلاغ أن هذا العنصر من عناصر الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10، غير محدد ويستلزم صراحة "معاملتهما معاملة مستقلة تليق بوضعهما بوصفهما غير مدانين" (8) . ويدعي صاحبا البلاغ أنه "ينبغي لظروف احتجاز شخص ما في الحبس الوقائي أن تكون مستقلة ومنفصلة". ويزعمان أن معاملة من هذا القبيل لا بد من أن تكون متفقة مع القواعد الدنيا النموذجية (القواعد 85-93)، التي تورد وصفاً لكيفية تنفيذ هذه القواعد، بما فيها توفير سبيل للحصول على أطباء وأطباء أسنان ومستشارين قانونيين.

3-4 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن أستراليا أبدت التحفظ الت الي على المادة 10:

"فيما يتعلق بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2، يعد مبدأ الفصل مقبولاً بوصفه هدفاً يتعين تحقيقه على نحو تدريجي".

ويلاحظان أن هذا التحفظ لا يتعلق سوى بعنصر الفصل وأن الدولة الطرف قد قبلت، لدى تصديقها على العهد، بالالتزام بضمان معاملة المداني ن معاملة مستقلة عن غير المدانين. ويدعي صاحبا البلاغ أنه بالنظر لمضي 20 عاماً على إبداء هذا التحفظ، فإن من المعقول أن يتوقع أن تكون أستراليا قد حققت هذا الهدف لتفي تماماً بالتزاماتها، ويزعمان أن المادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تنص على مبدأ الأدا ء بنية طيبة فيما يتعلق بالوفاء بالالتزامات التي تقطعها الدول على نفسها. ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف، على النقيض من ذلك، اتبعت نهجاً تراجعياً على الأقل في تطبيقها لمبدأ الفصل في نظام السجون الخاص بها في ولاية فيكتوريا. ويزعمان أن مركز احتجاز ملبورن ا لذي سهل فصل المدانين عن غير المدانين اعتباراً من 6 نيسان/أبريل 1989، عكس هذه السياسة في عام 1994. كما يزعم صاحبا البلاغ عدم وجود سياسة للفصل في سجن بورت فيليب وأنه بالرغم من زعم الدولة الطرف في تقريرها الرابع الذي قدمته بموجب المادة 40 من العهد (9) ، والذي د رس في تموز/يوليه 2000، أن سجن بورت فيليب "سيراعي إدخال المزيد من التحسينات فيما يتعلق بفصل المدانين من الذكور عن غيرهم من غير المدانين"، إلا أن هذه النوايا لم تتحقق.

3-5 ويدعي صاحبا البلاغ أن ظروف احتجاز كابال والظروف التي لا يزال باسيني يحتجز في ظلها تنته ك حقهما في الحصول على معاملة إنسانية، وتتنافى، فيما يتعلق بكرامة الإنسان الأصيلة، والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10.

3-6 ويزعم كابال أنه، بالنظر للمعاملة التي تلقاها والتي لا يزال باسيني يتلقاها فيما يتعلق بجميع الجوانب بوصفهما شخصين مذنبين ويقضيان فترة محك ومية، لم يتح لهما التمتع بحق اعتبارهما بريئين لحين ثبوت إدانتهما وفقاً للقانون، وهو أمر يتنافى والفقرة 2 من المادة 14 من العهد.

3-7 ويدعي صاحبا البلاغ أن "حقهما في الصحة معرض أو عُرض لخطر شديد"، نتيجة احتجازهما مع سجناء يعانون من أمراض معدية. ويشيران بوجه خاص إلى السجين الذي كان على ما يُزعم "يبصق دماً"، وهو أحد الأعراض التقليدية للتدرن. كما يشير صاحبا البلاغ إلى مقال نُشر في إحدى الصحف الدولية بشأن الموضوع، حيث أشير إلى إعلان باكو بشأن التدرن، الذي يوجه تحذيراً للحكومات والسلطات الصحية لاتخاذ إجراءات ترمي إلى معالجة مشكلة التدرن في السجون. ويدعي صاحبا البلاغ أن عدم معالجة المشكلة هو انتهاك للمادة 12 من العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 علَّقت الدولة الطرف، بالمذكرة الشفوي ة المؤرخة 1 تشرين الأول/أكتوبر 2002، على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تقدم معلومات عامة عن سجن بورت فيليب، بما فيها القول إنه سجن الاعتقال الأساسي في ولاية فيكتوريا، وإن حوالي 40-50 في المائة من المحتجزين سجناء موقوفون رهن التحقيق وغير مدانين، وإنه يؤدي وظيفة انتقالية في نظام السجون في ولاية فيكتوريا. وتدفع بأن وحدة سيريوس إيست تأوي سجناء بحاجة إلى حمايتهم من سجناء آخرين في داخل السجن. وتضم الوحدة أشخاصاً مدانين وغير مدانين. وتوضح الدولة الطرف أن كلاً من كابال وباسيني نُقلا إلى سيريوس إيست لضمان سلام تهما، لاعتقاد أنهما كانا هدفاً للابتزاز في أجزاء أخرى من السجن وأنهما اشتركا في تصرفات من شأنها أن تعرضهما لخطورة أن يقعا ضحيتين لمهاترات عنيفة (10) .

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى النتائج التي توصَّل إليها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والتابع للجنة ا لمعنية بحقوق الإنسان، الرأي رقم 15/2901(أستراليا)، والمؤرخ 18 أيار/مايو 2001، الذي خلُص فيه إلى أن صاحبي البلاغ لم يُحتجزا احتجازاً تعسفياً وأن ظروف الاحتجاز، التي يزعمان أنها تشكل خطراً على حياتهما، ليست مسألة تندرج ضمن نطاق ولاية الفريق العامل. وأشار أيض اً إلى الطلب العاجل الذي أرسله المقرر الخاص للجنة المعنية بحقوق الإنسان والمعني بمناهضة التعذيب إلى الدولة الطرف في 12 حزيران/يونيه 2001.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول. وتزعُم أن صاحبي البلاغ لم يقدما أية مادة إلى اللجنة ولم يعرضاها بالفعل ع لى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، التي خلُصت في تقريرها الختامي المؤرخ 23تشرين الأول/أكتوبر 2001 إلى أن الدولة الطرف لم تنتهك أياً من حقوقهما بموجب العهد. والانتهاكات المزعومة للعهد، باستثناء الانتهاك المزعوم حالياً للفقرة 2 من المادة 14، متطاب قة في كل من القضية المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والقضية المعروضة الآن على اللجنة. وتزعُم أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة في قضية ف ، التي قدمتها بالأصالة عن ابنها ج ضد أستراليا (11) ، تشير إلى أنه ينبغي في الحالات التي تخلص فيها ا للجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص إلى أن المزاعم التي يطلقها صاحب بلاغ ما، والأدلة التي يقدمها لا تكشف النقاب عن وجود انتهاك ما للعهد، وحيثما يعجز صاحب البلاغ عن تزويد اللجنة بمعلومات تكميلية للمعلومات المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، اعتبار البلاغ المقدم إلى اللجنة غير مقبول لعدم إثباته.

4-4 وتدفع الدولة الطرف، فيما يخص تحفظها المتعلق بهذا الموضوع، بأن زعم انتهاك الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10، لعدم قيامها بفصل صاحبي البلاغ عن السجناء المدانين أمر غير مقبول بحسب ال اختصاص الموضوعي . وتزعم أن اللجنة الثالثة للجمعية العامة رأت خلال دورتها الثالثة عشرة أن الآثار العملية للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 تشكل مصدر انشغال لعدد من الدول. وفي الواقع، "أعرب بعض الممثلين عن شكوكهم بشأن الإمكانات العملية في العديد من البلدان التي تعمد دائماً إلى فصل المتهمين عن المدانين حسبما تقتضيه الفقرة 2 من المادة" (12) . وليس هناك اعتراض على تحفظ أستراليا، وهو يتفق والمبادئ التوجيهية للجنة فيما يتعلق بالتحفظات مثلما هو منصوص عليه في التعليق العام رقم 24 (13) . وتزعم الدولة الطرف أن ال فقرة (3) من المادة 19 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تنص على أنه يجوز لأي دولة، في الحالات التي لا تحظر فيها المعاهدة التحفظات أو التي تندرج فيها التحفظات ضمن نطاق فئات معينة مسموح بها، أن تُبدي تحفظاً ما، شريطة ألا يكون غير متفق مع موضوع المعاهدة وهدفه ا. وعموماً لا يحظر العهد التحفظات ولا يذكر نوع التحفظات المسموح به.

4-5 وتقدِّم الدولة الطرف المعلومات التالية عن الملابسات الواقعية المحيطة بالتنفيذ التدريجي لعملية الفصل في سجون ولاية فيكتوريا. وسيتم في أواخر عام 2004 إكمال سجن احتجاز ملبورن الحضري الجدي د الذي يضم 600 سرير وسجن حضري آخر بسعة 300 سرير يخضع لتحوطات أمنية متوسطة. ولم يبت بعد في تحديد الموقع النهائي لهذين المرفقين الإصلاحيين الجديدين. وتشير الدولة الطرف إلى التفسير الذي قدمه مفوض اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص المعني بتقديم خدمات إ لى الإصلاحيات في فيكتوريا حينئذ، وهو كما يلي: "لا تتمتع فيكتوريا حالياً بموقع يمكنها من فصل السجناء المدانين عن غيرهم من غير المدانين. وفي عام 1989، أنشئ مركز احتجاز ملبورن لإيواء جميع السجناء الموقوفين رهن التحقيق، بيد أنه امتلأ تماما في غضون ستة أسابيع م ن افتتاحه، وتعين إيجاد أماكن إقامة في سجن الاستقبال الموجود في كوبورغ لاستيعاب السجناء الإضافيين الموقوفين رهن التحقيق ... وهناك ضغط كبير على أماكن الإقامة في السجون الموجودة في فيكتوريا. ولا تقتصر هذه الحالة على هذه الولاية. ومع أنه يتعين من الناحية المثا لية فصل السجناء المحكومين عن الموقوفين رهن التحقيق، إلا أنه يجب من الناحية العملية مراعاة احتياجات كافة المحتجزين ... ويتطلب فصل السجناء الموقوفين رهن التحقيق عن السجناء المحكومين في جميع الحالات أساساً، إيجاد نظام سجون ثابت يتسم بتوفير جميع الروابط الأمني ة والمرافق المتاحة للسجناء الموقوفين رهن التحقيق لتلبية احتياجاتهم الخاصة ... [ويوازن] هذا الهدف [الفصل] مع عوامل أخرى تؤثر تأثيراً مباشراً وفورياً في الاحتجاز الآمن للسجناء من الأفراد ومجتمع السجن بشكل عام وفي مصلحتهم ... ويجري استعراض قرارات توظيف المنت سبين بصفة دورية. ويجب وضع هذه الاعتبارات في سياق أحد أنظمة السجون الذي يعمل بأقصى طاقته ...".

4-6 ولا يعتبر عدم تحقيق الفصل، بالنسبة للدولة الطرف، بمثابة انتهاك للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10. ولا يعني التحقيق التدريجي "إحراز تقدم خطي بحت". وق د تنشأ ظروف يتوقف فيها إحراز تقدم يرتد في الواقع، حيث قد تقتضي الضرورة، على سبيل المثال، بحكم القيود التي تفرضها الميزانية أن يُستخدم أحد مراكز الاحتجاز الذي كان سابقاً لحبس غير المدانين كمركز لإيواء المدانين وغير المدانين. ولا يعني التراجع المؤقت عدم تحقي ق الفصل تحقيقاً تدريجياً. وتشير الدولة الطرف إلى رسالة الخدمات الإصلاحية في فيكتوريا إلى مفوض اللجنة المعنية حيث زعم أن مجرد القول (مثلما يفعل المشتكون) إن هذا التحفظ قد مضى عليه عشرون عاماً وإنه بالتالي لا بد وأنه قد تحقق يقلِّل من شأن التحديات (من قَبيل ازدياد عدد نزلاء السجن والتغيير الذي طرأ على خصائص أولئك المحتجزين) التي واجهت إدارة الإصلاحية في السنوات العشرين الأخيرة. وتشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية للجنة بشأن متطلبات الفصل بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 من العهد، بيد أنها تستنتج أن هذه الأحكام لا تنطبق على تحفظها الذي أبدته بشأن المادة 10.

4-7 وفيما يتعلق بالادعاء القائل إن حق كابال في اعتباره بريئاً وحق باسيني المطابق لهذا الحق قد انتُهكا، تدفع الدولة الطرف بأن الفقرة 2 من المادة 14 لا تنطبق سوى على الأشخاص الذين يواجهون إجراءات جنائية (14) . وبالرغم من أن المكسيك اتهمت صاحبي البلاغ بارتكاب جرائم جنائية، فلم يواجها في أي وقت من الأوقات إجراءات جنائية بموجب القانون الأسترالي. ولا تعتبر إجراءات التسليم بموجب هذا القانون إجراءات جنائية، ولم تبت المحاكم الأسترالية في أي وقت من ا لأوقات في اتهام صاحبي البلاغ أو تبرئتهما. فكل ما فعلته بالأحرى هو أنها فصلت فيما إذا كان تسليمهما ممكناً أم لا بموجب قانون التسليم. وبالتالي، تدفع الدولة الطرف بعدم وجود مسألة مُثارة بموجب العهد فيما يتعلق بأي افتراضات متاحة لصاحبي البلاغ في إطار القانون ا لأسترالي. وبناء على ذلك، يُعدّ هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بحسب الاختصاص الموضوعي.

4-8 ولا تقبل الدولة الطرف بأن احتجاز صاحبي البلاغ قد جعلهما يبدوان وكأنهما مذنبان، وتدفع بأنهما لم يقدما أي دليل على أن حقهما في اعتبارهما بريئين قد أُهمل من جانب أية محكم ة من المحاكم أو من الموظفين الأستراليين. وتبين بالتالي أنهما قد عجزا عن إثبات هذا الادعاء.

4-9 أما فيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ أن حقهما في الصحة معرّض للخطر، فتلاحظ الدولة الطرف أنهما لا يربطان هذا الزعم بأي حق من الحقوق المحمية بموجب العهد. وتدفع بأنه ليس هناك أي مادة في العهد تحمي الحق في الصحة وبالتالي فإن أي انتهاك مزعوم لهذا الحق يصبح غير مقبول بحسب الاختصاص الموضوعي . وفي حال قررت اللجنة أن تفسر أحد أحكام العهد على أنه يوفر الحماية للحق في الصحة، تحتفظ الدولة الطرف بحق إبداء ملاحظاتها قبل إصدار اللج نة لقرارها النهائي بشأن المسألة. وبالإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يبينا كيفية وقوعهما ضحيتين للانتهاك المزعوم لحقهما في الصحة. وتقدم معلومات مفصلة عن مكافحة الأمراض في سجن بورت فيليب. وتدفع، بصورة خاصة بأن صاحبي البلاغ لم يبينا أنهم ا معرّضان لخطر حقيقي يتمثل في احتمال إصابتهما بعدوى أي أمراض قد يكون هناك سجناء آخرون مصابين بها.

4-10 وفيما يخص ادعاء صاحبي البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلّت باتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، فالدولة الطرف تدفع بأن هذا الادعاء غير مقبول لأن اللجنة هي الجهة ا لوحيدة المكلفة بالنظر في الانتهاكات المزعومة للعهد وليس أي جهة دولية أخرى.

4-11 وبالنسبة للأسس الموضوعية للبلاغ، وفيما يتعلق بمسألة المعاملة المستقلة وإشارة صاحبي البلاغ إلى القواعد الدنيا النموذجية ومجموعة المبادئ، فالدولة الطرف تزعم أن هذه المبادئ غير مل زمة من الناحية القانونية، وبالتالي فإن عدم تنفيذ جميع التوصيات المتعلقة بها لا يشكل ولا يشير بحد ذاته إلى حدوث انتهاك للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10. وتشير إلى تقرير اللجنة الثالثة للجمعية العامة لعام 1958 الذي أوضح أنه ليس للقواعد الدنيا النم وذجية، بالرغم من كونها أداة تفسيرية، أي علاقة رسمية بالعهد (15) . وتشير أيضاً إلى القواعد الدنيا النموذجية بحد ذاتها والتي تبتدئ بمؤهلات تدل ضمنا على أنها ليست ملزمة ولا حاسمة بشأن حقوق السجناء. كما أوضح المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بمسألة التعذيب أن "ا لقواعد الدنيا النموذجية ليست أداة قانونية بحد ذاتها، لأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي لا يتمتع بصلاحية التشريع. وحتى عندما تحث الجمعية العامة على تنفيذ القواعد الدنيا النموذجية، فإنها لا تفعل ذلك على نحو توحي فيه بأن القرارات الصادرة عنها لا تتعدى كونها توص يات سياسية أو أخلاقية" (16) .

4-12 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ عوملا معاملة مستقلة تكفي لأن تفي أستراليا بالتزاماتها بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10. وتزعم أنهما حصلا على أغلبية عناصر المعاملة المستقلة التي يتمتع بها غير المدانين وا لمشار إليها في القواعد النموذجية الدنيا ومجموعة المبادئ بما فيها، الحصول على مستشارين قانونيين، وزيارة أسرتيهما لهما، والحق في ارتداء ملابسهما الخاصة، والإقامة في زنزانتين انفراديتين مجهزتين بحمامين خاصين، والحصول على إشراف طبيبيهما، والحق في شراء الصحف وا لكتب، وتوفير فرص للعمل، إذا اختارا ذلك. وتدعم الدولة الطرف حجتها بالإشارة إلى التقرير الختامي للجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، الذي ورد في جملة ما ورد فيه، أن "السيد كابال أجرى ما يزيد على 600 2 مكالمة هاتفية، وأن مكالمات السيد باسيني تجاوزت 600 1 مكالمة " (17) .

4-13 وفيما يتعلق بالزعم القائل إن حق كابال في اعتباره بريئاً وحق باسيني المطابق لهذا الحق قد انتهكا، فإن الدولة الطرف تدفع بأنهما قد عوملا معاملة مستقلة وأنهما لا يزالان يعاملان كذلك كجزء من التسليم بوضعهما كشخصين غير مدانين ولم توجه إليهما ت هم جنائية بموجب القانون الأسترالي. ولذلك فاحتجازهما لم يكن ليوحي بأنهما مذنبان. وتؤكد الدولة الطرف مجددا حججها بشأن مقبولية البلاغ، وتدفع بأنه حتى في حالة احتجازهما في ظروف تدل ضمناً على أنهما مذنبان، فإن ذلك ما كان ليؤثر على نتيجة التهم الجنائية الفعلية ا لموجهة إليهما في المكسيك.

4-14 وتنفي الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ عوملا معاملة تنتهك المادة 7 أو الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وتبين أنه، بالنظر إلى أن صاحبي البلاغ يزعمان أن الأفعال التي ارتكبها سجناء آخرون تنتهك المادة 7 أو الفقرة 1 من المادة 10، فإن ه ذه الأفعال لا يمكن أن تعزى إلى أستراليا، لأنها لم تُرتكب من جانب موظفي الدولة. ومن ثم تشير إلى التقرير الختامي للجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، المؤرخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 2001، الذي رأى عدم حدوث انتهاك لأي من هاتين المادتين. وفيما يخص مزاعم صاحب ي البلاغ المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص فيما يتعلق بظروف احتجازهما العامة، بما فيها عدم حصولهما بشكل كاف على الكتب والأنشطة الترفيهية، والحقوق غير الوافية في القيام بزيارات، وطبيعة العمل المتوافر، والصعوبات التي يواجهانها في إجراء مك المات إلى ما راء البحار مع المحامين وأُسرتيهما والحصول على الطعام الخاص بهما، تشير الدولة الطرف إلى نتائج اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص التي تفيد بأن الفقرة 1 من المادة 10 تنطوي على ظروف أقسى من التي يشتكي منها صاحبا البلاغ وهي لا تمتد لتشمل ال مشقات أو القيود الناجمة عن الحرمان من الحرية.

4-15 أما فيما يتعلق بتكبيلهما بالأغلال، فتبين الدولة الطرف أنه يمكن الاستفادة من القواعد الدنيا النموذجية ومجموعة المبادئ كدليل لتفسير الفقرة 2 من المادة 10 كما يلي:

تنص القاعدة 33 على ما يلي:

"... لا يجوز استخ دام أدوات تقييد الحرية إلا في الظروف التالية: (أ) كتدبير للاحتراز من هرب السجين خلال نقله، شريطة أن تفك بمجرد مثوله أمام سلطة قضائية أو إدارية".

وتنص القاعدة 34 كذلك على ما يلي:

"الإدارة المركزية للسجون هي التي يجب أن تحدد نماذج أدوات تقييد الحرية وطريقة ا ستخدامها. ولا يجوز استخدامها أبداً لمدة أطول من المدة الضرورية كل الضرورة".

4-16 وتبين الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ صفدا بالأغلال خلال نقلهما إلى جلسات الاستماع في المحكمة وعودتهما منها، كنتيجة لإدراجهما في قائمة المشمولين بالحراسة الأمنية المشددة لأنه كان يُخشى من احتمال فرارهما. وتشير إلى رسالة مفوض اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص المعني بتقديم خدمات الإصلاحيات، الذي أوضح أنه أُجري تقييم لاحتمال فرارهما بالنظر لأنهما: تملصا في الماضي من الاعتقال عن طريق استخدام مستندات سفر وهوية مزورة؛ وتمكنا من الحصول على موارد مالية كبيرة؛ ودفعا مبالغ لسجناء آخرين؛ وأن استخبارات السجن أبلغت عن حوادث بشأن عرض سجناء آخرين للمساعدة في الهرب مقابل الحصول على مبالغ مالية. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى التعليقات التي أدلى بها أحد القضاة واستُشهد بها في تقرير اللجنة ال معنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص الذي زعم أن هناك خطورة كبيرة من أن يفر صاحبا البلاغ في حالة إطلاق سراحهما بكفالة.

4-17 وتستشهد الدولة الطرف بالنص التالي من التقرير الختامي للجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بشأن طبيعة القيود المستخدمة، وهو "تم الاعت راف باستخدام أصفاد مؤلفة من 12 حلقة لتقييد المشتكيين أثناء نقلهما. ومع ذلك، لم تُستخدم، منذ 7 كانون الثاني/يناير 2000، سوى أصفاد مؤلفة من 17 حلقة. وتُفسح الأصفاد المؤلفة من 17 حلقة المجال أما المزيد من حرية حركة الأرجل عند الدخول إلى شاحنة نقل السجناء والت حرك بشكل عام. ويساعد موظفو الحراسة السجناء على ارتقاء درجات السلم المؤدي إلى شاحنة النقل من خلال الاستناد إلى الحزام المستخدم في ربط السجناء ...." وتستشهد أيضاً باستنتاج اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص المبني على هذه المسألة، وهو: "... الذي اتخذ قرار تكبيل السجينين أثناء نقلهما هو المحافظ المسؤول عن الفريق المعني بخدمات الأمن والطوارئ استجابة للتقييم الذي أُجري بشأن احتمال فرار المشتكيين. وأكد المفوض المسؤول عن تقديم خدمات الإصلاحيات هذا القرار لدى إعادة نظره فيه. واستُخدمت الأصفاد حصراً فيما يخص مسألة النقل. ومن المؤسف أن المحافظ قدر أنه لا بد من تكبيل المشتكيين بالأصفاد. ومع ذلك، أرى في هذه الظروف أنه لا يوجد انتهاك للفقرة 1 من 10 أو المادة 7 فيما يتعلق بمسألة الأصفاد".

4-18 وفيما يخص مسألة احتجاز صاحبي البلاغ في "قفص"، فقد تلقت اللجنة المعنية بح قوق الإنسان وتكافؤ الفرص أدلة تثبت أن صاحبي البلاغ قد احتجزا لمدة ساعة في زنزانة الاحتجاز المشار إليها بالنظر إلى أنها كانت الزنزانة الوحيدة المتوافرة في مركز الاحتجاز في ذلك الوقت والتي كانت تتسع لكلا السجينين (عادة ما يُحتجز السجناء الخاضعين لتحوطات أمني ة قصوى كل على حدة). ورفض صاحبا البلاغ خيار وضع كل واحد منهما في زنزانة فردية مستقلة، حيث رغبا في أن يسجنا معاً. وكان باستطاعتهما أن يقفا أو يجلسا في الزنزانة، بيد أنهما اختارا أسوأ الخيارين، وهو أن يقفا. ومع أن هذا الأمر ضايقهما، فهو كان لفترة محدودة ولم ت تسم المعاناة الجسدية أو الذهنية (التي ليس هناك أدلة على إثباتها) إلا بطابع مؤقت ومحدود جداً. ورأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، لدى توصلها إلى نتائج بشأن هذه الرسائل، أنه حتى إن سلّمنا بأن الزنزانة صغيرة وغير مريحة، فإن احتجازهما فيها لهذه الف ترة القصيرة والمؤقتة لا يمكن أن يقال عنه، بعد مراعاة الأحكام القضائية، إنه بمثابة انتهاك للمادة 7 أو المادة 10 من العهد.

4-19 أما فيما يتعلق بمسألة تعريتهما وتفتيش جسميهما تفتيشاً دقيقاً، فتوضح الدولة الطرف الإجراءات الناظمة لتفتيش المحتجزين مثلما هو منصوص عليه في دليل العمليات الخاص بكل سجن. إذ يوضح أولاً للسجين إجراء التفتيش، الذي يقوم به اثنان من الموظفين من نفس جنس السجين. ويتم التفتيش في مكان جاف ودافئ، وبعيداً عن أنظار الآخرين، وتكون أرضية مكان التفتيش مغطاة بفرشة ليقف عليها السجين في الحالات التي لا تكون فيها مفروشة بسجاد. وقد يُطلب إلى السجين، وهو مرتد كامل ملابسه، أن يفتح فمه ويرفع لسانه وينزع أي أطقم أسنان اصطناعية، من أجل تفتيشه بالعين المجردة. وتفتش ملابس السجين؛ ويُطلب إليه، وهو مرتد ملابسه الداخلية، أن يرفع ذراعيه كيما يتسنى تفتيش النصف الأعلى من جسمه بالعين المجردة. ولدى نزع ملابسه الداخلية، تفتش الأجزاء السفلى من جسمه أيضاً بالعين المجردة. وأخيراً، يُطلب إليه أن يرفع قدميه لتفتيش أخمصيهما. ويراعى أن يكون الوقت الكلي للتفتيش لأقصر فترة ممكنة.

4-20 وتستشهد الدولة الطرف بنص من التقرير الختامي للج نة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص حيث يرد فيه أنه "... يبدو أن هذا النوع من التفتيش (التجريد من الملابس وتفتيش الجسم تفتيشاً دقيقاً) هو أمر لا مناص منه بالنسبة للمشتكيين كونهما محتجزين في السجن. والغرض من هذا التفتيش هو منع دخول العقاقير غير المشروعة إ لى السجن والكشف عنها. ويشكل دخول العقاقير من خلال منطقة استقبال الزوار انشغالاً خاصاً، وبالتالي تقتضي الضرورة إجراء تفتيش بعد نهاية كل زيارة. وألاحظ أن تفتيش جسم السجين تفتيشاً دقيقاً هو عبارة عن تفتيش بالعين المجردة وليس هناك أي تدخل بدني". وخلُص التقرير إلى ما يلي "أرى، بعد التسليم بضرورة عمليات التفتيش من أجل إدارة السجن كما ينبغي وعلى نحو آمن، وبأن هذه العمليات نتيجة حتمية على ما يبدو للسجن، أن شرط خضوع المشتكيين للتفتيش لا يشكل انتهاكاً للفقرة (1) من المادة 10 أو المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ..." وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يفصل أحدهما عن الآخر من أجل التفتيش، وقد تمت عمليات التفتيش على نحو أُريد به تقليل إحراجهما إلى أدنى حد، وأنها تمت فقط من أجل ضمان سلامة السجن وأمنه.

4-21 وتطعن الدولة الطرف في الرأي القائل إنه كانت هناك أو أن هناك خطورة على صحة صاحبي البلاغ البدنية والعقلية سببها الاحتجاز. وتدفع بأنه تم التحقيق في الزعم القائل إن باسيني هُدد من أحد نزلاء السجن بسكين طولها 20 سنتمتراً ورئي أن هذا الزعم غير متثبت منه. ومع ذلك، فقد نقل مدير إدارة تنفيذ الأحكام، من أجل ضمان سلامة صاحبي البلاغ، الشخص الذي قام بالهجوم المزعوم إلى سجن آخر. وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن الإفادة الخطية المشفوعة باليمين، التي يشير إليها صاحبا البلاغ، بوصفها شهادة على الاعتداء الجنسي الذي تعرض لـه أحد نزلاء سجن سيريوس إيست إنما هي إفادة غير م تثبت منها، وأن الشخص الذي أدلى بها يرفض التعاون مع الشرطة بشأن أحد التحقيقات.

4-22 وبالرغم من أن الدولة الطرف لا ترى أن هناك أي حكم من أحكام العهد يتعلق بالحق في الصحة، فإنها تقدم فعلاً المعلومات التالية عن الأسس الموضوعية لهذا الادعاء في هذه المرحلة. وترف ض الإدعاء القائل إن السجين الذي يبصق دماً مصاب بمرض التدرن. وتدفع بأن السجناء المصابين بهذا المرض في سجن بورت فيليب يُعزلون في المرفق المخصص لرقود المرضى الداخليين، وهو وحدة سنت جونز. ويؤكد رد ورد عن المجموعة 4، والذي تنصح الدولة الطرف بأن تنظر اللجنة فيه كجزء من رسالتها، تفسير الدولة الطرف. وتدفع الدولة الطرف بأن أفضل الممارسات التي تتبعها في المؤسسات الإصلاحية هو دمج السجناء المصابين بمرض الإيدز في مجتمع السجن بشكل عام. ويعامل جميع السجناء، بغض النظر عن الأمراض المصابين بها، معاملة متساوية ويتنافى التصرف خلاف ذلك مع قانون تكافؤ الفرص في ولاية فيكتوريا. وتدفع المجموعة 4 بأنه، لما كان لا يشترط على السجناء أن يعلنوا عن حالتهم من حيث إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية لدى استقبالهم في سجن بورت فيليب ونظراً لعدم وجود ضرورة لفحص السجناء من حيث إصابتهم بهذا الفير وس عند وصولهم، فإنه لا يمكن تطبيق سياسة للفصل بين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز بأي حال من الأحوال.

تعليقات صاحبي البلاغ

5-1 رد صاحبا البلاغ، بالرسالة المؤرخة 28 كانون الثاني/يناير 2003، على رسالة الدولة الطرف. وهما يطعنان في الرأي القائل إن ا لبلاغ غير مقبول ويزعمان أن النتائج التي توصلت إليها اللجنة في قضية ف. التي قدمتها بالنيابة عن ابنها، سي. ضد أستراليا (18) ، لا تنطبق على وقائع البلاغ.

5-2 ويرى صاحبا البلاغ أن تدخل المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب يُعد مهماً بالنظر إلى أن المعلومات كانت مل زمة بما فيه الكفاية لضمان إرسال استئناف عاجل إلى الدولة الطرف. ويؤكدان مجدداً زعمهما الذي عرضاه على الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والقائل إن الإجراء الذي نقلا بموجبه من وحدة السجناء العاديين إلى وحدة سيريوس إيست المحمية حماية مشدّدة، هو بحد ذاته الذي زعما أنه كان تعسفياً، بالنظر إلى أنه لم تتح لهما أي فرصة للطعن في الأسباب التي دعت إلى إصدار القرار. ووفقاً لما يقولانه فليس بإمكان المحاكم أن تعيد النظر في هذا الإجراء لأنه لا يجوز لها سوى أن تنظر في ما إذا كان هذا الاحتجاز يتفق وقانون التسليم.

5-3 و يشير صاحبا البلاغ إلى التقرير الرابع الذي قدمته الدولة الطرف إلى اللجنة حيث ورد فيه تحديداً أن "[سجن] لافرتن يأوي معظم السجناء الموقوفين رهن التحقيق من الذكور ويسمح بإدخال المزيد من التحسينات فيما يتعلق بفصل السجناء الذكور المدانين عن غير المدانين" (19) . وح سبما يقول صاحبا البلاغ، فإن هذا السجن تابع لسجن بورت فيليب، الذي كان بالإمكان استخدامه بل وكان من المفترض أن يستخدم لغرض فصل المدانين عن غير المدانين، بمن فيهم صاحبا البلاغ، بيد أن الدولة الطرف عجزت عن القيام بذلك لأسباب تتعلق بالسياسة العامة. وهكذا، كان ل دى الدولة الطرف الوسيلة والمرفق لإيواء صاحبي البلاغ على نحو يتفق وأحكام الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10.

5-4 ويطعن صاحبا البلاغ في حجة الدولة الطرف بأنه لم تقدم اعتراضات على التحفظ بشأن الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10، ويدفعان بأن ه ولندا أعربت عن "مخاوفها" بشأن هذا التحفظ. ويزعمان أن من الضروري، لدى النظر في مجال التحفظ ونطاقه، أن تؤخذ نية الدولة الطرف عند إبدائها للتحفظ بعين الاعتبار وأن تراعى آراء اللجنة الواردة في التعليق العام 24، القائل إن التحفظات تعتبر استثناءً، بينما القاعدة هي القبول بالطائفة الكاملة للالتزامات الواردة في العهد، وأنه ينبغي سحب التحفظات في أبكر وقت ممكن. ويدعي صاحبا البلاغ أنه بالنظر للقبول بمسألة العزل كهدف يتعين تحقيقه على نحو تدريجي، فإن توزيع نزلاء السجن وفقاً "لاحتياجات الإدارة عوضاً عن الحكم الصادر في حق هم" هو أمر لا يتمشى مع التحفظ، حسبما ذكر المفوض المعني بالإصلاحيات (20) ، في الوقت الذي تتوافر فيه مرافق بالفعل لإيوائهما على حدة. ووفقاً لما يقوله صاحبا البلاغ ، فإن الممارسة الحالية لعدم الفصل في ولاية فيكتوريا جاءت نتيجة لإحدى السياسات التي وضعت منذ إبداء التحفظ، وهي سياسة تعتبر غير متفقة مع النية التي أُعرب عنها في التحفظ نفسه ومع المبادئ الواردة في التعليق العام.

5-5 ويشير صاحبا البلاغ إلى قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، الذي تُبين أنه غير ملزم سواء بالنسبة للدولة الطرف أو للجنة. ويؤكدان فعلاً أنه بالرغم من أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص لم تر أن هناك أي انتهاكات للعهد، فهي لم تحتج على الوقائع التي عرضاها، بما فيها واقع أنهما خضعا لتهديدات عنيفة وقيِّدا بالأصفاد والأغلال وجرِّدا من ملابسهما وتم تفتيش جسميهما تفتيشاً دقيقاً، و أنهما لم يفصلا عن السجناء المدانين ولم يعاملا معاملة مستقلة عنهم. ويحلل صاحبا البلاغ قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بحيث يشير إلى تقييم الوقائع والأدلة المتعلقة بالقضية، لدعم حجتهما القائلة إن المفوض أخطأ في قراره.

الملاحظات التكميلية التي قدمها الأطراف

6-1 أبدت الدولة الطرف، بالمذكرة الشفوية المؤرخة 24 نيسان/أبريل 2003، ملاحظات تكميلية تتعلق بحالة وأثر تحفظها على الفقرة 2 من المادة 10 من العهد، وأكدت مجدداً حججها السابقة بخصوص هذه المسألة.

6-2 وقدمت الدولة الطرف في 22 تموز/يوليه 2003 مذكرة شفوية أخرى. وقررت اللجنة، في ضوء مشروع الآراء المعروض عليها، والذي أعده فريقها العامل لما قبل الدورة، أن الملاحظات الأخيرة للدولة الطرف ليست لها علاقة بإعلانات اللجنة.

المسائل والإجراءات التي عُرضت على اللجنة

بحث جواز النظر في البلاغ

7-1 يجب على اللجنة ال معنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد. وقد تثبتت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجر اءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-2 ولا بد للجنة، قبل النظر في مقبولية ما يثار من ادعاءات فردية، أن تنظر فيما إذا كانت التزامات الدولة الطرف بموجب العهد تنطبق على مرافق الاحتجاز الخاضعة لإدارة خاصة، مثلما هو الحال بالنسبة لهذا البلاغ، فضلاً عن المر افق الخاضعة لإدارة الدولة. ومع أن هذه ليست حجة قدمتها الدولة الطرف، يجب على اللجنة أن تنظر بحكم ولايتها فيما إذا كان البلاغ يتعلق بإحدى الدول الأطراف في العهد بالمعنى المقصود في المادة 1 من البروتوكول الاختياري. وتشير إلى أحكامها القضائية التي نوَّهت فيها بأن أي دولة طرف "ليست في حل من التزاماتها بموجب العهد عندما تكلف هيئات مستقلة أخرى بالقيام ببعض مهامها" (21) . وترى اللجنة أن تعاقد الدولة من الخارج مع القطاع التجاري الخاص بشأن أنشطتها الأساسية التي تنطوي على استخدام القوة واحتجاز الأشخاص لا يحلها من التزام اتها بموجب العهد، وخاصة بموجب المادتين 7 و10 اللتين يحتكم إليهما في هذا البلاغ. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف مسؤولة بموجب العهد والبروتوكول الاختياري عن معاملة نزلاء السجن في مرافق سجن بورت فيليب التي تتولى إدارتـها المجموعة 4.

7-3 وتلاحظ اللج نة أن الدولة الطرف تحتج بتحفظها على الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 من العهد الذي يرد فيه أنه، "فيما يتعلق بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 يعتبر مبدأ العزل هدفاً يتعين تحقيقه على نحو تدريجي". وتحيط علماً أيضاً بحجة صاحبي البلاغ القائلة إنه بالر غم من هذا التحفظ فإن هذا الجزء من البلاغ مقبول بالنظر إلى إبداء التحفظ قبل عشرين عاماً وإنه من المعقول أن يتوقع أن تكون الدولة الطرف قد حققت هذا الهدف لتفي تماماً بالتزاماتها بموجب هذه المادة في هذه المرحلة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن كلا الطرفين أشارا إلى تعلي ق اللجنة العام رقم 24 بشأن التحفظات.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن تحفظ الدولة الطرف المشار إليه محدد وشفاف، وأن نطاقه واضح. فهو يشير إلى فصل المدانين عن غير المدانين ولا يمتد، مثلما زعم صاحبا البلاغ ولم تطعن الدولة الطرف في ذلك، ليشمل عنصر المعاملة المستقلة الوارد ة في الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 لأنه يشير إلى هاتين الفئتين من الأشخاص. وتعترف اللجنة بأنه مع أن الدولة الطرف قد أبدت تحفظها قبل عشرين عاماً وأن القصد هو تحقيق هدفها "على نحو تدريجي"، وبالرغم من أن جميع الدول الأطراف تفضل سحب التحفظات على وجه السرعة، فليست هناك أي قاعدة بموجب العهد بشأن الإطار الزمني لسحب التحفظات. وبالإضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علماً بجهود الدولة الطرف التي ما زالت تبذلها لحد الآن لتحقيق هذا الهدف بالتلازم مع إنشاء مركز احتجاز ملبورن في عام 1989، ولا سيما لغرض إيواء السجنا ء الموقوفين رهن التحقيق، وخطتها الرامية إلى إنشاء سجنين جديدين في ملبورن، بما في ذلك سجن لاحتجاز الموقوفين رهن التحقيق، وذلك بحلول نهاية عام 2004. وبناء على ذلك، وبالرغم من الأسف لعدم تحقيق الدولة الطرف لهدفها المتمثل في فصل المدانين عن غير المدانين الذي ي تفق اتفاقاً تاماً مع الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10، فليس بإمكان اللجنة أن تعتبر التحفظ غير متفق مع هدف العهد وغرضه. وبالتالي، يعد هذا الجزء من ادعاء صاحبي البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وفيما يتعلق بالجزء المتبقي من ادعاء صاحبي البلاغ بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 10 من العهد، القائل إن الدولة الطرف لم تعاملهما معاملة مستقلة على نحو يليق بوضعهما بوصفهما غير مدانين، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ عوملا معاملة مستقلة في العديد من الجوانب المتمثلة في ا لتمتع بامتيازات من قبيل الحق في ارتداء الملابس الخاصة بهما وإجراء مكالمات هاتفية والسماح لهما بتناول الطعام الخاص بهما. وترى أن صاحبي البلاغ لم يثبتا، لأغراض المقبولية، أن المسائل التي جرت معاملتهما فيها معاملة مماثلة للسجناء المدانين لا تليق بوضعهما كمحتج زين في انتظار إجراءات التسليم، أو تثير أية قضايا مستقلة عن مسألة عدم الفصل ، وهو أمر مشمول بتحفظ الدولة الطرف. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة هذا الجزء من ادعاء صاحبي البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-6 أما فيما يتعلق بادعاء صاحبي البل اغ أن حقهما في اعتبارهما بريئين قد انتهك من خلال عدم فصلهما عن السجناء المدانين أو معاملتهما معاملة مستقلة عنهم، تشير اللجنة إلى الفقرة 2 من المادة 14، والتي تتعلق حصراً بالأفراد المتهمين بجرائم جنائية. وبالنظر إلى عدم اتهام الدولة الطرف لصاحبي البلاغ بأي جريمة جنائية، فإن هذا الادعاء لا يثير أي مسألة في إطار العهد، وتعلن اللجنة، بناء على ذلك، عن أنه غير مقبول بحسب الاختصاص الموضوعي بموجب الفقرة 3 من البروتوكول الاختياري.

7-7 وفيما يخص ادعاء صاحبي البلاغ بانتهاك حقهما في الصحة، تشاطر اللجنة الدولة الطرف رأ يها القائل إنه ليس هناك حق من هذا القبيل محمي على وجه التحديد بموجب أحكام العهد. وترى اللجنة أن عدم فصل المحتجزين المصابين بأمراض معدية عن غيرهم من المحتجزين قد يثير مسائل بشكل أساسي في إطار الفقرة 1 من المادة 6 والفقرة 1 من المادة 10 (22) . ومع ذلك، ترى ال لجنة في هذه القضية أن صاحبي البلاغ عجزا عن إثبات ادعائهما، الذي يعتبر بالتالي غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-8 أما فيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ الجديد (انظر الفقرة 5-2) أن قرار نقلهما من وحدة السجناء العاديين إلى وحدة سيريوس إيست الخ اضعة للحماية المشددة كان تعسفياً، بالنظر إلى أنهما لم يتمكنا من الطعن في قرار النقل هذا ولا من حمل إحدى المحاكم على مراجعته، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ، اللذين كانا محتجزين بموجب قانون التسليم، قدما بضعة طلبات بشأن الحق في المثول أمام القضاء بينما كانا م حتجزين في سيريوس إيست. وتشير اللجنة إلى أن صاحبي البلاغ لم يثبتا، لأغراض المقبولية، ماهية المسائل المستقلة التي كانت ستنشأ بموجب العهد نتيجة للتعسف المزعوم. وبناء على ذلك، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-9 ولا ترى اللجنة أية عقبات تعترض طريق مقبولية الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10. ولا بد من النظر في هذه الادعاءات دون تأخير بالاقتران بالأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كاف ة المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، مثلما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وفيما يتعلق بالادعاء القائل إن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، بالنظر لظروف السجن التي خضع لها صاحبا البلاغ والمعاملة التي تلقياها، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تحتج من الناحية الواقعية على المزاعم المتعلقة بتقييد صاحبي البلاغ بأصفاد مؤلفة من 12 حلقة، والتي استبدلت بها لاحقاً أصفاد مؤلفة من 17 حلقة أثناء نقلهما من السجن وإليه، وتجريدهما من ملابسهما وتفتيش جسميهما تفتيشاً دق يقاً بعد كل زيارة. ومع ذلك، قدمت الدولة الطرف تبريرات بشأن المعاملة المشار إليها، موضحةً أن التقييم الذي أجري لاحتمال فرار صاحبي البلاغ قد تم لأنهما تملصا في الماضي من الاعتقال عن طريق استخدام مستندات سفر وهوية مزورة؛ وأنهما تمكنا من الحصول على موارد مالية كبيرة؛ ودفعا مبالغ لسجناء آخرين؛ وأن استخبارات السجن أبلغت عن حوادث بشأن عرض سجناء آخرين للمساعدة في الهرب مقابل الحصول على مبالغ مالية. كما أوضحت الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يفصل أحدهما عن الآخر من أجل التفتيش، بل أن عمليات التفتيش أجريت على نحو أُري د به تقليل إحراجهما إلى أدنى حد، وأنها تمت فقط من أجل ضمان سلامة السجن وأمنه. وفي تقييم اللجنة، لا يوجد انتهاك للمادة 7 أو الفقرة 1 من المادة 10 في هذا الصدد.

8-3 أما فيما يتعلق بما أثير من مسائل بشأن احتجاز صاحبي البلاغ لمدة ساعة في "قفص" مثلث الشكل، فتحي ط اللجنة علماً بتبرير الدولة الطرف الذي يفيد بأن زنزانة الاحتجاز هذه كانت الزنزانة الوحيدة القادرة على استيعاب شخصين في آن معاً، وأن صاحبي البلاغ طلبا حبسهما سوية. وترى اللجنة أن عدم توفير زنزانة واسعة بما فيه الكفاية لاحتجاز شخصين لا يعتبر تفسيراً كافياً لإجبار سجينين على الوقوف والجلوس بالتناوب في مكان مغلق من هذا القبيل، حتى إن لم يدم حبسهما إلا لساعة واحدة. وترى اللجنة، في هذه الظروف، أن هذا الحدث يكشف النقاب عن وجود انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

9- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف ب موجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف النقاب عن انتهاك أستراليا للفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

10- وعملاً بالفقرة الفرع ية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، تستنتج اللجنة أن لصاحبي البلاغ الحق في سبيل من سبل الانتصاف الفعالة لتعويضهما كليهما. وتلتزم الدولة الطرف بضمان عدم وقوع انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إ لى البروتوكول الاختياري تعترف باختصاص اللجنة في تحديد ما إذ كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفير سبيل من سبل الانتصاف الف عالة والقابلة للإنفاذ في حالة التثبت من وقوع انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي تتخذها لوضع آرائها موضع التنفيذ. والدولة الطرف مطالبة أيضاً بنشر آراء اللجنة.

]اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) وفقاً لما تقوله الدولة الطرف، فقد صدر أمر إلقاء القبض على كابال في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، بينما صدر أمر إلقاء القبض على باسيني في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1998.

(2) لا يذكر صاحبا البلاغ السبب في احتجازهما في هذا "القفص". وقالت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، لدى تقصيها للحقائق، إنهما "وضعا في زنزانة صغيرة مثلثة الشكل في مركز احتجاز ملبورن في 17 كانون الأول/ديسمبر 1999".

(3) يشير ص احبا البلاغ إلى ملاحظات أبداها القضاة في قضية كابال ضد الولايات المتحدة المكسيكية، حيث رفض أحد طلبات الكفالة، وفي قضية كابال وباسيني ضد وزير العدل (فيكتوريا) وليزاهانون، وطلب أمر إحضار.

(4) بينيتشي ضد فانستون [1999] FCA 1688 .

(5) بالرغم من أن صاحبي البلا غ لم يفصلا عن السجناء المدانين ولم يعاملا معاملة مستقلة عنهم منذ الوقت الذي احتجزا فيه في سجن بورت فيليب، تتعلق شكواهما بفترة احتجازهما في وحدة سيريوس إيست التابعة لسجن بورت فيليب والممتدة من آب/أغسطس 1999 إلى 6 أيلول/سبتمبر 2001 فيما يتعلق بكابال ومن آب/أ غسطس 1999 إلى حد الآن فيما يخص باسيني.

(6) يشير صاحبا البلاغ إلى تعليق م. نوواك على العهد و "Guide to the Travaux Préparatoires" الذي وضعه م. بوسويت.

(7) يحل التعليق العام 21 محل التعليق العام 9 بشأن معاملة المحرومين من الحرية معاملة إنسانية، المادة 10، الدورة الرابعة والأربعون، 1992.

(8) يشير صاحبا البلاغ إلى الأحكام القضائية للجنة في قضية بيري ضد جامايكا، القضية رقم 330/1988، وقد اعتمدت الآراء في 7 نيسان/أبريل 1994 وقضية غريفين ضد إسبانيا، القضية رقم 493/1992واعتمدت الآراء في 4 نيسان/أبريل 1995.

(9) C CPR/C/AUS/798/4 : أستراليا 4/8/99.

(10) تشير الدولة الطرف إلى تفسير قدمه رئيس العمليات في رسالة مؤرخة 6 آب/أغسطس 1999 موجهة إلى المدير المساعد لإدارة تنفيذ الأحكام، وورد فيها "... يدعي السجناء في وحدة بينسي سكاربورو ساوث، أن [كابال] لا يستطيع أن يستمر فيما يفعله مع زملائه من السجناء [حيث يعدهم بمنحهم مبالغ من المال ومن ثم لا يقوم بذلك]، وسيتعرض لاعتداءات عنيفة، أو لما هو أسوأ من ذلك في القريب العاجل. ويقول السجناء إنه بالرغم من أنه حصل على مكان لإيوائه في سكاربورو ساوث، فقد تلقى العناية، ولم يختلط بسرعة بال سجناء الآخرين. ولكنهم أكدوا أنهم يعتقدون بأنه سيتعرض للاعتداء في المستقبل القريب ... واعتقد بشدة أن السجناء قد وصلوا إلى مرحلة أخذوا فيها كفايتهم من الكلام، وأن الاستجابة العنيفة هي الطريقة الوحيدة التي يرغبون من خلالها في التعامل مع هذه المسألة ...".

(11 ) البلاغ رقم 832/1998، اعتُمد القرار في 25 تموز/يوليه 2001.

(12) تشير الدولة الطرف إلى دليل "الأعمال التحضيرية" الذي وضعه م. بوسويت فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1987)، الصفحة 226.

(13) HRI/GEN/1/Rev.4 .

(14) تشير الدولة الطرف إلى قضية مورايل ضد فرنسا، القضية رقم 207/1986، وقد اعتُمدت الآراء في 28 تموز/يوليه 1989؛ وقضية WJH ضد هولندا، القضية رقم 408/1990، واعتُمد القرار في 22 تموز/يوليه 1992؛ وقضية WBE ضد هولندا، القضية رقم 432/1990، واعتُمد القرار في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1992.

(15) تشير الدولة الطرف إلى كتاب م. نوواك، عهد الأمم المتحدة الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: تعليقات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1993) الصفحة 185.

(16) ن. رودلي، معاملة السجناء بموجب القانون الدولي (1999) (الطبعة الثانية)، الصفحتان 280 و281.

(17) تشير الدولة الطرف أيضاً إلى رسالة من المجموعة 4 تقدم معلومات مماثلة وتدرجها الدولة الطرف كجزء من رسالتها. وبمعزل عن الرسالة التي ذكرتها الدولة الطرف بالفعل، تذكر رسالة المجموعة 4 أنه في العديد من المناسبات لُبيت طلبات خاصة لصاحبي البلاغ تج اوزت إلى حد كبير الخدمات والتسهيلات التي كانت تقدم بصورة اعتيادية للسجناء، بما فيها إفساح المجال أمامهما للقيام بزيارات اجتماعية بالإضافة إلى الحد الأعلى لعدد الزيارات المسموح بها للسجناء الآخرين وطائفة من الأغذية التي كانت تعكس انحدارهما من أصل مكسيكي.

( 18) وردت أعلاه.

(19) وردت أعلاه.

(20) يشير صاحبا البلاغ إلى رسالة مؤرخة 28 حزيران/يونيه 2002 من المفوض المعني بخدمات الإصلاحيات، موجهة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان.

(21) قضية باء. د. باء. ضد هولندا، القضية رقم 273/88، القرار المؤرخ 30 آذار/مارس 1989، وقضية ينجرين وآخرون ضد السويد، القضيتان رقما 298 و299/88، واعتُمدت الآراء في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990.

(22) قضية لانتسوفا ضد الاتحاد الروسي، القضية رقم 736/1997، واعتمدت الآراء بتاريخ 26 آذار/مارس 2002.

تذييل

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يرغوين (رأي مخالف)

إنني لا أوافق على هذا البلاغ على أساس ما يرد أدناه:

8-2 فيما يتعلق بادعاء أن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، بالنظر إلى ظروف السجن التي خضع لها صاحبا البلاغ والمعاملة التي تلقياها، وبسبب تقييد باسيني في كل مرة يغادر فيها السجن بأصفاد مؤلفة من 12 إلى 17 حلقة، وتجريده من ملابسه وتفتيشه بعد كل زيارة وقبل كل مرة يؤخذ فيها إلى المحكمة وبعد إعادته منها؛ وهذا يعني أنه قد يخضع لتفتيش جسمه تفتيشاً دقيقاً لأكثر من ثلاث مرات يومياً ويتحمل الدفع والدسر من حرس السجن له وعنفهم معه بشكل عام، تشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تعترض على أي من هذه الوقائع. ومع ذلك، فقد حاولت تبريرها على أساس أن باسيني كان يحتمل أن يفر. وتتفهم اللجنة أن لدى الدولة الطرف من الطرائق والوسائل ما يحول دون احتمال هربه من دون اللجوء إلى أساليب مهين ة وغير ضرورية ولا تتفق مع احترام كرامة الإنسان الأصيلة والمعاملة التي يحق لكل فرد محروم من الحرية أن يتلقاها. ولذلك، ترى اللجنة أنه قد حدث انتهاك للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

(توقيع) هيبوليتو سولاري - يريغوين

8 آب/أغسطس 2003

]اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. كما سيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

هاء هاء - البلاغ رقم 1077/2002، كاربو وغيره ضد الفلبين *

(الآراء التي اعتمدت في 28 آذار/مارس 2003، الدورة الثامنة والسبعون)

ال مقدم من: جيمي كاربو، وأوسكار إباو، ووارليتو إباو، وروش إباو (يمثلهم محام، هوالأستاذ ريكاردو أ. سونغا الثالث (Ricardo A. Sunga III))

الشخص المدعى أنه ضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ : 6 أيار/مايو 2002

إن اللجنة المعنية بحقوق الإن سان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1077/2002 المقدم إليها من السيد جيمي كاربو، والسيد أوسكار إباو، والسيد وارليتو إباو، والسيد روش إباو، في إطار البر وتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء التي أُدلي بها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ المؤرخ 6 أيار/مايو 2002 هم السيد جيمي كاربو، وولداه أوسكار وروش إباو، وابن أخيه وارليتو إباو، وجميعهم مواطنون فلبينييون محتجزون في سجن بيليبيد الجديد، بمدينة مونتينلوبا. ويدعي أصحاب البلاغ أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك الفلبين للفقرة 2 من المادة 6، والفق رة 5 من المادة 14 من العهد. وقد دخل العهد حيز النفاذ في ــــــــــــ

* اشترك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمرو، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستيي رو هويوس، والسيدة كريستين شانيه، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هي بوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

يرد في تذييل هذه الوثيقة نصا رأيين فرديين وقعهما عضوا اللجنة السيد نيسوكي أندو، والسيدة روث وِدجوود .

الدولة الطرف في 23 كانون الثاني/يناير 1987، ودخل البروتوكول الا ختياري حيز النفاذ في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

1-2 وفي 14 أيار/مايو 2002، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى الدولة الطرف، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي، عدم تنفيذ الحكم بإعدام أصحاب البلاغ أثناء ف ترة عرض قضيتهم على اللجنة.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 قبل عام 1987، كانت عقوبة الإعدام مدرجة في النظام القضائي بالفلبين، وكان الإعدام هو العقوبة التي يُحكم بها في جرائم كثيرة منها القتل. وفي 2 شباط/فبراير 1987، دخل دستور جديد حيز النفاذ بعد "موافقة " الشعب الفلبيني عليه بالاستفتاء. وقد ألغى ذلك الدستور عقوبة الإعدام، من خلال المادة 3(19)(1)، ونصها كالتالي:

"لا يجوز فرض غرامات تنفيذية أو توقيع عقوبات قاسية أو مهينة أو لاإنسانية. كما لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام، إلا لأسباب قاهرة تنطوي على جرائم بشعة، ي نص مجلس الشيوخ عليها أدناه. وتخفض أية عقوبة بالإعدام سبق توقيعها إلى السجن المؤبد.".

2-2 وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 1993، أعاد مجلس الشيوخ الفلبيني، بموجب القانون الجمهوري رقم 7659 العمل بعقوبة الإعدام بالصعق الكهربائي عن " جرائم بشعة معينة" منها القتل في ظ روف متنوعة (1) . وظل جوهر جريمة القتل بلا تغيير.

2-3 في مساء يوم 25 آب/أغسطس 1996، ألقيت قنبلة يدوية على غرفة نوم عائلة دولاي. وأسفر الانفجار عن مقتل فلورينتينو دولاي وابنتيه نورويلا ونيسان، وإصابة ابنته الثالثة نويمي. وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 1996 و9 كانون الأول/ديسمبر 1996، أُلقي القبض على التوالي على كل من صاحبي البلاغ جيمي كاربو وروش إباو. وعلى أثر ذلك، سلَّم صاحبا البلاغ المتبقين، وهما أوسكار ووارليتو إباو، نفسيهما.

2-4 وفي 22 كانون الثاني/يناير 1998، أدانت محكمة تايوغ الإقليمية في بانغاسينان أصحاب البل اغ "بارتكاب جرائم قتل متعددة والشروع في القتل"، وحكمت عليهم بالإعدام، وحددت قيمة المسؤولية المدنية بمبلغ 000 600 بيزو. وفي 4 نيسان/أبريل 2001، وبعد إعادة النظر التلقائية في قضية أصحاب البلاغ، أكدت هيئة مؤلفة من خمسة عشر قاضياً من المحكمة العليا حكم الإدانة بعد استعراض متعمق للوقائع، وخفضت قيمة المسؤولية المدنية إلى 000 330 بيزو. وفيما يتعلق بحكم الإعدام، رأت المحكمة أن القضية تقع تحت نطاق المادة 48 من قانون العقوبات المنقح، التي تقضي بضرورة توقيع أقصى عقوبة على أشد الجرائم المتعددة خطورة (2) . ولما كانت أقصى عقوبة على أشد الجرائم خطورة التي ارتكبها أصحاب البلاغ، أي جريمة القتل، هي عقوبة الإعدام، فقد رأت المحكمة أن المادة 48 تنطبق على هذه الحالة، وطالبت بتوقيع عقوبة الإعدام. كما لاحظ الحكم أنه في حين أن أربعة قضاة من المحكمة كان لهم موقف من القانون الجمهوري رقم 7659، مفاده أنه قانون غير دستوري لأنه يفرض عقوبة الإعدام، فقد رضخوا لحكم الأغلبية الصادر عن المحكمة بأن القانون الجمهوري رقم 7659 قانون دستوري، وأن عقوبة الإعدام هي بالتالي التي يتعين الحكم بها على أصحاب البلاغ.

2-5 وأمرت المحكمة العليا أيضاً بإحالة السجل ات الكاملة للقضية إلى مكتب رئيس الفلبين لعله يمارس سلطة العفو التنفيذي عليهم. وإلى اليوم، لم يمنح الرئيس أي شكل من أشكال العفو التنفيذي.

الشكوى

3-1 يدفع أصحاب البلاغ بأن إعادة فرض عقوبة الإعدام وتطبيقها عليهم لا يتفقان مع الجملة الأولى من الفقرة 2 من الماد ة 6 التي تتيح فرض عقوبة الإعدام في الدولة "التي لم تلغ عقوبة الإعدام". وعلاوة على ذلك، يحتج أصحاب البلاغ بأنه نظراً لأن "القتل" لم يكن يعاقَب عليه بالإعدام قبل إعادة العمل بعقوبة الإعدام، فلا يمكنه أن يشكل واحدة من "أشد الجرائم خطورة" (التي تتيح الفقرة 2 م ن المادة 6 تطبيق عقوبة الإعدام عنها) بعد إعادة العمل بعقوبة الإعدام، في حين أن جريمة القتل ظلت، خلاف ذلك، بكاملها بلا تغيير من حيث تعريف جوهرها.

3-2 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة بموجب الفقرة 5 من المادة 14، يدعي أصحاب البلاغ أنهم لم يستفيدوا في ظل إجراء إعا دة النظر التلقائية من "إعادة نظر حقيقية أمام المحكمة العليا". ويدعون عدم توفر "فرصة حقيقية للاستماع إليهم"، حيث إن المحكمة لم تسمح بأية مرافعة، وأنها "منعت عملياً تقديم أي دليل جديد". وعليه، يرى أصحاب البلاغ أن إعادة النظر التلقائية لم تكن صادقة ولا فعالة في التمكين من البت في كفاية الأدلة أو صحة الإدانة والحكم.

3-3 ويذكر أصحاب البلاغ أن القضية نفسها لم تُعرض للبحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 احتجت الدولة الطرف في رسالة قدمتها يوم 8 تموز/يوليه 2002 بأن البلاغ بجميع ادعاءاته المقدمة غير مدعم بالأدلة وغير مقبول.

4-2 وفيما يتعلق بالفقرة 2 من المادة 6، ترى الدولة الطرف أن الحجة المقدمة "حجة تتعلق بوضع التشريعات" ليس للجنة أن تنظر فيها. فهي حجة، كما قيل، تتعلق حصراً بعلَّة فر ض عقوبة الإعدام على جرائم معينة، في حين أن تحديد أنواع الجرائم التي ينبغي أن تخضع لهذه العقوبة مسألة تتعلق حصراً بالسلطة التقديرية للهيئات الداخلية. وترى الدولة الطرف أن العهد لا يهدف إلى تقييد حق الدولة الطرف في أن تحدد بنفسها العلَّة من سن قانون يفرض عقو بة الإعدام. وتدعي الدولة الطرف أن دستورية قانون عقوبة الإعدام مسألة تقررها الدولة الطرف بنفسها، وأشارت إلى أن محكمتها العليا أثبتت دستورية القانون المعني (3) . كما تدفع الدولة الطرف بأنه ليس للجنة أن تفسر دستور دولة طرف لتحديد مدى امتثالها للعهد.

4-3 وتفرق ا لدولة الطرف بين الدول التي لديها حالياً قوانين تفرض عقوبة الإعدام والدول التي أعادت فرض عقوبة الإعدام بعد أن سبق إلغاؤها أو إبطالها. وتشير الدولة الطرف إلى ذلك الحكم المحدد في مادة الدستور التي أبطلت عقوبة الإعدام، وهو ينص على إمكانية أن يعيد مجلس الشيوخ ف رضها. والعهد لا يمنع إعادة الفرض هذه، حيث إن الفقرة 2 من المادة 6 تشير ببساطة إلى البلدان التي لديها قوانين قائمة تفرض عقوبة الإعدام. وإنما يتمثل ما يطالب به العهد في أن يتم تطبيق عقوبة الإعدام باتباع صارم لقواعد المحاكمات العادلة. ولا حجة في هذه القضية عل ى أن الدولة الطرف لم تمتثل لإجراءات العدالة الداخلية الخاصة بها.

4-4 وفيما يتعلق بحجة أصحاب البلاغ التي تفيد بأن عقوبة الإعدام فُرضت عن جرائم ليست "[ال‍] أشد خطورة"، تلاحظ الدولة الطرف أن لدى الدول سلطة تقديرية واسعة في تفسير هذا الحكم على ضوء عوامل كالثقا فة والضرورات المستشفة وغيرها من عوامل، حيث إن مفهوم "أشد الجرائم خطورة" ليس معرَّفاً بشكل أوضح في العهد. وتجد الدولة الطرف مغالطة في فكرة أصحاب البلاغ التي مفادها أنه نظراً لأنه لم يكن من الممكن توقيع عقوبة الإعدام على أية جريمة قبل إعادة فرضها، فلا يمكن ا عتبار أية جريمة من "أشد الجرائم خطورة" التي يمكن المعاقبة عليها بعقوبة الإعدام بعد إعادة فرض هذه العقوبة، فقد ظلت جريمة القتل وستظل، من بين أشد الجرائم خطورة في النظام القانوني الداخلي، ويشمل ذلك القياس بمدى شدة العقوبة الممكنة التي كانت متاحة آنذاك.

4-5 و فيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14، ترفض الدولة الطرف حجج أصحاب البلاغ، حيث إن كل شخص يُحكم عليه بالإعدام يحصل تلقائياً على فرصة الاستئناف. وعلاوة على ذلك، فعدم تخصيص جلسة للمرافعة لا يعني الافتقار إلى إعادة نظر حقيقية، حيث إن ممارسة المحكمة التي اعتادت علي ها لفترة طويلة تتمثل فقط في الاستماع إلى المرافعات في القضايا التي تطرح مسائل قانونية جديدة. وأما عن العفو، فتلاحظ الدولة الطرف أن هذا الامتياز يخضع حصرياً في ظل قوانينها للسلطة التقديرية للرئيس. وفي حين أن أي طلب بالعفو كهذا يُستلم ويُتخذ فيه إجراء، فإن م ضمون النتيجة يظل مرهوناً بالسلطة التقديرية للرئيس.

تعليقات أصحاب البلاغ

5-1 في رسالة مؤرخة 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، رد أصحاب البلاغ على رسالة الدولة الطرف. فلاحظوا أن الدولة الطرف، حين أصبحت طرفاً في العهد والبروتوكول الاختياري، قبلت اختصاص اللجنة في ت قييم ما إذا كانت إجراءاتها متفقة مع أحكام هذين الصكين أم لا. ويجد أصحاب البلاغ في الفقرة 6 من المادة 6 من العهد "موقفاً مؤيداً للإلغاء يعتمده العهد، وهو لا يفسح مجالاً أمام الرجوع في الإلغاء، كما فعلت الدولة الطرف. وفيما يتعلق بسلطة الدولة الطرف التقديرية المزعومة في تحديد مضمون مفهوم "أشد الجرائم خطورة"، يلاحظ أصحاب البلاغ أن توافق الآراء على الصعيد الدولي يحصر هذه الجرائم في الجرائم التي لا تتعدى الجرائم المتعمدة التي تسفر عن نتائج مميتة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة (4) . ويلاحظ أصحاب البلاغ، في ال مقابل، أن قائمة الجرائم الطويلة التي يعاقَب عليها بالإعدام في الدولة الطرف تشمل جرائم الاختطاف، والجرائم المتصلة بالمخدرات، والنهب، والرشوة المكتملة الأركان.

5-2 وفيما يتعلق بالفقرة 5 من المادة 14، يلاحظ أصحاب البلاغ أن عدم ترافعهم في قضيتهم منع المحكمة ا لعليا من أن تقيِّم بنفسها شهادة الشهود، وجعلها تركن إلى تقييم محكمة أول درجة. ويحتج أصحاب البلاغ بأنه لا يمكن إعادة النظر بفعالية حين يُفرض على المحكمة الترجيح بين مصداقية المتهمين ومصداقية الضحايا دون أن تتمكن من الاستماع إلى شهادة الشهود الرئيسيين.

5-3 و يشير أصحاب البلاغ إلى التطورات اللاحقة، ومنها مقال صحفي يفيد بأن الاستعدادات الأولية لإعدام أصحاب البلاغ قد اتخذت بالفعل، رغم أن الرئيس قد أعلن في بداية تشرين الأول/أكتوبر 2002 وقفاً لتنفيذ أحكام الإعدام لحين إشعار آخر، لتهيئة الفرصة لمجلس الشيوخ لاعتماد ت شريع الإلغاء. وفي حين أن الرئيس قد منح مؤخراً وقف التنفيذ لبعض المدانين المقرر إعدامهم، إلا أن أصحاب البلاغ لم يتلقوا إخطاراً بذلك إلى الآن. وبالإضافة إلى ذلك، فسيتضح أن تنفيذ الإعدام في أصحاب البلاغ غير قانوني في ظل القانون الداخلي، حيث إنه سيتم بعد فترة الأشهر ال‍ 18 التي يفرضها القانون كحد أقصى للوقت الذي يمكن أن يمر دون تنفيذ الحكم بعد أن يصبح نهائياً.

المخاطبات اللاحقة مع الأطراف

6-1 على الرغم من دعوة الدولة الطرف في رسالتين مؤرختين 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 و8 كانون الثاني/يناير 2003 لإضافة المزيد من الرسائل فيما يتعلق بالأسس الموضوعية إلى ما قدمته منها فيما يتعلق بالمقبولية، لم تفعل الدولة الطرف ذلك.

المسائل والإجراءات التي عرضت على اللجنة

بحث جواز النظر في البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفق اً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 تلاحظ اللجنة أن الادعاء الوحيد المقدم من الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية ادعاءات أصحاب البلاغ هو أنها غير مدعمة بالأدلة، في ضوء مجموعة م تنوعة من الحجج التي تمس الأسس الموضوعية للادعاء. وعليه، ترى اللجنة أن من الأفضل أن تتناول المسائل المطروحة في هذا الخصوص. ونظراً لعدم وجود أية عقبات أخرى أمام المقبولية، تخلص اللجنة إذن إلى أن ادعاءات أصحاب البلاغ مقبولة.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

8- 1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحتها لها الأطراف، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 فيما يتعلق بالادعاء الذي قدم في إطار الفقرة 2 من المادة 6 من العهد، تلاحظ اللجنة باد ئ ذي بدء، رداً على الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن تقييم دستورية قوانين الدول الأطراف ليس من مهام اللجنة، أن مهمتها تتمثل بالأحرى في تحديد اتساق الادعاءات المحددة المعروضة عليها مع العهد وحده.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن جريمة القتل في قوانين الدولة الطرف تنطو ي على تعريف واسع النطاق جداً، تُستوفى شروطه بمجرد قتل شخص لآخر. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن المحكمة العليا رأت أن ما يحكم القضية هو المادة 48 من قانون العقوبات المنقح التي تقضي في حالة القيام بفعل واحد يتألف من جريمتين بتوقيع أقصى عقوبة على الجريمة ال أشد خطورة. ولما كانت الجرائم المرتكبة في فعل واحد هي ثلاث عمليات قتل والشروع في القتل، فقد وقعت تلقائيا أقصى عقوبة ممكنة عن القتل، وهي عقوبة الإعدام، وذلك إعمالاً لأحكام المادة 48. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية التي تفيد بأن الفرض الإلزامي لعقوبة الإعد ام يشكل حرماناً تعسفياً من الحياة، في انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد، في حالة توقيع عقوبة الإعدام دون التمكين من مراعاة ظروف المدعى عليه الشخصية أو ظروف ارتكاب الجريمة المحددة (5) . ويتضح من ذلك أن الفرض التلقائي لعقوبة الإعدام على أصحاب البلاغ بموجب ا لمادة 48 من قانون العقوبات المنقح ينتهك الحقوق التي تكفلها لهم الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

8-4 وفي ضوء الاستنتاج المذكور أعلاه بوقوع انتهاك للمادة 6 من العهد، تنتفي ضرورة قيام اللجنة بالنظر فيما تبقى من ادعاءات أصحاب البلاغ، التي تتعلق كلها بتوقيع عقوبة الإعدام في قضيتهم.

9- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

10- ووفقاً للفق رة 3(أ) من المادة 5 من العهد، تصبح الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لأصحاب البلاغ وسيلة انتصاف فعالة وملائمة، تشمل تخفيف العقوبة. كما أن الدولة الطرف ملزمة بتجنب ارتكاب انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بمجرد أن أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد سلمت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد وقع انتهاك أم لا للعهد، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن ت تيح سبيل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة إثبات وقوع انتهاك في هذا الصدد، فإنها (اللجنة) ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[ اع تمدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصل ي . كما ستصدر لاحقاً ب اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير .]

الحواشي

(1) أدخل الفرع 6 من القانون المذكور تعديلاً على المادة 248 من قانون العقوبات المنقح، فص ار نصها كالتالي:

"المادة 248- القتل- أي شخص، لا تنطبق عليه أحكام المادة 246 [قتل الأصول]، يقتل شخصاً آخر، فإنه يدان بارتكاب جريمة القتل ويعاقب بالسجن المؤبد أو بالإعدام إذا اقترنت الجريمة بأي من الظروف المشددة التالية:

1- الخداع، أو استغلال التفوق في الق وة، أو الحصول على مساعدة رجال مسلحين، أو استخدام وسائل تضعف القدرة على الدفاع عن النفس، أو استخدام وسائل أو أشخاص لضمان الإفلات من العقاب أو منحه.

2- الحصول على أجر أو مكافأة أو وعد نظير ارتكاب الجريمة.

3- اللجوء إلى الإغراق أو النار أو السم أو التفجير، أو إغراق السفن أو تدميرها، أو إخراج قطار عن خطه أو الهجوم عليه، أو إسقاط طائرة، أو باستخدام أية مركبة، أو أية وسيلة أخرى تتسبب في إهدار أو دمار شديدين.

4- بمناسبة أي من الكوارث المنصوص عليها في الفقرة السابقة، أو زلزال، أو ثورة بركان، أو إعصار مدمر، أو وباء، أو غير ذلك من الكوارث العامة.

5- ثبوت سبق الإصرار والترصد.

6- استخدام القسوة، بتعمد زيادة معاناة الضحية بلا إنسانية، أو انتهاك حرمتها الشخصية أو الجسدية أو الاستهزاء بها."

(2) تنص المادة 48 من قانون العقوبات المنقح على ما يلي: "العقوبة على الجرائم المركب ة - عندما يتألف فعل واحد من جريمتين أو أكثر من جريمة تفوقها أو تقل عنها خطورة، أو عندما تُتَّخذ جريمة ما وسيلة لارتكاب جريمة أخرى، توقع العقوبة عن الجريمة الأشد خطورة، على أن تطبق أطول فترة لهذه العقوبة".

(3) قضية الشعب ضد إيتشيغاراي (مسجلة تحت رقم 117472 ، الحكم الصادر في 7 شباط/فبراير 1997).

(4) قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1984/50 المؤرخ 25 أيار/مايو 1984، بصيغته التي أيدها قرار الجمعية العامة 39/118 المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1984.

(5) قضية تومبسون ضد سان فنسنت وجزر غرينادين ، القضية رقم 806/1998 ، الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000؛ وقضية كندي ضد ترينيداد وتوباغو ، القضيـة رقم 845/1998، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 2002.

تذييل

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو (رأي مخالف)

لا أستطيع الموافقة على البيان برأي الأغلبية الذي يفيد بأن "اللجنة تشير إلى سوابقها القضائية التي تبين أن الفرض الإلزامي لعقوبة الإعدام يشكل حرماناً تعسفيـاً من الحياة، في انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد، في حالة توقيع عقوبة الإعدام دون التمكين من مراعاة ظـروف المدعى عليـه الشخصية أو ظروف ارتكاب الجر يمة المحددة" (الفقرة 8-3).

فأولاً ، أشك في أن "الفرض الإلزامي لعقوبة الإعدام يشكل حرماناً تعسفياً من الحياة، في انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد" حكم يشكل سابقة قضائية راسخة من سوابق اللجنة. فقد استندت آراء الأغلبية إلى آراء اللجنة في القضية رقم 806/199 8 المعتمدة في تشرين الأول/أكتوبر 2000 (قضية تومبسون ضد سان فنسنت وجزر غرينادين ). (وقد اتخذت اللجنة قراراً مماثلاً في القضية رقم 845/1998،قضية كندي ضد ترينيداد وتوباغو ، ولكن الوقائع الخاصة بكل من القضيتين مختلفة). غير أن عليّ أن أشير إلى حقيقة مؤداها أن رأي ين مخالفين قد ذُيلا بآراء اللجنة ووقعهما خمسة أعضاء (واحد للورد كولفيل؛ والثاني للسادة كريتسمر وعمرو ويالدين وزاخيا). وقد حدث أن كنت غائباً عندما اعتُمدت هذه الآراء، فلم أتمكن من التعبير عن رأيي. ولو أنني شاركت في القرار، لشاركت في توقيع كل من الرأيين المخ الفين.

على أية حال، فكما أكد السيد كريتسمر والآخرون، فضلا عن اللورد كولفيل، كانت آراء اللجنة في قضية تومبسون خروجا على ممارسة اللجنة القائمة. فقبل هذا القرار، سبق للجنة أن تناولت العديد من البلاغات المقدمة من أشخاص حُكم عليهم بالإعدام بموجب تشريعات تجعل حك م الإعدام عقوبة إلزامية على جرائم القتل. ومع ذلك، لم تذكر اللجنة في أي منها أن الطابع الإلزامي للحكم يشكل انتهاكاً للمادة 6 أو أي حكم آخر من أحكام العهد. وبالإضافة إلى ذلك، فعند اضطلاع اللجنة بمهامها بموجب المادة 40 من العهد، نظرت اللجنة في تقارير قدمتها د ول أطراف تنص تشريعاتها الوطنية على الفرض الإلزامي لحكم الإعدام، ولكن لم يحدث قط أن ذكرت اللجنة في ملاحظاتها الختامية أن حكم الإعدام الإلزامي عن القتل يتعارض مع العهد. وعلاوة على ذلك، فإن اللجنة لا تقدم أية إشارة في تعليقها العام رقم 6 على المادة 6، تفيد بأ ن أحكام الإعدام الإلزامية لا تتفق مع المادة 6. واللجنة ليست بالطبع ملزمة، كما أشار إلى ذلك السيد كريتسمر والآخرون، بسوابقها القضائية. ولكن، إذا كانت اللجنة ترغب في تغيير مرجعية سوابقها، فعليها أن تشرح للدولة الطرف والشخص المعني الأسباب التي دفعتها إلى التغ يير. وللأسف، فقد افتقرت آراء اللجنة في قضية تومبسون إلى هذا الشرح. كما أن الشرح لم يُضَف إلى الآراء المتعلقة بهذه القضية.

ثانياً، يذكر لورد كولفيل بوضوح أن على المحاكم، بموجب الهيئات المختصة بالقانون العام، أن تضع في اعتبارها الظروف الوقائعية والشخصية عند الحكم بعقوبة الإعدام في قضايا القتل. وهو يرى أن المحاكم تبحث باستفاضة عوامل مثل الدفاع عن النفس، وإثارة الضحية للمتهم، وتناسب رد المتهم معها، وحالة المتهم النفسية، وأنه يمكن تخفيف جريمة القتل العمد إلى جريمة القتل الخطأ. وبالمثل، ففي الهيئات المختصة بالقان ون المدني، لا بد من النظر في أنواع مختلفة من الظروف المشددة أو المخففة، كالدفاع عن النفس، والعوز، والضيق الشديد، وقدرات المتهم الذهنية، في سبيل التوصل إلى إدانة جنائية/حكم في كل قضية قتل. ولا بد وأنه قد تم تناول هذه الأمور قبل أن تصدر المحكمتان المختصتان ف ي الفلبين حكمهما في هذه القضية، ولكن آراء الأغلبية لا تحيل إلى أي منها، مكتفية بالإشارة إلى أن "جريمة القتل في قوانين الدولة الطرف تنطوي على تعريف واسع النطاق جداً، تُستوفى شروطه بمجرد قتل شخص لآخر " (الفقرة 8-3؛ أضيف التأكيد).

غير أن المادة 248 من قانون ال عقوبـات المنقـح بالفلبين تـعرّف "جريمة القتل"، كما جاء في الحاشية 1 (الفقرة 2-2)، كما يلي: "أي شخص ... يقتل شخصاً آخر، فإنه يدان بارتكاب جريمة القتل ويعاقب ... بالإعدام إذا اقترنت الجريمة بأي من الظروف المشددة التالية: ... الخداع، أو استغلال التفوق في القو ة، أو الحصول على مساعدة رجال مسلحين، أو استخدام وسائل تضعف القدرة على الدفاع عن النفس، أو استخدام وسائل أو أشخاص لضمان الإفلات من العقاب أو منحه"، أو "اللجوء إلى الإغراق أو النار أو السم أو التفجير، أو إغراق السفن أو تدميرها، أو إخراج قطار عن خطه أو الهجوم عليه، أو إسقاط طائرة، أو باستخدام أية مركبة، أو أية وسيلة أخرى تنطوي على إهدار أو دمار شديدين". ومن البديهي أن تكون محاكم الفلبين قد بحثت هذه الأحكام، بالإضافة إلى الظروف المشددة أو المخففة المبينة أعلاه.

وتفيد آراء الأغلبية بأن "المحكمة العليا [بالفلبين] رأت أن ما يحكم القضية هو المادة 48 من قانون العقوبات المنقح الذي يقضي في حالة القيام بفعل واحد يتألف من جريمتين بتوقيع أقصى عقوبة على الجريمة الأشد خطورة. ولما كانت الجرائم المرتكبة في فعل واحد هي ثلاث عمليات قتل والشروع في القتل، فقد وقِّعت تلقائيا أقصى عقوبة ممكنة عن القتل، وهي عقوبة الإعدام، وذلك إعمالاً لأحكام المادة 48" (الفقرة 8-3؛ أضيف التأكيد). ويبدو لي أن الأحكام المقتبسة من المادة 48 أحكام قياسية يمكن العثور عليها في قوانين العقوبات في الكثرة الكثيرة من الدول. ومع ذلك، فقد مضت آراء اللجنة تقول "و يتضح من ذلك أن الفرض التلقائي لعقوبة الإعدام على أصحاب البلاغ بموجب المادة 48 من قانون العقوبات المنقح ينتهك الحقوق التي تكفلها لهم الفقرة 1 من المادة 6 من العهد" (الفقرة 8-3؛ أضيف التأكيد). لا شك في أن الجرائم التي ارتكبها أصحاب البلاغ من "أشد الجرائم خطو رة وفقا للقانون النافذ وقت ارتكاب الجرائم" في الفلبين، وأن تطبيق المادة 48 عليهم هو بالفعل الإجراء الجنائي العادي. وبالنظر إلى جميع الظروف المتصلة بالموضوع، لا أجد بدا من الخلوص إلى أن وصف فرض عقوبة الإعدام على أصحاب البلاغ في هذه القضية بأنه "إلزامي" أو " تلقائي" ليس لـه ما يسوغه نهائياً.

ثالثاً، أتساءل عما إذا كانت آراء الأغلبية مبررة لمجرد افتراض أن عقوبة الإعدام في حد ذاتها تشكل حرماناً تعسفيـاً من الحياة. غير أن هذا الافتراض يتعارض مع بنية العهد، التي تقبل عقوبة الإعدام عن أشد الجرائم خطورة (الفقرة 2 من المادة 6). كما أن هذا الافتراض متعارض مع الحقيقة التي تفيد بأن البروتوكول الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام بروتوكول "اختياري". فأحكام الفقرة 6 من المادة 6 تفيد بأن إلغاء عقوبة الإعدام أمر مستنسب، ولكن هذا الاستنساب لا يجعل الإلغاء التزاما قانونيا. والحقي قة في أن معظم الدول في مناطق معينة من العالم قد ألغت عقوبة الإعدام. ولكنها حقيقة أيضا، في الوقت نفسه، أن معظم الدول في مناطق أخرى من العالم أبقت على عقوبة الإعدام. وأرى أنه ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تستند إلى المجتمع العالمي للدول، أن تضع في اعتبارها هذا الوضع عند تفسير وتطبيق أي من أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

( توقيع ): نيسوكي آندو

[ اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصل ي . كما سيصدر لاحقاً ب اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التق رير.]

رأي فردي أدلت به عضوة اللجنة السيدة روث وِدجوود (رأي مخالف)

لقد خلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الدولة الطرف أساءت إلى أصحاب هذا البلاغ الأربعة بجعلهم يخضعون "لفرض إلزامي لعقوبة الإعدام" وهذا "يشكل حرماناً تعسفياً من الحياة، في انتهاك للفقرة 2 من المادة 6" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. انظر آراء اللجنة، الفقرة 8-3. وتؤكد اللجنة أن عقوبة الإعدام وُقعت "دون التمكين من مراعاة ... ظروف ارتكاب الجريمة المحددة". المرجع السابق، الفقرة 8-3.

إن المنطلق الذي تنظر من خلاله اللجنة إلى هذه المسألة شائك على أحسن تقدير. فالبلاغ المقدم لم يعرض أي شكوى تتعلق بما افتُرض من توقيع حكم إلزامي، وهكذا حُرمت الدولة الطرف من أي قدرة نهائياً على التعليق على الحجة التي تسوقها اللجنة الآن بشأن التماسها. فالبلاغ المقدم من أصحاب البلاغ م ؤرخ 6 أيار/مايو 2002، أي بعد مضي فترة طويلة على نشر آراء اللجنة السابقة بشأن مسألة عقوبات الإعدام الإلزامية*، وقد نصح محام محترف أصحاب البلاغ بعدم إثارة أي ادعاء من هذا النوع أمام اللجنة. ولم تُحل اللجنة مسألة الحكم الإلزامي إلى الدولة الطرف للتعليق عليها، رغم أن بإمكان هذه المسألة أن تحول الدفة تماما نحو قوانين الفلبين المتعلقة بالقتل وما يطلق عليه الجرائم المتعددة. وبالفعل، لقد اتخذ قرار اللجنة حتى دون أن يكون في يدها نسخة من رأي المحكمة الابتدائية.

وقد حدثت سوابق اللجنة السالفة التي احتُج فيها بأن أحكام الإعدام "إلزامية" في قضيتين تتعلق إحداهما بجناية قتل (حيث حدثت تحدث وفاة غير متوقعة أثناء ارتكاب الجناية) وتتعلق الأخرى*. بالقوانين التي لا تفرق بين جرائم القتل (والتي تستوجب جميع أنواع جرائم القتل العمد فيها توقيع عقوبة الإعدام). وإنه لأمر يفوق ذلك مغالا ة أن يُفترض أن يقع، بصورة أو أخرى، قانون جنائي معتمد بطريقة ديمقراطية ويحدد بدقة عوامل التشديد التي يجب أن تكون قد اقترنت بجريمة القتل قبل التمكن من توقيع عقوبة الإعدام عنها، في حبائل الحظر الضمني المفروض على الأحكام الإلزامية بموجب المادة 6 من العهد الدول ي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالفعل، فإن إغفال هذا الادعاء من التماس أصحاب البلاغ يعبر غالباً عن الرأي القائل بأن هذا الادعاء غير مقنع في ظل هذه الظروف.وأثناء قيام المحكمة العليا في الفلبين بإعادة النظر في الإدانات والأحكام الصادرة في هذه القضية لاح ظت المحكمة أن القانون الفلبيني المتعلق بجرائم القتل ينص على فرض عقوبة الإعدام فقط في حالة ثبوت ظرف مشدد أو أكثر، وهو هنا، القتل العمد عن طريق "الخداع". وقد أُدينَ أصحاب البلاغ بقتل فلورينتينو دولاي وابنتيه وبالشروع في قتل ابنته الثالثة. وتمت الجرائم "بإلقا ء قنبلة يدوية في غرفة نوم عائلة دولاي" أثناء ساعات الليل، حين كان الأطفال نائمين على أسرتهم. انظر رأي المحكمة العليا بالفلبين، 4 نيسان/أبريل 2001، الصفحة 13. وكان الدافع، وفقا لرأي المحكمة العليا، هو منع فلورينتينو دولاي من الإدلاء بشهادته ضد واحد من أصحاب البلاغ في محاكمة قتل أخرى منفصلة. وكانت أصغر ضحية طفلة في الخامسة من العمر، قُتلت بشظية من شظايا القنبلة. وقد تعرّف على مرتكبي الجريمة شاهد عيان كان يعرفهم جيداً، ورفضت المحكمة الابتدائية الحجة التي ــــــــــــ

* قضية تومبسون ضد سان فنسنت وجزر غرينادين ، القضية رقم 806/1998، الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000؛ وقضيـة كندي ضد ترينيداد وتوباغو ، القضية رقم 845/1998، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 2002. وأشاطر السيد آندو الشكوك التي آثارها فيما يتعلق بهذين القرارين السابقين، ولكني سأتخذ منهما نقطة انطلاق في هذه القضية.

قدموها بتواجدهم في غير مكان الجريمة، لأنها لم تكن حجة وجيهة. وقد أعادت المحكمة العليا بالفلبين بكامل هيئتها النظر في الإدانة، ورغم أن أربعة أعضاء من المحكمة العليا سجلوا موقفهم بأن عقوبة الإعدام لا تتفق مع الدستور الوطني، فإنهم وافقو ا على "أن يضاف إلى حكم المحكمة الصادر بأغلبية الأصوات، أن القانون دستوري وأنه ينبغي بالتالي توقيع عقوبة الإعدام". (الرأي، الصفحة 16). ولم يقدَّم ادعاء أمام المحكمة العليا بالفلبين بأن عقوبة الإعدام كانت إلزامية ومن ثم غير سليمة.

وتنص المادة 248 من قانون ال عقوبات المنقح على عدم فرض عقوبة الإعدام إلا في حالة وجود ظروف مشددة، منها "الخداع" أو "التفجير" عند ارتكاب الجريمة. وقد استوفي التعريف القانوني للخداع، كما لاحظت المحكمة العليا، حيث إنه يتمثل في "استغلال التفوق في القوة، بمساعدة رجال مسلحين، أو استخدام وسا ئل لإضعاف القدرة على الدفاع عن النفس، أو وسائل أو أشخاص لضمان الإفلات من العقاب أو مَنحه". وهنا "كان الضحايا نائمون عندما ألقيت القنبلة اليدوية بغتة في غرفة نومهم" و"لم تسنح لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم أو دفع الاعتداء. ومن الواضح أن الاعتداء قد تم بحيث لا تت سبب قدرة الضحايا على الدفاع عن أنفسهم في أي خطر على أي من المتهمين". الرأي، الصفحة 12، الحاشية 23. ولاحظت المحكمة العليا أن عامل التشديد المتمثل في "التفجير" كان من الممكن أن يكون أيضاً مناسباً للقضية، وإن لم يدع به في عريضة الاتهام.

ولا تحتج اللجنة على مش روعية المادة 248 في حد ذاتها. بل إن اللجنة تفترض وجود صفة الإلزام في حكم الإعدام لأن القضية قد حُكم فيها أيضاً بموجب أحكام ما يطلق عليه "الجرائم المتعددة" المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات المنقح . ويرجع السبب في ذلك إلى أن الإدانة تضمنت الشروع ف ي القتل إلى جانب القتل المتعدد. وتنص المادة 48 على أنه على أنه"عندما يتألف فعل واحد من جريمتين أو أكثر من جريمة تتعدى إحداها الأخرى خطورة أو تقل عنها... توقَّع العقوبة عن الجريمة الأشد خطورة، على أن تطبق أطول فترة من هذه العقوبة".

وقد صيغت المادة 48، على م ا يبدو، بحيث يتم تلافي مشكلة ما يطلق عليه اسم "التعدد"، أي إمكانية تعدد التهم والأحكام الناشئة عن ذنب واحد. وكان الحل المباشر هو فرض "العقوبة عن الجريمة الأشد خطورة ... على أن تطبق أطول فترة من هذه العقوبة". وهناك شك في أن تركيب الجملة يفهم منه أن عبارة "أ طول فترة" تشير إلى عقوبة الإعدام*. ولكن، أياً كان الأمر، فليس في المادة 48 ما يحيّد أو يقلل من شأن الشرط الذي تفرضه المادة 248 من القانون المتعلق بجرائم القتل، التي تفيد بأنه يجب أن تكون المحكمة قد وجدت ظروفاً مشددة لكي يكون الحكم بالإعدام سليماً.

ــــــ ـــــــ

* تؤكد اللجنة دون تبرير أن المادة 48 تفرض دائماً توقيع " أقصى عقوبة عن الجريمة الأشد خطورة". رأي اللجنة، الفقرة 2-4 (أضيف التأكيد). ولكن صياغة المادة 48 تقول " العقوبة عن الجريمة الأشد خطورة... على أن تطبق أطول فترة من هذه العقوبة". (أضيف التأكيد). ومرة أخرى، حبذا لو أننا حصلنا من الدولة الطرف على آرائها بشأن هذه المسألة المتعلقة بتفسير القانون المحلي.

وبعبارة أخرى، فإن حكم الإعدام المفروض بطريقة سليمة عن القتل المقترن بالخداع لا يكتسب الطابع الإلزامي لمجرد اقترانه بالإدانة الإضافية المتمثلة في الشرو ع في القتل. واللجنة لا تقدم أساساً مقنعاً لما استنتجته من أن عقوبة الإعدام قد فُرضت "تلقائيا" أو "دون التمكين من مراعاة ظروف ... ارتكاب الجريمة المحددة".

هناك آراء متنوعة بشأن مقبولية عقوبة الإعدام في المجتمعات الحديثة. والمادة 6 (2) من العهد الذي يحكم أعم ال اللجنة تنص على أنه "لا يجوز، في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يُحكم بهذه العقوبة إلا جزاءً على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة ...". ولعل الحكمة هي التي دعت اللجنة إلى عدم قبول دعوة أصحاب البلاغ إلى أن تستنتج أن قتل أطفا ل نائمين بتفجير قنبلة يدوية ليس من "أشد الجرائم خطورة". كما أن الفرصة لم تسنح للجنة لتناول ادعاء أصحاب البلاغ بأن التغيير الدستوري إلى الأحسن في الفلبين، الذي صار يقصر توقيع عقوبة الإعدام على "الجرائم البشعة"، يشكل إلى حد ما "إعادة فرض" لعقوبة الإعدام يدعى أن المادة 6 (2) تحظرها. وقد اعتمدت اللجنة، في إقدامها على طرح ادعاء تحاشته الأطراف نفسها، على بنية للقانون الفلبيني تبعث على الشك، وأساءت فهم مضمون قراراتها السابقة.

( توقيع ) روث وِدجوود

[ اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنك ليزي هو النص الأصل ي . كما سيصدر لاحقا ً ب اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير .]

واو واو - البلاغ رقم 1086/2002، فايس ضد النمسا *

(الآراء التي اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 2003، الدورة السابعة والسبعون)

المقدم من : شولام فايس (يمثله السيد ادورد ف يتز جيرالد) محامٍٍٍٍٍ

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 24 أيار/مايو 2002 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 نيسان/أبريل 2003،

وبعد أن انتهت من نظرها في البلاغ رقم 1086/2002 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم السيد شولام فايس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية ا لتي أتيحت لها من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المتخذة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 24 أيار/مايو 2002 هو شولام فايس وهو مواطن من مواطني الولايات المتحدة الأمريكيـة وإسرائيل، مولود في 1 نيسان/أ بريل 1954. وكان في وقت تقديم البلاغ محتجزاً في النمسا إلى حين تسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ("الولايات المتحدة"). وهو يدعي أنه ضحية لانتهاكات من جانب النمسا للفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدول ي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويدعي أيضاً أنه وقع ضحية لانتهاك حقه في إطلاق سراحه من الاحتجاز غير القانوني وحقه في "المساواة أمام القانون" وهو أمر يمكن أن يثير مسائل بموجب المواد 9 و26 والفقرة 1 من المادة 14 على التوالي. ويدعي أنه نتيجة لتسليمه وقع ضح ية بعد ذلك لانتهاك الفقرة 1 من المادة 9 من العهد وكذلك المادتين 1 و5 من البروتوكول الاختياري. وصاحب البلاغ يمثله محامٍ.

__________________

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماءهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتش اندرا ناتوارلال باغواتي، السيد الفريدو كاستييرو هويوس، السيدة كريستين شانيه، السيد فرانكو ديباسكواليه، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السي د هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين.

1-2 وفي 24 أيار/مايو 2002، طلبت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، طبقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، عدم تسليم صاحب البلاغ إلى أن تتلقى اللجنة ملاحظات الدولة الطرف فيما إذا كان هناك خطر بإلحاق أضرار لا يمكن جبرها بصاحب البلاغ حسبما يدعي المحامي وتنتهي من بحثها. وفي 9 حزيران/يونيه 2002 قامت الدولة الطرف، دون أن ترسل أي ملاحظات إلى اللجنة، بتسليم صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة.

1-3 وعند التصديق على البروتوكول الاختياري أعلنت الدولة الطرف تحفظاً ورد نصه على النحو التالي: "إن جمهورية النمسا تصدق على البروتوكول الاختياري ... على أساس أنه طبقاً لأحكام المادة 5 (2) من البروتوكول الاختياري لا يجوز للجنة ... أن تنظر في أي رسالة من أي فرد إلا بعد التأكد من المسألة ذاته ا ليست محل بحث بالفعل من اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في محاكمة بدأت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 في محكمة ولاية فلوريدا المحلية، حوكم صاحب البلا غ بتهم عديدة هي الغش والاحتيال وابتزاز المال بالتهديد وغسل الأموال. وكان يمثله طوال المحاكمة محامٍ من اختياره. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999 وبينما كانت مداولات هيئة المحلفين على وشك البدء هرب صاحب البلاغ قاعة المحكمة ولاذ بالفرار. وفي 1 تشرين الثاني/نوفم بر 1999 حكم على صاحب البلاغ بالإدانة فيما يتعلق بجميع التهم المنسوبة إليه. وعقب مرافعات قدمها الإدعاء ومحامي صاحب البلاغ في جانب المعارضة، فيما إذا كان ينبغي الشروع في النطق بالحكم في غيابه، أصدرت المحكمة في نهاية المطاف الحكم عليه غيابياً في 18 شباط/فبراي ر 2002 بعقوبة السجن لمدة 845 عاماً (مع إمكانية خفضها في حالة حسن السلوك، إلى 711 عاماً (كما وردت)) وعقوبة نقدية بمبلغ يتجاوز 248 مليون دولار أمريكي.

2-2 وقدم محامي صاحب البلاغ إخطاراً خلال المهلة الزمنية التي يقتضيها القانون وهي عشرة أيام. وفي 10 نيسان/أبر يل 2000، رفضت محكمة الاستئناف التابعة للدائرة الحادية عشرة الالتماس الذي قدمه محامي صاحب البلاغ بإرجاء رفض دعوى الطعن، ورفضته على أساس مبدأ "عدم أحقية الهارب". وبموجب هذا المبدأ يحق لمحكمة الاستئناف أن ترفض أي طعن مقدم من هارب لسبب وحيد هو أن الطاعن هارب. وبهذا القرار أغلقت الدعوى الجنائية ضد صاحب البلاغ في الولايات المتحدة (1) .

2-3 وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2000، قبض على صاحب البلاغ في فيينا بالنمسا عملاً بأمر قبض دولي صادر في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2000، ونقل إلى مركز الاحتجاز رهن التسليم. وفي 18 كانون الأو ل/ديسمبر 2000، قدمت الولايات المتحدة طلباً إلى السلطات النمساوية بتسليم صاحب البلاغ. وفي 2 شباط/فبراير 2001، أوصى قاضي التحقيق في المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا ( ` Landesgericht f ü r Strafsachen ` ) بأن تعتبر المحكمة الإقليمية العليا بفيينا ( ` Oberlandesge richt ` )، وهي محكمة الدرجة الأولى والأخيرة فيما يتعلق بجواز قبول أي طلب بالتسليم، طلب تسليم صاحب البلاغ مقبولاً.

2-4 وفي 25 أيار/مايو 2001، التمست المحكمة الإقليمية العليا النصح من سلطات الولايات المتحدة فيما إذا كان لا تزال تتاح لصاحب البلاغ إمكانية الطعن في الحكم بإدانته والعقوبة الصادرة ضده. وعلى إثر ذلك، قدم النائب العام للولايات المتحدة التماساً طارئاً لإعادة النظر في الطعن المقدم من صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف التابعة للدائرة الحادية عشرة في الولايات المتحدة. ولم يتخذ محامي صاحب البلاغ صراحة أي م وقف بشأن الالتماس لكنه تشكك في مصلحة الدولة في تقديم التماس بالأصالة عن صاحب البلاغ. وفي 29 حزيران/يونيه 2001، رفضت المحكمة الالتماس. وفي 5 تموز/يوليه 2001، قدم المدعي العام للولايات المتحدة التماساً طارئاً آخر أمام المحكمة المحلية بالولايات المتحدة بولاية فلوريدا الوسطى بغرض إلغاء الحكم الذي أصدرته المحكمة فيما يتعلق بصاحب البلاغ. وفي 6 تموز/يوليه 2001، رفضت المحكمة الالتماس وأكدت أن حكمها غير قابل للنقض.

2-5 وفي 13 آب/أغسطس 2001، تقدم صاحب البلاغ بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ("المحكمة الأوروب ية") مدعياً أن تسليمه يعتبر انتهاكاً للأحكام التالية من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ( ` الاتفاقية الأوروبية ` ): المادة 3 من حيث إنه سيتعين عليه أداء عقوبة إلزامية بالسجن المؤبد؛ والمادة 6 والمادة 2 من البروتوكول رقم 7 على أساس أن الحكم بإدانته والعقوبة عليه قد صدرا غيابياً وأنه لا تتاح لـه أي سبيل من سبل التظلم؛ والمادة 5 من حيث إن احتجازه بهدف تسليمه غير قانوني؛ والمادة 13.

2-6 وفي 11 أيلول/سبتمبر 2001، رفضت محكمة فيينا الإقليمية العليا طلب الولايات المتحدة بتسليم صاحب البلاغ. وك ان السبب الوحيد للرفض هو أن تسليم صاحب البلاغ دون ضمان بأنه سيكون لـه الحق في استئناف الحكم الصادر ضده من شأنه أن يتنافى مع المادة 2 من البروتوكول رقم 7 المرفق بالاتفاقية الأوروبية (2) .

2-7 وطعن المدعي العام للدولة (وله وحده صلاحية إقامة دعوى طعن من هذا ال قبيل) في قرار المحكمة الإقليمية العليا أمام المحكمة العليا ( ` Oberster Gerichtshof ` ) وفي 9 نيسان/أبريل 2002، حكمت المحكمة العليا ببطلان الحكم الذي أصدرته المحكمة الإقليمية العليا لأنه ليس من اختصاصها النظر في الحق في الاستئناف بموجب المادة 2 من البروتوكول ر قم 7 للاتفاقية الأوروبية. ويمكن للمحكمة الإقليمية العليا أن تنظر فقط في الجوانب المحددة المبينة في القانون الخاص بالتسليم (ما إذا كان صاحب البلاغ قد تمتّع بمحاكمة عادلة وما إذا كانت العقوبة الصادرة ضده تبلغ مبلغ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أ و المهينة)؛ وفي المقابل فإن وزير العدل هو السلطة الوحيدة التي لها اختصاص النظر في أي مسائل أخرى (بما في ذلك الحق في الاستئناف) عندما يقرر بعد ذلك ما إذا كان يوافق أو لا يوافق على تسليم شخص ما تبيّن لجهة قضائية أن تسليمه جائز. وبناء على ذلك وُضِع الحكم الذي أصدرته المحكمة الإقليمية العليا جانباً وأُجِّلت الدعوى.

2-8 وفي 8 أيار/مايو 2002 رأت المحكمة الإقليمية العليا عند إعادة النظر في الدعوى أن تسليم صاحب البلاغ جائز من كافة النواحي فيما عدا "شهادة الزور بينما كان متهماً" (وحُكِم على صاحب البلاغ بعقوبة السجن لمدة 10 سنوات لارتكاب هذه الجريمة). ووفقاً لقرار المحكمة العليا خلصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ قد تمتَّع بمحاكمة عادلة وأن الحكم عليه لا يعتبر عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. ولم تتناول مسألة حق صاحب البلاغ في الاستئناف. وفي 10 أيار/مايو 2002، سمح وزي ر العدل بتسليم صاحب البلاغ إلى الولايات المتحدة دون الإشارة إلى أي مسائل فيما يتعلق بحقوق الإنسان لصاحب البلاغ (3) .

2-9 وفي 10 أيار/مايو 2002، اتخذت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إجراءات مؤقتة من شأنها أن توقف تنفيذ الأمر بتسليم صاحب البلاغ. وفي 16 أيار/م ايو 2002 قررت المحكمة بعد مذكرات قدمتها الدولة الطرف عدم تمديد أجل تطبيق الإجراءات المؤقتة. وبناء على طلب صاحب البلاغ أصدرت المحكمة الدستورية ` Verfassungsgerichtshof ` أمراً في 17 أيار/مايو 2002 بوقف تنفيذ الحكم بتسليم صاحب البلاغ (حتى 23 أيار/مايو 2002).

2 -10 وفي 23 أيار/مايو 2002، رفضت المحكمة الدستورية قبول شكوى صاحب البلاغ من القرار، على أساس أن توقعات نجاحها غير كافية ولا تعتبر خارج نطاق اختصاص المحكمة الإدارية ` Verwaltungsgerichtshof ` وبناء على ذلك قضت المحكمة بإلغاء الأمر. وفي اليوم نفسه، تقدم صاحب ال بلاغ مرة أخرى بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لاتخاذ إجراءات مؤقتة ورُفض الطلب.

2-11 وفي 24 أيار/مايو، أخطر صاحب البلاغ المحكمة الأوروبية أنه يود أن يسحب طلبه "بأثر فوري". وفي اليوم ذاته تقدم بالتماس للمحكمة الإدارية وطعن في قرار الوزير بتسليمه م لتمساً إصدار أمر بإرجاء تسليم صاحب البلاغ إلى أن حين صدور قرار بشأن دعوى الطعن الموضوعي. وسُمح بإرجاء الأمر بالتسليم وأحيل إلى وزارة العدل وإلى المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا.

2-12 وفي 26 أيار/مايو، جرت محاولة لتسليم صاحب البلاغ. وبعد أن أجرى ضابط رفي ع الرتبة من قوات شركة المطار اتصالاً هاتفياً برئيس المحكمة الإدارية، عاد صاحب البلاغ إلى مركز الاحتجاز في ضوء بوقف التنفيذ الذي أصدرته المحكمة الإدارية ونظراً لسوء الحالة الصحية لصاحب البلاغ. وفي 6 حزيران/يونيه 2002 رأى قاضي التحقيق في المحكمة الجنائية الإ قليمية في فيينا أن المحكمة الإدارية "غير مختصة" بالنظر في أي دعوى أو وقف تنفيذ طلب التسليم، وأصدر تعليماته بتسليم صاحب البلاغ. وفي 9 حزيران/يونيه 2002، قام مسؤولو السجن المودع فيه صاحب البلاغ وكذلك مسؤولو وزارتي العدل والداخلية بإحالة صاحب البلاغ إلى الولا ية القضائية للسلطات العسكرية للولايات المتحدة في مطار فيينا، وعاد إلى الولايات المتحدة.

2-13 وعند تسليم صاحب البلاغ كانت لا تزال هناك مجموعتين من الدعاوى معلقة أمام المحكمة الدستوريـة ليس لأي منها أثر إيقافي بموجب قانون الدولة الطرف. أولاً قدم صاحب البلاغ في 25 نيسان/أبريل 2002 طعناً بعدم دستورية مختلف أحكام قانون الدولة الطرف الخاص بتسليم المجرمين فضلاً عن المعاهدة المتعلقة بتسليم المجرمين المبرمة مع الولايات المتحدة، وخصوصاً معالجتها للأحكام الصادرة غيابياً. وثانياً أقام في 17 أيار/مايو 2002 دعوى "طعن سلب ي في الاختصاص" ( ` Antrag auf Entscheidung eines negativen Kompetenzkonfliktes ` ) لحسم موضوع ما إذا كان يجب معالجة الحق في الاستئناف بموجب قرار إداري أو من جانب المحاكم، إذ إن المحكمة الإقليمية العليا وكذلك وزير العدل كليهما قد امتنعا عن تناول المسألة.

2-14 و في 13 حزيران/يونيه 2002، قررت المحكمة الإدارية أنه بالنظر إلى أن صاحب البلاغ قد نُقل خلافاً لحكم المحكمة بإيقاف التنفيذ فإن الإجراءات لا تفي بأي غرض ولذلك قررت إيقافها. ولاحظت المحكمة أن الغرض من الأمر الذي أصدرته بوقف التنفيذ هو الحفاظ على حقوق صاحب البلا غ إلى أن يتم البت في الدعوى الرئيسية وأنه نتيجة لعدم جواز اتخاذ أي إجراء يُلحق الضرر بصاحب البلاغ على أساس القرار المطعون فيه الذي أصدره الوزير. ونتيجة لذلك فإن تسليم صاحب البلاغ ليس له أي أساس قانوني يعتد به.

2-15 وفي اليوم ذاته، لاحظت المحكمة الأوروبية ل حقوق الإنسان أن صاحب البلاغ يود سحب الطلب الذي تقدم به. وبعد عرض الوقائع والشكوى رأت المحكمة أن احترام حقوق الإنسان على النحو المعرّف في الاتفاقية والبروتوكولين الملحقين به لا يقتضي مواصلة نظرها في الدعوى بصرف النظر عن رغبة صاحب الطلب في سحبها وقررت شطب ال طلب من قائمة الدعاوى المعروضة عليها (4) .

2-16 وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2002، أصدرت المحكمة الدستورية حكمها لصالح صاحب البلاغ وقالت إنه ينبغي للمحكمة الإقليمية العليا بحث كافة المسائل المتعلقة بالقبول فيما يخص حقوق الإنسان لصاحب البلاغ، بما في ذلك المسائل ا لمتعلقة بالحق في الاستئناف. وينبغي بعد ذلك للقرار الرسمي الذي يصدره الوزير بالتسليم أن ينظر في أي مسائل قد تنشأ لها صلة بالكرامة الإنسانية. ورأت المحكمة أيضاً أن عدم قدرة صاحب البلاغ بمقتضى قانون الدولة الطرف الخاص بتسليم المجرمين على مواصلة الطعن في قرار المحكمة الإقليمية العليا التي رأت أن تسليمه جائز يتعارض مع مبادئ سيادة القانون ويعتبر غير دستوري.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ في رسالته الأصلية (التي سبقت التسليم) أن تسليمه إلى الولايات المتحدة من شأنه أن يحرمه من القدرة على أن يكون متواجداً في الدولة ال طرف لتبرير مزاعمه في تلك الولاية القضائية. ولن يكون باستطاعته بوجه خاص التمتع بمزايا الحصول على سبل الانتصاف المنبثقة عن تقرير المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالدفع "بالاختصاص السلبي" الذي ينبغي للمحكمة أو للسلطة الإدارية أن تنظر في حجته بحرمانه من الحق في م حاكمـة/استئناف عادل، وكذلك قيام السلطة المختصة بعد ذلك بالنظر في هذه المسألة حسبما تقتضي المادتين 5 و2 و3 معاً من المادة 14. والتسليم من شأنه أن يمنعه من التمتع بسبل الانتصاف مثل منع تسليمه تماماً أو التسليم بموجب حكم معادل لحكم يُفرض في الدولة الطرف أو ال تسليم شريطة كفالة كافة حقوق إعادة النظر في دعواه. وقال إن محاكم الدولة الطرف لم تقم لا هي ولا السلطات الإدارية مطلقاً بتناول مسألة حرمانه في الولايات المتحدة حسب زعمه الحق في محاكمة عادلة (إعادة النظر العادل بصورة جوهرية).

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً أن ا لدولة الطرف إذا قامت بتسليمه ستحرض على انتهاك حقه بموجب الفقرة 5 من المادة 14 وتقر هذا الانتهاك وهو أمر تعرّض لـه حسب زعمه في الولايات المتحدة. وفي ضوء الطابع النهائي للإجراءات الجنائية في الولايات المتحدة فإن تسليمه إلى الولايات المتحدة سيكون غير مشروع أو لاً لأن الحكم بإدانته والعقوبة المحكوم بها عليه قد صدرا غيابياً وثانياً لأنه لم يكن وليس لديه أي فرصة فعلية للطعن في الحكم بالإدانة أو العقوبة الصادرة ضده بموجب مبدأ "عدم أحقية الهارب". وهو لا يستطيع على وجه التحديد الطعن فيما يتعلق بأن الحكم بإدانته والعق وبة المحكوم بها عليه قد صدرا غيابياً. ويقول صاحب البلاغ إن الحق في محاكمة عادلة/استئناف عادل الوارد في العهد إلزامي وأن عدم الامتثال له من شأنه أن يجعل التسليم غير مشروع.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقه في "المساواة أمام القانون". وللمدعي العام للدولة وحد ه صلاحية إقامة دعوى طعن أمام المحكمة العليا في القرار الذي أصدرته المحكمة الإقليمية العليا رهناً بوجود شرط في القانون المحلي للدولة الطرف بألا يكون هذا الطعن في غير صالح الشخص الذي تستؤنف الدعوى الخاصة به، إذ إن هذا الشخص ليس بمقدوره إقامة دعوى طعن من هذا القبيل. وفي هذه الدعوى نقضت المحكمة العليا القرار الذي اتخذته المحكمة الإقليمية العليا بأنه لا يمكن تسليم صاحب البلاغ، وأحالت الدعوى لإعادة النظر ولم تضع في اعتبارها حقوق صاحب البلاغ في محاكمة عادلة/استئناف عادل.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن الحكم الصادر ضده ب الحبس لمدة 845 عاماً دون إتاحة أي فرصة لإطلاق سبيله قبل 711 عاماً على الأقل تعتبر "عقوبة شاذة وغريبة الشكل" وهي عقوبة "لا إنسانية" وتبلغ مبلغ أشد أشكال الحبس جسامة بل تكاد أن تكون تعذيباً فعلياً. وزعم أن هناك خرقاً "واضحاً ولا رجعة فيه" للفقرة 1 من المادة 10 من العهد، نظراً لفرط طول مدة العقوبة وعدم وجود أي إمكانية لإطلاق سبيله خلال مدة حياته وعدم إمكانية إقامة أي دعوى طعن في الحكم. والدولة الطرف مسؤولة عن عدم قيام محاكمها و/أو السلطات الإدارية لديها بالنظر في هذه القضية.

3-5 وأخيراً يشكو صاحب البلاغ من أنه احتجز بصورة غير مشروعة. ويزعم أنه حيث إن تسليمه غير مشروع لأنه حُرم من الحصول على محاكمة عادلة/استئناف عادل، فإن أي احتجاز بقصد تسليمه لا بد أن يكون أيضاً غير مشروع.

3-6 وفيما يتعلق بمقبولية شكواه يزعم صاحب البلاغ أنه بصدور حكم المحكمة الدستورية ضده تكون جميع سبل الانتصاف الفعالة قد استنفذت. ويسلم بأن الشكاوى التي أثيرت في البلاغ "لا يجري بحثها" بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري في إطار الإجراء الأوروبي (أو أي إجراء آخر) للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية. كذلك فإن تحفظ الدولة الطرف على الف قرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا يحول دون قيام اللجنة بالنظر في البلاغ.

3-7 ويزعم صاحب البلاغ أنه أولاً لم يجر مطلقاً اتخاذ أي قرار رسمي من جانب المحكمة الأوروبية بشأن جواز القبول أو الأسس الموضوعية للطلب المقدم إلى المحكمة الأوروبية، ولكن مجرد قرارات إجرائية. وبالنظر إلى التفسير الذي أعطته اللجنة لكلمة "بحثت" Examined الواردة في التحفظ النمساوي في قضية باوغر ضد النمسا(5) يسلم بأن هذه الخطوات الإجرائية لا تشكل أي "بحث" للقضية. وثانياً فإن الطلب، بالرغم من أنه لا يزال معلقاً، لن يجري إحالته إلى ا لدولة الطرف لإبداء تعليقاتها عليه سواء بشأن المقبولية و/أو الأسس الموضوعية. ثالثاً فإن البلاغ على أية حال يتعلق في جانب منه بحقوق (مثل الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد) غير مشمولة بالحماية بموجب الاتفاقية الأوروبية.

3-8 وبرسالة مؤرخة 19 حزيران/يونيه 2002 (بعد التسليم) زعم صاحب البلاغ أن ترحيله لا يمنع اللجنة من بحث البلاغ كما لا يؤثر على التدابير المؤقتة التي طلبتها اللجنة. ويشير صاحب البلاغ إلى المناقشة العامة التي أجرتها اللجنة بشأن التزامات إحدى الدول الأطراف في قضية سابقة لم يجر فيها الاستجابة لطلب باتخاذ إجراءات مؤقتة (6) . ويحتج بالأحكام القضائية التي أصدرتها محكمة العدل الدولية الدائمة ومفادها أن المشاركة في أي نظام للتحكيم الدولي يعني ضمناً أن الدولة الطرف تقبل الالتزام بالامتناع عن "أي تدبير يمكن أن يكون له تأثير مجحف بخصوص تنفيذ ا لقرار المعتزم صدوره وألا تسمح بوجه عام باتخاذ أي خطوة من أي نوع قد تؤدي إلى اشتداد النزاع أو إطالة أمده" (7) . وبالمثل قررت محكمة العدل الدولية أن تدابيرها المؤقتة تعتبر ملزمة للأطراف في أي نزاع معروض عليها (8) .

3-9 وفي هذه الحالة المحددة يزعم صاحب البلاغ أن السوابق القضائية للجنة توحي بأن صاحب البلاغ من المحتمل أن يتعرض لضرر لا يمكن جبره. وفي قضية ستيوارت ضد كندا (9) طُلب اتخاذ تدابير مؤقتة في ظروف كان من غير المرجح فيها أن يتمكن صاحب البلاغ من العودة إلى الوطن الذي ينتمي إليه وهو كندا، في حين لا تتاح في القضي ة الحالية أي إمكانية لإطلاق سراحه عنه من السجن.

3-10 وأشار صاحب البلاغ إلى أن حالته ليست إحدى الحالات التي يُعتبر فيها الفاصل الزمني بين طلب اتخاذ تدابير مؤقتة (24 أيار/مايو 2002) والإجراء المستهدف منع اتخاذه (9 حزيران/يونيه 2002) قصيراً. وبناء على ذلك فإن ه يطلب إلى اللجنة أن توعز إلى الدولة الطرف تفسير الأساس الوقائعي لترحيله وما إذا كان طلب اتخاذ تدابير مؤقتة قد وضعته الدولة الطرف في الاعتبار عند ترحيله وكيفية القيام بذلك، والطريقة التي اقترحت بها الدولة الطرف الوفاء بالتزاماتها المستمرة.

ملاحظات الدولة ا لطرف على المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 برسالة مؤرخة 24 تموز/يوليه 2002 اعترضت الدولة الطرف على جواز قبول البلاغ وأسسه الموضوعية على حد سواء. وتزعم أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتزعم أنه برغم أنها تقبل أن اللجنة لا تقتضي في العادة الانتهاء من الإجراءات المحلية عند تقديم البلاغ فقد كان من المفترض أن تنتهي بحلول الوقت الذي تنظر فيه اللجنة في البلاغ (10) . وتزعم الدولة الطرف أنه بالنظر إلى أن الإجراءات كانت، عند تقديم ملاحظات الدولة الطرف، لا تزال منظورة أمام المحكمة الدستورية، فإن هذا ا لاقتضاء لم يستوف.

4-2 وتحتج الدولة الطرف بالتحفظ الذي أبدته على الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري وتزعم أنه لا يجوز أن تقدم إلى اللجنة شكوى سبق تقديمها إلى الهيئات الأوروبية. وتقول إن الشكوى قد "بحثت" من جانب المحكمة الأوروبية بناء على الوقائع ا لموضوعية - ومن الواضح أن المحكمة قامت بعد التماس ملاحظات من الدولة الطرف بإجراء تقييم لوقائع الدعوى. وقد قال صاحب البلاغ بوضوح إنه بطلبه سحب الدعوى من قائمة الدعاوى المعروضة على المحكمة قبل تقديمها للجنة يثير أساساً نفس الشواغل المعروضة على هاتين الهيئتين.

4-3 وبصدد الأسس الموضوعية، تشير الدولة الطرف إلى أن التسليم في حد ذاته يندرج خارج إطار نطاق العهد بحيث إن المسألة هي ما إذا كانت الدولة الطرف ستعرض صاحب البلاغ لمعاملة تتنافى مع العهد في دولة ليست طرفاً في البروتوكول الاختياري بحكم التسليم (11) . وفيما يتعل ق بالإجراءات المحلية تزعم الدولة الطرف أن المحاكم العادية وكذلك المحاكم العليا فضلاً عن السلطات الإدارية قد بحثت بعناية ملاحظات صاحب البلاغ وأنه كان ممثلاً تمثيلاً قانونياً طوال هذه الإجراءات. وتشير الدولة الطرف إلى أن إجراءات التسليم وفقاً للأحكام القضائي ة التي أصدرتها المحكمة الأوروبية لا تتمتع بالضرورة بنفس الضمانات الإجرائية المكفولة في الإجراءات الجنائية التي يستند إليها التسليم.

4-4 وبصدد الانتهاك المزعوم للفقرة 5 من المادة 14 على أساس أن صاحب البلاغ قد أُدين وصدر الحكم عليه بالعقوبة غيابياً، تذكِّر ا لدولة الطرف بالحكم الذي أصدرته اللجنة ومفاده أن إجراء محاكمة غيابياً لا يتوافق مع العهد إلا إذا استدعي المتهم للمثول أمام المحكمة في الوقت المناسب وأُبلغ بالدعوى المقامة ضده (13) . وفي القضية الحالية لا يزعم صاحب البلاغ أن هذه الشروط لم تستوف - فلقد لاذ بالف رار بعد أن انتهت كافة الإجراءات المتعلقة بالإثبات وبعد أن انصرفت هيئة المحلفين للتداول ولم ترجع مرة أخرى إلى قاعة المحكمة للاشتراك في الإجراءات اللاحقة. ومن ثم فإن إدانته لم تجر غيابياً، وأن العقوبة التي حُكم بها عليه بعد ذلك لا تغير هذا الاستنتاج.

4-5 وفي ما يخص الانتهاك الثاني المزعوم للفقرة 5 من المادة 14 بالاقتران بالفقرة 3 من المادة 2 الناشئة عن الحرمان من جلسة لإعادة نظر عادلة في الولايات المتحدة بسبب غيابه تشير الدولة الطرف أن الفقرة 5 من المادة 14 تكفل الحق في الاستئناف "وفقاً للقانون". ومن ثم فإن ال دولة الطرف محل البحث لها الحرية في أن تعرف بقدر أكبر من التفصيل المحتوى الموضوعي والإجرائي للحق بما في ذلك، في هذه الحالة، الاقتضاء الشكلي بوجوب ألا يكون مقدم الطعن هارباً عند تقديم الطعن. وكان صاحب البلاغ ممثلاً تمثيلاً قانونياً وكان على علم بالوضع القانو ني في الولايات المتحدة، ومن ثم يمكن بصورة معقولة أن يُفترض من سلوكه على وجه الإجمال، بما في ذلك فراره من الولايات المتحدة، أنه قد تخلى عن حقه في الاستئناف. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يؤيد اقتراح النائب العام للولايات المتحدة بإعادة النظر في الطع ن الذي قدمه من أجل منع تسليمه إلى الولايات المتحدة. وهو لم يتقدم مطلقاً بأي طعن، وتقديمه لإخطار بالطعن يظل دون أي مضمون. أما بصدد معاملته في المستقبل في هذا الخصوص، تلاحظ الدولة الطرف أن وزير العدل لديها قد طلب تأكيدات من سلطات الولايات المتحدة المختصة وأن هذه التأكيدات قد قدمت وأن الإجراءات الجديدة المتعلقة بإصدار الأحكام ستكون متاحة لصاحب البلاغ عن كافة الأمور.

4-6 وفيما يتعلق بالادعاء بأن الحكم بحبس صاحب البلاغ مدى الحياة (السجن المؤبد) يعتبر انتهاكاً للمادة 1 من المادة 10، تزعم الدولة الطرف أن هذا الحكم يشير فقط إلى ظروف الحبس وليس مدته. وتشير إلى حكم اللجنة بأن مجرد الحرمان من الحرية لا يعني ضمناً وقوع انتهاك للكرامة الإنسانية (14) . وتزعم الدولة الطرف أن الحكم بالسجن لمدة 845 عاماً لا يعتبر غير متناسب أو لا إنساني إذا وضعنا في الاعتبار الجرائم العديدة ال مرتكبة فيما يتعلق بالممتلكات والخسائر التي تكبدها أصحاب معاشات التقاعد. وتلاحظ أيضاً أن الحكم الذي أصدرته المحكمة لا يستبعد الإفراج المشروط على أن يدفع صاحب البلاغ تعويضاً قدره 125 مليون دولار أمريكي وغرامة قدرها 123 مليون دولار أمريكي. وتذكر الدولة الطرف أيضاً أنه بالرغم من أن المحكمة الأوروبية قد أشارت إلى أن السجن مدى الحياة (المؤبد) قد يثير مسائل بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية فإنها لم تتوصل بعد إلى هذا الاستنتاج (15) .

4-7 وبالنسبة للدولة الطرف، لا يوجد أي شيء في العهد يحول دون تسليم متهم إلى دولة ما من المتوقع أن تفرض فيها عقوبة أشد (لا تصل إلى حد العقوبة البدنية). وأي وضع مخالف من شأنه أن يجرِّد صك التسليم من جدواه من حيث التعاون الدولي في إقامة العدل ومنع الإفلات من العقاب، وهو من المقاصد التي قامت اللجنة نفسها بتأكيدها (16) .

مسائل أخرى ناشئة فيم ا يتعلق بطلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة للحماية

5-1 برسالة مؤرخة في 2 آب/أغسطس 2002 موجهة إلى ممثل الدولة الطرف لدى الأمم المتحدة في جنيف، أعربت اللجنة عن طريق رئيسها عن بالغ أسفها إزاء تسليم صاحب البلاغ خلافاً لطلبها بأن تكفل لـه حماية مؤقتة. وطلبت اللجنة توضيحاً كتابياً عن الأسباب التي دعت إلى التغاضي عن طلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة وتوضيحاً للطريقة التي تعتزم بها تأمين الامتثال لطلبات من هذا القبيل في المستقبل. وبمذكرة مؤرخة في التاريخ ذاته طلب المقرر الخاص للجنة المعني بالاتصالات الجديدة من الدولة الطر ف أن ترصد عن كثب وضع صاحب البلاغ والمعاملة التي يلقاها بعد تسليمه، وأن تقدم إلى حكومة الولايات المتحدة ما تراه مناسباً من مذكرات لمنع إلحاق ضرر غير قابل للجبر بحقوق صاحب البلاغ بموجب العهد.

5-2 وبرسالة مؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2002 قامت الدولة الطرف است جابة لطلب اللجنة بتقديم توضيح مفاده أنه على إثر تلقي طلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة، أصدر وزير العدل الاتحادي في 25 أيار/مايو 2002 أمراً لمكتب المدعي العام في فيينا ( ` Staatsanwaltschaft ` ) بتقديم طلب إلى قاضي التحقيق في المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا ي لتمس فيه وقف تنفيذ التسليم. وفي اليوم ذاته، رفضت المحكمة الاستجابة لهذا الطلب على أساس أن المادة 86 من النظام الداخلي للجنة لا تجيز إلغاء الأوامر القانونية أو تقييد اختصاص محكمة محلية مستقلة. وفي 6 حزيران/يونيه 2002 أمر قاضي التحقيق بتسليم صاحب البلاغ.

5-3 وفيما يتعلق بالمسائل القانونية الناشئة، تزعم الدولة الطرف أن المادة 86 من النظام الداخلي للجنة لا تلزم الدول الأطراف بتعديل دساتيرها كي تنص على التنفيذ المحلي المباشر للطلبات المتعلقة باتخاذ تدابير مؤقتة. وأي طلب يقدم بموجب المادة 86 "ليس لـه في حد ذاته أ ي أثر ملزم بموجب القانون الدولي". ولا يمكن أن يكون لأي طلب مقدم بموجب المادة 86 من النظام الداخلي الغلبة على التزام مخالف بموجب القانون الدولي وهو التزام بموجب المعاهدة الخاصة بتسليم المجرمين المبرمة بين الدولة الطرف والولايات المتحدة بتسليم شخص ما في ظل ظ روف تستوفى فيها الشروط المسبقة اللازمة المنصوص عليها في المعاهدة. وتشير الدولة الطرف إلى أن المحاكم لديها وكذلك المحكمة الأوروبية قد نظرت في دعوى صاحب البلاغ بصورة مستفيضة.

5-4 وبصدد الوضع الراهن، تلاحظ الدولة الطرف أن النائب العام للولايات المتحدة قد وجه طلباً إلى المكتب المحلي للولايات المتحدة لإعادة محاكمة صاحب البلاغ (بحيث لا ينفذ الحكم على جريمة "الشهادة الزور" بينما كان متهماً وهي جريمة رفض بشأنها التسليم). وحسب المعلومات التي زودتها الدولة الطرف، من شأن إعادة المحاكمة أن يوفر لصاحب البلاغ الحق الكامل في الطعن في الحكم (الجديد) الصادر ضده، والطعن في حكم الإدانة الأصلي ذاته. وستواصل الدولة الطرف التماس المعلومات من سلطات الولايات المتحدة على النحو المناسب بشأن تقدم سير النظر في الدعوى في محاكم الولايات المتحدة.

تعليقات صاحب البلاغ

6-1 برسالة مؤرخة 8 كان ون الأول/ديسمبر 2002 ادعى صاحب البلاغ خرق الفقرة 1 من المادة 9 من العهد حيث إنه سُلّم إلى الولايات المتحدة إخلالاً بطلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة. وهو يحتج بآراء اللجنة في قضية بيانديونغ ضد الفلبين (17) .

6-2 وبرسالة مؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2003، رفض صا حب البلاغ زعم الدولة الطرف بأن الطلب الذي قدمته اللجنة بموجب المادة 86 يفي بالالتزام الدولي بالتسليم الوارد في المعاهدة التي أبرمتها مع الولايات المتحدة المتعلقة بتسليم المجرمين. ويلاحظ صاحب البلاغ أن المعاهدة ذاتها وكذلك القانون المحلي للدولة الطرف ينصان على رفض التسليم لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان. وعلى أية حال فإن الالتزامات الإلزامية بموجب معاهدات حقوق الإنسان إزاء الكافة، بما في ذلك بموجب العهد، لها سبق الأولوية على أي التزامات تعاهدية فيما بين الدول.

6-3 ويُسلِّم صاحب البلاغ بوجود التزام صريح بموجب القا نون الدولي والعهد والبروتوكول الاختياري بأن تحترم الدولة الطرف أي طلب مقدم بموجب المادة 86. ويمكن أن يُستنتج هذا الالتزام من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ومن الاعتراف، عند الانضمام للبروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تقرير انتهاكات العهد التي يجب أيضا ً أن تنطوي ضمناً وبصورة فرعية على احترام النظام الداخلي للجنة المعلن حسب الأصول.

6-4 ويعتمد صاحب البلاغ على الأحكام التي أصدرتها اللجنة فيما يخص القول بأن تعرِّض أي شخص لتدبير لا رجعة فيه قبل النظر في دعواه يتنافى مع الغرض المنشود من البروتوكول الاختياري و يحرم ذلك الشخص من سبيل التظلم الفعلي الذي يلزم العهد كل دولة من الدول الأطراف بتوفيره (18) . ومن ثم فإن استنتاجات المحكمة الجنائية الإقليمية في فيينا (انظر الفقرة 5-2 أعلاه) أهملت الالتزامات المباشرة بموجب المادتين 1 و5 من البروتوكول الاختياري. واللجنة مدعوة إلى أن توعز إلى الدولة الطرف ببيان الخطوات التي تقترحها كي تتدارك هذا الإخلال، بما في ذلك عن طريق التمثيل الدبلوماسي لدى الولايات المتحدة، والإبقاء على الوضع كما كان عليه الحال من قبل.

6-5 وفيما يتعلق بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف فيما يتعلق بجواز القبو ل، يزعم صاحب البلاغ أن إجراءات الدعوى المعلقة في المحاكم لا تعتبر مناسبة التوقيت أو حقيقية أو فعلية إذ إنها قد أوقفت قبل أن تنتهي. وعلى أية حال، فبصدور قرار المحكمة الدستورية في 12 كانون الأول/ديسمبر 2002 تكون سبل الانتصاف المحلية قد استُنفذت الآن. وهو يرف ض القول بأن المحكمة الأوروبية قد "بحثت" دعواه بالمعنى المقصود من التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف على الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري كي تتخذ القرار بشطب الدعوى من قائمة الدعاوى المعروضة عليها لأنه "من الواضح أنه لم يتضمن أي تقرير للأسس الموضوعي ة".

6-6 وبصدد الأسس الموضوعية للدعوى، يزعم صاحب البلاغ أنه تعرض لانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من حيث إنه حُرم عن طريق مبدأ "عدم أحقية الهارب" من إعادة النظر في محكمة الاستئناف في الحكم بإدانته أو العقوبة الصادرة ضده في الولايات المتحدة. وقد حال هذا المبدأ أيضاً دون الموافقة على طلب الولايات المتحدة بإعادة النظر في الطعن الذي قدمه. ويعترض صاحب البلاغ على القول بأنه "تخلى عن" طعنه إذ إن محكمة الاستئناف هي التي رفضت طلب (محاميه) بإرجاء رفض دعوى الطعن. وقد جرى هذا الانتهاك في النمسا إذ إنه لم تنظر أي محكمة ذات اختصاص فعلي في هذا الجانب من دعواه قبل ترحيله. كما أن إقرار المحكمة الدستورية بأنه كان ينبغي للمحاكم الأدنى القيام بذلك قد جاء في وقت متأخر جداً بحيث يمكن توفير سبيل تظلم فعال.

6-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 يزعم صاحب البلاغ أن صدور الحكم علي ه بالسجن لمدة 845 عاماً على جرائم تتعلق بالتزويـر تعتبر غير متناسبة بصورة صارخة وهو عنصر يبلغ مبلغ العقوبة اللاإنسانية (19) . ويرفض صاحب البلاغ استناد الدولة الطرف إلى قضية فولاني ضد فنلندا (20) ملاحظاً أن تلك القضية كانت تتعلق بالحرمان من الحرية لمدة عشرة أي ام وهي عقوبة لا وجه للمقارنة بينها وبين الحكم الصادر ضده. ويزعم كذلك أن الحكم عليه بعقوبة السجن المؤبد (دون إمكانية إخلاء السبيل) لارتكاب جريمة لا تنطوي على العنف يعتبر في حد ذاته عقوبة لا إنسانية. ويحتج بقرار أصدرته المحكمة الدستورية الألمانية الذي رأت في ه أن إصدار عقوبة السجن المؤبد على جريمة القتل العمد يعتبر غير دستوري دون إتاحة إمكانية إخلاء السبيل لرد الاعتبار والإفراج المشروط (21) . ومن باب أولى فإن توقيع عقوبة السجن المؤبد على جريمة لا تسبب ضرراً مادياً أو سيكولوجياً لا يمكن جبره بالإضافة إلى عدم إمكا نية رد الاعتبار يعتبر عقوبة لا إنسانية. وهذه العقوبة تعتبر امتهاناً للكرامة الإنسانية وانتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 إذ إنها تخلو من إمكانية رد الاعتبار.

6-8 ويرفض صاحب البلاغ قول الدولة الطرف بأن التسليم إلى بلد يحتمل أن تطبق فيه عقوبة أشد قسوة مقارنة با لعقوبة المطبقة في الدولة القائمة بالتسليم لا اعتراض عليه إذ إنه طابع متأصل في التسليم لأنه في نقطة ما تصبح العقوبة الأشد صرامة لا إنسانية بالقدر الذي يصبح فيه تسليم شخص ما عملاً غير إنساني. ويستند صاحب البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية ن. ج. ضد كندا (22) في ه ذه المقولة ويشير أيضاً إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية الذي يشير إلى أن إصدار عقوبة احتجازية غير متناسبة تماماً مثل عقوبة السجن المؤبد غير القابلة للاختزال (بتمييزها عن التعذيب الجسماني أو النفسي) يمكن أن يرقى إلى مستوى العقوبة اللاإنسانية (23) .

عدم قيام الدولة الطرف باحترام طلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة للحماية

7-1 ترى اللجنة في ظل ملابسات الدعوى أن الدولة الطرف قد انتهكت التزاماتها بموجب البروتوكول وذلك بتسليم صاحب البلاغ قبل أن تتمكن اللجنة من النظر في ادعاء صاحب البلاغ بتعرض حقوقه بموجب العهد لض رر غير قابل للجبر. واللجنة يساورها بوجه خاص القلق إزاء تواتر الأحداث في هذه القضية من حيث إنه بدلاً من أن تطلب الدولة الطرف اتخاذ تدابير مؤقتة للحماية بصورة مباشرة على أساس افتراض أن ضرراً لا رجعة فيه يمكن أن يترتب على تسليم صاحب البلاغ، فإنها طلبت أولاً ب موجب المادة 86 من النظام الداخلي آراء الدولة الطرف بشأن عدم إمكانية جبر الضرر. وبقيامها بذلك كان يمكن للدولة الطرف أن تبرهن للجنة أن التسليم لن يسفر عن ضرر غير قابل للجبر.

7-2 واتخاذ تدابير مؤقتة عملاً بالمادة 86 من المواد التي اعتمدتها اللجنة وفقاً لأحكام المادة 39 من العهد يعتبر أمراً ضرورياً كي تقوم اللجنة بدورها بمقتضى البروتوكول. وعدم مراعاة هذه المادة، ولا سيما باتخاذ تدابير لا رجعة فيها مثل إعدام الشخص المدعى أنه ضحية أو ترحيله من البلد من شأنه أن يقوض حماية الحقوق التي يكفلها العهد عن طريق البروتوكو ل الاختياري.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكو ل الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وفيما يتعلق بزعم الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد، تلاحظ اللجنة أنه لم يجر استنفاد سبيل تقديم التماس للمحكمة الدستورية منذ أن قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها. وعلاوة على ذلك تلاحظ اللجنة أنه عندما تطلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة للحماية فإنها تقوم بذلك نظراً لاحتمال تعرض الضحية لضرر غير قابل للجبر. وفي مثل هذه الحالات يكون أي سبيل تظلم يقال إنه لا يزال باقياً بعد وقوع الحدث التي تسعى التدابير المؤقتة إلى منع وقوعه عديم التأثير بحكم التعريف إذ إنه لا يمكن عكس الضرر غير القابل للجبر باستنتاج لاحق في صالح صاحب البلاغ من جانب الجهات المختصة بسبل الانتصاف المحلية التي تنظر في الدعوى. وفي حالات من هذا القبيل لا يتبقى أي سبل انتصاف فعالة يمكن استنفادها بعد وقوع الحدث المستهدف منعه بواسطة الطلب باتخاذ تدابير مؤقتة؛ وعلى وجه ال تحديد لا يتاح أي سبيل انتصاف ملائم لصاحب البلاغ المحتجز الآن في الولايات المتحدة إذ ما اتخذت المحاكم المحلية للدولة الطرف بعد تسليمه قراراً لصالح صـاحب البلاغ في الدعوى التي لا تزال قائمة. ومن ثم فإن اللجنة لا تستبعد بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من النظر في البلاغ.

8-3 وفيما يتعلق بزعم الدولة الطرف أن التحفظ الذي أبدته إزاء الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا يجيز نظر اللجنة في البلاغ، تلاحظ اللجنة أن تحفظ الدولة الطرف يشير إلى الادعاءات المقدمة إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وإذا افترضنا جدلاً أن التحفظ يجري بالفعل فيما يتعلق بالشكاوى التي تلقتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي حلت محل اللجنة الأوروبية سابقاً، تشير اللجنة إلى الحكم الذي أصدرته في أنه في الحالة التي تذهب فيها المحكمة الأوروبية إلى ما يتجاوز اتخاذ قرار إجرائي أ و تقني بشأن المقبولية وتقوم بإجراء تقييم للأسس الموضوعية للدعوى عندئذ تكون الشكوى قد "بُحثت" بموجب أحكام البروتوكول الاختياري أو في هذه الحالة التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف (24) . وفي هذه القضية تلاحظ اللجنة أن المحكمة رأت أن احترام حقوق الإنسان لا يقتضي مو اصلة النظر في الدعوى فقامت بشطبها من القائمة. وترى اللجنة أن اتخاذ قرار بأن دعوى ما ليست مهمة بالقدر الكافي لمواصلة بحثها بعد أن قام صاحب الطلب بسحب الشكوى لا يعد بمثابة تقييم حقيقي لمضمونها. وبناء على ذلك يمكن القول إن المحكمة الأوروبية قد "بحثت" الشكوى ك ما أن اللجنة ليست مستبعدة بحكم التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف من النظر في الدعاوى التي قُدمت بموجب الاتفاقية الأوروبية لكن صاحب البلاغ قام في وقت لاحق بسحبها. وبالنظر إلى عدم وجود أي عقبات أخرى تحول دون المقبولية، تخلص اللجنة إلى أن المسائل المثارة في البل اغ مقبولة.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي وفرتها له الدول الأطراف على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وبصدد ادعاء صاحب البلاغ بأن النطق غيابياً بإدانته وإصدار العقوبة عليه أسفرا عن انتهاك المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أنه في هذه الدعوى كان صاحب البلاغ وممثلوه القانونيون حاضرين طوال المحاكمة عندما قُدمت المرافعات، والأدلة ومن ثم يتبدى جلياً أن صاحب البلاغ كان على علم بأنه سيصدر حكم في قض يته وسيحكم عليه بعقوبة في حالة إدانته. وفي ظل هذه الظروف ترى اللجنة مشيرة إلى الحكم الذي أصدرته (25) ، أنه لا يمكن أن تنشأ أي مسألة تتعلق بانتهاك العهد من جانب الدولة الطرف على أساس الحكم بإدانة صاحب البلاغ وإصدار عقوبة ضده في دولة أخرى.

9-3 وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ أنه بسريان مبدأ ` عدم استحقاق أحقية الهارب ` قد حُرم من إمكانية إعادة النظر في الحكم، تلاحظ اللجنة أنه بناء على المعلومات المعروضة عليها، يبدو أن صاحب البلاغ - بحكم أنه سُلم بسبب عدد قليل من مجموع التهم المنسوبة إليه والتي صدرت عليه أساساً أحكام بالعقوبة لارتكابها - سيجري وفقاً لقاعدة التخصيص وإعادة الحكم عليه. وحسب المعلومات المقدمة إلى الدولة الطرف سيكون من شأن إعادة الحكم عليه أن تخول لصاحب البلاغ إمكانية الطعن بالكامل في إدانته والعقوبة الصادرة ضده. ومن ثم فليست هناك حاجة إلى أن تنظر اللجنة في ما إذا كان مبدأ ` عدم أحقية الهارب ` يتوافق مع الفقرة 5 من المادة 14 أو إذا كان التسليم إلى ولاية قانونية رُفضت فيها دعوى بالطعن تثير مسألة بموجب العهد فيما يتعلق بالدولة الطرف.

9-4 وفيما يتعلق بما إذا كان تسليم الدولة الطرف لصاحب البلاغ كي يقضي حكماً بالسجن المؤبد دون إمكانية إطلاق سبيله في وقت مبكر يعتبر انتهاكاً للمادتين 7 و10 من العهد، تلاحظ اللجنة على النحو المبين في الفقرة السابقة أن الحكم بإدانة صاحب البلاغ وإصدار عقوبة ضده لا يعتبر حتى الآن نهائياً إذ إن ذلك يتوقف على نتائج الإجراءات المتعلقة بإصدار ا لحكم التي تتيح إمكانية الطعن في حكم الإدانة الأولي ذاته. وحيث إن الحكم بالإدانة والعقوبة لم يصبح بعد نهائياً فإنه من السابق لأوانه أن تقرر اللجنة على أساس وقائع افتراضية ما إذا كان وضع من هذا القبيل يثير مسألة مسؤولية الدولة الطرف بموجب العهد.

9-5 وفي ضوء هذه الاستنتاجات ليست هناك أي ضرورة لبحث الادعاءات الإضافية لصاحب البلاغ التي تستند إلى أي من العنصرين السابق ذكرهما اللذين رئي أنهما يشكلان انتهاكاً للعهد.

9-6 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ أنه في الإجراءات المتخذة أمام محاكم الدولة الطرف قد حُرم من الحق في المساواة أمام القانون، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد حصل بعد أن قدم الدعوى إلى اللجنة، على حكم بوقف التنفيذ من المحكمة الإدارية للحيلولة دون تسليمه إلى أن تبت اللجنة المحكمة في الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ في القرار الذي أصدره الوزير وأمر بتسليمه. وتلاح ظ اللجنة أنه بالرغم من أن الأمر بوقف الدعوى قد أُبلغ حسب الأصول للمسؤولين المختصين فإن صاحب البلاغ أُحيل إلى الولاية القانونية للولايات المتحدة بعد عدة محاولات وهو أمر مخالف للحكم الذي أصدرته المحكمة بوقف الدعوى. وقد لاحظت المحكمة نفسها بعد وقوع الفعل أن ص احب البلاغ قد رُحل من البلد مخالفة لحكم المحكمة بوقف التنفيذ وأنه لا يوجد أي أساس قانوني يبرر تسليمه؛ وبناء على ذلك فإن الإجراءات قد أصبحت محل جدل وبلا باعث وذلك في ضوء تسليم صاحب البلاغ ولن يجري متابعتها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة الدستورية قد رأت أن عدم قدرة صاحب البلاغ على الطعن في حكم لغير صالحه أصدرته المحكمة الإقليمية العليا في ظل ظروف يمكن فيها للمدعي العام، وقد قام بذلك، الطعن في حكم سابق أصدرته المحكمة الإقليمية العليا بأن تسليم صاحب البلاغ غير مقبول، يعتبر غير دستوري. وترى اللجنة أن تسليم صاحب البلاغ خرقاً للأمر بوقف التنفيذ الذي أصدرته المحكمة الإدارية وعدم قدرته على الطعن في قرار لغير صالحه أصدرته المحكمة الإقليمية العليا، بينما استطاع المدعي العام القيام بذلك، يعتبر بمثابة انتهاك لحق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 بالمساواة أمام الم حاكم إلى جانب الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

10-1 وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع ح سبما رأتها اللجنة تبين قيام النمسا بانتهاك الفقرة 1 من المادة 14 (الجملة الأولى)، إلى جانب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وتكرر اللجنة استنتاجها بأن الدولة الطرف قد أخلت بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري وذلك عن طريق تسليم صاحب البلاغ قبل أن تسمح للجن ة بتناول مسألة ما إذا كان صاحب البلاغ سيتعرض نتيجة لذلك لضرر غير قابل للجبر كما يدعى.

11-1 ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد يقع على الدولة الطرف الالتزام بأن تكفل لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعال. وفي ضوء ملابسات الدعوى يقع على الدولة الطرف الالتزام بأ ن تقدم لسلطات الولايات المتحدة قدر ما يلزم من مذكرات لكفالة ألا يتعرض صاحب البلاغ لأي انتهاكات تبعية لحقوقه بموجب العهد التي قد تنشأ عن تسليم الدولة الطرف لصاحب البلاغ مخلة بذلك لالتزاماتها بموجب العهد والبروتوكول الاختياري. ويقع على الدولة الطرف أيضاً الا لتزام بتجنب ارتكاب انتهاكات مماثلة في المستقبل، بما في ذلك اتخاذ التدابير المناسبة لكفالة احترام الطلبات التي تقدمها اللجنة لاتخاذ تدابير مؤقتة للحماية.

12- واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها كطرف في البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وأنه عملاً بالمادة 2 من العهد تعهدت الدولة الطرف بأن تكفل الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، وأن تكفل سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انت هاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. والمرجو من الدولة الطرف أيضاً القيام بنشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيص در في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يعتمد صاحب البلاغ في هذا الرأي على قرار أصدرته محكمة محلية أخرى في الولايات المتحدة في قضية الولايات المتحدة ضد بختيار ملف القضية رقم 964، الملحق 112. ورئي في هذه القضية أنه عند تسليم شخص بتهم أقل من التهم التي صدرت ضده أحكام بالإدانة بشأنها، يظل الحكم الأصلي بالإدانة والعقوبة كما هو دون تغيير ولكن تطبيق أمر الإحضار يظل قائماً ضد الجهة التنفيذية بعد قضاء العقوبة المحكوم بها فيما يتعلق بالجرائم التي تخضـع لتسليـم المجرمين (انظ ر كذلك الفقرة 4-5 (الجملة الأخيرة) والفقرة 5-4).

(2) "لكل شخص صدر ضده حكم بالإدانة في جريمة جنائية من محكمة الحق في إعادة النظر في إدانته أو الحكم الصادر ضده أمام محكمة أعلى. وينظم القانون ممارسة هذا الحق والأسس التي يجوز أن تبنى عليها ممارسته".

(3) يقدم صاحب البلاغ شروط المعاهدة التي تنص على ما يلي: "الأحكام بالإدانة غيابياً. إذا كان الشخص المطلوب تسليمه قد صدر ضده حكم بالإدانة غيابياً يجوز للسلطة التنفيذية للدولة الموجه إليها الطلب أن ترفض التسليم ما لم تزودها الدولة الطالبة بمعلومات أو تأكيدات بالقدر ا لذي تراه الدولة الموجه إليها الطلب كافياً للبرهنة على أن الشخص كفلت لـه فرصة مناسبة لتقديم دفاعه أو أنه تتوفر للشخص بعد التسليم سبل انتصاف كافية أو إجراءات قانونية إضافية".

(4) تنص المادة 37 من الاتفاقية الأوروبية على ما يلي: "1- يجوز للمحكمة أن تقرر في أ ي مرحلة من إجراءات النظر في الدعوى أن تشطب طلباً من قائمة الدعاوى المعروضة عليها حيثما تؤدي ملابسات الدعوى إلى الاستنتاج التالي:

(أ) أن مقدم الطلب لا يعتزم مواصلة الطلب الذي قدمه؛

غير أن المحكمة ستواصل النظر في الطلب إذا اقتضى احترام حقوق الإنسان على ال نحو المعرّف في الاتفاقية وبروتوكولاتها القيام بذلك".

(5) القضية رقم 716/1996، الآراء المعتمدة في 30 نيسان/أبريل 1999.

(6)CCPR/C/SR.1352 (التي تناقش في مرحلة أولية قضية آشبي ضد ترينيداد وتوباغو القضية رقم 580/1994، الآراء المعتمدة في 21 آذار/مارس 2002).

(7) قضية شركة كهرباء صوفيا وبلغارياPCIJ Series A/B 79, at p.199.

(8) ألمانيا ضد الولايات المتحدة (لا جراند) ، الحكم الصادر في 27 حزيران/يونيه 2001.

(9) القضية رقم 538/1993، الآراء المعتمدة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996.

(10) أسنسيو لوبيز ضد إسبانيا الق ضية رقم 905/2000 القرار المعتمد في 23 تموز/يوليه 2001؛ وان كويك ضد البرتغال القضية 925/2000، القرار المعتمد في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

(11) ن. غ. ضد كندا القضية رقم 469/1991، الآراء المعتمدة في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1993؛ كوكس ضد كندا القضية رقم 539/1 993، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1994.

(12) راف ضد إسبانيا الطلب رقم 53652/00، الحكم الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2001؛ وعيد ضد إيطاليا رقم الطلب 53490/99، الحكم الصادر في 22 كانون الثاني/يناير 2002

(13) ماليكي ضد إيطاليا القضية رقم 699 /1996، الآراء المعتمدة في 15 تموز/يوليه 1999.

(14) فولاني ضد فنلندا القضية رقم 265/1987، الآراء المعتمدة في 7 نيسان/أبريل 1989.

(15) في قضية اينهورن ضد فرنسا الطلب رقم 71555/01، الحكم الصادر في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2001 ذكرت المحكمة ما يلي: "... ليس من المستبعد أن يؤدي تسليم شخص ما إلى دولة يتعرض فيها لاحتمال الحكم عليه بالسجن المؤبد دون أن تتاح أي إمكانية لإطلاق سبيله في وقت مبكر إلى إثارة إحدى المسائل بموجب المادة 3من الاتفاقية".

(16) كوكس ضد كندا ، المرجع نفسه.، الفقرة 10-3.

(17) القضية رقم 869/1999، الآراء المعتمدة في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

(18) آشبي ضد ترينيداد وتوباغو المرجع نفسه .، مانساراج وآخرون ضد سيراليون ، القضية رقم 839/1998، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001؛ بياندوينغ وآخرون ضد الفلبين المرجع نفسه.

(19) يشير صاحب البلاغ إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية بشأن الرأي القائل بأن الأحكام غير المتناسبة يمكـن أن تكون لا إنسانيـة: ويكـس ضد المملكة المتحدة (1988) 10 EHRR 293؛ حسين ضد المملكة المتحدة (1996) 22 EHRR 1.

(20) المرجع نفسه .

(21)Detlef 45 BVerfGE 187 (1977). وبقول مماثـل قررت المحكمة العليا الناميبية في قضية ستيت ضد توبيب (1996) 7 BCLR 996 أن عقوبة السجن المؤبد دون إتاحة إمكانية الإفراج المشروط تعتبر غير دستورية.

(22) المرجع نفسه. (الإعدام بواسطة الاختناق بالغاز) وكذلك قضية سورينغ ضد المملكة المتحدة 11 EHRE 439 (ظاهرة ال مدرجين في قوائم الإعدام على وجه الإجمال).

(23) آلتون ضد ألمانيا الطلب رقم 10308/83 DR 209؛ نيفيت ضد فرنسا الحكم الصادر في 3 تموز/يوليه 2001؛ أينهورن ضد فرنسا، المرجع نفسه.

(24) انظر، على سبيل المثال، ليندرخورم ضد كرواتيا القضية رقم 744/1997، القرار المع تمد في 23 تموز/يوليه 1999.

(25) انظر، على سبيل المثال، ماليكي ضد إيطاليا ، المرجع نفسه .

المرفق السابع

قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي أعلنت بموجبها عدم قبول البلاغات بمقتضـى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي ة

ألف - البلاغ رقم 693/1996، نام ضد كوريا *

(قرار اتخذ في 28 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد جي - يونغ نام (يمثله المحامي السيد سوك تاي لي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جمهورية كوريا

تاريخ البلاغ : 14 شباط/فب راير 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 تموز/يوليه 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 693/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنياب ة عن السيـد جي - يونغ نام بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المدونة المتاحة لها من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ــــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعض اء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافا ئيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري - يريغوين، والسيد رومن فيروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدين.

هذه الوثيقة مذيَّلة بنص رأيٍ قدمه بصفته الفردية عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يريغوين.

قرا ر بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ المؤرخ 14 شباط/فبراير 1996 هو السيد جي - يونغ نام، وهو مواطن كوري وُلد في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1959. ويدعي أنه ضحية انتهاك جمهورية كوريا للفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ مدرس اللغة الوطنية (الأدب الكوري ) في إحدى المدارس المتوسطة وممثل منظمةٍ تعنى بتحسين نهج تعليم اللغة الوطنية تدعى "مدرسون من أجل تعليم اللغة الوطنية"، باشر في عام 1989 العمل على وضع كتابٍ مدرسي جديد لمنهاج تعلي م اللغة الوطنية بغرض نشره. لكنه فيما بعد أدرك وأعضاء آخرون في منظمته أن قوانين التعليم ذات الصلة (المادة 157 من قانون التعليم والمادة 5 من مرسوم التعليم (وهو مرسوم رئاسي خاص بمواد المنهاج التعليمي)) قد حظرت النشر المستقل للكتب الدراسية الخاصة بمناهج تعليم اللغة الوطنية في المدارس المتوسطة.

2-2 وتقدم صاحب البلاغ بطعن دستوريٍ بقوانين التعليم ذات الصلة أمام محكمة كوريا الدستورية (1) . وادعى أن تقييد تأليف المواد والكتب الدراسية الخاصة بالمناهج التعليمية، ومنح وزارة التعليم سلطة واسعة لهذا الغرض قد أفضى إلى انتها ك هذه القوانين لحقوقه في التعليم المستقل والمهني. وإضافةً إلى ذلك، فإن القوانين التي تحظر نشر جهةٍ غير حكومية للمواد التعليمية قد انتهكت الحق الدستوري لصاحب البلاغ في حرية التعبير. كما ادعى صاحب البلاغ حدوث انتهاكٍ للفقرة 1 من المادة 22 من الدستور (الحق في حرية التعلُّم وممارسة الأنشطة الفنية)، ذلك لأن قوانين التعليم ذات الصلة قد جعلت سبل البحث والتطوير الرامية إلى تحسين نهج التعليم أمراً مستحيلاً على المدرسين.

2-3 وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، رفضت المحكمة الدستورية طلب صاحب البلاغ بعدما تبين لها أن الا دعاء بشأن القيود الواردة في قوانين التعليم ذات الصلة في غير محله.

الشكوى

3- يشتكي صاحب البلاغ في بلاغه من أن منع الجهات غير الحكومية نشر كتبٍ دراسية خاصة بتعليم اللغة الوطنية في المدارس المتوسطة، ومنعه بالتالي عن نشر كتابه المدرسي، ينتهك حقه في حرية التعبي ر الذي تكفله الفقرة 2 من المادة 19 من العهد. ويبين أن مدَرِّسي المدارس المتوسطة والطلاب الذين يدرسون اللغة الكورية كلغةٍ وطنية يعتمدون اعتماداً يكاد يكون كلياً على الكتب المدرسية، وأن تأليف كتبٍ مدرسية منهاجية هو الطريقة الوحيدة الفعالة لنقل أفكاره بشأن تع ليم اللغة الوطنية في المدارس المتوسطة. ويزعم أن الفقرة 2من المادة 19 من العهد تنص على حقه في التعبير عن معارفه المهنية في شكل كتبٍ مدرسية منهاجية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تعترض الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 11 حزيران/يونيه 1996 على جواز النظر في البلاغ بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، زاعمةً أنه على الرغم من رفض المحكمة الدستورية للشكوى الدستورية التي تقدم بها صاحب البلاغ، فقد أُتيحت لـه سبل انتصافٍ محلية أخرى. فالمادتان 26 و29 من الدستور الكوري تنصان تحديداً، وعلى التوالي، على الحق في التظلم وعلى الحق في طلب تعويضٍ من الدولة.

4-2 وتمنح المادة 26 جميع المواطنين الحق في التظلم لدى أية مؤسسةٍ حكومية وفقاً للقانون، وتنص على وجوب أن تنظر الدولة في جميع طلبات التظلم. ويحق للمتظلم أن يلتمس، بمقتضى المادة 4 من قانون التظلم، سن أو تعديل أو إبطال أي قانونٍ أو قرارٍ أو نظام.

4-3 وتنص المادة 29 من الدستور، حسبما يطبقها قانون التعويض الوطني، على أن يجوز لأي شخصٍ يتعرض للأذى جراء فعلٍ غير مشروع ارتكبه موظفٌ حكومي أثناء أدائه لمهامه الرسمية أن يطالب بتعويضٍ منصفٍ من المؤسسة الحكومية أو العامة وفقاً للقانون. وتزعم الدولة الطرف أنه كان يتعين على صاحب البلاغ أن يطالب بتعويضٍ مناسبٍ لقاء ما ادعاه من انتهاكٍ لحقوقه الأساسية قبل الافتراض بأنه قد استنفد سبل الانتصاف المحلية.

رد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يدعي صاحب البلاغ في الرسالة المؤر خة 20 تموز/يوليه 1996 أن لا الحق في التظلم ولا في المطالبة بالتعويض كانا في حالته سيمنحانه سبيل انتصافٍ فعال.

5-2 وفيما يتعلق بالحق في التظلم، يبين صاحب البلاغ أن تفسير القانون المعني قد جرد أي إجراءٍ تتخذه وكالة ما بشأن طلبٍ للتظلم من أي أثر ملزمٍ قانوناً . وإضافةً إلى ذلك، فإن الوكالة لا تستطيع التصرف بشأن أي طلبٍ للتظلم على نحوٍ يخالف القانون عندما يكون ذلك القانون دستورياً. وبما أن المحكمة الدستورية أقرت دستورية قوانين التعليم ذات الصلة ورفضت ادعاء صاحب البلاغ، فقد مُنع من اللجوء إلى أي سبيل انتصافٍ آخر ليعترض من خلاله على قوانين التعليم ذات الصلة.

5-3 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أنه لم يكن في مقدوره طلب تعويض من الدولة بموجب قانون التعويض الوطني عن إجراءٍ حكومي اتُخذ عملاً بالقانون، ما لم يتبين له أن القانون المعني قد أصبح غير دستوري، ولم تكن الحالة كذلك، لأن الدعوى الدستورية التي تقدم بها صاحب البلاغ قد رفضتها المحكمة الدستورية. وعلاوةً على ذلك، فإن عملية التعويض لا تسري عموماً، بمقتضى قانون الدولة الطرف، إلا عندما يتعلق الأمر بأفعالٍ محددة غير مشروعة ارتكبها الموظفون، وليس عندما يتعلق هذا الأمر بقانونٍ بعينه .

5-4 ويقول صاحب البلاغ أيضاً في رسالةٍ مؤرخة 4 آذار/مارس 1997 إن المحكمة الدستورية نفسها اعتقدت ضمناً أنه لم يُمنح أي سبيل انتصافٍ من الانتهاك المزعوم لحقوقه، فالمحكمة الدستورية لم تكن لتنظر، بموجب الفقرة 1 من المادة 68، في الجوانب الموضوعية لدعواه لو توف ر له أصلاً أي سبيلٍ من سبل الانتصاف هذه.

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف وصاحب البلاغ

6-1 تسلم الدولة الطرف في الرسالة المؤرخة 30 تموز/يوليه 1997 بأن قرار المحكمة الدستورية الذي يقضي بالحكم على وقائع الدعوى الدستورية يفيد بعدم بقاء أي سبل انتصاف ٍ قضائية دون استنفاد، لكنه لا يفيد بعدم وجود سبل انتصافٍ تشريعية أو إدارية. وعلية كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يمارس حقه في التظلم أمام الهيئة المختصة أو أن يطالب بالتعويض بمقتضى قانون التعويض الوطني.

6-2 واعترض صاحب البلاغ في رسالة إضافية مؤرخة 31 كانون الثا ني/يناير 2001على زعم الدولة الطرف بأن قرار المحكمة الدستورية بالحكم على الوقائع الموضوعية لدعواه لا يفيد إلا بعدم بقاء أي سبل انتصافٍ قضائية غير مستنفدة. فهو يعتقد أن المضمون الصرف لقانون المحكمة الدستورية قد شمل جميع سبل الانتصاف، بما فيها الإدارية أو الت شريعية. والمحكمة لا تبت في أي قضية في حال وجود أي سبيل انتصاف فعال أو أي نوع آخر من السبل التي لم يستنفدها المتظلم.

6-3 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أنه، نظراً لأن قرار المحكمة قرارٌ ملزم لجميع أجهزة الدولة، بما فيها التشريعية والإدارية، فإن أي طعنٍ يُقدم إلى ه ذه الهيئات يكون عديم التأثير ولا أمل في نجاحه. وبناءً عليه، لا يمكن إلزام صاحب البلاغ باستنفاد سبل الانتصاف التشريعية أو الإدارية، بما فيها تلك التي تستنفد بموجب قانون التظلم أو قانون التعويض الوطني.

القرار بشأن جواز النظر في البلاغ

7- نظرت اللجنة في دورته ا الثانية والسبعين في جواز النظر في البلاغ. وبعد أن تحققت من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث أو بحثت بموجب إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، نظرت في مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، ولاحظت أن الدولة الطرف كانت قد قبلت بما أفاد به قرار المحكمة الدستورية بشأن الجوانب الموضوعية لطلب صاحب البلاغ، وهو توفير أي سبيل انتصافٍ قضائي آخر لـه؛ وعليه، رأت اللجنة أن سبل الانتصاف القضائية قد استنفدت في هذه القضية. أما فيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن سبل الانتصاف الإدارية بموجب قانون التعويض ال وطني وقانون التظلم كانت متاحة، فقد اعتبرت اللجنة أنه، حتى وإن كانت هذه السبل قد أُتيحت نظرياً بعد صدور قرار المحكمة الدستورية، فإن الدولة الطرف لم تثبت إمكانية فعالية سبل الانتصاف هذه في مثل هذه الظروف. لذلك، رأت اللجنة أن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانت صاف هذه، وقد كانت متاحة وفعالة، وأن شروط الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت. وعليه، أعلنت اللجنة في 3 تموز/يوليه 2001 أن البلاغ مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الوقائع الموضوعية

8-1 علَّقت الدولة الطرف، في الرسالة المؤرخة 22 شباط/ف براير 2002، على الجوانب الموضوعية للبلاغ.

8-2 ولاحظت الدولة الطرف أن بلداناً كثيرة اعتمدت شكلاً ما من أشكال التأليف الحكومي أو الرقابة على مواد المنهاج التعليمي التي تُدرَّس في المدارس الابتدائية والثانوية، وهي تزعم أن هذه المبادئ تشكل تدابير ضرورية للنظر في مدى ملاءمة المادة التعليمية التي يمكن تدريسها مع المنهاج المدرسي (وهو نظام لا يطبق على مستوى المعاهد والجامعات). وعلاوةً على ذلك، فإن الهدف من هذه التدابير هو أن تحافظ الدولة على الحياد السياسي والديني في التعليم، وأن تضمن " الشرعية العالمية " للتعليم من خلال تجنب ارتكاب الأخطاء الوقائعية "ضروب التحامل"، وأن تكفل بصورةٍ أساسية حق الطلاب في التعلم.

8-3 وفيما يتعلق بتوافق المادة 157 من القانون التعليمي مع المادة 19 من العهد، فإن الدولة الطرف تؤكد أن التأليف الحكومي ونظام تدقيق المؤلفات أو الموافقة عليها ا لذي تعتمده وزارة التعليم في هذه الدولة لا يهدف إلى حظر نشر كتب صادرة عن جهةٍ غير حكومية، إنما إلى ضمان أن تكون هذه الكتب المستخدمة في المناهج التعليمية مناسبة في نوعيتها. وفي هذه الحالة فإن صاحب البلاغ، الذي قام بتجميع موادٍ بناءً على تقديره الخاص، قد مُنع من تدريس كتابه الدراسي في الفصل، لكنه احتفظ بالحق في نشره كأداةٍ مرجعية للمدرسين والطلاب. ومن ثم، فإنه لا يزال يتمتع بحقه في حرية التعبير التي تكفلها المادة 19 من العهد.

8-4 وبالإضافة إلى ذلك، فإنه رغم تطرق المادة 19 من العهد إلى حق صاحب البلاغ في التعبير عن معارفه المهنية في شكل كتب دراسية منهاجية، يجوز للدولة الطرف أن تفرض القيود على هذا الحق ضمن الحدود التي تنص عليها الفقرة 3 من المادة 19، من العهد. وفي هذا الصدد، فإن الرقابة الحكومية، كما وردت آنفاً، تشكل قيداً من القيود اللازمة لحماية الآداب العامة ال واردة في الفقرة 3(ب) من المادة 19 من العهد. وعليه، تعلن الدولة الطرف أنه "لما كانت ضرورة الرقابة الحكومية المذكورة آنفاً تشكل ` حماية الآداب العامة ` ، فإن منع جهات غير حكومية من النشر لا يتعارض مع ما نص عليه العهد".

8-5 وتخلص الدولة الطرف إلى أن البلاغ لا يس تند إلى أسسٍ سليمة، وأن طلب صاحب البلاغ إلغاء أو تعديل القانون قيد البحث، فضلاً عن مطالبته بالتعويض، لا يمكن القبول بهما.

8-6 وفي الختام، توجه الدولة الطرف الانتباه إلى الجهود التي تبذلها لتعزيز الحق في حرية التعبير. وتبين أن الخطط التي تضعها ترمي إلى الا ستعاضة تدريجياً عن مواد المنهاج التعليمي التي تضعها الدولة لتدريسها في المدارس الابتدائية والثانوية بموادٍ دققتها أو أقرتها الحكومة. أما خطة الحكومة الطويلة الأجل، فترمي إلى الارتقاء بمستوى نظامها الخاص بإقرار مواد المنهاج التعليمي حتى يجيز في نهاية المطاف حرية النشر.

تعليقات صاحب البلاغ

9-1 علَّق صاحب البلاغ في الرسالة المؤرخة 2 كانون الأول/ديسمبر 2002 على رسالة الدولة الطرف بشأن الوقائع الموضوعية.

9-2 ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف تقر بأن احتفاظ الحكومة الكورية لنفسها بحق تأليف الكتب الدراسية باللغة ال وطنية عملاً بقانون التعليم قد حال دون نشر كتابه المدرسي ومنعه من تدريس مجموعة مواده المتعلقة بتعليم اللغة الوطنية.

9-3 ويحاجج صاحب البلاغ بأن تَوَلّي الحكومة وضع الكتب المدرسية هو ضمانة أفضل "للحياد السياسي والديني" من منح حق وضعها للمواطنين. ويزعم أن التأ ليف الحكومي للكتب الدراسية قد لجأت إليه دولٌ كثيرة، لاسيما الدكتاتورية منها، بهدف توجيه التعليم بما يتفق وسياسة الحكومة. فقد استخدمت الكتب الدراسية في الدولة الطرف، التي خضعت لحكمٍ عسكري لفترةٍ طويلة من الزمن، كوسيلةٍ لتبرير سياسة الحكومة.

9-4 ويعتبر صاحب البلاغ أن "الحياد السياسي والديني" يُحافظ عليه في المجتمعات الديموقراطية المنفتحة التي تكفل للشعب الحق في حرية التعبير، بما في ذلك الحق في نشر الكتب الدراسية. وعلاوةً على ذلك، فإن دستور الدولة الطرف لا ينص على أي إشارةٍ إلى دين الدولة، وكتب اللغة الوطنية ا لدراسية لا صلة لها بأي دينٍ محدد. ويمكن للدولة الطرف أن تحافظ تماماً على "الحياد السياسي والديني" بإجازة إنشاء نظامٍ يتيح للدولة إمكانية انتقاء الكتب الدراسية. وقد يسمح هذا النظام للمواطنين بنشر كتبٍ دراسية، على أن يكون تدريسها في المدارس مرهوناً بموافقة ا لحكومة. وبإرساء نظامٍ كهذا، يمكن للدولة أن تحافظ على "الحياد السياسي والديني".

9-5 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً غياب أي علاقةٍ تربط بين الكتب الدراسية لتعليم اللغة الوطنية وحماية "الآداب العامة" التي تنص عليها الفقرة 3(ب) من المادة 19، من العهد. وإن تنظيم دورا ت تعليم اللغة الوطنية لا يهدف إلا إلى تعليم الطلاب قراءة وكتابة اللغة والآداب الوطنية. وعلاوةً على ذلك، هناك كتاب مدرسي منفصل لتعليم "الآداب العامة"، وهو كتاب تنفرد الدولة أيضاً في تأليفه وتستخدمه في حماية هذه "الآداب العامة".

9-6 ويعتقد صاحب البلاغ أنه حت ى في حالة افتراض أن زعم الدولة الطرف صحيح، فإن الدولة الطرف تستطيع الحفاظ على قدرتها على حماية "الآداب العامة" بإرسائها نظاماً للموافقة على الكتب الدراسية الصادرة عن جهاتٍ غير حكومية.

9-7 وبناءً عليه، يخلص صاحب البلاغ إلى أن انفراد الدولة في تأليف الكتب ال دراسية لتعليم اللغة الوطنية يشكل انتهاكاً للفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

استعراض القرار بشأن جواز النظر في البلاغ

10- في ضوء البيانات المقدمة من الأطراف، ترى اللجنة أن البلاغ، حسبما فسرته هذه الأطراف، لا صلة له بمنع أية جهة غير حكومية من نشر كتب دراسية حس ب الشكوى الأصلية (الفقرة 3) التي خلصت اللجنة إلى جواز النظر فيها (الفقرة 7). فالبلاغ يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بعدم وجود أية عملية تدقيقٍ مناسبة تسمح بعرض جهاتٍ غير حكومية لمنشوراتها على السلطات المختصة للحصول على موافقتها عليها من أجل استخدامها ككتبٍ مدرسي ة. ورغم التأكيد على أن ممارسة الحق في كتابة ونشر الكتب الدراسية المعدة للتدريس في المدارس يندرج في إطار حماية المادة 19 من العهد، تلاحظ اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بأن لـه الحق في أن تقوم السلطات المختصة بتدقيق الكتاب المدرسي الذي أعده وأن توافق على استخدا مه للتدريس في المدارس العامة المتوسطة أو أن ترفض ذلك. بيد أن اللجنة تعتقد أن هذا الادعاء يندرج خارج نطاق المادة 19، ومن ثم فلا يجوز النظر فيه بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

11- وبناءً على ذلك، فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بمقتضى الفق رة 3 من المادة 93 من نظامها الداخلي:

(أ) تلغي قرارها الصادر في 3 تموز/يوليه 2001 الذي يعلن جواز النظر في البلاغ؛

(ب) تقرر عدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ج) تقرر إرسال نسخةٍ من القرار الحالي إلى كلٍ من صاحب البلاغ والدو لة الطرف.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) الأحكام الدستورية التي حاجج بها صاحب البلاغ هي المادة 21(1) (" يتمتع ج ميع المواطنين بحرية الكلام والصحافة وبحرية التجمع وتكوين الرابطات" )، والمادة 22(1) ("يتمتع جميع المواطنين بحرية التعلم وممارسة الأنشطة الفنية")، والمادة 31(4) ("تُكفل استقلالية التعليم ومهنيته وحياده السياسي واستقلالية مؤسسات التعليم العالي وفقاً للشروط ا لمنصوص عليها في القانون") [كلها ترجمة صاحب البلاغ].

تذييل

رأي فردي أدلى به عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يريغوين (مخالف)

أُعلن عدم موافقتي على البلاغ الحالي للأسباب التالية:

1- ينص قانون التعليم المشار إليه في الفقرة 1 من المادة 157 على ما يلي: " تقتصر مواد المنهاج التعليمي على المواد التي تحتفظ وزارة التعليم بحق تأليفها أو على المواد التي دققتها وزارة التعليم ووافقت عليها". والمرسوم الرئاسي الخاص بمواد المنهاج التعليمي يجيز وزارة التعليم أن تقوم بتجميع المواد التعليمية، أو أن تتعاقد مع معاهد الأبح اث أو الجامعات متى وجدت ذلك ضرورياً. ومع أنه يمكن الاستنتاج من المادة 157 بأنه يجوز للأفراد الخاصين إعداد المواد وتقديمها إلى الوزارة بغرض الموافقة عليها، فقد دحضت الدولة الطرف هذه الإمكانية بحجة أن الرقابة الحكومية هي قيدٌ من القيود التي ترمي إلى حماية ال آداب العامة في إطار المعنى الذي تؤديه الفقرة 3(ب) من المادة 19، من العهد.

2- وترى اللجنة أنه على الرغم من احتمال أن تُفرض بموجب القانون قيود على نشر المعلومات والأفكار المدونة بكافة أنواعها للحفاظ على الآداب العامة، يجب ألا تفضي هذه القيود إلى إغفال الحق المنصوص عليـه في الفقرة 2 من المادة 19 من العهد. كما تعتقد أن افتقار صاحب البلاغ لإمكانية عرض كتابٍ دراسي لتعليم اللغة الوطنية في المدارس المتوسطة على السلطات المختصة لموافقتها عليه أو رفضها لـه، حسب الحالة، وبناءً على أسس سليمة، هو أمر يشكل قيداً يتجاوز ا لقيود التي تنص عليها الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، فضلاً عن أنه إغفال للحق في حرية التعبير.

3- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكٍ للفقرة 2 من ا لمادة 19، من العهد.

4- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة ملزَمة بتوفير سبل انتصافٍ فعالة لصاحب البلاغ، بما فيها منحه الحق في تقديم كتابه الدراسي الخاص بتعليم اللغة الوطنية في المدارس المتوسطة إلى السلطات المختصة من أجل تدقيقه واحتمال الم وافقة عليه وتدريسه في الفصل. كما أن الدولة الطرف ملزَمة بمنع حدوث انتهاكاتٍ مماثلة في المستقبل.

( توقيع ) هيبوليتو سولاري - يريغوين

7 آب/أغسطس 2003

[اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر فيما بعد بال لغات الروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

باء - البلاغ رقم 743/1997، ترونغ ضد كندا *

(قرار اتخذ في 28 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : نغوك سي ترونغ (يمثله المحامي الأستاذ إيان وايت)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الد ولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 26 نيسان/أبريل 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1-1 صاحب البلاغ هو ن غوك سي ترونغ، المولود في فييت نام بتاريخ 31 آذار/مارس 1964 ولكنه يدعي أنه عديم الجنسية حالياً. وكان يخضع لأمر بالطرد من كندا وقت تقديم البلاغ. كما يدعي أنه ضحية انتهاك كندا لما ورد في الفقرتين 3(أ) و3(ب)من المادة 2، وفي الفقرات 1 و7 و9 و13 و17 من المادة 6، وفي الفقرتين 1 و2 من المادة 23 من العهد. ويمثله محامٍ.

ــــــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد فرانكو دي باسكواليه، السيد والتر كال ين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي.

ولم يشارك السيد ماكسويل يالدين في دراسة هذه القض ية عملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 هرب صاحب البلاغ من فييت نام في شهر أيار/مايو 1978 بصورة غير قانونية خوفاً من تجنيده في صفوف القوات المسلحة الفييتنامية المقاتلة في الحرب مع كمبوديا. ولقد كان والد صاحب البلاغ ل واءً في قوات فييت نام الجنوبية السابقة وتوفي في عام 1975. ووصل صاحب البلاغ إلى كندا يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 1980 (وكان يبلغ من العمر 16 عاماً) ومنح فيها مركز المقيم الدائم. وقد أدرج اسمه في سجل الهجرة وفي الوثائق التي تحمل تأشيرة الإقامة الدائمة بوصفه "ع ديم الجنسية". وأدين صاحب البلاغ في شهر نيسان/أبريل 1985 بتهمة الاعتداء مع إلحاق ضرر بدني، والاعتداء المقترن بظروف مشددة، وحكم عليه، في آن واحد، بالسجن لمدة تسعة أشهر وبالوضع تحت المراقبة لمدة سنتين. وتمت في عام 1988: ` 1 ` إدانته بتهمة الكسر والسطو والسرقة ب الإضافة إلى الاعتداء المسلح، وحكم عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر وشهرين على التوالي لارتكاب هذه الجرائم؛ ` 2 ` إدانته بالاعتداء مع إلحاق ضرر جسدي، وحُكم عليه نتيجة ذلك بالسجن لمدة سنة وبوضعه تحت المراقبة لمدة سنتين؛ ` 3 ` إدانته بتهمة استخدام سيارة وهو في حال لا تسمح له بذلك، فحكم عليه بالسجن لمدة 7 أيام وبدفع غرامة. وسافر صاحب البلاغ في شهر حزيران/يونيه 1991 إلى فييت نام مستخدماً وثائق كندية وبعد الحصول على تأشيرة زيارة محدودة المدة، وتزوج بفتاة فييتنامية طلبت الإقامة الكندية الدائمة على أساس العلاقة التي تربطها بصاحب البلاغ.

2-2 وأمرت السلطات الكندية في 8 تموز/يوليه 1992 بطرد صاحب البلاغ استناداً إلى سجله الجنائي وعملاً بالمادة 27 من قانون الهجرة التي تقضي بطرد المقيم الدائم المدان بارتكاب جرائم جنائية خطيرة. وأدين صاحب البلاغ في عام 1993 باستخدام سيارة وهو في حا لة لا تسمح لـه بذلك؛ وحكم عليه بالسجن لمدة 14 يوماً. وفي 15 تموز/يوليه 1993 رُفضت دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ إلى شعبة الاستئناف التابعة لمجلس الهجرة واللاجئين متمسكاً "بوجود اعتبارات إنسانية أو اعتبارات تدعو إلى الرأفة". ومن ثم طلب صاحب البلاغ ا لسماح لـه برفع طلب إلى المحكمة الاتحادية لتراجع قضيته. ولكن المحامي الذي كان يدافع عنه آنذاك قصّر سهواً في طلب تبرير خطي لأسباب القرار المتخذ من شعبة الاستئناف في غضون الأيام العشرة المحددة لذلك، وكانت النتيجة أن رفضت شعبة الاستئناف تقديم مبرراتها عندما طل ب إليها ذلك فيما بعد. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 رفضت المحكمة الاتحادية طلب صاحب البلاغ لعدم تقديم ما يثبت التوجه بالطلب (بما يشمل الأسباب التي بررت قرار شعبة الاستئناف).

2-3 وتمسكاً بأمر الطرد الصادر في حق صاحب البلاغ، رفضت السلطات الكندية، في 20 كان ون الأول/ديسمبر 1993، الطلب المقدم من زوجة صاحب البلاغ للحصول على إقامة دائمة (والذي كان يوجد في رأي صاحب البلاغ احتمال كبير بأن يحظى بالموافقة لولا ذلك). ورفع صاحب البلاغ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1993 مذكرة التماس إلى المحكمة الاتحادية لتعيد لنظر في قراره ا الصادر في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 برفض طلب صاحب البلاغ بمراجعة قضيته. ورفضت المحكمة الاتحادية المذكرة في 18 نيسان/أبريل 1994. وطعن صاحب البلاغ في 4 آذار/مارس 1994 في قرار رفض الطلب المقدم من زوجته إلى مجلس الهجرة واللجوء.

2-4 وفي 5 تموز/يوليه 1994، ر فع محامي صاحب البلاغ الجديد طلباً آخر إلى شعبة الاستئناف للحصول على مبررات خطية لرفض قضيته. وأبلِغ المحامي في 21 تموز/يوليه 1994 بأن الفترة المحددة لطلب المبررات انقضت ولن يتم تزويده بها. وطلب المحامي في 12 أيلول/سبتمبر 1994 إلى شعبة الاستئناف إصدار أمر بت مديد المدة المتاحة لطلب المبررات الخطية. ورفضت شعبة الاستئناف هذا الطلب بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 1994. وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 1994، رفِع إلى المحكمة الاتحادية طلب بالإذن وبمراجعة هذا القرار.

2-5 ورفضت المحكمة الاتحادية الطلب في 9 آذار/مارس 1995 دون ت برير قرارها. ولا يوجد أي سبيل آخر لاستئناف القضية، ويبين صاحب البلاغ أن جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة والمتوافرة استُنفدت. واتهم صاحب البلاغ في عام 1995 بالكسر والسطو وحيازة سلاح ممنوع، وحمل سلاح مخفي، واستخدام سلاح ناري بدون احتراس، وحيازة سلاح محظور، وأيضاً تهم متنوعة أخرى ذات صلة (1) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن نقله إلى بلد ليس لديه مركز قانوني فيه يعتبر بمثابة معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة تتنافى وما ورد في المادة 7. ويؤكد صاحب البلاغ أنه أصبح عديم الجنسية نتيجة مغادرته فييت نام بصورة غير قانو نية ونتيجة فقدانه لمركزه كمقيم دائم في كندا. ويبيّن أنه من جراء ذلك سيكون بعد طرده إلى فييت نام غير قادر على العمل أو الإقامة أو التمتع بأي شكل آخر بحقوقه المتصلة بالعمل. ويسترعي الانتباه إلى أنه عندما سافر إلى فييت نام في عام 1991 طُلب إليه الحصول على تأش يرة دخول لمدة أربعة أشهر ولم يسمح لـه بالعمل. ويؤكد صاحب البلاغ أنه قد يتعرض للسجن في "مخيم لإعادة التأهيل" إن عاد إلى فييت نام نظراً إلى أنه كان قد غادر البلد بصورة غير قانونية وأن أباه كان متورطاً مع حكومة فييت نام الجنوبية السابقة. ويتمسك صاحب البلاغ با لتعليق العام رقم 20 بشأن المادة 7، الذي رأت فيه اللجنة أن هذه المادة تصون "كرامة الفرد وسلامته البدنية والعقلية معاً". ويشير صاحب البلاغ إلى مجموعة قرارات اللجنة والسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي خلصت إلى أنه يمكن إدراج التعذيب والضغوط النفسية ضمن إطار هذا الحكم (2) .

3-2 وكذلك يدعي صاحب البلاغ، متمسكاً بالمادة 7، أن نقله سيكون بمثابة القضاء على حياته الأسرية وأن الكرب سيصيب أسرته نتيجة ذلك. وقدم قائمة بأسماء شقيقاته الثلاث وأزواجهن الثلاثة وبناتهن الست وأبنائهن الثلاثة، كما ذكر خمسة أشخا ص آخرين (لم يحدد علاقته بهم) من الموجودين في كندا والذين سيُفرَّق بينه وبينهم. وأكد أن اللجنة اعترفت بأن إخضاع أفراد الأسرة لهذا الكرب وهذه المعاناة يجوز أن يُعتبر انتهاكاً لأحكام العهد (3) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أن نقله سينتهك حقه في ال حرية والأمان على شخصه (المادة 9) للأسباب المبينة أعلاه. وهو يدعي أن "الحرية" تشمل الحق في تأسيس بيت وتربية الأطفال. ويشير فضلاً عن ذلك إلى الأحكام المتصلة بحق الفرد في الحياة والحرية والأمن المنصوص عليها في الميثاق الكندي للحقوق والحريات، ويؤكد أن ذلك يشمل الحق في البحث عن سبل العيش القانونية أو عن عمل مشروع دونما تدخل غير مقبول من طرف الحكومة.

3-4 ويشتكي صاحب البلاغ من أن طرده سيكون تعسفياً ومنافياً لما ورد في المادة 13 مقترنة بالفقرتين 3(أ) و3(ب) من المادة 2 لأنه غير مطابق للقانون ولا يراعي الضمانات المنص وص عليها في المادة 13. ويدعي صاحب البلاغ، مشيراً إلى التعليق العام رقم 15 بشأن المادة 13، أن اللجنة فسرت حق الفرد في ألا يطرد بصورة تعسفية تفسيراً واسعاً. ويبين أن رفض شعبة الاستئناف إصدار مبرراتها الخطية للقرار الذي اتخذته حرمه في هذه القضية من فرصة الطعن في قانونية الأمر الصادر عن المحكمة الاتحادية بطرده. ويدعي صاحب البلاغ أنه يجب إخضاع قرار شعبة الاستئناف لمراجعة قضائية نظراً إلى ما يترتب عليه من نتائج، وللتأكّد من موضوعية متخذ القرار واستقلاله. ويدعي صاحب البلاغ، متمسكاً بمجموعة قرارات اللجنة، أنه لم تت ح له وسيلة انتصاف فعالة للطعن في قرار طرده وأنه لا يوجد ما يبرر حرمانه من هذه الوسيلة من أسباب قاهرة متعلقة بالأمن الوطني (4) .

3-5 وأخيراً يدعي صاحب البلاغ أن طرده سيكون بمثابة تدخل غير متناسب في حقه في أن يكون لـه بيت وحياة أسرية مما ينتهك حقوقه المعترف به ا بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 17 والفقرتين 1 و2 من المادة 23. كما يدعي أن فصله عن أفراد أسرته المقربين، نتيجة الطرد، لا يتناسب مع سجله الجنائي وأن طرد فرد أتى إلى كندا وهو يبلغ 16 عاماً من العمر أمر غير معقول. ويؤكد، بالإشارة إلى الطلب (المرفوض) المقدم م ن زوجته للحصول على إقامة، وكذلك بالإشارة إلى أفراد أسرته المقربين الموجودين في كندا، أنه تم إثبات إعالته لهم. وقال إنه ينبغي في تلك الظروف تفسير مفهوم "الأسرة" بصورة أعم (5) وإن حماية الأسرة ترجح على رغبة الدولة في طرده. ويؤكد أنه يجب تفسير المادتين 17 و23 تفسيراً أعم أيضاً عندما توجد في البلد الذي يعاد إليه الفرد عقبات تحول دون تمكنه من تأسيس حياة أسرية وخوف بأن يضطهد. وسيكون صاحب البلاغ غير قادر على البقاء بصورة نهائية في فييت نام وإعالة أسرته لأنه عديم الجنسية.

3-6 ويؤكد صاحب البلاغ أن السوابق القضائية لل محكمة الأوروبية حظرت طرد الفرد المدان بجرائم جنائية إن وجدت روابط أسرية (6) . ويؤكد صاحب البلاغ أنه، على الرغم من أن الحرمان من الحقوق الأسرية قد يعتبر بمثابة معاملة قاسية أو مهينة ومنافية للمادة 12 من الميثاق الكندي، لا توجد سبل انتصاف محلية فعالة بالنسبة ل لحقوق المعنية.

رسائل الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 طعنت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة في 4 تموز/يوليه 1997، في مقبولية البلاغ مدعية أن صاحب البلاغ قصّر، بالاستناد إلى الوقائع، في إثبات أنه سيكون بصورة بديهية ضحية انتهاك كندا لأي حكم من أحكام العهد إن هو أُعيد إلى فييت نام. وبلاغه غير مسند بالأدلة الكافية ويتنافى وأحكام العهد وهو غير مقبول بناء عليه.

4-2 وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أنه وإن كانت الإقامة الدائمة تُمنح لما يعادل 000 200 شخص سنوياً، إلا أنه لا يوجد مع ذلك أي حق يقضي بمنح هذا المركز أو بالاحتفاظ به، ويجوز تحديد شروط لـه. وتعكس أغلبية هذه الشروط اهتمام الدولة الطرف بصحة مواطنيها وسلامتهم وبأمن مؤسساتها وبتطبيق قانونها. وتبين الدولة الطرف، فيما يتعلق بالظروف الشخصية لصاحب البلاغ في كندا، أن صاحب البلاغ كان يعيش مع إحدى شقيقاته وأسرتها وأن سجل عمله غير مستقر. وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أنها طلبت إلى فييت نام تزويدها بوثائق سفر باسم صاحب البلاغ وأنها وقعت على مذكرة تفاهم مع فييت نام في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1995 قبلت فييت نام بموجبها عودة المواطنين الفييتناميين الذين لا يحملون أي جنسية أخرى والذين انتهكوا قانون كندا وصدر بحقهم أمر بالطرد. وكانت فييت نام قد قبلت وقت تقديم الرسالة عودة 15 شخصاً تنطبق عليهم هذه الشروط، وهي تنظر الآن بصورة فعلية في إمكانية عودة صاحب البلاغ.

4-3 وتدعي الدولة الطرف، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار الم ادة 7، أن نطاق هذا الحكم ليس واسعاً بالقدر المزعوم. وتبين، قياساً على قضية "فولان ضد فنلندا" (7) ، أن المعاملة موضوع الشكوى يجب أن تكون أشد من مجرد الطرد أو ما يترتب عليه من نتائج طبيعية. ويجب أن تتوافر أدلة ملموسة تدعو إلى الاعتقاد بأن حقوق صاحب البلاغ بموج ب المادة 7 ستنتهك في البلد المستقبل. ولم يقدم صاحب البلاغ في هذه القضية أي دليل يدحض ما أفادت به مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن جميع العائدين الفييتناميين يعاملون معاملة جيدة (8) ، كما أن ادعاءه أنه قد يسجن في مخيم لإعادة التأهيل ليس إلا مجرد تخمين. وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أن صاحب البلاغ لم يتردد في العودة إلى فييت نام قبل عدة سنوات مضت للزواج، ويبدو أنه لم يتعرض آنذاك لأي إجراء تمييزي من طرف السلطات الفييتنامية، ناهيك عن تعرضه لأي إجراء قد يتجاوز الحدود المعينة في المادة 7.

4-4 وترفض الدول ة الطرف ادعاء صاحب البلاغ أنه عديم الجنسية وتبين أنه يعتبر مواطناً فييتنامياً في أربع وثائق قدمها إلى اللجنة (شهادة زواجه الفييتنامية، وإفادته الخطية المشفوعة بيمين والمقدمة إلى مجلس الهجرة واللجوء، ومذكرة التبرير التي رفعها إلى نفس المجلس، ومذكرة التبرير التي رفعها إلى المحكمة الاتحادية). ولم يوفر صاحب البلاغ أي دليل يثبت أنه فقد جنسيته الفييتنامية أو أنه لا يمكن له العمل في فييت نام وإعالة أسرته. ولقد تزوج بالفعل بمواطنة فييتنامية مؤخراً، وسيمكنه حقها في الإقامة في البلد من التمتع فيه بحياة أسرية. وإذا كا ن صاحب البلاغ سيواجه بعض العقبات من حيث علاقاته مع شقيقاته المقيمات في كندا، فإن والدته ما زالت تقيم في فييت نام كما يقيم فيها شقيقاه على ما يبدو، وسيخفف ذلك من حدة الآثار السلبية المترتبة على طرده.

4-5 وتدفع الدولة الطرف فيما يتعلق بالمادة 9 بأن صاحب البل اغ لن يحرم في فييت نام من أي حق من الحقوق التي يعتبرها أساسية بموجب تلك المادة. فسيكون، بصفة مواطن فييتنامي، مؤهلاً للتمتع بكافة الحقوق المعترف بها في ذاك البلد إن هو عاد إليه. وإذا كان طرد الأجنبي المشروع يؤثر في إمكانية تنقله بحرية في الدولة التي تطرده، لا ينطوي ذلك على أي انتهاك للمادة 9 إذا تم الطرد بصف قانونية وكان مطابقاً لأحكام العهد.

4-6 وتذكِّر الدولة الطرف، فيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ المقدمة في إطار المادتين 13 و2 بشأن الطرد التعسفي، بأن صاحب البلاغ أُدين بارتكاب جرائم جنائية خطيرة وأنه انتهك با لتالي شرطاً هاماً من شروط دوام إقامته في البلد بصفة أجنبي. ولقد صدر أمر بطرده بعد جلسة استماع شفوية روعيت فيها كافة الضمانات الإجرائية. واتخذت شعبة الاستئناف قرار رفض استئنافه عملاً بالقانون ومع مراعاة كافة الظروف التي تكتنف القضية، فلا يمكن نعت القرار بأن ه تعسفي أو غير مطابق لأحكام العهد. ولقد أُتيحت لصاحب البلاغ فرص قانونية عديدة لطلب مبررات شعبة الاستئناف، ولكنه أخفق في طلبها سواء بسبب السهو أو بسبب عدم مراعاة الأصول القانونية.

4-7 وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أن شعبة الاستئناف تنظر في عدد كبير للغا ية من القضايا مما لا يسمح لها بإصدار مبررات خطية لقراراتها بصورة تلقائية. ولكنها ملزمة بتوفير تلك المبررات إن طُلب إليها ذلك في غضون فترة زمنية محددة. وتحدد تلك الفترة لضمان عرض دقيق للقرار وللحفاظ على التساوق مع الفترات الزمنية المحددة للطعن في قرارات شعب ة الاستئناف وغيرها من قرارات في إطار قانون الهجرة. ولقد كان صاحب البلاغ ممثلاً بمحامٍ في كل مرحلة من مراحل الإجراءات، وكان القضاة وأعضاء شعبة الاستئناف وقضاة المحكمة الاتحادية الذين بتوا في قضية صاحب البلاغ مستقلين جميعاً. وتم بالتالي اتخاذ قرار الطرد بموج ب القانون، وأُتيح لصاحب البلاغ الوقت الكافي لطلب إعادة النظر في الأمر الصادر، على النحو المنصوص عليه في المادة 13. وتؤكد الدولة الطرف أن إمكانية المراجعة القضائية المتاحة لصاحب البلاغ كانت تفي بالتزامات الدولة الطرف وفقاً للمادة 2، وأن أي انتهاك لحقوق العه د كان سيجد سبيلاً فعالاً للانتصاف أمام السلطات القضائية المختصة.

4-8 وتكرر الدولة الطرف، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادتين 17 و23، أنه مواطن فييتنامي وأنه يتمتع بالحقوق المترتبة على ذلك وأن عدداً من أفراد أسرته المقربين، بمن فيهم زوجته ووالد ته وشقيقاه، يعيشون في فييت نام. ولم يثبت صاحب البلاغ أنه يعيل أي فرد من أفراد أسرته في كندا - وهو يعيش، في الواقع، في منزل إحدى شقيقاته وأسرتها. وتؤكد الدولة الطرف أن نطاق الحماية التي يوفرها العهد للأسرة في إطار عملية الهجرة محدد في المادة 13 مقترنة بالما دتين 17 و23، بما ينص على أنه يجب على الدولة عندما تنظر في احتمال طرد أجنبي أن توازن بين مصالح الفرد الأسرية ومصالح الدولة. ولقد تم، من هذا المنطلق، إيلاء الاعتبار الكامل لظروف صاحب البلاغ الأسرية في عملية اتخاذ القرار برمتها. ولا بد لدى اتخاذ القرار من أن توضع في الحسبان اعتبارات مثل السن، والمدة المقضاة في كندا، ووجود أفراد مقربين من الأسرة في كندا وفي الخارج، ودرجة الاندماج في المجتمع الكندي، ومدى النجاح في تأسيس حياة في كندا. ولم تكن القرارات المتخذة تعسفية وقد تمت فيها مراعاة الضمانات الإجرائية بالكامل. وتؤكد الدولة الطرف أن نفس الاعتبارات التي كانت قد وضعت في الحسبان في قضية "ستوارت ضد كندا" (9) ، وُضعت في الحسبان في هذه القضية أيضاً حيث خلصت اللجنة إلى عدم وجود أي انتهاك للمادتين 17 و23 من العهد، وتبين وقائع القضية الراهنة، بالفعل، أن أواصر الصلة الأسرية في البلد القائم بالطرد أضعف بكثير مما كانت عليه في قضية ستوارت.

4-9 وتدحض الدولة الطرف، فيما يتعلق بزعم صاحب البلاغ في إطار الفقرة 1 من المادة 6، سريان هذا الحكم على تلك القضية. فلم يبين صاحب البلاغ أن قضيته تقع في نطاق عقوبة الإعدام، أو وفيات الرضع، أو ح الات الوفاة التي تكون سلطات الدولة مسؤولة عنها، أو أي ظروف مشابهة نظرت فيها اللجنة سابقاً في إطار المادة 6. فحق صاحب البلاغ في الحياة ليس مهدداً لا في كندا ولا في فييت نام.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 رد صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997 على رسائل الدولة الطرف مسترعياً الانتباه إلى أن وثائق الهجرة الموفرة من الدولة الطرف تشير إلى أنه "عديم الجنسية". وبناء عليه، لا يجوز للدولة الطرف أن تؤكد أنه يحمل الجنسية الفييتنامية وهي تعترف في وثائقها بأنه عديم الجنسية. وكذلك يسترعي الانتباه إلى أنه ع ندما سافر إلى فييت نام في عام 1991 طُلب إليه الحصول، أولاً على تأشيرة زائر صالحة لمدة أربعة أشهر فقط، وأنه ما كان يجوز له العمل خلال فترة وجوده في فييت نام.

رسائل إضافية

6-1 أجابت الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة في 16 آذار/مارس 1998 على تعليقات صاحب البلاغ مسترعية الانتباه إلى أنه لا ينكر أنه ما زال مواطناً فييتنامياً وأن الحكومة الفييتنامية ما كانت ستقبله إن لم يكن من مواطنيها. ولا تطلب مذكرة التفاهم الموضوعة في عام 1995 إلى فييت نام إلاَّ قبول عودة مواطنيها في حالة إدانتهم بالقيام بأنشطة إجرامية في كندا. وما كانت فييت نام ستصدر جواز سفر أو غير ذلك من الوثائق لصاحب البلاغ إن لم يكن مواطناً من مواطنيها.

6-2 وتبين الدولة الطرف أن صفة "عديم الجنسية" تستخدم عادة في وثائق الهجرة للإشارة إلى أن الشخص المعني موجود خارج الدولة التي يحمل جنسيتها، وأنه لا يحمل وثيقة سفر صادرة عن تلك الدولة وأنه لا يرغب في العودة إليها. والموظفون المكلفون باستكمال تلك الوثائق غير مؤهلين للبت فيما لو كان الشخص المعني يعتبر عديم الجنسية بموجب القانون. وما انفكت الدولة الطرف تعتبر صاحب البلاغ مواطناً فييتنامياً وهي تجري على هذا الأساس منا قشات مع فييت نام بشأن عودته إليها.

6-3 وتذكِّر الدولة الطرف بأن شهادة زواج صاحب البلاغ الصادرة عن السلطات الفييتنامية، تعرّفه بوصفه مواطناً فييتنامياً. ولقد حلف صاحب البلاغ، بالفعل، بأنه فييتنامي في الإفادات المشفوعة بيمين أمام مجلس الهجرة واللجوء وأمام ال محكمة الاتحادية.

6-4 وفي 22 نيسان/أبريل 1998 أحيلت الرسائل الإضافية المقدمة من الدولة الطرف إلى محامي صاحب البلاغ الذي دعي إلى تقديم تعليقاته. ولم ترد أي تعليقات إضافية من محامي صاحب البلاغ على الرغم من دعوته مرتين أخريين إلى أن يفعل ذلك في رسالتي التذكير المؤرختين في 25 أيلول/سبتمبر 2000 و12 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد مضمنة في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعارض إعلان مقبولية البلاغ لمجرد أنه غير مسند بأدلة إثبات و/أو أن شكوى صاحب البلاغ تقع خارج نطاق العهد. وتلاحظ اللجنة، بادئ ذي بدء، أنها لا تحتاج إلى قرار ما إذا كان صاحب البلاغ عديم الجنسية بالفعل أم لم يكن. فإذا لم يكن مواطناً فييتنامياً، لا يجوز، بناءً على المعلومات الموجودة أمام اللجنة وعملاً بالشروط المحددة في مذكرة التفاهم، أن يطرد إلى فييت نام، ويكون بلاغه باطلاً ولاغياً، على الأقل في الوقت الراهن. وبناءً عليه ت تناول اللجنة القضية بغرض المحاجاة فقط وعلى أساس الخيار الأفضل بالنسبة لصاحب البلاغ ألا وهو أنه يجوز طرد صاحب البلاغ إلى فييت نام.

7-3 وتلاحظ اللجنة فيما يتعلق بالادعاء في إطار المادة 6 أن صاحب البلاغ لم يقدم أي حجة لإثبات ادعائه في إطار هذه المادة، وبناءً عليه تجد اللجنة أن هذه الشكوى غير مقبولة لأنها غير مسندة صراحة بأدلة إثبات.

7-4 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بالادعاءات في إطار المواد 2 و7 و9 و13 و17 و23، أن الحجج التي ساقها صاحب البلاغ تقع ضمن فئتين. فهو يدعي، أولاً، أن طرده سيبعده عن أفراد أسرته في كندا و سيجعله غير قادر على متابعة حياته الأسرية في فييت نام، وذلك جزئياً لأنه ليس من مواطنيها، كما سيعرضه للحرمان من حقوق أخرى في ذاك البلد. ويدعي صاحب البلاغ، ثانياً، أن عيوباً شابت إجراءات الطرد في كندا. وتلاحظ اللجنة فيما يتعلق بالنقطة الأولى أن صاحب البلاغ مؤ هل، بوصفه مواطناً فييتنامياً، للإقامة والعمل في فييت نام وإعالة أسرته فيها؛ وبالفعل، تزوج صاحب البلاغ من مواطنة فييتنامية في عام 1991 في فييت نام دون مواجهة أي صعوبات. ونظراً إلى وجود زوجة صاحب البلاغ ووالدته وشقيقيه في فييت نام فقد قصّر في إثبات أن طرده س يثير، في إطار المادتين 17 و23 من العهد، مسائل جدلية من حيث الحياة الأسرية. وعلى ضوء القرار الذي اتخذته اللجنة في قضية ستوارت التي تتعلق بطرد شخص كان يقيم في كندا لفترة أطول من الزمن، ومنذ سن أصغر، وحيث كانت أسرة هذا الشخص بالكامل، باستثناء شقيق أعزب، تقيم في كندا، رأت اللجنة أنه لم يقع أي انتهاك للمواد 7 و9 و13 و17 و23 (بين جملة مواد أخرى)، وقد قصّر صاحب البلاغ في تقديم الأدلة الكافية لإثبات ادعاءاته فيما يتصل بوقائع القضية.

7-5 وترى اللجنة فيما يتعلق بالادعاء في إطار المادة 7 من العهد أن صاحب البلاغ لم يقد م أدلة غير مجرد الادعاء أنه سيتعرض لخطر حقيقي بإساءة معاملة السلطات الفييتنامية لـه بما يثير مسائل إضافية في إطار المادة 7. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد ما يلي: ` 1 ` أن صاحب البلاغ لم يرد في تعليقاته المقدمة على رسائل الدولة الطرف على تأكيدات الدولة الطرف أنه لن يتعرض لمثل تلك المعاملة؛ ` 2 ` أن صاحب البلاغ، على الرغم من الدعوات المتكررة التي وجهت إليه بالتعليق على رسائل الدولة الطرف الإضافية، لم ينتهز تلك الفرص لتقديم أدلة أخرى تثبت هذا الإدعاء. وعلى ضوء ما ورد في الفقرات السابقة تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قصّر، لأغراض المقبولية، في تقديم أدلة كافية لإثبات ادعائه بوقوع انتهاك للمواد 7 و9 و17 و23 من العهد.

7-6 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بالإجراءات أمام سلطات الهجرة الكندية والسلطات القضائية الكندية، أن صاحب البلاغ تمكن بمساعدة محاميه من حمل شعبة الاستئناف على إجراء مراجعة كاملة ومستقلة لقرار طرده. وحتى إذا ما تم تفسير المادة 13 على أنها توجب إتاحة إمكانية لاستئناف القضية مرة أخرى، تلاحظ اللجنة أن ذلك الإجراء متاح بموجب قانون الدولة الطرف شريطة أن يكون صاحب البلاغ قد رفع طلبه في الوقت المناسب للحصول على قرار مفص ل. وتذكِّر اللجنة بمجموعة قراراتها التي تقضي بأن عدم التقيد بالمهل الزمنية الإجرائية المحددة لرفع الشكاوى يعتبر بمثابة الإخفاق في استنفاد سبل الانتصاف المحلية (10) ، وتخلص اللجنة، نتيجة لذلك، إلى أنه لا يجوز أن ينسب صاحب البلاغ عجزه في وقت لاحق عن رفع دعوى ا ستئناف فعالة بسبب السهو، إلى الأسباب الموضوعية. وتخلص اللجنة بناءً عليه إلى أن صاحب البلاغ قصّر، لأغراض المقبولية، في تقديم الأدلة الكافية لإثبات ادعائه بوقوع انتهاك للمادتين 2 و13 من العهد.

8- وتقرر اللجنة بناءً عليه:

(أ) أن البلاغ غير مقبول في إطار الما دة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أنه سيتم تبليغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير].

الحواشي

(1) كا نت تلك التهم قائمة ولم يبت فيها بعدُ وقت تقديم الدولة الطرف لرسالتها.

(2) "ميغيل أنخيل استرييا ضد أوروغواي"، القضية رقم 74/1980، الآراء المعتمدة في 29 آذار/مارس 1983؛ و"سورينغ ضد المملكة المتحدة"، السلسلة ألف، المجلد 161(1989).

(3) "ألميدا دي كوينتيروس و آخرون ضد أوروغواي"، القضية رقم 107/1981، الآراء المعتمدة في 21 تموز/يوليه 1983.

(4) "هاميل ضد مدغشقر" القضية رقم 155/1983، الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 1987.

(5) "أمير الدين - زيفرا ضد موريشيوس" القضية رقم 35/1978، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 19 81.

(6) "عبد العزيز وآخرون ضد فرنسا"، و"بلجودي ضد فرنسا"، و"جيرود ضد فرنسا"، و"مستقيم ضد فرنسا".

(7) القضية رقم 265/1987، الآراء المعتمدة في 7 نيسان/أبريل 1989.

(8) تشير الدولة الطرف إلى نسخة طبق الأصل من رسالة مؤلفة من ثلاث صفحات مؤرخة في 4 أيار/مايو 1 995 وموجهة من نائب ممثل مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفرعيين بكندا إلى مسؤول أبحاث تابع لمجلس الهجرة واللجوء عن موضوع "عودة طالبي اللجوء الفييتناميين" والتي خلصت إلى أنه: "يمكن، استناداً إلى الخبرة المكتسبة خلال ست سنوات نتيجة زيارة آلاف عديدة من العائدين إلى أكثر من 300 دائرة ومدينة في جميع أرجاء فييت نام، القول إنهم يعاملون معاملة جيدة عموماً وأنه لا تتخذ أي تدابير تمييزية ضدهم".

(9) القضية رقم 538/1993، الآراء المعتمدة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1996.

(10) انظر على سبيل المثال القضية رقم 433 /1990، "أ. ب.أ. ضد إسبانيا"، القرار المعتمد في 25 آذار/مارس 1994.

جيم - البلاغ رقم 771/1997، بولين ضد الاتحاد الروسي *

(قرار اتخذ في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : مركز المساعدة للحماية الدولية

الشخص المدعى أنه ضحية : أل كسندر بولين

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ : 15 تموز/يوليه 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

تعتمد الت الي:

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو ألكسندر بولين، وهو مواطن روسي، ولد في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1951، وكان محتجزاً وقت تقديم هذا البلاغ في المؤسسة الإصلاحية في ريبينسك. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك روسيا (1) للفقرتين 1 و3(ه‍) من المادة 14 من العهد الدول ي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ويمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 25 أيار/مايو 1988 في حوالي الساعة 4 من بعد الظهر، دخل صاحب البلاغ، وهو في حالة سُكر، في شقة زوجته السابقة في غيابها. ويزعم أن الزوجين، بصرف النظر عن طلاقهما، واصلا علاقاتهما الجنسية، التي أخفوها عن والدة الزوجة السابقة، السيدة إيسيفا. وسمع صاحب البلاغ أثناء وجوده في الشقة صوتاً لامرأة قادماً من الخارج، وبغية تفادي لقاء حماته، اختفى في خزانة الملابس. وبعد حوالي ساعة ونصف الساعة من وجوده في خزانة الملابس، أراق بعض الس ائل عن غير قصد واكتُشف أمره.

ــــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين ، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد ماكسويل يالدين.

2-2 وأثناء اختفائه في خزانة الملابس سمع زوجته السابقة وهي تنتقده وتسخر منه. وعندما تم اكتشافه كان في حالة من الغضب الشديد واعتدى على حماته وزوجته السابقتين، بسكين وجده في خزانة الملابس. ودفع المحامي بأن الإصابات الموجهة كانت سطحية. ذلك أن صاحب البلاغ لم يستخدم سوى الجزء المسطح من السكين. ويُزعم أن زو جته السابقة فرت منه متجهة إلى النافذة وصاحت طالبة النجدة. ثم قفزت على عتبة النافذة، وجلست عليها، وفقدت توازنها وسقطت من الطابق الرابع لاقية حتفها. وبينما يسلم صاحب البلاغ بعدم صحة أفعاله أثناء الأحداث التي أدت إلى موت زوجته السابقة، فهو ينفي أنه سعى إلى مو تها أو شارك فيه.

2-3 وعقدت المحاكمة الأولى لصاحب البلاغ من 28 كانون الأول/ديسمبر 1988 إلى 12 كانون الثاني/يناير 1989. واتهم صاحب البلاغ بارتكاب القتل العمد الذي تصاحبه ظروف مشددة بموجب المادتين 102(ز) و193(2) من القانون الجنائي. غير أن المحكمة رأت أن الأدل ة غير كافية لإدانته، وأمرت المحكمة بإجراء تحقيق إضافي سابق على المحاكمة. وفي المحاكمة الثانية المعقودة في 29 حزيران/يونيه 1989، وبعد التحقيق الجديد السابق على المحاكمة، اتهم صاحب البلاغ وأدين بموجب المادة 102(ز) (2) من القانون الجنائي، وحكم عليه بعقوبة السج ن لمدة ثماني سنوات. وطعن في هذا الحكم كل من والدة الفقيدة وصاحب البلاغ. وفي 14 آذار/مارس 1990، رأت محكمة مدينة موسكو أن السيد بولين مذنب بموجب المادتين 102(ز) و193(2) من القانون الجنائي، لارتكابه القتل العمد الذي تصاحبه ظروف مشددة، وحكم عليه بالسجن لمدة ثل اث عشرة سنة تحت نظام صارم في معسكر عمل.

2-4 وذهب الادعاء إلى أن السيد بولين زار زوجته في 25 أيار/مايو 1988، وأصابها بسكين وفيما بعد دفع بها إلى خارج نافذة الشقة. وماتت على الفور. وأدلت شاهدة العيان الرئيسية حماة السيد بولين السابقة، بشهادتها أثناء المحاكمة ، معتبرة أن السيد بولين هو المسؤول عن دفع ابنتها خارج النافذة. وقد رأى جارا السيدة بولين، السيد والسيدة نوفيتسكي، السيدة بولين وهي تسقط من نافذة شقتها في الدور الرابع كما لو كانت مدفوعة. وأدلى شهود آخرون بشهادة مفادها أنهم رأوها تسقط من النافذة ولكنهم لم ي شاهدوا أي شخص يدفعها. وكانت شهادة الطبيب وخبير آخر غير حاسمة.

2-5 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الحماة السابقة للسيد بولين ذكرت في أقوالها الأولى أمام الشرطة أنها حاولت سحب السيد بولين بعيداً عن ابنتها في الوقت الذي كان يطعنها فيه. ثم فرت ابنتها وجلست على عتبة النافذة، طالبة النجدة. وحاولت الحماة السابقة فتح الباب ملتمسة المساعدة من الخارج وعندما التفتت، كانت ابنتها قد سقطت. وبالفعل، لم تغير شهادتها إلا بعد جنازة ابنتها، ليصبح مفادها أن السيد بولين جاء إلى الشقة بنية قتل ابنتها وأمسك بها ووضعها على عتبة النافذة ثم دفع بها. ثم غيرت تفاصيل شهادتها في عدة مناسبات. ووفقاً للمحامي فإن ذلك يجعل شهادة السيدة بولين غير موثوق بها وإدانة السيد بولين مشكوكاً في شرعيتها. وعلاوة على ذلك، شهد عدة معارف للسيد بولين في المحكمة أن السيدة إيسيفا، لم تكن، حتى في جنازة ابنتها، قد ت حدثت بعد عن ذنب السيد بولين في سقوط السيدة بولين من النافذة، وذكر السيد موناكوف، وهو جار السيدة إيسيفا في 25 حزيران/يونيه 1988، أن السيدة إيسيفا قالت لـه إن السيدة بولينا قفزت من النافذة.

2-6 وفي 28 حزيران/يونيه 1990، أكدت المحكمة العليا حكم محكمة المدينة، موضحة أنه فيما يتعلق بدفع المحامي بأن السيدة إيسيفا والسيد والسيدة نوفوتسيكي أدلوا بشهادات مزورة، وأن المحكمة نظرت في هذه المسألة وأنه لا يوجد ما يدعمها. وفيما يتعلق بحجة المحامي بأن المحكمة لم تنظر في نتائج خبراء الطب الشرعي، أوضحت المحكمة العليا أن نتائ ج الخبراء أثناء التحقيق الأولي لم تفحص فحسب، وإنما أيضاً أدلى الخبير بشهادته أثناء المحاكمة. وأخيراً، خلصت المحكمة العليا إلى أن قانون الإجراءات الجنائية لم يُنتهك. وباءت بالفشل محاولات المحامي لإعادة فتح القضية من خلال استئناف من أجل إعادة نظر قضائية لدى القاضي الذي يرأس المحكمة العليا، ولدى النائب العام للاتحاد الروسي.

الشكوى:

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن المحكمة انتهكت حقه في المحاكمة العادلة، وخاصة افتراض براءته وحقه في استدعاء شهود للدفاع.

3-2 وهو يدعي أنه أدين على أساس الأدلة غير الكافية والمتناقضة، حيث إن الإدانة استندت إلى شهادة حماته السابقة أثناء المحاكمة، والتي تتناقض مع أقوالها السابقة ولا تتفق مع أقوال الشهود الآخرين. كذلك فيما يتعلق بأقوال خبير الفحص الشرعي، والتي لم تكن بأي حال من الأحوال واضحة، فقد أصرت المحكمة على النظر فيها كما هي، ولم تعترف بتل ك الجوانب المتعلقة بنتائج الخبير التي تؤيد رواية صاحب البلاغ للأحداث. ويزعم صاحب البلاغ أن المحكمة كانت منحازة وهو ما يخالف الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويبدو أن هذه الشكوى تثير أيضاً قضية بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من العهد.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ أن ا لمحكمة أنكرت عليه حقه في استدعاء الشهود والخبراء واستجوابهم. وأنكرت المحكمة بشكل خاص حق صاحب البلاغ في استدعاء ضباط الشرطة غولوب وغورينوف وسيمين واليتيف الذين استجوبوا حماة صاحب البلاغ السابقة بعد وفاة ابنتها والذين أجروا التحقيقات السابقة على المحاكمة. غي ر أن المحكمة استمعت بالفعل في الجلسة الأولى المعقودة في شهر كانون الثاني/يناير 1989، إلى شهادات ضابطي الشرطة غولوب وغورينوف. وذكروا أن السيدة إيسيفا قالت، قبل نقلها إلى المستشفى، إن صاحب البلاغ طعنها هي والسيدة بولينا، ولكنها لم تراه وهو يلقي بابنتها من ال نافذة.

3-4 كذلك أنكر على صاحب البلاغ حقه في أن يستدعي الدكتور سوغرينا، الذي قال في التحقيق السابق على المحاكمة إنه رأى السيدة بولينا جالسة على عتبة النافذة وظهرها موجه نحوه، وأنها بعد برهة، ومباشرة قبل سقوطها، التفتت ووضعت ساقيها على عتبة النافذة. وهو أيضا ً الذي قدم الإسعافات الأولية لها بعد سقوطها. وبالإضافة إلى ذلك، أنكرت المحكمة على صاحب البلاغ حقه في استدعاء ابنه لييا، الذي كان يمكن لشهادته أن تلقي الضوء على نوايا المدعى عليه، فضلاً عن شهود آخرين اقترحهم الدفاع. ورفضت المحكمة طلب الدفاع باستدعاء خبير في الطب الشرعي نيابة عنه، واستجواب خبراء الطب الشرعي الموجودين بالفعل، من أجل توضيح التناقضات الواردة في نتائجهم، ويدعي المحامي أن هذا الرفض كان غير مؤات بشكل خاص لصاحب البلاغ، حيث إن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار الروايات الممكنة المتعددة للأحداث كما أوضح الخ براء، وإنما اعتمدت على الرواية المقدمة من الادعاء. ويدعي المحامي أن إنكار المحكمة لحق صاحب البلاغ في الحصول على الموافقة باستدعاء شهود النفي وإجراء استجواب مضاد لخبراء الطب الشرعي، يمثل انتهاكاً للفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على الوقائع الموضوعية للبلاغ

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1997، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها، زاعمة أن ادعاءات صاحب البلاغ لم تثبت حدوث أي انتهاك للحقوق الواردة في العهد، حيث إن الإجراءات الأولية والقضائية أجريت بطريقة موضوعية تماماً، وحيث إن صاحب البلاغ صدر حكم عليه بموجب القانون.

4-2 وذهبت الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ أدين لقتل زوجته السابقة على أساس شهادة حماته السابقة وشهود آخرين، وآراء لجان الخبراء في الطب الشرعي والبيولوجيا الشرعية، والبيانات الواردة في سجلات التفتيش الموقعي وإعادة تمثيل الجريمة، ووقائع أخرى درستها المحكمة حسب الأصول. والرواية البديلة لصاحب البلاغ فيما يتعلق بحدوث وفاة السيدة بولين فقد نظرت فيها محكمة الدرجة الأولى ومحكمة التمييز على النحو الواجب، ورئي أنه لا أساس لها من الصحة.

تعليقات صاحب البلاغ

5- في 27 أيلول/سبتم بر 2001، قدم صاحب البلاغ تعليقاته بشأن ملاحظات الدولة الطرف. وهو يشير إلى أن ملاحظات الدولة الطرف هي مجرد تكرار لقرارات المحاكم المحلية، ولا تعالج الانتهاكات المزعومة للعهد، بموجب الفقرتين 1 و3(ه‍) من المادة 14.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

6-1 ق بل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن محاكمة صاحب البلاغ بدأت في 1988 و أن الحكم القضائي الأخير صدر في حزيران/يونيه 1990، أي قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 كانون الثاني/يناير 1992. وفي ضوء عدم قيام صاحب البلاغ بتقديم أي شكاوى محددة تستند إلى وجود آثار مستمرة لانتهاكات مزعومة للعهد أثناء محاك مته والتي قد تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد، ترى اللجنة أنها غير مخولة، بسبب فوات الزمان المحدد، للنظر في هذا البلاغ.

6-3 لذلك، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الد ولة الطرف.

[اعتمدت باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو الأصل. وسيصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير]

الحواشي

(1) دخل العهد حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976، والبروتوكول الاختياري في 1 كانون الثاني/يناير 1992 (الانضمام). ولدى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري، قدمت الدولة الطرف الإعلان التالي:

"يعترف اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، عملاً بالمادة 1 من البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تلقي ونظر ال بلاغات الواردة من الأفراد الخاضعين للولاية القضائية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية فيما يتعلق بالحالات أو الأحداث التي تنشأ بعد التاريخ الذي بدأ فيه نفاذ البروتوكول بالنسبة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وينطلق الاتحاد السوفياتي كذلك من الفهم القائل بأن اللجنة لن تنظر في أي من البلاغـات ما لم تتأكد من أن نفس المسألة ليست قيد النظر بموجب إجراء آخر من إجراءات التحري أو التسوية الدوليين وأن الفرد المعني قد استنفد كافة سبل الانتصاف المحلية المتاحة لـه".

(2) في الشكوى المقدمة إلى النائب العام ، يشير المحامي إلى المادة 102 (دال)، ولكن المحكمـة تشـير إلى المادة 102(ز).

دال - البلاغ رقم 820/1998، راجان وآخرون ضد نيوزيلندا *

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد كيشفا راجان والسيدة ساشي كانترا راجان

(يمث لهما محامٍ، هو السيد سابت شانكار)

الأشخاص المدعى أنهم ضحية : صاحبا البلاغ وطفلاهما القاصران، فيكي راجان وآشنيتا راجان

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 11 حزيران/يونيه 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت ، في 6 آب/أغسطس 2003،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1- أصحاب البلاغ هم السيد كيشفا راجان، المولود في فيجي في 28 تموز/يوليه 1965، والسيدة ساشي كانترا راجان، المولودة في فيجي في تاريخ 6 حزير ان/يونيه 1969، وطفلاهما فيكي راجان، المولود في أستراليا في 2 شباط/فبراير 1992، وأشنيتا راجان، المولودة في نيوزيلندا في آذار/مارس 1996، وهم مقيمون جميعاً في نيوزيلندا وقت تقديم البلاغ. ويدّعون أنهم ضحايا لانتهاكات نيوزيلندا للفقرتين 1 و4 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 3 من المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويزعمون أيضاً، دونما إشارة إلى مواد معينة، أنهم ضحايا التمييز والتدخل في حياتهم الخاصة وفي حقوق طفليهما في الحماية المطلوبة بحكم كونهما قاصرين. ويمثلهم محامٍ.

ـــــــ ــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه ، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 هاجر السيد راجان إلى أستراليا في عام 1988، حيث حصل على رخصة بالإقامة في 19 شباط/فبراير 1990، على أساس علاقته الفعلية بإحدى النساء الأستراليات. وبعد ذلك، اتُّهِمت المرأة في عام 1994 في أستراليا ببيان زائف فيما يتعلق بطلب الإقامة الذي قدمه السيد راجان). وفي عام 1990، تزوج السيد راجان من السيدة ساشي كانترا راجان في فيجي، التي تبع ته إلى أستراليا في عام 1991، حيث حصلت على رخصة بالإقامة بناء على رخصة الإقامة التي يتمتع بها زوجها. وفي عام 1991، علمت السلطات الأسترالية بأن العلاقة الفعلية التي زُعِمت كانت ملفقة وبدأت باتخاذ إجراءات ضد السيد والسيدة راجان، إلى جانب اتخاذها لإجراءات ضد ش قيق السيد راجان (بال) وشقيقته اللذين اعتُقد أنهما حصلا على الإقامة الأسترالية بموجب ادعاءات باطلة مماثلة. وفي 2 شباط/فبراير 1992، وُلد الإبن فيكي في أستراليا. وفي 22 نيسان/أبريل 1992، ألقي القبض على شقيق السيد راجان (بال) بتهمة الهجرة الملفقة، وأبلغت السلط ات السيد راجان بأن هناك مقابلة ينتظر أن تجرى معه.

2-2 وفي اليوم التالي، هاجر السيد والسيدة راجان إلى نيوزيلندا. ولم يكشفا الأحداث التي جرت لهما في أستراليا، ومنحا رخصتين بالإقامة في نيوزيلندا على أساس رخصتيهما الأستراليتين. وفي 24 نيسان/أبريل 1992، غادر شق يق السيد راجان (بال) أستراليا أيضاً متوجهاً إلى نيوزيلندا. وفي 30 نيسان/أبريل 1992، ألغت السلطات الأسترالية رخصتي السيد والسيدة راجان الأستراليتين. وفي 5 حزيران/يونيه 1992، أُبلِغت السلطات النيوزيلندية أن السيد والسيدة راجان يُعتقد بأنهما قد فرا سراً من أس تراليا وأنهما ممنوعان من الدخول إليها ثانية. وفي 3 تموز/يوليه 1992، اعترف السيد راجان للسلطات النيوزيلندية أن علاقته الفعلية الأصلية التي أقامها في أستراليا لم تكن حقيقية. وعقب قيام السلطات بالتحقيقات، بما في ذلك إجراء مقابلات مع السيد والسيدة راجان، ألغى وزير الهجرة رخصتي إقامة السيد والسيدة راجان في 21 حزيران/يونيه 1994، لأن السيد راجان لم يكشف عن أنه قد حصل على المستندات الأسترالية (التي استندت إليها الرخصتين النيوزيلنديتين) عن طريق الغش.

2-3 ومُنحت السيدة راجان الجنسية في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994، لدى عدم كشفها عن هذه الوقائع في طلب قدمته بشأن الحصول على الجنسية إلى وزارة الداخلية، حيث ألغيت جنسية فيجي التي تحملها تلقائياً بناء على ذلك بموجب الباب 8 من قانون الجنسية لعام 1977. وفي أوائل عام 1995، مُنح ابنها فيكي الجنسية النيوزيلندية أيضاً. وفي 19 نيسان /أبريل 1995، أصدر وزير الداخلية إشعاراً بنية إلغاء الجنسية على أساس أنه قد تم الحصول عليها عن طريق التضليل أو البيانات المزيفة أو الإخفاء المتعمّد لمعلومات مهمة أو من باب الخطأ.

2-4 وفي 31 تموز/يوليه 1995، رفضت المحكمة العليا استئنافاً قُدِّم ضد إلغاء رخص الإقامة وطلباً لإعادة النظر قضائياً في قرار الوزير بإلغاء الرخص، حيث وجدت أن هذه الرخص قد تم الحصول عليها عن طريق الغش والإدلاء ببيانات كاذبة ومضلِّلة. ورأت المحكمة أنه ليس هناك تهديد لوحدة الأسرة، لأن بإمكان الطفل أن يعيش مع والديه في فيجي، ويعود إلى نيوز يلندا، إذا ما رغب في ذلك، بمحض إرادته. ورفضت محكمة الاستئناف استئنافهما. وفي آذار/مارس 1996، وُلِدت الطفلة الثانية، آشنيتا، وحصلت تلقائياً على الجنسية النيوزيلندية بالولادة.

2-5 وفي 17 تموز/يوليه 1996، رفضت المحكمة المعنية باستعراض عمليات الترحيل الاستئناف الآخر المقدم من السيد والسيدة راجان ضد قرار سحب رخصتيهما بالإقامة، حيث لم تجد أي سبب يدعو إلى نقض القرار. ولاحظت المحكمة أن الوالدين لا يحق لهما البقاء في نيوزيلندا لمجرد أن لديهما طفلين من الرعايا، ما لم تكن هناك أسباب أخرى لبقائهما. ولم يستأنف السيد وال سيدة راجان قرار المحكمة.

2-6 وفي 5 آب/أغسطس 1996، أصدر وزير الداخلية إخطاراً بنية إلغاء جنسية فيكي راجان على أساس أنه حصل عليها عن طريق الغش أو البيانات المزيفة أو الإخفاء المتعمَّد لمعلومات مهمة أو من باب الخطأ. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، رفضت المحكم ة العليا طلباً قدمته السيدة راجان ضد إخطار النية الذي أصدره الوزير لحرمانها من الجنسية التي لا تنطوي على أي خطأ قانوني أو خلل إداري. وأصدرت المحكمة توجيهاتها إلى وزير الداخلية للنظر في الأحكام ذات الصلة من الاتفاقيات الدولية قبل اتخاذ قرار نهائي. وفي 28 كا نون الثاني/يناير 1997، وقّع الوزير على أمر يقضي بحرمان السيدة راجان من الجنسية استناداً إلى الأساس الرسمي لمنحها بالخطأً، حيث لم يتم التقيد بالفترة الزمنية المطلوبة للإقامة. وفي 9 نيسان/أبريل 1997، رفضت المحكمة العليا طلباً بشأن إجراء استعراض قضائي ضد قرار الإلغاء. وفي 3 تموز/يوليه 1998، سُجِّل البلاغ الذي قدمه أصحاب البلاغ لدى اللجنة.

2-7 وفي 15 نيسان/أبريل 1997، وقّع وزير الداخلية أمراً يقضي بإلغاء جنسية فيكي راجان، مما تركه يتمتع بالجنسية الأسترالية. وأعدت السلطات النيوزيلندية بناء على ذلك أمرين بالإبعاد لإبلاغ السيد والسيدة راجان بهما، بيد أنه لم يتسن تحديد أماكن تواجدهما بعد ذلك.

2-8 وفي الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1999، عُدِّل قانون الهجرة تعديلاً أساسياً، ليتضمن حكماً يقضي بأنه ليس بإمكان المقيمين في نيوزيلندا بصفة غير قانونية عقب تأكيد المحكمة المعني ة باستعراض عمليات الإبعاد لقرار إلغاء رخصة الإقامة، مواصلة الاستئناف لدى الهيئة المعنية باستعراض عمليات الإبعاد. وفي 18 أيلول/سبتمبر 2000، أعلنت الحكومة عن وضع "سياسة انتقالية". وأُذِن بموجب هذه السياسة بمنح رخص للمقيمين "لفترة طويلة" ممن تجاوز مكوثهم فترة الإقامة المحددة، أي المقيمين في نيوزيلندا لخمس سنوات أو أكثر ممن لديهم أطفالاً يعولونهم موجودين في نيوزيلندا، رهناً باستيفائهم لمتطلبات التمتع بصحة جيدة وسيرة حسنة. وأُدرج السيد والسيدة راجان ضمن الفئة المطالَبة بالتنازل عن صفة حسن السيرة والسلوك.

2-9 وفي 28 أيلول/سبتمبر 2000، قدم صاحبا البلاغ استئنافين منفصلين لدى الهيئة المعنية باستعراض عمليات الإبعاد. وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000، رفض وزير الهجرة التدخل في القضية. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 رفضت الهيئة اختصاص قبول الاستئنافين نتيجة للتعديلات التي أُدخلت على قانون الهجرة.

2-10 وفي 19 آذار/مارس 2001، قدم صاحبا البلاغ طلباً بموجب "السياسة الانتقالية". وجرت المطالبة بالتنازل عن حسن السيرة والسلوك على أساس إدانة السيد راجان في أستراليا بتهمة التهرب من دفع الضرائب. ولم يذكر الطلب شيئاً فيما يتعلق بسبل ا لتضليل التي اتبعت في الحصول على الإقامة. وفي 23 نيسان/أبريل 2001، رفض وزير الهجرة الطلب المقدم بشأن التنازل عن صفة حسن السيرة والسلوك. ونتيجة لذلك، رُفض الطلب المقدم بموجب "السياسة الانتقالية" في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001. وفي 23 أيار/مايو 2002، أكدت السل طات الفيجية أن كلاً من السيد والسيدة راجان لا يزالان مواطنين فيجيين يحملان جوازي سفر نافذي المفعول. وفي كانون الأول/ديسمبر 2002، وعقب تقديم المزيد من المعلومات، أكد معاون وزير الهجرة قرار الوزير، الذي ينظر بشكل خاص في وضع الطفلين.

2-11 وفي 8 نيسان/أبريل 20 03، تم تحديد مكان تواجد السيدة راجان وأُبلغت بأمر الإبعاد. ولم يتسنّ تحديد مكان السيد راجان. وأُبلغت السيدة بأن المنتظر منهما أن يغادرا بحلول 22 نيسان/أبريل 2003. وفي 2 أيار/مايو 2003، رفضت المحكمة العليا طلباً قُدم بشأن إجراء استعراض قضائي لقرار الوزير ال قاضي بعدم منح تنازل عن صفة حسن السيرة والسلوك، مؤكدة بذلك على وجود "أدلة كافية" على الاستنتاج الذي تم التوصل إليه بشأن ارتكاب الغش. ورأت المحكمة أن الوزير قد راعى حقوق الطفلين مراعاة كاملة وحسبما ينبغي، وأنه لم يقصر أبداً في تحقيق الإنصاف أو العدل أو المسا واة.

الشكوى

3-1 يزعم صاحبا البلاغ وقوع انتهاكات بشكل خاص للفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 3 من المادة 24 والفقرتين و1 و4 من المادة 9. وهما لا يربطان هذه المواد بادعاءات معينة، كما يصعب تحديد هذه الادعاءات بحد ذاتها. وعلى ما يبدو فإن الادعاءات المبينة أدناه تث ير مسائل في إطار المواد 13 و17 والفقرة 1 من المادة 24 والمادة 26 من العهد.

3-2 ونظراً لأن طفليهما لا يستطيعان العيش لوحدهما وأنه يتعين عليهما أن يغادرا نيوزيلندا برفقة والديهما، يُزعم أن حقوقهما التي هي من حقوق الإنسان ستنتهك من خلال إبعاد والديهما عن نيوز يلندا إبعاداً قسرياً. ويشكل إبعاد السيد والسيدة راجان إلى فيجي تدخلاً تعسفياً في الحياة الخاصة للأسرة، ويحتمل أن يؤدي إلى الطلاق وعدم ضمان الدخل.

3-3 ويُذكر أن المحاكم الاستئنافية في نيوزيلندا لم تخضع السيد ولا السيدة راجان للاستجواب بشأن قضية الغش المزعوم ، الذي أنكره السيد راجان على الدوام. وفيما يتعلق بالسيدة راجان، فيُزعم أنها حُرمت من رخصة الإقامة الأسترالية دون منحها فرصة للاستماع إليها، على الرغم من أنها لم ترتكب أي خطأ. ونتيجة لفقدان جنسيتها النيوزيلندية، فقد أصبحت الآن عديمة الجنسية.

3-4 ويدعي صاحبا البلاغ أن حقوق فيكي راجان انتهكت بسبب إلغاء جنسيته. ووفقاً لما يقوله صاحبا البلاغ، فما كان ينبغي أن يحدث ذلك لأنه حصل على الجنسية على أساس الجنسية الأسترالية التي يحملها وإقامته في نيوزيلندا لمدة ثلاثة أعوام، وليس بفضل اعتماده على والدته كما قررت المحكمة. ولذلك، يزعم أن جنسيته لا يمكن إلغاؤها لصلتها بسحب جنسية والدته.

3-5 ومعلوم أنه جرى التحامل على أصحاب البلاغ على افتراض أن قانون نيوزيلندا "يطبق على نحو أكثر فظاظة ضد غير الأوروبيين".

3-6 ويشير صاحبا البلاغ إلى قرار محكمة استئناف نيوزيلندا (1) بشأن قضية مم اثلة، يدعي فيها صاحبا البلاغ أن المحكمة قررت أن الالتزامات الدولية، مثل العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية حقوق الطفل، تلزم نيوزيلندا بقبول مسؤوليتها عن الطفلين اللذين هما من رعايا نيوزيلندا، وأنه لا يتعين تحميل الطفلين مسؤولية تصرفات والديهما. ويزعم أن وزير الداخلية، نتيجة لصدور القرار، قد منح رخصاً للوالدين في قضايا مماثلة، بما فيها قضيتا شقيقة وشقيق السيد راجان. ويقال إن عدم اتباع القرار في هذه القضية يشكل قضية تحامل على صاحبي البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 طعنت الدولة الطرف بالمذكرة الشفوية المؤرخة 3 شباط/فبراير 1999، في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وفيما يتعلق بالمقبولية، فهي تدفع بضرورة رفض البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وعدم التثبت من صحة الادعاءات وتناقض البلاغ مع أحكام العهد.

4-2 أما ف يما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فتشير الدولة الطرف إلى أن السيد والسيدة راجان يتجنبان حالياً الإجراءات القانونية، غير أنهما خاضعان لأمر بالإبعاد يبلغان به حالما يتم العثور عليهما. ويجب أن يحظى أمر الإبعاد هذا بإقرار أحد قضاة محكمة المقاطعة قبل تنفيذه. وحالما يتم إبلاغ السيد والسيدة راجان بأمر الإبعاد، يصبح بإمكانهما الاستئناف لدى الهيئة المعنية باستعراض عمليات الإبعاد في غضون 42 يوماً من تاريخ الإبلاغ بأمر الإبعاد، تذرعاً، في جملة أمور ، بحجة الظروف الإنسانية والأسرية. ويتوقف الاستئناف حينئذ على قرار المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف بشأن المسائل القانونية. وبدلاً من ذلك، يكون بإمكانهما تقديم طلب إلى المحكمة العليا، وبالتالي إلى محكمة الاستئناف، بشأن إجراء استعراض قضائي لقرار الهيئة المعنية باستعراض عمليات الإبعاد. وأخيراً، فإن بمقدورهما تقديم طلب مباشرة إلى وزير الهجرة، لا سيما إن استجدت أي معلومات، بشأن إصدار تعليمات خاصة بالحصول على رخصة بالإقامة.

4-3 وبالإضافة إلى ذلك وخاصة فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمادتين 9 و13، تدعي الدولة الطرف أن أي إخلال بالإجراءات من هذا القبيل هو انتهاك لقانون مدو نة الحقوق لنيوزيلندا الصادر في عام 1990 ويشكل أساساً لإعادة النظر. وعلاوة على ذلك، تبين الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يستأنفا قرار محكمة استعراض عمليات الإبعاد الصادر بحقهما، مثلما ينص على ذلك القانون، بالرغم من أن الموعد النهائي لذلك قد انقضى الآن.

4-4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحبي البلاغ عجزا عن إثبات صحة مزاعمهما. ولم يقدما أدلة بديهية على انتهاكات أحكام العهد. ولم يوردا أدلة لإثبات أي إخلال بالإجراءات للإيحاء بأن الدولة الطرف قد تصرفت على نحو تعسفي أو غير قانوني أو أن الحماية التي يوفرها القانون لم تُتح لهما، أو أنها لم توفر الحماية للأسرة مثلما هو منصوص عليه في العهد. وللأسرة الحق في الرجوع إلى فيجي بموجب قانون فيجي وستعمل حكومة نيوزيلندا على توفير مستندات السفر ذات الصلة للأسرة. وليس هناك ما يوحي بأن الأسرة ستتعرض للانفصال. ويقصد بحقوق الطفلين المستقلة في البقاء في نيوزيلندا أو أستراليا أنهما قد يرسلان للحصول على التعليم أو غير ذلك من أشكال التربية إلى أفراد الأسرة الواسعة الآخرين، بنفس الطريقة التي يُرسل بها الآلاف من سكان جزر المحيط الهادئ. وتسوق الدولة الطرف الحجة على أن ذلك خيار الوالدين فيم ا يتعلق برفاهية طفليهما ولن يشكل أساساً للإخلال بالعهد. وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى البيانات الغامضة بشأن المضايقات المحتملة من جانب أفراد الأسرة مما قد يهدد الأسرة ويمكن أن يؤدي إلى الطلاق في فيجي، وعدم ضمان الدخل، غير أنها تشير إلى أنه لم يت م تقديم أدلة لدعم هذه المزاعم. وليس هناك أي دليل على أن الأسرة لن تتمكن من إعادة ربط شبكات الدعم في فيجي.

4-5 أما فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26، فتدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ عجزا عن إثبات صحة المزاعم الغامضة المتعلقة بالتمييز العنصري. وتزعم أن أصحاب البلاغ قد يستمرون في طرح أية أدلة تتعلق بالتمييز العنصري في إجراءات لاحقة قبل إبعاد السيد والسيدة راجان إلى فيجي. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن ادعاء معاملة شقيقة وشقيق السيد راجان معاملة مختلفة لا تعد بحد ذاتها دليلاً بديهياً على انتهاك الالتزام بتوفير القانون حماية متكافئة بموجب المادة 26، ولم تقدم تفاصيل بهذا الشأن.

4-6 وفيما يخص ادعاء السيدة راجان حرمانها من الجنسية الذي يترتب عليه أن تكون عديمة الجنسية، تزعم الدولة الطرف أن هذا الادعاء لا ينطوي على حق محمي في العهد وهو بالتالي غير مقبول بحسب ا لاختصاص الزماني لأنه يتنافى والعهد. وتلاحظ الدولة الطرف أن السيدة فيجي تتمتع بحق العودة إلى فيجي بموجب الباب 16 من دستور فيجي، وأنها قد تقدم من جديد طلباً في الوقت المناسب للحصول على جنسية فيجية بموجب الباب 12(6) و(7) من دستور فيجي لعام 1997.

4-7 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فتشير الدولة الطرف بالتفصيل إلى قرارات السلطات المحلية. وتلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا، لدى نظرها في إلغاء رخص أسرة راجان، كانت مقتنعة بأن السيد راجان قد حصل على رخصته بالإقامة عن طريق "الغش ومن خلال الإدلاء ببيانات زائفة ومض للة تفيد بأنه كان على علاقة فعلية بإحدى النساء". ونتيجة لذلك، اعتبر حصول السيدة راجان على الرخصة التي منحت لها بناء على رخصة زوجها، قد تم عن طريق الغش والاحتيال أيضاً ونظرت المحكمة في إمكانية وجود تهديد لوحدة الأسرة وحماية الطفلين قبل رفض الطلب. وأيدت محكم ة الاستئناف هذا القرار. ونظرت محكمة استعراض عمليات الإبعاد في قضية تافيتا ، ولكنها قررت أن مراعاة مصالح الطفلين "لا تخول الوالدين، اللذين لم يعد بإمكانهما البقاء بهذا الشكل أو ذاك في نيوزيلندا، حق البقاء لمجرد أن لديهما طفلين من الرعايا". ورأت المحكمة، لدى نظرها في ظروف الأسرة ككل، أنه ليست هناك أسس يستند إليها في إبطال مفعول إلغاء رخصتي الإقامة.

4-8 وتدفع الدولة الطرف بأن السيد والسيدة راجان يواجهان عواقب أفعال الغش التي ارتكبها السيد راجان للحصول على الإقامة في نيوزيلندا. وتعد جميع الإجراءات التي اتخذت منذ ذلك الوقت متفقة والقانون، وقد عكفت سلطات مستقلة على فحصها لعدة مرات ولا يمكن وصفها بناءً على ذلك بأنها تعسفية أو مجحفة. وتدفع الدولة الطرف بأن ظروف الأسرة، ولا سيما رفاهية الطفلين، قد جرى النظر فيها على مستويات متعددة خلال الإجراءات. كما تشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية الدولية دعماً لقرار محكمة استعراض عمليات الإبعاد التي تفيد بأن الجنسية التي يحملها طفل ما، دونما حمله لجنسية أخرى، لا يمكن أن تخول الوالدين حق الإقامة في تلك الدولة (3) . ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف، فإن المطلوب هو إجراء موازنة بين حق وق الطفلين التي لا يعتريها شك وحقوق الأسرة ككل، بالمقارنة مع كافة العوامل الأخرى.

4-9 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أنه لم يقدم أي دليل لدعم أية مزاعم بشأن التمييز العنصري. وفيما يتعلق بزعم المعاملة غير المتكافئة، نظراً لأنه جرت معاملة أشخاص آخرين، على ما يبد و، معاملة مختلفة في ظروف مماثلة، ولا سيما شقيقة وشقيق السيد راجان، فالدولة الطرف تزعم أن هذه القرارات اتخذت بناءً على ظروف قضية خاصة وما اشتملت عليه من وقت وموارد. والتفرقة على هذا الأساس معقولة وموضوعية. وتسوق الحجة قائلة إن واقع اتخاذ القرارات في الحكومة يقضي بألا يحاكم جميع المجرمين في نفس الوقت، حيث تكون موارد المحاكمة أقل من الطلب على الدوام. وتستخدم الدولة الطرف مقياساً تشبيهياً يفيد بأن مجرد التعجيل بإلقاء القبض على أحد الأشخاص ومحاكمته، بينما هناك شخص آخر لا يتم التعجيل بإلقاء القبض عليه ومحاكمته، ل ا يعني أن هناك تحاملاً على الأول أو أنه حُرم من الحماية المتكافئة التي يوفرها القانون.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يطعن صاحبا البلاغ برسالة مؤرخة 30 حزيران/يونيه 1999، في عدم مقبولية البلاغ ويزعمان أن سبل الانتصاف التي أشارت إليها الدو لة الطرف لم تذكر سوى في تعابير عامة. ويدعيان أن الطعن في الاستعراض القضائي و/أو الاستئناف لدى المحكمة العليا لا ينم عن أي بارقة أمل في النجاح، ويضيفان أنه نظراً لعدم نجاحهما في استئنافات سابقة فإنه لا يحتمل أن ينجحا فيما يقدمانه من طلبات لاحقة بشأن إعادة ا لنظر. ويزعمان أن أي طلب بشأن إجراء استعراض قضائي قد لا يُقدم سوى للطعن في إحدى المسائل المتعلقة "بالوقائع أو القانون"، وإلا ليس هناك أمل في إعادة النظر في الأسس الموضوعية لقضيتهما. وفي هذا الخصوص، يذكران أنه ما من أسس يستند إليها في السعي إلى إمكانية استعر اض قضائي بشكل فعال، ولذلك، فإنه لا جدوى من تقديم هذا الطلب.

5-2 ويشير صاحبا البلاغ أيضاً إلى أن سبل الانتصاف التي أشارت إليها الدولة الطرف ليست متاحة لهما لأنهما ليسا مؤهلين للحصول على المعونة القانونية، ولا يسمح لهما الآن بالعمل في نيوزيلندا. وعلاوة على ذ لك، يدعيان أن أية بيانات قُدمت إلى هيئة استعراض عمليات الإبعاد "تندرج ضمن فئة سبل الانتصاف التي نسلم بأنها مصنفة كما يجب على أنها سبل انتصاف غير عادية. فهي تفسح المجال أمام إصدار قرار اختياري، بيد أنها لا تثبت حقاً من الحقوق، وبالتالي فهي ليست سبل انتصاف ف عالة ولا تشكل سبل انتصاف فعالة". وبالنسبة لصاحبي البلاغ، تُشابه سبل الانتصاف هذه الحق في تقديم بيانات إلى إحدى الهيئات الاستشارية ضد أمر الإبعاد الذي، يزعمان، أن اللجنة قررت سابقاً أنه لا يمكن اعتباره سبيلاً من سبل الانتصاف الفعالة.

5-3 ويشير صاحبا البلاغ إلى أنه، فيما يتعلق بإدعاء الدولة الطرف بشأن عدم طرحهما لقضية بديهية فيما يخص الانتهاكات المزعومة للمادتين 9 و13، فإنه لم يتم توضيح الكيفية التي يمكن بها اتخاذ إجراء ما يُزعم فيه وجود انتهاك لقانون مدونة الحقوق الصادر عام 1990 لنيوزيلندا. أما فيما يتعلق با لتمييز العنصري المزعوم، فيؤكد صاحبا البلاغ من جديد أنه جرى التحامل عليهما لأنهما ينحدران من أصل فيجي هندي "ولا يستحقان الامتيازات التي يتمتع بها الأنغلو ساكوسونيون". وبالنسبة لإدعاء الدولة الطرف أن حرمان السيدة راجان من الجنسية، مما يجعلها عديمة الجنسية، ل ا يشمل حقاً محمياً بموجب العهد، ويذكر صاحبا البلاغ أنه إن لم تكن هذه الحقوق محمية حماية خاصة بموجب العهد "فإنها [محمية] لصلتها بالحقوق الأساسية المحمية بمقتضى العهد".

5-4 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فيزعم صاحبا البلاغ أن البيانات التي أدليا بها بشأن ا لنتائج السلبية لإبعادهما إلى فيجي متثبت من صحتها بشكل واف، ويشيران إلى الإجراءات المحلية التي أُثيرت خلالها هذه المسائل. ويقدم صاحبا البلاغ معلومات ويجريان مقارنة بشأن معاملة أسرة فيجية أخرى جرى منحها الجنسية النيوزيلندية بموجب نفس الإجراءات لدعم ملاحظتهما القائلة إنهما لم يعاملا معاملة معقولة وموضوعية. ويؤكدان مجدداً أن هذا الاختلاف في المعاملة، حينما تكون ظروف القضيتين متشابهة، إنما هو عمل تمييزي.

الرسائل التكميلية من الأطراف

6-1 في 15 شباط/فبراير 2001، طلب صاحبا البلاغ إلى اللجنة أن تعلق النظر في بلاغهما ، لحين النظر في طلبهما المقدم بموجب "السياسة الانتقالية". وأورد صاحبا البلاغ، بالرسائل المؤرخة 22 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و14 آذار/مارس 2002 و23 كانون الأول/ديسمبر 2002، وصفاً لسلسلة الأحداث اللاحقة وزعما، إزاء رفض الطلب المقدم بشأن التنازل عن صفة حسن السي رة والسلوك، أنه من المجحف التذرع بالغش المزعوم الذي ارتكبه السيد راجان كسبب لعدم منحه التنازل، نظراً لأنه لم يتهم ولم يعتبر مذنباً بارتكاب الغش، كما أنه من غير المنصف إشراك زوجته في الفعل غير المشروع والمزعوم الذي ارتكبه زوجها. ويزعم صاحبا البلاغ أنه، نظرا ً لأن طفليهما يبلغان الآن 6 و11 عاماً من العمر، فإنه من غير اللائق اقتراح أنهما يستطيعان البقاء في نيوزيلندا دون والديهما. وبالإضافة إلى ذلك، يدعى صاحبا البلاغ أنهما بتقديمهما لطلبات استئناف مؤخراً لدى هيئة استعراض عمليات الإبعاد (وهي التي رُفضت) وتقديمهما طلباً بموجب "السياسة الانتقالية"، قد استنفدا سبل الانتصاف المحلية.

6-2 وتلاحظ الدولة الطرف، في رسالتها التكميلية التي قدمتها في 14 أيار/مايو 2003، أن صاحبي البلاغ قد أعربا عن نيتهما الاستئناف لدى محكمة الاستئناف ضد قرار المحكمة العليا الصادر في 2 أيار/ماي و 2003. ولا تزال هناك خصومات قضائية بشأن هذه المسائل منذ 10 سنوات، وعلى ما يبدو فإن هذا الأمر سيستمر. وبالتالي، تتنازل الدولة الطرف صراحة، لما فيه مصلحة السعي إلى وضع نهاية للأمر، عن أي طعن في هذه القضية لمقبولية البلاغ بالاستناد إلى الحاجة إلى استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ الدولة الطرف أن الفترة المطولة التي استغرقتها المسألة برمتها - وهي أكثر من عشر سنوات - تعزى أساساً إلى قيام السيد والسيدة راجان مراراً وتكراراً بتقديم طعون قانونية غير ناجحة. ومثلما لاحظت المحكمة العليا، فقد جرت مراعاتهما مراعاة ت امة. أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فتبين الدولة الطرف أن "السياسة الانتقالية" عبارة عن نهج ودي يتعلق بقضية الأسر المقيمة لفترة تتجاوز فترة إقامتهما المقررة، بمن في ذلك أطفالهم. ومع ذلك، فإن عجز أسرة راجان عن الاستفادة من هذه السياسة هو نتيجة لتصرفها الس ابق وغير اللائق الذي ارتكبته عندما هاجرت. وتؤكد الدولة الطرف أن هذا التصرف غير اللائق ليس البقاء لفترة تتجاوز فترة الإقامة المحددة بحد ذاتها فحسب، بل اعتماد إجراءات إيجابية لتضليل موظفي الهجرة النيوزيلنديين والأستراليين.

6-3 وأفاد صاحبا البلاغ، بالرسالة ال مؤرخة 5 حزيران/يونيه 2003، أن محكمة الاستئناف حددت موعداً لجلسة الاستماع في 23 حزيران/يونيه 2003. وأشارت الدولة الطرف على ما يُزعم إلى أنها ستبعد السيد والسيدة راجان في حال صدور قرار مناقض عن محكمة الاستئناف، بالرغم من أنه لم يتم تحديد مكان السيد راجان بعد . وبناء على ذلك، ونظراً لدنو موعد انعقاد جلسة الاستماع للقضية خلال الدورة الثامنة والسبعين للجنة في الفترة تموز/يوليه - آب/أغسطس 2003، التمس صاحبا البلاغ من اللجنة أن تتخذ إجراءات عملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي لتطلب إلى الدولة الطرف ألا تبعدهما حتى تب ت اللجنة في القضية.

6-4 وفي 23 حزيران/يونيه 2003، طلبت اللجنة، من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف ألا تبعد أياً من الضحيتين المزعومتين عن ولايتها، بينما لا تزال القضية معروضة على اللجنة.

الم سائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2- وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد تنازلت صراحة عن تقديم أي طعن في مقبولية البلاغ على هذه الأسس (انظر الفقرة 6-2، أعلاه) (4) .

7-3 وفيما يخص ادعاء صاحبي البلاغ، السيدة والسيد راجان، أن إبعادهما يشكل انتهاكاً لحقوقهما بموجب الفقرة 1 من المادة 23، وحق حماية طفليهما بموجب الفقرة 1 من المادة 24، تحيط اللجنة علماً بأن صاحبي البلاغ لم يقدما ما يكفي من الحجج بشأن كيفية انتهاك حقوقهما في هذا الصدد، باستثناء الإدلاء ببيان يفيد بأنه نظراً لصغر سن الطفلين فإنه يتعين عليهما أيضاً أن يغادرا نيو زيلندا في حالة إبعاد والديهما. ويتضح من قرارات السلطات المحلية، أن حماية الأسرة وحماية الطفلين، على نحو أكثر خصوصية، قد روعيت خلال كل مرحلة من مراحل الإجراءات بما في ذلك في المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف والمحكمة المعنية باستعراض عمليات الإبعاد، وفي أجل ق ريب جداً من جانب الوزير الذي تولى النظر في طلب صاحبي البلاغ المُقدم بموجب "السياسة الانتقالية". وتلاحظ اللجنة من خلال مسألة سابقة، ومن بضع سنوات سبقت مولد أشنيتا، أن سلطات الدولة الطرف انتقلت إلى إبعاد صاحبي البلاغ حالما أصبح من الواضح أن هناك أفعال غش قد ارتكبت، وأن الوقت اللاحق الذي مكثه صاحبا البلاغ في نيوزيلندا قد قضياه، إلى حد كبير، إما في اتباع سبل الانتصاف المتاحة وإما في الاختفاء. وإضافة إلى ذلك، فقد انتفت أي حجة تقول إن السيدة راجان كانت ستحظى باهتمام مستقل، في حالة عدم اشتراكها فيما ارتكبه السيد ر اجان من غش، من حيث الثقة فيها ناشئة عن مرور الزمن، وذلك بانتقال الدولة الطرف بسرعة معقولة إلى إنفاذ قوانين الهجرة الخاصة بها ضد السلوك الإجرامي. وبناء عليه، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ عجزا عن إثبات صحة ادعائهما بأنهما أو طفليهما ضحايا لانتهاكات المادة 17 و الفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24 من العهد. ولذلك، تعتبر هذه الادعاءات غير متثبت من صحتها وغير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحبي البلاغ القائلة إنهما وطفليهما ضحايا التمييز العنصري لأنهم ليسوا من ال أنغلو ساكسونيين، وحجتهما التي تفيد بأنهم قد عوملوا معاملة مختلفة، وبالتالي غير متكافئة مع معاملة آخرين في قضايا مماثلة، بما في ذلك في قضيتي شقيقة وشقيق السيد راجان. وتشير اللجنة إلى أن المساواة في التمتع بالحقوق والحريات لا تعني المعاملة المتطابقة في كل حا لة، وأن الاختلافات في المعاملة لا تشكل تمييزاً، عندما تكون مبنية على معايير موضوعية ومعقولة. وتلاحظ اللجنة أن المحاكم الوطنية لا يسعها سوى أن تدرس القضايا المتعلقة بالوقائع المعروضة، وهذه الوقائع تختلف من قضية إلى أخرى. ولم يعرض صاحبا البلاغ وقائع في قضايا يمكن مقارنتها بقضيتهما سواء أمام اللجنة أو أمام المحاكم المحلية؛ ولذلك ترى اللجنة أن الحجج التي قدمها صاحبا البلاغ لا تثبت، لأغراض المقبولية، صحة ادعائهما القائل بأنهم ضحايا التمييز أو المعاملة غير المتكافئة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا الادعاء غير م قبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وتحيط اللجنة علماً الادعاء القائل إن فيكي راجان سيكون عديم الجنسية، نتيجة لإلغاء جنسيته النيوزيلندية، مما يشكل بالتالي انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 24 من العهد. ومع ذلك، يبدو من خلال المواد المعروضة على اللجن ة، أن فيكي راجان لا يزال يحمل الجنسية الأسترالية، ولذلك، فليست هناك مسألة مثارة بموجب الفقرة 3 من المادة 24 من العهد. وبالتالي، فإن هذا الادعاء الوارد في البلاغ غير مقبول بطبيعته بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وأخذاً بعين الاعتبار تأكيد السلطات ال فيجية أن جواز السفر الفيجي الذي بحوزة السيدة راجان لا يزال نافذ المفعول وأنها لا تزال إحدى المواطنات الفيجيات، وينطبق نفس الشيء على أي ادعاء بشأن إلغاء الجنسية النيوزيلندية التي تحملها السيدة راجان.

7-6 أما فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للفقرتين 1 و4 من المادة 9 والمادة 13، فترى اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يُثبتا صحة هذه المزاعم لأغراض المقبولية. وبالتالي فهذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8- وبناء على ذلك، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبو ل بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) يُبلغ صاحبا البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواش ي

(1) تافيتا ضد وزير الهجرة [ 1994] 2 NZLR 254 .

(2) جاراميللو ضد المملكـة المتحـدة (ECHR Appl. 24865/94) وفاجوجونو ضد وزير العدل والنائب العام [1990] 2 IR 151 (المحكمة العليا لجمهورية آيرلندا).

(3) انظر أيضاً جوسلين وآخرون ضد نيوزيلندا ، القضية رقم 902/19 99، وقد اعتمدت الآراء في 17 تموز/يوليه 2002، في الفقرة 7-3.

هاء - البلاغ رقم 837/1998، كولانوفسكي ضد بولندا *

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : يانوش كولانوفسكي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بولند ا

تاريخ تقديم البلاغ : 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 آب/أغسطس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو يانوش كولانوفسكي، وهو مواطن بولندي من مواليد 13 تموز/يوليه 1949. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك بولندا (1) لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عُرِضت

2-1 كان صاحب البلاغ يعمل في الشرطة البولندية (الميليشيا المدنية سابقاً) منـذ عام 1973. وفي عـام 1975 أنهى دراسته في مدرسة ضباط صف الشرطة في بيلا. وحصل على درجة الدكتـوراه في "علوم التربية البدنية "في عام 1991.

ــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسم اؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو دي باسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والس يد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود.

وعملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي، لم يشترك السيد رومن فيروشيفسكي في اعتماد الآراء.

2-2 وبتاريخ 7 كانون الثاني/يناير 1991 طلب صاحب البلاغ إلى القائد الأعلى للشرطة أن يعيّنه برتبة الضا بط في الشرطة. ورُفض طلبه بتاريخ 22 شباط/فبراير 1991 لعدم إستيفائه شروط التدريب اللازمة "للضباط" بغية تعيينه في تلك الرتبة. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام وزير الشؤون الداخلية متمسكاً بأن الفقرة 1 من المادة 50 من قانون الشرطة لا توجب على رجال الشرطة ال حاصلين على شهادة في مجال التعليم العالي إلاَّ إتمام التدريب المهني ولا توجب عليهم إتمام تدريب الضباط.

2-3 وفي 24 نيسان/أبريل 1991، تحدث صاحب البلاغ مع وكيل وزارة الشؤون الداخلية وناقش معه مسألة تعيينه في الرتبة الأعلى. وأعرب وكيل الوزارة في مذكرة تناول فيه ا هذا الحديث، عن موافقته على تعيين صاحب البلاغ في رتبة طالب ضابط، وهي رتبة انتقالية بين رتبة ضابط صف ورتبة ضابط. ولكن أبطل القائد الأعلى للشرطة قرار الموافقة هذا بتاريخ 20 آب/أغسطس 1991 متمسكاً بأن تعيين صاحب البلاغ "في رتبة طالب ضابط" باتخاذ إجراءات استثن ائية أمر غير مبرر.

2-4 وطعن صاحب البلاغ في قرار رفض تعيينه في رسالة موجهة إلى القائد العام للشرطة في وارسو بتاريخ 26 آب/أغسطس 1991. ووجه، في 28 آب/أغسطس 1991، شكوى مماثلة إلى وكيل وزارة الشؤون الداخلية. وأبلغ القائد العام للشرطة صاحب البلاغ مرة أخرى في رده المؤرخ في 16 أيلول/سبتمبر 1991 بأنه لم يُتِم تدريب الضباط المطلوب. وفي 29 حزيران/يونيه 1994 رفض وزير الشؤون الداخلية مباشرة إجراءات بشأن مسألة رفض تعيين صاحب البلاغ في رتبة طالب ضابط، وهو قرار لا يُعتبر قراراً إدارياً بموجب المعنى المقصود في المادة 104 من قانون الإجراءات الإدارية.

2-5 ورفضت وزارة الشؤون الداخلية، بتاريخ 25 آب/أغسطس 1994، طلباً آخر وجّهه صاحب البلاغ بتاريخ 19 تموز/يوليه 1994 بتعيينه في رتبة طالب ضابط. وقام صاحب البلاغ، بعد أن طعن في ذاك القرار بدون نتيجة أمام وزارة الشؤون الداخلية، برفع شكو ى إلى المحكمة الإدارية العليا في وارسو بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر 1994، طعن فيها في قرار عدم تنفيذ قرار إداري متّخذ بشأن تعيينه. ورفضت المحكمة في 27 كانون الثاني/يناير 1995 الشكوى تمسكاً بأن قرار رفض تعيين صاحب البلاغ في الرتبة الأعلى لم يكن قراراً إداريا ً.

2-6 ورفع صاحب البلاغ شكوى في رسالة مؤرخة في 1 آذار/مارس 1995 وموجّهة إلى المحكمة الإدارية العليا مبيِّناً أن المحكمة لم تبيِّن الأسباب والأحكام القانونية التي تمسكت بها لاتخاذ قرارها برفض الشكوى. ورفضت المحكمة هذه الشكوى في 14 آذار/مارس 1995. ومن ثم، وج ّه صاحب البلاغ رسالة إلى وزير العدل اتهم فيها القضاة الذين بتّوا في شكواه "بتضليل العدالة". وفي 30 آذار/مارس 1995، أبلغ رئيس المحكمة الإدارية العليا الذي كانت وزارة العدل قد أحالت إليه الرسالة، صاحب البلاغ بأنه يجوز له، حتى وإن لم يكن يوجد أي أسس لفتح القض ية من جديد، أن يرفع دعوى استئناف استثنائية للطعن في القرار الذي اتخذته المحكمة بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 1995.

2-7 وطلب صاحب البلاغ، في 11 تموز/يوليه 1995، إلى أمين المظالم البولندي أن يرفع دعوى استئناف استثنائية أمام المحكمة العليا بغية نقض قرار المحكم ة الإدارية العليا. وأبلغ مكتب المظالم صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة في 28 آب/أغسطس 1995 بأن أهلية المكتب في رفع دعاوى استئناف استثنائية مقصورة على ادعاءات تقدم بانتهاك حقوق المواطنين، ولا يمكن اللجوء إلى المكتب إلا في المقام الثاني بعد قيام الهيئة المختصة في المقام الأول برفض الطلب المقدم إليها برفع دعوى استئناف استثنائية إلى المحكمة العليا. ورفض أمين المظالم طلب صاحب البلاغ لعدم استيفائه هذه الشروط.

2-8 ومن ثم، طلب صاحب البلاغ إلى أمين المظالم أن يحيل طلبه إلى وزير العدل. وقام صاحب البلاغ، في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995 ونتيجة عدم استلام أي رد من أمين المظالم، بإرسال نسخة من طلب رفع دعوى استئناف استثنائية أمام المحكمة العليا إلى وزير العدل. وطلب في نفس الوقت رده إلى وضعه السابق متمسكاً بأن فوات مدة الأشهر الستة المحددة لاستئناف قرار المحكمة الصادر في 27 كانون الثاني/يناير 1995 لا يمكن أن يُعزى لأي تقصير من جهته. وفي 20 شباط/فبراير 1996، رفضت وزارة العدل طلبه برفع دعوى استئناف استثنائية نظراً إلى أن مدة الأشهر الستة المحددة لذلك كانت قد انقضت وقت تقديم الطلب (16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995) ولأنه لا يوجد ما يبرر ات خاذ الوزير لإجراء، حيث لم يكن يوجد في تلك القضية ما يمس بمصالح جمهورية بولندا.

2-9 وفي 4 آذار/مارس 1996 طلب صاحب البلاغ إلى أمين المظالم أن يعيد النظر في الالتماس الذي كان قد قدمه بشأن رفع طلب استثنائي إلى المحكمة العليا، متمسكاً بأن التأخير المسجل في تناو ل طلبه الأول المؤرخ في 11 تموز/يوليه 1995 أدى إلى انقضاء فترة الأشهر الستة المحددة كموعد أخير. وأعاد صاحب البلاغ، في رسالات تالية، تأكيد ما يراوده من شكوك حول قانونية نظر المحكمة الإدارية العليا في شكواه. ورفض أمين المظالم في رده المؤرخ في 2 أيلول/ سبتمبر 1996 هذا الطلب. وحذَّر صاحب البلاغ بأن اتهامه لقضاة المحكمة الإدارية العليا قد يعتبر بمثابة جريمة جنائية.

2-10 وفُصِل صاحب البلاغ من خدمة الشرطة في عام 1992 بموجب إجراءات موازية ولكنه أعيد إلى وظيفته بعد قرار اتخذته المحكمة الإدارية العليا في 18 آب/أغسطس 1 993 معلنة أن قرار الفصل لاغٍ وباطل. وفُصل صاحب البلاغ مرة أخرى من خدمة الشرطة في عام 1995. وثبّتت المحكمة الإدارية العليا الفصل بموجب قرار أصدرته في 8 أيار/مايو 1996 متمسكة على ما يبدو بأن صاحب البلاغ لم يمتثل لنظام الخدمة. وكانت دعاوى الاستئناف للطعن في ذ اك القرار ما زالت معلقة وقت تقديم البلاغ.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد نظراً إلى أنه حُرِم من إمكانية اللجوء إلى المحاكم على أساس أن رفض تعيينه في رتبة طالب ضابط لم يُعتبر بمثابة قرار إداري ول م يخضع بالتالي لإمكانية مراجعته من طرف المحكمة الإدارية العليا.

3-2 ويبيِّن صاحب البلاغ أن الشكوى التي رفعها للطعن في قرار رفض تعيينه وعدم تنفيذ قرار إداري يوجب الفصل في حقوقه وواجباته في دعوى القانون، إذ ينبغي تفسير الفقرة 1 من المادة 14 تفسيراً توسعياً ف ي ذاك الصدد. ويدّعي صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أن التحيُّز الذي أبداه قضاة المحكمة الإدارية العليا، وكونه قد حُرِم من إمكانية رفع دعوى استئناف استثنائية إلى المحكمة العليا سواء عن طريق وزير العدل أو عن طريق أمين المظالم لأن مكتب أمين المظالم لم يتناول طلبه في الوقت المناسب، يشكلان انتهاكين آخرين لما ورد في الفقرة 1 من المادة 14.

3-3 ويؤكد صاحب البلاغ ضرورة إصدار قرارات إدارية في حالات شبيهة، كحالات تجريد جنود محترفين من رتبتهم العسكرية أو تخفيض هذه الرتبة أو عندما تمنح هيئة التدريس والإدارة في كلية إحدى الجامعات شهادة جامعية. ونظراً إلى أنه يمكن للجنود وللمرشحين الجامعيين أن يستأنفوا مثل تلك القرارات أمام المحاكم، يُعتبر عدم إتاحة سبيل التظلُّم هذا لصاحب البلاغ بمثابة انتهاك للمادة 26.

3-4 ويدّعي صاحب البلاغ أنه استنفد سبل التظلم المحلية وأن نفس الموضوع ليس قيد النظر في إطار إجراءات أخرى من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

بيان الدولة الطرف المقدم بشأن مقبولية البلاغ ووقائع القضية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على البلاغ في مذكرة شفوية مؤرخة في 22 حزيران/يونيه 1999، وطعنت بمقبولية البلاغ وبوقائع القض ية أيضاً. ولم تنكر الدولة الطرف أن سبل التظلم المحلية قد استنفدت، ولكنها بينت وجوب إعلان عدم مقبولية البلاغ بحكم الزمن إذ يتعلق البلاغ بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف يوم 7 شباط/فبراير 1992.

4-2 وترى الدولة الطرف، بالإض افة إلى ذلك، أن دعوى صاحب البلاغ غير مقبولة في إطار المادة 26 من العهد لعدم توافر أدلة إثباتية. وتبين، على وجه الخصوص، أن أي مقارنة بين قرار يتخذ بتجريد جنود محترفين من رتبتهم العسكرية أو بتخفيض تلك الرتبة، وهو أمر يتم بموجب قرار إداري يتخذ عملاً بالفقرة 1 من المرسوم الصادر في 27 تموز يوليه 1992 عن وزير الدفاع، وبين قرارات (داخلية) تتخذ بموجب أحكام قانون الشرطة، مقارنة غير مقبولة نظراً إلى أن أحكام الفقرة 1 من المرسوم لا تسري إلا على الحالات الاستثنائية. ولا يمكن، بالمثل، مقارنة ذلك بعملية منح شهادة جامعية بموجب قرار إداري وهو أمر يختلف عن مسألة رفض تعيين شخص في رتبة أعلى من الخدمة.

4-3 وتبين الدولة الطرف أن إصدار قرارات إدارية يخضع لوجود أحكام تشريعية توجب على الجهاز الإداري اتخاذ مثل هذا القرار. وعلى سبيل المثال، من المطلوب صراحةً إصدار قرار إداري لإبرام أو تعديل أو إنهاء علاقة عمل في مكتب حماية الدولة (2) . ولكن تنطبق هذه القاعدة على التعيينات فقط وهي لا تسري على رفض تعيين ضباط مكتب حماية الدولة في وظائف أعلى في الرتبة. ويقضي حكم أساسي صادر في 7 كانون الثاني/يناير 1992 عن المحكمة الدستورية بأن أحكام قانون ح رس الحدود الصادر في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1990، والتي تستثني حق اللجوء إلى المحكمة في القضايا المتصلة بعلاقات عمل ضباط حرس الحدود، تتنافى وأحكام المادتين 14 و26 من العهد. وتبين الدولة الطرف أن هذا الحكم لا يسري على قضية صاحب البلاغ نظراً إلى أن أحكام قانون حرس الحدود المطعون فيها تتصل بعلاقات الخدمة الخارجية التي تخضع لتشريعات خاصة توجب إصدار قرار إداري.

4-4 وتبين الدولة الطرف فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لما ورد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، أن كل نظام قانوني وطني يميز بين الأفعال التي تظل مشمولة في اختصاص الأجهزة الإدارية الداخلي والأفعال التي تتجاوز هذا الاختصاص. وإن رفض تعيين صاحب البلاغ في رتبة "طالب ضابط" قرار يتسم بطابع إداري داخلي بحت ناجم عن تبعية صاحب البلاغ لرؤسائه. ولا يجوز استئناف قرارات تعيين أو رفض تعيين شخص في رتبة أعلى من الخدمة أمام ا لمحاكم لأنها قرارات داخلية، وهي لا تستأنف إلاَّ أمام الهيئات الأعلى التي تكون الهيئة المتخذة للقرار مسؤولة أمامها.

4-5 وتركز الدولة الطرف على أن الفقرة 1 من المادة 14 تضمن حق كل فرد في أن يحاكم محاكمة عادلة لدى الفصل في حقوقه والتزاماته في دعاوى القانون. و نظراً إلى أن هذا الحكم يتعلق بصورة رئيسية بالفصل في الحقوق والواجبات المدنية ، تقع القضية قيد النظر خارج نطاق الفقرة 1 من المادة 14 لكونها تتسم بطابع إداري بحت. وتبين الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن شكوى صاحب البلاغ بخصوص رفض تعيينه في درجة أعلى من الخدم ة لا صلة لها بالفصل في حق معين لعدم وجود ما يؤهل رجال الشرطة أو أي أفراد آخرين من أفراد الخدمة النظامية بالمطالبة بهذا التعيين بوصفه حقاً مكتسباً .

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 أجاب صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 على ملاحظات الدولة ال طرف. وبين أن الأحداث المعنية وقعت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في بولندا بتاريخ 7 شباط/فبراير 1992، دون تقديم أدلة تثبت ما يؤكده.

5-2 ويصر صاحب البلاغ على أن رفض تعيينه في رتبة طالب ضابط يعتبر قراراً إدارياً، وذكر عدداً من أحكام القانون الإداري التي يعتبرها ذات صلة بالموضوع. ويبين صاحب البلاغ أنه لا يوجد في القانون البولندي ما يخول أجهزة الدولة سلطة إصدار قرارات داخلية. ويؤكد صاحب البلاغ، بالإشارة إلى الفقرة 2 من المادة 14 من قانون الشرطة، أن تبعية القائد الأعلى للشرطة لوزير الشؤون الداخلية توجب على القائد الأعلى أن يطبق "الأمر" الصادر عن وكيل وزارة الشؤون الداخلية بتعيينه في رتبة أعلى من الخدمة. وأضاف أن رفض تعيينه في تلك الرتبة يعتبر غير قانوني من حيث الجوهر، أيضاً، إذ إنه يستوفي كافة الشروط القانونية المطلوبة لمثل ذاك التعيين.

5-3 ويبين صاحب ا لبلاغ، فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أنه لم يقدم الأدلة اللازمة لإثبات ادعائه بموجب المادة 26، أن الأحكام الخاصة بتجريد جنود محترفين من رتبتهم العسكرية وبتخفيضها وبمنح شهادات جامعية، وهي أمور تتم بموجب قرار إداري، حتى وإن كانت لا تسري على قضيته، فإن التشريع ات التي تحظر على رجال الشرطة استئناف قرارات تعيينهم أو عدم تعيينهم في رتبة أعلى من الخدمة تعتبر تمييزية في حد ذاتها.

المسائل والإجراءات أمام اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت، عملاً بالمادة 87 من نظا مها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول وفقاً للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 ولقد تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست ولم تكن محل دراسة بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتو كول الاختياري، كما تأكدت من أن صاحب البلاغ استنفد سبل التظلم المحلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأنه يتصل بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في بولن دا بتاريخ 7 شباط/فبراير 1992. ولا يجوز للجنة، بموجب مجموعة قراراتها ومقرراتها الثابتة، أن تنظر في انتهاكات العهد المزعومة التي وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف، إلا إذا استمرت الانتهاكات موضوع الشكوى بعد دخول البروتوكول الاختيا ري حيز النفاذ. وتحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ طلب ترفيعه لأول مرة في عام 1991، أي قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف. وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ استمر بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في رفع دعاوى للطعن في قرار رفض طلبه، ترى اللجنة أن تلك الدعاوى لا يمكن أن تشكل، في حد ذاتها، أي انتهاك محتمل للعهد. ولكن تحيط اللجنة علماً، أيضاً، بأن صاحب البلاغ قام، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف، برفع مجموعة ثانية من الدعاوى بهدف الحصول على الترفيع (انظر الفقرة 2-5) وهي ترى أن أي ادعاءات تتعلق بتلك الدعاوى لا تعتبر غير مقبولة بحكم الزمن .

6-4 وتحيط اللجنة علماً، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار الفقرة 1 من المادة 14، بأنها تتصل بالجهود التي بذلها صاحب البلاغ للطعن في قرار رفض الطلب الذي قدمه بترفيعه إلى رتب ة أعلى. ولم يكن صاحب البلاغ قد فُصل كما لم يكن قد قدم طلباً لشغل أي وظيفة شاغرة محددة أعلى في الرتبة. فترى اللجنة، في هذه الظروف، أنه يجب التمييز بين قضية صاحب البلاغ وقضية كازانوفا ضد فرنسا (البلاغ رقم 441/1990). واللجنة إذ تكرر الإعراب عن رأيها بأن مفهوم "دعوى القانون" بموجب الفقرة 1 من المادة 14، قائم على أساس طبيعة الحق المعني لا على أساس مركز أحد الطرفين، تعتبر أن الإجراءات التي باشرها صاحب البلاغ للطعن في قرار رفض طلب ترفيعه إلى رتبة أعلى في الشرطة البولندية ليس بمثابة فصل في الحقوق والواجبات في دعوى قانون حسب المعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وبناءً عليه يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مطابق لما ورد في ذاك الحكم وغير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وترى اللجنة فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لأحكام المادة 26 أن صاحب الب لاغ لم يقدم، لأغراض المقبولية، أدلة تثبت أي ادعاء باحتمال انتهاك المادة 26. وبناءً عليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناءً عليه تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوك ول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار لصاحب البلاغ وللدولة الطرف للعلم.

]اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف بتاريخ 18 حزيران/يونيه 1977 و7 شباط/فبراير 1992 على التوالي.

(2) انظر الفقرة 33 من المرسوم الصادر في 10 كانون الثاني/يناير 1998 عن رئيس الوزراء بشأن خدمة الضباط العاملين في مكتب حماية الدولة.

واو - البل اغ رقم 872/1999، كوروفسكي ضد بولندا *

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : أوجينيوز كوروفسكي (يمثله محام، السيد آدم ويكليك)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 30 أيلول/سبتمبر 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 آذار/مارس 2003 ،

تعتمد القرار التالي:

قرار بشأن المقبولية

1-1 صاحب البلاغ هو السيد أوجينيوز كوروفسكي، وهو مواط ن بولندي ولد في عام 1949. وهو يدعي أنه ضحية لانتهاك بولندا للمادة 14، الفقرة 1، والمادة 25، الفقرة (ج)، مقترنة بالفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

1-2 ودخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز الن فاذ بالنسبة لبولندا في 18 حزيران/يونيه 1977، والبروتوكول الاختياري في 7 شباط/فبراير 1992.

_________________

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسي د ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيدة كريستين شانيه، والسيد فرانكو دي باسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري - يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد ماكسويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 شغل صاحب البلاغ في الفترة من كانون الأول/ديسمبر 1976 إلى 1989 وظيفة في قوات الأمن في بولندا (الميليشيا الوطنية). وفي 1989، عيِّن معاونا ل رئيس الأمن في المكتب الإقليمي للشؤون الداخلية في مدينة آندريشوي. وفي 31 تموز/يوليه تم فصله تطبيقاً لقانون مكتب حماية الدولة المؤرخ في 6 نيسان/أبريل 1990، الذي تم بموجبه حل الشرطة السرية وتحويلها إلى إدارة جديدة.

2-2 وبموجب المرسوم رقم 69 المؤرخ 21 أيار/ماي و 1990، اعتمد مجلس الوزراء إجراءات للتأهيل ووضع معايير لإعادة استيعاب الضباط الذين تم تسريحهم داخل الإدارة الجديدة. ولم تكن هذه الإعادة ممكنة إلا بعد صدور قرار إيجابي عن لجنة تأهيل إقليمية، أو، بواسطة الاستئناف، عن اللجنة المركزية للتأهيل في وارسو. وفي 22 تموز/يوليه 1990، أعلنت لجنة التأهيل في بيلسكو - بيالا أن صاحب البلاغ لا يستوفي الشروط المطلوبة بالنسبة للضباط أو العاملين في وزارة الداخلية. وأكدت لجنة التأهيل المركزية هذا الرأي في 5 أيلول/سبتمبر 1990، في أعقاب الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ في 28 تموز/ي وليه 1990.

2-3 وفي 25 نيسان/أبريل 1995 ( 1 ) ، طلب صاحب البلاغ من وزير الداخلية إلغاء قراري لجنتي التأهيل وإعادة إدماجه في الشرطة. وفي 29 أيار/مايو 1995، أجابه الوزير بأنه لا يتمتع بصلاحية تعديل قراري لجنتي التأهيل أو إجراء تعيين دون الحصول على قرار إيجابي من اللجنتين. وفي أول شباط/فبراير 1996، أكد الوزير أقواله من جديد. وقدم صاحب البلاغ استئنافاً لدى المحكمة الإدارية المركزية، ولكن المحكمة رفضت استئنافه، على أساس أنها لا تملك صلاحية البت في قرارات لجان التأهيل.

مضمون الشكوى

3-1 يقول صاحب البلاغ إنه ضحية لانتها ك الدولة الطرف للفقرة (ج) من المادة 25 من العهد، إذ إن وزير الداخلية فصله من الشرطة ( 2 ) بسبب انتمائه إلى حزب العمال المتحدين ولآرائه السياسية اليسارية، ولأن وزارة الداخلية قامت علاوة على ذلك، بتأهيله بدون حق، كموظف في إدارة الأمن، بالرغم من أنه، عند قبوله ف ي الشرطة، كان شرطياً وارتدى زي الشرطة طوال فترة خدمته. ويرى صاحب البلاغ أنه يجب النظر في هذا الانتهاك بالاقتران مع انتهاك الفقرة 1 من المادة 2 من العهد.

3-2 كما يقول صاحب البلاغ إنه وقع ضحية لانتهاك الدولة الطرف لحقه في الوصول إلى المحاكم فلم تنظر أي محكمة لا في مسألة فصله ولا في مسألة تأهيله بأثر رجعي كشرطي في إدارة الأمن.

3-3 وهو يرى أن قراري لجنتي التأهيل اتخذهما أعضاء معادون لليسار كانوا يرفضون ترشح الأشخاص الذين لديهم آراء سياسية تختلف عن آرائهم. ونظراً لأن القرارين المتخذين لم يكونا قابلين للاستئناف أ مام محكمة أو جهاز آخر مستقل عن وزارة الداخلية، يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في أن تُنظر قضيته في محكمة مستقلة ونزيهة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأساسه

4-1 أرسلت الدولة الطرف ملاحظاتها في 31 أيار/مايو 2000. وبعد عرض وجيز لوقائع الحالة، أشارت إلى التشريع الوطني ذي الصلة. وصرحت بأنه كان من الضروري، في أعقاب التحول السياسي في عام 1989، اعتماد أحكام جديدة تماماً فيما يتعلق بالأمن والنظام العام. واتخذ البرلمان قراراً بإعادة تنظيم الوحدات التابعة لوزارة الداخلية، وخاصة دائرتها السياسية . وأسفر ذلك عن حل الشرطة السرية، وتسريح ضباط، وإنشاء مكتب حماية الدولة. وترى الدول الطرف أنه كان لا بد من إجراء هذه التغييرات، نظراً للدور الذي كانت الشرطة السرية تقوم به فيما قبل ( 3 ) . كما أن الطابع الايديولوجي للشرطة السرية هو السبب الذي أدى إلى اتخاذ قرار حلها ( 4 ) . ومع ذلك، فإن إحلال مكتب حماية الدولة محل شرطة الأمن كان يهدف بشكل أساسي إلى إيجاد ضمانات أكثر فعالية لسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. وتحقيقاً لهذا الغرض، تم اعتماد معايير. وكان استيفاء هذه المعايير يمنح ضباطاً قدامى في شرطة الأمن الحق في أن يُقبلوا من جديد في الخدمة العامة. وكانت القاعدة القانونية لإعادة تنظيم وزارة الداخلية، المذكورة آنفاً، ترتكز إلى قانونين اعتُمدا في 6 نيسان/أبريل 1990 (قانون خاص بالشرطة، وقانون خاص بمكتب حماية الدولة)، بالإضافة إلى مرسوم لجنة الوزراء رقم 69 المؤرخ في 21 أ يار/مايو 1990. وتنص المادة 129 من قانون مكتب حماية الدولة على أن تُحل شرطة الأمن اعتباراً من يوم إنشاء مكتب حماية الدولة. وبموجب الفقرة 1 من المادة 131 من القانون المذكور، فُصل ضباط شرطة الأمن بحكم القانون. وانطبق هذا الحكم أيضاً على ضباط الميليشيا، الذين كانوا ضباطاً في شرطة الأمن حتى 31 تموز/ يوليه 1989، وفقاً للفقرة 2 من المادة المذكورة.

4-2 وتنص الفقرة 2 من المادة 132 من قانون مكتب حماية الدولة على تخويل لجنة الوزراء لتحديد الشروط الإجرائية والمعايير المتعلقة بإعادة قبول ضباط شرطة الأمن في الإدارات الج ديدة. وفي 21 أيار/مايو 1990، اعتمدت لجنة الوزراء الأمر رقم 69، الذي ينص على قصر إمكانية إعادة القبول على ضباط شرطة الأمن الذين حصلوا على تقييم إيجابي من لجنة التأهيل في إطار إجراء خاص للتحقق. وتقام إجراءات التحقق بناء على مبادرة من الشخص المعني نفسه. وكانت هناك لجان تأهيل إقليمية لها صلاحية تقديم رأي في الدرجة الأولى. وبعد ذلك، كان يمكن للشخص المعني أن يقدم، في غضون سبعة أيام، استئنافاً ضد التقييم السلبي لدى لجنة التأهيل المركزية. والقرار الذي تتخذه هذه اللجنة نهائي. وتؤكد الدولة الطرف أن هذه اللجان ملزمة ب النظر فيما إذا كان المرشحون يستوفون المعايير الموضوعة لضباط إدارة ما في وزارة الداخلية وإذا كانوا يستوفون المعايير الأخلاقية المحددة.

4-3 وتواصل الدولة الطرف مشيرة إلى أنه تم إنشاء مكتب حماية الدولة الجديد تطلعاً إلى قيام مجتمع ديمقراطي وأن ذلك يفسر الانخف اض الكبير في عدد الوظائف في المكتب المذكور. ولا يُلزِم القانون الجهاز الجديد بتعيين كل مرشح حصل على تقييم إيجابي أثناء إجراءات التأهيل؛ زد على ذلك أن الفقرة 10 من الأمر رقم 69 توضح ذلك، بكونها تبين أن التقييم الإيجابي يعتبر شرطاً، يسمح فقط للمرشحين بأن يلت مسوا وظيفة في وزارة الداخلية، وليس بأن يقبلوا فيها.

4-4 وفي 22 كانون الثاني/يناير 1990، أصدر وزير الداخلية الأمر 8/90 ( 5 ) ، الذي يتضمن قائمة بالوظائف التابعة لشرطة الأمن، ويوضح، بين جملة أمور، الوظائف المخصصة لقسم البحث والتحليل التابع للمكتب الإقليمي للشؤون الداخلية. ولأغراض التأهيل، أصدر الوزير الأمر رقم 53/90 في 3 تموز/يوليه 1990، لتأكيد وتكرار فئات الوظائف المعترف بها على أنها شكلت جزءاً من شرطة الأمن. ووفقاً لهذا الأمر، فإن الضباط العاملين حتى 10 أيار/مايو 1990 في وظائف، من بين وظائف أخرى، مخصصة لقسم الب حث والتحليل التابع للمكتب الإقليمي لشؤون الداخلية، تم تصنيفهم كضباط في شرطة الأمن.

4-5 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، تذكر الدولة الطرف بأن العهد دخل حيز النفاذ بالنسبة لبولندا في 18 حزيران/يونيه 1977 والبروتوكول الاختياري في 7 شباط/فبراير 1992، وترى أنه لا يمكن للجنة أن تتلقى بلاغات فردية إلا فيما يتعلق بادعاءات بانتهاكات لحقوق الإنسان وقعت بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ، أي بعد 7 شباط/فبراير 1992. بيد أن إجراءات التحقق بالنسبة لصاحب البلاغ انتهت في 5 أيلول/سبتمبر 1990 ( 6 ) . وجميع الرسائل التي أرسلها صاحب البل اغ فيما بعد إلى مؤسسات مختلفة فيما يتعلق بإعادة قبوله في الشرطة، تشكل بالأحرى رسائل عادية وليس قرارات إدارية أو إجراءات صادرة عن الإدارة العامة. وهكذا، وكما تم تأكيده في جملة أمور منها قرار المحكمة الإدارية العليا في 7 أيار/مايو 1996، عندما رفضت شكواه المت علقة بخطاب رفض قبوله في قوات الشرطة، لا ينبغي أن تعتبر هذه المراسلات جزءاً لا يتجزأ من الإجراءات المتعلقة بحالة صاحب البلاغ. ووفقاً للدولة الطرف، لم تكن هذه المراسلات أيضاً تمثل سبيلاً قانونياً فعالاً للانتصاف.

4-6 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه لا يوجد في هذ ه الحالة ما يشكك في مبدأ تطبيق البروتوكول الاختياري بأثر رجعي، على النحو الذي صاغته اللجنة، في ظروف استثنائية. وترى الدولة الطرف أيضاً أن الانتهاكات المزعومة ليست ذات طابع مستمر وأن آثارها غير دائمة. وتشير إلى قرار سابق أصدرته اللجنة (البلاغان 520/1992 و56 8/1993، يقول إن المقصود باستمرار الانتهاك هو استمرار الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة الطرف سابقاً، بالأفعال أو بطريقة ضمنية، بعد بدء سريان البروتوكول الاختياري. وترى الدولة الطرف أن الإجراءات المتعلقة بحالة صاحب البلاغ انتهت في 5 أيلول/سبتمبر 1990، أي قبل 7 شباط/فبراير 1992. ولهذه الأسباب، يجب في نظرها، إعلان عدم مقبولية البلاغ نظراً لوقت وقوع الأحداث بالنسبة للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

4-7 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدعي الدولة الطرف أن صاحب ال بلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة التي ينص عليها القانون البولندي، بتقديمه استئنافاً لدى لجنة التأهيل المركزية في وارسو ضد القرار الذي اتخذته لجنة التأهيل الإقليمية في بيلسكو - بيالا.

4-8 وبخصوص صحة الحالة، ترى الدولة أن كون صاحب البلاغ عمل في الشرطة ا لسرية أمر لا يدع مجالاً للشك؛ كما أنه كان عضواً في الحزب الموحد للعمال البولنديين. وقد صدر المرسوم 8/90 في 22 كانون الثاني/يناير 1990 كتشريع خاص بالنسبة للقانون الخاص بشرطة الأمن والميليشيا المدنية لعام 1985، وهو ما كان قبل اعتماد القانونين الجديدين في 6 ن يسان/أبريل 1990. وتؤكد الدولة الطرف اقتناعها الراسخ بأن القضية الراهنة لا تمت بأي صلة إلى عملية التصنيف بأثر رجعي، خلافاً لما يؤكده صاحب البلاغ. وصاحب البلاغ نفسه يعترف بأنه عمل في شرطة الأمن، كما يتضح من رسالته الموجهة إلى وزارة الداخلية بتاريخ 5 نيسان/أب ريل 1990. وفصل صاحب البلاغ بصفته ضابطاً في شرطة الأمن، تطبيقاً للمادة 131 من قانون حماية الدولة، أمر لا يشكل عقوبة ضده. وقرار البرلمان، وهو قرار قانوني ومشروع، كان يهدف إلى حل شرطة الأمن الشائنة وإلى فصل جميع الضباط العاملين فيها بحكم القانون.

4-9 وتؤكد ال دولة الطرف أنه كان يوجد تمييز بين الميليشيا المدنية وشرطة الأمن على المستوى القانوني والمالي ومن حيث التنظيم قبل سنة 1990 وبعدها على السواء. وكانت الوحدتان تشكلان جزءاً من وزارة الداخلية. وفي شؤون الداخلية على مستوى الإقليم ومستوى المركز، كانت هناك أقسام خ اصة لشرطة الأمن يرأسها ضابط، يشغل منصب معاون رئيس مكتب الشؤون الداخلية المحلي. وكان صاحب البلاغ يعمل في شرطة الأمن منذ شباط/فبراير 1989.

4-10 وتعلن الدولة الطرف أنها تفسر المادة 25(ج) من العهد في ضوء الأعمال التحضيرية للعهد وتشاطر الرأي القائل بأن أحكامه ت هدف إلى التصدي لاحتكار جهاز الدولة من قبل فئات متميزة. وعلى كل حال، ترى الدولة الطرف أن واضعي العهد أجمعوا على أنه يجب أن تكون للدولة الطرف إمكانية وضع معايير معينة لوصول رعاياها إلى الوظائف العامة. وشكلت المعايير الأخلاقية، ضمن أمور أخرى، الأساس لحل شرطة الأمن ووضع القانون الخاص بحماية الدولة، وترتب على ذلك قرار فصل جميع ضباط الأمن.

4-11 وتشير الدولة الطرف إلى التعليق العام رقم 25، الذي اعتمدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 12 تموز/يوليه 1996، مع لفت الانتباه إلى الفقرة 23 منه، التي تنص على أنه يجب لضمان فرصة الحصول على هذه الوظائف على قدم المساواة عموماً أن تكون المعايير والإجراءات المتبعة في التعيين والترقية، والوقف المؤقت عن العمل، والطرد، موضوعية ومعقولة. وترى الدولة الطرف أن المعايير المطبقة في هذه الحالة تستوفي هذه الشروط. وفضلاً عن ذلك، تلاحظ الدول ة الطرف أن اللجنة لم تخلص، في حالة مماثلة لهذه، إلى حدوث انتهاك للمادة 25(ج) من العهد (البلاغ رقم 552/1993، كال ضد بولندا ).

4-12 كذلك تؤكد الدولة الطرف على أن إجراءات التحقق التي شرع فيها صاحب البلاغ كانت تتسم بطابع طوعي وليس بطابع إلزامي وينص مرسوم لجنة ا لوزراء رقم 69 المؤرخ 21 أيار/مايو 1990 على ذلك بوضوح في الفقرة 6-1 منه. ووفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية، من بين عدد مجموعه 000 19 ضابط مفصول، خضع 034 14 لإجراءات التأهيل وكان تقييم 595 3 منهم سلبياً. وفي رأي الدولة الطرف إن ذلك يثبت بوضوح أن الضباط لم يقررو ا جميعهم اللجوء إلى التأهيل، وأنه فيما يتعلق بأولئك الذين لجأوا إليه، حصل 25 في المائة على تقييم سلبي. وبالرغم من أن جميع ضباط شرطة الأمن تقريباً كانوا يشكلون جزءاً من أعضاء الحزب الشيوعي، فلم تؤد إجراءات التأهيل إلى "أعمال انتقامية" قائمة على أساس سياسي. وجميع الضباط الذين قيّمتهم لجان التأهيل تقييماً سلبياً فقدوا مصداقيتهم الاجتماعية ولم يعد في إمكانهم أبداً الخدمة في مجال الشؤون الداخلية.

4-13 وترى الدولة الطرف أنه لا يوجد في هذه الحالة أي انتهاك للمادة 25(ج) من العهد وتطلب من اللجنة المعنية بحقوق الإنسا ن اعتبار هذا البلاغ غير مقبول بسبب عامل الزمن. وعلاوة على ذلك، ينبغي اعتبار أن البلاغ لا أساس له من الصحة بجلاء.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 قدم صاحب البلاغ تعليقاته في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2000. وأعلن أنه لا يزال عند مواقفه السابقة وأ نه، على النقيض مما تراه الدولة الطرف، تم بالفعل انتهاك المادة 25(ج) في حالته. وذكر أن قرار طرد قوات الشرطة أملته بواعث سياسية، دون أن يكون هناك سبب آخر. وأوضح صاحب البلاغ أن الحالة لو كانت خلاف ذلك، لكانت الأسباب عُرضت بكل تأكيد في قرار لجنة التأهيل، ويرى صاحب البلاغ أنه يملك المؤهلات، المهنية والأخلاقية على السواء، التي تمكنه من الاستمرار في العمل في الشرطة. والدليل على ذلك هو ملفه الشخصي في وزارة الداخلية، وكذلك الرأي الذي وضعه رئيسه بشأنه (في النص "رب عمله").

5-2 ويرى صاحب البلاغ أن موقفه المعروض في اللج نة المركزية يرتكز إلى اعتبارات ثابتة ورسمية في آن واحد، ذلك أن فشل جهاز إداري تابع للدولة في تجميع الأدلة الكاملة يشكل خرقاً لأحكام الإجراءات الإدارية، وخاصة عندما يتذرع أحد الأطراف. بظروف خاصة. والبت في دعوى إدارية باتخاذ قرار قائم على حقائق تم إثباتها با لتزوير، تتنافى مع مبدأ الحقيقة الموضوعية، وهو مبدأ ملزم فيما يتعلق بأحكام الإجراءات الإدارية، وينتهك ضمن أمور أخرى المواد 7 و75 و79 و81 من قانون الإجراءات الإدارية (7) . وكان لانتهاك أحكام الإجراءات الإدارية تأثير على إثبات الحقائق في هذه القضية، وأدى ارتكاب أخطاء، مثلما حدث في هذه الحالة، إلى قرار مختلف عن ذلك الذي كان يمكن اتخاذه لو كان إثبات الحقائق تم بصورة ملائمة. وطبقاً لصاحب البلاغ، كان ينبغي أن يخضع إثبات الحقائق، وبالمثل، انتهاك الأحكام عند اتخاذ قرار طرد أفراد الشرطة، لرقابة إحدى المحاكم، عملاً بالف قرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. غير أن المحكمة الإدارية العليا لم تنظر في الالتماس المقدم من صاحب البلاغ ضد رفض منحه إمكانية العمل من جديد في الشرطة، وذلك بالرغم من أن المحكمة الدستورية قررت، في قرار مماثل يتصل بال مادة 14 من العهد أن "من حق كل فرد أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية". ووفقاً لصاحب البلاغ يعتبر موقف المحكمة الإدارية العليا متناقضاً مع حكم محكمة العدل للاتحادات الأوروبية في لكسمبرغ (8) . ويطلب صاحب البلاغ أن يؤخذ هذا الأمر في الاعتبار عند النظر في بلاغه.

5-3 ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أنه حُرم من حقه في المشاركة في الدعوى الإدارية، خلافاً لما جاء في الفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 2 من المادة 79 من قانون الإجراءات الإدارية، وبالرغم من أن الأحكام تكفل لكل طرف من الأطراف الحق في ا لمشاركة في كل مرحلة من مراحل الدعوى أمام جهاز إداري تابع للدولة. ويعلن كذلك أن المادة 8 من قانون الإجراءات الإدارية تنص على أنه يمكن الاعتراف بأن الظروف الحقيقية تم إثباتها إذا أتيحت للأطراف فرصة التعبير عن رأيها بشأن الأدلة الشفوية قبل اتخاذ أي قرار. والظ روف الحقيقية المحددة في إطار الدعوى المتعلقة بهذه الحالة، التي لم يشارك فيها السيد كوروفسكي ولم يعبر فيها عن رأيه بشأن الأدلة الشفوية أمام لجنة التأهيل قبل فصله من الشرطة، لا يمكن أن تعتبر مثبتة في ضوء القانون البولندي. واحترام الشروط الواردة في المادتين 7 9 و81 من قانون الإجراءات الإدارية إلزامي بالنسبة للأجهزة الإدارية التابعة للدولة، بصرف النظر عن وزن ومضمون الأدلة الشفوية (9) . وأوامر (تعليمات) وزارة الداخلية بشأن طرد ضباط أعضاء في إدارة الأمن الشيوعي والميليشيا الشيوعية، كما أوردتها الدولة الطرف، لا يمكن الاعتراف بها، في القانون البولندي، كإجراءات قانونية تقدم أساساً قانونياً لضم السيد كوروفسكي لدائرة الأمن الشيوعي. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أن يؤدي مجرد ضم ضابط من الضباط إلى دائرة الأمن الشيوعي إلى طرده من الشرطة، إذا لم يثبت أنه تصرف بشكل يضر المواطنين أو الدولة، وإذا كان يتمتع بالتأهيل المهني الملائم ويستوفي الشروط الأخلاقية.

5-4 ويعارض صاحب البلاغ أيضاً ملاحظات الدول الطرف بشأن أهداف ومهام مكتب حماية الدولة، إذ إن هذه المؤسسة كانت تعتبر بصورة متزايدة منذ وقت طويل بالفعل، مؤسسة سياسية، والدليل على ذلك الأ عمال التي قامت بها ضد رئيس الجمهورية، وكذلك العبارات التي وجهها وزير حماية الدولة للمعارضة ورئيس الجمهورية، ولرقابة المعارضة. وبناء على ذلك، يرى صاحب البلاغ، أن الهدف المقصود بشكل أساسي من الاستعاضة عن شرطة الأمن بمكتب حماية الدولة - "إيجاد ضمانات أكثر فعـ الية من أجل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان" - هو هدف مثير جداً للجدل والأمر الذي كان يستهدفه هذا الاستبدال هو التخلص من أفراد الشرطة الذين لديهم آراء سياسية تختلف عن آراء المعنيين وكانت لجان التأهيل الإقليمية ولجنة التأهيل المركزية قد تشكلت من معارضي ا ليسار البولندي، الذين كانوا يصدرون قرارات ذات دوافع سياسية والذين طردوا من الشرطة جميع من لهم آراء سياسية تختلف عن آرائهم. وتعتبر القرارات الصادرة، وهي موجزة ولا أساس لها من الصحة، مثالاً لمحاباة الأقارب في التوظيف. ولم يكن من الممكن التحقق من هذه القرارات من قبل محكمة أو جهاز إداري آخر، مستقل عن وزارة الداخلية. وكانت القرارات الصادرة عن تلك اللجنة تساوي طرد أفراد الخدمة العامة وبالتالي فهي تختلف تماماً عن القانون أو النظام الديمقراطي، ولكنها على العكس من ذلك كانت مثالاً للأسلوب الاستبدادي في ممارسة الحكم م ن جانب الحكام بعد 1989.

5-5 ويصرح صاحب البلاغ أيضاً بأن الدولة الطرف لم تكن على حق عندما أشارت إلى أن سبب طردها لأفراد الشرطة هو تخفيض عدد الوظائف في مكتب حماية الدولة والشرطة. وفي واقع الأمر ارتفع عدد أفراد الشرطة، وفقاً لصاحب البلاغ. وبناءً على ذلك فإن ا لشروح التي قدمتها الدولة الطرف بشأن هذا الموضوع لا تستحق أن يُنظر فيها.

5-6 وأخيراً، يرى صاحب البلاغ أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في وضع يسمح لها بالنظر في بلاغه، بما أن بولندا صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 3 آذار/مارس 1977، و خصوصاً إذا أخذ في الاعتبار أن صاحب البلاغ أقام دعوى ضد قرار طرده في 1995. ومع مراعاة هذا، وكذلك انتهاك وزارة الداخلية للمادتين 39 و40 من قانون العمل، وبما أن صاحب البلاغ طُرد من الشرطة في 31 تموز/يوليه 1990، بالرغم من أنه كان مريضاً في الفترة ما بين شباط/ف براير 1990 و26 آب/أغسطس 1990 بسبب حادث عمل، ولكونه كان أمامه سنة واحدة قبل التقاعد - ينبغي أن يعتبر البلاغ المعروض على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قائماً على أسس صحيحة.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل الشروع في النظر في أي ادعاءات يتضمنها بلاغ م ن البلاغات، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن القضية ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي وأن سب ل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وبالتالي تم استيفاء الشروط التي نصت عليها الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تؤكد أن البلاغ غير مقبول بسبب عامل الوقت، بما أن إجراءات التحقق بالنسبة لصاحب البلاغ انتهت في 5 أيلول/س بتمبر 1990، أي دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبولندا في 7 شباط/فبراير 1992. ويعارض صاحب البلاغ هذه الحجة برده بأن الدولة كانت طرفاً في العهد منذ شهر حزيران/ يونيه 1977، وأن البروتوكول الاختياري دخل حيز النفاذ في 1992، وأنه هو لم يقم دعوى ضد طرده إلا ابتداءً من 1995 (بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ).

6-4 وتعيد اللجنة إلى الأذهان أن التزامات الدولة الطرف بموجب العهد تسري اعتباراً من تاريخ دخول العهد حيز النفاذ بالنسبة لتلك الدولة. وترى اللجنة، أنه وفقاً لفقهها، لا يمكنها النظر فيما يُد عى أنه انتهاكات تمس العهد وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، إلا إذا كانت الانتهاكات موضع الشكوى قد استمرت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ. ويفسر الانتهاك المستمر بأنه استمرار انتهاكات ارتكبتها الدولة الطرف سابقاً، بالأفعال أو بطريقة ضمنية، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ.

6-5 وفي الحالة قيد البحث، فصل صاحب البلاغ في عام 1990، طبقاً للقانون الساري وقدم في السنة نفسها التماساً، لم يكلل بالنجاح إلى إحدى لجان التأهيل الإقليمية من أجل تقرير ما إذا كان يستوفي ال معايير الجديدة التي حددها القانون لشغل وظيفة داخل أجهزة وزارة الداخلية بالصورة التي أعيدت هيكلتها بها. وكونه لم يكسب الدعوى التي أقامها في عام 1995، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، لا يشكل في حد ذاته انتهاكاً محتملاً للعهد. ولا يمكن للجنة أن تخلص إلى وجود انتهاك وقع قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف واستمر بعد ذلك. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة عدم مقبولية القرار بسبب عامل الزمن، وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري.

7-1 ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري للعهد؛

(ب) إبلاغ هذا القرار للدولة الطرف ولصاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير.].

الحواشي

(1) برر صاحب البلاغ الفترة المنقضية ما بين تسريحه في عام 1990 وتاريخ تقديمه الطعن بسوء حالته الصحية في الفترة ما بين 1991 و1995، إذ لم تكن لديه لا القوة ولا الإمكانيات للكفاح من أجل الحصول على حقوقه، ولكنه قام بذلك فور استرداده صحته. وأرف ق في هذا الصدد مستندين مؤيدين: تقرير من لجنة تحقيق، يثبت في 13 حزيران/يونيه 1990، أنه أصيب بنوبة كلوية أثناء تأديته لوظائفه، وحصل في أعقاب إصابته بهذه النوبة على شهادة وقف عن العمل من 10 إلى 27 أيلول/سبتمبر. وكانت الآثار المترتبة على هذه الإصابة بالنسبة لص احب البلاغ هي صعوبة في الحركة في الجزء الذي يحوي كليته، وانخفاض درجة الإحساس في ساقيه. وشمل المستند المؤيد الثاني نسخة من السجل الطبي لصاحب البلاغ، الذي يشير إلى المتابعة الطبية في 1990 بعد الإصابة التي تعرض لها.

(2) أصر صاحب البلاغ في طلبه على أنه فقد عم له لأسباب سياسية. وروى مسيرته في الشرطة قائلاً إنه بسبب عمله الجيد حصل على ترقية لوظيفة معاون رئيس الأمن في آندريشوي في 1989. وأوضح أن أي رفض محتمل لمثل هذا العرض في ذلك الوقت كان يعني الحرمان من أي ترقٍ للشخص المعني بل والحرمان أيضاً من الاستمرار في عمله في وظيفته السابقة. وذكر أيضاً أنه لم يمارس قط، لا هو، كمعاون لرئيس الأمن، ولا أي من مرؤوسيه، أي أعمال انتقامية ضد المعارضة في ذلك العهد. وأوضح أيضاً أنه يرى أنه حُرم من حقه في الدفاع عن نفسه، نظراً إلى أن قرار لجنة التأهيل الإقليمية لم يعط أي سبب لفصله، ول كنه اكتفى بالإشارة إلى أنه لا يستوفي الشروط المنصوص عليها.

(3) توضح الدولة في هذا الصدد أن الشرطة السرية كانت، حتى 1989، تؤدي دوراً يتمثل في مراقبة المواطنين، وخاصة اضطهاد المعارضة المؤيدة للديمقراطية، باستخدام طرائق ووسائل غير مشروعة.

(4) وتشير الدولة ا لطرف إلى المادة 1 من قانون تموز/يوليه 1985 الخاص بخدمة ضباط الشرطة السرية والميليشيا المدنية في جمهورية بولندا الشعبية، التي يتعين بموجبها على موظفي شرطة الأمن أن يتميزوا ب‍ (...) تنفيذ برنامج الحزب الموحد للعمال البولنديين.

(5) المرسوم 8/90 يعدل الأمر 60 /87 الخاص بخدمة ضباط شرطة الأمن والميليشيا المدنية. واتخذ هذان الأمران بتفويض، وفقاً لقانون 31 تموز/يوليه 1985 الخاص بضباط شرطة الأمن والميليشيا المدنية في جمهورية بولندا الشعبية.

(6) مع القرار الذي أصدرته لجنة التأهيل المركزية في الاستئناف. وتصر الدولة ع لى أن هذا القرار نهائي وغير قابل للاستئناف.

(7) لم يورد صاحب البلاغ نص المواد المذكورة.

(8) يستخدم صاحب البـلاغ مصطلـح "Tribunal européen de Justice de Luxembourg" "محكمة العدل الأوروبية في لكسمبرغ" وفيما يتعلق بالعلاقات القائمة بين القانون الاتحادي والق انون الوطني، أعطت محكمة العـدل للاتحادات الأوروبية للقانون الاتحادي الأسبقية على القانون الوطني منذ حكمها الصادر في 15 تموز/يوليه 1964،Costa, 6/64, Rec. p,1141. وفي هذا الحكم، الذي أعادت المحكمة تأكيده في مناسبات عديدة بعد ذلك في أحكامها القضائية، أصدرت ال محكمة حكمها بهذه العبارات: "... فإن القانون المتولد عن المعاهدة، والناشئ عن مصدر مستقل، لا يمكن إذاً، بسبب طبيعته المحدودة الأصلية، الاحتجاج ضده قضائياً بأي نص داخلي أياً كان هذا النص، دون أن يفقد طابعه الاتحادي ودون التشكيك في الأساس القانوني للاتحاد نفسه ".

(9) أشار صاحب البلاغ في هذا الصدد إلى مراجع استندت إليها المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 13 شباط/فبراير 1998 II SA 2015/86 ONSA No. 1، البند 13، دون أن يوفر نسخة من هذه المراجع.

زاي - البلاغ رقم 876/1999، ياما وخالد ضد سلوفاكيا *

(قرار اتخذ في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد ل. ياما والسيد ن. خالد (يمثلهما محام، السيد بوهيمير بلاها)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبا البلاغ

الدولة الطرف : سلوفاكيا

تاريخ تقديم البلاغ : 2 آب/أغسطس 1999 (الرسالة الأولى)

إ ن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المشكلة بمقتضى المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

والمجتمعة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2002

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1- صاحبا هذا البلاغ هما لطيفي ياما وندا خالد، وهما مواطنان أفغانيان، وكانا يقيمان وقت تقديم هذا البلاغ في المركز الإنساني للاجئين في جمهورية سلوفاكيا. وهما يدعيان أنهما ضحيتا انتهاك جمهورية سلوفاكيا (1) . للمواد 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهما محام.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 في آذار/مار س 1997، وصل كل من لطيفي ياما وندا خالد إلى جمهورية سلوفاكيا، وقدما فور وصولهما طلباً باللجوء في مكتب الهجرة التابع لوزارة الداخلية. وشرح السيد ياما في طلبه أنه هرب من أفغانستان بعد قيام مجموعة الطالبان المتمردة باحتلال كابول، ذلك أنه كان عضواً في الحزب الد يمقراطي الشعبي لأفغانستان، الذي كان في مواجهات مع الطالبان، ولأنه كان يخشى على حياته. وشرح السيد خالد أنه هرب من احتلال كابول، لأن والده كان لواء في الجيش أثناء نظام حكم الدكتور نجيب الله وأن شقيقه الأكبر الذي كان واحداً من كبار الضباط في الجيش نفسه قتل في شوارع كابول أثناء الاحتلال.

ـــــــــــــ

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في فحص البلاغ الحالي: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارال باغواتي، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد لويس هانكين، السيد أحمد توفيق خليل، ا لسيد إيكارت كلاين، السيد راجسومر لالاه، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد ماكسويل يالدين.

2-2 ورفض طلب كل من السيد خالد والسيد ياما بقرار ين من مكتب الهجرة وردا في 1 كانون الأول/ديسمبر 1997 و28 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، على التوالي. وقد رفض الطلبان لأن مكتب الهجرة رأى أن أياً من صاحبي البلاغ لا يستوفي المعايير المنصوص عليها في البند 7 من قانون المجلس الوطني رقم 283/1995 الخاص باللاجئين، وهي أن تكون لديهم أسباب وجيهة للخوف من الاضطهاد على أساس العرق أو الجنسية أو الآراء الدينية أو السياسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية محددة، مما يترتب عليه أنهم لا يستطيعون أو لا يريدون العودة إلى الوطن.

2-3 وطعن صاحبا البلاغ في هذين القرارين لدى وزير الداخلية الذي يتلقى المشورة من اللجنة الخاصة لوزارة الداخلية. وكان صاحبا البلاغ ممثلين بمحام. وتضع اللجنة الخاصة لوزارة الداخلية توصيتها بناء على وثائق مكتوبة فقط ولا تسمح بجلسات استماع. ورفض طعن صاحبي البلاغ.

2-4 واستأنف صاحبا البلاغ دعوييهما أمام المحكمة العليا على أساس أن السلطات قيّمت الوقائع والأدلة في دعوييهما تقييماً غير صحيح. وقدم صاحبا البلاغ أدلة مادية على الحالة في أفغانستان تأييداً لأقوالهما. وتم النظر في طلبيهما دون أدلة شفوية من صاحبي البلاغ ورفض الاستئنافان بقرار مؤرخ في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

2 -5 وبعد رسالتهما الأولى، أحاط صاحبا البلاغ اللجنة علماً بأن المحكمة الدستورية قامت، بموجب طلب من النائب العام، باستعراض أحكام القانون المدني، التي تتيح للمحكمة العليا النظر في دعاوى الطعن في قرارات الهيئات الإدارية دون الاستماع للضحايا المزعومين. وفي قرار، مؤرخ في 22 حزيران/يونيه 1999، رأت المحكمة أن هذا القانون غير دستوري وتم تعديل القانون لاحقاً بحيث يسمح بجلسات استماع في مثل هذه الحالات.

الشكوى

3-1 ادعى صاحبا البلاغ في رسالتهما الأولى حدوث انتهاك للمادة 14 بالنظر إلى أنه لم تجر جلسة علنية لهما بسبب عدم إ عطائهما فرصة تقديم أدلة شفوية أثناء استئنافهما لدى وزير الداخلية أو المحكمة العليا.

3-2 ويزعم صاحبا البلاغ أيضاً أنه لم توفر لهما فرصة الاستعانة بمترجمين فوريين سواء عند استئنافهما أمام وزير الداخلية أو المحكمة العليا. وادعيا أن في ذلك انتهاك للمساواة بين الأطراف في دعوى أمام محكمة، فضلاً عن حقوقهما في المساواة أمام القانون، التي تكفلها المادتان 2 و26 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك يدعي صاحبا البلاغ أنه بالرغم من أنه يحق لهما بمقتضى القانون السلوفاكي أن تصدر المحكمة القرارات الخاصة بهما بشكل علني وأن يترجم الح كم للضحايا بلغتهم، فقد أنكر على كل منهما هذا الحق.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا وسائل الانتصاف المحلية، وتطلب من اللجنة عدم قبول البلاغ. وبموجب الفقرتين (ه‍) و(و) من المادة 243 من قانون الإجراءات المدنية، الذي أصبح نافذاً في 1 تموز/يوليه 1998، كان أمام صاحبي البلاغ خيار تقديم طعون استثنائية أمام "المدعي العام" إذا رأيا أن المحكمة أصدرت حكماً ملزماً ينتهك القانون. وتوضح الدولة الطرف أن المدعي العام إذا خلص، بموجب هذا الإجراء، إلى حدوث انتهاك للقانون، جاز لـه أن يقدم استئنافاً استثنائياً لدى المحكمة العليا. وكانت ستنظر في هذا الاستئناف الاستثنائي هيئة من قضاة المحكمة العليا تختلف عن الهيئة التي نظرت في القضيتين في المرحلة الثالثة.

4-2 وتذكر الدولة الطرف أيضاً أن في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، قدم كل من صاحبي البلاغ طلباً آخر للحصول على مركز اللاجئ ولكن الطلبين رفضا في قرار مؤرخ 10 شباط/فبراير 1999، لأنهما لم يستوفيا المعايير المنصوص عليها في الجزء 7 من قانون المجلس الوطني رقم 283/1995 الخاص باللاجئين. وبالمثل رُفضت الطعون اللاحقة المقدمة من صاحبي البلاغ إلى وزير الداخلية، وهذه المسألة معروضة حالياً على المحكمة العليا كي تعيد النظر فيها، ولهذا السبب، تحاج الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا بعد وسائ ل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحبي البلاغ

5-1 فيما يتعلق بمسألة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يعارض صاحبا البلاغ حجة الدولة الطرف التي مفادها أن تقديم طعن إلى "المدعي العام" سبيل انتصاف غير فعال. ويذكر صاحبا البلاغ أنه بالنظر إلى أن مباشرة هذه الإجراءات تتوقف قصراً على المدعي العام وليس على صاحبي البلاغ وحدهما، فإن سبيل الانتصاف هذا ليس متاحاً لهما ولا إمكانية الوصول إليه مكفولة لهما (2) .

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد لأنهما ما زالا يقومان بإجراءات تتعلق بطلبهما ال ثاني للحصول على صفة لاجئ، يحاج صاحبا البلاغ بأن هذه الطعون تتعلق بطلب مختلف، لا يشكل موضوع هذا البلاغ، ومن ثم، فإن استنفاد سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد غير ذي صلة بالموضوع.

5-3 ويؤكد صاحبا البلاغ من جديد أنه تم تعديل القانون المتعلق بعدم عقد جلسات است ماع، ولكنهما يجادلان بأن الفقرة 3 من المادة 14 من العهد قد انتهكت لأن الأطراف في هذا الإجراء يتم إبلاغهم قبل الجلسة بأن حضورهم في المحكمة ليس إلزامياً، ويرى صاحبا البلاغ أن هذه وسيلة لمنع الأطراف من ممارسة حقهم في أن تعقد لهم جلسات استماع.

ملاحظات إضافية م ن الدولة الطرف وتعليق صاحبي البلاغ عليها

6-1 في مذكرة شفوية، مؤرخة في 7 آذار/مارس 2001، قدمت الدولة الطرف معلومات إضافية تتصل بهذا البلاغ. وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة العليا استمعت إلى طلبي اللجوء الأوليين المقدمين من صاحبي البلاغ على أساس معلومات مكتوبة فقط، حيث إن قرار المحكمة الدستورية الذي اعتبر القانون الذي يمنع جلسات الاستماع غير دستوري، لم يُبت بشأنه حتى 22 حزيران/يونيه 1999، وكانت قضيتا صاحبي البلاغ معروضتين على المحكمة في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998، غير أن الدولة الطرف تؤكد أنه تم النطق بالقرار ع لناً وأنه تم إخطار طرفي الدعويين في الوقت المناسب بيوم إعلان الحكم.

6-2 وتؤكد الدولة الطرف أنه تم رفض استئنافي صاحبي البلاغ لدى المحكمة العليا بشأن طلبي اللجوء الثانيين ، اللذين لم يكن قد صدر قرار بشأنهما في تاريخ تقديم ملاحظاتها الأولى، في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999.

6-3 وتفيد الدولة الطرف أنه، فيما يتعلق بطلبي اللجوء الثانيين ، تم تزويد كل من صاحبي البلاغ بمترجم فوري أثناء استئنافهما لدى المحكمة العليا. بيد أن السيد ياما، لم يستفد من هذه المساعدة نظراً لأنه لم يكن حاضراً أثناء الجلسة، بالرغم من إخطاره بها ( 3) ، ولم يتمسك محاميه بعقد الجلسة في حضور موكله. وفيما يتعلق بقضية السيد خالد، تذكر الدولة أنه كان حاضراً، وأعطي فرصة أن تستمع المحكمة العليا إليه واستفاد من خدمات مترجمه الفوري (4) .

6-4 كذلك تذكر الدولة الطرف أنه برغم أن صاحبي البلاغ لم يُمنحا صفة اللاجئ، ف إن كليهما مُنحا تصريحين للإقامة الدائمة في 1999 (السيد ياما في 7 أيلول/سبتمبر 1999 والسيد خالد في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999) وبالتالي، فإن خوفهما من العودة إلى أفغانستان لم يعد واقعياً.

7- ورداً على ملاحظات الدولة الطرف، أكد صاحبا البلاغ شكواهما من جديد، وأشارا إلى حقيقة أن جمهورية سلوفاكيا لم تمنح مركز اللاجئ في سنة 2000 إلا ل‍ 10 من طالبي اللجوء من بين 556 1 طلباً مقدماً لها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-1 قبل النظر في الدعويين الواردتين في هذا البلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتحققت اللجنة، كما تشترط الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها غير معروضة على هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفيما يتعلق بالفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ استنفدا سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

8-3 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحبي البلاغ بحدوث انتهاك لحقوقهما بموجب المادتين 14 و26، إذ لم توفر لهما فرصة تقديم بيانات شفوية أو الاستفادة من تسهيلات الترجمة الفورية أثناء النظر في طلبيهما للجوء أثناء الاستئناف فتلاحظ اللجنة المعلومات التي وفرتها الدولة الطرف والتي تفيد بأن هذه الحقوق أتيحت لصاحبي البلاغ أثناء الاستئناف لدى المحكمة العليا بشأن طلبيهما الثانيين للجوء. وحيث إن صاحبي البلاغ لم ينكرا أن هذه هي الحالة، تخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لإخفاق صاحبي البلاغ في إثبات أن لديهما شكوى بالمعنى الوارد في المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- وبالتالي، تقرر اللجنة ال معنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحبي البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتمدت الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصيني ة والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للجمهورية التشيكية والسلوفاكية الاتحادية في 12 آذار/مارس 1991. ولكن الجمهورية التشيكية والسلوفاكية الاتحادية انتهى وجودها في 31 كانون الأول/ديسمبر 1992. وفي 1 كانون الثاني/يناير 1993، أعلنت ال جمهورية ال سلوفاكي ة خلافتها في العهد والبروتوكول الاختياري.

(2) يشير المحامي إلى رأي دانييل سفابي الذي ألقى محاضرة في براتيسلافا عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 26 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ويشير سفابي في محاضرته إلى قضية عُرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسـان، H ضد بلجيكا (الرقم 8950/80، الحكم 16.5 1984, DR No. 37, P.5)، وقد تقرر في هذه القضية أن سبل الانتصاف المحلية استُنفدت على الرغم من إمكان تقديم طلب إلى المدعي العام لأن مباشرة هذه الإجراءات يتوقف حصراً على المدعي العام وليس على صاحب الشكوى.

(3) قدمت الدولة الطرف دليلاً على ذلك في شكل رسالة من مدير المحكمة العليا court administrator الذي أشار إلى وقائع الجلسة.

(4) قدمت الدولة الطرف دليلاً على ذلك في شكل رسالة من مدير المحكمة العليا court administrator.

حاء - البلاغ رقم 881/1999، كولينز ضد أستراليا *

(قرار اتخذ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد روبرت كولينز

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 14 أيلول/سبتمبر 1 999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت ، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد روبرت كولينز وهو مواطن أست رالي محتجز حالياً في جنوب أستراليا. ويدعي أنه وقع ضحية انتهاك أستراليا للفقرتين 1 و2(أ) من المادة 10 من العهد وهو غير ممثل بمحام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في الفترة من 26 نيسان/أبريل 1994 إلى 21 نيسان/أبريل 1997 كان صاحب البلاغ نزيلاً في مركز احتج از أديلايد. وفي الفترة من 26 نيسان/أبريل 1994 إلى 18 كانون الثاني/يناير 1995 كان صاحب البلاغ متهماً أُودع في الحبس الاحتياطي (1) مع أشخاص مدانين. ولم يكن صاحب البلاغ يشارك (2) سجين مدان في الزنزانة خلال هذه الفترة ولكن كان يتعين عليه أن يتقاسم مرافق السجن مع النزلاء المدانين. وفي الفترة من 18 كانون الثاني/يناير 1995 إلى 29 آذار/مارس 1996 احتجز بوصفه سجيناً "مزدوج الوضع" وهو ما يعني أنه سجين مدان في ما يخص جرم واحد ومتهم بتهمة أخرى. وفي الفترة من 29 آذار/مارس 1996 إلى 21 نيسان/أبريل 1997 احتجز صاحب البلاغ بوصف ه سجيناً مداناً.

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد رافائيل ريفاس ب وسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

2-2 وفي 13 شباط/فبراير 1997 أقام صاحب البلاغ دعوى أمام المحكمة العليا بجنوب أستراليا ضد حكومة الولاية. وزعم أن المشاركة في زنزانة لفرد واحد، الأمر الذي ي حدث في مركز أديلايد للاحتجاز يتنافى مع المعايير الدولية وادعى أن ذلك قد أدى إلى ازدياد حالات الاعتداء الجنسي على النزلاء والاعتداءات على موظفي الإصلاحيات وإرغام غير المدخنين على تقاسم الزنزانة مع المدخنين وازدياد حالات الإصابة بالأمراض السارية. وهو يلتمس إ صدار إعلان بأن إدارة المؤسسات الإصلاحية قد انتهكت حقوق الإنسان (3) .

2-3 وفي الفترة من 21 نيسان/أبريل 1997 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 1997 نُقل صاحب البلاغ واحتُجز كسجينٍ محكوم عليه في سجن موبيلونغ. ووجهت إليه تهمة ارتكاب جرم آخر خلال هذه الفترة. ومن تشرين الثا ني/نوفمبر 1997 إلى تشرين الثاني/نوفمبر 1999 نُقل صاحب البلاغ واحتُجز كسجينٍ مزدوج الوضع في سجن ياتالا لابور.

2-4 وفي 25 حزيران/يونيه 1999 أصدرت المحكمة العليا حكماً برفض ادعاء صاحب البلاغ بأن إدارة المؤسسات الإصلاحية قد انتهكت القواعد الموحدة الدنيا لمعامل ة السجناء في مركز أديلايد للاحتجاز وكذلك خرقها للفقرتين 1 و2 من المادة 10 من العهد الذي تؤكده بوصفه جزءاً من القانون المحلي (4) . غير أن القاضي قرر أن ولاية جنوب أستراليا ليست ملزمة بتطبيق القانون الخاص باللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص الذي يتناول العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إذ إن الباب السادس من هذا القانون يستثني سريانه المباشر على مستوى الدولة. وقرر أيضاً أن القانون الخاص بالقرارات الإدارية لسنة 1995 الصادر في ولاية جنوب أستراليا يستبعد أي توقع مشروع بأن تتوافق القرارات الإدارية مع شروط المعاهدات أو الاتفاقيات أو العهود على المستوى الدولي. وبالإضافة إلى ذلك، قرر عدم إصدار إعلان في هذه القضية إذ إنه سيكون من المستحيل أو من غير المناسب توفير أي تخفيف عملي وهو أمر ينطوي بالضرورة على إزالة جميع الزنزانات المزدوجة مما يقتضي بناء مؤسسة إصلاحية جديدة. ويرى القاضي أن المحاكم لا يمكنها أن توجه الحكومة إلى كيفية إنفاق أموالها.

2-5 وفي الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1999 إلى أيار/مايو 2000 نُقل صاحب البلاغ واحتُجز بوصفه سجيناً مزدوج الوضع في مركز أديلايد للاحتجاز. وفي الفترة من أيار/مايو 2000 إلى آب/أغسطس 2000 نُقل صاحب البلاغ وأوُدع كسجين مزدوج الوضع في سجن ياتالا لابور. ومنذ آب/أغسطس 2000، حتى الآن يُحتجز صاحب البلاغ بوصفه سجيناً مداناً في نفس السجن.

2-6 ويقدم صاحب البلاغ بعض المعلومات العامة عن المؤسسات الإصلاحية في ولاية جنوب أستراليا. فلقد قال على سبيل المثال إن عدد النزلاء في مركز أديلايد للاحتجاز قد ازداد من 166 إلى 240 نزيلاً بسبب تقاسم الزنزانات المنفردة وإن المبنى لا يسمح بدخول الهواء الطبيعي مطلقاً إلى الزنزانات وإن كان يسمح بنفاذ قدر ضئيل جداً من الضوء الطبيعي، وإن النزلاء مقيدون في تحركاتهم وفي وصولهم إلى الهواء النقي. وذكر أنه بالرغم من أن طابقاً كاملاً في سجن ياتالا يُستخدم الآن في إيواء السجناء المتهمين فإن هؤلاء السجناء "يختلطون" بالسجناء الآخرين ولا يتمتعون "بأي وضع خاص"؛ فلهم فقط الحق في تلقي مكالمة هاتفية لمدة 10 دقائق يومياً ويجب حجز هذه المكالمة في اليوم السابق على القيام بها.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أنه بسبب المشاركة في الزنزانة داخل المرافق الإصلاحية في جنوب أستراليا، ولا سيما مركز أديلايد للاحتجاز، فإن حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 10 من العهد، قد انتهكت. وفي هذا الس ياق، قدّم تشكيلة متنوعة من الشكاوى إلى اللجنة، ومن بينها الشكاوى المقدمة إلى المحكمة العليا بشأن الآثار الضارة للمشاركة. وقيل إن مثل هذه الآثار تشمل أحداث الاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجنسي، وهبوط نوعية الحياة وانعدام الشعور بالأمان، وإجبار غير المدخنين على تقاسم الزنزانات مع المدخنين، ووضع الأشخاص المصابين بأمراض سارية في زنزانات مع أشخاص ليسوا بمرضى، والإلزام بالذهاب إلى مراحيض داخل الزنزانة وتبعد متراً واحداً عن قاع السرير، وعلى مرأى من جميع المقيمين الآخرين. ورغم أن صاحب البلاغ لم يتضرر من المشاركة أث ناء إقامته في مركز أديلايد للاحتجاز، فإنه يزعم أنه قد عانى من الاكتئاب بسبب آثار المشاركة على نزلاء المرفق ككل.

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أن حقيقة احتجازه كسجين متهم وإنزاله في مرافق مع سجناء مدانين، في الفترة من 26 نيسان/أبريل 1994 وحتى 18 كانون الثاني/ يناير 1995، تشكل خرقاً للفقـرة 2(أ) من المادة 10 (5) . وذكر أيضاً أنه عندما كان سجيناً مزدوج الوضع، كان يتعين أن يخول له العزل عن بقية السجناء.

عرض الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 بموجب مذكرة شفوية مؤرخة في شباط/فبراير 2001، قدمت الدولة الطرف عرضها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. أما بخصوص مقبولية البلاغ، فإن الدولة الطرف تدّعي أن شكوى صاحب البلاغ غير مقبولة لأنه لم يستوف شرط الضحية المنصوص عليه في المادة 1، وأنه فشل في استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وليس له أي حق ادعائي بموجب العهد. وتسلط الدولة الطرف الضوء على أن صاحب البلاغ التمس في دعواه أمام محكمة أستراليا العليا، الإعلان عن أن ولاية جنوب أستراليا قد خرقت العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعمّا إذا كان العهد قد أدمج وإلى أي حد في القانون المحلي، وما إذا كان ملزماً لولاية جنوب أستراليا. وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يزعم في دعواه أنه كان ضحية لأي انتهاك مزعوم للمادة 10 من العهد.

4-2 وتفيد الدولة الطرف بأن بلاغه قد فشل في إقامة الدليل على أنه كان ضحية أي انتهاك مزعوم للمادة 10. وبدلاً من ذلك، قدم معلومات بشأن عدد من المر افق الإصلاحية في جنوب أستراليا وادّعى وقوع عدد من الأحداث في هذه المؤسسات والتي لا تشمل ولا تتعلق بوضعه الخاص. وتشير الدولة الطرف إلى تشريع اللجنة (6) بشأن تفسير المادة 1 من البروتوكول الاختياري والذي طبقاً لـه يجب على أي مقدِّم لبلاغ أن يثبت أنه/أنها ضحية لانتهاكات مزعومة للعهد. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدّع أنه كفرد كان ضحية أي انتهاك. وبناء على ذلك، تؤكد الدولة الطرف على أن اللجنة لا تستطيع أن تعبر عن رأي بشأن القانون نظرياً، وأن البلاغ ينبغي رفضه بوصفه غير مقبول.

4-3 وفضلاً عن ذلك، تفيد الدول ة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية حسبما هو مطلوب بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. وطبقاً للدولة الطرف، فإن صاحب البلاغ كان في إمكانه إقامة دعوى استئناف أمام المحكمة الكلية التابعة للمحكمة العليا في جنوب أستراليا. ورغم أن مثل هذا الوقت المحدد لتقديم مثل هذا الاستئناف قد انقضى، فما زال الباب مفتوحاً أمام صاحب البلاغ لتقديم طلب يلتمس فيه تمديد مهلة الاستئناف أمام المحكمة الكلية. كما أن لصاحب البلاغ حق اللجوء إلى التماس الإذن بالاستئناف أمام المحكمة العليا لأستراليا في حالة ف شل أي استئناف أمام المحكمة الكلية التابعة للمحكمة العليا في جنوب أستراليا، أو عند رفض أي تمديد لمهلة الاستئناف أمام المحكمة الكلية التابعة للمحكمة العليا.

4-4 وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا حق لـه في أي ادعاء بموجب العهد. وفيما يتصل بالادعاء بأن صاح ب البلاغ لم يفصل عن المسجونين المدانين عندما كان رهن الاحتجاز، فإن الدولة الطرف تشير إلى تحفّظها على الفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 10. وتؤكد الدولة الطرف على أنه لم يكن هناك أي اعتراض مقدم من أي دولة طرف أخرى في العهد، يكون قد استلمه الأمين العام على التحفظ ا لأسترالي على المادة 10. وهي تحتج بأن التحفظ جاء طبقاً للخطوط التوجيهية للجنة بشأن التحفظات الواردة في الرأي العام رقم 24 (7) . وفضلاً عن ذلك، أشارت إلى الفقرة 3 من المادة 19، من اتفاقية فيينا المعنية بقانون المعاهدات، والتي تنص على أنه إذا كان التحفظ ليس محظ وراً بموجب المعاهدة أو يقع ضمن الفئات المحددة المسموح بها، فإن أي دولة يجوز لها أن تقدم تحفظاً شريطة ألاّ يتعارض مع غرض وهدف المعاهدة. والعهد لا يحظر أي تحفظات عموماً كما أنه لا يذكر أي نوع من التحفظات المسموح بها. ولهذه الأسباب، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ ليس له أي حق ادعائي بموجب العهد فيما يتعلق بهذه المادة.

4-5 وبالنسبة للأسباب الموضوعية، وإذا وجدت اللجنة أن الادعاءات الخاصة بالمشاركة مقبولة، فإن الدولة الطرف تؤكد على أن هذا الادعاء ليس له أي أساس موضوعي لأن صاحب البلاغ قد أخفق في وصف كيف أن المعا ملة التي تلقاها في سجون جنوب أستراليا، قد انتهكت الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ورغم أن صاحب البلاغ قد ادّعى عدداً من عواقب المشاركة في عريضته ضد ولاية جنوب أستراليا، فإنه لم يصف كيف أنها تصل إلى حد انتهاك الفقرة 1 من المادة 10. والواقع، إن الدولة الطرف ت لاحظ أن صاحب البلاغ لم يذكر أنه قد تقاسم زنزانة مع سجين آخر. ومع ذلك، وطبقاً للدولة الطرف، يبدو من السجلات الإدارية أن صاحب البلاغ قد تقاسم الزنزانة لفترة مؤقتة مدتها شهر في كانون الأول/ديسمبر 1997 في سجن لابور ياتالا، نقل بعدها إلى زنزانة مستقلة (8) .

4-6 و بشأن مسألة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، تشير الدولة الطرف مرة أخرى إلى صياغة العهد وتفيد بأنه قد أعرب في ذلك الوقت على أن ربط القواعد رسمياً بالمادة غير مرغوب فيه لأن اللجنة لم تناقشها أو تدرسها تفصيلاً وأن بعض الأحكام ربما تعارضت مع روح ونص م شروع الاتفاقية. ومن المؤكد إذن أنه رغم جواز أخذ القواعد في الحسبان عند تحديد معايير الظروف الإنسانية، فإن هذه القواعد لا تشكل مدونة، ولا هو من المطلوب من الدول الأطراف التقيد بالقواعد بغية الامتثال للعهد. ومن المؤكد كذلك أن هذه القواعد ليست لها قوة القانون في أستراليا.

4-7 وتشير الدولة الطرف إلى المادة 9(1) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي تنص على أنه "عندما تكون أماكن النوم في زنزانات أو غرف مستقلة، فإن كل سجين سيشغل زنزانة أو غرفة ليلاً لوحده"، وتفيد بأن الاستثناء من القاعدة هو بسبب الاكت ظاظ المؤقت. وتفيد بأن الإدارة الأسترالية للمؤسسات الإصلاحية تستخدم المشاركة فقط عند عدم توفر إمكانية الإيداع في زنزانة مستقلة. وذكر أن نزلاء السجون قد انخفض عددهم في السنوات القليلة الماضية، رغم التنبؤات السابقة بأنه سيرتفع. والتقلبات في عدد نزلاء السجون ي جعل من الصعب تقدير ما إذا كان من المطلوب مرافق جديدة بتكلفة ملحوظة من دافع الضرائب، وخاصة نظراً للوقت الطويل اللازم لتشييد المرافق الجديدة. ونتيجة لذلك، فإن المشاركة تصبح ضرورية للاستجابة لتقلبات عدد نزلاء السجون. وتفيد الحكومة الأسترالية أنه على الرغم من أن عملية المشاركة تحدث في سجون ولاية جنوب أستراليا، فإن هذا يحدث على أساس مؤقت يتطابق مع تقلبات عدد نزلاء السجون.

4-8 وتشير الدولة الطرف مرة أخرى إلى حكم المحكمة العليا الذي أشار فيه القاضي إلى بيان صدر عن صاحب البلاغ بأنه "لا احترام للكرامة الإنسانية عندم ا يضطر المرء إلى الذهاب إلى المرحاض على بُعد متر واحد من الشخص في قاع السرير وعلى مرأى منه". وتفيد الدولة الطرف بأنه ليس من غير المعتاد للأفراد من نفس الجنس تقاسم المرافق حيث تقيم مجموعة كبيرة من الأشخاص. ومع الأخذ في الاعتبار تشريع اللجنة (9) ، تفيد الدولة الطرف بأنه لا يمكن بصورة معقولة التأكيد على أن شكوى صاحب البلاغ تبلغ مبلغ عتبة المعاملة غير الإنسانية، أو عدم احترام الكرامة الإنسانية. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى أنواع الظروف والمعاملة المقدمة للسجناء والتي اعتبرتها اللجنة انتهاكاً للفقرة 1 من ا لمادة 10، بما في ذلك الاحتجاز الانفرادي، والمعايير الصحية السيئة، والتمارين غير الملائمة والغذاء غير الكافي، والضرب بواسطة موظفي السجن (10) . ومن رأي الدولة الطرف أن ظروف السجن التي وجدت فيها اللجنة انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10، هي ذات طابع أشد خطورة من ت لك الواردة في الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يجيب صاحب البلاغ على عرض الدولة الطرف بشأن المقبولية بالتأكيد على استنفاده لسبل الانتصاف المحلية. وطبقاً لصاحب البلاغ، فإن قاضي المحكمة العليا في جنوب أستراليا "ادّعى بأنني لن أحصل على إذ ن باستئناف هذه المسائل بسبب التشريعات التي سنتها الحكومات المعنية". وذكر كذلك أنه لم يرغب في إضاعة وقت المحكمة باستئناف مسألة لا يمكن البت فيها لصالحه بسبب التشريعات التي تمنع على وجه التحديد تطبيق القانون الدولي. ويذكر أيضاً أن طلباً مقدماً إلى اللجنة الم عنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، قد رفض.

5-2 وبشأن إجابة الدولة الطرف على الأسس الموضوعية، كرّر صاحب البلاغ حيثيات حكم المحكمة العليا لولاية جنوب أستراليا كما جاء في الفقرة 2-4. ويدّعي صاحب البلاغ أن المشاركة أمر مخالف للفقرة 1 من المادة 10، لأنه ينطوي على إجبار فرد بالنوم في نفس غرفة فرد آخر، مما يعرِّضه للمضايقات الجنسية، و"للضغوط"، ولاضطراره إلى الذهاب إلى المراحيض أمام النزيل الآخر وعلى بُعد متر واحد من سرير الشخص الآخر، ومراقبة شخص آخر وهو ذاهب إلى المراحيض وربما يتقاسم ذلك مع شخص مدان. وفي رسالة لاحقة ، أكد أنه تقاسم الزنزانة في سجن لابور ياتالا (11) ، وكان عليه أن يستخدم المراحيض أمام مرأى النزيل الآخر.

5-3 وبخصوص مسألة تحفُّظ الدولة الطرف على الفقرة 2 من المادة 10 من العهد، ذكر صاحب البلاغ أن هذا التحفُّظ يعتبر "لاغياً" نظراً لإدراج العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ضمن ملحق قانون اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص لعام 1986، دون أي إشارة للتحفُّظ.

5-4 ويذهب صاحب البلاغ إلى الاحتجاج بأنه لماذا كانت ولاية جنوب أستراليا ملزمة، في رأيه، بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبأنها ملزمة بتنفيذ القواعد النموذجية الدنيا لمعاهدة المسجونين ويأسف لأن الدولة الطرف تقاعست عن ذكر القرارات الإدارية (نفاذ الصكوك الدولية) وقانون (جنوب أستراليا) لعام 1995 وغيره من التشريعات المحلية.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 رداً على تعليقات صاحب البلاغ، تف يد الدولة الطرف بأن حكم القاضي في المحكمة العليا لجنوب أستراليا لا يحدد المسائل بموجب القانون الدولي وأن آراءه ينبغي ألاّ تحل محل آراء اللجنة.

6-2 وفيما يختص بتعاريف الفقرتين 1 و2 من المادة 10 من العهد، تفيد الدولة الطرف بأن أحكام وعبارات العهد لها معناها المستقل والحر والذي يختلف عن المعاني داخل القانون المحلي (12) . وأي حيثيات تتعلق بعبارات "الإنسانية" و"الكرامة الذاتية" في المحكمة المحلية لا يمكن استبدالها لصالح التقدير المستقل للجنة. وبما أن القاضي لم يشر إلى أي من الآراء السابقة للجنة، فإن ذلك يستلزم أنه لم يتخذ قراره تأسيساً على المعاني القانونية الدولية للعبارات المذكورة. وطبقاً للدولة الطرف، فإنه يبدو عند قراءة حيثيات المحكمة في سياقها، فإن القاضي يكون قد سوّى بين الإخفاق في الاتباع الصارم للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، وبين خرق الفقرة 1 من المادة 10. وقالت إنه رغم أن هذه القواعد قد تؤخذ في الحسبان لتحديد معايير الاحتجاز الإنساني، فإنها لا تشكل مدونة لقواعد السلوك. وأي تقاعس عن التقيد بتلك القواعد لا يؤدي في حد ذاته إلى استخلاص أن الحجز ينتهك إنسانية السجين أو كرامته الذاتية.

6-3 وفي رأي الدو لة الطرف فإن القرارات الإدارية (نفاذ الصكوك الدولية) لقانون عام 1995 (جنوب أستراليا) لا صلة له بادعاءات انتهاكات المادة 10، ولكنها تفسر أنه هذا القانون يؤثر على القرارات والإجراءات الإدارية بموجب قانون ولاية جنوب أستراليا وفقط إلى الحد الذي يكون فيه للصك ا لدولي قوة القانون المحلي. وبناء على ذلك، فإن أي صك دولي لا يشكل بعد جزءاً من القانون الأسترالي لا يؤدي إلى توقعات شرعية بأن أي صانع للقرار سيتخذ قراراً يتطابق بشكل صارم مع الصك.

6-4 وتفيد الدولة الطرف أن إدراج العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ك ملحق لجزء من التشريعات لا يؤثر بأي حال من الأحوال على تحفُّظات أستراليا على العهد. فلا توجد قاعدة في القانون الدولي تدعم جدال صاحب البلاغ.

6-5 وتفيد الدولة الطرف كذلك بأن جزءاً كبيراً من تعليقات صاحب البلاغ يناقش العلاقة بين القانون الدولي وقانون استراليا المحلي. وعلى وجه الخصوص، فإنه يبحث الاستخدام القضائي للقانون الدولي في تطوير القانون العام. وفي نظرها، فإن أي مناقشة تجريدية للممارسات القضائية الأسترالية لا صلة لها بتحديد ما إذا كانت الانتهاكات المزعومة للمادة 10، قد توضحت في هذه المحاكمة.

القضايا والإجر اءات أمام اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي شكوى واردة في أي بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وطبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبتّ فيما إذا كانت الشكوى مقبولة من عدمه بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

7-2 وقد تحققت اللجنة من أ ن نفس المسألة لم تفحص بموجب أي إجراءات تحقق دولية أو أي تسوية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-3 وفيما يتعلق باشتراطات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بشأن استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أنه رغم أن صاحب البلاغ قد ادّعى انتهاك حقوق الإنسان الخاصة به في شكواه إلى اللجنة، فإن القضية التي رفعها أمام المحاكم في ولاية جنوب أستراليا كانت تتعلق بالادعاءات العامة المتعلقة بظروف السجن. وتلاحظ اللجنة على وجه الخصوص أن صاحب البلاغ لم يزعم أبداً في إطار التشريع الأستر الي، بأنه شخصياً قد تعرَّض لمثل هذه المعاملة في السجن. مما قد يتعارض مع المادة 10 من العهد أو أي أحكام مشابهة في القانون المحلي. ولذلك، فإن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية ومن ثم فإن الشكوى غير مقبولة.

8- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم قبول البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إحالة هذا القرار إلى الدولة الطرف، وإلى صاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء م ن هذا التقرير.]

الحواشي

(1) سجين رهن المحاكمة ولم يصدر بعد بشأنه حكم بالإدانة.

(2) عندما يتعين أن يتقاسم نزيل مع نزيل آخر زنزانة مصممة ومخصصة لشخص واحد.

(3) يتبين من الوثائق المقدمة من صاحب البلاغ أنه لا يدعي أنه تعرض شخصياً لأي من هذه الآثار السلبية، ب ل إن ادعاءه عرض بوجه عام. وطبقاً للحكم، التمس صاحب البلاغ إصدار إعلان بأن ولاية جنوب أستراليا ملزمة بموجب القانون بمعاملة السجناء الذين تقوم باحتجازهم وفقاً للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء وفيما يتعلق بأن ولاية جنوب أستراليا ترغم السجناء على الإقا مة اثنين اثنين في زنزانة تسع نزيلاً واحداً وبالتالي فإن المدعى عليه يخل بالقواعد ذاتها. وأشار صاحب البلاغ إلى الآثار الضارة لممارسة "المشاركة" المتبعة في مركز أديلايد للاحتجاز لكنه لم يشر إلى حالته الخاصة. وطلب صاحب البلاغ أيضاً في معرض حجته إصدار إعلان بأ ن ولاية جنوب أستراليا من خلال إدارة المؤسسات الإصلاحية "قد أخلت بحقوق الإنسان وفقاً للمواد الواردة في العهد"، لكنه للمرة الثانية لم يشر إلى حالته الخاصة.

(4) أدرج العهد بوصفه ملحقاً للقانون الخاص باللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص.

(5) أصدرت الدو لة الطرف التحفّظ التالي على المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) فإن مبدأ التفرقة مقبول كهدف ينبغي بلوغه تدريجياً. وفيما يتعلق بالفقرتين 2(أ) و3 (الجملة الثانية) فإن الالتزام بالتفرقة مقبول فقط إلى الحد الذي ت عتبر فيه هذه التفرقة من طرف السلطات المسؤولة مفيدة للأحداث أو الكبار المعنيين". وقد صادقت الدولة الطرف على العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 13 آب/أغسطس 1980.

(6) ج. ه‍. ضد كندا ، القضية رقم 187/1985، آراء معتمدة في 12 نيسان/أبريل 1985، لفليس ضد كند ا ، الشكوى رقم 24/1977، آراء معتمدة في 30 تموز/يوليه 1981، وأ. ر. س. ضد كندا ، القضية رقم 91/1980، آراء معتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1991.

(7)HER/GEN/1/Rev.4.

(8) [عند هذه النقطة، لم يكن صاحب البلاغ سجيناً مزدوج الوضع].

(9) تشير الدولة الطرف إلى لويد غرانت ضد جامايكا ، القضية رقم 353/1988؛ آراء معتمدة في 31 آذار/ مارس 1994، وبيري ضد جامايكا ، القضية رقم 330/1988، آراء معتمدة في 7 نيسان/أبريل 1994؛ وغريفين ضد إسبانيا، القضية رقم 493/1992، آراء معتمدة في 4 نيسان/أبريل 1995، وشامباني وبالمر وشيزولم ضد جاماي كا، القضية رقم 445/1991، آراء معتمدة في 18 تموز/يوليه 1994.

(10) تشير الدولة الطرف إلى العديد من القرارات السابقة للجنة بما في ذلك بعض القضايا الأوروغوية، ألبرتو أليسور ضد أوروغواي ، القضية رقم 10/1977، آراء معتمدة في 29 آذار/مارس 1982، وهيبركونتاريس ضد أو روغواي، القضية رقم 139/1983؛ آراء معتمدة في 16 آذار/مارس 1983، سوغريم ضد ترينيداد وتوباغو، القضية رقم 392/1989، آراء معتمدة في 8 نيسان/أبريل 1993، لويي ماغانا، فيليبرت سابقاً ضد زائير ، القضية رقم 90/1981، آراء معتمدة في 21 تموز/يوليه 1983، وديترو وولف ضد ب نما ، القضية رقم 289/1988، آراء معتمدة في 26 آذار/مارس 1992.

(11) لم يذكر لأي مدة كانت المشاركة.

(12) تشير الدولة الطرف إلى غوردون. ك فان دوزن ضد كندا ، القضية رقم 50/1979، آراء معتمدة في 7 نيسان/أبريل 1982.

طاء - البلاغ رقم 890/1999، كراوسر ضد النمسا *

(ق رار اتخذ في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد إمريش كراوسر

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ ووالدته

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 27 أيلول/سبتمبر 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنس ان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2002،

تعتمد ما يلي:

القرار بشأن المقبولية

1-1 صاحب البلاغ هو السيد إمريش كراوسر، وهو مواطن نمساوي يقيم حالياً في بلومناو بالبرازيل. ويدعي صاح ب البلاغ أنه ضحية انتهاك النمسا للمواد 2، و12، و14 و17، و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثل السيد كراوسر أي محام.

1-2 أصبحت النمسا دولة طرفاً في العهد بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1978. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ فيها بت اريخ 10 آذار/مارس 1988.

ــــــــــــ

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد لويس هانكين، الس يد أحمد توفيق خليل، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتسمر، السيد راجسومر لالاه، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرير، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد بتريك فيلا، والسيد ماك سويل يالدين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 تزوج صاحب البلاغ إلفيرا كراوسر في 15 أيلول/سبتمبر 1978. وأنجب منها ابنة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1978. وفي 25 تموز/يوليه 1980، أدانت المحكمة الجنائية الإقليمية بمدينة غراتز (Bezirksgericht für Strafsachen, Graz) صاحب البلاغ بتهمة إلحاق أذى بدني بزوجته، وحكمت عليه بدفع غرامة أو بالسجن لمدة عشرين يوماً. وفي 16 آذار/مارس 1981 رُفض الطلب الذي رفعه صاحب البلاغ بإعادة محاكمته. ووجه صاحب البلاغ تهماً جنائية مختلفة إلى زوجته وإلى أناس آخرين في عامي 1980 و1981 ولكن لم تفضِ أي من هذه التهم إلى مباشرة إجراءات قضائية رسمية ضد هؤلاء الأشخاص.

2-2 وفي 11 آذار/مارس 1981 منحت المحكمة الإقليمية (Bezirksgericht für Zivilsachen Graz) حضانة ابنة صاحب البلاغ لزوجته بعد أن غادرت الشقة التي كانوا يعيشون فيها (1) . وفي 14 أيار/مايو 1981 رُفضت دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ ضد هذا القرار. وفي 7 تموز/يوليه 1981 أمرت المحكمة الإقليمية بتنفيذ قرارها، أي بتسليم صاحب البلاغ ابنته لزوجته. وعندما لم يُنَفَّذ الحكم، قدمت زوجة صاحب البلاغ معلومات إلى النائب العام تدين صاحب البلاغ لامتناعه ع ن تسليم قاصر لصاحبة الحضانة (2) . واستجوبت الشرطة صاحب البلاغ بتاريخ 19 آب/ أغسطس 1981 بعد عودته من إجازة صيفية أمضاها في يوغوسلافيا، وأُوقفت التحقيقات الجنائية بتاريخ 26 آب/ أغسطس 1981؛ وأُبلغ صاحب البلاغ بموجبه. واستأنف النائب العام الدعوى في 10 أيلول/سبتم بر 1981 بعد الحصول على معلومات جديدة من المحكمة الإقليمية. وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1981 أمرت المحكمة المحلية باعتقال صاحب البلاغ وأصدرت أمراً دولياً بتوقيفه. وفي يوم من أيام خريف عام 1981غادر صاحب البلاغ النمسا إلى البرازيل مع ابنته (3) . وفي شهر آب/أغسطس 1982 أُدينت والدة صاحبة البلاغ بتهمة مساعدة وتحريض صاحب البلاغ على عدم تسليم طفلة للشخص المخوّل لحضانتها.

2-3 وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 قدم صاحب البلاغ طلباً إلى القنصلية النمساوية الموجودة في كوريتيبا بالبرازيل للحصول على جواز سفر عادي صالح للسفر إل ى جميع البلدان ولمدة 10سنوات. وفي 12 شباط/فبراير 1990 رفضت القنصلية إصدار هذا الجواز متمسكة بقانون جوازات السفر النمسـاوي (Passgesetz 1969)(4) ، وذلـك لأن صاحب البلاغ غادر النمسا وهو يعلم بوجود دعوى جنائية جارية ضده وكان ينوي التهرب من التحقيقات الجنائية. و في 1 آذار/مارس 1990، رفضت القنصلية شكوى صاحب البلاغ. وفي 18 أيلول/سبتمبر 1990 رفضت وزارة الداخلية الاتحادية (Bundesministerium für Inneres) دعوى الاستئناف الرسمية (Berufung) المرفوعة من صاحب البلاغ، وذلك بناء على معلومات استلمتها المحكمة الجنائية المحلية ا لمختصة (Landesgericht für Strafsachen, Graz) والتي أفادت بأن أمر التوقيف الدولي الصادر ضد صاحب البلاغ (Haftbefehl) ما زال ساري المفعول. وفي 29 أيلول/سبتمبر 1994، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية (Verwaltungsgerichtshof) دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ ضد قرار وزارة الداخلية الاتحادية معللة رفضها بأن الدعوى لم ترفع خلال المهلة القانونية المحددة لذلك.

2-4 وفي تلك الأثناء، رفض الطلب الجديد المقدم من صاحب البلاغ للحصول على جواز سفر عادي. وفي 29 أيلول/سبتمبر 1992 رفضت المحكمة الدستورية الاتحادية (Verfassungsgerichtshof) طلباً قدمه صاحب البلاغ للحصول على مساعدة قانونية للطعن في قرار وزارة العدل الاتحادية مبينة أنه لا يوجد م برر لافتراض أن القرار كان قائما على تنظيم عام غير قانوني أو أن الوزارة ارتكبت، لدى تطبيق الأحكام القانونية ذات الصلة، خطأً انتهكت به القان ون الدستوري. ولكن، مع ذلك، قدم صاحب البلاغ، في الفترة بين 15 شباط/فبراير 1993 و2 تموز/يوليه 1994، تسعة طلبات إضافية للحصول على جواز سفر؛ ورفضت جميع تلك الطلبات. ولأجل الحصول على جواز سفر، قدم صاحب البلاغ طلباً للحصول على الجنسية البرازيلية في شهر آذار/مارس 1993. ورُفض طلبه استناداً إلى معلومات استلمتها وزارة العدل البرازيلية من السفارة النمساوية تفيد بأن صاحب البلاغ مطلوب من السلطات النمساوية لارتكابه جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تتجاوز العام.

2-5 وفي 9 كانون الثاني/يناير 1992، طلب صاحب البلاغ تكليف محام ف ي إطار المساعدة القانونية ليدافع عنه في الدعوى الجنائية المرفوعة ضده وطالب بتعويض مالي عن التكاليف المنجرّة عن المثول أمام قاضي التحقيق في النمسا. وفي 2 أيلول/سبتمبر 1992 رفضت المحكمة الجنائية المحلية طلبه معللة رفضها بأن حضور محامي الدفاع غير ضروري في الم رحلة الأولى من الإجراءات، وبأن صاحب البلاغ لم يوفر تفاصيل كافية بشأن وضعه المالي. وفي 26 نيسان/أبريل 1993، تم عملاً، بالقوانين النمساوية، رفض طلب قدمه صاحب البلاغ للحصول على نسخة من سجل سوابقه العدلية بسبب الأمر الصادر بتوقيفه. ورفضت المحكمة الجنائية المحل ية طلباً جديداً قدمه صاحب البلاغ للحصول على المساعدة القانونية بشأن الدعوى الجنائية في 28 كانون الثاني/يناير 1996.

2-6 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1993، أصـدرت وزارة العـدل الاتحادية (Bundesministerium f ü r Justiz) جواز مرور (Geleitbrief) ليَمْثُل صاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية المحلية، وأبطل أمر التوقيف حتى تاريخ 1 آذار/مارس 1994. ولكن لم يمثل صاحب البلاغ أمام المحكمـة. وفي 12 تموز/يوليـه 1994، أصدرت وزارة العدل الاتحادية جواز مرور آخر صالح حتى يوم 1 آب/أغسطس 1995. وأصدرت السفارة النمساوية جواز سفر صالح لم دة سنة، أي حتى 1 أيلول/سبتمبر 1995. وفي 21 آب/أغسطس 1995، ألغت المحكمة الجنائية المحلية أمر التوقيف بناء على طلب النيابة العامة (Staatsanwaltschaft beim Landgericht Graz). وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 1995، أصدرت السفارة النمساوية في مدينة برازيليا جواز سفر صا لح حتى تاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 2005. وأُوقفت جميع دعاوى الاستئناف غير المبتوت فيها المرفوعة إلى المحكمة الإدارية الاتحادية (Verwaltungsgerichtshof) للطعن في القرارات المتخذة برفض طلب صاحب البلاغ الحصول على جواز سفر.

2-7 وفي 2 تموز/يوليه 1997 رفضت المحكم ة المحلية العليا بفيينا ( Oberlandesgericht Wien ) الطلب المقدم من صاحب البلاغ للحصول على المساعدة القانونية والمطالبة بالتعويض عن سوء تصرف الدولة الطرف، بحجة أن التشريعات ذات الصلة ( Amtshaftungsgesetz ) لا تنص على إمكانية المطالبة بذلك في إطار دعاوى الاستئنا ف المرفوعة ضد قرارات المحاكم. وفي 10 أيلول/سبتمبر 1997، رفضت إدارة المالية (Finanzprokuratur) قبول المطالبة المقدمة من صاحب البلاغ للحصول على تعويض، مبررة رفضها بأن اللوائح لا تجيزها في جملة أسباب أخرى. وكذلك رفضت المحاكم المختصة طلبات لاحقة قدمها صاحب الب لاغ في إطار نفس القضية للحصول على المساعدة القانونية. وفي 26 شباط/فبراير 1999 رفضت المحكمة الدستورية (Verfassungsgerichtshof) طلباً قدمه صاحب البلاغ للحصول على مساعدة قانونية للمطالبة بتعويض عن سوء تصرف سلطات مختلفة من سلطات الدولة الطرف.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن إدانته بتهمة ممارسة العنف المنزلي تمت على أساس وقائع غير مقنعة كما تبين من آراء حصل عليها من بعض الخبراء فيما بعد. ويدعي صاحب البلاغ بأن تقصير المحاكم في تعديل الحكم يفضي إلى انتهاك الفقرة 6 من المادة 14 من العهد. وقال، بالإضافة إلى ذلك، إن النائب العام أوقف التحقيقات في تهم التضليل التي وجهها صـاحب البلاغ ضد الخبراء الذين أدلوا بشهاداتهم أثناء المحاكمة. ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للتمييز انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الإجراءات القضائية التي أفضت إلى قرار المحكمة الإقل يمية بمنح حضانة ابنته إلى زوجته تنتهك الفقرة 1 من المادة 14 والمادتين 17 و26 من العهد. ويدعي صاحب البلاغ أن التقرير المقدم من المُرشد الاجتماعي وتقرير الشرطة اللذين أخذتهما المحكمة في الاعتبار ليسا موثوقين وقد أُعِدّا بدون أي مساهمة من طرفه.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن على علم بالتحقيق الجنائي الجاري بحقه في النمسا عندما غادر البلد. وهو يدعي أيضاً أنه غادر النمسا هرباً من الظلم الذي كان يتعرض لـه. ويبين صاحب البلاغ أنه طرد من عمله نتيجة بحث ضباط الشرطة عنه أثناء غيابه وأنه بسبب إدانته السابقة بممارسة ا لعنف المنزلي لم يتمكن من أن يجد عملاً جديداً. واضطر، بناء عليه، إلى مغادرة النمسا. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يعلم بوجود تحقيقات جنائية معلقة إلاَّ في شهر شباط/فبراير 1996 عندما استلم قرار المحكمة المحلية برفض الطلب الذي قدمه للحصول على المساعدة القانونية.

3 -4 ويدعي صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أن والدته أدينت على غير حق بتهمة الاشتراك في عدم تسليم قاصر إلى الوالدة التي عُهد إليها بالحضانة. ويدعي صاحب البلاغ أن الإجراءات المباشرة ضد والدته انتهكت الأحكام المنصوص عليها في الفقرات 1 و2 و3 (د) و(ه‍) و(و)، و(ز) من المادة 14، وفي المادة 5 من العهد. ويقول صاحب البلاغ إن والدته لم تكمل إلاَّ المدرسة الابتدائية في يوغوسلافيا وإنها لا تفقه اللغة الألمانية الرسمية المستخدمة في المحاكم النمساوية. وأضاف أنها تعاني أيضاً من ضعف في البصر والسمع منذ عام 1980. ويدعي صاحب ال بلاغ أن الدولة الطرف أكرهتها على الإدلاء بشهادة ضد نفسها باستجوابها دون حضور محام يدافع عنها.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أن السفارة النمساوية في البرازيل كانت على علم بمكان إقامته وعنوان عمله، على الأقل منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 1989. ويبين صاحب البلاغ أنه كان بمقدور الدولة الطرف أن تطلب، بناء عليه، تسليمه إلى النمسا أو مقاضاته في البرازيل. ويدعي صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أنه كان بإمكان السلطات النمساوية أن تستجوبه في البرازيل في أي وقت من الأوقات اعتباراً من عام 1990. ويقول صاحب البلاغ إن المحكمة رفضت لـه جلسة استماع علنية وإنها افترضت أنه مذنب دون أن تتيح لـه إمكانية الدفاع عن نفسه انتهاكاً لما ورد في المادة 14 من العهد.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه كان يواجه صعوبات مالية ولم يكن بإمكانه تكليف محام للدفاع عنه أو السفر إلى النمسا بنفسه. ويرفق صاحب البلاغ كشوف اً مختلفة عن ضريبة الدخل تبين وضعه المالي. ويدعي صاحب البلاغ أن السفارة النمساوية كانت على علم تام بوضعه المالي وأن السلطات أرغمته، مع ذلك، على العودة إلى النمسا. ويبين صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت أحكام المادة 12 من العهد عندما رفضت منحه جواز سفر وم نعته من مغادرة البرازيل. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 من العهد بمعاملته معاملة مختلفة عن الأشخاص الموجودين في وضع شبيه بوضعه في النمسا.

3-7 ويقول صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، إن المحاكم لم تأخذ في الاعتبار الواجب وضعه المالي والشخصي عندمـا رفضت الطلبات التي قدمها للحصول على المساعدة القانونية. ويدعي صاحب البلاغ، متمسكاً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، أنه كان يجب أن تتاح لـه إمكانية اللجوء إلى محاكم الدولة الطرف للمطالبة بالتعويض عن خسائر مالية تكبدها بسبب سوء تصرف السلطات.

3-8 ويقول صاحب البلاغ إن السفارة النمساوية قدمت معلومات غير صحيحة إلى وزارة العدل البرازيلية عندما كانت الوزارة تنظر في الطلب الذي قدمه للحصول على الجنسية. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف حالت دون حصوله على الجنسية البرازيلية وانتهكت، بالتالي، ما ورد في المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويبين صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أن نفس المعلومات قدمت إلى رب عمله الذي فصله عن العمل في شهر كانون الأول/ ديسمبر 1994 بعد أن أخفق صاحب البلاغ في تسوية أموره والحصول على جواز سفر خلال المهلة النهائية المحددة لـه لذلك. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من أن يجد عملاً جديداً بسبب تشويه سمعته وأنه لم يتمكن نتيجة ذلك من إعالة أسرته. ويطالب صاحب البلاغ بالتعويض عن الأضرار المالية التي تكبدها نتيجة تصرفات الدولة الطرف.

3-9 ويشير صاحب البلاغ إلى القرار الصادر عن المحكمة الجنائية المحلية في 28 شباط/فبراير 1996 برفض الطلب الذي قدمه للحصول على مساعدة قانونية، ويدعي أن المحكمة أبلغته بأنه يجب عليه، في المرحلة الأولى من الإجراءات، أن يقابل قاضي التحقيق دون حضور محامٍ أو حضور النائب العام وأنه سيُبَت، على أساس هذه الجلسة، فيما لو وجب ت وجيه التهمة إليه رسمياً. ويدعي صاحب البلاغ أن هذه الممارسة تنتهك الأحكام المنصوص عليها في الفقرة 3 (ز) من المادة 14 من العهد نظراً إلى أنه قد يكره على الاعتراف خلال تلك الجلسة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية ووقائع القضية

4-1 تدعي الدولة الطرف في رسا لتها المؤرخة في 24 آذار/مارس 2000 أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل التظلم المحلية المتاحة لـه وأن بلاغه غير مقبول بناء عليه. وتبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يرفع، في غضون مهلة الستة أشهر المحددة، أي شكوى إلى المحكمة الإدارية الاتحادية (Bescheidbeschwerde) بشأن قانونية القرارات التي اتخذتها وزارة العدل الاتحادية. وتبين الدولة الطرف أن هذه الشكوى كانت ستسمح للمحكمة بالنظر في أي انتهاك يقع لحقوق الإنسان وبإلغاء القرار الإداري (5‍) . وتضيف الدولة الطرف أن الشكاوى المختلفة التي رفعها صاحب البلاغ لم تقبل لأنها رفع ت بعد انتهاء المهلة المحددة لذلك. وتبين الدولة الطرف بالإضافة إلى ذلك، أن الطلب المقدم من صاحب البلاغ للحصول على جواز سفر استُجيب لـه في شهر أيلول/سبتمبر 1994 عندما مُنح جواز سفر صالح لمدة سنة.

4-2 وتدعي الدولة الطرف في رسالتها الثانية المؤرخة في 12 أيار/م ايو 2000 بخصوص مقبولية القضية ووقائعها، أن صاحب البلاغ كان على علم بالتحقيقات الجنائية المباشرة في حقه عندما غادر النمسا. وتدعي الدولة الطرف أن النائب العام قام، بعد استئناف الإجراءات، بإصدار أمر بالحضور أرسل إلى عنوان صاحب البلاغ المسجل وأودع فيما بعد لدى مكتب البريد. ولم يكن صاحب البلاغ قد أبلغ سلطات الدولة الطرف بأنه غادر مكان إقامته الدائمة، وأُبلغ المسؤولون عن التحقيق بأنه يقيم مع طفلته في عنوانه الدائم خلال عطلة آخر الأسبوع. وبناء عليه افترض أن صاحب البلاغ بُلِّغ بالمعلومات وفقاً للقوانين النمساوية.

4-3 وتبين الدولة الطرف أن السفارة النمساوية كانت قد أبلغت صاحب البلاغ منذ 21 آب/أغسطس 1990، أي قبل القرار الأول الذي اتخذته القنصلية النمساوية في كوريتيبا بشأن شكوى صاحب البلاغ المرفوعة احتجاجاً على رفض منحه جواز سفر عادي صالح للسفر إلى جميع البلدان ولمدة 10 سنوات، بإمكانية منحه جواز سفر لفترة قصيرة فقط يمكنه من العودة إلى النمسا شريطة أن يتعهد خطياً بالمثول أمام المحاكم. وتبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قام، عوضاً عن ذلك، بتقديم طلبات عديدة بمنحه جواز سفر يكون صالحاً لفترة الصلاحية العادية. وبالإضافة إلى ذلك، أوضحت وزارة العدل الاتحادية لصاحب البلاغ، في قرارها المؤرخ في 15 نيسان/أبريل 1992، أن رفض طلبه ليس عقاباً وإنما هو مجرد تدبير يتخذ لضمان حسن سير العدالة.

4-4 وتبين الدولة الطرف، فيما يتعلق بجواز المرور الأول، أن صاحب البلاغ لم يمثل أمام المحكمة المحل ية يوم 28 شباط/فبراير 1994 بسبب تقصير من طرفه وعلى الرغم من استدعائه. وتوضح الدولة الطرف فيما يتعلق بجواز المرور الثاني أن المحكمة المحلية أبلغت صاحب البلاغ بأن وقت عقد جلسة الاستماع قد يعتمد إلى حد كبير على إمكانية حضوره. وقد حصل صاحب البلاغ، بناء على طلب ه، على جواز سفر صالح لفترة محدودة من الزمن مدتها سنة. لكنه لم يمثل أمام المحكمة المحلية في غضون المهلة المحددة في جواز المرور.

4-5 وتبين الدولة الطرف أن النيابة العامة ألغت بتاريخ 9 آب/أغسطس 1995 أمر الاعتقال وأمر التوقيف لأن هذين التدبيرين لم يثبتا فعالي تهما حتى الآن. وهكذا، زالت الأسباب التي أدت إلى رفض منح صاحب البلاغ جواز سفر. ومُنِحَ صاحب البلاغ، بناء عليه، جواز سفر صالح لمدة عشر سنوات. وأصبحت شكاوى صاحب البلاغ العالقة أمام المحكمة الإدارية باطلة لأنها أصبحت مسألة لا ترتكز على وقائع ملموسة.

4-6 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3 من المادة 2 من العهد نتيجة رفض مختلف الطلبات المقدمة من صاحب البلاغ للحصول على مساعدة قانونية تفيده في طلب التعويض عن نتائج سوء تصرف المسؤولين، تتمسك الدولة الطرف بقضيتي ليستورنو ضد فرنسا (6) وك. ل. ضد الدانمرك (7) ، وتدعي أنه لا يمكن انتهاك هذا الحكم إلا إذا كان مقروناً بأحد الأحكام الموضوعية المدرجة في العهد. وتبيّن الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن توفير المساعدة القانونية لم يكن ضرورياً لإقامة العدل وكان يجب على السلطات المختصة أن ترفضه نظراً إلى أن مطالبات صاحب البلاغ بال تعويض لم تكن مطابقة للتشريعات الوطنية ذات الصلة.

4-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 2 من المادة 12 من العهد ورفض القنصلية النمساوية إصدار جواز سفر صالح لكافة البلدان ولمدة السنوات العشر العادية، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ مُنح جواز سفر صالح لم دة محدودة من الزمن تسمح لـه بالعودة إلى النمسا. وبناء عليه، لم يكن الرفض يشكل تدخلاً في حق صاحب البلاغ في حرية التنقل. وتبين الدولة الطرف، في حال توصل اللجنة إلى استنتاجات مختلفة، أن التدخل كان قانونياً وضرورياً لحماية الأمن العام كما كان متماسكاً وحقوقاً أخرى واردة في العهد، وكان، بناء عليه، مبرراً عملاً بالفقرة 3 من المادة 12 من العهد. وتبين الدولة الطرف أن هذا الحكم من العهد صيغ لكي يشمل بوضوح تدابير تؤمـن المقاضاة الجنائية. وتشير الدولة الطرف إلى قضيتي غونزالس ضد بيرو (8) و بيلتونن ضد فنلندا (9) . وتضيف أن تصرفات صاحب البلاغ هي التي منعته من العودة في الواقع، وأنها جعلت عودته مرهونة بشرط تحمل الدولة الطرف النفقات الضرورية لذلك، وهو أمر لا ينص عليه القانون الوطني.

4-8 وتضيف الدولة الطرف أن رفض طلب صاحب البلاغ المقدم للحصول على جواز سفر لم ينتهك حق صاحب البلاغ في افتراض براءته على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14 من العهد. وتبين الدولة الطرف أن رفض منحه جواز السفر تدبير وقائي يضمن إقامة العدل على غرار تدابير قسرية أخرى تتخذ أثناء التحقيقات الجنائية. وفيما يتعلق بمبدأ فصل السلطات في النظام الدستوري ال نمساوي، تبين الدولة الطرف أنه لا يجوز للسلطات الإدارية عندما تبت في مسألة إصدار جواز سفر أن تعيد النظر في تدابير تُتخذ في إطار عملية تحقيق جنائي.

4-9 وتبين الدولة الطرف فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد، أن القانون الوطني النمس اوي ينص على توفير المساعدة القانونية في الحالات التي يفتقر فيها الشخص المعني للسبل المالية الضرورية ويصبح فيها تكليف المحامي ضرورياً لصون العدالة. وتدعي الدولة الطرف، فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية، أن قضية صاحب البلاغ ما زالت في المرحلة الأولية من التحقيق ات وهي مرحلة لا يشترط فيها القانون حضور محامٍ، وبالتالي لا يكون تعيين محامٍ في إطار المساعدة القانونية ضرورياً لإقامة العدل. وتسوق الدولة الطرف، فيما يتعلق بالإجراءات الأخرى التي باشرها صاحب البلاغ، أنه مُنح مساعدة قانونية على الأقل في الدعوى التي رفعها أم ام المحكمة الإدارية للطعن في القرار الأول الذي اتخذته قنصلية النمسا في كوريتيبا برفض الطلب المقدم إليها للحصول على جواز سفر. وعندما رُفضت، في وقت لاحق، الطلبات المقدمة للحصول على المساعدة القانونية، نظرت المحكمة المختصة بالتفصيل في شروط منح المساعدة القانو نية وعللت قرارها تعليلاً كاملاً.

4-10 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لما ورد في الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد، تدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقل إنه أُكره بالفعل على الشهادة ضد نفسه بل أعرب عن مخاوفه عما قد يتعرض لـه في المستقبل من أفعال في حالة عدم حضور النائب العام ومحامي الدفاع جلسات التحقيق الأولية. وتشير الدولة الطرف إلى قضية أوميرودي - زيفرا و19 امرأة أخرى من موريشيوس ضد موريشيوس (10) ، وتدعي أن صاحب البلاغ قصّر في تقديم الأدلة الكافية لبيان أن اللجوء إلى استخدام العنف البدني أو التعذيب خلال ج لسات الاستماع هو أكثر من احتمال نظري.

4-11 وتدعي الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثبات وقوع انتهاك للمادة 17 من العهد. فلم تبيّن رسالة صاحب البلاغ أن الدولة الطرف اتخذت إجراءات على الصعيد الدولي وقامت بأفعال غير مشروعة تمس بشرف صاحب البلاغ وسمعته على أساس ادعاءات كاذبة.

4-12 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد، تبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أصر على أنه لم يتمتع بحماية القانون كما يتمتع بها المواطنون النمساويون المقيمون في النمسا ولكنه قصّر في بيان كيف مورس هذا الت مييز ضده. وقصّر صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، في تقديم الأدلة التي تثبت أن قرار رفض منحه جواز السفر بناء على التشريعات الوطنية ذات الصلة، وبعد استعراض المحاكم لـه، كان تعسفياً. وتضيف الدولة الطرف، فيما يتعلق بأمر التوقيف الذي صدر بحق صاحب البلاغ، أن نفس ا لتدبير يتخذ أيضاً ضد أي شخص مقيم في النمسا وأنه قد تترتب عليه نفس الآثار المالية والشخصية.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يدعي صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة في 25 أيلول/سبتمبر 2000 أنه استنفد كافة سُبل التظلم القانونية الفعالة في قضيته. ويعترف صاحب البلاغ بأن الس لطات كلفت محامياً في إطار المساعدة القانونية لكي يُدافع عنه في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية بشأن الطلب الذي قدمه للحصول على جواز سفر عادي في 4 تموز/يوليه 1994، وقد انتهت هذه الدعوى بقرار صدر في 29 أيلول/سبتمبر 1994 لبيان أن صاحب البلاغ لم يراع الم هلة الزمنية المحددة لاستئناف الدعوى. ويدعي صاحب البلاغ أنه استأنف الدعوى أمام المحكمة الإدارية وأمام المحكمة الدستورية أيضاً في غضون الفترة الزمنية المحددة لذلك فور استلامه قرار قبول منحه المساعدة القانونية. ولكن قصّرت قنصلية النمسا في كوريتيبا في إحالة طل ب الاستئناف خلال الفترة المحددة لذلك. ويدعي صاحب البلاغ أنه إذا أُخذ في الاعتبار إقرار الدولة الطرف بأنه كان بإمكان المحكمة الإدارية أن تنظر في انتهاكات العهد، يمكن القول إن رفض منحه المساعدة القانونية حرمه بصورة تعسفية من حقوقه المنصوص عليها في الفقرة 1 م ن المادة 14 وفي المادة 26، والفقرتين 2 و3 من المادة 2 من العهد.

5-2 ويطعن صاحب البلاغ في ادعاء الدولة الطرف أنها استجابت لطلبه إذ منحته في 16 أيلول/سبتمبر 1994جواز سفر صالحاً لفترة مؤقتة من الزمن. وقد مُنح هذا الجواز للمثول أمام المحكمة الجنائية المحلية ول يس لاستخدامه بصورة غير مشروطة لأغراض تجارية. ويقول صاحب البلاغ إن وزارة الداخلية الاتحادية لم تكن قد بتت في ذاك الوقت في آخر دعوى رفعها لاستئناف قضيته. ويدعي صاحب البلاغ أن إصدار جواز سفر عادي لم يستهدف إلا تغطية أفعال غير قانونية وأنه يقر وقوع انتهاكات سا بقة للفقرة 2 من المادة 12 من العهد.

5-3 ويدعي صاحب البلاغ أن نية حماية الأمن العام حسب مفهوم الفقرة 3 من المادة 12 من العهد تحولت في قضيته إلى طلب للاستماع إلى أقوال شخص مشتبه به في جلسة تحقيق أولية. وبيّن صاحب البلاغ أن هذا الاستجواب كان من الممكن أن يتم في البرازيل في أي وقت من الأوقات. ويدعي صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، أن تقييد حقه لم يكن متناسباً وأي غرض مشروع من الأغراض ولم يشكل أقل السبل تشدداً. فقد يكون من المتناسب أن يُرفض منح الفرد جواز سفر في بلده عندما توجد دعاوى جنائية معلقة ضده ولكن في القضي ة الراهنة أرغمت الدولة الطرف صاحب البلاغ على العودة إلى بلده لإجراء تحقيقات جنائية معه على الرغم من درايتها بوضعه المادي الصعب. ورفض منحه جواز السـفر لا يتفق، بالإضافة إلى ذلك، وحقوقاً أخرى ينص عليها العهد، ولا سيما في المادة 26 وفي الفقرتين 1 و2 من المادة 14.

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفيما يتعلق بالفقرة 2(أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أكدت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يرفع قضيته إلى هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وبخصوص الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف بيّنت أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل التظلم المحلية المتاحة له. وتحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ قدم طلبات متشابهة مختلفة للحصول على جواز سفر عادي وأن سلطات الدولة الطرف رفضت كافة هذه الطلبات. ويبدو من ملف القضية أن دعوى استئناف القرار المتخذ بشأن الطلب الأول المقدم من صاحب البل اغ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 رفضتها في النهاية المحكمة الإدارية الاتحادية بتاريخ 29 أيلول/سبتمبر 1994 بحجة أنها رُفعت بعد مرور المهلة الزمنية المحددة لذلك. ولم يُذكر في رسائل الطرفين وجود أي قرار نهائي آخر بشأن أي طلب إضافي مقدم من صاحب البلاغ للحصول على جواز سفر عادي. وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب المادة 12، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سُبل التظلم المحلية وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وبخصوص شكوى صاحب البلاغ المت علقة بالقرار المتخذ ضد والدته بتهمة مساعدته وتحريضه على عدم تسليم ابنته إلى والدتها التي عُهد إليها بالحضانة، تذكِّر اللجنة بأنه لا يمكن لها النظر إلا في الرسائل الفردية المقدمة من المدعين أنهم ضحايا بأنفسهم أو من طرف أشخاص مخولين رسمياًُ بتمثيلهم. وتحيط ا للجنة علماً بأن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل خطي يثبت تخويله رسمياً باتخاذ الإجراء بالنيابة عن والدته. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد في هذا الصدد ما يبرر قضية صاحب البلاغ أمام اللجنة بالمعنى المقصود في المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بمطالبات صاحب البلاغ المتبقية والمعروضة في الفقرات 3-1 و3-3 و3-5 و3-7 و3-8 و3-9 أعلاه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم، لغرض البت في المقبولية، الأدلة اللازمة لإثبات ادعاءاته بوقوع انتهاك لأحكام العهد. ولا تجد اللجنة، على ضوء ما خلصت إليه بشأن عدم مقبولية البلاغ عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري، أي ضرورة للنظر في شروط المقبولية الأخرى بما فيها مسألة تعيين ما إذا كان يحظر على اللجنة بحكم اختصاصها الزمني النظر في بعض ادعاءات صاحب البلاغ.

7- وبناء عليه تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموج ب المواد 1 و2 و5 (2)(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار للدولة الطرف ولصاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

ال حواشي

(1) المادة 144 من القانون المدني النمساوي (Allgemeines B ürgerliches Gesetzbuch): "Die Eltern haben das minderjährige Kind zu pflegen und zu erziehen, sein Vermögen zu verwalten und es zu vertreten; sie sollen bei Ausübung dieser Rechte und Erfüllung dieser Pflichten einvernehmlich vorgehen. Zur Pflege des Kindes ist bei Fehlen eines Einvernehmens vor allem derjenige Elternteil berechtigt und verpflichtet, der den Haushalt führt, in dem das Kind betreut wird".

(2) البند 195 من قانون العقوبات النمساوي ( Strafgesetzbuch ).

(3) لا يعرف أين أو متى تم طلاق صاحب البلاغ وزوجته. ولكن يتبين من الملف أن صاحب البلاغ تزوج في البرازيل.

(4) آنذاك، الفقرة 1(3) (أ) من المادة 14 من قانون جوازات السفر (Passgesetz 1992).

(5) المادة 131 من الدستور الاتحادي؛ الفقرة 2 من المادة 42 من قانون المحكمة الإدارية.

(6) القضية رقم 861/1999، القرار الصادر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

(7) القضية رقم 81/1980، القرار الصادر في 27 آذار/مارس 1981.

(8) القضية رقم 263/1987، القرار الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992.

(9) القضية رقم 492/1992، القرار الصادر في 21 تموز/يوليه 1994.

(10) القضية رقم 35/1978، القرار الصادر في 9 نيسان/أبريل 1981.

ياء - البلاغ رقم 9٤٢/٢٠٠٠، جوناسين ضد النرويج *

(قرار اتخذ في ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٢، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد جارلي جوناس ين والأعضاء في منطقة رياست/هيلينغ لرعي قطعان الرنّة يمثلهم مكتب محاماة هوجورت Hjort DA ممثلة في المحامي إيريك كيسرود

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النرويج

تاريخ تقديم البلاغ : 9 شباط/فبراير ٢٠٠٢ (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة ٢8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٢،

تعتمد ما يلي:

القرار بشأن المقبولية

١- أصحاب هذا البلاغ هم رعاة الرنّة في منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hylling لرعي قطعان الرنّة وهم مو اطنون نرويجيون من أصل إثني صامي. ويدعون أنهم ضحايا لانتهاك النرويج (١) للمادة ٢٧ بالاقتران مع المادة ٢ والمادة ٢٦ والمادة ٢ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ويمثلهم محامٍ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

٢-١ الصاميون هم سكان أصليون يش كلون أقلية إثنية في النرويج، والمعروف أن تربية قطعان الرنّة تشكل جزءاً أساسيا من ثقافة الشعب الصامي. وهذا النشاط يشكل الشرط المادي الرئيسي للاستقرار في مناطق السكان الصاميين. وتوجد في النرويج ست مناطق مختلفة لرعي قطعان الرنّة. وهذه المناطق مقسمة إلى وحدات أصغر تسمى أقاليم مخصصة لرعي قطعان الرنّة يحق فيها لمجموعة واحدة أو عدة مجموعات من الصاميين أن يتركوا قطعان الرنّة تقتات العشب فيها.

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافول اتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إ يفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد ماكسويل يالدين.

ويرد في تذييل هذه الوثيقة نص رأي فردي وقع عليه أعضاء اللجنة السيد لويس هانكين، والسيد مارتن شاينين والسيد سولاري يريغوين.

٢-٢ وأصحاب البلاغ هم رعاة الرنّة الصاميين. وهم ينتمون إلى منطقة ريا ست/هيلينغ Riast/Hylling لرعي قطعان الرنّة وهي منطقة تستخدم تقليدياً لرعي قطعان الرنّة كل عام في الفترة من آذار/مارس - نيسان/أبريل إلى كانون الأول/ديسمبر - كانون الثاني/يناير. وقد تقررت حدود منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hyllin لرعي قطعان الرنّة بموجب مرسوم ملكي صدر في ١٠ تموز/يوليه ١89٤ وتغطي قرابة 9٠٠ ١ كيلومتر مربع. ويستخدم أصحاب البلاغ في موسم الرعي الشتوي منطقة فيموند Femund لرعي قطعان الرنّة إلى جانب منطقة إيساند Essand لرعي قطعان الرنّة وتستخدم المنطقة الأخيرة أيضاً للرعي في فصل الصيف. وتبلغ مساحة منطقة في موند Femundلرعي قطعان الرنّة قرابة ١٠٠ ١ كيلومتر مربع. وقد استخدم أصحاب البلاغ وأسلافهم منطقتي رياست/هيلينغ Riast/Hylling وفيموند Femund لرعي قطعان الرنّة منذ بداية القرن السابع عشر. وتشكل مناطق رياست/هيلينغ Riast/Hyllingوإيساند Essandوفيموند Femund لرع ي قطعان الرنّة إلى جانب حدود منطقة إيلغا Elgaa، منطقة تروينديلاغ/هيدمارك Troendelag/Hedmark لرعي قطعان الرنّة. وهي تقع في أقصى جنوب المناطق النرويجية لرعي قطعان الرنّة.

٢-٣ وفي الوقت الراهن يمتلك أصحاب البلاغ ١٠ قطعان يبلغ مجموعها قرابة ٥٠٠ ٤ رأس (رصيد فصل الشتاء قبل الانفصال الثلجي). وفي منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hyllikg تعتبر تربية الصاميين التقليدية لقطعان الرنّة مورد الرزق الرئيسي ومصدر الدخل الأساسي لقرابة ٤٥ شخصاً ينحدرون من أصل صامي.

٢-٤ وعملاً بالقانون النرويجي الخاص بتربية قطعان الرنّة الصادر في 9 ح زيران/يونيه ١9٧8 يحق لرعاة قطعان الرنّة الصاميين مزاولة أنشطة تربية قطعان الرنّة في المناطق المخصصة لهم. غير أنه وفقاً للقرار الذي اتخذته المحكمة العليا النرويجية في ١8 تشرين الثاني/نوفمبر ١988 "قضية كورسجوفيجيل " لا يحق لرعاة قطعان الرنّة الصاميين أن يتركو ا قطعان الرنّة التي يمتلكونها تقتات العشب في المنطقة إلا إذا كانوا يحوزون الحق في استخدام الرقعة المحددة موضع البحث وفقاً للقانون النرويجي. وهذا يعني ضمناً أنه إذا ادعى مالك الأرض موضع البحث أن رعاة الرنّة الصاميين لا يحق لهم أن يتركوا قطعانهم تقتات العشب على أرضه يتعين على رعاة الصاميين أن يثبتوا أنهم قد اكتسبوا هذه الحقوق وفقاً للقانون النرويجي الخاص باكتساب الحقوق والاستخدام منذ عهد موغل في القدم. ووفقا لقاعدة جديدة اعتمدها البرلمان في عام ١99٦ يكون ادعاء الصاميين سارياً إذا ظل الشك يساور القاضي بعد تقيي مه لجميع الأدلة المعروضة.

٢-٥ وكانت "قضية كورسجوفيجيل " تتعلق بجزء كبير من منطقة فيموند لرعي قطعان الرنّة. وادعى ملاك الأرض أن أصحاب البلاغ لا يحق لهم أن يتركوا قطعان الرنّة التي يمتلكونها تقتات العشب في المناطق الغربية من الإقليم وهي مناطق تصلح للرعي في فص ل الشتاء. وقررت المحكمة العليا أن أصحاب البلاغ لا يحق لهم أن يتركوا قطعان الرنّة التي يمتلكونها تقتات العشب في هذه الرقعة. وتغطي الرقعة موضع البحث قرابة ١١9 كيلومتراً مربعاً وتشكل قرابة ١١ في المائة من مجموع المساحة الكلية للإقليم (لا تشمل Lake Store Korssjo "ليك ستورِ كورسجو").

٢-٦ وفي ٢٤ تشرين الأول/أكتوبر ١99٧ أصدرت المحكمة العليا حكمها في "قضية أورسوندن لعام ١99٧ " فيما يخص حقوق رعي قطعان الرنّة في منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hyllikg لرعي قطعان الرنّة في فصل الصيف، وادعى ملاك الأرض أن أصحاب البلاغ لا يحق له م أن يتركوا قطعان الرنّة تقتات العشب في حقول المزارع التي يمتلكونها في المنطقة. وأصدرت المحكمة الابتدائية - وهي محكمة إقليم متدر غولدال - في ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ١99٤ حكماً في غير صالح أصحاب البلاغ. وطعن أصحاب البلاغ في الحكم أمام محكمة استئناف فروستاتنغ Frostating التي رفضت الطعن في ١٥ كانون الأول/ديسمبر ١99٥. وبعدئذ طعن أصحاب البلاغ في الحكم أمام المحكمة العليا بدعوى الخطأ في تطبيق القانون وفي إثبات الوقائع من جانب محكمة استئناف فروستاتنغ. وفي ٢٤ تشرين الأول/أكتوبر ١99٧ خلصت المحكمة العليا إلى أن أصحاب ا لبلاغ لا يحق لهم أن يتركوا قطعان الرنّة ترعى في الرقعة موضع البحث ورفضت الطعن بقرار الأغلبية (٤-١).

٢-٧ وفي قضية "أورسوندن ل عام ١99٧ " أولت المحكمة العليا أهمية كبرى لحكمها السابق الصادر في ٦ تموز/يوليه ١89٧ فيما يخص حقوق رعي قطعان الرنّة في الجزء الغربي من المنطقة المتنازع عليها. ورأت المحكمة أن " المحاكم كانت أقرب بقدر كبير إلى التوصل إلى دليل منذ قرن مضى " وأنه " يجب على المرء أن يحذر من إغفال تقدير المحكمة العليا للأدلة في عام ١89٧ ". غير أن الرقعة موضع المتنازع عليها كانت في عام ١89٧ تمتد إلى الغرب أكثر من الادعاء المقدم في القضية المرفوعة أمام المحكمة العليا في عام ١99٧. وبصدد مسألة الحقوق المتعلقة برعي قطعان الرنّة في الجزء الشرقي من المنطقة موضع النـزاع في قضية عام ١99٧ التي لم يتناولها الحكم الصادر في عام ١89٧ رأت المحكمة أن حكم المحكمة العليا الصادر في عام ١89٧ " لا بد أن يكون لـه نفس المفعول القانوني إلى حد ما ".

٢-8 غير أن القاضي ماتينغسدال القاضي في المحكمة العليا قال في رأي مخالف " إنني لدى تقييمي لوقائع الحالة أُعطي أهمية أقل للحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في عام ١89٧ مما أولاه لهذا الحكم أول قاضي ن ظر في هذه القضية. فإذا كانت نقطة الانطلاق هي أن حقوق الرعي ليست ملزمة قانوناً فيما يخص الجزء الشرقي من الرقعة سيتعين إجراء إعادة تقييم كامل للأدلة دون المساس بالنتائج التي خلص إليها تقييم الأدلة الذي أجرته المحكمة العليا في عام ١89٧". وبالرغم من أن الأغلب ية في " قضية أورسوندن لعام ١99٧ " رأت أن المسألة موضع النـزاع تنطوي من جوانب عديدة على تكرار لنزاع أدى إلى إصدار المحكمة العليا لحكمها في عام ١89٧ فإنها اتخذت قرارها بناء على التشريع الحالي.

٢-9 والمساحة المتنازع عليها في "قضية أورسوندن لعام ١99٧" تشكل ٤-٥ ف ي المائة من منطقة Riast/Hylling لرعي قطعان الرنّة لكن قيمتها المتعلقة بالرعي أهم بكثير . وعلاوة على ذلك فإن فقدان أصحاب البلاغ الحقوق المتعلقة بالرعي في " منطقة ستورسكارفين " المتنازع عليها في كلتا "قضية أورسوندن لعام ١99٧" و"قضية أورسوندن لعام ١997 " والحكم ا لصادر في عام ١897 وهي منطقة محدودة جداً في حجمها تجعل من المستحيل عليهم الوصول إلى المناطق المحيطة المتسعة والمستمرة التي لا يمكن عملياً الوصول إليها إلا عن طريق اجتياز المنطقة المحظورة.

٢-١٠ ونتيجة للحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في "قضية أورسوندين لعام ١997 " فقد أصحاب البلاغ قرابة ١٢٠ كيلومتراً مربعاً من حقول الرعي في منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hylling لرعي قطعان الرنّة. وإضافة إلى ذلك فقد أصحاب البلاغ قرابة ٣٣ كيلومتراً مربعا في قضية أخرى رُفعت أمام المحكمة هي "قضية تامينس" في ٦ تشرين الثاني/نوفمبر ١997.

٢-١١ وهناك أيضاً قضايا معلقة أخرى يمكن نتيجة لممارسة المحكمة العليا أن تسفر عن خسارة أخرى في حقول الرعي لأصحاب البلاغ.

٢-١٢ أولاً، أقام أصحاب البلاغ والرعاة في منطقة إيسماند Essand لرعي قطعان الرنّة دعوى قضائية جديدة فيما يتعلق بالأجزاء الشمالية/الغربية من المنطقة وهي "قضية سلبو" التي تغطي مساحة تبلغ قرابة 9٠ كيلومتراً مربعا من مساحة منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hyllikg. وفي هذه القضية حكمت محكمة بروستاتنغ للاستئناف في ١7 آب/أغسطس ١999 لصالح أصحاب البلاغ بأغلبية (٣-٢), وصوتت الأقلية ضد أصحاب البلاغ وكانت حجتها هو الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا بأغلبية أعضائها في "أورسوندن لعام ١997". وأُقيمت دعوى استئناف أمام المحكمة العليا في ١9 تشرين الأول/أكتوبر ١999. وعند تقديم أصحاب البلاغ لرسالتهم الأولى لم تكن المحكمة العليا قد قررت بعد ما إذا كان ينبغي قبول الطعن.

٢-١٣ وثانياً نشأ نزاع آخر في منطقة " هولتالين " وتقع في الجزء الشرقي من منطقة رياست/هيلينغ Riast/Hylling لرعي قطعان الرنّة وتشمل مساحة تقرب من ٤٥٠ كيلومتراً مربعاً. غير أنه في نزاع آخر يسمى "قضية كفيبسدال" يتعلق بمساحة صغيرة في وسط منطقة فيموند لرعي قطعان الرنّة حكمت المحكمة لصالح أصحاب البلاغ.

٢-١٤ وفي "قضية أورسوندن لعام ١997 " السالف ذكرها استندت المحكمة العليا إلى الحكم الصادر في عام ١897، وفي القضية الأخيرة أشارت المحكمة العليا إلى قرار أصدرته المحكمة العليا يرقى تاريخه إلى عام ١89٢ فيما يتعلق بالمنطقة ذاتها. وكان من بين المواد المقدمة إلى المحكمة العليا في قضية عام ١897 وقضية عام ١89٢ على السواء دراسة بشأن السكان الصاميين في جنوب النرويج نشرها في عام ١888 البروفسور ينغفار نيلسن Yngvar Nielsen وهو أستاذ في علم الإثنيات. وعرض البروفسور نيلسن في دراسته نظرية جدي دة تخالف الرأي العام عندئذ تعني ضمناً أن الشعب الصامي قد نزح من الشمال متجهاً إلى منطقة روروس في منتصف القرن الثامن عشر وأنهم دخلاء على المنطقة. ونالت النظرية تأييداً من اللجنة المعنية بالرعاة الرحل التي عُينت في عام ١889. ووفقاً لأصحاب البلاغ علَّقت المحك مة العليا أهمية كبيرة على هذه النظرية، واستندت في حكمها إلى أن الفلاحين قد استقروا في المنطقة موضع البحث قبل دخول الصاميين إلى المنطقة. غير أن البحوث الأخيرة تبين أن الصاميين قد دخلوا جنوب النرويج قبل ذلك بنحو ١٥٠ عاماً، كما توضح الدراسات المتعلقة بالآثار أن الشعب الصامي كان موجوداً - ولا يزال - في جنوب النرويج قبل العصور الوسطى.

٢-١٥ ولتوضيح النهج الذي اتبعته اللجنة المعنية بالرعاة الرحل إزاء الشعب الصامي قدم أصحاب البلاغ الترجمة التالية لفقرة وردت في صفحة ٣٣ من تقريره: " وهناك أمر آخر هو أنه ينبغي للمرء أن يحترم حقوق الرعاة الرحل. لكنه يجب أيضاً عند تقييم الحقوق المتبادلة للرعاة الرحل والمقيمين والتزاماتهم تجاه بعضهم البعض أن يضع المرء في اعتباره الظروف المختلفة لأعمالهم ذلك أن الفلاح يتحمل أعباءً ثقيلة لدى قيامه بأعمال الزراعة الشاقة والصعبة في حين أن الرا عي المتنقل الذي يتغير أسلوب حياته من المشقة إلى الكسل لا يتحمل هذه الأعباء في العادة ".

٢-١٦ وتتابع اللجنة المعنية بالرعاة الرحل بقولها في صفحـة ٤١: "... وعنـدما يتعـلق الأمـر بمجتمعات Sondre Trondhjem and Hedemarken يكون الفلاحين قد باشروا في زراعة الأرض ق بل وصول الرعاة الرحل بوقت طويل وبدأوا إلى حد كبير في استغلال الوديان والجبال. وبالتالي فليس هناك أي مجال للشك في أن الرعاة الرحل هم الذين فرضوا أنفسهم على الفلاحين وشكلوا مصدر إزعاج منذ ذلك الحين. وفي وقت لاحق قام الفلاحون بزراعة الأرض وأقاموا المزارع على الجبال واضطلعوا بأعمال تمهيد الأراضي في المناطق الجبلية حيث من المحتمل أن يكون الرعاة الرحل يتجولون دون قيود فيما مضى لكنه لا يمكن في العادة افتراض أن حقوق الرعاة الرحل قد انتهكت إذ إن هذه الحقوق - كما ذكر في اقتراح اللجنة في عام ١88٣ - لا يمكن أن تعتبر ذا ت طابع من شأنه أن يستبعد أو يمنع التنمية الرشيدة للزراعة وتحقيق التقدم ".

٢-١7 وفي نهاية القرن التاسع عشر أصدرت الحكومة النرويجية تعليمات تحرم بموجبها الأطفال الصاميين من الحق في استخدام اللغة الصامية في المدارس واعتمدت أحكاماً مفادها أن الأشخاص الذين يتحدث ون اللغة النرويجية هم وحدهم الذين يحق لهم حيازة الممتلكات الموزعة (٢) . وذكر وزير الداخلية في ٢ شباط/فبراير ١8٦9: "... من الناحية الاقتصادية وباستثناء القبائل الرحل من مقاطعة فينمارك Finmark) ) الذين يبقون في النرويج طوال العام، ليس هناك أي شك في أن ثقافة الق بائل الرحل تشكل عبئاً ثقيلاً على النرويج وأنه لا توجد لها أي مزايا في المقابل، وأنه يجب على المرء أن يطالب بوقفها دون أي شروط".

٢-١8 ويؤيد البلاغ الجمعية الصامية ومجلس تربية حيوانات الرنة والرابطة النرويجية لرعاة الرنة الصاميين.

الشكوى

٣-١ يدعي أصحاب البلا غ وقوع انتهاكات لحقوقهم بموجب العهد وذلك لأن الدولة الطرف لم تعترف ولم تحترم حقوقهم في ترك قطعانهم تقتات العشب في مراعيها التقليدية مما يمثل خرقاً للمادة ٢7 بالاقتران مع المادة ٢ من العهد. وعلاوة على ذلك يدعي أصحاب البلاغ انتهاك المادة ٢٦ لأن المحكمة العلي ا النرويجية قد اعتمدت في نظرها على وقائع جرت في القرن التاسع عشر عندما كان الصاميون يتعرضون للتمييز وكان هناك انحياز لمزاعم أصحاب الأراضي النرويجيين فيما يتعلق بحقوق الملكية الخاصة.

٣-٢ ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ٢7 بالاقتران من ال مادة ٢ من العهد بعدم قيامها بكفالة حق أصحاب البلاغ في التمتع بثقافتهم الخاصة. وأشاروا إلى التعليقين العامين للجنـة رقم ٢٣ و١8 (٣) ، وقضية أومينا ياك ضد كندا (٤) وسارا وآخرون ضد فنلندا (٥) وإلماري لانز مان وآخرون ضد فنلندا (٦) وكيوتوك ضد السويد (7) وجوني لانزمان ضد فنلندا (8) وهي قضايا تتعلق بحقوق السكان الأصليين بموجب العهد.

٣-٣ ويذكر أصحاب البلاغ بوجه خاص أن اللجنة قد اعترفت بأن المادة ٢7 تفرض التزاماً على الدول الأطراف ليس فحسب فيما يخص حماية الجوانب غير المادية لثقافة الشعوب الأصلية وإنما أيضاً توفير حماية قانو نية للأسس المادية لثقافتهم (9) . ثم أشار أصحاب البلاغ فيما يخص تفسير المادة ٢7 من العهد إلى الفقرة ٢ من المادة ١ من العهد التي تقضي بأن لجميع الشعوب الحق في التصرف الحر في ثرواتها ومواردها الطبيعية وأنه لا يجوز حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة (١٠) .

٣-٤ وبخص وص قضيتي لانزمان ضد فنلندا التي لم تجد فيهما اللجنة أي انتهاكات للمادة ٢7 يشير أصحاب البلاغ إلى بعض الخلافات ما بين هاتين القضيتين والقضية الراهنة. فهم يدعون أولاً أن المسألة موضع البحث في قضيتي لانزمان كانت هي ما إذا كان اتخاذ إجراء منفرد من جانب الدولة ا لطرف يمثل أو لا يمثل إنكاراً للحقوق التي تقتضيها المادة ٢7 في حين أن ادعاء أصحاب البلاغ في القضية الراهنة هو أن النظام الحالي للعدالة ينتهك هذه الحقوق. وثانياً، أن الأنشطة المتعلقة برعي قطعان الرنّة في قضيتي لانزمان قد تعطلت نتيجة لأنشطة جرى الاضطلاع بها ف ي المنطقة، في حين أن أصحاب البلاغ قد حرموا من المناطق المخصصة لرعي قطعان الرنّة. ونظراً للنتائج السلبية "قضية أورسوندن لعام ١997 "، و "قضية كورسجوفيجيل " و "قضية تامينس " وكذلك النتائج السلبية المحتملة لقضيتي " سلبو " و" هولتالين " تعرض أصحاب البلاغ لعدة تخفيضات في حقوقهم المتعلقة برعي قطعان الرنّة.

٣-٥ وعلاوة على ذلك فحيث إن منطقة أورسوندن تشكل جزءاً لا يتجزأ من منطقة رعي ذات أهمية قصوى في إقليم رياست/هيلينغ، وبحرمان أصحاب البلاغ من سبل الوصول إلى منطقة أورسوندن لم يعد لديهم عملياً أي سبيل للوصول إلى المناطق الملحق ة بها. وبالتالي فإن أصحاب البلاغ يتعرضون لخطر الإنهاء التام لأعمالهم المتعلقة بتربية حيوانات الرنّة. ويزعمون أن الوسيلة الوحيدة لمنع قطعان الرنّة من الرعي في المنطقة موضع النزاع في "قضية أورسوندن لعام ١997 " و "قضية كورسجوفيجيل " هو وضع سياج على الحدود الخارج ية للمنطقة أو إحكام مراقبة قطعان الرنّة. ووفقاً لأصحاب البلاغ لا يعتبر أي من هذين البديلين واقعياً إذ إن الأسيجة ستغطى بالثلج في فصل الشتاء كما أن مصاريف الصيانة ستكون باهظة بدون مبرر.

٣-٦ ولذلك يجدر بالذكر أنه على خلاف قضيتي لانزمان قامت المحكمة العليا ف ي "قضية أورسوندن لعام ١997 " برفض الطعن دون مناقشة حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢7 من العهد. وأخيراً يذكر أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا في "قضية أورسوندن لعام ١997 " قد أولت أهمية قاطعة للحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في عام ١897 عندما كان السكان الصاميو ن يتعرضون لتمييز صارخ.

٣-7 ويزعم أصحاب البلاغ أن المحكمة العليا النرويجية وكذلك الدولة الطرف بوجه عام لم تقم بحماية الأساس المادي لثقافة السكان الصاميين الجنوبيين وفقاً للأحكام المنصوص عليها في المادة ٢7 والمادة ٢ من العهد وذلك بإيلاء أهمية كبرى لعمليات تق ييم أجريت في فترة زمنية تتصف بالتمييز والإدماج القهري للشعب الصامي وكذلك وجود رأي رسمي بأن تربية الصاميين لحيوانات الرنة تشكل عبئاً على الفلاحين النرويجيين.

٣-8 ويزعم أصحاب البلاغ أيضاً أن القانون النرويجي الخاص باكتساب الحقوق الناجمة عن الاستخدام منذ عهد موغل في القدم كما جرى تفسيره وممارسته من جانب المحاكم النرويجية يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة ٢7. والواقع أن عدم اعتراف المحاكم النرويجية بثقافة السكان الصاميين وتصورهم عن القانون وباقتضائها ذات الشروط فيما يخص اكتساب الحق في رعي قطعان الرنّة لغيرها من ا لأمور المتعلقة بالملكية، قد جعلت من المستحيل على أصحاب البلاغ وعلى السكان الصاميين في مناطق كثيرة - نظراً لأسلوب حياتهم القائم على الترحال - اكتساب حقوق قانونية فيما يخص الرعي مما يمكنهم من التمتع بثقافتهم الخاصة.

٣-9 ولاكتساب حقوق قانونية في الرعي على أس اس الاستخدام منذ عهد موغل في القدم يتعين على أصحاب البلاغ أن يثبتوا للمحكمة أنهم قد استخدموا الرقعة موضع البحث لمدة تزيد على مائة عام. ولقد ثبت صعوبة ذلك في الممارسة العملية إذ إن الشروط المتعلقة باكتساب حقوق الرعي نتيجة للاستخدام منذ عهد موغل في القدم لا تضع في الاعتبار الخصائص المحددة لرعي قطعان الرنّة ولا ثقافة السكان الصاميين وتصورهم عن حقوق امتلاك الأراضي. ولقد وضعت الشروط على أساس حقوق الرعي المتعلقة بالماشية ومن ثم لا يعتبر الرعي المتقطع كافياً لإثبات الحقوق الخاصة بالرعي بصورة قانونية.

٣-١٠ ورعي قطع ان الرنّة يفرض أعباء ثقيلة على مساحة الأراضي ذلك أن قطعان الرنّة لا ترعى مطلقاً بالفعل في نفس الرقعة عاماً بعد عام. وبدلاً من ذلك تنتفع قطعان الرنّة من كامل الرقعة الصالحة للرعي. ومن طبيعة حيوانات الرنة التأقلم مع البيئة المحيطة بها والتضاريس وحالة المرعى وظروف الطقس والمناخ. وهذه الظروف تحدد مدى اتساع الرقعة اللازمة للرعي. وحيث إن استخدام الأراضي ضروري للحفاظ على ثقافة أصحاب البلاغ، فقد كان أثر الشروط النرويجية لاكتساب ملكية الأراضي هو أن أصحاب البلاغ حرموا من حقوقهم الأساسية بمقتضى المادة ٢7 من العهد. ويش ير أصحاب البلاغ إلى البيان الذي أصدره البرلمان الصامي في ٢7 تشرين الثاني/نوفمبر ١997.

٣-١١ ويزعم أصحاب البلاغ أن من الصعب إثبات الاستيطان الأسبق عهداً في المناطق المتنازع عليها إذ إن أكواخهم وأسيجتهم كانت مصنوعة من مواد قابلة للتحلل كما أن الشعب الصامي لم يكن لديه أبداً ثقافة مكتوبة.

٣-١٢ ويزعم أصحاب البلاغ كذلك أن الدولة الطرف لم تقم بدور فعال في حماية حقوقهم إذ إنها لم تتدخل في النزاعات العديدة التي عرضها على المحاكم ملاك الأراضي في أقاليم أصحاب البلاغ الخاصة برعي قطعان الرنّة على مدى السنوات العشر الماضي ة. ولقد تعرض أصحاب البلاغ والشعب الصامي بوجه عام لسنوات من النزاعات والدعاوى القضائية والمعاناة الشخصية من الناحيتين الاقتصادية والشخصية، نظراً لامتناع الدولة الطرف عن التدخل قبل أن يصدر حكم من محكمة عليا بشأن النزاع.

٣-١٣ وقد طلب أصحاب البلاغ أن تقوم الدو لة الطرف بالتجريد من حق رعي قطعان الرنة في المناطق المتنازع عليها في "قضية كورسجوفيجيل " و "قضية أورسوندن لعام ١997 "، لكن الالتماسات لا تزال معروضة على السلطات الإدارية.

٣-١٤ وأخيراً يزعم أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة ٢ بالاقتران مع المادة ٢7 بإخفاقها في كفالة حقوق أصحاب البلاغ في التمتع بثقافتهم الخاصة.

٣-١٥ وفيما يخص زعم أصحاب البلاغ بوقوع انتهاك بموجب المادة ٢٦ من العهد، يدعي أصحاب البلاغ بأن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في "قضية أورسوندن لعام ١997 " لم يكفل الحماية لأصحاب البلاغ من التم ييز إذ إنه استند في إثباته للوقائع إلى حيثيات قدمتها المحكمة العليا في عام ١897، في وقت كان فيه الرأي العام تمييزا إزاء الشعب الصامي. ويزعم أصحاب البلاغ أن التفريق بين أصحاب البلاغ وملاك الأراضي الخاصة في المنطقة موضع النزاع لا يستند إلى معايير موضوعية ومع قولة.

٣-١٦ ويزعم أصحاب البلاغ أن أوجه الانتصاف المحلية لم تستنفد عن طريق الدعاوى القانونية الوطنية في "قضية كورسجوفيجيل " و "قضية أورسوندن عام ١997 " و "قضية تامينس " التي فصلت فيها أخيراً المحكمة العليا النرويجية. ولا تزال هناك دعوى قانونية منظورة هي "قضية سي لبو " وكذلك نزاع جديد نشأ في منطقة كبيرة بين منطقتي أورسوندن وسيلبو تدعى " هولتالين " وبرغم أن أصحاب البلاغ يطلبون في المقام الأول من اللجنة أن تقيم ما إذا كانت المحكمة العليا في "قضية أورسوندن لعام ١997 " و "قضية كورسجوفيجيل " والدولة الطرف بوجه عام قد عجزت عن حماية الأساس المادي لثقافة الشعب الصامي الجنوبي وما إذا كان النظام القانوني النرويجي في حد ذاته ينطوي على انتهاكات للعهد، يقول أصحاب البلاغ إن اللجنة ينبغي أن تضع في اعتبارها القضايا التي صدرت بشأنها أحكام نهائية ومتطورة على السواء. ويرى أصحاب البلاغ أنه ل ا يمكن أن ينتظر منهم الاستمرار في تقديم نفس الالتماسات إلى نفس المحاكم الوطنية بالاستناد إلى نفس الوقائع تقريباً بالنسبة لكل رقعة على حدة تقع في إقليمهم قبل أن تقرر اللجنة ما إذا كان أو لم يكن العهد قد انتهك.

٣-١7 وقدم أصحاب البلاغ طلباً بنزع الملكية إلى ا لسلطات الإدارية في النرويج لضمان توفر الأراضي اللازمة لرعي قطعان الرنّة. ومع ذلك فإنهم يرون أن من المستحيل عملياً تجنب دخول قطعان الرنة إلى المناطق المشمولة بالقرارات في "قضية كورسجوفيجيل " و "قضية أورسوندن عام ١997 " وبالتالي فإنهم يتعرضون لخطر دائم باتهامه م بالاستخدام غير المشروع لهذه المناطق. وللسلطات حرية التقدير في اتخاذ قرار بشأن الطلب المقدم بنزع الملكية. من المتوقع أن يستغرق بحث الطلب وقتاً طويلاً كما أن النتيجة غير مؤكدة. ووفقاً لأصحاب البلاغ لم يحدث حتى الآن أن الرعاة من قبائل الصامي ممن يتماثل وضعه م مع أصحاب البلاغ أن منحوا تعويضاً تاماً عن طريق نزع الملكية. وبرغم أن قضية نزع الملكية ما زالت منظورة فإن أصحاب البلاغ يرون أنه بعد انقضاء ما يزيد على ١٠٠ عام على النـزاع مع ملاك الأراضي الخاصة فينبغي أن تعتبر سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت أو لم تعد فعا لة.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٤-١ قدمت الدولة الطرف، بمذكرة شفوية بتاريخ ١٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠٠، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وتعترض الدولة على مقبولية البلاغ بموجب المادتين ٢ و٢٦ لعدم إقامة الدليل، وكذلك الادعاء بموجب المادة ٢7 لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية ولأن أصحاب البلاغ لا يمكن أن يعتبروا ضحايا بالمعنى المقصود من المادة ١ من البروتوكول الاختياري.

٤-٢ وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة ٢7 والشرط الوارد في المادة ١ من البروتوكول الاختياري تشير الدولة الطرف إلى أن " الحجة الرئيسي ة لأصحاب البلاغ هو أن القانون النرويجي بصدد اكتساب الحقوق الناتجة عن الاستخدام منذ عهد موغل في القدم حسبما فسرته ومارسته المحاكم النرويجية، يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة ٢7" . وترى أن هذا يشكل دعوى حسبة تتعلق بالصالح العام ينبغي ألا تتناولها اللجنة. وتقول الدولة الطرف إن المسألة المعروضة على اللجنة ينبغي أن تكون ما إذا كانت حقوق أصحاب البلاغ بموجب العهد قد انتهكت نتيجة للقرارات التي أصدرتها المحاكم في قضايا محددة، ذات أهمية لأصحاب البلاغ.

٤-٣ وعلاوة على ذلك تذكر الدولة الطرف أن جميع الدعاوى القضائية المشار إليها في البلاغ تتعلق بحقوق أصحاب البلاغ في الرعي في أراضي مملوكة ملكية خاصة بموجب القانون النرويجي الخاص. وتؤكد الدولة الطرف أن هذه القضايا تتضمن الموازنة بين المصالح الخاصة المشروعة للسكان الصاميين من ناحية وحق ملاك الأراضي في حماية ممتلكاتهم من الناحية الأخرى. وتشير إلى أن الملكية الخاصة مكفولة بموجب الدستور النرويجي وكذلك كجزء من البروتوكول الأول للاتفاقية الأوروبية بشأن حقوق الإنسان التي ضمنت في القانون النرويجي، وترى أن من الضروري مراعاة هذه الأحكام لدى النظر في مدى التزام الدول الأطراف بتنفيذ معايير منصوص عليها في القانون المدني تتمتع بموجبها مجموعة ما بمعاملة تفضيلية نظراً لأصلهم الإثني.

٤-٤ وتشير الدولة الطرف إلى أن إنشاء منطقة لتربية حيوانات الرنّة لا يرسي في حد ذاته حقوقاً للرعي في تلك المنطقة. ولا بد أن يكون لدى الرعاة إضافة إلى انتمائهم إلى ال منطقة المحددة للرعي أساس قانوني في القانون النرويجي فيما يخص حقوقهم للرعي تجاه ملاك الأراضي مثل استخدام الأراضي منذ عهد موغل في القدم أو التعاقد أو نزع الملكية. وفي هذا السياق تؤكد الدولة الطرف أنه في " قضية كورسجوفيجيل" و"قضية أورسوندن لعام ١997" كلتيهما، رأت المحكمة العليا أن أصحاب البلاغ لم يكتسبوا حقوق الرعي في المنطقة موضع النـزاع أي أن أصحاب البلاغ لم يكن لهم قط مثل هذه الحقوق في المناطق موضع البحث. وهذا يتناقض مع الافتراض الواضح للبلاغ وهو أن حق الرعي قد فقد.

٤-٥ وبصدد مزاعم صاحب البلاغ بموجب المادتي ن ٢ و٢٦ تقول الدولة الطرف إن الأهمية الاثباتية التي أولتها المحكمة العليا في " قضية أورسوندن لعام ١997" للنتائج التي تم التوصل إليها في الحكم الصادر في عام ١897 كانت تستند إلى حجج أصحاب البلاغ بأن تقدير المحكمة العليا للوقائع في عام ١897 كان خاطئاً. ومضمون مزاعم أصحاب البلاغ، مقارنة بالحكم الصادر في عام ١897، وهو أنهم يحوزون حقوقاً مكتسبة للرعي في المنطقة بحكم استخدامهم للأراضي منذ عهد موغل في القدم. وفيما يخص قضية عام ١897 ذكرت المحكمة العليا في عام ١997 ما يلي:

٤-٦ "تتضمن هذه القضية تقديم أدلة وافرة بالإض افة إلى شهادات من الأطراف وشهود بالنيابة عن الشعب الصامي وملاك الأراضي على حد سواء. كذلك فإن المحكمة الابتدائية قد قامت بزيارة الموقع. وفي ذلك الوقت كانت هناك أيضاً مسألة موضع البحث تتعلق ببقايا مستوطنات الشعب الصامي. ونحن نعلق أهمية على حقيقة أن المحاكم ك انت أقرب ما يكون إلى التوصل إلى دليل منذ قرن مضى أساساً بخصوص الاستخدام المزعوم للمنطقة موضع النـزاع بغرض رعي قطعان الرنّة. وكان لدى العديد من الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم في المحكمة الابتدائية والتي على أساسها أصدرت المحكمة العليا حكمها، خبرة "بالوضع" ترق ى إلى عام ١8٢٠".

٤-7 ووفقاً للدولة الطرف نظرت المحكمة العليا في عام ١997 في ادعاءات أصحاب البلاغ التي قدمت إلى اللجنة بموجب المادتين ٢ و٢٦ ورأت عدم وجود أي أدلة تثبت أن الأحكام التي أصدرتها المحكمة العليا في عام ١897 كانت منحازة في تقديرها للأدلة. وذكرت ال محكمة العليا في عام ١997 ما يلي:

٤-8 " يتضح جلياً من الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في (عام ١897) أن المحكمة علقت أهمية حاسمة على الشهادة الشاملة بشأن وجود وتكرر رعي قطعان الرنة في المنطقة المتنازع عليها ذاتها. وليست هناك أي أدلة تثبت الرأي القائل بأن الم حكمة كانت منحازة منذ البداية في وزن الأدلة".

٤-9 وتقر الدولة الطرف بالطلب الفعلي المقدم لاستعراض النتائج التي خلصت إليها المحكمة فيما يخص أدلة القضية. وحيث إن أصحاب البلاغ لم يقدموا أي أدلة يمكن أن تشكل أساساً لمراجعة النتائج التي خلصت إليها المحكمة العلي ا ترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان أن ادعاءات أصحاب البلاغ بموجب المادتين ٢ و٢٦ من العهد غير مقبولة لعدم إقامة الدليل.

٤-١٠ وفيما يتعلق بالمادة ٢7 من العهد تشير الدولة الطرف إلى مزاعم أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقم بأداء التزاماتها الإيجابية بمقتضى ت لك المادة، وخاصة باقتضاء نفس الشروط لاكتساب الحقوق المتعلقة باستخدام الأراضي من جانب الشعب الصامي على النحو الذي تقتضيه بالنسبة للقانون الخاص بالممتلكات. وفي هذا الصدد تقول الدولة الطرف إنه حتى ولو افترض المرء مسبقاً أن هذه الالتزامات تنطبق في الحالة الراه نة فلا يترتب على ذلك بالضرورة أنه يتعين على الدولة الطرف الوفاء بها عن طريق خفض الشروط في القانون المحلي الخاص بالممتلكات فيما يخص الشعب الصامي. وعوضاً عن ذلك تكفل مصالح الشعب الصامي من خلال نزع الملكية إذا كانت حقوق الرعي قد أرسيت من قبل بالقدر الكافي في المناطق المخصصة لتربية حيوانات الرنة.

٤-١١ ولهذا الغرض منح لأصحاب البلاغ الحق في تقديم التماس إلى الدولة الطرف لكفالة الحقوق اللازمة للرعي من خلال نزع الملكية. وتقول الدولة الطرف إن هذا الخيار يشكل أحد سبل الانتصاف المتاحة والفعالة التي لم تستنفد في هذه ال دعوى.

٤-١٢ ويجدر بالذكر في هذا الصدد أنه وفقاً "لقضية كورسجوفيجيل" التي ذكرت فيها المحكمة العليا أن التسمية الإدارية لمناطق محددة للرعي لا تعتبر أمراً حاسماً لاكتساب حقوق الرعي بموجب القانون الخاص، عدل في عام ١99٦ البند ٣١ من القانون الخاص بتربية حيوانات الرنة. ولتوسيع نطاق حقوق المستخدمين من الصاميين في مناطق الرعي عدل القانون للسماح بنزع ملكية الأراضي لضمان حقوق المستخدمين. ووفقاً للأعمال التحضيرية للقانون (١١) كان الغرض من التعديل هو:

٤-١٣ "أن تتاح للسلطات الحكومية السبل اللازمة لاتخاذ خطوات إيجابية لضما ن مصالح السكان الصاميين في رعي قطعان الرنّة ويذكر أن التشريع الحالي لا يخول هذه الصلاحيات. ودون توسيع نطاق الحكم القانوني بنزع الملكية لن يكون بإمكان السلطات منع النـزاعات أو تسويتها".

٤-١٤ وعلى إثر هذا التعديل أصبح مبدأ كفالة الحقوق اللازمة للرعي عن طريق نزع الملكية يشكل جزءاً من سياسة الدولة الطرف وكذلك تعليمات وزارة الزراعة الموجهة إلى السلطات المعنية. وفضلاً عن ذلك تذكر وزارة الحكم المحلي والتنمية الإقليمية في تقرير قدمته إلى البرلمان (١٢) بصدد المناطق المعنية في " قضية أورسوندن لعام ١997" و "قضية كورسجوفي جيل" ، أنه قد يجري التجريد من حقوق تربية حيوانات الرنّة لضمان وضع السكان الصاميين لكنه يجب قبل الوصول إلى حد التجريد من الحقوق بذل قصارى الجهود للتوصل إلى ترتيبات ودية مثل الاتفاقات الخاصة بالتأجير التي تشارك فيها الدولة.

٤-١٥ وفي ٢ نيسان/أبريل ١998، قدم أ صحاب البلاغ مطالبات تتعلق بنزع الملكية إلى الحكومة النرويجية فيما يتعلق بالأرض المتنازع عليها في "قضية أورسوندن لعام ١997" ، وفي 9 نيسان/أبريل ١99٠ فيما يخص "قضية كورسجوفيجيل" . وفي تاريخ تقديم الدولة الطرف للتقرير لم تكن الحكومة النرويجية قد تلقت سوى هذين ا لتقريرين بعد تعديل القانون في عام ١99٦. وبخصوص القضايا الأخرى التي ساقها أصحاب البلاغ يجدر بالذكر أنهم كسبوا " قضية كيفبيسدال " ولا تزال "قضية سيلبو" منظورة أمام المحكمة العليا ولم يقدموا أي طلب بنزع الملكية في "قضية تامينس " .

٤-١٦ ووفقاً للبند ١٢ من القانون الخاص بنزع الملكية الصادر في ٢٣ تشرين الأول/أكتوبر ١9٥9، يشجع الأطراف على أن يحاولوا التوصل إلى تسويات ودية قبل بدء إجراءات نزع الملكية. وبصدد "قضية أورسوندن لعام ١997" قام وزير الزراعة بالتالي بتعيين لجنة للتفاوض في ٤ تشرين الثاني/نوفمبر ١998، وقام ملاك ا لأراضي بتعيين لجنة التفاوض الممثلة لها. وسمعت أقوال أصحاب البلاغ أثناء عملية التفاوض عن طريق اجتماعات عقدت مع اللجنة المعينة من الحكومة ومن خلال تعليقات خطية على مشروع اتفاق والاتفاق المقترح مع ملاك الأراضي. وفي ٤ شباط/فبراير ٢٠٠٠، توصلت هاتان اللجنتان إلى اتفاق وأوصت كلتا المجموعتين باتباعه.

٤-١7 ويتضمن الاتفاق قرابة 8٠ في المائة من مجموع مساحة الأرض المخصصة للرعي التي تبلغ ١٢١ كيلومتر مربعاً تشمل موضوع الالتماس بنزع الملكية وإقامة سياج لحيوانات الرنّة لمسافة تقرب من ٤٠ كيلومتراً. والغرض من السياج هو تيسي ر وفاء الرعاة بالتزامهم القانون بكبح حركة قطعان الرنّة وحصرها على الأراضي المخصصة للرعي بحكم القانون. ووفقاً للاتفاق المقترح تدفع الدولة الطرف إيجار الرعي السنوي وتكلفة إقامة وصيانة الأسيجة الخاصة بقطعان الرنّة. ولقد دفعت الدولة الطرف كافة التكاليف المتعلق ة بالتفاوض التي بلغت قيمتها ٠٠٠ ٤٣٠ كرونة نرويجية وتبلغ التكلفة التقديرية لإقامة الأسيجة الخاصة بقطعان الرنّة نحو ٤.٢ مليون كرونة نرويجية.

٤-١8 وبالرغم من هذا الاتفاق الموصى به، فقد أخطر أصحاب البلاغ وزارة الزراعة في أيار/مايو ٢٠٠٠ أنهم لا زالوا يلتمسون ن زع الملكية. وتثق الحكومة في أن وزارة الزراعة ستقوم بكفالة مصالح أصحاب البلاغ إما بإبرام الاتفاق الموصى به و/أو باتخاذ قرار بنزع الملكية. وعلى أية حال فإن الحكومة النرويجية سوف تقترح على البرلمان دفع التكاليف التي ينطوي عليها الأمر.

٤-١9 ومن المرجح أن يطبق نفس الإجراء الذي يتناوله الوصف أعلاه على الالتماس بنزع الملكية فيما يتعلق بالأرض المتنازع عليها في "قضية كورسجوفيجيل" . وعلاوة على ذلك، تزعم الدولة الطرف أن قرارات المحكمة موضع البحث لم يكن لها حتى الآن أي تأثير على الاستخدام الفعلي لأصحاب البلاغ في الأرض المتنازع عليها لأغراض تربية قطعان الرنّة. وأن الاتفاق الموصى به في "قضية أورسوندن لعام ١997" يفترض مسبقاً أن الدولة الطرف ستقوم بدفع التكاليف المتعلقة باستخدام الصاميين للأرض المتنازع عليها ابتداء من تاريخ صدور الحكم في ٢٤ تشرين الأول/أكتوبر ١997بصدد قضية "أورسوندن" .

٤-٢٠ وتجادل الدولة الطرف بأن إمكانية تقديم التماس بنزع الملكية يشكل أحد سبل الانتصاف المتاحة بالمعنى المقصود من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري. وترى أن اللجنة ليست في وضع يسمح لها بالبت فيما إذا كان أصحاب البلاغ ضحايا انتهاك المادة ٢7 ما دامت التماساتهم بنزع الملكية منظورة.

تعليقات أصحاب البلاغ

٥-١ برسالة مؤرخة ١٣ آب/أغسطس ٢٠٠١، قدم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على ملاحظات الدولة الطرف.

٥-٢ وينازع أصحاب البلاغ في زعم الدولة الطرف أنهم ليسوا ضحايا بالمعنى المقصود من المادة ١ من البروتوكول الاختياري لأنها ترى أن الادعاء يشكل دعوى حسبة تتعلق بالصالح العام. ويزعم أصحاب البلاغ أنهم تضرروا بصورة شخصية من القانون المتعلق باكتساب الحقوق الناجمة عن الاستخدام منذ عهد موغل في القدم بالصيغة التي فسر بها سواء في "قضية أورسوندن لعام ١997" أو " قضية كورسجوفيجيل ". و من ثم فإنهم لا يطلبون من اللجنة مراجعة التشريع الوطني من الناحية المجردة، ولكن فقدان حق الرعي في المناطق المتنازع عليها ينبغي أن يُنظر إليه من حيث علاقته بالتخفيضات السابقة لحقوق الرعي في نفس المنطقة بسبب القرارات النهائية التي أصدرتها المحكمة وكذلك التخفي ضات المحتملة بسبب القضايا المنظورة أمام المحاكم أو السلطات الإدارية.

٥-٣ وفي هذا السياق، أفاد أصحاب البلاغ أن النزاع مع ملاّك الأراضي في بلدية سيلبو " قضية سيلبو " قد بتت فيه المحكمة العليا في جلسة عامة عقدت في ٢١ حزيران/يونيه ٢٠٠١ وأصدرت حكمها لصالح أصحاب ا لبلاغ. وأكد القاضي ماتنينغسدال صاحب الصوت الأول في جملة أمور على أهمية التضاريس واستخدام قطعان الرنَّة المكثف للأراضي لدى تقرير محتوى معيار الاستخدام بوصفه الأساس لاكتساب حقوق الرعي طبقاً للقواعد المتعلقة بالحقوق المكتسبة منذ عهد موغل في القدم. وخلص إلى أن ه يتعين على المرء أن يطوع - استخدام الأراضي بحيث يتوافق مع الطبيعة المحددة لتربية قطعان الرنَّة مما يفسح المجال لاستخدام الأرض بصورة أقل كثافة - بالمقارنة مع تربية الأغنام والأبقار - كأساس لاكتساب حقوق رعي قطعان الرنَّة، وأكد المشاكل المنهجية التي يواجهها السكان الصاميون لإثبات الاستخدام السابق للأراضي كمناطق رعي لتربية قطعان الرنَّة.

٥-٤ ويزعم أصحاب البلاغ أن النهج الذي اتبع في "قضية سيلبو" لم يتبع سواء في " قضية كورسجوفيجيل " أو " قضية أورسوندن لعام ١997 " مما أدى إلى فقدان مناطق رعي ذات أهمية حيوية لأصحاب ال بلاغ الأمر الذي يشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب العهد. وعلاوة على ذلك فإن المحكمة العليا في القضيتين الأخيرتين لم تبد استعدادها على ما يبدو لإيلاء نفس الاهتمام للتضاريس لدى التمييز بين مناطق الرعي المشروعة وغير المشروعة.

٥-٥ وبصدد قول الدولة الطرف إن ادعاءات أ صحاب البلاغ بمقتضى المادة ٢7 ينبغي موازنتها مع حقوق الملكية الخاصة المشروعة، ينازع أصحاب البلاغ بأن حقوقهم بموجب المادة ٢7 من العهد لم تمنح الاعتبار الواجب في الأحكام الصادرة في " قضية أورسوندن لعام ١997 " و" قضية كورسجوفيجيل ". ويرى أصحاب البلاغ أن ممارسة الق انون المتعلق باكتساب الحقوق الناتجة عن الاستخدام منذ عهد موغل في القدم في هذه القرارات لا يضع في الاعتبار على النحو الواجب السمات الخاصة لتربية قطعان الرنَّة بالمقارنة مثلاً مع رعي الأغنام والأبقار. كما أنه غير مناسب لضمان حقوق أصحاب البلاغ في ممارسة ثقافت هم. ويزعم أصحاب البلاغ أن عدم إيلاء الاعتبار الواجب للوضع الخاص للشعب الصامي فيما يتعلق بتطبيق القواعد النرويجية المتعلقة بحقوق المستخدمين قد أدى إلى التمييز بين الفلاحين النرويجيين وبين رعاة حيوانات الرنَّة الصاميين وهو تمييز لا يستند إلى معايير معقولة وم وضوعية. وعلى العكس كان ينبغي أن يمنح أصحاب البلاغ معاملة تفضيلية عملاً بالمادتين ٢٦ و٢7 كي يتسنى استعادة التوازن والمساواة بين أصحاب البلاغ وملاك الأراضي من أجل حماية ثقافة الشعب الصامي.

٥-٦ ورداً على زعم الدولة الطرف بأن افتراض أصحاب البلاغ أنهم قد فقدوا المناطق الخاصة بالرعي في المناطق المتنازع عليها في " قضية كورسجوفيجيل " و" قضية أورسوندن لعام ١997 " على السواء غير صحيح لأن المحكمة العليا قد رأت أن أصحاب البلاغ لم يحصلوا على حقوق الرعي في المنطقة المتنازع عليها في المقام الأول، قال أصحاب البلاغ إن المحكمة ا لعليا وافقت على أن الشعب الصامي قد استخدم المناطق موضع البحث لفترة تزيد على مائة عام مما يؤكد مزاعمهم بأن أصحاب البلاغ قد فقدوا بحكم الواقع حقوقهم للرعي في هذه المناطق.

٥-7 وفيما يتعلق بادعائهم بحدوث انتهاك للمادتين ٢٦ و٢ من العهد يقول أصحاب البلاغ إنهم لم يطلبوا من اللجنة تقييم جميع الوقائع في " قضية أورسوندن لعام ١997 "، لكنهم يتمسكون بزعمهم أن المحكمة العليا في تلك القضية لم تجر تقييماً كاملاً ومستقلاً للوقائع ولكنها بدلاً من ذلك علقت أهمية حاسمة على التقييمات السابقة للوقائع استناداً إلى آراء غـير مقبولة للشعب الصامي. ولقد أيد هذا الرأي البروفيسور جينس إيدفن أ. سكوغوي وهو الآن قاض في المحكمة العليا (١٣) الذي يقول ما يلي فيما يخص " قضية أورسوندن ":

٥-8 " في رأيي أن الأغلبية في قضية رياست/هيلينغ قد علقت أهمية أكبر مما ينبغي للحكم الذي يرقى إلى عام ١897. ولقد تغي ر رأي السلطات العامة بشأن ثقافة الشعب الصامي منذ ذلك الحين. ولا يمكن للمرء أن يستبعد احتمال أن يكون تقييم الأدلة الذي أجرته المحكمة العليا في عام ١897 قد تأثر بموقف السلطات العامة في ذلك الوقت. وبالإضافة إلى ذلك فإن البحوث التاريخية الحديثة قد زودت المحكمة العليا بصورة تاريخية عن ذلك الزمان. وفي رأيي أنه كان ينبغي للمحكمة العليا أن تجري تقييماً مستقلاً للأدلة ".

٥-9 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية بعدم اتباع الطرق الإدارية لنزع الملكية، يذكِّر أصحاب البلاغ بال مبدإ الذي يقضي بوجوب التماس سبل الانتصاف الفعالة المتاحة لأصحاب البلاغ وألا يكون تطبيقها مطولاً بصورة غير معقولة.

٥-١٠ وبخصوص الاتفاق الموصى به للمناطق المتنازع عليها في " قضية أورسوندن لعام ١997 " أرفق أصحاب البلاغ رسالة بتاريخ كانون الثاني/يناير ٢٠٠١ من وز ارة الزراعة تفيد فيها الوزارة أن ٣8 في المائة من ملاك الأراضي فقط يرغبون في الدخول في اتفاق. وفي رسالة بتاريخ ٢٦ آذار/مارس ٢٠٠١ وردت من محامي ملاك الأراضي يعترض ملاك الأراضي على الاتفاق لأسباب عدة. وبالتالي فقد أخفقت المفاوضات حتى الآن وبقي كذلك سؤال أصحاب البلاغ أن هذا الاتفاق سيضمن لهم مصالحهم.

٥-١١ وعلاوة على ذلك، يلاحظ أصحاب البلاغ أن التماسهم بنزع الملكية في " قضية أورسوندن لعام ١997" قد قدم منذ ما يزيد على ثلاث سنوات (في ٢ نيسان/أبريل ١998) وهو لا يزال قيد النظر على الرغم من قول الدولة الطرف إن القرار بصدد الأرض المتنازع عليها من المتوقع صدوره في الجزء الأول من عام ٢٠٠١. ويقول أصحاب البلاغ إن من غير المؤكد أن تكون نتيجة هذا الالتماس مرضية.

٥-١٢ وتقول الدولة الطرف إن قرارات المحكمة موضع البحث لم يكن لها حتى الآن أي أثر على استخدام أصحاب البلاغ الفعلي للأ رض المتنازع عليها لأغراض رعي قطعان الرنَّة. غير أنه بينما كان أصحاب البلاغ في انتظار نتيجة التماساتهم بنزع الملكية تعرضوا في ٢٥ آب/أغسطس ٢٠٠٠ لتهمة جنائية وهي الاستخدام غير المشروع للأرض الواقعة شمال أورسوندن وهم يخشون التعرض لتهم أخرى بالاستخدام غير المشر وع للمناطق المتنازع عليها موضع البحث. وفي ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٠١ تابع قسم شرطة أوترونديلاغ Uttrondelag التهمة الجنائية بإصدار غرامة قدرها ٠٠٠ ٥٠ كرونة نرويجية ورفض أصحاب البلاغ دفع هذه الغرامة وهم في انتظار المحاكمة التي تعقد في الفترة من 7 إلى 9 كانون الثاني /يناير ٢٠٠٢.

٥-١٣ وأخيراً يسترعي أصحاب البلاغ الانتباه إلى الآثار الاقتصادية للدعاوى القانونية الخاصة على أصحاب البلاغ. ومن حيث المبدأ يجب على أصحاب البلاغ أن يتحملوا شخصياً التكاليف ذات الصلة بالدعاوى القانونية. غير أنه يجري حتى الآن استرداد هذه التكاليف من الصندوق الخاص برعي قطعان الرنَّة الممول من الدولة وتبلغ قرابة ١.٣ مليون كرونة نرويجية. ولقد تأثر نتيجة لذلك تمويل مشاريع أخرى عن طريق الصندوق الخاص برعاية قطعان الرنَّة.

ملاحظات إضافية قدمتها الدولة الطرف

٦- بمذكرة شفوية بتاريخ 7 آذار/مارس ٢٠٠٢ أبلغت ال دولة الطرف اللجنة أن المحكمة الابتدائية قد حكمت في ٢١ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٢ بتبرئة أصحاب البلاغ في الدعوى الجنائية بخصوص الاستخدام غير المشروع للأرض الواقعة شمال أورسوندن. وقد طُعن في الحكم وهو بالتالي غير نهائي. غير أنها تزعم أن هذه الإجراءات الجنائية ل يس لها أي صلة بالقضية الراهنة إذ إنها تنبع من نزاع بين أطراف خاصة.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

7- قرر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة بموجب مقرر صدر في ٢١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٠ الفصل بين نظر اللجنة في مقبولية البلاغ والأسس الموضوعية للدع وى.

النظر في المقبولية

8-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-٢ وقد تحققت اللجنة من أن ا لمسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولية أو التسوية الدولية تحقيقاً للأغراض المنصوص عليها في الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

8-٣ وفيما يتعلق بالمادتين ٢٦ و٢ تلاحظ اللجنة الحجج التي أبداها أصحاب البلاغ وهي أن المحكمة العليا في " قضية أورسوندن لعام ١997 " قد علقت أهمية على قرار المحكمة العليا الصادر في عام ١897 وأن القرار الأخير يستند إلى آراء تمييزية إزاء الشعب الصامي. غير أن أصحاب البلاغ لم يقدموا معلومات من شأنها أن تشكك في النتائج التي خلصت إليها المحكمة ا لعليا في " قضية أورسوندن لعام ١997 " وهو أن المحكمة العليا في عام ١897 لم تكن متحيزة ضد الصاميين. والأمر متروك للجنة في أن تعيد تقييم الوقائع التي نظرت فيها المحكمة العليا في " قضية أورسوندن لعام ١997". وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ قد عجزوا عن إقامة الأدلة الم ثبتة لهذا الجزء من المطالبة لأغراض القبول. ولذلك فإنه غير مقبول بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري.

8-٤ وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة ٢7 بالاقتران مع المادة ٢ من العهد تعترض الدولة الطرف على القبول على أساس أن أصحاب البلاغ ليسوا ضحايا بالمعنى ال مقصود من المادة ١ من البروتوكول الاختياري. وإن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية المتاحة بموجب الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

8-٥ وتلاحظ اللجنة الحجة التي ساقتها الدولة الطرف وهي أن ادعاء أصحاب البلاغ يمثل دعوى حسبة تتعلق بالص الح العام، إذ إنه لا يمكن اعتبار أن أصحاب البلاغ ضحايا لانتهاك الدولة الطرف للمادة ٢7، بالمعنى المقصود من المادة ١ من البروتوكول الاختياري. غير أن اللجنة ترى أن ادعاء أصحاب البلاغ يتعلق بالحرمان من حقوقهم لتربية قطعان الرنَّة في مناطق محددة. وبناء على ذلك فإنها ترفض طلب الدولة الطرف برفض هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة ١ من البروتوكول الاختياري.

8-٦ وبصدد زعم الدولة الطرف بموجب الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري بأن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف، المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ق د زعمت أن أصحاب البلاغ لم يستخدموا طريق التظلم أمام السلطات الإدارية مطالبين بنزع الملكية. وعلى الرغم من أن أصحاب البلاغ قد اتبعوا سبل الانتصاف القضائية المحلية في نزاعاتهم مع ملاك الأراضي في " قضية تامنيس " و" قضية أورسوندن لعام ١997 " و" قضية كورسجوفيجيل " فإن التماساتهم بنزع الملكية في القضيتين الأخيرتين لا تزال قيد النظر في حين أن أصحاب البلاغ لم يقدموا التماساً بنزع الملكية في القضيـة الأولى. وتذكِّر اللجنة (١٤) بأنه عملاً بأحكام الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري يجب على مقدم الطلب أن يلجأ إلى ا ستخدام جميع الطرق القضائية أو الإدارية التي تتيح لـه سبيل انتصاف معقولاً. ولم يجر بعد تنفيذ نزع الملكية وهو من سبل الانتصاف المنصوص عليها في القانون الصادر في عام ١99٦. وبناء على ذلك يبدو أنه لم يجر استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

8-7 غير أن السؤال المطروح ه و ما إذا كان تطبيق سبل الانتصاف هذه قد دام لمدة طويلة بصورة غير معقولة. وتلاحظ اللجنة أن حجة أصحاب البلاغ بأنهم قد لجأوا إلى استخدام طرق التظلم القضائية المحلية لما يزيد على قرن من الزمان وأن التماساتهم بنزع الملكية التي قدمت في عامي ١998 و١999 لا تزال منظ ورة مما يجعل من الطرق الكفيلة بالحصول على انتصاف طويلة بصورة غير معقولة.

8-8 وترى اللجنة أن الفترة الزمنية التي استغرقتها الإجراءات حتى حصول أصحاب البلاغ على انتصاف لا يجوز قياسها اعتباراً من التاريخ الذي نازع فيه الصاميون فيما يخص حقوق الرعي ولكن من التار يخ الذي طالب فيه أصحاب البلاغ أنفسهم بالانتصاف. وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قد أقاموا دعواهم بنزع الملكية في ٢ نيسان/أبريل ١998 في " قضية أورسوندن " وفي 9 نيسان/أبريل ١999 في " قضية كورسجوفيجيل ". وكجزء من العملية أجريت مفاوضات أوصت باتفاق في شباط/فبراير ٢٠٠ ٠ لكن هذا الاتفاق رفض في أيار/مايو ٢٠٠٠. ونتيجة لذلك اضطرت السلطات إلى العودة إلى فتح إجراءات نزع الملكية.

8-9 وترى اللجنة أن تعديل القانون الخاص بتربية قطعان الرنَّة والمفاوضات التالية له التي أجريت بهدف توفير انتصاف لأصحاب البلاغ تتيح تفسيراً معقولاً لطو ل مدة النظر في مطالبة أصحاب البلاغ. ولا يمكن لها أن تخلص من ذلك إلى أن التشريع النرويجي الذي يلزم أصحاب البلاغ باتباع إجراء تسوية مطالباتهم مع ملاك الأراضي قبل إقامة دعوى بنزع الملكية يعتبر غير معقول. وتلاحظ اللجنة أيضاً أنه في حين أن أصحاب البلاغ قد وجهت إليهم تهمة جنائية وهي الاستخدام غير المشروع للأرض المتنازع عليها وهي تهمة برئوا منها فإنهم استطاعوا مواصلة تربية قطعان الرنَّة بنفس القدر الذي كانوا يقومون به قبل صدور أحكام المحكمة العليا ذات الصلة. وبناء على ذلك لا تستطيع اللجنة أن تخلص إلى أن تطبيق سبل الانتصاف المحلية كان طويلاً بدون مبرر. أما مطالبة أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢7 فهي غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

8-١٠ وترى اللجنة أنه بالنظر إلى سبيل الانتصاف الجديد المنصوص عليه في القا نون الصادر في عام ١99٦ يجب اعتبار المطالبة غير مقبولة. ومع ذلك فإنها تحث الدولة الطرف على استكمال جميع الإجراءات فيما يخص حقوق أصحاب البلاغ المتعلقة بتربية قطعان الرنَّة على وجه السرعة.

9- ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول ب موجب المادة ٢ والفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلَّغ هذا القرار إلى أصحاب البلاغ وإلى الدولة الطرف.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(١) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف بتاريخ ٢٣ آذار/مارس ١97٦.

(٢) ترد الإشارة إلى الاقتراح المقدم إلى الأودلستنغ (جزء من البرلمان) في عام ١87١، ص ٣١.

(٣) التعليق العام رقم ٢٣(٥٠) للجنة المعن ية بحقوق الإنسان الذي اعتمد في ٦ نيسان/أبريل ١99٤ التعليق العام رقم ١8(٣7) للجنة المعنية بحقوق الإنسان المعتمد في 9 تشرين الثاني/نوفمبر ١989.

(٤) البلاغ رقم ١٦7/١98٤، المعتمد في ٢٦ آذار/مارس ١99٠.

(٥) البلاغ رقم ٤٣١/١99٠ المعتمد في ٢٣ آذار/مارس ١99٤.

(٦ ) البلاغ رقم ٥١١/١99٢ المعتمد في ٢٦ تشرين الأول/أكتوبر ١99٤.

(7) البلاغ رقم ١97/١98٥، المعتمد في ٢7 تموز/يوليه ١988.

(8) البلاغ رقم ٦7١/١99٥ المعتمد في ٣٠ تشرين الأول/أكتوبر ١99٦.

(9) ترد الإشارة إلى قضية إلماري لانزمان وآخرون ضد فنلندا .

(١٠) انظر بحث اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لتقرير كندا في 7 نيسان/أبريل ١999 المقدم بموجب المادة ٤٠ من العهد.

(١١) الاقتراح رقم ٢8 المقدم إلى الأودلستنغ (١99٤-١99٥)، صفحة ٣١.

(١٢) التقرير المقدم إلى البرلمان رقم ١8/١997-١998.

(١٣) ترد الإشارة إلى كتابه المعنون "تفيست يمال" ( Tvistemaal )، (١998)، الصفحة 7٥7.

(١٤) ترد الإشـارة إلى قضيــة Pereira v. Panama ، رقم ٤٣7/١99٠، المعتمدة في ٢١ تشرين الأول/أكتوبر ١99٤، الفقرة ٥-٢.

التذييل

رأي فردي مخالف أبداه أعضاء اللجنة السيد لويس هانكين، والسيد مارتن شاينين، والسيد سولاري يريغ وين

إننا نرى أنه كان ينبغي سماع البلاغ من حيث أسسه الموضوعية. والمبرر الرئيسي الذي استندت إليه الأغلبية في اتخاذ قرارها بعدم القبول هو الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري أي عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ونحن نرى أن هذا الاستنتاج خاطئ لأسب اب عدة.

أولاً وقبل كل شيء نحن لا نوافق على أن تقديم التماس للسلطات الإدارية للدولة الطرف بغرض إقامة دعوى لنزع الملكية من أجل ضمان حقوق أصحاب البلاغ في تربية قطعان الرنَّة يعتبر سبيل انتصاف فعال على الإطلاق بالمعنى المقصود من المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول ا لاختياري. ولقد استنفد أصحاب البلاغ بالفعل أحد سبل الانتصاف القضائية برفع دعواهم أمام المحكمة العليا التي اتخذت فيها حكماً نهائياً. وأصحاب البلاغ ليسوا طرفاً في إجراءات نزع الملكية (انظر الفقرة ٤-١٦) ولا يمكن بالتالي أن تعتبر بمثابة أحد سبل الانتصاف الفعالة التي يتعين على أصحاب البلاغ اللجوء إليها. ولقد استنفد أصحاب البلاغ على أكثر تقدير سبيل الانتصاف الإضافي المتاح لهم الذي يتصل بنزع الملكية بتقديم الالتماس على نحو يسمح بإقامة دعوى نزع الملكية. أما ما هي النتائج التي خلصت إليها هذه الإجراءات المتعلقة بنزع ا لملكية فهذه أمور يتعين النظر في أسسها الموضوعية عندما تتناول الدولة الطرف التدابير الرامية إلى إنفاذ حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢7.

وثانياً، وحتى بافتراض أن إجراءات نزع الملكية الفعلية تشكل سبيل انتصاف ينبغي لأصحاب البلاغ استنفاده فإن هذه الإجراءات تع تبر بالفعل طويلة بصورة غير معقولة بالمعنى المقصود من الجملة الأخيرة من الفقرة ٢ من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري. فبعد أن خسر أصحاب البلاغ قضية أورسوندن في المحكمة العليا - التي اقتضى النظر فيها بعض الوقت - قدم أصحاب البلاغ التماسهم لنزع الملكية في ٢ ني سان/أبريل ١998. وبعد ثلاث سنوات تقريباً رفض ملاك الأراضي في ٢٦ آذار/مارس ٢٠٠١ التسوية المقترحة. وبرغم أن الدولة الطرف قد قامت منذ ذلك الحين بتقديم تقرير إلى اللجنة في 7 آذار/مارس ٢٠٠٢ فإنها لم تقم حتى بإبلاغ اللجنة بأي تطورات لاحقة ولا قدمت أي تفسير بالتأخ ير لمدة أربع سنوات ونصف منذ أن قدم أصحاب البلاغ التماسهم أو قدمت أي تصور للإطار الزمني الذي سيجري في غضونه البت في الأمر. وفي ظل هذه الظروف تخلص اللجنة إلى أن سبيل الانتصاف طويل بصورة غير معقولة.

وثالثاً، يبدو أن حقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢7 قد تأثرت ولا تزال تتأثر بقرارات المحكمة العليا ضدهم. فلقد أصبح الرعي في المناطق التي كانوا يستخدمونها من قبل غير مشروع كما أن أصحاب البلاغ يتعرضون لاحتمال إقامة دعاوى قانونية أخرى ضدهم وفرض عقوبات قانونية عليهم إذا استمروا في ترك قطعان الرنَّة ترعى في تلك المناطق. ولم يجادل حتى في أن نتيجة إجراءات نزع الملكية ستكون ذات صلة كسبيل انتصاف لهذا الجزء من دعوى أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢7.

وأخيراً، هناك أيضاً بالإضافة إلى الحجج القانونية المذكورة أعلاه سبب يتعلق بالسياسة. ذلك أن عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية يعتبر مب رراً يمكن تداركه فيما يتعلق بعدم القبول. بل إن أغلبية أعضاء اللجنة تشير إلى المادة 9٢-٢ من النظام الداخلي للجنة التي يجوز وفقاً لها لأصحاب البلاغ أن يطلبوا في وقت لاحق إلى اللجنة أن تعيد النظر في قرارها بشأن عدم القبول. ونحن نرى أن من غير المعقول إعلان أن البلاغ غير مقبول بالرغم من وجود توقع واضح بأن أصحاب البلاغ سيطلبون في المستقبل القريب استئناف النظر في قضيتهم.

أما فيما يخص دعوى أصحاب البلاغ بموجب المادة ٢٦ فنحن نرى أنها بلا أساس في حالة واحدة وهي إذا أعلن عدم قبول دعواهم بموجب المادة ٢7. وفي سياق دعواه م بموجب المادة ٢7 التي نرى أنها مقبولة فإن الدعوى بموجب المادة ٢٦ تعتبر في رأينا مقبولة أيضاً.

( توقيع ) لويس هانكين

( توقيع ) مارتن شاينين

(توقيع ) سولاري يريغوين

كاف - البلاغ رقم 9٥١/٢٠٠٠، كريستيانسن ضد آيسلندا *

(قرار اتخذ في ١٦ تموز/يوليه ٢٠٠٣، في الدور ة الثامنة والسبعين)

المقدم من : بجورن كريستيانسن (يمثله المحامي السيد لودفيك إيميل كابر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : آيسلندا

تاريخ تقديم البلاغ : ٦ تموز/يوليه ٢٠٠٠ (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بم وجب المادة ٢8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في ١٦ تموز/يوليه ٢٠٠٣،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

١- صاحب البلاغ هو السيد بجورن كريستنسن، وهو مواطن آيسلندي. ويدعي أنه ضحية انتهاك آيسلندا للمادة ٢٦ من العهد الدولي الخاص ب الحقوق المدنية والسياسية. وقد مثل صاحبَ البلاغ محاميه. وكان البروتوكول الاختياري قد دخل حيز التنفيذ في آيسلندا في ٢٢ تشرين الثاني/نوفمبر ١979.

التشريع ذو الصلة بالموضوع

٢-١ كانت سعة أسطول الصيد الآيسلندي خلال السبعينات تتجاوز محصول مناطق صيد الأسماك وتبين أن من الضروري اتخاذ تدابير للحفاظ على أهم مورد طبيعي في آيسلندا. وبعد محاولات فاشلة عدة لتقييد عمليات صيد أنواع بعينها فضلاً عن إخضاع عملية الصيد بواسطة أدوات معينة أو بحسب نوع السفينة للترخيص، اعتمد نظام لإدارة مصائد الأسماك بموجب التشريع 8٢/١98٣ الذي كان ينبني على توزيع حصص للصيد على آحاد السفن على أساس أدائها في مجال الصيد والذي يشار إليه عادة باسم "نظام الحصص".

ــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد مور يس غليليِه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيرو شيف سكي ، وا لسيد ماكسويل يالدين.

٢-٢ وتنفيذاً للقانون، نصت اللائحة رقم ٤٤/١98٤ (بشأن إدارة صيد أسماك القاع) على أن متعهدي السفن الذين يعملون في مجال صيد أسماك القاع في الفترة الممتدة بين ١ تشرين الثاني/نوفمبر ١98٠ و٣١ تشرين الأول/أكتوبر ١98٣ مؤهلون للحصول على تراخيص. ومنحت السفن حق الحصول على حصص للصيد استناداً إلى ما صادوه خلال الفترة المشار إليها. واستمرت اللوائح اللاحقة في الاعتماد على هذه المبادئ التي تحولت إلى نص تشريعي بمقتضى التشريع رقم 97/١98٥ الذي نص على أنه لا يجوز لأحد صيد الأنواع التالية دون رخصة: أسماك الق اع والقريدس واللوبستر والأسماك الصدفية والرنكة والكَبْلين. ومع سن تشريع إدارة مصائد الأسماك الحالي رقم ٣8/١99٠، تم وضع نظام الحصص بشكل دائم.

٢-٣ وتنص المادة الأولى من التشريع على أن مناطق صيد الأسماك حول آيسلندا ملكية عامة للأمة الآيسلندية وأن قضية الحصص ل ا تخول حقوقاً للأفراد في امتلاكها ملكية خاصة أو السيطرة على مناطق صيد الأسماك على نحو لا رجعة فيه. وبموجب المادة ٣ من التشريع، يصدر وزير صيد الأسماك لائحة تحدد كمية الصيد الإجمالية المسموح بها في فترة أو موسم معين من كل مورد بحري قابل للاستغلال في المياه ا لآيسلندية التي يعتبر من الضروري تقييد كميات الصيد فيها. وتحسب حقوق الصيد المنصوص عليها في التشريع على أساس هذه الكميات ويسمح لكل سفينة بالحصول على نصيب معين من كمية الصيد الإجمالية المسموح بها من الأنواع المختلفة، وهو ما يطلق عليه النصيب من الحصص. وبموجب ا لمادة ٤(١) من التشريع، لا يجوز لأحد أن يعمد إلى الصيد التجاري في المياه الآيسلندية دون أن يكون حائزاً على رخصة صيد. وتسمح المادة ٤(٢) للوزير بإصدار لوائح تشترط الحصول على رخصة لصيد أنواع بعينها أو استعمال أدوات بعينها أو سفن بعينها. وتنص المادة 7(١) على أن صيد أنواع من الموارد البحرية الحية التي لا تخضع لتقييد بموجب كمية الصيد الإجمالية المسموح بها على النحو المنصوص عليه في المادة ٣ مفتوح أمام جميع السفن التي تمتلك رخصة للصيد التجاري. وتنص المادة 7(٢) على أنه يجب رصد حقوق الصيد بالنسبة إلى الأنواع التي حددت كمية صيدها الإجمالية لآحاد السفن. وعندما يكون النصيب من الحصص الكلية محدداً بالنسبة إلى الأنواع التي لم تكن تخضع في السابق لكمية الصيد الإجمالية المسموح بها، فإنه يستند إلى ما رُصد في السنوات السابقة. وبموجب المادة ١١(٦) من التشريع، يمكن تحويل النصيب من ا لحصص كلياً أو جزئياً وضمه إلى نصيب سفينة أخرى، شريطة ألا ينجم عن ذلك أن تتجاوز حقوق الصيد المخولة للسفينة المتلقية طاقتها على الصيد. ومتى لم تمارس الأطراف المخولة بشكل دائم للحصول على نصيب في الحصص حقها على نحو مرضٍ، ربما نجم عن ذلك اسقاط الحق بشكل دائم. و يفرض تشريع إدارة مصائد الأسماك أيضاً قيوداً على حجم النصيب في الحصص التي يمكن للأفراد والأشخاص الاعتباريين امتلاكه.

٢-٤ وأصدرت المحكمة العليا في آيسلندا في كانون الأول/ديسمبر ١998 حكمها في قضية فالديمار جوهانسن ضد جمهورية آيسلندا الذي يقول إن رفض الحكومة ل رخصة صيد استناداً إلى المادة ٥ من تشريع إدارة مصائد الأسماك ينتهك الفصلين ٦٥ (الحق في المساواة أمام القانون) والفصل 7٥ (حرية اختيار الوظيفة) من الدستور. وبعدئذ، اعتمد البرلمان التشريع رقم ١/١999 الذي ينص على أن لكل مواطن آيسلندي يشغّل سفينة صيد مسجلة ولديه شهادة الصلاحية للملاحة الحق في رخصة صيد. وبالمقابل، يحق لكل حائز لرخصة صيد أن يفاوض بشأن شراء نسبة من الحصص مع أشخاص يملكونها و"تأجير" حصص من الحمولة في سوق الحصص.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أنه في واقع الحال، وبالرغم من المادة ١ من التشريع، أصبحت حصص الصيد ملكية قابلة للتحويل. ذلك أن بإمكان من يملك حقوق الصيد بموجب اللائحة الأصلية رقم ٤٤/١98٤ أن يوكل حصصه إلى آخرين بمقابل. ويحدد سعر الحصص من الحمولة سوق الحصص (التي يحكمها التشريع ١١/١998، قانون سوق الحصص). ويدير السوق مجلس إدارة ي عين أعضاءه وزير مصائد الأسماك. ويقال إن أسعار الحصص من الارتفاع بحيث تحول دون أي ربح لصياد سمك لا يمتلك حصة. ومن ثم، فقد أوصِد باب صناعة الصيد عملياً في وجه الوافدين الجدد. وبناء على ما قاله صاحب البلاغ، فإن العديد من المواطنين الآيسلنديين يريدون أن يصبحوا صيادين لأن مهنة الصيد متجذرة في الثقافة الآيسلندية ولأنها النشاط الإنتاجي الوحيد تقريباً المتاح لمن هم في مقتبل العمر. ويضيف صاحب البلاغ أن آلاف الأطنان من السمك الصغير ترمى سنوياً في البحر لأنها تحسب كجزء من الحصة لكن لا يمكن بيعها بأعلى الأسعار.

٣-٢ وفي عام ١999، كان صاحب البلاغ يعمل بصفته قبطاناً في شركة هايرنو (Hyrnó)، وهي الشركة المسجلة التي تملك سفينة الصيد فاتنيري (Vatneyri). وقد أصدر مالكها إعلاناً في ١٠ شباط/فبراير ١999 مؤداه أن سفن الشركة ستمخر البحر للصيد حتى وإن لم تكن لها حصة لصيد بعض الأنواع. وادعى أن له الحق، كغيره، في الصيد في مناطق صيد الأسماك وقال إنه مستعد لدفع تكاليف ذلك إلى الأطراف العامة لا الخاصة. وقد كانت نية مالك السفينة في أول الأمر شراء حصة من الكمية التي يمكن صيدها. لكنه، لما علم بأن سعر سمك القد في سوق الحصص يساوي أو يتجاوز ما ك ان يتوقع دفعه على الكمية المصيدة بعد العودة إلى الميناء، قرر عدم الالتفات إلى الأحكام القانونية على أساس أن المحكمة ستحكم بعدم دستوريتها.

٣-٣ وعاد صاحب البلاغ إلى الميناء في ١٦ شباط/فبراير ١999 وأرسى سفينته المحملة ب‍ ‍‍٦٢٣ ٣٣ كيلوغراماً من القد. وفي ١٦ آب /أغسطس ١999 حكم عليه وعلى صاحب السفينة بأنهما انتهكا التشريع رقم ٥7/١99٦ والتشريع رقم ٣8/١99٠ والتشريع رقم 97/١997 لأنهما قاما بالصيد دون حصولهما على حصة. وفي ٥ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٠، قضت محكمة منطقة غرب فجوردس (Fjords) ببراءتهما معتبرة أن المادة 7(٢) من تشريع إدارة مصائد الأسماك يتعارض مع الفصل ٦٥ (الحق في المساواة) والفصل 7٥ (حرية اختيار الوظيفة) من الدستور واستناداً إلى حكم المحكمة العليا في قضية فالديمار. وقال صاحب البلاغ إن قرار تبرئته تعرض لانتقاد شديد من قبل أعضاء الحكومة وممثلي أوساط الصناعة وإن ا لبعض اعتبر ذلك تدخلاً في استقلالية القضاء. وفي ٦ نيسان/أبريل ٢٠٠٠، ألغت المحكمة العليا الآيسلندية حكم المحكمة الابتدائية. فقد رأت أن كلاًّ من صاحب البلاغ والمالك مذنب. وحكم على صاحب الشركة بدفع غرامة قدرها ٠٠٠ ٠٠٠ ١ كرونة آيسلندية وعلى صاحب البلاغ بدفع غرا مة قدرها ٠٠٠ ٦٠٠ كرونة آيسلندية. ونطق بالحكم بأغلبية أربعة قضاة، ووافق أحد القضاة على الإدانة لكنه اختلف بشأن الحكم، كما اختلف قاضيان اثنان بشأن الإدانة.

الشكوى

٤- يشتكي صاحب البلاغ من أن الدولة الطرف انتهكت المادة ٢٦ من العهد بمنحها أقلية من مواطنيها حقاً خالصاً في تلقي رسوم من مواطنين آخرين للحصول على مورد طبيعي نفيس للغاية ومتجدد ولم يكن فيما قبل يخضع لحقوق الملكية ويتوزع على منطقة تبلغ تقريباً سبعة أضعاف مساحة الجزيرة نفسها، ومن أنها رأت أنه ارتكب مخالفة جنائية بسبب رفضه احترام ذلك الترتيب. ويصر على أن استعمال ذلك المورد من طرف المستفيدين من ذلك الامتياز خلال الفترة الممتدة من ١ تشرين الثاني/نوفمبر ١98٠ إلى ٣١ تشرين الأول/أكتوبر ١98٣ لا يبرر هذا الإجراء.

ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في مذكرة شفوية مؤرخة ٢٣ كانون الثاني/يناير ٢٠٠١ اعترضت الدولة الطرف على مقبو لية البلاغ استناداً إلى ثلاثة أسس: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية (المادة ٥، الفقرة ٢(ب) من البروتوكول الاختياري)، وعدم كفاية الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ بصدد أنه ضحية انتهاك للمادة ٢٦ (الفصل 9٠(ب) من نظام اللجنة الداخلي)، وعدم إمكانية الجمع بين البلاغ والأحكام المنصوص عليها في العهد (المادة ٣ من البروتوكول الاختياري).

٥-٢ وفيما يتعلق بتطبيق مبدأ المساواة في آيسلندا، تشدد الدولة الطرف على أن القضاء الآيسلندي يتمتع بالاستقلالية التامة بموجب الدستور والقانون المدني العام وأن ذلك ينطبق تماماً في الواقع. وع ليه، فإن الدولة الطرف ترفض ما ادعاه صاحب البلاغ بأن المحكمة العليا تتعرض لضغط غير مشروع من قبل الحكومة وأن ذلك أثر في حكمها في قضية صاحب البلاغ. وفي هذا الصدد، تحيل الدولة الطرف إلى العديد من الأحكام المحدِّدة للسياسات، ولا سيما المادة ٦٥ من الدستور التي ن سجت على منوال المادة ٢٦ من العهد، كما هي الحال في قضية فالديمار جوهانسن. وبالمثل، أجرت المحكمة العليا في قضية صاحب البلاغ فحصاً جديداً وشاملاً لمسألة توافق نظام إدارة مصائد الأسماك الآيسلندي مع المبادئ العامة الخاصة بحرية الشغل والمساواة بين المواطنين، وخل صت إلى أنها تتوافق.

٥-٣ وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنه لم يقدم طلباً على رخصة صيد مما كان سيتيح لـه إمكانية شراء نصيب من الحصص أو تأجيره. وتلاحظ الدولة الطرف أن الشرط المسبق للحصول على رخصة صيد، أي ضرورة ملكية مقدم الطلب لسفينة، لم يعترض عليه صاحب البلاغ. وبناء عليه، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستعمل الوسائل اللازمة للحصول على حقوق الصيد.

٥-٤ وعلى صعيد آخر، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يبين كيف تنطبق المادة ٢٦ من العهد على حالته. وتشير الد ولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم سوى أدلة عامة لكنه لم يحل إلى وضعه الخاص ولم يقدم أي تحليل عما إذا كان ضحية للتمييز مقارنة بغيره من الأشخاص في نفس الوضع. وتذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان موظفاً لدى شركة "هايرنو" وأنها كانت آنذاك قد استعملت نصيب ها الدائم في الحصص الذي حصلت عليه سفنها بناء على المادة 7(٢) من التشريع. فقد حصلت سفن الشركة، بما فيها السفينة التي كان صاحب البلاغ قبطاناً لها، على نصيب في الحصص رُصد لها على أساس أدائها في الصيد على قدم المساواة مع غيرها من الجهات التي ينطبق عليها ما سلف . وحسب الدولة الطرف، فإنه كان يجب أن يتضح لدى صاحب البلاغ أنه لما عمد إلى الصيد بعد أن استنفدت جميع حقوق الشركة في الصيد كان يرتكب مخالفة جنائية. كما أنها لم تمارس أي تمييز ضد صاحب البلاغ لأن العديد من القضايا تعرض سنوياً بموجب أحكام مشابهة في إطار تشريع إ دارة مصائد الأسماك.

٥-٥ وفضلاً عن ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن حرية اختيار العمل، وهو أحد أهم الأدلة التي استند إليها صاحب البلاغ لدى المحاكم المحلية، لا تحظى في حد ذاتها بحماية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأنه في غياب أدلة محددة تبين أن تق ييدات حرية العمل كانت تمييزية، فإن البلاغ لن يكون مقبولاً بصفته يتعارض مع أحكام العهد بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٥-٦ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تدفع الدولة الطرف بأنه لم يمارس أي تمييز غير مشروع بين صاحب البلاغ ومن حصلوا على حقوق الص يد. أما ما جرى فتمايز مقبول، إذ أن هدف التمايز كان مشروعاً ويستند إلى أسباب موضوعية ينص عليها التشريع وتنم عن تناسب بين الوسائل المستخدمة والهدف المحدد. وتوضح الدولة الطرف أن المصلحة العامة تقتضي فرض قيود على حرية الأشخاص في الإقدام على الصيد التجاري لمنع الإفراط في استغلال الثروة السمكية. فالقيود التي تهدف إلى بلوغ هذا المرمى تنص عليها تشريعات صيد الأسماك المفصلة. كما تدفع الدولة الطرف بأن توزيع مورد محدود لا يمكن أن يتم دون نوع من التمييز وتقول إن الهيئة التشريعية استعملت طريقة عملية في توزيع الرخص. وترفض الدولة الطرف وجهة نظر صاحب البلاغ التي تذهب إلى أنه ينبغي تفسير مبدأ المساواة الذي تحميه المادة ٢٦ من العهد على نحو يشمل واجب تخصيص نصيب من الموارد المحدودة لجميع مواطني الدولة. كما تشير الدولة الطرف إلى أن تشريع إدارة مصائد الأسماك يسمح بتحويل حقوق الصيد التي تضمن إفساح المجال أمام أطراف جدد لصيد الأرصدة السمكية التي قيدت الكميات التي يمكن صيدها. وفي هذا المقام، تشير الدولة الطرف إلى أن رب عمل صاحب البلاغ نفسه، أي شركة "هايرنو"، حوّل إلى أطراف أخرى حقوق الصيد التي كانت قد خصصت أصلاً لسفينة صاحب البلاغ. وت رى الدولة الطرف أن ذلك كان أحد الأسباب التي جعلت السفينة تستنفد حقوق الصيد المخولة لها وقت ارتكاب المخالفة.

٥-7 وتشدد الدولة الطرف على أن لكل مواطن آيسلندي يملك سفينة مسجلة ويحوز شهادة صلاحية الملاحة الحق في تقديم طلب للحصول على رخصة صيد عامة وصيد أنواع ال أسماك التي لا يخضع صيدها لقيود خاصة. كما يمكنه الحصول على حقوق الصيد بشأن أنواع الأسماك التي يخضع صيدها لقيود، وذلك بشراء نصيب دائم في الحصص أو نصيب في الكمية المصيدة في فترة معينة. وتصر الدولة الطرف على أن الطابع الدائم والقابل للتحويل لحقوق الصيد يفضي إل ى الكفاءة الاقتصادية وهو أفضل طريقة لبلوغ الأهداف الاقتصادية والأحيائية التي هي ما ترمي إدارة مصائد الأسماك إلى تحقيقها. وفي الختام، تشير الدولة الطرف إلى أن توزيع حقوق الصيد لا يسمح للأطراف لا بحق الملكية ولا باختصاص لا رجعة فيه بشأن حقوق الصيد. وعليه، فإ ن حقوق الصيد لا تتسم بطابع الدوام إلا بمعنى أنه لا يمكن إلغاؤها أو تعديلها إلا بتشريع أو قانون. وتضيف الدولة الطرف أن من المتوقع تنقيح تشريع إدارة مصائد الأسماك بحلول نهاية موسم الصيد ٢٠٠٠-٢٠٠١.

٥-8 وفي النهاية، تدفع الدولة الطرف بأن التمييز الذي ينجم عن ن ظام إدارة مصائد الأسماك يتأسس على اعتبارات موضوعية ووجيهة ويرمي إلى تحقيق أهداف مشروعة ينص عليها التشريع. ثم إنه عند فرض قيود على حرية العمل، استمر التقيد بمبدأ المساواة ولم يقدم صاحب الشكوى أدلة كافية على دعواه بأنه ضحية لتمييز غير مشروع انتهاكاً للمادة ٢ ٦ من العهد.

٥-9 وفي بلاغ آخر قدمته الدولة الطرف في ٢٥ أيلول/سبتمبر ٢٠٠١، أضافت تعليقات على الأسس الموضوعية للبلاغ. فهي توضح أن لجميع المواطنين الآيسلنديين الحق في الصيد في البحر المحيط بالبلد من أجل الاستهلاك الشخصي والعائلي وأنه لم يفرض أي حظر على ذلك في التشريعات الخاصة بإدارة مصائد الأسماك. وترى الدولة الطرف أن القضية المثارة في البلاغ تتعلق بمعرفة المدى المسموح به في تقييد حرية صاحب البلاغ في اختيار عمله في الصيد لتحقيق الربح أو لأغراض مهنية. وتكرر الدولة الطرف أنه لم يمارَس أي تمييز بين صاحب البلاغ من جهة ومن خصصت لهم حقوق الصيد من جهة أخرى، وأن ما حصل إنما هو تمايز له ما يبرره.

٥-١٠ وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ عجز عن تقديم أدلة عن كيفية تعرضه شخصياً للتمييز، ذلك أنه لم يقدم سوى ادعاء عام مؤداه أن نظام إدارة مصائد الأسماك ينتهك مبدأ المساواة، دون الإشارة إلى وضعه الخاص وعواقب ذلك عليه. وتشدد الدولة الطرف على أن صاحب البلاغ لا يملك سفينة صيد وأنه من ثم لا يلبي متطلبات المادة ٥ من التشريع للحصول على رخصة صيد عامة. وترفض الدولة الطرف ما أوعز إليه من أنه ينبغي لجميع المواطنين الآيسلنديين الحصول على حق وق الصيد وتدفع بأن ترتيب الحصول على حقوق الصيد بموجب تشريع إدارة مصائد الأسماك ليس انتهاكاً للمادة ٢٦ من العهد. وتذكّر الدولة الطرف بأنها لما اتخذت قرارها بشأن توزيع الموارد المحدودة، كانت الهيئة التشريعية مجبرة على احترام الحقوق في العمل لمن كانوا يعملون في القطاع واستثمروا فيه. وتخلص الدولة الطرف إلى أن التفريق بين صاحب البلاغ والأطراف الأخرى التي حصلت على حقوق الصيد ونصيب في الحصص بموجب التشريع رقم ٣8/١99٠ إنما تم لتحقيق غرض مشروع، ألا وهو حماية الأرصدة السمكية تحقيقاً لمصالح الأمة، وأنه كان ينبني على اع تبارات موضوعية ومعقولة.

تعليقات صاحب البلاغ على رد الدولة الطرف

٦-١ اعترف صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة ٣ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠١ بأنه باستثناء الجو والحيثيات العامة لإدانته، لم يقم الدليل على استيفاء متطلبات المادة ١٤. ويوضح أنه لما كانت إدانته تقوم على افتراض توافق نظام إدارة مصائد الأسماك مع حقوق الإنسان، فإنه يطلب إلى اللجنة البت في صحة هذه الفرضية.

٦-٢ وفيما يتعلق باعتراضات الدولة الطرف على المقبولية، يدفع صاحب البلاغ بأنه لأغراض هذا البلاغ، ينبغي مساواته مع رب عمله لأنه كان في خدمته وأنه أدين نتيجة عمله لحساب رب العمل. ثم إن عدم امتلاك صاحب البلاغ لسفينة لا علاقة لـه بالقضية الجنائية المرفوعة ضده. وفضلاً عن ذلك، أشير إلى أن سفينة "فاتنيري" التي كان صاحب البلاغ قبطاناً لها كان لها رخصة صيد مهنية عامة. ولم تكن إدانة صاحب البلاغ تستند إلى عدم توافر رخصة صيد لديه، وإنما لأنه صاد دون أن يحصل أولاً على الحصة اللازمة.

٦-٣ أما بصدد الحجة التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن صاحب البلاغ عجز عن إقامة الدليل على كيفية انطباق المادة ٢٦ على حالته، يدفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تفهم جوهر شكواه التي ليست هي ال تمييز مقارنة بالآخرين الذين يوجدون في الوضع نفسه نتيجة لإقامة نظام إدارة مصائد الأسماك الحالي وإنما لأنه منح وضعاً يختلف عن الوضع الممنوح لغيره فيما يتعلق بالحصول على حصص. فقد منح الآخرون حقاً خالصاً في الانتفاع بأكبر مورد طبيعي في آيسلندا في حين أن صاحب ا لبلاغ لم يعط سوى إمكانية الانتفاع بالمورد بمقابل يدفع إلى الفئة الأولى. أما المساواة في الحقوق بين جميع الأشخاص الذين لم يحصلوا، كصاحب البلاغ، على حق خالص في الصيد، فلا علاقة لـه بالشكوى التي قدمها صاحب البلاغ. ويذكر صاحب البلاغ أن شكواه لا تتعلق بحرمانه م ن امتياز مقارنة بالآخرين، بل على العكس أن آخرين منحوا امتيازاً لـه علاقة به. وحسب صاحب البلاغ، فإن التفرقة حصلت بتحويل الحق في استعمال مناطق صيد الأسماك حول آيسلندا إلى فئة محددة ومحظوظة وهو ما يتعارض مع التزامات آيسلندا بموجب المادة ٢٦ من العهد.

٦-٤ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، ذكّر صاحب البلاغ بأن تعزيز مبدأ حرية العمل يعتبر ضرورياً لمنع حالات الاحتكار. وأكد أنْ لا شيء يدفعه إلى الاعتراض على نظام لإدارة مصائد الأسماك يشتمل على أنصبة تمتلك ملكية خاصة وقابلة للتداول مجاناً، لكنه يعترض على حقوق الصيد الخالص ة التي تكرس بمنح تلك الحصص إلى فئة بعينها. ويرى أن ذلك أفضى إلى "وضع" مختلف بين الفريقين نجم عنه إعطاء امتيازات لأحدهما وتعريض الآخر لتمييز مماثل. وفي هذا الإطار، يدفع صاحب البلاغ بأن العمالة ليست مجالاً يخرج عن نطاق المادة ٢٦ من العهد وأن انعدام حكم بشأن حرية العمل في العهد لا علاقة لـه بالتالي بمقبولية البلاغ. ويتناول صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف بأن نظام إدارة مصائد الأسماك الراهن فعال اقتصادياً وبيئياً ويدفع بأنه حتى وإن كان ذلك كذلك، فإن العمليات والمشاريع الاقتصادية تخضع للقانون وأنه لا يصح التذرع ب الكفاءة الاقتصادية لانتهاك حقوق الإنسان.

٦-٥ وفيما يتعلق بالدليل الذي قدمته الدولة الطرف القائل إنه لم يحدث أي تمييز لأن التمايز كان مبرراً، فإن صاحب البلاغ يوافق على أن حماية مناطق صيد الأسماك من الإفراط في استغلالها هدف مشروع لكن يدفع بأن الأسلوب المختار لتحقيق ذلك لا يتوافق مع القانون الدولي. كما يدفع بأن التمايز لا يستند إلى معايير معقولة وموضوعية لأن المطلب المشترط بالفعل، أي الانتماء إلى فئة معينة تتمتع بامتياز مصطنع، لا هو "معقول" ولا هو "موضوعي". ويضيف أنه إذا كان يمكن تخصيص استعمال مورد معين من قبل عدد محدود من الناس، فإنه يجب إتاحة الإمكانية ذاتها لدخول مواطنين آخرين.

٦-٦ ويبين صاحب البلاغ أنه لا يعارض ترتيباً في حد ذاته يقضي بمنح الحق في الصيد إلى مالكي آحاد السفن. إن ما يعارضه في الواقع إنما هو الوضع الذي يؤبّده تشريع إدارة مصائد الأسماك والذي لا يشير إليه، أي أن تلك الاستحقاقات منحت إلى فئة بعينها مما ترتب عليه أن الباقين مضطرون إلى شرائها من تلك الفئة. وفيما يتعلق بالدليل الذي قدمته الدولة الطرف بأن التشريع ينص على التمايز، فإن صاحب البلاغ يدعي أن استحقاقات صيد أنواع تخضع لقيود على الكمية الإجما لية المصيدة سنوياً في نطاق حدود الصيد في الإقليم الآيسلندي لا يمكن تعقبها بأي حال من الأحوال. وحسب صاحب البلاغ، فإن كمية الصيد الإجمالية المسموح بها قد وزعت بكل بساطة على الذين أقدموا على الصيد في فترة محددة، وقد نجم عن ذلك تهميش آخرين. وقد حصل ذلك بموجب ا للائحة رقم ٤٤/١98٤ واستمر الترتيب بالنص في القوانين المتتالية على أن التأهيل لاستحقاقات سنوية جديدة بالصيد يقتصر على الذين سبق أن حصلوا على تلك الاستحقاقات، وبالسماح لغيرهم بالحصول عليها من خلال شراء حقوق الصيد التي تصدرها السلطات الإدارية أو إيجارها. غير أن صاحب البلاغ يرى أن وجود حصص آيسلندية للصيد يعزى إلى نصوص إدارية لا تشريعية.

وعليه، فهو يتساءل عن المنطق الذي يحكم ادعاء الدولة الطرف بأن حقوق الصيد تتسم بالدوام فقط بمعنى أنه لا يمكن إبطالها أو تعديلها إلا بموجب تشريع أو قانون لأن من الصعب فهم لماذا لا يمكن إلغاء حكم لم يضعه القانون إلا بحكم يضعه القانون.

٦-7 ويصر صاحب البلاغ على أن الاستعمال الخالص للموارد من طرف فئة من الأشخاص بعينها، دون مراعاة الأشخاص الذين لا ينتمون إلى تلك الفئة انتهاك لمبدأ المساواة. والمسألة لا تتعلق بما إذا كان لشعب آيسلندا نوع من حق الملكية يسمح له باستعمال مناطق صيد الأسماك حول آيسلندا، وإنما تتعلق بما إذا كان يحق لمن يتعاملون مع مناطق صيد الأسماك بأن يتعاملوا معها وكأنها ملكيتهم الخاصة.

٦-8 كما يتحدى صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف بأن نظام إدارة مصائد الأسماك يحظى بإجماع وطني ويدعي أن النظام تسبب في صراع وشقاق بين الشعب الآيسلندي لم يسبق له مثيل.

ملاحظات إضافية أبدتها الدولة الطرف

7-١ تجيب الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة ٢٥ شباط/فبراير ٢٠٠٢ على تعليقات صاحب البلاغ. وتكرر أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لا يحمي حرية العمل ومن ثم فإن اللجنة لا تملك اختصاص تقييم ما إذا كان تقييد حرية صاحب البلاغ في العمل يتسم بالإفراط ما لم يقم الدليل على أن التقييد ينتهك المادة ٢٦ من العهد. والواقع أن الدولة الطرف تشير إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت وجود أي آثار محددة تضرر منها مثل فق دان الدخل.

7-٢ وفيما يتعلق بتعليق صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب المادة ٢٦ من العهد قد انتهكت بسبب منحه وضعاً يختلف عن وضع غيره ممن منحوا حقوق الصيد، فإن الدولة الطرف تدفع بأنها سبق أن قدمت أدلة تفصيلية بشأن وضع مجموعة من الأشخاص بعينهم في مركز أفضل من غيرها من المواطنين الآيسلنديين فيما يتعلق بالحصول على حصص في الكمية المصيدة من موارد سمكية محدودة. وتجمل الأدلة التي قدمتها بالقول إن هدف التمايز مشروع ويقوم على اعتبارات موضوعية ومعقولة وأن ثمة تناسب معقول بين الوسائل المستخدمة والهدف المتبع.

7-٣ وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يبدو وكأنه يرى أنه نتيجة وضع نظام إدارة مصائد الأسماك تخضع فيه عملية توزيع حقوق الصيد للقواعد التي ترتكز على أداء الأطراف العاملة في صيد الأسماك خلال فترة محددة، فإن فئة من المواطنين حازت على مركز أفضل من غيرها من المواطنين وبالتالي فإ ن حقوق المواطنين الذين لم يحصلوا على حقوق الصيد قد انتهكت. وترفض الدولة الطرف الرأي القائل إن بالإمكان الاستنتاج من القاعدة الواردة في المادة ٢٦ من العهد أنه ينبغي توزيع الحقوق المشار إليها على فئة أوسع من الناس وتكون في نفس الوقت أقل تقييداً، ممن قد لا يع ملون علاوة على ذلك في قطاع مصائد الأسماك. وفي هذا المضمار، تشدد الدولة الطرف مرة أخرى على أن التشريع يسمح بنقل حقوق الصيد التي تكفل للأطراف الجدد الوصول إلى الأرصدة السمكية التي وضعت بشأنها قيود على الكمية المصيدة.

7-٤ وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن حق وق الصيد على النحو المنصوص عليه نادراً ما تستند إلى القانون في الواقع، لأنها صدرت أصلاً على أساس لوائح، تلاحظ الدولة الطرف أنه في الإجراءات المحلية لم يعترض صاحب البلاغ على الأساس القانوني لتوزيع حقوق الصيد وأنه يعتبر من البديهي أن يمثل تشريع إدارة مصائد ا لأسماك أساساً واضحاً في القانون لوضع قيود على توزيع حقوق الصيد التي يشتكي منها صاحب البلاغ.

7-٥ وتشير الدولة الطرف في الختام إلى أن من الملفت للنظر العلاقة البعيدة القائمة بين المصالح الشخصية لصاحب البلاغ والعرض العام للقضية، وأنه يبدو أن الغرض من البلاغ ه و طلب رأي نظري من اللجنة عما إذا كانت الترتيبات التي اتخذتها آيسلندا فيما يتعلق بإدارة مصائد الأسماك تتوافق مع المادة ٢٦ من العهد. إن هذه القضية قضية اجتماعية وتكتسي أهمية كبيرة للأمة الآيسلندية. ثم إن صاحب البلاغ، لما انتهك التشريع عمداً، كان بإمكانه طلب رأي المحاكم المحلية بشأن ما إذا كان التشريع يتوافق مع الدستور والاتفاقيات الدولية. وبتلك المناسبة، قضت المحكمة العليا بأن تقييم الهيئة التشريعية لسبل إدارة مصائد أسماك البلد بحيث تؤمن بأفضل وجه مصالح الأمة ككل لا يمكن الطعن عليه شريطة أن يكون قائماً على اع تبارات وجيهة. وتشدد الدولة الطرف على أن الهيئة التشريعية الآيسلندية توجد في وضع أفضل من الهيئات الدولية لتقييم أنسب التدابير في هذا المجال وهي من الأهمية بمكان لازدهار الأمة الاقتصادي.

7-٦ كما توفر الدولة الطرف معلومات تبين أنه بين عامي ١998 و٢٠٠١، صدر ٢٠ قرار اتهام على أساس انتهاكات لتشريع إدارة مصائد الأسماك.

7-7 وتوفر الدولة الطرف كذلك معلومات عن تنقيح تشريع إدارة مصائد الأسماك. وفي أيلول/سبتمبر ٢٠٠١، أوصت لجنة برلمانية باستمرار نظام الحصص في تشكيل جزء من إدارة مصائد الأسماك الآيسلندية. كما أوصى أغلبية أ عضاء اللجنة بالتفكير في وضع سياسة جديدة بشأن دفع رسوم عن الموارد البحرية. ومن المتوقع عرض مشروع التشريع على البرلمان في فصل الربيع.

تعليقات صاحب البلاغ الإضافية

8-١ علق صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة ١٢ نيسان/أبريل ٢٠٠٢ على رد الدولة الطرف. ودفع بأن تحديد إمكا نية الوصول إلى الموارد القيمة يجب أن يتحقق دون منح امتياز دائم لفئة محدودة من الناس. وفيما يتعلق بالحجة التي قدمتها الدولة الطرف بأن نظام إدارة مصائد الأسماك الحالي يخدم مصلحة الجمهور، يدفع صاحب البلاغ بأن مصلحة الجمهور هي في نظام يقوم على منح امتيازات تتح قق بصورة غير مباشرة. ويشدد صاحب البلاغ على أنه لا يعارض البتة قيام نظام للحصص في حد ذاته، وإنما يرى أن من الحيوي عدم إيجاد استحقاقات لصيد السمك مستثنية جميع الناس سوى فئة محدودة. ثم إن فتح المجال لمن استبعدوا لشراء أو استئجار استحقاقات صيد الأسماك ممن حصلو ا عليها مجاناً لا يجعل من ذلك النظام نظاماً شرعياً. فإذا كان المال هو الوسيلة التي يتم من خلالها الوصول إلى مصائد الأسماك، فإنه ينبغي للمال الذي صرف على ذلك أن يعود إلى الدولة لا إلى عصبة من الناس. ويوضح صاحب البلاغ أنه يرى أن نظام إدارة مصائد الأسماك الحا لي قد أدخل بسبب النفوذ الذي تمارسه جماعات ضغط ثرية ومستحكمة سياسياً، وأنه ليس من الضروري حصر توزيع الحصص على فئة محدودة. ويكرر صاحب البلاغ أنه أدين لانتهاكه قواعد إدارة مصائد الأسماك وأنه، بصفته مواطناً آيسلندياً، يحق له التمتع بحماية القانون، بحيث أن عرض القضية على اللجنة لا يعد مسألة نظرية بل عملية.

8-٢ وفيما يتعلق بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف بخصوص الإجراءات الجنائية الأخرى بشأن الجرائم المرتكبة ضد تشريع إدارة مصائد الأسماك، فإن صاحب البلاغ يعلن أنه لا ينكر أن إجراءات أخرى قد اتخذت لكنه يصر على أن ه لم تحدث حالة انتهاك من قبيل ما تعرض له لأن أيّاً من تلك الإجراءات لم يفض بوضوح إلى التغاضي عن الفرضيات الأساسية التي قام عليها نظام إدارة مصائد الأسماك. ويوضح صاحب البلاغ مرة أخرى أنه لا يشكو من نظام يسمح بامتلاك أفراد لحصص وتداولها فيما بينهم، شريطة أن تكون قد اكتسبت بصدق مع التقيد بالمبادئ العامة.

8-٣ ويقدم صاحب البلاغ في الرسالتين المؤرختين 8 و١٢ آب/أغسطس ٢٠٠٢ نسخاً وترجمات لتقارير إعلامية عن الدعوى المرفوعة ضده عندما كانت معروضة على المحاكم. ويبدو من التقارير أن الدعوى استرعت بشكل كبير انتباه الحكومة والبرلمان الذي ناقش حكم المحكمة الابتدائية. ويبدو أن أعضاء الحكومة أعربوا عن رأي في ذلك الحين مؤداه أن تأكيد المحكمة العليا لحكم المحكمة الابتدائية قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية خطيرة في آيسلندا.

8-٤ وفي رسالة أخرى مؤرخة في أكتوبر ٢٠٠٢، يبدي صاحب البلاغ تعليقا ت إضافية. ويزعم أن السياسيين الموجودين في الحكم يلتزمون بالإبقاء على نظام إدارة مصائد الأسماك لأسباب غير الحفاظ على أرصدة الأمة السمكية، وذلك أساساً لأن إلغاء الامتياز الحالي يعني الاعتراف بأنهم غير أكفاء وأن ذلك يضر بالمصالح المالية للجماعات النافذة سياسي اً. وحسب صاحب البلاغ، فإن تصريحات رئيس الوزراء التي أدلى بها بعد الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية في قضيته تبين أنه هدد بمواجهة مع القضاء إذا لم يلغ الحكم. وحسب صاحب البلاغ، فإن ذلك أفضى إلى حكم اتخذته المحكمة العليا يتجاهل أول واجباتها وأهمها وذلك بعد م تطبيق مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور.

8-٥ ويكرر صاحب البلاغ أن استحقاقات الصيد الآيسلندية أنشئت بإغلاق مناطق الصيد في وجه جميع الأشخاص الذين لا يمارسون الصيد في فترة معينة بتوزيع الاستحقاقات فيما بين الأشخاص الذي يمارسون الصيد في تلك الفترة وبمنحه م حقاً خالصاً في طلب مقابل مالي من الآخرين للانتفاع بذلك المورد. ويعترف بأن هذا الترتيب لم يكن يخالف المعقول نظراً إلى الملابسات السائدة آنذاك، ذلك أن المتعهدين العاملين ربما لم يتمكنوا من استرداد قيمة استثماراتهم. لكن صاحب البلاغ يدفع بأن الهيئة التشريعية والحكومة كان من واجبهما الرجوع إلى وضع دستوري في أقرب وقت ممكن وأن الترتيب ما كان ليتخذ طابعاً دائماً كما أشارت أيضاً المحكمة العليا في حكمها في قضية فالديمار.

8-٦ وفي الختام، يلاحظ صاحب البلاغ أن عدم احترام حق واحد من حقوق الإنسان يفضي إلى عدم احترام حقو ق الإنسان الأخرى ويؤدي إلى عواقب تؤثر في المجتمع برمته. وفي هذه الحالة بعينها، فإن تركيز حقوق الصيد في أيدي فئة صغيرة من الناس قد أدى إلى تباين في حماية الحقوق الدستورية لتلك الفئة مقارنة بعامة الناس الذين يرجح أن يكون تمتعهم أقل بحماية الدستور.

المسائل وا لإجراءات المعروضة على اللجنة

9-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في مقبولية الادعاء بموجب البروتوكول الاختياري.

9-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن إدانته بسبب إقدامه على الصيد دون أن تكون له الحصة اللازمة تجعل منه ضحية انتهاك للمادة ٢٦ من العهد لأن الشركة التي كان يعمل لحسابها كان عليها أن تشتري حصصاً من آخرين ممن حصلوا على حصص مجاناً لأنهم كانوا يمارسون الصيد في الفترة المشار إليها (من ١ تشرين الثاني/نوفمبر ١98٠ إلى ٣١ تشرين الأول /أكتوبر ١98٣). بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يكن يملك سفينة ولا هو طلب قط الحصول على حصة بموجب تشريع إدارة مصائد الأسماك. فهو لم يكن سوى قبطاناً على سفينة كانت لها رخصة صيد واشترت حصة. ولما استنفدت حصة السفينة وتبين أن شراء حصة جديدة مكلف للغاية، و افق على الاستمرار في الصيد دون حصة، وعرّض نفسه عمداً لارتكاب مخالفة جنائية بموجب تشريع إدارة مصائد الأسماك. ونظراً إلى هذه الحيثيات، ترى اللجنة أنه لا يمكن لصاحب البلاغ أن يدعي أنه ضحية تمييز على أساس إدانته بالصيد دون حصة.

١٠ و بناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بحكم صفة الشخص المعني بموجب المادة ١ من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أنه يجب أن يبلغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما سيصدر لاحقاً باللغ ات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

لام - البلاغ رقم 9٥٣/٢٠٠٠، زوندل ضد كندا *

(قرار اتخذ في ٢7 تموز/يوليه ٢٠٠٣، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : أرنست زوندل (تمثله محامية الأستاذة بربرا كولاسكا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

ا لدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : ٢١ آب/أغسطس ٢٠٠٠ (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة ٢8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في ٢7 تموز/يوليه ٢٠٠٣،

تعتمد القرار التالي :

قرار بشأن ال مقبولية

١- صاحب البلاغ هو أرنست زوندل، وهو مواطن ألماني من مواليد ٢٤ نيسان/أبريل ١9٣9، مقيم في كندا منذ ١9٥8. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك كندا (١) للمواد ٣ و١9 و٢٦ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). وتمثله محامية.

الوقائع كما عرض ها صاحب البلاغ

٢-١ يصف صاحب البلاغ نفسه بأنه ناشر ومناضل تعهد بالدفاع عن المجموعة العرقية الألمانية ضد الادعاءات الباطلة المنسوبة إلى الألمان بارتكاب أعمال وحشية أثناء الحرب العالمية الثانية. ويعود أصل بلاغه إلى قضية رُفعت إلى المحكمة الكندية لحقوق الإنسان اعتُبر فيها صاحب البلاغ مسؤولاً بموجب القانون الكندي لحقوق الإنسان، عن تعريض اليهود للكراهية والإهانة على موقع على شبكة الإنترنت يُعرف باسم "موقع زوندل" (Zundelsite). ويتبين بالرجوع إلى المواد المقدمة إلى اللجنة، على سبيل المثال، أن صاحب البلاغ يُنازع في إحدى مقالاته المنشورة على ذلك الموقع تحت عنوان "هل مات بالفعل ستة ملايين من اليهود" أن ستة ملايين يهودي قُتلوا خلال الهولوكست.

________________

* شارك في دراسة هذا البلاغ الأعضاء التالية أسماؤهم: السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتِن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوِليتو سولاري - يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد م اكسويل يالدين .

٢-٢ وفي أيار/مايو ١997، بعد أن رفع أحد الناجين من الهولوكست شكوى أمام اللجنة الكندية لحقوق الإنسان ضد موقع صاحب البلاغ على شبكة الويب، بدأت المحكمة الكندية لحقوق الإنسان إجراء تحقيق في الشكوى. وأثناء جلسة ٢٥ أيار/مايو ١998، رفضت محكمة حقوق الإنسان السماح لصاحب البلاغ بالدفع بصحة أقواله والاعتراض على الشكوى عن طريق إثبات صحة البيانات المنشورة على الموقع. واعتبرت المحكمة أن لا داعي إلى الخوض في مناقشة صحة البيانات التي يتضمنها موقع صاحب البلاغ على شبكة الويب أو بطلانها، ذلك أن مثل هذه المناقشة من شأنها أن "تضفي بعداً إضافياً عاماً من التأخير والتكلفة والإهانة لكرامة الذين يُزعم أنهم تضرروا من هذه البيانات" (٢) .

٢-٣ وبعد ذلك بفترة وجيزة، حصل صاحب البلاغ على حجز من ركن الصحافة البرلمانية الكندية، وهي منظمة غير حكومية لا تستهدف الربح فُوضت لها إدار ة الشؤون اليومية للمرافق الصحفية التابعة للبرلمان الكندي، لعقد جلسة إحاطة إعلامية يوم ٥ حزيران/يونيه ١998 في قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارلز لينش ` بالوحدة المركزية من مباني البرلمان. ويقول صاحب البلاغ إنه قد استوفى المعايير المطلوبة لحجز قاعة المؤتمرات هذه. وفي النشرة الصحفية لتي أُعلن فيها عن المؤتمر الصحفي يوم ٣ حزيران/يونيه ١998، ذكر صاحب البلاغ أنه سيُناقش القرار المؤقت الصادر عن محكمة حقوق الإنسان الذي ينكر عليه حق إثبات صحة أقواله. ويرد في الأجزاء ذات الصلة بالموضوع من النشرة الصحفية ما يلي:

"محاكم التف تيش الجديدة في تورونتو ! الحكومة تحاول اغتصاب السيطرة على الإنترنت!

اللجنة الكندية لحقوق الإنسان ومحكمتها تُفيدان أرنست زوندل بما يلي:

- الحقيقة ليست وسيلة دفاع

- القصد ليس وسيلة دفاع

- كون البيانات المقدمة صحيحة أمر لا علاقة له بالموضوع !

صدر القرار الم ؤقت في ٢٥ أيار/مايو ١998، بعد سنة من الجلسات المتتالية عن محكمة كندية لحقوق الإنسان تنعقد حالياً للحكم بشأن موقع على شبكة الويب مقره في أمريكا يُسمى "موقع زوندل"، وعنوانه التالي: http://www.webcom.com/ezundel

(للاطلاع على النص الكامل للقرار انظر الصفحات ال مرفقة.)" (٣)

٢-٤ وفي ٤ حزيران/يونيه ١998، وبعد أن جرى الاتصال بعدد من أعضاء البرلمان من طرف خصوم لآراء صاحب البلاغ احتجوا على استخدام صاحب البلاغ لقاعة المؤتمرات الصحفية ` تشارلز لينش ` ، وبعد أن رفض ركن الصحافة إلغاء حجز القاعة، أقر مجلس العموم بإجماع أعضائه القرار التالي: "يأمر هذا المجلس بمنع أرنست زوندل من دخول حرم مجلس العموم أثناء الدورة الجارية ولما تبقى من مدتها".

٢-٥ ونتيجة لهذا القرار، حُرم صاحب البلاغ من دخول حرم البرلمان ومُنع من عقد المؤتمر الصحفي في قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارلز لينش ` ، فعَقَد مؤتم راً صحفياً غير رسمي على رصيف المشاة خارج مباني البرلمان.

استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

٣-١ في ٢٢ كانون الثاني/يناير ١999، رفضت محكمة أنتاريو (الشعبة العامة) الدعوى المرفوعة من صاحب البلاغ ضد الأحزاب السياسية التي شاركت في اتخاذ القرار المعتمد بإجماع الأعضا ء، والذي يمنعه من دخول حرم البرلمان، وضد بعض الأفراد من أعضاء البرلمان، على أساس انتهاك حقه في حرية التعبير (المضمون بموجب المادة ٢(ب) من الميثاق الكندي للحقوق والحريات). فقد اعتبرت المحكمة أن من الممكن مقاضاة المُدعى عليهم، الأحزاب السياسية في حين رأت أنه ينبغي شطب الشكوى المرفوعة ضد أعضاء البرلمان لانتفاء أي سبب معقول للدعوى. وبينت المحكمة أن مجلس العموم مارس امتيازه البرلماني بمنعه صاحب البلاغ من الدخول إلى حرمه. وأن معيار الضرورة قد استوفي بما أن القرار الذي يُقيد دخول صاحب البلاغ إلى حرم البرلمان كان ض رورياً لصون حسن سير أعمال المجلس، ذلك أن الدافع وراء ذلك القرار إنها هو صون كرامة البرلمان وسلامته. ولاحظت المحكمة أن تقييد حق صاحب البلاغ في حرية التعبير لم يشمل سوى استخدامه لحرم مجلس العموم دون أن يطال، بصورة عامة، حقه في إبداء آرائه.

٣-٢ وفي ١٠ تشرين ا لثاني/نوفمبر ١999، رفضت محكمة الاستئناف في أنتاريو استئناف صاحب البلاغ مبينة أن المسألة القانونية المعروضة على نظر المحكمة هي ما إذا كان ضرورياً لمجلس العموم من أجل ضمان حسن سير عمله في أن يتحكم في حرمه، بما في ذلك ممارسة سلطة إبعاد الغرباء عن مبانيه. وليس ت هي ما إذا كان من الضروري إبعاد صاحب البلاغ عن حرمة البرلمان، لأن معنى ذلك التحقيق في شرعية القرار أو عدم شرعيته، مما يجعل كل امتياز برلماني قائم عديم الأثر ولما كان تحكم البرلمان بقوة أمر لازماً لضمان حسن سير أعماله، فإن المحاكم تكون متجاوزة لحدود الشرعي ة الدستورية في هذا الامتياز. وبما أن قرار إبعاد صاحب البلاغ لا يعدو أن يكون وجها من أوجه ممارسة التحكم في دخول الغرباء إلى حرم البرلمان، فإن دعوى صاحب البلاغ قائمة كلياً على مسائل تتعلق بالامتيازات البرلمانية ومن ثم كان من الصواب شطبها.

٣-٣ وفي ٢9 حزيران/ي ونيه ٢٠٠٠، رفضت المحكمة الكندية العليا طلب صاحب البلاغ الإذن لاستئناف قرار محكمة الاستئناف في أنتاريو.

الشكوى

٤-١ يدعي صحب البلاغ أنه ضحية انتهاك المواد ٣ و١9 و٢٦ من العهد، إذ إنه حُرم من حقه في حرية التعبير على أساس تمييزي.

٤-٢ ويدفع بأن قرار مجلس العموم الذي قضى بالعادة عن حرم البرلمان، وبوجه خاص عن قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارلز لينش ` شكلت انتهاكاً لحقه في حرية التعبير بموجب المادة ١9 من العهد. كما يدفع بأن القرار شكل إجراءاً تمييزياً وانتهاكاً للمادتين ٣ و٢٦ من العهد، لأنه كان مستوفياً لكل المعايير الخاص ة بحجز قاعة المؤتمرات الصحفية، مُعتبراً أن العادة يُعد "أول مرة في تاريخ كندا يُحرم فيها شخص من دخول حرم البرلمان [...] بسبب آرائه السياسية".

٤-٣ ويُدفعُ أن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف الداخلية وأن المسألة نفسها لم يسبق البحث فيها في إطار إجراء آخ ر يتعلق بتحقيق دولي أو تسوية دولية.

تقرير الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ ووقائعه الموضوعية

٥-١ عقبت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة في ١٠ آب/أغسطس ٢٠٠١، على مقبولية البلاغ ووقائعه الموضوعية.

٥-٢ تُنازع الدولة الطرف مقبولية البلاغ في ما يتصل بانتهاك ال مادتين ٣ و٢٦ من العهد، وتدفع بأن هذه الادعاءات ليست مدعومة بالحجج الكافية. وبوجه خاص لم يفلح صاحب البلاغ في تقديم الحجة على أنه لا يتمتع بالحقوق الواردة في العهد على قدم المساواة مع النساء في كندا (المادة ٣) وأن إبعاده عن حرم البرلمان يُعدُ ضرباً من ضروب ا لتمييز (المادة ٢٦)، وعلاوة على ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية في ما يتعلق بهذه الادعاءات، لأن دعواه المرفوعة أمام المحكمة اقتصرت على الادعاء بأن قرار مجلس العموم شكل انتهاكاً لحريته في التعبير بموجب الميثاق الكندي لل حقوق والحريات.

٥-٣ وبينما لا تُنازع الدولة الطرف مقبولية باقي البلاغ، فإنها تؤكد أن حق صاحب البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة ١9 لم يُنتهك. وتقول إن قرار مجلس العموم وإن منع صاحب البلاغ من دخول حرم البرلمان، فإنه لم تمنعه من التعبير عن آرائه خارج هذا الح رم. وتؤكد الدولة الطرف أن المادة ١9 من العهد لا تقتضي من الدول أن تضمن للأفراد دخول أي مكان يختارونه كيما يتسنى لهم ممارسة ذلك الحق.

٥-٤ وتؤكد الدولة الطرف أنه حتى إذا اعتبر إبعاد صاحب البلاغ عن حرم البرلمان تقييداً لحقه في حرية التعبير فإن لهذا التقييد ما يبرره بمقتضى أحكام الفقرة ٣ من المادة ١9 والفقرة ٢ من المادة ٢٠ من العهد. وأن القرار الذي يمنع صاحب البلاغ من دخول البرلمان إنما هي ممارسة صحيحة من جانب مجلس العموم لسلطة سن القوانين المنصوص عليها في المعايير الدستورية التي تستوفي، في حالة الامتيازات البر لمانية، شرط "المنصوص عليه قانوناً" الوارد في الفقرة ٣ من المادة ١9 من العهد (٤) .

٥-٥ إن التقييد الذي فُرض على صاحب البلاغ إنما خدم غرض حماية حق المجموعات اليهودية في الحرية الدينية وحرية التعبير وحقها في العيش داخل مجتمع خال من التمييز فضلاً عن أن أحكام الف قرة ٢ من المادة ٢٠ من العهد تدعم ذلك التقييد (٥) . وبناء عليه، لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم ١١ على المادة ٢٠ (٦) ، أن هذا الحظر "يتمشى تمشياً تاماً مع الحق في حرية التعبير كما ورد في المادة ١9، الذي تنطوي ممارسته على واجبات ومسؤوليات خاصة". وإن كون صاحب البلاغ ينشط لمدة تناهز الثلاثين عاماً في توزيع المواد التي تنكر الهولوكست والأعمال الفظيعة الأخرى التي ارتكبها النازيون في حق اليهود، على نطاق عالمي،يكفي لتبرير قلق مجلس العموم من أنه قد يستخدم مرافق البرلمان منبراً لنشر الآراء المعادي ة للسامية، مُعرضا بذلك المجتمع اليهودي للكراهية والتمييز. وتدفع الدولة الطرف أن القرار لم يكن مبرراً فحسب بموجب أحكام الفقرة ٣ من المادة ١9 والفقرة ٢ من المادة ٢٠ والفقرة ١ من المادة ٥ من العهد وإنما هي تكليف قانوني بموجب المادة ٤ (7) من الاتفاقية الدولية ل لقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري باتخاذ التدابير اللازمة لقمع نشر الأفكار التي تقوم على التمييز العنصري والكراهية (8) . وبالإضافة إلى أن إبعاد صاحب البلاغ عن حرم البرلمان يكفل احترام حق الآخرين في التمتع بسمعة جيدة، فإنه قد خدم غرض حماية النظام العام وال آداب العامة. ولما كانت حماية الإجراءات البرلمانية تشكل هدفاً مشروعاً ل‍ "النظام العام" بالمعنى المقصود في الفقرة ٣ من المادة ١9 (9) ، فإن مبدأ الامتياز وتطبيقه في هذه الحالة جاءا متوافقين مع تلك الفكرة. وبما أن المعاداة للسامية منافية لقيم التسامح والتنوع وا لمساواة، التي يكرسها الميثاق الكندي للحقوق والحريات، والتشريعات المحلية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان، فإن قرار مجلس العموم قد خدم أيضاً غرض حماية الآداب العامة.

٥-٦ وتؤكد الدولة الطرف أن القيود التي فُرضت على صاحب البلاغ كانت "ضرورية"، بالمعنى المقصود في الفقرة ٣ من المادة ١9 من العهد، لحماية حقوق الجماعة اليهودية وكرامة البرلمان وسلامته، بالإضافة إلى القيم الكندية للمساواة والتنوع الثقافي. ومقارنة بالأذى الذي كان سيسببه المؤتمر الصحفي الذي أزمع صاحب البلاغ تنظيمه، والآثار الضارة على المجتمع بأسره للتحريض على الكراهية، والانطباع بأن هذا المؤتمر الصحفي كان يحمل علامة موافقة البرلمان والحكومة، فإن التقييد الذي فُرض على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير لا يعدو أن يكون الحد الأدنى المطلوب، وبالتالي فإنه كان متناسباً. فقد اقتصر التقييد على مكان محدد فقط وهو حرم ال برلمان، الذي لا يجوز لأحد من العموم أن يدخله دون قيود، ولم ينقص من حرية صاحب البلاغ في استخدام أي محفل آخر لإبداء رأيه، شرط ألا تنال بياناته من سمعة المجتمع اليهودي.

٥-7 وتؤكد الدولة الطرف أن الامتيازات البرلمانية (١٠) . تُعد بين الاتفاقيات غير المدونة التي تُشكل جزءاً من الدستور الكندي، وتستمد جذورها من ديباجة الدستور الكندي لعام ١8٦7 ومن التقاليد التاريخية ومن مبدأ أن الفرع التشريعي ينبغي أن يُفترض فيه أنه يملك السلطات الدستورية اللازمة لضمان حسن سير أعماله. ومن بين هذه الامتيازات سلطة الهيئة التشريعية في م جال تنظيم الإجراءات الداخلية الخاصة بها. ويتصل هذا الامتياز اتصالاً وثيقاً بحق البرلمان في التحكم في دخول حرمه عن طريق إبعاد كل شخص غريب. ويُعتبر الامتيازان ضروريين للهيئة التشريعية كيما يتسنى لها صون هيبة أعمالها وسلامتها وفعاليتها. وكانت المحكمة العليا ل كندا أكدت هذه الامتيازات في قرارها بشأن القضية المرفوعة من شركة نيو برونسفيك برودكاستنغ ضد نوفا سكوتيا ، حيث اعتبرت لدى استعراض ممارسة البرلمان للمزايا الخاصة به، "أنه يجوز للمحاكم أن تحدد ما إذا كان الامتياز المزعوم لازماً كيما يتسنى للسلطة التشريعية أن تع مل، ولكن ليس من سلطتها استعراض صحة أو عدم صحة قرار محدد يُتَخَذ عملاً بالامتيازات" (١١) .

٥-8 وتشدد الدولة الطرف على أن حق البرلمان الحصري في ممارسة السيطرة على إجراءاته الداخلية - وهو مجال محدود نسبياً من النشاط التشريعي - يُعَدُّ حيوياً لقدرته على حفظ استق لاليته إزاء الفرعين التنفيذي والقضائي للحكومة. وإخضاع قرار البرلمان بإبعاد شخص غريب عن حرمه لاستعراض المحكمة لن يشكل فحسب خرقاً لمبدإ فصل السلطات. وإنما سوف يعني أن مثل هذه القرارات غير نهائية، ويحدث بالتالي شكوكاً وتأخيراً ويمنع أعضاء البرلمان من أداء مها مهم التشريعية الهامة. وتدفع الدولة الطرف بأنه لما كان المشرع أجدر من المحاكم بتحديد الظروف اللازمة لسير أعماله الداخلية بشكل فعال، ينبغي على المحاكم ألا تتدخل بشأن الكيفية التي مارس بها البرلمان امتيازاته.

٥-9 وكطلب احتياطي، لو أعلنت للجنة مقبولية دعاوى صا حب البلاغ بموجب المادتين ٣ و٢٦، فإن الدولة الطرف تعترض على هذا الجزء من البلاغ استناداً إلى وقائعه الموضوعية. وتحتفظ بحق تقديم ردود إضافية. فهي تؤكد أن صاحب البلاغ لم يخضع للتمييز ذلك أن إبعاده عن حرم البرلمان كان متمشياً مع أحكام العهد واستند إلى أسس معقو لة، بما يخدم غرض منع نشر الخطاب المعادي للسامية، ويدعم الحقوق التي يُكرِّسها العهد لأعضاء الجماعة اليهودية.

تعليقات صاحب البلاغ

٦-١ في رسالة مؤرخة في ١٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠٠١، عقب صاحب البلاغ على تقرير الدولة الطرف. ويؤكد أن شكواه تستوفي كل شروط المقبو لية. وبما أن قضيته رُفضت من طرف المحاكم بالاستناد إلى أسس عامة جداً، وهي الامتياز البرلماني، فإن أي شكوى يقدمها بأنه تعرض للتمييز كانت سوف تُرفض على نفس الأسس. ويلاحظ أنه دُفع أمام محكمة الاستئناف في أنتاريو بأن الامتياز الواسع الذي يتمتع به البرلمان من شأ نه أن يمنحه مقالاً محدوداً للتمييز ضد أي شخص أو مجموعة.

٦-٢ ويدفع صاحب البلاغ بأن الامتياز الذي يخول للبرلمان مراقبة الدخول إلى حرمه لا يعفي الفرع التشريعي من الالتزامات التي تعهدت بها الدولة الطرف في مجال حقوق الإنسان الدولية، لا سيما وأن البرلمان قد وافق على هذه الالتزامات بمصادقة الدولة الطرف على العهد.

٦-٣ ويؤكد صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف القضائية شكلت، في غياب كل الوسائل السياسية للاعتراض على سلطة الدولة الطرف الطريقة الوحيدة التي تكفل لصاحب البلاغ الطعن في إبعاده عن حرم البرلمان.

٦-٤ وفي ما يتعلق بال دعوى بموجب المادة ١9 من العهد، يكرر صاحب البلاغ التأكيد على أنه استوفى المعايير المطلوبة لاستخدام قاعة المؤتمرات الصحفية ذلك أن موضوع المؤتمر الصحفي المزمع كان يكتسي طابع المصلحة الوطنية. فقد منع مجلس العموم صاحب البلاغ من دخول قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارل ز لينش ` ، لينكر عليه استخدام مثل هذا المحفل الموثوق لإبداء رأيه ويمنع نشر مؤتمره الصحفي من خلال الشبكة الكبلية الوطنية التي تبث المؤتمرات الصحفية التي تُعقد في المرافق الصحفية التابعة للبرلمان.

٦-٥ وحسب صاحب البلاغ ، لم يكن هناك دليل على أن صاحب البلاغ كان ينوي التحريض على الكراهية ضد الشعب اليهودي أثناء المؤتمر الصحفي المزمع. وإنما ذكر البيان الصحفي أنه سوف يناقش قرار المحكمة الكندية لحقوق الإنسان الذي يقضي بأنه لا يمكن الاحتكام إلى الحقيقة كوسيلة للدفاع في إطار إجراءات بموجب المادة ١٣ من القانون الكندي لحق وق الإنسان. وقد أُعدَّت نُسخ من قرار المحكمة لغرض توزيعها. ولكن الدولة الطرف استشهدت عن قصد بحجج أخلاقية بهدف إدخال ذلك الجانب في القضية. ويشدد صاحب البلاغ أنه، منذ أن أصبح مقيما في كندا عام ١9٥8، لم يحاكم أو لم تثبت عليه إدانة على أساس التحريض على الكراهي ة ضد الشعب اليهودي. أما إدانته السابقة بسبب ` نشر أخبار زائفة ` . فقد أسقطتها المحكمة العليا لكندا عام ١99٢ باعتبار أنها شكلت انتهاكاً لحق صاحب البلاغ الدستوري في حرية التعبير (١٢) .

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7-١ في مذكرة شفوية بتاريخ ٣٠ أيار/م ايو ٢٠٠٢، قدمت الدولة الطرف معلومات بشأن التفسير القضائي للامتياز البرلماني وعن القرار النهائي للمحكمة الكندية لحقوق الإنسـان في القضية المرفوعة من سيترون ضد زوندل (١٣) .

7-٢ وعملاً بالمادة ٤٠ من قانون حقوق الإنسان، يجوز لكل فرد أو مجموعة أفراد يدعون أنهم ضح ية ممارسة تمييزية أن يرفعوا شكوى إلى اللجنة الكندية لحقوق الإنسان. ومع مراعاة معايير محددة تتصل بالمقبولية، فإن اللجنة مفوَّضة للتحقيق في الشكوى وللتوسط من أجل التوصل إلى تسوية ودية إذا لم ترفض الشكوى. وإذا تعذر التوصل إلى مثل هذه التسوية. يمكن للجنة أن تُ حيل الشكوى إلى المحكمة الكندية لحقوق الإنسان، وهي هيئة شبه قضائية مستقلة مخوَّلة لعقد الجلسات وللفصل في المسألة بمقتضى أمر قضائي.

7-٣ وفي تموز/يوليه وأيلول/سبتمبر ١99٦، قامت اللجنة المعنية بالعلاقات الاجتماعية والعنصرية التابعة لعمدة تورنتو، وكذلك صابينا س يترون، من الناجين من الهولوكست، بتقديم شكويين بالتوازي ضد صاحب البلاغ بموجب المادة ١٣(١) من قانون حقوق الإنسان، مدعيين أن صاحب البلاغ، من خلال نشر مواد تمييزية على موقعه على شبكة الويب، "سبَّب اتصالات هاتفية متكررة من المرجح أن تعرّض اليهود للكراهية والإها نة". وبعد أن أحالت لجنة حقوق الإنسان الشكوى إلى محكمة حقوق الإنسان للنظر في وقائعها الموضوعية، أصدرت المحكمة قرارها النهائي في ١8 كانون الثاني/يناير ٢٠٠٢، وأمرت صاحب البلاغ "أو أي أفراد آخرين يعملون باسم أرنست زوندل أو بالتفاهم معه بوقف الممارسة التمييزية المتمثلة في نقل مواد من قبيل تلك المعروضة على نظر المحكمة عن طريق الهاتف"، والتي يمكن العثور عليها على "موقع زوندل"، "أو أي رسائل أخرى لها جوهرياً شكل أو محتوى مماثل ومن شأنها أن تعرض شخصاً أو أشخاصاً للكراهية أو الإهانة تحديد الشخص أو الأشخاص استنادا إلى أساس من الأسس التمييزية المحظورة، خلافا لأحكام المادة ١٣(١) من القانون الكندي لحقوق الإنسان ".

7-٤ تنص المادة ١٣(١) من القانون الكندي لحقوق الإنسان على ما يلي:

"ي ُعتبر ممارسة تمييزية كل عمل يقوم به شخص أو مجموعة من الأشخاص العاملين بالتفاهم فيما بينهم يتمث ل في النقل عن طريق الهاتف، أو يتسبب في نقل، أي مادة من شأنها أن تُعرَّض شخصاً أو أشخاصاً للكراهية أو الإهانة حيث يحدد الشخص أو الأشخاص بالاستناد إلى أساس تمييزي محظور، وذلك بصفة متكررة، وكلياً أو جزئياً باستخدام المرافق التابعة لمشروع اتصالات سلكية ولاسلكي ة يخضع للسلطة التشريعية للبرلمان."

ويرد وصف أسس التمييز المحظور، في المادة ٣(١) من ذلك القانون كالآتي:

"لكافة أغراض هذا القانون، فإن أسس التمييز المحظورة هي العرق والمنشأ القومي أو الإثني واللون والدين والعمر والجنس والميول الجنسية والوضع العائلي والحالة الزواجية والإعاقة والإدانة التي صدر بشأنها عفو".

7-٥ وبالإضافة إلى قانون حقوق الإنسان، يتضمن القانون الجنائي الكندي ثلاثة من الأحكام المتعلقة بالدعاية للكـراهية، وهي: (أ) الدعوة إلى الإبادة الجماعية (المادة ٣١8)، (ب) تحريض الجمهور على الكراهية (الفقرة ١ من المادة ٣١9)، و(ج) الترويج المتعمد للكراهية (الفقرة ٢ من المادة ٣١9).

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-١ قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، فإنها تقرر بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان يجوز النظر فيه أ م لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-٢ وتحققت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست موضع نظر في إطار إجراء آخر يتصل بتحقيق دولي أو تسوية دولية لأغراض الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

8-٣ وفي ما يتعلق بادعاء انتهاك المادة ٣ من العهد، ت رى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يثبت هذا الادعاء الذي يبدو أنه يتعدَّى نطاق الحكم المذكور. وبناء على ذلك، تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادتين ٢ و٣ من البروتوكول الاختياري.

8-٤ أما في ما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة ٢ من المادة ١9 من العهد، فتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تُنازِع ادعاء صاحب البلاغ بأن سبل الانتصاف الداخلية استُنفدت في ما يتصل بالقرار القاضي بإبعاد صاحب البلاغ عن حرم مجلس العموم "أثناء الدورة الجارية ولما تبقى من مدتها"، وما نتج عنه من منع صاحب البلاغ من عقد المؤتم ر الصحفي الذي كان قد أعلن عنه. وبناء عليه، فإن الدعوى المقدمة من صاحب البلاغ بموجب الفقرة ٢ من المادة ١9 لا يمكن اعتبارها غير مقبولة في إطار الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

8-٥ إلا أن اللجنة تعتبر، بالرغم من استعداد الدولة الطرف للخوض في ا لوقائع الموضوعية للبلاغ، أن الدعوى المقدمة من صاحب البلاغ لا تتمشى مع أحكام المادة ١9 من العهد وهي بالتالي غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري. وبالرغم من أن الحق في حرية التعبير، كما يرد في الفقرة ٢ من المادة ١9 من ا لعهد، يمتد إلى اختيار الوسيلة، فإنه لا يعادل الحق المطلق لأي فرد أو مجموعة في عقد مؤتمرات صحفية داخل حرم البرلمان. أو في أن تُبث هذه المؤتمرات الصحفية من طرف الآخرين. وإن بات من الثابت أن صاحب البلاغ حصل على حجز لاستخدام قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارلز لينش ` وأن هذا الحجز تعذَّر إنفاذه بسبب القرار الذي اعتمده البرلمان بإجماع أعضائه والقاضي بمنع صاحب البلاغ من دخول حرم البرلمان، فإن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ ظل حراً في أن يختار مكاناً آخر يعقد فيه مؤتمره الصحفي. لذلك، فإن اللجنة، بعد أن نظرت بعناية في المواد المعروضة عليها، تتبنى الموقف بأن دعوى صاحب البلاغ، التي تأسست على عدم تمكنه من عقد مؤتمر صحفي في قاعة المؤتمرات الصحفية ` شارلز لينش ` ، تقع خارج نطاق الحق في حرية التعبير، كما تحميه الفقرة ٢ من المادة ١9 من العهد.

8-٦ وأخيراً، وفي ما يتعلق بادعاء انتهاك الم ادة ٢٦ من العهد، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، بموجب الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي، في بيانه المقدم إلى محكمة أنتاريو، أنه ضحية انتهاك حقه في حرية التعبي ر المضمون بموجب المادة ٢(ب) من الميثاق الكندي للحقوق والحريات، دون أن يدعي مع ذلك، أي انتهاك لحقوقه في المساواة بموجب المادة ١٥(١) (١٤) من الميثاق. وإن دفع صاحب البلاغ بأن أي شكوى لو كان رفعها بسبب تعرضه للتمييز لكانت رُفضت على أساس الامتياز البرلماني هي من قبيل التخمين المحض، وهي بالتالي لا تحله من التماس استنفاد سبل الانتصاف الداخلية.

9- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب المادتين ٢ و٣ والفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ بهذا القرار وإبلاغ الدولة الطرف للعلم.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي، كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(١) بدأ سريان مفعول العهد والبروتوكول الاختياري للعهد بالنسبة للدولة الطرف في ١ 9 أيار/مايو ١97٦.

(٢) المحكمة الكندية لحقوق الإنسان، سيترون ضد زوندل ، القرار المؤقت الصادر في ٢٥ أيار/مايو ١998.

(٣) الأحرف المائلة والبارزة والموضوع تحتها خط كما هي مستعملة في البيان الصحفي الأصلي.

(٤) تشير الدولة الطرف إلى قرار مماثل للجنة حقوق الإنسا ن في القضية المرفوعة من فوتيي ضد كندا ، البلاغ رقم ٦٣٣/١99٥، الآراء المعتمدة في 7 نيسان/أبريل ١999، وثيقـة الأمم المتحدة CCPR/C/65/633/1995، ٥ أيار/مايو ١999، الفقرة ١٣-5.

(٥) في هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى قضاء اللجنة في قضية روس ضد كندا ، البلاغ رقم 7٣٦/١997، الآراء المعتمدة في ١8 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٠، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/70/70/D/736/1997، ٢٦ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٠٠، الفقرة ١١-٥. وفي قضية فرويسون ضد فرنسا، البلاغ رقم ٥٥٠/١99٣، الآراء المعتمدة في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر ١99٦، وثيقة الأمم المت حدة CCPR/C/C/58/D/550/1993، ١٦ كانون الأول/ديسمبر ١99٦، الفقرة 9-٦.

(٦) اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الدورة التاسعة عشرة (١98٣)، التعليق العام رقم ١١، حظر الدعاية للحرب والتحريض على الكراهية القائمة على أسس قومية أو عرقية أو دينية (المادة ٢٠)، المعتمد في ٢9 تموز/يوليه ١98٣، الفقرة ٢.

(7) تنص المادة ٤ من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على ما يلي:

"تشجب الدول الأطراف جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني واحد، أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية الإيجابية الرامية إلى القضاء على كل تحريض على هذا التمييز وكل عمل من أعماله، وتتعهد خاصة، تحقيقاً لهذه الغاية ومع المراعاة الحقة للمبادئ الوارد ة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللحقوق المقررة صراحة في المادة ٥ من هذه الاتفاقية، بما يلي:

(أ) اعتبار كل نشر للأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل إثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون؛

(ب) إعلان عدم شرعية المنظمات، وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية الأخرى، التي تقوم بالترويج للتمييز العنص ري والتحريض عليه، وحظر هذه المنظمات والنشاطات واعتبار الاشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون؛

(ج) عدم السماح للسلطات العامة أو المؤسسات العامة، القومية أو المحلية، بالترويج للتمييز العنصري أو التحريض عليه".

(8) تؤكد الدولة الطرف أيضاً أنه، وفقاً للتو صية العامة الخامسة عشرة للجنة بشأن القضاء على التمييز العنصري، فإن "حظر نشر جميع الأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية إنما ينسجم مع الحق في حرية الرأي والتعبير". انظر التوصية العامة الخامسة عشرة: العنف المنظم القائم على المنشـأ الإثني (ا لمادة ٤)، المعتمدة في ٢٣ آذار/مارس ١99٣، الفقرة ٤.

(9) تشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في القضية المرفوعة من غوتيي ضد كندا ، البلاغ رقم ٦٣٣/١99٥، الآراء المعتمدة في 7 تموز/يوليه ١99١، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/65/D/633/1995، ٥ أيار/مايو ١999، الفقرة ١٣ -٦.

(١٠) في القانون الدستوري الكندي، تشير فكرة "الامتيازات" إلى السلطات القانونية للبرلمان.

(١١) المحكمة العليا لكندا، شركة نيو برونسفيك برودكاستنغ ضد نوفا سكوتيا ، [١99٣] ١، S.C.R.، الفقرتان ٣8٤ و٣8٥.

(١٢) انظر المحكمة العليا لكندا، ر. ضد زوندل ، [١99٢] ٢، S.C.R، الفقرات 7٣١ إلى 8٤٤.

(١٣) المحكمة الكندية لحقوق الإنسان، سيترون ضد زوندل ، القرار الصادر في ١8 كانون الثاني/يناير ٢٠٠٢.

(١٤) تنص المادة ١٥(١) من الميثاق الكندي للحقوق والحريات على ما يلي: "كل الأفراد متساوون أمام القانون وبموجب القانون، ولكل فرد الحق في المساواة في حماية القانون وفي رعاية القانون دونما تمييز، وبوجه خاص دون تمييز على أساس العرق أو المنشأ القومي أو الإثني أو اللون أو الدين أو الجنس أو العمر أو الإعاقة الجسدية أو العقلية".

ميم - البلاغ رقم 9٥٦/٢٠٠٠، بسيونيري ضد إسبانيا *

(قرار اتخذ في 7 آب/أغسطس ٢٠٠٣، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد روكو بسيونيري (يمثله السيد لويس بيرتلي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : ١١ أيار/مايو ٢٠٠٠

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب ال مادة ٢8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 آب/أغسطس ٢٠٠٣،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

١- مقدم هذا البلاغ هو روكو بسيونيري، المواطن الإيطالي المحتجز حالياً في سجن خايين في إسبانيا. وهو يدعي في بلاغه المؤرخ ٥ نيسان/ أبريل ٢٠٠٠ الذي استكمله في ٥ كانون الثاني/يناير ٢٠٠١ بأنه ضحية انتهاكـات إسبانيا للفقرة ١ والفقرة ٣(ب) والفقرة ٥ من المادة ١٤ والفقرة ١ من المادة ١٥ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محامٍ. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إل ى إسبانيا في ٢٥ كانون الثاني/يناير ١98٥.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر ١997 طلبت إيطاليا تسليمها صحاب البلاغ على أساس أنه في ٣٠ أيلول/سبتمبر ١997 صدر أمر بإلقاء القبض عليه بتهمة الاتجار بالمخدرات في أعقاب مصادرة ٢٠٠ كيلوغرام من الكوكايين في منطقة فيليتو كانافيزي بإيطاليا، و٣8٥ ١ كيلوغراماً من الحشيش في برشلونة بإسبانيا. ومع هذا فقد ألغي هذا الأمر بإلقاء القبض عليه في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ١99٧ من قبل محكمة الأمور المدنية والجنائية في تورينو بسبب مخالفته للأصول الإجرائية (١) . وكان صاحب البلاغ في ذلك الحين في إسبانيا.

ــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد الفريدو كاستييرو هويوس، السيد فرانكو دي باسكواليه، السيد موريس غيليله أهانهانزو ، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي.

٢-٢ وفي ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر ١99٧ أصدرت محكمة الأمور المدنية والجنائية في تور ينو بإيطاليا أمراً جديداً بإلقاء القبض عليه يتعلق بالأحداث نفسها التي يقول صاحب البلاغ إنه لم يتم التحقيق فيها أمام محكمة إيطالية، ولكن أجري تحقيق أولي برقم 9٧9/9٧ أمام محكمة التحقيق الإسبانية رقم ١٠.

٢-٣ ولما كان صاحب البلاغ موجوداً في كل تلك الأوقات في أ راضي إسبانيا فقد طلبت السلطات الإيطالية تسليمه مرة أخرى بناءً على الأمر الثاني بإلقاء القبض عليه الصادر في ١8 أيار/مايو ١998 وقررت المحكمة العليا الوطنية تسليمه بصدد قضية الاتجار بالكوكايين ولكنها رفضت تسليمه فيهما يتعلق بالاتجار بالحشيش قائلة بأنه قد بدأ التحقيق في إسبانيا في هذه التهمة الأخيرة. وبموجب الأمر يعلق نقل صاحب البلاغ إلى إيطاليا إلى أن يقضي قد يحكم بها من محكمة التحقيق رقم ١٠ في برشلونة المسؤولة عن هذا الموضوع.

٢-٤ ووفقاً لصاحب البلاغ ففي اليوم السابق للتحقيق الأولي في إجراءات التسليم (٢) ، لم يس أل إلا عما إذا كان مدركاً لاحتمال توجيه تهم أخرى إليه، وبالتالي لم يتح لـه الوقت الكافي لإعداد دفاعه.

٢-٥ وقدم صاحب البلاغ، في معارضته لأمر التسليم، طلباً لإعادة النظر فرفضته الشعبة الجنائية بالمحكمة العليا الوطنية في ٢٣ تموز/يوليه ١998. وكان ثلاثة من القض اة الذين أعلنوا شرعية التسليم يعملون أيضاً في الشعبة الجنائية المؤلفة من تسعة أعضاء بالمحكمة العليا الوطنية التي بتت في طلب إعادة النظر.

٢-٦ وطعن صاحب البلاغ في الحكم برفض طلب إعادة النظر، بأن قدم دعوى الحماية (أمبارو) أمام المحكمة الدستورية، ورفضت الدعوى في ٤ كانون الأول/ديسمبر ١998.

٢-٧ وفي ١١ كانون الثاني/يناير ١999 أصدرت المحكمة العليا بمحافظة برشلونة حكماً بالسجن لمدة ست سنوات وستة أشهر وغرامة قدرها مليار بيزتا بتهمة الاتجار بالحشيش وقدم صاحب البلاغ طلباً لإعادة النظر في الحكم أمام محكمة النقض، وفي 9 ت شرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٠ وقبل أن تنظر المحكمة في طلبه طلب إلى المحكمة وقف الإجراءات (٣) . وفي ١١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٠ رفضت الشعبة الثانية بمحكمة النقض طلب صاحب البلاغ.

٢-8 وبعد أن رفضت محكمة النقض تعليق طلب الاستعراض القضائي استهل صاحب البلاغ إجراءات الحماي ة القضائية. ورفضت المحكمة الدستورية الإسبانية طلب الحماية في ١١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٠ وفي 8 حزيران/يونيه ٢٠٠١ قضت محكمة النقض برفض طلب الاستعراض القضائي.

الشكوى

٣-١ قدم صاحب البلاغ شكواه في مستندين يفصل بينهما تسعة أشهر. وفي بلاغه الأول المؤرخ ٥ نيسان/أب ريل ٢٠٠٠ المتعلق بإجراء التسليم، يدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة ١ من المادة ١٤ والمادة ١٣ قائلاً إنه لو سلم إلى إيطاليا فلن تنظر في قضيته محكمة مختصة أو نزيهة، حيث سيحاكم بتهمة الاتجار بالكوكايين. وقال إن إسبانيا هي التي ينبغي أن تنظر في قضيته بوصفها البلد الذي بدأ فيه التحقيق في الأفعال، وإن التهم الموجهة إليه في إيطاليا وإسبانيا تستند إلى الأفعال ذاتها. كذلك قال إنه ينبغي الاحتكام إلى القضاء العالمي لأن الاتجار بالمخدرات يعتبر ماساً بجميع الدول.

٣-٢ كما يدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة ١ من المادة ١٤ من الع هد قائلاً إن إسبانيا لم ترفض طلب التسليم وإنه حُرم من حقه في أن يتهم بجريمة واحدة مستمرة تكون العقوبة عليها أقل شدة منها على جريمتين كل على حدة. كذلك يدعي صاحب البلاغ أنه حرم من حقه في محاكمة عادلة حيث تم تجاهل أحكام قانون تسليم المجرمين التي تنص على ضرورة أن يصاحب طلب التسليم " حكم أو أمر بإلقاء القبض أو قرار من هذا القبيل "، ولم ترسل إيطاليا سوى أمر وقائي بإلقاء القبض. ويضيف أن قرار التسليم جاء بناءً على طلب البلد الطالب وهو إسبانيا، مخالفة للقانون.

٣-٣ ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الفقرة ١ من المادة ١ ٤ من العهد متذرعاً بأن القضاة الذين قرروا أن تسليمه قانوني كانوا أنفسهم أعضاء في شعبة المحكمة العليا الوطنية التي بتت في طلب إعادة النظر؛ ومن الممكن أن يترتب على ذلك أنهم يمارسون نفوذاً ما على زملائهم.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أن ضحية انتهاك الفقرة ٣(ب) من ال مادة ١٤ من العهد قائلاً إنه لم يتح لـه الوقت اللازم لإعداد دفاعه أو إفادة المحكمة المختصة بأسباب اعتراضه على طلب التسليم الجديد.

٣-٥ كما أن صاحب البلاغ يدعي، بالنسبة لإجراءات التسليم، حدوث انتهاك للفقرة ١ من المادة ١٥ من العهد، قائلاً إن الأفعال التي يتهم بها لم تكن تشكل جريمة وقت ارتكابها. فهو يرى أن محكمة الأمور المدنية والجنائية في تورينو، حين ألغت أمر إلقاء أمر القبض الأول، اعتبرت أنه لا وجود للجريمة التي يتم التسليم على أساسها، واستند طلب التسليم الثاني إلى الأحداث نفسها، ولم تصحح الأخطاء التي دعت إلى إلغاء الأمر الأول. وفي ذلك الصدد يقول صاحب البلاغ إن المحكمة الإسبانية أشارت إلى أن أي إخلال بالحقوق الأساسية نشأ مع السلطات الأجنبية في الإجراءات الجنائية الأصلية، يمكن أن يعزي إلى المحاكم الإسبانية التي كانت تعلم به ومع ذلك أذنت بالتسليم. ويذكر أنه على ا لرغم من أمر إلقاء القبض الأول الذي ألغي، فتحت المحكمة الإيطالية إجراءات جنائية أخرى تتعلق بالوقائع ذاتها، دون مراعاة أن القضية نظرت بالفعل؛ ولم تأخذ إسبانيا هذا في اعتبارها.

٣-٦ وفي مستند آخر مؤرخ ٥ كانون الثاني/يناير ٢٠٠١ يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاكات أخ رى تتعلق بالإجراءات في إسبانيا. ويذكر أن الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد قد انتهكت لأن محكمة النقض حين نظرت في طلب الاستعراض القضائي رفضت تقديم التحقيق الأولي 9٧9/٧9 الذي أكد أن أحد القضاة الإسبان كان يقوم بالتحقق بالفعل في الحدث الذي أدى إلى طلب التسليم. و يدعي صاحب البلاغ انتهاكاً آخر للمادة ذاتها قائلاً إنه يستحيل أن يستفيد من انتصاف فعلي باستعراض قضائي للوقائع بالنسبة للحكم الذي أصدرته المحكمة الأسبانية والحكم عليه بتهمة الاتجار بالحشيش. ويقول صاحب البلاغ إن رفض تعليق طلبه للاستعراض القضائي انتهاك من المح كمة الدستورية للقاعدة نفسها على أساس أنه لما كان طلب الاستعراض القضائي ليس انتصافاً فعلياً في إسبانيا فإن حقه في محاكمة ثانية يكون بذلك قد انتهك.

٣-٧ وفيما يتعلق بإجراء التسليم يذكر صاحب البلاغ أنه برفض طلبه للحماية القانونية لم تعد أمامه فرصة لمحاكمة ثان ية، ولذا لم تتم إعادة تقييم الأدلة المقدمة لصالحه، وأن ذلك يشكل انتهاكاً للفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٤-١ أشارت الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة ١8 كانون الثاني/يناير ٢٠٠١ إلى أن محكمة محافظة برشلونة أعلنت صراح ة أن السيد روكو بسيونيري قائد تنظيم إجرامي مشترك في الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية، وذكّرت اللجنة بالطابع الخطير لهذا النوع من النشاط وفق ما جاء في اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، وهي الاتفاقية ال تي أشير إليها في إجراءات التسليم.

٤-٢ وتعترض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ من حيث الموضوع على أساس أن المحاكمة الجنائية وإجراءات تسليم المجرمين قضيتان منفصلتان. وتقول إنه بالنسبة للاتجار بالكوكايين فإن صاحب البلاغ لا يمكن أن يحاكم في إسبانيا حيث لم توجه إليه اتهامات جنائية من أي محكمة إسبانية. وتشير الدولة الطرف إلى أنه بموجب قرار المحكمة الدستورية فإن الغرض من التسليم الذي يتم بناء على طلب دولة أخرى ليس المعاقبة على سلوك معين وإنما التمكين من الإجراءات الجنائية في دولة أخرى.

٤-٣ وبالنسبة لانتهاك الفقرة ١ من المادة ١٥ من العهد، الذي ادعاه صاحب البلاغ فإن الدولة الطرف تشير إلى أن الأمر الذي صدر في ١8 أيار/مايو ١998 من المحكمة العليا الوطنية اقتصر على إعلان قانونية تسليم صاحب البلاغ إلى إيطاليا بشأن بعض التهم، ورفضه بشأن تهم أخرى؛ وأن المحكمة لم تصدر إدانة أ و حكماً بحق السيد روكو بسيونيري. فادعاء صاحب البلاغ بأن أمر إلقاء القبض عليه الصادر من محكمة الأمور المدنية والجنائية في تورينو، الذي أكد حكم التسليم، أمر باطل وترى الدولة الطرف إمكانية الطعن فيه في الوقت المحدد أمام المحاكم الإيطالية لأن المحكمة العليا ال وطنية الإسبانية ليست لها سلطة النظر في القضية بتطبيق التشريعات الإجرائية لدولة أخرى ذات سيادة، كإيطاليا مثلاً، وبذا تصبح ادعاءات صاحب البلاغ في هذه المسألة غير متسقة بالمثل مع العهد من الناحية الموضوعية.

٤-٤ وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك الفقرة ٣(ب) من الما دة ١٤ من العهد، تذكر الدولة الطرف أن هذه المسألة لم ترد بخصوصها شكاوى في طلب إعادة النظر ولا في طلب حق الحماية ومن ثم فإن الشكوى لم تقدم على المستوى المحلي، وفقاً للفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، فينبغي إعلان عدم مقبوليتها.

٤-٥ أما عن ادعاء صاحب البلاغ بانتهاك الفقرة ١ من المادة ١٤ من العهد لأن القضاة الذين أعلنوا مشروعية تسليمه هم الذين حكموا في طلبه إعادة النظر، فترد الدولة الطرف بالمثل بأن صاحب البلاغ لم يثر هذا الادعاء على المستوى المحلي؛ ولم يتضمن طلبه لحق الحماية أي إشارة إلى هذا الانت هاك.

٤-٦ وتضيف الدولة الطرف أنه لا يمكن اعتبار قضية السيد روكو بسيونيري انتهاكاً للمادة ١٣ من العهد لأنها ترى أن إجراءات التسليم اتخذ القرار بشأنها وفقاً للقانون وقدم الشاكي الكثير من الرسائل التي رآها مناسبة والتمس كل سبل الانتصاف الممكنة.

٤-٧ وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد فترى الدولة الطرف عدم مقبوليته على أساس أن إجراءات الاستعراض القضائي لم تكن قد اكتملت عندما تقدم صاحب البلاغ بطلب الحماية أمام المحكمة الدستورية، وأن النظر في مجمل الإجراءات والحكم النهائي هو الذي ييسر قياس مدى تعطيل ضمانات الدفاع لقضية الشاكي. وتضيف الدولة الطرف أنه ينبغي أن تبحث اللجنة في الانتهاكات المحددة ذات الأهمية الحالية بدلاً من استعراض التشريعات المجردة.

٤-8 وأما عن إدعاء صاحب البلاغ بأنه لم يسمح لـه بتقدم أدلة مستندية - أي نسخة من التحقيق الأولي 9٧9/ 9٧ - فتؤكد الدولة الطرف بأن الشاكي يستبق الأحداث لأن المحكمة الدستورية لم ترفض طلبه ولكن نظراً إلى المرحلة التي وصلت إليها الإجراءات - حيث لم يبق سوى السماع والحكم - فهي توضح أنه سيكون من الضروري الانتظار لنتائج جلسات الاستماع نفسها حيث يمكن حينذاك تقديم ا لالتماسات التي يراها صاحب البلاغ ضرورية؛ أما في غضون ذلك فإنه لم يحدث أي انتهاك حقيقي أو فعلي لحقوق صاحب البلاغ، وأنه بناءً على ما ذكرته المحكمة الدستورية فإن شكوى صاحب البلاغ لا تتناول سوى انتهاكات فرضية أو محتملة أو ممكنة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

٥- يرد مقدم البلاغ في تعليقيه المؤرخين 8 حزيران/يونيه ٢٠٠١، و١٦ آب/أغسطس ٢٠٠١ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية، ويذكر أنه بناءً على قرار اللجنة في قضية غوميز فاسكيز، ليس من الضروري الانتظار لنتائج الإجراءات الجارية إ ذا كانت كل الدلائل تشير إلى أن النتائج ستكون مماثلة للقضايا السابقة التي نظرت فيها المحاكم ذاتها، والسيد بسيونيري اشتكى في هذه القضية بالذات أمام محكمة النقض الإسبانية من أن طلبه الاستعراض القضائي لا يشكل سبل انتصاف فعلية، وأن السبب في تقديمه دعوى الحماية أمام المحكمة الدستورية هو أن طلبه لوقف الإجراءات قد رفض.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة.

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت، عملاً بالمادة 8٧ من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مق بول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

٦-٢ وبناءً على الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري تأكدت اللجنة من أن هذه المسألة غير معروضة بموجب أي إجراء آخر للتحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

٦-٣ وتلاحظ الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ ا لمتعلقة بالفقرة ١ من المادة ١٤ تشير بصفة أساسية إلى الإجراءات الجنائية التي قد يتعرض لها بتهمة الاتجار بالكوكايين؛ وبذا يزعم أنه ينبغي أن يحاكم في إسبانيا حيث يمكن أن يستفيد من إجراء الجريمة المتواصلة. وتبين اللجنة أن هذه الإجراءات الجنائية لا تزال الآن اف تراضية أو محتملة وبالتالي لا يمكن أن تشكل جزءاً من الانتهاكات المزعومة لمواد العهد. ولذا تعتبر اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ لا تدخل في نطاق الفقرة ١ من المادة ١٤ من العهد، ومن ثم تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع بموجب المادة ٣ من البروتوك ول الاختياري.

٦-٤ وبالنسبة لإجراءات تسليم المجرمين المعمول بها في إسبانيا فإن صاحب البلاغ يدعي أنه حرم من حقه في محاكمة عادلة لأن إجراءات التسليم اتخذت بناءً على طلب الدولة الطالبة، أي إسبانيا، ولأنه لم يصاحب طلب التسليم سوى أمر وقائي بإلقاء القبض عليه. وت شير اللجنة في هذا الصدد إلى أن شكوى صاحب البلاغ لا علاقة لها بالحق الذي تحميه المادة ١٤ من العهد، وبالتالي فهي غير مقبولة من حيث الموضوع بمقتضى المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٦-٥ أما عن ادعاءات صاحب البلاغ بانتهاك الفقرة ١ من المادة ١٤ من العهد لأن القض اة الذين نظروا في مسألة التسليم في البداية يشكلون جزءاً من المحكمة التي نظرت في طلب إعادة النظر، وبالنسبة لانتهاك الفقرة ٣(ب) من المادة ١٤ فإنه لم يتح لـه الوقت الكافي لإعداد دفاعه، فالدولة الطرف توضح أن هذه الشكاوى لم تثر في الاستئنافات التي رفعها صاحب ال بلاغ. وعلى أساس المواد المتاحة تشير اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يشكُ من الانتهاكات على المستوى المحلي وبينما لا يلزم الشاكون بالاستشهاد بأحكام محددة من العهد يدّعون أنها انتهكت فإن عليهم أن يشيروا في الأحكام الموضوعية في المحاكم المحلية، إلى الأسباب التي يقدمونها بعد ذلك إلى اللجنة. ولما كان صاحب البلاغ لم يقدم تلك الشكاوى في المحاكم المحلية فإن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

٦-٦ ويسعى صاحب البلاغ، في شكواه المتعلقة بالفقرة ١ من المادة ١٥ من العهد ، إلى أنه يبني ادعاءاته على أن أمر إلقاء القبض عليه الصادر في البداية عن المحكمة الإيطالية قد أُلغي، بينما أشار الثاني الذي صدر الأمر بالتسليم على أساسه، إلى الوقائع ذاتها دون تصحيح للخطأ الأصلي. وفي هذا الصدد ترى اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ لا علاقة لها با لحق المكفول في الفقرة ١ من المادة ١٥ من العهد. وعلى هذا تعلن أن هذا الجزء من الشكوى غير مقبول من حيث الموضوع بناءً على المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٦-٧ وبالنسبة لشكوى صاحب البلاغ بشأن الفقرة ٥ من المادة ٤، فلئن ذكر الشاكي في مستنده المؤرخ 8 حزيران/يون يه ٢٠٠١ أن طلبه لإعادة النظر في الحكم الصادر ضده للاتجار في الحشيشة قد رفض فإن اللجنة تلاحظ أنه قد اقتصر في ملحق بلاغه الأصلي وتعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف، على الادعاء بأن انتهاك تلك المادة تألف من رفض المحكمة الدستورية وقف إجراءات الاستعراض القضائي الذي كان قد طالب به. ولا يمكن، في رأي اللجنة، اعتبار مجرد تعليق الإجراءات الجارية عملاً يدخل في نطاق الحق الذي تحميه الفقرة ٥ من المادة ١٤ من العهد حيث لا تشير إلا إلى الحق في إعادة النظر أمام محكمة أعلى درجة. وعلى هذا يجب إعلان هذا الجزء من الشكوى غير مق بول من حيث الموضوع بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٧- وعلى هذا تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة ٣ والفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تُبلّغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية وا لإنكليزية والفرنسية والنص الإسباني هو النص الأصلي. كما سيصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(١) لم يكن أمر الاعتقال ممتثلا لأحكام المادة ٣٠9-١٠ من قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي، نظرا لأن المدعي العام لم يكن قد أ ذن بالتنصت على المكالمات الهاتفية.

(٢) يشير صاحب البلاغ إلى الجلسة المنصوص عليها في المادة ١٢ من قانون التسليم الإيطالي: "تدعو المحكمة الشخص إلى توضيح ما إذا كان يوافق على التسليم أو يعارضه، وإلى تقديم الأسباب التي تبرر ذلك."

(٣) يحاجج صاحب البلاغ بأنه ف عل ذلك لأنه كان قد علم بقرار اللجنة في قضية غوميس باسكيس .

نون - البلاغ رقم 9٧٢/٢٠٠١، كازانتزيس ضد قبرص *

(قرار اتخذ في ٧ آب/أغسطس ٢٠٠٣، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : جورج كازانتزيس (يمثله محام، السيد سوتيريس دراكوس)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : قبرص

تاريخ البلاغ : ٢٣ شباط/فبراير ١998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة ٢8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

المجتمعة في ٧ آب/أغسطس ٢٠٠٣،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

١-١ صاحب البلاغ، المؤرخ ٣ آذار/مارس ١998، هو السيد جورج كازانتزيس. وهو يدَّعي أنه ضحية انتهاكات من جانب جمهورية قبرص للمواد ٢ و١٤ و١٧ و٢٥ و٢٦ من العهد. ويمثله محام.

الوقائع كما عُرضت

٢-١ في ٢٣ حزيران/يونيه ١99٧، دعا المجلس الأعلى للقضاء المحامين المؤهلين إ لى تقديم طلباتهم لشغل شاغرين هما منصب قاضي منطقة ومنصب قاضٍ في محكمة النزاعات الصناعية. ورشح صاحب البلاغ نفسه لكلا المنصبين في ٣٠ تموز/يوليه ١99٧. وأجرى معه المجلس الأعلى للقضاء مقابلتين بخصوص كلا المنصبين، وذلك في 9 و١١ أيلول/سبتمبر ١99٧، على التوالي.

_ ______________

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد ت وفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي.

٢-٢ وفي ١8 أيلول/سبتمبر ١99٧، قرر المجلس الأعلى للقضاء أن مرشحا آخر غير صاحب البلاغ هو أنسب مرشح لمنصب قاضي محكمة النزاعات الصناعية. وتحقق المجلس من وجود أربعة شواغر إضافية تتعلق بمنصب قضاة محليين بالإضافة إلى الشاغرين اللذين دُعي بالفعل بشأنهما إلى تقديم طلبات ترشيح. وقرر المجلس عدم ملء المنصبين الشاغرين في ذلك الوقت، بل أن يدعو بالأحرى إلى تقديم طلبات لشغل الشواغر الأربعة الإضافية. وتقرر، فيما يتصل بتلك الشواغر الإضافية الأربعة، اعتبار المرشحين الذين كانوا قد قدموا فعلاً طلبات لشغل الشاغرين المذكورين متقدمين لشغل الشواغر الستة جميعها. وفي ١٥ و١8 تشرين الأول/أكتوبر ١99٧، أُجريت مق ابلات مع جميع المرشحين، بمن فيهم صاحب البلاغ.

٢-٣ وفي ٢١ تشرين الأول/أكتوبر١99٧، قيم المجلس المرشحين، آخذا في اعتباره التقارير المتعلقة بقدرات كل منهم، والتي أعدها رئيس المحكمة المحلية التي كان يمارس فيها المرشح مهنة المحاماة، وقرر تعيين المرشحين الستة ال ذين اعتبرهم أنسب المرشحين لشغل منصب قاضٍ محلي. ولم يكن صاحب البلاغ من بين الذين اختيروا للتعيين. ونُشر إعلان بالتعيينات التي قررها المجلس في الصحيفة الرسمية للجمهورية في ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ١99٧. ولم يجر إخطار صاحب البلاغ شخصيا بعدم تعيينه ولا بأسباب عد م التعيين.

٢-٤ ولم يحتج صاحب البلاغ على هذه المسألة أمام المحاكم المحلية، بالنظر إلى أن الفقه القضائي السابق الخاص بالمحكمة العليا قد أكد أنه ليس لأي محكمة قبرصية ولاية على قرارات المجلس الأعلى للقضاء، ففي قضية كوريس ضد المجلس الأعلى للقضاء (١) ، قررت المحك مة العليا، بأغلبية ثلاثة قضاة مقابل اثنين، ما يلي: "... وعليه، فليس من اختصاص المحكمة النظر في أي طعن... ضد أي فعل أو قرار أو امتناع من جانب المجلس المذكور (مجلس القضاء) لأن مهام هذا المجلس مرتبطة على نحو وثيق جداً بممارسة السلطة القضائية ". (الخط المائل ال توكيدي وارد في الأصل).

الشكوى

٣-١ يؤكد صاحب البلاغ أن عدم تعيينه في منصب قاضٍ محلي وتعيين شخص يقل عنه تأهيلاً أمر فيه انتهاك لحقه في "أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة"، مستشهدا بالمادة ٢٥ من العهد، بالإضافة إلى المادتين ١٧ و٢٦. وادعى صاحب البلاغ أنه كان مؤهلا تأهيلاً مناسباً لشغل منصب قاضٍ محلي. وهو يدَّعي أن المقابلة معه دامت دقيقتين، وأن تعيين مقدم طلب آخر قد قام على أسس أخرى غير المقابلة الفعلية (٢) .

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ أيضا أنه حُرم من حقه في اللجوء إلى المحكمة وحقه في محاكمة عادلة فيما يتعلق بعدم تعيينه، بما ينطوي عليه ذلك من انتهاك للمادتين ٢ و١٤ من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ تحاج الدولة الطرف، فيما قدمته من ملاحظات مؤرخة ٢ تموز/يوليه ٢٠٠٢، بأن البلاغ ` ١ ` غير مقبول لعدم استنف اد سبل الانتصاف المحلية، و ` ٢ ` غير مقبول من منظور المواد ١٧ و٢٥ (ج) و٢٦، لنقص الأدلة الداعمة للادعاءات، و ` ٣ ` غير مقبول بحكم الاختصاص الموضوعي طبقا للمادة ١٤. كما تؤكد الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية عدم وجود انتهاك لأية مادة من مواد العهد المستشهد بها.

٤ -٢ وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير الدولة الطرف، إلى أن المادة ١٥٧ من الدستور تقضي بأن "مسائل تعيين الموظفين القضائيين وترقيتهم ونقلهم وإنهاء تعيينهم وفصلهم والإجراءات التأديبية الخاصة بهم تندرج حصرا ضمن اختصاص المجلس الأعلى للقضاء". ومنذ سنة ١9٦٤، يتألف المجلس الأعلى للقضاء من قضاة المحكمة العليا كافة. ويجوز للمحكمة العليا، بموجب المادة ١٤٦ من الدستور، أن تنظر في طعن أي فرد متضرر في شرعية "قرارات أو أفعال أو قناعات الأجهزة أو السلطات أو الأشخاص الذين يمارسون سلطة تنفيذية أو إدارية"، إ ذا قُدم الطعن في غضون ٧٥ يوما من تاريخ نشر القرار. ويجوز للمحكمة، في جملة أمور، أن تعلن بطلان القرار محل الطعن بطلاناً كاملاً أو جزئياً.

٤-٣ وتلاحظ الدولة الطرف، بخصوص قضية كوريس التي استند إليها صاحب البلاغ، أن موظفاً قضائياً يشغل منصب قاضٍ محلي قد التمس صدور إعلان بموجب المادة ١٤٦ من الدستور مفاده أن قرار المجلس الأعلى للقضاء بترقية قضاة آخرين بدلاً منه لاعتلاء منصب رئيس للمحاكم المحلية بالنيابة باطل ولاغٍ. وقد استندت المحكمة إلى أن سبيل الانتصاف الذي تتيحه المادة ١٤٦ يتعلق بمسائل تدخل ضمن اختصاص الإدارة وليس ضمن اختصاص القضاء، ومن ثم فهو غير متاح فيما يتصل بالمسائل التي اشتكى منها مقدم الطلب بالنظر إلى أنها من اختصاص القضاء ونابعة من جهاز، هو المجلس الأعلى للقضاء، ويدخل ضمن الهيكل القضائي لا الإداري للدولة. وأكدت المحكمة أنه، بالنظر إلى الطبيعة الأساسية ل مهمة المجلس الأعلى للقضاء المرتبطة ارتباطا وثيقا بممارسة السلطة القضائية، رغم أنه لا يمكن وصفها بالوظيفة "القضائية" بالمعنى الضيق لأنها لا تنطوي على مقاضاة، فإن المادة ١٤٦ لا تتيح أياً من سبل الطعن في أي قرار صادر عن هذا المجلس خلال ممارسته لسلطاته بموجب ا لمادة ١٥٧.

٤-٤ وفي ضوء هذا الحكم وقرار آخر صادر سنة ٢٠٠١ عن المحكمة العليا في قضية كاراتسيس ضد المجلس الأعلى للقضاء ، تحاج الدولة الطرف بأن مسألة اختصاص المحكمة العليا بالبت مستقبلا في الطلبات المقدمة إليها لإبطال قرارات صادرة عن المجلس الأعلى للقضاء لم تحس م بشكل دائم. كما تدعي الدولة الطرف أن كلا الحكمين السالف ذكرهما صادر عن محكمة ابتدائية ولم يُختبر بأن يكون موضع طعن في مرحلة استئناف، وأن الحكم الصادر في قضية كوريس كان قراراً متخذاً بالأغلبية. ولذلك فإنها تدفع بأنه لو كان صاحب البلاغ قد قدم بالفعل طلباً م ن ذاك القبيل، لكانت قد أُتيحت لـه فرصة الدفع من جديد والنظر في مسألة اختصاص المحكمة. وترى الدولة الطرف أنه لا يمكن القول إن حكما ما ينطوي على حرمان فرد معين من حق اللجوء إلى المحكمة بخصوص مظلمة محددة إلا إذا صدر ذلك الحكم في قضية الشخص ذاته.

٤-٥ وتدفع الدو لة الطرف بأنه توجد سبل انتصاف أخرى متاحة لصاحب البلاغ. فقد أشارت المحكمة نفسها، في قضية كوريس ، إلى أنه"حتى وإن كان الموظف القضائي الذي يشعر بالغبن، كما هو وضع صاحب الشكوى، لا يملك الحق في الطعن بموجب المادة ١٤٦-١، فإنه توجد في قضية كهذه إمكانية أن يطلب من المجلس الأعلى للقضاء بحث شكواه، لأن المجلس يحق له، شأنه في ذلك شأن أي جهاز جماعي آخر، أن يعيد النظر، إذا اقتضى الأمر، فيما يصدره من قرارات. ولم يطلب صاحب البلاغ ذلك.

٤-٦ كذلك تدفع الدولة الطرف، وهي تشير إلى قضاء المحكمة العليا، بأنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يرفع دعوى مدنية أمام المحاكم المحلية محتجاً بانتهاك الجزء الثاني من الدستور. فالمادة ١٥ تحمي حق الخصوصية والحياة الأسرية، كما تكفل المادة ٣٠ حق اللجوء إلى المحاكم، وتنص المادة ٢8 على المساواة أمام القانون وعدم التمييز. وهكذا، فإن مطالبات صاحب البلاغ في ما يتعلق بالمواد ١٧ و١٤ و٢٦ مكفولة ومحمية بواسطة سبل انتصاف فعالة متوفرة في ظل القانون المحلي.

٤-٧ وتدفع الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف هذه متاحة لصاحب البلاغ وهي سبل فعالة. ومجرد الشك في جدواها لا يمكن أن يحل صاحب بلاغ من استنفاد سبل الانتصاف المحلية المت احة. وبناء عليه، لا يجوز قبول البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية طبقا لأحكام الفقرة ٢(ب) من المادة ٥ من العهد.

٤-8 وتدفع الدولة الطرف أيضاً أن مطالبات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمواد ١٧ و٢٥(ج) و٢٦ من العهد غير مدعومة بأي أدلة، ومن ثم فلا يجوز قبو لها بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري. وتشير الدولة الطرف إلى الفقه القانوني للجنة ومفاده أن المادة ٢٥(ج) لا تخول كل مواطن الحق في الحصول على وظيفة مكفولة في الخدمة العامة، وإنما الحق في أن تتاح لـه، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف ا لعامة (٣) . ولم تُقدم إلى اللجنة أدلة تدعم حدوث أي انتهاك لهذا لحق في تساوي فرص تقلد الوظائف. وفيما يتعلق بالمادة ٢٦، تشير الدولة الطرف إلى أنه ليست جميع الاختلافات في المعاملة تمييزية؛ بل إن الاختلافات القائمة على معايير معقولة وموضوعية ليست من قبيل التمييز المحظور بالمعنى الوارد في هذه المادة.

٤-9 وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأن مطالبة صاحب البلاغ بموجب الفقرة ١ من المادة ١٤ غير مقبولة بحكم الاختصاص الموضوعي للعهد، بالنظر إلى أن نزاع صاحب البلاغ مع الدولة لا يتعلق بمسألة يندرج البت فيها، في إطار دعوى مدنية، ضمن إطار الفقرة ١ من المادة ١٤ من العهد. ونظرا إلى التماثل الكبير لهذه النقطة مع الفقرة ١ من المادة ٦ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تشير الدولة الطرف إلى قضاء الأجهزة الأوروبية ومؤداه أن الفقرة ١ من المادة ٦ من الاتفاقية الأوروبية لا تمنح حق اللجوء إلى المحاكم فيما يتعلق بنزاعات تتصل بالتعيين في فروع معينة من الخدمة العامة، بما في ذلك القضاء. ورأت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان سنة ١98٣ أن النزاعات المتعلقة بالتعيين والترقية والفصل في ميدان القضاء هي مسائل تخرج عن نطاق الفقرة ١ من المادة ٦ من الاتفا قية (٤) . وفي سنة ١999، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد رأت أن نطاق الفقرة ١ من المادة ٦ من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان يعتريه بعض الشك في مايتعلق بالنزاعات المتصلة بالتعيين والترقية والفصل في مجال الخدمة العامة، أكدت أن المعيار الذي يتعين على المحكمة اعتماده ينبغي أن يكون معياراً وظيفياً يرتكز على طبيعة الواجبات والمسؤوليات التي ينطوي عليها المنصب ذو الصلة (٥) . ورأت المحكمة أنه يتعين في كل قضية التأكد مما إذا كان "المنصب يشمل - في ضوء طبيعة الواجبات والمسؤوليات المرتبطة به المشاركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ممارسة الصلاحيات التي يخلعها عليها القانون العام والواجبات الرامية إلى حماية المصالح العامة للدولة أو للسلطات العامة الأخرى". ويدخل القضاء مباشرة ضمن هذه الفئة، ومن ثم فإن طعوناً مثل تلك المقدمة من صاحب البلاغ تخرج عن نطاق الفقرة ١ من الم ادة ٦.

٤-١٠ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن الملاحظات الواردة أعلاه تكشف عن عدم حدوث انتهاك لأي من الحقوق المكفولة في العهد التي أثارها صاحب البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ يرفض صاحب البلاغ، في رسالة م ؤرخة ٢٧ آذار/مارس ٢٠٠٣، الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف. ففيما يتعلق برفع دعوى بموجب المادة ١٤٦ من الدستور، يكون قيام المحكمة العليا بالطعن في قرار توصل إليه جميع أعضائها، الذين يشكلون معا المجلس الأعلى للقضاء، أمراً غير واقعي وينطوي على انتهاك لمبدإ اس تقلالية القضاء. ولذلك يكون سبيل الانتصاف هذا بلا جدوى ولا حاجة لاستنفاده. وعلاوة على ذلك، أنشأ الحكم الصادر في قضية كوريس الذي وقعه خمسة من قضاة من المحكمة العليا سابقة قضائية ملزمة لجميع المحاكم، بما فيها المحاكم المحلية وقضاء الدرجة الأولى في المحكمة الع ليا، بموجب المادة ١٤٦، وهكذا، فإن نتيجة أي التماس قد يقدمه المدعي إلى المحكمة العليا تكون معروفة سلفا. ويدفع صاحب البلاغ بأن الحكم في قضية كوريس ، على عكس ما ورد في ملاحظات الدولة الطرف، كان حكماً استئنافياً، وأنه عليه الانتظار حتى تبلغ قضيته مرحلة استئناف معادلة قبل أن يصبح من الممكن، ولو نظرياً، صدور قرار مختلف عن القرار المتوصل إليه في قضية كوريس .

٥-٢ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يدعي صاحب البلاغ أن الطلب الذي قدمه إلى المجلس الأعلى للقضاء لم يُبحث على قدم المساواة مع غيره من الطلبات المقدمة وأن ا لأساس الرئيسي للتعيينات في قبرص هو ما أسماه بالمحسوبية. ولا توجد قواعد ملائمة تحكم هذه المسائل ناهيك عن أنه لا توجد معايير أو أنظمة أو مقاييس وضعها المجلس الأعلى للقضاء. وتتناول تعيين أو ترقية القضاة، الذين يعينون فقط على أساس مدة الخبرة العملية، بصرف النظ ر عن المؤهلات أو الملاءمة. ولم يتلق صاحب البلاغ أي رسالة من المجلس الأعلى للقضاء تتعلق بأسباب عدم تعيينه. وفي ظل هذه الظروف، فإنه يرى أنه قد حُرم من حق أو فرصة تقلد وظائف عامة في بلده على قدم المساواة عموما مع سواه.

٥-٣ ويسوق صاحب البلاغ حجة مفادها أن الد ولة الطرف لم تكفل له حقه في المساواة أمام القانون و/أو في التمتع بحماية منصفة وفعالة من التمييز، خصوصا على أساس الأصل الاجتماعي. وعليه، فإنه يعتبر ادعاءاته مدعومة.

٥-٤ وأخيرا، يبين صاحب البلاغ أن الحقوق التي تكفلها المادتان ٢٥(ج) و٢٦ من العهد غير مكفولة ف ي الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ومن ثم فإن قرارات الأجهزة الأوروبية لا تتيح توجيهاً بشأن هذه النقاط. ويرى صاحب البلاغ أنه متى وُجد حق ما مكفول في العهد ولم يوجد أي سبيل من سبل الطعن المحلية، وجب قبول البلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظ ر في المقبولية

٦-١ يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تبت وفقاً للمادة 8٧ من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد تحققت اللجنة، لأغراض الفقرة ٢(أ) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها لا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الحكم الصادر في قضية كوريس عن المحكمة العليا قد شكل سابقة ملزمة مؤداها أن ممارسة المجلس الأعلى للقضاء لصلاحياته بموجب المادة ١٥٧ من الدستور غير قابلة لأن يُطَعن فيها أمام المحافل القضائية. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تبين وجود أي احتمال لأن تتخذ المحكمة العليا قرارا مختلفاً إذا عُرضت عليها المسألة مجددا، ومن ثم يجب ، استنادا إلى الأحكام القضائية المستقرة، اعتبار سبيل الانتصاف الذي ذكرته الدولة الطرف غير فعال. وبالمثل، فإن أي محكمة محلية ستكون ملزمة بسوابق المحكمة العليا. أما فيما يتعلق و بإمكانية إعادة المجلس الأعلى للقضاء النظر في قرار أصدره هو، تذكِّر اللجنة بأنها بصفة عامة لا تطلب من صاحب بلاغ، دون أي أسباب أخرى، أن يعيد رفع دعوى أمام هيئة سبق لها أن بتت بالفعل في قضيته. وإذ لم تقدم الدولة الطرف أسباباً تشرح كيف يمكن لصاحب البلاغ أن يتوقع على نحو معقول من المجلس الأعلى للقضاء أن يخلص إلى استنتاج مختلف إذا لجأ إليه صاحب البلاغ مجددا، فإنه ليس باستطاعة اللجنة أن تستنتج أن سبيل الانتصاف المقترح هذا من شأنه أن يكون فعالا، وذلك لأغراض الفقرة ٢ (ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري. وبناء عليه، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يحول بينها وبين النظر في البلاغ بالاستناد إلى متطل بات الفقرة ٢ (ب) من المادة ٥ من البروتوكول الاختياري.

٦-٤ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد حدوث انتهاك للمواد ١٧ و٢٥ و٢٦ من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدَّعي أن طلبه لم يُعامَل على قدم المساواة مع غيره، إذ عين المجلس الأعلى للقضاء شخصا يق ل عنه تأهيلاً في منصب قاضٍ محلي. وتلاحظ اللجنة أن المادة ٢٥(ج) من العهد تمنح حق تقلد الوظائف العامة، على قدم المساواة عموما، ومن ثم تدخل الدعوى، من حيث المبدأ، في نطاق هذا الحكم من هذا الجانب. إلا أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم تفاصيل عن أسباب تعيي ن القاضي الذي وقع عليه اختيار المجلس، فيما عدا الادعاء العام المتعلق بالمحسوبية، أو ما يفسر اعتبار طلبه أفضل من غيره في الجوانب ذات الصلة، أو أي من المسائل الأخرى التي يكون مطلوباً من اللجنة النظر فيها قبل أن يكون باستطاعتها البت في هذه الدعوى. وبناء عليه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته في إطار هذه المواد لأغراض المقبولية، وأن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري.

٦-٥ وفيما يتعلق بما يدعيه صاحب البلاغ في إطار الفقرة ١ من المادة ١٤، تلاحظ اللجنة أنه على عكس الحال في قضي تي كازانوفاس ضد فرنسا (٦) وتشيرا فارغاس ضد بيرو (٧) المتعلقتين بالفصل من الوظيفة العامة، فإن المسألة المتنازع فيها هنا تتعلق برفض هيئة تمارس مهمة غير قضائية لطلب عمل في ميدان القضاء. وتذكِّر اللجنة بأن مفهوم "الدعوى المدنية" طبقا للفقرة ١ من المادة ١٤ قائم ع لى طبيعة الحق المتنازع فيه وليس على مركز طرف من الأطراف (8) . وهي ترى أن إجراءات تعيين القضاة، وإن كانت تخضع للحق المنصوص عليه في المادة ٢٥(ج) في توفر الفرصة لتقلد الوظائف العمومية على قدم المساواة عموماً، وكذلك للحق المنصوص عليه في الفقرة ٣ من المادة ٢ في ت وفُّر فرص انتصاف فعال، لا تدخل، إضافة إلى ذلك، في نطاق تحديد الحقوق والالتزامات في دعوى مدنية، بالمعنى الوارد في الفقرة ١ من المادة ١٤ من العهد. ولذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بحكم الاختصاص الموضوعي، طبقا للمادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٦-٦ واح تج صاحب البلاغ بالمادة ٢ من العهد وبالمواد ١٧ و٢٥(ج) و٢٦. ويثير هذا تساؤلا عما إذا كان عدم وجود إمكانية لدى صاحب البلاغ للطعن في قرار عدم تعيينه كقاضٍ يُعَدُّ انتهاكاً للحق في توفُّر سبيل انتصاف فعال كما نصت عليه الفقرتان ٣(أ) و(ب) من المادة ٢ من العهد. فا لفقرة ٣ من المادة ٢ تقضي بأن تكفل الدول الأطراف، علاوة على الحماية الفعالة للحقوق المنصوص عليها في العهد، أن تتوفر للأفراد أيضا سبل انتصاف متاحة وفعالة وقابلة للإنفاذ لحماية هذه الحقوق. وتذكر اللجنة بأنه لا يمكن للأفراد الاحتجاج بالمادة ٢ إلا بالاقتران مع مواد أخرى من العهد (9) ، وتلاحظ أن الفقرة ٣(أ) من المادة ٢ تنص على أن تتعهد كل دولة طرف "بأن تكفل توفر سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتُهكت حقوقه أو حرياته". وتوحي قراءة هذا الحكم قراءة حرفية بأنه يقتضي أن يثبت رسميا حدوث خرق فعلي لإحدى ضمانات العهد كشرط أساسي ل ازم للحصول على سبل انتصاف مثل الجبر أو رد الاعتبار. غير أن الفقرة ٣(ب) من المادة ٢ تلزم الدول الأطراف بأن تكفل قيام سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة بإقرار الحق في هذا الانتصاف، وهو ضمانة لا جدوى منها إذا لم تكن متوفرة قبل أن يثبت حدوث انتهاك. وفي حي ن أنه لا يمكن على نحو معقول أن يُطلب من دولة طرف، استناداً إلى الفقرة ٣(ب) من المادة ٢، إتاحة هذه الإجراءات بصرف النظر عن مدى جدارة تلك الادعاءات، فإن الفقرة ٣ من المادة ٢ توفر الحماية لمن يُدَّعى أنهم ضحايا إذا دُعِّمت ادعاءاتهم تدعيماً يكفي لجعلها قابلة للنقاش بموجب العهد. وبالنظر إلى أن صاحب هذا البلاغ لم يقم، لأغراض المقبولية، بدعم ادعاءاته بموجب المواد ١٧ و٢٥ و٢٦، فإن ادعاءه بحدوث انتهاك للمادة ٢ من العهد غير مقبول بموجب المادة ٢ من البروتوكول الاختياري.

٧- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم م قبولية البلاغ بموجب المادتين ٢ و٣ من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(١)(1972) 3 CLR 390.

(٢) ملاحظة موجهة إلى اللجنة : لا يحدد صاحب البلاغ الأسس "الأخرى" المدعاة التي استند إليها التعيين ولا المسائل المثارة في المقابلة.

(٣) تشير الدولة الطرف إلى قضية كال ضد بولندا رقم ٥٥٢/١99٣. اعتُمدت الآراء في ١٤ تموز/يوليه ١9 9٧.

(٤) X. v Portugal (1983) 32 DR 258.

(٥) Pellegrin v. France Application 28541/1995; judgment of 8 December 1999.

(٦) القضية رقم ٤٤١/١99٠. آراء معتمدة في ١9 تموز/يوليه ١99٤.

(٧) القضية رقم 9٠٦/٢٠٠٠. آراء معتمدة في ٢٢ تموز/يوليه ٢٠٠٢.

(8) ي. ل. ضد ك ندا ، القضية رقم ١١٢/8١. قرار معتمد في 8 نيسان/أبريل ١98٦، في الفقرة 9-٢؛ وقضية كازانوفاس ضد فرنسا ، المرجع السابق، الفقرة ٥-٢.

(9) س. إ. ضد الأرجنتين ، القضية رقم ٢٧٥/88. قرار معتمد في ٢٦ آذار/مارس ١99٠، الفقرة ٥-٣.

سين- البلاغ رقم 978/2001، ديكسيت ضد أستر اليا *

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : سونيل ديكسيت

الشخص المدعى بأنه ضحية : سونوم ديكسيت (ابنة صاحب البلاغ)

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ البلاغ : 18 أيار/مايو 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسا ن ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ المؤرخ 18 أيار/مايو 1998 هو السيد سونيل ديكسيت المقيم بالولايات المتحدة وقت تقديم البلاغ. وهو يدعي أن ابنته، سونوم ديكسيت التي كانت في السابعة من عمرها وقت تقديم البلاغ، هي ضحية انتهاك أستراليا للفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14، والمادة 17 والمادة 24 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ولا يمثله محام.

ا لوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 تقدم صاحب البلاغ وهو محاسب قانوني، خلال عام 1996، بطلب إلى الولايات المتحدة، باعتباره الطالب الأولي، للحصول على تأشيرة هجرة لأستراليا لنفسه ولزوجته شيفي وابنته سونوم. وفي 16 أيلول/سبتمبر 1997 رفضت التأشيرات للطالبين الثلاثة ، من إدارة الهجرة وشؤون تعدد الثقافات (يشار إليها فيما بعد باسم "ديما") بمقتضى قانون الهجرة لسنة 1958. وكانت الأسباب التي ذكرت هي أن سونوم المولودة في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1991، تعاني من إصابة بمرض السنسنة المشقوقة سبينا بيفيدا "وهو مرض يمكن أن تكون تكلفته عالية على المجتمع الأسترالي في مجالي الرعاية الصحية والخدمات الصحية".

ـــــــــــــ

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيدة كريستين شانيه، السيد فرانكو ديباسكواليه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيدة روث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل ي الدين.

2-2 وقد توصلوا إلى هذه النتيجة بعد تقييم أجراه المسؤول الطبي بالكمنولث لتقرير طبيب الأطفال المتخصص، المقدم من صاحب البلاغ. وخلص التقرير إلى أن إصابة الطفلة بالمرض "بمضاعفاته العدة" تنجم عنها "تكاليف باهظة يتحملها المجتمع الأسترالي" وهي تشمل إجراء ج راحة لتقويم الأعضاء، والتردد المنتظم على عيادات المتخصصين واحتمال الاتكال على دعم الدخل لأجل طويل.

2-3 وبعد رفض الطلب قدم صاحب البلاغ مزيداً من المعلومات الطبية رغم أنه لم يكن من حقه طلب إعادة النظر رسمياً في التقرير الطبي الذي يستند إليه قرار رفض الطلبات. ورد وزير الهجرة بأنه، بعد تحليل المعلومات الأخرى، وحتى بأكثر التنبؤات تفاؤلاً فإن تكاليف علاج سونوم على المجتمع تكون كبيرة (حددت بمبلغ 000 16 دولار أسترالي على مدى خمس سنوات أو أكثر من ذلك حسب التوقعات). واستند هذا التقرير إلى النفقات المتصلة بالإشراف على المريضة عن كثب من فريق متعدد التخصصات وإجراء فحوص متكررة طوال عمرها وإجراء جراحة في القدم فضلاً عن إعانات العجز وقدرها 950 1 دولاراً أسترالياً سنوياً إلى أن تبلغ من العمر 16 عاماً. ولم يؤخذ في الاعتبار في هذا التقرير ما إذا كان الشخص المعني سيستفيد فعلاً من هذه الخدمات.

2-4 وبعد ذلك تقدم صاحب البلاغ بشكاوى مهنية متنوعة ضد الأطباء المعنيين وسعى إلى الاتصال بمجموعة من الوزراء والمسؤولين، دون جدوى. وذهبت الشكاوى المقدمة إلى أمين المظالم ولجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص (ويشار إليها فيما بعد باسم هريوك) (المرفو ضة للنقض في التقاضي) واللجنة الدائمة المشتركة المعنية بالهجرة، واللجنة الدائمة المشتركة المعنية بالشؤون الخارجية والدفاع والتجارة (اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان)، أدراج الرياح.

2-5 وخلال عام 2000 تقدم صاحب البلاغ وأسرته بطلب جديد للحصول على تأشيرة هجرة أست رالية من الفئة الفرعية 136، وهي تأشيرة مختلفة عن التأشيرة الأولى التي تقدمت بها أسرة صاحب البلاغ في الأصل. ومنحت هذه التأشيرة في 18 أيار/مايو 2000 وأصبح من حق أسرة صاحب البلاغ الإقامة الدائمة الشرعية في أستراليا منذ ذلك الحين. ونتيجة لهذا أبلغ صاحب البلاغ اللجنة في 4 حزيران/يونيه 2001 بأن يرغب في سحب بلاغه إذ أكدت حكومة الدولة الطرف سحب تاريخ بدء وضعهم كمقيمين دائمين إلى عام 1997 - التاريخ الذي رفض فيه طلبه للحصول على تأشيرة الهجرة - بدلاً من عام 2000 وتنازلت عن شرط الإقامة لأسرته حتى يتمكنوا من التقدم بطلب ات للجنسية الأسترالية.

الشكوى

3-1 يطعن صاحب البلاغ في الأسس الوقائعية والثبوتية التي بنيت عليها التقييمات الطبية. وتتمثل شكواه الأصلية في أن قرار رفض طلبات التأشيرات التي قدمها تنتهك ضمانات المساواة أمام القانون المنصوص عليها في المادة 26 من العهد، من حيث أن القرار يميّز على أساس العجز. ومن الأساس فإن صاحب البلاغ يطعن في المعايير الصحية المحددة الواردة في قانون الهجرة لسنة 1958 وما يتصل به من لوائح ذُكر أنها ترمي إلى تقليل المخاطر على الصحة العامة والخدمات الصحية إلى أدنى حد وإلى تخفيض الإنفاق العام على الص حة العامة والخدمات المجتمعية وتيسير حصول المواطنين الأستراليين والمقيمين بصفة دائمة، على تلك الخدمات وهي الحجج التي بني عليها قرار رفض الطلبات. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الباب 52 من قانون التمييز بسبب العجز، لسنة 1952، الذي يرفض التمييز على أساس العجز، يستث نى ذلك القانون بالتحديد من التطبيق على الأحكام التمييزية في قانون الهجرة لسنة 1958.

3-2 وفيما يتعلق بالمادة 26 من العهد أيضاً فإن صاحب البلاغ يدعي أن ليس كل الأشخاص متساوين أمام القانون، إذ لم يعط الحق في إعادة النظر أو الطعن في قرار الديما في حين أنه في ف ئات أخرى من التأشيرات يكون للطالبين كل الحق في إعادة النظر أو الاستئناف.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن المادة 26 من العهد انتهكت أيضاً حيث تعاني ابنته من التمييز لأن المسؤول الطبي الذي أعد التقييم الصحي لم يكن من المتخصصين في مرض سبينا بيفيدا (السنسنة المشقوقة) .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أخيراً بانتهاك المادة 26 حيث لم يسمح لـه بالتماس الإعفاء من الشروط الصحية لأنه عجز عن استيفاء الشرط القانوني الأساسي فيما يبدو وهو أن يكون لـه قريب في أستراليا. ويرى صاحب البلاغ أن شرط أن يكون لـه أقارب أستراليين قبل أن يقدم الالتما س يمكن اعتباره خرقاً للمساواة في الحماية المنصوص عليها في القانون.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد لأن حقه في الإجراءات القضائية لتحديد حقوقه قد انتهك، إذ في حالته، وعلى عكس الوضع في أنواع أخرى من تأشيرات ا لهجرة، قيل إنه لا حق لـه في إعادة نظر أو استئناف لقرار الرفض أمام محكمة النظر في قرارات الهجرة أو المحكمة الاتحادية. غير أن صاحب البلاغ ذكر في 18 أيار/مايو 1998 أنه كان من الممكن لـه التماس شكل من أشكال الاستئناف أمام المحكمة الاتحادية للدولة الطرف خلال أر بعة أشهر من صدور القرار، ولكنه بسبب التأخير في حصوله على مستندات قضيته انقضت المدة المحددة. وعلى أي حال، فهو يرى الصعوبة البالغة التي حالت دون مقاضاته أمام محكمة أستراليا وهو في الخارج.

3-6 ثم إن صاحب البلاغ يرى أن حقه في الإجراءات الواجبة، الذي تحميه الفق رة 1 من المادة 14 يتطلب أن تتاح لـه الفرصة لتقديم المزيد من المعلومات الطبية في تلك الحالات وأن يلتمس مشورة متخصصين خارجيين بشأن النتائج الطبية، وأن تخضع النتائج الطبية لإعادة نظر من فريق طبي مستقل. ويدعي صاحب البلاغ، في هذا الصدد، أن شكواه أمام لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص هي "قضية قانونية" ولكنه "لم تتح لـه الفرصة لأن تفصَل في قضيته هيئة قضائية حسبما تضمنه الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-7 ويدعي صاحب البلاغ أخيراً انتهاك المادتين 17 و24 لأن ابنته تعرضت للزعم زوراً بأنها تستحق "علاوة طفل عاجز" مما يشكل اعتداء غير مشروع على سمعة طفل قاصر، ويثبت أن ابنته لم تنل الحماية التي تكفلها المادة 24 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، بمذكرة مؤرخة 20 كانون الأول/ديسمبر 2001، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ.

بشأن ا لمقبولية

4-2 أفادت الدولة الطرف، أولاً بأن البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ وزوجته وابنته لم يكونوا وقت تقديمه إلى اللجنة في أراضي أستراليا ولا في ولايتها القضائية حسبما تقضي به الفقرة 1 من المادة 2 من العهد. ومع أن الدولة الطرف تقر بأنه ينبغي في بعض الحال ات تفسير الحكم المشار إليه أعلاه تفسيراً متحرراً، استشهاداً بحكم اللجنة في قضية ليختنشتاين ضد أوروغواي (1) ، وقضية فيدال مارتينـز ضد أوروغواي (2) ، فإنه يجوز تمييز هذا البلاغ عن هاتين القضيتين، لأن صاحب البلاغ وأسرته مواطنون من دولة أخرى يطلبون الهجرة إلى أستر اليا. ولم تكن لهم صلة بالفعل بأستراليا وأنهم بالإشارة إلى التعليق العام للجنة رقم 15 (3) ، ليس لهم الحق بموجب القانون الدولي في أن يعيشوا بصفة دائمة في أستراليا. وتشدد الدولة الطرف على أن إدراج الشرط المزدوج، وفقاً للأعمال التحضيرية للعهد، بأن يكون الشخص في أراضي الدولة وخاضعاً لولايتها، جاء متعمداً تماماً ولبيان جواز انطباق العهد على غير المواطنين المقيمين في بلد آخر والذين لا صلة لهم بأستراليا إلا طلب نوع معين من التأشيرات، وهذا تمديد لنطاق العهد إلى ما يتجاوز نية واضعي الصياغة ومن شأنه أن يجعل صياغة الفقرة 1 من المادة 2 زائدة.

4-3 كما أن الدولة الطرف تفيد بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، فهو رغم ادعائه بأنه لم يعط الحق في استئناف قرار الديما ، كان أمامه طريقان منفصلان لإعادة النظر في القرار. الأول هو حقه في التماس إعادة النظر في القرار أمام ال محكمة الاتحادية طبقاً للباب 475 من قانون الهجرة الذي كان سارياً وقتذاك، خلال 28 يوماً من إشعاره بالقرار، والثاني هو حقه في التماس الانتصاف أمام المحكمة العليا من القرار المتخذ من مسؤولي الكمنولث وفقاً للباب 75 من دستور الدولة الطرف. وتجادل الدولة الطرف بأن المحكمتين يمكنهما عقد جلسات استماع نزيهة وموقوتة وعلنية لتقديم الحجج القانونية للشاكين. وذكرت الدولة الطرف كذلك أن المحكمتين متاحتان فوراً وليس هناك تأخير غير مبرر في سماع أقوالهم أمامها. ولما كان صاحب البلاغ قد حصل من قبل على مساعدة محام في أستراليا فإن المسألة تصبح روتينية لو تأكد المحامي من اتخاذ تلك الإجراءات.

4-4 وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأن المدعي بأنه ضحية في هذه القضية ليس ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري، لأن صاحب البلاغ وزوجته وابنته قد منحوا تأشيرة دخول دائمة إلى أستراليا، في 18 أيار/مايو 2000 وإن كانت تأشيرة من نوع مختلف، مع ملاحظة أن دوائر التقييم الصحي أخلت سبيل ابنة صاحب البلاغ في 9 أيار/مايو 2000 على أساس تقييم آخر لحالتها ومستندات طبية أخرى وترى الدولة الطرف أن أي شخص يحصل جوهرياً على المزايا المطالب بها لا يمكن أن يص بح ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري. وأشارت الدولة الطرف إلى قرار اللجنة وقرارات مؤسسات حقوق الإنسان الأوروبية في هذا الصدد والأسباب الكامنة وراء مبدأ استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وأفادت بأن توفير الدولة الطرف للانتصاف يشكل عقبة أما م إعطاء الادعاء الدولي الدور المساعد للآلية الدولية. وترى الدولة الطرف أن الأحكام الدائمة ينبغي تفسيرها بصرامة، وتذكِّر بأن اللجنة ذكرت من قبل أنها لا تعتزم أن تكون وسيلة للمناقشة حول السياسات العامة (4) . كما أن الدولة الطرف ترى أن التهديد الضمني الوارد في إفادة صاحب البلاغ المؤرخة 4 حزيران/يونيه 2001 يُثير الشك حول صدق ودوافع مطالبته.

4-5 وأخيراً، تجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ عجز عن دعم مطالبه بمقتضى العهد ليجعل منها قضية ظاهرة الوجاهة. وترد الحجج المؤيدة لسبب عدم المقبولية هذا، جنباً إلى جنب مع ملاحظ ات الدولة الطرف على الأسس الموضوعة لكل ادعاء.

4-6 وللأسباب المذكورة أعلاه، ترى الدولة الطرف إعلان عدم مقبولية البلاغ.

بشأن الأسس الموضوعية

4-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3 من المادة 2 من العهد والقول إن الدولة الطرف عجزت عن توفير سبل الانتصاف ال محلية وفقاً للمادة 2(3) من العهد فإن الدولة الطرف تؤكد أن الحقوق المشار إليها في المادة 2 من العهد هي حقوق تكميلية بطبيعتها ومتصلة بالحقوق الأخرى الواردة في العهد، وتشير الدولة الطرف إلى عدد القرارات التي اتخذتها اللجنة في السابق وتفيد بأن أي انتهاك لهذا ا لحكم لا يوجد إلا إذا ثبت ارتكاب انتهاك لحق آخر. ولذا تفيد الدولة الطرف بأنه إذا لم يحدث انتهاك لأي حكم آخر من أحكام العهد ينبغي اعتبار الادعاء بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد غير مستند إلى دليل.

4-8 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 14 من العهد، ترى الدولة الطرف أولاً أن أي شكوى تقدم إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص لا تكون "قضية قانونية" فهذه اللجنة ليست هيئة قضائية. ثم إن صاحب البلاغ كان بوسعه أن يتخذ إجراءات قانونية لو لم يقتنع بقرار اللجنة. كما أن الدولة الطرف تجادل بأنه لو كانت دعوى صاحب البلا غ هي أن جوهر شكواه إلى اللجنة "قضية قانونية" ولذا يدعي بانتهاك للمادة 14 بسبب عدم إعادة النظر قضائياً في قرار رفض منحه التأشيرة فإن الفقرة 1 من المادة 14 لا تنص على أي حق في إعادة النظر في حد ذاتها، وبالمثل فالحق الوارد في الفقرة 5 من المادة 14 لا يتعلق إل ا بالإدانة أو الحكم الجنائيين. ولذا ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثر قضية في إطار العهد وأنه ينبغي إعلان الادعاء غير مقبول.

4-9 وأما عن الادعاء بانتهاك المادة 17 من العهد فتفيد الدولة الطرف بأن انتهاك الحكم المذكور يتضمن "اعتداء" يجب أن تكون لـه شدة معنية، وطابع "غير قانوني" يكون فيه انتهاك لحكم قانوني محلي، ويجب أن يكون الانتهاك بنية المساس بشرف شخص أو سمعته. وفيما يتعلق بمقبولية هذا الادعاء، أفادت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدعم وجود هذه العناصر الثلاثة. أما عن الأسس الموضوعية لهذا الادعاء فالدو لة الطرف ترى أن الإقرار عن صحة ابنة صاحب البلاغ جاء معقولاً تماماً ومستنداً إلى تقارير طبية متخصصة استند إليها صاحب البلاغ نفسه. ولم يأت التعليق غير قانوني فهو ليس متساهلاً ولا متطرفاً، ولذا فهو لا يمكن أن يشكل اعتداء بالمعنى الوارد في المادة 17. فالإقرار المستند إلى ثلاثة تقارير طبية متزامنة بأن ابنة صاحب البلاغ تستحق علاوة الطفل العاجز إقرار عادل ولا يمكن أن يهدف إلى إيذاء متعمد لسمعة الشخص أو شرفه.

4-10 وبصدد الإدعاء بانتهاك المادة 24 من العهد تفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ عجز عن إثبات وجود أي تدابير حماية كان بوسع أستراليا اتخاذها ولم تفعل. وأي تفسير للفقرة 1 من المادة 24 من العهد يحظر بموجبه على أي دولة طرف أن تقيّم الطفل وفقاً لمعايير التأشيرات ويخلص إلى استنتاجات في حالات ملائمة بأن يستحق الطفل علاوة يكون تفسراً غير منطقي.

4-11 وبالنسبة للإدعاء با نتهاك المادة 26 من العهد في عملية التأشيرة المستقلة من النوع الفرعي 126 التي قال عنها صاحب البلاغ في البداية إنها تمييزية إذا قيست بإجراءات التأشيرات الأخرى بسبب اشتراطها الشهادة الصحية وعدم تضمنها الحق في إعادة النظر، فإن الدولة الطرف أشارت إلى اختصاص الل جنة (15) وأفادت بأن التفرقة، لأغراض العهد، على أساس معايير معقولة وموضوعية والتي تهدف إلى أغراض مشروعة بموجب العهد، لا تشكل تمييزاً. وأما عن مقبولية هذا الإدعاء فقد أفادت الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم إفادات عامة عن الفارق بين أنواع التأشيرات أو معيا ر المصلحة العامة في التقييم الصحي، ولم يثبت أن الشروط المختلفة المتصلة بأنواع التأشيرات تستند إلى العجز ولم يشر إلى أن هذا الفارق غير معقول. وبالنسبة للأسس الموضوعية لهذا الإدعاء توضح الدولة الطرف أن الفئة الفرعية 126 للتأشيرات المستقلة ترمي إلى السماح بهج رة الذين لديهم المهارات والمؤهلات التي يمكن أن تعود على أستراليا بفائدة اقتصادية صافية، وأن من المعقول لهذا السبب أن يشترط أن يكفل الطالب أنه لن يفرض عبئاً صحياً كبيراً من حيث تكاليفه على المجتمع الأسترالي، ويكون إقراراً يقوم على أساس إفرادي من السلطات الط بية المختصة.

4-12 أما عن الإدعاء بانتهاك المادة 26 من العهد على أساس أن الفئة الفرعية 126 من التأشيرات المستقلة فيها تمييز لأنها معفاة من الشروط الواردة في قانون التمييز للعجز فإن الدولة الطرف تؤكد أن جميع الفئات الفرعية للتأشيرات تتضمن الإعفاء ذاته ويمكن إعادة النظر فيها إما أمام المحكمة الاتحادية وإما أمام المحكمة العليا وهما من سبل الانتصاف التي لم يتقدم إليها صاحب البلاغ. ثم إنها تفيد بأنه حتى في حالة عدم وجود إمكانية لإعادة النظر قضائيا توجد أسباب للتمييز لأن الجهة الأخيرة لا تتعامل مع الفئات والأفراد بشكل مختلف لأي أسباب موضوعية في حين أن مقدمي طلبات الحصول على الأنواع المختلفة من التأشيرات الفرعية ليسوا متشابهين. ووجود أنواع مختلفة من التأشيرات الفرعية لا يشكل تمييزاً لأنه مشروع ومعقول ويستند إلى معايير موضوعية.

4-13 وفيما يتصل بإدعاء انتهاك المادة 26 ذاتها من العهد بدعوى التمييز الذي تعرضت لـه ابنة صاحب البلاغ لأنه ناشئ عن أن الموظف الذي وضع التقييم الصحي ليس لديه تخصص طبي مناسب فإن الدولة الطرف حللت التقارير الطبية الثلاثة التي استند صاحب البلاغ إلى بعضها وأفادت بأن رأي الموظف لا يتجاوز صياغة أخرى لت قارير المتخصصين وهو لا يختلف عنها في أي استنتاجات.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 رد صاحب البلاغ على تعليقات الدولة الطرف في رسالتين مؤرختين 14 و15 آذار/مارس 2002.

بشأن المقبولية

5-2 فيما يتصل بالإدعاء بعدم استيفاء الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، يفيد صاحب البلاغ بأن الضحية ليس مضطراً للوجود شخصياً في أراضي الدولة الطرف حتى يخضع لولايتها القضائية. وفي الحالة الحاضرة فإن صاحب البلاغ وابنته كانا خاضعين للولاية القضائية للدولة الطرف بتطبيق قانون الهجرة الأسترالي. وفي بعض الحالات تطبق قوانين الدولة ال طرف بأثر يمتد إلى خارج حدودها كما في حالات مثل ما يتعلق بالسفر إلى أستراليا أو دخولها فإن تشريعات الدولة الطرف تخضع الناس لولاياتها حتى وإن لم يكونوا من رعاياها أو المقيمين بها. ولإثبات مدى خضوعه وابنته للقضاء الأسترالي لأغراض التأشيرات فإنه يقدم وصفاً شام لاً لنظام التأشيرات في أستراليا وخاصة بالنسبة للفئات الفرعية 126 من التأشيرات المستقلة، التي يصفها بأنها إطار قانوني معقد. ومن ثم فحين تخضع حقوق الشخص وواجباته لتشريعات الدولة الطرف، حتى وإن لم يكن موجوداً شخصياً في أراضيها، فإنه يخضع لقوانين هذه الدولة لأ غراض تحديد تلك الحقوق والواجبات. وأي شخص يحاول دخول أستراليا يتعين عليه الامتثال للتشريعات ذات الصلة في الدولة الطرف. ومن ثم كان صاحب البلاغ وابنته يخضعان لقضاء الدولة الطرف لأن طلبهما للتأشيرات تحدد عملاً بتشريعات الدولة الطرف. وقد اتخذ القرار وفقاً لتشري عات الدولة الطرف، وكما تقترح الدولة الطرف فإن هناك سبل انتصاف بموجب تشريعات الدولة الطرف. ويفيد صاحب البلاغ بأن هذا يكفي لإثبات أنه وابنته كانا يخضعان بالفعل لقضاء الدولة الطرف في ذلك الحين.

5-3 وبالنسبة للإدعاء بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف فإنه يفيد بأن سبل الانتصاف التي تشير إليها الدولة الطرف سبل نائية ومكلفة وغير فعالة والأرجح أن تفشل. كما يسترعى صاحب البلاغ انتباه اللجنة إلى الإجراءات التي اتخذها بالنسبة لطلبه للتأشيرات قبل تقديم هذا البلاغ وإلى كتابة عدد كبير من الرسائل لطلب المعلومات والتما س المساعدة من هيئات مختلفة، وإلى شكاواه إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، وإلى أمين المظالم والمجلس الطبي. ثم إنه، على الرغم من مراسلاته المكثفة مع الديما ومع الوزير لم يشر عليه أحد بوجود سبل الانتصاف التي تشير إليها الدولة الطرف. ثم إن صاحب البلاغ يفيد بأنه قضى أكثر من 3 سنوات في سبيل الحصول على جميع العناصر لكي يفهم السبب في رفض التأشيرة، وأنه عندما اتصل بالمحامين في أستراليا لم يتمكنوا من مساعدته لعدم توافر المعلومات. وطلب صاحب البلاغ إلى أحد المحامين، وهو مكتب غولد سميث للمحامين، أن يطلب نسخة من ملفه من الديما ولكن في الوقت الذي تلقى فيه الملف لم يجد فيه معلومات كافية ليحدد قراره بالنسبة لجوانب معينة من التقييم الصحي الذي أسفر عن رفض التأشيرة. ومن ثم التمس مساعدة أحد الشيوخ، بالبرلمان لمعرفة الحقائق، ولم يتمكن إلا في عام 1999من اتخاذ إجراء بعد الزمن ال محدد لعرض قضيته على المحكمة الاتحادية. ويرى صاحب البلاغ أن هذا التأخير في الحصول على المعلومات المناسبة لا يمكن أن يعزى إليه. ثم إنه يرى أن ليس مضطراً لأن يسير وراء سبيل انتصاف محلي لا يبشر بأي أمل في النجاح. وبالنظر إلى طابع القرار بشأن طلب التأشيرة وإلى كونه مقيماً في الولايات المتحدة وإلى أنه لم يبلّغ بأسباب القرار السلبي وأنه لم يكن من حقه طلب المساعدة القانونية في أستراليا، فكان من المتعذر عليه عملياً أن يسير في إجراءات قانونية في أستراليا أمام المحكمة الاتحادية أو المحكمة العليا. وهو يجادل أيضاً بأن، إعادة النظر القضائية لا يقصد بها تقييم ما إذا كان هناك انتهاك لحقوق الإنسان وإنما معرفة ما إذا كان هناك خطأ قانوني، وهو لا يشمل إعادة النظر في القضية الجوهرية، الأمر الذي يشغل بال صاحب البلاغ. ولم تكن سبل الانتصاف تلك لتعطى لصاحب البلاغ أي إنصاف في القضايا الجوهرية. وأخيراً يرى صاحب البلاغ أنه لا توجد سابقة لأي شخص في الخارج من غير المواطنين يقدم التماساً أمام المحكمة العليا يتعلق برفض منحه تأشيرة لأسباب صحية، وأن المحكمة العليا وهي أساساً محكمة نهائية، لا تشجع المتقاضين على رفع دعاوى في هذه المرحلة. ولذا ي رى صاحب البلاغ أنه استنفد كل سبل الانتصاف المحلية المعقولة.

5-4 وعن إدعاء عدم بيان نوعية الضحية أشار صاحب البلاغ إلى حكم اللجنة (17) وأوضح أنه لا يتعين على الضحية المدعاة في بلاغ أن يظل ضحية طوال فترة الإجراء المعروض على اللجنة. ثم إن إصدار التأشيرة لصاحب ا لبلاغ وأسرته في عام 2000 لا يعني أنهم لم يعودوا ضحايا بالمعنى الوارد في العهد، فهم يظلون يعانون من آثار انتهاك الدولة الطرف للعهد. ومنح التأشيرة بعد 3 سنوات مما كان متوقعاً، لـه عواقبه على حالة الأسرة، بما في ذلك ما يتعلق بطلبها الجنسية الأسترالية. ويضيف ص احب البلاغ في هذا الصدد أن التأشيرة لو منحت لـه ولأسرته في عام 1997 لكان وضعهم أفضل كثيراً. وتأييداً لادعائه هذا فإنه يعقد مقارنة بين أسعار صرف العملات ويشرح تطورات السوق خلال الفترة 1997-2000. كذلك يقول صاحب البلاغ إنه لو كان من السهل على ابنته أن تنتقل إ لى أستراليا في عام 1997 عندما بدأت تعليمها لكان تكيفها مع بلد جديد الآن أقل سهولة بالنسبة لها لأنها بدأت تعليمها منذ ثلاث سنوات وفق نظام مختلف. كما أن صاحب البلاغ يرفض بشدة قول الدولة الطرف إن رسالته المؤرخة 4 حزيران/يونيه 2001 تتضمن تهديداً يثير الشكوك في إخلاصه ودوافعه لدعاويه.

5-5 وعن جدال الدولة الطرف بأن الدعاوى الواردة في البلاغ غير مدعومة يقول صاحب البلاغ إنه قدم وصفاً تفصيلياً للظروف التي دعته لتقديم بلاغه، وللأساس الذي بنى عليه بلاغه وللحكم المدعي بانتهاكه.

بشأن الأسس الموضوعية

5-6 فيما يتعلق بالإد عاء بأن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد لا تعطي حقاً مستقلاً يمكن أن يكون الهدف من أي بلاغ، وأن انتهاك المادة 2 لا يمكن أن ينشأ إلا حيثما يثبت انتهاك حق آخر منصوص عليه في العهد فإن صاحب البلاغ يرى أن وجود سبيل للانتصاف أمر حيوي لفعالية العهد حيث يعتمد التمتع الفعلي بالحقوق المنصوص عليها في العهد في نهاية المطاف على تأمين وجود سبيل انتصاف فعلي. وإذ يسلم صاحب البلاغ بأن الآراء السابقة للجنة تؤيد رأى الدولة الطرف فهو يؤكد أن هذا الرأي لم يكن دائماً بإجماع أعضاء اللجنة، وأن بعض أعضاء اللجنة أوضحوا أن قرار اللجنة قد يُرد أو يعدّل ولا يمكن أن يحاج به أساساً في حد ذاته لإعلان عدم مقبولية أي قضية.

5-7 أما عن الانتهاك المدعى به للمادة 14 من العهد فإن صاحب البلاغ يؤكد أنه لا توجد سبل انتصاف منصوص عليها في تشريعات الدولة الطرف للطعن في تطبيق معايير تستبعد الشخص المعوق من منح تأشيرة، وهو في هذه الحالة تقديم دليل على أن ابنته لم تكن لتشكل عبئاً على نظام الرعاية الصحية الأسترالية.

5-8 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى به للمادة 17 فصاحب البلاغ يرى أن تقاعس سلطات الدولة الطرف عن النظر في جميع جوانب حالة ابنته يشكل إجراء غير معقول يمس بشرفها وسمعتها.

5-9 وعن الانتهاك المدعى به للمادة 24 يرى صاحب البلاغ أن من حق ابنته أن ينظر في منحها تأشيرة دون تمييز على أساس إعاقتها.

5-10 وفيما يتصل بالانتهاك المدعى به للمادة 26 يرد صاحب البلاغ بأن في المسائل المتعلقة بالنظر في منح التأشيرات لا يعا مل المعوقون، وفقاً لقانون الهجرة، على قدم المساواة مع غير المعوقين. ويشير إلى التعليق العام للجنة، رقم 18، ويقول إنه وإن كان يوافق على أنه ليس كل تفرقة تمييزاً، إذا كانت التفرقة على أساس موضوعي أو على أساس معايير معقولة، وإذا كانت ترمي إلى دعم غرض مشروع بم وجب العهد، ويرى صاحب البلاغ أن التفرقة على أساس معايير صحية، ليست معقولة ولا موضوعية ولا تشكل هدفاً مشروعاً من أهداف العهد.

تعليقات إضافية من الدولة الطرف

6-1 قدمت الدولة الطرف بموجب رسالة مؤرخة 19 أيلول/سبتمبر 2002 ملاحظات إضافية على تعليقات صاحب البلاغ.

6-2 فعن مسألة الولاية القضائية تقول الدولة الطرف إن مصطلح "الولاية القضائية" يعني أن للدولة حقوقاً في "الرقابة أو التدخل في شؤون شخص أو شيء بذاته"، وأن منح أو رفض التأشيرات لا يدخل في تلك الفئة، وأن قانون الهجرة الأسترالي لا يمنح لذلك أي سلطة سيادية للدولة الطرف على صاحب البلاغ.

6-3 أما عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية فتقول الدولة الطرف إن سبل الانتصاف التي أشارت إليها من قبل ليست مكلفة، إذ إنه يمكن الإعفاء من رسومها، وإن مثول صاحب البلاغ أمام المحكمة الاتحادية أو المحكمة العليا لم يكن مطلوباً، وإن المحكمة العليا كان بوسعها أن تقبل الطلب بعد فوات المهلة المحددة إذا كان ذلك في مصلحة العدل، وإنه ليس من المناسب أن تشير أي إدارة للكمنولث مثل الديما، على الأفراد بحقهم في إعادة النظر في القضية، وإنه بموجب سبيلي الانتصاف هذين كان من الممكن الرجوع في قرار رفض التأشي رة والتوجيه إلى إعادة النظر فيه، وإن أكثر من 100 قضية هجرة نظرت فيها المحكمة العليا، ومن بينها قضايا لأناس غير مواطنين موجودين في الخارج.

6-4 وأما عن صفة الضحية فالدولة الطرف تسترعي انتباه اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم ينتقل إلى أستراليا، رغم صدور تأشيرة لأ سرته في عام 2000، وذلك لأسباب مالية.

6-5 وأخيراً، تشير الدولة الطرف، على أساس آخر رسالة من صاحب البلاغ، إلى أن مرتب صاحب البلاغ في الولايات المتحدة على مدار العام الأخير يتجاوز 200 في المائة من المرتبات المعادلة في أستراليا ويبدو لهذا السبب أن أسرة صاحب ال بلاغ قررت البقاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

التعليقات الإضافية من صاحب البلاغ

7- قدم صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 8 تشرين الأول/أكتوبر 2002 تعليقات إضافية على ملاحظات الدولة الطرف، وأكد أن إجراءات تأشيرة أسرته تمت بموجب القوانين الأسترالية وعن طريق البري د الدبلوماسي الأسترالي في الحدود المادية. وشدد كذلك على أن الطريقة التي تسمح بها الدولة الطرف لقبول المهاجرين يجب أن تمتثل للعهد. وأكد صاحب البلاغ أخيراً أنه لم يبلّغ على الإطلاق بالسبل القانونية المتاحة لـه، وأنه لا يرى أن بالإمكان فعلاً الاستعانة بالمحكم ة العليا لاستهلال إجراءات قانونية ناشئة عن تقييم طبي يدعى أنه قائم على غش.

المسائل والإجراءات

8-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البرو توكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية للأغراض المنصوص عليها في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب الب لاغ بدأ وكأنه يقبل من حيث المبدأ أن ثمة سبيل انتصاف كانت متاحة لابنته أمام المحكمة الاتحادية في الدولة الطرف. وعلى الرغم من أن المهلة المحددة قد انتهت الآن فإن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ لم يبذل أي جهد لولوج سبل الانتصاف القضائية في الدولة الطرف. ثم إن ال لجنة تلاحظ في الوقت الحاضر أن صاحب البلاغ لم يبين أنه لم يسمح لـه بطلب إجازة للاستئناف بعد المهلة المحددة، وتلاحظ أيضاً نجاحه في طلب التأشيرة بعد الوقت المحدد. وعلى هذا يكون البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5.

9- ولذا تقرر اللجنة:

(أ) عدم مقب ولية البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية. والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انظر القضية رقم 77/1980، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1983.

(2) انظر القضية رقم 57/1979، الآراء المعتمدة في 23 آذار/مارس 1983.

(3) تستشهد الدولة الطرف بالجملة الأولى من الفقرة 5 من التعليق العام رقم 15: "إن العهد لا يسلم بحق الأجانب في ا لدخول أو الإقامة في أراضي دولة طرف. فهذه من حيث المبدأ مسألة تقرر الدولة الطرف من يسمح لـه بالدخول إلى أراضيها".

(4) انظر قضية E.W. وآخرين ضد هولندا ، القضية رقم 429/1990، القرار المعتمد في 8 نيسان/أبريل 1993.

(5) انظر قضية P.P.C ضد هولندا ، القضية رقم 12/ 1986، قرار عدم المقبولية اعتمد في 24 آذار/مارس 1988، وقضية A.P.L. ضد d. M.، ضد هولندا، القضية رقم 478/1991، قرار عدم المقبولية اعتمد في 26 تموز/يوليه 1993.

(6) انظر قضية A. ضد أستراليا ، القضية رقم 560/1993، واعتمدت الآراء في 3 نيسان/أبريل 1997.

عين- البل اغ رقم 980/2001، حسين ضد موريشيوس *

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : فضل حسين

الشخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : موريشيوس

تاريخ البلاغ : 18 شباط/فبراير 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقو ق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 آذار/مارس 2002،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ المؤرخ 18 شباط/فبراير 1998، هو السيد فضل حسين، مواطن هندي يقضي في الوقت الحالي عقوبة ال سجن في موريشيوس. وهو يدَّعي أنه ضحية انتهاك موريشيوس للفقرة 3(ب) و(ج) و(د)، والفقرة 5 والفقرة 6 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 7 تموز/يوليه 1995، اعتقل صاحب البلاغ في مطار سير سيوساغر رامغولام الدولي في موريشيوس، ووجهت لـه تهمة "استيراد" الهيرويين و"الاتجار به". وقبل 15 تشرين الأول/أكتوبر 1996، مثل صاحب البلاغ مرتين أمام محكمة ميبورغ المحلية (1) .

ـــــــــــــ

* شارك في بحث هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: الس يد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هي بوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

وعملا بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد راجسومر لالاه في اتخاذ هذا القرار.

2-2 وفي 20 حزيران/يونيه 1996، مثل صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا لمحاكمت ه. وبعد أن تلا رئيس المحكمة التُّهم الموجهة له، ارتبك صاحب البلاغ لعدم وجود محام معه يساعده ولعدم فهمه للغة الإنكليزية فهماً سليماً. وذكر أنه قدم طلباً للحصول على مساعدة قانونية، وأنه كان يريد أن يحصل على خدمات مترجم فوري. وأجلت المحكمة العليا المحاكمة لهذ ه الأسباب.

2-3 وفي أيلول/سبتمبر 1996، اتصل صاحب البلاغ شخصياً بمحام، هو السيد أوزيرالي، الذي وافق على مباشرة هذه القضية حالما تصله نسخ من تقرير وقائع صاحب البلاغ فضلاً عن الأدلة الأخرى ذات الصلة بالقضية. وتم تعيين السيد أوزيرالي فيما بعد محامياً للمساعدة ا لقضائية. ويزعم صاحب البلاغ أن محاميه لم يحصل على المستندات إلا قبل المحاكمة بخمسة أيام فقط.

2-4 وتلقى صاحب البلاغ مشورة من محاميه بعدم الإقرار بالذنب ولكن يعد يوم من الإجراءات القضائية، قرر صاحب البلاغ الإقرار بذنبه لأنه "صُدم من سير الإجراءات القضائية في المحكمة، ومن أسلوب سير المحاكمة". وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 1996، حُكم على صاحب البلاغ بالسجن مدى الحياة. وأوضح للقاضي على الفور بأنه يريد الاستئناف.

2-5 وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1996، قدم صاحب البلاغ طلباً للحصول على مساعدة قضائية (مجانية) ولكن طلبه رُفض من رئيس المحكمة على أساس رأي محاميه الذي اعتبر أنه لا توجد أسباب للاستئناف.

ا لشكوى (2)

3-1 يدَّعي صاحب البلاغ في البداية أن الادعاء كان لديه 14 شهراً لإعداد اتهامه، في حين أن محاميه لم يحصل على المعلومات اللازمة لإعداد دفاعه إلا قبل المحاكمة بخمسة أيام. وم ن ثم لم يتوافر لصاحب البلاغ الوقت الكافي لإعداد دفاعه.

3-2 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أنه حُكم عليه بعقوبة السجن مدى الحياة من قبل محكمة مكونة من قاضٍ واحدٍ وليس من هيئة محلفين. وهو ما يزعم أنه يتنافى مع العهد.

3-3 وأخيراً، يدَّعي صاحب البلاغ أنه حُرم من حق ه في الاستئناف وفي المساعدة القضائية لرفع هذا الاستئناف. كذلك يزعم أن طلبه بالاستئناف المجاني رفض على أساس رأي محاميه أثناء المحاكمة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في رسالتين مؤرختين 13 آب/أغسطس 2001 و29 كانون الثاني/يناير 20 02، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-2 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ تشكل إساءة استغلال لحق تقديم الشكوى وبأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لدرجة أنه كان يمكن له، إذا كان يرى أن حقوقه الدستورية في محاكمة عادلة قد انتهكت، أن يقدم طلباً للمحكمة العليا يلتمس فيه الانتصاف. وعلاوة على ذلك، كان يحق لصاحب البلاغ أن يقدم طلباً للجنة العفو لإعادة النظر في العقوبة التي فرضتها المحكمة العليا.

4-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية، توضح الدولة الطرف أنه تم في الجلسة الأولى المعقودة في 20 حزيران/يونيه 1996، تأجيل محاكمة صاحب البلاغ لتمكينه من أن يمثله محام، وأن يساعده مترجم فوري. وظهر فيما بعد، أنه بالرغم من ترجمة الإجراءات القضائية بلغته الأم، من باب العدالة، كان صاحب البلاغ يتحدث بالإنكليزية ولم يكن لديه اعتراض على أن تجري الإجراءات بهذه اللغة.

4-4 كما تؤكد الدولة الطرف أنه لم يحدث في أي وقت من الأوقات أثناء المحاكمة أن طلب المحامي تأجيل المحاكمة على أساس أنه يحتاج للمزيد من الوقت لإعداد الدفاع، الذي كانت الم حكمة ستمنحه إياه، طبقاً للممارسة المعمول بها في هذه الحالات.

4-5 وعلاوة على ذلك، فبالرغم من أن المحامي ذكر في مرحلة ما أنه لم يتم تسليمه أقوال أدلى بها أحد الشهود وصوراً فوتوغرافية، فإنه أوضح أن ليس لديه اعتراض بشأن مقبولية معظم المستندات التي قدمها الادعا ء. كما أوضح المحامي أنه لا يحتاج لوقت للنظر في المستندات، ذلك أنها قُرئت في المحكمة. وأخيراً، فإن الشهود الذين سجلوا الأقوال والتقطوا الصور تم الاستماع إليهم أيضاً في المحكمة وكان يمكن للمحامي أن يستجوبهم.

4-6 وفيما يتعلق بالحق في الاستئناف، فتشريع الدولة الطرف ينص على تقديم مساعدة قضائية في مرحلة الاستئناف. وبموجب الإجراءات في هذه الحالات، يُرسل الملف إلى محامي الدفاع لكي يحدد ما إذا كانت هناك أسباب معقولة لاستئناف القرار. وفي هذه القضية، قام صاحب البلاغ في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1996، بإعلام القاضي بنيته ا لاستئناف ضد قرار المحكمة. وبالتالي، أرسلت المستندات ذات الصلة إلى المحامي الذي قام، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، بكتابة رأي يوضح أنه لا توجد أسباب معقولة لتقديم هذا الاستئناف. وقد أبلغ مأمور السجون صاحب البلاغ بذلك وبناء على ذلك رُفض طلبه للمساعدة القضائ ية.

4-7 وترى الدولة الطرف أنه تم إيلاء الاعتبار اللازم لطلب صاحب البلاغ للمساعدة القضائية، ولكن بناء على مشورة محاميه الخاص، لم يكن أمام المحكمة من خيار سوى رفض طلبه. وتشرح الدولة الطرف بأن هناك مسألة ثابتة بالنسبة لمحاكمها هي رفض طلبات المساعدة القضائية ع ندما تعتبر عديمة الجدوى ومفتعلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه كان يمكن لصاحب البلاغ أن يستأنف مباشرة لدى المحكمة العليا، وهو ما اختار عدم القيام به في هذه الظروف.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في رسالة مؤرخة 7 آذار/مارس 2002، أدلى صاحب البلاغ بتعليقاته على ملاحظات ال دولة الطرف.

5-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية (3) ، فصاحب البلاغ يعيد تأكيد أن محاميه لم يتح له وقتاً كافياً لإعداد دفاعه، ويشير إلى مستند مقدم من الدولة الطرف ذكر فيه المحامي أن خلاصة وقائع الدعوى لم تقدم له إلا قبل المحاكمة بأيام قليلة. وفي هذا الصدد ، يذكر صاحب البلاغ أنه ليس في موقف يسمح له بسؤال محاميه لماذا لم يطلب تعليق المحاكمة أو تأجيلها.

5-3 كذلك يؤكد صاحب البلاغ ادعاءه بأنه حُرم من حق الاستئناف ويذكر أنه لم يطلب أبداً من محاميه وهو محام محكمة ابتدائية أن يتولى الاستئناف. ويرى صاحب البلاغ أنه ك ان ينبغي تعيين محام آخر لإجراءات الاستئناف. ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أنه لم يُبلغ أبداً برأي محاميه القائل بأنه لا توجد أسباب معقولة للاستئناف ضد قرار المحكمة العليا.

القضايا والإجراءات المطروحة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في أي بلاغ يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد أم لا.

6-2 وتأكدت اللجنة، حسبما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لم تك ن قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من الإجراءات الدولية للتحقيق أو التسوية.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن محاميه لم يعط وقتاً كافياً لإعداد دفاعه لأن ملف القضية أحيل إليه قبل الجلسة الأولى بخمسة أيام، الأمر الذي يمكن أن يثير مشكلة في إطار الفقرة 3(ب) و(د) من المادة 14 من العهد، وتلاحظ اللجنة بناء على المعلومات التي وفرها كل من الطرفين أن الفرصة كانت متاحة للمحامي لأن يستجوب الشهود وكذلك ليطلب تعليق المحاكمة، وهو ما لم يفعله. وتشير اللجنة إلى قراراتها السابقة التي تفيد بأنه لا يمكن اعتبار الدولة الطرف مسؤولة عن سلوك المحامي، ما لم يتضح أو يرى القاضي أن سلوك المحامي يناقض العدالة (4) . وفي الحالة الراهنة، لا يوجد سبب يدعو اللجنة إلى الاعتقاد بأن المحامي لم يستخدم حسن التقدير. وتلاحظ اللجنة، علاوة على ذلك، أن صاحب البلاغ قرر في نهاية الأمر أن يقر بذنبه على عكس مشورة محاميه. ومن ثم تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه بأدلة كافية وفقاً لما تقتضيه الفقرة 3(ب) و(ج) من العهد. وبالتالي ينبغي إعلان أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه لم يُحاكم من قبل هيئة محلفين وإنما من قبل قاضٍ واحدٍ، فلم يوضح صاحب البلاغ كيف يمكن لذلك أن يشكل انتهاكاً للعهد. وبالتالي ينبغي اعتبار أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بحدوث انت هاك بموجب الفقرة 3(ج) من المادة 14، فإن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه بأدلة كافية، في ظروف قضيته، فكيف يمكن لفترة 11 شهراً المنقضية ما بين توقيفه والجلسة الأولى للمحكمة العليا أن تشكل انتهاكاً للفقرة 3(ج) من المادة 14. ومن ثم ينبغي اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاك بموجب الفقرة 6 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعرض عليها أي عنصر يمكن أن يثير مشكلة بموجب هذه الأحكام. وبالتالي، ينبغي اعتبار هذ ا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه حُرم من حقه في الاستئناف، الأمر الذي يمكن أن يثير مشكلة بموجب الفقرة 3(د) والفقرة 5 من المادة 14، فإن اللجنة، إذ تأخذ في الاعتبار بأنه أقر بذنبه ضد مشورة محاميه، تلاحظ أن صاحب البلاغ سعى إلى الحصول على مساعدة قضائية لكي يستأنف دون تقديم أي أسس أو أسباب تؤيد استئنافه، وبعد رفض طلبه بالمساعدة القضائية، لم يقدم التماساً إلى المحكمة العليا بشأن انتهاك حقوقه الدستورية. وترى اللجنة أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7- وبالتالي، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن القرار غير مقبول بموجب المواد 2 و3 و5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار للدولة الطرف وصاحب البلاغ .

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية. والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لم يوضح صاحب البلاغ ما إذا كان أثير أي شيء يتعلق بالقضية على مستوى المحكمة المحلية.

(2) يدَّع ي صاحب البلاغ بشكل عام حدوث انتهاك للفقرة 3(ب) و(ج) و(د)، والفقرة 5 والفقرة 6 من المادة 14 من العهد، ولا يميز بشكل قانوني بين ادعاءاته.

(3) لم يثر صاحب البلاغ أي حجج تتعلق بكونه لم يتقدم إلى المحكمة العليا بطلب بشأن انتهاك حقوقه الدستورية.

(4) انظر، ضمن جملة أمور، قرار اللجنة بشأن البلاغ رقم 536/1993، بيريرا ضد أستراليا، الذي اعتبر غير مقبول في 28 آذار/مارس 1995.

فاء- البلاغ رقم 984/2001، شوكورو ضد أستراليا *

(قرار اتخذ في 28 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد شوكورو جمعة

الشخ ص المدَّعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 19 شباط/فبراير 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 تموز/يوليه 2002 ،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو شوكورو جمعة، وهو مواطن أسترالي مولود في تنـزانيا، ويقضي حالياً حكماً بالسجن المؤبد في مركز وولستون الإصلاحي، كوينزلاند، أستراليا. ويدَّعي أنه ضحية انتهاكات أستراليا للفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 والفقر ة 5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 ألقي القبض على صاحب البلاغ في 2 شباط/فبراير 1997 وجُلب إلى مركز شرطة دتّون حيث اتهم بالقتل. وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أدين بالقتل وح كم عليه بالسجن المؤبد في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. واستأنف ضد إدانته وقدم طلباً بشأن تمديد فترة استئنافه لدى محكمة الاستئناف. ورُفض كل من استئنافه وطلبه الذي قدمه بشأن تمديد فترة الاستئناف في 16 تموز/يوليه 1999. وسعى صاحب البلاغ عندئذ للحصول على إذن خاص بالاستئناف من المحكمة العليا في أستراليا. وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، رفضت المحكمة العليا طلبه.

ـــــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاست ييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومن فيروشي فسكي، والسيد ماكسويل يالدين.

وعملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد إيفان شيرير في اتخاذ هذا القرار.

2-2 ولم يقدَّم لصاحب البلاغ منذ الوقت الذي اعتقل فيه وحتى الاستئناف الأخير لقضيته تسهيلات فيما يتعلق بالترجمة الفورية، بالرغم من الطلبا ت التي قدمها بشأن الحصول على مترجم فوري خلال كل مرحلة من مراحل الإجراءات. ويدَّعي أنه طلب مساعدة أحد المترجمين الفوريين قبل المقابلة التي أجرتها معه الشرطة، وأنه طلب من محاميه أن يترجم له فورياً خلال المحاكمة البدائية. وتمكن صاحب البلاغ أثناء جلسة الاستماع في محكمة الاستئناف من الحصول على مترجم فوري للقيام بالترجمة عن طريق "مؤتمر هاتفي". ومع ذلك، رفض صاحب البلاغ هذا التسهيل لأن المترجم الفوري لم يكن حاضراً في قاعة المحكمة, ولأنه اعتقد أنه لن يثق فيه/فيها. ويقول إنه رفض أن يتحدث إلى المترجم الفوري، بالنظر "ل أن الشرطة أرغمتني قسر إرادتي على الإدلاء بأقوال في المقابلة التي أجرتها معي وإنني تعرضت لهجوم من قبل... [أحد مخبري] شرطة كوينزلاند" (1) .

2-3 وزعم صاحب البلاغ، في طلبه بشأن الحصول على إذن خاص بالاستئناف لدى المحكمة العليا، أنه "أُجبر" على القبول بأحد محامي ا لمساعدة القانونية الذي لم يتم تعيينه للدفاع عن قضيته إلاّ في صبيحة يوم الاستئناف، وبالتالي، لم يكن مطلعاً على القضية. وبالإضافة إلى ذلك، رفض المحامي الإشارة إلى المسائل القانونية التي أثيرت في الطلب الذي أعده صاحب البلاغ. ويزعم صاحب البلاغ أيضاً أن أحد الق ضاة، أثناء جلسة الاستماع، طلب في ثلاث مناسبات حضور المترجم الفوري. بيد أن إجابة محامي صاحب البلاغ اقتصرت على أنه ملم بالقضية.

الشكوى

3-1 يدَّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الحصول على "محاكمة منصفة ونزيهة". ويدَّعي، على وجه الخصوص، أنه بالنظر لأن السواحلية هي لغته الأولى وأن الإنكليزية لا تعتبر إلا اللغة الرابعة بالنسبة له، لم يستطع فهم ما كان يجري أثناء جلسات الاستماع في المحكمة وفهم التعقيدات التي تخللت الإجراءات القانونية. ويزعم أنه بسبب عدم فهمه لما كان يقـال لـه خلال سير الإجراءات، فقد واف ق على الأسئلة التي طرحت عليه. ويدَّعي أنه بالنظر لعدم توفير أحد المترجمين الفوريين المساعدة لـه، فقد انتهكت الدولة الطرف الفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد.

3-2 ويدَّعي أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، ولكنه لا يبين بمزيد من الإيضاح كيفية انتهاك حقوقه في هذا الصدد حسب رأيه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تعلق الدولة الطرف، بالمذكرة الشفوية المؤرخة 21 كانون الأول/ديسمبر 2001، على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتقدم الرواية التالية للوقائع، منذ اعتقال صاحب البلاغ وحتى الاستئناف الذي قدمه. فقد ولد صاحب البلاغ في تنزانيا، ووصل إلى أستراليا في عام 1989. والسواحلية هي لغته الأولى.

احتجاز صاحب البلاغ وإجراء مقابلة معه قبل المحاكمة

4-2 وقعت الجريمة في 1 شباط/فبراير 1997. وأجرى المخبر القائ م بالتحقيق مقابلة مع صاحب البلاغ في نفس المساء الذي وقعت فيه الجريمة، وأبلغه بالتحقيق معه بشأن قتل السيد م. واحتجز صاحب البلاغ طوال الليل. واستجوبه نفس المخبر وحصل منه على إفادة رسمية في المقابلة التي أجراها معه في الصباح التالي (2) . ولم يطلب صاحب البلاغ ال حصول على خدمات أحد المترجمين الفوريين أثناء المقابلة، ولم ير ضباط التحقيق أنه بحاجة إلى مساعدة من هذا القبيل. واتهم رسمياً بقتل السيد م. في 2 شباط/فبراير 1997 وأُوقف على ذمة التحقيق بتاريخ 7 شباط/فبراير 1997 (3) .

المحاكمة والإدانة

4-3 استهلت المحاكمة الابتد ائية في تموز/يوليه 1998، بيد أنها منيت بالفشل بسبب مرض محامي الدفاع عن المتهم. وبدأت المحاكمة الثانية في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 في المحكمة العليا لكوينزلاند. وتم تمثيل صاحب البلاغ من الناحية القانونية دون مقابل. وأدلى بإفادته في المحكمة شخصياً. ولم يقد م أي طلب إلى قاضي الموضوع بشأن الحصول على مساعدة أحد المترجمين الفوريين، ولم يثر هذا الموضوع أبداً أمام المحكمة. وعرض محضر المقابلة المؤرخة 2 شباط/فبراير 1997 (والتي أجريت في صباح اليوم الذي تلى وقوع جريمة القتل) على هيئة المحلفين. وأدين صاحب البلاغ بالقتل في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998.

الاستئناف

4-4 سعى صاحب البلاغ للحصول على إذن من المحكمة العليا لكوينزلاند باستئناف إدانته لدى محكمة الاستئناف، على أساس أن إدانته لم تكن سليمة. ولم تقدم تفاصيل بهذا الشأن. وتولى صاحب البلاغ تقديم استئنافه شخصياً. ورتبت محكم ة الاستئناف لحضور أحد المترجمين الفوريين الجلسة عن طريق الترجمة عبر الهاتف من سيدني، غير أن صاحب البلاغ رفض هذا العرض. ورفضت محكمة الاستئناف بالإجماع الاستئناف الذي قدمه ضد إدانته في 16 تموز/يوليه 1999 (4) . ورفض طلبه بشأن تمديد فترة تقديم التماس بشأن الحصول على إذن بالاستئناف ضد الحكم . وفيما يتعلق بالحجة القائلة إن صاحب البلاغ لم يحصل على مترجم فوري في المحكمة وإنه قد تضرر من ناحية عدم فهمه فهماً كاملاً لقضية التاج وفيما يتعلق بإدلائه بإفادته الشخصية، رأت محكمة الاستئناف أنه لم تكن هناك حجج معقولة تؤيد الاست ئناف.

4-5 وسعى صاحب البلاغ لاحقاً للحصول على إذن بالاستئناف من المحكمة العليا في أستراليا (5) مدَّعياً أنه تحمل إساءة تطبيق أحكام العدالة لأنه لم يفهم فهماً كافياً المحاكمة التي أدين فيها بجريمة القتل. وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، رفضت المحكمة العليا ال طلب.

مقبولية البلاغ

5-1 تدفع الدولة الطرف بأن زعم انتهاك الفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 من المادة 14، غير مقبول لأنه غير متفق مع العهد بحسب الاختصاص الموضوعي ، ولم يتم إثباته بما فيه الكفاية. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يشتكي أساساً من أنه لم يستطع الت حدث بلغته الأصلية، السواحلية، خلال التحقيقات التي أجرتها معه الشرطة أو أثناء سير إجراءات المحكمة، بالرغم من أن محضر المقابلة والمحضر الأصلي للمحاكمة يميطان اللثام عن أنه استطاع التعبير عن نفسه على نحو كافٍ باللغة الرسمية المتداولة في المحكمة. وتفسر الدولة الطرف مفهوم صاحب البلاغ "للمحاكمة المنصفة"، بالمعنى المقصود للمادة 14 من العهد، على أنه يوحي بأن يتمتع المرء، في الإجراءات الجنائية، بحق التعبير عن نفسه باللغة التي يعبر بها عن نفسه عادة، وأن عدم الحصول على مترجم فوري في ظروف من هذا القبيل يشكل انتهاكاً لل فقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 من المادة 14.

5-2 وتشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية للجنة التي تفيد بأن هذه المادة لا تنص على أي حق من شأنه أن يوجه إجراءات المحكمة باللغة التي يختارها المرء أو أن يعبر المرء عن نفسه باللغة التي يعبر بها عن نفسه عادة. ولا يحق للأفراد المنتمين إلى أقلية لغوية ما أو الأجانب في الحالات التي يتقنون فيها بما فيه الكفاية اللغة الرسمية المتداولة في المحاكم، الحصول على المساعدة المجانية لأحد المترجمين الفوريين (6) . وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يبيِّن أنه عجز عن التحدث إلى ضباط الشرطة والمحكمة بلغة إنكليزية بسيطة ولكنها كافية، وأنه، بناء على ذلك، لم يستطع الدفاع عن نفسه من دون ترجمة فورية أمام المحكمة.

5-3 وفي المقابل، تبين الدولة الطرف أن البلاغ لا يكشف النقاب عن أي وقائع من شأنها أن تثبت ادعاء صاحب البلاغ أنه لم يستطع التح دث بلغة إنكليزية مفهومة إلى ضباط التحقيق، أو إلى المحاكم. وتدفع الدولة الطرف، فيما يتعلق بمحضر المقابلة، بأن المُخبر الذي قام بالتحقيق سأل صاحب البلاغ ما إذا كان يفهم الأسئلة الموجهة إليه أم لا، وما إذا كان قادراً أم لا على الرد عليها بفعالية. وأكد صاحب ال بلاغ، في كلتا الحالتين، قدرته على فهم اللغة الإنكليزية والتحدث بها.

5-4 وفيما يتعلق بسير المحاكمة في المحكمة العليا، تلاحظ الدولة الطرف أن السجلات تبين أنه لا يوجد أي طلب مقدم بشأن الحصول على مترجم فوري سواء من جانب صاحب البلاغ أو محاميه. وتكشف السجلات الن قاب عن أن صاحب البلاغ قد فهم الأسئلة التي وجهت إليه، وأنه استطاع أن يعبر عن نفسه تعبيراً مفهوماً ورأى الذين مثلوه خلال المحاكمة، وفي المحكمة العليا، أنه كان قادراً على التحدث بالإنكليزية بما فيه الكفاية. ولم يطلب المحامي ولا صاحب البلاغ، خلال أي مرحلة من م راحل الإجراءات، تأجيل الجلسة على أساس أن صاحب البلاغ لم يفهم ما كان يجري. وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ قدم أدلة خلال المحاكمة من دون مساعدة أحد المترجمين الفوريين، وترافع أيضاً في قضيته لدى استئنافها، رافضاً الخدمات التي يقدمها أي مترجم فوري. ورأت محكمة الاستئناف، لدى رفضها لاستئناف صاحب البلاغ، أنه ليس هناك أي دليل، خلال المحاكمة أو لدى الاستئناف، يثبت أن صاحب البلاغ لم يكن قادراً على التحدث بالإنكليزية أو فهمها. وأشارت إلى ملاحظة المحكمة أن محامي صاحب البلاغ لم ير أن ثمة ضرورة للحصول على مترجم فو ري لتلقي التعليمات، ولا حضور المترجم في المحكمة أثناء المحاكمة. وتدفع الدولة الطرف بأن ما يؤكد هذا الأمر بشكل أكثر هو أن صاحب البلاغ رفض العرض الذي قدم له للتحدث إلى المحكمة بالسواحلية عن طريق الاستفادة من خدمات أحد المترجمين الفوريين (مثلما رتبت لذلك المح كمة). وتبين كذلك أن قضاة محكمة الاستئناف الذين استمعوا إلى صاحب البلاغ شخصياً لدى الاستئناف قالوا إنهم استطاعوا فهم ملاحظاته.

5-5 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى النتيجة التي توصلت إليها المحكمة العليا التي رأت أنه ليس ثمة أساس موضوعي في الادعاء القائل إن كو ن صاحب البلاغ قد حرم من الحصول على مترجم فوري خلال المرافعات، يكفي لإثارة الشكوك بشأن الإدانة وضمان منح الإذن الخاص. وعلاوة على ذلك، تشير إلى أن المحكمة لم تقتنع بأن الإنكليزية هي لغة صاحب البلاغ الرابعة، مثلما ادعى، بالنظر لأنه ينحدر من تنزانيا، حيث تعتبر الإنكليزية متداولة على نطاق واسع. وتشير الدولة الطرف، إلى ملاحظة المحكمة أن صاحب البلاغ قد عاش في أستراليا لعدد من السنوات قبل إدانته، وأن مقدم الطلب أو محاميه لم يقدم أي طلب بشأن الحصول على مترجم فوري خلال المحاكمة. وإضافة إلى ذلك، أشارت المحكمة العليا إ لى أن قضاة محكمة الاستئناف الذين استمعوا إلى مقدم الطلب شخصياً لدى الاستئناف قالوا إنه كان بوسعهم أن يفهموا ملاحظاته.

5-6 وفيما يتعلق بزعم أن صاحب البلاغ تعرض لاعتداء من جانب المخبر القائم بالتحقيق وأجبر على الإدلاء بإفادات في محضر المقابلة، لا تنظر الدول ة الطرف إلى صاحب البلاغ على أنه يطلق زعماً مستقلاً في هذا الصدد، بل أنه يبرر رفضه القبول بخدمات مترجم فوري تعينه المحكمة. ومع ذلك، تدفع الدولة الطرف، إلى المدى الذي تثير فيه هذه المزاعم قضية انتهاكات الفقرة الفرعية (ز) من الفقرة 3 من المادة 14 و/أو المادة 7 و/أو الفقرة 1 من المادة 10، بأن صاحب البلاغ عجز عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية في سعيه وراء إثبات هذه المزاعم، وأن ادعاءه بالتالي غير مقبول.

5-7 وتدفع الدولة الطرف في المقابل بأن صاحب البلاغ عجز عن تقديم ما يكفي من الأدلة لإثبات زعمه، وأنه ينبغي للجنة، بناء على ذلك، أن تعلن عن أن هذا الزعم غير مقبول على أساس عدم إثباته. وتقدم الدولة الطرف تقرير المُخبر الذي قام بالتحقيق لتفنيد المزاعم المتعلقة بالإكراه والاعتداء (7) .

5-8 أما فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 5 من المادة 14، فتدفع الدولة الطرف بأنه، بال نظر لأن صاحب البلاغ لا يبين تفاصيل الأساس الذي يستند إليه في تأكيده لانتهاك هذه المادة، تعد مزاعمه في هذا الصدد غير مقبولة لأنها لا تتفق وهذا الحكم، وأنه عجز كذلك عن إثبات ادعائه.

5-9 وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة قد نظرت في تطبيق الفقرة 5 من المادة 14 على النظم القانونية المحلية واعترفت بأن عبارة "وفقاً للقانون" تفسح المجال أمام الدول لتنظيم طرائقها المحلية لممارسة الحق في مراجعة القضايا، شريطة ألا تنظمها على نحو يحول دون سبل الوصول إليها بشكل فعال (8) . وتزعم الدولة الطرف أن "تنظيم عدد الاستئنافات التي ت ستمع إليها المحكمة العليا لا يحول دون وصول مقدمي الطلبات الذين يسعون لمراجعة قرارات صادرة عن محاكم أدنى إلى هذه المحكمة وصولاً فعالاً" (9) . وتدفع بأنها تنظم ممارسة الحق في المراجعة لدى المحكمة العليا من خلال إلزام مقدمي الطلبات بالحصول على إذن خاص بالاستئنا ف. ويجوز للمحكمة العليا، لدى نظرها فيما إذا كانت ستوافق على طلب ما بشأن الحصول على إذن خاص بالاستئناف، أن تراعي أية مسائل تراها ذات صلة، ولكنها ينبغي أن تراعي ما يلي: (أ) ما إذا كانت الإجراءات التي نُطق خلالها بالحكم المتعلق بالتطبيق تنطوي على إحدى القضايا القانونية: (1) وهو أمر مهم عموماً، سواء بسبب تطبيقه بشكل عام أو بخلاف ذلك؛ أو (2) ما إذا كان الأمر يتطلب قراراً صادراً بشأنه عن المحكمة العليا، بوصفها المحكمة الاستئنافية الأخيرة، لحسم الاختلاف في الآراء بين مختلف المحاكم، أو داخل نفس المحكمة، فيما يتعلق بحالة القانون؛ و(ب) ما إذا كان تحقيق مصلحة إقامة العدل يقتضي نظر المحكمة العليا في الحكم الذي يتعلق به التطبيق، سواء بشكل عام أو في قضية معينة. وبالإضافة إلى هذه العوامل الإلزامية، تراعي المحكمة العليا ما يلي: ما إذا كان القرار الذي يراد استئنافه صحيحاً أو لا تشوبه شكوك راسخة؛ وما إذا كانت هناك توقعات غير كافية لنجاح الاستئناف؛ وما إذا كان الاستئناف المقترح يشمل حصراً قضايا واقعية؛ وكان وسيلة ملائمة لتحديد المسألة التي يراد إثارتها؛ وكان هناك احتمال فعلي لإساءة تطبيق أحكام العدالة. وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة قد نظرت سابقاً في مواءمة هذا الشرط مع الحماية المضمونة بموجب الفقرة 5 من المادة 14 في بيرايرا ضد استراليا (10) ، حيث لاحظت اللجنة أن الفقرة 5 من المادة 14 لا تلزم أي محكمة استئنافية "بالاستمرار في إعادة محاكمة فعلية ما، بل بأن تجري تقييماً للأدلة الم قدمة خلال المحاكمة ولسير المحاكمة".

5-10 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن المحكمة العليا هي أنسب هيئة للبت فيما إذا كانت هناك أسس كافية أم لا لمنح الإذن الخاص بالاستئناف، ولا سيما، ما إذا كانت ظروف قضية معينة مواتية بحيث تسمح بضمان الاستفادة من موارد المحكمة ال عليا كاملة. وتدفع الدولة الطرف، إلى المدى الذي يقتضي فيه البلاغ الذي قدمه صاحبه من اللجنة أن تقيّم صحة قرار المحكمة العليا من الناحية الجوهرية، عوضاً عنها من الناحية الإجرائية، بأن هذا الأمر يتطلب من اللجنة أن تتجاوز حدود مهامها العادية المكلفة بها بموجب ا لبروتوكول الاختياري. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية للجنة (11) .

5-11 وتشير الدولة الطرف إلى الأحكام القضائية للجنة التي تفيد بأنه لا يمكن تحميل الدول الأطراف مسؤولية القرارات التي قد يتخذها المحامون عند إدلائهم بآرائهم فيما يتصل بالمه نة، ما لم يتضح على نحو جلي أن المحامي قد تصرف على نحو يتعارض ومصالح زبونه أو زبونته (12) . وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه لم يحصل على استئناف فعال لأن المحكمة العليا لم تعد النظر في أقوال الشهود وأن المحامي لم يقدم أسساً صحيحة يستند إليها الاستئناف، رأت اللجنة أن هذه المزاعم بحد ذاتها لا تؤيد الادعاء القائل إن الحكم الصادر في حق صاحب البلاغ لم يراجع من جانب محكمة أعلى بموجب القانون (13) .

5-12 وفيما يتعلق بكفاية عملية المراجعة المتاحة لصاحب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن كون المحكمة العليا رفضت طلبه بشأن الح صول على إذن خاص بالاستئناف لا يمكن أن يشكل بحد ذاته، دليلاً على أنه لم يتمتع بحق ملائم وكافٍِ في المراجعة. وتبين الدولة الطرف أنه ليست هناك أي مسألة ناشئة عن تحديد استئناف القضايا القانونية. وبالرغم من الحقيقة القائلة إن عدم إثارة أية قضايا قانونية في استئ نافٍ ما هو أحد العوامل التي قد تؤثر في المحكمة العليا من حيث رفضها لطلب ما بشأن الحصول على إذن خاص في قضية معينة، فإن طلب الحصول على إذن خاص بالاستئناف لدى المحكمة العليا ليس محدداً حصراً بقضايا قانونية. وبالمثل، فإن مراعاة المحكمة العليا لتقارير الوقائع ا لتي تعدها المحكمة الأدنى لا تعني أن المحكمة العليا لن تعيد النظر في هذه الوقائع في حال اقتضت ظروف القضية ذلك. ويشير الأساس المسلم به لمنح إذن خاص بالاستئناف أي "الاحتمال الحقيقي لإساءة تطبيق أحكام العدالة" إلى أن المحكمة العليا ستنظر في الوقائع إذا تطلب ال أمر ذلك (14) .

5-13 وتدفع الدولة الطرف بأنه ليس ثمة مسألة ناشئة فيما يتعلق بحرمان صاحب البلاغ من "الوصول الفعال" إلى المحكمة العليا. وتزعم أنه تمكن من معرفة الأسباب التي دعت المحكمة إلى إصدار القرار والتي طلب من خلالها الاستئناف؛ وأنه كان لديه الوقت الكافي ل إعداد استئنافه خلاله؛ وأنه حصل على محامٍ، وأنه تمتع بحق تقديم ملاحظات إلى المحكمة، وقدمها فعلاً.

5-14 وتفسر الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ أن مسجل المحكمة العليا "أجبره" على القبول بمساعدة محامٍ لم يكن يعرف تفاصيل قضيته ورفض استغلال المسائل القانونية التي أثارها في طلبه، على أنه امتداد للحرمان المزعوم من الحق في المراجعة، وليس زعماً مستقلاً. ومع ذلك، تدفع الدولة الطرف، إلى المدى الذي يثير فيه هذا الادعاء مسائل في إطار الفقرتين الفرعيتين (د) و(ب) من الفقرة 3 من المادة 14 فيما يتعلق بإعداد الدفاع، بأن الادعاء غير متفق بحسب الاختصاص الموضوعي مع أحكام العهد، وبالتالي فإنه غير مقبول.

5-15 وتعترض الدولة الطرف على الادعاء القائل إن مسجل المحكمة العليا أجبر صاحب البلاغ على القبول بمساعدة المحامي. وبالأحرى، فقد قبل صاحب البلاغ بخدمات المحامي المجانية عوضاً عن تمثيله لنفسه بنفسه (15) . وتبين الدولة الطرف أن حق المتهم في اختيار محامي أو محامية الدفاع عنه لا يعتبر، بأي حال من الأحوال، حقاً مطلقاً.

الأسس الموضوعية للبلاغ

5-16 تؤكد الدولة الطرف مجدداً، فيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 من المادة14، حججه ا بشأن مقبولية هذا الادعاء. وتشير إلى زعم صاحب البلاغ أن "قاضي المحكمة العليا طلب ثلاث مرات حضور مترجم فوري وأجابه المحامي أنه ملم بالقضية، (حسبما قال)" وتؤكد، على النقيض من هذا الزعم، أن النسخة الأصلية من الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن الحصول على إذن خا ص إلى المحكمة العليا تبين أن القاضي قد سأل في مناسبة واحدة فقط عما إذا كان لدى مقدم الطلب مترجم فوري أم لا. وأبلغ المدعى عليه القاضي بأن المحكمة قد هيأت ترتيبات بشأن توفير ترجمة فورية عن طريق الهاتف إن اقتضى الأمر، بيد أن محامي صاحب البلاغ رأى أنه قد تلقى من التعليمات ما يكفي لعرض القضية على المحكمة. وأعادت المحكمة العليا، لدى اقتناعها بهذه الإجابة، النظر في طلب صاحب البلاغ بشأن الحصول على إذن للاستئناف ورفضته في النهاية.

5-17 ومع أن القانون الأسترالي لا يخول كل فرد حق التحدث بلغته أو لغتها في المحكمة (والذ ي رأت اللجنة أنه أمر لا ينتهك بحد ذاته المادة 14 (16) ، يُقدم لغير القادرين على التحدث بالإنكليزية أو فهمها خدمات أحد المترجمين الفوريين. وكانت هذه المساعدة ستتاح لصاحب البلاغ، لو اقتضت الوقائع ذلك. ويعترف القانون الأسترالي بأن توفير مترجم فوري هو أمر ينشأ ف ي المراحل الأولى من إجراءات العدالة الجنائية قبل مثول المتهم أمام المحكمة. وهكذا، ينص الباب 101 من قانون صلاحيات الشرطة ومسؤولياتها لعام 1997 كوينزلاند على أنه يجب على ضابط الشرطة أن يرتب لحضور أحد المترجمين الفوريين في حالة كان لديه أو لديها شكوك معقولة ب شأن عجز المحتجز، بالنظر لعدم إلمامه الكافي باللغة الإنكليزية، أو إصابته بعاهة جسدية عن التحدث بها بطلاقة معقولة. ويرد في الفقرة الفرعية (2) من اللائحة 73 من قانون مسؤوليات الشرطة في البيان التفسيري 2 الملحق بقانون صلاحيات الشرطة ومسؤولياتها لعام 1997، أنه يجوز لضابط التحقيق أن يطرح أسئلة على الشخص المحتجز من شأنها أن تبين، ضمن جملة أمور ، ما إذا كان قادراً أو قادرة على فهمها أم لا. وتزعم الدولة الطرف أنه لا يمكن للمرء أن يستنتج، من محضر الأقوال الخاص بالمقابلة، أن المُخبر الذي قام بالتحقيق لا بد وأنه شك في أ ن صاحب البلاغ لم يكن ملماً بما فيه الكفاية بالإنكليزية ليتحدث بها "بطلاقة معقولة". وأخيراً، تنص الفقرة الفرعية (1) من الباب 131 ألف من قانون البينة لعام 1977 (كوينزلاند) على أنه يجوز لأي محكمة، أثناء الإجراءات الجنائية، أن تأمر الولاية بتوفير مترجم فوري لل مشتكي أو المدعى عليه أو الشاهد، إذا ما اقتنعت المحكمة بأن مصلحة العدالة تقتضي ذلك. ووفقاً لما تقوله الدولة الطرف، يتفق الباب 131 ألف والفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 من المادة 14 من العهد، ويذهب، بالنظر لتغطيته الشاملة "لمصلحة العدالة"، إلى ما هو أبعد من ذل ك فيما يتعلق بحمايته للمتهم.

5-18 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 5 من المادة 14، تدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي للجنة أن ترفض الادعاء بوصفه ادعاءً لا يستحق النظر فيه للأسباب الواردة أعلاه (الفقرات 5-8 إلى 5-13).

تعليقات صاحب البلاغ

6-1 رد صاح ب البلاغ، بالرسالة المؤرخة آذار/مارس 2002، على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يطعن في حجج الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ويؤكد مجدداً ادعاءيه المتعلقين بانتهاك الفقرة الفرعية (و) من الفقرة 3 والفقرة 5 من المادة 14. ويقدم أيضاً معلومات مفصلة عن البيانات التي أدلى بها المُخبر الذي قام بالتحقيق والشهود والواردة في المحاضر الأصلية للمحاكمة والتي تبين، حسب ما يقول، أن أقوالهم جميعاً كانت متضاربة ولا يعول عليها.

6-2 وفيما يتعلق بمسألة تعامل المُخبر الذي قام بالتحقيق معه، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن " المخبر اعتدى عليه أثناء المقابلة التي أجرتها الشرطة معه". ويقول إنه طُلب إليه خلال المحاكمة أن يحدد هوية الشخص الذي اعتدى عليه فحدد هوية المُخبر الذي قام بالتحقيق.

6-3 وإضافة إلى ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه يعتقد أن محاميه لم يطلب له مترجماً فورياً أثناء ال محاكمة بسبب التكاليف المترتبة على ذلك. ويشير إلى أنه مع أن الإنكليزية متداولة على نطاق واسع في تنزانيا فإن هذا لا يعني أن الجميع يتحدثون بها أو يفهمونها. وهو يعترف بأنه "تمكن من التعبير عن نفسه بشكل معقول، بيد أنه لم يستوعب الإجراءات في أي وقت من الأوقات ا ستيعاباً كاملاً" ويضيف أنه كان ينبغي لقاضي الموضوع أن يطلب في عرضه الختامي إلى هيئة المحلفين أن تراعي الصعوبات التي يواجهها في التحدث بالإنكليزية.

6-4 وأخيراً، يزعم صاحب البلاغ، دون إعطاء المزيد من التفاصيل، أن هيئة المحلفين تحاملت عليه بالنظر لملابسات الح دث، ولأنه أسود ولديه صعوبات لغوية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب ال بروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتثبتت اللجنة، حسبما تقتضيه ذلك الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه حرم من الحصول على خدمات أحد المترجمين الفوريين، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، ادعاءه بما فيه الكفاية. وتلاحظ من المستندات المقدمة أن صاحب البلاغ كان باستطاعته أن يعبر عن نفسه باللغة الإنكليزية تعبيراً كافياً، وأنه لم يقدم طلباً بشأن الحصول على مترجم فوري أثناء المحاكمة التي أدلى فيها بأقواله، وأنه رفض مساعدة المترجم الفوري خلال جلسة الاستماع التي عقدت في محكمة الاستئناف والتي مثل فيها نفسه بنفسه، وأنه يتقبل في رده ما جاء في ملاحظات الدولة الطرف من أنه "كان قادر اً على التعبير عن نفسه بشكل معقول" بالإنكليزية. وتؤكد اللجنة مجدداً أن شرط عقد جلسة استماع منصفة لا يلزم الدول الأطراف بإتاحة خدمات مترجم فوري تلقائياً أو لدى تقديم طلب بالنسبة إلى شخص تختلف لغته الأم عن اللغة الرسمية للمحكمة، في حال كان هذا الشخص قادراً ب هذا الشكل أو ذاك على التعبير عن نفسه بشكل كاف باللغة الرسمية المتداولة في المحكمة (17) . وبالتالي، ترى اللجنة أن هذا الجزء من الادعاء غير مقبول لأنه لا يتفق، عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري، وأحكام العهد.

7-4 أما فيما يتعلق بمسألة الاعتداء المزعوم لل مُخبر الذي قام بالتحقيق على صاحب البلاغ، فتلاحظ اللجنة أن الأمر لا يزال غير واضح فيما إذا كان صاحب البلاغ يدعي وجود انتهاك مستقل للعهد في هذا الصدد، أو ما إذا كان ذلك مجرد سبب يبرر فيه رفضه لخدمات المترجم الفوري أثناء جلسة الاستماع إليه المعقودة في محكمة ا لاستئناف. وبأي حال من الأحوال، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يبين أنه قد استنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الخصوص، ولم يثبت ادعاءه لأغراض المقبولية. ولا يعتبر إطلاق زعم ما لا أكثر ولا أقل من دون تقديم المزيد من المعلومات عن الوقائع كافياً لإثارة ادعاء بموج ب العهد. ولذلك، ترى اللجنة أن أي ادعاء بشأن إساءة معاملة الشرطة لصاحب البلاغ هو غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وفيما يخص مسألة انتهاك الفقرة 5 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن ملاحظات صاحب الب لاغ لا توضح الأسس التي استند إليها في ادعائه هذا. وتوفر هذه المادة الحماية لحقه في أن تعيد محكمة أعلى النظر في إدانته وحكمه. ويبدو أن ادعاءه يتعلق برفض المحكمة العليا لطلبه بشأن الحصول على إذن خاص بالاستئناف فضلاً عن زعمه أنه "أجبر" على القبول بمحامي المسا عدة القانونية الذي لم يوكل بقضيته إلا في اليوم الذي سبق تقديمه لطلبه إلى المحكمة العليا، وأن محاميه هذا، حسب ما يزعم، لم يثر خلال جلسة الاستماع الحجج التي أوردها صاحب البلاغ في طلبه. وتنوه اللجنة بأن مجرد رفض طلب ما بشأن الحصول على إذن خاص بالاستئناف لا يع تبر كافياً لتفسير وجود انتهاك للفقرة 5 من المادة 14. وتشير (18) إلى أن هذه المادة لا تلزم أي محكمة استئنافية بالاستمرار في إعادة محاكمة فعلية ما، "بل بأن تجري تقييماً للأدلة المقدمة خلال المحاكمة ولسير المحاكمة". وتلاحظ اللجنة أن محكمة الاستئناف قد أجرت، في القرار الذي اتخذته، تقييماً للأدلة المقدمة ضد صاحب البلاغ وأنها قد تطرقت بشكل خاص إلى الادعاء الرئيسي لصاحب البلاغ القائل إنه كان ينبغي أن يحصل على مساعدة مترجم فوري. ونظرت المحكمة العليا أيضاً في هذا الادعاء ورفضته.كما تلاحظ اللجنة أن الشكاوى الموجهة ضد المحامي لا تؤيد زعم انتهاك الفقرة 5 من المادة 14. وترى بالتالي أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري، لعدم إثباته بما فيه الكفاية.

7-6 وترى اللجنة، إلى المدى الذي قد تثير فيه حجج صاحب البلاغ المتعلقة بإشراك المحامي في طلبه الذي قدمه إلى المحكمة العليا، مسألة ما بموجب الفقرتين الفرعيتين (ب) و(د) من الفقرة 3 من المادة 14، أن صاحب البلاغ لم يثبت أي ادعاء من هذا القبيل. وبالمثل، ترى اللجنة أن الادعاء الجديد بشأن "التحيز العنصري" الذي أثاره في رسالته المؤرخة آذار/مارس 2002 لم يت م إثباته أيضاً. ولذلك، يعد هذان الادعاءان غير مقبولين بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) يعتبر البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول ا لاختياري؛

(ب) يخطر صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

]اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية. والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) لم يرد المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع ول ا يذكره صاحب البلاغ على وجه التحديد بوصفه ادعاءً.

(2) تقدم الدولة الطرف نسخة عن المحضر الأصلي للإفادة التي حصلت عليها الشرطة في المقابلة.

(3) لا تشير الدولة الطرف ولا صاحب البلاغ إلى مكان تواجد صاحب البلاغ في الفترة بين 2 و7 شباط/فبراير 1997.

(4) ثمة نس خة عن قرار محكمة الاستئناف مرفقة بملاحظات الدولة الطرف.

(5) قدمت الدولة الطرف نسخة عن المحضر الأصلي من المحكمة العليا.

(6) تشير الدولة الطرف، في جملة أمور ، إلى قرارات اللجنة في غويسدون ضد فرنسا، البلاغ رقم 219/1986، والآراء المعتمدة بتاريخ 25 تموز/يوليه 1990؛ وكادوريت ولو بيها ن ضد فرنسا، البلاغان رقم 221/1987 و323/1998، والآراء المعتمدة في 11 نيسان/أبريل 1991؛ وبارتزيغ ضد فرنسا، البلاغ رقم 237/1998، والآراء المعتمدة في 11 نيسان/أبريل 1991.

(7) تقدم الدولة الطر ف نسخة عن التقرير، المؤرخ 19 أيلول/سبتمبر 200 1، الذي أعده المُخبر المشار إليه إذ يورد وصفاً للإجراءات والتفاصيل التي تقف وراء اعتقال صاحب البلاغ وإجراء مقابلة معه في مركز الشرطة. وثمة نسخة مرفقة طياً عن البيان الذي أعده المخبر القائم بالتحقيق، وقدمه خلال إجراءات المحكمة.

(8) تشير الدولة الطرف إلى ال تعليق العام 13/21 للجنة المعنية بحقوق الإنسان المؤرخ 12 نيسان/أبريل 1984، الفقرة 17. وتضم "الطرائق المحلية" مسائل من قبيل إجراءات الاستئناف، وسبل الوصول إلى محاكم المراجعة وصلاحيات هذه المحاكم، وشروط الاستئناف، والكيفية التي تراعي بها الإجراءات المعروضة عل ى محكمة المراجعة الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 والمتعلقة بجلسات الاستماع المنصفة والعلنية. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى كونسويلو سالغار دومونتيخو ضد كولومبيا، البلاغ رقم 64/1997، الآراء المعتمدة بتاريخ 24 آذار/مارس 1982.

(9) تشير الدولة الطرف أي ضاً إلى الفقرة (1) من المادة 2 من البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ("الاتفاقية الأوروبية") التي يرد فيها ما يلي:

` لكل شخص صدر ضده حكم بالإدانة في جريمة جنائية من محكمة الحق في إعادة النظر في إدانته أو الحك م الصادر ضده أمام محكمة أعلى. وينظم القانون ممارسة هذا الحق والأسس التي يجوز أن تبنى عليها ممارسته ` . ورأت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، لدى تطبيقها لهذا الحكم، أن للدول أن تكتفي بتحديد الحق في استئناف القضايا القانونية.

(10) البلاغ رقم 536/1993، قرار عد م المقبولية المعتمد في 28 آذار/مارس 1995 .

(11) ماروفيدو ضد السويد ، البلاغ رقم 58/1979، الآراء المعتمدة بتاريخ 9 نيسان/أبريل 1981.

(12) تشير الدولة الطرف إلى توملين ضد جامايكا، البلاغ رقم 589/1994، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 1996.

(13) تشير الدولة الطرف إلى توملين ضد جامايكا، البلاغ رقم 589/1994، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 1996.

(14) تشير الدولة الطرف، كمثال على ذلك، إلى تشامبرلين ضد الملكة (رقم 2) (1984) 153 CLR 521، حيث ألغت المحكمة العليا الحكم على أساس عدم إثبات الأدلة المقدمة إلى هيئة ال محلفين خلال المحاكمة للجرم الذي اقترفه المتهم إثباتاً لا يدانيه شك معقول؛ وم ضد الملكة (1994)181 CLR 487.

(15) تقدم الدولة الطرف نسخة عن رسالة وجهها الرئيس التنفيذي بالنيابة والمسجل الأساسي للمحكمة العليا إلى صاحب البلاغ، بتاريخ 24 آب/أغسطس 2001، أوضحا في ها أن صاحب البلاغ عُرض عليه خياران هما إما أن يمثل نفسه بنفسه بمعية أحد المترجمين الفوريين أو أن يمثله محامٍ، ولم "يجبر" بأي حال من الأحوال على القبول بتمثيل المحامي له.

(16) تشير الدولة الطرف إلى البلاغ رقم 219/1986 الوارد أعلاه

(17) البلاغ رقم 219/1986 غويسدون ضد فرنسا، الآراء المعتمدة بتاريخ 25 تموز/يوليه 1990.

(18) بيريرا ضد أستراليا ، البلاغ رقم 536/1993، قرار عدم المقبولية المعتمد في 28 آذار/مارس 1995.

صاد- البلاغ رقم 987/2001، غومبير ضد فرنسا*

(قرار اتخذ في 18 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة وال سبعين)

المقدم من : السيد فيليب غومبير (يمثله المحامي الأستاذ فيليب دوهابيو)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 24 أيلول/سبتمبر 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من ال عهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو السيد فيليب غومبير، وهو مواطن فرنسي يقضي حالياً فترة سجن في مركز الاحتجاز في ميلون (فرنسا). وهو يدعي أنه ضحية انتهاك فرن سا للفقرة 1 من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. لكن بلاغه يطرح أيضاً مسائل تتعلق بحقوق الدفاع عملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 14 من العهد. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 31 كانون الثاني/يناير 1994، صدر في حق صاحب البلاغ اتهام بخرق قانون المخدرات، أي استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروعة والتواطؤ بغرض استيراد المخدرات أو تصديرها.

2-2 وبموجب أمر قضائي صدر في 20 نيسان/أبريل 1998، أعاد قاضي التحقيق وصف الوقائع المنسوبة إلى صاحب البلاغ بسبب إلغاء قانون العقوبات السابق اعتباراً من الأول من آذار/مارس 1994 وإحلال قانون عقوبات جديد محله. وبعدئذ، أحيل صاحب البلاغ إلى محكمة الجنح في مدينة مرسيليا بتهمة استيراد مخدرات من قبل عصابة منظمة، واشتراء مخدرات واحتجازها وعرضها وبيعها ونقلها، وكذا تهمة الانتماء إلى عصا بة من الأشرار بغرض التحضير لارتكاب جرم، وهي مخالفات ينص عليها قانون العقوبات الجديد.

2-3 وأدانت محكمة الجنح في مرسيليا المدعى عليه في حكمها الصادر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 بسبب الوقائع المنسوبة إليه وحكمت عليه بالسجن مدة 15 عاماً مع الإبقاء عليه قيد ا لاحتجاز.

2-4 وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، استأنف صاحب البلاغ هذا الحكم.

2-5 وفي 2 شباط/فبراير 2000، أكدت محكمة الاستئناف في مدينة إيكس آن بروفانس حكم محكمة الجنح وحكمت على صاحب البلاغ بالسجن مدة 13 عاماً.

2-6 وفي 3 أيار/مايو 2001، رفضت محكمة النقض الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ.

الشكوى

3-1 يدفع صاحب البلاغ بأنه لا يخضع للملاحقة القضائية إلا بسبب أفعال استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعية، وهي أفعال يدينها البند الأول من المادة 222-36 من قانون العقوبات الجديد. وعليه، يرى صاحب البلاغ أنه، بموجب مبدأ ال أثر الرجعي لصالح المتهم كان ينبغي خفض مدة السجن إلى 10 سنوات (وهي المدة القصوى التي ينص عليها البند 1 من المادة 222-36) بدلاً من 20 سنة المنصوص عليها في القانون القديم في ما يتعلق باستيراد المخدرات - أي المادة L627 من قانون الصحة العامة في هذه الحالة. غير أن صاحب البلاغ يرى أن قانون التكييف المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1992 يحول دون هذا المبدأ لأن المادة 338 من ذلك القانون تنص على أن أفعال الاستيراد أو التصدير المرتكبة قبل سريان قانون العقوبات الجديد، ولكن التي صدر فيها حكم بعد هذا السريان، تظل يعاقب عليها بالسجن لمدة 20 سنة متى ارتكبت في إطار عصابة منظمة. وينازع صاحب البلاغ في إعادة وصف الوقائع، التي أسفرت، في قضيته، عن الاحتفاظ بالظرف المشدد بسبب الانتماء إلى"عصابة منظمة"، وهو تجريم كانت تجهله القوانين الجنائية وقت حدوث الوقائع، وسمح بإدانته بالسجن لمدة 13 سنة، مما يخل بالفقرة 1 من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 ويضيف صاحب البلاغ أن إعادة وصف الوقائع قد أضرت بحقوق الدفاع لأن الظرف المشدد بسبب الانتماء إلى "عصابة منظمة" كان يجب أن يكون موضوع إبلاغ متمم رسمي قبل النقض، كما ينص على ذلك التعميم الذي أصدرته وزارة العدل في آذار/مارس 1994. ويزعم صاحب البلاغ أنه ظل على غير علم بالأفعال المنسوبة إليه ولم يتمكن من الدفاع عن نفسه لأن القاضي لم يتخذ ذلك الإجراء.

3-3 وأعلن صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف الداخلية قد استنفدت على نحو ما سلف.

3-4 ويوضح صاحب البلاغ، فضلاً عن ذلك، أنه قدم التماساً في 4 كانون الأول/ديسمبر 1997 أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان محتجاً بانتهاك الفقرة 3 من المادة 5 والفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقتين بفترة الاحتجاز المؤقت المفرطة وال إجراءات الجنائية التي تمت ضده. وبتت المحكمة في هذا الطعن بحكم أصدرته في 13 شباط/فبراير 2001 وأصبح نهائياً في 13 أيار/مايو 2001. فقد خلصت المحكمة إلى انتهاك الأحكام التي احتج بها صاحب البلاغ (1) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تنازع الدولة الطر ف في مقبولية البلاغ في ملاحظاتها المؤرخة 4 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

4-2 فمن جهة، تذكّر الدولة الطرف بالقانون الداخلي المنطبق.

4-3 أما ما يتعلق بالنصوص التشريعية المتعلقة بالموضوع، فتشير الدولة الطرف إلى التغييرات التي جرت منذ إصلاح قانون العقوبات، ولا سيما إدراج الأحكام المتصلة بمكافحة تجارة المخدرات في هذا القانون، وهي الأحكام التي كانت ترد في قانون الصحة العامة.

4-4 وبموجب التشريع القديم، كان يعاقب على استيراد المخدرات أو تصديرها على النحو التالي:

- كان يعاقب على استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعي ة بالسجن لمدة تتراوح بين 10 سنوات و20 سنة (البند الأول من المادة L627 من قانون الصحة العامة)؛

- كان يعاقب على التواطؤ من أجل استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعية بالسجن لمدة تتراوح بين 10 سنوات و20 سنة (البند 2 من المادة L627 من قانون الصحة العامة).

4-5 أما قانون العقوبات الجديد فلا يتضمن تماماً نفس أنواع التجريم الواردة في قانون الصحة العامة لأنه ينص من الآن فصاعداً على الآتي: (أ) يعاقب على استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعية بالسجن لمدة 10 سنوات (البند 1 من المادة 222-36)، و(ب) يعاقب على اس تيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعية في إطار عصابة منظمة بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة 30 سنة (البند 2 من المادة 222-36).

4-6 فبينما ظلت جريمة استيراد المخدرات أو تصديرها على ما هي عليه، أصبح يعاقب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات. أما جريمة التواطؤ بهدف اس تيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير شرعية، فقد اختفت. وفي المقابل، استُحدثت جريمة استيراد المخدرات أو تصديرها في إطار عصابة منظمة ويعاقب على هذه الجريمة بالسجن لمدة 30 سنة.

4-7 ولتذليل صعوبات تنفيذ قانون العقوبات الجديد في ما يتصل بالاختلافات بين تعريف ال تهم، نص المشرع على بعض الأحكام الانتقالية. ففي ما يتعلق بالتجارة في المخدرات، تنص المادة 338 من قانون التكييف رقم 92/1336 المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1992 على أن أفعال الاستيراد أو التصدير المرتكبة قبل سريان قانون العقوبات الجديد، ولكن التي صدر فيها حكم ب عد هذا السريان، تظل يعاقب عليها بالسجن لمدة 20 سنة متى ارتكبت في إطار عصابة منظمة.

4-8 وتوضح الدولة الطرف أن هذا الحكم نجم عن رغبة المشرع في الإبقاء على نفس العقوبات، في ما يتعلق بأخطر الجرائم المتصلة باستيراد المخدرات أو تصديرها، الواردة في التشريع القديم ، مع تجنب الإخلال بمبدأ عدم رجعية قانون العقوبات الأشد. وقد ترتب على هذا الوضع ما يلي: من جهة، استبعاد عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لمدة 30 سنة التي اصبحت تفرض على التجارة في المخدرات في إطار عصابة منظمة؛ ومن جهة أخرى، عدم العدول عن قمع هذه الانتهاكات. وا لواقع أن الدولة الطرف ترى أن تطبيق القواعد التقليدية التي تحكم تنازع القوانين الجنائية في الزمن كان يمكن أن يفضي إلى نتيجة تنطوي على مفارقة، وهي السماح بتعرض بعض المتجرين في المخدرات، الذين حكم عليهم بعد سريان عملية الإصلاح بسبب أفعال ارتكبت قبل سريانها، ل عقوبات ليست أخف من العقوبات المنصوص عليها في القانون الجديد فحسب، بل أخف من العقوبات الناجمة عن التشريع السابق أيضاً. وكان هذا الحل سينجم عن التطبيق الفوري لأحكام المادة 131-4 من القانون الجديد الذي يفرض عقوبة بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة أقصاها عشر سنوات ، في حين كانت المادة L627 من قانون الصحة العامة تنص على عقوبات قد تصل إلى 20 سنة من السجن.

4-9 وتقول الدولة الطرف إن اعتماد قانون التكييف قد سمح بتمديد مؤقت للعقوبة المنطبقة سابقاً على أشد المخالفات إخلالاً بالأمن العام والصحة العامة.

4-10 أما ما يتعلق بال ممارسة القضائية، فتدفع الدولة الطرف بأن القضاء الجنائي قد طبق المبادئ التي وضعها المشرع في عام 1992 تطبيقاً يتقيد تماماً بمبدأ الأثر الرجعي لصالح المتهم الذي كرسته الأحكام القضائية التي أفتى بها المجلس الدستوري والذي تم تأكيده صراحة في قانون العقوبات الجدي د. وفي الواقع، تنص المادة 112-1 من قانون العقوبات على الآتي:

"لا يعاقَب سوى على الأفعال التي تمثل مخالفة في الوقت الذي ارتكبت فيه هذه الأفعال. ولا يُنطق إلا بالعقوبات المنطبقة قانوناً في التاريخ ذاته. بيد أن الأحكام الجديدة تنطبق على المخالفات المرتكبة قبل سريانها والتي لم تفض إلى إدانة اكتسبت قوة الشيء المقضي به متى كانت أخف من الأحكام السابقة".

4-11 وفي حالة توجيه الاتهام لسبب يقتصر على اقتراف جريمة استيراد المخدرات أو تصديرها فإن البنـد 1 مـن المادة 222-36 الذي ينص على عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات بدلاً من 20 سنة ينطبق فوراً. وترى الدولة الطرف أن الأمر يتعلق هنا بالافتراض الوحيد الذي يحكمه مبدأ الأثر الرجعي لصالح المتهم وأن محكمة النقض لم تتردد، في هذا الصدد، في نقض أحكام محاكم الاستئناف التي أدانت أشخاصاً بالسجن لمدة تفوق الحد الأقصى المنصوص عليه بعد الآن في البند 1 من المادة 222-36 (Cass crim 19.9.1995).

4-12 أما فيما يتعلق بمخالفات استيراد المخدرات أو تصديرها والتواطؤ بغرض استيراد المخدرات أو تصديرها، فإن محكمة النقض قد شددت على أنها وجدت، من الآن فصاعداً، "سنداً قانونياً، منذ دخول قانون العقوبات حيز التن فيذ، في المادة 132-71 [التي تعرف مفهوم العصابة المنظمة] والمادة 222-36 من القانون المذكور التي تجـرم استيراد المخدرات بصورة غير مشروعة في إطار عصابة منظمة، حيث إن تعريف هذا الظرف يشمل تعريف التواطؤ" (Cass crim 22.6.1994 Beltran bull crim No. 274). وقد أُكـ د هـذا الحل في ما بعد (Cass crim 24.10.1996 Landeau: "The aggravating circumstances of membership of an organized gang encompasses the element of conspiracy").

4-13 وترى الدولة الطرف أن محكمة النقض، التي طبقت بصورة منطقية تماماً مبدأ عدم رجعية القانون الجن ائي الأشد، قد استثنت تطبيق القانون الجديد. واستنتجت، في هذه القضية، أن "المادة 222-36، بما أنها أصبحت تعاقب على تلك الأفعال بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة 30 سنة، وهي عقوبة أشد في طبيعتها من العقوبة المفروضة في وقت حدوث الأفعال، لا تنطبق، لهذا السبب، في هذه الحالة بعينها. ورأت أنه، في ظل تلك الافتراضات، كان يجب تطبيق المادة 338 من قانون التكييف التي تنص على عقوبة تأديبية مدتها 20 سنة، وهي الاستثناء الوحيد المؤقت للمبدأ الذي تقرره المادة 131-4. ولمّا كانت هذه العقوبة تطابق بالضبط العقوبة المفروضة سابقاً على ه ذا النوع من المخالفات، فإن مبدأ الأثر الرجعي لصالح المتهم لا ينطبق في هذه الحالة بعينها.

4-14 ومن جهة ثانية، تشير الدولة الطرف إلى تطبيق القانون الداخلي في حالة السيد ف. غومبير.

4-15 وتذكّر الدولة الطرف بأنه قد وُجه الاتهام إلى صاحب البلاغ في أول الأمر في 30 كانون الثاني/يناير 1994 لأسباب تتعلق باستيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروعة، وكذا بالتواطؤ من أجل استيراد المخدرات أو تصديرها (المادة L627 من قانون الصحة العامة).

4-16 بيد أن الأمر القضائي بالإحالة إلى محكمة الجنح المؤرخ 20 نيسان/أبريل 1998 أفضى إلى إعادة وصف تلك الوقائع. وفي الواقع، تمت طبقاً لقانون التكييف لعام 1992 وللأحكام القضائية المشار إليها سابقاً والصادرة عن محكمة النقض، إعادة وصف المخالفات المتعلقة "باستيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروعة"، وكذا مخالفاً "التواطؤ من أجل استيراد المخ درات أو تصديرها بصورة غير مشروعة" كما يلي: "استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروعة في إطار عصابة منظمة".

4-17 وترى الدولة الطرف أن إعادة الوصف هذه تعني أن المخالفات المنسوبة إلى السيد غومبير لا تدخل إلا ضمن البند 2 من المادة 222-36 من قانون العقوبات الجديد الذي يعاقب على استيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروعة في إطار عصابة منظمة. وتشدد الدولة الطرف على أن صاحب البلاغ يحتج خطأً بأنه لا يخضع للمقاضاة إلا بموجب البند الأول من نفس المادة الذي لا يتعلق إلا باستيراد المخدرات أو تصديرها بصورة غير مشروع ة، وأنه من ثم لا يمكن حرمانه بصورة غير قانونية من الاستفادة من مبدأ الأثر الرجعي لصالح المتهم لأن هذا المبدأ لا ينطبق على الحالة الراهنة.

4-18 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن إعادة التوصيف هذه لم تنتهك بأي حال حقوق الدفاع، على عكس ما ادعاه صاحب البلاغ. وتذكّر الدولة الطرف، قبل كل شيء، بأن التعميم الصادر في آذار/مارس 1994 والذي احتج به صاحب البلاغ لا يتعلق تحديداً بحالته. والواقع أن هذا التعميم يتناول حالة الأشخاص المتهمين فقط بجريمة استيراد المخدرات أو تصديرها ويعرض إجراءات إعادة وصف هذه المخالفة بموجب قانون ا لعقوبات الجديد. وهو لا يتعلق، على أي حال، بحالة الأشخاص الذين اتهموا، علاوةً عن ذلك، بجريمة التواطؤ من أجل استيراد المخدرات. ولكن الدولة الطرف تشدد مرة أخرى على أن صاحب البلاغ قد وجه إليه الاتهام حسب الأصول منذ كانون الثاني/يناير 1994 فيما يتعلق بكل من جرم استيراد المخدرات ومخالفة أخرى هي جرم التواطؤ من أجل الاستيراد. والواقع أن صاحب البلاغ قد استنطق بشأن تينك الواقعتين من قبل القاضي المكلف بملفه الذي يجري التحقيق فيه. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يكن في الوضع الذي يصفه التعميم.

4-19 وتضيف الدولة الط رف أن مفهوم "العصابة المنظمة" لا يشكل، من حيث الأساس، عنصراً جديداً لم يشَر إليه قط في أثناء التحقيق، ولم يعلم به صاحب البلاغ إلا خلال الجلسة. فهو في الواقع مفهوم حل بصورة تقنية محل مفهوم "التواطؤ" بسبب دخول قانون العقوبات الجديد حيز التنفيذ. وعليه، ترى ال دولة الطرف أنه لم تكن ثمة حاجة إلى الإخطار بإدانة متممة تتعلق بجرم إضافي. وتعتبر الدولة الطرف إذاً أنه لا يمكن لصاحب البلاغ أن يدفع شرعاً بأنه كان يجهل طبيعة الوقائع التي نسبت إليه، لأنها وقائع متماثلة سميت تسمية مختلفة. وهكذا، فقد كان بإمكان صاحب البلاغ ت ماماً أن ينظم الدفاع الذي يرغب فيه في ما يتعلق بوقائع "العصابة المنظمة" التي كان يطلق عليها "التواطؤ" في ذلك الحين.

4-20 وتضيف الدولة الطرف أن التعميم المذكور آنفاً لا ينطوي على قوة قانونية ملزمة. إنه فقط عبارة عن تعليق على الأحكام القانونية يرمي إلى توضيح القواعد الجديدة، وعند الاقتضاء، تيسير تطبيقها، ولا يمكن أن يكون له طابع ملزم للسلطة القضائية.

4-21 وأخيراً، ترى الدولة الطرف أن المادة 338 من قانون التكييف لا تمس مطلقاً بمبدأ الأثر الرجعي لصالح المتهم وإنما تهدف في الحقيقة إلى حماية حقوق المتهمين الذين ي نسب إليهم الاتجار في المخدرات في إطار عصابة منظمة، ما دامت قد استبعدت تطبيق عقوبات أشد (البند 2 من المادة 222-36 من قانون العقوبات الذي يجرم المخالفة) وأبقت مؤقتاً على تطبيق نظام عقوبات يماثل النظام الذي كان مطبقاً في السابق.

4-22 وفي الختام، تخلص الدولة ا لطرف إلى أن إعادة الوصف تتم حسب القانون القائم، ومن ثم لا يمكن أن تخرق المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي لا تنطبق في القضية الحالية، كما أكدت محكمة النقض في حكمها الصادر في 3 أيار/مايو 2001 (2) ، لأن القانون، على عكس ما يدعيه صا حب البلاغ، لم ينص على عقوبة أخف في حالته.

4-23 وترى الدولة الطرف إذاً أن البلاغ غير مقبول لأنه لا يدخل في نطاق انطباق المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5- أعلن صاحب البلاغ ، في رسالته المؤرخة 17 تموز/يوليه 2002، أنه لا ينوي إيداع ملاحظات تكميلية رداً على الملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف.

مداولات اللجنة بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ، على اللجنة أن تبت، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، بشأن مقبولية ا لبلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة من عدم النظر في هذه المسألة نفسها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية ومن استنفاد صاحب البلاغ جميع سبل الانتصاف الداخلية.

6-3 واستنادا إلى الحجج التي قدمتها الدولة ال طرف، تلاحظ اللجنة أن التعريف الأولي للجرائم التي نُسبت إلى صاحب البلاغ يتضمن جميع أركان الجريمة التي اتُهم بها بعد سريان القانون الجنائي الجديد. وبالتالي، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم، من أجل المقبولية، أدلة تؤيد شكواه من وقوع انتهاك للفقرة 3(أ) من ال مادة 14 من العهد.

6-4 أما فيما يتعلق بالشكوى من انتهاك الفقرة 1 من المادة 15 من العهد، تلاحظ اللجنة حجج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يتلق عقوبة أشد مما كان منصوصا عليه وقت وقوع الجريمة بالنسبة إلى الأفعال التي تشكل الجريمة التي حُكم على صاحب البلاغ من أ جلها، وأنه لم يكن له حق في عقوبة أخف بموجب الأحكام الانتقالية للقانون الجنائي الجديد. لذا ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم هذا الجانب من الشكوى لأغراض المقبولية.

7- وبناء عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم قبول البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختيار ي؛

(ب) تبليغ هذا القرار للدولة الطرف ولصاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقا باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لم تكن المسائل المطروحة أمام المحكمة هي ا لمسائل المطروحة في إطار القضية الراهنة.

(2) أوضحت محكمة النقض أنه "لما كانت المادة 338 من قانون التكييف المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1992 لا تتعارض مع المادة 15-1 من العهد الدولي، التي لا تنطبق في القضية الحالية، ولما كانت العقوبة المنصوص عليها في البند 2 من المادة 222-36 من قانون العقوبات، الذي يعاقب على جريمة استيراد المخدرات بصورة غير مشروعة المرتكبة في إطار عصابة منظمة، هي عقوبة أشد من العقوبة التي كانت تفرض سابقاً على المخالفات التي حل هذا الجرم محلها، فإن محكمة الاستئناف قد بررت حكمها".

قاف- البلاغ رقم 989/2001، كولار ضد النمسا *

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : والتر كولار (يمثله السيد أليكسندر ه‍. أ. موراوا)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 6 كانون الأول/ديسمبر 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تموز/يوليه 2003،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1-1 صاحب البلاغ هو والتر كولار، وهو مواطن نمساوي من م واليد 3 آب/أغسطس 1935. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك النمسا (1) لأحكام الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد، ويمثله محامٍ.

1-2 وعند التصديق على البروتوكول الاختياري في 10 كانون الأول/ديسمبر 1987، أبدت الدولة الطرف التحفظ التالي: "على أن يكون مفهوما ً، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول، أن اللجنة المنصوص عليها في المادة 28 من العهد لن تنظر في أي بلاغ يقدمه فرد ما إلا بعد التأكد من أن المسألة ذاتها لم تكن محل دراسة من جانب اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الا تفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 منذ عام 1978، كان صاحب البلاغ يعمل بصفته طبيباً فاحصاً مستقلاً ثم، وبداية من شباط/فبراير 1988، بصفته كبير أطباء لدى صندوق التأمين الصحي الإقليمي في سالزبورغ لصالح ال عمال والموظفين.

2-2 وفي 22 أيلول/سبتمبر 1988، وعقب الاتهامات بالسلوك غير المشروع وغير اللائق المنسوبة لصاحب البلاغ ومشرفه السابق، التمس رئيس صندوق التأمين دون جدوى موافقة لجنة ممثلي العمال على تعليق وظيفة صاحب البلاغ.

2-3 وفي 23 أيلول/سبتمبر 1988، وجّه صاح ب العمل تهماً جنائية ضد صاحب البلاغ لم يتمسك بها المدعي العام في النهاية. ثم رفع صاحب العمل، دعوى جنائية خاصة مرة أخرى دون جدوى.

2-4 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1988، بدأ مجلس صندوق التأمين إجراءات تأديبية ضد صاحب البلاغ وأوقفه عن وظيفته مع خفض أجره. وفي 22 شباط/فبراير 1989، جرى تشكيل لجنة تأديبية. واتُهم صاحب البلاغ بسلوك غير لائق ينطوي على ثراء شخصي على حساب صاحب العمل. وفي 22 كانون الثاني/يناير 1990، خلصت لجنة التأديب، وقد عقدت عدة جلسات سرية، إلى إدانة صاحب البلاغ فيما يتعلق بتهم معينة منسوبة إليه، مثل ال وصف غير المشروع للأدوية على حساب صاحب العمل وخرق واجباته المتصلة بالإخلاص والسرية من خلال عقده لمؤتمر صحفي بشأن التهم الموجهة لمشرفه السابق والقبول غير المشروع للمرضى في مركز لإعادة التأهيل. وكان هذا القرار نهائياً وغير قابل للاستئناف.

2-5 وفي 23 كانون الث اني/يناير 1990 أفاد التأمين عن فصل صاحب البلاغ من الخدمة بسبب النتائج التي توصلت إليها اللجنة التأديبية، وقيل إن ذلك تم دون التقيد بشروط إجرائية معينة. وبعد الوفاء بهذه الشروط أفاد التأمين في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990 بأنه اعتبر قرار الفصل الأول سارياً، و على أي حال فقد فصل صاحب البلاغ من عمله للمرة الثانية.

2-6 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1988، استأنف صاحب البلاغ قرار إنهاء خدمته في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1988 أمام محكمة سالزبورغ الإقليمية التي ردت الدعوى بمقتضى قرارها المؤرخ 15 شباط/فبراير 1989. وفي 19 أيلول /سبتمبر 1989، رفضت محكمة الاستئناف في لينز استئنافه ولكن المحكمة العليا قبلت طعن صاحب البلاغ في 28 شباط/فبراير 1990 وأحالت القضية من جديد إلى المحكمة الإقليمية، معتبرة أنه لم يثبت إن كان إنهاء وظيفة المعني قائماً على أُسس صحيحة كافية. وفي 7 آب/أغسطس 1990، رفضت محكمة سالزبورغ الإقليمية من جديد دعوى صاحب البلاغ وأيدت محكمة الاستئناف في لينز هذا القرار في 29 كانون الثاني/يناير 1991. وفي 10 تموز/يوليه 1991، وافقت المحكمة العليا من جديد على طلب الطعن المقدم من صاحب البلاغ، واعتبرت أن محاكم الدرجة الأدنى لم تفلح مرة أخرى في إقامة الدليل على أن قرار إنهاء وظيفة صاحب البلاغ تأسس على أُسس صحيحة كافية. وفي 13 تموز/يوليه 1992، رفضت محكمة سالزبورغ الإقليمية للمرة الثالثة الدعوى التي رفعها صاحب البلاغ. ثم رُفِض الطعن المقدم من صاحب البلاغ من قبل محكمة الاستئناف في لينز، بمقتضى قرارها المؤرخ 9 آذار/مارس 1993، ومن المحكمة العليا، بمقتضى قرارها المؤرخ 22 أيلول/سبتمبر 1993.

2-7 كما رفع صاحب البلاغ دعوى قانونية ضد القرار الأول القاضي بفصله من خدمته، المؤرخ 23 كانون الثاني/يناير 1990. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1990، قبلت محكمة س الزبورغ الإقليمية، المعقودة للحكم بموجب ولايتها حسب قانون العمل والقانون الاجتماعي، دعوى صاحب البلاغ. وفي 11 حزيران/يونيه 1991، ردت محكمة الاستئناف في لينز الطعن المقدم من صاحب العمل ثم ردّته المحكمة العليا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، باعتبار أن علاقة ا لعمل بين صاحب البلاغ وصاحب العمل ظلت سارية المفعول.

2-8 وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1990، رفع صاحب البلاغ دعوى قانونية ضد القرار الثاني القاضي بفصله من خدمته المؤرخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990. وبالرغم من اعتراض صاحب البلاغ، تقرر وقف الدعوى في 19 آذار/مارس 1 991 في انتظار البت نهائياً في الدعوى المرفوعة ضد قرار الفصل الأول. وعقب قرار المحكمة العليا في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، استؤنفت الإجراءات القانونية بخصوص قرار الفصل الثاني، وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، ردت محكمة سالزبورغ الإقليمية الدعوى المقدمة من صاحب البلاغ. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، ثم في 29 آذار/مارس 1995 على التوالي، رفضت محكمة الاستئناف في لينز والمحكمة العليا، الطعنين المقدمين من صاحب البلاغ، معتبرتين إياه مسؤولاً عن إخلال بواجباته تبرر فصله.

2-9 وفي 7 شباط/فبراير 1996، قدم صاحب البلاغ شكوى أمام المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان سابقاً، زاعماً حدوث انتهاكات لحقوقه بموجب المواد 6 و10 و13 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، إضافة إلى خرق أحكام الفقرة 1 من المادة 2 من البروتوكول رقم 7 للاتفاقية. ولم تنظر اللجنة أبداً في هذه الدعوى. وبدلاً من ذلك، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، المعقودة في شكل مجلس يتألف من ثلاثة قضاة، في 17 آذار/مارس 2000، (بعد دخول البروتوكول رقم 11 حيز التنفيذ)، أعلنت الدعوى غير مقبولة. وفيما يتعلق بتظلمات صاحب البلاغ بشأن الإجراءات التأديبية التي أقامها صاحب العمل، رأت المحكمة أن "دور صندوق التأمين الصحي هو دور صاحب عمل خاص، وأن الإجراءات التأديبية التي تظلم بشأنها لم تقم بها هيئة ممارسة للسلطة العامة، وإنما كانت إجـراءات داخلية خاصة بمكان عمل صـاحب الدعوى الهدف منها إثبات ما إذا كان يستحق الف صل من الخدمة أم لا [...]" (2) . وخلصت المحكمة إلى أن هذا الجزء من الدعوى يتنافى بطبيعته مع أحكام الاتفاقية. أما فيما يخص المادتين 13 و14 من الاتفاقية وكذلك المادة 2 من البروتوكول رقم 7، فلقد خلصت المحكمة إلى أن المسائل موضوع التظلم لا تكشف عن أي شيء يوحي بحد وث انتهاك لهذه الحقوق (3) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد، لأنه حُرم من الحق في مرافعة عادلة أمام محكمة مستقلة وغير منحازة، ذلك أن المحاكم النمساوية لم تستعرض استنتاجات لجنة التأديب إلا من زاوية المخالف ات الصارخة.

3-2 وبالإشارة إلى قرار اللجنة في قضية ناهليك ضد النمسا (4) ، يؤكد صاحب البلاغ أن أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد تنطبق أيضاً على إجراءات لجنة التأديب. ويؤكد أن لجنة التأديب، باجتماعها في إطار جلسة سرية، حرمته من حقه في مرافعة علنية. وأن إقصا ء الجمهور لم يكن لازماً لحماية حق مرضاه في احترام حياتهم الخاصة، بما أنه كان ممكناً استخدام أسمائهم بمختصراتها. ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقه في مرافعة عادلة لأن مبدأ "تساوي الأسلحة" انتهك بأشكال شتى. فأولاً، سنحت الفرصة للمدعي أن تناقش التهم المنسوبة إليه مع رئيس لجنة التأديب، بينما لم تعط نفس الفرصة لدفاعه. وعلاوة علـى ذلك، فإن المهلـة التي مُنحت له لتحضير دفاعه كانت قصيرة جداً. وبما أن رئيس لجنة التأديب رفض تلقي الرد الخطي لمحاميه على تقرير الاتهام الخطي للمدعي، طُلب من الدفاع أن يقوم بمرافعاته شفوياً أثن اء الجلسات. ونتيجة لذلك، لم يحصل خبير طبي، أدلى بشهادته أمام اللجنة، على البلاغات الخطية للدفاع، معتمداً فقط على البلاغات المقدمة من المدعي.

3-3 وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن لجنة التأديب لم تتوافر فيها كافة شروط النزاهة والاستقلال التي تقتضيها الفقر ة 1 من المادة 14 من العهد. وبالرغم من شكاواه المتكررة التي لم تأخذها لجنة التأديب في الاعتبار، فلقد كانت اللجنة تتألف، بالإضافة إلى الرئيس، من عضوين معينين من صاحب العمل وعضوين معينين من لجنة ممثلي العمال، وجميعهم خاضعون لسلطة صاحب العمل. ومرة أخرى، لم تقر ر لجنة التأديب أي إجراء بشأن التماس صاحب البلاغ الاستعاضة عن عضو واحد على الأقل بخبير طبي.

3-4 ويؤكد صاحب البلاغ أن رئيس اللجنة كان منحازاً بما أنه ناقش الموضوع في سرية لعدة ساعات مع المدعي ولأنه رفض رده الخطي على التُهم، مدعيا أن هذا الرد قُدم بعد انقضاء الأجل، ولأنه تغاضى عن المذكرة الأصلية، المضمنة في الملف، والتي تحتوي أمراً بإحالة البلاغ إلى المدعي. وبالإضافة إلى ذلك، قيل إن الرئيس تجاهل عديد الاعتراضات الإجرائية التي أثارها الدفاع، وتلاعب بمحاضر الجلسات وعمد إلى تخويف محامي الدفاع كما فعل ذلك أيضاً، ف ي إحدى المناسبات، مع خبير طبي أدلى بشهادة في صالح صاحب البلاغ. وبالإشارة إلى آراء اللجنة في قضية كارتونن ضد فنلندا (5) ، يخلص صاحب البلاغ إلى أن الرئيس أبدى تحيزاً، منتهكاً بذلك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-5 كما يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للتمييز، بما يتنافى مع أحكام الفقرة 1 من المادة 14 وأحكام المادة 26 من العهد، التي تقتضي بمعاملة متماثلة للقضايا التي تُعتبر موضوعياً متماثلة. ودعما لشكواه، يؤكد أن مشرفه السابق الذي واجه تُهماً مماثلة عومل معاملة مختلفة أثناء الإجراءات التأديبية وأُبرئت ذمته في ا لنهاية. ففي حالة المشرف، تم تغيير ثلاثة من أعضاء لجنة التأديب برؤساء أطباء بطلب من المشرف، بينما لم يغير ولا عضو واحد من أعضاء اللجنة بطبيب في حالة صاحب البلاغ، رغم أن طلبه المقدم لذلك الغرض أُسس على الدفوعات ذاتها وقُدم من قبل المحامي نفسه. وعلاوة على ذلك ، أُبرئت ذمة مشرفه السابق من تهمة إصدار وصفات خاصة باستخدام استمارات صندوق التأمين الصحي، بعلة أن هذه الممارسات قد أنشأها سلفه. وزيادة على ذلك، فرغم الاتفاق الحاصل بين أحد أسلاف صاحب البلاغ وصندوق سالزبورغ الإقليمي للتأمين الصحي الذي يسمح بهذا الاستخدام لا ستمارات التأمين الصحي، فإن اللجنة خلصت إلى ثبوت التهمة ذاتها ضد صاحب البلاغ. ولقد دفعت اللجنة بأنه، لما كان سلف صاحب البلاغ أبرم الاتفاق بصفته الشخصية، ما كان بإمكان صاحب البلاغ أن يحتج بذلك إلا بعد تجديد الاتفاق بصفة شخصية.

3-6 وفيما يتعلق بتحفظ النمسا ع لى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يدفع صاحب البلاغ بأن المسالة ذاتها "لم تكن موضع دراسة من قبل اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان". وبالتالي، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي التي أعلنت عدم قبول شكواه وليست اللجنة الأوروبية. وعلاوة على ذلك، فإن قلم المحكمة لم يُخبره عن دواعي قلقه بشأن مقبولية دعواه، وهكذا يكون قد حرمه من فرصة رفع الشكوك أو سحب دعواه لتقديمها إلى لجنة حقوق الإنسان. كما يدفع صاحب البلاغ بأن المحكمة الأوروبية لم تتخذ أي قرار رسمي بشأن تظلمه وأن الاستعراض المحدود جداً من قبل المحاكم النمساوية لقرار لجنة التأديب شكّل خرقاً لحقه في المرافعة أمام محكمة مستقلة ومحايدة تكون مُشكلة طبقاً للقانون (الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية).

3-7 ويؤكد صاحب البلاغ أن هنالك اختلافات أساسية بين مواد ال اتفاقية والحقوق المنصوص عليها في العهد التي يحتج بها. لذا، فإن الاتفاقية الأوروبية لا تتضمن شرطاً مستقلاً بعدم التمييز مماثلاً للمادة 26 من العهد. وعلاوة على ذلك، فإن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد تضمن حق المساواة أمام المحاكم، وهو حق يُعد فريداً من نوعه. وبالإشارة إلى قرار اللجنة في قضية ناهليك ضد النمسا (6) ، يضيف صاحب البلاغ أن نطاق تطبيق ذلك الحكم فُسّر بصورة أوسع منه في الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية.

الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف

4-1 عقّبت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 17 أيلول/سب تمبر 2001، على مقبولية البلاغ. وهي تعتبر أن اختصاص المحكمة للنظر في البلاغ تستثنيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، إذا قُرئت بالاقتران بتحفظ النمسا على ذلك الحكم.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأن التحفظ ينطبق على البلاغ لأن صاحب البلاغ سبق لـه أ ن رفع المسألة ذاتها أمام اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومن ثم نظرت فيه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي اضطلعت بمهام اللجنة بعد إعادة تنظيم هيئات ستراسبورغ عملاً بالبروتوكول رقم 11.

4-3 وحسب رأي الدولة الطرف، فإن رفض المحكمة الأوروبية للدعوى على أساس أنها غير مقبولة لا يعني أن المحكمة لم "تدرس" تظلمات صاحب البلاغ، بالمعنى المضمن في تحفظ النمسا. فتعليل المحكمة بأن "لا شيء يدل على انتهاك حق صاحب الدعوى" (7) وأن المسائل التي تظلم بشأنها "لا تكشف عن أي شيء يوحي بخرق الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاق ية أو بروتوكولاتها" (8) بيّن بوضوح أن قرار رفض الدعوى على أساس المقبولية "يشمل أيضاً جوانب هامة جداً تتعلق بالوقائع الموضوعية".

4-4 وبينما تُسلّم الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لم تدرس طبيعة الإجراءات التأديبية المتخذة ضد صاحب البلاغ، فإنها تشدد على است نتاج المحكمة بأن الدولة الطرف لا يمكن أن تكون مسؤولة عن نزاعات بين أصحاب عمل خاص، مثل الصندوق الإقليمي للتأمين الصحي لصالح العمال والموظفين، وبين موظفيهم.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في رسالة مؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001، عقّب صاحب البلاغ على تقرير الدولة الطرف، وكرر تأكيده أنه، بالاستناد إلى المعنى العادي وكذلك إلى سياق تحفظ الدولة الطرف، فلا شيء يمنع اللجنة من أن تدرس بلاغه. وهو يصر على أن تحفظ النمسا لا ينطبق على بلاغه لأن المسألة ذاتها لم "تُدرس" أبداً من قبل اللجنة الأوروبية. ويقارن بين تحفظ النمسا وتح فظات أخرى مماثلة ولكنها أوسع نطاقاً على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أبدتها 16 دولة طرفاً أخرى في الاتفاقية الأوروبية، ويؤكد أن الدولة الطرف وحدها هي التي تشير إلى دراسة "من قبل اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان".

5-2 ويعتبر صاحب البلاغ أن ه لا يهم أن الدولة الطرف، عند إصدار تحفظها، كانت تنوي الحيلولة دون النظر في نفس الوقائع في وقت واحد ومتتابع من قبل هيئات ستراسبورغ واللجنة، دافعاً بأن قصد الطرف الذي يُبدي تحفظاً لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة إضافية للتفسير بموجب المادة 32 من اتفاقية فيينا لق انون المعاهدات، لا يمكن استخدامها إلا إذا ثبت أن التفسير وفقاً للمادة 31 من اتفاقية فيينا (المعنى العادي والسياق والموضوع والغرض) غير كاف.

5-3 وبالإشارة إلى قضاء المحكمة الأوروبية ومحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، يشدد صاحب البلاغ على أن التحفظات عل ى معاهدات حقوق الإنسان يجب أن تُفسر لصالح الفرد. لذلك، فأي محاولة لتوسيع نطاق تحفظ النمسا يجب أن ترفض، لا سيما وأن اللجنة لها من الأجهزة الإجرائية المناسبة ما يمكنها من الحيلولة دون الاستخدام غير المناسب للإجراءات الموازية التي في حوزتها، مثل مفهومي "إثبات الدعاوى" و"إساءة استعمال حق المطالبة"، إضافة إلى الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-4 ويخلص صاحب البلاغ إلى أن بلاغه مقبول في ضوء أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ذلك أن تحفظ النمسا لا ينطبق على هذه الحالة. ويؤكد، من باب الاحتياط، أن البلاغ مقبول بقدر ما يتصل بالانتهاكات المزعومة لحقوقه في إطار الإجراءات التأديبية، وبانعدام سبيل انتصاف فعال لاستعراض هذه الإجراءات من قبل محكمة، لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تدرس تظلماته في ذلك الصدد.

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

6-1 في مذكرة شفوية في 30 كانون الثاني/يناير 2002، قدمت الدولة الطرف تقريراً إضافياً بشأن مقبولية البلاغ، شرحت فيه أن النمسا أبدت التحفظ على أساس توصية من لجنة الوزراء، تقترح أن الدول الأطراف في المجلس الأوروبي "التي توقع أو تصادق على البرو توكول الاختياري قد ترغب في القيام بإعلان [...] الغرض منه ألا يمتد اختصاص لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان إلى تلقي الشكاوى الفردية المتعلقة بحالات قيد الدراسة أو جرت دراستها في إطار الإجراء المنصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية، والنظر فيها" (9) .

6-2 وتدفع الدولة الطرف بأن تحفظها لا يختلف عن تحفظات مماثلة أبدتها دول أطراف أخرى عملاً بتلك التوصية إلا بقدر ما يتطرق بصفة مباشرة، لغرض الوضوح، إلى آلية الاتفاقية ذات الصلة. وأن كل التحفظات تهدف إلى الحيلولة دون دراسة أخرى من هيئة دولية بعد اتخاذ القرار من إح دى الآليات المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية. لذلك، فمن غير الصواب إنكار صحة تحفظ النمسا واستمرار صلاحية التطبيق لمجرد إصلاح تنظيمي أُدخل على أجهزة ستراسبورغ.

6-3 وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أنه يمكن، بعد دمج اللجنة الأوروبية والمحكمة "السابقة"، اعتب ار المحكمة الأوروبية "الجديدة" بوصفها "الخلف الشرعي" للجنة، لأن عدة من وظائفها الرئيسية، بما فيها اتخاذ القرارات بشأن المقبولية، وإثبات وقائع القضية، والتقييم الأولي لوقائع القضية، كانت تضطلع بها اللجنة. وبما أن الإشارة إلى اللجنة الأوروبية ضمن تحفظ الدولة الطرف إنما هي إشارة إلى هذه الوظائف تحديداً، فإن التحفظ يبقى نافذ المفعول تماماً بعد دخول البروتوكول رقم 11 حيز التنفيذ. وتؤكد الدولة الطرف أنه لم يكن ممكناً، في تاريخ إبداء تحفظها في عام 1987، التوقع بأن آليات الحماية التابعة للاتفاقية الأوروبية سوف يُدخ ل عليها تعديل.

6-4 وتكرر الدولة الطرف تأكيدها أن المسألة ذاتها سبق أن درستها المحكمة الأوروبية التي كان عليها، حتى ترفض دعوى صاحب البلاغ على أساس أنها غير مقبولة، أن تدرسها من حيث الوقائع، ولو باختصار. وبوجه خاص، يفترض من خلال رفض المحكمة الأوروبية للتظلما ت بشأن الإجراءات التأديبية أن تكون المحكمة قد نظرت في موضوع الشكوى قبل أن تتخذ قرارها.

التعليقات الإضافية المقدمة من صاحب البلاغ

7-1 يلاحظ صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 25 شباط/فبراير 2002، أن لا شيء منع الدولة الطرف، عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، من إبداء تحفظ يمنع اللجنة من دراسة البلاغات لو كانت المسألة نفسها محل دراسة "في إطار الإجراء المنصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية" كما توصي به لجنة الوزراء، أو من استخدام الصياغة الأوسع لدراسة سابقة في إطار "إجراء آخر لتحقيق دولي أو تسوية دولية" كما فعلته دول أطراف أخرى في الاتفاقية الأوروبية.

7-2 وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن بإمكان الدولة الطرف أن تتوخى حتى إبداء تحفظ لذلك الغرض عن طريق التصديق من جديد على البروتوكول الاختياري، شريطة أن يكون هذا التحفظ متماشياً مع موضوع البروتوكول الاختياري وغرضه. وما لا يمكن السماح به، حسب رأيه، هو توسيع نطاق التحفظ القائم على نحو مخالف للقواعد الأساسية لتفسير المعاهدات.

7-3 ويرد صاحب البلاغ دفْع الدولة الطرف بأن مهام رئيسية للمحكمة الأوروبية "الجديدة"، مثل اتخاذ القرارات بشأن المقبولية وإثبات وقائع القضية، كانت تندرج في الأصل ضمن الاختصاص الحصري للجنة الأوروبية. وبالإشارة إلى قضاء المحكمة، فهو يدفع بأن المحكمة الأوروبية "السابقة" كانت تنظر أيضاً بانتظام في هذه المسائل.

7-4 ويعترض صاحب البلاغ على تأكيد الدولة الطرف بأن إعادة تنظيم الهيئات التابعة للاتفاقية لم يكن ممكناً توقعها في 1987، مقتبساً أجزاءً من التقرير التفسيري للبروتوكول رقم 11، توفر لمحة تاريخية عن المداولات بشأن "الدمج" التي جرت من عام 1982 إلى عام 1987.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاءات ترد في ب لاغ ما، فإنها تقرر بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للاتفاقية.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف احتجت بالتحفظ الذي أبدته بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، الذي يمنع الل جنة من النظر في الدعاوى التي "سبقت دراستها" من قبل "اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان". وفيما يتعلق بدفع صاحب البلاغ بأن الدعوى التي رفعها إلى اللجنة الأوروبية لم يسبق، في حقيقة الأمر، أن درستها تلك الهيئة وإنما المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي التي أعلنتها غير مقبولة، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية، نتيجة تنقيح أُدخل على المعاهدة بموجب البروتوكول رقم 11، أخذت على عاتقها بصفة قانونية المهام التي كانت تضطلع بها اللجنة الأوروبية السابقة والمتمثلة في تلقي الدعاوى المقدمة بموجب الاتفاقية الأوروبية واتخاذ القر ار بشأن مقبوليتها وإجراء تقييم أوَّلي بشأن وقائعها. كما تلاحظ اللجنة، لغرض إثبات قيام إجراءات موازية أو، حسب الحالة، متتابعة أمام اللجنة وهيئات ستراسبورغ، أن المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان خلفت اللجنة الأوروبية السابقة بتولي وظائفها.

8-3 وتعتبر ال لجنة أن إعادة صياغة تحفظ الدولة الطرف، عند التصديق من جديد على البروتوكول الاختياري، كما اقترحه صاحب البلاغ، فقط بهدف توضيح النتيجة المنطقية لإصلاح آليات الاتفاقية الأوروبية لا يعدو في نهاية الأمر كونه ممارسة شكلية. ولأسباب الاستمرارية، فإن اللجنة، حينئذ، في ضوء موضوعها وغرضها، تفسر تحفظ الدولة الطرف بأنه ينطبق أيضاً على الدعاوى التي درستها المحكمة الأوروبية.

8-4 وفيما يتعلق بدفع صاحب البلاغ بأن المحكمة الأوروبية لم "تدرس" دعواه من حيث الموضوع لما أعلنت أنها غير مقبولة، فإن اللجنة تذكِّر بأحكام قضائها التي تبين أنه كلما أسست اللجنة الأوروبية قرارها بعدم المقبولية على أسس لا تتعلق فقط بالمسائل الإجرائية (10) وإنما على دواع تقوم على دراسة وقائع القضية، فإن المسألة تعتبر "دُرست" بالمعنى الذي تتضمنه التحفظات على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (11) . وفي هذه الحالة، ذهبت المحكمة الأوروبية إلى أبعد من مجرد دراسة المعايير الإجرائية الصرفة للمقبولية، واعتبرت أن دعوى صاحب البلاغ غير مقبولة، في جزء ما، لانعدام التوافق بسبب طبيعة الشخص المعني، وفي جزء آخر لأنها لم تكشف عن أي شيء يوحي بخرق أحكام الاتفاقية. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أنه لا يمكن إنكار تحفظ الدولة الطرف لمجرد افتراض أن المحكمة الأوروبية لم تصدر حكماً بشأن وقائع الدعوى المرفوعة من صاحب البلاغ.

8-5 وفيما يتعلق بتأكيد صاحب البلاغ أن المحكمة الأوروبية لم تدرس دعاويه بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية بشأن الإجراءات أمام لجنة التأديب، وأنها لم تتخذ ولو قراراً شكلياً بشأن تظلمه المتعلق بالاستعراض المحدود لقرار لجنة التأديب من قبل المحاكم النمساوية، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية اعتبرت "أن الإجراءات التأديبية، موضوع التظلم، لم تتخذها هيئة مم ارسة للسلطة العامة، وإنما كانت إجراءات داخلية خاصة بمكان عمل صاحب الدعوى الهدف منها إثبات ما إذا كان يستحق الفصل من خدمته أم لا". وعلى هذا الأساس، خلصت المحكمة إلى أن حق صاحب البلاغ في سبيل انتصاف فعال (المادة 13 من الاتفاقية الأوروبية والفقرة 1 من المادة 2 من البروتوكول الاختياري رقم 7) لم يُنتهك.

8-6 كما تلاحظ اللجنة أنه، بالرغم من بعض الاختلافات في تفسير أحكام الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية، وأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، من قبل الهيئات المختصة، فإن هذه الأحكام متقاربة إلى حد بعيد من حيث محتواها ونطاقها. وفي ضوء أوجه الشبه الكثيرة بين أحكام المادتين، وبالاستناد إلى تحفظ الدولة الطرف، فإن اللجنة تعتبر نفسها غير مخوَّلة لإعادة النظر في استنتاج خلصت إليه المحكمة الأوروبية بشأن صلاحية تطبيق أحكام الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبي ة لتحل محله قضاءها بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من الاتفاقية. وبناء عليه، فإن اللجنة تخلص إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، إذ إن المسألة ذاتها قد درستها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

8-7 وف يما يتعلق بدعوى صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد، تذكِّر اللجنة من جديد بأن تطبيق مبدأ عدم التمييز الذي يتضمنه ذلك الحكم لا يقتصر على الحقوق الأخرى التي يضمنها العهد، وتلاحظ أن الاتفاقية الأوروبية لا تتضمن مادة مشابهة تتعلق بمسألة التمييز. ومع ذلك، تلا حظ اللجنة أيضاً أن الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ لا تقوم على دعاوى منفصلة تتعلق بالتمييز، بما أن زعمه انتهاك أحكام المادة 26 لا يتعدى نطاق دعواه المرفوعة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول أيضاً بموجب ال فقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9- ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ للعلم.

[اعتم دت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري للعهد بالنسبة للدولة الطرف في 10 كانون الأول/ديسمبر 1978 و 10 آذار/مارس 1988، على التوالي.

(2) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الدائرة الثالثة، قرار بشأن المقبوليـة، الدعـوى رقم 30370/96 ( والتر أ. ف. كولار ضد النمسا )، 17 آذار/مارس 2000، الفقرة 1.

(3) المرجع ذاته، الفقرة 3.

(4) البلاغ رقم 608/1995، ناهليك ضد ال نمسا ، قرار بشأن المقبولية معتمد في 22 تموز/يوليه 1996، الفقرة 8-2.

(5) البلاغ رقم 387/1989، الآراء المعتمدة في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1992، الفقرة 7-2.

(6) البلاغ رقم 608/1995، القرار المعتمد في 22 تموز/يوليه 1996، الفقرة 8-2.

(7) انظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الدائرة الثالثة، قرار بشأن المقبولية، الدعوى رقم 30370/96 ( والتر أ. ف. كولار ضد النمسا )، 17 آذار/مارس 2000، الفقرة 2.

(8) انظر المرجع ذاته، الفقرة 3.

(9) مجلس أوروبا، قرار لجنة الوزراء (70) 17 المؤرخ 15 أيار/مايو 1970.

(10) انظر، على سب يل المثال، البلاغ رقم 716/1996، بوجير ضد النمسا، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1999، الفقرة 6-4.

(11) انظر، على سبيل المثال، البلاغ رقم 121/1982، أ. م. ضد الدانمرك، القرار بشأن المقبولية معتمد في 23 تموز/يوليه 1982، الفقرة 6؛ والبلاغ رقم 744/1997، ليندر هولم ضد كرواتيا ، قرار بشأن المقبولية معتمد في 23 تموز/يوليه 1999، الفقرة 4-2.

راء - البلاغ رقم 1001/2001، ستريك ضد هولندا *

(قرار اتخذ في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد جاكوبوس جيراردوس ستريك

الشخص المدعى أنه ضحي ة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 29 حزيران/يونيه 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2002،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو السيد جاكوبوس جيراردوس ستريك، وهو مواطن هولندي ولد في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1938، وهو يدعي أنه ضحية لانتهاك هولندا (1) للفقرة 2 من المادة 5 والمادة 7 والفقرتان 6 و7 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 15، والفقرة 2 من المادة 19 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ مستخدماً ببلدية ايندهوفن لمدة 30 عاماً، وفي 8 نيسان/أبريل 1990 وجه مذكرة إلى إدارة صاحب عمله والى مجلس بلدية ايندهوف ن يشكو من المعاملة التي يدعي أنه تعرض لها من الإدارة. ويبدو أنه استخدم لغة تشهيرية. واعتبرت بلدية ايندهوفن التقرير دليلاً على إهمال صاحب البلاغ لواجبه وتشهيراً. وبالتالي فقد قررت في قرارها الصادر في 25 أيلول/سبتمبر 1990 تخفيض زيادتي راتب صاحب البلاغ الأخير تين لمدة عامين، وتخفيض صاحب البلاغ درجة مؤقتاً، ونقله إلى إدارة أخرى.

2-2 واستأنف صاحب البلاغ قرار البلديـة أمــام Ambtenarengerecht s-Hertogenbosch(2) التي قررت في 6 حزيران/يونيه 1991 أن من حق البلدية اتخاذ تدابير تأديبية، لكن التدابير التأديبية التي اتخذ ت لا تتناسب مع طبيعة الخروج عن الواجب وظروفه، فقد كان صاحب البلاغ مرهقاً بالعمل وقت الحادث، وبالتالي فقد ألغت التدابير التأديبية التي اتخذتها بلدية ايندهوفن وتركت مسألة ما إذا كانت البلدية ستوقع تدابير تأديبية أخرى مفتوحة مع مراعاة قرار المحكمة.

2-3 وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 1992، وبناء على استئناف البلدية، أكد المجلس المركزي للاستئناف قرار المحكمة الدنيا، وبالتالي ففي 5 كانون الثاني/يناير 1993 اتخذت بلدية ايندهوفن قراراً جديداً ووقعت تدابير تأديبية تتمثل في تخفيض للراتب مماثل لقرارها الأول.

2-4 وخلال هذه ا لفترة كان صاحب البلاغ قد حصل على إجازة مرضية ابتداء من 11 نيسان/أبريل 1990. واعتبر طبيب البلدية أن بوسع صاحب البلاغ العمل بشروط معينة. وقد عمل من أول كانون الثاني/يناير 1991 إلى أول كانون الثاني/يناير 1992 في إدارة الشؤون الثقافية بالبلدية. وبعد ذلك لم تست طع البلدية أن تجد لـه منصباً يتناسب مع ظروفه، ونتيجة لذلك أعطي صاحب البلاغ ما سمته البلدية فصلاً شرفياً من 1 آب/أغسطس 1993، مع علاوة تبلغ 80 في المائة من راتبه.

2-5 وبعد أن عرضت البلدية على صاحب البلاغ عملاً مناسباً لمدة شهرين ورفض صاحب البلاغ في شباط/فبرا ير 1994 قررت البلدية تخفيض علاوة صاحب البلاغ لمدة 8 شهور. ونازع صاحب البلاغ في هذا القرار أمام محكمة القسم، التي رفضت في قرارها الصادر في 2 تموز/يوليه 1994 طلب صاحب البلاغ اتخاذ تدابير مؤقتة لوقف تخفيض العلاوة، فوفقاً للقانون حيثما يتقاضى شخص ما علاوة يمكن أن يطلب منه قبول عمل مناسب من أجل تخفيض التكاليف على صاحب العمل. وفي ذلك الوقت كان صاحب البلاغ قد وصل بالفعل إلى سن الخامسة والخمسين، وادعى أنه ينبغي حمايته من مثل هذه التدابير بسبب سنه.

2-6 وفي 4 تموز/يوليه أصدرت محكمة القسم قرارها في طعون صاحب البلاغ في قرارات البلدية (أ) في 5 كانون الثاني/يناير 1993 بتخفيض راتبه كإجراء تأديبي؛ (ب) في 8 حزيران/يونيه 1993 بفصله؛ (ج) في 23 حزيران/يونيه 1993 بتحديد الحد الأقصى للعلاوة نتيجة لتخفيض راتبه؛ (د) التخفيض المؤقت للعلاوة إثر رفضه قبول عمل مناسب. وقررت المحكمة في 4 تموز/يوليه 1996 في طلبات صاحب البلاغ في الجزء (أ) أن من سلطة البلدية توقيع تدابير تأديبية جديدة وأن ادعاءه بتكرار العقوبة رفض لأن التدابير التأديبية الأولى قد ألغيت والقرار الثاني يحل محل الأول. إلا أن المحكمة رأت أن عقوبة تصل إلى تخفيض يبلغ 000 10 فلورنت لا تزال غير متناسبة مع طبيعة المخالفة؛ (ب) أنه في ظروف القضية المحددة لا يمكن أن يقال إن قرار فصل صاحب البلاغ لعدم وجود عمل مناسب قرار غير معقول؛ (ج) أنه وإن كانت المحكمة توافق على أساس القرار فإنها مع ذلك تبطله كنتيجة لقرارها في (أ) أن التدبير غير متناسب ؛ (د) أنها ترفض استئناف صاحب البلاغ، وترى ألا حق لـه في رفض العمل، وأن القانون ينص على التخفيض كما طبق.

2-7 وإثر الاستئناف قرر المجلس المركزي للاستئناف أخيراً في 22 كانون الثاني/يناير 1998 تأكيد قرار محكمة القسم الصادر في 4 تموز/يوليه 1996.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن حقه في التعويض وفقاً للقانون على العقوبة غير القانونية التي تعرض لها، وحقه في ألا يعاقب ثانية على مخالفة عوقب عليها بالفعل في النهاية، وحقه في ألا يعاقب على فعل لم يكن يمثل جريمة وقت ارتكابه، وحقه في عدم التعرض للتمييز بسبب سنه، وحقه في اعت ناق آراء دون تدخل، وحقه في عدم التعرض لمعاملة غير إنسانية، قد انتهكت جميعاً.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه عوقب عدة مرات على نفس الفعل بقرارات 25 أيلول/سبتمبر 1990 و5 كانون الثاني/يناير و8 حزيران/يونيه 1993 من جانب صاحب عمله، ولم يتم تصحيح ذلك بالرغم من حكم مج لس الاستئناف المركزي لصالحه، وفي ذلك انتهاك للفقرتين 6 و7 من المادة 14.

3-3 وادعى صاحب البلاغ أن مجلس الاسستئناف المركزي بجمعه بين عقوبة الفصل مع العقوبات الأخرى قد وقع عليه عقوبة أقسى من العقوبة المنطبقة وقت الجرم، انتهاكاً للمادة 15 من العهد.

3-4 ويدعي ص احب البلاغ أنه ضحية انتهاك للمادة 26 أو للفقرة 2 من المادة 5 من العهد لأن المحكمة لم تطبق التشريع الذي يحميه من فرض عمل عليه بعد أن وصل إلى سن الخامسة والخمسين، ولأنها وقعت مجموعة من العقوبات حين قررت أن على المستخدم أن يستقيل من منصبه رغم أن ذلك ممنوع قان وناً.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه عوقب على الإهمال والتشهير لقيامه بكتابة تقرير يشكو فيه من الطريقة التي عاملته بها الإدارة، بالرغم من أن التقرير كان مستنداً إلى وقائع، وأنه لم يرسل إلا إلى البلدية التي يعمل لديها، وأن في ذلك انتهاكاً لحرية التعبير بمقتضى ال فقرة 2 من المادة 19 من العهد.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه عومل معاملة غير إنسانية من المجلس المركزي للاستئناف الذي استغل حالته الصحية لتبرير فصله، ومن إجراءات المحكمة عموماً التي استغرقت وقتاً طويلاً يجعل الإجراءات نفسها غير إنسانية، انتهاكاً للمادة 7 من الع هد.

رسالة الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 أبلغت الدولة الطرف اللجنة بمذكرة شفهية في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2001 أنها ترغب في الطعن في مقبولية البلاغ.

4-2 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية لأنه لم يقدم نفس الادعاءات التي يثيره ا الآن أمام اللجنة إلى المحاكم المحلية. وتزعم أن صاحب البلاغ لم يستوف بذلك معيار المقبولية الوارد في المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وفضلاً عن هذا فبالنسبة لادعاءات صاحب البلاغ بمقتضى المادتين 14 و15 من العهد فإن هاتين المادتين لا تنطبقان على حالته، لأنه لم يلاحق بسبب الملاحظات التي أبداها في تقريره.

4-4 كما تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتعرض بأي حال لمعاملة غير إنسانية أو مهينة بالمعنى الوارد في المادة 7 من العهد.

4-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ عدم المساواة في المعاملة (المادة 26 من العهد) وحرية التعبير (المادة 19 من العهد) تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي حجج تؤيد دعاواه.

4-6 وتشير الدولة الطرف إلى قرار عدم المقبولية الذي أصدرته اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1998 بشأن المسألة نفسها، حيث استخلصت اللجنة، بعد دراسة الوثائق التي قدمها صاحب البلاغ، أنها "لا تكشف عن أي مظهر لانتهاك الحقوق المبينة في العهد وبروتوكولاته". وتطالب بإعلان عدم قبول البلاغ لافتقاره إلى الحجة الكافية. وتشير في هذا الشأن إلى أحكام اللجنة في القضايا رقم 419/1990 و379/1989 و378/1989 و34 1/1988 و329/1988.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 علق صاحـب البـلاغ علـى رسالة الدولة الطرف بخطابين بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 و20 شباط/فبراير 2002.

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أنه لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية قال صاحب البلاغ إنه رفع دعاواه إلى أعلى محكمة محلية، وبذلك فقد استنفد وسائل الانتصاف المحلية.

5-3 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف القائل إن المادتين 14 و15 من العهد لا تنطبقان في حالته لأنه لم يلاحق لملاحظاته في التقرير، فإن صاحب البلاغ يزعم أنه مع ذلك قد عوقب ثلاث مرات على نفس الفعل، ووق عت عليه عقوبة أشد مما ينص عليه القانون، في انتهاك للمادتين المذكورتين.

المسائل والإجراءات المطروحة أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

6- قررت اللجنة في قرارها الصادر في 12 شباط/فبراير 2002، ومن خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، الفصل بين نظر اللجن ة في المقبولية ونظرها في موضوع القضية.

7-1 وقبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في جواز أو عدم جواز النظر في الادعاء بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتحققت ال لجنة من أن المسألة نفسها ليست موضع بحث بمقتضى إجراء آخر للتحقيق الدولي أو تسوية في مفهوم الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (3) .

7-3 وبالنسبة لادعاء صاحب البلاغ أنه عوقب عدة مرات على نفس الفعل بقرارات صاحب العمل الصادرة في 25 أيلول/سبتمبر 1990 و5 كانون الثاني/يناير و8 حزيران/يونيه 1993، وأن هذا الوضع لم يصحح بالرغم من حكم مجلس الاستئناف المركزي لصالحه، وأن مجلس الاستئناف المركزي بجمعه عقوبة الاستقالة من العقوبات الأخرى قد أوقع عليه عقوبة أشد مما كان مطبقاً وقت وقوع الجرم انتهاكاً للفقرتين 6 و7 م ن المادة 14 والمادة 15 من العهد، تلاحظ اللجنة أن مواد العهد هذه تتعلق بأفعال إجرامية، في حين لم توقع في حالة صاحب البلاغ سوى تدابير تأديبية، وأن المواد المعروضة أمام اللجنة لا تبين أن توقيع هذه التدابير كان يتعلق "باتهام إجرامي" أو "فعل إجرامي" بالمعنى الو ارد في المادتين 14 و15 من العهد. ومن هنا فإن هذا الجزء من الدعوى يخرج عن نطاق العهد وغير مقبول بحكم طبيعة الموضوع بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وفيما يتعلق بأنه وفقاً لقرار مجلس الاستئناف المركزي فإن القانون المحلي للدولة الطرف لا يعطي صاحب البلاغ، باعتباره شخصاً بلغ الخامسة والخمسين من عمره، الحق في رفض تكليفه بعمل جديد تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يؤيد زعمه العكس بأي مواد أو حجج ذات صلة. وبالتالي ترى اللجنة أن الادعاء بمقتضى المادة 26 مع الفقرة 2 من المادة 5 ليس مؤيداً لأغراض المقبولية، ومن ثم فإنه غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وفيما يتعلق بدعوى صاحب البلاغ بشأن حرية التعبير ترى اللجنة أن العقوبات التأديبية أو غيرها ضد موظف بلدية لكتابته تقريراً انتقادياً لصاحب عمله، حين يعتبر الأخير لغته تشهيراً يمكن أن يثير مسائ ل بمقتضى المادة 19 من العهد. ولكن لما كانت كل العقوبات التأديبية التي وقعت نتيجة كتابة صاحب البلاغ للتقرير قد ألغتها فيما بعد محاكم الدولة الطرف فإن اللجنة ترى أنه لم تعد لدى صاحب البلاغ مطالبة متبقية بمقتضى المادة 19، وبالتالي فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بمقتضى المادة 7 من العهد أنه تعرض لمعاملة غير إنسانية إثر قرار مجلس الاستئناف المركزي بشأن القيود الصحية. وعدم تنفيذ صاحب العمل لقرارات مجلس الاستئناف المركزي لصالحه ترى اللج نة أن صاحب البلاغ لم يثبت لأغراض المقبولية كيف يمكن لهذه المعاملة أن تثير مسألة بمقتضى المادة 7.

7-7 وعلى ضوء النتائج السابقة لا تحتاج اللجنة إلى تناول حجج الدولة الطرف الإضافية من قبول البلاغ.

8- بناء عليه تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ بهذا القرار، وكذلك الدولة الطرف لعلمها.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير.]

ا لحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختيار النفاذ في هولندا بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1978.

(2) محكمة للخدمة المدنية.

(3) أعلنت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم قبول الدعوى في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

شين - البلاغ رقم 1004/2001، إستيفيل ضد إسبانيا *

(قر ار اتخذ في 25 آذار/مارس 2003 في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : السيد لويس باسكوال إستيفيل (يمثله السيد خافير باسكوال فرانكيسا)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 12 آذار/مارس 2001

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ، هو يد لويس باسكوال إستيفيل ، وهو إسباني الجنسية ويعلن في بلاغه المؤرخ 12 آذار/مارس 20 01 أنه ضحية لإخلال إسبانيا بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 حكمت المحكمة العليا في 4 تموز/يوليه 1996 بوقف السيد باسكوال إستيفيل، أحد أعضاء مجلس القضاء الأعلى، عن أداء مها مه القضائية لمدة ستة أعوام لتعدد الجرائم المرتكبة بتوجيه تهمة عدم النزاهة وتهمتي الاعتقال غير المشروع.

2-2 و رفع صاحب البلاغ دعوى لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) أمام المحكمة الدستورية مدعياً انتهاك حقه في الحماية القانونية الفعلية والاعتداء على حقه في محا كمة مشروعة حيث أن الحكم الصادر عن المحكمة العليا التي قامت مقام محكمة ابتدائية حرمه من سبل الانتصاف الأخرى. ورفضت الدعوى في 17 آذار/مارس 1997.

2-3 وأخيراً، رفع صاحب البلاغ الدعوى إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان مدعياً (أ) خرق المادة 13 من الاتفاقية الأو روبية لحقوق الإنسان من جهة (ب) وخرق الفقرة 1 من المادة 2 من البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية والمادتين 14 و15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من جهة أخرى. وبناء على قرار مؤرخ 6 تموز/يوليه 1998، رأت اللجنة أن "لا أساس للدعوى من الصحة بصورة واضحة" وأنها بالتالي غير مقبولة (1) .

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ حدوث إخلال بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدولي على أساس أن الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا لا يجوز الطعن فيها، علماً بأن من القواعد المتبعة أن تختص هيئة قضائية واحدة في الدعاوى الجنائية ا لمرفوعة ضد القضاة مما يعني أن الشخص المدان كشأن صاحب البلاغ في هذه الحالة يحرم من أي سبيل للطعن.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ

4-1 تشير الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001 إلى رفع عدد من الدعاوى الجنائية ضد السيد ل ويس باسكوال إستيفيل منذ عام 1994 بسبب سلوكه كقاض.

4-2 وتعترض الدولة الطرف على جواز النظر في البلاغ استناداً إلى ما أبدته من تحفظ على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد عندما أودعت وثيقة التصديق على البروتوكول، مبينة أن هذا التحفظ يمنع النظر في مسألة سبق لهيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية النظر فيها. وترى أن هذا التحفظ ينطبق على القضية الراهنة لأن صاحب البلاغ رفع المسألة ذاتها أمام اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. ونظرت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في شكوى صاحب البلاغ الذي ادعى أنه لم يتمكن من الانتفاع بسبل الطعن في الحكم الصادر عليه وخلصت في قرارها الصادر بشأن عدم جواز النظر في البلاغ إلى أنه أتيحت لصاحب البلاغ فرصة فعلية للطعن باللجوء إلى محكمة وطنية إذ رفع دعوى لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) أمام المحكمة الد ستورية.

4-3 وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أنه لا يجوز النظر في البلاغ لأنه يعد استخداماً تعسفياً للحق بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري حيث أن صاحب البلاغ، الذي يرى أنه يتمتع دون شك بمؤهلات فوق العادة بحكم نشأته القانونية ومنصبه كقاض سابق، اختار "ا لوقت الذي يناسبه" وقدم البلاغ بعد صدور الحكم النهائي عن المحاكم الإسبانية ب‍ 48 شهراً وبعد صدور قرار اللجنة الأوروبية ب‍ 32 شهراً.

4-4 وتضيف الدولة الطرف قائلة إن صاحب البلاغ هو الذي أصر على أن تحاكمه المحكمة العليا التي رأى أنها الهيئة القضائية المختصة بص فته عضواً في مجلس القضاء الأعلى. ولذا، قدم صاحب البلاغ التماساً إلى محكمة كاتالونيا العليا في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 لإحالة الدعاوى الجنائية المرفوعة ضده إلى الغرفة الثانية التابعة للمحكمة العليا. وإذ رفض هذا الالتماس، قدم صاحب البلاغ طلباً بإعادة النظ ر رفضته محكمة العدل العليا. وأخيراً، قدم طلباً إلى المحكمة العليا في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 ملتمساً منها تولي سلطة التحقيق في قضيته ومحاكمته. وكان رد المحكمة العليا أن أعلنت أنها الهيئة المختصة "بناء على طلبه". وبإيجاز، تذهب الدولة الطرف إلى أنه لا يم كن لصاحب البلاغ أن يرجع عن قراره ويشتكي إلى اللجنة من محاكمته من جانب المحكمة العليا فقط علماً بأنه بذل وقتذاك قصارى جهده لكي لا يحاكم إلا عن طريق هذه المحكمة دون أن يعترض على ذلك خلال الإجراءات بعد أن بلغ غايته.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطر ف بشأن جواز النظر في البلاغ

5-1 يرد صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 11 كانون الثاني/يناير 2002 على ملاحظات الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ ويشير إلى أن المعلومات التي أتاحتها الدولة الطرف عن الدعاوى الجنائية المرفوعة ضده ليست لها أي صلة بالأسباب الت ي استندت إليها لتأييد عدم جواز النظر في البلاغ .

5-2 وفيما يتعلق بتحفظ الدولة الطرف، يقول صاحب البلاغ إنه لا مانع هناك من تقديم بلاغ إلى اللجنة حتى إذا سبق تقديمه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شريطة ألا تكون المحكمة قد نظرت في الأسباب الجوهرية كما هو الشأن في هذه القضية. ويدعي أن مجموعة السوابق القضائية الخاصة باللجنة ليست قابلة للجدال إذ تعتبر اللجنة أنه لم ينظر في مسألة إذا رفض النظر في بلاغ قدم إلى هيئة دولية أخرى دون أن تنظر هذه الهيئة في الأسباب الجوهرية، مشيراً على سبيل المثال إلى آراء اللجنة في قضية السيد كازانوفا ضد فرنسا (2) . ويدعي أيضاً أن القرار بعدم جواز النظر في البلاغ استند في حالته إلى الفقرة 2 من المادة 27 من الاتفاقية الأوروبية التي تنص على ما يلي: "ترفض اللجنة النظر في أي شكوى تقدم إليها طبقاً للمادة 25 إذا ثبت أنها تخالف أحكام الاتفاقي ة الحالية، ولا تستند بياناتها إلى أساس، أو تنطوي على تعسف في استخدام حق الشكوى" مما لا يفسح مجالاً للشك في أنه لم ينظر في الأسباب الجوهرية. وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أنه أُعلن أيضاً رفض الدعوى التي رفعها إلى المحكمة الدستورية لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبار و) بحيث أنه لم ينظر في الأسباب الجوهرية التي تنطوي عليها الدعوى ولم يعد النظر في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية.

5-3 وفيما يتصل بعدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري، يوضح صاحب البلاغ أنه ينبغي تفسير هذه المادة تفسيراً أكثر ح صراً من تفسير الدولة الطرف. ويؤكد أيضاً أن مطالبة فرد ما بالتقيد بمواعيد محددة في ضوء ظروفه الشخصية والمهنية مثلما هو الحال عليه في هذه القضية تعتبر انتهاكاً لمبدأ المشروعية والمساواة نظراً إلى أن البروتوكول الاختياري لا يحدد أي مواعيد لتقديم شكوى إلى اللج نة.

5-4 وأخيراً، يحيط صاحب البلاغ اللجنة علماً بأن المتهم في إسبانيا لا يختار المحاكم بل إن القانون هو الذي يحدد اختصاصات هذه المحاكم مسبقاً (3) .

مداولات اللجنة بشأن جواز النظر في البلاغ

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل النظر في أي شكوى واردة في بلاغ أن تقرر ما إذا يجوز أو لا يجوز النظر فيه بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد تمشياً مع المادة 87 من نظامها الداخلي.

6-2 وترتبط شكوى صاحب البلاغ بأحكام الفقرة 5 من المادة 14 من العهد التي تنص على أن لكل شخص أدين بجريمة الحق في اللجوء إلى محكمة أع لى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. وتلاحظ اللجنة أنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يمارس حق النقض بموجب النظام القانوني في الدولة الطرف لو أن محكمة كاتالونيا العليا تولت محاكمته على أن صاحب البلاغ هو الذي أصر مراراً وتكراراً على أن تحاكمه المحكمة العليا مباشرة. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ كان قاضياً يتمتع بخبرة عريقة، ترى اللجنة أنه تنازل عن حق النقض بإصراره على ألا يحاكم إلا من جانب المحكمة العليا. وترتئي اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ يمثل في هذه الحالة استخداماً تعسفياً لحق تقديم البلا غات عملاً بأحكام المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-3 ونتيجة لذلك، لا ترى اللجنة ضرورة بحث ما إذا كان تقديم المسألة ذاتها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يحول دون النظر في هذه المسألة بناء على تحفظ الدولة الطرف فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من ا لبروتوكول الاختياري.

7- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) عدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتمدت بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، والنص الإسباني هو ال نص الأصلي. وستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) القرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (97/38224) في 6 تموز/يوليه 1998 وينص على أنه لا يجوز لصاحب البلاغ الاستناد إلى البروتوكول رقم 7 الملحق بالاتفاقية ا لأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية نظراً إلى أن إسبانيا لم تصدق على هذا البروتوكول.

(2) البلاغ رقم 441/1990، كازانوفا ضد فرنسا . وقد اعتمدت الآراء في 19 تموز/يوليه 1994.

(3) تنص الفقرة 1 من المادة 57 من قانون تنظيم السلطة القضائية المؤرخ 6 تمو ز/يوليه 1985على ما يلي: "تكون الغرفة الجنائية التابعة للمحكمة العليا مختصة ب‍ (2) التحقيق والمحاكمة في إطار دعاوى مرفوعة ضد رئيس الحكومة ورئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ ورؤساء المحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية وأعضاء الحكومة والنواب وأع ضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس القضاء الأعلى (...)".

تاء - البلاغ رقم 1013/2002، بوبولي ضد إسبانيا *

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : جاك بوبولي

الشخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقدي م البلاغ : 19 آب/أغسطس 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تموز/يوليه 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- إن صاحب البلاغ المؤرخ 19 آب/أغسطس 1997 هو جاك بوبولي، وهو مواطن بلجيكي يقيم في مدينة ثاراغوثا بإسبانيا. ويزعم صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الدولة الإسبانية لأحكام المادتين 14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1) . وهو ليس ممثلاً بمحامٍ. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، بالنسبة لإسبانيا، في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قام صاحب البلاغ، نتيجة لمنازعات ناشئة عن الإخلال بعقود أبرمها مع شركات نقل مختلفة، برفع دعوى أمام مجلس التحكيم في قضايا النقل في مدينة ثاراغوثا. وأص در هذا المجلس في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1993 قراراً تحكيمياً (القرار رقم 59/93) جاء متعارضاً مع مصالح صاحب البلاغ. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، أصدر المجلس نفسه ثلاثة قرارات أعلن فيها عدم اختصاصه بتسوية بعض المنازعات التي تضمنتها دعوى صاحب البلاغ.

2-2 وق دم صاحب البلاغ استئنافاً ضد القرار التحكيمي رقم 59/93. وفي 27 أيار/مايو 1994، رفضت الدائرة الخامسة التابعة للمحكمة الكلية في محافظة ثاراغوثا استئناف صاحب البلاغ وأبلغته برفضها هذا بتاريخ 1 حزيران/يونيه 1994. وأرسل صاحب البلاغ، بواسطة البريد، طلباً لإنفاذ ا لحقوق الدستورية أمبارو يطعن من خلاله في هذا الحكم، وقد سُجل هذا الطلب تحت الرقم 2261/94. وفي 30 كانون الثاني/يناير 1995، أعلنت الغرفة الثانية التابعة للمحكمة الدستورية أن الطلب غير مقبول لأنه قُدم متأخراً، معتبرة أنه قد أتيحت لصاحب البلاغ مهلة 20 يوماً، اع تباراً من اليوم التالي لتاريخ إبلاغه بقرار المحكمة الكلية لمحافظة ثاراغوثا، لكي يقدم طلب أمبارو وأن هذه المهلة قد انقضت.

2-3 ويقول صاحب البلاغ إن تاريخ تسليم الطلب إلى حاجب المحكمة، على النحو المبين في إيصال استلام البريد، هو يوم الجمعة الموافق 24 حزيران/ي ونيه 1994، وهو آخر يوم من أيام المهلة المحددة لتقديم الطلب. إلا أن الطلب وصل إلى المحكمة الدستورية يوم الاثنين الموافق 27 حزيران/يونيه (2) حسبما يتبين من ختم التسجيل لدى المحكمة.

2-4 وفيما يتعلق بالقرارات الثلاثة التي صدرت عن مجلس التحكيم في قضايا النقل في مدينة ثاراغوثا بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، قدم صاحب البلاغ أيضاً استئنافاً لدى المحكمة الابتدائية رقم 1 بمدينة ثاراغوثا التي رفضت الاستئناف في حكم صدر في 2 حزيران/يونيه 1994. ولذلك فقد قدم صاحب البلاغ استئنافاً لدى الدائرة الثانية التابعة للمحكمة ا لكلية في محافظة ثاراغوثا التي رفضت هذا الاستئناف أيضاً في 23 كانون الثاني/يناير 1995. وقد أُبلغت الوكيلة القضائية، في هذه الدعوى، بهذا القرار بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 1995.

2-5 ويفيد صاحب البلاغ بأنه لم يبلَّغ بهذا القرار لا من قبل الوكيلة القضائية ولا من قبل المحامية المنتدبة لتوفير المساعدة القانونية لـه. وهو يقول إنه قد حاول في عدد من المناسبات أن يتصل بمحاميته دون أن يفلح في ذلك، وإنه لم يعلم إلا في 28 شباط/فبراير 1996 أنها لم تعد تعمل في نفس المكتب وأن حكماً قد صدر ضده قبل ذلك ببعض الوقت. وقد طلب م ن المحكمة الكلية للمحافظة نسخة من حكمها، وتلقى هذه النسخة بالبريد بتاريخ 7 أيار/مايو 1996.

2-6 وفي 29 أيار/مايو 1996، قدم صاحب البلاغ طلباً آخر لإنفاذ الحقوق الدستورية أمبارو (سُجل تحت الرقم 2214/96) لدى الغرفة الثانية للمحكمة الدستورية التي رفضت هذا الطلب في 30 أيلول/سبتمبر 1996 لأن تقديم الطلب جاء متأخراً.

2-7 وقدم صاحب البلاغ شكوى إلى مجلس إدارة رابطة الوكلاء القضائيين وإلى الرابطة الملكية للمحامين ضد الوكيلة ماريا دولوريس سانث تشاندرو والمحامية ماريا بيلار إسبانيول بارداخي. وقد قررت الرابطة الأولى بتاري خ 22 أيار/مايو 1996 أن الوكيلة القضائية قد تصرفت تصرفاً سليماً من وجهة نظر الأخلاق المهنية وأوصت بحفظ ملف الدعوى. وقررت الرابطة الثانية بتاريخ 18 نيسان/أبريل 1996 وقف النظر في الشكوى وحفظ القضية.

2-8 وقدم صاحب البلاغ طعناً لدى المجلس العام للوكلاء القضائيي ن الذي قرر بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر 1996 أن تصرف الوكيلة كان سليماً ومتوافقاً مع القانون.

2-9 كما طلب صاحب البلاغ اتخاذ إجراءات من قبل أمين المظالم الذي أبلغه بتاريخ 15 تموز/يوليه 1996 بأن العلاقات بينه وبين محاميته ووكيلته تتسم بطابع قانوني خاص وبالتال ي فإنه ليس من اختصاص مكتب أمين المظالم أن يتدخل فيها.

2-10 وفيما يتعلق بقرار المجلس العام للوكلاء القضائيين، قدم صاحب البلاغ بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 1997 طلب انتصاف إداري لدى الدائرة التاسعة للغرفة الإدارية التابعة لمحكمة العدل العليا في مدريد التي لم تبت بعد في هذا الطلب.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقه في الاستفادة من سبيل انتصاف قانوني فعال على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد بحجة أن رفض طلب الأمبارو المسجل تحت الرقم 2261/94 ضد قرار الدائرة الخامسة للمحكمة الكلية ف ي ثاراغوثا كان نتيجة لوصول طلبه إلى المحكمة الدستورية بعد ثلاثة أيام من إرساله بالبريد وبالتالي فقد تم تسجيل الطلب بعد انقضاء المهلة المحددة.

3-2 كما يدَّعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقه في المساواة أمام القانون على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد بحجة أن الوقائع السالفة الذكر تثبت وجود تمييز إقليمي لأنه يتعين على الأفراد العاديين الذين لا يعيشون في مدريد أن يذهبوا إليها ليقدموا طلباتهم شخصياً، حيث إن هذه هي الطريقة الوحيدة للتأكد من أن هذه الطلبات ستخضع للإجراءات القانونية قبل انقضاء المهلة المحددة .

3-3 وبالإضافة إلى ذلك، يزعم صاحب البلاغ أن الوكيلة القضائية التي فرضتها محكمة العدل العليا في آراغون لم تؤد التزاماتها لأنها لم تبلغه بالقرار الصادر عن الدائرة الثانية للمحكمة الكلية في محافظة ثاراغوثا، مما أدى إلى رفض المحكمة الدستورية لطلب الأمبارو الذ ي تقدم به والذي سجل تحت الرقم 2214/96 وذلك بسبب التأخر في تقديمه. ويرى صاحب البلاغ أن هذا لم يكن خطأه وبالتالي فإنه يشكل انتهاكاً لحقه في الاستفادة من سبيل انتصاف قضائي فعال على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية ال بلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تقول الدولة الطرف، في تعليقاتها المؤرخة 25 تشرين الأول/أكتوبر 2001 بشأن مقبولية البلاغ، إن رفض طلب الأمبارو رقم 2261/94 بسبب التأخر في تقديمه متوافق مع القانون لأن الطلب قُدم بعد انقضاء مهلة ال‍ 20 يوماً المحددة لتقديم طلبات الأمبا رو وبالتالي فإن البلاغ يعتبر غير مقبول.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن معيار اليقين القانوني الإجرائي هو الذي يحدد، وفقاً للفقرة 1 من المادة 238 (3) من قانون تنظيم السلطة القضائية، أن تاريخ استلام المستندات من قبل أمانات المحاكم هو التاريخ الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار. كما تزعم الدولة الطرف بأن السيد بوبولي لم يقدم أدلة تثبت أنه قد أرسل الطلب بتاريخ 21 حزيران/يونيه 1994 أو أن المحكمة الدستورية قد تسلمته بتاريخ 24 حزيران/يونيه 1994. وتقول الدولة الطرف إن الشيء الوحيد المبيَّن في الملف هو أن المحكمة قد تسلَّم ت الطلب بتاريخ 27 حزيران/يونيه 1994.

4-3 كما تطلب الدولة الطرف اعتبار شكوى صاحب البلاغ غير مقبولة بسبـب رفض طلب الأمبارو رقم 2218/96 نظراً للتأخر في تقديمه، معتبرة أن هذا الرفض قد جاء متوافقاً مع الفقرة 2 من المادة 43 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية رقم 2 /1979. وتؤكد الدولة الطرف أن قرار المحكمة المشار إليه في الطلب قد أرسل إلى السيدة سانث تشايزو، الممثلة القانونية للسيد بوبولي، بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 1995 وأن طلب الأمبارو لم يقدم إلا في 27 أيار/مايو 1996، أي بعد سنة و4 أشهر، في حين أن المهلة المحددة لتقديم طلب الأمبارو هي 20 يوماً.

4-4 وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأنه، وفقاً للمادة 6 من قانون الإجراءات المدنية، "ينظر الوكيل القضائي ويوقع الإخطارات بكافة أنواعها، بما فيها قرارات المحاكم، التي يجب أن توجه إلى الطرف المعني خلال إجراءات الدعوى على أن تكون لهذه الخطوات نفس الصلاحية القانونية كما لو كان الطرف الأصلي قد أتخذها بنفسه".

4-5 وتزعم الدولة الطرف بأن الممثلة القانونية للسيد بوبولي قد أُبلغت على النحو الواجب بقرار المحكمة قيد البحث وأنها، حال إبلاغها بهذا القرار، أرسلته إلى صاحب البلاغ ومحاميته وإن إ دارة البريد لم تُعد أي رسالة من هاتين الرسالتين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السيد بوبولي قد اعترف صراحة بأن الرسالة التي أرسلت إلى المحامية قد وصلتها.

4-6 وتقول الدولة الطرف أيضاً إن من الممارسات المستقرة للمحكمة الدستورية وكذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن يعتبر الإخطار الصحيح لأغراض حساب المهلة الزمنية المحددة لتقديم طلب الأمبارو هو الإخطار الموجه إلى الوكيل القضائي، أي الممثل القانوني لصاحب البلاغ.

4-7 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، إذ إنه ليس هناك ما يدل على أنه قد أ قام أية دعوى من أي نوع يحمّل فيها الوكيلة القضائية أية مسؤولية، وأنه وفقاً للمادة 442 من قانون تنظيم السلطة القضائية (4) ، "يجوز أن يتحمل الوكلاء القضائيون، في ممارستهم لوظائفهم، مسؤولية مدنيةً أو جنائية أو تأديبيةً، حسب مقتضى الحال".

4-8 وتشدد الدولة الطرف، في تعليقاتها المؤرخة 12 آذار/مارس 2002 بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، على أن رفض طلب الأمبارو رقم 2261/94 كان صحيحاً لأن هذا الطلب قُدّم متأخراً ولأن صاحب البلاغ يناقض نفسه بنفسه إذ يقول في بلاغه إنه قد أرسل الطلب بواسطة البريد المسجل بتاريخ 21 حزيران/يونيه 1994، ذلك لأن التاريخ المدون في نهاية الطب هو 22 حزيران/يونيه 1994.

4-9 وفيما يتعلق بالإيصال البريدي للمرسل وبإقرار الاستلام الذي قدمه صاحب البلاغ، تقول الدولة الطرف إن الصورة المستنسخة غير مقروءة، بالإضافة إلى اختلاف الكتابة ونوع القلم المستخدم في تدوين التاريخ واسم الجهة المرسل إليها والتوقيع ورقم بطاقة الهوية الوطنية. كما أنه ليس هناك أي ختم بريدي، في حين أن الأختام والكتابة الواردة في سجل المحكمة الدستورية واضحة تماماً.

4-10 وفيما يتعلق بطلب الأمبارو رقم 2214/96، تؤكد الدولة الطرف أن الوكيلة القضائية ق د أُبلغت بقرار المحكمة وأنها قد أرسلته إلى صاحب البلاغ، كما تؤكد أنه لم يتم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 يزعم صاحب البلاغ، في رسالته المؤرخة 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، أن طلب الأمبارو الذي قدمه قد وصل إلى المحكمة الدستورية قبل انقضاء المهلة المحددة، وحجته في ذلك أن أيام العطلات ينبغي ألا تحسب. ويقدم صاحب البلاغ نسخاً من إيصال البريد وإقرار الاستلام اللذين أتاحتهما لـه إدارة البريد الإسبانية واللذين يبينان أنه قد أرسل وثي قة بتاريخ 23 حزيران/يونيه 1994 وأن موظفي المحكمة قد تسلموها في اليوم التالي.

5-2 ويزعم صاحب البلاغ أن معيار "اليقين القانوني" الذي أشارت إليه الدولة الطرف لا يوفر الحماية للأشخاص الذين يرغبون في تقديم طلب أمبارو إلى المحكمة الدستورية والذين يقيمون في أنحاء من الإقليم الوطني بعيدة عن مدريد.

5-3 ويقول صاحب البلاغ إن المحكمة الدستورية، بعدم قبولها لطلب الأمبارو الذي قدمه، قد سببت لـه ضرراً بالغاً، خاصة وأنها قد وقفت إلى جانب المشتكي في قضية مماثلة للقضية التي يتناولها طلبه.

5-4 وفيما يتعلق برفض طلب الأمبارو رق م 2214/96، يقول صاحب البلاغ إن إدارة البريد لم تُعد الإخطار بقرار المحكمة لأن هذا الإخطار لم يرسل قط، كما أنه ليس هناك أي دليل يثبت صحة أصول النسخ التي يزعم أن الوكيلة القضائية قد استخدمتها لتأكيد إرسال الإخطار، حيث إن صياغة هذه الأصول يمكن أن تكون قد تمت في أي وقت.

5-5 ويشير صاحب البلاغ، في رسالته المؤرخة 25 أيار/مايو 2002، إلى تعليقات الدولة الطرف فيما يتصل بالأسس الموضوعية للبلاغ حيث تعتبر أن التاريخ الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار لأغراض حساب المهلة المحددة لتقديم طلب الأمبارو يجب أن يكون تاريخ استلام المح كمة الدستورية للطلب وليس تاريخ إرسال الطلب، رغم أن هذا يُعتبر في رأيه، قراراً جائراً.

5-6 وفيما يتعلق بما قالته الدولة الطرف من أن ختم المحكمة لا يظهر على الإيصال البريدي للمرسل وعلى إقرار استلام البريد، يزعم صاحب البلاغ أن أختام المحكمة الدستورية لا تظهر قط على إقرارات الاستلام، وهو يقدم كدليل على ذلك عدة إقرارات تتعلق بقضايا غير قضيته. وفيما يتصل بالملاحظة التي أبدتها الدولة الطرف بشأن اختلاف نوع الكتابة والأقلام المستخدمة في تحرير تلك المستندات، يقول صاحب البلاغ إن هذا أمر عادي لأن خانتي تدوين البيانات م خصصتان لشخصين مختلفين هما الجهة المرسل إليها وموظف البريد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست محل نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بزعم صاحب البلاغ بأن رفض المحكمة الدستورية لطلب الأمبارو رقم 2261/94 لم يكن قراراً سليماً، تلاحظ اللجنة أن المادة 135 من قانون الإجراءات المدنية (5) تنص على أن الجهة التي ينبغي أن تقدم إليها المستندات هي أمانة المحكمة التي يجب أن تص در إيصالاً تبين فيه تاريخ ووقت تقديم المستندات بحيث يمكن اتخاذهما كدليل إثبات، إذا كانت هناك مهلة زمنية محددة كما هو الحال في هذه القضية. إلا أنه حتى في الحالات التي يسمح فيها هذا الحكم باستخدام وسائل إرسال المستندات واستلامها بصورة عادية، بما في ذلك المست ندات المرسلة بواسطة البريد، فإنه ينص أيضاً على أن هذا يجب أن يتم بطريقة "تكفل صحة الرسالة ووجود أدلة موثوقة تثبت إرسال واستلام المستندات بالكامل وتبين تاريخ إرسالها واستلامها" (6) ومن ثم فإنه يبدو، استناداً إلى المعلومات المتاحة للجنة، أن التاريخ الوحيد الذ ي يدل على استلام طلب الأمبارو هو تاريخ التسجيل العام لدى المحكمة الدستورية في 27 حزيران/يونيه 1994. وبالنظر إلى عدم كفاية الأدلة التي تثبت أن الشكوى تستحق القبول، فإن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتع لق بالانتهاك المزعوم للحق في المساواة أمام القانون، على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد، تلاحظ اللجنة أن الشكوى لا تتعلق بحالة واحدة بعينها بل بالإجراءات المدنية في إسبانيا أو، بعبارة أخرى، بالنظام القانوني بصورة عامة. ولذلك فإن اللجنة تعتبر أن صا حب البلاغ لم يثبت، لأغراض قبول البلاغ، صحة زعمه فيما يتصل بحدوث انتهاك للمادة 26 من العهد، حسبما تقتضيه المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للحق في الاستفادة من سبيل انتصاف قضائي فعال، نتيجة للإخلال المزعوم للوكيلة القضائية ومحامية صاحب البلاغ بالتزاماتهما، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم شكوى إدارية لدى محكمة العدل العليا طعن من خلالها في موافقة المجلس العام للوكلاء القضائيين على تصرف الوكيلة القضائية في قضيته. إلا أن الملف لم يبين ما إذا كان قد تم البت في هذه الشكوى. وبالنظ ر إلى أن الشكوى لا تزال قيد النظر وبالتالي فإنها لا تستوفي اشتراطات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فإن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول.

7- ولذلك فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تقرر:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) إن صاحب البلاغ، غير الممثل بمحامٍ، لا يقيم دعواه بالاستناد إلى هذه الم واد؛ وقد قُدّم المرجع بمبادرة من الأمانة.

(2) بمقتضى التفسير العكسي للمادة 182 من قانون تنظيم السلطة القضائية والمادة 130 من قانون الإجراءات المدنية، يجب أن يعتبر يوم السبت يوم عمل. أما "الأيام التي ليست أيام عمل فهي أيام الأحد والعطلات والأعياد الوطنية و غيرها من الأعياد التي يحتفل بها في كل من المجتمعات أو المراكز المستقلة ذاتياً".

(3) إن نص المادة 238 من قانون تنظيم السلطة القضائية يتعلق بحالات "بطلان صلاحية الإجراءات القضائية" وليس لـه صلة بما تشير إليه الدولة الطرف: "تكون الإجراءات القضائية باطلة في ا لحالات التالية: (1) عندما تتخذ بدون أن يكون لها هدف واضح أو دون وجود اختصاص وظيفي؛ (2) عندما تنطوي على العنف أو تنفذ في ظل وجود خطر معقود مثبت بإلحاق ضرر جسيم ووشيك؛ (3) عندما يتم تجاهل قواعد الإجراءات الأساسية المحددة بموجب القانون تجاهلاً كاملاً وتاماً أ و عندما تنتهك المبادئ المتعلقة بالمحاكمة المنصفة وتقديم المساعدة وتوفير سبل الدفاع، شريطة أن يكون قد حدث فعلاً انتهاك لحق الدفاع".

(4) قانون التنظيم رقم 6/1985 المؤرخ 1 تموز/يوليه 1985.

(5) المادة 135: "تقديم المستندات لأغراض تحديد المهلة الزمنية بالنسبة للقرارات الإجرائية: (1) عندما يكون تقديم المستند خاضعاً لمهلة زمنية، جاز تقديمه في غضون 15 يوماً من يوم العمل التالي ليوم انقضاء المهلة الزمنية، على أن يقدم إلى أمانة المحكمة أو، حسب مقتضى الحال، إلى مكتب التسجيل المركزي، إذا كان قد تم إنشاء مثل هذا المكت ب؛ (2) في الدعاوى المعروضة على المحاكم المدنية، لا يسمح بتقديم المستندات إلى المحكمة الجزئية المكلفة بالنظر في الدعوى؛ (3) يجب على أمناء المحاكم أو الموظفين الذين يعينونهم اتخاذ خطوات لتأكيد تاريخ ووقت تقديم الطلبات والمستندات ومباشرة الإجراءات وأية وثائق أخرى تخضع لمهلة زمنية محددة؛ (4) وفي كل الأحوال، يحصل الطرف المعني على إيصال يثبت تسلم أية مستندات يقدمها، مع بيان تاريخ ووقت تقديمها. كما يمكن تسجيل إيصالات استلام الصور المستنسخة عن أصول المستندات المقدمة من قبل أي طرف".

(6) المادة 135: "5- عندما تتوفر للمحاكم والأطراف في الدعاوى الوسائل التقنية لإرسال واستلام المستندات بطريقة تكفل صحة الرسائل، وفي حالة توفر أدلة موثوقة تثبت إرسال واستلام المستندات بالكامل وتبين تاريخ إرسالها واستلامها، يمكن إرسال المستندات بمثل هذه الوسائل".

ثاء - البلاغ رقم 1021/2001، هيرو بالاني ضد إسبانيا *

(قرار اتخذ في 25 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : ريتا هيرو بالاني (يمثلها المحامي خوان كارلُس لارا غاراي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 23 تشرين الأول/أكت وبر 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحبة البلاغ المؤرخ 23 تشرين الأول/أكتوبر 1998 هي ريتا هيرو بالاني، التي كانت أثناء وقوع الأحداث موضع البحث من رعايا الهند، وحصلت بعد ذلك على الجنسية الإسبانية. وهي تدعي أنها ضحية لانتهاك إسبانيا أحكام المادتين 14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد أوكلت محامياً لتمثيلها. وقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ لدى إسبانيا في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 قدمت شركة اوريَنت المحدودة للساعات (Orient Watch Co. Ltd.) اليابانية دعوى في عام 1985 أمام محكمة مدريد الابتدائية رقم 8 ضـد العلام ة التجارية الإسبانية أوريَنت ه‍ . و. بالاني مالَغا (Orient H. W. Balani M á laga) تدعي فيها أنه، بموجب اتفاقية باريس لحماية الملكية الفكرية، فإن تسجيل إسمها التجاري في اليابان في عام 1951 قد منحها ملكية هذا الاسم في جميع الدول الأطراف في الاتفاقية - بما فيها إسبانيا - وحماها من تسجيل أية علامة تجارية مماثلة أو شبيهة بعد ذلك. واعترضت السيدة هيرو بالاني على الدعوى التي قدمتها الشركة اليابانية، حيث ادعت السيدة هيرو أن فترة الثلاث سنوات المتاحة لتقديم هذه الدعاوى قد انقضت، وأن الأثر القانوني لذلك كان "إرساء العلا مة التجـارية التي قامت هي بتسجيلها، في حين أن الاسم التجاري Orient Watch Co. Ltd. ليس حقيقياً، حيـث كانت توجـد أصلاً علامة تجارية هي Creaciones Oriente، التي كانت قد سُجلت عام 1934 ونُقلت إلى الشركة اليابانيـة عام 1984.

2-2 وفي 9 أيار/مايو 1988، أصدرت محكم ة الاستئناف في مدريد قراراً قبلت فيه "الإرساء" الذي ادعته صاحبة البلاغ. أما المحكمة العليا، فقد أصدرت في 30 نيسان/أبريل 1990 قراراً مناقضاً لذلك، حيث أكدت عدم "إرساء" العلامة التجارية، نظراً لأن تسجيلها كان باطلاً.

2-3 وقامت صاحبة البلاغ باستئناف هذا القرا ر طالبةً الانتصاف لها منه. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1990، رفضت المحكمة الدستورية هذا الطلب.

2-4 وقدمت صاحبة البلاغ بعد ذلك طلب استئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي خلصت في 9 كانون الأول/ديسمبر 1974 إلى أن إسبانيا قد أخلَّت بالفقرة 1 من الماد ة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تقابل المادة 13 من العهد، نظراً لعدم تطبيق الضمانات القائمة أثناء الإجراءات المدنية بإلغاء العلامة التجارية المسجلة من قبل صاحبة البلاغ. وطلبت صاحبة البلاغ نقض القرار الذي أصدرته المحكمة العليا بحقها. وفي 23 ن يسان/أبريل 1977، أصدرت المحكمة الدستورية حكماً رفضت فيه هذا الطلب، مجادِلةً بأن صاحبة البلاغ، بتقديمها طلب استئناف تدعي فيه بأن قرار المحكمة العليا باطل، قد استخدمت وسيلة غير مناسبة، إذ كان ينبغي لها تقديم طلب استئناف على أساس إنفاد حقوقها الدستورية في غضو ن 20 يوماً من إشعار المحكمة العليا لها، وأن القرارات غير المؤاتية الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليس لها في النظام القانوني الإسباني سوى وزن تفسيري في الدعاوى المدنية. والاستثناء الوحيد من ذلك هو إذا ما خلصت المحكمة الأوروبية إلى أن حقوقاً أساس ية قد انتهكت "في الميدان الجنائي" .

2-5 وتشير صاحبة البلاغ، كسابقة في هذا الصدد، إلى قضية باربيراء ومِسِّغيه وخاباردو ، التي أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأنها حكماً (1) يقضي بأن إسبانيا قد أخلت بالفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإ نسان أثناء محاكمة هؤلاء الأفراد الثلاثة المتهمين بارتكاب فعل إرهابي. وأصدرت المحكمة الدستورية في 16 كانون الأول/ديسمبر 1991 قراراً ألغت فيه حكم المحكمة العليا وأمرت باستئناف إجراءات هذه القضية عند النقطة التي أُخل فيها بالحق في الحماية القانونية.

الشكوى

3- 1 تدعي صاحبة البلاغ بالإخلال بأحكام المادة 14 من العهد، التي تنص على أن الناس جميعاً سواء أمام القضاء. وتجادل صاحبة البلاغ بأن المحكمة الدستورية تنسب قوة قانونية مختلفة للحكمين الصادرين عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حيث إنها رفضت أن تأمر بإصدار قرار جديد في قضيتها، ولكن ليس في قضية باربيراء ومِسِّغيه وخاباردو ، التي كانت المحكمة الأوروبية قد فصلت بشأنها.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ كذلك بانتهاك أحكام المادة 26 من العهد، التي تقضي بأن الناس جميعاً سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع ب حمايته، حيث إن المحكمة الدستورية لم تعاملها معاملة متساوية مع المعاملة التي منحهتها المتهمين في قضية باربيراء ومِسِّغيه وخاباردو .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين علي ها، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبتَّ في جواز النظر في الادعاء أم عدم جوازه بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الإخلال بأحكام المادة 14 من العهد، بما مفاده أن المحكمة الدستورية قد أخلت بهذه الأحكام برفضها الأمر بإصدار حكـم جديد في قضية العلامة التجارية Orient H. W. Balani M á laga ، تنوه اللجنة بأن هذه الادعاءات من جانب صاحبة البلاغ لم تُدَعَّم بما يكفي من الأدلة لجواز النظر فيها. وعليه، فإن النظر في هذا الجانب من البلاغ غير جائز بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الإخلال بأحكام المادة 26 من العهد، مجادِلةً بأن المحكمة الدستورية لم تعامل قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضيتها وقرارَها بشأن قضية باربيراء ومِسِّغيه وخاباردو معاملة متساوية، تشير اللجنة إلى سوابقها القضائية الثابتة، بما مفاده أن الحق في المساواة أمام القانون وفي الحماية المتساوية للقانون دون أي تمييز لا يجعل الفوارق في المعاملة كلها تمييزية. بل إن التفرقة القائمة على معايير معقولة وموضوعية لا تعتبر من قبيل التمييز المحظور بالم عنى الوارد به في المادة 26.

4-4 وفي هذا الشأن، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الدستورية قد نوهت في القرار الذي أصدرته في 23 نيسان/أبريل 1997 بأن " القرارات الضارة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي، من حيث المبدأ، ذات طابع تفسيري محض. والاستثناء الوحيد من ذلك يكون إذا ما خلصت المحكمة إلى أنه قد حدث انتهاك للحقوق في الميدان الجنائي - وعلاوة على ذلك، يجب أن يكون لهذا الانتهاك آثار جارية عندما يكون إنفاذ الحكم مادياً. أما في الحالة الراهنة، فلدينا حكم صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خلصت فيه المحكمة إلى حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية في الإجراءات المدنية، وهي إجراءات أسفرت عن إصدار المحكمة العليا قراراً من البديهي أنه لا يؤثر بأي شكل في حرية صاحبة البلاغ. وعليه، فليس ثمة أي ظرف من الظروف الخاصـة التي يقتضيها STC 245/1991 لتبرير استثناء من المبدأ العام الذي يقضي بأن القرارات الضارة الصادرة عن محكمة ستراسبورغ هي ذات طابع تفسيري ". ومن ثم، ترى اللجنة أن الحجج التي ساقتها صاحبة البلاغ ليست كافية لإقامة البينة على شكواها لأغراض جواز النظر في بلاغها، حيث إنها لا تُثبِت أن الدولة الطرف قد عاملت ها معاملة تمييزية أو منحتها حماية غير متكافئة بمقتضى أحكام القانون. وتخلص اللجنة بالتالي إلى عدم جواز النظر في بلاغها بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- ولذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) عدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحبة البلاغ بهذا القرار، وكذلك الدولة الطرف لعلمها.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1 ) القضية 24/1986/122/171-173 المؤرخة 6 كانون الأول/ديسمبر 1988.

خاء - البلاغ رقم 1038/2001، أو كولجوين ضد آيرلندا *

(قرار اتخذ في 28 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : ديثي أو كولجوين

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : آير لندا

تاريخ تقديم البلاغ : 3 تموز/يوليه 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب الب لاغ هو السيد ديثي أو كولجوين، وهو مواطن آيرلندي مولود في 22 نيسان/أبريل 1946. ويزعم أنه وقع ضحية انتهاكات جمهورية آيرلندا للمواد 2 و25 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2- لا يستطيع صاحب البل اغ، لأنه مقيم بصفة منتظمة خارج آيرلندا (أستراليا) من التصويت في انتخابات البرلمان الآيرلندي أو في انتخابات رئيس الدولة أو في الاستفتاءات العامة. ولذلك، هكذا فإن صاحب البلاغ يحرم من التصويت في انتخابات مجلس النواب (Dáil) بفعل التطبيق المباشر لأحكام المادة 8 من قانون الانتخابات لعام 1992، التي تنص على أنه لتسجيل أي شخص في إحدى الدوائر الانتخابية كمنتخب يجب، أن يبلغ عمره 18 سنة وأن يكون مواطناً آيرلندياً ومقيماً بصورة منتظمة في إقليم تلك الدائرة الانتخابية. وتقع جميع الدوائر الانتخابية ضمن إقليم الدولة، وليست هناك أي أحكام تسمح بالتصويت من الخارج فيما عدا بعض الاستثناءات الطفيفة. والحق في التصويت في الانتخابات الرئاسية وفي الاستفتاءات العامة ينبثق من الحق في التصويت في انتخابات مجلس النواب.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أن هذا الاستبعاد الذي يستند إلى محل الإقامة يحول دون مشاركة العديد من المواطنين الآيرلنديين المقيمين في الخارج وهو من بينهم، في الشؤون السياسية وفقاً لأحكام المادة 25من العهد. ويزعم أن المادة 25 من العهد تمنح "كل مواطن" الحق في التصويت.

3-2 يزعم صاحب البلاغ أيضاً أن هذا الاستبعاد هو تمييزي وينتهك ح قه في المساواة أمام القانون بموجب المادتين 2 و26 من العهد. ويشير صاحب البلاغ إلى الفقرة 8 من التعليق العام للجنة رقم 18 الذي تشير فيه إلى أن التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة لا يعني "المعاملة المماثلة في كل حالة من الحالات". كما تشير إلى أن المادة 25 من العهد "تكفل بعض الحقوق السياسية، مع التمييز على أساس المـواطنة". ويزعم صاحب البلاغ أن قانون الانتخابات لعام 1992، لا يميز على أساس المواطنة، بل يميز بين مجموعتين مختلفتين من المواطنين بالاستناد إلى وضع الإقامة. ويزعم أن هذا القانون يميز بين الأشخاص ا لمولودين في آيرلندا والمقيمين داخل إقليمها والأشخاص المولودين في آيرلندا والمقيمين خارج إقليمها.

3-3 أما فيما يتعلق بمقبولية البلاغ، فإن صاحب البلاغ يشير إلى أن تكاليف اتخاذ إجراءات الانتصاف المحلية ومتابعتها ستكون باهظة للغاية، حيث أنه تلقى من المحامي تقد يراً يشير إلى أن إجمالي المبلغ اللازم لإقامة الدعوى أمام المحاكم المحلية سيصل إلى "مبلغ يتراوح ما بين 000 20 جنيه إسترليني و000 100 جنيه إسترليني تقريباً" (أي مبلغ يتراوح ما بين 400 25 يورو و000 127 يورو تقريباً). وذكر أنه سعى مع ذلك إلى ممارسة الضغوط السي اسية والتأثير على المشرعين دون أي نتيجة.

رسائل مقدمة من الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تزعم الدولة الطرف، في رسالة شفوية مؤرخة 13 آذار/مارس 2002، أن البلاغ غير مقبول بحكم المكان ولعدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية. وتزعم الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول ب حكم المكان لأن صاحب البلاغ لا يقيم داخل إقليم آيرلندا ولا يخضع للولاية القضائية الآيرلندية، لأغراض الفقرة 1 من المادة 2 من العهد والمادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق به. ولذلك، فهي تزعم أنها غير ملزمة بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لصاحب البلاغ جميع الحقوق المعترف بها في العهد وأن اللجنة غير مختصة باستلام البلاغ والنظر فيه بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

4-2 وتزعم الدولة الطرف أنه يمكن تمييز هذا البلاغ عن غيره من البلاغات لأن صاحب البلاغ كان يتواجد مادياً خارج الإقليم ولكن اللجنة ترى أنه يخضع للولاية القضائية لآيرلندا. ولا يمكن مقارنة حالة صاحب البلاغ في هذه القضية مع حالة صاحب البلاغ في قضية منتيرو ضد أوروغواي (1) ، حيث كان البلاغ يتعلق برفض سلطات أوروغواي تجديد جواز سفر صاحب البلاغ. وكانت اللجنة قد ذكرت في هذه القضية أن "مسألة إصدار جواز سفر لم واطن من أوروغواي هي مسألة تقع بوضوح ضمن الولاية القضائية لسلطات أوروغواي وأن صاحب البلاغ "يخضع للولاية القضائية لأوروغواي لهذا الغرض" (2) . ووفقاً للدولة الطرف، فإن استخدام عبارة "لهذا الغرض" يعني ضمناً أن المواطن غير المتواجد مادياً في إقليم الدولة "لا يخضع لولايتها" لجميع الأغراض.

4-3 تشير الدولة الطرف أيضاً إلى قراري اللجنة في قضية لوبيز بورغوص ضد أوروغواي (3) و قضية سليبرتي دي كاسارييغو ضد أوروغواي (4) لدعم الرأي القائل بأنه عندما يتواجد المواطن خارج إقليم الدولة ويتم انتهاك حقوقه عمداً من جانب وكالات الدول ة، لا يجوز للدولة التنصل من التزاماتها بموجب العهد بدعوى أن الانتهاك قد حدث خارج إقليم الدولة. وفي رأي انفرادي، أُلحق بآراء اللجنة بشأن كل من هذين البلاغين، لاحظ السيد كريستيان توموشات أنه لم يكن من المتوخى تصور "... منح الدول الأطراف سلطة تقديرية مطلقة لل قيام بهجمات متعمدة ومقصودة ضد الحرية والسلامة الشخصية لمواطنيها المقيمين في الخارج". وتزعم الدولة الطرف أن البلاغ الوارد في هذه الوثيقة لا يندرج ضمن نطاق هذه الفئة من الحالات.

4-4 كما تشير الدولة الطرف إلى قرارات اللجنة بشأن قضايا تتعلق بتسليم المجرمين أو الطرد. وتزعم أنه إذا قامت دولة طرف بتسليم أو ترحيل شخص متواجد في إقليمها ويخضع لولايتها القضائية، في ظروف قد يتعرض فيها نتيجة لذلك، لخطر حقيقي بأن حقوقه بموجب العهد ستنتهك، في ولاية قضائية أخرى، يجوز أن تعتبر تلك الدولة الطرف نفسها بقيامها بذلك قد أخلت بال عهد (5) . وترى الدولة الطرف أنه لا يوجد أي وجه للمقارنة بين البلاغ قيد البحث والحالات المتعلقة بتسليم المجرمين أو الترحيل.

4-5 وتلفت الدولة الطرف انتبـاه اللجنـة إلى قضية Bankovic and Others v. Belgium ( بنكوفيتش وغيره ضد بلجيكا ) (6) التي استمعت إليها مؤخراً ا لمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي يشير حكمها إلى "... أن من الصعب القول أن اعتراف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، بصـورة استثنائية، ببعض الحالات التي تتجاوز فيها الولاية القضائية إقليم الدولة .... يحل بأي شكل من الأشكال محل الولاية القضائية الإقليمية التي تمنحها صراحة تلك المادة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 أو يفسر المعنى الدقيق "للولاية القضائية" الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري للعهد لعام 1966..." وتزعم الدولة الطرف أن هذا التفسير للفقرة 1 من المادة 2 من العهد والما دة 1 من البروتوكول الاختياري هو تفسير صحيح. وقد ساقت المحكمة أمثلة عن أفعال يتم ارتكابها خارج الإقليم ويعترف بأنها أفعال تشكل ممارسة للولاية القضائية، أي تسليم أو طرد شخص من قبل دولة متعاقدة، وقيام سلطات دولة متعاقدة بأفعال تنجم عنها آثار أو أفعال خارج أرا ضيها أو عندما تمارس دولة متعاقدة، نتيجة عمل عسكري، سيطرة فعلية على منطقة تقع خارج إقليمها الوطني. وأشارت المحكمة أيضاً إلى حالات أخرى "اعترف فيها القانون الدولي العرفي وأحكام المعاهدات بممارسة الدولة المعنية الولاية القضائية خارج إقليمها" وتزعم الدولة الطر ف أنه ليس هناك مثال واحد من الأمثلة المشار إليها في هذا الحكم يتمشى مع الوضع الذي يشكو منه صاحب البلاغ.

4-6 وتزعم الدولة الطرف أن البلاغ قيد البحث لا يبرر الاعتراف بالولاية القضائية للدولة خارج إقليمها. وتزعم أنه لكي يمكن وصف شخص بأنه ضحية انتهاك للمادة 2 5، يجب أن يكون مقيماً داخل إقليم الدولة الطرف وخاضعاً لولايتها القضائية وأن يكون مواطناً من مواطنيها. وتزعم أن شرط المواطَنة الوارد في المادة 25 هو شرط إضافي للشرطين المتعلقين بتواجد الشخص داخل إقليم الدولة الطرف وخضوعه لولايتها القضائية وليس استثناء منها. وتقول الدولة الطرف إن هذا التفسير تدعمه الأعمال التحضيرية للعهد (7) .

4-7 وبالإضافة إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لأن صاحب البلاغ لم يستنفد كافة سبل الانتصاف الداخلية المتاحة. والواقع، أن صاحب البلاغ لم يرفع أي دعوى قانونية أمام المحاكم الآيرلندية. ولم يقل صاحب البلاغ إن إقامة هذه الدعوى ستكون بلا جدوى، ولا يستطيع أن يزعم ذلك. ولم يبذل صاحب البلاغ أي محاولة للطعن في دستورية الحكم المعني أمام المحاكم الآيرلندية بالاستناد إلى الحجج التي سا قها، كما أنه لم تطرح أمام المحاكم الآيرلندية مسألة تطابق هذا الحكم مع العهد أو مع أي صك دولي آخر لحقوق الإنسان.

4-8 ووفقاً للدولة الطرف، يمكن لصاحب البلاغ الطعن في مشروعية المادة 8 من قانون الانتخابات لعام 1992 بموجب الأحكام الدستورية التالية:

تنظم المادة 16-1-2 من الدستور الحق في التصويت في انتخابات أعضاء مجلس النواب، وتنص على ما يلي:

" ` 1 ` لجميع المواطنين، و

` 2 ` غيرهم من الأشخاص المتواجدين في الدولة على النحو الذي يحدِّده القانون، دون تمييز على أساس الجنس، الذين يبلغون 18 سنة من العمر يستبعدهم القانون و يمتثلون لأحكام القانون المتعلقة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، الحق في التصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب".

تنص المادة 40-1 من الدستور على ما يلي:

"جميع المواطنين، كبشر، سواسية أمام القانون. ولا يجوز فهم ذلك على أنه يعني أن الدولة لن تراعي على النحو الواجب، عند إصدار قوانينها، الاختلافات في القدرات الجسدية والمعنوية والوظيفة الاجتماعية".

4-9 ووفقاً للدولة الطرف، فإن المحاولة الوحيدة التي بذلها صاحب البلاغ لمعالجة الانتهاك المزعوم، كانت من خلال "ممارسة الضغوط السياسية والتأثير على المشرِّعين". وتشير الدولة الط رف إلى القرارات السابقة والثابتة التي أصدرتها إليها اللجنة ومؤداها أنه يجب على صاحب البلاغ اللجوء إلى كافة الطرق القضائية أو الإدارية التي تتيح له فرصة معقولة للانتصاف (8) . وتذكِّر الدولة الطرف بأن الأساس المنطقي وراء ضرورة استنفاد سبل الانتصاف المحلية (9) ه و منح الدولة الطرف فرصة لتدارك الانتهاك المزعوم لحقوق صاحب البلاغ قبل أن يتم إحالته إلى اللجنة. وترى الدولة الطرف أن ممارسة الضغوط السياسية لا تمكِّنها من النظر في الشكاوى كل على حدة بالطريقة المتبعة عند النظر في الإجراءات القانونية. ولا يمكن أن يفضي ذلك إ لى أي قرار قانوني بانتهاك حقوق الفرد.

4-10 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ اعترف بأنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. والسبب الذي يسوقه صاحب البلاغ لعدم قيامه بذلك هو أنه لا يملك المبلغ المالي اللازم لذلك. وتزعم الدولة الطرف أنه يتعين على ا للجنة اتِّباع القرار الذي اتخذته بشأن البلاغ المقدم من ت . س. ضد الدانمرك (10) ، حيث أشارت إلى "أن الاعتبارات المالية والشكوك فيما يتصل بمدى فعالية سبل الانتصاف المحلية لا تحل صاحب البلاغ من الالتزام باستنفادها". فكل ما قام به صاحب البلاغ هو أنه اتصل بأحد مسا عدي النائب العام ولم يبذل أي محاولة أخرى للاستعانة بمحام آخر كي يتناول قضيته، كما أنه لم يبذل، فيما يبدو، أي جهد للحصول على مساعدة قانونية أو لتجميع المبلغ اللازم لإقامة الدعوى فيما يتعلق بقضيته. وتشير الدولة الطرف إلى البلاغ المقدم من غراند تادمان ضد كندا (11) ، الذي لاحظت فيه اللجنة أن صاحب البلاغ لم يبذل، فيما يبدو، "... أي جهد لتقديم طلب للحصول على المساعدة القانونية بموجب قانون أونتاريو للمساعدة القانونية" واستنتجت أن صاحب البلاغ لم يفِ بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتزعم الدولة الطرف أن الاستنتاج أ علاه ينطبق أيضاً على البلاغ قيد البحث وبناء على ذلك ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول.

4-11 وتزعم الدولة الطرف أن بالإمكان التماس المساعدة القانونية داخل ولايتها القضائية لإقامة دعوى من هذا النوع. وعلى وجه الخصوص، فإن الفرصة كانت متاحة أمام صاحب البلاغ لالتماس المساعدة القانونية بموجب المادة 27 من قانون المساعدة القانونية المدنية لعام 1995. وتزعم الدولة الطرف أن المعلومة الوحيدة التي قدمها صاحب البلاغ عن ظروفه المالية هي أنه عاطل عن العمل في الوقت الحاضر، وبالتالي لا يمكن، معالجة مسألة أهليته المالية بموجب أحكا م قانون عام 1995 وقواعد عام 1996 المنظمة للمساعدة القانونية المدنية. ومع ذلك فعلى الرغم من أنه لا يمكن القول إن صاحب البلاغ كان سيتلقى حتماً المساعدة القانونية لو أنه قام بطلبها، فإن صاحب البلاغ لم يبذل، فيما يبدو، أي محاولة على الإطلاق لتقديم طلب للحصول ع لى المساعدة القانونية.

4-12 ووفقاً للدولة الطرف، فإنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يلتمس المساعدة القانونية من خلال مراكز المشورة القانونية المجانية، إلى جانب التماسه للمساعدة بموجب قانون عام 1995 أو كبديل لها. وهذه المراكز تتلقى منحة سنوية من الدولة وتقدم خد مات قانونية إلى الأشخاص المحتاجين لها، من خلال محامٍ واحد يعمل لديها بمرتب ومحامين آخرين يعملون لديها على أساس طوعي. وليست هناك أية قيود على نوع البلاغات التي يمكن لهذه المراكز قبولها. والواقع إن هذه المراكز تعرض على المحاكم قضايا نموذجية للطعن في التشريع المعمول به بهدف إدخال تعديلات على القانون لصالح كل شخص متضرر. وليس من المعروف ما إذا كانت هذه المراكز سترى أن من الملائم قبول دعوى مماثلة للدعوى قيد البحث بوصفها قضية نموذجية، إذ أن صاحب البلاغ لم يتصل بها فيما يبدو.

4-13 وتسترعي الدولة الطرف أيضاً انتباه اللجنة إلى وجود مصدر آخر يمكن عن طريقه الحصول على المساعدة القانونية، بموجب قانون لجنة حقوق الإنسان لعام 2000، وهو متاح منذ أن قدم صاحب البلاغ بلاغه. وينص قانون عام 2000، على إنشاء لجنة لحقوق الإنسان، وهي لجنة تم إنشاؤها في 25 تموز/يوليه 2001. ويوفر هذا ال قانون اليوم مصدراً محتملاً آخراً للحصول على المساعدة القانونية لأي شخص يوجد في وضع مماثل لصاحب البلاغ. وعلى الرغم من استحالة التنبؤ بنتيجة الطلب المقدم إلى لجنة حقوق الإنسان للحصول على المساعدة، فإن الفرصة كانت، رغم ذلك، متاحة أمام صاحب البلاغ منذ 25 تموز /يوليه 2001 لتقديم مثل هذا الطلب.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 قدم صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 18 أيار/مايو 2002، التعليقات التالية على رسالة الدولة الطرف. ففيما يتعلق بالحجة التي قدمتها الدولة الطرف بشأن عدم مقبولية البلاغ بحكم المكان، يزعم صاحب البلاغ أن مسألة تقرير من هم المواطنين الآيرلنديين أو غير الآيرلنديين، إن وجدوا، الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات الآيرلندية بغض النظر عن بلد إقامتهم، هي مسألة تندرج بالكامل ضمن صلاحيات الدولة. والواقع أن المواطنين المقيمين خارج آيرلندا يشتركون بالفعل في الانتخابات الآ يرلندية بطريقتين. أولاًَ يحق للمواطنين الذين يقيمون في دولة أخرى التصويت في انتخابات مجلس النواب، طوال مدة لا تتجاوز 18 شهراً. وثانياً، يحق للمواطنين المتخرجين من جامعتين محددتين (الجامعة الوطنية لآيرلندا وجامعة دبلن) التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ. ويزعم صاحب البلاغ إن مشاركته في التصويت منذ عام 1993 في انتخابات مجلس الشيوخ من محل إقامته في أستراليا، تثبت أنه يخضع للولاية القضائية لآيرلندا لأغراض التصويت. وفضلاً عن ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه يتم في العديد من البلدان الديمقراطية الأخرى النص على السماح ل لمواطنين غير المقيمين بالتصويت في الانتخابات التي تجري في بلدانهم وبالتالي فإنهم يخضعون لقوانين الانتخابات السارية في تلك الدول.

5-2 وفيما يتعلق بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، يكرر صاحب البلاغ أن عدم قيامه ب مباشرة دعوى في هذا الشأن من خلال النظام القانوني الآيرلندي يعزى إلى التقديرات التي تلقاها من محاميين (12) اثنين، والتي تشير إلى أن تكاليف مثل هذه الإجراءات ستكون باهظة للغاية. ولهذا السبب، فإن هذه الإجراءات، حسب قول صاحب البلاغ لم تكن "متاحة" أمامها على الن حو المنصوص عليه في الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ويشير صاحب البلاغ إلى قرارات اللجنة في البلاغ المقدم من توماس ضد جامايكا (13) والبلاغ المقدم من كوري ضد جامايكا (14) التي خلصت اللجنة فيهما إلى أن عدم تقديم دعوى بالطعن في دستورية القانون أ مام المحكمة العليا لجامايكا بسبب عدم توفر الموارد المالية وعدم إتاحة المساعدة القانونية، لا يشكل عقبة أمام المقبولية.

5-3 وفيما يتعلق بالمساعدة القانونية، يشير صاحب البلاغ إلى أن شرط الحصول على المساعدة بموجب قانون عام 1975 للمساعدة القانونية المدنية، هو أ ن يكون الدخل المتاح تحت التصرف للشخص الذي يطلبها أقـل مـن 697.38 12 يورو. وقال إنه لم يكن مؤهلاً للحصول على هذه المساعدة لأن الدخل المتاح تحت تصرفه يتجاوز هذا المبلغ. وفيما يتعلق بإمكانية تلقي المساعدة القانونية من مراكز تقديم المشورة القانونية المجانية، ي شير صاحب البلاغ إلى أنه استعلم عن ذلك وأن تلك المنظمة أبلغته بواسطة البريد الإلكتروني في أيار/مايو 2002 أنها لن تستطيع مساعدته فيما يتعلق بهذه المسألة.

5-4 وأخيراً، قال صاحب البلاغ بصدد إمكانية تلقي المساعدة المالية من لجنة حقوق الإنسان، إن هذه اللجنة لم ت نشئ إلا في 25 تموز/يوليه 2001، أي بعد مرور سنة واحدة على تقديم طلبه لأول مرة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وبالتالي فليست لها صلة بموضوع مسألة المقبولية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في جواز أو عدم جواز النظر في الادعاء بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه الفقرة (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست مو ضع بحث بمقتضى إجراء آخر للتحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يعترض نظرياً على عدم استطاعته المشاركة في بعض الانتخابات من الناحية النظرية أي دون أن يشير إلى انتخابات محددة يكون قد منع فيها من ممارسة حقه في التصويت. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لا يمكنه الادعاء، وفقاً لمفهوم المادة 1 من البروتوكول الاختياري، بأنه وقع "ضحية" لانتهاك مزعوم لأي حق من حقوقه المنصوص عليها في العهد، وبذلك فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

7- بناء على ذلك تقرر م ا يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن تبلغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) البلاغ رقم 106/1981، اعتمدت الآراء في 31 آذار/مارس 1983.

(2) المرجع نفسه، الفقرة 5.

(3) البلاغ رقم 52/1979، اعتمدت الآراء في 29 تموز/يوليه 1981.

(4) البلاغ رقم 56/1979، اعتمدت الآراء في 29 تموز/يوليه 1981.

(5) تشير الدولة الطرف إلى البلاغ المقدم من ن.ج. ضد كندا . البلاغ رقم 469/1991، اعتمدت الآراء في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، وإلى البلاغ المقدم من ج. ت ضد أستراليا. البلاغ رقم 706/1996، اعتمدت الآراء في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997.

(6) الطلب رقم 52207/99، الحكم الصادر في 12 كانون الأول/ديسمبر 2001.

(7) دعماً لهذا الاقتراح، تشير الدولة الطرف ببساطة إلى التعليق التالي: "كان هناك اتفاق عام على انطباق القيود المفروضة على بعض المواد الموضوعية المدرجة في الجزء ثالثاً من العهد مثل المادة 23 المتعلقة بالحقوق السياسية التي تشير إلى "كل مواطن"، بغض النظر عن أحكام الفقرة 1 م ـن الـمادة 2 مـن E/CN.4/SR.125، صفحة 12 من النص الإنكليزي، في M. J. Bossuyt: دليل "الأعمال التحضيرية" للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.Martnus Nijhoff Publishers: Dordrecht، 1978.

(8) تشير الدولة الطرف إلى البلاغ المقدم من ر. ت. ضد فرنسا البلا غ رقم 262/1987، اعتمد القرار في 30 آذار/مارس 1989، وإلى البلاغ المقدم من باتينيو ضد بنما. البلاغ رقم 437/1990، اعتمد القرار في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1994.

(9) تشير الدولة الطرف إلى البلاغ المقدم من ت. ك. ضد فرنسا . البلاغ رقم 220/1987، اعتمد القرار في 8 تش رين الثاني/نوفمبر 1989، وأشير فيه إلى أن "الغرض من الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري هو، في جملة أمور، توجيه الضحايا المحتملين لانتهاكات أحكام العهد إلى التماس ترضية من سلطات الدولة الطرف المعنية، بالدرجة الأولى، وتمكين الدول الأطراف في ذات الوقت من أن تبحث، على أساس كل شكوى على حدة، مدى تنفيذ أحكام العهد في أراضيها وبواسطة هيئاتها، ومعالجة الانتهاكات التي تحدث عند الاقتضاء، قبل عرض المسألة على اللجنة".

(10) البلاغ رقم 397/1990، اعتمد القرار في 22 تموز/يوليه 1992.

(11) البلاغ رقم 420/1990، اعتمد القرار في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1992.

(12) يشير صاحب البلاغ إلى الاستعانة بمحام ثانٍ للمرة الأولى في تعليقاته بشأن أقوال الدولة الطرف.

(13) البلاغ رقم 321/1988، اعتمدت الآراء في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1993.

(14) البلاغ رقم 377/1989، اعتمدت الآراء ف ي 29 آذار/مارس 1994.

ذال - البلاغ رقم 1049/2002، فان بويفلدي ضد فرنسا*

(قرار اتخذ في 26 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : فيليب فان بويفلدي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 31 كانون الأو ل/ديسمبر 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 26 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو السيد فيليب فان بويفلدي، وه و مواطن فرنسي، ولد في 20 آذار/مارس 1960 في برجيراك (فرنسا). وهو يدَّعي أنه ضحية لانتهاك فرنسا لجملة أمور منها المواد 14 و15 و16 و17 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يشير صاحب البلاغ إلى وجود أربع دعاوى تتعلق به أمام قاضي الأسرة وإجراءين جنائيين.

الإجراءات المعروضة على قاضي الأسرة

2-2 بموجب حكم صادر في 11 آذار/مارس 1997، أصدر قاضي الأسرة التابع لمحكمة الدرجة الأولى في كركاسون حكماً بطلاق السيدة ف. زينك من صاحب البلاغ لتقصير صاحب البلاغ، وح دد مكان إقامة الطفلين المعتاد عند الأم. ـــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والس يد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري - يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيف سكي، والسيد ماكسويل يالدين.

وأخيراً، حدد القاضي نفقة شهرية قدرها 400 فرنك يقوم الأب بدفعها لإعالة الطفلين وتربيتهما، ولاحظ أن صاحب البلاغ "لا يعترض على هذا الطلب [طلب الأم] المعتدل للغاية وبالتالي ينبغي تلبيته".

2-3 واستأنف صاحب البلاغ هذا الحكم، الذي أكدت ه محكمة استئناف مونبيلييه في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1997.

2-4 وبعد التصريح بحكم الطلاق، تم رفع دعاوى عديدة بشأن الإجراءات المتعلقة بالطفلين (سلطة الأبوين والنفقة).

طلب مقدم من صاحب البلاغ بغرض تغيير مكان الإقامة المعتاد (الملف 98/00312)

2-5 في التماس مؤرخ 2 3 شباط/فبراير 1998، طلب صاحب البلاغ من قاضي الأسرة تحديد مكان إقامة الطفلين عنده.

2-6 وكان صاحب البلاغ قد استعان بمحام في إطار المساعدة القضائية.

2-7 وبموجب قانون مؤرخ 2 تموز/يوليه 1998، عين قاضي الأسرة خبيراً نفسانياً رأى أن مصلحة الطفلين تقتضي الإبقاء عل ى الوضع الراهن. وبموجب حكم مؤرخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، رفض قاضي الأسرة طلب صاحب البلاغ.

طلب مقدم من صاحب البلاغ بغرض إلغاء النفقة أو تعديل مبلغها (الملف 2000/00904)

2-8 بموجب قانون مؤرخ 2 أيار/مايو 2000، استحضر صاحب البلاغ السيدة ف. زينك أمام القضاء م ن أجل إلغاء النفقة لأسباب إفلاسه الدائم والدعاوى الجنائية المرفوعة عليه بسبب هجرة للأسرة.

2-9 ومثل الطرفان في جلسة سماع بتاريخ 6 تموز/يوليه 2000، وكان صاحب البلاغ مستعيناً بخدمات محام معيَّن في إطار المساعدة القضائية.

2-10 وبموجب المرسوم الصادر في 15 أيلول /سبتمبر 2000، رفض قاضي الأسرة طلب صاحب البلاغ للأسباب التالية: (أ) لم يدفع صاحب البلاغ النفقة أبداً بالرغم من أنها رمزية، في حين أنه، من ناحية أخرى، يدَّعي أنه أب مسؤول؛ (ب) لا تشكل مخاوفه من فرض عقوبات عليه جراء هجره للأسرة سبباً لإلغاء النفقة إذ إنه بخرو جه عن القانون منذ 1997 وبعدم التماسه تغيير مبلغ النفقة المستحق عليه، جازف صاحب البلاغ مجازفة محسوبة يجب أن يتحمل هو وحده عواقبها؛ (ج) إذا كانت الحالة المادية لصاحب البلاغ متواضعة، فإن ولديه، من ناحية، لديهما احتياجات حيوية لم تتناقص منذ 1997، ومن ناحية أخر ى، فإنه لم يقدم أي مستند مؤيد يثبت أنه سعى منذ 1997 بنشاط كبير إلى الحصول على وظيفة يتقاضى عنها، على الأقل، الحد الأدنى المضمون لأجور العمل، بحيث يتمكن من تسديد النفقة؛ (د) وينص القانون على أن سلطة الأبوين ترتب بالنسبة للآباء الذين يضطلعون بها حقوق وواجبات الحضانة، والإشراف والتربية، ولكن أيضاً في المقام الأول واجب الإعالة؛ ويعير القانون أهمية خاصة جداً للنفقة، ذلك أن المادة 373 من القانون المدني تنص أيضاً على أنه يجوز حرمان أحد الأبوين من ممارسة السلطة الأبوية أو حرمانه منها مؤقتاً، إذا كان، ضمن جملة أمور، أدين بتهمة من التهم المختلفة المندرجة تحت بند هجر الأسرة، طالما أنه لم يبدأ من جديد الوفاء بالتزاماته أثناء فترة مدتها ستة شهور على الأقل.

طلب مقدم من زوجة صاحب البلاغ السابقة من أجل تعديل حق الزيارة والإيواء (الملف 2001/00925)

2-11 في طلب مؤرخ 18 حزيران/ يونيه 2001، قدمت السيدة ف. زينك طلباً إلى قاضي الأسرة تلتمس فيه تعديل حق الأب في الزيارة والإيواء.

2-12 وفي إطار هذه القضية، استعان الطرفان بمحام.

2-13 وفي 18 أيلول/سبتمبر 2001، قام قاضي الأسرة بتعديل حق الأب في الزيارة والإيواء. ومن جهة أخرى، رفض القاضي ط لب صاحب البلاغ بإلغاء النفقة ملاحظاً أنه لم يستجد أي عنصر جديد منذ القرار السابق.

الإجراءات الجنائية

2-14 أشار صاحب البلاغ إلى وجود إجراءين جنائيين ضده بسبب هجره لأسرته.

الإجراء الأول بسبب هجر الأسرة (الملف 99/00046)

2-15 في 8 شباط/فبراير 1998، قدمت السيدة ف. زينك شكوى ضد صاحب البلاغ بسبب عدم قيامه بتسديد النفقة المحكوم بها في 11 آذار/مارس 1997.

2-16 وفي جلسة السماح في محكمة جنح كركاسون، المعقودة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1998، حضر صاحب البلاغ الجلسة، مستعيناً بمحام. وكرر صاحب البلاغ الأقوال التي أدلى بها أم ام دوائر الدرك في 25 شباط/فبراير 1998، أي عدم دفع النفقة بسبب الافتقار للموارد المالية الكافية.

2-17 وبحكم صادر في 2 كانون الأول/ديسمبر 1998، أدانت محكمة الجنح صاحب البلاغ بسبب الوقائع المنسوبة إليه وحكمت عليه بعقوبة السجن لمدة ستة شهور منها أربعة شهور مع إيقاف التنفيذ مع وضعه تحت الاختبار، وكذلك بدفع تعويضات قدرها 000 2 فرنك للمدعي بالحق المدني.

2-18 وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 1998، استأنف صاحب البلاغ هذا الحكم. ورفعت النيابة العامة استئنافاً مقابلاً في هذا التاريخ نفسه.

2-19 وبتكليف بالحضور مؤرخ 31 كانون ال ثاني/يناير 2000، تم استدعاء صاحب الادعاء لحضور جلسة في 4 نيسان/أبريل 2000 بمحكمة الاستئناف في مونبيلييه.

2-20 وفي رسالة بتاريخ 1 آذار/مارس 2000، التمس صاحب البلاغ تأجيل الدعوى لإعداد دفاعه مدعياً بأنه استغنى عن خدمات المحامي المعين في إطار المساعدة القضائي ة. ولم يحضر صاحب البلاغ الجلسة العامة المعقودة في 4 نيسان/أبريل 2000.

2-21 وفي قرار صادر في 9 أيار/مايو 2000، أكدت محكمة الاستئناف بمونبيلييه حكم إدانة صاحب البلاغ وحكمت عليه بالسجن لمدة ستة شهور منها 4 شهور مع وقف التنفيذ مع وضعه تحت الاختبار لمدة سنتين، وإلزام صاحب الشأن بتقديم ما يثبت أنه يساهم في نفقات الأسرة أو أنه يسدد على نحو منتظم النفقات المدين بها. كذلك أكد القضاء الأحكام المدنية لهذا الحكم. ورأى أن طلب التأجيل المقدم من صاحب البلاغ غير مبرر لأن صاحب البلاغ بُلِّغ في وقت مبكر بما يكفيه لاتخاذ الخط وات اللازمة لإعداد دفاعه؛ وأنه استغنى عن خدمات محاميه المعين في إطار المساعدة القضائية؛ وأنه لمّا كان الأمر يتعلق بتوبيخ لعدم تسديده النفقة، فقد كان بإمكان صاحب البلاغ أن يحضر بنفسه ليعرض عناصر الوقائع التي يريد الاحتجاج بها.

2-22 وفي 24 أيار/مايو 2000، قد م صاحب البلاغ طعناً لنقض الحكم، عن طريق محام أمام مجلس الدولة.

2-23 وفي 14 شباط/فبراير، رفضت محكمة النقض هذا الطعن.

الإجراء الثاني المتعلق بهجر الأسرة (الملف 00/01265)

2-24 في 29 كانون الأول/ديسمبر 1999، رفعت السيدة ف. زينك شكوى ضد صاحب البلاغ لعدم تسديده النفقة.

2-25 وفي الجلسة العامة لمحكمة جنح كركاسون المعقودة في 5 أيار/مايو 2000، كرر صاحب البلاغ الأقوال التي أدلى بها أمام دوائر الدرك في 18 كانون الثاني/يناير 2000، أي عدم تسديد النفقة بسبب تواضع موارده.

2-26 وبعد السماع للطرفين، وكان كل منهما ممثلاً بمحا م، أعلنت محكمة الجُنح بكركاسون، بحكم حضوري صادر في 5 أيار/مايو 2000، أن صاحب البلاغ مذنب للوقائع التي نسبت إليه، وحكمت عليه بعقوبة السجن لمدة 4 أشهر مع وقف التنفيذ ووضعه تحت الاختبار لمدة 18 شهراً وإلزامه بدفع النفقة ومبلغ 2000 فرنك على سبيل التعويض لزوجته السابقة.

2-27 وطعن صاحب البلاغ في هذا الحكم في 15 أيار/مايو 2000. وأقامت النيابة العامة استئنافاً مقابلاً.

2-28 واستُدعي صاحب البلاغ عن طريق مُحضر لحضور الجلسة العامة في محكمة الاستئناف بمونبلييه في 13 شباط/فبراير 2001. وفي رسالة مؤرخة 12 شباط/فبراير 200 1، طلب صاحب البلاغ تعيين محام منتدب من المحكمة وذكر أنه لا يستطيع حضور جلسة يوم 13 شباط/فبراير 2001. وفي حكم قبل الفصل في الموضوع صادر في 13 آذار/مارس 2001 أمرت محكمة الاستئناف بإعادة فتح باب المرافعة في جلسة يوم 18 أيلول/سبتمبر 2001، مع إبلاغ جديد بالحضور للمتهم ومدعي الحق المدني. والقيام عن طريق السيد نقيب المحامين بتعيين محام منتدب للدفاع عن صاحب الطلب. وتم تعيين محام له في 10 تموز/يوليه 2001.

2-29 ولم يحضر صاحب البلاغ جلسة محكمة الاستئناف بمونبلييه في 18 أيلول/سبتمبر 2001. إلا أنه تم السماع لمرافعة محام يه.

2-30 وفي قرار صادر في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2001، أكدت محكمة مونبلييه الحكم الصادر فيف 5 أيار/مايو 2000. ولاحظت المحكمة بشكل خاص أن صاحب البلاغ اعترف بالوقائع المنسوبة إليه وعدم التسديد المتعمد للنفقة، بحجة استحالة التسديد بسبب عدم زيادة موارده وزيادة أعبائه، دون أن تبرر، مع ذلك، رفض قاضي الأسرة تخفيض النفقة المستحقة عليه.

2-31 وأعرب صاحب البلاغ عن اعتزامه الطعن في الحكم عن طريق النقض (1)

الشكوى

3-1 يؤكد صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاكات فرنسا، ضمن جملة أمور، للمواد 14 و15 و16 و17 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 واشتكى صاحب البلاغ من الإجراءات القضائية أمام قاضي الأسرة، إذ أنه يرى أن القاضي لم يسمع قضيته بإنصاف ولم يحترم مبدأ المقاضاة الحضورية، ولا سيما في إطار جلسة معقودة في 6 تموز/يوليه 2000، التي أعلن فيها صاحب البلاغ أنه استلم لا ئحة الحجج في مكتب القاضي (الملف 2000/904).

3-3 ويعيب صاحب البلاغ على محكمة الاستئناف بمونبلييه أنها فرضت عليه عقوبة سجن تشكل تشديداً للعقوبة التي حكمت بها محكمة الجنح، في حين أنه كان قد قدم طلباً بتأجيل الجلسة لكي يتمكن من إعداد دفاعه لأنه لم يكن ممثلاً بم حام للدفاع عنه (الملف 99/00046).

3-4 كذلك يلوم صاحب البلاغ السلطات الفرنسية لإدانته بينما لم يتعد الأمر استحالة التسديد. وهو يدعي أنه ضحية إغفال غير جنائي.

3-5 ويرى صاحب البلاغ أنه بالإضافة إلى ذلك، لم يكن هناك اعتراف بشخصيته القانونية، وأن أحكام الإدانة ا لصادرة ضده تشكل مساساً بسمعته وشرفه.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية ويضيف أنه قدم في 16 آذار/مارس 1995 شكوى إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أعلنت عدم مقبولية الشكوى في 28 شباط/فبراير 1993 (2) ويدعي صاحب البلاغ أن اللجنة لم ت كن بحاجة إلى معالجة مسألة النفقة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 بدأت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية المقدمة في 15 أيار/مايو 2002، بالتشديد على أنه تم إعلان عدم مقبولية الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان.

4-2 وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أن البلاغ المقدم من صاحب البلاغ غير دقيق فيما يتعلق بانتهاكات العهد التي يدعي حدوثها. وتذكر الدولة الطرف أنه إذا كان صاحب البلاغ يستشهد، في إطار المواد المنتهكة، بالمواد "14-15-16-17-26 (والقائمة غير شاملة)"، فهو لا يوض ح المظالم المحددة التي يعزوها إلى السلطات الفرنسية. ومع ذلك، ترى الدولة الطرف أنه يمكن، بعد قراءة عرض الوقائع المقدمة من صاحب البلاغ، النظر في احتمال حدوث انتهاك للفقرتين 1 و3(د) من المادة 14 والمادة 15 من العهد.

4-3 وتؤكد الدولة، في المقام الأول، أن الشكو ى المتعلقة بانتهاك المادة 15 من العهد لا تتوافق مع أحكام هذه المادة لعدم الاختصاص من حيث الموضوع.

4-4 وذكرت الدولة الطرف أن المادة 227-3 من القانون الجنائي الفرنسي تنص على ما يلي:

"أن كل شخص لا يقوم بتنفيذ حكم قضائي أو اتفاق مصدق عليه قضائياً يفرض عليه أ ن يدفع لصالح طفل قاصر أو شرعي أو متبنى من السلف أو الخلف أو الزوج، نفقة أو مساهمة أو إعالة أو إعانات من أي نوع مستحقة عليه بموجب أحد الالتزامات الأسرية الواردة في الفصول الخامس والسادس والسابع والثامن من الباب الأول من القانون المدني، مع تخلفه عن الوفاء به ذا الالتزام لفترة تزيد على شهرين، يعاقب بالحبس لمدة سنتين وبغرامة قدرها 000 100 فرنك".

4-5 وهكذا فإنّ أيّا من الوالدين لا يدفع النفقة التي يكلف بدفعها بموجب قرار طلاق يكون عرضة للمقاضاة أمام اختصاص جنائي لارتكاب جريمة في حق الأسرة. وهذه الجريمة منصوص عليها في القانون الجنائي وهي تنطبق تماماً على حالة صاحب البلاغ. وحسب الدولة الطرف فإن صاحب البلاغ قد أدانته فعلاً هيئات قضائية جنائية لارتكاب فعل عدم دفع النفقة - يشكل فعلاً جنائياً بمعنى المادة 15 من العهد.

4-6 وتؤكد الدولة الطرف، في المقام الثاني، أن شكاوى ص احب البلاغ غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4-7 وفيما يتعلق بالشكوى القائمة على أساس عدم إنصاف القضية المعروضة على قاضي الأسرة، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ يشتكى من أنه لم تؤخذ مستنداته في الاعتبار، أمام هذا القاضي وأنه لم يتم السماع لابنيه وأن حكم عليه بدفع نفقة في حين أنه لا يحصل على دخل.

4-8 غير أن صاحب البلاغ لم يقدم، في إطار قضية الطلاق، طعناً بالنقض في الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بمونبلييه في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1997.

4-9 كذلك لم يقدم صاحب البلاغ، في إطار الإجراءات اللاحقة لطلاقه، طعناً في الأحكام التي أصدرها قاضي الأسرة. وطبقاً لأحكام المادة 187 من قانون الإجراءات المدنية الجديد، فإن الأجل المحدد للطعن بالاستئناف في القرارات الصادرة عن قاضي الأسرة هو 15 يوما ويجري حسابه ابتداءً من تاريخ النطق بهذه القرارات.

4-10 وهكذا لم ي طعن صاحب البلاغ بالاستئناف في الحكم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، والذي رفض قاضي الأسرة بموجبه طلب صاحب البلاغ بتغيير مكان إقامة ابنيه القاصرين (الملف 98/00312).

4-11 ولم يطعن صاحب البلاغ بالاستئناف أيضاً في الحكم الصادر في 15 أيلول/سبتمبر 2000، ال ذي رفض فيه قاضي الأسرة طلب صاحب البلاغ الرامي إلى إلغاء أو تغيير مبلغ النفقة المفروضة عليه (الملف 2000/00904).

4-12 أخيراً، لم يستأنف صاحب البلاغ الحكم الصادر في 18 أيلول/سبتمبر 2001، الذي كان قاضي الأسرة عدّل فيـه حق صاحب البلاغ في الزيارة، وأمر بإجراء تح ريات اجتماعية ورفض بموجبه أيضاً الطلب بإلغاء النفقة (الملف 2001/00925).

4-13 وتضيف الدولة الطرف أنه في حكم صادر في 29 آذار/مارس 2002، الغى القاضي المسؤول عن شؤون الزوجية حق صاحب البلاغ في زيارة وإيواء ولديه. إلاّ أن صاحب البلاغ لم يستأنف هذا الحكم أيضاً.

4 -14 وبذلك ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يمكن السلطات القضائية من معالجة المظالم التي يشتكي منها الآن أمام اللجنة. ووفقاً للدولة الطرف، كان يمكن بالفعل لصاحب البلاغ أن يشكك سواء في قرارات قاضي الأسرة، ولا سيما فيما يتعلق بمبلغ النفقة أو في الإجراءات ال متبعة أمامه، ولا سيما تبادل المستندات والاستماع إلى الطفلين.

4-15 وفيمـا يتعلق بالمظلمـة القائمة على أساس عدم إنصاف الدعوى الجنائية المتعلقة بهجر الأسرة في إطار الملف 99/00046، ترى الدولة الطرف أنه يجدر توضيح أن صاحب البلاغ استغنى عن خدمات المحامي المعين ف ي إطار المساعدة القضائية الذي كان من المفروض أن يساعده بشأن قضية الاستئناف. ومع ذلك، رفع صاحب البلاغ طعناً بالنقض في الحكم الصادر من محكمة الاستئناف ومثله محام أمام مجلس الدولة، تم تعيينه في إطار المساعدة القضائية.

4-16 ومع ذلك، لم يذكر صاحب البلاغ سوى سبي ل واحد للطعن قائم على أساس عدم كفاية مسبب حكم العقوبة الصادر عن محكمة الاستئناف. وتوضح الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يذكر في أي وقت من الأوقات أمام محكمة النقض، أي انتهاك كان لحقوق الدفاع في إطار الشكوى المقدمة إلى اللجنة، لا بموجب القانون الداخلي، ولا بم وجب الفقرة 3 من المادة 14 من العهد.

4-17 وتشير الدولة الطرف إلى فتوى أصدرتها اللجنة مفادها أنه "بالرعم من أن صاحب البلاغ ليس ملزماً بالاستناد صراحة إلى أحكام العهد التي يرى أنها انتهكت، فإن عليه مع ذلك أن يبين أنه عرض على المحاكم الوطنية جوهر الشكوى التي ي عرضها على اللجنة فيما بعد" (البلاغ رقم 661/1995 تريبولية ضد فرنسا). وهي توضح أيضاً أن اللجنة اعتبرت أن البلاغ غير مقبول لأن "صاحـب البـلاغ لم يتذرع أمام محكمة النقض، بصفة خاصة، بفحوى الحق الذي تحميه المادة 15 من العهد؛ ومن ثم فإن أعلى محكمة محلية لم تواجه على الإطلاق بحجة صاحب البلاغ (...)". (البلاغ رقم 584/1994 فالنتين ضد فرنسا).

4-18 وترى الدولة الطرف، مع تغيير ما يلزم تغييره، أنه يتعين تطبيق هذا المبدأ نفسه على هذه الحالة. فإن صاحب البلاغ بعدم إعطائه فرصة لمحكمة النقض لمعالجة الانتهاك المزعوم، لم يف بالت زامه باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، الأمر الذي ينتج عنه عدم مقبولية هذا العنصر من الشكوى.

4-19 وفي المقام الثالث، تؤكد الدولة الطرف أن عدم دقة ادعاءات صاحب البلاغ الأخرى لا تسمح لها بتحديد المظالم المحتملة في ضوء أحكام العهد. وبناء على ذلك، تطلب الدولة الط رف من اللجنة تطبيق فتاواها السابقة واعتبار أن البلاغ غير مقبول، بموجب المادة 2 من العهد الاختياري، إذ إن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية تثبت صحة ادعاءاته لأغراض المقبولية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في رسالة مؤرخة 8 آب/ أغسطس 2002، يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لمكيدة وقمع المحامين وكل الجهاز القضائي الفرنسي. ويؤكد أن القضاء الفرنسي منحاز لزوجته وتسبب في إفلاسه بالإصرار على أن يدفع النفقة المفروضة عليه. ومع ذلك، فإنه لم يقدم أي مستند يثبت مزاعمه ولم يستجد أي عنصر جديد منذ شكو اه الأولى. بل على العكس من ذلك، يؤكد أيضاً أنه لم يطعن عن طريق النقض في حكم محكمة الاستئناف بمونبلييه الصادر في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1997. وعلاوة على ذلك، يشير إلى أنه لا يرغب في التعليق على ملاحظات الدولة الطرف فيما يتعلق بالمقبولية، من ناحية، وعلى ادعا ئه بعدم إنصاف الدعوى الجنائية بشأن ترك الأسرة في إطار الملف 99/00046، وذلك لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، ومن ناحية أخرى، الادعاءات بانتهاك المواد 16 و17 و26 من العهد.

الإجراءات والمسائل المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما يتعي ن على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في الادعاء بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفيما يتعلق بالادعاءات بانتهاك المواد 15 و16 و17 و26 من العهد، ترى اللجنة أ، صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته بأدلة كافية لأغ راض إجازة المقبولية على ضوء المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بالشكوى من انتهاك المادة 14 من العهد، لاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، من ناحية، فيما يتعلق بالدعاوى المعروضة على قاضي الأسرة (دعوى الطلاق في إطار الحك م الصادر في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1997 والإجراءات اللاحقـة للطلاق في الملفات 98/00312، و2000/00904 و2001/00925) التي لم يُطعن فيها قط، ومن ناحية أخرى، بالنسبة للدعاوى الجنائية المتعلقة بهجر الأسرة، سواء بالنسبة للملف 99/00046، الذي لم يرد فيه أنه تم التذرع في الطعن عن طريق النقض بحدوث أي انتهاك للحقوق التي تحميها المادة 14 من العهد، وبالنسبة للملف 00/01265. الذي قدم بشأنه الطعن عن طريق النقص بعد انقضاء الآجال التي يحددها القانون.

وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا البلاغ غير مقبول بمقتضى الفقرة 2(ب) من الما دة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-1 لذلك تقرر اللجنة:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بمقتضى المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) تبليغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الفرنسي ه و النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يتضح من ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 15 أيار/مايو 2002، أن صاحب البلاغ طعن في الحكم عن طريق النقض في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، وأعلنت الدائرة الجنائية ل محكمة النقض عدم مقبولية الطعن بالنقض في 12 آذار/مارس 2002. وعلاوة على ذلك، هناك رسالة من محامي صاحب البلاغ مرفقة بمستندات الملف تظهر أن أجل الطعن بالنقض في الحكم كان قد انقضى.

(2) رأت اللجنة: 1- أن شكاوى البلاغ لا تستند إلى أساس فيما يتعلق بما يلي: (أ) ال مساس باحترام الحياة الأسرية عن طريق منح الأم حضانة الطفلين (المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية)؛ (ب) معاملته بصورة لا إنسانية (المادة 3)؛ (ج) عدم الإنصاف فيما يتعلق بالقضية المعروضة على قاضي الأطفال الفقرة 1 من المادة 6؛ 2- أن لا أساس من الصحة للشكوى المتعلقة بعدم قانونية المخالفات التي أدين صاحب البلاغ بارتكابها في إطار الإجراءات الجنائية المفروضة بسبب عدم تمثيل الطفلين (المادة 7)؛ 3- أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، الأمر الذي هو أساس الشكوى من انتهاك المادة 8 المذكورة أعلاه.

ضاد - البلاغ رقم 1082/2002، دي كليبل ضد بلجيكا*

(قرار اتخذ في 28 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : السيد أوليفييه دي كليبل (يمثله محام، الأستاذ أرنو جانسن)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بلجيكا

تاريخ تقديم البلاغ : 8 آذار/مارس 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 28 آذار/مارس 2003

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو السيد أوليفييه دي كليبل، وهو مواطن بلجيكي مقيم في بروكسل (بلجيكا). ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك بلجيكا للمادة 25(ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام. (دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ فيما يتعلق ببلجيكا في 17 آب/أغسطس 1984)

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 أدخل القانون البلجيكي الصادر في 11 نيسان/أبريل 1994 (المعدل بالقانون الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1998 والقانون الصادر في 12 آب/أغسطس 2000) نظام التصويت الآلي في بعض الدوائر الانتخابية أو المناطق الانتخابية أو البلديات.

ـــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسمـاؤهم: السيد نيسوكي أندو، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيدة كريستين شانيه، والسيد فرانكو ديباسكواليه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد راجسومر لالاه، والسيد ر افائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيدة روث ودجوود، والسيد رومن فيروشيفسكي.

2-2 ولجأ صاحب البلاغ بصفته مواطنا له حق الانتخاب والترشيح للانتخاب في الانتخابات المحلية لبلدية إ يكسل إلى المحاكم البلجيكية المختصة للحكم بمخالفة قانون التصويت الآلي للحقوق المقررة في المادة 25(ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

2-3 وفي 17 كانون الثاني/نوفمبر 2000، وبناء على قانون الانتخابات المحلية في بلجيكا، طعن صاحب البلاغ في الإجر اءات المتعلقة بإعداد وتنظيم وفرز الأصوات بأسلوب التصويت الآلي في الانتخابات المحلية التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000 في إيكسل وطلب من لجنة الطعون الانتخابية لمنطقة بروكسل العاصمة أن تحكم إلغائها.

2-4 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2000، رفضت لجنة الطعون ال انتخابية الطعن المقدم من صاحب البلاغ.

2-5 وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2000، استأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام مجلس الدولة.

2-6 وفي 4 نيسان/أبريل 2001، رفض مجلس الدولة الاستئناف المقدم من صاحب البلاغ.

الشكوى

3-1 يطعن صاحب البلاغ في قانون الانتخاب الآلي للأسب اب التالية:

عدم وجود رقابة مستقلة على العمليات الانتخابية وما يؤدي إليه ذلك من تأثير على توزيع المقاعد بين القوائم ، من خلال أربعة عوامل:

عدم شفافية النظام لعدم الكشف عن برمجيات التصويت والفرز وعدم تمكين مكتب الاقتراع الرئيسي ومكاتب الاقتراع الفرعية بالتال ي من ممارسة رقابة حقيقية على العمليات؛

عدم قدرة الناخب على التأكد من الاتفاق بين التصويت المرغوب فيه والرسالة الإلكترونية المدرجة على البطاقة المغناطيسية نتيجة لعدم خضوع البرمجيات التي تعتبر وسيطا بينهما للمراقبة؛

أن وزارة الداخلية هي التي تنظم عملية الفرز وتشرف عليها. ولا تشكل الرقابة التي تمارسها لجنة الطعون الانتخابية بديلا لذلك لعدم استقلال الجهة التي تقوم بالفرز ولوجود عيوب كثيرة في أعمال ونظام وصلاحيات لجنة الطعون الانتخابية (عدم القدرة على ممارسة رقابة فعالة على جميع مكاتب الاقتراع، عدم تمتعها بسلطا ت في حالة الغش)؛

عدم قدرة المرشحين والشهود على التحقق من عمليات فرز الأصوات أو حصرها لعدم وصولهم إلى البرمجيات واضطرارهم بالتالي إلى الاكتفاء بمتابعة الطابعة التي تسجل نتائج العمليات الإلكترونية المبهمة.

انتهاك حرية التصويت لمطالبة الناخبين باختيار قائمة ل لمرشحين دون الإطلاع في نفس الوقت على أسماء المرشحين المدرجين في كل قائمة؛

عدم الثقة في نظام التصويت الآلي وظهور عيوب لـه في الانتخابات التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000 أسفرت عن وجود اختلافات بين عدد البطاقات المسجلة في صناديق الاقتراع في مكاتب انتخابي ة كثيرة وعدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك المكاتب، واختلافات بين عدد البطاقات المغناطيسية المسجلة والملغاة في مكاتب انتخابية كثيرة.

3-2 ويرى صاحب البلاغ أن قانون التصويت الآلي الذي تم تطبيقه في الانتخابات المحلية التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 20 00 مخالف للمادة 25(ب) من العهد.

3-3 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية وأن المسألة نفسها ليست موضع بحث بمقتضى إجراء آخر للتحقيق الدولي أو للتسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تدفع الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 2 9 تموز/يوليه 2002 بعدم مقبولية البلاغ.

4-2 فأولا، وبناء على سوابق اللجنة (1) يقدم صاحب البلاغ في رأي الدولة الطرف دليلا يؤيد وصفه بأنه ضحية. ويقدم صاحب البلاغ انتقادات عامة ومجردة ضد نظام الانتخاب الآلي ولا يقدم أدلة محددة على ما لحقه من ضرر مباشر نتيجة له ذا النظام، بصفته مرشحا في الانتخابات المحلية في بلدية إيكسل أو بصفته ناخبا في نفس البلدية. وتؤكد الدولة الطرف أنه لم يلحق ضرر بصاحب البلاغ بصفته مرشحا حيث تم انتخابه. ولم يقدم صاحب البلاغ، وفقا للدولة الطرف، أي دليل ملموس لإثبات أن المخالفات المزعومة التي يدعي وقوعها قد أخلت، بالنسبة له أو بالنسبة للمرشح الذي اختاره، بنتائج الانتخابات المحلية في إيكسل.

4-3 وثانيا، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالأضرار التي يدعي وقوعها نتيجة للاختلافات بين عدد البطاقات المسجلة ف ي صناديق الاقتراع في مكاتب انتخابية كثيرة وعدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك المكاتب، من ناحية، والاختلافات بين عدد البطاقات المغناطيسية المسجلة والملغاة في مكاتب انتخابية كثيرة، من ناحية أخرى. وطبقا للدولة الطرف، قررت لجنة الطعون الانتخابية لمنطقة بروكسل العاصمة، وهي محكمة إدارية من أول درجة ومختصة بالنزاعات الانتخابية المحلية، في 14 كانون الأول/ديسمبر 2000، ان الاختلافات أعلاه تشكل أدلة جديدة مقدمة بعد انقضاء الأجل المحدد للطعن أمام اللجنة والذي يبلغ أربعين يوما (المادة 74(1) من قانون الانتخابات ال محلية). فلم تقدم هذه الأدلة مع الأدلة المقدمة مع الطعن الأصلي وأثيرت لأول مرة في المذكرات المقدمة في 8 و11 كانون الأول/ديسمبر 2000. ولما كانت هذه الأدلة تشكل أدلة جديدة ولا تعتبر تكملة فقط للأدلة المقدمة عند الطعن فقد خلصت اللجنة إلى عدم جواز قبولها. وقد أ يد مجلس الدولة المنعقد بصفته محكمة استئنافية في حكمه الصادر في 4 نيسان/أبريل 2002، بأسباب مؤيدة بالأدلة، هذا الرأي وقال إنه "؛لا يجوز قبول الدليل المقدم إلى لجنة الطعون الانتخابية بعد فوات الأجل ولا يجوز قبوله أيضا في مرحلة الاستئناف أمام مجلس الدولة".

4-4 وبناء على سوابق اللجنة (2) ، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لعدم قيامه، بسبب إهماله، باستنفاد سبل الانتصاف في الأجل المحدد في القانون الداخلي.

4-5 وثالثا، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية تأييدا لادعاءاته. وترى الدولة الطرف، استنادا إلى سوابق اللجنة (3) ، لأدلة المقدمة من صاحب البلاغ عامة ومجردة وأنه لم يقدم أدلة محددة فيما يتصل بالمقبولية.

4-6 وأخيرا، تفيد الدولة الطرف بأن المحاكم الوطنية تناولت ادعاءات صاحب البلاغ بدقة وبأن محاكم استئناف الدولة الطرف وليس اللجنة هي المختصة، وفقا لسوابق اللجنة (4) ، تقدير الوقائع والأدلة المطروحة في قضية معينة، ما لم يتبين أن المحاكم الوطنية منحازة بصورة واضحة.

4-7 وتسترعي الدولة الطرف النظر إلى أن مجلس الدولة قد أفاد منذ البداية وبصورة عامة أن المادة 25(ب) من العهد لا تحدد ن ظاما انتخابيا معينا أو تمنع نظاما انتخابيا معينا.

4-8 وفيما يتعلق بالإدعاء بعدم شفافية نظام التصويت الآلي، فقد تبين لمجلس الدولة أنه تم الكشف عن "الشفرة المصدرية" باستثناء خوارزميات الأمن. ولم يقم الدليل على أن الشفافية المكفولة بالكشف عن "الشفرة المصدرية" غير كافية.

4-9 وفيما يتعلق بمراقبة الناخب لبطاقته الانتخابية، فقد لاحظ مجلس الدولة أنه يمكن للناخب أن يتحقق من تصويته بعد الإدلاء به - ووافق صاحب البلاغ على ذلك - وثبت من عمليات المراقبة التي قام بها فريق الخبراء عدم وجود اختلاف بين التصويت المعلن والمعل ومات الواردة في البطاقة المغناطيسية.

4-10 وفيما يتعلق باستقلال فريق الخبراء، لاحظ مجلس الدولة أن صاحب البلاغ يعترض على قيام الجمعيات التشريعية بتشكيل هذا الفريق. ويؤكد مجلس الدولة بداية أن هذا المنطق من شأنه أن يشكك في استقلال ونزاهة جميع القضاة في بلجيكا لأن الملك يقوم بتسميتهم بناء على ترشيح من الوزير المختص أي بناء على "السلطة القائمة". ولم يقدم صاحب البلاغ، حسبما ذكر مجلس الدولة، دليلا ملموسا على عدم استقلال هذا الفريق. وبالعكس، أفاد مجلس الدولة بأن التعديلات التي أدخلت على القانون الصادر في 11 نيسان/أب ريل 1994 كانت نتيجة للملاحظات التي أبداها الفريق في التقرير الذي قدمه بشأن الانتخابات التي جرت في 13 حزيران/يونيه1999. وقدم الفريق في تقريره المتعلق بالانتخابات التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000 بيانا بالتحسينات المختلفة التي أدخلت على نظام التصويت الآ لي من حيث الإجراءات والأدوات المستعملة. ومن بين هذه التحسينات إمكانية أن يتحقق الناخب من تصويته بنفسه.

4-11 ويوضح مجلس الدولة بعد ذلك أن فريق الخبراء قام قبل الانتخابات التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000، بعدة اختبارات تضمنت الإدلاء بأصوات وعرضها على ال شاشة ومقارنة النتيجة بالأصوات التي تم الإدلاء بها فعلا وتبين عندئذ للفريق أن الأجهزة تنقل التصويت المسجل بأمانة في ذاكرة الحاسوب. وأخذ مجلس الدولة في الاعتبار أيضا عمليات المراقبة التي تمت يوم الانتخاب، بل وبعد ذلك أيضا، التي تبين منها (1) أن "العمليات الق ابلة للتنفيذ" الخاصة بالبرمجيات مطابقة تماما للعمليات المستهدفة عند جمع المراجع؛ و(2) أن الجهاز الخاص بقراءة البطاقات المغناطيسية لا يعدل مضمون البطاقات الموجودة بصندوق الاقتراع؛ و(3) أنه يمكن حصر البطاقات الموجودة بصناديق الاقتراع التي تخص بلدية معينة ال واحدة بعد الأخرى على الشاشة وحصر الأصوات يدويا. كذلك، يؤكد مجلس الدولة أنه يجوز تقديم طعن مزدوج أمام اللجنة الدائمة أو أمام لجنة الطعون الانتخابية بوصفها محكمة أول درجة ويجوز استئناف حكمها أمام مجلس الدولة ويجوز لهذه الهيئات جميعها أن تأمر بالتحقيق. ولهذه الهيئات ولاية كاملة ويشكل تدخلها ضمانا إضافيا.

4-12 وفيما يتعلق بالدفع بانتهاك حرية التصويت، يفيد مجلس الدولة بأن المادة 15 من القانون الصادر في 11 نيسان/أبريل 1994 تستوجب نشر قوائم المرشحين في كل مكتب من مكاتب الاقتراع وفي كل معزل مخصص للتصويت وبأن المادة 7 تستوجب عرض الرقم المسلسل لقوائم المرشحين والعلامات الخاصة بهم على الشاشة كما تستوجب التأكيد على التصويت الذي تم الإدلاء به وإعادة التصويت في حالة عدم تأكيده. ويستفاد من ذلك عدم إخلال التصويت الآلي على الإطلاق بحرية التصويت.

4-13 وفيما يتعلق بالدفع الخاص بعدم الثقة في نظام التصويت الآلي والأخطاء المرتبطة به، فقد رفض مجلس الدولة هذا الدفع لعدم إثارته في محكمة أول درجة طبقا للأصول المقررة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 يعترض صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة 26 أيلول/سبتمب ر 2002 على الأدلة المقدمة من الدولة الطرف.

5-2 فأولاً، يفيد صاحب البلاغ بأنه كان شخصيا وبصورة مباشرة ضحية لعدم الامتثال للمادة 25(ب) من العهد التي تمنحه حقوقا شخصية في العمليات الانتخابية وطلب إلى اللجنة أن تنظر في انتهاك هذه الحقوق عند تطبيق القانون الصا در في 11 نيسان/أبريل 1994 بشأن التصويت الآلي على الانتخابات المحلية التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000. ويؤكد صاحب البلاغ أن نظام الانتخاب الآلي يخل بالضمانات الموضوعية والشكلية للحقوق الانتخابية التي يكفلها العهد للمواطنين وأنه من التعسف بالتالي أن يط لب منه تقديم أدلة محددة على هذا الإخلال.

5-3 وثانياً، فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، لا ينكر صاحب البلاغ أن عدم قبول الدفع الخاص بالاختلافات بين عدد البطاقات المسجلة وعدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم وكذلك بين عدد البطاقات المعتمدة وعدد البطاقا ت المسجلة أو الملغاة في بعض مكاتب الاقتراع كان لأسباب إجرائية وهي عدم تقديم هذا الدفع في المواعيد المقررة بموجب القانون ولكنه يرى أنه لا ينبغي أن يؤثر ذلك على مقبولية البلاغ لأن البلاغ يتعلق بانتهاك المادة 25(ب) من العهد بقانون الانتخاب الآلي الذي تم تطبيق ه في الانتخابات المحلية التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

5-4 وثالثاً، يؤكد صاحب البلاغ أن ادعاءاته مؤيدة بأدلة كافية للقيام بتحليل دقيق وجدي وتفصيلي في شكواه. فلا يتعلق البلاغ، في رأيه، بصحة الوقائع أو الأدلة - أي بوجود الانتخابات وقانون الانتخاب الآ لي وطريقة تنفيذه - وإنما يتعلق بالاتساق بين القانون الصادر في 11 نيسان/أبريل 1994 الذي تم تطبيقه والمادة 25(ب) من العهد. ويؤكد صاحب البلاغ أنه لم يقتنع بالحكم الصادر من مجلس الدولة في 4 نيسان/أبريل 2001 خاصة للأسباب التالية: (1) عدم رد مجلس الدولة على الدف ع المتعلق باستحالة قيام فريق الخبراء بمراقبة جميع مكاتب التصويت من الناحية العملية؛ و(2) اعتماد مجلس الدولة في رده على مشكلة تحقق الناخب من الاتساق بين التصويت المطلوب والتصويت المسجل بالبطاقات المغناطيسية على تقرير فريق الخبراء دون الرد أولا على الدفع أعل اه؛ و(3) عدم وجود ضمانات لاستقلال فريق الخبراء؛ و(4) عدم رد مجلس الدولة على مسألة مراقبة المرشحين والشهود التابعين لهم لعملية الفرز.

مناقشات اللجنة بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للما دة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في جواز أو عدم جواز النظر في الإدعاء بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتحققت اللجنة من أن المسألة نفسها ليست موضع بحث بمقتضى إجراء آخر للتحقيق الدولي أو تسوية في مفهوم الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاخت ياري.

6-3 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أحاطت اللجنة علما بالحجج التي ساقتها الدولة الطرف بشأن عدم مقبولية الادعاءات الخاصة بالاختلافات بين عدد البطاقات المسجلة في صناديق الاقتراع في مكاتب انتخابية كثيرة وعدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك المكاتب من ناحية، والاختلافات بين عدد البطاقات المغناطيسية المسجلة والملغاة في مكاتب انتخابية كثيرة من ناحية أخرى، لعدم إثارة هذه الأدلة أمام المحاكم الوطنية المختصة في المواعيد المقررة بموجب القانون. ولاحظت اللجنة أيضا اعتراف صاحب البلاغ بأن عدم قبول هذه الأدلة كان للسبب المذكور. ولذلك، ترى اللجنة عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بالدفوع الأخرى المتعلقة بعدم وجود رقابة مستقلة للعمليات الانتخابية وبانتهاك الحرية الانتخابية الناتجة عن قان ون الانتخاب الآلي، فقد رأت اللجنة أنه، بفرض أن المتهم كان ضحية، أنه لم يقدم دليلا يؤيد شكواه. ولذلك ترى اللجنة عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقر ة 2 (ب) من المادة 5 والمادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الح واشي

(1) البلاغ رقم 35/1978 ( شيرين عمر الدين- جفرا و19 امرأة أخرى من موريشيوسية ضد موريشيوس ) والبلاغ رقم 831/1998 ( مايكل مايرز ضد فرنسا ).

(2) البلاغ رقم 925/2000 ( وان كووك كوي ضد البرتغال ) والبلاغ رقم 26/1978 ( ن.س، ضد كندا ).

(3) البلاغ رقم 779/1997 ( آري لا وآني ونكالايارفي وجوني ضد فنلندا ).

(4) البلاغ رقم 866/1999 ( مارينا وتوريغروسا لافوينتي ضد أسبانيا ) والبلاغ رقم 947/2000 ( باري هارت ضد أستراليا ).

ألف ألف - البلاغ رقم 1088/2002، فريتر ضد فرنسا *

(قرار اتخذ في 6 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

مقدم من : برنار فيريتر

الشخص المدعى أنه الضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 16 آب/أغسطس 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد ا جتمعت في 6 آب/أغسطس 2003،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو السيد برنار فيريتر، وهو مواطن فرنسي مولود في 11 تموز/يوليو 1946 في بلجيكا، ومقيم في مولان لي ميتز (فرنسا). وهو يدعي أنه كان ضحية انتهاكات فرنسا للمادتان 2 و14 من العهد الدو لي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 أدى صاحب البلاغ واجب الخدمة العسكرية في الجيش البلجيكي قبل أن يحصل على الجنسية الفرنسية بالزواج. وعمل في الإدارة الفرنسية منذ 1 كانون الثاني/يناير 1978 كموظف محافظة. وبذل بعد ذلك مساعيَ (طلب رأي من وزارة الوظائف العامة في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1982؛ والطلب المقدم إلى وزارة الداخلية في 11 تموز/يوليه 1988) من أجل مراعاة فترة خدمته العسكرية عند تحديد حقوقه في الترقية بالأقدمية وفي المعاش التقاعدي.

2-2 وفي 18 تشرين الثاني/نوف مبر 1988 و20 تموز/يوليه 1989، رفع صاحب البلاغ دعوى أمام المحكمة الإدارية في ستراسبورغ يطلب فيها إبطال القرار الذي رفض بموجبه وزير الداخلية طلبه ضمناً ولم يرد على رسالته المؤرخة 11 تموز/يوليه 1988. ورفضت المحكمة هذين الطلبين في قرارها المؤرخ 5 أيلول/سبتمبر 1991. ورأت بوجه خاص أن لوائح الجماعة (1) التي استشهد بها صاحب البلاغ لا تنطبق إلا على رعايا دولة يعملون في دولة أخرى، وأن هذا لا يسري على السيد فيريتر، باعتباره مواطناً فرنسياً يعمل في فرنسا. وقدم صاحب البلاغ طلب استئناف لهذا الحكم. وأصدر مجلس الدولة قراراً في 15 حزيران/يونيه 1994 أعلن فيه عدم جواز النظر في طلب الاستئناف (2) .

2-3 وعلى إثر هذا القرار، قامت مفوضية الجماعات الأوروبية، التي قدم إليها صاحب البلاغ شكوى، بإبلاغ الحكومة الفرنسية بأن رفض حساب الخدمات السابقة يتعارض وأحكام الفقرة 4 من المادة 48 من معاه دة الجماعة الاقتصادية الأوروبية، المتعلقة بواجب المساواة في المعاملة بين عمال مختلف الدول الأعضاء، على نحو ما فسرتها محكمة العدل للجماعات الأوروبية (القضية 15/69 UGLIOLA). وسلمت الحكومة الفرنسية عندها بضرورة تعديل القواعد السارية، وتحديداً المادة لام - 63 من مدونة الخدمة الوطنية.

2-4 وقد نشأ هذا التعديل عن القانون رقم 96 - 1043 المؤرخ 16 كانون الأول/ديسمبر 1996 والمتعلق بالعمل في الوظائف العامة وبتدابير تنظيمية شتى. وعليه، باتت المادة 5 مكرراً ثالثاً الجديدة من القانون رقم 83-634 المؤرخ 13 تموز/يوليه 1983 والمتعلق بحقوق الموظفين وواجباتهم تنص، في ما يتصل بفترة أداء الخدمة العسكرية في دولة أخرى من الدول الأعضاء، على أن "يدخل هذه الفترة في حساب الأقدمية اللازمة في الخدمة لأغراض الترقية في الوظائف العامة في الدولة والحكومات المحلية والمستشفيات".

2-5 وفي 15 كان ون الثاني/يناير 1997، قدم صاحب البلاغ طلباً جديداً يلتمس فيه أخذ فترة خدمته الوطنية في الحسبان. إلا أن مدير مقاطعة موزيل أخطره في 29 أيار/مايو 1997 بقرار الرفض الصادر عن وزير الداخلية في 20 أيار/مايو 1997، الذي استند إلى كون القانون الجديد لم يكن ساريا وقت توظيفه.

2-6 وفي 11 تموز/يوليه 1997، أعاد صاحب البلاغ رفع دعوى إلى المحكمة الإدارية في ستراسبورغ التمس فيها إبطال هذا القرار.

2-7 و في أثناء الإجراءات، عدل وزير الداخلية عن قراره وقبل أخذ فترة الخدمة العسكرية في الحسبان عند ترقية صاحب البلاغ. وهكذا، اعتُرف بفترة الخدمة العسكرية التي دامت 13 شهرا، بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية في 16 آذار/مارس 2001، لأغراض الأقدمية عند ترقية صاحب البلاغ إلى الدرجة السادسة من سلم موظفي المحافظات الرئيسيين.

2-8 ورأت المحكمة الإدارية في ستراسبورغ، في الحكم المؤرخ 6 تموز/يوليه 2001، أن تجاهل الخدمة الوطنية التي أداها صاحب البلاغ لا لشيء إلا لأنه أداها في بلجيكا يشكل تمييزاً يتنافى وأحكام المادة 48 من معاهدة تأسيس الجماعة الأوروبية واللائحة (من لوائح الجماعة الاقتصادية الأوروبية) رقم 1612/68 المؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 1968، و قد كانت كلاهما سارية في تاريخ انضمام صاحب البلاغ إلى الخدمة العامة الفرنسية ومطبقة بصفة مباشرة من جانب فرنسا. وأبطلت المحكمة القرار موضوع الاحتجاج المؤرخ 20 أيار/مايو 1997 فضلاً عن الحكم الصادر في 16 آذار/مارس 2001 إذ لا يأخذ في الحسبان فترة الخدمة العسكري ة التي أداها صاحب البلاغ إلا اعتباراً من الترقية المقبلة وليس من بداية حياته المهنية كموظف. وناشدت المحكمة وزير الداخلية بإعادة تقييم الحياة المهنية لصاحب البلاغ وفقاً للشروط المحددة على ذلك النحو.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه كان ضحية تمييز بسبب الجنسي ة وفقاً لأحكام في المادة 2 من العهد.

3-2 ويشتكي صاحب البلاغ أيضاً من قصور في إقامة العدل في القضية موضوع البحث، ذلك أن المحكمة الإدارية في ستراسبورغ قد عدَلت، بقرارها المؤرخ 6 تموز/يوليه 2001، عن حكمها الصادر في 5 أيلول/سبتمبر 1991. ويطلب صاحب البلاغ تنفي ذ هذا القرار بإصلاح الضرر الذي لحقه جراء التمييز لمدة 22 عاما.

3-3 ويفيد صاحب البلاغ أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، مبيناً أن القضية لم تعرض على أية هيئة تحقيق دولية أو تسوية دولية أخرى.

ملاحظات الدولة الطرف على جواز النظر في البلاغ

4-1 تعترض ا لدولة الطرف في ملاحظاتها المقدمة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 على جواز النظر في البلاغ.

4-2 وتزعم في المقام الأول أنه لم يعد بإمكان صاحب البلاغ ادعاء كونه ضحية انتهاك للمادة 2 من العهد.

4-3 وتذكر الدولة الطرف أن على صاحب البلاغ، في نظر اللجنة، كما في نظ ر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أن يدعي شخصيا وبصفة فعلية أنه ضحية انتهاك لحق من الحقوق المنصوص عليها في العهد وأن يكون له مصلحة شخصية في هذا الادعاء. وتزعم الدولة الطرف، محتجة بقضاء المحكمة الأوروبية، أن من الضروري تقييم صفة الضحية في جميع مراحل الإجرا ءات. وعليه، فقد تسقط عن المدعي صفة الضحية في أثناء الإجراءات، إذا تم محلياً جبر عواقب الانتهاك المزعوم جبراً كافياً. إذ ترى المحكمة أن "ما تتخذه سلطة عامة من تدابير لا يجرد شخصاً في وضع المدعي من صفة ضحية إلا إذا أقرت السلطات الوطنية، صراحة أو ضمناً، بانته اك الاتفاقية وقامت بعدها بإصلاح الضرر الناجم عنه" (المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حكم "انسونا" الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996). وعلى هذا النحو، أدى إبطال سلطة قضائية وطنية لإجراء تأديبي اتخذ ضد أحد الأساتذة إلى إسقاط صفة الضحية عنه إذ اعتبرت تلك ا لعقوبة على أنها لم تفرض أبداً، وأنها بلا آثار رجعية (المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الحكم الصادر في قضية أكوك ضد تركيا في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2000).

4-4 وتلاحظ الدولة الطرف في هذه القضية أن صاحب البلاغ لجأ إلى اللجنة بعد بضعة أيام من إخطاره بالحكم ال صادر في 6 تموز/يوليه 2001، دون أن يمهل السلطات المختصة في وزارة العدل الوقت اللازم لاتخاذ تدابير التنفيذ المترتبة على هذا الحكم. وفي المقابل، تبين الدولة الطرف أنه قد أعيد، بمقتضى قرار صادر عن وزارة الداخلية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2001، أي بعد مرور شهرين فقط على الإخطار بالحكم، تقييم الحياة المهنية لصاحب البلاغ في ضوء التوجيهات الصادرة عن المحكمة. كما سُدد المبلغ الذي حُكم على الدولة الطرف بدفعه لقاء تكاليف الدعوى. وعليه، تعتبر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يعد ضحية انتهاك المادة 2 من العهد، ومن ثم لا يج وز قبول البلاغ طبقاً للمادة 2 من البروتوكول.

4-5 وثانياً، تبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يسعى إلى إثبات أن شرط جواز النظر المشار إليه أعلاه مستوفى بدعوى أن "الضرر الذي لحق به على مدى 22 عاما لم يُصلح"، رغم صدور الحكم المؤرخ 6 تموز/يوليه 2001. وفي المقاب ل، تزعم الدولة الطرف أنه، على افتراض أن الضرر لم يصلح بالكامل رغم صدور قرار بإعادة تقييم الحياة المهنية، يعتبر البلاغ عند ذلك مخالفا لمبدأ استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويشكل احترام هذا المبدأ شرطاً تقليدياً من شروط جواز النظر في البلاغات (3) يتعلق "في المق ام الأول بسبل الانتصاف القضائية" (4) ، أي السبل المتاحة والتي من شأنها إصلاح الأضرار (5) ويتعين أن تكون "احتمالات نجاحها معقولة" (6) .

4-6 وتؤكد الدولة الطرف في القضية موضوع البحث أن عدم استنفاد سبل الانتصاف المتاحة واضح تماماً، حيث إن صاحب البلاغ، قد أعاد مؤخر اً رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية في ستراسبورغ ملتمساً التعويض عن ذلك الضرر. وبالفعل، قدم صاحب البلاغ في نفس اليوم الذي لجأ فيه إلى اللجنة طلبا إلى وزير الداخلية يلتمس فيه مبلغ 500 2 فرنك فرنسي، وذلك، على ما يبدو، لقاء الضرر المعنوي الذي لحقه جراء انتفاء ا لصفة الشرعية عن القرارات الصادرة في حقه. ولعدم تلقيه رداً سريعاً على هذا الطلب، بادر صاحب البلاغ منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 إلى رفع دعوى أخرى أمام محكمة ستراسبورغ الإدارية ملتمساً حمل الحكومة الفرنسية على أن تدفع له المبلغ السالف ذكره، علاوة على مبلغ 400 فرنك فرنسي لقاء التكاليف الجانبية المتكبدة. ولم تَبلُغ هذه الدعوى مرحلة البت بعد، إلا أن حظوظ نجاحها على حد قول الدولة الطرف معقولة، ذلك أن كل قرار إداري يشوبه عدم الشرعية يعد مخالفاً، ومن ثم يمكن أن تُحمَّل الإدارة مسـؤوليته (مجلـس الـدولة، 26 كانون ا لثاني/يناير 1973 Driancourt Rec. الصفحة 77). ولكن نظراً لأن السلطات القضائية المحلية لم يَتَسَنَّ لها بعد البت في هذه الدعوى فليس من شك في أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. وفي أي حال، تفيد الدولة الطرف أنه، في حال إصرار صاحب البلاغ على اعتبار أن الإدارة مقصرة في الأخذ بنتائج الحكم الصادر في 6 تموز/يوليه 2001 وفي إعادة تقييم حياته المهنية، فباستطاعته اللجوء من جديد إلى المحكمة الإدارية في ستراسبورغ ملتمساً إبطال القرار المؤرخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2001 المذكور آنفا. إلا أن صاحب البلاغ، على حد علم الدولة ال طرف، لم يفعل ذلك. وبناء عليه، لا يجوز النظر في البلاغ عملا بأحكام المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول.

4-7 وثالثاً، ترى الدولة الطرف أن ادعاء القصور في إقامة العدالة - نظراً إلى أن المحكمة الإدارية في ستراسبورغ كانت قد رفضت طلب صاحب البلاغ، لكن ها عادت بعد عشرة أعوام لتعطيه الحق على أساس النصوص القانونية الجماعية نفسها، والحال أن الأمر يتعلق بالمسألة ذاتها - لا يتمشى وأحكام المادة 14 من العهد. إذ لا تكفل هذه المادة البتة الحق في ألا يرتكب القاضي أي خطأ قانوني ممكن.

تعليقات صاحب البلاغ على الملاحظ ات المقدمة من الدولة الطرف بشأن جواز النظر في بلاغه

5-1 يؤكد صاحب البلاغ في ما أدلى به من تعليقات في 10 كانون الأول/ديسمبر 2002 أنه ما زال يحمل صفة الضحية طالما أن إعادة تقييم حياته المهنية لا تأخذ في الحسبان الفوائد المتصلة بالتأخير المتراكم منذ 20 عاما م ن جهة، ولا تصلح الضرر الناجم عن تمييز دام طيلة تلك الفترة من جهة أخرى. كما يبين أن المهلة المعقولة يبدو أنها قد مرت منذ أول طعن له في التمييز الذي استهدفه، وليس ثمة ما يدعوه إلى الانتظار أكثر.

5-2 وفي ما يتعلق بالضرر الناجم عن انتهاك المادة 14 من العهد، ي شكك صاحب البلاغ في نزاهة مجلس الدولة الذي أعلن عدم جواز النظر في طلبه، في حين أن أياً من الأطراف لم يثر هذه المسألة، وأن المحكمة الإدارية في ستراسبورغ قد أعلنت مرتين أن النظر في الطلب جائز. وأخيراً، يزعم صاحب البلاغ أن من الصعب جداً الطعن في قرارات المحكمة الإدارية ومجلس الدولة في غياب خطأ فادح.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة في ما يتعلق بجواز النظر في البلاغ

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في البلاغات، أن تبت، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كا ن البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري أم لا.

6-2 وتأكدت اللجنة، لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست معروضة بالفعل على نظر هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفي ما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 2 من العهد، تحيط الدولة علماً بحجج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد فقد صفة الضحية، إذ نُفذ الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في ستراسبورغ في 6 تموز/يوليه 2001 بصدور قرار وزير الداخلية المؤرخ 19 تشرين الثاني/أكتوبر 2001 والقاضي بإعادة تقييم الحياة ال مهنية من خلال الإقرار بفترة الخدمة العسكرية وتسديد تكاليف الدعوى. كما اطلعت اللجنة على الحجة التي قدمها صاحب البلاغ اعتراضاً على استنتاج الدولة الطرف معتبراً أن ادعاء التمييز لم يُصلح. وترى اللجنة أن ادعاء التمييز ومسألة التعويض يشكلان عنصرين مختلفين من ال شكوى. إلا أن اللجنة تستنتج أولاً أن الدعوى المتعلقة بالتمييز قد بُت فيها بموجب الحكم المؤرخ 6 تموز/يوليه 2001 الذي طلب صاحب البلاغ تنفيذه، وهو ما توخته الدولة الطرف بإصدار القرار المؤرخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2001. زد على ذلك أن كل اعتراض من جانب صاحب البلا غ على هذا القرار يقتضي الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية في ستراسبورغ. وتلاحظ اللجنة ثانياً أن صاحب البلاغ قد طعن في مسألة إصلاح الضرر الناجم عن التمييز في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 أمام المحكمة الإدارية في ستراسبورغ، وما زال هذا الطعن قيد البحث. وأخيرا، ت رى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لإثبات جواز قبول ما يدعيه من انتهاك للمادة 2 من العهد. ولا يؤثر هذا على مسألة ما إذا كان يمكن انتهاك المادة 2 بمعزل عن حكم آخر من أحكام العهد أو ما إذا كان يتعين التظلم من خرق المادة 26 من العهد بدلاً من المادة 2.

6-4 وفي ما يتعلق بادعاء حدوث انتهاك للمادة 14 من العهد، أحاطت اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف بأن عناصر الشكوى لا تتوافق وأحكام العهد بحكم الاختصاص الموضوعي. كما اطلعت أيضاً على حجج صاحب البلاغ في ما يتعلق بسوء تصريف المحكمة الإدارية ومجلس الد ولة لشؤون العدالة من جهة، وبصعوبة الطعن في قرارات كل منهما من جهة أخرى. وتشير اللجنة إلى أحكامها القضائية التي تقضي عموماً بأن المحاكم الوطنية هي التي تنظر في الوقائع والأدلة المتصلة بقضية ما، إلا إذا تبين بصورة جلية أن تقديرها قد انطوى على تعسف أو كان بمث ابة إنكار للعدالة. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي شكواه في ما يتعلق بسوء تصريف شؤون العدالة. كما تعتبر أنه كان باستطاعة صاحب البلاغ، رغم الشكوك التي ساورته بشأن فعالية سبل الانتصاف، أن يستنفد جميع السبل المتاحة. وعليه، لا يجوز النظر في البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري والفقرة 2(ب) من المادة 5 منه.

7- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم جواز النظر في البلاغ بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتمدت باللغات الإسباني ة والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لوائح الاتحاد الأوروبي.

(2) نظراً لأن صاحب البلاغ قد اقتصر في طلبه المقدم إلى وزير الداخلية على "أن تُحسب خدمته العسكرية في الجيش البلجيكي في ألمانيا عند تحديد حقوقه في الأقدمية والمرتَّب التقاعدي" دون أن يحدِّد القرار الذي يريد الطعن فيه أو القرار الذي يود الحصول عليه؛ ونظراً، بالتالي، لأن سكوت الوزير لم يكن من الممكن أن يسفر عن إصداره قراراً مجحفاً يمكن الطع ن فيه على أساس تجاوز حدود صلاحياته؛ ونظراً، بالتالي، لأن السيد فيرنير لم يكن لديه ما يؤيد شكواه بأن محكمة ستراسبورغ الإدارية، بإصدارها القرار الذي يعترض عليه، قد رفضت طلبه.

(3) البلاغ رقم 130/1982 ( ج.س. ضد كندا )، قرار صادر في 6 نيسان/أبريل 1983.

(4) البل اغ رقم 262/1987 ( ر.ت. ضد فرنسا )، قرار صادر في 3 نيسان/أبريل 1989.

(5) البلاغات رقم 146 ومن 148 إلى 154/1983 ( بابويرام ضد سورينام )، آراء معتمدة في 4 نيسان/أبريل 1985.

(6) البلاغ 550/1993 ( فوريسون ضد فرنسا )، آراء معتمدة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996.

باء باء - البلاغ رقم 1091/2002، بيريرا ضد سري لانكا*

(قرار اتخذ في 7 آب/أغسطس 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد وانّاكواتّا بيريرا

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ : 18 نيسان/أبريل 2002 (الرسا لة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 آب/أغسطس 2003،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1-1 صاحب البلاغ، المؤرخ 18 نيسان/أبريل 2001، وانّاكواتّا بيريرا، هو أحد الرعايا السري لانكيين المولود في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1938. ويدعي أنه ضحية انتهاكات جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ولا يمثله محام. وكان البروتوكول الاختياري قد دخل حيز النفاذ بالنسبة لسري لانكا في 3 تشرين الأ ول/أكتوبر 1997.

1-2 وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2002، قرر مقرر اللجنة الخاص المعني بالبلاغات الجديدة أن يفصل في مسألة النظر في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 "حُرِم" صاحب البلاغ من ممارسة صلاحياته، بينما كان يشغل منصب نائب مدير عام المصرف الشعبي (أحد المصارف الحكومية السريلانكية)، من قبل المصرف بزعم أنه ضلل المكتب الإقليمي للمصرف بموافقته على تقديم ــــــــــ

* شارك في دراسة هذا البلاغ الأعضاء التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، ا لسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، السيد فرانكو ديباسكاليه، السيد موريس غليليه أهانهانزو، السيد والتر كالين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد راجسومر لالاّه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتِن شاينين، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيدة رو ث ودجوود، السيد رومن فيروشيفسكي .

تسهيلات لأحد الزبائن. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فإن المصرف لم يتكبد أي خسارة في هذه المعاملة، والمزاعم المطلقة مبنية على التخمين والمحاباة، من أجل التستر على بعض التصرفات غير السوية لاثنين من كبار الموظفين اشتركا بصفة م باشرة في تقديم التسهيلات للزبون.

2-2 وبعد إجراء تحقيق داخلي، فُصل صاحب البلاغ من وظيفته في 2 آذار/مارس 1987، من دون منحه أية فرصة لاستدعاء شهود يشفعون لـه. وفي عام 1988، عجز صاحب البلاغ عن الحصول على مساعدة من محكمة العمل، وبناءً على ذلك استأنف لدى المحكمة العليا.

2-3 وفي 13 شباط/فبراير 1998، رأت المحكمة العليا أن صاحب البلاغ قد أقيل من وظيفته على نحو غير لائق، وأمرت بمنحه تعويضات وتكاليف بمبلغ 60 941 474 روبية سريلانكية (1) ، بدلاً من إعادته إلى وظيفته، بالنظر إلى أنه قد تجاوز في تلك المرحلة سن التقاعد وهي 5 5 عاماً. وقدم صاحب البلاغ استئنافاً لدى محكمة النقض، على أساس أن المساعدة التي منحتها إياه المحكمة العليا لم تكن كافية، ولا سيما أنها لم تراع الزيادات في المرتب التي كان سيحصل عليها لولا فصله من وظيفته. وقدم صاحب العمل استئنافاً مقابلاً لاستئنافه إلى نفس ا لمحكمة ضد قرار المحكمة العليا بشأن فصل صاحب البلاغ بشكل غير لائق.

2-4 وفي 22 آذار/مارس 2000، نظر رئيس قضاة محكمة النقض، الذي كان يجلس بمعية قاضيين آخرين من قضاة المحكمة، في مختلف التقارير الموجزة وأدلى بتعليق حسب ما يُزعم مفاده أن الأمر لا يستأهل قراءة هذ ا الكم الهائل من التقارير بشأن مسألة ليست سوى "مسألة جانبية". ويُزعم أن رئيس القضاة استمر في حديثه قائلاً إن صاحب البلاغ قد تعرض لشيء من الجور واقترح منحه "بعض التعويض". واعترض محامي صاحب البلاغ وزعم أن مقدار الأضرار التي حددت في الحكم الصادر عن المحكمة ال عليا لم يكن كافياً، والتمس من المحكمة أن تأخذ بالحجج لدى نظرها في القضية وأن تستمع إليها. وبالرغم من ذلك، نصح رئيس القضاة محاميي الدفاع عن الطرفين بالتوصل إلى تسوية يتفق عليها وأجّل النظر في القضية.

2-5 وفي 9 أيار/مايو 2000، عندما عرضت القضية للمرة الثانية على محكمة النقض، لم يسمح رئيس القضاة لمحامي صاحب البلاغ بالدفاع عن القضية بالرغم من أن الجلسة عينت لتقديم الحجج، وهدد بإغلاق القضية في حالة عدم التوصل إلى تسوية في موعد لاحق، حدد له 12 أيلول/سبتمبر 2000. وقال على ما يزعم إن القضية لا ينبغي أن تعرض على سوا ه.

2-6 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2000، وافق محامي صاحب العمل على دفع مبلغ 941.60 469 روبية سريلانكية (حوالي 690 4 دولاراً من دولارات الولايات المتحدة) تعويضاً لصاحب البلاغ. وعلى هذا الأساس، رفضت محكمة النقض في نفس اليوم كلا الاستئنافين دون حكم بالمصاريف، بالنظر على ما يزعم إلى اعتراضات محامي صاحب البلاغ القائلة إنه ينبغي تسجيل استحقاقات صاحب البلاغ في الحصول على المعاش التقاعدي. ومنذ ذلك الوقت، يدعي صاحب البلاغ أن صاحب العمل حرمه بغير وجه حق من استحقاقاته في المعاش التقاعدي.

2-7 وقدم صاحب البلاغ التماساً إلى رئيس سري لانكا، بيد أنه لم يتلق أي رد.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أن هناك انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تمثل في حرمانه من جلسة استماع منصفة من جانب محكمة النقض التي لم تتصرف، لدى تطرقها إلى قضيته، كمحكمة مستقلة ونزيهة من حيث إنه أُجبر على القبول ب أي أمر أوعزت به.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن أمام محاميه ولا أمامه أي خيار سوى القبول بإذعان بالأمر الصادر عن محكمة النقض. ويزعم أنه حتى تدخل محاميه الأقدم الذي طلب تسجيل استحقاقاته من المعاش التقاعدي، "لم يلاق آذاناً صاغية".

3-3 وعلاوة على ذلك، يرى صاحب البلاغ أنه، بالرغم من أن استحقاقاته من المعاش التقاعدي لا تتأثر بالتسوية التي أصدرت محكمة النقض توجيهات بشأن إجرائها، تجاهل صاحب العمل السابق الطلبات المتكررة التي قدمها صاحب البلاغ بشأن منحه هذه الاستحقاقات استناداً إلى الأمر الذي أوعزت به المحكمة، ن تيجة لعدم تسجيلها لاستحقاقاته.

3-4 وبناءً على ذلك يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعلن عدم حصوله على جلسة استماع منصفة وأنه بالتالي قد حرم من حقوقه في تقاضي مبالغ المعاش التقاعدي وغيرها من الفوائد المترتبة على صاحب العمل السابق. كما يطلب إلى اللجنة أن تطالب بدفع تعويضات كافية - تتناسب والخسائر الفعلية التي تكبدها، مع مراعاة ما كانت ستؤول إليه حال مساره الوظيفي.

رسائل الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تزعم الدولة الطرف، في رسالة مؤرخة 10 تشرين الأول/أكتوبر 2002، أن البلاغ غير مقبول لعدم التثبُّت مبدئياً من انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وغير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بخصوص ما تبقى من ادعاءاته.

4-2 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب الفقرة 1 من المادة 14، تلاحظ الدولة الطرف أن قرار محكمة النقض يعكس اتفاقاً توصل إليه الطرف ان، أي صاحب البلاغ والمصرف الشعبي. وتولى تمثيل كلا الطرفين محاميان اشتركا في إجراء التسوية في المحكمة لصالح موكليهما كل فيما يخصه. وفي الواقع، فقد تولى تمثيل صاحب البلاغ محام كبير جداً من نقابة المحامين المحلية، زاول مهنة المحاماة لما يزيد على 30 سنة. وتشي ر الدولة الطرف إلى عجز صاحب المطالبة عن تقديم أي مادة إلى اللجنة إذ توحي إما بأن محاميه لم يوافق فعلاً على التسوية، وإما بأنه وافق على إجرائها مكرهاً أو بفعل تعرضه لضغوط. وفي هاتين الحالتين، يعتبر ادعاء صاحب البلاغ بأن الموافقة الممنوحة بالنيابة عنه على إج راء التسوية الواردة في أمر المحكمة كانت غير طوعية أمراً غير متثبت منه. وعلى النقيض من ذلك، تبين الظروف أن صاحب البلاغ قد امتثل في جميع الأوقات طواعية للتسوية التي أبرمت في المحكمة وقبل بها.

4-3 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن السبب الوحيد الذي قدمه صاحب البلاغ دعماً لادعائه بأنه لم يحصل على جلسة استماع منصفة في محكمة النقض هو التصرف المزعوم من رئيس القضاة. ومع ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن الحكم يعكس قراراً جماعياً للمحكمة وليس الميول الفردية لرئيس القضاة. وفي الواقع، فقد اتخذت هيئة المحكمة المؤلفة من ثلاثة قضاة و التي استمعت إلى القضية قرارها بالإجماع. ولم يتذمر صاحب البلاغ من تصرف القاضيين الآخرين اللذين شاركا في الإجراءات وأصدرا الأمر، مع أن هذين القاضيين يتمتعان بوضع مساوٍ من حيث الدستورية لوضع رئيس القضاة فيما يتعلق بسير الإجراءات القضائية. ولذلك، فإن ادعاء صا حب البلاغ القائل إنه حرم من جلسة استماع منصفة ناجم عن سوء فهم وليس له أساس.

4-4 وعلى أي حال، فإن الدولة الطرف تلاحظ أنه كان بإمكان صاحب البلاغ، في حالة عدم اقتناعه بتصرف رئيس القضاة أو أي قاضٍ (قضاة)، أن يقدم اعتراضاً إما شفوياً وإما خطياً، يحتج فيه على م شاركة هذا القاضي (هؤلاء القضاة) في الإجراءات الأخرى. ولم يمارس صاحب البلاغ في هذه القضية، حقوقاً من هذا القبيل، بالرغم من أن الفرصة كانت سانحة أمامه تماماً للقيام بذلك، مما لا يعزز سوى الادعاء القائل إنه - رضخ للأمر الصادر عن محكمة النقض، وقَبِل به.

4-5 أم ا فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ الأخرى، فالدولة الطرف تلاحظ أنها تركز على شكوى صاحب البلاغ من أن استحقاقاته من معاشه التقاعدي تأثرت تأثراً عكسياً بالأمر الذي أوعزت به محكمة النقض. ومع ذلك، ومثلما ورد في الحكمين الصادرين عن كل من المحكمة العليا ومحكمة الن قض، لم تشكل استحقاقاته في هذا الصدد في أي وقت من الأوقات جزءاً من موضوع الإجراءات المعروضة سواء على محكمة العمل أو المحكمتين الأخريين. ولم يتم البت من الناحية القضائية سوى فيما إذا كان عزل صاحب البلاغ من منصبه مبرراً أم لا. وبالتالي، لم يكن بوسع هذه المحاك م أن تصدر أمراً بشأن استحقاقات المعاش التقاعدي، وبالفعل يعترف صاحب البلاغ بأن قرار محكمة النقض لم يتطرق حتى إلى هذه الاستحقاقات.

4-6 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن الاستحقاقات من المعاش التقاعدي ينظمها القانون الأساسي، وأن هناك عدة سبل انتصاف دستورية وقانوني ة متاحة لتعزيز الحقوق من هذا القبيل في حالة عدم امتثال الطرف الملزَم بسدادها. وهكذا، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يسعى للحصول على مساعدة امتيازية عن طريق استصدار أمر من محكمة الاستئناف عملاً بالمادة 140 من الدستور، أو كان بوسعه أن يحتكم إلى اختصاص محكمة النقض فيما يتعلق بالحقوق الأساسية بموجب المادة 126 من الدستور. وقد عجز عن الانتفاع بسبيلي الانتصاف هذين، بالرغم من أن الفرصة كانت سانحة أمامه تماماً للقيام بذلك. وبناء على ذلك، عجز عن استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، مثلما تقتضي ذلك الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على رسائل الدولة الطرف

5-1 رفض صاحب البلاغ، بالرسالة المؤرخة 3 كانون الأول/ديسمبر 2002، ملاحظات الدولة الطرف، مشيراً إلى أن رئيس القضاة هدد بإغلاق القضية إن لم يتم التوصل إلى تسوية، وأص در توجيهاته التي تفيد بأن من المقرر عدم الاستماع إلى القضية سوى أمامه. ويزعم صاحب البلاغ أن محاميه لم يكن أمامه أي خيار سوى الخضوع لرغبات رئيس القضاة، وهو السلطة القضائية الأخيرة في النظام القانوني للدولة.

5-2 ويقول صاحب البلاغ في هذا الصدد، إن التطرق إلى بعض المسائل القضائية تطرقاً تعسفياً ومتعصباً أصبح موضوعاً للتحقيقات التي تجريها مختلف الهيئات الدولية، مثل الرابطة الدولية لنقابات المحامين، التي أوفدت بعثة إلى سري لانكا "لتحديد الظروف المحيطة بإجراء استفتاء بشأن الدستور، وتقييم الوضع الدستوري لهذا الإجرا ء والآثار المتعلقة بسيـادة القـانون، في ضوء القضايا التي قُدِّمت مؤخراً والتي تسعى إلى تجريد رئيس القضاة من حقوق مزاولة مهنة المحاماة (...)" (2) . كما يشير صاحب البلاغ إلى أحد - الطعون المقدمة ضد رئيس القضاة إلى المتحدث باسم البرلمان في 6 حزيران/يونيه 2001، فيما يتعلق بقضايا أخرى يُزعم أن رئيس القضاة أساء فيها استغلال منصبه. ويدّعي صاحب البلاغ أن موقف رئيس القضاة أدى على نحو واضح وضوح الشمس إلى خلق حالة أُجبر فيها الخصوم والمحامون، وحتى القضاة الذين يخضعون لسلطة رئيس القضاة، على الإذعان. وفي هذه الحالة، يزعم أنه وجد نفسه عاجزاً بوصفه أحد الخصوم وليس لديه أي وسيلة من وسائل الجبر.

5-3 وفيما يتعلق بمسألة حقوق المعاش التقاعدي، يشير صاحب البلاغ إلى خطاب موجه من صاحب العمل السابق، يفسِّر فيه أمر المحكمة على أنه يحدد بصفة قطعية مسألة الاستحقاقات من المعاش التقاعدي. وفي رسالة مؤرخة 31 آذار/مارس 2001، أعرب صاحب العمل السابق عن نيته عدم إجراء المزيد من الاتصالات بصاحب البلاغ بشأن مطالبته "بمبالغ مختلفة بما فيها استحقاقات إنهاء الخدمة"، بالنظر لحسم محكمة النقض للشكوى التي قدمها صاحب البلاغ. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فإن هذه الحال ما كانت ستؤول إلى ما آلت إليه لو أن رئيس القضاة قد سجّل، مثلما طلب إليه محامي صاحب البلاغ خلال جلسة الاستماع إلى قضيته، أنه ليس من شأن هذه التسوية، بالرغم من أنها فُرِضت على صاحب البلاغ، أن تؤثر على استحقاقاته من المعاش التقاعدي.

المسائل والإ جراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتأكدت اللجنة من أن نفس المسألة لا تجري دراستها بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن قرا ر محكمة النقض المؤرخ 12 أيلول/سبتمبر 2000 صادر عن ثلاثة قضاة من المحكمة. وترى اللجنة أن المزاعم المتعلقة بالتصرف غير اللائق بخصوص إقامة العدل في بعض القضايا الأخرى التي قُدِّمت ضد رئيس القضاة في المذكرة البرلمانية بشأن قرار المحكمة، لا تثبت ادعاء صاحب البل اغ أن تشجيع رئيس القضاة لكلا المحاميين اللذين توليا الدفاع عن الطرفين للتوصل إلى تسوية ودية بشأن مقدرا الأضرار التي تجاوزت حدود إدارة إحدى المحاكم العليا كما ينبغي لمصادرها القضائية هي انتهاك للفقرة 1 من المادة 14. وتلاحظ في هذا الصدد أن المحامي لم يطعن طع ناً واضحاً في الصياغة الشفوية التي أدلت بها المحكمة بشأن البت في القضية، وأن القرارات الصادرة عن المحكمة العليا في صالح صاحب البلاغ كانت، من الناحية الجوهرية، قد أُقرت جميعها تقريباً على صعيد الاستئناف. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا الادعاء غير متثبت من ه، لأغراض المقبولية، وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 أما فيما يتعلق بالادعاء بشأن استحقاق صاحب البلاغ التمتع بحقوق المعاش التقاعدي، فاللجنة تلاحظ أن مسألة التمتع بهذه الاستحقاقات لم تشكل في أي وقت من الأوقات جزءاً من الإج راءات المعروضة على المحاكم المحلية التي بتت في مشروعية فصل صاحب البلاغ من عمله ومقدار الأضرار الناجمة عن ذلك، ولا سيما أن أمر محكمة النقض المؤرخ 12 أيلول/سبتمبر 2000 لم يتطرق إلى هذه المسألة. وتلاحظ اللجنة، بالنسبة للمدى الذي قد يحرم فيه صاحب العمل السابق صاحب البلاغ من استحقاقاته المشروعة للمعاش التقاعدي، أن هناك طائفة من سبل الانتصاف المحلية المتاحة له كيما يستخدمها ضد صاحب عمله، والتي قد يتمكن من خلالها إثبات حقوقه في هذا الصدد. وبناء على ذلك، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

7- ولذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُخطَر صاحب ال بلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) شمل التعويض مبلغ 941.60 469 روبية سريلانكية، وهو يمثل المرتب الشهري الأخير لصاحب البلاغ مضروباً في الأشهر التي مرت لغاية صدور الحكم، ومصاريف بقيمة 000 5 روبية سريلانكية.

(2) تقرير الرابطة الدولية لنقابات المحامين لعام 2001، Sri Lanka: Failing to protect the Rule of Law and The independence of the Judiciary. على ال موقع الشبكي وعنوانه:

http://www.hg.org/cgi-bin/redir.cgi?url=http://www.ibanet.org .

جيم جيم - البلاغ رقم 1114/2002، كافانا ضد آيرلندا *

(قرار اتخذ في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2002، في الدورة السادسة والسبعين)

المقدم من : السيد جوزيف كافانا (يمثله السيد مايكل فاريل)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : آيرلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 8 تموز/يوليه 2002 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أ كتوبر 2002،

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ المؤرخ في 8 تموز/يوليه 2002، هو السيد جوزيف كافانا، مواطن آيرلندي وُلد في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1957، وهو مسجون حالياً بسجن مونتجوي، في دبلن. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك جمهورية آيرلن دا للمادة 2، الفقرة 3(أ) و (ب)، والمادة 26 من العهد. ويمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 4 نيسان/أبريل 2001، اعتمدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان آراءها بشأن البلاغ رقم 819/1998، مؤكدة انتهاك حق صاحب البلاغ في المساواة أمام القانون، وهو الحق ا لذي تضمنه المادة 26 من العهد، إذ إن مدير النيابة العامة أمر بمحاكمته أمام محكمة جنائية خاصة دون أن يقدم الأسباب التي تبرر اختياره لذلك الإجراء القضائي المحدد في حالته بالذات (1) . وذكرت اللجنة في آرائها أنه يحق لصاحب البلاغ الحصول على "وسيلة انتصاف فعالة" (2) . وإن الدولة الطرف كانت "ملزمة أيضاً بأن تكفل عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، إذ يتعين عليها أن تضمن عدم محاكمة الأشخاص أمام المحكمة الجنائية الخاصة إلا إذا قُدمت معايير معقولة وموضوعية للقرار المتخذ في هذا الشأن" (3) .

2-2 وفي 28 نيسان/أبريل 2001، أي في اليوم التالي لتسلم آراء اللجنة، طلب المحامي في رسالة موجهة إلى وزير العدل والمساواة والإصلاح القانوني الإفراج عن صاحب البلاغ، مشيراً إلى أنه سيتخذ إجراءات قانونية للدفاع عن حقوقه في حال رفض الطلب. وفي 30 نيسان/أبريل، تمت الإفادة رسمياً بتسلم الرسالة (4) . وبما أن الطلبات المتعلقة بالاعتراض على احتجاز الأفراد تُرفع، حسب الممارسة الجارية في آيرلندا، بأسرع ما يمكن، تقدم صاحب البلاغ يوم 3 أيار/مايو 2001 بطلب من جانب واحد أمام المحكمة العليا. والتمس في طلبه إطلاق سراحه وشطب إدانته، وإصدار إعلان يقول إن المادة 4 7(2) من قانون عام 1939 المتعلق بالجرائم المقترفة في حق الدولة تتنافى مع أحكام العهد وتتناقض مع أحكام الدستور، كما التمس الإفراج عنه بكفالة في انتظار نتيجة الإجراءات، والحصول على تعويضات، إضافة إلى أمور أخرى تتعلق بالانتصاف وباسترجاع التكاليف. ولقد اعتمد ال طلب على آراء اللجنة وعلى ادعاء بأن الحكومة ملزمة، بمقتضى الدستور ومذهب التوقع المشروع، بأن تتصرف وفق آراء اللجنة.

2-3 وفي 20 و21 حزيران/يونيه 2001، استمعت المحكمة العليا إلى طلب الإذن بالمراجعة القضائية، في حين اعترضت الدولة الطرف على منح ذلك الإذن. وتضمنت الادعاءات المقدمة باسم صاحب البلاغ أنه، بالرغم من أن العهد لم يُدرَج صراحةً في القانون الآيرلندي ولم يصبح، بالتالي، ملزِماً بصفة مباشرة محلياً، فإن أحكام العهد و/أو مبادئه أصبحت جزءاً من القانون العرفي وبهذه الصفة، ملزمة. كما جاء في الادعاءات أن الدولة ال طرف، بتصديقها على العهد وعلى البروتوكول الاختياري، قد جعلت من المشروع أن يُرتقب منها التقيد بآراء اللجنة وتنفيذها في الدعاوى التي ترفع إليها. وطلبت الدولة أن يُحكم لها بتكاليف التقاضي ضد صاحب البلاغ، في حين طلب صاحب البلاغ أن يُحكم لـه بتكاليف التقاضي لإثا رته (لأول مرة) مسألة ذات أهمية عامة كبرى.

2-4 في 29 حزيران/يونيه 2001، قررت المحكمة العليا رد الدعوى، مؤكدة أن صاحب البلاغ لم يقدم دعوى يمكن الدفاع عنها. فنظراً إلى عدم إدراج العهد مباشرة في القانون، فإن العهد لا يمكن أن يمت بصلة إلى النظام القانوني المحلي إلا من خلال المادة 29(3) من الدستور الآيرلندي (5) . إلا أن المحكمة اعتبرت أنه حتى على افتراض أن العهد أو مبادئه أصبحت من "مبادئ القانون الدولي المعترف بها عموماً" ومن اختصاصات المحاكم، فإن الحقوق الوحيدة الممنوحة تتعلق بالعلاقات بين الدول ولم تُمنح للأفراد، مثل صاحب البلاغ. ولم تصدر المحكمة أمراً بخصوص التكاليف، تاركة صاحب البلاغ يتحمل التكاليف الخاصة به.

2-5 وحال صدور قرار المحكمة العليا، في 16 تموز/يوليه 2001، رفع صاحب البلاغ دعوى استئناف أمام محكمة التمييز. ولم يتم سماع دعوى الاستئناف إلى غاية يوم 13 كانو ن الأول/ديسمبر 2001، رغم طلبات التعجيل المقدمة بسبب وجود صاحب البلاغ رهن الاحتجاز. ولقد اعترضت الدولة مجدداً على استئناف صاحب البلاغ. كما طلبت الدولة تحميل صاحب البلاغ التكاليف، في حين طلب صاحب البلاغ مجدداً الحكم لـه بالتكاليف لإثارته مسألة ذات أهمية عامة . وفي 1 آذار/مارس 2002، قامت هيئة لمحكمة التمييز تتألف من خمسة قضاة، بمن فيهم رئيس القضاة، برد الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ ضد قرار المحكمة العليا القاضي بعدم الإذن بالاستئناف، مؤكدة أن صاحب البلاغ لم يقدم دعوى يمكن الدفاع عنها. وخلصت إلى أنه لا يمكن إن فاذ العهد ولا آراء اللجنة محلياً في القانون الآيرلندي. وأعلنت أنه لا يمكن تغليب آراء اللجنة على القانون المتعلق بالجرائم المقترفة في حق الدولة، ولا على إدانة أصدرتها محكمة أُنشئت بمقتضى أحكامه. ولم تصدر المحكمة قراراً بشأن التكاليف، تاركة صاحب البلاغ يتحمل التكاليف الخاصة به.

2-6 وفي 8 آب/أغسطس 2001 (بعد تسلُّم آراء اللجنة بثلاثة أشهر وعشرة أيام)، عرض وزير العدل والمساواة والإصلاح القانوني على صاحب البلاغ مبلغ 000 1 جنيه آيرلندي إقراراً بآراء اللجنة، دون أن يوضح إن كان المبلغ يمثل تعويضاً أو إسهاماً في التك اليف القانونية أو أنه عُرض لأغراض أخرى. كما لم تذكر الخطوات المتخذة لتجنب حدوث انتهاكات في المستقبل.

2-7 وبعد ذلك بمدة قصيرة، تسلم صاحب البلاغ من أمانة اللجنة نسخة من رد المتابعة الصادر عن الدولة الطرف بشأن آراء اللجنة في البلاغ الأصلي. وأبلغت الدولة الطرف اللجنة بالمبلغ المعروض على صاحب البلاغ وأرفقت، طي ردها، نسخة جزئية من تقرير مؤقت للجنة أنشأتها الحكومة بصفة منفصلة لفحص القوانين المتعلقة بالجرائم المقترفة في حق الدولة، والصادر في الفترة من 1993 إلى 1998.

2-8 وفي 22 آب/أغسطس 2001، قام صاحب البلاغ بإرجاع الشيك إلى الوزير معتبراً أنه غير واف على الإطلاق وأنه لا يشكل بأي حال من الأحوال سبيل انتصاف فعالاً. وذكر أن سبيل الانتصاف الأنسب هو شطب الإدانة والأمر بإجراء محاكمة ثانية أمام المحاكم العادية؛ ولكن، بما أنه أمضى الجزء الأكبر من المدة المحكوم عليه بها، يتع ين الإفراج عنه. وفي رسالة مؤرخة في 24 آب/أغسطس 2001، أفاد الوزير بتسلم رسالة صاحب البلاغ، ورفض سبيل الانتصاف المعروض عليه. وبعد ذلك، لم يصدر عن الوزير أي بلاغ آخر. ولم تتم إثارة مسألة الشيك خلال إجراءات المحكمة.

2-9 وفي رسالة مؤرخة في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2001 (مفصلة لرسالة بتاريخ 22 آب/أغسطس 2001)، أجاب صاحب البلاغ على رد المتابعة الصادر عن الدولة الطرف، مبيناً بالتفصيل لماذا اعتبر أن سبيل الانتصاف المعروض عليه لا يفي بالغرض وغير فعال. واحتج صاحب البلاغ بأن انتهاك حقوق يكرسها العهد ينبغي أن يعالج بطريقة مم اثلة لانتهاكات الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور. وقد حرصت المحاكم الآيرلندية في الماضي على تجنب أن تؤول انتهاكات لهذه الحقوق إلى إدانات، وعليه، أسقطت الإدانات وأمرت بدفع مبالغ هامة في شكل تعويض. كما عرض صاحب البلاغ على اللجنة رأياً مخالفاً (لم تعرض ه الدولة الطرف على اللجنة) لرئيس اللجنة المنشأة لاستعراض التشريعات ذات الصلة واثنين من أعضائها، وخلص هذا الرأي إلى أنه لا سبيل إلى إجراء تعديل للقوانين يُصلح انتهاك العهد الذي لاحظته اللجنة في استعمال القوانين. وعلى أي حال، يقول صاحب البلاغ إنه لم يُعلَن ع ن أي قرار بشأن صلاحيات مدير النيابة العامة، وأن هذا الأخير يواصل الإيعاز بإجراء المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة دون أن يقدم أسباباً لذلك.

2-10 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تفعل شيئاً في أثناء الإجراءات القانونية لإتاحة سبيل انتصاف لـه، ويقول إن جميع سبل الانتصاف المحلية استُنفدت بعد رفض محكمة التمييز طلب استئنافه.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 3(أ) من المادة 2، إذ إن الدولة الطرف لم توفر لـه سبيل انتصاف فعالاً عن خرق المادة 26 الذي سبق أن خلصت إليه اللجنة، والذي لا تزال آثاره ساري ة. ويستند صاحب البلاغ إلى سلسلة من الحالات التي خلصت فيها اللجنة إلى انتهاكات للفقرة 3 من المادة 2، إلى جانب خرق جوهري للعهد، لأن النظام القانوني المعني لم يوفر سبيل انتصاف فعالاً للخرق الجوهري (6) . كما يميز حالته عن بيانات صادرة عن اللجنة وتفيد بأنه لا يمك ن الاحتجاج بالمادة 2 بصفة مستقلة عن انتهاك جوهري، مشيراً إلى أن انتهاكاً جوهرياً قد حدث بالفعل وخلصت إليه اللجنة.

3-2 كما يدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 3(ب) من المادة 2، لأن السلطات المختصة لم تكفل حقه في سبيل انتصاف ولعدم توفر إمكانية الانتصاف القضائي لح الات مثل حالته. فالقانون الآيرلندي لا ينص على أي جهاز يمكن لشخص في وضع صاحب البلاغ أن يرجع إليه. كما لا يوجد أي إجراء يمكّن من رفع احتجاجات/عرائض إلى الوزير بشأن ما يمكن أن يمثل سبيل انتصاف فعالاً، أو يمكن من الطعن في قرار الوزير أو الحصول على مراجعة مستقل ة لهذا القرار. وإن سبيل الانتصاف المعروض والمتمثل في مبلغ 000 1 جنيه آيرلندي لا يكفي مطلقاً حتى لتغطية التكاليف التي تكبدها صاحب البلاغ بخصوص بلاغه والإجراءات القضائية اللاحقة أمام محكمة النقض. ويؤكد صاحب البلاغ أن إمكانية التقدم إلى الوزير بطلب للحصول على سبيل انتصاف تقديري بلا مقابل لا تستجيب لمقتضيات الفقرة 3(ب) من المادة 2، إذا كان المقصود ب‍ "السلطة المختصة"، في جملة أمور، سلطة تتصرف وفق إجراءات مستقرة بوضوح وعادلة ومحايدة، وتخضع لهذه الإجراءات.

3-3 كما يحتج بأن محاكم الدولة الطرف، لم تتخلف عن إقامة سب ل انتصاف قضائية فحسب، بل أكدت أيضاً أن الحجج التي تقدم بها صاحب البلاغ بحثاً عن سبيل انتصاف لخرق ثابت للعهد لا تتوفر فيها حتى أركان قضية يمكن الدفاع عنها بموجب القانون الآيرلندي. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تغير القانون حتى تتمكن المحاكم من إنفا ذ آراء اللجنة وتوفير سبيل انتصاف فعال. بل على العكس من ذلك، اعترضت الحكومة على الطلبات التي رفعها صاحب البلاغ إلى المحكمة على جميع الأصعدة، وطلبت، في الواقع، أن يُحكم عليه بالتكاليف لقيامه بذلك. وإن قرار محكمة التمييز بأن العهد لا يمكنه تغليبه على الإدانات التي تصدر وفق القانون المتعلق بالجرائم التي تقترف في حق الدولة يعني أنه لا يوجد سبيل انتصاف فعال للانتهاك ولآثاره المتواصلة.

3-4 كما يدعي أن الدولة الطرف انتهكت من جديد، أو تستمر في انتهاك، المادة 26، في حد ذاتها وبالاقتران مع المادة 2. ذلك أنه لا يزال يك ابد الآثار المتواصلة - أي السجن نتيجة لإدانة سارية المفعول - لقرار لا منطق ولا مبرر لـه يقضي بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الخاصة. فإدانته لا تزال نافذة المفعول ولم يوفَّر لـه أي سبيل انتصاف. ويستند إلى قضية بوغر ضد النمسا (رقم 2) (7) ، التي وجدت فيها اللجن ة انتهاكاً متكرراً للمادة 26 ناشئاً أساساً عن نفس الوقائع التي سبق لها أن وجدت أنها تشكل تمييزاً في القضية الأولى.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من ن ظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

4-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك المادتين 2 و26 نتيجة تخلف الدولة الطرف عن توفير سبيل انتصاف فعال لـه، تلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء لا يقوم عل ى أي تطورات وقائعية جديدة متعلقة بحقوق صاحب البلاغ بموجب العهد، تضاف إلى عدم تمكنه حتى الآن من الحصول على سبيل انتصاف يعتبره فعالاً فيما يتصل بانتهاك للعهد أثبتته اللجنة سابقا. وفي هذه الحال، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ ليس لـه أي ادعاء بموجب العهد يتجاوز نطاق ما سبق أن قررته اللجنة في بلاغه الأول إليها. لذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وفيما يتعلق بحجج صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف تواصل إحالة أفراد للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة، انتهاكاً للماد ة 26، دون أن تقدم تبريراً مناسباً لذلك الفعل، تلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء يعتبر من قبيل دعوى الحسبة ويتعلق بأعمال أخرى تُقدِم عليها الدولة الطرف فيما يتصل بالغير وليس بصاحب البلاغ نفسه. وينتج عن ذلك أن صاحب البلاغ ليس شخصياً ضحية هذه الانتهاكات المزعومة ال جديدة للعهد التي يشتكي منها، وأن هذا الجزء من الادعاء غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

5- لذلك، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وكذا إلى الدولة ال طرف للعلم.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) عقب هذا الأمر، أدين وحُكم عليه بعقوبتي سجن مدة كل منهما اثنا عشر عاماً وبعق وبة سجن أخرى مدتها خمسة أعوام، تسري كلها ابتداءً من تموز/يوليه 1994. وقد رفض استئنافه ضد الإدانة والحكم.

(2) البلاغ رقم 819/1998، الفقرة 12.

(3) المرجع نفسه.

(4) لم يُستلم أي رد موضوعي على هذه الرسالة.

(5) تنص المادة 29(3) على أن "آيرلندا تقبل مبادئ ال قانون الدولي المعترف بها عموماً كقاعدة لسلوكها في علاقاتها مع الدول الأخرى".

(6) " ألف ضد أستراليا " (البلاغ رقم 560/1993، الآراء المعتمدة في 4 آذار/مارس 1997)، كيللي ضد جامايكـا (البلاغ رقم 537/1993، الآراء المعتمدة في 17 تموز/يوليه 1996)، إكس - فيليبرت ضد زائير (البلاغ رقم 90/1981، الآراء المعتمدة في 21 تموز/يوليه 1983)، ماسيوتي ضد أوروغواي (البلاغ رقم 25/1978، الآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 1982).

(7) البلاغ رقم 716/1996، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1999.

دال دال - البلاغ رقم 1142/2002، فان غرينسف ان ضد هولندا *

(قرار اتخذ في 27 آذار/مارس 2003، في الدورة السابعة والسبعين)

المقدم من : أ. ج. ف. غ.

الشخص المدّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ وطفلاه

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنس ان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 آذار/مارس 2003،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- يُقدم صاحب البلاغ، المؤرخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، السيد أ. ج. ضد غ. والذي يحمل جنسية مزدوجة هولن دية وأمريكية والمولود في عام 1961، شكوى بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن طفليه. وهو يدعي انتهاك هولندا للمادتين 7 و8 والفقرات 1 و2 و3 (أ) - (د) و(ز) والفقرة 5 من المادة 14 والمادتين 15 و17 والفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24، والمادة 26 من العهد الد ولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وفقاً لما يقوله صاحب البلاغ فإن زوجته حاولت في حزيران/يونيه 1998 قتل طفليهما. وبالتالي، بقي الطفلان في رعاية صاحب البلاغ وحده، وأُجبرت زوجته على تلقي العلاج النفسي. وقد م صاحب البلاغ في كانون الأول/ ديسمبر 1998 مطالبة بالطلاق بينهما.

2-2 وفي تموز/يوليه 1999، أصدرت محكمة (Rechtbank) في s-Hertogenbosch، حكماً يقضي بحضانة الوالدين لطفليهما حضانة مشتركة، غير أنها قررت أنه ينبغي للطفلين أن يعيشا مع أمهما. إلا أن صاحب البلاغ قت لها عندما أتت إلى منزله لتأخذ الطفلين في آب/أغسطس. ويدعي أنه قتلها من أجل حماية طفليه منها. ولدى استئناف الحكم في 12 أيلول/سبتمبر 2001، أدانت محكمة الاستئناف s-Hertogenbosch)،(Gerechtshof صاحب البلاغ بقتل زوجته. وحكمت عليه بالسجن ست سنوات.

2-3 وفي 13 آذار /مارس 2000، قررت المحكمة الجزائية s-Hertogenbosch)،(Rechtbank سحب حضانة الطفلين من الوالد ورفض الطلب الذي قدمه بشأن زيارة الطفلين وإجراء اتصالات هاتفية بهما. وفي 12 تموز/يوليه 2000، أمرت محكمة الاستئناف s-Hertogenbosch)،(Gerechtshof بمواصلة دراسة وضعية ا لطفلين واحتياجاتهما. وبالتالي، أكدت في قرارها المؤرخ 2 كانون الثاني/يناير 2002 القرار الصادر عن المحكمة الأدنى القاضي بأن عدم زيارة الوالد لطفليه وإجراء اتصالات هاتفية بهما هو في مصلحتهما. وأسدى محامي صاحب البلاغ، في 12 شباط/فبراير 2002، إلى صاحب البلاغ مش ورة مفصلة عن السبب في عدم وجود فرصة لأن ينجح أي استئناف لإلغاء الحكم. وأوضح بأنه لا يمكن الاستمرار في الاستئناف، نظراً لأن شكوى صاحب البلاغ استندت فقط إلى تقييم المحكمة للوقائع والأدلة.

2-4 وفي 4 أيلول/سبتمبر 2002، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن البلاغ الذي قدمه صاحب البلاغ غير مقبول، على أساس أنه لا يكشف النقاب عن أي انتهاك لمواد الاتفاقية.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه خضع هو وطفلاه لتعذيب نفسي ومعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة، وذلك بسحب حقوقه في حضانة الطفلين وحرمانه من مقابلتهما والتحدث إلي هما ومراقبة خطاباته البريدية في الفترة من 15 آب/أغسطس 1999 إلى 15 كانون الثاني/يناير 2002، انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

3-2 ويزعم أنه وطفليه أُخضعوا لعبودية الدولة، انتهاكاً للمادة 8 من العهد.

3-3 ويدعي كذلك أنهم لم يعاملوا معاملة منصفة أمام المحاكم وأن إج راءات الحضانة لم تكن عادلة، إذ اقتصرت على قاض واحد خلال جلسة الاستماع التي عقدتها محكمة الأسرة في 13 آذار/مارس 2000، انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-4 ويزعم أنه لم يقتل زوجته إلا لحماية طفليه، وأنه لا ينبغي، بناء على ذلك، أن يُدان، نظراً لأن الإ دانة إنما هي انتهاك للفقرة 2 من المادة 14 من العهد.

3-5 ويدعي، فيما يتعلق بقضية الحضانة، أنه لم يبلغ بالتهم الموجهة إليه وأنه لم يعط من الوقت أو التسهيلات ما يكفيه لإعداد حججه نظراً لتغيير التهمة الموجهة إليه فجأة وأن قضية الحضانة أُخرت تأخيراً لا مسوّغ لـ ه منذ الوقت الذي طلب فيه أولاً عقد جلسة استماع في 29 أيلول/سبتمبر 1999 حتى صدور القرار في 2 كانون الثاني/يناير 2002 وأن حججه أهملتها المحكمة وأنه أُجبر على التخلي عن حقوقه كأب وأنه لم يمنح، أخيراً، الحق في إعادة النظر في القضية أمام محكمة من محاكم الاستئنا ف العليا، انتهاكاً للفقرة 3(أ) - (د) و(ز) والفقرة 5 من المادة 14.

3-6 ويزعم أن المحاكم فرضت عليه عقوبة أشد ممّا ينص عليه بموجب القانون في حالة حضانة الطفلين، على الرغم من حسن سلوكه، وأنه حُرم من الحق في الاستفادة من العقوبات الأخف المنصوص عليها في القانون، انتهاكاً للمادة 15 من العهد.

3-7 ويدعي أنه لم تُوفر لـه الحماية من التدخلات غير القانونية في خصوصياته أو شؤون أسرته، أو من الحملات غير القانونية التي تمس شرفه أو سمعته أو كرامته، انتهاكاً للمادة 17 من العهد.

3-8 ويزعم كذلك أنه وطفليه لم توفر لهم الحماية ب اعتبارهم أسرة، انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24 من العهد.

3-9 ويدعي أخيراً أن هناك تحاملاً عليه، على أساس الجنس وعلى أساس احتجازه، فيما يتعلق بحقوقه في الحضانة. ولما كانت المحكمة العليا قد قررت، في قضية سابقة نظرتها في 2 كانون الأول/دي سمبر 1958، أن احتجاز الأب لا يُعد أساساً لتجريده من الوصاية على الأطفال، فلا ينبغي تجريد صاحب البلاغ من حقوقه في الحضانة بسبب احتجازه.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

4- قررت اللجنة في قرارها المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2002، ومن خلال مقررها الخاص ا لمعني بالبلاغات الجديدة، الفصل بين نظرها في المقبولية ونظرها في موضوع القضية.

5-1 وقبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وتأكدت اللجنة، كما اشترط في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن هذه القضية نفسها ليست محل نظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

5-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أية إثباتات لا دعائه بأنه وطفليه عوملوا معاملة غير منصفة أمام المحاكم وأن إجراءات الحضانة لم تكن عادلة وأن ذلك، بالتالي، هو انتهاك للمادة 14. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بادعا ء صاحب البلاغ المتصل بالفقرة 2 من المادة 14 من العهد، أنه عجز عن إثبات ادعائه، لأغراض المقبولية، القائل بأنه لم يعتبر بريئاً لحين ثبوت الجرم عليه. وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من ادعائه هو غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-5 وفيما يتعلق ب ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 17 و23 و24 و26، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، السبب الذي يدعو إلى اعتبار تجريده من حقوق الأبوة، في هذه الظروف، بمثابة انتهاك لأحكام العهد هذه. وهكذا فإن هذه الادعاءات غير مقبولة أيضاً بموجب المادة 2 م ن البروتوكول الاختياري.

5-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه وطفليه خضعوا لتعذيب نفسي ومعاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة، تلاحظ اللجنة، في ظروف هذه القضية، أن سحب حقوق الحضانة من صاحب البلاغ وحرمانه من مقابلة طفليه والتحدث إليهما ومراقبة مراسلاته الموجهة إليهما لا تندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة، بالنظر إلى الملابسات الوقائعية للقضية، أن ادعاء صاحب البلاغ بأنه وطفليه خضعوا لعبودية الدولة، لا يندرج ضمن نطاق تطبيق المادة 8 من العهد. وبالتالي، فإن هذه الادعاءات تتنافى مع العهد هي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

5-7 وبالنسبة لادعاء صاحب البلاغ أن المحاكم فرضت عليه عقوبة أشد ممّا ينصّ عليه بموجب القانون وأنه حُرم من الحق في الاستفادة من العقوبات الأخف المنصوص عليها في القانون، انتهاكاً للمادة 15، فاللجنة تلاحظ أن ه ذا الحكم من أحكام العهد يتعلق بأفعال إجرامية، على أن ادعاء صاحب البلاغ يتصل بقضية حضانة الطفلين. ولا تقدم المادة المعروضة على اللجنة الدعم لأية حجج أو ادعاءات تفيد بأن هذه الإجراءات تتعلق ب‍ "تهمة جنائية" أو ب‍ "فعل إجرامي" بالمعنى المقصود في المادة 15 من العهد. وهذا الادعاء وأي جزء من ادعاءات صاحب البلاغ التي يحتمل أن تكون ذات صلة بافتراض انطباق الفقرة 3 من المادة 14 من العهد على إجراءات الحضانة هي خارج نطاق أحكام العهد التي تذرّع بها صاحب البلاغ، وهي غير مقبولة، من ناحية الاختصاص الزماني، عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أنه يتعين إعلام صاحب البلاغ بهذا القرار، وإبلاغ الدولة الطرف به لإحاطتها علماً بذلك.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

هاء هاء - البلاغ رقم 1169/2003، هوم ضد الفلبين *

(قرار اتخذ في 30 تموز/يوليه 2003، في الدورة الثامنة والسبعين)

المقدم من : السيد أنطونيو هوم

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ : 20 كانون الأول/ديسمبر 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تموز/يوليه 2003

تعتمد ما يلي :

قرار بشأن مقبولية البلاغ

1- صاحب البلاغ هو أنطونيو هوم. وهو يزعم أنه ضحية انتهاك الفلبين لحقوقه بموجب الفقرة 2 من المادة 1 والفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد. وصاحب البلاغ، عضو في نقابة المحامين، ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عر ضها صاحب البلاغ

2-1 في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1992، رفع صاحب البلاغ، الذي تقاعد في عام 1987 من وظيفته في مصرف الفلبين الوطني، قضية ضد المصرف مطالباً بتعويض مالي. فقد ادعى أن المصرف اقتطع بصفة غير قانونية ضرائب من القيمة المالية لرصيد إجازاته المتبقي. وفي 29 حزيران/يونيه 1994، أصدرت محكمة نيغرو أوكسيدينتال الابتدائية الإقليمية قراراً بدائياً ضد صاحب البلاغ، يقضي بأن المصرف قد طبق كما ينبغي قانون الضرائب ذا الصلة بهذا الشأن، حسبما كان نافذاً في ذلك الحين. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998، رفضت هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة تابعة لمحكمة استئناف مانيلا استئناف صاحب البلاغ.

ـــــــــــــ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد ألفريدو كاستييرو هويوس، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والس يد والتر كالين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين

2-2 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، قدم صاحب البلاغ طلباً بشأن مراجعة القرار الص ادر عن محكمة الاستئناف للتثبت منه على أساس وجود خطأ اختصاصي مزعوم. وأُعد الطلب وقُدم عن طريق البريد، من دون ذكر أسباب عدم إعداده وتقديمه شخصياً، حسبما تقتضيه عادةً القواعد الإجرائية المطبقة.

2-3 وفي 22 شباط/فبراير 1999، رفضت المحكمة العليا الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن مراجعة قرار محكمة الاستئناف للتثبت منه، على أساس ` 1 ` أن الحكم المطعون فيه لم يصدق عليه، حسب الأصول، أحد كتبة المحكمة، و ` 2 ` أن الطلب كان ناقصاً من حيث الشكل والمضمون، و ` 3 ` أنه لم يقدَّم شخصياً.

2-4 وفي 26 نيسان/أبريل 1999، قدم صاحب البلاغ " طلباً بشأن إعادة النظر في القرار"، يزعم فيه أن الحكم المشار إليه قد صُدق حسب الأصول، وأن حججه الموضوعية سليمة، وأن أسباباً عملية كانت تقف وراء عدم تقديم الطلب شخصياً. وفي 23 حزيران/يونيه 1999، رفضت المحكمة أخيراً الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن إعادة النظ ر في قرارها المؤرخ 22 شباط/فبراير 1999، على أساس عدم تقديم حجج واقعية تبرر إعادة النظر هذه.

2-5 وفي 2 آب/أغسطس 1999، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة العليا بشأن إعادة النظر في قرارها المؤرخ 23 حزيران/يونيه 1999، أسهب فيه في شرح حججه بشأن المسائل الموضوع ية المتعلقة بما ارتكبته المحكمة الأدنى من أخطاء قانونية مزعومة وإساءتها تطبيق أحكام العدالة. وفي 8 أيلول/سبتمبر 1999، رفضت المحكمة العليا طلبه المؤرخ 2 آب/أغسطس 1999، استناداً إلى القواعد الإجرائية التي تقضي باستبعاد طلبات إعادة النظر المتتابعة التي يقدمها نفس الطرف. ونتيجة لذلك، قُيد الحكم بصفة رسمية في قضية صاحب البلاغ في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1999.

2-6 وفي 25 آذار/مارس 2000، اشتكى صاحب البلاغ إلى رئيس القضاة بشأن رفض طلب المراجعة الذي قدمه. وفي 8 أيار/مايو 2000، رد أحد قضاة المحكمة العليا موضحاً أن على مقدم الطلب أن يبين أن هناك أسساً موضوعية كافية يستند إليها في اعتراضه على قرار استئنافي، وإلاّ فإن طلبه يُرفض على الفور. وفي 26 أيار/مايو 2000، اشتكى صاحب البلاغ مجدداً إلى رئيس القضاة. وفي 26 حزيران/يونيه 2000، أحاطت المحكمة العليا علماً رسمياً بالرسالة ا لتي وجهها صاحب البلاغ إلى رئيس القضاة في 25 آذار/مارس 2002، بيد أنها لم تتخذ أي إجراء.

2-7 وفي 25 آب/أغسطس 2000، اشتكى صاحب البلاغ ثانية إلى رئيس القضاة. وفي 21 أيلول/سبتمبر 2000، رد عليه رئيس الموظفين المساعدين لرئيس القضاة. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 200 0، اشتكى صاحب البلاغ كذلك إلى رئيس الموظفين المساعدين لرئيس القضاة معترضاً على قرار المحكمة المؤرخ 22 شباط/فبراير 1999. وفي 24 كانون الثاني/يناير 2001، اشتكى صاحب البلاغ إلى رئيس الموظفين المساعدين مدعياً أن قرارات المحكمة العليا المؤرخة 22 شباط/فبراير و23 حزيران/يونيه 1999 و26 حزيران/يونيه 2000 و8 أيلول/سبتمبر 1999، فضلاً عن رسالة القاضي المعاون المؤرخة 8 أيار/مايو 2000، كانت خاطئة.

2-8 وفي 24 كانون الثاني/يناير 2001، قررت المحكمة العليا، بعد أن اعتبرت رسالة صاحب البلاغ المؤرخة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2000، طلباً ثالثاً بشأن إعادة النظر، أن "تؤكد مجدداً الأسس التي استندت إليها في قرارها" المؤرخ 22 شباط/فبراير 1999 الذي رفضت فيه للمرة الأولى استئناف صاحب البلاغ. وبينت بالتفصيل أن ` 1 ` الحكم الاستئنافي لم يصدق عليه أحد كتبة تلك المحكمة، مثلما هو مطلوب، و ` 2 ` أن ط لب صاحب البلاغ لم يوضح سبب عدم تقديمه الطلب شخصياً، و ` 3 ` أن الطلب، "بأي حال من الأحوال، ناقص نقصاناً جلياً من حيث الشكل والمضمون"، إذ لم يبين بوضوح أن المحكمة الاستئنافية قد ارتكبت أي خطأ يسمح بإبطال قرارها. وبناءً على ذلك، رفضت الطلب.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 1 من العهد حيث إنه حرم حسب ما يزعم من استحقاقاته التقاعدية، التي تمثل وسيلة عيشه الفعلية.

3-2 ويدعي كذلك حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14، إذ أنه حرم حسب ما يزعم من التمتع بالمساواة أمام المحاكم والحصول على جلسة است ماع منصفة فيما يتعلق بتحديد حقوقه في دعوى قانونية. ويدعي صاحب البلاغ، بوجه الخصوص، أولاً، أن المحكمة العليا لم تستمع إليه، حينما ذكرت في قرارها المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 2001 أنها لن تنظر في المزيد من الطلبات المتعلقة بقضيته. ثانياً، ميزت المحكمة العليا على نحو غير سليم بين تصديق كاتب المحكمة الابتدائية الإقليمية وكاتب محكمة الاستئناف إذ رأت أن الشروط الإجرائية لم يتم الوفاء بها. ثالثاً، قررت المحكمة العليا أن تعتبر رسالته المؤرخة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2000 طلباً ثالثاً بشأن إعادة النظر، في الوقت الذي قر رت فيه سابقاً أنها لن تتلقى أي طلبات أخرى من هذا القبيل. رابعاً، رفضت المحكمة العليا على نحو غير سليم عدم تقديمه للطلب شخصياً، على أساس أن المسافة المادية التي يتعين قطعها كانت واضحة، رغم أنه سبق لها أن قبلت على ما يزعم تقديم الطلبات عن طريق البريد.

3-3 وي ؤكد صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للمادة 26 فيما يتعلق بالحماية المتساوية التي يوفرها القانون، من دون تأييد ادعائه هذا بأية أدلة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

4-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، أن ثبت وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 1 من العهد، تشير اللجنة إلى أحكامها القضائية التي تفيد بأنه، لأغراض تقديم بلا غ بموجب البروتوكول الاختياري، لا يمكن اعتبار المادة 1 في حد ذاتها موضوعاً لهذا البلاغ المقدم بموجب البروتوكول الاختياري (1) . وعلاوة على ذلك، لم يقدم صاحب البلاغ بلاغه في سياق أي ادعاء بشأن "شعب"، بالمعنى المقصود في المادة 1 من العهد. وبناءً على ذلك، لا يندر ج هذا الجانب من البلاغ ضمن الاختصاص الموضوعي والاختصاص الشخصي للبروتوكول الاختياري على التوالي، ويعد الادعاء غير مقبول بموجب المادتين 3 و1 من البروتوكول الاختياري.

4-3 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن هذه الا دعاءات تستند إلى دعوى قضائية قدمها صاحب البلاغ بشأن اقتطاع ضرائب بنسبة 10 في المائة من القيمة المالية لرصيد إجازاته المتبقي عند تقاعده. ولما كان يمكن النظر إلى البلاغ على أنه يتعلق بتفسير القانون الداخلي وتقييم المحكمة الابتدائية الإقليمية للوقائع والأدلة، فإن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ استأنف لدى محكمة الاستئناف، التي تتمتع بصلاحية كاملة لمعالجة هذه المسائل. وتشير اللجنة إلى أحكامها الراسخة التي تفيد بأنها غير مختصة لمراجعة هذه المسائل، ما لم يكن تقدير المحاكم الداخلية لهذه المسائل ينطوي على تعسف بيّن أو على إساءة لتطبيق أحكام العدالة. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، أي عنصر استثنائي من هذا القبيل في قضيته هذه، وبالتالي يعد هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وفيما يخص جوانب ادعاء صاحب البلاغ بموج ب الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 فيما يتصل بظروف رفض المحكمة العليا لاحقاً إعادة النظر في النتيجة التي آلت إليها قضيته، ترى اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، أي ادعاء يثير مسائل بموجب هذه الأحكام. وعليه، فإن هذه الادعاءات غير مقبولة أ يضاً بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- وبناءً على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛ و

(ب) أن يرسَل هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف لإعلامها.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو ال نص الأصلي. كما ستصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) انظر، على سبيل المثال، أوميناياك وآخرون ضد كندا القضية رقم 167/1984، اعتمدت الآراء في 26 آذار/مارس 1990، في الفقرة 13-3.

- - - - -