الفصل

أولاً- الولاية والأنشطة

ألف- الدول الأط ـــــ راف في العه ــــــ د الدولي الخ ـــــ اص بالحقوق المدنيـــة والسياسية

باء - الدورات

جيم - الانتخابات والعضوية والحضور

دال - التعهد الرسمي

هاء - انتخاب أعضاء المكتب

واو - المقرران الخاصان

زاي - المبادئ التوجيهية المنقحة لتقارير الدول الأطراف

حاء - الأفرقة العاملة

طاء - أنشطة الأمم المتحدة الأخرى في مجال حقوق الإنسان

ياء - عدم التقيد بمقتضى المادة 4 من العهد

كاف - تعليقات عامة بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد

لام - الموارد من الموظفين

ميم - الدعاية لأعمال اللجنة

نون - الوثائق والمنشورات المتعلقة بأعمال اللجنة

سين - الاجتماعات المقبلة للجنة

عين - اعتماد التقرير

ثانيا - اساليب عمل اللجنة بموجب المادة 40 من العهد: التطورات الجديدة

ألف - المقررات الأخيرة بشأن الإجراءات

باء - الملاحظات الختامية

جيم - الصلات بالمعاهدات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان وبالهيئات المنشأة بموجب معاهدات

دال - التعاون مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى

ثالثا - تقديم التقارير من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف - التقارير المقدمة إلى الأمين العام من آب/أغسطس 1999 إلى تموز/يوليه 2000

باء - التقارير المتأخرة وعدم وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها بموجب المادة 40

رابعا - النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف - النرويج

باء - المغرب

جيم - جمهورية كوريا

دال - البرتغال (ماكاو)

هاء 0 الكاميرون

واو - منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة

زاي - الكونغو

حاء - المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية أقاليم جيرزي وغويرنزي وجزيرة مان التابعة للتاج

طاء - منغوليا

رابعا - ياء - غيانا

كاف - قيرغيزستان

لام - أيرلندا

ميم - الكويت

نون - استراليا

خامسا - النظر في البلاغات الواردة بموجب البروتوكول الاختياري

ألف - تقدم العمل

باء - تزايد عدد البلاغات المعروضة على اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

جيم - النهُج المتبعة في دراسة البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري

دال - الآراء الفردية

هاء - القضايا التي نظرت فيها اللجنة

واو - سبل الانتصاف المطلوبة بموجب آراء اللجنة

سادسا - أنشطة المتابعة بموجب البروتوكول الاختياري

المرفقات

الأول - ال ـــــ دول الأط ــــــ راف في العه ـــــ د الدولي الخ ـــ ـاص بالحقوق المدنية والسياسيـة وفي البروتوكـول الاختياري والدول التي أصدرت الإعـلان المنص ـ وص علي ـ ه في المادة 41 مـن العهد حتى 28 تموز/ يوليه 2000

ألف - الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

باء - الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري

جيم - الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الثاني الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام

دال - الدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد

الثاني - أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

ألف - أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

باء - أعضاء المكتب

الثالث - المب ــــ ادئ التوجيهية الموح ــــ دة لتقاري ــــ ر الدول الأطـراف بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

الرابع - تقديم تقارير ومعلومات إضافية من جانب الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

الخامس - حالة كل من التقارير التي نُظر فيهـ ـــــــ ا أثن ــــــ اء الفترة قي ــــ د الاستعراض والتقاريـر التي لا تزال معروضة على اللجنة

السادس - التعليقات العامة التي اعتمدتها اللجنة المعني ـــ ة بحق ــــــ وق الإنس ـــــــ ان بموجب الفقرة 4 من المـادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - التعليق العام رقم 27 بشأن المادة 12 (حرية التنقل)

باء - التعليق العام رقم 28 بشأن المادة 3 (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء)

السابع - قائمة بوفود الدول الأطراف التي شارك ـــــ ت في نظ ـــــ ر اللجن ـ ة المعنية بحقوق الإنسان بتقاريرها في الدورات السابعة والستين والثامنة والستين والتاسعة والستين

الثامن - قائمة الوثائق الصادرة خلال فترة تقديم التقارير

المجلد الثاني

التاسع - آراء اللجن ـــ ة المعنية بحق ـــ وق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختيـ ــــــ اري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

1

ألف - البلاغ رقم 625/1995، مايكل فريمانتل ضد جامايكا

(اعتمدت الآراء في 24 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

1

تذييل

باء - البلاغ رقم 631/1995، سباكمو ضد النرويج

(اعتمدت الآراء في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

12

تذييل

جيم - البلاغ رقم 666/1995، فوان ضد فرنسا

(اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

19

تذييل

دال - البلاغ رقم 682/1996، وسترمان ضد هولندا

(اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

30

تذييل

هاء - البلاغ رقم 688/1996، كارولينا تيليي أريدوندو ضد بيرو

(اعتمدت الآراء في 27 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

40

واو - البلاغ رقم 689/1996، ماي ضد فرنسا

(اعتمدت الآراء في 10 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

52

تذييل

زاي- البلاغان رقم 690/1996 و691/1996، فينييه ونيكولا ضد فرنسا

(اعتمدت الآراء في 10 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

66

تذييل

حاء - البلاغ رقم 694/1996، قضية والدمن ضد كندا

(اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

78

تذييل

طاء - البلاغ رقم 701/1996، قضية غومس ضد إسبانيا

(اعتمدت الآراء في 20 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

94

ياء - البلاغ رقم 711/1996، دياس ضد أنغولا

(اعتمدت الآراء في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

103

كاف - البلاغ رقم 731/1996، مايكل روبنسون ضد جامايكا

(اعتمدت الآراء في 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

108

تذييل

لام - البلاغ رقم 759/1997، أوسبورن ضد جامايكا

(اعتمدت الآراء في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

127

ميم - البلاغ رقم 760/1997، ج.غ.أ. ديرغارت وآخرون

(اعتمدت الآراء في 25 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

134

تذييل

نون - البلاغ رقم 767/1997، بن سعيد ضد النرويج

(اعتمدت الآراء في 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

155

تذييل

سين - البلاغ رقم 770/1997، غريدين ضد الاتحاد الروسي

(اعتمدت الآراء في 20 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

166

عين - البلاغ رقم 780/1997، لابتسفيتش ضد بيلاروس

(اعتمدت الآراء في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

172

فاء - البلاغ رقم 789/1997، بريهن ضد النرويج

(اعتمدت الآراء في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون)

177

العاشر- مقررات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي أعلنت فيها عدم قبول البلاغــات بموجــب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

183

ألف- البلاغ رقم 748/1997، غوميس سيلفا ضد السويد

(اعتمد المقرر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون)

183

باء - البلاغ رقم 756/1997، دوكوريه ضد فرنسا

(اعتمد المقرر في 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

189

جيم- البلاغ رقم 772/1997، السيد ي. ضد أستراليا

(اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

195

دال - البلاغ رقم 777/1997، سانشيز لوبيز ضد إسبانيا

(اعتمد المقرر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون)

200

هاء - البلاغ رقم 785/1997، فويتس ضد هولندا

(اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

206

واو - البلاغ رقم 807/1998، كوتني ضد الجمهورية التشيكية

(اعتمد المقرر في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

211

زاي - البلاغ رقم 816/1998، تادمان وآخرون ضد كندا

(اعتمد المقرر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون)

214

تذييل

حاء - البلاغ رقم 824/1998، نيكولوف ضد بلغاريا

(اعتمد المقرر في 24 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

223

طاء - البلاغ رقم 861/1999، ليستورنو ضد فرنسا

(اعتمد المقرر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

230

ياء - البلاغ رقم 871/1999، تيميرمان ضد هولندا

(اعتمد المقرر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون)

232

كاف - البلاغ رقم 873/1999، هولين ضد هولندا

(اعتمد المقرر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

235

لام - البلاغ رقم 882/1999، بيخ ضد النرويج

(اعتمد المقرر في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

237

ميم - البلاغ رقم 883/1999، منصور ضد هولندا

(اعتمد المقرر في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

240

نون - البلاغ رقم 891/1999، تاميهيري ضد نيوزيلندا

(اعتمد المقرر في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون)

243

سين- البلاغ رقم 934/2000، ج. ضد كندا

(اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

246

عين - البلاغ رقم 936/2000، غيلان ضد كندا

(اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون)

249

الحادي عشر - قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي تعلن فيها مقبولية البلاغات بموجب البروتوكـول ا لاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

252

ألف- البلاغ رقم 845/1999، كندي ضد ترينيداد وتوباغو

(اعتمد المقرر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون)

252

تذييل

الثاني عشر - ملخص بيان المفوضة السامية المتعلق بإنشاء فريق يُعنى بالالتماسات

267

المرفق التاسع

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - البلاغ رقم 625/1995، مايكل فريمانتل ضد جامايكا * ( )

(اعتمدت الآراء في 24 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون )

المقدم من : مايكل فريمانتل

(ويمثله السيد سول لهرفرويند من مؤسسة سيمونز ومويرهيد وبيرتون للمحاماة بلندن)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ البلاغ : 16 شباط/فبراير 1995 (تاريخ البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 آذار/مارس 2000

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 625/1995 الذي قدمه إلى اللجنة السيد مايكل فريمانتل بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو مايكل فريمانتل، وكان ينتظر، حين تقديم بلاغه، تنفيذ حكم الإعدام فيه بسجن مقاطعة سانت كاترين في جامايكا. ويدعي أنه ضحية لانتهاكات ارتكبتها جامايكا للمادة 7، وللفقرات من 2 إلى 4 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، وللفقرتين 1 و2 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ، سول لهرفرويند من مكتب سيمونز ومويرهيد وبيرتون للمحاماة بلندن. وقد خُفف حكم الإعدام على صاحب البلاغ إلى السجن مدى الحياة في تاريخ غير محدد في عام 1995. وكان السيد فريمانتل قد قدم بلاغاً سابقاً إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أعلنت عدم قبوله في 17 تموز/يوليه 1992 على أساس أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنه لم يقدم التماساً إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة للحصول على إذن بتقديم استئناف.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قبض على صاحب البلاغ في 1 أيلول/سبتمبر 1985 واحتجز على ذمة المحاكمة، وبعد أربعة أيام اتهم بقتل سيدة تدعى فيرجينيا رامداس عمداً. وحوكم صاحب البلاغ أولاً في عام 1986، مع شريك له في التهمة هو أ. م؛ ولم يستطع المحلفون التوصل إلى قرار إجماعي فيما يتعلق بصاحب البلاغ، وصدر أمر بإعادة محاكمته. وفي 19 كانون الثاني/يناير 1987، قررت محكمة كلاريندون الدورية أن صاحب البلاغ مذنب لارتكابه التهمة الموجهة إليه وأصدرت عليه حكماً بالإعدام؛ وفي 21 كانون الثاني/يناير 1987 قدم استئنافاً للحكم إلى محكمة الاستئناف التي رفضت الاستئناف في 4 كانون الأول/ديسمبر 1987. ورفضت اللجنة القضائية لمجلس الملكة التماساً مقدماً من صاحب البلاغ للحصول على إذن بالاستئناف في 27 حزيران/يونيه 1994. وصُنِّفت التهمة التي أُدين بها صاحب البلاغ على أنها جريمة عقوبتها الإعدام بموجب قانون الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص (المعدل) لعام 1992.

2-2 وادعت النيابة العامة أن صاحب البلاغ أطلق النار حوالي الساعة 00/11 مساء يوم 29 آب/أغسطس 1995 على حشد من الناس كان يشاهد فيلماً سينمائياً في ايموندس بأبرشية كلاريندون فأصاب عدة أشخاص من بينهم ف. رامداس التي توفت في اليوم التالي متأثرة بالجراح التي أصابتها من طلقة رصاص. واعتمدت النيابة العامة بصفة رئيسية على شهادتين أدلى بهما شاهدان هما أ. ك. وو. س.، كانا في السينما وقت وقوع الحادث، بالإضافة إلى شهادة أدلى بها س. س. الذي أُطلِق الرصاص على مسكنه بعد نحو 15 دقيقة من حادث السينما.

2-3 وتعرف أ. ك. على صاحب البلاغ في المحاكمة الأولى، بوصفه الرجل الذي أطلق الرصاص على الحشد. كما تعرف على أ. م. وشخصاً يدعى س. ف. كشريكين لصاحب البلاغ في الجرم. إلا أنه شهد عند إعادة المحاكمة بأنه تعرف على السيد فريمانتل على أنه الشخص الذي أطلق الرصاص، بسبب ضغوط مارسها عليه مجتمع ريموندس المحلي (الذي يتألف أساساً من مشجعي نادي ب. ن. ب). نظراً لأن صاحب البلاغ كان مشجعاً معروفاً لنادي ج. ل. ب. وكانت شهادته عند إعادة المحاكمة هو أنه في المساء المعني رأى بعض الرجال بمن فيهم "رجل يشبه فريمانتل" وشخصان آخران هما أ. م. وس. ف. يتوجهون إلى السينما، وكان الرجل الذي "يشبه فريمانتل" يحمل شيئاً ما أشبه ببندقية طويلة في يده، واقترب هذا الرجل من فتحة في الحائط، وسُمع صوت انفجار، وتسلق الرجل شجرة وقفز عبر الحائط إلى المروج. وكان من الواضح أن أ. ك. يعرف صاحب البلاغ منذ 18 عاماً. ويكشف سجل المحاكمة أن أ. ك. كان هو ذاته، لدى إدلائه بشهادته عند إعادة المحاكمة، محتجزاً على ذمة المحاكمة بتهمتي حيازة أسلحة نارية بدون ترخيص قانوني وإطلاق الرصاص عمداً. وسلم أ. ك. بأنه رأى صاحب البلاغ عندما كان محتجزاً وناقش القضية معه، وأقر بأن هناك خلافات سياسية بينه وبين صاحب البلاغ.

2-4 وشهد و. س. بأنه يعرف صاحب البلاغ منذ 15 عاماً، وبأنه رآه وهو يقفز عبر الحائط بعد سماع دوي انفجار، وهو يطلق الرصاص مرتين ثم يعود أدراجه متسلقاً الحائط. وقد رأى و. س. صاحب البلاغ لحوالي دقيقة وتعرف عليه في ضوء القمر الساطع. وشهد س. س. بأنه في الساعة 50/11 من الليلة المعنية كان في مسكنه الكائن على مسافة نصف ميل من السينما عندما سمع قرقعة أحجار يقذف بها مسكنه. وعندما تطلع من النافذة، تعرف على أ. م. الذي كان يعرفه. ثم رأى صاحب البلاغ الذي يعرفه منذ مدة تتراوح بين 8 و10 سنوات يسدد بندقيته صوب أحد نوافذ المسكن ويطلق النار. ووفقاً لما أدلى به س. س. فإنه رأى صاحب البلاغ لنحو دقيقتين. وشهد و. س. وس. س. بأنه ليست لديهما اهتمامات سياسية.

2-5 وشهد العريف ديفيز مخبر الشرطة الذي قام بالقبض على صاحب البلاغ بأنه خرج للبحث عن صاحب البلاغ والمدعو أ. م. في 30 آب/أغسطس 1985. ولم يستطع العثور عليهما، وكان يحمل أمرين صادرين بالقبض عليهما. وفي 2 أيلول/سبتمبر 1985، تعرف على صاحب البلاغ في مخفر شرطة ماي بن حيث قبض عليه. وبعد تنبيه صاحب البلاغ، رد بأنه يريد رؤية محاميه. وشهد شرطي آخر بأنه قام باحتجاز صاحب البلاغ على ذمة المحاكمة في 1 أيلول/سبتمبر 1985.

2-6 وأدلى صاحب البلاغ بأقوال غير مشفوعة بقسم من قفص الاتهام ذاكراً أنه وقت وقوع الحادث كان في مينرال هايتس يشاهد التلفزيون مع أ. م. وبضع أناس آخرين. وأنه لم يغادر المكان وأنه ذهب إلى النوم في الفترة بين الساعة 30/12 ليلاً والساعة 00/1 صباحاً. وفي 1 أيلول/سبتمبر 1985، أبلغه ضابط شرطة أنه مشتبه فيه في قضية قتل عمد، واحتُجز في مخفر شرطة ماي بن. وفي اليوم التالي، رأى مخبر الشرطة العريف ديفيز وسأله عن سبب احتجازه. لكن ديفيز تجاهله، واتهم أ. م. بتدمير ممتلكات. وادعى صاحب البلاغ أنه لم يُقبض عليه رسمياً ويتهم بارتكاب جريمة القتل إلا بعد ظهر يوم 4 أيلول/سبتمبر 1985، ويدعي أنه أُحضر أمام قاضي تحقيق في 6 أيلول/سبتمبر 1985. وقد أدلى أ. م. الذي كان محتجزاً أيضاً على ذمة محاكمة وقت إعادة محاكمة صاحب البلاغ بشهادة مشفوعة بقسم لصالح الدفاع، عززت ادعاء صاحب البلاغ بوجود وقت ارتكاب الفعل المسند إليه بعيداً عن مكان وقوعه. ولدى استجواب الادعاء له، أقر بأنه تحدث مع صاحب البلاغ في السجن لكنه أنكر أنه ناقش القضية معه، مع أنه قُبض عليهما ووجه إليهما الاتهام بخصوص إطلاق النار في ريموندس. وأكد أنه رأى وهو محتجز، شاهد الادعاء أ. ك ، وأضاف أن شخصاً يدعى لوريل موراي وهو ابن عم لصاحب البلاغ، تعرض للضرب على أيدي سكان ريموندس قبل عملية إطلاق النار.

2-7 وحذر قاضي الموضوع في استعراضه الختامي الشامل المحلفين من التأثر بخياراتهم السياسية، واقترح فيما يتعلق بتعيين هوية صاحب البلاغ ألا يعتمدوا على شهادة أ. ك. كما أوضح أن شهود الادعاء الباقين أعلنوا أنهم غير مشاركين في الشؤون السياسة ولا مهتمين بها (الأمر الذي ينطوي ضمنا على أن مصداقية شهادة كل منهم هي أكبر بكثير).

2-8 ودلل محامي صاحب البلاغ عند الاستئناف على أن: (أ) قرار المحلفين غير معقول ولا يمكن تأييده بالأدلة، و(ب) أن الاستعراض الشامل بشأن تحديد هوية الفاعل غير كاف، وإنه لم يشدد على الأخطار الملازمة للأخطاء، وإمكانية الوقوع في الأخطاء. وإنه فيما يتعلق بالسبب الوارد في الفرع (ب) خلُصت محكمة الاستئناف إلى أنه "على الرغم من عدم توجيه تحذير رسمي فإنه لم تحدث إساءة تطبيق لأحكام العدالة". وأنه لو كان المحلفون قد وجهوا توجيها سليما بمعنى توجيه التحذير اللازم لهم، فإنهم كانوا سيخلصون إلى النتيجة ذاتها. وإن المسألة الرئيسية التي يتعين التدليل عليها أمام اللجنة القضائية هي مسألة تحديد هوية الفاعل.

2-9 ويتذرع المحامي فيما يتعلق بالادعاءات المثارة بمقتضى المادة 14 بأقوال أخذها من أ. ك.، ضابط من فرع التحقيقات الجنائية زار صاحب البلاغ في السجن في 25 نيسان/أبريل 1988. ويذكر أ. ك. في إقراره المشفوع بقسم أنه كان وصاحب البلاغ أصدقاء، لكن نشأت بينهما خلافات سياسية. ويذكر أيضا: "أنني لم أر من أطلق الرصاصات. وأنه في وقت أبكر من ذلك اليوم قام مواطنون بضرب لوريل موراي [...]. وهو ابن عم مايكل فريمانتل. وقد أبلغهم أنني الشخص الذي ضربه. وتعلم الشرطة أن لا شأن لي بهذا الأمر [...] وفي 1 أيلول/سبتمبر 1985، أُخذت [...]إلى مُخبِر الشرطة العريف ديفيز [...]. و[أبلغني] أنه يعلم أنني لم أضرب لوريل موراي [...]. وقال أ. ك.حيث إنهم يروون أكاذيب عني، سأُدلي بأقوال تفيد أن فريمانتل هو الذي أطلق الرصاصات ... وقال إن بوسع و. س. الإدلاء بأقوال تؤيدني. وقد قُبض عليّ ... بسبب الإصابات التي لحقت بلوريل مواري. وذهبت إلى المحكمة حيث رأيت فريمانتل. وأبلغني أنه بصدد إبلاغ لوريل موراي بأن، يُدخِلني السجن. وقد نُظر في الدعوى الخاصة بي ورُفضت [...]. وذهبت إلى مكتب ديفيز حيث قام بكتابة بيان .... قرأته ووقعت عليه كبيان حقيقي وسليم. [...]. وقد قلت في هذا البيان إنني رأيت فريمانتل يطلق الرصاصات. وأدليت بهذه الشهادة في المحاكمة الأولى لفريمانتل. [...]. وفي عام 1986، قَبَض عليّ مخبر الشرطة العريف ديفيز واتهمني بإطلاق الرصاص عن عمد. وفي كانون الثاني/يناير 1987، أبلغت [فريمانتل] أنني أدليت بشهادة زور في المحاكمة الأولى، وأنني سأروي الحقيقة في المحاكمة الثانية. وأبلغني ديفيز أنه إذا غيَّرت شهادتي فإنه سيؤثر على الشهود للإدلاء بشهادات تدينني. ونتيجة لهذه التهديدات، أدليت بشهادة عند إعادة محاكمة فريمانتل غيرت فيها الكثير من أقوالي لمساعدته [...]. وإن الشهادتين اللتين أدليت بهما في كلا المحاكمتين كاذبتان. وأدليت بهما بسبب الخوف والتهديدات الموجهة إليّ من العريف ديفيز من مخبر الشرطة".

2-10 وفـي اليـوم ذاتـه أُخذت أقوال من صاحب البلاغ. ويذكر فيها أنه معروف في مجتمعـه المحلي بأنه مشجع لنادي ج. ل. ب.، وأن هناك نزاعا مستمرا بين مشجعي نادي ج. ل. ب. ومشجعي نادي ب. ن ب. كما يدعي أنه بريء وأنه لم يعد إلى مسكنه ليلة 29-30 آب/أغسطس 1985 وإنما ظل في مينرال هايتس. وأشار المحامي إلى أن قدراً كبيراً من تعليقات صاحب البلاغ يتطابق مع التعليقات التي أدلى بها أ. ك. في إقراره المشفوع بقسم.

2-11 وفي 14 حزيران/يونيه 1988 قدم مدير النيابات العامة إلى الحاكم العام جميع المواد التي تم الحصول عليها من تحقيقات الشرطة في ادعاءات أ. ك.. ووفقا لما ذكره المحامي، لم يتخذ الحاكم العام أي إجراء فيما يتعلق برسالة مدير النيابات العامة. وفي 29 آب/أغسطس 1990 اتصل مجلس الدفاع عن حقوق الإنسان في جامايكا بمحامي جامايكي بالنيابة عن صاحب البلاغ، ونصح هذا المحامي بتقديم التماس إلى الحاكم العام لإحالة المسألة من جديد إلى محكمة استئناف جامايكا، وأعلن أيضا أنه لن تُقدَّم مساعدة قانونية لكنه على استعداد لتولي القضية.

2-12 ويدفع المحامي فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية بأن تقديم طلب إعادة نظر دستورية غير متاح لصاحب البلاغ عملياً بسبب افتقاره إلى المال، ولعدم إتاحة مساعدة قانونية له تحقيقا لهذا الغرض. ويشير المحامي إلى صعوبة العثور على محامي في جامايكا لتمثيل مقدمي طلبات إعادة النظر الدستورية. ويقال إن عدم استعداد الدولة الطرف لتقديم مساعدة قانونية بشأن هذه الطلبات يُحلّ السيد فريمانتل من الالتزام بالتماس سبل انتصاف دستورية.

الشكوى :

3-1 يدفع المحامي بأن صاحب البلاغ لم يحاكم محاكمة منصفة في إطار فحوى الفقرة 1 من المادة 14 من العهد لأن شرطي التحقيق الذي أثر على أ. ك. لتوريط صاحب البلاغ زوراً في الجرم قد أثَّر بالمثل على شاهدي الادعاء الرئيسيين الآخرين وهما و. س. س.. ويحيل المحامي إلى التعليق العام رقم 13 للجنة الذي رأت فيه اللجنة أن من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة (1) . وهو يدفع بأن العريف ديفيز مخبر الشرطة قد حكم بصورة مسبقة على نتيجة محاكمة صاحب البلاغ على نحو ينتهك الفقرة 2 من المادة 14.

3-2 ويتذرع المحامي بإقرار آخر مشفوع بقسم وقعه صاحب البلاغ في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1994 يذكر فيه أنه قبض عليه وأخذ إلى سجن ماي بن في 1 أيلول/سبتمبر 1985، وأنه ظل محتجزاً لمدة أربعة أيام قبل توجيه الاتهام إليه بالقتل العمد. وأنه لم يستطع خلال ذلك الوقت الاتصال بمحام.ٍ ويؤكد المحامي أنه لا يوجد مبرر للتأخر مدة أربعة أيام بين احتجاز صاحب البلاغ وإبلاغه بالتهم الموجهة إليه. ويدفع المحامي مشيراً إلى التعليق العام للجنة رقم 8 (2) وسوابق أحكام اللجنة (3) بأن حبس صاحب البلاغ احتياطياً مناقض لمقتضيات الفقرات 2 و3 و4 من المادة 9 من العهد.

3-3 ويشير صاحب البلاغ فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمادتين 7 و10 إلى أنه اندفع وسجناء آخرون خارجين من زنزاناتهم في 28 أيار/مايو 1990 لعدم السماح لهم بممارسة التدريبات البدنية والعدو. وانتشرت الاضطرابات في أنحاء أخرى من السجن. وطُلِب من السجناء العودة إلى زنزاناتهم والامتثال للنظام لكن السجانين قاموا في وقت لاحق باقتياد صاحب البلاغ من زنزانته ونزعوا ملابسه عنه وفتشوه، وبدأوا في ضربه بقطعة من المعدن. وقد عانى من إصابات في رأسه وركبته ومعدته وعينيه بسبب ضربه لنحو خمس دقائق. ثم ترك في زنزانته دون أن يعنى به أحد ودون أن يتلقى أي عناية طبية ولم يؤخذ إلى المستشفى للعلاج إلا في منتصف الليل، وأجريت له عدة غرز في الرأس، ثم أخرج من المستشفى. وحتى بعد انقضاء هذا الحدث، والتحقيق في الأفعال التي أتاها بعض السجانين، يدَّعي صاحب البلاغ أنه ظل يتعرض بشكل مستمر للإرهاب والشتائم من جانبهم. وفي 16 حزيران/يونيه 1990، وجه مجلس الدفاع عن حقوق الإنسان في جامايكا رسالة إلى المحامي اللندني أشار فيها إلى أن صاحب البلاغ قد "أُوِسع ضرباً نتيجة للاضطرابات التي حدثت في السجن في نهاية الشهر الماضي"، وقدم المجلس شكوى إلى السلطات الجامايكية بالنيابة عن صاحب البلاغ.

3-4 ويُدفع بأن المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ في 28 أيار/مايو 1990، وعدم كفاية العلاج الطبي الذي تلقاه لاحقاً، فضلاً عن استمرار خوفه من انتقام السجانين منه يعتبر بمثابة انتهاك للمادتين 7 و10 من العهد. وعلاوة على ذلك، يقال إن ما ذكر آنفاً يمثل انتهاكاً للمواد 21، و30، و32 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء .

3-5 ويدعي المحامي حدوث انتهاك للمادتين 7 و10 بسبب احتجاز صاحب البلاغ المطول في قسم المحكوم عليهم بالإعدام في ظروف قاسية مشيراً إلى أن صاحب البلاغ احتجز في قسم المحكوم عليهم بالإعدام لمدة تزيد بكثير على ثمانية أعوام. ويدفع، مشيراً إلى حكم اللجنة القضائية في قضية برات ومورغان ضد المدعي العام في جامايكا ، أن العذاب الناجم عن ذلك الانتظار الطويل الأمد للإعدام يعتبر بمثابة معاملة قاسية ولا إنسانية ومهنية. ويتذرع المحامي فيما يتعلق بظروف الحبس في قسم المحكوم عليهم بالإعدام، بتقريري منظمتين غير حكوميتين في هذا الصدد. إذ كان صاحب البلاغ نفسه محبوساً في زنزانة بالغة الصغر لمدة اثنتين وعشرين ساعة يومياً ويقضي معظم ساعات يقظته معزولاً عن غيره من الناس بدون تزويده بأي شيء يُشغل به وقته الذي يقضي معظمه في ظلام جبري. ويرى المحامي أن هذه العوامل كافية في حد ذاتها لتبرير استنتاج حدوث انتهاك للمادتين 7 و10.

3-6 ويؤكد المحامي أن صاحب البلاغ بذل جهوداً معقولة التماساً لسبيل انتصاف محلي من المعاملة التي تعرض لها في قسم المحكوم عليهم بالإعدام. وحتى كانون الأول/ديسمبر 1993 لم يكن مكتب مدير النيابات العامة قد أكد أن التهم الموجهة للسجانين المسؤولين عن ضرب ووفاة ثلاثة سجناء في أيار/مايو 1990، كانت معلقة. ويرى المحامي أن إجراءات معالجة الشكاوى المحلية غير كافية كليةً.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

4-1 نظرت اللجنة في مسألة جواز أو عدم جواز قبول البلاغ خلال دورتها الثانية والستين.

4-2 وتحققت اللجنة حسبما تقتضي ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من عدم كون المسألة ذاتها محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

4-3 وكان هذا البلاغ قد أحيل إلى الدولة الطرف في آذار/مارس 1995، مشفوعاً بطلب تقديم معلومات وتعليقات فيما يتعلق بجواز قبول أو عدم قبول ادعاءات صاحب البلاغ. ولم ترد معلومات من الدولة الطرف على الرغم من توجيه رسالة تذكير إليها في تشرين الأول/أكتوبر 1997. وتأسف اللجنة لعدم تعاون الدولة الطرف معها. وفي هذه الظروف، أعطي لادعاءات صاحب البلاغ ما تستحقه من وزن وبالقدر الذي أمكن به إثباتها إثباتاً كافياً لأغراض جواز القبول.

4-4 وفيما يتعلق بالادعاءات بمقتضى المادة 14 من العهد، لاحظت اللجنة أنها تتعلق بتقييم قاضي الموضوع والمحلفين للوقائع والأدلة المتعلقة بالقضية. وأشارت اللجنة إلى أن تقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة يقع بوجه عام على عاتق محاكم استئناف الدول الأطراف في العهد وليس على عاتق اللجنة، إلا إذا أمكن التحقق من أن تقييم الأدلة وتوجيهات القاضي للمحلفين يعتبران تعسفيين بشكل واضح أو يعتبران لسبب آخر بمثابة إنكار للعدالة. ولاحظت اللجنة أن بيانات صاحب البلاغ فيما يتعلق بادعائه لم تتبين أن المحاكمة اتسمت بشكل واضح بالتعسف أو تعتبر بمثابة إنكار للعدالة. وبناء على ذلك لم يستطع صاحب البلاغ إثبات ادعاءه لأغراض جواز القبول، ومن ثم فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-5 ورأت اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بما فيه الكفاية الادعاءات الباقية فيما يتعلق بظروف حبسه احتياطياً (الفقرات من 2 إلى 4 من المادة 9)، وبالضرب والارهاب اللذين يدعي أنه تعرض لهما في قسم المحكوم عليهم بالإعدام، وبظروف حبسه في قسم المحكوم عليهم بالإعدام. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف لأية معلومات عن وجود سبل انتصاف فعالة قد تكون لا تزال متاحة لصاحب البلاغ فيما يتعلق بهذه الادعاءات، رأت اللجنة أن هذه الادعاءات تسوغ النظر فيها من حيث جوانبها الموضوعية.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية وتعليقات المحامي عليها

5-1 تذكر الدولة الطرف في رسالة مؤرخة في 3 حزيران/يونيه 1998، أن ادعاء صاحب البلاغ المتعلق بالمادتين 7 و10 هو ادعاء ذو شقين، الأول هو الزعم بأن السجانين ضربوا صاحب البلاغ ضرباً مبرحاً أثناء الاضطرابات التي وقعت في 28 أيار/مايو 1990، ثم إنه حرم من تلقي عناية طبية لعدة ساعات. وقد أبلغت الدولة الطرف اللجنة في هذا الخصوص: "أن محكمة تحقيق تابعة لقاضي الوفيات عقدت للنظر في وفاة السجناء الثلاثة الذين قتلوا خلال اضطرابات 1990، وأن صاحب البلاغ أدلى بشهادة أمام هذه المحكمة. وسيتم الحصول على نتائج ذلك وارسالها إلى اللجنة".

5-2 وفيما يتعلق بالادعاء الثاني بانتهاك المادتين 7 و10 من العهد بسبب حبس صاحب البلاغ لمدة طويلة من الزمن في قسم المحكوم عليهم بالاعدام، تنكر الدولة الطرف حدوث انتهاك للعهد وتحيل إلى قرار اللجنة في قضية برات ومورغان (4) . وترى لهذا السبب أن قضاء مدة معينة في قسم المحكوم عليهم بالإعدام لا يشكل انتهاكاً للعهد. وإن تخفيف حكم الاعدام على صاحب البلاغ قد حدث وفقاً لمتطلبات القانون المحلي.

5-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الدولة الطرف للفقرات 2 و3 و4 من المادة 9، بسبب احتجاز صاحب البلاغ مدة أربعة أيام قبل إبلاغه بالتهم الموجهة إليه، فإن الدولة الطرف تنكر هذا، وتدعي وفقاً للتحقيقات التي أجرتها أن صاحب البلاغ أبلغ بطبيعة التهم الموجهة إليه عند القبض عليه. وإذا كان الاتهام الرسمي له بالقتل العمد قد وجه في مرحلة لاحقة فإن هذا لم يضر بتطبيق القانون ولم يشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ.

5-4 وتبلغ الدولة الطرف اللجنة في رسالة أخرى مؤرخة في 24 آب/أغسطس 1999، أنه فيما يتعلق بالزعم بضرب السجانين لصاحب البلاغ في 28 أيار/مايو 1990فإنه عندما أجرى ممثل الوزارة مقابلة مع صاحب البلاغ، لم يستطع الأخير أن يذكر أسماء السجانين الذين تورطوا في حادث الضرب. وقال إنه لا يستطيع سوى تذكر أن أحد السجانين كان يدعى "بيج سيكس". ولدى التحقيق تم التحقق من أن "بيج سيكس" هذا لم يعد يعمل في السجن. وعلاوة على ذلك، فإن نائب مدير السجن آنذاك (منذ تسعة أعوام) تقاعد منذ ذلك الوقت. ونظراً لعدم تقديم أسماء، لم تستطع الوزارة اجراء تحقيق هادف في هذا الصدد.

5-5 وتؤكد الدولة الطرف في الرسالة ذاتها أن صاحب البلاغ أقر خلال مقابلته مع ممثل الوزارة أنه كان المخطط الرئيسي لاضطرابات 1990، وبأنه لدى التفكير في الأمر ملياً، لو لم يستعمل السجانون القوة لإخضاع السجناء لكانت النتيجة أسوأ بكثير.

5-6 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ لم يحرم من العلاج الطبي في عام 1990، كما ادعى في التماسه. فقد تفقده المشرف الطبي في السجن في عدة مناسبات مختلفة، وتلقى عناية طبية من المستشفى الاسباني بالمدينة ومن مستوصف رعاية الصحة. ومن ثم ترفض الدولة الطرف القول بحدوث أي انتهاك للمادتين 7 و10 فيما يتعلق بالعلاج الطبي.

5-7 وفيما يتعلق بادعاءات انتهاك العهد بسبب ظروف سجن صاحب البلاغ في قسم المحكوم عليهم بالاعدام، بما في ذلك ادعاء محاميه بأن صاحب البلاغ كان يقضي 22 ساعة يومياً في ظلام جبري، الخ (انظر الفقرة 3-5 أعلاه)، فإن الدولة الطرف تحيل إلى رأي اللجنة السابق (5) منكرة حدوث أي انتهاك للعهد.

6-1 ويذكر المحامي في رسالة مؤرخة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أن الدولة الطرف نفت على الاطلاق ادعاء صاحب البلاغ إساءة معاملته في 28 أيار/مايو 1990، وحرمانه فيما بعد من تلقي علاج مناسب، واستمرار خوفه من انتقام السجانين منه. ويؤكد المحامي أن الدولة الطرف لم تستطع تقديم أي دليل يدحض ادعاءات صاحب البلاغ حسبما وردت في شكواه المؤرخة في 15 شباط/فبراير 1995، ومن ثم فإنه يؤكد حدوث انتهاك للمادتين 7 و10 من العهد.

6-2 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 من العهد نظراً لحبس صاحب البلاغ في قسم المحكوم عليهم بالاعدام لأكثر من ثمان سنوات، يؤكد المحامي أن الدولة الطرف لم تدرك الرأي السابق للجنة إدراكاً كاملاً عندما ذكرت أن قضاء فترة معينة في قسم المحكوم عليهم بالاعدام لا يشكل انتهاكاً للعهد. ويدفع بأن قضاء مدة سجن في قسم المحكوم عليهم بالاعدام تتجاوز ثمان سنوات يمكن أن يعتبر بمثابة انتهاك للمادة 7، وللفقرة 1 من المادة 10، إذا استطاع صاحب البلاغ أن يثبت وجود ظروف اكراهية أخرى، وأحال في هـذا الصدد الى الفقرة 8-1 من البلاغ رقم 588/1994. ويذكر المحامي اللجنة مع كامل الاحترام بأن صاحب البلاغ حُبس أثناء سجنه في قسم المحكوم عليهم بالاعدام في زنزانة صغيرة جداً لمدة 22 ساعة يومياً حيث كان يقضي معظم ساعات يقظته معزولاً عن سائر الناس بدون تزويده بأي شيء كان يمكن أن يُشغل به وقته. وان صاحب البلاغ قضى معظم وقته في ظلام جبري قضى معاناً في إذلاله وإهانة كرامته كإنسان. ويؤكد المحامي أن الدولة الطرف لم تنكر استمرار وجود هذه العوامل أثناء سجن صاحب البلاغ في قسم المحكوم عليهم بالإعدام، وإنما زعمت فحسب أن الاجراءات القضائية المطولة لا تشكل في حد ذاتها معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة.

6-3 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف على حدوث انتهاك للفقرات 2 و3 و4 من المادة 9، بسبب عدم إبلاغ صاحب البلاغ سريعاً بالتهم الموجهة إليه، يعيد المحامي تأكيد أن صاحب البلاغ لم يكن يعلم التهم الموجهة إليه وقت القبض عليه. ويدعي المحامي أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفاصيل محددة فيما يتعلق بطبيعة التحقيقات التي أجرتها ولم تكشف سواء إلى اللجنة أو إلى صاحب البلاغ نتائج تلك التحقيقات. ويؤكد المحامي أن صاحب البلاغ حبس لمدة أربعة أيام حبساً انفرادياً حرم فيه من الاتصال بأي شخص، وذلك قبل إبلاغه بأنه متهم بجريمة قتل. ويؤكد أن الدولة الطرف لا تنكر الادعاءات ولكنها تقول فحسب أن ذلك لم يلحق ضرراً بصاحب البلاغ لأنه كان يعلم طبيعة التهم الموجهة إليه وقت القبض عليه. ويؤكد المحامي أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة دامغة في المحاكمة أو في وقت لاحق لتفسير أسباب التأخير مدة أربعة أيام بين يوم القبض على صاحب البلاغ ويوم بدء استجواب المحقق له. ويعيد المحامي تأكيد أن هذا التأخير يشكل انتهاكاً للعهد.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بشكاوى صاحب البلاغ من إساءة معاملته أثناء احتجازه في سجن مقاطعة سانت كاترين، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ادعاءات محددة جداً بشأن الأحداث التي تعرض فيها للضرب (الفقرة 3-3 أعلاه). وتلاحظ اللجنة معلومات الدولة الطرف بشأن إجرائها تحريات للتحقيق في اضطرابات عام 1990 التي توفى خلالها ثلاثة سجناء، وبشأن إدلاء صاحب البلاغ بشهادة في تلك التحقيقات. وتلاحظ أيضاً المعلومات المقدمة في الرسالة اللاحقة التي ادعت فيها الدولة الطرف أنه أثناء المقابلة التي أجراها ممثل الوزارة مع صاحب البلاغ، لم يستطع صاحب البلاغ أن يقدم معلومات كافية عن أسماء الأشخاص الذين ضربوه، كما أن الأسماء التي قدمها كانت لأشخاص إما لم يعودوا يعملون في السجن، وإما تقاعدوا. ومن ثم، رأت الدولة الطرف أنه لا يمكن إجراء تحقيق هادف في هذا الصدد. وترى اللجنة أن كون مرتكبي الاعتداءات بالضرب لم يعودوا يعملون في السجن لا يُحل الدولة الطرف، بأي حال من الأحوال، من التزاماتها بأن تضمن لصاحب البلاغ التمتع بالحقوق المتضمنة في العهد. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تجرِ تحقيقاً في عام 1990، بعد أن قدم مجلس الدفاع عن حقوق الإنسان في جامايكا شكوى إلى السلطات بالنيابة عن صاحب البلاغ. ونظراً لعدم قيام الدولة الطرف بأي دحض لهذه الادعاءات، فإنها ينبغي أن تُعطى ما تستحقه من وزن. وفي هذه الظروف، فإن حق صاحب البلاغ في عدم التعرض لمعاملة مهينة، وحقه في أن يُعامل بشكل إنساني وعلى أساس احترام الكرامة المتأصلة في الشخص الإنساني لم يُحترما مما يشكل انتهاكاً للمادة 7، و الفقرة 1 من المادة 10.

7-3 وفيما يتعلق بظروف السجن في قسم المحكوم عليهم بالإعدام في سجن مقاطعة سانت كاترين، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ادعاءات محددة بشأن ظروف سجنه المؤسفة. وهو يدعي أنه يحبس في زنزانة تبلغ مساحتها مترين مربعين لمدة اثنتين وعشرين ساعة يومياً وإنه يظل معظم اليوم معزولا عن سائر الناس. ويقضي معظم ساعات يقظته في ظلام جبري دون أن يجد شيئا ذا بال يشغل وقته. ولا يُسمَح له بالعمل أو بتلقي تعليم. ولم تدحض الدولة الطرف هذه الادعاءات المحددة. وترى اللجنة في هذه الظروف أن حبس صاحب البلاغ في ظروف من هذا القبيل يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

7-4 وادعى صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 9 من العهد بسبب حدوث تأخير مدته 4 أيام بين وقت القبض عليه والوقت الذي أُحضر فيه أمام سلطة قضائية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تتناول هذه المسألة بشكل محدد وإنما أوضحت فحسب بعبارات عامة أن صاحب البلاغ كان يعلم بأسباب القبض عليه. وتعيد اللجنة تأكيد موقفها وهو أن التأخير الحاصل بين وقت القبض على متهم ووقت إحضاره للمثول أمام سلطة قضائية ينبغي ألا يتجاوز بضعة أيام. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف مبرراً للتأخير مدة أربعة أيام قبل احضار صاحب البلاغ أمام سلطة قضائية، ترى اللجنة أن هذا التأخير يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 من العهد.

7-5 وادعى صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للفقرتين 2 و4 من المادة 9، لأنه لم يبلغ سريعاً بالتهم الموجهة إليه عند القبض عليه. وتمنح الفقرة 2 من المادة 9 من العهد لأي شخص يتم توقيفه الحق في معرفة أسباب هذا التوقيف وابلاغه سريعا بالتهم الموجهة إليه. ويدعي المحامي بأن صاحب البلاغ لم يبلغ بالتهم الموجهة إليه إلا بعد أربعة أيام من القبض عليه. وتلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف بعبارة عامة أن صاحب البلاغ كان يعلم أسباب القبض عليه حتى لو كان توجيه التهمة بالقتل رسمياً إليه لم يحدث إلا بعد أربعة أيام من القبض عليه. وتلاحظ اللجنة أيضاً المعلومات التي قدمها المحامي نقلاً عن إقرار مشفوع بقسم وقعه صاحب البلاغ في 4 أيار/مايو 1988، ويذكر فيه أنه قبض عليه واتُهم بالقتل في 1 أيلول/سبتمبر 1985. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة عدم استرعاء انتباه المحاكم في جامايكا إلى هذه المسألة. وتخلص اللجنة على أساس المعلومات المعروضة عليها إلى أن صاحب البلاغ كان يعلم بأسباب القبض عليه، ومن ثم لم يحدث انتهاك للعهد في هذا الخصوص. ولم تجد اللجنة أية وقائع تثبت حدوث انتهاك للفقرة 4 من المادة 9.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، استناداً إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 7، وللفقرة 1 من المادة 10، وللفقرة 3 من المادة 9 من العهد.

9- وإن على الدولة الطرف التزاماً بمقتضى الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد بتوفير سبيل انتصاف مناسب وفعـال للسيد فريمانتل. كما أن على الدولة الطرف التزاماً بضمان عدم حدوث انتهاكات مماثلة لتلك الانتهاكات في المستقبل.

10- وقد اعترفت جامايكا، لكونها أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت فيما اذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لم يحدث. وقدمت هذه القضية للنظر فيها قبل أن يصبح تنصل جامايكا من البروتوكول الاختياري سارياً في 23 كانون الثاني/يناير 1998، ووفقاً للمادة 12(2) من البروتوكول الاختياري يستمر خضوع جامايكا لانطباق أحكام هذا البروتوكول. وقد تعهدت الدولة الطرف، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها احترام الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للنفاذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك. وترغب اللجنة في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب إلى الدولة الطرف أيضا نشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإسبانية والانكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر الآراء في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) التعليق العام رقم 13 [21] ( المادة 14 )، الفقرة 7.

(2) التعليق العام رقم 8 [16] ( المادة 9 )؛ وCCPR/C/21/Rev.1، الصفحـة 7؛ وانظر الفقرتين 2 و3 اللتين أشارت فيهما اللجنة إلى أن التأخير المشار إليه في الفقرة 3 من المادة 9 ينبغي ألا يتجاوز بضعة أيام.

(3) البلاغات رقم 257/1987 ( كيلي ضد جامايكا )، ورقم 277/1988 ( خيخون ضد إكوادور )، ورقم 336/1988 ( آندرية فياستري ضد بوليفيا ).

(4) انظر البلاغ رقم 210/1986 والبلاغ رقم 225/1987، الفقرة 13-6 التي قيل فيها "... من حيث المبدأ، لا تشكل الاجراءات القضائية المطولة في حد ذاتها معاملة قاسية أو لا إنسانية أو حاطة بالكرامة حتى وإن كانت مصدر اجهاد ذهني بالنسبة للسجناء المدانين".

(5) انظر البلاغ رقم 619/1995 (ف. ديدريك ضد جامايكا).

تذييل

رأي فردي مقدم من السيد إيكارت كلاين عضو اللجنة

اعتقد أن اللجنة كان ينبغي لها أن توضح بجلاء أن صاحب البلاغ يحق له، بغض النظر عن سبل الانتصاف الملائمة الممكنة الأخرى، الحصول على تعويض، وفقا للفقرة 5 من المادة 9 من العهد. فاحتجاز أي شخص مثل صاحب البلاغ الذي قبض عليه دون أن يقدم سريعا إلى أحد القضاة، وفقا للفقرة 3 من المادة 9 من العهد، (انظر الفقرة 7-4 من هذه الآراء) هو احتجاز غير قانوني. ومن هنا، فإن حق صاحب البلاغ في التعويض ناجم عن انتهاك حقه بمقتضى المادة 9.

(توقيع) إيكارت كلاين

"[حُرر باللغات الإسبانية والانكليزية والفرنسية، والنص الانكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية أيضا كجزء من هذا التقرير.]

باء- البلاغ رقم 631/1995، سباكمو ضد النرويج (اعتمدت الآراء في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون ) * ( )

المقدم من : آغ سباكمو (مثله في البداية السيد غوستاف هوغتون)

الشخص المدعي بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النرويج

تاريخ البلاغ : 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 (الرسالة الأولى)

تاريخ القرار المتعلق بالمقبولية : 20 آذار/مارس 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 631/1995، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد آغ سباكمو بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات المقدمة إليها خطياً من صاحب البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ، المؤرخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، هو آغ سباكمو، وهو مواطن نرويجي من مواليد 21 تشرين الأول/أكتوبر 1921. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك النرويج للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية* ( ) .

2- ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في دورتها التاسعة والخمسين، في مقبولية البلاغ ووجدت أن جميع سُبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت، وأن المسألة ليست محل دراسة من قِبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. ورأت اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بما فيه الكفاية، لأغراض المقبولية، أنه احتُجز احتجازاً تعسفياً. وبناءً على هذا بتت اللجنة بمقبولية البلاغ في 20 آذار/مارس 1997.

الوقائع

2-1 في تموز/يوليه 1984 كلف أحد الملاك، ويُدعى فين غريمسغارد، صاحب البلاغ بإجراء إصلاحات في أحد المباني، بما في ذلك هدم واستبدال ثلاث شرفات. وبدأت الأشغال في 23 تموز/يوليه 1984. وتقدم مستأجران بطلب إلى المحكمة المعنية بالنزاعات الإيجارية لاستصدار أمر منع إلى أن يضمن المالك إعادة الشرفات إلى مظهرها الأصلي؛ وصدر الأمر في 25 تموز/يوليه 1984. وبعدئذ اتصل صاحب البلاغ، حسبما ذكر، بقاضي المحكمة المعنية بنزاعات الإيجار ليتأكّد منه من كيفية التصرف، وتم إبلاغه بأنه يمكن أن يطلب المالك إجراء تفاوض شفوي في المحكمة أو أن تُصدر سلطات البناء البلدية قراراً يصرح بهدم الشرفات. وفي صبيحة يوم الجمعة الموافق 27 تموز/يوليه 1984 قام أحد مفتشي البلدية، السيد بير م. بيرغلي (الذي تُوفي بعد ذلك) بفحص المبنى مع صاحب البلاغ. ويقول صاحب البلاغ إن مفتش المباني أعطى أمراً شفوياً بمواصلة الهدم.

2-2 وفيما بعد استأذن صاحب البلاغ الأشغال من جديد في 27 تموز/يوليه 1984. وبعد تلقي شكوى من أحد المستأجرين في المبنى وصلت الشرطة إلى الموقع للتفتيش في الساعة 30/10 مساءً. ورأت الشرطة أن الأشغال تسبب إزعاجاً في الجوار وأصدرت أمراً شفوياً إلى صاحب البلاغ بوقف الأشغال ورفض صاحب البلاغ ذلك وادعى أنه يعمل بصورة قانونية. وبعد أن أُمر تكراراً بوقف أنشطته، أصدر كبير مراقبي الشرطة أمراً بتوقيف صاحب البلاغ. وتم توقيفه في الساعة 00/11 مساءً تقريباً، وأُطلق سراحه بعد ذلك بساعة.

2-3 وفي اليوم التالي واصل صاحب البلاغ تنفيذ أنشطة الهدم. وأمرته الشرطة مرة أخرى بوقف هذه الأنشطة، الأمر الذي رفضه صاحب البلاغ. وفي حدود الساعة 25/2 عصراً تم توقيفه واقتياده إلى مركز الشرطة حيث أُطلق سراحه بعد ذلك بثماني ساعات. وفي يوم الثلاثاء الموافق 31 تموز/يوليه 1984 أصدرت سلطات البناء أمراً كتابياً بهدم الشرفات.

2-4 وفي 23 أيلول/سبتمبر 1986 رفع صاحب البلاغ دعوى أمام محكمة مدينة أوسلو يطالب فيها بتعويضات عن أضرار غير مالية لحقت به استناداً إلى أن توقيفه مرتين في 27 و28 تموز/يوليه 1984 لم يكن قانونياً. ونظرت المحكمة في الدعوى في 1 أيلول/سبتمبر 1989؛ وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 1989 رفضت المحكمة دعوى صاحب البلاغ. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 1989 استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة إيدسيفاتينغ العليا. ونظرت المحكمة في دعوى الاستئناف في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1992، وصدر الحكم يوم 20 تشرين الأول/أكتوبر 1992. وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1992 استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام المحكمة العليا. وفي 14 كانون الثاني/يناير 1993 قررت اللجنة التمهيدية التابعة للمحكمة العليا عدم إجازة الاستئناف نظراً لعدم إمكانية نجاحه. وفي 22 حزيران/يونيه 1994 طلب صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا إعادة فتح ملف قضيته؛ ورُفض هذا الالتماس في 2 أيلول/سبتمبر 1994.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 9 من العهد حيث تم توقيفه تعسفاً؛ إذ إن توقيفه لم يكن قائماً على الأسباب التي حددها القانون ولم يتم حسب الإجراءات التي نص عليها. وفي هذا الصدد يدعي المحامي أن الشرطة تجاوزت اختصاصاتها حيث أنها أنفذت أمراً مؤقتاً بين طرفين في دعوى مدنية متخذة إجراءات على أساس معلومات تلقاها ضابط عالي الرتبة من صديق له هو أحد طرفي الدعوى المدنية. ولم يكن صاحب البلاغ طرفاً في تلك الدعوى ومن ثم لم يكن يجوز احتجازه إلا بأمر من سلطة قضائية. وينص القانون النرويجي على أن تقوم سلطة خاصة (المجلس البلدي، ورئيسه في أوسلو هو رئيس البلدية) بتنفيذ القرارات المدنية؛ فلا يجوز للشرطة التدخل إلا بناءً على طلب السلطة المذكورة. ويقول المحامي أن الشرطة، والحكومة من بعدها، نقلت عبء الإثبات بطلبها أن يثبت صاحب البلاغ كتابياً أنه كان مصرحاً له بتنفيذ العمل المعني عندما تم توقيفه. ويحاج المحامي بأن ذلك انتهاك للقانون النرويجي لأن على الشرطة أن تثبت أنه كان لها الحق القانوني في اتخاذ الإجراء ضد صاحب البلاغ بالطريقة التي تصرفت بها والتي تتعارض مع حريته. وبالإضافة إلى ذلك لم يكن توقيفه قائماً على الأسباب التي حددها القانون ولم يتم حسب الإجراءات التي نص عليها حيث كان توقيفه يستند إلى قرار أصدرته المحكمة المعنية بنزاعات الإيجار في نزاع بين المستأجِرَيْن والمالك؛ ويحاج المحامي بأن القرار المذكور لا يسري على طرف ثالث.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تشير الدولة الطرف إلى الإجراء المتخذ أمام المحكمتين المحليتين والذي لم تجد المحكمتان خلاله أي دليل على أن سلطات البناء أعطت أمراً شفوياً لصاحب البلاغ بمواصلة هدم الشرفات. وبناءً على ذلك ففي وقت الواقعة كان الأمر الصادر من المحكمة المعنية بنزاعات الإيجار، والذي يمنع مواصلة هدم الشرفات، سارياً. تنص المادة 334 من قانون العقوبات على أن يُعتبر جرماً القيام بفعل ضد منع مفروض قانوناً أو المشاركة في فعل من هذا القبيل. ومن ثم كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يحترم أمر المنع، ويشكل عدم امتثاله لذلك جرماً. وفضلاً عن هذا يتبين من تقارير الشرطة أن صاحب البلاغ أُمر عدة مرات بالتوقف عن الهدم. وبسبب عدم امتثاله تم توقيفه. وتبين سجلات التوقيف أنه تم توقيف صاحب البلاغ لانتهاكه المادة 3 من قوانين الشرطة المحلية بالاقتران مع المادة 339(2) من قانون العقوبات (1) .

4-2 وفيما يتعلق باحتجاج المحامي بأن الشرطة ليست لها أية صلاحية لتوقيف صاحب البلاغ بما أن الأمر يتعلق بنزاع مدني، توضح الدولة الطرف أن الشرطة تصرفت بموجب قانون الإجراءات الجنائية (2) لأن صاحب البلاغ لم يكف عن ممارسة الأفعال الجنائية عندما أُمر بذلك. وهكذا فإن القانون الخاص بالإنفاذ القانوني للقرارات في الدعاوى المدنية غير ذي صلة في هذه الدعوى. وفيما يتعلق باحتجاج المحامي بأن توقيف صاحب البلاغ تم بسبب تصرف ضابط عالي الرتبة بناءً على معلومات تلقاها من صديق له هو أحد طرفي الدعوى المدنية، تشير الدولة الطرف إلى سجلات نظر المحكمة في الدعوى تبين أن ضابط الشرطة المعني لم يكن صديقاً لأي من طرفي الدعوى المدنية ولكنه تذكر بالفعل أنه تلقى بلاغاً من أحد الطرفين. ولم يتذكر ما إذا كان تصرف بناءً على المعلومات المتلقاة أم لا ولكنه لم يستبعد إمكانية ذلك. وحسبما ذكرت الدولة الطرف لا يكتنف تصرف الشرطة بناءً على معلومات تلقتها من الجمهور أي شيء غير سليم أو غير قانوني. وتخلص الدولة الطرف إلى أن توقيف صاحب البلاغ توقيف قانوني بموجب القانون النرويجي. وتشير إلى أن صاحب البلاغ لم يطعن البتة، عند رفع قضيته أمام المحاكم، في قانونية احتجازه إلا باحتجاجه بأنه كان قد تلقى أمراً شفوياً بمواصلة الأشغال. ورأت المحاكم أن الشرطة تصرفت بطريقة قانونية.

4-3 وترى الدولة الطرف أن احتجاز صاحب البلاغ كان ضرورياً أيضاً. وتشير إلى أن احتجازه الأول دام ساعة واحدة واحتجازه الثاني دام ثماني ساعات، وتحاج بأنه لا يمكن اعتبار ذلك تدبيراً غير متناسب مع ما قام به. وفي هذا الصدد تشير الدولة الطرف إلى الظروف التي تم فيها توقيف صاحب البلاغ والتي تبيّن أنه رفض التعاون مع الشرطة وواصل أشغال الهدم حتى عندما أُمر تكراراً بوقفها.

4-4 وتخلص الدولة الطرف إلى أنه لم يحدث أي انتهاك للمادة 9.

تعليقات المحامي

5-1 في معرض التعليق على رسالة الدولة الطرف يذكِّر المحامي بأن أمر المنع الصادر لصالح المستأجرين في المبنى أُلغي يوم الثلاثاء التالي لتوقيف صاحب البلاغ. وفي هذه الظروف لم يكن ينبغي للشرطة أن توقف صاحب البلاغ، الذي يدعي بأنه تلقى أمراً شفوياً من سلطات البناء بمواصلة الهدم. وفي هذا الخصوص يؤكد المحامي أن قاضي المحكمة المعنية بنزاعات الإيجار أبلغ صاحب البلاغ بإصدار سلطات البناء أمراً يبطل أمر المنع. وعندئذٍ اتصل صاحب البلاغ، في صبيحة يوم الجمعة، بضابطة شرطة وأبلغها بحصوله على تصريح شفوي من مفتش المباني بمواصلة هدم الشرفات. ولم تقم الشرطة بالتحقق من صحة هذه المعلومة وإنما مضت قدماً، بدلاً من ذلك، في توقيف صاحب البلاغ. ويصر المحامي على أن تصرفات الشرطة كان فيها انتهاك للقواعد التي تحكم الشرطة نظراً لأن أنشطة صاحب البلاغ لم تكن تشكل إخلالاً جسيماً بالنظام العام أو تنطوي على خطر كبير على الجمهور. وحسبما ذكر المحامي فإن صاحب البلاغ تصرف من منطلق واجب عام وأخلاقي تفادياً لتعريض الجمهور للخطر. ولا يمكن القول بأن توقيفه كان ضرورياً.

5-2 وفضلاً عن ذلك يؤكد المحامي مجدداً على أنه لا يحق للشرطة التدخل في نزاع مدني ما لم تطلب منها تحديداً السلطات المعنية القيام بذلك، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة. ويرى أن أحد الأسباب لتصرف الشرطة مباشرة بعد تلقي مكالمة هاتفية من أحد المستأجرين أن صاحب البلاغ كانت له مشاكل مع الشرطة في الماضي. ويذكر المحامي كذلك أن المادة 343 من قانون العقوبات تقتضي أن يكون المتهم قد تصرف عن عمد، ويحاج بأنه لم تكن هناك أية نية مطلقاً من جانب صاحب البلاغ لارتكاب فعل إجرامي. ويحاج بأن عدم قيام الشرطة برفع قضية على صاحب البلاغ بسبب انتهاك المادة 343 يبين أنها كانت تعلم أنه غير مذنب.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات المقدمة لها كتابياً من الطرفين المعنيين، وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 والمسألة المعروضة على اللجنة تتمثل في تحديد ما إذا كان توقيف صاحب البلاغ يشكل انتهاكاً للمادة 9 من العهد أم لا. ويحاج صاحب البلاغ بعدم وجود أساس قانوني لتوقيفه وبأن الشرطة كانت متجاوزة لصلاحياتها عندما احتجزته. وأحاطت اللجنة علماً بتوضيحات الدولة الطرف في هذا الخصوص وبحثت القرارات التي أصدرتها المحاكم. وتخلص اللجنة، بناءً على المعلومات التي لديها، إلى أن توقيف صاحب البلاغ تم وفقاً لأحكام القانون النرويجي ومن ثم فإن توقيفه لم يكن غير قانوني.

6-3 وتذكِّر اللجنة بأنه لكي يتم التوقيف وفقاً للفقرة 1 من المادة 9 يجب ألا يكون قانونياً فقط وإنما معقولاً وضرورياً أيضاً في جميع الظروف (3) . وفي حالتنا هذه لا خلاف في أن الشرطة قامت في يوم الجمعة الموافق 27 تموز/يوليه 1984 بأمر صاحب البلاغ عدة مرات بالتوقف عن الهدم وأن الساعة كانت 30/10 مساءً وأن صاحب البلاغ رفض الامتثال. وتعتبر اللجنة، في هذه الظروف، أن توقيف صاحب البلاغ في يوم الجمعة الموافق 27 تموز/يوليه 1984 كان معقولاً وضرورياً لوقف الهدم الذي اعتبرته الشرطة غير قانوني ويسبب إزعاجاً في الجوار. وكان توقيف صاحب البلاغ في اليوم التالي نتيجة لرفضه اتباع أوامر الشرطة. وعلى الرغم من أن اللجنة تقبل بأن توقيف الشرطة لصاحب البلاغ في يوم السبت أيضاً ربما كان معقولاً وضرورياً فإنها ترى أن الدولة الطرف لم تبين السبب الذي من أجله كان من الضروري احتجاز صاحب البلاغ طيلة ثماني ساعات لجعله يتوقف عن تنفيذ أنشطته. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ طيلة ثماني ساعات لم يكن معقولاً وأنه كان يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

7- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8- وبمقتضى الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد سباكمو، بما في ذلك التعويض. والدولة الطرف ملزمة باتخاذ ما يلزم من التدابير للحيلولة دون حدوث انتهاكات مشابهة في المستقبل.

9- ومع مراعاة أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة للبت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك لأحكام العهد، وأن الدولة تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ إذا ما ثبت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تحصل من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، على معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإعمال آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر بعد ذلك أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 3 من لائحة الشرطة المحلية في أوسلو على أن: "جميع الأشخاص ملتزمون بالامتثال الفوري لأي أمر أو إشارة أو إيماءة من الشرطة للحفاظ على النظام العام أو لتنظيم المرور أو لضمان السلامة، وعلى صعيد آخر لإنفاذ أحكام هذه اللائحة". وتنص المادة 39 من اللائحة على أن" "أي انتهاك لأحكام هذه اللائحة أو لأي أمر صادر وفقاً لها يُعاقب عليه طبقاً لأحكام المادة 339(2) من قانون العقوبات، ما لم يوجد حكم جزائي أكثر تشدداً". وتنص المادة 339(2) من قانون العقوبات على أن: "يخضع لدفع غرامة أي شخص ........(2) ينتهك أية لائحة تصدرها سلطة عمومية وفقاً لأحكام القانون، وتستوجب الإخضاع للعقوبة".

(2) تنص المادة 229 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "بصرف النظر عن شدة العقوبة، يجوز توقيف أي شخص يُشتبه لسبب وجيه في ارتكابه أي جرم إذا: (1) ضُبط متلبساً ولم يكُف عن النشاط المعاقب عليه. (2) ... ومن ثم تنطبق أحكام المادة 228(2)". وتنص المادة 228(2) على أنه: "يجب ألا يتم التوقيف إذا كان يشكل تدبيراً غير متناسب بالنظر إلى طبيعة الحالة والظروف الأخرى".

(3) انظر آراء اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 305/1988 (فان ألفن ضد هولندا)، المعتمدة في 23 تموز/يوليه 1990.

تذييل

رأي شخصي (مخالف) موقع عليه من الأعضاء، السيد عبد الفتاح عمر، والسيد ن. أندو، واللورد كولفيل، والسيد إ. كلاين، والسيد ر. ويروسزفسكي، والسيد م. يالدن

لا نستطيع الموافقة على ما خلصت إليه اللجنة من أن احتجاز صاحب البلاغ طيلة ثماني ساعات، في هذه القضية، لم يكن معقولاً وأنه كان يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد. (الفقرة 6-3).

وتكشف المعلومات المعروضة على اللجنة أن صاحب البلاغ استأنف من جديد أشغال الهدم في شرفة المبنى وفي ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة الموافق 27 تموز/يوليه 1984؛ وأن الشرطة تلقت شكوى من أحد المستأجرين في المبنى، وأن الشرطة وصلت إلى عين المكان على الساعة 30/10 مساءً وأصدرت أمراً إلى صاحب البلاغ بالتوقف؛ وأنه بناءً على رفض صاحب البلاغ الإذعان لأمر الشرطة، قامت الشرطة بتوقيفه واحتجازه لمدة ساعة (الفقرة 2-2). كما تكشف المعلومات أن صاحب البلاغ واصل في اليوم التالي عمله الخاص بالهدم، وأن الشرطة أمرته مرة أخرى بالتوقف، وأنه بناءً على رفضه ذلك، قامت الشرطة بتوقيفه في الساعة 25/2 عصراً تقريباً وأطلقت سراحه بعد ذلك "بثماني ساعات" (الفقرة 4-2).

وفيما بعد رفع صاحب البلاغ دعوى قضائية مدعياً عدم قانونية توقيفه، وخاض جميع المراحل المؤدية إلى المحكمة العليا، ولكن المحاكم النرويجية رأت أن الشرطة تصرفت بطريقة قانونية (الفقرتان 2-4 و4-2). وحسبما ذكرت الدولة الطرف فإن صاحب البلاغ لم يطعن البتة، في دعواه في شرعية احتجازه. وتُحاج الدولة الطرف أيضاً بأنه بالنظر إلى الظروف التي اكتنفت الحالة، لا يمكن اعتبار احتجازه "تدبيراً غير متناسب مع ما قام به" (الفقرتان 4-2 و4-3).

ونود التأكيد على أن دور اللجنة المعنية بحقوق الإنسان يتمثل في تطبيق أحكام العهد على حالات معينة، وأنها ليست دائرة رابعة للنظر في أية إجراءات قضائية. وطبقاً للاختصاص المحدد للجنة فإنه ليس للجنة وإنما للمحاكم الوطنية تقييم الوقائع والأدلة. وفي الواقع فإنه نادراً ما رفضت اللجنة استنتاجات المحاكم الوطنية أو تفسير أو تطبيق قانون محلي إذا كان في حد ذاته متوافقاً مع العهد، ما لم يكن التفسير، أو التطبيق، غير معقول أو غير متناسب مع الفعل أو يشكل إنكاراً للعدالة، بصورة واضحة.

وفي رأينا فإن قرارات المحاكم النرويجية في هذه القضية لا تكشف عن أي عيب من هذا القبيل. بل على العكس من ذلك فإن المحاكم أخذت في اعتبارها جميع العوامل ذات الصلة عند التوصل إلى قراراتها. وقد أُطلق سراح صاحب البلاغ بعد توقيفه مساء يوم الجمعة بساعة واحدة، أي في حدود منتصف الليل. وبعد توقيف صاحب البلاغ بعد ظهر يوم السبت أُطلق سراحه مرة أخرى بعد ذلك بثماني ساعات، في حدود منتصف الليل. فربما لم يكن أمام الشرطة في يوم السبت خيار سوى احتجاز صاحب البلاغ حتى ما بعد جنوح الليل (نظراً لطول ساعات النهار في النرويج في تموز/يوليه، ولسلوك صاحب البلاغ سابقاً)؛ وبهذا استطاعت الشرطة منع حدوث المزيد من الإزعاج للجوار.

ولهذه الأسباب لا نستطيع قبول ما خلصت إليه اللجنة في هذه الحالة.

(توقيع) عبدالفتاح عمر (توقيع) ن. أندو (توقيع) اللورد كولفيل (توقيع) إ. كلاين (توقيع) ر. ويروسزفسكي (توقيع) م يالدن [حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو الصيغة الأصلية. وسيُترجم بعد ذلك إلى الروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

جيم - البلاغ رقم 666/1995، فوان ضد فرنسا (اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، ا لدورة السابعة والستون )* ( )

مقدم من: فريديريك فوان

(يمثله فرانسوا رو، محام في فرنسا)

الشخص المدعى بأنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ البلاغ : 20 تموز/يوليه 1995 (الرسالة الأولى)

تاريخ القرار المتعلق بال م قبول ية : 11 تموز/يوليه 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية،

وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

و قد أنهت نظرها في البلاغ رقم 666/1995 الذي قدمه السيد فريديريك فوان إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبار ها جميع المعلومات المكتوبة التي قدمها صاحب البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو فريديريك فوان، مواطن فرنسي، ولد في أيلول/سبتمبر 1966 ويعيش في فالانس، فرنسا. ويدعي أنه ضحية لانتهاك فرنسا للمواد 18 و19 و26، بالإضافة إلى المادة 8، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ السيد فرانسوا رو، من مكتب رو لانغ - شيمول، كانيزارس، للمحاماة في مونبليه .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ، المعترف به كمستنكف ضميري من الخدمة العسكرية، مكلفاً بواجب خدمة مدنية في محمية كامارغ الطبيعية الوطنية في كانون الأول/ديسمبر 1988. وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 1989، بعد سنة واحدة بالضبط من الخدمة المدنية ، غادر موقع خدمته؛ واستشهد بالطابع التمييز ي المزعوم به للفقرة 6 من المادة 116 من قانون الخدمة الوطنية (Code du service national)، التي وفقاً لها يطلب من المستنكفين ضميرياً أداء واجبات الخدمة الوطنية لفترة سنتين، في حين أن الخدمة العسكرية لا تتجاوز سنة واحدة.

2-2 ونتيجة لتصرفه هذا، اتهم السيد فوان بالهروب من الخدمة في وقت السلم أمام محكمة الجنح (Tribunal Correctionel) في مارسيليا، بموجب المادتين 398 و399 من قانون القضاء العسكري. وأدى الطعن في إدانته في ال حكم ال غيابي الذي صدر في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1990 إلى محاكمة جديدة في 20 آذار/مارس 1992 أمام المحكمة، التي حكمت عليه بالسجن لمدة ثمانية شهور مع وقف التنفيذ وأمرت بأن تزول عنه صفة المستنكف ضميرياً (المادة 116 (4) من قانون الخدمة الوطنية). ورفضت المحكمة حجج صاحب البلاغ التي كانت تستند على وجه الخصوص إلى المواد 4(3)(ب) و9 و10 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

2-3 واستأنف كل من المدعي العام للدولة (Procureur de la République) وصاحب البلاغ قرار المحكمة. وفي حكم مؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992، ألغت محكمة استئناف ايكس - ان - بروفانس الحكم الصادر في 2 0 آذار/مارس 1992 بسبب خطأ في التوجيه. ومع ذلك، وبالبت في الموضوع وبناء على وقائع الحالة، قررت محكمة الاستئناف أن السيد فوان مذنب بجريمة الهروب من الخدمة في وقت السلم وحكمت عليه بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ.

2-4 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1994، رفضت محكمة النقض دعوى الاستئناف الأخرى التي رفعها صاحب البلاغ. ورأت المحكمة أن أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لا تح ظر التدابير التي تقتضي من المستنكفين ضميرياً أداء فترة من الخدمة الوطنية أطول من الفترة التي يقضيها الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية، شريطة عدم ا لإ ضرار بتمتعهم بحقوقهم وحرياتهم الأساسية أو بممارستها.

الشكوى

3-1 وفقاً لصاحب البلاغ، فإن المادة 116 (6) من قانون الخدمة الوطنية (وفقاً لنصه المؤرخ في تموز/يوليه 1983 التي تنص على فترة 24 شهراً للخدمة المدنية) تنته ك المواد 18 و19 و26، با لإ ضافة إلى المادة 8، من العهد ، حيث أنها تضاعف فترة الخدمة البديلة للمستنكفين ضميرياً بالمقارنة مع الخدمة العسكرية.

3-2 وفي حين يسلم صاحب البلاغ بآراء اللجنة فيما يتعلق بالرسالة رقم 295/1988 ( 1 ) ، التي اعتبر فيها، و في حالة مشابهة، أن المدة المطولة للخدمة البديلة بالمقارنة مع الخدمة العسكرية لا تعتبر غير معقولة أو تأديبية ، والتي لم يتبين فيها حدوث انتهاك للعهد، فإن صاحب البلاغ يشير إلى الآراء الفردية لثلاثة من أعضاء اللجنة و الملحقة في تذييل لهذه الآراء، والتي خلص ت إلى أن التشريع موضوع الطعن لا يستند إلى معايير معقولة أو موضوعية، مثل نوع من الخدمة أكثر صرامة أو الحاجة إلى تدريب خاص لأداء الخدمة الأطول مدة. ويؤيد صاحب البلاغ الاستنتاجات الواردة في هذه الآراء الفردية.

3-3 ويلاحظ صاحب البلاغ أنه وفقاً للمواد من لام 116 (2) إلى لام 116 (4) من قانون الخدمة الوطنية، ينبغي لوزير القوات المسلحة أن يوافق على أي طلبات بالاعتراف بالمستنكفين ضميرياً. وإذا رفض هذا الطلب ، يجوز رفع استئناف أمام المحكمة ا لإ دارية بموجب المادة لام 116 (3). وفي ظل هذه الظروف، يحتج صاحب البلاغ، ب أنه لا يمكن التسليم بأن طول مدة الخدمة المدنية قد حدد لأسباب تتعلق بمنفعة إدارية ، حيث أن أي شخص يقبل أداء خدمة مدنية تكون مدتها ضعف الخدمة العسكرية ينبغي أن يعتبر أن لديه قناعات حقيقية: وعلى العكس من ذلك، ينبغي اعتبار أن طول الخدمة المدنية ينطوي على عناصر تأديبية ، لا تستند إ لى أي معايير معقولة أو موضوعية.

3-4 ويستشهد صاحب البلاغ دعماً لرأيه، بحكم للمحكمة الدستورية ا لإ يطالية في تموز/يوليه 1989، ورد فيه أن الخدمة المدنية التي تستمر لمدة تزيد ب مقدار ثمانية شهور ع لى الخدمة العسكرية، لا تتسق مع الدستور ا لإ يطالي. وأشار أيضاً إلى قرار اعتمده البرلمان الأوروبي في عام 1967 اقترح فيه، استناد اً إلى المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ألا تتجاوز مدة الخدمة البديلة مدة الخدمة العسكرية. فضلاً عن ذلك، أعلنت لجنة وزراء مجلس أوروبا أن الخدمة البديلة لا ينبغي أن تكون ذات طبيعة تأديبية وأن مدتها بالنسبة للخدمة العسكرية، ينبغي أن تظل في حدود معقولة (التوصية رقم صاد (87) 8 المؤرخة 9 نيسان/أبريل 1987). وأخيراً، يلاحظ صاحب البلاغ أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أعلنت، في قرار اعتمد في 5 آذار/مارس 1987 ( 2 ) أن الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية يمثل ممارسة مشروعة للحق في حرية التفكير والضمير والدين، على نحو ما هو معترف به في العهد.

3-5 وعلى أي حال، وفقاً لصاحب البلاغ، فإ ن شرط أداء خدمة مدنية تكون مدتها ضعف مدة الخدمة العسكرية يمثل تمييزاً محظوراً على أساس الرأي، وأن إمكانية السجن لرفض أداء خدمة مدنية تتجاوز مدة الخدمة العسكرية تنطوي على انتهاك للفقرة 2 من المادة 18 والفقرة 1 من المادة 19 والمادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية البلاغ وتعليقات صاحب البلاغ عليها

4-1 تؤكد الدولة الطرف أولاً أن البلاغ لا يتفق بحكم طبيعته مع أحكام العهد حيث أن اللجنة اعترفت من جهة و في قرارها بشأن البلاغ رقم 185/1984 ( ل.ت.ك. ضد فنلندا ) ( 3 ) أن "العهد لا ينص على الحق في الاستنكاف الضميري؛ وأنه لا المادة 18 ولا المادة 19 من العهد لا سيما مع وضع الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8 ف ــي الاعتب ـ ار، يمكن تفسيرهما باعتبارهما تنطويان على هذا الحق" وحيث أنه، من جهة أخرى، بموجب الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8 من العهد، فإن النظام الداخلي للخدمة العسكرية، ومن ثم مركز الاستنكاف الضميري للدول التي تعترف به، لا يدخل ضمن نطاق العهد ويظل مسألة خاصة بالتشريع الداخلي.

4-2 والى جانب ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لا تنطبق عليه صفة الضحية. وفيما يتعلق بالمادتين 18 و19 من العهد، تدعي الدولة الطرف أنه بالاعتراف بمركز الاستنكاف الضميري وبعرض خيار على المجندين فيما يتعلق بشكل خدمتهم الوطنية، فهي تتيح لهم أن يختاروا على نحو حر الخدمة الوطنية الملائمة لمعتقداتهم، ومن ثم فهي تتيح لهم ممارسة حقوقهم بموجب المادتين 18 و19 من العهد. وفي هذا الصدد، تخلص الدولة الطرف، ومشيرة إلى القرار المتعلق بالبلاغ رقم 185/1984 المذكور أعلاه، الى أنه نظراً لأ ن صاحب البلاغ لم يحاكم ولم يُحكم عليه بسبب معتقداته أو آرائه بصفتهما هذه، ولكن بسبب أنه ترك خدمته التي كُلف بها، فإنه لا يمكنه بالتالي أن يدعي أنه ضحية لانتهاك للمادتين 18 و19 من العهد.

4-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى به للمادة 26 من العهد، فإن الدولة الطرف، إذ تلاحظ أن صاحب البلاغ يشكو من انتهاك هذه المادة لأ ن مدة الخدمة المدنية البديلة كانت ضعف مدة الخدمة العسكرية، تؤكد قبل كل شيء أن "العهد، في حين يحظر التمييز ويكفل حماية متساوية بموجب القانون لكل شخص، فإنه لا يحظر جميع الاختلافات في المعاملة"، التي ينبغي أن تكون "قائمة على معايير معقولة وموضوعية" (4) . وتؤكد الدولة الطرف أن مركز المجندين الذين يؤدون خدمة مدنية بديلة يختلف عن مركز الذين يؤدون الخدمة العسكرية، وعلى وجه خاص فيما يتعلق بقيود الخدمة في الجيش الأكثر ثقلاً. وتستشهد الدولة الطرف بآراء اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 295/1988 ( يرفينن ضد فنلندا )، حيث رأت اللجنة أن فترة ال‍ 16 شهراً للخدمة البديلة المفروضة على المستكنفين ضميرياً - أي ضعف فترة ال‍ 8 شهور للخدمة العسكرية - "لا تُعد غير معقولة ولا تأديبية". ومن ثم تخلص الدولة الطرف بأن الفرق في المعاملة الذي يشكو منه صاحب البلاغ يستند إلى مبدأ المساواة، الذي يقتضي معاملة مختلفة للمواقف المختلفة.

4-4 ولجميع هذه الأسباب، تطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ.

5-1 وفيما يتعلق بالحجة الأولى للدولة الطرف بشأن اختصاص اللجنة بحكم الواقع، يشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام للجنة بشأن المادة 18 الذي ذكر فيه أن الحق في الاستنكاف الضميري يمكن أن " يستمد من المادة 18 لأن الالزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة. وعندما يعترف القانون أو العرف بهذا الحق، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميرياً على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية؛ وبالمثل، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميرياً بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية "( 5 ) ووفقاً لصاحب البلاغ من الواضح من هذه التعليقات أن اللجنة غير مختصة فيما يتعلق بتقرير ما إذا كان قد حدث أو لم يحدث انتهاك للحق في الاستنكاف الضميري بموجب المادة 18 من العهد.

5-2 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى به للمادة 26، يدعي صاحب البلاغ بأن اقتضاء مدة خدمة بديلة تعادل ضعف مدة الخدمة العسكرية يمثل تفرقة في المعاملة لا تستند إلى "معايير معقولة وموضوعية" ومن ثم تمثل تمييزاً محظوراً بموجب العهد (الرسالة رقم 196/1985 المشار إليها أعلاه). وتأييداً لهذا الاستنتاج ، يقول صاحب البلاغ إنه لا يوجد ما يبرر جعل مدة الخدمة المدنية البديلة ضعف مدة الخدمة العسكرية، وبالفعل، على خلاف حالة يرفينن (الرسالة رقم 295/1988 المشار إليها أعلاه)، فإن المدة الأطول غير مبررة بأي انقاص ل لاجراءات الإدارية من أجــل ا لحص ــ ول عل ـ ى مر ك ز الاستنكاف الضميري، حيث أنه بموجب المادتين لام 116(2) ولام 116(4) لقانون الخدمة الوطنية، فإن طلبات ا لحصول على مركز المستنكف ضميرياً تخضع لموافقة وزير القوات المسلحة. كما أن ذلك لا يبرره الصالح العام. وفضلا عن ذلك، يجني المستنكفون ضميرياً أي فائدة أو امتياز من مركزهم - وذلك على ال عكس، مثلاً ، من الأ شخاص المكلفين بأداء خدمات التعاون الدولي بدلاً من الخدمة العسكرية، الذين تتاح لهم الفرصة للعمل في الخارج كمهنيين في مجا لات تتطابق مع مؤهلاتهم الجامعية لمدة 16 شهراً (أي أربعة شهور أقل من الخدمة المدنية للمستنكفين ضميرياً ) - ومن ثم فإن الاختلاف في المعاملة لا يكون مبرراً على هذا الأساس.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة في جلستها الستين في مقبولية البلاغ.

6-2 أحاطت اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف فيما يتعلق بعدم اتفاق البلاغ بحكم الواقع مع أحكام العهد. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة أن المسألة المثارة في البلاغ لا تتعلق بانتهاك الحق في الاستنكاف الضميري في حد ذاته . ورأت اللجنة أ ن صاحب البلاغ أثبت بما فيه الكفاية ، و لأغراض المقبولية، أن البلاغ يمكن أن يثير قضايا بموجب أحكام العهد.

7- وبناء عليه، قررت اللجنة في 11 تموز/يوليه 1997 قبول البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 ذكرت الدولة الطرف في تقرير مؤرخ 8 حزيران/يونيه 1998 أن البلاغ ينبغي رفضه لأن صاحب البلاغ لم يثبت أنه ضحية، ولأن شكاويه لا تستند إلى أساس سليم.

8-2 ووفقاً للدولة الطرف، فإن المادة لام 116 من قانون الخدمة الوطنية في نصها المؤرخ في تموز/يوليه 1983 تنشئ حقاً أصلياً للمستنكفين ضميرياً ، بمعنى أن الصدق في حالات الاستنكاف ينبغي إ ثباته بالطلب المقدم فقط، إ ذا قدم وفقا للشروط القانونية (أي أن يكون مسبباً بتأكيد من جانب مقدم الطلب بأ ن لديه اعتراضات شخصية على استخدام الأسلحة). ولم يجرِ التحقق من الاستنكافات. ومن أجل قبول الطلب، ينبغي تقديمه في اليوم الخامس عشر من الشهر السابق لدخول الخدمة العسكرية. ومن ثم فإنه لا يجوز رفض الطلب إلا إذا كان غير مسبب أو إ ذا لم يقدم في موعده. وهناك مطالبة ب الاستئناف أمام المحكمة الإدارية.

8-3 وبالرغم من أن المدة العادية للخدمة العسكرية في فرنسا منذ كانون الثاني/يناير 1992 كانت 10 شهور ، فقد كان هن اك بعض أشكال الخدمة الوطنية التي تستمر 12 شهراً (الخدمة العسكرية للمتخصصين في العلوم) و16 شهراً (الخدمة المدنية للمساعدة التقنية). و كانت مدة الخدمة للمستنكفين ضميرياً هي 20 شهراً. وتنكر الدولة الطرف أن مدة الخدمة لها طابع تأديبي أو تمييزي. وذ ُ كر أنها هي الوسيلة الوحيدة للتحقق من جدية المستنكفين، حيث لم تعد الإدارة تختبر حالات الاستنكاف . وبعد أداء الخدمة العسكرية، يكون للمستنكفين ضميرياً نفس حقوق من استكملوا الخدمة الوطنية المدنية.

8-4 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة أنه في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1997 اعتُمد قانون لإ صلاح الخدمة الوطنية. وبمقتضى هذا القانون يكون على جميع الشبا ن ، ذكوراً وإناثاً ، الاشتراك ما بين سن السادس ة عشر ة والثامن ة عشر ة من عمرهم في يوم واحد يستدعون فيه للتحضير للدفاع. ويمكن إجراء خدمة طوعية اختيارية لمدة 12 شهراً، قابلة للتجديد حتى 60 شهراً. ويطبق القانون الجديد على الذكور المولودين بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1987 والإناث المولودات بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1982.

8-5 ووفقا للدولة الطرف، فإن نظامها للاستنكاف الضميري كما طبق على صاحب البلاغ، يتفق مع أحكام المواد 18 و19 و26 من العهد، ومع تعليق اللجنة العام رقم 22. وتقول الدولة الطرف إ ن نظامها للاستنكاف الضميري لا يضع أي تمييز على أساس المعتقد، ولم تنفذ أي إجراءات للتحقق من دوافع مقدمي الطلبات، على نحو ما يحدث في العديد من البلدان المجاورة. ولا يوجد أي تمييز ضد المستنكفين ضميرياً ، وتعتبر خدمتهم شكلاً معترفاً به للخدمة الوطنية، و على قدم المساواة مع الخدمة العسكرية وغيرها من أشكال الخدمة المدنية. وفي عام 1997، كان ما يقل قليلاً ع ن 50 في المائة من الذين يؤدون الخدمة المدنية يؤدونها على أساس الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية.

8-6 وذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتعرض لأي تمييز على الاطلاق على أساس خياره لأداء الخدمة الوطنية كمستنكف ضميري. ولاحظت أن صاحب البلاغ قد أدين لعدم امتثاله لالتزاماته بموجب الخدمة الوطنية التي اختارها على نحو حر وأنه لم يسبق له أن اعترض على مدة الخدمة. ومن ثم فإن إدانته لم تكن بسبب معتقداته الشخصية، ولا هي كانت على أساس اختياره للخدمة المدنية البديلة، وإنما كانت على أساس رفضه لاحترام شروط هذا النوع من الخدمة. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أن الخيار كان متاحاً أمام صاحب البلاغ لاختيار شكل آخر من الخدمة الوطنية غير المسلحة، مثل المساعدة التقنية. وبناء عليه، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه ضحية لانتهاك من قِبَل الدولة الطرف.

8-7 والى جانب ذلك، تقول الدولة الطرف إ ن دعوة صاحب البلاغ غير قائمة على أساس سليم. وفي هذا السياق، تذكِّر الدولة الطرف أنه وفقاً لفقه اللجنة نفسها، ليست جميع الاختلافات في المعاملة تمثل تمييزاً، طالما أنها تكون مستندة إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا السياق، تشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في الحالة رقم 295/1988 ( يرفينن ضد فنلندا) حيث كانت مدة خدمة المستنكفين ضميرياً هي 16 شهراً وللمجندين الآخرين 8 شهور، ولكن اللجنة ر أ ت أنه لم يحدث انتهاك للعهد لأن طول مدة الخدمة يكفل جدية الذين يطلبون مركز المستنكف ضميريا،ً حيث لم تنفذ إ جراءات تحقق أخرى في حالات الاستنكاف. وتقول الدولة الطرف إ ن نفس المنطق ينبغي أن يطبق على هذه الحالة.

8-8 وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن ظروف الخدمة المدنية البديلة كانت أقل مشقة من ظروف الخدمة العسكرية. وكان للمستنكفين ضميرياً خيار واسع من حيث ا لوظائف. وكان يمكنهم أيضاً أن يقترحوا الجهة المستخدمة لهم وكان يمكنهم أداء خدمتهم في إطار مصلحتهم المهنية. وحصلوا أيضاً على أجور أعلى من التي حصل عليها من الذين خدموا في القوات المسلحة. وفي هذا السياق، ترفض الدولة الطرف ادعاء المحامي بأن الأشخاص الذين يمارسون خدمة التعاون الدولي قد حصلوا على معاملة مميزة بالنسبة للمستنكفين ضميرياً وذكرت أن الذين كانوا يؤدون خدمة التعاون الدولي كانوا يؤدونها في أوضاع كثيراً ما كانت صعبة للغاية في بلدان أجنبية، في حين أن المستنكفين ضميرياً أدوا خدمتهم في فرنسا.

8-9 وتخلص الدولة الطرف إلى أن مدة الخدمة الخاصة بصاحب هذا البلاغ لم تكن ذات طابع تمييزي بالمقارنة بالأشكال الأخرى للخدمة المدنية أو الخدمة العسكرية. والاختلافات التي كانت قائمة بالنسبة ل طول مدة الخدمة كانت معقولة وكانت تعكس الاختلافات الموضوعية بين أنواع الخدمة. وفضلاً عن ذلك، ذكرت الدولة الطرف أنه في معظم البلدان الأوروبية تكون مدة الخدمة للمستنكفين ضميرياً أطول من مدة الخدمة العسكرية.

تعليقات المحامي

9-1 يؤكد المحامي في تعليقاته أن نقطة الخلاف تتعلق بطرائق الخدمة المدنية للمستنكفين ضميرياً . ويؤكد أنه لا يوجد أي سبب يتعلق بالنظام العام يبرر مضاعفة مدة هذه الخدمة، ويشير في هذا السياق إلى الفقرة 3 من المادة 18 من العهد التي تنص على أنه لا يجوز إ خضاع حق ا لإ نسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ويشير أيضاً إلى التعليق العام للجنة رقم 22 الذي ذكرت فيه اللجنة أنه لا يجوز فرض قيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها على نحو تمييزي. وذكر أن فرض مدة خدمة مدنية على المستنكفين ضميرياً تعادل ضعف مدة الخدمة العسكرية يمثل قيدا تمييزيا، لأن إ ظهار قناعة راسخة مثل رفض حمل السلاح، لا يؤثر في حد ذاته على السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. نظراً إلى أن القانون يعترف صراحة بالحق في الاستنكاف الضميري.

9-2 ويقول المحامي، إنه على عكس ما أكدت ه الدولة الطرف، كان الأشخاص الذين يطلبون مركز المستنكف ضميرياً يخضعون لتحقق إداري ولم يكن لهم الخيار فيما يتعلق بظروف الخدمة. وفي هذا السياق، يشير المحامي إلى الشروط القانونية التي تقتضي بأن يقدم الطلب قبل اليوم الخامس عشر من شهر الدخول في الخدمة العسكرية، وبأن يكون مسبباً. وبالتالي، يمكن لوزير القوات المسلحة أن يرفض طلباً ولا يوجد حق تلقائي في مركز المستنكف الضميري. و من الواضح إذن وفقاً للمحامي أنه كان يجري اختبار بواعث المستنكف الضميري.

9-3 ويرفض المحامي حجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ نفسه قد أجرى خياراً عن علم فيما يتعلق بنوع الخدمة التي سيؤديها. ويركز المحامي على أن صاحب البلاغ قد أجرى خياره على أساس قناعته الراسخة، لا على أساس طول مدة الخدمة. ولم يكن لديه الخيار في طرائق الخدمة. ويحتج المحامي ب أنه لا توجد أسباب تتعلق بالنظام العام تبرر أن تكون مدة الخدمة للمستنكفين ضميرياً ضعف مدة الخدمة العسكرية.

9-4 ويصر المحامي على أن مدة الخدمة تمثل تمييزاً على أساس الرأي. وأشار المحامي إلى آراء اللجنة في الرسالة رقم 295/1988 (يرفينن ضد فنلندا)، وأكد أن الحالة موضوع النظر تختلف عنها، نظراً لأن مدة الخدمة الزائدة في الحالة السابقة، كانت مبررة في رأي غالبية اللجنة، ل غياب الشكليات الإدارية من أجل ا لاعتراف بمركز المستنكف الضميري.

9-5 وفيما يتعلق بالأشكال الأخرى للخدمة المدنية، لا سيما الذين يؤدون خدمة التعاون الدولي، يرفض المحامي حجة الدولة الطرف بأن هذه الخدمة كثيراً ما كانت تمارس في ظل ظروف صعبة، وعلى العكس من ذلك أكد أن هذه الخدمة كثيراً ما كانت تمارس في بلد أوروبي آخر وفي ظل ظروف مرضية. والذين يمارسون هذه الخدمة يكتسبون أيضاً خبرة مهنية. ووفقاً للمحامي، لم يكتسب المستنكف الضميري أي فائدة من خدمته. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن مدة الخدمة الزائدة هي اختبار لمدى جدية استنكاف الشخص، يؤكد المحامي أن اختبار مدى جدية المستنكفين ضمير ياً يمثل في حد ذاته تمييزاً صارخاً، نظراً لأنه لا يجري إخضاع الذين يتقدمون لشكل آخر من أشكال الخدمة المدنية لاختبار مدى صدقهم. وفيما يتعلق بالمزايا التي أشارت إليها الدولة الطرف (مثل عدم وجود إلزام بارتداء زي موحد، وعدم الخضوع للانضباط العسكري)، يلاحظ المحامي أن نفس هذه المزايا يتمتع بها الذين يمارسون الأنواع الأخرى للخدمة المدنية والتي مدتها لا تتجاوز 16 شهراً. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن المستنكفين ضميرياً كانوا يحصلون على أجور أعلى من الذين يمارسون الخدمة العسكرية، يلاحظ المحامي أنهم كانوا يعملون في هياكل كانوا يعاملون فيها كموظفين ومن ثم كان من الطبيعي أن يحصلوا على أجر ما. وذكر أن هذا الأجر كان ضئيلاً بالنسبة للعمل الذي كانوا يؤدونه وكان أقل كثيراً من الأجر الذي كان يحصل عليه الموظفون العاديون. ووفقاً للمحامي، كان الذين يؤدون خدمة التعاون يحصلون على أجور أفضل.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، على نحو ما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وأحاطت اللجنة علماً ب حجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ ليس ضحية لأي انتهاك، حيث لم يجر إدانته بسبب معتقداته الشخصية، وإنما لهروبه من خدمة اختارها هو نفسه على نحو حر. وتلاحظ اللجنة، مع ذلك، أنه خلال النظر في الوقائع أمام المحاكم، أثار صاحب البلاغ الحق في المساواة في المعاملة بين المستنكفين ضميرياً والمجندين في الجيش كدفاع يبرر هروبه وأن قرارات المحاكم أشارت إلى هذا الطلب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ يؤكد أنه كمستنكف ضميري من الخدمة العسكرية، لم يكن له حرية اختيار الخدمة التي كان عليه أن يؤديها. ومن ثم ترى اللجنة أن لصاحب البلاغ صفة الضحية لأغراض البروتوكول الاختياري.

10-3 وتتعلق المسألة المعروضة على اللجنة بما إذا كانت الشروط المحددة التي كان ينبغي بموجبها لصاحب البلاغ أداء الخدمة البديلة تمثل انتهاكاً للعهد. وتلاحظ اللجنة أنه بموجب المادة 8 من العهد، يجوز للدول الأطراف أن تطلب خدمة ذات طابع عسكري، و خدمة وطنية بديلة، في حالة الاستنكاف الضميري، شريطة ألا تكون هذه الخدمة تمييزية. ويدعي صاحب البلاغ أن اشتراط مدة 24 شهراً بموجب القانون الفرنسي للخدمة الوطنية البديلة، بدلاً من 12شهراً للخدمة العسكرية، هو شرط تمييزي ينتهك مبدأ المساواة أمام القانون والمساواة في الحماية بموجب القانون على نحو ما هو منصوص عليه في المادة 26 من العهد. وتؤكد اللجنة من جديد موقفها بأن المادة 26 لا تحظر جميع الاختلافات في المعاملة. ومع ذلك، فإن أي تفرقة، كما سبق أن أتيح للجنة أن ذكرته تكراراً، ينبغي أن تستند إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا السياق، تعترف اللجنة بأن القانون والممارسة يمكنهما إقامة اختلافات بين الخدمة العسكرية والخدمة الوطنية البديلة وأن هذه الاختلافات، يمكن أن تبرر في حالات معينة، فرض مدة خدمة أطول، شريطة أن تكون هذه التفرقة قائمة على معايير معقولة وموضوعية، مثل طبيعة الخدمة المحددة المعنية أو الحاجة إلى تدريب خاص لأداء هذه الخدمة. ومع ذلك، و في الحالة قيد النظر، فإن الأسباب التي قدمتها الدولة الطرف لا تشير إلى هذه المعايير أو تشير إلى معايير بعبارات عامة دون أن تشير على وجه التحديد إلى حالة صاحب البلاغ، وهي تستند على الأرجح إلى الحجة التي مفادها أن مضاعفة مدة الخدمة هي الوسيلة الوحيدة لاختبار مدى صدق القناعات الراسخة للأفراد. وفي رأي اللجنة، فإن هذه الحجة لا تستوفي الشرط بأن تكون التفرقة في المعاملة فيما يتعلق بالحالة قيد النظر قائمة على معايير معقولة وموضوعية. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن ه قد حدث انتها ك للمادة 26، حيث جرى التمييز ضد صاحب البلاغ على أساس قناعته الضميرية.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، استناداً إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تشير إلى انتهاك للمادة 26 من العهد.

12- وتلاحظ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان مع الارتياح أن الدولة الطرف قد غيَّرت القانون بحيث لن تعد تحدث انتهاكات مشابهة في المستقبل. وفي ظل ظروف الحالة قيد النظر، ترى اللجنة أن تقرير حدوث انتهاك يمثل انتصافاً كافياً لصاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية. والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير . ]

الحواشي

( 1 ) يرفينن ضد فنل ن دا ، آراء معتمدة في 25 تموز/يوليه 1990، الفقرا ت 6-4 إلى 6-6.

( 2 ) الوثيقة E/CN.4/1987/L.73 المؤرخة 5 آذار/مارس 1987.

( 3 ) ل.ت.ك. ضد فنلندا ، بلاغ أعلن أنه غير مقبول في 9 تموز/يوليه 1985.

( 4 ) انظر آراء اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 196/1985، غي ضد فرنسا ، آراء اعتمدت في 3 نيسان أبريل 1989.

( 5 ) التعليق العام رقم 22(48)، الذي اعتمدته اللجنة في دورتها ال‍ 48، في تموز/يوليه 1993.

تذييل

رأي منفصل، معارض، من الأعضاء نيسوكي آ ندو، وإيكارت كلاين، ودافيد كريت ز مر

1- نحن نتفق مع نهج اللجنة الذي مفاده بأن المادة 26 من العهد لا تحظر جميع الاختلافات في المعاملة، ولكن أي تفرقة ينبغي أن تستند إلى معايير معقولة وموضوعية. (انظر أيضاً، التعليق العام للجنة رقم 18). ومع ذلك لا يمكننا أن نتفق مع رأي اللجنة بأن التفرقة في المعاملة في الحالة قيد النظر بين صاحب البلاغ والذين كانوا مجندين للخدمة العسكرية لم تستند إلى هذه المعايير.

2- إن المادة 8 من العهد، التي تحظر السخرة والعمل الإلزامي، تنص على أن هذا الحظر لا يشمل "أية خدمة ذات طابع عسكري، وكذلك في البلدان التي تعترف بحق الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، أية خدمة قومية يفرضها القانون على المستنكفين ضميرياً". ومن المفهوم ضمناً في هذا الحكم أنه يمكن للدولة الطرف تقييد الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية للمستنكفين ضميرياً . ويمكنها أن ترفض منح هذا الإعفاء لجميع الفئات الأخرى من الأشخاص الذين قد يفضلون عدم أداء الخدمة العسكرية، سواء كانت الأسباب شخصية أو اقتصادية أو سياسية.

3- وبما أنه يمكن تقييد الإعفاء من الخدمة العسكرية على المستنكفين ضميرياً ، يبدو من الجلي أيضاً أن الدولة الطرف يمكنها أ ن تعتمد آليات معقولة للتمييز بين الذين يرغبون في تلافي الخدمة العسكرية لأسباب تتعلق بالضمير ، والذين يريدون أن يفعلوا ذلك لأسباب أخرى، غير مقبولة. ويمكن أن تكون إحدى هذه الآليات هي إنشاء هيئة لاتخاذ القرارات، تقوم بالنظر في طلبات الإعفاء من الخدمة العسكرية، وتبت فيما إذا كان طلب الإعفاء لأسباب تتعلق بالضمير صادقاً. ولكن هيئات اتخاذ القرارات هذه هي مثيرة للجدل بقدر كبير، ذلك لأنها يمكن أن تنطوي على تدخل في مسائل تتعلق بالخصوصية والضمير . وبالتالي يبدو من المعقول تماماً أن تعتمد الدولة الطرف آلية بديلة، مثل طلب مدة خدمة أطول نوعاً ما من الذين يتقدمون بطلب للإعفاء. (انظر آراء اللجنة فيما يتعلق بالرسالة رقم 295/1988، يرفي ن ن ضد فنلندا). والغرض من هذا النهج هو ال تقليل من احتمال استغلال الإعفاء للاستنكاف الضميري لأسباب تتعلق بالمنفعة . ومع ذلك، حتى إذا اعتمد مثل هذا النهج، ينبغي ألا تكون الخدمة الزائدة التي تطلب من المستنكفين ضميرياً ذات طابع تأديبي. و ينبغي ألا تخلق وضعاً يكون فيه المستنكف الضميري الحقيقي مجبراً على التخلي عن استنكافه.

4- وفي الحالة قيد النظر، كانت مدة الخدمة العسكرية هي 12 شهراً، بينما كانت مدة الخدمة المطلوبة من المستنكفين ضميرياً هي 24 شهراً. ولو كان السبب الوحيد الذي قدمته الدولة الطرف للخدمة الزائدة يتعلق بآلية الاختيار، كنا سنميل إلى اعتبار أن مدة الخدمة الزائدة مبالغ فيها ويمكن اعتبارها تأديبية. ومع ذلك، و من أجل تقييم ما إذا كانت التفرقة في المعاملة بين صاحب البلاغ والذين خدموا في الجيش تستند إلى معايير معقولة وموضوعية، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار جميع الوقائع ذات الصلة. وقد أهملت اللجنة القيام بذلك.

5- واحتجت الدول ـ ة الطرف ب أن ظروف الخدمة البديلة تختلف عن ظروف الخدمة العسكرية ( انظر الفقرة 8-8 من آراء اللجنة ) . ففي حين كان الجنود يلحقون بوظائف دون أي خيار، كان أمام المستنكفين ضميرياً خيار واسع من الوظائف . وكان يمكنهم اقتراح جهة العمل التي ستستخدمهم وأداء الخدمة في إطار مجالهم المهني. فضلاً عن ذلك، كانوا يحصلون على أجور أعلى من الأشخاص الذين يخدمون في القوات المسلحة. وينبغي أن يضاف إلى ذلك أن الخدمة العسكرية، بحكم طبيعتها ذاتها، تنطوي على واجبات لا تفرض على الذين يؤدون الخدمة البديلة، مثل الانضباط العسكري، ليلاً ونهاراً، ومخاطر أن يصاب الشخص أو حتى أن يقتل خلال المناورات العسكرية أو العمل العسكري. ولم يدحض صاحب البلاغ الحجج المتعلقة بالاختلافات بين الخدمة العسكرية والخدمة البديلة، ولكنه اكتفى بالقول بأن الأشخاص الذين يؤدون خدمة مدنية أخرى كانوا يتمتعون أيضاً بظروف خاصة. وهذه الحجة غير وثيقة الصلة بالحالة قيد النظر، حيث إن خدمة صاحب البلاغ نفذت قبل إنشاء نظام الخدمة المدنية.

6- وفي ضوء جميع ظروف الحالة قيد النظر، فإن الحجة بأن الفرق الذي يعادل 12 شهراً بين الخدمة العسكرية والخدمة المطلوبة من المستنكفين ضميرياً يمثل تمييزاً، هي حجة غير مقنعة. وقد استندت التفرقة بين الذين يخدمون في الجيش والمستنكفين ضميرياً إلى معايير معقولة وموضوعية ولا تمثل تمييزاً. ومن ثم فإنه لا يمكننا أن نتفق مع اللجنة في تقرير حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد في الحالة قيد النظر.

(التوقيع) ن. آ ندو

(التوقيع) إ. كلاين

(التوقيع) د. كريت ز مر

[حرر ب الإسبانية و الإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيترجم بعد ذلك أيضاً إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

دال - البلاغ رقم 682/1996، وسترمان ضد هولندا (اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون )* ( )

المقدم من: بول وسترمان

(يمثله السيد أ. ث. هاملز، المستشار القانوني)

الشخص المدعي بأنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: هولندا

تاريخ البلاغ: 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1995

تاريخ ال قرار المتعلق ب ال م قبول ية : 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 ،

وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 682/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان نيابة عن بول وسترمان، بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آ راء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو بول وسترمان، مواطن هولندي ولد في 25 كانون الثاني/يناير 1961. و هو يدعي أنه ضحية انتهاك هولندا للمادتين 15 و18 من العهد. ويمثله السيد أ. ث. هاملز، مستشاره القانوني.

الوقائع كما عرض ت

2-1 يصرح صاحب البلاغ بأن ه مستنكف ضميري اً عن أداء الخدمة العسكرية، ولكن السلطات الهولندية قد رفضت طلب الاعتراف به كمستنكف ضميري بموجب قانون الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. وقد رفض وزير الدفاع، ومن بعده مجلس الدولة، الطعون التي قدمها صاحب البلاغ فيما يتصل برفض طلبه . ونتيجة لذلك، أصبح صاحب البلاغ مؤهلا لأداء الخدمة العسكرية.

2-2 وفي بداية فترة خدمته العسكرية، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1990، أمره ضابط في الجيش بارتداء البزة العسكرية، وهو أمر رفض صاحب البلاغ إطاعته. وصرح صاحب البلاغ بأنه يرفض أداء أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية بسبب استنكافه الضميري. ورغم أن الضابط قد ذكّره بأن العصيان يشكل جريمة، فقد استمر صاحب البلاغ في رفض إطاعة أي أمر عسكري.

2-3 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1990، نظرت محكمة أرنهام العسكرية في هذه القضية بناء على المادة 114 من قانون العقوبات العسكري ة التي تنص على ما يلي:

" كل عسكري يرفض إطاعة أي أمر رسمي أو يقصر عمدا في إطاعته، أو يتخطاه بمبادرته الذاتية، يعاقب بالسجن ل مدة أقصاها عام وتسعة شهور لاقترافه فعل العصيان المتعمد.

"... و يضاعف الحد الأقصى للعقوبة إذا:

1- تعمد مرتكب الفعل الاستمرار في عصيانه ، بعد إبلاغه من قبل أحد رؤسائه ب أن سلوكه هذا يستتبع العقوبة.

2- ..."

2-4 وفي 1 كانون الثاني/يناير 1991، بدأ نفاذ تشريع جديد بشأن القضاء العسكري . وتنص المادة 139 الجديدة من قانون العقوبات العسكري ة على ما يلي:

"1- كل عسكري يرفض أداء أي واجب عسكري، أيا كانت طبيعته، أو يقصر عمدا في أدائه ، يعاقب بالسجن لمدة عامين كحد أقصى أو ب دفع غرامة من الفئة الرابعة.

"2- ..."

2-5 وب طلب من المدع ي العام ووفقا للتشريع الجديد، جرت بعد ذلك محاكمة صاحب البلاغ أمام محكمة أرنهام المحلية لرفضه أداء الخدمة العسكرية، منتهكا بذلك أحكام المادة 139 من قانون العقوبات العسكري ة . وفي 19 آذار/مارس 1991، أعلنت محكمة أرنهام المحلية عدم قبول القضية المرفوعة ضد صاحب البلاغ بحجة أن المادة 139 لم تدخل حيز النفاذ إلا بعد التاريخ الذي رفض فيه صاحب البلاغ أداء الخدمة العسكرية، وأنه لم يكن هناك قبل ذلك التاريخ أي حكم قانوني معادل يجر ّ م رفض أداء الخدمة العسكرية بكافة أشكالها.

2-6 وبناء على استئناف قدمه المدع ي العام ، خلصت محكمة الاستئناف في أرنهام، بحكمها الصادر في 14 آب/أغسطس 1991، إلى أن رفض أداء أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية رفضا تاما كان يمثل، وقت وقوع الحادث في تشرين الأول/أكتوبر 1990، جريمة بموجب المادة 114 السابقة من قانون العقوبات العسكري ة . و أوضحت محكمة الاستئناف أن الصيغة المختلفة للمادة 139 الجديدة من قانون العقوبات العسكرية ليست قائمة على حدوث تغيير في وجهة النظر فيما يتعلق بالصفة الجنائية للسلوك موضوع الدعوى . وصرحت محكمة الاستئناف أيضا بأن الاستنكاف الضميري لصاحب البلاغ لا يشكل سببا لتبرئته، و أنه كان قد سبق النظر في استنكاف صاحب البلاغ في إطار الإجراءات التي تناولت طلب ا لاعتراف به كمستنكف ضيمري، وهو الطلب الذي ر ُ فض. وحكمت المحكمة على صاحب البلاغ بالسجن لمدة تسعة شهور.

2-7 وقدم صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا طعنا لنقض الحكم . وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، أ قر ت المحكمة العليا حكم محكمة الاستئناف و رفضت ال طعن الذي قدمه صاحب البلاغ لنقض الحكم . و بذلك ، ي ُ دعى أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت.

الشكوى

3-1 يقال إن إدانة صاحب البلاغ تشكل انتهاكا للمادتين 15 و18 من العهد. وفي هذا الصدد، يح ت ج المحامي بأن المذكرة الإيضاحية التي قدمتها الحكومة لدى عرض المادة 139 الجديدة على البرلمان تبين أن المادة الجديدة تستهدف أساسا تجريم موقف "المستنك ف التام"، لا مجرد عدم إطاعة أي أمر. وي وضح المحامي بأن الذي كان يحدث قبل تطبيق المادة 139 (الجديدة) هو أن النظر في حالة شخص ي رفض أداء الخدمة العسكرية بكافة أشكالها كان يقتصر على مدى شدة العقوبة، ولكن رفض أداء الخدمة العسكرية رفضا تاما قد أصبح يشكل، في المادة 139 (الجديدة)، عنصرا ماديا من عناصر الجريمة.

3-2 ويصرح صاحب البلاغ أيضا بأن طابع الخدمة العسكرية يتعارض في رأيه مع الغاية الأ خلاقية للإنسان. ويقال إن عدم اعتبار المحاكم الاستنكاف الضميري لصاحب البلاغ عن الخدمة العسكرية مبررا لرفضه أداء الخدمة العسكرية و من ثم تبرئته هو أمر يشكل انتهاكاً لأحكام المادة 18 من العهد.

قرار اللجنة قبول البلاغ

4- أ بلغت الدولة الطرف اللجنة ، في 9 أيار/مايو 1996 ، بأن ه ليس لديها اعتراض على قبول البلاغ.

5- وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997، لاحظت اللجنة أن ه ليس هناك ما يعوق قبول البلاغ، ورأت أنه ينبغي النظر في القضايا التي يطرحها البلاغ استناداً إلى الأسس الموضوعية للدعوى.

ملاحظات الدولة الطرف

6-1 تذكّر الدولة الطرف، في مذكرة قدمتها في 12 أيار/مايو 1998، ب وقائع القضية وب الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة العليا عندما رفضت ال طعن الذي قدمه صاحب البلاغ لنقض الحكم :

" لقد أعربت محكمة الاستئناف عن رأيها الذي مفاده أن الفعل موضوع الدعوى - أ ي رفض ارتداء البزة العسكرية كتعبير عن رفض عام لأداء الخدمة العسكرية - كان يشكل، وقت ارتكابه، جريمة بموجب المادة 114 من ال قانون الجنائي العسكري القديم ، مثلما يشكل جريمة بموجب القانون الراهن، على النحو ال محدد في المادة 139 من ال قانون الجنائي العسكري الجديد. ولا يجوز القول إن محكمة الاستئناف قد تبنت، في حكمها هذا ، رأيا غير صحيح فيما يتعلق بالمادة 1 من القانون الجنائي ( 1 ) ، أو أن حكمها لم ي ستند إلى أسباب كافية".

..." وإن بيان أسس الاستئناف يغفل العائق الذي يعترض إمكانية الاحتجاج بالحصانة من المسؤولية الجنائية ب ذريعة الاستنكاف الضميري عن أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية، وه و أن إجراء الاعتراف بهذ ا الاستنكاف يخضع تماما لقواعد قانون الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية.

6-2 وت زعم الدولة الطرف بأن المادة 15 لم تنتهك في حالة صاحب البلاغ. و هي تلاحظ أن مبدأ "لا عقوبة بلا نص" يعني أن يكون الشخص على علم مسبق بأن الفعل الذي يوشك على ارتكابه يشكل جريمة بموجب القانون النظامي. و قد كان صاحب البلاغ ي علم ، أو كان بإمكانه أن ي علم أن رفض ارتداء البزة العسكرية كتعبير عن رفض أداء الخدمة العسكرية يشكل جريمة بموجب ال قانون الجنائي العسكري.

6-3 ثانيا، تشير الدولة الطرف إلى أن التعديل التشريعي موضوع البحث في هذه القضية لم يست ند إلى أي تغيير في وجهة النظر حول ما إذا كان الفعل المعني يستحق العقاب. وتذكر بأن المادة 114 من ال قانون الجنائي العسكري القديم كانت تجرم عصيان الأوامر العسكرية، وأن المادة 139 من القانون الجديد تجرم رفض أ ي شكل من أشكال الخدمة العسكرية أو التقصير المتعمد في أدائها . وتفيد بأن هذا التعديل يشكل جزءا من سلسلة تعديلات تشريعية هدفها التمييز التام بين القانون الجنائي والقانون التأديبي العسكري. فبموجب التشريع الجديد، لا يعتبر من ال جرائم سوى تلك الأفعال المعرفة بأنها تخالف الغاية الأساسية ل لقوات المسلحة. أما جميع المخالفات الأخرى فقد أدرجت في نطاق القانون التأديبي. وبالتالي لم يعد القانون الجنائي ينطبق على مجرد التقصير في أداء واجب من واجبات الخدمة العسكرية. بيد أن رفض أداء الخدمة العسكرية رفضا تاما لا يزال يشكل جريمة تتناولها الآن المادة 139. و تشير ا لدولة الطرف إلى أن المادة الجديدة قد صيغت بالتالي لأسباب تشريعية فنية لأن الحكم العام السابق قد انقضى، و أن المادة الجديدة لم تنص على جريمة جديدة. وقد أتاح القانون الانتقالي تعديل التهم التي توجه بموجب القانون القديم لتتفق مع ما ينص عليه القانون الجديد. وتفيد الدولة الطرف بأن العقوبة القصوى المنصوص عليها في الحكم الجديد أخف من تلك التي كان منصوصا عليها في الحكم القديم.

6-4 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 18، تشير الدولة الطرف إلى الأ حكام السابقة للجنة ومفادها أن العهد لا يحول دون تطبيق نظام الخدمة العسكرية الالزامية. ف العهد ينص على أن مسألة اعتراف أو عدم اعتراف الدول الأطراف بالاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية هي مسألة متروكة صراحة للدول نفسها. وبالتالي فإن الدولة الطرف ترى أن اشتراط أداء الخدمة العسكرية لا يجعل من، صاحب البلاغ ضحية انتهاك المادة 18.

6-5 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بأن المحاكم لم تراع اعتبارات استنكا ف ه الضميري، تفيد الدولة الطرف بأن القانون الهولندي يج يز للمستنكف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية أن يطلب الاعتراف باستنكافه الضميري بموجب قانون الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. والاستنكاف ات الضميري ة معرفة في القانون ب أنها: " استنكافات ضميرية لا تقاوم عن أداء الخدمة العسكرية شخصيا بسبب اسنخدام وسائل عنيفة قد يشارك فيها الشخص وهو يؤدي الخدمة العسكرية في القوات المسلحة الهولندية". وقد رفض وزير الدفاع طلب صاحب البلاغ بقراره الصادر في 25 كانون الثاني/يناير 1989 على أساس أن حجة الاستنكاف التي قدمها صاحب البلاغ - وهو أنه لن يكون قادرا على اتخاذ قرارات بنفسه في القوات المسلحة - لا ت شكل مبرراً كافيا للاعتراف به كمستنكف ضميري بموجب القانون، ذلك لأن هذه الحجة ت تعلق أساسا بالهيكل الهرمي للسلطة في ا لجيش ولا تتصل بالضرورة بمسألة استخدام العنف. وقد رفضت أعلى محكمة إدارية ا لا ستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ ضد قرار الوزير. وبما أن أعلى محكمة إدارية قد اعتبرت اعتراضات صاحب البلاغ على الخدمة العسكرية ، بعد تقييمها، لا تشكل استنكافا ً ضميري اً بموحب قانون الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، فلا يجوز للمحاكم الجنائية إعادة تقييمها مرة أخرى. و ترى الدولة الطرف أن المادة 18 لم تنتهك في حالة صاحب البلاغ.

تعليقات المحامي

7-1 أ بلغ المحامي اللجنة في 30 آب/أغسطس 1998 بأن صاحب البلاغ قد سجن في 8 آب/أغسطس 1998 تنفيذاً لعقوبة السجن التي فرضت عليه بموجب الحكم الصادر في 14 آب/أغسطس 1991.

7-2 وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف، يصرح المحامي بأن صاحب البلاغ كان على علم، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1990 ، بأن رفضه ارتداء البزة العسكرية يشكل جريمة بموجب المادة 114 من ال قانون الجنائي العسكري. بيد أن هذه المادة قد ألغيت في 1 كانون الثاني/يناير 1991 وجرت محاكمة صاحب البلاغ بعد 1 كانون الثاني/يناير 1991. ويكرر المحامي أن الهدف من تطبيق المادة 139 الجديدة هو تجريم موقف المستنكف عن أداء الخدمة العسكرية استنكافاً تاماً ، وهو موقف لم يكن يخضع قبل ذلك للعقوبة. و لذلك فإنه يرى أن الجريمة التي نصت عليها المادة 139 إنما ه ـ ي جريمة جديدة وليست نفس الجريمة التي كانت تخصع سابقا للعقوبة بموجب المادة 114.

7-3 ويح تج المحامي أيضا بأن مواد العهد تظل واجبة التطبيق في البلد الذي يوجد فيه نظام يحكم الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية . ويشير المحامي إلى أن عدم الاعتراف با عتراضات صاحب البلاغ كاستنكافات ضميرية ب المع نى المنصوص عليه في القانون لا يعني أنها لم تكن استنكافات ضميرية. ويرى المحامي عدم قيام المحاكم الجنائية بمراعاة استنكاف صاحب البلاغ ورفض القضية المرفوعة ضده إنما يشك ل انتهاكا للمادة 18 من العهد لأن صاحب البلاغ قد حوكم لأسباب تتعلق بالضمير.

مذكرة أخرى قدمتها الدولة الطرف

8- أرسلت الدولة الطرف، في 9 أيلول/سبتمبر 1998، نسخة من رسالة كان وزير العدل قد بعث بها إلى صاحب البلاغ في 7 أيلول/سبتمبر 1998. ويتضح من الرسالة أن صاحب البلاغ لم يسلم نفسه بعد استدعائه لبدء تنفيذ العقوبة الصادرة بحقه في 16 أيار/مايو 1994، و من ثم فقد تم إلقاء القبض عليه واحتجازه في 8 آب/أغسطس 1998. وبعد توقيفه، قدم صاحب البلاغ طلبا ي لتمس فيه الرأفة و طلب الإفراج عنه إلى حين صدور القرار. و يتبين من الرسالة أن الوزير قد رفض الإفراج عنه فوراً ، ولكنه أعلن أنه سيتم الإفراج عنه مؤقتا بعد ثلاثه شهور إذا لم يكن قد فصل بعد في طلب الرأفة .

القضايا وا لاجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كل المعلومات التي أتاحتها إليها الأطراف، حسبما تنص عل يه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن ه في الوقت الذي رفض فيه صاحب البلاغ إطاعة الأ مر واستمر في رفض تنفيذ الأوامر العسكرية، كانت هذه الأفعال تشكل جريمة بموجب ال قانون الجنائي العسكري، وهي جريمة أتهم بارتكابها. وجرى بعد ذلك، وقبل إدانة صاحب البلاغ، تعديل القانون، وطبق القانون المعدل على صاحب البلاغ. و قد ظل رفض صاحب البلاغ إطاعة الأوامر العسكرية يشكل، جريمة بموجب القانون الجديد . وقد لاحظت اللجنة ما يحتج به صاحب البلاغ من أن طابع الجريمة يختلف في ظل القانون الجديد عنه في القانون القديم، من حيث أن ما يشكل الجريمة هو الرفض التام، لأداء الخدمة العسكرية الذي يشكل موقفاً ، وليس رفض إطاعة أمر واحد . وتلاحظ اللجنة أن الأفعال التي تشكل الجريمة بموجب القانون الجديد هي رفض صاحب البلاغ أداء أي شكل من أشك ا ل الخدمة العسكرية. وكانت هذه الأفعال وقت ارتكابها تشكل جريمة، بموجب القانون القديم، و من ثم فقد كانت تخضع لعقوبة السجن لمدة 21 شهرا (عن فعل واحد) أو لمدة 42 شهرا (عن أفعال متكررة). ولذلك فإن عقوبة السجن التي فرضت على صاحب البلاغ لمدة 9 شهور لم تكن أشد من تلك التي كانت تنطبق وقت ارتكاب الجريمة. ومن ثم، تستنتج اللجنة أن وقائع القضية لا تشير إلى أن المادة 15 من العهد قد انتهكت.

9-3 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بأن إدانته قد شكلت انتهاكا للمادة 18 من العهد، تلاحظ اللجنة أن الحق في حرية الوجدان لا يعني في حد ذاته الحق في رفض جميع الالتزامات التي يفرضها القانون، كما أنه لا يع ن ي الحصانة من المسؤولية الجنائية بصدد كل حالة من حالات الرفض هذه. إلا أن اللجنة كانت قد أعربت في تعليقها العام عن رأي مفاده أن الحق في الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية يمكن أن يستمد من المادة 18 [ التعليق العام 22، المادة 18، الدورة 48، 1993 ] . وفي تعليقها العام على المادة 18، اعتبرت اللجنة أن "الالزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة". وتلاحظ اللجنة أن القانون الهولندي يتضمن إجراء خاصاً على ا لاعتراف بالاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية على أساس وجود اعتراضات على الخدمة العسكرية يمليها الضمير ولا سبيل إلى مقاومتها بسبب استخدام وسائل عنيفة (الفقرة 6-5 أعلاه ).

9-4 وقد التمس صاحب البلاغ الاعتراف به كمستنكف ضميري. ورأى وزير الدفاع أن اعتراض صاحب البلاغ بحجة أنه لن يكون قادرا على اتخاذ قرارات ه بنفسه لا يشكل سببا كافيا للاعتراف به كمستنك ف ضميري بموجب القانون الهولندي. وفي الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ إلى مجلس الدولة (بتاريخ 13 شباط/فبراير 1989) ضد رفض الاعتراف به كمستنكف ضميري، صرح بما يلي:

"لن يمتثل المستأنف، تحت أي ظرف من الظروف، للواجب القانوني المت مثل في أداء الخدمة العسكرية في القوات المسلحة الهولندية لأن طابع القوات المسلحة يتعارض مع غاية الإنسان . فالقوات المسلحة تطلب تحديدا من المشاركين التخلي عن أ هم الحقوق الأساسية و الثابتة التي يجب أن يتمتعو ا بها ك بشر، أي حقهم في التصرف وفقا لغايتهم الأ خلاقية أو لكينونتهم الأساسية. إذ يجبر "المشترك" على التخلي عن الحق في التعبير والتحول إلى أداة في أيدي أشخاص آخرين، وهي أداة يتم توجيهها في نهاية الأمر إلى قتل أخ في الإنسانية متى ارتأى هؤلاء الأشخاص الآخرون ضرورة ل ذلك.

" إن هذه الأداة (أو القوات المسلحة) لا يمكن أن تعمل إلا بتدمير الطاقات الأخلاقية أو البصيرة الأخلاقية الفطرية للمشتركين. و كل من ي عرف مكنون النفس ويصغي إلى ما تمليه غايته الأخلاقية لا بد أن يوافق على إزالة القوات المسلحة من مجتمعنا هي أمر يتسم بأهمية قصوى. وهي أهمية تسمو على العواقب التي يمكن أن تترتب على احتجاج وفقا للقانون الجنائي".

و قد أعلنت شعبة المنازعات الإدارية التابعة ل مجلس الدولة في 12 شباط/فبراير 1990 أن استئناف صاحب البلاغ لا يقوم على أسس سليمة

ونتيجة لرفض طلب صاحب البلاغ الاعتراف به كمستنكف ضميري فقد أصبح ، برفضه أداء الخدمة العسكرية، عرضة لاتهامه بارتكاب جريمة.

9-5 ويتمثل السؤال المطروح على اللجنة في معرفة ما إذا كانت العقوبات المفروضة لإنفاذ أداء الخدمة العسكرية تشكل ، في حالة صاحب البلاغ، انتهاكا لحقه في حرية الوجدان. وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف قد ق يّم ت الوقائع والحجج التي قدمها صاحب البلاغ دعما لمطالبته بإعفائه من أداء الخدمة العسكرية كمستنكف ضميري في ضوء أحكامها القانونية المتعلقة بالاستنكاف الضميري وأن هذه الأحكام القانونية تتفق مع أحكام المادة 18 ( 2 ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستوف اشتراط سلطات الدولة الطرف بأن يكون لديه "اعتراض ضميري لا يقاوم على أداء الخدمة العسكرية ... بسبب استخدام وسائل عنيفة" (الفقرة 5). فليس في ملابسات هذه الحالة ما يقتضي من اللجنة أن تستبدل ت قي يم ها الذاتي لهذه القضية بتقييم السلطات الوطنية.

10- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ا ستنادا إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها لا ت كشف عن انتهاك أي من المواد المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[ اعتمد ت با لإ سبانية والانكليزية والفرنسية، و النص الانكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير .].

الحواشي

(1) تحظر المادة 1 من القانون الجنائي تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي.

(2) انظر التعليق العام 22 (د-48)، الفقرة 11 التي تتناول الحق في الاستنكاف الضميري.

تذييل

رأي فردي (مخالف) أبداه أعضاء اللجنة ب. باغواتي، ول. هانكين، وس. مدينا كيرو غ ا، وف. بوكار، وم. شاينين

إن الأسباب التي قدمها صاحب البلاغ بصدد استنكافه الضميري عن أداء الخدمة العسكرية، كما وردت في الفقرة 9-4 من آراء اللجنة تبين، في رأينا، أن استنكافه يشكل تعبيرا مشروعا عن حقه في حرية الفكر والوجدان أو الدين بموجب المادة 18 من العهد. وربما كانت حجج الدولة الطرف المقدمة لتبرير رفض الاعتراف ب صاحب البلاغ ك مستنكف ضميري ، كما وردت في الفقرتين 6-4 و6-5 من الآراء، كافية لشرح السبب الذي من أجله يعتبر أن اعتراضات صاحب البلاغ لا تشكل استنكافا ً ضميري اً بموجب القانون المحلي للدولة الطرف. إلا أننا ، نرى أن الدولة الطرف لم تقدم مبررات لقرار تدخلها في حق صاحب البلاغ بموجب المادة 18 من العهد ب رفض الاعتراف به ك مستنكف ضمي ي ر ي و توقيع عقوبة السجن عليه . وكما صرحت اللجنة في الفقرة 11 من تعليقها العام 22 (د-48)، لا يجوز التمييز بين مستنكفي الضمير على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. ونستنتج أن صاحب البلاغ هو ضحية لانتهاك المادة 18.

(توقيع) ب. ب ا غواتي

(توقيع) ل. هانكين

(توقيع) س. مدينا كيرو غا

(توقيع) ف. بوكار

(توقيع) م. شاينين

[ حرر با لإ سبانية والانكليزية والفرنسية، و النص الانكليزي هو النص الأصلي. وسيترجم بعد ذلك أيضا إلى اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير .].

رأي فردي (مخالف) أبداه عضو اللجنة ه‍ . سولاري يريغوين

أرى أنه كان ينبغي صياغة نص قرار اللجنة كالآتي:

9-2 تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد صرح، منذ اللحظة التي بدأ فيها اتصالاته بالسلطات العسكرية في بلده بشأن خدمته العسكرية، أنه مستنكف ضميري، وأن السلطات المختصة - وزير الدفاع ومجلس الدولة - قد رفضا منحه هذا المركز وأعلنا أنه مؤه ل لأداء الخدمة العسكرية.

وفي بداية فترة خدمته العسكرية، في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1990، صرح صاحب البلاغ مرة أخرى بأنه بحكم وضعه كمستنكف استنكافاً ضميري اً "تام اً " عن أداء الخدمة العسكرية ، لا يستطيع أداء أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية، وأنه رفض بالتالي ارتداء البزة العسكرية عندما أمره الضابط بذلك. وقد ارتكب صاحب البلاغ، في نظر الدولة الطرف، جريمتي العصيان ورفض أداء أي شكل من أشكال الخدمة العسكرية، وهما جريمتان يعاقب عليهما بموجب المادة 114 من قانون العقوبات العسكرية، التي كانت سارية في ذلك الوقت. وفي رأي صاحب البلاغ أن رفضه أداء الخدمة العسكرية وإطاعة الأمر بارتداء البزة العسكرية هما نتيجة كونه مستنكفا ضميريا. وقد حكمت محكمة الاستئناف في أرنهام على صاحب البلاغ بالسجن لمدة تسعة شهور، وهو حكم أ قر ته المحكمة العليا. وقد رف ض هذان الحكمان حجة الاستنكاف الضميري التي احتج بها صاحب البلاغ مرارا.

ويعترف تشريع الدولة الطرف اعترافا محدودا بالاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية متى شكلت هذه الاستنكافات عقبة لا تقاوم أمام أداء الخدمة العسكرية "بسبب استخدام وسائل عنيفة قد يشارك فيها الشخص وهو يؤدي ال خدم ة العسكرية..."، على النحو المذكور في الفقرة 6-5. وبالتالي فإن وضع "المستنكف استنكافاً تام اً " الذي احتج به صاحب البلاغ لشرح عدم إمكانية التوفيق بين استنكافه و الخدمة العسكرية ولوائحها وأوامرها لا يتوافق ، مع الحدود التقييدية المنصوص عليها في القانون الهولندي، وهو وضع من الصعب جداً إثباته في أوقات السلم التي لا تستخدم فيها "الوسائل العنيفة". ومع ذلك، فإن الخدمة العسكرية ترتبط بالحرب حتى في أ وق ا ت السلم.

أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن قضيته تدل على أن المادة 15 من العهد قد انتهكت، تلاحظ اللجنة أن الحكم قد صدر على أساس التشريع الذي كان ساريا وقت وقوع الأفعال، لا على أساس التشريع الذي صدر بعد ذلك. ولذلك ترى اللجنة أنه لم يحدث انتهاك للمادة 15.

9-3 وي حت ج صاحب البلاغ أيضا بأن الحكم الذي صدر بحقه ي نطوي على انتهاك المادة 18 من العهد. و على اللجنة بالتالي أن تقرر ما إذا كانت هذه المادة قد انتهكت أ م لا . ويتبين من موقفي الطرفين أن هناك تنازعا في القيم كان لموقف الدولة الطرف الغلبة فيه حتى الآن بسبب الطابع الالزامي لا الطوعي الذي تتسم به الخدمة العسكرية. أما الاستنكاف الضميري فيقوم على تصور متعدد للمجتمع يشكل فيه القبول لا القهر العامل الحاسم.

وفي رأي اللجنة أن الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية هو تعبير جلي عن حرية الفكر وال و جدان والدين التي تعترف بها المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحميه ا المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويؤيده ا اتجاه متنام ٍ لسن تشريع يقبل هذا الحق الأساسي، على أن يتاح في حالات مثل الحالة الراهنة، أداء خدمة بديلة ذات طابع يكفل الاعتراف بالمساواة أمام القانون. ومن أمثلة هذا الاتجاه مشروع قرار لجنة حقوق الإنسان E/CN.4/1998/L.93 بشأن الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الذي اشتر ك ت الدولة الطرف في تقديمه مع 11 دولة أوروبية أخرى.

10- ولما كان الحكم الصادر بحق صاحب البلاغ نتيجة مباشرة لرفض الاستنكاف الضميري الذي احتج به مرارا، ف إ ن اللجنة ترى أن المادة 18 من العهد قد انتهكت في هذه الحالة.

إن ما تقدم يعبر عن رأيي المخالف.

(توقيع) هيبوليتو سولاري يريغوين

[ حرر با لإ سبانية والانكليزية والفرنسية، و النص الأسباني هو النص الأصلي. وسيترجم بعد ذلك أيضا إلى ا للغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير. ].

هاء - البلاغ رقم 688/1996، كارولينـا تيليي أريدوندو ضد بيرو

( اعتمدت الآراء في 27 تموز/يوليـه 2000، الدورة التاسـعةوالستون )* ( )

المقدم من : السيدة كارولينا تيليي أريدوندو

الشخص المدعى بأنه ضحية : ماريا سيبيلا أريدوندو

الدولة الطرف : بيرو

تاريخ البلاغ : 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 (تاريـخ الرسالة الأولى)

قرارات سابقة : قـرار المقرر الخاص المتعلق بالمادة 91، الذي أحيل إلى الدولـة

الطرف في 16 نيسان/أبريل 1996 (لم يصدر في شكل وثيقة)

CCPR/C/64/D/688/1996 - قرار بشأن المقبولية اعتمد فـي

23 تشرين الأول/أكتوبر 1998

تاريخ اعتماد هذا القرار : 27 تموز/يوليه 2000

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 2 3 تشرين الأول/أكتوبر 199 8

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 688/1996 المقدم من السيدة كارولينا تيليي أريدوندو، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ ومحاميها والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة كارولينا تيليي أريدوندو، ابنة السيدة ماريا سيبيلا أريدوندو، التي هي مواطنة شيلية اكتسبت الجنسية البيروية عن طريق الزواج، وهي أرملة وسجينة حاليا في سجن الحراسة المشددة للنساء في تشوريوس، بالقرب من ليما (بيرو)، تنفيذا لعدة أحكام صدرت ضدها بتهمة القيام بأنشطة إرهابية. وتقدم السيدة كارولينا تيليي أريدوندو هذا البلاغ بالنيابة عن والدتها، التي هي غير قادرة، لأسباب تقنية، على القيام بذلك بنفسها. وتدعي صاحبة البلاغ أن والدتها هي ضحية انتهاكات بيرو للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعلى الأخص المادة 7؛ والفقرتان 3 و4 من المادة 9؛ والفقرتان 1 و3 من المادة 10؛ والفقرات 1، و2، و3(ب) و(ج) و(د) و(ه‍)، و 6، و7 من المادة 14 من هذا العهد.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 اعتُقلت السيدة أريدوندو لأول مرة في 29 آذار/مارس 1985 (القضية رقم 1) في ليما. واتُهمت حينذاك بالقيام بأنشطة إرهابية، بما في ذلك حيازة متفجرات ونقلها. وقد بُرئت من التهم وأُطلق سراحها بعد محاكمتين صدر فيهما حكمان في آب/أغسطس 1986 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1987.

2-2 وعند إعادة اعتقالها في 1 حزيران/يونيه 1990 (القضية رقم 2)، كانت السيدة سيبيلا أريدوندو تعمل كمحامية مدافعة عن حقوق الإنسان في ليما، متخصصة في مساعدة المجموعات الأصلية (1) . وقد تم اعتقالها في المبنى الذي كانت تعمل فيه، مع عدة أشخاص على صلة بالتنظيم الإرهابي "الدرب الساطع" (Sendero Luminoso).

2-3 واتُهمت السيدة أريدوندو عند اعتقالها بالانتماء إلى الإنقـاذ الشـعبي (Socorro Popular)، وهو تنظيم يُدَّعَى أنه وحدة تساند "الدرب الساطع"، وحكم عليها بالسجن إثني عشر عامـا مـن قبـل "محكمـة ملثمة" (tribunal sin rostro) (الملـف رقـم 05 - 93). وقد ورد فـي رأي قانوني أعدّه محامي الدفاع عن السيدة أريدوندو أن المتهمة أدينت بسبب مجرد وجودها المادي في المبنى في نفس الوقت الذي ألقت فيه الشرطة القبض على عدّة أعضاء في "الدرب الساطع". فلا أحد من بين المتهمين الآخرين اتهمها بشيء، وما من شاهد شهد ضدها، وما من حجة من حجج الخبراء جرّمتها. ويوافق المحامي على أن السيدة سيبيلا أريدوندو كانت تحمل عند اعتقالها بطاقة انتخاب مزورة (libreta electoral). وقد عرضـت صاحبـة البلاغ في بلاغها رأيا قانونيا لأحد المحامين في ليما يقول فيه: "فيما يتصل بالادعاءات الموجهة ضد السيدة سيبيلا، من المؤسف أنه لم يجر القيام بأي شيء لتبرئتها ولنقض الادعاءات الموجهة ضدها. فلم يقدّم أي دليل لصالحها، والأكثر من ذلك، أنه لم يجر أي استجواب لها من قبل الشرطة أو أمام القاضي، وكانت هذه هي الطريقة التي تصرف بها أشخاص آخرون مورطون في المسألة، مما أعطى الانطباع بأنهم تصرفوا جميعا بطريقة متفق عليها نظرا لأنهم ينتمون إلى نفس التنظيم حسب ما يدعى".

2-4 وفي أيار/مايو 1992، وفي الوقت الذي كانت فيه السيدة أريدوندو محتجزة، رُفعت ضدها دعوى قضائية (القضية رقم 3) لمشاركتها في أحداث كانت قد جرت في الأسبوع الأول من أيار/مايو 1992، عند تدخل الشرطة في سجن ميغيل كاسترو كاسترو. وطالب النائب العام بالحكم عليها بالسجن المؤبد، وفقا للقانون الجديد في بيرو الخاص بمكافحة الإرهاب. وقد تمت تبرئتها في تشرين الأول/أكتوبر 1995، من قبل "محكمة ملثمة" أيضا (الملف رقم 237-93).

2-5 وأعيد فتح القضية رقم 1، التي كانت قد حوكمت من أجلها سنة 1985، في تشرين الثاني/نوفمبر 1995 أمام "محكمة ملثمة"، وحكم عليهـا بالسجن خمسة عشر عاماً في 21 تموز/يوليه 1997، (الملف رقم 98-93).

2-6 وقد رُفع الاستئناف في الدعاوى الثلاث، مرتين من قبل السيدة أريدوندو عند إدانتها ومرة من قبل النائب العام. وتقر صاحبة البلاغ بأن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد بعد فيما يتعلق بالدعاوى الجنائية المرفوعة ضد والدتها. ولكنها تعتبر أنه وقع تطويل غير مبرر في مدة النظر في الدعاوى.

الشكوى

3-1 وتدّعي صاحبة البلاغ بأن الأوضاع السائدة في السجن مروّعة، حيث يقيم السجناء في زنزانات لا تتجاوز مساحتها 9 م 2 ولا يسمح لهم بالخروج منها أكثر من نصف ساعة في اليوم. ولا يؤذن للسجناء بالحصول على لوازم الكتابة إلا بتصريح صريح بذلك. ولم يؤذن للسيدة أريدوندو في خلال السنوات الثلاث الماضية إلا بكتابة ثلاث رسائل فقط. كما أن الكتب المجلوبة للسجناء تمر على الرقابة الشديدة، وليس هناك أي ضمان بأن هذه الكتب ستبلغهم، علما بأن الصحف، والمجلات، والاستماع للمذياع، ومشاهدة التلفزيون أمور محظورة عليهم. ولا يسمح بالعمل في الورشات إلا لحبيسي الطابق الأول من الجناح "باء"؛ وحيث أن السيدة أريدوندو تقيم بالطابق الثاني، فإنه لا يسمح لها إلا بالقيام بأعمال بدائية جدا. ونوعية الطعام في السجن يرثى لها. وأي إمدادات غذائية أو أدوات تنظيف يجب تسليمها للسلطات في أكياس شفافة، ولا يسمح بادخال المنتجات المعلبة أو المعبأة في زجاجات إلى السجن. ولا يسمح بأي علاج، بما في ذلك الفيتامينات والاضافات الغذائية، إلا إذا كانت الوصفة من طبيب السجن. والكثير من السجناء يعاني من اضطرابات نفسية أو من أمراض معدية. وجميع السجناء يقيمون معا في نفس المكان وليس للمرضى مكان مهيأ لهم. وحين يُنقل السجناء المرضى إلى المستشفى، تكبل أياديهم بالأصفاد. ولا يسمح للسجناء إلا بزيارة واحدة في الشهر من أقرب اقربائهم. وتدوم الزيارات بين 20 دقيقة ونصف ساعة. ويُدعى أنه يحق للسجناء الحصول على زيارة واحدة في الأسبوع وفقا لتشريعات بيرو. وتوجد أيضا أحكام تسمح بالاتصال المباشر بين السجناء وأولادهم أو أحفادهم مرة كل ثلاثة أشهر، ويتوجب على الأولاد الدخول إلى السجن بمفردهم ويتوجب على من يصطحبهم أن يتركهم بمدخل السجن. وتتلقى السيدة أريدوندو زيارة من ابنتها مرة كل شهر، ويزورها حفيدها الذي يبلغ الخامسة من العمر مرة كل ثلاثة أشهر؛ غير أن حفيديها اللذين يبلغ عمر أحدهما 17 عاماً وعمر الآخر 18 عاما لا يزورانها بسبب الرقابة التي تفرضها الشرطة على الزائرين البالغين، لأنهما، إذا ما فعلا ذلك، فسوف يفتح لهما سجل لدى الشرطة.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ بأن الدعاوى القضائية المرفوعة ضد والدتها (في المحاكم المكوّنة من "قضاة ملثمين") لا تتفق مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتشتكي صاحبة البلاغ أيضا من الطبيعة التسويفية للدعاوى.

3-3 ويُذكر أن نفس هذه المسألة ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي أو للتسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات صاحبة البلاغ على المقبولية

4- تطعن الدولة الطرف، في البيان الذي قدمته في 12 آب/أغسطس 1997، في مقبولية الحالة بسبب كون سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد بعد، وكون ابنة الضحية ليست مخولة قانونيا لتقديم هذه الحالة باسم والدتها. واستنادا إلى نسخ مقالين صحفيين نشرا في شيلي، عقب الزيارة التي أجراها عدة نواب شيليين إلى السيدة أريدوندو، تدعي الدولة الطرف كذلك بأن السيدة أريدوندو لا ترغب في نيل معاملة أكثر مراعاة وأنها على استعداد للانتظار حتى تنتهي حالتها إلى الحل.

5-1 وتُعلم صاحبة البلاغ اللجنة، في تعليقها على بيان الدولة الطرف، بأنها تتصرف في الواقع نيابة عن والدتها وبعلم منها، نظرا لأن هذه الأخيرة تمنع من القيام بذلك بنفسها. وتشير مجددا إلى القيود المفروضة على والدتها في السجن فيما يتصل بالزيارات، والاتصال بالعالم الخارجي، وأدوات الكتابة، وما إلى ذلك.

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف الداخلية لم تستنفد بعد، تؤكد صاحبة البلاغ مجددا أن والدتها اعتقلت سنة 1985، واتهمت بالقيام بأعمال إرهابية، وحوكمت، وبُرئت مرتين. وبعد اعتقالها مرة ثانية سنة 1990، أعيد في سنة 1995 فتح باب المحاكمة التي كانت قد جرت في سنة 1985. وفي سنة 1997 حكم عليها بالسجن 15 سنة. وما زال استئناف الحكم قيد النظر أمام المحكمة العليا. ولذا، ترجو صاحبة البلاغ من اللجنة أن تعتبر البلاغ مقبولا على أساس التأخير غير المبرر في سبل الانتصاف الداخلية الذي سببته الدولة الطـرف. وقـد حكـم أيضـا علـى السيـدة أريوندو بالسجـن 12 عامـا لانتمائهـا إلى الإنقاذ الشعبي (Socorro Popular)، وهي تقضي حاليا مدة هذه العقوبة. وقد تمت تبرئتها من تهمة المشاركة في أحداث سجن ميغيل كاسترو كاسترو التي جرت في أيار/مايو 1992، ولكن النائب العام استأنف هذا الحكم، ولا تزال المسألة عالقة.

5-3 وتؤكد صاحبة البلاغ مجددا أن المعاملة التي تتلقاها والدتها في السجن تمثل انتهاكا للمادة 7 والمادة 10 من العهد. وفي رسالة مؤرخة في 28 أيلول/سبتمبر 1998، أحيلت إلى الدولة الطرف في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1998، وتؤكد السيدة تيليي أيضا من جديد وتقدم مزيدا من المعلومات، بشأن الملابسات المحيطة باعتقال والدتها التي تم احتجازها من غير أمر قضائي خلافا للمادة 9 من العهد، وتذكر السيدة تيليي أن محاكمات السيدة أريدوندو ليس فيها أي امتثال للمتطلبات والضمانات التي نصت عليها المادة 14 من العهد.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة، في دورتها الرابعة والستين المنعقدة في تشرين الأول/أكتوبر 1998 في مقبولية البلاغ، وتيقنت، وفقا للفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من عدم خضوع نفس المسألة للنظر في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي أو للتسوية الدولية.

6-2 وفيما يتعلق بالمتطلب المتعلق باستنفاد سبل الانتصاف الداخلية، أحاطت اللجنة علما بطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية. واستندت اللجنة إلى أحكامها السابقة التي رأت فيها تكرارا أنه، لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يجب أن تكون سبل الانتصاف الداخلية فعالة ومتاحة، ويجب أن لا تطول مددها من غير مبرر. واعتبرت اللجنة أن ملابسات القضية تشير إلى أن مدد سبل الانتصاف قد طوّلت من غير مبرر. ذلك أن السيدة أريدوندو قد اعتقلت سنة 1990 وحوكمت على عدة جرائم، تعود إحداها إلى سنة 1985، وبُرّئت منها بالفعل مرتين. وفي 28 أيلول/سبتمبر 1998، كانت القضية ما زالت من غير حل. وعلى هذا الأساس اعتبرت اللجنة أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تستبعد النظر في الشكوى.

6-3 وأما فيما يتصل بادعاءات صاحبة البلاغ بأن ظروف الاحتجاز التي تعيش فيها والدتها تشكل معاملة غير إنسانية ومهينة وفيها انتهاك للمادة 7 والمادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فقد اعتبرت اللجنة أن هذه الادعاءات قد أُثبتت بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية وينبغي النظر في موضوعها.

6-4 وذكرت صاحبة البلاغ أن عمليات اعتقال والدتها لم تجر وفق التشريعات الوطنية، وانها لذلك تخالف المادة 9 من العهد. واعتبرت اللجنة أنه ينبغي النظر في موضوع هذا الادعاء نظرا لأنه قد يؤدي إلى إثارة مسائل تدخل في إطار المادة 9 من العهد.

6-5 وفيما يخص الادعاءات القائلة إن والدة صاحبة البلاغ تعرضت لمحاكمات لم تمتثل للضمانات التي تنص عليها المادة 14 من العهد، أحاطت اللجنة علما بأن الضحية قد حوكمت من قبل محكمة عسكرية خاصة. وأحاطت اللجنة علما كذلك بموقف الدولة الطرف الذي يشير إلى أن الإجراءات الجنائية ضد الضحية قد جرت ولا تزال تجري وفقا للإجراءات المنشأة بموجب قانون مكافحة الإرهاب الساري في بيرو. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت هذه الإجراءات مطابقة للمادة 14 من العهد أم لا. فينبغي النظر في موضوع هذه النقطة.

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات صاحبة البلاغ

7-1 طلبت الدولة الطرف، في البيان الذي قدمته في 4 آب/أغسطس 1999، إعادة النظر في مقبولية البلاغ لأنها تعتبر أن ابنة الضحية غير مخولة لعرض الحالة نيابة عن والدتها؛ وهي ترى أنه كان بإمكان الضحية أن تتصل هي نفسها باللجنة من غير أي صعوبات. وكان بإمكانها أيضا، بدلا من ذلك، حسب رأي الدولة الطرف، أن تمد ابنتها بتصريح صريح أو أن تبعث به إليها عن طريق محاميها أو ابنها المقيم في شيلي والذي زار والدته في السجن. وتقول الدولة الطرف في بيانها إن ابن السيدة أريدوندو لم يشر البتة إلى أن والدته ترغب في عرض قضيتها على أي هيئة دولية.

7-2 وتؤكد الدولة الطرف أن الشكاوى التي عرضتها صاحبة البلاغ هي عين الشكاوى التي قدمت إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في 29 شباط/فبراير 1996، وان كون الفريق العامل لم يصدر رأياً في الأمر إنما يعني أنه لم يجد ان الاحتجاز كان تعسفياً. وتخلص الدولة الطرف إلى القول بناء على ذلك إنه لم يحدث أي عمل تعسفي. وتطلب إلى اللجنة، استناداً إلى قاعدة عدم جواز محاكمة الشخص مرتين على نفس الجرم، أن تعلن أن البلاغ غير مقبول.

7-3 وتقول الدولة الطرف في بيانها أيضا انه، إذا كانت اللجنة ترى، بالرغم مما عرض عليها بهدف إعلان ان القضية غير مقبولة، ان عليها متابعة هذه القضية، فلا يمكنها أن تقوم بذلك إلا فيما يتعلق بالإجراءات الجاري بها العمل الآن تجاه السيدة أريدوندو. فما زال يتعين، في هذه الإجراءات، اتخاذ قرار بشأن الطعن المقدم للإبطال، وقد يتعين التسليم بحصول تأخير في إقامة العدالة؛ والمسألة الناشئة قد تتمثل في معرفة ما إذا كان هذا التأخير المحتمل مبرراً أم لا. وفي رأي الدولة الطرف، ان الأسباب تتصل بالانصاف المطلوب في البلاغ رقم 688/1996، وبالهدف الأساسي المتمثل في الحصول على قرار من اللجنة يوصي دولة بيرو بإطلاق سراح السيدة أريدوندو بحجة أن الإجراءات التي اتبعت ضدها في المحاكم الوطنية لم تحترم ضمانات الطرق القانونية. وتذكّر الدولة الطرف في هذا الصدد بأن ثلاث دعاوى قضائية رفعت ضد السيدة أريدوندو: ففي إحداها برّئت بالدرجة النهائية، وفي الثانية ما زال ينتظر صدور قرار بشأن استئناف الحكم لإبطاله (الحكم القاضي بعقوبة السجن 15 عاما)، وفي الثالثة حكم عليها بالسجن 12 عاما. وهي حاليا تقضي مدة هذه العقوبة في سجن الحراسة المشددة للنساء في شوريوس. وفي رأي الدولة الطرف، يرمي البلاغ الحالي إلى الحصول على قرار بإبطال الإجراءات العالقة ضد السيدة أريدوندو بحجة وجود تأخير "غير مبرر" في إقامة العدالة، وإلى التوصل إلى إطلاق سراحها لاحقا؛ وبالتالي، سيكون على دولة بيرو أن تبطل الاجراءات العالقة وتشرع في إجراءات أخرى، أو أن تعلن أنه فُرغ من القضية. وتشير الدولة الطرف إلى أنه، إذا تم اتباع هذا الخيار، فلن يطرأ أي تغيير على وضع السيدة أريدوندو، حيث أنها تقضي حاليا، كما سبق الذكر، مدة عقوبة السجن 12 عاما. وإذا ما تأكد الحكم الثالث، فسيضاف هذا الحكم إلى الحكم النافذ حاليا، وسيتعين على السيدة أريدوندو أن تمكث في السجن حتى انتهاء مدة الحكم عليها بالسجن خمسة عشر عاماً المطلوب في الدعوى الثانية المرفوعة ضدها.

7-4 وتذكر الدولة الطرف في عرضها أن المحاكمة التي حكم فيها على السيدة أريدوندو قد احترمت ضمانات الطرق القانونية، ولم تصدر على الصعيد الوطني أية شكوى أو تنديد أو طعن بسبب وجود مخالفات في سير المحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يقم الدليل في هذه الهيئة الدولية على وجود انتهاكات للضمانات في إقامة العدالة.

7-5 وفيما يتعلق بالادعاءات المتصلة بظروف احتجاز السيدة أريدوندو، تؤكد الدولة الطرف أن الظروف التي هي محل الشكوى هي، وفقا للمعلومات التي قدمها المعهـد الوطـني للسجون (National Prison Institute/ INPE)، نفس الظروف التي أقيمت حين كان الإرهاب في أوجه في بيرو. والآن وقد تغير الوضع، اُعتبر أنه من المستصوب تخفيف وطأة نظام السجن على الأشخاص الذين أدينوا بارتكاب جرائم إرهابية، ولذلك، دخل حيز التطبيق المرسوم الأعلى رقم 005-97-JUS ، الذي تستفيد منه السيدة أريدوندو، ومذ دخلت السيدة أريدوندو سجن الحراسة المشددة للنساء في شوريوس، وبناء على تقدير مجلس إدارة السجن، ابقيت السيدة أريدوندو محتجزة في ظروف الحراسة القصوى. وهي اليوم تتقاسم زنزانة معدة لشخصين في الجناح "باء".

7-6 وفيما يتعلق بعدد الزيارات العائلية، التي تلقتها السيدة أريدوندو، تشير الدولة الطرف إلى أن السيدة المذكورة تلقت خلال سنة 1998 وحتى الآن زيارات من ابنتها ومن حفيدها. وزارتها أيضا والدتها وزارها ابنها بعد ترتيبات خاصة، كما أنها تلقت زيارة من أحفادها المقيمين في شيلي بمناسبة عيد الميلاد.

7-7 والنظام الخاص للحراسة القصوى (الدرجة الأولى) الساري في الجناح "باء"شمل المزايا التي نص عليها القانون السالف الذكر، ويتمثل في "ساعتين من التمرينات، وزيارة لمدة ساعة في قاعة للزيارات يوم السبت للنساء ويوم الأحد للرجال، بالإضافة إلى الأعمال اليدوية والحرفية التي يمكن القيام بها داخل الزنزانات". وتؤكد الدولة الطرف أيضا أن هذا النظام يتيح للسجناء الذين يظهرون بوادر تقدم في معاملتهم المتعلقة بإعادة تأهيلهم فرصا للعمل بالورشات التي يشرف عليها موظفون من المعهد الوطني للسجون (National Prison Institute/ INPE).

7-8 وتؤكد الدولة الطرف أن السيدة أريدوندو تعد حاليا كتابا عن زوجها، وهذا يفنّد الادعاء بأنها محرومة من أدوات الكتابة. فالموظفون المسؤولون عن أمن السجينات يمدونها بالقلم والورق كل يوم. وبالاضافة إلى ذلك تؤكد الدولة الطرف أن السجينات غير محرومات من مشاهدة التلفزيون؛ بل إن لهنّ أن يشاهدن أشرطة فيديو مرة كل أسبوعين، ويسمح لهن بمطالعة الكتب والمجلات الفصلية بعد إخضاع هذه الوثائق للرقابة لأسباب تتصل بالأمن الوطني لضمان خلوها من أية مواد تتصل بمواضيع هدّامة. وبخصوص الأنشطة الترفيهية، فلهن حضور الأحداث الرياضية والاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الرقص.

7-9 وفيما يتصل بالادعاءات المتعلقة بنوعية الطعام المقدم للسجينات، فإن هذا الطعام يحتوي على ما يلزم من الحريرات والبروتينات، علما بأن السجينات هن اللواتي يطهونه بأنفسهن، وذلك بتوالي دور كل فريق منهن. وتقيّم أعمال كل فريق من الطاهيات وتقدم لأفضل فريق جائزة تشجيعية.

7-10 وفيما يتعلق بالادعاء بأن السجناء لا يسمح لهم بتلقي أدوية من غير تصريح من طبيب السجن، تؤكد الدولة الطرف أن هذا المطلب يعود إلى اعتبارات أمنية والغرض منه هو الوقاية من التسمم الناتج عن أدوية انتهت مدة صلاحيتها أو أدوية غير سليمة، أو أدوية تؤخذ من غير وصفة طبية أو تستهلك بكميات زائدة؛ أو أدوية قد تعرض صحة السجناء للخطر بأي طريقة أخرى.

7-11 وأما فيما يتصل بالادعاءات المتعلقة بالمعاملة التي يلقاها الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية، فإن الدولة الطرف تقول إن لديها أخصائيا يتولى باستمرار فحص وتقدير حالة السجينات اللواتي ينتمين الى هذه الفئة، وتلك السجينات اللواتي يقمن في أقسام قائمة بذاتها موزعة على مختلف أجنحة السجن. كما يتلقين عناية علاجية عن طريق العمل في الهواء الطلق في الأرياف. أما بخصوص الادعاءات المتصلة بالأمراض المعدية، فإنها تنحصر في حالات قليلة، حسب قول الدولة الطرف، وعند حدوثها، يتخذ إزاءها ما يلزم من تدابير الحيطة. وأشارت الدولة الطرف بخصوص كيفية نقل السجناء إلى المستشفى أو منه إلى أن ذلك يتم وفقا لتوجيهات الشرطة الوطنية في بيرو. فهذه التوجيهات تتناسب مع نوع الجريمة المرتكبة والغرض منها هو منع السجناء من الهرب من أماكن العلاج وما قد ينتج عن ذلك من تعريض بقية المرضى للخطر، نظرا لأن العلاج الطبي يتم في المرافق الصحية العمومية.

7-12 وأما عن المسألة الأخيرة المتصلة بزيارة الأطفال، فإن الدولة الطرف تشير إلى أن الأطفال يستطيعون كل يوم جمعة اجراء اتصال مباشر مع أقاربهم. فبمجرد دخولهم السجن، تستقبلهم موظفات من الشرطة الوطنية في بيرو، فيصطحبنهم إلى مقابلة أقاربهم، في المكان الذي ينتظرونهم فيه، وذلك حرصا على عدم إذعار الأطفال أو اقتيادهم على وجه الخطأ إلى أقسام أخرى. وأما البالغون من الأقرباء، فيتعين عليهم حمل بطاقات تعريف عند دخولهم السجن، بما يتيح التعرف على صلة قرابتهم مع السجين.

8-1 وفي بلاغها المؤرخ في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أرسلت ابنة السيدة أريدوندو إلى اللجنة نسخة مصدق عليها لتوكيل عام ورسالة مكتوبة بخط اليد موقعة من والدتها فيها دعم للإجراءات التي باشرتها وتابعتها ابنتها بالنيابة عنها.

8-2 وتقول السيدة تيليي في بلاغها إنه، بالرغم من أن والدتها تتلقى زيارات عائلية، إلا أن هذه الزيارات تقع في قاعة للزيارة يفصل فيها ستاران شبكيان معدنيان ما بين السجين وأقربائه. وليس هناك مجال لاجراء اتصال شخصي من أي نوع أو لأي إمكانية لتسليم أو استلام أي شيء. فلا يمكن للأقرباء أن يستلموا من السجناء بعد فحص إلزامي من الحراس إلا أواني الطعام المرجعة والأعمال اليدوية. وبالاضافة إلى ذلك، فإن الأقرباء ملزمون بعرض أنفسهم للتفتيش قبل السماح لهم بمغادرة السجن. وتتم زيارات المحامين على منوال الزيارات التي يقوم بها الأقارب للسجناء.

8-3 وأما عن إمكانية ارسال رسائل إلى خارج السجن، فإن السيدة تيليي تشرح الاجراء المتبع لهذا الغرض. يكون على السجينات مرة في الأسبوع أن يضعن أي رسالة موجهة إلى خارج السجن في صندوق البريد التابع للجناح الذي يوجدن فيه. وعندما تجمع الرسائل يقوم موظفو السجن بتفقد محتوياتها. وتقرأ جميع الرسائل، والكثير منها لا يتمكن من تجاوز هذا المستوى من الرقابة. وتذكر السيدة تيليي على سبيل المثال أن والدتها أخبرتها بأنها قد أودعت رسالة موجهة إليها قبل بضعة أسابيع، ومعها نسخة من الطلب المتعلق بمشكلة صحية تعاني منها والموجه إلى مدير السجن. ولكن هذه الرسالة لم تصل إلى السيدة تيليي أبدا. وفي أيام الزيارات، توضع الرسائل بعد تفحصها في صندوق قرب باب الخروج من السجن. ويقوم الزوار بأخذ الرسائل الموجهة إليهم وحتى تلك الموجهة إلى أشخاص آخرين، إذ لا يتم القيام بشيء للتأكد من وصول الرسائل إلى وجهتها الصحيحة.

8-4 وتقول صاحبة البلاغ إن الشكوى التي تقدمها بالنيابة عن والدتها تتصل بالخصوص بظروف الاحتجاز القاسية. وتطرح سؤالا عما إذا كان ممثلو الدولة الطرف يعتقدون بالفعل أن السيدة أريدوندو يمكنها أن تكتب رسائل وتبعث ببلاغاتها في هذا الشأن مع إحاطة ذلك بالكتمان. وتقول أيضا إن جميع الأشخاص المدانين بأعمال إرهابية، ومن بينهم السيدة أريدوندو، يتعرضون لتقييم متواصل من قبل مجلس ادارة السجن الذي أنشأته سلطات السجن، وهذا عين ما قالته الدولة الطرف ذاتها. فهذا المجلس يمكنه بكل سهولة أن يصنف الشكاوى على أنها "سلوك مخل".

8-5 وأما فيما يتصل بالمسألة الثانية المتعلقة بنظر القضية من قبل أكثر من هيئة دولية واحدة، فإن السيدة تيليي تقول إنه، مع احتمال أن يكون الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الذي أنشأته لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد أبلغ فعلا دولة بيرو بعدد من الشكاوى من بينها شكوى تتصل بالسيدة أريدوندو (الأرملة)، إلا أنها تجهل وجود أي بلاغ من هذا القبيل. وأما عن الافتراض المنطقي الذي ذكر في الفرع 12 من بلاغ الدولة الطرف والذي يفيد بأن الفريق العامل "لا يعتبر احتجاز السيدة أريدوندو تعسفيا"، فإنها ترى أن في ذلك شططا ومغالاة. وتشير صاحبة البلاغ إلى أنه قد يكون من الأدق الافتراض بأن الفريق العامل قد أحاط علما "بازدواجية الطرح" وبالتالي أوقف اتخاذ أي إجراء آخر.

8-6 وتذكر صاحبة البلاغ في شأن "الغاية النهائية" أن هذه الغاية ليست بالضرورة "التوصل إلى قرار يبطل الإجراءات العالقة"، أي الإجراءات التي شرع فيها قبل 14 عاماً في سنة 1985، بل هي بالأحرى ضمان أن تتخذ المحكمة العليا قرارا. وتؤكد صاحبة البلاغ من جديد انه إذا ما أكدت المحكمة العليا الحكم بالسجن لمدة 15 عاما الصادر في تموز/يوليه 1997 (قبل سنتين وثلاثة أشهر)، فإن والدتها ستكون ذات أهلية للاستفادة من مزايا السجن المتفقة مع التشريعات السارية حينذاك فهذه المزايا ستتيح لها مغادرة السجن باعتبار أن الحكم بمدة 12 عاماً سيصنف ضمن الحكم بالمدة الأطول. وإذا لم يتم التوصل الى هذا القرار في الأجل القصير، فقد تمنع السيدة أريدوندو من مغادرة السجن ، بعد قضائها مدة 12 عاما، أو قد يتم إيقافها مباشرة وإخضاعها من جديد لإجراءات المحاكمة المتمادية.

8-7 وأما عن مسألة المحاكمة التي أفضت إلى الحكم بالسجن 12 عاما، فإن صاحبة البلاغ تقول إنه ليس صحيحا أنه لم تقدم أية شكاوى أو تنديدات أو طعون على الصعيد الوطني، كما تدعي الدولة الطرف. فقد قدم طلب إبطال الحكم إلى الجهات المختصة ولكنه رُد. وكل ما في الأمر هو أنه لم يعد هناك أي هيئات أخرى يمكن المراجعة لديها. وتذكِّر صاحبة البلاغ في هذا الصدد بأن هذه المحاكمة جرت أيضا وفقا لتشريعات سنة 1992، عملا بنظام "القضاة الملثمين".

8-8 وأما ظروف الاحتجاز فهي، وإن صح القول بأنها في شوريوس أقل قسوة مما كانت في قاعدة كالاو البحرية، ويانامايو، وشالابلكا، تبقى مع ذلك نظاما عقابيا. وتقول صاحبة البلاغ في هذا الشأن مجددا إنها، وإن كانت تستطيع زيارة والدتها لمدة ساعة يوم السبت من كل أسبوع، فإن هذه الزيارات تتم في قاعة لا يمكن فيها إجراء اتصال مباشر أو التحادث بحرية. وهي عندما تزور والدتها تحمل إليها بعض الطعام لتدارك النواقص في وجبة السجناء اليومية التي تعود إلى انخفاض ميزانية الدولة المخصصة لذلك. ومنذ تعيين المدير الجديد للسجن، وهو برتبة عقيد في الشرطة الوطنية، أصبح إدخال الطعام مقيدا من جديد، وتم تشر قائمة بالمواد المصرح بها.

8-9 وأما عما ورد في بيان الدولة الطرف من قلة عدد حالات الأمراض المعدية، تقول صاحبة البلاغ إنه في الجناح "باء" وحده حدثت 15 إصابة بمرض السل في صفوف 100 سجين تقريبا. وقد حدثت ثلاثة من بين هذه الإصابات في النصف الأخير من سنة 1999. وكمثال على الصعوبات القائمة فيما يتصل بالمسائل الصحية، تذكر صاحبة البلاغ أن والدتها بقيت تنتظر عدة أشهر، إذنا من مدير السجن يسمح لها بالذهاب إلى المستشفى للقيام بصورة بالأشعة لركبتها. علما بأن طبيب السجن لتقويم الأعضاء والأخصائي التابع للمعهد الوطني للسجون. هما اللذان طلبا القيام بهذه الصورة (18 تموز/يوليه 1999). وتبعا لذلك، التأمت لجنتان طبيتان وصرّحتا لوالدتها بزيارة المستشفى، ولكن هذه الزيارة ما كانت قد حدثت بعد في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

8-10 وتذكر صاحبة البلاغ أنه لا يسعها إلا أن تفند المعلومات التي ساقتها الدولة الطرف فيما يتصل بالظروف التي تحتجز فيها السجينات اللواتي يعانين من مشاكل نفسية، حتى وإن كانت هذه المسألة لا تمس والدتها بصفة مباشرة، ذلك أن هذه النسوة لسن في معزل عن سائر السجناء. وفضلا عن ذلك، لا يتلقين عناية علاجية عن طريق العمل في الهواء الطلق في الأرياف. وتقول إنها تأسف لكون اللجنة تلقت معلومات خاطئة بشأن هذه النقطة.

8-11 وأما عن الادعاء بأن السجناء غير محرومين من مشاهدة التلفزيون وأنه يسمح لهم بمشاهدة أفلام مرة كل أسبوعين، فهو ادعاء غير صحيح. فلا يسمح للسجناء بمشاهدة الأفلام إلا متى قررت سلطات السجن ذلك. وليس للسجناء مشاهدة الأخبار أو أي برامج أخرى تُبث على القنوات المحلية. وإلى ذلك كله، ما زال السجناء محرومين من الاستماع إلى المذياع أو مطالعة الصحف أو المجلات الحالية. كما أن إدخال الكتب الى السجن ما زال مقيدا. وأما عن عن القول بوجود سياسة متواصلة، قائمة على أساس الاعتبارات الأمنية، بمنع السجناء من مطالعة مواد قد تحتوي على مواضيع هدامة، فإن صاحبــة البـلاغ تستغـرب وتتساءل ما هو الهدام في صحيفة "البيروانو" (El Peruano) التي منعت والدتها من استلامها مؤخرا.

8-12 وأخيرا، فيما يتعلق بزيارة الأطفال إلى الجناح "باء"، فإنها تتم صباح أيام الأحد، ولكن الأطفال لا يجدن من يصطحبهم من الحارسات إلا أحيانا. ومهما يكن من أمر، فإن الأطفال يدخلون السجن بمفردهم، ويخضعون للتفتيش وهم بمفردهم. وكل هذا له حتما عواقب لا تحصى على الأطفال، حسب رأي صاحبة البلاغ.

فحص الأسس الموضوعية

9- نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء المعلومات المقدمة إليها من قبل الأطراف، وفقا للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-1 وفيما يتصل بادعاء الدولة الطرف بخصوص افتقار ابنة السيدة أريدوندو إلى صلاحية اتخاذ اجراء أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، تذكر اللجنة أن في حوزتها تصريحا كتابيا سليما منحته السيدة أريدوندو لابنتها (انظر الفقرة 8-1 أعلاه)، وهي ترى أن ذلك كاف لتمكين الابنة من التصرف بالنيابة عن والدتها. وترى أيضا أن السيدة تيليي تتصرف بعد أن أجرت مناقشة كاملة مع والدتها السيدة أريدوندو.

10-2 وتحيط اللجنة علما بادعاء عدم المقبولية الصادر عن الدولة الطرف بحجة أن نفس هذا البلاغ هو محل نظر هيئة دولية أخرى للتحري فيه أو حله، حيث أن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تناول المسألة نزولا عند طلب السيدة أريدوندو. وتقرر اللجنة عدم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت هذه المسألة تدخل ضمن نطاق الفقرة 5 من المادة 2 من البروتوكول الاختياري أم لا، حيث أنها تلقت معلومات من الفريق العامل تشير إلى أنه يدرك وجود هذا البلاغ وإنه أحال القضية إلى اللجنـة من غير إبداء آرائه (2) .

10-3 وأما بخصوص مسألة معرفة ما إذا كان إيقاف السيدة أريدوندو قد تم وفقا لمتطلبات الفقرة 1 والفقرة 3 من المادة 9 من العهد، وبتعبير آخر، ما إذا كانت السيدة أريدوندو قد أوقفت بموجب أمر بالقبض، وما إذا كان قد جرى أم لم يجر إحضارها فورا أمام قاض بعد أن سيقت إلى مركز الشرطة، فإن اللجنة تأسف لكون الدولة الطرف لم ترد بالتحديد على الادعاء الصادر في هذا الخصوص، بل قالت، بصورة عامة، إن احتجاز السيدة أريدوندو ومحاكمتها قد تما وفقا لقوانين بيرو، وترى اللجنة إنه، نظرا لكون الدولة الطرف لم ترد على هذه الادعاءات، ينبغي أن تقدر الادعاءات المذكورة حق قدرها، وينبغي افتراض أن تلك الأحداث قد تمت على الشكل الذي وصفته صاحبة البلاغ. وبناء على ذلك، اعتبرت اللجنة أن في ذلك انتهاكا للفقرتين 1 و3 من المادة 9 من العهد.

10-4 وأما عما ساقته صاحبة البلاغ، بشأن ظروف احتجاز والدتها، الواردة في الفقرة 3-1 والمعاد ذكرها في الفقرات 8-3 و8-4 و8-8 إلى 8-12، فإن اللجنة تحيط علما بقبول الدولة الطرف بكون وصف هذه الظروف صحيحا، وبكونها مبررة بجسامة الجرائم التي ارتكبها السجناء وبخطورة مشكلة الإرهاب الذي خَبِرَته الدولة الطرف. وبالاضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علما بالمرسوم الأعلى رقم 005 - 97 JUS، الذي سبق ذكره. وترى أن ظروف احتجاز السيدة أريدوندو، ولا سيما في السنوات الأولى وبقدر أقل بعد دخول المرسوم المذكور حيز التطبيق، هي تقييدية بإفراط. وإذا كانت اللجنة تقر بالحاجة إلى التقييدات الأمنية، فمن الواجب أن تكون هذه التقييدات مبرّرة دائما. وقد أخفقت الدولة الطرف في هذه القضية في تقديم أي مبرر للظروف الموصوفة من قبل السيدة تيليي. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن ظروف الاحتجاز تخل بالفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

10-5 وأما عن اشتكاء صاحبة البلاغ من أن والدتها لم تلق محاكمة توفر ضمانات المادة 14 من العهــد، لأنها حوكمت من قبل محكمة مكونــة من قضــاة ملثمين، فقد أحاطت اللجنــة علمــا بالكتــاب " Terrorismo:Tratamiento juridico, Ins i tuto de Defensa legal, Lima, (1995, pp. 288-290) " الذي استندت إليه صاحبة البلاغ لوصف اجراءات المحاكمة أمام محاكم مكونة من قضاة ملثمين (3) : انها تحيط علما بما ذكرته الدولة الطرف من أن المحاكمات الثلاث للسيدة أريدوندو قد تمت وفقا للتشريعات الوطنية السارية حينئذ. وتعيد اللجنة تأكيد أحكامها السابقة التي تنص على أن المحاكمات من قبل محاكم ملثمة في بيرو لا تتفق مع المادة 14-1 من العهد باعتبار أن المتهم لا يتمتع بالضمانات التي تنص عليها هذه المادة (4) .

10-6 وأما عن التأخيرات في الإجراءات القانونية، انتهاكا للفقرة 3 (ج) من المادة 14، فإن اللجنة تحيط علما بأن الدولة الطرف تقر بوجود التأخير وبأنه، بالرغم مما قيل من إصدار تعليمات للفصل في القضية، فإن الطعن بشأن إعادة فتح باب القضية ما زال عالقا. وحيث ان إعادة فتح الباب، من قبل النيابة العامة في سنة 1995 لقضية السيدة أريدوندو بشأن تبرئتها الثانية سنة 1987، تنطوي على تأخيرات غير مقبولة كهذه، فإن اللجنة تعتبر أن ذلك يشكل انتهاكا للفقرة 3 (ج) من المادة 14 من العهد.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، استنادا إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع كما وجدتها اللجنة تمثل انتهاكا للفقرة 1 من المادة 10 من العهد فيما يتعلق بظروف احتجاز السيدة أريدوندو؛ وانتهاكا للمادة 9 فيما يتعلق بطريقة اعتقالها؛ وانتهاكا للفقرة 1 من المادة 14 فيما يتعلق بمحاكمتها من قبل محكمة مكونة من قضاة ملثمين؛ وانتهاكا للفقرة 3 (ج) من المادة 14 فيما يتعلق بالتأخير في إتمام الإجراءات التي بوشرت في سنة 1985.

12- ووفقا للفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، تكون الدولة الطرف ملزمة، بتوفير سبيل انتصاف فعّال للسيدة أريدوندو. وترى اللجنة أنه ينبغي إطلاق سراح السيدة أريدوندو وتعويضها بالشكل الملائم، والدولة الطرف ملزمة بضمان عدم حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.

13- إن اللجنة، إذ تضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري لتصبح طرفا فيه، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وان الدولة الطرف، وفقا للمادة 2 من العهد، قد تعهدت بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك ما، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتمد ت بالإسبانية و ال إ نكليزية والفرنسية، و النص الانكليزي هو النص الأصلي. وس ت صدر في وقت لاحق بال روسية والصينية وا لعربية أيضا كجزء من هذا ال تقرير.]

الحواشي

(1) أعلمت صاحبة البلاغ اللجنة، عن طريق رسالة وجهتها إليها في 21 آذار/مارس 1999 بأنه، بالرغم من أن والدتها كانت تعمل بالفعل في الدفاع عن حقوق الإنسان، في زمن اعتقالها، إلا أنها كانت عندئذ تعكف على إعداد الجزء الثاني من الأعمال الكاملة لخوسيه ماريا أرغويداس.

(2) ان ظر الرأي رقم 4/2000 المعتمد في 16 أيار/مايو 2000.

(3) "إن الجهل بهوية القضاة، حسبما أكدت عليه لجنة غولدمان، يحرم المتهم من الضمانات القانونية الأساسية: فالمتهم لا يعرف من يحاكمه أو ما إذا كان الشخص متمتعا باختصاص لفعل ذلك أم لا (مثلا، إذا كان لديهم التدريب القانوني والخبرة القانونية اللازمين): والمتهـم محروم من حق الحصول على محاكمة من محكمة نزيهة باعتبار أنه لا يقدر على رد القاضي [تقرير لجنة الحقوقيين الدولية المعنية بإقامة العدالة في بيرو.Instituto de Defensa Legal, Lima, 1994, p. 67].

(4) انظر الآراء رقم 577/1994، الفقرة 8 (8)، فيكتور بولاي كامبوس ضد بيرو ، التي اعتمدت فـي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1997.

واو- البـلاغ رقــم 689/1996، مـاي ضـد فرنســا

(اعتمدت الآراء في 10 تموز/يوليـه 2000، الدورة التاسـعة والستون) * ( )

المقدم من : ريشار ماي (ويمثله المحامي القانوني فرانسوا رو)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ البلاغ : 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1995

تاريخ قبول البلاغ : 11 تموز/يوليه 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 10 تموز/يوليه 2000

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 6 89/199 6 المقدم إليها من السيد ريشار ماي، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو ريشار ماي، وهو مواطن فرنسي ولد في كانون الأول/ديسمبر 1966، ويعيش حالياً في ميلاو بفرنسا. ويدعي صاحب البلاغ أنه وقع ضحية لانتهاك فرنسا للمواد 18 و19 و26 مقترنة بالمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام هو السيد فرانسوا رو.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قام صاحب البلاغ وهو مستنكف للخدمة العسكرية بوازع من الضمير، بأداء مهام للخدمة الوطنية المدنية في الفترة الممتدة بين حزيران/يونيه 1986 وتموز/يوليه 1987. وفي 15 تموز/يوليه 1987، وبعد قرابة سنة واحدة من أداء هذه المهام، غادر صاحب البلاغ مقر عمله، محتجاً بالطابع التمييزي المزعوم للفقرة 6 من المادة 116 من قانون الخدمة الوطنية، التي ينص على أن يقوم مستنكفو الخدمة العسكرية بوازع من الضمير بأداء مهام للخدمة الوطنية المدنية لفترة سنتين، بينما تكون مدة الخدمة العسكرية للمجندين العسكريين سنة واحدة.

2-2 ونتيجة هذا التصرف، وجهت إلى السيد ماي تهمة رفض الانصياع في وقت السلم، بمقتضى أحكام الفقرة 1 من المادة 397 من قانون العدالة العسكرية. وبموجب الحكم الصادر في 27 كانون الثاني/يناير 1992، أدانته المحكمة الجنائية لمونبيلييه وفقاً للتهمة الموجهة إليه وحكمت عليه بعقوبة السجن لمدة 15 يوماً (مع وقف التنفيذ). وبما أن صاحب البلاغ لم يكمل مدة خدمته المدنية، فإنه تلقى أمراً بتاريخ 30 تموز/يوليه 1992 بمواصلة مهام خدمته المدنية؛ وقرر السيد ماي تجاهل هذا الأمر. ووفقاً لذلك استأنفت المحكمة الجنائية لمونبيلييه الإجراءات القضائية ضده وأدانته في 21 نيسان/أبريل 1994 وفقاً للتهمة الموجهة إليه وقررت إلغاء القرار الذي يعترف بأنه مستنكف الخدمة العسكرية بوازع من الضمير. وفي 23 كانون الثاني/يناير 1995، أكدت محكمة الاستئناف لمونبيلييه هذا الحكم.

2-3 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يقدم استئناف آخر أمام محكمة النقض لأنه اعتقد أن مثل هذا الاستئناف لن يكون مفيداً نظراً إلى ظروف حالته ولأن محكمة النقض كانت قد أصدرت اجتهاداً قضائياً لم يكن في صالحه. ويشير صاحب البلاغ في هذا الصدد إلى عدة من الأحكام التي أصدرتها محكمة النقض في 14 كانون الأول/ ديسمبر 1994، والتي تخلص إلى أن المادة 116(6) ليست تمييزية وأنها لا تنتهك المواد 9 و10 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (1) . ويخلص صاحب البلاغ إلى ضرورة اعتباره أنه امتثل لمتطلبات الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري نظراً لعدم توفر أي سبيل انتصاف فعال آخر أمامه.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن كلاً من المادة 116 (6) من قانون الخدمة الوطنية (بصيغته المؤرخة تموز/يوليه 1983 الذي ينص على مدة خدمة مدنية قدرها 24 شهراً لمستنكفي الخدمة المدنية بوازع من الضمير) والمادة (ل-2) من قانون الخدمة الوطنية بصيغته المؤرخة كانون الثاني/يناير 1992 (المعدل بموجب القانون رقم 92-9 المؤرخ 4 كانون الثاني/يناير 1999)، التي تحدد المدة الزمنية للخدمة المدنية لمستنكفي الخدمة العسكرية بوازع من الضمير بواقع 20 شهراً، تنتهكان المواد 18 و19 و26 مقترنة بالمادة 8 من العهد لأنهما تضاعفان مدة الخدمة لمستنكفي الخدمة العسكرية بوازع من الضمير بالمقارنة مع مدة خدمة الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية.

3-2 ويسلّم صاحب البلاغ بأنه في القضية رقم 295/1988 (2) ، كانت اللجنة قد قررت أن تمديد الفترة الزمنية لخدمة وطنية بديلة هي لا غير معقولة ولا تخضع للعقاب، وأنها لم تجد أي انتهاك للعهد. ومع ذلك، فإن صاحب البلاغ يحتج بالآراء الفردية المذيلة بهذه الآراء والتي أعرب عنها ثلاثة أعضاء في اللجنة حيث خلصوا إلى أن التشريع موضوع الاحتجاج لا يستند إلى معيار معقول أو موضوعي، مثل نوع خدمة تتسم بأنها أكثر قساوة أو الحاجة إلى تدريب خاص لأداء الخدمة الأطول مدة. ويؤيد صاحب البلاغ بالكامل استنتاجات أعضاء اللجنة هؤلاء.

3-3 ويلاحظ صاحب البلاغ أن المواد من ل-116 (2) إلى ل-116 (4) من قانون الخدمة الوطنية تنص على إجراء اختبار دقيق للغاية لصدق معتقدات مستنكف الخدمة العسكرية بوازع من الضمير. فينبغي أن يوافق وزير القوات المسلحة على كل طلب يقدمه الشخص للاعتراف بأنه مستنكف الخدمة العسكرية بوازع من الضمير. وإذا رفض الوزير هذا الطلب، فيمكن لصاحب الطلب بموجب المادة ل-116 (3) أن يستأنف ضد الرفض أمام المحكمة الإدارية. ويذكر صاحب البلاغ أنه في مثل هذه الظروف لا يمكن أن يُفترض أن يكون تحديد مدة الخدمة المدنية قائماً على مجرد أسباب مناسبة إدارياً، لأنه ينبغي اعتبار أي شخص يوافق على أداء الخدمة المدنية لمدة تساوي ضعف مدة الخدمة المدنية (أو ضعفها تقريباً) شخصاً لــه معتقدات حقيقية. بل ينبغي، بدلاً من ذلك، اعتبار مدة الخدمة المدنية ذات طابع عقابي لا يقوم على معايير معقولة أو موضوعية.

3-4 ويحتج صاحب البلاغ، دعماً لاعتراضه، بحكم أصدرته المحكمة الدستورية الإيطالية في تموز/يوليه 1989، يقضي بأن النص على أداء خدمة غير عسكرية لمدة أطول بثمانية أشهر من مدة الخدمة العسكرية لا يتمشى مع الدستور الإيطالي. كما يشير صاحب البلاغ إلى قرار اتخذه البرلمان الأوروبي في عام 1967 اقترح، بالاستناد إلى المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أن مدة الخدمة البديلة يجب أن تكون نفس مدة الخدمة العسكرية، فضلاً عن ذلك، أعلنت لجنة وزراء مجلس أوروبا أن الخدمة البديلة لا يجب أن يكون لها طابع عقابي وأن مدتها يجب أن تظل فـي الحدود المعقولة، بالقياس إلى الخدمة العسكرية (التوصية رقم R(87)8 المؤرخة 9 نيسان/أبريل 1987). وأخيراً، يلاحظ صاحب البلاغ أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعلنت في قرار اعتمدته في 5 آذار/مارس 1987 (3) أن الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية ينبغي اعتباره ممارسة مشروعة للحق في حرية التفكير والضمير والتدين، وهو حق يعترف به العهد.

3-5 وفي ظل هذه الظروف، يؤكد صاحب البلاغ على أن مطالبته بأداء الخدمة المدنية لفترة تساوي ضعف الفترة المقررة لأداء الخدمة العسكرية يشكل تمييزاً غير قانوني ومحظوراً قائماً على الرأي، وأن إمكانية السجن بسبب رفض أداء الخدمة المدنية بما يتجاوز الفترة الزمنية المحددة للخدمة العسكرية يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 18 والفقرة 1 من المادة 19 والمادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وتعليقات صاحب البلاغ عليها

4-1 تحاج الدولة الطرف بأن البلاغ لا يتمشى من ناحية الموضوع مع أحكام العهد لأن اللجنة قد سلمت في قرارها بشأن البلاغ رقم 185/1984 ( ل. ت. ك. ضد فنلندا) من جهة، بأن "العهد لا ينص على الحق في الاستنكاف الضميري، ولا يمكن أن تفسر المادة 18 ولا المادة 19 من العهد، ولا سيما إذا أخذت في الحسبان الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8، على أنهما تعنيان ضمناً هذا الحق" ومن جهة أخرى، لأن التنظيم الداخلي للخدمة الوطنية وبالتالي لوضع مستنكف الخدمة المدنية بوازع من الضمير بالنسبة للدول التي تعترف به، لا يقع، بمقتضى أحكام الفقرة 3(ج)‘2‘ من العهد، ضمن نطاق العهد ويظل مسألة تتعلق بالتشريع الداخلي.

4-2 وثانياً، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، فإنها تقول بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف القضائية المتاحة لأنه لم يستأنف الحكم الذي أصدرته محكمة مونبيلييه للاستئناف في 23 كانون الثاني/يناير 1995 أمام محكمة النقض. كما تقول الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف الإدارية. والحجة المقدمة في هذا الصدد هي أن صاحب البلاغ قد انتهك أمام أحكام قانون الخدمة الوطنية عند مغادرته مقر عمله قبل أن يتلق رداً من السلطات العسكرية يتعلق بمطالبته بتخفيض مدة خدمته، وبالتالي فإنه يخضع للملاحقة الجنائية، وأنه لم ينتظر ريثما ترفض السلطات العسكرية طلبه لكي يعرض من بعد قضيته أمام المحكمة الإدارية (4) .

4-3 وأخيراً، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يفي بشروط اعتباره ضحية. وفيما يتعلق بالمادتين 18 و19 من العهد، فإن الدولة الطرف تدعي بأنها باعتراضها بوضع الاستنكاف الضميري والسماح للمجندين العسكريين باختيار شكل خدمتهم الوطنية، فإنها تسمح لهم أن يختاروا بحرية نوع الخدمة الوطنية التي تتناسب مع معتقداتهم، مما يمكنهم من ممارسة حقوقهم بموجب المادتين 18 و19 من العهد. وفي هذا الصدد، تخلص الدولة الطرف، مقتبسة القرار بشأن البلاغ رقم 185/1984 المشار إليه أعلاه، إلى أن صاحب البلاغ "لم يلاحق قضائياً ولم يحكم عليه بسبب معتقداته أو آرائه في حد ذاتها، بل لأنه رفض أداء الخدمة العسكرية". ولذلك لا يمكنه أن يدعي أنه وقع ضحية انتهاك للمادتين 18 و19 من العهد.

4-4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد، فإن الدولة الطرف، إذ تلاحظ أن صاحب البلاغ يشتكي من حدوث انتهاك لهذه المادة لأن مدة الخدمة المدنية البديلة هي ضعف مدة الخدمة العسكرية، تؤكد أولاً وقبل كل شيء على أن "العهد وان كان يحظر التمييز ويكفل الحماية القانونية للجميع، فإنه لا يحظر جميع أنواع الاختلاف في المعاملة"، التي يجب أن "تستند إلى معيار معقول وموضوعي" (انظر آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 196/1985، في قضية غييه ضد فرنسا ). وتدفع الدولة الطرف، في هذا الصدد، بأن حالة المجندين الذي يؤدون خدمة مدنية بديلة تختلف عن حالة أولئك الذين يؤدون الخدمة العسكرية، ولا سيما فيما يتعلق بالضغوط الأكبر المترتبة على الخدمة في الجيش، وأن المدة الأطول للخدمة المدنية البديلة هي بمثابة اختبار لمدى صدق المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، ويستهدف منع المجندين من المطالبة بوضع المستنكفين في الخدمة العسكرية بوازع من الضمير لأسباب تتعلق بالراحة واليُسر والأمن. وتقتبس الدولة الطرف آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 295/1988 ( قضية يارفينين ضد فنلندا ) حيث قررت أن مدة ال‍ 16 شهراً للخدمة البديلة المفروضة على المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير - وهي ضعف مدة الخدمة العسكرية البالغة 8 أشهر - "ليست مدة غير معقولة ولا عقابية". ولذلك، تخلص الدولة الطرف إلى أن الفرق في المعاملة التي يشتكي منه صاحب البلاغ يستند إلى مبدأ المساواة الذي يتطلب اختلاف المعاملة باختلاف الحالة.

4-5 ولجميع هذه الأسباب، ترجو الدولة الطرف من اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ.

5-1 وفيما يتعلق بالحجة التي قدمتها الدولة الطرف بشأن اختصاص اللجنة من حيث الموضوع، يشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام للجنة، رقم 22 (48)، حيث ذكرت اللجنة أن الحق في الاستنكاف الضميري "يمكن أن يستمد من المادة 18، لأن الإلزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطر مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة". وعندما يعترف القانون أو العرف بهذا الحق، لا يجوز التمييز بين المستنكفين ضميرياً على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية؛ وبالمثل، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميرياً بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية". ووفقاً لصاحب البلاغ، يتضح من هذه التعليقات أن اللجنة قادرة حسب اختصاصها على تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للحق في الاستنكاف الضميري بموجب المادة 18 من العهد أم لا.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أن المشكلة المطروحة في حالته لا تكمن في احتمال انتهاك التشريع الفرنسي لحرية المعتقد للمستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع الضمير، بل في ظروف ممارسة هذا الحق، لأن مدة الخدمة المدنية البديلة هي ضعف مدة الخدمة العسكرية، دون أن يكون لذلك ما يبرره في أي حكم لحماية النظام العام، انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 18 من العهد. ويدفع صاحب البلاغ في هذا السياق بالتعليق العام للجنة، رقم 22 (48)، الذي يفيد أن "القيود المفروضة يجب أن ينص عليها القانون كما يجب عدم تطبيقها على نحو يبطل الحقوق المكفولة في المادة 18 (...) ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية". ويخلص إلى أن مطالبة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير بأداء خدمة مدنية بديلة مدتها ضعف مدة الخدمة العسكرية يشكل تقييداً على التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 18 من العهد قائماً على التمييز.

5-3 أما فيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فإن صاحب البلاغ يشير إلى أنه لم يستأنف أمام محكمة النقض قرار محكمة الاستئناف المؤرخ 23 كانون الثاني/يناير 1995 لاعتقاده بعدم فائدة ذلك نظراً لأنه كان لا يملك أي خط معقول في النجاح بسبب الأحكام القضائية التي كانت قد أقرتها محكمة النقض بشأن الموضوع. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى ثلاثة أحكام أصدرتها محكمة النقض (الحكم المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1994 في قضايا بول نيكولا ومارك فينيه وفريديريك فوان ) حيث قررت المحكمة أن المادة 116(6) من قانون الخدمة الوطنية التي تحدد مدة الخدمة العسكرية والأشكال البديلة للخدمة هي مادة لا تقوم على التمييز. ولذلك يخلص صاحب البلاغ إلى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة فيما يتعلق بالإجراءات القضائية المرفوعة ضده. وفيما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف الإدارية، يؤكد صاحب البلاغ على أن مثل هذه السبل لم تكن متاحة أمامه لأنه لم يكن قادراً على عرض المسألة أمام المحكمة الإدارية لعدم إبلاغه بأي قرار إداري.

5-4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26، يدعي صاحب البلاغ أن المطالبة بأداء الخدمة المدنية لمدة تساوي ضعف مدة الخدمة العسكرية يشكل عدم مساواة في المعاملة غير قائم على "معايير معقولة وموضوعية" ولذلك فإنه يشكل تمييزاً يحظره العهد (البلاغ رقم 196/1985 المشار إليه أعلاه). ويحاج صاحب البلاغ، تأييداً لاستنتاجه، بأنه ليس هناك ما يبرر جعل مدة الخدمة المدنية ضعف مدة الخدمة العسكرية؛ فالواقع وخلافاً لقضية يارفينين (البلاغ رقم 295/1988 المشار إليه أعلاه)، فإن المدة الأطول لا يبررها أي تخفيف في شدة الإجراءات الإدارية للحصول على وضع المستنكف ضميرياً من الخدمة العسكرية لأن المادتين ل - 116(2) ول - 116(4) من قانون الخدمة الوطنية، تنصان على إخضاع طلبات الحصول على وضع الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، لموافقة وزير القوات المسلحة بعد إجراء فحص قد ينتهي بالرفض. كما أنه لا يمكن تبريرها بالمصلحة العامة ولا كاختبار لجدية وصدق معتقدات المستنكفين ضميرياً من الخدمة العسكرية. وبالفعل فإن مجرد اتخاذ خطوات خاصة لاختيار صدق وجدية معتقدات المستنكفين ضميرياً من الخدمة العسكرية يشكل في حد ذاته تمييزاً قائماً على الاعتراف بمعاملة المجندين بصورة مختلفة. وفضلاً عن ذلك، فإن المستنكفين ضميرياً من الخدمة العسكرية لا يجنون أية فائدة أو يحصلون على أي امتياز من وضعهم - بخلاف الأشخاص الذين تسند إليهم، على سبيل المثال، مهمة أداء خدمات التعاون الدولي بدلاً من أداء الخدمة العسكرية. والذين تتاح أمامهم فرصة العمل في الخارج في ميدان مهني يتناسب مع مؤهلاتهم الجامعية وذلك لمدة 16 شهراً (أي مدة تقل بأربعة أشهر عن المدة المحددة للخدمة المدنية للمستنكفين ضميرياً من الخدمة العسكرية) وبالتالي فإن الاختلاف في المعاملة لا يمكن تبريره على هذا الأساس.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في دورتها الستين، في مقبولية البلاغ.

6-2 وفيما يتعلق بالمطالبة باستنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة، أخذت اللجنة علماً بواقع أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف القضائية المتاحة أمامه. ومع ذلك، لاحظت اللجنة أن محكمة النقض كانت بلا شك سترفض الاستئناف الذي كان سيقدمه صاحب البلاغ إليها ضد حكم محكمة الاستئناف الصادر في 23 كانون الثاني/يناير 1995، لأنها كانت قد رفضت استئنافات مشابهة في السابق تستند إلى الطبيعة التمييزية المزعومة للمادة 116(6) من قانون الخدمة الوطنية. ويمكن من هذه السوابق القانونية استنتاج أنه لو كان صاحب البلاغ قد قدم استئنافاً أمام محكمة النقض لكانت فرصة نجاحه معدومة. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف القضائية الفعلية.

6-3 أما فيما يتعلق بالحجة التي تقدمها الدولة الطرف والتي تفيد بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف الإدارية، فإن اللجنة لاحظت أنه لم يتضح من ملاحظات الدولة الطرف أنه تم اتخاذ أي قرار إداري ضد صاحب البلاغ، وأنه وفقاً لذلك لم يكن هناك أي سبيل للاستئناف الإداري متاحاً أمامه مباشرة وقت توقفه عن أداء خدمته المدنية. ومع ذلك، لاحظت اللجنة أيضاً أنه بامتناع صاحب البلاغ عن انتظار رد السلطات العسكرية على قراره بالتوقف عن أداء خدمته المدنية بعد مرور سنة واحدة، وأن اختياره ترك وظيفته بعد مجرد إبلاغ هذه السلطات، فإنه لم ينتفع، بصورة طوعية، من سبل الانتصاف الإدارية، وإن كا ن متاحاً أمامه، على النحو الذي أشارت إليه الدولة الطرف، سبيل لتقديم استئناف إداري يطعن في تطبيق قانون بوصفه مخالفاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف بحماية حقوق الإنسان. ومع ذلك ورغم هذه الحجة، فإن اللجنة لاحظت أن سبل الانتصاف الإدارية لم تعد متاحة أمام صاحب البلاغ في هذه المرحلة من الإجراءات القضائية. ولذلك خلصت اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تحول دون قيامها بمعالجة البلاغ.

6-4 وأخذت اللجنة علماً بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف فيما يتعلق بعدم تطابق البلاغ من حيث الموضوع مع أحكام العهد. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة أن المسألة المثارة في البلاغ لا تتعلق بانتهاك للحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، في حد ذاته. ورأت اللجنة أن صاحب البلاغ قد أوضح بما يكفي ولأغراض المقبولية أن البلاغ قد يثير قضايا في إطار أحكام العهد.

7- وعليه، قررت اللجنة في 11 تموز/يوليه 1997 أن البلاغ مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 تعالج الدولة الطرف، في مذكرتها المؤرخة 29 حزيران/يونيه 1998، الأسس الموضوعية للبلاغ وتطلب في الوقت نفسه من اللجنة أن تعيد النظر في قرارها الذي أعلنت فيه قبول البلاغ.

8-2 وتذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ غادر وظيفته غداة إعلام السلطات برسالة وجهها إليها عن محاولته تقليل مدة الخدمة. ولم ينتظر ريثما يتلقى رداً على طلبه. وتحاج الدولة الطرف بأنه كان يتعين عليه الانتظار للحصول على رد السلطات وأنه في حالة الرد بالنفي أو عدم الرد بعد مرور أربعة أشهر، كان بإمكانه أن يستأنف أمام محكمة إدارية. وفي هذا السياق، تذكر الدولة الطرف أنه يمكن للأفراد، عملاً بحكم "مجلس الدولة" في قضية نيكولو (20 تشرين الأول/أكتوبر 1989) أن يعترضوا على تطبيق القانون لأسباب تتعلق بعدم الاتساق مع الالتزامات الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة اعترفت، عندما قررت قبول البلاغ، بوجود سبيل الانتصاف هذا، لكنها خلصت إلى أنه تم، رغم ذلك، استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن سبيل الانتصاف هذا لم يعد متاحاً أمام صاحب البلاغ في هذه المرحلة من الإجراءات القضائية.

8-3 وتعترض الدولة الطرف على قرار اللجنة في هذا الصدد وتحاج بأنه ينبغي النظر في توفر سبيل انتصاف ما وفعاليته وقت ظهور الانتهاك المزعوم، لا بعده ، أي وقت تقديم صاحب البلاغ لبلاغه. وإلا، فإنه سيكون من الكافي الامتناع طوعاً عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية في الوقت والشكل المنصوص عليهما في القانون بغية الامتثال لشرط المادة 5(2)(ب)، مما يجعل هذا الشرط ملغياً.

8-4 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية في المسألة الجنائية ضد صاحب البلاغ، تذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لو كان قد انتظر ريثما تظهر نتيجة الطلب الذي وجهه إلى الوزير لما كانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جنائية في حالته. وفي هذا السياق، تؤكد الدولة الطرف على أن قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية تعني ضمناً أن يستنفد الفرد جميع سبل الانتصاف الفعالة، أي سبل الانتصاف التي تسمح بصورة فعالة بتصحيح الانتهاك المزعوم. وفي الحالة الراهنة، تظلم صاحب البلاغ من مدة خدمة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير. وكان سبيل الانتصاف المتاح له هو تقديم طلبه إلى السلطات العسكرية. ثم الاستئناف أمام المحاكم الإدارية، عند الضرورة. وقد اعترفت اللجنة في قرارها بشأن المقبولية، بوجود هذا الاحتمال. ولم يتم توضيح كيف يمكن لهذا الإجراء أن يكون غير فعال في حالة اتخاذه أو كيف يمكن تأخيره بصورة غير معقولة. ووفقاً لذلك، ترجو الدولة الطرف من اللجنة أن تعيد النظر في قرارها بشأن المقبولية وأن تعلن عدم قبول البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

8-5 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، فإن الدولة الطرف توضح بأن صاحب البلاغ لم يقع ضحية انتهاك العهد.

8-6 ووفقاً للدولة الطرف، تنشئ المادة ل - 116 من قانون الخدمة الوطنية بصيغته المؤرخة تموز/يوليه 1983 حقاً صادقاً للاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، بمعنى أنه يتم توضيح صدق الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية في الطلب وحده، إذا ما تم تقديمه بموجب الشروط القانونية (أي أن يؤكد صاحب البلاغ على اعتراضاته الشخصية فيما يتعلق بحمل السلاح لتبرير طلبه). ولم يُجرَ أي تحقيق للتأكد من صدق الاعتراضات هذه. ولكي تحظى الطلبات بالقبول فيجب تقديمها في الخامس عشر من الشهر السابق للالتحاق بالخدمة العسكرية. ولذلك، فلا يمكن رفض الطلب إلا إذا لم يكن قائماً على ما يبرره أو إذا لم يتم تقديمه في الوقت المحدد. ويمكن ممارسة الحق في الاستئناف أمام محكمة إدارية.

8-7 وعلى الرغم من أن مدة الخدمة العسكرية الاعتيادية في فرنسا هي منذ كانون الثاني/يناير 1992 عشرة أشهر، فإن مدة بعض أشكال الخدمة المدنية هي 12 شهراً (الخدمة العسكرية لرجال العلم) و16 شهراً (الخدمة المدنية في إطار المساعدة التقنية). ومدة خدمة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير هي 20 شهراً. وترفض الدولة الطرف القول إن المدة لها طابع عقابي أو تمييزي. ويقال إن هذه المدة هي السبيل الوحيد للتحقق من جدية الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، لأن الإدارة لم تعد تختبر حالات الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية. ويتمتع المستنكفون من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، بعد أن ينهوا خدمتهم، بنفس حقوق الأشخاص الذين أنهوا الخدمة المدنية الوطنية.

8-8 وتعلم الدولة الطرف اللجنة بأنه تم في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1997 إقرار قانون لإصلاح الخدمة الوطنية، وينص هذا القانون على أن يشترك جميع الشبان والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً في يوم واحد للالتحاق بالجيش والاستعداد للدفاع. ويمكن القيام بخدمة طوعية اختيارية لمدة 12 شهراً، مع إمكانية تجديدها بحيث لا تتجاوز 60 شهراً. وينطبق القانون الجديد على الرجال المولودين بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1978 وعلى النساء المولودات بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1982.

8-9 ووفقاً للدولة الطرف، فإن نظامها المتعلق بالاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية يتمشى مع متطلبات المواد 18 و19 و26 من العهد، ومع التعليق العام للجنة، رقم 22. وتلاحظ الدولة الطرف أن نظامه المتعلق بالاستنكاف الضميري لا يميز بأي شكل من الأشكال بالاستناد إلى المعتقد، وأنه لم تجر عمليات للتحقيق من الأسباب التي يقدمها مقدمو الطلبات غير تلك التي تجري في العديد من البلدان المجاورة. وليس هناك تمييز ضد المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير لأن الخدمة التي يؤدونها معترف بها كشكل من أشكال الخدمة الوطنية، على قدم المساواة مع الخدمة العسكرية أو غيرها من أشكال الخدمة المدنية. وفي عام 1997، كانت هناك نسبة تقل بقليل عن 50 في المائة من الأشخاص الذين كانوا يؤدون الخدمة المدنية لأنهم من المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير.

8-10 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ الحالي لم يتعرض مطلقاً للتمييز بسبب اختياره القيام بالخدمة المدنية كمستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير. وتلاحظ أن صاحب البلاغ أُدين لأنه لم يمتثل لالتزاماته بموجب الخدمة المدنية، التي اختارها بحرية. وقد تم استدعاء صاحب البلاغ عدة مرات بعد أن غادر مقر عمله دون ترخيص، لكي يواصل مهامه لكنه رفض ذلك. ولذلك فإن إدانته لم تكن بسبب معتقداته الشخصية ولا بسبب اختياره القيام بخدمة مدنية بديلة، بل بسبب رفضه احترام شروط هذا النوع من الخدمة. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يشر، عندما طلب أداء خدمة عسكرية بديلة، إلى أي اعتراض على مدة الخدمة. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أن الخيار كان متاحاً أمام صاحب البلاغ بين أشكال أخرى من الخدمة الوطنية التي لا يتطلب أداؤها حمل السلاح، مثل إحدى خدمات المساعدة التقنية. وبالاستناد إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أنه وقع ضحية انتهاك قامت به الدولة الطرف.

8-11 وثانياً، تدفع الدولة الطرف بأن ادعاء صاحب البلاغ لا يقوم على أساس سليم. وفي هذا السياق، تذكّر الدولة الطرف بأنه وفقاً لأحكام اللجنة، فليست جميع أشكال التفرقة في المعاملة تشكل تمييزاً، ما دامت تستند إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا السياق، تشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في البلاغ رقم 295/1988 ( يارفينين ضد فنلندا ) حيث كانت مدة خدمة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير 16 شهراً وكانت 8 أشهر بالنسبة لغيرهم من المجندين العسكريين، لكن اللجنة خلصت إلى عدم وجود أي انتهاك للعهد لأن مدة الخدمة تكفل بأن يكون الأشخاص الذين تقدموا بطلب للحصول على مركز المستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، جادين، لعدم إجراء أي تحقيق آخر في اعتراضاتهم. وتدفع الدولة الطرف بضرورة تطبيق نفس طريقة التفكير هذه على الحالة قيد النظر.

8-12 وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن ظروف الخدمة المدنية البديلة هي أقل مشقة من ظروف الخدمة العسكرية. فأمام المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير طائفة واسعة لاختيار مهام الخدمة البديلة. فبإمكانهم أيضاً أن يقترحوا على السلطات أداء الخدمة البديلة في وظائفهم ويمكنهم أداء خدمتهم بحسب ميولهم المهنية. كما أنهم يتلقون أجوراً أكبر من تلك التي يتلقاها الأشخاص الذين يخدمون في القوات المسلحة. وفي هذا السياق، فإن الدولة الطرف ترفض ادعاء المحامي بأن الأشخاص الذين يؤدون خدمات للتعاون الدولي يتلقون معاملة تفضيلية بالمقارنة مع المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، وتدفع بأن الأشخاص الذين يقومون بأداء خدمات التعاون الدولي يقومون في معظم الأحيان بهذه الخدمات في ظروف صعبة للغاية في بلد أجنبي، بينما يؤدي المستنكفون من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير خدمتهم في فرنسا. وفي حالة صاحب البلاغ، كان أداؤه للخدمة المدنية في فوكلوز، حيث كان مسؤولاً عن صيانة طرق الحراجة، وهي مهمة تتمشى مع خلفيته المهنية كخبير فني زراعي.

8-13 وتخلص الدولة الطرف إلى أن مدة خدمة صاحب البلاغ قيد البحث لم تكن ذات طابع تمييزي بالمقارنة مع غيرها من أشكال الخدمة المدنية أو الخدمة العسكرية. والفرق في طول مدة الخدمة هو فرق معقول ويعكس فروقاً موضوعية بين أنواع الخدمة. وفضلاً عن ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن مدة خدمة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير هي، في معظم البلدان الأوروبية، أطول من مدة الخدمة العسكرية.

تعليقات المحامي على رسالة الدولة الطرف

9-1 يذكر المحامي في تعليقه المؤرخ 21 كانون الأول/ديسمبر 1998 أن المادة 5(2)(ب) من العهد لا تتطلب من الفرد أن يستنفد جميع سبل الانتصاف التي يمكن تصورها والتي لا تكون فعالة أو متاحة. وفي الحالة قيد البحث، أُخضع صاحب البلاغ لإجراءات جنائية للانصياع وقت السلم. ويذكّر المحامي أن شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية لا ينطبق عندما يكون سبيل الانتصاف المحلي غير فعال وعندما لا يقدم أي أمل للنجاح، أو عندما يصبح سبيل الانتصاف القائم مستحيلاً أو غير فعال بسبب الظروف. وقد انتظر صاحب البلاغ نتيجة سبل الانتصاف المحلية الفعالة فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية قبل أن يتقدم بطلبه أمام اللجنة. وفيما يتعلق بسبل الانتصاف الإدارية، فإن صاحب البلاغ لم يُبلّغ قط بأنه اتخذ بشأنه قرار إداري كان بإمكانه أن يستأنفه. ونظراً لانعدام مثل هذا القرار، فإن استنفاد سبل الانتصاف الإدارية يكون أمراً وهمياً. وفي هذا السياق، يذكّر المحامي بأن الرسالة التي أرسلها صاحب البلاغ إلى السلطات العسكرية كانت مجرد إخطار وأنها لم تتضمن أي طلب للرد من السلطات العسكرية. ويخلص المحامي إلى أن سبل الانتصاف الإدارية لم تكن متاحة أمام صاحب البلاغ آنذاك.

9-2 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، فإن المحامي يدفع بأن طرائق الخدمة المدنية للمستنكفين في الخدمة العسكرية بوازع من الضمير هي المسألة موضع الخلاف. ويدفع بأن جعل مدة الخدمة المدنية ضعف مدة الخدمة العسكرية لا يبرره أي سبب من أسباب النظام العام ويشير في هذا السياق إلى الفقرة 3 من المادة 18 من العهد التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في المجاهرة بدينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. كما يشير إلى التعليق العام للجنة، رقم 22، الذي تشير فيه اللجنة إلى أنه لا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية. ويدفع بأن فرض خدمة مدنية على المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير تكون مدتها ضعف مدة الخدمة العسكرية يشكل تقييداً تمييزياً لأن المجاهرة بالمعتقد مثل رفض حمل السلاح، لا يؤثر في حد ذاته على السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، لأن القانون يسلّم صراحة بالحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية.

9-3 ويشير المحامي إلى أنه خلافاً لما قدمته الدولة الطرف، يكون الأشخاص الذين يطالبون بوضع المستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير خاضعين للتحقيق الإداري وأنه لا خيار لهم فيما يتعلق بظروف الخدمة. وفي هذا السياق، يشير المحامي إلى الشروط القانونية بوجوب تقديم طلب للحصول على هذا الوضع، قبل الخامس عشر من شهر الالتحاق بالخدمة العسكرية، على أن يكون قائماً على ما يبرره. ولذلك، فقد يرفض وزير القوات المسلحة طلباً ما كما أن الموافقة على مركز المستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير ليس حقاً تلقائياً. ووفقاً للمحامي، يكون من الواضح، بناء على ذلك، أنه يتم التحقق من الأسباب التي يقدمها المستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير.

9-4 يرفض المحامي الحجة التي تقدمها الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قام بنفسه وعن علم باختيار نوع الخدمة التي كان سيقوم بأدائها، ويؤكد المحامي على أن صاحب البلاغ اختار الخدمة المدنية البديلة بسبب معتقده، لا بسبب مدة الخدمة. فلم يكن أمامه خيار فيما يتعلق بطرائق الخدمة. ويدفع المحامي بعدم وجود أي سبب متعلق بالنظام العام يبرر كون مدة الخدمة المدنية للمستنكفين من الخدمة بوازع من الضمير ضعف مـدة الخدمة العسكرية.

9-5 ويصر المحامي على أن مدة الخدمة تشكل تمييزاً قائماً على أساس الرأي. وبالإشارة إلى آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 295/1988 ( يارفينين ضد فنلندا )، يقول المحامي إنه ينبغي التمييز بين هذا البلاغ والبلاغ قيد النظر لأن المدة الزمنية الإضافية لها ما يبررها في البلاغ الأول، في رأي غالبية أعضاء اللجنة، بسبب انعدام الإجراءات الإدارية المتعلقة بالاعتراف بوضع المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير.

9-6 وفيما يتعلق بالأشكال الأخرى للخدمة المدنية، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يقومون بأداء خدمات التعاون الدولي، فإن المحامي يرفض حجة الدولة الطرف بأن الاضطلاع بهذه الخدمات يتم في معظم الأحيان في ظل ظروف صعبة، وأنه يؤكد، خلافاً لذلك، أن هذه الخدمات غالباً ما يضطلع بها في بلد أوروبي آخر وفي ظل ظروف مريحة. وفضلاً عن ذلك، فإن الأشخاص الذين يؤدون هذه الخدمات يحصلون على خبرة مهنية. ويرى المحامي أن المستنكف ضميرياً لا يجني أي فائدة من خدمته. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن زيادة مدة الخدمة هي بمثابة اختبار لجدية معتقدات المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، فإن المحامي يدفع بأن اختبار جدية المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير، يشكل في حد ذاته تمييزاً صارخاً، لأن الأشخاص الذين يتقدمون بطلب لأداء شكل آخر من أشكال الخدمة المدنية لا يخضعون لاختبار لمدى صدقهم في طلبهم هذا. وفيما يتعلق بالميزات التي ذكرتها الدولة الطرف (مثل عدم وجود واجب بارتداء الزي الرسمي، وعدم الخضوع لنظام عسكري) فإن المحامي يلاحظ أن نفس المزايا يتمتع بها الأشخاص الذين يؤدون أشكالاً أخرى منن الخدمة المدنية وأن مدة هذه الخدمة لا تتجاوز 16 شهراً. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير يتلقون أجوراً تفوق أجور أولئك الذين يؤدون الخدمة العسكرية، فإن المحامي يلاحظ أن المجموعة الأولى تعمل في نظم تعامل المجندين فيها كموظفين وبالتالي يصبح من الطبيعي مكافئتهم على عملهم. ويذكر أن الأجور التي يتلقونها هي قليلة بالمقارنة بالعمل الذي يقومون بأدائه وأنها أقل بكثير من الأجور التي يتلقاها الموظفون الاعتياديون. ووفقاً للمحامي، تكون مكافأة أولئك الذين يؤدون خدمات التعاون الدولي أفضل.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كل ما أتاحته لها الأطراف من معلومات، على نحو ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وأحاطت اللجنة علماً بطلب الدولة الطرف بأن تعيد اللجنة النظر في قرارها بشأن المقبولية في الحالة قيد النظر. وتغتنم اللجنة هذه الفرصة لتوضيح قرارها بشأن المقبولية ولا سيما لكي ترد على شواغل الدولة الطرف. وتؤكد اللجنة أنه بمقتضى أحكام المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، يتعين على الفرد أن يستنفد في الوقت الفعلي جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة ضمن الوقت وبالشكل المنصوص عليه في التشريعات المحلية. وفي هذه الحالة، وجهت تهمة إلى صاحب البلاغ بعدم انصياعه للأوامر وأُدين بذلك. ورفضت محكمة الاستئناف في مونبلييه استئنافه كما أن قيامه باستئناف آخر أمام محكمة النقض كان سيخفق لأن المحكمة كانت قد رفضت مؤخراً ثلاث حالات مشابهة لحالة صاحب البلاغ. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف كان بإمكان محكمة إدارية أن تتخذ موقفاً آخر يختلف عن موقف أعلى محكمة في البلد فيما يتعلق بالحجة التي قدمها صاحب البلاغ التي تفيد بأن مدة خدمة المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير هي انتهاك للالتزامات الدولية للدولة. ولذلك فليس هناك ما يدعو إلى تعديل القرار بالمقبولية، وتواصل اللجنة فحص البلاغ بالاستناد إلى أسسه الموضوعية.

10-3 أخذت اللجنة علماً بالحجة التي قدمتها الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقع ضحية أي انتهاك، لأنه لم يدان بسبب معتقداته الشخصية، بل لأنه هرب من الخدمة التي اختار أن يقوم بها بحرية. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أثار، أثناء الإجراءات القضائية المقامة أمام المحاكم، مسألة الحق في المساواة في المعاملة بين المستنكفين من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير والمجندين العسكريين كدفاع لتبرير هروبه من الخدمة وذكر أن قرارات المحاكم تشير إلى ذلك. كما تلاحظ أن صاحب البلاغ يحاج بأنه كمستنكف من الخدمة العسكرية بوازع من الضمير لا يملك حرية اختيار الخدمة التي يجب عليه أداؤها. ولذلك فإن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ يفي بشروط اعتباره ضحية لأغراض البروتوكول الاختياري.

10-4 والمسألة المعروضة أمام اللجنة هي ما إذا كانت الظروف المحددة التي تعين على صاحب البلاغ أن يؤدي في ظلها الخدمة البديلة تشكل انتهاكاً للعهد (5) . وتلاحظ اللجنة أن المادة 8 من العهد تنص على أنه يجوز للدول الأطراف أن تطالب بأي خدمة ذات طابع عسكري، وأن تطالب في حالة الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية، بأية خدمة قومية شريطة ألاّ تكون خدمة قائمة على التمييز. وقد زعم صاحب البلاغ أن اشتراط القانون الفرنسي بأداء الخدمة المدنية البديلة لمدة 24 شهراً بدلاً من 12 شهراً للخدمة العسكرية هو اشتراط قائم على التمييز وأنه ينتهك مبدأ المساواة أمام القانون والحق في المساواة في التمتع بحمايته على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد. وتكرر اللجنة موقفها بأن المادة 26 لا تحظر جميع أوجه الاختلاف في المعاملة. ولكن يجب أن يستند أي اختلاف، على النحو الذي أتيح للجنة الفرصة للإشارة إليه بصورة متكررة، إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا السياق، تسلم اللجنة بأن القانون والعرف قد يرسيان اختلافات بين الخدمة العسكرية والخدمة الوطنية البديلة وأن مثل هذه الاختلافات قد يكون لها في حالة محددة، ما يبرر كون مدة الخدمة أطول شريطة أن تستند هذه الاختلافات إلى معايير معقولة وموضوعية، مثل طبيعة الخدمة المحددة المعنية أو الحاجة إلى تدريب خاص لأداء هذه الخدمة. ومع ذلك، فإن الأسباب التي قدمتها الدولة الطرف في الحالة قيد البحث لا تشير إلى مثل هذه المعايير ولا إلى معايير بوجه عام دون الإشارة بوجه خاص إلى حالة صاحب البلاغ، بل إنها تستند إلى الحجة بأن مضاعفة مدة الخدمة هي السبيل الوحيد لاختبار صدق معتقدات الفرد. وترى اللجنة أن مثل هذه الحجة لا تبرر الاشتراط بأن الاختلاف في المعاملة الذي تنطوي عليه الحالة الراهنة هو اشتراط يستند إلى معايير معقولة موضوعية. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 26، لأن صاحب البلاغ وقع ضحية تمييز بالاستناد إلى معتقداته بوازع من الضمير.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وجود انتهاك للمادة 26 من العهد.

12- وتأخذ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان علماً مع الارتياح بأن الدولة الطرف قامت بتعديل القانون لكي لا تحدث في المستقبل انتهاكات مماثلة. وفي ظل الظروف التي تكتنف الحالة قيد النظر، فإن اللجنة تعتبر أن قرارها بوجود انتهاك يشكل انتصافاً كافياً لصاحب البلاغ.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير. ]

الحواشي

(1) الأحكام المؤرخة في 14 كانون الأول/ديسمبر 1994 في قضيتي فوان و نيكولا .

(2) بلاغ يارفينين ضد فنلندا ، آراء اعتمــدت في 25 تموز/يوليـه 1990، الفقرات من 6-4 إلى 6-6.

(3)E/CN.4/1987/L.73، المؤرخ 5 آذار/مارس 1987.

(4) ليست هناك إشارة إلى أن صاحب البلاغ قد طالب بالفعل بتخفيض مدة الخدمة.

(5) انظر أيضــاً آراء اللجنة في البلاغ رقم 666/1995، فوان ضد فرنسا ، الوثيقة CCPR/C/67/D/666/1995.

تذييـل

رأي فردي أعرب عنه نيسوكي أندو وإيكارت كلاين وعبدالله زاخيا

(مخالف)

نحن لا نوافق على آراء اللجنة لنفس الأسباب التي قدمناها في رأينا المخالف المستقل بشأن قضية فوان (البلاغ رقم 666/1995).

(توقيع) ن. أندو

(توقيع) إ. كلاين

(توقيع) د. كريتسمر

(توقيع) ع. زاخيا

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير. ]

زاي - البلاغان رقم 690/1996 و691/1996، فينييه ونيكولا ضد فرنسا

(اعتمدت الآراء في 10 تموز/يوليـه 2000، الدورة التاسـعة والستون) * ( )

صاحبا البلاغين : مارك فينييه وبول نيكولا

(يمثلهما المحامي فرانسوا رو)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحبا البلاغين

الدولة الطرف : فرنسـا

تاريخ البلاغين : 14 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 1995

تاريخ صدور قرار قبول البلاغين : 11 تموز/يوليه 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 10 تموز/يوليه 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغين رقم 690/1996 ورقم 691/1996 المقدمين إليها من قِبَل مارك فينييه وبول نيكولا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتيحت لها من قِبَل صاحبي البلاغين والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري **

1- صاحبا البلاغين المؤرخين في 14 و17 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 هما المواطنان الفرنسيان مارك فينييه وبول نيكولا. وقد ولد الأول في عام 1967 ويقيم حالياً في أودنكور بفرنسا. أما الثاني المولود في عام 1968 فيقيم في غاباريه بفرنسا أيضاً. ويزعم صاحبا البلاغين أنهما ضحيتان لانتهاكات ارتكبتها فرنسا لأحكام المواد 18 و19 و26 مقترنة بالمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبي البلاغين المحامي فرانسوا رو.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغين

2-1 بدأ صاحبا البلاغين المعترف بهما كمستنكفين ضميرياً عن الخدمة العسكرية أداء واجبات الخدمة المدنية في 23 حزيران/يونيه 1988 (في حالة السيد نيكولا) وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 (في حالة السيد فينييه). وبعد نحو سنة من الخدمة، قام صاحبا البلاغين بإخطار السلطات بأنهما يعتزمان التوقف عن أداء واجبات الخدمة المدنية، وقد فعلا ذلك في 1 تموز/يوليه 1989 و1 شباط/فبراير 1991، على التوالي. وقد احتج صاحبا البلاغين بالطابع التمييزي المزعوم الذي تتسم به المادة 116 (6) من قانون الخدمة الوطنية التي تقتضي من المستنكفين ضميرياً عن الخدمة العسكرية أداء واجبات الخدمة الوطنية المدنية لمدة 24 شهراً في حين أن فترة الخدمة العسكرية لا تتجاوز 12 شهراً.

2-2 وقد اتُهم صاحبا البلاغين أمام محكمة باريس الجنائية ومحكمة أورليان الجنائية، على التوالي، بتهمة التهرب من أداء الخدمة العسكرية في أوقات السلم بمقتضى المادتين 398 و399 من قانون القضاء العسكري. وفي 4 تموز/يوليه 1991، أدانت محكمة باريس الجنائية السيد نيكولا بالتهمة الموجهة إليه وحكمت عليه بالسجن لمدة سنة؛ وفي 17 حزيران/يونيه 1992، أدانت محكمة أورليان الجنائية أيضاً السيد فينييه بالتهمة الموجهة إليه وحكمت عليه بالسجن لمدة 10 أشهر رافضة الحجج التي قدمها محامي الدفاع الذي احتج بأحكام المواد 9 و10 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادتين 18 و19 من العهد.

2-3 وقدم السيد نيكولا استئنافاً أمام محكمة الاستئناف في باريس التي أكدت حكم الإدانة الصادر بحقه ولكنها عدلت الحكم إلى عقوبة بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ. وفي 8 شباط/فبراير 1993، أكدت محكمة الاستئناف في أورليان الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية بحق السيد فينييه ولكنها خفضت مدة السجن إلى ثمانية أشهر (منها ستة أشهر مع وقف التنفيذ). وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 1994، رفضت محكمة النقض دعوى الاستئناف التي تقدم بها كل من صاحبي البلاغين معتبرة أن المادة 116 (6) من قانون الخدمة الوطنية ليست تمييزية ولا تشكل انتهاكاً لأحكام المواد 9 و10 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وبصدور هذا الحكم الأخير، يقال إن جميع سبل الانتصاف المتاحة قد استُنفدت.

الشكاوى

3-1 يذهب صاحبا البلاغين إلى أن كلاً من المادة 116(6) من قانون الخدمة الوطنية (بصيغتها المعتمدة في تموز/يوليه 1983 التي تفرض على المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية أداء الخدمة المدنية لمدة 24 شهرا)ً والمادة 2 من قانون الخدمة الوطنية بصيغتها المعتمدة في كانون الثاني/يناير 1992 (بصيغتها المعدلة بموجب القانون رقم 92-9 الصادر في 4 كانون الثاني/يناير 1992) التي تفرض على المستنكفين ضميرياً عن الخدمة العسكرية أداء الخدمة المدنية لمدة 20 شهراً، تنتهكان أحكام المواد 18 و19 و26 مقترنة بالمادة 8 من العهد لأنهما تفرضان على المستنكفين ضميرياً عن الخدمة العسكرية أداء الخدمة المدنية لمدة تبلغ ضعف المدة المحددة للأشخاص الذين يؤدون الخدمة العسكرية.

3-2 ويسلّم صاحبا البلاغين بأن اللجنة قد رأت، في القضية رقم 295/1988 (1) ، أن أداء الخدمة البديلة لفترة مطولة لا يعتبر إجراءً غير معقول أو إجراءً عقابياً وخلصت إلى أن ذلك لا يشكل انتهاكاً لأحكام العهد. إلا أنهما يحتجان ويستشهدان على نحو مسهب بالآراء الفردية التي ترد في التذييل المرفق بآراء اللجنة والتي أبداها ثلاثة من أعضائها استنتجوا بأن التشريع المطعون فيه لا يستند إلى معايير معقولة أو موضوعية مثل الحاجة إلى نوع أقسى من الخدمة أو الحاجة إلى تدريب خاص لأداء فترة الخدمة الأطول. ويؤيد صاحبا البلاغين تأييداً كاملاً الاستنتاجات التي خلُص إليها أعضاء اللجنة الثلاثة.

3-3 ويلاحظ صاحبا البلاغين أنه بموجب المادة 116 (2) إلى 116 (4) من قانون الخدمة الوطنية، يجب على وزير القوات المسلحة أن يوافق على كل طلب من الطلبات التي يلتمس أصحابها الاعتراف بهم كمستنكفين ضميرياً. وإذا ما رفض الوزير الموافقة على طلب ما، يمكن الطعن في قراره أمام المحكمة الإدارية بمقتضى المادة 116 (3). ويرى صاحبا البلاغين أنه لا يمكن الافتراض في مثل هذه الظروف أن طول مدة الخدمة المدنية قد حُدد لأسباب تقتصر على المقتضيات الإدارية، ذلك لأنه يجب التسليم بأن أي شخص يوافق على أداء الخدمة المدنية لمدة تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية لا بد أن تكون لديه قناعات حقيقية صادقة، بل يجب الاعتبار أن طول مدة الخدمة المدنية يتسم بطابع عقابي لا يستند إلى أية معايير معقولة أو موضوعية.

3-4 وتأييداً لزعمهما، يحتج صاحبا البلاغين بحكم صادر عن المحكمة الدستورية الإيطاليـة في تموز/يوليه 1989، حيث اعتبر أن النص على أداء الخدمة غير العسكرية لمدة تزيد بثمانية أشهر عن فترة أداء الخدمة العسكرية هو نص يتعارض مع الدستور الإيطالي. وهما يشيران أيضاً إلى قرار اعتمده البرلمان الأوروبي في عام 1967 واعتبر فيه، مستنداً إلى أحكام المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أن مدة الخدمة البديلة ينبغي أن تكون مطابقةً لمدة الخدمة العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن لجنة وزراء مجلس أوروبا قد أعلنت أن الخدمة البديلة يجب ألا تتسـم بطابع عقابي وأن مدتها، بالنسبة لمدة الخدمة العسكرية، يجب أن تظل ضمن حدود معقولة (التوصية رقم 8 (87) الصادرة في 9 نيسان/أبريل 1987). وأخيراً، يلاحظ صاحبا البلاغين أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان قد أعلنت، في قرار اعتمدته في 5 آذار/مارس 1987 (2) ، أن الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية ينبغي أن يعتبر ممارسة مشروعة للحق في حرية الفكر والوجدان والدين على النحو المعترف به في العهد.

3-5 وفي ظل هذه الظروف، يزعم صاحبا البلاغين أن مطالبتهما بأداء الخدمة المدنية لفترة تبلغ ضعف فترة الخدمة العسكرية يشكل تمييزاً على أساس الرأي يعتبر محظوراً وغير مشروع وأن إمكانية سجنهما بسبب رفضهما أداء الخدمة المدنية لفترة تزيد عن فترة الخدمة العسكرية تشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 18 والفقرة 1 من المادة 19 والمادة26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على قبول البلاغين وتعليقات صاحبا البلاغين عليها

4-1 تزعم الدولة الطرف أولاً أن البلاغين يتعارضان من حيث الموضوع مع أحكام العهد لأن اللجنة قد سلمت من جهة، في قرارها بشأن البلاغ رقم 185(1984) (في قضية ل. ت. ك. ضد فنلندا )، بأن "العهد لا ينص على الحق في الاستنكاف الضميري؛ فلا المادة 18 ولا المادة 19 من العهد، وبخاصة مع مراعاة الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8، يمكن أن تفسَّر على أنها تنص على هذا الحق". وبالنظر من جهة ثانية إلى أنه بمقتضى الفقرة 3(ج)‘2‘ من المادة 8 من العهد، لا يعتبر التنظيم الداخلي للخدمة الوطنية وبالتالي لمركز الاستنكاف الضميري في حالة تلك الدول التي تعترف به، مسألة تندرج ضمن نطاق العهد وإنما هي مسألة متروكة للتشريع المحلي.

4-2 ثانياً، تزعم الدولة الطرف أن صاحبي البلاغين لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية. وهي تزعم في هذا الصدد أن صاحبي البلاغين قد استنفدا سبل الانتصاف القضائية المتاحة لهما ولكنهما لم يستنفدا جميع سبل الانتصاف الإدارية. والحجة المقدمة في هذا الخصوص هي أن صاحبي البلاغين، نتيجة لقيامهما بمغادرة مراكز أداء الخدمة التي كانوا موجودين فيها قبل أن يحصلا على رد من السلطات العسكرية فيما يتعلق بطلب خفض مدة خدمتهما، قد انتهكا أحكام قانون الخدمة الوطنية وبالتالي فقد أصبحا عرضةً للملاحقة الجنائية، كما أنهما لم ينتظرا حتى ترفض السلطات العسكرية طلبهما قبل أن يعرضا المسألة على المحكمة الإدارية.

4-3 أما الحجة الثالثة والأخيرة التي قدمتها الدولة الطرف فهي أن صاحبي البلاغين لا يستوفيان الشروط المطلوبة لاعتبارهما ضحيتين لانتهاك أحكام الفقرة 2 من المادة 18 والفقرة 1 من المادة 19 والمادة 26 من العهد. ففيما يتعلق بالمادتين 18 و19 من العهد، تزعم الدولة الطرف أنها إذ تعترف بمركز المستنكف الضميري وتتيح للمطلوبين للتجنيد فرصة لاختيار شكل الخدمة الوطنية التي يريدون تأديتها، فإنها تسمح لهم بأن يختاروا بحرية الخدمة الوطنية التي تتناسب مع معتقداتهم مما يمكنهم من ممارسة حقوقهم بموجب المادتين 18 و19 من العهد. وفي هذا الصدد، تستنتج الدولة الطرف، مستشهدة بالقرار الذي اعتمدته اللجنة بشأن البلاغ رقم 185 (1984) المشار إليه أعلاه، أنه بالنظر إلى أن محاكمة أو إدانة أي من مقدمي البلاغين "لم تكن بسبب معتقداته أو آرائه بهذه الصفة بل لأنه رفض أداء الخدمة العسكرية"، فلا يمكنهما بالتالي الإدعاء بأنهما وقعا ضحية انتهاك لأحكام المادتين 18 و19 من العهد.

4-4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لأحكام المادة 26 من العهد، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحبي البلاغين يشتكيان من حدوث انتهاك لأحكام هذه المادة لأن مدة الخدمة المدنية البديلة تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية، فتحتج أولاً بأنه "لئن كان العهد يحظر التمييز ويكفل الحماية المتساوية للجميع بموجب القانون، فإنه لا يحظر كل الاختلافات في المعاملة" التي يجب أن "تستند إلى معايير معقولة وموضوعية" (البلاغ رقم 196/1985، قضية غويي ضد فرنسا ). وتحتج الدولة الطرف في هذا الخصوص بأن حالة المجندين الذين يؤدون الخدمة المدنية البديلة تختلف عن حالة أولئك الذين يؤدون الخدمة العسكرية، ولا سيما من حيث صرامة قيود الخدمة في الجيش، وأن تحديد فترة أطول لأداء الخدمة المدنية البديلة يشكل اختبارا لمدى صدق المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية، وهو يهدف إلى منع المجندين من الاحتجاج بمركز الاستنكاف الضميري لدوافع تتصل بتجنب المشقات والمتاعب والتماس الأمن. كما تستشهد الدولة الطرف بالآراء التي اعتمدتها اللجنة بشأن البلاغ رقم 295/1988 ( قضية يارفينن ضد فنلندا ) حيث اعتبرت اللجنة أن فرض أداء الخدمة البديلة على المستنكفين ضميرياً لفترة 16 شهراً - وهي ضعف فترة الخدمة العسكرية البالغة ثمانية أشهر - لا يشكل "إجراءً غير معقول أو إجراءً عقابياً". ولذلك فإن الدولة الطرف تخلص إلى أن اختلاف المعاملة الذي يشتكي منه صاحبا البلاغين يستند إلى مبدأ المساواة الذي يقتضي اختلاف المعاملة بحسب اختلاف الحالات.

4-5 ولهذه الأسباب جميعها، تطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تُعلن أن البلاغين غير مقبولين.

5-1 وفيما يتعلق بالحجة الأولى للدولة الطرف التي تتصل باختصاص اللجنة من حيث الموضوع، يستشهد صاحبا البلاغين بالتعليق العام رقم 22 (48) الذي اعتمدته اللجنة ورأت فيه أن الحق في الاستنكاف الضميري "يمكن أن يستمد من المادة 18 لأن الالتزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة. وعندما يعترف القانون أو العرف بهذا الحق، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميرياً على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. وبالمثل، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميرياً بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية". ويرى صاحبا البلاغين أنه يتضح من هذه التعليقات أن اللجنة مختصة في الفصل في ما إذا كان قد حدث انتهاك للحق في الاستنكاف الضميري بمقتضى المادة 18 من العهد أم لا.

5-2 ويزعم صاحبا البلاغين أن المشكلة المثارة في قضيتهما لا تكمن في احتمال انتهاك التشريع الفرنسي لحق المستنكفين ضميرياً في التمتع بحرية المعتقد بل إنها تكمن في شروط ممارسة هذه الحرية، ذلك لأن مدة الخدمة المدنية البديلة تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية دون أن يكون لذلك أي مبرر بموجب أي حكم من أجل حماية النظام العام، وهو ما يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 3 من المادة 18 من العهد. ويحتج صاحبا البلاغين في هذا السياق بالتعليق العام رقم 22 (48) الذي اعتمدته اللجنة والذي ذكرت فيه أن "القيود المفروضة يجب أن ينص عليها القانون كما يجب عدم تطبيقها على نحو يُبطل الحقوق المكفولة في المادة 18. (…) ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية". ويخلص صاحبا البلاغين إلى أن مطالبة المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية بأداء الخدمة المدنية البديلة لمدة تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية يشكل تقييداً تمييزياً مفروضاً على التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 18 من العهد.

5-3 وفيما يتصل بمسألة استنفاد سُبل الانتصاف المحلية، يقول صاحبا البلاغين أن سُبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية المتخذة ضدهما قد استنفدت في الواقع لأن محكمة النقض قد رفضت طعنهما في الحكمين الصادرين عن محكمة الاستئناف في 14 كانون الأول/ديسمبر 1994. وفيما يتصل بعدم استنفاد سُبل الانتصاف الإدارية، يزعم صاحبا البلاغين أن سُبل الانتصاف هذه لم تكن متاحة لهما لأنه لم يتم إخطارهما بأي قرار إداري وبالتالي فإنه لم يكن من الممكن لهما أن يعرضا المسألة على المحكمة الإدارية.

5-4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لأحكام المادة 26، يزعم صاحبا البلاغين أن اشتراط أداء الخدمة المدنية لفترة تبلغ ضعف فترة الخدمة العسكرية يشكل اختلافاً في المعاملة لا يستند إلى "معايير معقولة وموضوعية" وبالتالي فإنه يشكل تمييزاً محظوراً بموجب العهد (البلاغ رقم 196/1985 المشار إليه أعلاه). ومن أجل تأييد هذا الاستنتاج، يحتج صاحبا البلاغين بأنه ليس هناك أي مبرر لجعل فترة الخدمة المدنية تبلغ ضعف فترة الخدمة العسكرية؛ والواقع أن القضية هنا تختلف عن قضية يارفينن (البلاغ رقم 295/1988 المشار إليها أعلاه)، لأن تحديد فترة أطول لأداء الخدمة الوطنية لا يبرره أي تخفيف للإجراءات الإدارية من أجل الحصول على مركز المستنكف الضميري حيث إن المادتين 116 (2) و116 (4) من قانون الخدمة الوطنية تقتضيان أن تخضع طلبات الاعتراف بمركز المستنكف الضميري لموافقة وزير القوات المسلحة بعد دراسة لهذه الطلبات يمكن أن تُسفر عن رفضها. كما أن اشتراط المدة الأطول هذا ليس مبرراً على أساس المصلحة العامة أو كاختبار لمدى جدية وصدق معتقدات المستنكفين ضميرياً. بل إن مجرد اتخاذ خطوات خاصة لاختبار مدى صدق وجدية معتقدات المستنكفين ضميرياً يشكل بحد ذاته إجراءً تمييزياً يستند إلى الاعتراف باختلاف في المعاملة بين المجندين. وعلاوة على ذلك، فإن المستنكفين ضميرياً لا يحصلون على أية فوائد أو مزايا من مركزهم هذا - بخلاف ما يحدث مثلاً في حالة الأشخاص الذين يكلفون بأداء مهام في مجال التعاون الدولي بدلاً من أداء الخدمة العسكرية والذين تُتاح لهم فرصة العمل في الخارج لمدة 16 شهراً في مجال مهني مناظر لمؤهلاتهم الجامعية (أي أقل بأربعة أشهر من مدة الخدمة المدنية التي يؤديها المستنكفون ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية) - وبالتالي فإن الاختلاف في المعاملة ليس مبرراً على هذا الأساس.

قرار اللجنة بشأن قبول البلاغين

6-1 قررت اللجنة في دورتها الستين أن تنظر في البلاغين رقم 690/1996 و691/1996 معاً. ثم انتقلت إلى النظر في مدى جواز قبول البلاغين.

6-2 وفيما يتعلق باشتراط استنفاد سُبل الانتصاف المحلية المتاحة، أحاطت اللجنة علماً بأن صاحبي البلاغين قد استنفدا جميع سُبل الانتصاف القضائية التي كانت متاحة لهما. كما اعتبرت اللجنة أن سُبل الانتصاف الإدارية لم تكن متاحة لصاحبي البلاغين. ولذلك فقد خلصت اللجنة إلى استنتاج مفاده أن أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من تناول البلاغين.

6-3 وقد أحاطت اللجنة علماً بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف فيما يتعلق بتعارض البلاغين من حيث الموضوع مع أحكام العهد. وفي هذا الصدد، اعتبرت اللجنة أن المسألة المثارة في البلاغين لا تتعلق بانتهاك للحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية بهذه الصفة. ورأت اللجنة أن صاحبي البلاغين قد أثبتا مزاعمهما بما يكفي من الأدلة لأغراض قبول بلاغيهما وأن البلاغين قد يثيران قضايا بمقتضى أحكام العهد.

7- وتبعاً لذلك، قررت اللجنة في 11 تموز/يوليه 1997 قبول البلاغين.

ملاحظات الدولة الطرف على الأُسس الموضوعية للبلاغين

8-1 ترى الدولة الطرف، في مذكرة مؤرخة في 18 حزيران/يونيه 1998، أنه ينبغي رفض البلاغين لأن مقدميهما لم يتعرضا لانتهاك لأحكام العهد ولأن شكواهما لا تستند إلى أُسس صحيحة.

8-2 وترى الدولة الطرف أن المادة 116 من قانون الخدمة الوطنية بصيغتها المعتمدة في تموز/يوليه 1983 ترسي حقاً فعلياً في الاستنكاف عن أداء الخدمة العسكرية من حيث أن صدق الاعتراض على أداء الخدمة العسكرية ينبغي أن يبين في طلب الاستنكاف وحده إذا ما قُدم وفقاً للشروط القانونية (أي أن يكون مبرراً بتأكيد مقدم الطلب بأن لديه اعتراضات شخصية على استخدام الأسلحة). وتلاحظ اللجنة أنه لم يجر التحقق من هذه الاعتراضات. كما أن الطلبات، لكي تكون مقبولة، يجب أن تقدم في اليوم الخامس عشر من الشهر السابق لوقت الالتحاق بالخدمة العسكرية. وبالتالي فإن الطلب لا يمكن أن يُرفض إلا إذا كان غير مبرر أو إذا لم يقدم في الموعد المحدد. ويتاح لمقدم الطلب حق الاستئناف أمام المحكمة الإدارية.

8-3 وبالرغم من أن الفترة العادية للخدمة العسكرية في فرنسا قد حُددت بعشرة أشهر منذ كانون الثاني/ يناير 1992، فإن بعض أشكال الخدمة الوطنية تستمر لمدة 12 شهراً (الخدمة العسكرية للعلماء) و16 شهراً (الخدمة المدنية في مجال المساعدة التقنية). وقد كانت مدة خدمة المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية محددة بعشرين شهراً. وتنفي الدولة الطرف الزعم بأن طول مدة الخدمة البديلة يتسم بطابع عقابي أو تمييزي. وهي ترى أن طول هذه المدة هو السبيل الوحيد للتحقق من مدى جدية الاعتراضات على أداء الخدمة العسكرية، ذلك لأن السلطة الإدارية لم تعد تتحقق من صحة هذه الاعتراضات. وتوضح الدولة الطرف أن المستنكفين ضميرياً يتمتعون، بعد أداء خدمتهم، بنفس الحقوق التي يتمتع بها أولئك الذين ينهون فترة الخدمة الوطنية المدنية.

8-4 وقد أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه تم في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1997 اعتماد قانون لإصلاح نظام الخدمة الوطنية. وبموجب هذا القانون، يتعين على جميع الشبان والشابات بين سن السادسة عشرة والثامنة عشرة أن يشاركوا في يوم تعبئة للتدريب على الدفاع. ويمكن أداء الخدمة التطوعية الاختيارية لمدة 12 شهراً يمكن تجديدها لمدة تصل إلى 60 شهراً. وينطبق هذا القانون الجديد على الذكور المولودين بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1978 والإناث المولودات بعد 31 كانون الأول/ديسمبر 1982.

8-5 وتوضح الدولة الطرف أن نظامها الخاص بالاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية متوافق مع متطلبات المواد 18 و19 و26 من العهد ومع التعليق العام رقم 22 الذي اعتمدته اللجنة. وتلاحظ الدولة الطرف أن نظامها هذا لا ينطوي على أي تفريق على أساس المعتقد وأنه لا تجري أية عملية تحقق من المبررات المقدمة من أصحاب طلبات الاستنكاف، بخلاف تلك التي تجري في العديد من البلدان المجاورة. وليس هناك أي تمييز ضد المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية ذلك لأن خدمتهم تمثل شكلاً معترفاً به من أشكال الخدمة الوطنية، على قدم المساواة مع الخدمة العسكرية أو غير ذلك من أشكال الخدمة المدنية. وفي عام 1997، شكل عدد الأشخاص الذين يؤدون الخدمة المدنية على أساس الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية نسبة تقل بقليل عن 50 في المائة من مجموع عدد الأشخاص الذين يؤدون الخدمة المدنية.

8-6 وتزعم الدولة الطرف أن صاحبي البلاغين لم يقعا ضحية أي تمييز على أساس اختيار أداء الخدمة الوطنية البديلة بسبب الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. وهي تلاحظ أن صاحبي البلاغين قد أُدينا بسبب عدم امتثالهما لواجباتهما بمقتضى نظام الخدمة المدنية التي اختارا أداءها بحرية. وبالتالي فإن إدانتهما لم تكن بسبب معتقداتهما الشخصية كما أنها لم تتم على أساس اختيارهما لأداء الخدمة المدنية البديلة بل بسبب رفضهما الامتثال للشروط المحددة بالنسبة لهذا النوع من أنواع الخدمة. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبي البلاغين، عندما طلبا أداء الخدمة الوطنية البديلة، لم يبديا أي اعتراض على طول مدة الخدمة. كما تلاحظ أن السبب الذي قدمه السيد فينييه لتبرير تخليه عن أداء الخدمة المدنية هو "موقف بلده إزاء العالم الثالث"، وبالتالي فإنه لا يتصل بالطابع التمييزي المزعوم لطول مدة الخدمة المحددة للمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أنه كان لصاحبي البلاغين حرية اختيار شكل آخر من أشكال الخدمة الوطنية غير المسلحة، مثل الخدمة الوطنية في مجال المساعدة التقنية. وعلى هذا الأساس، ترى الدولة الطرف أن صاحبي البلاغين لم يثبتا أنهما وقعا ضحية لانتهاك ارتكبته الدولة الطرف.

8-7 وبالإضافة إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن ادعاءات صاحبي البلاغين لا تستند إلى أُسس صحيحة. وفي هذا السياق، تذكّر الدولة الطرف بأن الاختلافات في المعاملة، وفقاً لآراء اللجنة نفسها، لا تشكل جميعها تمييزاً ما دامت تستند إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى الآراء التي اعتمدتها اللجنة في القضية رقم 295/1988 (يارفينين ضد فنلندا)، والتي تبين فيها أن مدة الخدمة المحددة للمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية تبلغ 16 شهراً بينما تبلغ المدة المحددة لخدمة المجندين الآخرين ثمانية أشهر، ولكن اللجنة خلصت في هذه القضية إلى عدم حدوث أي انتهاك لأحكام العهد لأن المقصود بطول مدة الخدمة هو ضمان التأكد من جدية مقدمي طلبات الحصول على مركز المستنكف الضميري، حيث إنه لا تجري أية عملية تحقق أخرى من جدية هذه الاعتراضات. وترى الدولة الطرف أنه ينبغي تطبيق نفس المنطق على حالتي صاحبي البلاغين.

8-8 وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن ظروف الخدمة المدنية البديلة أقل مشقة من ظروف الخدمة العسكرية. وتوضح الدولة الطرف أنه تتاح للمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية فرص واسعة لاختيار الوظائف. كما يتاح لهم أن يقترحوا الجهة التي سيعملون لديها وأن يؤدوا الخدمة التي تتوافق مع اهتماماتهم المهنية. وهم يحصلون أيضاً على تعويضات أعلى من تلك التي يحصل عليها أولئك الذين يؤدون الخدمة العسكرية في القوات المسلحة. وفي هذا السياق، ترفض الدولة الطرف ادعاء محامي صاحبي البلاغين بأن الأشخاص الذين يؤدون الخدمة البديلة في مجال التعاون الدولي يعاملون معاملة مميزة مقارنة بالمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية. وتوضح الدولة الطرف بأن الأشخاص الذين يؤدون الخدمة في مجال التعاون الدولي إنما يفعلون ذلك في أوضاع كثيراً ما تكون بالغة الصعوبة في بلد أجنبي في حين أن المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية يؤدون الخدمة البديلة في فرنسا. وأشارت الدولة الطرف إلى أن السيد فينييه قد أدى الخدمة المدنية البديلة من خلال العمل لدى أمانة "الحركة من أجل بديل خال من العنف"، في حين أن السيد نيكولا قد كُلف بأداء الخدمة المدنية الدولية في إيل دي فرانس.

8-9 وتخلص الدولة الطرف إلى أنه لم يكن لطول خدمة صاحبي البلاغين أي طابع تمييزي مقارنة بسائر أشكال الخدمة المدنية أو العسكرية. أما الاختلافات في طول مدة الخدمة فقد كانت اختلافات معقولة تعكس فوارق موضوعية بين مختلف أنواع الخدمة. وبالإضافة إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن مدة الخدمة المحددة للمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية، في معظم البلدان الأوروبية، هي أطول من مدة الخدمة العسكرية.

تعليقات المحامي على حجج الدولة الطرف

9-1 يزعم المحامي، في تعليقاته المؤرخة في 21 كانون الأول/ديسمبر 1998، أن المسألة تتعلق بطرائق أداء الخدمة المدنية في حالة المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية. وهو يرى أن طول مدة الخدمة المدنية التي تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية ليس مبرراً بالاستناد إلى أي سبب من الأسباب المتصلة بالمحافظة على النظام العام، ويشير في هذا السياق إلى الفقرة 3 من المادة 18 من العهد التي تنص على أن حق الفرد في أن يمارس شعائر دينه أو معتقداته لا يجوز أن يخضع إلا لتلك القيود الضرورية من أجل حماية السلامة العامة والنظام العام والصحة العامة أو الأخلاق العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين. كما يشير إلى التعليق العام رقم 22 الذي اعتمدته اللجنة والذي ذكرت فيه أن القيود لا يجوز أن تفرض لأغراض تمييزية أو أن تطبق بطريقة تمييزية. ويحتج المحامي بأن مطالبة المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية بأداء الخدمة المدنية لمدة تبلغ ضعف مدة الخدمة العسكرية يشكل تقييداً تمييزياً لأن ممارسة قناعة ما من قبيل رفض حمل الأسلحة لا تمس بذاتها السلامة العام أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين، ذلك لأن القانون يعترف صراحة بحق الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية.

9-2 ويوضح المحامي أن الأشخاص الذين يتقدمون بطلبات للحصول على مركز المستنكف ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية يخضعون، على النقيض مما ادعته الدولة الطرف، لعملية تحقق إداري ولا تتاح لهم فرصة للاختيار فيما يتصل بظروف الخدمة. وفي هذا السياق، يشير المحامي إلى الاشتراطات القانونية التي تقتضي تقديم الطلبات قبل اليوم الخامس عشر من الشهر السابق للالتحاق بالخدمة العسكرية وأن هذه الطلبات يجب أن تكون معللّة. وبالتالي فإن وزير القوات المسلحة يمكن أن يرفض الطلب ومن ثم فإنه ليس هناك أي حق تلقائي في التمتع بمركز المستنكف ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية. ويرى المحامي أنه من الواضح بالتالي أن الأسباب التي يقدمها المستنكف ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية لتبرير استنكافه تخضع للاختبار.

9-3 ويرفض المحامي ما زعمته الدولة الطرف من أن صاحبي البلاغين قد اختارا عن علم نوع الخدمة التي يريدان أداءها. ويشدد المحامي على أن صاحبي البلاغين قد اختارا ما اختاراه على أساس قناعاتهما وليس على أساس طول مدة الخدمة. ولم تكن لديهم أية فرصة لاختيار طريقة الخدمة. ويزعم المحامي أنه لم تكن هناك أية أسباب تتعلق بالمحافظة على النظام العام تبرر أن تكون مدة الخدمة المدنية للمستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية ضعف مدة أداء الخدمة العسكرية.

9-4 ويزعم المحامي أن طول مدة الخدمة يشكل تمييزاً على أساس الرأي. وهو يشير إلى الآراء التي اعتمدتها اللجنة فيما يخص البلاغ رقم 295/1988 (قضية يارفينن ضد فنلندا) فيعتبر أن القضية موضوع البحث ينبغي أن تميز عن القضية السابقة، لأن الفترة الإضافية في هذه الحالة الأخيرة كانت، حسب رأي أغلبية أعضاء اللجنة، مبررة بسبب عدم وجود طرائق إدارية للاعتراف بمركز المستنكف ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية.

9-5 وفيما يتعلق بالأشكال الأخرى للخدمة المدنية، وبخاصة تلك الأشكال المتصلة بأداء الخدمة في مجال التعاون الدولي، يرفض المحامي حجة الدولة الطرف بأن ممارسة هذه الأشكال كثيراً ما تتم في ظل ظروف صعبة. وعلى النقيض من ذلك، يؤكد المحامي أن هذا النوع من الخدمة كثيراً ما يؤدى في بلد أوروبي آخر وفي ظل ظروف مريحة. كما أن أولئك الذين يؤدون هذا النوع من الخدمة يكتسبون خبرة مهنية. وهو يرى أن المستنكف ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية لا يحصل على أية فوائد من خدمته. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن فترة الخدمة الإضافية تشكل اختباراً لمدى جدية اعتراضات الشخص المستنكف، يرى المحامي أن اختبار مدى جدية المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية يشكل في حد ذاته تمييزاً صارخاً، ذلك لأن أولئك الذين يقدمون طلبات لأداء شكل آخر من أشكال الخدمة المدنية لا يخضعون لأي اختبار لمدى صدقهم. وفيما يتصل بالمزايا التي ذكرتها الدولة الطرف (مثل عدم وجود أي التزام بارتداء زي عسكري أو الخضوع لنظام عسكري)، يلاحظ المحامي أن هذه المزايا نفسها يتمتع بها أولئك الذين يؤدون أنواعاً أخرى من الخدمة المدنية التي لا تتجاوز مدتها 16 شهراً. وفيما يتصل بحجة الدولة الطرف بأن المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية يحصلون على أجور أعلى من تلك التي يحصل عليها أولئك الذين يؤدون الخدمة العسكرية، يلاحظ المحامي أن المستنكفين عن أداء الخدمة العسكرية يعملون في منشآت ومؤسسات يعاملون فيها كموظفين ومن ثم فإنه من الطبيعي أن يحصلوا على أجور معينة. ويرى المحامي أن هذه الأجور تعتبر قليلة مقارنة بالعمل المؤدى به بل هي أقل بكثير من تلك الأجور التي يحصل عليها الموظفون العاديون. ويلاحظ المحامي أن أولئك الذين يؤدون الخدمة في مجال التعاون الدولي يحصلون على أجور أفضل.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذين البلاغين على ضوء المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وقد لاحظت اللجنة أن حجة الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغين لم يقعا ضحية لأي انتهاك لأن إدانتهما لم تكن بسبب معتقداتهما الشخصية بل بسبب تخليهما عن الخدمة التي اختاراها بحرية. إلا أن اللجنة تلاحظ أن صاحبي البلاغين قد أثارا، أثناء نظر القضية في المحاكم، مسألة الحق في المعاملة المتساوية بين المستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية والمجندين العسكريين كمبرر لتخليهما عن الخدمة وأن الأحكام الصادرة عن المحاكم تشير إلى ذلك. كما تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغين يزعمان أنه لم تتوفر لهما، بوصفهما مستنكفين ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية، أية فرصة لكي يختارا بحرية نوع الخدمة التي يريدان أداءها. ولذلك فإن اللجنة تعتبر أن صاحبي البلاغين يستوفيان الشروط اللازمة بمقتضى البروتوكول الاختياري لاعتبارهما ضحيتين.

10-4 والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كانت الشروط المحددة التي كان يتعين على صاحبي البلاغين تأدية الخدمة البديلة بمقتضاها تشكل انتهاكاً لأحكام العهد أم لا (27) . وتلاحظ اللجنة أنه بموجب المادة 8 من العهد، يجوز للدول الأطراف أن تشترط أداء خدمة ذات طابع عسكري أو، في حالات الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية، شكلاً بديلاً من أشكال الخدمة الوطنية شريطة ألا تكون هذه الخدمة تمييزية. وقد ادعى صاحبا البلاغين أن اشتراط أداء الخدمة الوطنية البديلة، بموجب القانون الفرنسي، لمدة 24 شهراً بدلاً من 12 شهراً كما في حالة الخدمة العسكرية هو اشتراط تمييزي ينتهك مبدأ المساواة أمام القانون ومبدأ الحماية المتساوية بموجب القانون على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد. وتعيد اللجنة تأكيد موقفها بأن المادة 26 لا تحظر كافة الاختلافات في المعاملة. إلا أنه سبق للجنة أن ذكرت تكراراً أن أي اختلاف في المعاملة يجب أن يستند إلى معايير معقولة وموضوعية. وفي هذا السياق، تسلّم اللجنة بأن القانون والعرف قد يحددان اختلافات بين الخدمة العسكرية والخدمة الوطنية البديلة وأن مثل هذه الاختلافات قد تبرر، في حالات معينة، تحديد فترة أطول للخدمة شريطة أن يكون الاختلاف قائماً على أساس معايير معقولة وموضوعية، مثل طبيعة الخدمة المحددة المعنية أو الحاجة إلى توفير تدريب خاص من أجل إنجاز مهام تلك الخدمة. إلا أن الأسباب التي قدمتها الدولة الطرف، في هذه الحالة، لا تشير إلى مثل هذه المعايير أو أنها تشير إلى بعض المعايير بعبارات عامة دون إدراج أية إشارة محددة إلى حالتي صاحبي البلاغين، وهي أسباب تستند إلى حجة مفادها أن مضاعفة طول مدة الخدمة هي الطريقة الوحيدة لاختبار مدى صدق قناعات الفرد. وفي رأي اللجنة أن هذه الحجة لا تفي بالاشتراط الذي يقتضي أن يكون الاختلاف في المعاملة التي تنطوي عليه الحالتان الراهنتان قائماً على أساس معايير معقولة وموضوعية. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن المادة 26 قد انتهكت لأن صاحبي البلاغين قد تعرضا للتمييز على أساس قناعاتهما الوجدانية.

11- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام المادة 26 من العهد.

12- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان تلاحظ بارتياح أن الدولة الطرف قد غيّرت القانون بحيث لا تحدث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي ظل ملابسات الحالة الراهنة، ترى اللجنة أن الاستنتاج الذي خلصت إليه بأن انتهاكاً قد وقع يشكل إنصافاً كافياً لصاحبي البلاغين.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير. ]

الحواشي

(1) قضية يارفينن ضد فنلندا ، الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 1990، الفقرات 6-4 إلى 6-6.

(2) الوثيقة E/CN.4/1987/L.73 المؤرخة في 5 آذار/مارس 1987.

(3) انظر أيضاً آراء اللجنة في القضية رقم 666/1995، فوان ضد فرنسا ، CCPR/C/67/D/666/1995.

تذييل

رأي فردي أعرب عنه نيسوكي أندو وإيكارت كلاين وديفيد كريتسمر وعبد الله زاخيا

(رأي مخالف)

إننا نخالف آراء اللجنة لنفس الأسباب التي أبديناها في رأينا المستقل المخالف فيما يتعلق بقضية فوان (البلاغ رقم 666/1995).

(توقيع) ن. أندو

(توقيع) إ. كلاين

(توقيع) د. كريتسمر

(توقيع) ع. زاخيا

[حُرّر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الانكليزي هو النص الأصلي. وسوف يصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

حاء- البلاغ رقم 694/1996، قضية والدمَن ضد كندا

(اعتمدت الآراء في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : آرييه هولِس والدمَن (مثَّله في البداية السيد راج آنند)

الضحية المزعومة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ البلاغ : 29 شباط/فبراير 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

وقد استكملت النظر في البلاغ رقم 694/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن آرييه هول ِ س والدم َ ن، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في الاعتبار جمي ع المعلومات المكتوبة المقدمة إليها من صاحب البلاغ ومن محاميه ومن الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد آرييه هول ِ س والدم َ ن، وهو مواطن كندي يقيم في مقاطعة أونتاريو. ويدّعي بأنه ضحية انتهاك للمادة 26، والمواد 18(1) و 18(4) و27 مقترنة بالمادة 2(1)** ( ) .

1-2 وصاحب البلاغ أب لطفلين في سن التعليم المدرسي، وهو ينتمي إلى الديانة اليهودية وألحق طفليه بمدرسة يهودية خاصة نهارية. ومدارس الروم الكاثوليك في مقاطعة أونتاريو هي المدارس الوحيدة غير العلمانية التي تحصل على تمويل حكومي كامل و مباشر. ويتعين على سائر المدارس الدينية أن تحصل على التمويل من مصادر خاصة، تشمل رسوم الدراسة.

1-3 وفي عام 1994، سدد السيد والدمان مبلغ 050 14 دولارا كرسوم لتعليم طفليه في مدرسة بياليك العبرية النهارية في تورونتو بأونتاريو . وتم تخفيض هذا المبلغ إلى 810.89 10 دولار بموجب نظام للخصم من الضرائب الاتحادية . وقد سُدد مبلغ رسوم الدراسة من إيراد الأسرة الصافي البالغ 367.26 73 دولار. وعلاوة على ذلك، يُطلب من صاحب البلاغ سداد ضريبة ملكية محلية لتمويل نظام للتعليم المدرسي الحكومي الذي لا يستفيد منه.

الوقائع

2-1 إن نظام التعليم الحكومي في أونتاريو يوفر التعليم المجاني لجميع المقيمين في أ ونتاريو دون أي تمييز بسبب الدين أو أي سبب آخر. ولا يجوز للمدارس الحكومية تلقين التعاليم الدينية. ويتمتع الأفراد بحرية إنشاء المدارس الخاصة وإلحاق أطفالهم بهذه المدارس بدلا من المدارس الحكومية . والشرط القانوني الوحيد لإنشاء مدرسة خاصة في أونتاريو هو تقديم "إخطار باعتزام إنشاء و إ دارة مدرسة خاصة". ولا تحتاج المدارس الخاصة في أونتاريو إلى استصدار تراخيص ولا إلى أي موافقة مسبقة من جانب الحكومة. وحتى 10 أيلول/سبتمبر 1989، كان هناك 699 64 طالبا في 494 مدرسة خاصة في أونتاريو. وتبلغ نسبة الالتحاق بالمدارس الخاصة 3.3 في المائة من إجمالي عدد الملتحقين بالمدارس النهارية في أونتاريو.

2-2 ونشأ نظام التمويل للمدارس المستقلة في م ق اطعة أونتاريو من الأحكام المنصوص عليها في دستور كندا لعام 1867. ففي ذلك العام، كان الكاثوليك يمثلون 17 في المائة من سكان أونتاريو، بينما بلغت نسبة البروتستانت 82 في المائة من السكان. وبلغت نسبة معتنقي الأديان الأخرى 0.2 في المائة من السكان. ووقت تأسيس الاتحاد الف ي درالي، تمثل أحد الشواغل في أن مقاطعة أونتاريو الجديدة ستسيطر عليها أغلبية بروتستانتية قد تمارس سلط ت ها على التعليم لحرمان الأقلية من الروم الكاثوليك من حقوقها. وكان الحل هو ضمان حقوق هذه الأقلية في التعليم الديني وتعريف هذه الحقوق من منطلق القانون القائم وقت تأسيس الاتحاد الف ي درالي.

2-3 ونتيجة لذلك، نص الباب 93 من الدستور الكندي لعام 1867 على ضمانات صريحة لحقوق المدارس الدينية. فالباب 93 من قانون الدستور لعام 1867 يمنح كل مقاطعة من مقاطعات كندا على سبيل الحصر الاختصاص القانوني بسن القوانين المتعلقة بالتعليم، على ألا يتقيد هذا الاختصاص إلا بالحقوق الممنوحة ل لمدارس الدينية في عام 1867. وفي أونتاريو، يتم إنفاذ السلطات المخولة بموجب الباب 93 من خلال قانون التعليم. وبموجب هذا القانون، يحق لكل مدرسة مستقلة الحصول على التمويل الحكومي الكامل. وتعرّف المدارس المستقلة بأنها مدارس الروم الكاثوليك. وينص قانون التعليم على ما يلي: "1- تعني عبارة "مجلس مدرسة مستقلة" مجلساً يتولى إدارة مدرسة للروم الكاثوليك؛ 000122؛ . (1) وتُمنح كل مدرسة مستقلة المنح بالطريقة التي تحصل عليها المدارس الحكومية ". ونتيجة لذلك، تكون مدارس الروم الكاثوليك هي المدارس الدينية الوحيدة التي تحصل على نفس التمويل الحكومي الممنوح للمدارس الحكومي ة العلمانية.

2-4 ولا يعتبر نظام مدارس الروم الكاثوليك المستقل نظاما للمدارس الخاصة. ذلك أنه، شأنه شأن نظام المدارس الحكومية ، يتم تمويله عن طريق مجلس تعليمي مسؤول أمام الحكومة ويُنتخب أعضاؤه انتخاباً ديمقراطي اً . أما أعضاء مجالس المدارس المستقلة فينتخبهم دافعو الضرائب الروم الكاثوليك. ويحق لم ج الس هذه المدارس إدارة الجوانب المذهبية للمدارس المستقلة. وعلى عكس المدارس الخاصة، يتعين على مدارس الروم الكاثوليك المستقلة أن تلتزم بج م يع توجيهات الوزارة ولوائحها. ولا ينص الباب 93 من دستور عام 1867 ولا قانون التعليم على التمويل الحكومي لمدارس الروم الكاثوليك الخاصة/المستقلة. وتوجد في أونتاريو عشر مدارس خاصة/مستقلة للروم الكاثوليك؛ ولا تحصل هذه المدارس على أي دعم مالي حكومي مباشر.

2-5 وتتلقى المدارس الدينية الخاصة في أونتاريو معونة مالية في شكل : ‘1‘ إعفاء المدارس الخاصة التي لا تسعى إلى تحقيق الربح من ض ريبة الملكية؛ ‘2‘ و تخفيض ضريبة الدخل عن رسوم التعليم الديني؛ ‘3‘ و ُتخفيض ضريبة الدخل عن المبالغ المدفوعة للأغراض الخيرية. وقد خلص تقرير صدر في عام 1985 إلى أن حجم المعونة الحكومية المقدمة إلى المدارس الخاصة في أونتاريو بلغ حوالي سُدس متوسط التكلفة الإجمالية عن التلميذ المسجل في مدرسة خاصة. ولا توجد أي مقاطعة في كندا تحصل فيها المدارس الخاصة على تمويل مكافئ لما تحصل عليه المدارس الحكومية . ويتراوح التمويل المباشر للمدارس الخاصة بين صفر في المائة (مقاطعات نيوفوندلاند ونيو بر ونزو ي ك وأونتاريو) و 75 في المائة (مقاطعة ألبرتا).

2-6 وقد ظلت مسألة التمويل الحكومي للمدارس الدينية غير الكاثوليكية في أونتاريو موضع منازعات محلية أمام القضاء منذ عام 1978. وفي القضية الأولى، المرفوعة في 8 شباط/فبراير 1978، طُلب أن يكون التعليم الديني إجباريا في مدارس معينة، وبذلك تدمج في المدارس الحكومية المدارس العبرية الموجودة. وفي 3 نيسان/ أبريل 1978 أصدرت محاكم في أونتاريو قرارا، تأكد في 9 نيسان/ أبريل 1979، يقضي برفض السماح بأن يكون التعليم الديني إجبارياً في المدارس الحكومية .

2-7 وفي عام 1982، أُدخل تعديل على دستور كندا ليُدرج فيه ميثاق الحقوق والحريات الذي تضمّن نصاً يتعلق بالمساواة في الحقوق. وفي عام 1985، قررت حكومة أونتاريو تعديل قانون التعليم بهدف توسيع نطاق التمويل الحكومي لمدارس الروم الكاثوليك بحيث يغطي هذا التمويل الصفوف الدراسية من 11 إلى 1 3 . وكانت مدارس الروم الكاثوليك تحصل على التمويل الكامل للصفوف الدراسية من الحضانة وحتى الصف 10 منذ منتصف القرن التاسع عشر. وقد رفعت حكومة أونتاريو دعوى تتعلق ب دستورية هذا القانون (مشروع القانون 30) أمام محكمة الاستئناف في أونتاريو في عام 1985 في ضوء ميثاق الحقوق والحريات الكندي.

2-8 وفي 25 حزيران/يونيه 1987، أقرت المحكمة العليا في كندا، في قضية مشروع القانون 30، دستورية القانون الذي يقضي بتقديم تمويل كامل لمدارس الروم الكاثوليك. وذهب رأي الأغلبية إلى أن الباب 93 من دستور عام 1867 وجميع الحقوق والامتيازات التي ي منحها لا يجوز على الإطلاق فحصها من منظور ميثاق الحقوق والحريات. وذكرت القاضية ويلسون، التي كتبت رأي الأغلبية، ما يلي: "لم يكن الغرض بأي حال من الأحوال... أن يُستخدم الميثاق لإبطال الأحكام الأخرى الواردة في الدستور، ولا سيّما تلك الواردة في الباب 93 الذي يشكل جزءا أساسيا من الحل الوسط الذي أنشئ على أساسه الاتحاد الف ي درالي."

2-9 وفي الوقت نفسه، أكدت المحكمة العليا في كندا ، في رأي الأغلبية الذي كتبته القاضية ويلسون : أن "هذه الحقوق التعليمية ، الممنوحة على وجه التحديد ل‍... الروم الكاثوليك في أونتاريو ، تجعل من المتعذر معاملة جميع الكنديين على قدم المساواة. فقد تأسس البلد على الاعتراف بحقوق تعليمية خاصة أو غير متساوية لجماعات دينية محددة في أونتاريو...". وفي رأي مماثل صادر عن المحكمة العليا، سلّم القاضي إ ست َ ي بأنه "من البديهي ( وأيد ذلك العديد من المحامي ن أمام هذه المحكمة ) أنه إذا كان الميثاق واجب التطبيق بأي شكل من الأشكال على مشروع القانون 30 فسيت ع ين أن مشروع القانون تمييزي وأنه يخل بأحكام البابين 2(أ) و 15 من ميثاق الحقوق."

2-10 وفي قضية أخرى، هي قضية آدلر ضد أونتاريو، قدم أفراد ينتمون إلى المذهب الكالفيني أو المسيحي الإصلاحي وأفراد من السيخ والهندوس والمسلمين واليهود طعناً في دستورية قانون التعليم في أونتاريو بزعم أنه ينتهك أحكام الميثاق المتعلقة بالحرية الدينية والمساواة. وحاججوا بأن قانون التعليم، إذ ينص على وجوب الالتحاق بالمدارس، يميّز ضد الأشخاص الذين يمتنعون بسبب وجدانهم أو معتقدهم ع ن إلحاق أطفالهم إما بالمدارس العلمانية الممولة من الحكومة أو بمدارس الروم الكاثوليك الممولة من الحكومة، بالنظر إلى ارتفاع تكاليف التعليم الديني لأطفالهم. وطلب المدعون من المحكمة إصدار حكم تعلن فيه أنه يحق لهم الحصول على تمويل مساو للتمويل الذي تحصل عليه المدارس الحكومية ومدارس الروم الكاثوليك. وقضت محكمة الاستئناف في أونتاريو بأن جوهر قضية آدلر هو محاولة لطلب إعادة النظر في المسألة التي سبق أن حسمتها المحكمة العليا في كندا في قضية مشروع القانون 30. وذكر رئيس القضاة دوبي ن أن قضية مشروع القانون 30 "كانت حاسمة تماماً في مسألة التمييز موضوع الطعون " . ورفضت المحكمة أيضا الحجة القائلة ب انتهاك الحرية الدينية.

2-11 وفي الحكم الصادر في الاستئناف عن المحكمة العليا في كندا في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، أكدت المحكمة أن حكمها الصادر في قضية مشروع القانون 30 حسم النزاع في قضية آدلر ، ورأت أن تمويل مدارس الروم الكاثوليك المستقلة لا يمكن أن يشكل إخلالاً بأحكام ا لميثاق لأن مقاطعة أونتاريو ملزَمة بموجب الدستور بتقديم هذا التمويل.

الشكوى

3-1 يحاجج صاحب البلاغ ب أن السلطة المخوّلة قانوناً لتمويل مدارس الروم الكاثوليك بموجب الباب 93 من دستور كندا لعام 1867، والمطبقة بموجب المادتين 122 و123 من قانون التعليم (أونتاريو)، تشكل إخلالاً بأحكام ا لمادة 26 من العهد. ويذكر صاحب البلاغ أن هذه النصوص تؤدي إلى التمييز أو التفضيل القائمين على أساس الدين ، مما يضر بتمتع جميع الأشخاص، على قدم المساواة، ب حقوق هم وحريات هم الدينية، وممارستهم لها. ويجادل بأنه لا يمكن قبول منح ميزة معينة ل جماعة دينية دون غيرها. فحين تعترف دولة طرف بالحق في تمويل الحكومة للتعليم الديني، ينبغي عدم التفرقة بين الأفراد على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. ويؤكد صاحب البلاغ على أن تقديم التمويل الكامل لمدارس الروم الكاثوليك على وجه الحصر لا يمكن أن يعتبر أمرا معقولا. ذلك أن الأساس المنطقي التاريخي الذي تستند إليه حكومة أونتاريو في ممارستها للتمييز في التمويل، ألا وهو حماية حقوق أقلية الروم الكاثوليك من الأغلبية البروتستانتية، قد زال في الوقت الحاضر، وإن بقي منه ش يء فإنه يطال جماعات دينية أخرى تشكل أقلية في أونتاريو (1) . وهذا الأمر غير معقول كذلك بالنظر إلى أن المقاطعات والأقاليم الكندية الأخرى لا تمارس التمييز القائم على أساس الدين عند تخصيص الأموال للتعليم.

3-2 ويدّعي صاحب البلاغ أيضا بأن الممارسات المتعلقة بتمويل المدارس في أونتاريو تشكل انتهاكا للمادة 18(1) عند اقترانها بالمادة 2. ويقول إنه يواجه صعوبات مالية في توفير التعليم اليهودي لأطفاله، وهي صعوبات لا يواجهها الآباء من الروم الكاثوليك في تعليم أولادهم في مدارس الروم الكاثوليك. ويدّعي بأن هذه الصعوبات تضر إلى حد بعيد، وبشكل تمييزي، ب التمتع بحق الشخص في الجهر بدينه، بما في ذلك حريته في توفير التعليم الديني لأطفاله أو في إنشاء المدارس الدينية.

3-3 ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى أن هذا الانتهاك غير مقبول بموجب النصوص التقييدية الواردة في المادة 18(3) والتي لا تجيز إلا القيود التي يسمح بها القانون وتكون ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام العام أو الصحة أو الأخلاق العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. وطبقا لما ذكره صاحب البلاغ، لا يجوز لتقييد يهدف إلى حماية الأخلاق أن يقوم على أساس تقليد وحيد .

3-4 ويؤكد صاحب البلاغ أيضا على أنه، حينما تعترف دولة طرف بحق التعليم الديني في الحصول على التمويل الحكومي، ينبغي ألا يوجد أي فرق على أساس الدين. فالتمويل الحكومي المباشر والكامل لمدارس الروم الكاثوليك في أونتاريو لا يحترم، على قدم المساواة ، حرية من لا يتبعون ديانة الروم الكاثوليك في اختيار تعليم يتناسب مع معتقدات الآباء الدينية، الأمر الذي يخالف المادة 18(4) مقترنة بالمادة 2.

3-5 ويذكر صاحب البلاغ أن المادة 27 تقر بأن نظم المدارس المستقلة مهمة للغاية في ممارسة الدين، وأن هذه المدارس تشكل صلة أساسية في الحفاظ على هوية الطائفة وبقاء الطوائف الدينية التي تشكل أقليات، وأن الأمر قد يقتضي اتخاذ إجراء إيجابي لضمان حماية حقوق الأقليات الدينية. وبما أن الروم الكاثوليك هم الأقلية الدينية الوحيدة التي تحصل على تمويل مباشر وكامل للتعليم الديني من حكومة أونتاريو، فإن تطبيق المادة 27 لم يتم على النحو المنصوص عليه في المادة 2، أي بدون تمييز على أساس الدين.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 بموجب مذكرة مؤرخة 29 نيسان/ أبريل 1997، وافقت الدولة الطرف على أن تنظر اللجنة في مقبولية البلاغ وموضوعه، في آن واحد.

4-2 وفي رسالة مؤرخة في شباط/فبراير 1998، أنكرت الدولة الطرف أن الوقائع الوارد ذكرها في البلاغ تشكل إخلالاً بأحكام ا لمواد 2 و18 و26 و17 من العهد.

4-3-1 ففيما يتعلق بادعاء الإخلال بأحكام المادة 26، ذهبت الدولة الطرف إلى أن البلاغ غير مقبول من حيث الأساس الموضوعي أو، بعبارة أخرى، أ نه لا يشكل انتهاكاً. وذكرت الدولة الطرف أن التفرقة في المعاملة إذا قامت على أساس معايير معقولة وموضوعية لا تساوي التمييز المحظور بالمعنى المقصود في المادة 26. وأشارت إلى قرار اللجنة بشأن البلاغ رقم 191/1985 (2) حيث اعتبرت اللجنة أن الدولة الطرف لم تنتهك المادة 26 لكونها لم تحقق المساواة في تقديم الإعانات إلى التعليم الخاص والتعليم الحكومي بالنظر إلى أن نظام التعليم الخاص لا يخضع لإشراف الدولة. وأشارت كذلك إلى قراري اللجنة بشأن البلاغين رقم 298/1988 ورقم 299/1988 (3) حيث رأت ال ل جنة أنه لا يوجد التزام على الدولة الطرف بأن تقدم للمدارس الخاصة نفس المزايا التي تقدمها للمدارس الحكومية، وأن نظام المعاملة التفضيلية ل قطاع التعليم الحكومي نظام معقول ويقوم على أساس معايير موضوعية. ورأت اللجنة كذلك أنه لا يمكن اعتبار أن الدولة الطرف تمارس تمييزاً ضد الآباء الذين يختارون بمحض إرادتهم عدم الاستفادة من مزايا متاحة عادة للجميع.

4-3-2 وتجادل الدولة الطرف بأن قيامها بتمويل المدارس الحكومية وامتناعها عن تمويل المدارس الخاصة ليس تمييزاً. ذلك أن لجميع الأطفال من جميع الأديان أو من غير معتنقي الأديان نفس الحق في الالتحاق بالمدارس الحكومية العلمانية المجانية التي تموّل من الضرائب. وتذكر الدولة الطرف أنه إذا اختار ط ف ل أو ولي أمره، بمحض إرادته، عدم الاستفادة من ممارسة حقه في التمتع بالمزايا التعليمية المتوافرة في إطار نظام المدارس الحكومية، لا يعتبر ذلك حرمانا من جانب الحكومة . وتؤكد الدولة الطرف أن مقاطعة أونتاريو لا تقدم أي تمويل للمدارس الخاصة، سواء كانت دينية أم غير دينية. ولا يقوم الفرق في التمويل على أساس الدين وإنما يكمن في كون المدرسة حكومية أو خاصة/مستقلة.

4-3-3 وطبقا لما ذكرته الدولة الطرف فإن إنشاء المؤسسات الحكومية غير الدينية يتمشى مع القيم المنصوص عليها في المادة 26 من العهد. ولا تمارس ال م ؤسسات غير الدينية أي تمييز ضد الدين؛ وهي تعتبر شكلا مشروعا من أشكال حياد الحكومة. وتفيد الدولة الطرف بأن النظام العلماني هو أداة تساعد على منع التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم الدينية. ولا تمارس الدولة الطرف أي تفرقة بين الجماعات الدين ي ة المختلفة في نظام التعليم الحكومي ، ولا تقيد من قدرة أي جماعة دينية على إنشاء المدارس الخاصة.

4-3-4 ولا تقدم الدولة الطرف، باستثناء الالتزامات الواقعة عليها بموجب دستور عام 1867، أي تمويل مباشر إلى المدارس الدينية. وفي هذا السياق، تجادل الدولة الطرف بأن رفض تمويل المدارس الدينية ليس تمييزاً. و عند اتخاذ قرارها، تسعى إلى تحقيق القيم ذاتها التي تنادي بها المادة 26، أي إقامة مجتمع متسامح يسود فيه احترام جميع المعتقدات الدينية والمساواة بينها. وتذهب الدولة الطرف إلى أنه مما يتنافى مع أغراض المادة 26 ذاتها أن تعلن اللجنة أنه، بسبب الأحكام التي ينص عليها دستور عام 1867 والتي تقضي بتمويل مدارس الروم الكاثوليك، يجب الآن على الدولة الطرف أن تمول جميع المدارس الدينية الخاصة، لأن هذا الرأي من شأنه أن يقوض قدرة الدولة الطرف على إقامة وتعزيز مجتمع متسامح يحمي الحرية الدينية بالفعل ، فلولا وجود الأحكام ذات الصلة في دستور عام 1867، لما كان عليها أي التزام، بموجب أحكام العهد، بتمويل أية مدارس دينية.

4-4-1 وفيما يتعلق بالمادة 18، تشير الدولة الطرف إلى الأعمال التحضيرية التي يتبين منها أن المادة 18 لا تتضمن الحق في الاشتراط على الدولة أن تمول المدارس الدينية الخاصة. وقد طرح السؤال ص راحة لدى إعداد المشروع ووردت الإجابة عنه بالنفي (4) . ونتيجة لذلك، تجادل الدولة الطرف بأن ادعاء صاحب البلاغ المستند إلى المادة 18 هو ادعاء غير مقبول من حيث الموضوع. وفي المقابل، تدعي الدولة الطرف بأن سياساتها تستوفي ضمانات حرية الدين المنصوص عليها في المادة 18 لأنها توفر نظاما للمدارس الحكومية متاحاً ل لأشخاص من جميع المعتقدات الدينية ولا يدرّس تعاليم أي دين أو معتقد بعينه، ولأن حرية إنشاء المدارس الدينية الخاصة مكفولة و للآباء حرية إلحاق أطفالهم بهذه المدارس الدينية. وتنكر الدولة الطرف أن الفقرة 4 من المادة 18 تلزم الدول بتقديم إعانات إلى المدارس الدينية الخاصة أو للتعليم الديني (5) . وتذكر الدولة الطرف أن الغرض من المادة 18 هو ضمان أن يظل التمسك بتعاليم الدين والمعتقد وإقامة الشعائر أمر اً يخص الشخص نفسه، دون أن تتدخل فيه الدولة بالإجبار أو التقييد. ويقع على الدولة التزام بتوفير التعليم المفتوح والمتاح لجميع الأطفال بصرف النظر عن دينهم. ولا يقع عليها أي التزام بتوفير أو تمويل أي تعليم ديني أو تلقين مبادئ أي دين. وفيما يتعين على كل مقاطعة في كندا أن تكفل مراعاة نظام ال م دارس الحكومية للحرية الدينية وتنوع الأديان، لا يقع عليها أي التزام ب تقديم التمويل إلى أفراد يمارسون، لأسباب دينية، حريتهم في عدم اختيار نظام المدارس الحكومية.

4-4-2 وتدعي الدولة الطرف بأن عدم التصرف بهدف تيسير ممارسة شعائر الدين لا يمكن أن يعتبر تدخلا من الدولة في حرية الدين. وهي تشير إلى أن هناك العديد من مجالات الإجراءات الحكومية التي تنطوي على معنى ديني في نظر معتنقي الأديان ، وإلى أنها ترفض الاقتراح القائل بأنه يجب عليها أن تمول ا لأبعاد الدينية في المجالات التي تضطلع فيها بدور ما مثل مراسم الزواج وفقا لطقوس دينية ومؤسسات الطوائف الدينية مثل الكنائس والمستشفيات.

4-4-3 وفي المقابل، إذا فسرت اللجنة المادة 18 على أنها تقتضي تمويل الدول للمدارس الدينية، فإن الدولة الطرف ترى أن التقييد المفروض عليها يستوفي شروط الفقرة 3 من المادة 18 لأنه منصوص عليه في القانون وضروري لحماية النظام العام وحقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. وتتمثل أهداف النظام التعليمي في الدولة الطرف في توفير تعليم حكومي مجاني علماني يتاح لجميع السكان دون تمييز، وإنشاء نظام للتعليم الحكومي يرعى ويعزز قيم المجتمع التعددي والديمقراطي، بما فيها التماسك الاجتماعي والتسامح الديني والتفاهم. وتذهب الدولة الطرف إلى أن طلب تمويلها للمدارس الدينية الخاصة يترتب عليه تأثير ضار بالمدارس الحكومية، ويؤثر بالتالي على تعزيز المجتمع المتسامح ومتعدد الثقافات وغير التمييزي في مقاطعة أونتاريو.

4-4-4 والمدارس الحكومية، في رأي الدولة الطرف، تعتبر وسيلة رشيدة لتعزيز التماسك الاجتماعي واحترام الفروق الدينية وغيرها من الفروق. و المدارس الأقل تجانساً أقدر على تعليم التفاهم المشترك و القيم المشتركة. وتدعي الدولة الطرف بأن أحد جوانب قوة نظام التعليم الحكومي هو أنه يوفر ساحة يتفاعل فيها أشخاص من جميع الألوان والأجناس والأصول القومية والإثنية والديانات، ويحاولون فيها التغلب على الاختلافات فيما بي ن هم. وعلى هذا النحو تسهم المدارس الحكومية في بناء التماسك الاجتماعي والتسامح والتفاهم. ومن شأن تمويل المدارس الدينية الخاصة، على غرار تمويل المدارس الحكومية، أن يؤدي إلى تقويض هذه القدرة وربما يسفر عن زيادة ملحوظة في عدد المدارس الخاصة وأنواعها. وسيترتب على ذلك تأثير ضار على مقومات بقاء نظام المدارس الحكومية الذي سيتحول إلى نظام يفيد الطلاب الذين لم يقبلهم أي نظام آخر. واحتمال تجزئة النظام التعليمي على هذا النحو مكلف و يسفر عن إضعاف بنية المجتمع. وفضلا عن ذلك، من الممكن أن يؤدي توسيع نطاق الحق في التمويل للمدارس الحكومية بحيث يشمل المدارس الدينية الخاصة إلى تفاقم مشاكل الإجبار والنبذ التي تواجهها في بعض الأحيان ج ماعات الأقليات الدينية في المناطق الريفية المتجانسة في المقاطعة. ويمكن للجماعة الدينية التي تشكل الأغلبية أن تعاود تطبيق ممارسة الصلوات في المدارس وتلقين الشعائر الدينية، بل أن تجعلها إجبارية، وسيتعين على جماعات الأقلي ات الدينية أن تمتثل لذلك أو أن تلحق أطفالها بمدارسها الخاصة التي تعتبر تمييزية في الواقع. وبقدر ما يؤدي التمويل الكامل للمدارس الخاصة إلى إتاحة الفرصة لهذه المدارس لأن تحل محل المدارس الحكومية، يصبح هدف الحكومة في إتاحة فرص التعليم للجميع مهدداً. ومن المرجح أن تقديم التمويل الحكومي الكامل للمدارس الدينية الخاصة سيؤدي إلى زيادة عدد المدارس الحكومية التي ستُ غلق وإلى تخفيض عدد البرامج والخدمات التي يست ط يع نظام التعليم الحكومي أن يقدمها.

4-4-5 وتخلص الدولة الطرف إلى أنه إذا طُلب من م ق اطعة أونتاريو تمويل المدارس الدينية الخاصة، يترتب على ذلك تأثير ضار بالمدارس الحكومية ، وضار بالتالي بتعزيز المجتمع المتسامح ومتعدد الثقافات وغير التمييزي في المقاطعة، مما يقوض حقوق وحريات الآخرين الأساسية. و ترى الدولة الطرف أنها حققت التوازن الملائم من خلال تمويل المدارس الحكومية ، حيث يستطيع أفراد كل الجماعات أن يتعلموا معاً ، مع الاحتفاظ بحرية الآباء في إلحاق أطفالهم بالمدارس الدينية الخاصة، على نفقتهم الخاصة، إذا ما رغبوا في ذلك.

4-5-1 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه ضحية إخلال بأحكام المادة 18 من العهد مقترنة بالمادة 2 منه ، أشارت الدولة الطرف إلى أن المادة 2 لا تنشئ حقا مستقلا وإنما هي تعهد عام من الدول ولا يجوز للأفراد الاحتجاج بها بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري دون الرجوع إلى مواد محددة أخرى في العهد. ولا يجوز القول إ ن المادة 2، مقترنة بالمادة 18، قد أُخِلَّ بأحكامها طالما أن المادة 18 ذاتها لا تتضمن حقاً من هذا القبيل.

4-5-2 وفي المقابل، تنفي الدولة الطرف حدوث إخلال بأحكام ا لمادة 2 لأن التفريق على أساس معايير معقولة وموضوعية لا يساوي التفرقة أو التمييز بالمعنى المقصود في المادة 2 من العهد. وفيما يتعلق بالحجج الموضوعية بشأن مسألة التمييز، أشارت الدولة إلى الحجج التي استخدمتها في الرد على الادعاء أنها أخلت بأحكام المادة 26.

4-6-1 وفيما يتعلق بادعاء الإخلال بأحكام المادة 27، تذهب الدولة الطرف إلى أن البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع أو، بالأ ح رى، لا يثبت وقوع إخلال . وهي تدعي أن الأعمال التحضيرية تبين بوضوح أن المادة 27 لا تشمل الحق في أن يُطلب من الدولة تمويل المدارس الدينية الخاصة. ولا تتضمن المادة سوى الحماية من الإجراءات ذات الطابع السلبي التي تتخذها الدولة : "ولا يُنكر هذا الحق على الأفراد". وقد رُفض اقتراح بإدراج الالتزام باتخاذ تدابير إيجابية (6) . ولئن جاز ، بموجب المادة 27، أن يُطلب من دولة طرف اتخاذ إجراءات إيجابية معينة ، فإن الإجراءات الإيجابية، حسبما قصده واضعو النص، لا ينبغي اللجوء إليها إلا في حالات نادرة. ورأت الدولة الطرف أن مقاطعة أونتاريو اتخذت تدابير إيجابية تحمي حق أفراد الأقليات الدينية في إنشاء مدارس دينية وفي إلحاق أطفالهم بتلك المدارس. ولا يجوز أن يُطلب منها أيضا تمويل تلك المدارس.

4-6-2 ومن ال ناحية ال أخرى، يجوز أن تُفرض قيود على الحقوق المنصوص عليها في المادة 27 عندما يتوافر لفرضها مبرر معقول وموضوعي وي كون متمشي اً مع أحكام العهد في مجمله. وبالنظر إلى الأسباب الموضحة فيما يتعلق بإقامة مجتمع متسامح، يعتبر قرار مقاطعة أونتاريو بعدم تمويل جميع المدارس الدينية الخاصة مستوفيا لذلك الشرط.

4-6-3 وأشارت الدولة الطرف إلى الحجج التي استخدمتها بصدد المادة 18 وكررت التأكيد على أنه لا يمكن أن تقوم الحجة على انتهاك المادة 27، مقترنة بالمادة 2، طالما أن المادة 27 ذاتها لا تنص على هذا الحق. وفي المقابل، لا يوجد انتهاك للمادة 2 لأن التفريق القائم على أساس معايير معقولة وموضوعية ليس بمثابة تفرقة أو تمييز مثير للبغضاء، بالمعنى المقصود في المادة 2. وأشارت الدولة الطرف إلى الحجج التي استخدمتها بشأن المادة 26 أعلاه.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 قال المحامي إن الدولة الطرف أقرت بأن لتمويل التعليم طابعاً تمييزياً وجدت سنده في التزام دستوري. ويحاجج المحامي بأن المادة 26 من العهد لا تسمح باستثناءات ل لقوانين الدستورية التمييزية وبأن الوقائع التاريخية الشاذة لا يمكن أن تحول دون تطبيق أحكام العهد المتعلقة بالمساواة. ورفض المحامي حجة الدولة الطرف باعتبارها حجة التفافية تقول بأن الفرق بين تمويل مدارس الروم الكاثوليك والمدارس الدينية الأخرى هو فرق بين المدارس الحكومية والمدارس الخاصة. وأشار إلى أن الطابع الحكومي لمدارس الروم الكاثوليك هو بدعة بيروقراطية منحت لفئة من دافعي الضرائب على أساس انتمائهم الدين ي، ما ينطوي على استبعاد تمييزي لجميع دافعي الضرائب الآخرين.

5-2 ورفض المحامي حجة الدولة الطرف القائلة بأن تقديم التمويل الحكومي على أساس غير تمييزي إلى المدارس الدينية الأخرى من شأنه أن يضر بأهداف إقامة مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات وغير تمييزي، وقال إن الظروف الحالية مخالفة لذلك، فالتمويل التمييزي والانتقائي لطائفة دينية واحدة فقط في إنشاء المدارس الدينية وإدارتها يضر إلى حد بعيد بتعزيز مجتمع متسامح وغير تمييزي في مقاطعة أونتاريو ويشجع على انقسام المجتمع انقساماً دينياً تدَّعي الدولة الطرف أنها تكافحه.

5-3 وذهب المحامي إلى أن حجة الدولة الطرف القائلة بأن الادعاء القائم على المادة 18 غير مقبول على أساس الموضوع لأن هذه المادة لا تتضمن الحق في أن يُطلب من الدولة تمويل المدارس الحكومية ، هي حجة تنطوي على تفسير خاطئ لأقوال صاحب البلاغ. وحاجج المحامي بأن المادة 18(1) تتضمن الحق في تدريس الدين وحق كل شخص في تعليم أطفاله في مدرسة دينية. فإذا أمكن حدوث ذلك بالنسبة للبعض ولم يمكن بالنسبة للبعض الآخر لأسباب تمييزية، كان هناك إخلال بأحكام المادة 18 مقترنة بالمادة 2. ووفقاً للمحامي، فإن إظهار المعنى الكامل والملائم للمادة 2، يستوجب اشتراط عدم التمييز على أساس الأسباب المبينة فيما يتعلق بالحقوق والحريات المنصوص عليها في العهد، حتى وإن لم يقع أي إخلال بأحكام العهد حتى في حالة عدم وجود تمييز. ورأى المحامي أنه لو اشترط وقوع انتهاك للعهد في جميع الأحوال دون تطبيق المادة 2 أو مراعاتها، لانتفت الحاجة إلى وجود المادة 2 (7) . وأوضح المحامي أنه لا يدّعي بحدوث إخلال بأحكام ا لمادة 18 في حد ذاتها ولكن من حي ـ ث اقترانها بالمادة 2‎، لأن تمويل مدارس الروم الكاثوليك وحدها معناه تقديم دعم تمييزي لمدارس الروم الكاثوليك.

5-4 وذكر المحامي أن الدولة الطرف ارتكبت نفس الخطأ في الرد على ادعاءاته بموجب المادة 27 مقترنة بالمادة 2. وحاجج بأنه طالما أن مدارس الروم الكاثوليك هي مدارس الأقلية الدينية الوحيدة التي تحصل على التمويل الكامل والمباشر للتعليم الديني من حكومة أونتاريو، فإن المادة 27 لم تطبَّق دون تمييز على أساس الدين ، حسبما تقتضيه المادة 2.

5-5 وقال المحامي إنه يتفق مع الدولة الطرف في قولها إ ن كونها لا تقدم إلى المدارس الخاصة نفس المستوى من التمويل الذي تقدمه إلى المدارس الحكومية هو أمر لا يمكن اعتباره تمييزيا ً . وأقر بأنه من الممكن أن تتوافر لنظام المدارس الحكومية في أونتاريو موارد أكثر لو توقفت الحكومة عن تمويل أي مدارس دينية. وفي حالة عدم وجود تمييز، يكون سحب هذا التمويل قراراً سياسيا من اختصاص الحكومة. وأشار المحامي إلى أن تعديل الحكم ذي الصلة في دستور كندا لعام 1867 لا يتطلب سوى موافقة حكومة المقاطعة المعنية وموافقة الحكومة الف ي درالية. وقد أُدخل مؤخرا تعديلان من هذا القبيل في مقاطعتي كويبك ونيوفوندلاند بغرض خفض الالتزام التاريخي تجاه التعليم الممول من الحكومة لصالح فئات دينية مختارة.

5-6 ويؤكد المحامي أنه حين تعترف الدول الأطراف بالحق في التعليم الديني الممول من الحكومة، لا يجوز التفرقة بين الأفراد على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. ومن ثم، فإن الممارسة المرعية في أونتاريو والقاضية بتمويل مدارس الروم الكاثوليك على وجه الحصر هي ممارسة مخلة بأحكام العهد. ولذلك، يلتمس المحامي تمويل جميع المدارس الدينية التي تستوفي المعايير السارية في مقاطعة أونتاريو على مستوى مكافئ للتمويل، إن وجد، الذي تحصل عليه مدارس الروم الكاثوليك في أونتاريو.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 أكدت الدولة الطرف، في رد لاحق، أن التعديلين الدستوريين اللذين أُدخلا مؤخرا في كويبك ونيوفوندلاند لا يحققان سبيل الانتصاف الذي التمسه صاحب البلاغ وهو التمويل المتكافئ لجميع المدارس الدينية. فقد أبقت التغييرات في كويبك على الوضع المذهبي للمدارس الكاثوليكي ة والبروتستا ن تي ة في تلك المقاطعة ووفرت الحماية لهذا الوضع عن طريق وسيلة دستورية بديلة من خلال الشرط الاستدراكي في الميثاق. وتدل التغييرات في نيوفوندلاند على رفض واضح لسبيل الانتصاف ذاته الذي التمسه صاحب البلاغ، لأنه تم بموجب تلك التغييرات الاستعاضة عن النظام التعليمي القائم على أساس الدين، حيث كان يحق لمعتنقي كل ديانة من الديانات الثماني الذين يمثلون 90 في المائة من السكان إنشاء مدارسهم الخاصة بهم والممولة من الحكومة، بنظام حكومي وحيد يُسمح فيه باتباع التعاليم الدينية بناء على طلب الوالدين.

6-2 وفيما يتعلق بحجة المحامي بشأن المادة 2 من العهد، رفضت الدولة الطرف قوله إنه يمكن للمادة 2 أن تحوّل القوانين أو الإجراءات الحكومية التي تتمشى مع الحقوق والحريات المنصوص عليها في العهد إلى مخالفات. ففي رأي الدولة الطرف، يسعى صاحب البلاغ إلى عرض ح جج تنادي بالمساواة وذلك عن طريق الجمع بين المادة 2 و المادتين 18 و27 على التوالي. وضمان المساواة الوارد في المادة 26 من العهد هو بالتحديد السياق الملائم لعرض هذه المسائل. ولاحظت الدولة الطرف أنه لا توجد مادة مماثلة للمادة 26 في الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان الأساسية والحريات الأساسية. واحتجت الدولة الطرف بأنه لا يجوز أن يكون للمدعي الذي خسر دعواه بموجب المادة 26 الحق في إعادة النظر في دعواه بإجراءات مماثلة تماما للإجراءات السابقة وتقوم على مجرد دمج المادة 2 بأحكام متنوعة من الأحكام الموضوعية في العهد.

6-3 وأشارت الدولة الطرف أيضا إلى أن المادة 2 من العهد تقتضي أن تحترم الدول الحقوق المعترف بها في العهد وأن تكفلها لجميع الأفراد المقيمين في إقليمها. وتمويل المدارس الدينية المستقلة في أونتاريو ليس شرطا لضمان الحقوق المنصوص عليها في المادتين 18 و27 من العهد، كما أنه غير ذي صلة بالالتزامات المترتبة على هاتين المادتين، ولا هو يعتبر إضافة إليها . ولا ينشأ التمويل إلا بناء على ال التزام ال دستوري بموجب الباب 93(1) من دستور عام 1867، وليس على أي التزام آخر من الالتزامات المنصوص عليها في مواد العهد ولا بما يتمشى مع أي من الحقوق المنصوص عليها فيها، ولا كإضافة إليها .

تعليقات إضافية من صاحب البلاغ

7- في رسالة مؤرخة 15 آ ذار/مارس 1999، أشار صاحب البلاغ إلى أن الأساس المنطقي الذي استندت إليه الدولة الطرف لتبرير المعاملة التمييزية للمدارس الدينية، وهو الرغبة في تعزيز الانسجام بين الأعراق والثقافات المتعددة عن طريق زيادة التمويل الحكومي لنظام التعليم العلماني إلى أقصى حد، يتطلب بالفعل الرجوع عن التمويل المخصص لمدارس الروم الكاثوليك المستقلة. وأشار كذلك إلى أن كون مقاطعة ك ويبك قد اضطرت إلى تطبيق ال شرط الاستدراكي الوارد في الميثاق للإبقاء على تمويلها للمدارس المستقلة هو أمر يبين أن هذا النظام ينتهك حقوق المساواة المنصوص عليها في الميثاق ويخل بالتالي بأحكام المادة 26 من العهد. وأشار صاحب البلاغ إلى التعديلات الدستورية المتعلقة بنظام التعليم في نيوفوندلاند وذكر أنها تدل على أن ت عديل الدستور بشأن المدارس الدينية أمر ممكن على الرغم من اعتراضات أصحاب المصالح الراسخة.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

8-1 في رد آخر على تعليقات صاحب البلاغ، اعترضت الدولة الطرف على تفسير صاحب البلاغ لاستخدام ال شرط الاستدراكي في كويبك. وطبقا لرأي الدولة الطرف، فإن تعديل الباب 93 من قانون دستور عام 1867 قد رفع الحماية الدستورية عن مدارس البروتستانت و الكاثوليك في كويبك ليستعيض عنها بمجالس مدارس على أساس اللغة . غير أن استمرار الحماية الدستورية للمدارس الدينية مكفول من خلال الطريقة البديلة المتمثلة في ال شرط الاستدراكي . وتقول الدولة الطرف إن هذا يدل على أن مسألة تمويل المدارس الدينية لا تزال ترتبط بالتوازن المعقد المتوخى في الوقت الحاضر بين شتى الاحتياجات والمصالح.

8-2 ولاحظت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ ذكر لأول مرة في تعليقاته أن أ حد السبل الممكنة للقضاء على التمييز المزعوم هو إلغاء تمويل مدارس الروم الكاثوليك المستقلة. وحتى الآن، ركزت الدولة الطرف في ردها على صاحب البلاغ على ادعائه بأن عدم تمويل المدارس الأخرى يشكل إخلالاً بأحكام ا لعهد، وليس على ادعائه بأن رفض إلغاء تمويل مدارس الروم الكاثوليك المستقلة هو الذي يخل بأحكام العهد. وأشارت الدولة الطرف إلى بلاغ آخر (رقم 816/199 8 ، قضية تدمان وآخرون ضد كندا) قُدم إلى اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، حيث عولجت هذه المسألة ، ولذلك طلبت الدولة الطرف من اللجنة أن تنظر في البلاغين في آن واحد.

8-3 و إذا قررت اللجنة الامتناع عن النظر في البلاغين معاً، قدمت الدولة الطرف حججا إضافية تتعلق بهذه المسألة. وفي هذا السياق، أوضحت الدولة الطرف أنه لولا الحماية المقدمة لحقوق أقلية الروم الكاثوليك، لما كان تأسيس كندا ممكنا وأن نظام المدارس المستقلة لا يزال يثير الجدل، ويعرّض ال وحدة الوطنية في كندا للخطر في بعض الأحيان. وأضافت الدولة الطرف قائلة إن طائفة الروم الكاثوليك تنظر إلى هذا التمويل باعتباره تصحيحاً لخطأ تاريخي.

8-4 وذكرت الدولة الطرف أن هناك أسبابا معقولة وموضوعية لعدم إلغاء تمويل مدارس الروم الكاثوليك المستقلة في مقاطعة أونتاريو. ذلك أن الإلغاء سيُفهم على أنه تراجع عن الاتفاق الذي تم وقت إنشاء الاتحاد الف ي درالي بشأن حماية مصالح أقلية ضعيفة في المقاطعة، وسيلقى الاستنكار والمقاومة من طائفة الروم الكاثوليك. وسيفضي أيضا إلى درجة من الاضطراب الاقتصادي، بما في ذلك المطالبة بالتعويضات عن المرافق أو الأراضي المقدمة لمدارس الروم الكاثوليك. وعلاوة على ذلك، فإن حماية حقوق الأقليات، بما في ذلك حقوق الدين والتعليم، هي مبدأ يقوم عليه النظام الدستوري الكندي، وينافي إلغاء تمويل مدارس الروم الكاثوليك المستقلة. كما أن إلغاء تمويل المدارس المستقلة في أونتاريو سيفضي إلى إحداث ضغوط على سائر المقاطعات الكندية لإلغاء حمايتها للأقليات الموجودة داخل حدودها.

مسائل و إ جراءات أمام اللجنة

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، طبقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 لاحظت اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ على أساس الموضوع. غير أن اللجنة اعتبرت أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن التمييز، في حد ذاته ومقترناً بالمادتين 18 و27، لا يتعارض مع أحكام العهد. ولم تثر الدولة الطرف أية اعتراضات أخرى، وبناء على ذلك اعتبرت اللجنة أن البلاغ مقبول. واعتبرت اللجنة أنه لن تكون هناك أية صعوبة أو أي ضرر لطرفي الدعوى إن هي نظرت في هذا البلاغ وحده دون اقترانه بأي بلاغ آخر حسب طلب الدولة الطرف.

10-1 ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 و المسألة المعروضة على اللجنة هي مسألة ما إذا كان التمويل الحكومي الذي تحصل عليه مدارس الروم الكاثوليك، ولا تحصل عليه مدارس طائفة صاحب البلاغ، والذي يضطره إلى تحمل كامل نفقات التعليم في مدرسة دينية، يشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في العهد.

10-3 وحاججت الدولة الطرف بعدم حدوث أي تمييز ، حيث إن التفريق يقوم على أساس معايير موضوعية ومعقولة : ذلك أن المعاملة المتميزة لمدارس الروم الكاثوليك أمر مكرّس في الدستور حيث تُدرج مدارس الروم الكاثوليك كجزء مميز من نظام التعليم الحكومي ، والتفريق هو بين المدارس الخاصة والمدارس الحكومية وليس بين مدارس الروم الكاثوليك الخاصة والمدارس الخاصة لسائر الديانات؛ و أهداف النظام التعليمي الحكومي العلماني متمشية مع العهد.

10-4 وبدأت اللجنة بملاحظة أن كون التفريق مكرّساً في الدستور لا يجعله معقولا وموضوعيا. ففي القضية قيد النظر، وُضع هذا التفريق في عام 1867 لحماية الروم الكاثوليك في أونتاريو. و المستندات المعروضة على اللجنة لا تبيِّن أن أفراد طائفة الروم الكاثوليك أو أي جزء محدد الهوية منها هم الآن في حالة أسوأ بالمقارنة بأفراد الطائفة اليهودية الذين يرغبون في تعليم أطفالهم في مدارس دينية. وبناء على ذلك، ترفض اللجنة حجة الدولة الطرف القائلة بأن المعاملة التفضيلية لمدارس الروم الكاثوليك هي معاملة غير تمييزية باعتبارها التزاماً دستورياً .

10-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة بأن من المعقول التفرقة في تخصيص الأموال الحكومية بين المدارس الخاصة والمدارس الحكومية، لاحظت اللجنة أنه يتعذر على معتنقي الديانات الأخرى خلاف الروم الكاثوليك إدراج مدارسهم الدينية في نظام المدارس الحكومية. وفي القضية قيد النظر، ألحق صاحب البلاغ أطفاله بمدرسة دينية خاصة، ليس بسبب رغبته في منح أطفاله تعليما مستقلا خاصا غير حكومي بل لأن نظام المدارس الممولة من الحكومة لا يوفر فرصة تعليم ديانته، في حين تتاح لأفراد طائفة الروم الكاثوليك مدارس دينية تمولها الحكومة. ورأت اللجنة، على أساس الوقائع المعروضة عليها، أن الفروق في المعاملة بين المدارس الدينية للروم الكاثوليك، الممولة من الحكومة بوصفها جزءا مميزا من نظام التعليم الحكومي، وبين مدارس ا لديانة التي ينتمي إليها صاحب البلاغ، وهي مدارس خاصة بالضرورة، لا يمكن اعتبارها فروقا معقولة وموضوعية.

10-6 ولاحظت اللجنة الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن أهداف النظام التعليمي الحكومي العلماني لديها متمشية مع مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في العهد. ولم تجادل اللجنة في هذه المسألة وإنما أشارت إلى أن أهداف هذا النظام المعلنة لا تبرر اقتصار التمويل على مدارس الروم الكاثوليك. ولاحظت اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ بأن نظام المدارس الحكومية في أونتاريو سيحصل على المزيد من الموارد لو توقفت الحكومة عن تمويل أية مدارس دينية. وفي هذا السياق، أشارت اللجنة إلى أن العهد لا يفرض على الدول الأطراف التزاماً ب تمويل المدارس المنشأة على أساس ديني. ولكن إذا اختارت دولة طرف تقديم التمويل الحكومي إلى المدارس الدينية فينبغي أن تفعل ذلك دون أي تمييز. ويعني ذلك أن تقديم التمويل لمدارس طائفة دينية معينة وعدم تقديمه إلى سائر الطوائف يجب أن يخضع لمعايير معقولة وموضوعية. وفي القضية قيد النظر، خلصت اللجنة إلى أن المستندات المعروضة عليها لا تبين أن الفرق في المعاملة بين ديانة الروم الكاثوليك وبين ديانة صاحب البلاغ يستند إلى هذه المعايير. وبناء على ذلك، وقع انتهاك لحقوق صاحب البلاغ في الحماية المتكافئة والفعالة ضد التمييز بموجب المادة 26 من العهد.

10-7 ولاحظت اللجنة الحجج التي ساقها صاحب البلاغ والقائلة إن الوقائع نفسها تشكل أيضا انتهاكاً للمادتين 18 و27، مقترنة بالمادة 2(1) من العهد. ورأت اللجنة أنه، بالنظر إلى الاستنتاجات التي خلصت إليها بشأن المادة 26، لا توجد هناك مسألة إضافية لتنظر فيها بموجب المواد 18 و27 و2(1) من العهد.

11- رأت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن إخلال بأحكام ا لمادة 26 من العهد.

12- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل فعال للانتصاف يقضي على هذا التمييز.

13- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، إذ تضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها كدولة طرف إلى البروتوكول الاختياري، قد أقرّت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا وقع إخلال بأحكام العهد أم لم يقع وأن الدولة الطرف، عملا بالمادة 2 من العهد، تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن تقدم سبيلا فعالا ونافذا للانتصاف في حالة ثبوت الإخلال ، ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عن التدابير المتخذة للأخذ بآراء اللجنة وتنفيذ ما جاء فيها . ويُطلب من الدولة الطرف أيضا نشر آراء اللجنة.

] اعتُمد ب الإسبانية و ا لإ نكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما صدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تبيَّن من تعداد للسكان أجري في عام 1991 أن 44 في المائة من السكان بروتستانت و36 في المائة كاثوليك و8 في المائة ينتمون إلى ديانات أخرى.

(2) آراء اعتُمدت في 4 نيسان/أبريل 1988 في قضية بلوم ضد السويد. قرارات مختارة، المجلد2، CCPR/C/OP/2.

(3) آراء اعتُمدت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990 في قضيـة ليندغرين وليندكويست ضد السويد (CCPR/C/40/D/298-299/1988).

(4) انظر Bossuyt, Guide to the Travaux Préparatoires of the ICCPR, 1987, at 369..

(5) تشير الدولة الطرف إلى: Nowak, UN Covenant on Civil and Political Rights, CCPR Commentary, at 330-333.

(6)Nowak, UN Covenant on Civil and Political Rights, CCPR Commentary, at 481, 504.

(7) يشير المحامي إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الذي يعترف بأن من الجائز لتدبير ما، يتمشى مع مقتضيات المادة التي تكرس الحق المعني أو الحرية المعنية، أن يخل بأحكام هذه المادة من حيث ارتباطها بالمادة 14، لكون هذا التدبير ذا طابع تمييزي. (الحكم الصادر في 23 تموز/يوليه 1968، بشأن جوانب معينة للقوانين الخاصة باستخدام اللغات في التعليم في بلجيكا).

تذييل

رأي فردي من العضو مارتن شاينين (موافق)

على الرغم من موافقتي على النتيجة التي خلصت إليها اللجنة، بأن صاحب البلاغ ضحية إخلال بأحكام المادة 26 من العهد، فإنني أود شرح أسباب هذه النتيجة.

1- إن العهد لا يقتضي الفصل بين الكنيسة والدولة، على الرغم من أن الدول التي لا تأخذ بهذا الفصل تواجه في أحيان كثيرة مشاكل محددة في ضمان امتثالها للمواد 18 و26 و27 من العهد. وفي الدول الأطراف في العهد توجد ترتيبات متنوعة تتراوح بين الفصل التام وبين وجود كنيسة للدولة قائمة على أساس الدستور . وحسبما أعربت عنه اللجنة في تعليقها العام رقم 22[48] بشأن المادة 18، فإن الاعتراف بدين ما باعتباره دين الدولة أو الدين الرسمي أو التقليدي أو باعتبار أن أتباعه يشكلون أغلبية السكان "يجب ألا يؤدي إلى إعاقة التمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك المادتان 18 و27، كما يجب ألا يؤدي إلى أي تمييز ضد أتباع الديانات الأخرى أو الأشخاص غير المؤمنين بأي دين" (الفقرة 9).

2- إن الترتيبات المتعددة المقبولة في العلاقة بين الدولة والدين تتعلق أيضا بالتعليم. ففي بعض البلدان، تُحظر في المدارس الحكومية جميع أشكال التعليم الديني أو ممارسة الشعائر الدينية؛ ويتم التعليم الديني، الذي تتوفر له الحماية بموجب المادة 18(4)، إما في غير أوقات الدراسة أو في مدارس خاصة. وفي بعض البلدان الأخرى، يدرّس في المدارس الحكومية الدين الرسمي أو دين الأغلبية مع الإعفاء الكامل من هذه الدروس لمعتنقي الديانات الأخرى ولغير المؤمنين بأي دين. وفي مجموعة ثالثة من البلدان، يقدّم تدريس عدة ديانات بل جميع الديانات ، حسب الطلب، في إطار النظام التعليمي الحكومي. وهناك ترتيب رابع هو إدراج تعليم التاريخ العام للأديان وعلم الأخلاق، بشكل محايد وموضوعي، في مناهج المدارس الحكومية. وتساعد كل هذه الترتيبات على الامتثال لأحكام العهد. وطبقا لما ورد على وجه التحديد في التعليق العام للجنة رقم 22(48) فإن "التعليم العام الذي يشمل تلقين تعاليم دين معين أو عقيدة معينة هو أمر لا يتفق مع المادة 18(4) ما لم يتم النص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية تلبي رغبات الآباء والأوصياء" (الفقرة 6). ويعبّر هذا القول عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة في قضية هرتيكاينن وآخرون ضد فنلندا (البلاغ رقم 40/1978).

3- وفي القضية قيد النظر ركّزت اللجنة اهتمامها تركيزاً صحيحاً على المادة 26. وعلى الرغم من أن التعليق العام رقم 22[48] وقضية هارتيكاينن يتعلق ان بالمادة 18، يوجد قدر من الترابط بين ذلك النص وبين شرط عدم التمييز الوارد في المادة 26. ومن المرجح بوجه عام أن الترتيبات المتخذة في مجال التعليم الديني والمتمشية مع المادة 18 تتمشى أيضا مع المادة 26 لأن عدم التمييز عنصر اختبار أساسي في نص المادة 18(4). وفي قضية بلوم ضد السويد (البلاغ رقم 191/1985) و قضية لوند غ رين وآخرون و قضية هيورد وآخرون ضد السويد (البلاغان 288 و299/1988)، أوضحت اللجنة موقفها من مسألة ما يشكل تمييزاً في مجال التعليم. ولئن لم تبت اللجنة في مسألة ما إذا كان العهد يرتب في حالات معينة التزاما بتقديم بعض التمويل الحكومي للمدارس الخاصة، فإنها خلصت إلى أن كون المدارس الخاصة، التي يختارها الآباء وأطفالهم بمحض إرادتهم، لا تحصل على نفس المستوى من التمويل الذي تحصل عليه المدارس الحكومية هو أمر لا يعتبر تمييزا.

4- وفي مقاطعة أونتاريو، ينص نظام المدارس الحكومية على تدريس دين واحد معين، وعلى معتنقي الديانات الأخرى اتخاذ الترتيبات اللازمة لتدريس ديانتهم سواء في غير أوقات الدراسة أم من خلال إنشاء مدارس دينية خاصة. وعلى الرغم من وجود ترتيبات للتمويل الحكومي غير المباشر للمدارس الخاصة الموجودة، فإن مستوى هذا التمويل لا يبلغ سوى جزء ضئي ل من التكاليف التي تتحملها الأسر، في حين أن مدارس الروم الكاثوليك الحكومية مجانية. وهذا الفرق في المعاملة بين أتباع ديانة الروم الكاثوليك وأتباع سائر الديانات الذين يرغبون في توفير مدارس دينية لأطفالهم هو فرق تمييزي في رأي اللجنة. و على الرغم من موافقتي على هذا الرأي فإنني أود أن أشير إلى أن وجود مدارس الروم الكاثوليك الحكومية في أونتاريو يرتبط بترتيب تاريخي لحماية أقلية ومن ثم ينبغي معالجته لا في إطار المادة 26 من العهد فحسب وإنما أيضا في إطار المادتين 27 و18. وأما مسألة ما إذا كان ينبغي وقف العمل بهذا الترتيب ف هي مسألة من مسائل السياسات العامة والتخطيط العام للنظام التعليمي في الدولة الطرف ، وليست شرطاً من شروط العهد.

5- وفي رأيي أنه ينبغي للدولة الطرف أن تضع في الاعتبار، لدى وضع آراء اللجنة في القضية قيد النظر موضع التنفيذ، أن المادة 27 تفرض التزامات إ يجابية على الدول تقضي بتعزيز تدريس ديانات الأقليات، وأن توفير هذا التعليم بوصفه ترتيبا اختياريا في إطار نظام التعليم الحكومي هو أحد الترتيبات المسموح بها لهذا الغرض. والنص على توفير التعليم الممول من الحكومة بلغات الأقليات ا لذين يرغبون في تلقي هذا التعليم ليس تمييزيا ً في حد ذاته، وإن كان يتعين الحرص بطبيعة الحال على أن تكون الفروق الممكنة بين لغات مختلف الأقليات فروقاً تقوم على أسس موضوعية ومعقولة. وتنطبق القاعدة ذاتها على التعليم الديني لديانات الأقليات. وبغية تفادي التمييز في تمويل التعليم الديني (أو تعليم اللغات) لبعض الأقليات وليس لجميعها ، يجوز للدول أن تستند، على نحو مشروع، إلى معرفة ما إذا كان الطلب على هذا التعليم مستمرا. وبالنسبة لأقليات دينية عديدة يعتبر وجود بديل علماني كلياً في إطار نظام المدارس الحكومية كافيا، لأن الطوائف المعنية ترغب في تقديم التعليم الديني في غير أوقات الدراسة وخارج هذه المدارس. وإذا نشأ بالفعل طلب على المدارس الدينية، فإن أحد المعايير المشروعة لمعرفة ما إذا كان من باب التمييز عدم إنشاء مدرسة حكومية لأقلية ما أو عدم تقديم تمويل حكومي مماثل إلى مدرسة خاصة للأقلية المعيار المتمثل في معرفة ما إذا كان عدد التلاميذ الذين سيلتحقون بهذه المدرسة كافيا لتشغيلها كجزء قابل للبقاء من نظام التعليم الشامل. وفي القضية قيد النظر، استوفي هذا الشرط. وعليه، يعتبر مستو ى التمويل الحكومي غير المباشر المخصص لتعليم أطفال صاحب البلاغ تمييزيا ً إذا قورن بالتمويل الكامل الذي تحصل عليه مدارس الروم الكاثوليك الحكومية في مقاطعة أونتاريو.

مارتن شاينين ( موقع )

[وُضع بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. كما صدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

طاء - البلاغ رقم 701/1996، قضية غومس ضد إسبانيا

(اعتمدت الآراء في 20 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من : سيزاريو غوميز فاسكيز

(يمثله خوسيه لويس ماسون كوستا)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ البلاغ : 29 أيار/مايو 1995

تاريخ قرار المقبولية : 23 تشرين الأول/أكتوبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 تموز/يوليه 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 701/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد سيزاريو غوميز فاسكيز بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد سيزاريو غوميز فاسكيز، وهو مواطن إسباني وُلد في مورسيا سنة 1966، وكان يعمل أستاذا للرياضة البدنية. وهو يعيش متخفيا الآن في إسبانيا. يدعي أنه ضحية لانتهاكات إسبانيا للفقرة 5 من المادة 14، وللمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ محاميه السيد خوسيه لويس ماسون كوستا.

الوقائع التي قدمها صاحب البلاغ

2-1 في 22 شباط/فبراير 1992، حكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة 12 عاما ويوم من قبل المحكمة الإقليمية بطليطلة لمحاولة قتل شخص يدعى أنطونيو رودريغز كوتين. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 رفضت المحكمة العليا استئناف الحكم.

2-2 ففي حوالي الساعة الرابعة من فجر 10 كانون الثاني/يناير 1988، طُعِن أنطونيو رودريغز كوتين خمس طعنات في مرآب للسيارات أمام مرقص بموثيخون، (طليطلة). واستلزمت هذه الجروح علاجا بالمستشفى دام 336 يوما، ولم يتمكن المصاب من استعادة عافيته تماما إلا بعد 635 يوماً.

2-3 وذهب الادعاء إلى أن صاحب البلاغ، الذي كان يعمل بوابا بالمرقص، شاهد الضحية يدخل المرآب بسيارة فذهب للتحدث إليه طالبا منه الخروج من السيارة. وبينما كانا يتجادلان، اقتربت منهما سيارة مجهولة خرج منها شخص طالبا إشعال سيجارته. وحين استدار السيد رودريغيز قام صاحب البلاغ ،حسب ما يُدَّعى، بتسديد الطعنات إليه في ظهره ورقبته.

2-4 لم يفتأ صاحب البلاغ عن إنكار هذه الرواية، وهو يصر على أنه، في 10 كانون الثاني/يناير 1998، غادر المرقص بين الساعة الثانية والثانية والنصف صباحا، وقفل راجعا إلى بيته في موستوليس بمدريد لأنه كان مريضا. وقد اصطحبه إلى البيت كل من بنيامين سانز كرانزا، ومانويلا فيدال راميراز، وامرأة أخرى. وحين وصل إلى البيت في حوالي الساعة الثالثة والربع صباحاً طلب من المقيم معه حبة أسبيرين ولزم فراشه طوال اليوم التالي. وصاحب البلاغ يعرف الضحية لأنه كان يرتاد المرقص مرارا ويعتبره شخصاً عنيفاً. ويروي صاحب البلاغ أن السيد رودريغيز سبق له أن تجادل مع خوليو بيريز صاحب المرقص في 5 كانون الأول/ديسمبر 1987 فأشهر في وجهه سكينا. وقال صاحب البلاغ أثناء المحاكمة إن الاعتداء على السيد رودريغيز في 10 كانون الثاني/يناير 1998 لا يعدو أن يكون تصفية حسابات بين الضحية وشخص آخر من الوسط الذي ينتمي إليه.

2-5 وقـد بادر كل مـن المدعي العام وصاحب البلاغ أثناء المحاكمة إلى دعوة الشهود لدعم رواية كل منهما (1) .

2-6 ويقول المحامي إن صاحب البلاغ لم يقدم طلباً باستئناف الحكم (إنفاذ الحقوق الدستورية) لاعتقاده أن الاستئناف كان سيقابل بكل بساطة بالرفض، نظراً لأن حق الطعن غير وارد في المواد من 14 إلى 38 من الدستور الإسباني، وبالأخص في الفقرة 2 من المادة 24 منه. وبادر لاحقا بتقديم ادعاءات إضافية ذاهباً إلى أن رفض المحكمة الدستورية المتواتر لطلبات الانتصاف بإنفاذ الحقوق الدستورية جرّد سبيل الانتصاف هذا من أي فعالية. وهو يعتبر بناء على ذلك أن شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية قد استُنفد على النحو الواجب.

الشكوى

3-1 تتعلق شكوى صاحب البلاغ أساساً بالحق في الطعن طعناً فعالاً في الإدانة والعقوبة الموقعة. فهو يدعي بأن قانون الإجراءات الجنائية الإسباني يخل بالفقرة 5 من المادة 14 والمادة 26 من العهد ذلك أن المتهمين بأخطر الجرائم لا يتاح لهم بأن يُنظر في قضاياهم إلا من قبل قاضٍ واحد (قاضي التحقيق)، يشرف على إجراء جميع التحريات اللازمة، ويتولى إحالة القضية على المحكمة (الإقليمية) حين يرى أنها جاهزة للترافع بشأنها، وعندئذ يقوم ثلاثة قضاة بمتابعة الإجراءات وإصدار الحكم. ولا تتوفر منافذ قانونية واسعة لإخضاع قرار هؤلاء القضاة لإجراءات المراجعة القضائية. وليس هناك أي سبيل لإخضاع الأدلة لإعادة النظر من قبل محكمة النقض، بما أن قرار المحكمة الدنيا في الوقائع نهائي. وأما عن المدانين بجرائم أقل خطورة الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدة لا تتجاوز 6 سنوات فيجري في المقابل التحري في قضاياهم من قبل قاضِ واحد (قاضي التحقيق) يتولى إحالة القضية حين يرى أنها جاهزة للترافع بشأنها، على قاضٍ جنائي، يمكن الطعن في قراره أمام المحكمة الإقليمية، مما يفضي إلى إعادة النظر الفعلية ليس في تطبيق القانون فحسب بل في الوقائع أيضا.

3-2 ونظراً لأن المحكمة العليا لا تعيد النظر في الأدلة، اشتكى المحامي من أن ما سبق يمثل انتهاكا لحق الفرد في إخضاع إدانته والحكم عليه للمراجعة من قبل محكمة أعلى وفقا للقانون. وفي هذا السياق، استشهد محامي صاحب البلاغ القرار الصادر في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 والرافض لطلب المراجعة القضائية المقدم باسم السيد سيزاريو غوميز فاسكيز، الذي جاء في مستنده الأول:

"... وحيث إنه لا بد مـن الإشارة أيضا إلى أن مثل هذه الأدلة يجب أن تستعرض فقط من قبل المحكمة ad quo دون سواها وفقا لأحكام المادة 741 من قانون الإجراءات الجنائية.

"... فإن المستأنف يقر إذاً بأن هناك قسطاً كبيراً من الأدلة لدى الادعاء، وهو لا يطالب إلا بتفسير هذه الأدلة حسب وجهة نظره - وهذا النهج غير مقبول عند طرح قرينة افتراض البراءة، فإذا ما سمح بذلك لتغيرت طبيعة المراجعة القضائية لتصبح استئنافا ...".

وجاء في مستنده الثاني:

" [وفي هذه الحالة القائمة على] ... مبدأ أن الشك يفيد المتهم، فإن النتيجة هي أيضا الرفض، لأن المشتكي ينسى أن هذا المبدأ لا يمكن أن يخضع لإعادة النظر لسبب واضح ألا وهو أن القيام بذلك قد يعني إعادة النظر في الأدلة، ومثل هذا الاستعراض كما قلنا مرارا وتكرارا، هو أمر غير مقبول".

3-3 وذكر المحامي أيضا أن وجود إجراءات تظلم تختلف بحسب خطورة الجرم المقترف، ينطوي على معاملة تمييزية للأشخاص المدانين بالقيام بأعمال إجرامية خطيرة، وفي ذلك انتهاك للمادة 26 من العهد.

3-4 وذكر صاحب البلاغ أن بلاغه لم يعرض على إجراء دولي آخر للتحري فيه أو فضه.

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقاتها حول المقبولية، وتعليقات صاحب البلاغ

4-1 عند عرض الدولة الطرف لملاحظاتها وتعليقاتها وفقا للمادة 91 من النظام الداخلي للجنة، طلبت من اللجنة أن تعلن أن البلاغ غير مقبول لعدم استيفائه للمتطلبات الواردة في الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أي لعدم استنفاده بعد لسبل الانتصاف المحلية نظرا لأن صاحب البلاغ لم يتظلم إلى المحكمة الدستورية. واستشهدت الدولة الطرف في هذا السياق بموقف اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان التي رفضت بانتظام إضفاء المقبولية على القضايا التي تكون إسبانيا طرفا فيها ما لم يثبت طلب الانتصاف (إنفاذ الأحكام الدستورية "أمبارو"). وتعللت الدولة الطرف أيضا بأن دفاع صاحب البلاغ غير متسق، ذلك أن المحامي ذكر في مرحلة أولى أنه لم يطلب الانتصاف بإنفاذ الحقوق الدستورية لأن هذا الحق في التظلم لا يحميه الدستور الإسباني، ثم بادر لتصحيح ذلك الادعاء في مرحلة ثانية مدعياً أن عدم قيامه بطلب الانتصاف بإنفاذ الحقوق الدستورية مردّه رفض المحكمة الدستورية المتكرر لمثل هذه التظلمات. وقالت الدولة الطرف إن هذا البلاغ غير مقبول لعدم استنفاده لسبل الانتصاف المحلية، لأن هذه المسألة لم تعرض قطّ على المحاكم الإسبانية.

4-2 وذكرت الدولة الطرف أن القضية غير مقبولة لأن صاحب البلاغ أساء إنفاذ حقه في تقديم بلاغ، فمآله مجهول بما يجعله بعيدا عن طائلة القانون. وعبرت الدولة الطرف في الأخير عن ارتيابها إزاء حق المحامي في تمثيل صاحب البلاغ، فليس للمحامي ما يكفي من سلطان لذلك، وهو لم يسع للحصول على إذن محامي الدفاع السابق.

5-1 وأقر المحامي بما ذكره في عرضه الأول من عدم إتاحة سبل انتصاف فعالة أمام المحكمة الدستورية، وحين أدرك هفوته أضاف في عرضه الإضافي أن سبل الانتصاف المذكورة ليست في المقابل فعالة لأن المحكمة الدستورية رفضتها مرارا (حكم المحكمة الدستورية مرفق)، وأشار إلى السوابق القضائية للجنة في هذا الخصوص (2) .

5-2 واعترف المحامي بأن مآل صاحب البلاغ مجهول بالفعل، مؤكدا على أن ذلك لم يمنع اللجنة في السابق من النظر فيما عرض عليها من قضايا أخرى مشابهة. وقد أعرب المحامي فيما يتصل بارتياب الدولة الطرف إزاء أحقيته في تمثيل موكله، عن أسفه لعدم كشف الدولة الطرف بوضوح عما يدعو لارتيابها.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة في دورتها الحادية والستين في شهر تشرين الأول/أكتوبر 1997، في مقبولية البلاغ. وأكدت وفقا لما ورد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أنه لم يسبق النظر في مثل هذه الحالة ضمن إجراء دولي آخر للتحري فيها أو فضها.

6-2 وأحاطت اللجنة علما بأن الدولة الطرف قد طلبت رد البلاغ بحجة عدم استنفاده لسبل الانتصاف المحلية. واستندت اللجنة إلى سوابقها القضائية التي أفضت في عدة مناسبات إلى أن سبل الانتصاف المحلية يجب أن تكون وفقا للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فعالة ومتاحة. وقالت ردا على تحجج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يطلب الانتصاف بإنفاذ الحقوق الدستورية لدى المحكمة الدستورية، إنها تحيط علما بأن هذه المحكمة ما انفكت ترفض طلبات مماثلة لإنفاذ الحقوق الدستورية "أمبارو". وخلصت اللجنة نظراً لملابسات القضية، إلى أن سبل الانتصاف إذا ما كانت حظوظها في النجاح ضئيلة فكأنما لا وجود لها، ولا حاجة حينئذ لطرحها حسبما ينص عليه البروتوكول الاختياري. ومن هذا المنطلق تعتبر اللجنة أن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من لبروتوكول الاختياري لا تشكل حاجزا يحول دون النظر في الشكوى، التي من شأنها أن تثير مسائل تتصل بالفقرة 5 من المادة 14، والمادة 26 من العهد.

تعليقات الدولة الطرف حول الوقائع الموضوعية وردود صاحب البلاغ

7-1 أعادت الدولة الطرف في 31 أيار/مايو 1999 عرض رأيها فيما يتصل بعدم مقبولية الشكوى لأن المسائل المطروحة على اللجنة لم تطرح على المستوى الوطني. وهي تعتقد أن الطعون المحلية (3) فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للفقرة 5 من المادة 14 وللمادة 26 من العهد لم تقدم في موعدها ولا بالشكل السليم، فكان ذلك سببا لرفضها.

7-2 وذكر محامي الدولة أن الادعاءات المقدمة إلى اللجنة مجردة ولا ترمي إلا لتعديل القانون ككل، وهي غير متعلقة بالتحديد بالسيد غوميز فاسكيز، ومن ثمة لا يصح وصف هذا الأخير بأنه ضحية. ومن هذا المنطلق، ونظراً لعدم وجود ضحية وفقا للمادة 1 من البروتوكول الاختياري، فإن الدولة الطرف ترى عدم جواز قبول القضية.

7-3 كما ذكر محامي الدولة أنه يتعين رفض القضية لأن السيد غوميز فاسكيز بعيد عن طائلة القانون وفارُّ من العدالة، سيما أن قاعدة "الأيدي النظيفة" قد انتهكت. ويرى محامي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، نظراً لأن الشكوى لم تعرض أمام الهيئات القضائية الوطنية، ما له أن يكون ضحية لانتهاك لحقوق الإنسان، وخاصة لأن هذا الانتهاك لم يطرح على المستوى المحلي، وكذلك لأن الوقائع التي أثبتتها السلطة القضائية حظيت بقبول جلي.

7-4 وأكد محامي الدولة أن صاحب البلاغ ما كان ليطلب مراجعة كامل الإجراءات القضائية إلا بعد تعيين محام جديد. ويدعي أيضا بأن تعيين المحامي للمثول أمام محفل دولي لا يستقيم من حيث الشكل. وأشار محامي الدولة إلى أن صاحب البلاغ قام بتعيين محاميه على الصعيد المحلي عن طريق وثيقة رسمية، فكيف يقوم بذلك على الصعيد الدولي باعتماد مجرد ورقة بسيطة.

7-5 وأما عن الادعاء بانتهاك المادة 26، فإن الدولة الطرف قد بقيت على رأيها الذي ذكرته أثناء إثارة مسألة المقبولية حين جرت مقارنة فئتين مختلفتين من الجرائم: أخطرها بأقلها خطورة. وفي هذا الصدد، أعربت الدولة الطرف عن اعتقادها بأنه لا يمكن أخذ التباين في التعامل مع كل من هاتين الفئتين من الجرائم مأخذ معاملة تمييزية.

7-6 وأما عن انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 في قضية صاحب البلاغ، فإن الدولة الطرف ذكرت شارحة أن محامي صاحب البلاغ لم يكتف بعدم إثارة مسألة عدم استنفاد الطعون أو عدم استيفاء مراجعة الإجراءات عند طلب المراجعة، بل إنه أقر بنفسه بالإضافة إلى ذلك في بلاغه المقدم للمحكمة العليا أن: "طلب قرينة دستورية بالبراءة لا يرمي إلى إزاغة الطعن عن مراميه أو إلى تشويه مقاصده، بتحويله إلى إجراء قضائي إضافي". ومع ذلك، فإن صاحب البلاغ لم يقدم طلبا للمحكمة الدستورية لإنفاذ الحقوق الدستورية "أمبارو"بعد رفض الطعن في 9 كانون الأول/ديسمبر 1993، ولكنه قام بدلا من ذلك في 30 كانون الأول/ديسمبر بطلب عفو من وزارة العدل، وأكد في اعتراضه الأول أن: "سلوك الموقع أدناه كان دائما مثاليا، باستثناء الجريمة المقترفة والتي لا تعدو أن تكون حادثا عرضيا في حياته، أبدى عليه ندما عميقا". وأكد صاحب البلاغ أيضا في عرض قدمه لمحكمة طليطلة في 14 كانون الثاني/يناير 1994 أن: "الجريمة المحكوم عليه بسببها لا تعدو أن تكون حادثا عرضيا في حياته، وأنه قد أبدى في كل الأوقات رغبة مخلصة وصادقة للاندماج في المجتمع من جديد". وعلى هذا الأساس تعتبر الدولة الطرف أنه لا مجال للجدال بشأن وجود انتهاك للعهد، ما دام صاحب البلاغ قد قبل بالوقائع كما أثبتتها المحاكم الإسبانية0

8-1 وفي رد على ادعاءات الدولة الطرف مؤرخ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، لم يأخذ محامي صاحب البلاغ بما ذهبت إليه الدولة الطرف من أن البلاغ مجرَّد وأن صاحب البلاغ ليس له صفة الضحية، لأن هذا الأخير خضع للحكم على أساس أدلــة متضاربة ولم تتـح له الفرصة ليطلب مراجعة هذه الأدلة أو إعادة تقييمها من قبل محكمة أعلى، وفي ذلك اقتصار على النظر في الجوانب القانونية للحكم دون سواها.

8-2 ورفض محامي صاحب البلاغ تشكيكَ الدولة الطرف في حقه في تمثيل موكله، لأنه قد استأذن من الممثل السابق للسيد غوميز فاسكيز قبل مباشرة الدفاع عنه على الصعيد الدولي. وأضاف مؤكدا على عدم وجود أي شيء في العهد ولا في البروتوكول الاختياري ولا في السوابق القضائية للجنة يستوجب إنفاذ تمثيل المحامي لموكله من خلال وثيقة صادرة عن موظف حكومي رسمي، وذكر أن ادعاء الدولة الطرف لا أساس له إطلاقاً.

8-3 وأما عن ادعاء محامي الدولة بأن المادة 26 ليست موضع جدل باعتبار وجود فئتين من الجرائم لا يتطلبان التعامل إزاءهما بنفس الشكل بموجب القانون، فإن محامي صاحب البلاغ يؤكد مجددا على أن الشكوى لا ترتكز على المعاملة التمييزية لفئتين مختلفتين من الجرائم، بل على حقيقة أن الأشخاص المدانين ضمن النظام القضائي الإسباني بأخطر الجرائم لا سبيل لهم لطلب مراجعة كاملة لإدانتهم وللأحكام الصادرة ضدهم، وفي ذلك انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

8-4 وأما عن التخلي المزعوم عن الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد النابع من صياغة وثيقة الطعن التي تخضع لاشتراطات نص عليها قانون الإجراءات الجنائية، فإن المحامي ساق بعض الملاحظات بشأن النظام الإسباني للطعون القضائية شرح فيها أن القبول بالحدود القانونية للطعون المقدمة للمحاكم هو شرط لا بد منه ولا يمكن من دونه قبول الطعن لاستعراضه ثم النظر فيه. وقال إنه لا مجال لاعتبار ذلك إقلاعا عن الحق في مراجعة الحكم بحذافيره. وأصر محامي صاحب البلاغ على أن محامي موكله أمام المحاكم المحلية لم يطلب إلا مراجعة جزئية مسموح بها بموجب القانون الإسباني، وفي هذه النقطة بالذات هناك انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. واستشهد محامي صاحب البلاغ في هذا الصدد بالسوابق القضائية للجنة (4) .

8-5 ومضى المحامي شارحا إنه لم يطلب من اللجنة استعراض الوقائع والأدلة المتصلة بالقضية، فهذه مسألة لا تدخل ضمن صلاحياتها، وهذا ما أكدت عليه الدولة أيضا، وإنما المطلوب منها هو مجرد التأكيد على ما إذا كان في مراجعة الحكم الذي أدين به صاحب البلاغ استجابة لمتطلبات الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وقال المحامي إن السوابق القضائية التي استشهدت بها الدولة الطرف، والتي تتمثل في 29 قرارا صادرا عن المحكمة العليا، لا علاقة لها البتة برفض الاستجابة لحق صاحب البلاغ في الانتصاف. ومع ذلك، فإن الإمعان في فحص نصوص هذه القرارات يظهر أنها تفضي إلى استنتاجات تتضارب مع ما تطالب به الدولة، ذلك أن أغلب هذه القرارات تقر بأن الطعون الجنائية تخضع لاشتراطات حازمة فيما يتصل بإمكانية مراجعة الأدلة المعروضة على المحكمة الابتدائية. كما أن القسم الجنائي للمحكمة العليا لا يراجع استعراض الأدلة الذي قامت به المحكمة الابتدائية في أي من هذه القضايا إلا إذا حدث انتهاك للقانون أو ثبت تباعد الأدلة التي قد تدعم وجود انتهاك لحق قرينة البراءة، أو إذا ما كانت الملاحظات بشأن الوقائع التي سيقت ضمن الحكم تتضارب مع الوثائق التي تثبت الخطأ.

8-6 وتدعي الدولة الطرف أن الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لا تتطلب بالضرورة أن يسمى الاستئناف بطلب المراجعة بالتحديد استئنافا بطلب الطعن، وقالت إن الطعن الجنائي الإسباني يستجيب تماما للمتطلبات في الهيئات التي تلي المحاكم الابتدائية حتى وإن كانت لا تتيح مراجعة الأدلة إلا في حالات قصوى ينص عليها القانون. ونظراً لما تقدم، يرى المحامي أن الإجراءات الجنائية المتبعة إزاء موكله، والحكم الذي أدانه بالخصوص، بطلت بسبب انعدام سبل المراجعة الكاملة للجوانب القانونية والوقائعية، بما أدى إلى حرمان صاحب البلاغ من الحق الذي تضمنه المادة 26 من العهد (5) .

النظر في الوقائع الموضوعية

9- نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المعروضة عليها من قبل الطرفين، وفقا لأحكام الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

استعراض المقبولية

10-1 وأما عن دعوى الدولة الطرف بعدم مقبولية القضية بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فإن اللجنة آثرت باستمرار الأخذ بالرأي القائل بأن الانتصاف لا يجب أن يستنفد بالضرورة إذا ما كانت حظوظه في النجاح ضئيلة. وتجدر الإشارة إزاء القضية قيد النظر، إلى السوابق القضائية للمحكمة الدستورية الإسبانية المتكررة والحديثة الرافضة لطلبات إنفاذ الأحكام الدستورية "أمبارو" فيما يتصل بالإدانة والحكم. ولذلك تعتبر اللجنة أنه لا شيء يحول دون النظر في الوقائع الموضوعية تماشيا مع موقفها إزاء تقدير مقبولية هذه القضية في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

10-2 وأما عن شكوى الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ ليس ضحية بدعوى أن الهدف الذي ينشده محاميه هو تعديل القانون الإسباني، مما يحول دون قبول القضية، فإن اللجنة تشير إلى أن صاحب البلاغ قد أدين من قبل محكمة إسبانية، وأن القضية المعروضة عليها لا تتصل بتعديل القانون الإسباني في المطلق وإنما تعنى بتحديد ما إذا كان إجراء الاستئناف فيما يتصل بقضية صاحب البلاغ توفـر له الضمانات المنصوص عليها في العهد. ولذا تعتبر اللجنة أنه يمكن اعتبار صاحب البلاغ ضحية طبقا لمتطلبات المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

10-3 وأما عن شكوى الدولة الطرف القائمة على أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لأن صاحبه أساء استعمال حقه في تقديم الشكوى لأنه لم يقض فترة السجن المحكوم عليه بها ولأنه ما زال فاراً من العدالة منتهكا بذلك القانون الإسباني، فإن اللجنة تؤكد مجددا (6) على موقفها القائم على اعتبار أن صاحب البلاغ لا يفقد حقه في تقديم شكوى وفقا للبروتوكول الاختياري لمجرد أنه لم يمتثل تماما لأمر صدر ضده من قبل سلطة قضائية لدولة طرف رفعت الشكوى ضدها.

10-4 وأما عن الحجة الأخيرة التي استندت إليها الدولة الطرف في ادعائها بعدم مقبولية القضية، ومفادها أن محامي صاحب البلاغ لا يحق له تمثيل موكله أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، فإن اللجنة وإذ تحيط علما بهذا الادعاء، تؤكد مجددا على أنه لا وجود لأي متطلبات محددة بشأن التمثيل أمامها، وأن الدولة الطرف لا تشك فيما إذا كان محامي السيد غوميز فيلاسكيز يمثل موكله أم لا، بل فيما إذا كانت بعض الشروط غير المطلوبة في العهد مستوفاة فحسب. واعتبرت اللجنة على هذا الأساس أن محامي صاحب البلاغ يتصرف وفقاً لما طلبه منه المدعي، وأنه يمثل من ثمة موكله بصفة مشروعة.

المسائل الموضوعية

11-1 وأما عما إذا كان صاحب البلاغ ضحية لانتهاك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد نظراً لأن إدانته والحكم عليه لم يخضعا إلاّ لمراجعة المحكمة العليا بناء على إجراء وصفه محاميه بأنه مراجعة قضائية غير مكتَمَلة، استنادا إلى المعايير الواردة في المادة 876 وما تلاها من قانون الإجراءات الجنائية، فإن اللجنة تحيط علما بادعاء الدولة الطرف القائمة بأن العهد لا يعتبر المراجعة القضائية طعنا. وتشير اللجنة في الوقت ذاته إلى أن الانتصاف، وبغض النظر عن التسمية التي قد يحملها، يجب أن يأخذ بالمتطلبات الموصوفة في العهد. وحيث إن المعلومات والوثائق المقدمة من الدولة الطرف لا تدحض شكوى صاحب البلاغ من أن إدانته والحكم عليه لم يخضعا للمراجعة الكاملة، فإن اللجنة تخلص إلى أن انعدام الآفاق أمام إعادة المراجعة الكاملة لإدانة صاحب البلاغ والحكم عليه، وقد أشير إلى ذلك في القرار المذكور في الفقرة 3-2، نظراً لأن المراجعة لا تشمل إلا جوانب الإدانة الشكلية أو القانونية، يفضي إلى الاستنتاج بأن الضمانات المنصوص عليها في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد لم تراع. وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار أن صاحب البلاغ قد حرم من حقه في إخضاع إدانته والحكم عليه للمراجعة، وفقا للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

11-2 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك المادة 26 من العهد نظرا لأن النظام الإسباني يفسح المجال لعدة أصناف من سبل الانتصاف بحسب خطورة الجرم المقترف، فإن اللجنة ترى أن اختلاف أساليب التعامل باختلاف الجرائم المقترفة لا يُشكل بالضرورة معاملة تمييزية. وتعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه بانتهاك المادة 26 من العهد بتقديم وقائع موضوعية.

12- وترى لجنة حقوق الإنسان، استنادا إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 إزاء السيد سيزاريو غوميز فاسكيز.

13- ووفقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يكون صاحب البلاغ مؤهلاً لسبيل انتصاف فعال. ولا بد من استبعاد إدانة صاحب البلاغ ما لم تخضع للمراجعة وفقا للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. والدولة الطرف ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.

14- إن اللجنة، إذ تضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري لتصبح طرفا فيه، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وأن الدولة الطرف وفقا للمادة 2 من العهد تتعهد بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبتوفير سبيل تظلم فعال وقابل للتنفيذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك ما، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وصَدَر أيضا في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير].

الحواشي

(1) شهود صاحب البلاغ أثناء المحاكمة هم رفيقته والمقيم معه، وكان واضحا أن لهما علاقة وثيقة به، بينما كان شهود المدعي العام قد تعرفوا على المتهم بمظهره فحسب .

(2) البلاغ رقم 445/1991، ليندن شامبَين، وبالمر، وتشيزولم ضد جامايكا. الآراء المعتمدة في 18 تموز/يوليه 1994.

(3) استنادا إلى المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف، ينطبق هذا فقط على طلب التظلم لإنفاذ الحقوق الدستورية "أمبارو"، حتى وإن كان الجمع "طعون" يستعمل أحيانا للدلالة على ذلك.

(4) البلاغات من 623 إلى 626/1995، قضية دوموكوفسكي وآخرون ضد جورجيا، الآراء المعتمدة في 6 نيسان/أبريل 1998.

(5) استشهد محامي صاحب البلاغ في هذا الصدد بمعلومات وردت في الصحافة تتطرق لجزء من مذكرة قضائية صدرت سنة 1998 عن المحكمة الفاسكية القضائية العليا تنص على أن المحكمة القضائية العليا لبلاد الباسك تعتبر أن الحاجة إلى الإحالة إلى الهيئات العليا بعد المحاكم الابتدائية فيما يتصل بالقضايا الجنائية أمر لا خلاف فيه، فما من شك، في رأيها، في أن القصور لا يتم تجاوزه بمجرد التظلم.

(6) البلاغ رقم 526/1993، قضية هيل ضد إسبانيا ، الآراء المعتمدة في 2 نيسان/أبريل 1997 .

ياء - البلاغ رقم 711/1996، دياس ضد أنغولا

(اعتمدت الآراء في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من: كارلوس دياس

الشخصان المدعى أنهما ضحيتان: صاحب البلاغ وكارولينا دي فاتيما دا سيلفا فرانسيسكو

الدولة الطرف : أنغولا

تاريخ البلاغ : 28 آذار/مارس 1996 (تاريخ البلاغ الأول)

تاريخ قرار المقبولية : 20 آذار/مارس 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 آذار مارس 2000،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 711/1996 الذي قدمه السيد كارلوس دياس الى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد كارلوس دياس، وهو مواطن برتغالي. ويقدم البلاغ بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن كارولينا دي فاتيما دا سيلفا فرانسيسكو، وهي مواطنة أنغولية قتلت في 28 شباط/فبراير 1991. ولا يستشهد صاحب البلاغ بأي من مواد العهد. وقد بدأ نفاذ العهد، والبروتوكول الاختياري الملحق به بالنسبة لأنغولا، في 9 شباط/فبراير 1992.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يملك صاحب البلاغ منشأة تجارية في أنغولا، ولهذه المنشأة مكتب رئيسي في لواندا. وفي شباط/فبراير 1991، كان يقوم بعمل تجاري خارج لواندا بينما بقيت شريكته في العمل ورفيقته كارولينا دا سيلفا في المكتب الرئيسي في لواندا. وقد قُتلت ليلة 28 شباط/فبراير 1991. وعاد صاحب البلاغ من رحلته في صباح اليوم التالي. وعُثر على الحارس المكلف بالحراسة مصاباً بإصابات بالغة، وتوفى فيما بعد متأثراً بجراحه. ووجدت الخزنة مفتوحة وقد سُرق منها مبلغ ضخم من المال.

2-2 ويذكر صاحب البلاغ أن الشرطة الأنغولية لم تُجر على الاطلاق تحقيقاً جدياً في جريمة القتل على الرغم من تقديمه عدة طلبات عاجلة لهذا الغرض. ولذلك قرر صاحب البلاغ أن يبدأ إجراء عمليات استقصاء خاصة به، ونشر في بداية عام 1993 سلسلة من الاعلانات في الصحف اليومية في أنغولا وفي بلدان أخرى، على الرغم من أن السلطات الأنغولية رفضت منحه الاذن بنشر هذه الاعلانات، وهددته فعلياً إذا هو فعل ذلك. وعقب نشر الاعلانات، تسنى لصاحب البلاغ الاتصال بشاهدة عيان للجريمة.

2-3 وشاهدة العيان هذه مواطنة أنغولية ولدت في 16 حزيران/يونيه، 1972 وقد ذكرت في بيان أدلت به في ريو دي جانيرو في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، أنها كانت في ذلك الوقت حبيبة فيكتور ليما، مستشار رئيس أنغولا المسؤول عن الشؤون الدولية. وفي مساء 27 شباط/فبراير 1991، جاء السيد ليما لاصطحابها في نزهة بسيارته. واصطحبا بعدئذ في تلك الليلة أربعة من أصدقائه. ووفقاً لما أدلت به الشاهدة فإن الرجال الخمسة بدأوا يشتكون من الأنغوليين الذين يعملون لحساب البيض، وقالوا إنهم سيتخلصون من "تلك الفتاة السوداء التي تعمل مع البيض". وبعد برهة توقفوا أمام أحد المساكن، وفتحت الباب إمرأة سوداء لا تعرفها الشاهدة لكن من الواضح أنها كانت تعرف السيد ليما وأصدقاءه. ودخلوا الى المسكن وتناولوا مشروبات ثم قال الرجال إنهم يريدون التحدث الى المرأة على انفراد، واختلوا إثر ذلك في غرفة جانبية. وبقيت الشاهدة حيث كانت. وبعد برهة سمعت أصواتاً عالية ثم بدأت المرأة تصرخ. وتملك الخوف الشاهدة وأرادت الفرار، لكن الحارس منعها من المغادرة. ثم اتخذت لنفسها مكاناً في الغرفة تستطيع منه رؤية ما يحدث، ورأت الرجال يغتصبون المرأة. ثم قام السيد ليما، آخر من اغتصبوها، بلي عنقها بشدة وكسره. ولدى مغادرة المبنى، هدد الرجال الشاهدة آمرين إياها بألا تبوح على الاطلاق بما رأته. وبعد فترة قصيرة من ذلك غادرت الشاهدة أنغولا بدافع الخوف.

2-4 وكانت شقيقة الشاهدة متزوجة من مفتش بجهاز الأمن التابع لوزارة الداخلية الأنغولية. وهو يؤكد في بيان أدلى به في ريو دي جانيرو في 15 أيلول/سبتمبر 1993 أن كاورلينا دا سيلفا وضعت تحت المراقبة من جانب جهاز الأمن، وكان السبب الرسمي الذي قدم لذلك هو الاشتباه في تزويدها حكومة جنوب أفريقيا بمعلومات سياسية - عسكرية من خلال اتصالاتها مع البيض، لكن السبب الحقيقي حسبما ورد في بيان زوج شقيقة الشاهدة هو أن الضحية رفضت الاستجابة لمطارحات العشق التي بدرت من السيد جوزيه ماريا، رئيس جهاز الأمن بمكتب رئيس الجمهورية، والمدير الوطني لجهاز الأمن.

2-5 ويذكر صاحب البلاغ أن زوج شقيقة شاهدة العيان، وهو المفتش الذي أدلى بالبيان المشار إليه أعلاه، قد اختفى من ريو دي جانيرو في 21 شباط/فبراير 1994.

2-6 وأبلغ صاحب البلاغ رئيس جمهورية أنغولا ما اهتدى إليه من اكتشافات في رسالة وجهها إليه محاميه موضحـاً فيها أن مرتكبي الجريمة هم من الدائرة الضيقة لكبار المسؤولين المحيطة بالرئيس. وفي 8 آذار/مارس 1994، عُقد اجتماع مع القنصل الأنغولي في ريو دي جانيرو أبلغ فيه القنصل صاحب البلاغ بأن الحكومة قد توفد بعثة إلى ريو دي جانيرو، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث. وفي 19 نيسان/أبريل 1994، ذكر المستشار القضائي لرئيس الجمهورية في رسالة موجهة إلى محامي صاحب البلاغ أنه يدرك مدى ضرورة الإسراع في تسوية القضية. وفي 26 حزيران/يونيه 1994 عقد اجتماع في لشبونه بين المستشار القضائي وسكرتير مجلس الوزراء من ناحية، وصاحب البلاغ ومحاميه، من ناحية أخرى. ومع ذلك، لم يتحقق، على ما يبدو، مزيد من التقدم. وفي 8 أيلول/سبتمبر 1994، أصدرت وزارة الداخلية الأنغولية بياناً رسمياً ذكرت فيه أن الشرطة تطعن في الإعلانات المتعلقة بوفاة كارولينا دا سيلفا واتهمت صاحب البلاغ بمحاولة رشوة الحكومة.

2-7 ومنذ ذلك الوقت، واصل صاحب البلاغ، دون جدوى، محاولة تقديم مرتكبي جريمة القتل إلى العدالة. وفي آذار/مارس 1995، رفع دعوى مدنية ضد أنغولا أمام محكمة لشبونه المدنية من أجل استرداد ديون مستحقة له. وفي تموز/يوليه 1995، رفع دعوى أمام محكمة لشبونه الجنائية ضد مرتكبي جريمة القتل، مستنداً بشكل واضح إلى المادة 6 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

2-8 ووفقاً لصاحب البلاغ، فإن قتل رفيقته عمداً قد حدث بتخطيط من قائد الحرس الجمهوري ونائب وزير الداخلية، ووزير أمن الدولة، ووزير الشؤون الخارجية. ويذكر في هذا الخصوص أنه كان قد جرى القبض على كارولينا دا سيلفا في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1990، وظلت محتجزة لمدة 36 ساعة لأنها رفضت أن تفتح خزنة مؤسسة الأعمال التي يملكها صاحب البلاغ.

2-9 ويذكر صاحب البلاغ أنه منذ ارتكاب جريمة القتل لم يعد باستطاعته العيش في أنغولا وأداء عمله التجاري فيها بسبب ما يتعرض له من تهديدات، وأنه غادر أنغولا تاركاً ممتلكاته (عقار، وأثاث، وسيارات). ولم يستطع رفع دعوى أمام المحاكم الأنغولية لرفض المحامين قبول القضية لأنها تتعلق بمسؤولين حكوميين. ويذكر في هذا السياق أن المحامي الذي كان يمثل والدة كارولينا قد عدل عن تولي الدفاع في القضية في 15 آذار/مارس 1994.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ أن أنغولا انتهكت العهد لأنها لم تحقق في الجرائم التي ارتكبت، ولأنها تبقي على المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم في مناصب رفيعة، وتضايق بصفة مستمرة صاحب البلاغ والشاهدين بحيث لا يمكنهما العودة إلى أنغولا، وكانت نتيجة ذلك بالنسبة لصاحب البلاغ هي فقد ممتلكاته. ويقول صاحب البلاع إنه بالرغم من أن جريمة القتل العمد حدثت قبل بدء نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به في أنغولا، فإن الانتهاكات المذكورة أعلاه ما فتئت تؤثر على صاحب البلاغ والشاهدين.

قرار اللجنة المتعلق بجواز القبول

4- أحال المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة التابع للجنة المعنية بحقوق الإنسان، بمقرره المؤرخ في 6 آب/أغسطس 1996، البلاغ إلى الدولة الطرف طالباً منها بموجب المادة 91 من النظام الداخلي أن تقدم معلومات وملاحظات فيما يتعلق بجواز قبول البلاغ. ولم تقدم الدولة الطرف هذه المعلومات على الرغم من توجيه عدة رسائل تذكير لها في هذا الصدد، كان آخرها في 17 أيلول/سبتمبر 1997.

5-1 ونظـرت اللجنة في دورتها الثانية والستين في جواز قبول البلاغ. وتأكدت، حسبما تتطلب ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من عدم كون المسألة ذاتها محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-2 ولاحظت اللجنة أنها مُنعت من النظر في الادعاء المقدم بالنيابة عن الآنسة كارولينا دا سيلفا من حيث الاختصاص الزمني ((ratione temporis. ونظراً لعدم تلقي ملاحظات من الدولة الطرف فإنه لم تكن توجد في حدود علم اللجنة أية عقبات أخرى أمام جواز قبول البلاغ، ورأت اللجنة أن البلاغ المقدم بالنيابة عن السيد دياس يمكن أن يثير بمقتضى العهد مسائل ينبغي بحثها من حيث وقائعها الموضوعية.

6- وبناء على ذلك، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 20 آذار/مارس 1998 أن البلاغ مقبول.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

7- أحيل قرار اللجنة الذي يعلن أن البلاغ مقبول إلى الدولة الطرف في 1 أيار/مايو 1998 مشفوعاً بطلب تفسيرات أو بيانات توضح المسألة قيد البحث على أن تصل إلى اللجنة في موعد أقصاه 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. ولم ترد أية ايضاحات على الرغم من ارسال عدة رسائل تذكير إلى الدولة الطرف، آخرها في 24 حزيران/يونيه 1999. وتذكِّر اللجنة بأن البروتوكول الاختياري ينص ضمنياً على أن تتيح الدولة الطرف للجنة كافة المعلومات التي تحت تصرفها، وتأسف اللجنة لعدم تعاون الدولة الطرف في هذا الصدد. ويتعين في حالة عدم تلقي أي رد من جانب الدولة الطرف، أن تؤخذ ادعاءات صاحب البلاغ في الحسبان على النحو الواجب، وذلك بالقدر الذي أمكن به إثباتها بالأدلة.

8-1 ونظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات الكتابية الموفرة لها، وفقاً للمادة 5(أ) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وقدم صاحب البلاغ معلومات مؤداها أنه تعرض لمضايقة وتهديد من قبل سلطات الدولة الطرف عندما شرع نتيجة لعدم قيام الشرطة بتحقيق جدي، في استقصاء لملابسات جريمة قتل رفيقته، ووجد أدلة على أن مسؤولين حكوميين على مستوى عال متورطون في القتل. ولم تكذب الدولة الطرف على الاطلاق ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الصدد. وتلاحظ اللجنة أنه لم تجر منازعتها أيضاً في حقيقة أن أحد الشاهدين وهو ذاك الذي أدلى بأقوال إلى صاحب البلاغ عن جريمة قتل رفيقته، قد اختفى بعد وقت قصير من إدلائه بها.

8-3 وتشير اللجنة إلى اجتهادها الفقهي الذي مؤداه أن المادة 9(1) من العهد تحمي حق الفرد في الأمان على شخصه خارج إطار الحرمان الرسمي من الحرية أيضاً. وإن أي تفسير للمادة 9 من شأنه أن يسمح لدولة طرف بأن تتجاهل التهديدات التي يتعرض لها الأمن الشخصي للأفراد غير المحتجزين الخاضعين لولايتها، إنما يبطل تماماً فعالية الضمانات التي يكفلها العهد (1) . وقد ادعى صاحب البلاغ في هذه القضية أن السلطات ذاتها هي مصدر التهديدات. ولم يستطع صاحب البلاغ، كنتيجة للتهديدات الموجهة إليه، دخول أنغولا، وبالتالي، منع من ممارسة حقوقه. وإذا كانت الدولة الطرف لا تنكر التهديدات ولا تتعاون مع اللجنة في توضيح هذه القضية، فإنه ينبغي للجنة أن تأخذ في الحسبان على النحو الواجب ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الخصوص. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكات لحق صاحب البلاغ في الأمان على شخصه بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

9- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة أمامها تكشف عن انتهاكات للفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

10- وعلى الدولة الطرف، بمقتضى الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، التزام توفير سبيل فعال لتظلم السيد دياس وأن تتخذ التدابير المناسبة لحماية أمنه الشخصي من التعرض لأي نوع من التهديدات. وعلى الدولة الطرف التزام اتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وإن اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، لكونها أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث أو لم يحدث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لكل الأفراد الموجودين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن تقدم وسيلة انتصاف فعالة وقابلة للتنفيذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك، ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. كما يُطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والفرنسية وبالإنكليزية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضاً في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير].

الحاشية

(1) انظر آراء اللجنة المتعلقة بالقضية 195/1985، دلغادو بايس ضد كولومبيا، الفقرة 5-5، التي اعتمدت في 12 تموز/يوليه 1990، الوثيقة CCPR/C/39/D/195/1985.

كاف - البلاغ رقم 731/1996 مايكل روبنسون ضد جامايكا

( اعتمدت الآراء في 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون )* ( )

المقدم من : مايكل روبنسون

(يمثله السيد غراهام هنتلي من مؤسسة لوفل وايت دورانت للمحاماة ، لندن)

ا لشخص المدعي بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ البلاغ : 9 كانون الأول /ديسمبر 1996 (تاريخ البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آ ذ ار/مارس 2000،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 731/1996 المقدم إليها من السيد مايكل روبنسون بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو مايكل روبنسون، وهو مواطن من جامايكا كان في تاريخ تقديم البلاغ ينتظر تنفيذ عقوبة الإعدام في سجن دائرة سانت كاترين. ومنذ ذلك التاريخ، خُفّفت عقوبة الإعدام الصادرة بحقه إ لى عقوبة بالسجن المؤبـد . وهو يدعي بأنه ضحية انتهاك ارتكبته جامايكا للمواد 7 و10 والفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و3( ه‍ ) و5، من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله السيد غراهام هنتلي من مؤسسة لوفل وايت دورانت للمحاماة بلندن.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 أُدين صاحب البلاغ بقتل شي بانغ شان و حكمت عليه المحكمة الدورية المحلية في كينغستون، جامايكا، بالإعدام في 21 تشرين الثاني/نو فمبر 1991. وفي 16 أيار/مايو 1994، ر ُ فض الطلب المقدم من صاحب البلاغ لاستئناف حكم الإدانة والعقوبة الصادر بحقه أمام محكمة الاستئناف في جامايكا. واعتبرت محكمة الاستئناف أن جريمته هي جريمة يعاقب عليها بالإعدام وفقا ً للمادة 2(1)(د) (1) من قانون الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص لعام 1992 ، على أساس أن جريمة ال قتل قد ارتُكب ت أثناء عملية سطو . و بالتالي فقد أقرت محكمة الاستئناف حكم الإعدام. وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، رُفض الالتماس المقدم من صاحب البلاغ بأن يُمنح إذناً خاصاً للاستئناف أمام اللجنة القضائية التابعة ل لمجلس الملك ي الخاص . وفي نفس اليوم، أعادت محكمة الاستئناف النظر في تصنيف الجريمة وأكدت مرة أخرى أنها جريمة يعاقب عليها بالإعدام . وفي نفس اليوم أيضا، كتب محامي صاحب البلاغ إ لى الحاكم العام لجامايكا طالباً تخفيف العقوبة لأن صاحب البلاغ قد ق ضى خمس سنوات في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام ، و هو ما يشكل معاملة لا إ نسانية ومهينة تتعارض مع حقوقه المنصوص عليها في المادة 20 من دستور جامايكا. وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 1996، أُبلغ صاحب البلاغ بأن الحاكم العام لن ي خفف العقوبة . وبدلا ً من ذلك، صدر في اليوم نفسه أمر بتنفيذ حكم الإعدام في 19 كانون الأول/ديسمبر 1996. ولكن عقوبة الإعدام خُفّفت بعد ذلك الى عقوبة ب السجن المؤبد ة. وتُلي على صاحب البلاغ أمر يقضي بذلك في 4 تموز/يوليه 1997 ( 1 ) .

2-2 و كان شي بانغ شان قد توفي نتيجة لإصابته بطعنات أثناء عملية سطو جرت بعد ظهر يوم الأربعاء 27 حزيران/يونيه 1990 في شارع شيلا، بحي كوينزبور و ، في كينغستون، جامايكا . واستند الإدعاء ضد صاحب البلاغ الى أدلة ظرفية والى اعترافات المتهم.

2-3 وكانت عمة صاحب البلاغ، السيدة روبي كامبل، تقيم في مبنى في شارع ديانا، الذي تفصله أربع بنايات عن شارع شيلا حيث قُتل السيد شان. وقد شهدت بأن السيد شان، الذي كانت تعرفه منذ عدة سنوات وتربطها به تعاملات تجارية ، كان يأتي الى منزلها بعد ظهر الأربعاء من كل أسبوع تقريبا ، وكانت زياراته هذه تتصل ب سفرها إ لى ميامي في رحلات عمل . وفي تلك المناسبات، كان يعطيها في كثير من الأحيان مبالغ نقدية يسلّمها لها باليد لشراء حاجيات من ميامي أو يضعها داخل مظروف لكي توصله إلى عمّه هناك. وردا على سؤال حول ما إ ذا كان ت تتوقع حضور السيد شان بعد ظهر يوم الأربعاء الذي وقعت فيه الجريمة أجابت بأنه كان يأتي معظم أيام الأربعاء ولكنه ا لم ت كن تنتظر قدومه في ذلك اليوم على وجه ال تحديد . وشهدت كذلك بأن السيد روبنسون ظل يقيم في منزلها لفترة خمس سنوات حتى السنة السابقة لوقوع الحادث، وأنه كان يعلم تماما أن السيد شان قد اعتاد الحضور إ لى منزلها في أيام الأ ربعاء بعد الظهر.

2-4 و قد أفادت شاهدة عيان، هي السيدة فيكتوريا لي، بأنها رأت ال مجني عليه ورجلا أسود يتصارعان خارج منزلها في شارع شيلا، و أن الرجل الأسود كان يحاول، فيما يبدو، انتزاع مظروف من الرجل الآخر، وأنه طعنه ثم لاذ بالفرار.

2-5 وشهد عريف شرطة المباحث ماكفرسون بأنه توجه في 28 حزيران/يونيه 1990، أي بعد مقتل السيد شان بيوم، الى منزل صاحب البلاغ مرتين، مرة بمفرده ومرة بصحبة كبير مفتشي المباحث هيبرت، ووجدا في المكان قميصا وسروالا وحذاء، وقد بدت كل هذه الأشياء ملطخة بالدم. كما وجدا تحت خزانة الملابس في غرفة نوم صاحب البلاغ، كيسا من البلاستيك يحتوي على دولارات أمريكية وجنيهات استرلينية. وظهرت آثار دم على إحدى أوراق الدولارات. وشهد ماكفرسون بأن صاحب البلاغ أقر، عندما واجهه المفتش هيبرت بهذه الأشياء، بملكيته للملابس والحذاء ولكنه قال إنه لا يعلم شيئا عن الأوراق النقدية. وأدلى المفتش هيبرت بنفس الشهادة. وشهدت السيدة إيفون كروكشانك، أخصائية التحليل بمختبر الطب الشرعي الحكومي، بأن الفحص الذي أجرته أظهر أن الأشياء التي تم العثور عليها ملطخة بدماء من الفصيلة باء، وهي نفس فصيلة دم السيد شان ونحو 18 في المائة من سكان جامايكا.

2-6 وقالت شقيقة صاحب البلاغ، السيدة شرمين جونز، التي كانت وقت حدوث الجريمة تقيم في نفس منزل شقيقها، إن صاحب البلاغ كان يرتدي في صباح يوم 27 حزيران/يونيه 1990 نفس الملابس التي عثرت عليها الشرطة في وقت لاحق، وإنها لم تكن ملطخة بالدماء في ذلك الحين. وبالإضافة الى ذلك، شهدت السيدة جونز بأن صاحب البلاغ اعتاد على أن يحمل مدية يعلقها في سلسلة مفاتيحه، وأنه كان يحملها في صباح يوم 27 حزيران/يونيه 1990. وعندما اقتيد صاحب البلاغ الى مخفر شرطة ووترفورد، لم تكن المدية موجودة في سلسلة المفاتيح. وشهد عريف شرطة المباحث ماكفرسون بأن صاحب البلاغ قال إنه اعتاد على الاحتفاظ بمدية في سلسلة مفاتيحه ولكنها انكسرت قبل ذلك بثلاثة أيام حينما كان يستخدمها في تقشير ثمرة جوز الهند.

2-7 وشهد كبير مفتشي المباحث هيبرت والرقيب فورست بأن صاحب البلاغ، أثناء وجوده في 29 حزيران/يونيه 1990 في مخفر شرطة بريدجبورت وبحضوره شخصيا وأمام مساعد كبير مفتشي المباحث لورانس، وبعد إبلاغه بحقوقه حسب الأصول، قد اعترف بأنه طعن السيد شان واستولى على ماله. وسجل الرقيب فورست اعترافاً تفصيلياً وقع عليه صاحب البلاغ. وقد اعتُمد هذا الاعتراف كدليل وتمت تلاوته أمام هيئة المحلفين.

2-8 وأقسم صاحب البلاغ أنه لم يكن يعرف الشخص المتوفي ولم يسبق له على الإطلاق أن قابله في منزل عمته. وقال إنه لم يقم مع عمته إلا لفترة ستة شهور. وإنه في 27 حزيران/يونيه 1990 كان موجوداً في نادي كيماناس للسباق من الساعة الثانية عشرة ظهرا حتى الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر. وانكر ملكيته لأي من الأشياء التي عرضتها النيابة (الملابس والحذاء والأوراق النقدية) وقال إنه لم تكن لديه قط أية مدية ضمن سلسلة مفاتيحه. كما أنكر إدلاءه بأي اعتراف، شفهي أو مكتوب، وقال إنه لم يوقع على الاعتراف المنسوب إليه. وذكر أنه بعد وصوله إلى مخفر شرطة ووترفورد، أودع في زنزانة وقيل له "من الأفضل لك أن تبقى هنا بدلا من أن تصاب برصاصة". وقال إنه تعرض لاعتداء عنيف من جانب ضباط الشرطة في 29 حزيران/يونيه 1990 في الوقت الذي ادعى فيه الضابط هيبرت أنه أدلى باعترافه المكتوب ووقع عليه (2) .

2-9 ويحتج المحامي بأن جميع سبل الانتصاف المتاحة محليا قد استُنفدت لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ولئن كان الممكن نظرياً أن يرفع صاحب البلاغ دعوى دستورية، فإن ذلك غير متاح من الناحية العملية بالنظر إلى عدم استعداد الدولة الطرف أو عدم قدرتها على تقديم المساعدة القانونية اللازمة لرفع مثل هذه الدعوى وبالنظر الى الصعوبة البالغة في إيجاد محام جامايكي يقبل التطوع لتمثيل موكله في هذه الدعوى.

الشكوى

3-1 يدعي المحامي حدوث انتهاك للمادتين 7 و10 على أساس أن صاحب البلاغ ظل ينتظر تنفيذ حكم الإعدام لمدة تجاوزت خمس سنوات. وهو يحتج بأن "العذاب الناتج عن طول فترة ترقب وانتظار تنفيذ حكم الإعدام" هو من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وهو يشير هنا إلى الأحكام القضائية التي سبق أن أصدرها المجلس الملكي الخاص.

3-2 ويدعي المحامي كذلك حدوث انتهاك للمادتين 7 و10 على أساس ظروف حبس موكله في سجن دائرة سانت كاترين. فمن حيث الظروف العامة، أشار المحامي إلى تقارير مرصد أمريكا لحقوق الانسان، ومنظمة العفو الدولية، والمجلس الجامايكي لحقوق الإنسان. وتبين هذه التقارير أن السجن يأوي ضعف الأعداد التي كان من المقرر له أن يستوعبها عند بنائه في القرن التاسع عشر، وأنه لا توجد فيه أية أنواع من الأسرّة أو الأثاث، وأن هناك نقصاً حاداً في الصابون ومعجون الأسنان وورق المرحاض، وأن نوعية الأطعمة والمشروبات رديئة للغاية، ولا توجد أية ترتيبات للمحافظة على النظافة داخل الزنزانات وأن الفضلات متراكمة والمجارير مسدودة؛ ولا توجد أية إضاءة اصطناعية في الزنزانات بل مجرد فتحات صغيرة للتهوية يدخل ضوء النهار من خلالها؛ ولا تتاح أية فرص لعمل السجناء أو الترفيه عنهم، ولا يوجد طبيب ملحق بالسجن، بل يتولى الحراس ذوو التدريب المحدود للغاية معالجة المشاكل الطبية. وعلاوة على تقارير المنظمات غير الحكومية، أشار المحامي إلى إفادات السجناء التي ذكروا فيها أن السجن موبوء بأعداد كبيرة من الحشرات الطفيلية ولا سيما الجرذان والصراصير والبعوض وكذلك، اليرقات في الفترات المطيرة. وذكر السجناء أيضا أنه يجري إعداد الطعام والخبز في المطبخ والمخبز اللذين سبق أن اعتُبرا غير صالحين للاستخدام منذ عدة سنوات، وأنه يوجد في أحيان كثيرة نقص في الأدوية وأنهم لا يحصلون على الملابس الكافية؛ وقالوا أيضا إنه لا توجد أية اجراءات للنظر في شكاوى السجناء ، وإنه كثيرا ما يحدث تفكك في إدارة السجن وتنظيمه مما يؤدي الى بقاء السجناء لفترات طويلة داخل الزنزانات دون أن تتاح لهم إمكانية الوصول الى أماكن الاغتسال أو الأكل وإنهم يضطرون الى طلب الطعام مرارا حتى يؤتى به اليهم. ولم تُرفق بالشكوى هذه الأقوال التي أدلى بها السجناء.

3-3 ويزعم المحامي أن التأثير الخاص لهذه الظروف العامة على موكله هو أنه يبقى في زنزانته لمدة 22 ساعة يوميا وسط الظلام التام وبمعزل عن سائر السجناء دون أن يكون لديه ما ينشغل به لتمضية الوقت. وأشار المحامي بهذا الصدد الى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

3-4 ويدعي المحامي بأن توجيهات قاضي المحاكمة الى هيئة المحلفين وامتناعه عن استبعاد أدلة معينة هما أمران يبلغان حد الامتناع عن إقامة العدل وهو امتناع يشكل، طبقا للآراء السابقة للجنة، انتهاكا للفقرتين 1 و2 من المادة 14. وفيما يتعلق بتوجيهات قاضي المحاكمة إلى هيئة المحلفين، يزعم المحامي أن القاضي قد أضر بقضية صاحب البلاغ من النواحي التالية:

- لم يذكّر القاضي هيئة المحلفين بأن عدم وجود أي اعتراض على قبول الاعتراف كدليل هو أم غير ذي صلة بالقضية المطلوب من هيئة المحلفين الفصل فيها ، أي ما اذا كان الاعتراف مزورا أم لا؛

- لم يقدّم القاضي توجيهات إلى هيئة المحلفين بصدد ما ينص عليه القانون بشأن دفاع المتهم عن نفسه. وذلك فيما يتعلق بالوقائع التي يُزعم أن صاحب البلاغ قد اعترف بها، رغم أن صاحبالبلاغ قد استند في دفاعـه أثناء المحاكمة إلى حجة وجوده أثناء وقوع الجريمة في مكان آخر غير المكان الذي ارتكبت فيه؛

- لم يذكّر القاضي هيئة المحلفين بأوصاف المهاجم التي ذكرتها فيكتوريا لي وأودلي ويلسون (شهدت فيكتوريا لي بأن الرجل الأسود الذي رأته يطعن المجني عليه كان يرتدي قميصا أزرق، أو على الأقل قميصا فيه بعض اللون الأزرق، في حين أن القميص الذي ضبطته الشرطة كان أبيض وأسود. وذكر أودلي ويلسون، وهو شاهد عيان آخر، أن طول الشخص المهاجم يتراوح بين خمسة أقدام وثماني بوصات وخمسة أقدام وتسع بوصات، وهو طول صاحب البلاغ، ولكن تبين أثناء الاستجواب في المحكمة أنه ذكر في الجلسة الأولية أن طول الشخص المهاجم "يتجاوز الخمسة أقدام بقليل").

3-5 وفيما يتعلق بالدليل المتمثل في الاعتراف الشفهي والمكتوب الذي يزعم أنه صدر عن صاحب البلاغ رداً على أسئلة كبير المفتشين هيبرت، يحتج المحامي بأنه كان ينبغي استبعاد هذا الدليل على أساس أنه كان ينبغي أن توجّه الى صاحب البلاغ تهمة القتل قبل توجيه الأسئلة اليه. ويدعي كذلك بأنه كان ينبغي للقاضي أن يعيد النظر في مقبولية الاعتراف كدليل بعد أن استمع الى استجواب ضباط الشرطة المعنيين وبعد أن أدى صاحب البلاغ اليمين القانونية لدى الإدلاء بأقواله، على الرغم من حكمه السابق في هذه المسألة ومن حقيقة أن محامي الدفاع لم يعترض على قبول الدليل.

3-6 ويدعي المحامي حدوث انتهاك للفقرة 3 (ه‍) من المادة 14 على أساس أن الآنسة شرمين جونز والآنسة هيرما ريتشي، والأولى شقيقة صاحب البلاغ والثانية تقيم معها في نفس المسكن، كانتا مستعدتين للإدلاء بشهادتيهما لصالح صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف، ولكنهما لم تمثلا أمام محكمة الاستئناف لأنهما تعرضتا للتخويف من جانب الشرطة وقيل لهما إنهما ستُعتقلان إن هما مثلتا أمام المحكمة.

3-7 ويدعي المحامي حدوث انتهاك للفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و5 من المادة 14 على أساس أن اللورد جيفورد، محامي الدفاع أمام محكمة الاستئناف، قد أخطأ في مرافعته إذ قال إنه لا توجد أسس يحتج بها في قضية صاحب البلاغ وذكر، على عكس ما طلبه منه صاحب البلاغ، أن هذا الأخير قد وافق على هذا الرأي. (3) ويحتج المحامي بأن اللورد جيلفورد لم يثر النقطة المتعلقة بمعرفة ما إذا كان الاعتراف المشار إليه مزورا أم غير مزور. ويزعم المحامي بأن اللورد جيلفورد لم يبلغ المحكمة بأنه نصح صاحب البلاغ بالاستعانة بخبير في الخطوط للتأكد من التوقيع الموجود على المستند المشار اليه، وأن صاحب البلاغ كان يريد الاستعانة بهذا الخبير ولكن لم يكن لديه المال اللازم لذلك. وبالاضافة الى ذلك، يحتج المحامي بأن اللورد جيلفورد لم يطلب التأجيل لإتاحة الفرصة لجمع هذا المال.

3-8 ويدعي المحامي أيضا حدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 على أساس أن أصل الاعتراف المكتوب لم يتح لصاحب البلاغ أو لمحاميه قبل الالتماس الخاص المقدم الى المجلس الملكي، وبذلك فقد تعذر فحص أصل الاعتراف بشكل سليم من قبل خبير خطوط يكلفه المحامي بذلك. ويُحتج بأن على الدولة الطرف التزاما بالحفاظ على الأدلة التي يعتمد عليها في المحاكمة، وذلك على الأقل حتى استنفاد جميع سبل الطعن، وأنه حدثت مخالفة لهذا الالتزام في القضية قيد البحث مما أدى الى حرمان صاحب البلاغ من فرصة تقديم أدلة مادية جديدة إلى المحكمة.

المذكرة المقدمة من الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ عليها

4-1 لم تبد الدولة الطرف، في مذكرتها المؤرخة في 14 شباط/فبراير 1997، أية اعتراضات على قبول البلاغ، وعرضت ملاحظاتها استناداً إلى الأسس الموضوعية للقضية. وتنفي الدولة الطرف حدوث أية انتهاكات للعهد فيما يتعلق بقضية صاحب البلاغ.

4-2 وفيما يتصل بمزاعم انتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد على أساس "عذاب الانتظار" الذي عانى منه صاحب البلاغ لمدة خمس سنوات وهو ينتظر تنفيذ عقوبة الإعدام، تحتج الدولة الطرف بأن انتظار تنفيذ حكم الإعدام لمدة طويلة لا يشكل في حد ذاته معاملة قاسية ولا إنسانية. وتشير الدولة الطرف إلى الآراء السابقة المعتمدة من قبل اللجنة (4) .

4-3 وفيما يتعلق بمزاعم انتهاك الفقرتين 1 و2 من المادة 14 استناداً إلى تلخيص قاضي المحاكمة لملابسات القضية، ذكرت الدولة الطرف أن هذه مسألة لا تدخل في اختصاص اللجنة. وأشارت الى آراء اللجنة التي أعلنت فيها أنها لا تنظر إلا في مسألة ما اذا كانت هذه التعليمات تعسفية بشكل واضح أو تبلغ حدّ الامتناع عن إقامة العدل. وأوضحت الدولة الطرف أن أيا من هذين الاستثناءين لا ينطبق على قضية صاحب البلاغ.

4-4 أما الانتهاك الثاني المزعوم للمادة 14 فيتعلق بتصرف قاضي المحاكمة بشأن السماح بقبول اعتراف صاحب البلاغ، الشفهي والمكتوب، كدليل. وترى الدولة الطرف أن هذه المسائل تتعلق بالوقائع والأدلة التي ينبغي، حسب آراء اللجنة، تركها لمحاكم الاستئناف. وقالت إن محكمة الاستئناف قد نظرت بالفعل في هذه المسائل.

4-5 وفيما يتعلق بمزاعم انتهاك الفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و5 من المادة 14، على أساس أن المحامي الذي مثّل صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف لم يطلب، كما يُزعم، التأجيل من أجل جمع المال اللازم للاستعانة بخبير في الخطوط وأنه، بدلا من ذلك، أبلغ المحكمة بأنه ليس لديه ما يحتج به وأن صاحب البلاغ موافق على ذلك، ذكرت الدولة الطرف أن هذه المزاعم تقوم على أساس تأكيدات بشأن ماهية التعليمات التي صدرت وكيفية تنفيذها. وأوضحت أن هذه مسألة لا تدخل في نطاق مسؤولية الدولة: فالتزام الدولة الطرف يتمثل في تعيين محام مؤهل للدفاع عن المتهم ولكنها لا يمكن أن تعتبر مسؤولة عن الطريقة التي نفّذ بها التعليمات إذا لم تكن هناك أية دلالة على أن وكلاء الدولة الطرف قد منعوه، بالفعل أو بالامتناع عن الفعل، وعن اتباع المسار الذي يراه مناسبا تجاه القضية.

4-6 وفيما يتعلق بمزاعم انتهاك الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 لأن شاهدتين محتملتين لم تمثلا للإدلاء بشهادتهما أمام محكمة الاستئناف بسبب تهديد الشرطة لهما، أشارت الدولة الطرف الى أن "هذه مزاعم في غاية الخطورة تمس جوهر مبدأ إقامة العدل وتشكك على نحو خطير في نزاهة أفراد قوات الشرطة". ورأت الدولة الطرف أن "هذه المزاعم يجب أن تدعم بأوضح الأدلة وأبعدها عن الغموض أو أن يتم العدول عنها فورا".

5-1 وقد شرح المحامي، في تعليقـاته المؤرخـة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1998، أن صاحب البلاغ نُقل في 4 تموز/يوليه 1997 من زنزانة انتظار تنفيذ حكم الإعدام الى القسم الرئيسي في السجن. وذُكر أن صاحب البلاغ لم يتلق "أي تأكيد رسمي لسبب نقله". وبالاضافة الى ذلك، ذكر المحامي أن "صاحب البلاغ يفهم أن الدولة الطرف قد أعلنت عموماً أن السجناء الذين تُخفف عقوباتهم طبقا لقرار برات ومورغان يجب أن يقضوا حداً أدنى من العقوبة مدته 7 سنوات دون إتاحة إمكانية الإفراج المشروط. وليس من الواضح متى تبدأ فترة السنوات السبع على وجه التحديد على الرغم من أن أحد القضاة في جامايكا قد قضى في حكم صدر مؤخراً، في قضية ر. ضد أنتوني، بأن الفترة السابقة للإفراج في حالة السجين المدان بارتكاب جريمة قتل لا يعاقَب عليها بالإعدام ينبغي أن تبدأ بعد ثلاثة شهور من تاريخ صدور الحكم بالإدانة. ويقول المحامي إن صاحب البلاغ يأمل في أن تطبَق نفس الممارسة في جميع الأحوال، ولكنه يزعم أن عدم الوضوح في هذا الشأن يشكل "حالة عدم يقين متواصل" مما يعتبر مخالفة للمادتين 7 و10. وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، يذكر المحامي أيضا أن مرض الإيدز والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) منتشران بين نزلاء القسم الرئيسي من السجن الذي نُقل اليه صاحب البلاغ في 4 تموز/يوليه 1997.

5-2 وتتضمن مذكرة مؤرخة في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1998 مزاعم جديدة لصاحب البلاغ في إطار المادتين 7 و10. وقد جاء فيها أن بعض حراس السجن، الذين لم ترد أسماؤهم في المذكرة، اعتدوا عليه بالضرب في 5 آذار/مارس 1997 وشجوا رأسه فأصيب بجرح استلزم علاجه عشر قُطب. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر صاحب البلاغ أن الحراس قاموا، بناء على أوامر مدير السجن، بتدمير كل حاجياته فيما عدا بذلتين. وزُعم أن كل ذلك حدث بعلم وموافقة اثنين من مراقبي السجن ورد اسماهما في المذكرة. ويدعي صاحب البلاغ أيضا أنه حُرم من حقه في الزيارات لمدة ثلاثة شهور وأن الحارس المسؤول عن القسم المحتجز فيه بدأ في مضايقته. ودعما لهذه الادعاءات، قدم المحامي بيانا مكتوبا من صاحب البلاغ مؤرخا في 16 نيسان/أبريل 1997، وإفادة كتابية مشفوعة بيمين ومؤرخة في 14 تموز/يوليه 1997 ومقالة من صحيفة "The Pen" (5) ، عدد أيار/مايو 1997.

5-3 فيما يتعلق بادعاء حدوث انتهاكات للفقرتين 1 و2 من المادة 14 على أساس أن توجيهات قاضي المحاكمة الى هيئة المحلفين بشأن الاعتراف وقبوله كدليل، يزعم المحامي أن الأخطاء التي ارتكبها القاضي في هذا الصدد تبلغ حد الامتناع عن إقامة العدل. ويزعم المحامي أيضا أن حكم محكمة الاستئناف لا يبيّن ما اذا كانت المحكمة قد نظرت في هذه المسائل.

5-4 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و5 من المادة 14 استناداً إلى الأفعال والامتناع عن الأفعال السابق عزوها الى المحامي الذي عينته المحكمة لتمثيل صاحب البلاغ في دعوى الاستئناف، أشار محامي صاحب البلاغ الى الآراء السابقة للجنة (6) وقال إنه قد حدث بالفعل انتهاك لأن المحامي المعيّن قد أبلغ محكمة الاستئناف أنه لا أساس للدعوى التي يرافع فيها وذلك بدون علم صاحب البلاغ أو موافقته.

5-5 وأشار المحامي إلى أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاء حدوث انتهاك للمادة 14(5) ، حيث إن الدولة الطرف قد أخفقت في الحفاظ على الاعتراف الأصلي. وكرر المحامي ادعاءه وأشار إلى قضية ووكر وريتشاردز ضد جامايكا (7) التي بذل أصحابها "جهودا حثيثة للحصول على المستندات اللازمة لعرض القضية على المجلس الملكي الخاص والتي نُسبت إلى الدولة الطرف فيها مسؤولية عدم توافر هذه المستندات والتأخير في تحديد أماكن وجودها". ويزعم المحامي أن جهوداً حثيثة مماثلة قد بذلت للحصول على الاعتراف الأصلي المزعوم. وبهذا الصدد، أشار المحامي الى أنه كتب رسائل مؤرخة في 24 كانون الثاني/يناير 1996 إلى السكرتير الخاص لحاكم جامايكا العام، وإلى وكلاء مدير النيابات العامة، والى كاتب المجلس الملكي الخاص في جامايكا يطلب فيها الحصول على ذلك المستند. وقد تلقى نسخة من الاعتراف في 9 نيسان/أبريل 1996. ووجه المحامي، في 23 أيار/مايو 1996 و3 حزيران/يونيه 1996، رسالتين الى مدير النيابات العامة يطلب فيهما الحصول على الاعتراف الأصلي. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، أعلن محامي الدولة الطرف أمام المجلس الملكي الخاص أنه "من المسلّم به أن الأصل قد فُقد وأن ذلك ما كان ينبغي أن يحدث ... وأن الإجراء الاعتيادي كان يقضي بإعادة المستندات الأصلية الى مخفر الشرطة الذي نُقل اليه المتهم بعد إلقاء القبض عليه". ومع ذلك، وطبقا لما ذكره المحامي، فإن كاتب المجلس الملكي الخاص في جامايكا قد استفسر عن الأمر لدى مخفر الشرطة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، ولكنه لم يحصل على أية معلومات.

5-6 وفيما يتعلق بالشاهدتين اللتين زُعم أنهما لم تتمكنا من المثول أمام محكمة الاستئناف بسبب تهديد الشرطة لهما، ذكر المحامي أن وكلاءه في جامايكا سعوا الى الحصول على المزيد من الأدلة من هاتين الشاهدتين ولكنهم فشلوا في ذلك. وأفاد المحامي بأنه جرت محاولات للاتصال بإحدى الشاهدتين ولكنها أكدت على عدم استعدادها لتقديم المزيد من الأدلة، مما يوحي بأن السبب هو "تخويف الشرطة لها أو خشيتها من السلطات".

5-7 ويدعي المحامي كذلك بأنه، نتيجة لانتهاكات المادة 14، انتُهكت أيضا الفقرة 2 من المادة 6، ذلك لأن فرض عقوبة الإعدام مخالف لأحكام العهد.

رد الدولة الطرف والتعليقات الأخرى التي قدمها صاحب البلاغ

6-1 اعترضت الدولة الطرف أولاً، في ردها المؤرخ في 29 كانون الثاني/يناير 1999، على الادعاء بأن صاحب البلاغ لم يخطَر بالسبب الذي من أجله نُقل من عنبر المحتجزين في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام الى القسم الرئيسي في السجن. وتزعم الدولة الطرف أنه في 4 تموز/يوليه 1997، تلا مدير سجن سانت كارترين للبالغين على صاحب البلاغ نص الأمر الصادر بشأن تخفيف حكم الإعدام الصادر بحقه. وبالتالي، كان صاحب البلاغ على علم بتخفيف عقوبته في 4 تموز/يوليه 1997.

6-2 وقد نفت الدولة الطرف كذلك وجود أي غموض بشأن معرفة التاريخ الذي يصبح فيه السجناء المحكوم عليهم بالإعدام والذين تخفف عقوبتهم مؤهلين للإفراج المشروط. وذكرت الدولة الطرف أن قانون الجرائم المرتكبة ضد أشخاص (القانون المعدل) واضح تمام الوضوح فيما يتعلق بالفترة التي يصبح فيها هؤلاء السجناء مؤهلين للإفراج المشروط. وأشارت الى المادتين 5 ألف و6(4) التالي نصهما:

" المادة 5 ألف

في حالة تخفيف عقوبة الإعدام الى عقوبة بالسجن المؤبد، وفقا للمادة 90 من الدستور،

يتولى أحد قضاة محكمة الاستئناف النظر في قضية الشخص الذي خُففت عقوبته على هذا النحو ويحدد ما اذا كان يجب على الشخص أن يقضي في السجن مدة تتجاوز سبع سنوات قبل أن يصبح مؤهلا للإفراج المشروط ويحدّد، في هذه الحالة، طول هذه المدة.

المادة 6(4)

رهنا بأحكام المادة الفرعية (5)، يكون السجين:

(أ) الذي صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد؛ أو

(ب) الذي صدر بحقه:

’1’ حكم بالإعدام خفف الى حكم بالسجن المؤبد، و

’2’ لم تحدد له أي مدة عملا بالمادة 5 ألف، مؤهلا للإفراج المشروط بعد أن يقضي في السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات".

6-3 وأشارت الدولة الطرف إلى أنه بموجب هاتين المادتين، "يتعين على السجين المحكوم عليه بالإعدام والذي تُخفف عقوبته، أن يقضي في السجن المدة التي يحددها القاضي وفقا للمادة 5 ألف، أو أن يقضي مدة لا تقل عن سبع سنوات عملا بالمادة 6(4)، قبل أن يصبح مؤهلا للإفراج المشروط" وتنفي الدولة الطرف القول بأن الحكم الذي أشار إليه صاحب البلاغ، في قضية ر. ضد أنتوني لويس ، لا يوضح التاريخ الذي يبدأ فيه سريان مدة الإفراج المشروط في حالة السجين الذي تخفف عقوبته. ففي تلك القضية، أعيد تصنيف الجريمة التي ارتكبها الجاني على أنها جريمة قتل لا يعاقب عليها بالإعدام، وحُكم عليه بالسجن المؤبد وبقضاء 20 سنة من مدة العقوبة، قبل أن يصبح مؤهلا للإفراج المشروط، تبدأ بعد ثلاثة شهور من تاريخ صدور حكم الإدانة. وقد استند القاضي، في إصدار هذا الحكم، إلى السلطة التقديرية المخولة له بموجب المادة 7(2)ج من القانون نفسه التي تنص على أنه يجوز للقاضي أن يقرر

"ما إذا كان يتعين أن تمر مدة معينة، وما هو مداها، قبل الإفراج المشروط عن الشخص المدان في قضية صُنفت على أنها جريمة قتل لا يعاقب عليها بالإعدام".

6-4 وفيما يتعلق بادعاء تعرّض صاحب البلاغ للضرب في 5 آذار/مارس 1997، علّقت الدولة الطرف قائلة إن صاحب البلاغ حاول الهرب يومئذ وإنها ستجري تحقيقا في هذه الواقعة وتحيل نتائجه إلى اللجنة. أما بالنسبة لظروف الاحتجاز بوجه عام، فقد ذكرت الدولة الطرف أنه لا يمكن، على الرغم من محتوى تقارير المنظمات غير الحكومية التي أشار إليها صاحب البلاغ، اعتماد موقف عام يشمل جميع الحالات، بل إن النهج الواجب اتباعه يتمثل في معالجة كل شكوى على حدة والنظر في كل حالة استناداً إلى أسسها الموضوعية. وفي ضوء ذلك، ستُجري الدولة الطرف تحقيقا بشأن ظروف احتجاز صاحب البلاغ وستعرض نتائج التحقيق على اللجنة.

6-5 وفيما يتعلق بادعاء حدوث انتهاك لأحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 14، استناداً إلى ما أصدره قاضي المحاكمة من توجيهات بشأن الاعتراف وقبول الاعتراف، أعادت الدولة الطرف تأكيد موقفها بأنه لم تحدث أية انتهاكات. واستشهدت الدولة الطرف بالآراء السابقة (8) الصادرة عن اللجنة واحتجت بأنه لم يحدث في الحالة قيد النظر ما يعوق سير العدالة. كما أعادت الدولة الطرف تأكيد موقفها بشأن ادعاء حدوث انتهاك للفقرة 3(ه‍) من المادة 14 بسبب ما يُزعم من أن شاهدتين من شهود الدفاع قد تعرضتا للتهديد؛ وأشارت إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل يؤيد هذا الادعاء. وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت الدولة الطرف أنه لم يحدث انتهاك للفقرة 2 من المادة 6 لأن المحاكمة كانت قانونية ومتمشية مع أحكام العهد.

6-6 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 بحجة عدم الحفاظ على نص الاعتراف الذي يزعم أن صاحب البلاغ قد وقّع عليه، احتجت الدولة الطرف بأن قضية ووكر وريتشاردز التي استشهد بها صاحب البلاغ لا تؤيد ادعاءه. وأشارت إلى الفرق بين القضيتين لأنه قد حدث في قضية ووكر وريتشاردز ، على الرغم من تقديم ثمانية طلبات منفصلة، تأخير مدته حوالي خمس سنوات قبل أن تبلغ المحكمة العليا ممثل صاحب البلاغ بوجود المحضر الحرفي لجلسات المحاكمة ونص حكم محكمة الاستئناف، وهما من المستندات اللازمة للبت في إمكانية رفع دعوى استئناف أمام المجلس الملكي الخاص. أما في القضية قيد النظر، فقد تسلم صاحب البلاغ نسخة بعد انقضاء ثلاثة شهور على طلبه الأول. وقالت الدولة الطرف إن عدم تزويد صاحب البلاغ بأصل اعترافه لم يحرمه من حقه في طلب إعادة النظر في إدانته وعقوبته، ومن ثم فإنه لا يشكل انتهاكاً للفقرة 5 من المادة 14. وأشارت الدولة الطرف إلى أن المجلس الملكي الخاص قرر رد استئناف صاحب البلاغ على الرغم من أن أحد الأسباب التي تستند إليها دعوى الاستئناف هو فشل الدولة الطرف في الحفاظ على أصل الاعتراف المزعوم.

6-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و5 من المادة 14، على أساس تصرف محامي صاحب البلاغ في مرافعته في دعوى الاستئناف، أشارت الدولة الطرف إلى قضية أ. موريسون ضد جامايكا (9) وقضية سمارت ضد جامايكا (10) وقالت إنه لا يجوز اعتبار الدولة الطرف مسؤولة عن أخطاء يُزعم أن محامي الدفاع قد ارتكبها، إلا إذا كان قد تبين للمحكمة بوضوح، أو كان ينبغي أن يكون من الواضح لها، أن تصرف المحامي يتنافى مع مصلحة العدالة. أما في القضية قيد النظر، فإن تصرف المحامي لم يحرم صاحب البلاغ من حقه في أن تأخذ العدالة مجراها، كما أنه لا يشكل انتهاكا للمادة 14.

7-1 وقد شرح المحامي، في تعليقاته المؤرخة في 12 نيسان/أبريل 1999، أن صاحب البلاغ يقر بأن نص الأمر الخاص بتخفيف العقوبة قد تلي عليه في 4 تموز/يوليه 1997 ولكنه لم يرد أن يعطي الانطباع بأنه ليس على علم بأسباب نقله إلى القسم الرئيسي من السجن. غير أنه يؤكد بالفعل أنه لم يحصل على أي تأكيد رسمي لسبب نقله.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 على أساس عدم اليقين الذي يكتنف معرفة التاريخ الذي تبدأ عنده الفترة السابقة للإفراج المشروط، ذكر المحامي أن الموقف ظل غير واضح حتى بعد تقديم مذكرة الدولة الطرف. وبالاستناد إلى تعليق الدولة الطرف بأن الحكم الصادر في قضية ر. ضد أنتوني لويس لا ينطبق إلا على تلك القضية، استخلص المحامي أن نفس الحل (أي أن تبدأ الفترة بعد ثلاثة شهور من تاريخ صدور الحكم بالإدانة) لن يطبق على حالات أخرى مماثلة، ومنها حالة صاحب البلاغ نفسه. ويُحتج بأنه، على الرغم من أن الحد الأدنى للفترة السابقة للإفراج المشروط منصوص عليه في قانون الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص (المعدل) لعام 1992، "فإن التاريخ الذي تبدأ عنده هذه الفترة لم يحدّد أو يوضّح بأي حال من الأحوال."

7-3 وفيما يتعلق بادعاء تعرّض صاحب البلاغ للضرب في 5 آذار/مارس 1997 وادعاء الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ حاول الهرب في ذلك اليوم، يقول صاحب البلاغ، حسبما يتبين من إفادته الرسمية المشفوعة بقسم والمؤرخة في 14 تموز/يوليه 1997، إنه "رغم قيامه بكسر قفل باب زنزانته، لم يغادر الزنزانة لأنه عدل عن محاولة الهرب".

7-4 وفيما يتعلق بادعاء حدوث انتهاكات للفقرتين 1 و2 من المادة 14 على أساس ما أصدره قاضي المحاكمة من توجيهات إلى هيئة المحلفين بشأن اعتراف المتهم وقبول هذا الاعتراف كدليل، أعاد صاحب البلاغ تأكيد ادعائه بأن توجيهات القاضي والتلخيص الذي قدمه يعتبران تعطيلا لسير العدالة. ويُحتج أيضا بأن الدولة الطرف لم تبذل أي جهد لتفسير السبب الذي يجعل هذا الاستثناء من المبدأ القائل بأنه لا يجوز للجنة إعادة تقييم الوقائع والأدلة وتوجيهات قاضي المحاكمة لا ينطبق على الحالة الراهنة.

7-5 وبالنسبة لدعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ، ومعرفة ما هي التعليمات التي صدرت وكيفية تنفيذها، يقول المحامي إن القضايا التي أشارت إليها الدولة الطرف غير ذات صلة لأنه "يمكن التمييز بينها على أساس ما تنطوي عليه من وقائع". وأكد المحامي على أن الادعاءات، في قضية أ. موريسون ضد جامايكا ، كانت تتعلق بأسلوب الدفاع عن المدعى عليه في المحاكمة وبصفة خاصة فيما يتعلق بالتشكيك في مصداقية شهود معينين. وفي قضية سمارت ضد جامايكا ، أسقط المحامي في مرافعته أمام محكمة الاستئناف ركنين من أركان الدعوى لا جميعها مثلما هي الحال في القضية قيد النظر. وفي مقابل هاتين القضيتين، يُحتج بأن القضيتين اللتين سبق لصاحب البلاغ الإشارة إليهما، وهما قضية كيلي ضد جامايكا وقضية كولينز ضد جامايكا "تستندان إلى نفس الوقائع ذات الصلة" مثلما هي الحال في قضية صاحب البلاغ، لأن المحامي في كلتا القضيتين "أبلغ محكمة الاستئناف بأن دعوى السجينين لا تستند إلى أسس موضوعية وذلك دون علمهما بأنه سيفعل ذلك ودون موافقتهما". وعليه، يُحتج بأنه ينبغي للجنة أن تخلص إلى أن انتهاكاً للمادة 14 قد حدث في هذه القضية أيضا.

مذكرة أخرى مقدمة من الدولة الطرف تتضمن نتائج التحقيقات

8-1 تناولت الدولة الطرف مرة أخرى، في مذكرتها المؤرخة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، ادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، وقدمت نتائج التحقيقات التي أجرتها. وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 على أساس الغموض الذي يكتنف تاريخ بدء الفترة التي يتعين أن يقضيها صاحب البلاغ، قبل أن يصبح مؤهلاً للإفراج، قدمت الدولة الطرف تفسيرا إضافيا لموقفها. فقالت إنه، بموجب قانون الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص (المعدل) لعام 1992، يحدد القاضي الذي يتولى إعادة النظر في القضية (إعادة تصنيف الجريمة) ما إذا كان يتعين على السجين أن يقضي مدة معينة، وما هو مداها، قبل أن يصبح مؤهلاً للإفراج المشروط في حالة تصنيف الجريمة كجريمة لا يعاقب عليها بالإعدام (أي فترة "ما قبل الإفراج المشروط"). ولذلك، فإن القاضي يتمتع بسلطة تقديرية يحدد بموجبها طول الفترة التي يجب أن يقضيها السجين الذي تخفف عقوبته قبل أن يصبح مؤهلا للإفراج المشروط. ويُحتج بأن هذا هو ما حدث بالفعل في قضية صاحب البلاغ، مثلما حدث أيضاً في قضية ر. ضد أنتوني لويس وجميع القضايا الأخرى التي أعيد فيها تصنيف الجريمة. وبناء على ذلك، أعادت الدولة الطرف تأكيد أن القانون لا يثير أي غموض وأنه لم يحدث أي انتهاك للعهد في هذا الصدد من القضية قيد النظر.

8-2 وفيما يتعلق بادعاء تعرّض صاحب البلاغ للضرب، ذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، وثلاثة سجناء آخرين حاولوا الهرب من السجن في 5 آذار/مارس 1997. ويُزعم أنهم هربوا من زنزاناتهم عن طريق كسر القضبان الحديدية والأقفال الموضوعة على أبواب الزنزانات، ولكن محاولتهم فشلت حين أمسك بهم الحراس وهـم يحاولون الخروج من البوابة المؤدية إلى إحدى الورش. وبعد ذلك، أودع السجناء الأربعة في الزنزانة رقم 19. وعندما طُلب منهم مغادرتها ليتسنى تفتيشها رفضوا ذلك، حسبما زُعم، وبدأوا يتصرفون بطريقة صاخبة ويهددون حراس السجن ويتفوهون بألفاظ بذيئة. وادّعت الدولة الطرف أن حراس السجن كرروا الأمر بالخروج عدة مرات خلال الدقائق الـ15 التالية، ولكن السجناء أصروا على الرفض ولذلك تعيّن إخراجهم بالقوة. وبعد خروجهم من الزنزانة، اكتُشفت فيها سكين مقوسة وماسورة من الحديد ومنشاران للمعادن.

8-3 وذكرت الدولة الطرف أن الإصابات التي لحقت بالسجناء حدثت أثناء إخراجهم بالقوة من الزنزانة. وبعد هذه الإصابات، عرض السجناء على طبيب السجن، فأحالهم إلى مستشفى "سبانش تاون" حيث فحصهم الطبيب دونالد نيل. وذكر الطبيب نيل في تقريره أن صاحب البلاغ، لدى وصوله إلى المستشفى، "كان يشكو من كدمات في جميع أجزاء جسمه ناتجة عن اللكمات التي تلقاها من حراس السجن ... وبينت الفحوص أن هذا الشاب لم يفقد الوعي وأنه محتفظ بحيويته. ولوحظت كدمات عديدة على الجزء الأسفل من الظهر، كما لوحظ وجود انتفاخ في الجزء الأيسر من الصدر. وأن المصاب يتألم عند لمس هذا الجزء. ولوحظ وجود تمزق طوله 4 سنتيمترات في الجزء الخارجي الأيمن من فروة الرأس. ولوحظت عدة خدوش طولية في الفخذ الأيمن والسطح الداخلي من الساق اليسرى، وانتفاخ وشعور بالألم عند اللمس في الثلث الوسيط من الساق اليمنى. وبينت صور الأشعة عدم وجود كسور في الجمجمة. وكان العلاج عبارة عن الحقن بمصل ضد الكزاز (التيتانوس) وبمضادات حيوية وقطب الجرح الموجود في فروة الرأس. وأعيد إلى السجن على أن يواصل العلاج بالمضادات الحيوية والمسكنات".

8-4 وفي الختام، تقر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ تعرض للضرب في 5 آذار/مارس 1997 بعد أن حاول الهروب من السجن. غير أنها تحتج بأن تفادي الضرب لم يكن ممكناً لأن صاحب البلاغ والسجناء الآخرين، لم يمتثلوا لتعليمات ضباط السجن. وبالتالي فإن الدولة الطرف تنفي "أن ما حدث في 5 آذار/مارس يعتبر انتهاكا للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10".

8-5 وذكرت الدولة الطرف أيضا أن التحقيقات التي أجرتها بينت أن المزاعم الموجهة ضد مدير السجن لا أساس لها من الصحة. إذ "لم تصدر أية تعليمات بالتخلص من الأشياء (التي تخص صاحب البلاغ) وإحراقها. وأيّد السجينان النزيلان في نفس زنزانة صاحب البلاغ هذا القول إذ ذكرا أنهما لم يسمعا مدير السجن يصدر تعليمات إلى الحراس بإتلاف أو إحراق أشياء". أما بالنسبة لتعليق المزايا التي كان يحصل عليها صاحب البلاغ، ذكرت الدولة الطرف أن ذلك قد تم عملا بالمادة 35(1) من قانون التدابير التأديبية التي تنص على تعليمات واضحة بشأن المعاقبة على المخالفات الجسيمة والبسيطة.

8-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه نُقل، عقب تخفيف عقوبته في 4 تموز/يوليه 1997، إلى قسم من أقسام السجن تنتشر فيه بين السجناء حالات الإصابة بمرض الإيدز/فيروس نقص المناعة البشرية، ذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قال، في مقابلة (11) أجريت معه، إنه لم يحدث له على الإطلاق أن أودع في قسم من أقسام السجن تنتشر فيه حالات الإصابة هذه. وعلاوة على ذلك، زعمت الدولة الطرف أن سجل صاحب البلاغ في السجن يبين أنه نُقل من سجن سانت كاترين إلى سجن تاور ستريت للبالغين بعد تخفيف عقوبة الإعدام بفترة قصيرة.

8-7 وفيما يتعلق بالادعاء بأن ظروف احتجاز صاحب البلاغ في سجن سانت كاترين تشكل انتهاكا للمادة 7 وللفقرة 1 من المادة 10 من العهد، وبوجه خاص الادعاء بأن الخدمات الطبية بالسجن غير كافية، ذكرت الدولة الطرف أن في السجن "مركزا طبيا يعمل فيه طبيبان مسجلان وممارس عام وطبيب نفسي. كما يعمل فيه طبيب أسنان مسجل. ويساعد هؤلاء الأطباء ممرض مسجل وأخصائي اجتماعي مؤهل وعدد من المساعدين الطبيين. ويداوم الممارس العام في المركز الطبي يومياً، ويمكن أيضا استدعاؤه في غير أوقات العمل الرسمية بينما يداوم طبيب الأسنان ثلاثة أيام في الأسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، وعندما يقدم سجين شكوى لأسباب طبية، تُتخذ الترتيبات اللازمة ليصحبه أحد المساعدين الطبيين ليفحصه الطبيب في أقرب فرصة ممكنة. وإذا كان السجين يشكو من ألم شديد ولم يكن الطبيب حاضرا أو في حالة تعذر الاتصال به، يُرسل السجين فورا إلى مستشفى "سبانش تاون" العام. ومن ثم، فقد نفت الدولة الطرف أن الخدمات الطبية في السجن غير كافية أو منعدمة، وان ذلك يشكل انتهاكا للمادتين 7 و10. وفضلا عن ذلك، نفت الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا توجد في زنزانات السجن أية تجهيزات للمحافظة على النظافة وأن الزنزانات موبوءة بالحشرات وأن المطبخ والمخبز أصبحا غير صالحين للاستخدام.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، عملا بالمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد تناولت في مذكراتها موضوع البلاغ. وهذا يمكّن اللجنة من النظر في المرحلة الراهنة، في مقبولية البلاغ وفي موضوعه في آن معاً عملا بالفقرة 1 من المادة 94 من نظامها الداخلي. غير أن اللجنة، عملا بالفقرة 2 من المادة 94 من النظام الداخلي، لا تفصل في موضوع البلاغ دون أن تنظر أولاً في مدى انطباق أي من أسباب المقبولية المشار إليها في البروتوكول الاختياري.

9-3 وفيما يتعلق بالادعاء بأن احتجاز صاحب البلاغ طوال الفترة من 1992 إلى 1997 بانتظار تنفيذ عقوبة الإعدام يشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، تعيد اللجنة تأكيد رأيها الثابت (12) بأن الاحتجاز بانتظار تنفيذ عقوبة الإعدام لا يشكل في حد ذاته انتهاكا للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، ما لم توجد ظروف قهرية أخرى. وبما أن صاحب البلاغ ومحاميه لم يحتجا بوجود ظروف من هذا القبيل، فإن اللجنة تعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ومن ناحية أخرى، فإن ادعاءات صاحب البلاغ بحدوث انتهاك لنفس الأحكام على أساس تعرضه للضرب في 5 آذار/مارس 1997 وعلى أساس سوء ظروف الاحتجاز بوجه عام هي ادعاءات تعتبر، في رأي اللجنة، مدعمة بأدلة تكفي للنظر فيها استناداً إلى أسسها الموضوعية، وبالتالي فهي تعتبر مقبولة.

9-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاكات للفقرتين 1 و2 من المادة 14 على أساس التوجيهات غير السليمة التي أصدرها قاضي المحاكمة إلى هيئة المحلفين بشأن المسائل المشار إليها في الفقرة 3-4 أعلاه، وقبول الاعتراف وشهادات أفراد الشرطة كأدلة، تؤكد اللجنة من جديد على أنه بالرغم من أن المادة 14 تكفل الحق في محاكمة عادلة، فإن المحاكم المحلية بوجه عام هي المختصة بالنظر في الوقائع والأدلة التي تنطوي عليها قضية معينة. وبالمثل، تكون محاكم الاستئناف في الدول الأطراف هي المختصة بالنظر فيما إذا كانت توجيهات القاضي إلى هيئة المحلفين وسير إجراءات المحاكمة متمشية مع القانون المحلي. وحسبما أشار إليه الطرفان كلاهما، فإن اللجنة لا تستطيع أن تبحث، عند النظر في ادعاءات انتهاك المادة 14 في هذا الخصوص، إلا مسألة ما إذا كانت توجيهات القاضي إلى هيئة المحلفين تعسفية أو أنها تبلغ حد تعطيل إجراءات العدالة، أو ما إذا كان من الواضح أن القاضي قد أخل بالتزامه بالنزاهة. ولا يتضح من المواد المعروضة على اللجنة ولا من ادعاءات صاحب البلاغ أن توجيهات قاضي المحاكمة أو إجراءات المحاكمة قد شابتها عيوب من هذا القبيل. وبناء على ذلك، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يقدم حججاً تندرج ضمن المعنى المقصود في المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-5 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 على أساس أن شاهدتين معينتين كانتا على استعداد للإدلاء بشهادتيهما أمام محكمة الاستئناف ولكنهما امتنعتا عن ذلك بسبب تخويف الشرطة لهما، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد نفت مزاعم صاحب البلاغ وأن هذا الأخير لم يقدم أي دليل يؤيد مزاعمه، كما أنه لم يقدم ما يثبت أن لدى هاتين الشاهدتين أدلة أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، تبين المواد المعروضة على اللجنة أن محامي صاحب البلاغ أمام محكمة الاستئناف، وهو اللورد جيفورد، قد مُنح مهلة لمدة 10 شهور لاستجواب إحدى الشاهدتين والحصول على أية أدلة أخرى جديدة. غير أن اللورد جيفورد لم يشر على الإطلاق أثناء جلسات المحاكمة إلى تخويف الشرطة لهاتين الشاهدتين. وعلى هذا الأساس، ترى اللجنة أن الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لعدم توافر الأدلة المؤيدة له.

9-6 وتعلن اللجنة أن بقية الادعاءات في إطار المادة 14 مقبولة، وتنتقل من ثم إلى النظر في الأسس الموضوعية لجميع الادعاءات المقبولة، في ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-1 ادعى صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 على أساس ظروف احتجازه في سجن سانت كاترين. ولتأييد ادعائه، استشهد صاحب البلاغ بالتقارير الثلاثة الصادرة عن منظمات غير حكومية والمشار إليها في الفقرة 3-2 أعلاه. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أشار إلى ظروف الاحتجاز اللاإنسانية والمهينة بوجه عام، مثل خلو الزنزانات من الفُرش أو أي أثاث آخر، والنقص الحاد في الصابون ومعجون الأسنان وورق المرحاض، وأن نوعية الأطعمة والمشروبات رديئة للغاية، وأنه لا توجد تجهيزات صحية في الزنزانات وأن النفايات متراكمة، وأنه لا يوجد طبيب وأن الحراس المحدودي التدريب هم الذين يتولون معالجة المشاكل الطبية. وبالإضافة إلى تقارير المنظمات غير الحكومية، أشار المحامي إلى إفادات من السجناء جاء فيها أن السجن موبوء بالحشرات وأن استخدام المطبخ والمخبز ما زال مستمرا على الرغم من إعلان عدم صلاحيتهما للاستخدام منذ عدة سنوات. وبالإضافة إلى هذه الادعاءات، أورد صاحب البلاغ مزاعم محددة تفيد بأنه يُحتجز في زنزانته لمدة 22 ساعة يوميا في ظلام مطبق وعزلة عن سائر السجناء، دون أن يكون لديه ما ينشغل به لتمضية الوقت.

10-2 وتلاحظ اللجنة أنه فيما يتعلق بهذه الادعاءات، لم تنف الدولة الطرف سوى ادعاء عدم وجود مرافق طبية وأن السجن موبوء بالحشرات وأن المطبخ والمخبز غير صالحين للاستخدام. ولم تنف الدولة الطرف الادعاءات الأخرى التي ساقها صاحب البلاغ؛ وعلى هذا الأساس، ترى اللجنـة أنـه قد حدث انتهاك للفقـرة 1 من المادة 10.

10-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه تعرّض، في 5 آذار/مارس 1997، للضرب من جانب عدد من حراس سجن سانت كاترين، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أفادت بعد التحقيقات التي أجرتها بأنه لم يكن من الممكن تفادي الضرب لأن صاحب البلاغ وثلاثة من السجناء لم يمتثلوا للتعليمات المتكررة بمغادرة الزنزانة التي كانوا فيها. غير أن اللجنة تلاحظ كذلك التقرير الطبي المقدم من الدولة الطرف والذي يبين تعرض صاحب البلاغ لإصابات في رأسه وظهره وصدره وساقيه، وهي إصابات نتجت، فيما يبدو، عن ضرب تجاوز الحد اللازم لإخراج سجين من زنزانته بالقوة. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أنه قد حدث استخدام مفرط للقوة، مما يشكل انتهاكا للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

10-4 وادعى صاحب البلاغ أيضا بحدوث انتهاك للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 بسبب "استمرار حالة عدم اليقين" الذي يكتنف مسألة الفترة التي يتعين عليه قضاؤها قبل أن يصبح مؤهلاً للإفراج المشروط. وتلاحظ اللجنة أن هناك فيما يبدو اتفاقا بين الطرفين على أن صاحب البلاغ، بعد تخفيف عقوبته، مؤهلا للإفراج المشروط بعد أن يقضي مدة سبع سنوات في السجن. غير أن أيا من الطرفين لم يزود اللجنة بنسخة من أي قرار في هذا الخصوص. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ادعت بأنه لا يوجد عدم يقين فيما يتصل بتاريخ بدء سريان هذه الفترة، ولكنها في الواقع لم تذكر صراحة ما هو التاريخ الذي تبدأ فيه هذه الفترة في حالة صاحب البلاغ. ومع ذلك، واستنادا إلى القوانين المستشهد بها وإلى تفسيرات الدولة الطرف، يبدو من الواضح أن الفترة السابقة للإفراج المشروط لا تبدأ، إلا في تاريخ لا يتجاوز تاريخ تخفيف العقوبة، ما لم يتقرر خلاف ذلك. ولا ترى اللجنة أن أي عدم يقين يواجهه صاحب البلاغ فيما يتعلق بمعرفة ما إذا كانت هذه الفترة تبدأ في ذلك التاريخ أو في أي تاريخ سابق له يمكن أن يعتبر معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تشكل انتهاكاً لأحكام العهد.

10-5 وفيما يتعلق بادعاء حدوث انتهاك للفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و5 من المادة 14 على أساس أن صاحب البلاغ لم يمثّل بكفاءة في الاستئناف، تلاحظ اللجنة أن من الصحيح، حسبما ذكر المحامي، أن اللجنة قد خلصت، في آراء سابقة، إلى أن أحكام الفقرتين 3(د) و5 من المادة 14 قد انتهكت في حالات تخلى فيها المحامي عن جميع الأسس التي يستند إليها الاستئناف ولم تتحقق المحكمة من أن ذلك يتفق مع رغبة الموكّل. غير أن هذه الآراء لا تنطبق على القضية الراهنة التي تحققت فيها المحكمة بالفعل، حسبما يتبين من المواد المعروضة على اللجنة، من أن المستأنِف قد أُبلغ بأنه لا توجد حجج يعتد بها بالنيابة عنه وأنه وافق على ذلك. وفي هذا الصدد، ذكرت محكمة الاستئناف ما يلي:

"أبلغ اللورد جيفورد، مستشار الملكة، المحكمة بأنه، على الرغم من أنه قد بذل أقصى جهوده، لا يزال يعتقد اعتقادا راسخا بأنه لا يوجد ما يحتج به بالنيابة عن موكله وأنه أبلغ موكله بذلك وأن موكله قد قبل نصيحته".

10-6 وتلاحظ اللجنة أيضا أنه يستفاد من رسالة مؤرخة في 27 كانون الأول/ديسمبر 1995 وموجهة من اللورد جيفورد إلى المحامي الذي يمثل صاحب البلاغ حاليا، والمرفقة بالبلاغ الأول، أن محكمة الاستئناف قد ضمّنت حكمها سردا صحيحا للوقائع؛ كما يستفاد أن اللورد جيفورد ناقش القضية، على مدى سنة تقريبا وفي مناسبات متعددة، مع صاحب البلاغ وأنه أبلغه بعدم اقتناعه بجدوى الاستئناف ما لم يقدم صاحب البلاغ أدلة جديدة. ودعا اللورد جيفورد صاحب البلاغ إلى التماس رأي محام آخر. ومع ذلك، وحتى وإن كان ما حدث، حسبما ادعى صاحب البلاغ، أنه لم يقبل نصيحة محاميه، فإن ذلك أمر لا يمكن عزوه إلى الدولة الطرف. ولا يمكن للجنة أن تتبين من المواد المعروضة عليها ما يدعو إلى الاعتقاد بأن تصرف المحامي كان منافيا لمصلحة العدالة. وفي هذا الصدد تلاحظ اللجنة، على عكس ما ادعاه صاحب البلاغ، أنه تم تأجيل الاستئناف لمدة 10 شهور لتمكينه من الحصول على أدلة جديدة ولكن المحامي لم ينجح في العثور على أية أدلة جديدة في غضون تلك الفترة. وترى اللجنة، هنا أيضاً، أنه لا يمكن عزو ذلك إلى الدولة الطرف، ومن ثم فهي تخلص إلى أنه لم يقع، في هذا الصدد، أي انتهاك للفقرتين 3(د) و5 من المادة 14.

10-7 ولئن كانت اللجنة تقر بأنه يجب على الدولة الطرف، بغية إنفاذ حق الشخص المدان في إعادة النظر في الحكم الصادر ضده، أن تلتزم بالحفاظ على الأدلة الكافية للسماح بإعادة النظر هذه، فإنها لا توافق على ما يذهب إليه المحامي من أن أي تخلف عن الحفاظ على الأدلة لحين انتهاء إجراءات الاستئناف يشكل انتهاكا للفقرة 5 من المادة 14. ففي رأي اللجنة أن انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 لا يحدث إلا إذا أدى هذا التخلف عن الاحتفاظ بالأدلة إلى الإضرار بحق الشخص المدان في إعادة النظر في الحكم الصادر ضده أي في الحالات التي تكون فيها هذه الأدلة ضرورية ولا غنى عنها لإجراء إعادة النظر. وبالتالي فإن هذه تعتبر مسألة ينبغي ترك أمر البت فيها لمحاكم الاستئناف.

10-8 وفي القضية قيد النظر، اعتُبر تخلف الدولة الطرف عن الحفاظ على الاعتراف الأصلي أحد أسباب رفع دعوى الاستئناف أمام اللجنة القضائية التابعة للمجلس الملكي الخاص الذي رأى، رغم ذلك، عدم وجود أساس يبرر الاستئناف ومن ثم فقد رفضه دون إبداء أسباب أخرى. واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست في مركز يسمح لها بإعادة تقييم رأي اللجنة القضائية فيما يتصل بهذه النقطة، وبالتالي فهي ترى أنه لم يقع أي انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 في هذا الخصوص.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طبقا للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنه يتبين من الوقائع المعروضة عليها حدوث انتهاكات للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

12- إن الدولة الطرف ملزمة، طبقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بأن توفر للسيد روبنسون سبيلا فعالا للانتصاف يشمل التعويض. والدولة الطرف ملزمة بأن تكفل عدم تكرر حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- وقد اعترفت جامايكا، إذ أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بالفصل في ما إذا كان قد وقع أو لم يقع انتهاك للعهد. وقد عُرضت القضية قيد النظر على اللجنة قبل أن يبدأ سريان نقض جامايكا للبروتوكول الاختياري في 23 كانون الثاني/يناير 1998؛ وطبقا للمادة 12(2) من البروتوكول الاختياري، يظل البلاغ خاضعا لانطباق البروتوكول الاختياري عليه. وعملا بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بأن تضمن لجميع الأشخاص الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيلا فعالا ونافذا يكفل الانتصاف في حالة ثبوت حدوث انتهاك ما. وتأمل اللجنة في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب أيضا إلى الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.

] اعتُمد بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسوف يصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انظر الفقرات 5-1 و6-1 و7-1 أدناه.

(2) لم يدّع صاحب البلاغ أنه أُجبر على التوقيع على الاعتراف، بل إنه أدَّعى أنه لم يدل بأي اعتراف وأن الاقرار المقدم من النيابة مزوَّر.

(3) لا يوجد في الملف ما يدل على أية إشارة سابقة من جانب صاحب البلاغ إلى هذه التعليمات المتناقضة.

(4) البلاغان رقم 210/1986 و225/1987، برات ومورغان ضد جامايكا، الآراء المعتمدة في 6 نيسان/أبريل 1989.

(5) نشرة إخبارية لأصدقاء السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في منطقة الكاريبي.

(6) البلاغ رقم 250/1987، ريد ضد جامايكا، الآراء المعتمدة في 20 تموز/يوليه1990؛ والبلاغ رقم 253/1987، كيلي ضد جاماكايا، الآراء المعتمدة في 8 نيسان/أبريل 1991؛ والبلاغ رقم 356/1989، كولينز ضد جامايكا، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1993.

(7) البلاغ رقم 639/1995، الآراء المعتمدة في 28 تموز/يوليه 1997.

(8) البلاغ رقم 639/1995، ووكر وريتشاردز ضد جامايكا، الآراء المعتمدة في 28 تموز/يوليه 1997؛ والبلاغ رقم 749/1997، تاغارت ضد جامايكا، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1998.

(9) البلاغ رقم 635/1995، الآراء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1998.

(10) البلاغ رقم 672/1995، الآراء المعتمدة في 29 تموز/يوليه 1998.

(11) لم ترد أية إشارة توضح مع من تمت المقابلة وفي أي سياق.

(12) انظر، ضمن جملة أمور، آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 588/1994، ايرول جونسون ضد جامايكا، المعتمدة في 22 آذار/مارس 1996.

تذييل

رأي فردي لعضو اللجنة لويس هانكين

إنني أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة (الفقرة 9-3) بأنه، وفقاً لآراء اللجنة بالصيغة التي وردت بها في حالات سابقة، لا تشكل ظروف الحالة قيد النظر انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادة 7 من العهد.

وما زلت، شأني شأن عدد من زملائي، أشعر بالقلق تجاه الصيغة المتبعة من قبل اللجنة بخصوص المبادئ ذات الصلة، ولكنني لا أعتبر الحالة قيد النظر أداة مناسبة لإعادة فحص وصياغة هذه المبادئ.

لويس هانكين (توقيع)

[حرِّر بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسوف يصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

لام - البلاغ رقم 759/1997، أوسبورن ضد جامايكا

( اعتمدت الآراء في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون )* ( )

المقدم من: جورج أوسبورن (يمثله س. لهرفرويند، من مؤسسة سيمونز مويرهد وبيرتون للمحاماة بلندن)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ البلاغ : 12 حزيران/يونيه 1997 (الرسالة الأولى)

القرار السابق : قرار المقرر الخاص عملاً بالمادتين 86/91 من النظام الداخلي. أحيل الطلب إلى الدولة الطرف في 23 حزيران/يونيه 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 آذار/مارس 2000،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 759/1997، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد جورج أوسبورن بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو جورج أوسبورن، وهو مواطن جامايكي محتجز حالياً في السجن العام بكينغستون في جامايكا. ويدعي أنه ضحية لانتهاك جامايكا المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله السيد سول لهرفرويند، من مؤسسة سيمونز مويرهد وبيرتون للمحاماة بلندن.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 أدانت محكمة سافانا لامار الدورية في وستمورلاند صاحب البلاغ وشريكاً آخر له في تشرين الأول/أكتوبر 1994، بتهمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص قانوني وبتهمة السرقة بالإكراه والاعتداء المتعمد الذي أسفر عن إصابة. وهو يقضي حكماً بالسجن مع الأشغال الشاقة مدته 15 عاماً، ويخضع لتنفيذ عقوبة بالجلد عشر جلدات بعصا من فرع شجرة تمر هندي.

2-2 وقد نُظر في الاستئناف المقدم من صاحب البلاغ ضد إدانته والحكم عليه، ورُفض الاستئناف في 25 أيلول/سبتمبر 1995. ويدعي محاميه أنه لا يوجد محضر معلن بسير الدعوى أمام محكمة الاستئناف، كما أن أسباب رفض الاستئناف لم تعلن كتابة.

2-3 ويدفع المحامي بأن صاحب البلاغ لا يستطيع تقديم طلب مراجعة دستورية أمام المحكمة (الدستورية) العليا في جامايكا لعدم توافر موارد مالية لديه، كما لا يحق له تلقي أي شكل من أشكال المساعدة القانونية بشأن طلب المراجعة ويستشهد المحامي بقرارات أصدرتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ورفضت فيها بشكل ثابت ادعاء حكومة جامايكا بأنه ينبغي لمقدم أي بلاغ بموجب البروتوكول الاختياري أن يقدم طلب مراجعة دستورية إلى المحكمة (الدستورية) العليا في جامايكا من أجل استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

الشكوى

3-1 يدفع صاحب البلاغ بأن ضربه بعصا من فرع شجرة التمر الهندي هو نوع من العقوبة قاس ولا إنساني ومهين بطبيعته، ولهذا السبب فإنه يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد (1).

3-2 ويعلن المحامي أن الحكم الأساسي المتعلق بالضرب بالسوط والجلد في جامايكا مصون دستور جامايكا لعام 1962. ويقول إن الأحكام القانونية ذات الصلة الناظمة للضرب بالسياط والجلد هي قانون الجلد لعام 1903، وقانون (منع) الجريمة لعام 1942، و"الاقرار والتعليمات" في إطار الفرع 4 من القانون، المؤرخة 26 كانون الثاني/يناير 1965 ويُدعى أنه نظراً لعدم وجود قواعد أكثر شمولاً من القواعد المبينة في "الإقرار والتعليمات" فإن الاجراء الفعلي المستخدم يعود، فيما يبدو، بدرجة كبيرة إلى ما تستنسبه سلطات السجن القائمة على التنفيذ. ويحيل المحامي في هذا السياق إلى الإفادة التي قدمها السيد إ.ب. الذي كان فيما سبق من نزلاء السجن العام بكنغستون في جامايكا.

3-3 ويذكر السيد إ.ب. في إفادته أنه أدين بارتكاب اعتداء متعمد أدى إلى إصابة. ثم حكم عليه في 8 آب/أغسطس 1994، بالسجن أربع سنوات مع الأشغال الشاقة وبالجلد ست جلدات بعصا شجرة التمر الهندي. وكان من المقرر الإفراج عنه في 1 آذار/مارس 1997 بعد أن أعفي من ثلث مدة العقوبة لحسن السلوك. وقبل يوم من الافراج عنه، جاءت مجموعة من السجانين تزيد على 12 سجاناً إلى زنزانته واقتادته إلى قسم آخر في السجن. واحتج عندما أدرك أن الحكم عليه بالجلد على وشك التنفيذ، وكان من نتيجة ذلك أن ضربه أحد السجانين على معدته. ثم أمسك به وعُصبت عيناه بعصابة وأُمر بتعرية الجزء الأدنى من جسمه. وبعد ذلك، أجبر على الانكفاء إلى الأمام على برميل وأولج أحد السجانين قضيبه في فتحة من البرميل. ثم جرى وهو في ذلك الوضع تطويقه بحزام وضرب على ردفيه بأداة لم يكن يستطع أن يراها. ويذكر إ. ب. أن عدداً لا لزوم لـه من السجانين (25 سجاناً) كان حاضراً أثناء جلده، مما زاد من شعوره بالمهانة. ويقول إن الطبيب هو الشخص الخارجي الوحيد الذي حضر عملية جلده، وأنه لم يفحصه بعد الجلد.

3-4 ويُدعى كذلك أن السمات الخاصة لعملية الجلد في جامايكا على نحو ما تبين في قضية إ.ب. بما في ذلك طوال الفترة المنقضية بين وقت إصدار الحكم وتنفيذه، تضاعف من كرب العقوبة. ومن هذه السمات تعدد شهود العقوبة وهويتهم، مما يشعر المرء بالمهانة وعدم النص على حضور شهود من طرف السجين، وشعور السجين بالمهانة لقيده عارياً إلى برميل.

3-5 ويذكر المحامي أن جامايكا لم تشهد على مدى 25 عاماً، قبل عام 1994، أي تنفيذ للعقوبة البدنية. فإذا تزايد تواتر ارتكاب الجرائم الخطيرة في جامايكا مبرراً كما يقولون لإعادة العمل بالعقوبة البدنية، فإن عدم ردعية هذه العقوبة، وهو ما ثبت بالتجربة، يبطل وجاهة هذا المبرر. ويلاحظ المحامي أيضاً أنه بموجب المادة 9 من قانون الجلد لعام 1903 "لا يجوز بأي حال من الأحوال، إصدار حكم بالجلد على أنثى". ويدفع المحامي بأنه لو كان منع الجريمة هو الغرض من القانون لما نُص على الاستثناء.

بيان الدولة الطرف وتعليقات المحامي عليه

4-1 تطعن الدولة الطرف، في بيانها المقدم في 28 آب/أغسطس 1997، في جواز قبول البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري مدعية أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد لأن صاحب البلاغ لم يقدم التماساً كتابياً إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة.

4-2 ودون المساس برد الدولة الطرف المتعلق بالمقبولية، ترد الدولة أيضاً على الوقائع الموضوعية ذاكرة فقط أن حكم الجلد الصادر بحق صاحب البلاغ لا يخالف المادتين 7 و10 من العهد، ذلك أن التشريع ذا الصلة، قانون الجلد وقانون (منع) الجريمة، مصون بنص المادة 26 من الدستور من الطعن بعدم الدستورية.

5-1 ويدفع صاحب البلاغ في بيانه المؤرخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 بأن ملاحظات الدولة الطرف ملاحظات خاطئة، وبأن مقبولية البلاغ ممكنة. ويذكر المحامي في هذا الصدد أن أحداً لا يعلم بوجود محضر معلن بسير الدعوى أمام محكمة الاستئناف في 25 أيلول/سبتمبر 1995، كما لم يعلن، كتابياً أي سبب لرفض الاستئناف. وعلاوة على ذلك، يوضح المحامي أن صاحب البلاغ لم يقدم التماساً إلى مجلس الملكة بناء على مشورة من السيد هيو ديفيس، المحامي. ويُذكر أنه طُلب إلى السيد ديفيس تقديم مشورته بشأن موضوعية تقديم طلب إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة لاستصدار إذن بالاستئناف. ويوضح السيد ديفيس، في مشورته التي أتيحت نسخة منها للجنة، أنه لا يجوز الطعن في دستورية الحكم إلا بتقديم طلب مراجعة دستورية إلى المحاكم الجامايكية المختصة، وهو طلب لم يكن بوسع المحامي اللندني أن يقدمه. وعلى ضوء هذه المعلومات الأساسية، أشار السيد ديفيس على صاحب البلاغ باستبعاد إمكانية منحه إذناً بالاستئناف.

5-2 ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن تقديم طلب مراجعة دستورية إلى المحكمة العليا في جامايكا لم يكن سبيل انتصاف متاحاً في هذه القضية. ويدفع المحامي بأن عدم توافر مال خاص لدى صاحب البلاغ لدفع نفقات تمثيله القانوني وعدم إتاحة مساعدة قانونية له وعدم وجود محامين على استعداد للاضطلاع بهذا التمثيل بدون مقابل، قد أعاق مسألة تقديم طلب من هذا القبيل؛ ذلك أن هذا الطلب يستلزم، دون شك، نظراً لتعقد الدستور كوثيقة قانونية، محامياً ذا خبرة لضمان حظ معقول من النجاح. ويدفع المحامي في الختام بأنه بسبب عدم توفير مساعدة قانونية، لصاحب البلاغ فإن سبيل الانتصاف أمام المحكمة الدستورية لجامايكا لم يكن متاحاً له. ولهذا السبب ينبغي اعتبار سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت.

5-3 وفيما يتعلق بالوقائع الموضوعية للقضية، يدفع المحامي بأن اشارة الدولة الطرف إلى دستورها لا تمنع، في حد ذاتها، من الطعن في الحكم بدعوى مخالفة المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

إدعاء جديد مقدم من صاحب البلاغ

6-1 يقدم صاحب البلاغ، في رسالته المؤرخة 6 كانون الثاني/يناير 1998، إدعاءً جديداً بأن ثلاثة سجانين ضربوه ضربا مبرحا في السجن العام في كنغستون في 13 كانون الأول/ديسمبر 1997.

6-2 ويذكر صاحب البلاغ أن سجيناً طعنه بسكين في ظهره بعد أن هاجمه بالاشتراك مع ثلاثة نزلاء آخرين في 13 كانون الأول/ديسمبر 1997. وبعد إبلاغ أحد السجانين بعملية الطعن، اقتيد صاحب البلاغ للمثول أمام عريف معين بالسجن، يُدَّعى أنه طلب من صاحب البلاغ تعيين مهاجميه. ويذكر صاحب البلاغ أنه عيَّن ثلاثة منهم، وأن العريف استعاد من هؤلاء سكينين ومعولا لتكسير الثلج، ثم بدأ يضرب السجين الذي أقرّ أنه طعن صاحب البلاغ. إلا أنه بعد برهة من الضرب، يُزْعَم أن السجين ادعى أن صاحب البلاغ هو الذي استفزه بطعنه أولاً بسكين. ويقول صاحب البلاغ إن هذا غير صحيح، ومع ذلك بدأ العريف يضربه. ويدعي صاحب البلاغ أن سجانين آخرين انضما إليه في الضرب حتى سقط صاحب البلاغ مغشيا عليه. ويدَّعي أنه يتذكر أن الدماء سالت من أنفه وفمه، وأنه ظل فاقد الوعي حتى استيقظ في سيارة كانت تقله إلى مستشفى كنغستون العام.

6-3 ويذكر صاحب البلاغ أنه عانى نتيجة لهذا الضرب من نزيف داخلي، وأنه ظل يعالج منه في المستشفى حتى 16 كانون الأول/ديسمبر 1997. ويدعي أن بعض أفراد الشرطة التابعين لقسم شرطة إيليستون رود زاروه في 15 كانون الأول/ديسمبر 1997، وأخذوا أقواله. ويدعي أيضا أنه بعد خروجه من المستشفى، أدلى بأقوال لأحد مساعدي مدير السجن ولكن رفضت جميع الطلبات التي قدمها لاحقا لرؤية مدير السجن.

6-4 وأرسلت رسالة صاحب البلاغ إلى الدولة الطرف مع طلب إبداء تعليقات عليها لتمكين اللجنة من تناول جميع الادعاءات في نفس الإجراء.

بيان الدولة الطرف بشأن الادعاء الجديد

7-1 في مذكرة مؤرخة 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 تقول الدولة الطرف إنها طلبت إلى إدارة مصلحة السجون التحقيق في الادعاءات الجديدة لصاحب البلاغ وإنها ستوافي اللجنة بنتائج هذه التحقيقات بمجرد تلقيها.

7-2 وفي بيان الدولة الطرف المؤرخ 17 أيار/مايو 1999، تقدم الدولة نتائج التحقيقات وتنكر حدوث أية انتهاكات للعهد. وتدفع الدولة الطرف بأن تقريرا عن إصابة صادرا عن سجن تاور ستريت للبالغين مؤرخا 13 كانون الأول/ديسمبر 1997، يبين أن صاحب البلاغ طعنه سجين آخر، وأنه نقل إلى مستشفى السجن لإجراء الإسعافات الأولية له قبل نقله إلى مستشفى كنغستون العام حيث ظل يعالج حتى 15 كانون الأول/ديسمبر 1997. وجاء في تقرير طبي صادر عن الدكتور ن. غراهام، الجراح العام بمستشفى كنغستون العام، أرفقت نسخة منه ببيان الدولة الطرف، أن صاحب البلاغ "لم يعان من فقدان الوعي، أو عسر التنفس، كما لم يتقيأ ولم يبصق دماً". وعلاوة على ذلك، يذكر التقرير أن إصاباته عبارة عن جرح نتيجة طعنة في الصدر. ولم يرد فيه أي ذكر لإصابات حدثت نتيجة ضرب.

7-3 وتذكر الدولة الطرف أيضا أن المسؤول المعني ("العريف") ينكر أنه استخدم القوة بأي حال من الأحوال ضد صاحب البلاغ في التاريخ المذكور. ويقر العريف فقط بأنه استجوب صاحب البلاغ لمعرفة ما إذا كان بحوزته سكين أم لا. ويقر سجان آخر كان حاضرا أثناء الحادث المدعى وقوعه بأنه سأل صاحب البلاغ عما إذا كان بحوزته سكين. ومن المدعى به أن هذا السجان قال إن صاحب البلاغ قد استجوب لاشتباه سلطات السجن في حيازته لسكين، واعترف باستخدام قدر من القوة في محاولة استرجاع السكين. إلا أنه يذكر أن استخدام القوة لم يستمر طويلا بسبب إصابات صاحب البلاغ. كما أن هذا السجان لا يتذكر ما إذا كان العريف المشار إليه آنفاً كان على مقربة مما حدث وقت حدوثه.

7-4 وتدفع الدولة الطرف، في الختام، استنادا إلى التحقيق الذي أجرته، بأن الشخص المسؤول ("العريف") لم يضرب صاحب البلاغ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1997. وتسلم بأنه لدى محاولة التحقق مما إذا كان بحوزة صاحب البلاغ سكين أم لا، استُعملت معه القوة إلى حد ما، لكنها تذكر أن القوة المستعملة لم تكن مفرطة ولم تبلُغ الدرجة التي يدعيها صاحب البلاغ. ودفعت الدولة الطرف أيضا بأن التقرير الطبي يقدم إثباتات لعدم استعمال القوة بشكل مفرط ضد صاحب البلاغ، الأمر الذي يدل عليه عدم وجود إصابات به غير الإصابات التي تسبب فيها طعنه بالسكين.

النظر في جواز القبول وتمحيص الوقائع الموضوعية

8-1 قبل النظر في أية ادعاءات يتضمنها بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملا بالمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف طعنت في مقبولية الطلب الأصلي زاعمة أن سبُل الانتصاف المحلية لم تستنفد نظرا لأن صاحب البلاغ لم يقدم التماسا إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة. وتشير اللجنة إلى الحكم المستقر في فقه اللجنة بأنه، لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ينبغي أن تكون سبُل الانتصاف المحلية فعالة ومتاحة، على السواء. وفيما يتعلق بإمكانية طعن صاحب البلاغ في شرعية الحكم الصادر بحقه، تشير اللجنة إلى قول محاميه بأن هذا الطعن ما كان يمكن تقديمه إلا في شكل طلب مراجعة دستورية يرفع إلى المحاكم الجامايكية، ومن ثم، لا يكون لتقديم أي التماس إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة بشأن هذه النقطة حظ معقول من النجاح. وتلاحظ اللجنة أيضا أن الدولة الطرف تدعي في جملة واحدة لا أكثر وردت ضمن ملاحظاتها بشأن المقبولية أنه كان يمكن تقديم التماس إلى مجلس الملكة، دون أن توضح الدولة ما إذا كان هذا يشكل سبيل انتصاف فعالا ومتاحا ودون أن تعلق على ادعاءات المحامي في هذا الصدد. وترى اللجنة، في هذه الظروف، أن تقديم التماس إلى اللجنة القضائية لمجلس الملكة لم يكن ليشكل سبيل انتصاف متاحا وفعالا لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-3 وفيما يتعلق بإمكانية تقديم صاحب البلاغ طلب مراجعة دستورية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعلق على هذه المسألة. كما ترى، على ضوء الحكم المستقر، في فقه اللجنة، أن أي طلب مراجعة دستورية لا يشكل، في حالة عدم توفير مساعدة قانونية لصاحب البلاغ، سبيل انتصاف متاحا وفعالا في هذه القضية. وترى اللجنة في الختام أنه لا شيء في نص الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يحول دون نظرها في الادعاء الأصلي.

8-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية الادعاء الجديد. وبناء عليه، تعلن اللجنة أيضا قبول هذا الادعاء، وستشرع في فحص الوقائع الموضوعية للادعاءين المقبولين، على ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقضي بذلك الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-1 وقد ادعى صاحب البلاغ أن استعمال عصا شجرة التمر الهندي في ضربه يشكل معاملة قاسية لا إنسانية مهينة، وأن الحكم بهذه العقوبة أخل بحقوقه بمقتضى المادة 7 من العهد. وطعنت الدولة الطرف في هذا الادعاء بإعلانها أن المادة 26 من دستور جامايكا تحول دون الطعن في دستورية القانون المحلي الذي ينظم العقوبة البدنية. ومع ذلك، توضح اللجنة أن دستورية حكم العقوبة لا تكفي أيضا للوفاء بمتطلبات الامتثال للعهد. فإجازة القانون المحلي إصدار حكم عقوبة من هذا القبيل أمر لا يمكن التذرع به كمبرر في إطار العهد. فبغض النظر عن طبيعة الجريمة التي يتعين المعاقبة عليها، وأيا كان العنف الذي تتسم به، تعتقد اللجنة اعتقادا جازما بأن العقوبة البدنية تشكل معاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة، لا تتفق ونص المادة 7 من العهد. وترى اللجنة أن الدولة الطرف بإصدارها حكم الضرب بعصا شجرة تمر هندي تكون قـد انتهكـت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7.

9-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن ثلاثة سجانين من السجن العام في كنغستون قد ضربوه ضربا مبرحا في 13 كانون الأول/ديسمبر 1997، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تبين لها من التحقيقات التي أجرتها في تلك الادعاءات أن السجانين لم يستخدموا القوة بأكثر مما كان يلزم للتحقق مما إذا كان بحوزة صاحب البلاغ سكين. وعلاوة على ذلك، زودت الدولة الطرف اللجنة بنسخ من تقارير طبية لا يرد فيها ذكر للإصابات التي يدعي صاحب البلاغ أنه أصيب بها من جرَّاء عمليات الضرب المزعومة. ولهذا السبب لا تستطيع اللجنة استنادا إلى المواد المعروضة عليها أن تستنتج حدوث انتهاك للعهد على هذه الأسس.

10- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة أمامها تكشف عن انتهاك المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11- وإن على الدولة الطرف التزاما بمقتضى الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد أوسبورن، كما ينبغي لها أن تعوضه عن انتهاك حقوقه. كما أن عليها التزاما بالامتناع عن تنفيذ حكم الجلد على السيد أوسبورن. وينبغي للدولة الطرف أن تضمن عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل عن طريق إلغائها الأحكام التشريعية التي تجيز استخدام العقوبة البدنية.

12- وقد اعترفت جامايكا، بمجرد أن أصبحت طرفا في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك للعهد. وقد قدمت هذه القضية لتنظر فيها اللجنة قبل أن يصبح انسحاب جامايكا من البروتوكول الاختياري ساريا في 23 كانون الثاني/يناير 1998. ووفقا للمادة 12(2) من البروتوكول الاختياري، يستمر انطباق أحكام البروتوكول الاختياري على البلاغ. وقد تعهدت الدولة الطرف، عملا بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لكل الأشخاص الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد. وترغب اللجنة في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. ويطلب إلى الدولة الطرف أيضا أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والانكليزية والفرنسية، والنص الانكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضاً في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) يشار في هذا الصـدد إلى القراريـن اللذين اتخذا في قضيتي س. ضد نكوبي وآخرين، وس. ضد أ. جوفينل ، في زمبابوي، وإلى المقرر الصادر بخصوص قضية هوبز وميتشل ضد ر. في بربادوس، وإلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية تيرر ضد المملكة المتحدة .

ميم- البلاغ رقم 760/1997، ج.غ.أ. ديرغارت وآخرون

(اعتمدت الآراء في 25 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من : ج. غ. أ. ديرغارت (الزعيم الراحل لجماعة "ريهوبوث باستر) وآخرون (يمثلهم الدكتور ي. ج. د. بيترز، محاميهم القانوني الدولي)

الأشخاص المدَّعى أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : ناميبيا

تاريخ البلاغ : 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ القرار المتعلق بالمقبولية : 7 تموز/يوليه 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تموز/يوليه 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 760/1997 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من جانب ج. غ. أ. ديرغارت وآخرين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب هـذا البلاغ هم ج. غ. أ. ديرغارت، زعيم جماعة "ريهوبوث باستر" (1) ود. ج. آيزاكس، الزعيم المؤقت لجماعة ريهوبوث باستر، وفيليم فان ويجك وجان إدوارد ستومبفي، وهما عضوان بالمجلس التشريعي لجماعة ريهوبوث باستر، وأندرياس جاكوبوس برينديل، المتحدث باسم جماعة ريهوبوث باستر، وج. موتون وجوان تشارلز ألكسندر مكناب، وهما عضوان بهذه الجماعة. وهؤلاء يقدمون البلاغ بالأصالة عن أنفسهم وبالنيابـة عـن جماعـة ريهوبوث باستر ويدّعون أنهم ضحية لانتهاك من جانب ناميبيا للمواد 1، و14، و17، و25(أ) و(ج)، و26، و27 من العهد. ويمثلهم الدكتور ي. ج. د. بيترز، محاميهم القانوني الدولي.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 أفراد جماعة ريهوبوث باستر يتحدرون من المستوطنين الخوي والأفريكان من السكان الأصليين الذين كانوا يعيشون أصلا في منطقة الكاب ولكنهم انتقلوا إلى إقليمهم الحالي في عام 1872. وكانت تحكمهم ‘قوانين الآباء‘، التي كانت تنص على انتخاب زعيم وعلى حقوق المواطنين وواجباتهم. وفي الوقت الحاضر، يبلغ عدد أفراد الجماعة نحو 000 35 شخص، كما تبلغ مساحة المنطقة التي يشغلونها (جنوبي ويندهوك) 216 14 كيلومترا مربعا. وقام أفراد الباستر في هذه المنطقة بتنمية مجتمعهم وثقافتهم ولغتهم واقتصادهم وبفضل ذلك كونوا إلى حد كبير مؤسساتهم الخاصة بهم مثل المدارس والمراكز المجتمعية.

2-2 واستمر استقلالهم خلال فترة الحكم الاستعماري الألماني لناميبيا، وهو استقلال اعترفت به جنوب أفريقيا عندما أصبحت دولة الانتداب لجنوب غربي أفريقيا. غير أن حكومة جنوب أفريقيا قامت في عام 1924، بسبب الخلاف فيما بين الباستريين حول اتفاق مبرم مع جنوب أفريقيا بشأن إدارة منطقة ريهوبوث، بسن الاعلان رقم 31 الذي جرى بمقتضاه تحويل جميع سلطات الزعيم والمحاكم والمسؤولين الذين يعينهم المجلس إلى القاضي ومحكمته، مما علق العمل بالاتفاق المتعلق بالحكم الذاتي. وفي عام 1933، جرى الأخذ بعملية تدريجية لاستعادة شكل ما من أشكال الحكم المحلي عن طريق إنشاء مجلس استشاري كانت الجماعة تنتخب أعضاءه.

2-3 وبموجب القانون رقم 56 لعام 1976، الصادر عن برلمان جنوب أفريقيا، مُنح شعب ريهوبوث "حكما ذاتيا وفقا لقانون الآباء لعام 1872". ونص هذا القانون على انتخاب زعيم مرة كل خمس سنوات، يقوم بتعيين مجلس الوزراء. أما القوانين التي يصدرها مجلس الوزراء فكان يتعين أن يوافق عليها مجلس الشعب (فولكسراد: Volksraad)، المؤلف من تسعة أعضاء.

2-4 ووفقا لما ذكره المحامي فإن أفراد جماعة ريهوبوث باستر قبلوا في عام 1989، في ظل ضغط سياسي شديد، النقل المؤقت لسلطاتهم التشريعية والتنفيذية إلى شخص الحاكم الإداري العام لجنوب غربي أفريقيا، بغية الامتثال للقرار رقم 435(1978) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ففي ذلك الاقتراح، الذي اعتمده مجلس ريهوبوث في 30 حزيران/يونيه 1989، طُلب إلى الحاكم الاداري العام أن يدير الاقليم بوصفه وكيلا للزعيم وألا يصدر أي قانون أو لائحة تطبق على ريهوبوث دون موافقة الزعيم ومجلس الوزراء ومجلس الشعب؛ وفي نهاية الفترة المشمولة بالولاية، تقوم حكومة ريهوبوث باستعادة سلطتها. والاعلان الصادر عن الحاكم الاداري العام بشأن نقل صلاحيات السلطة التشريعية وحكومة ريهوبوث، والمؤرخ في 30 آب/أغسطس 1989، يعلِّق صلاحيات المجلس التشريعي ومجلس زعيم ريهوبوث "حتى التاريخ السابق مباشرة للتاريخ الذي يصبح فيه الاقليم مستقلا". ولذلك يُؤكَّد أن أثر هذا النقل قد انقضى في اليوم السابق لاستقلال ناميبيا، وأنه على هذا النحو أصبح النظام القانوني التقليدي والقانون رقم 56 لعام 1976 ساريين في إقليم ريهوبوث في 20 آذار/مارس 1990. واعتمدت جمعية شعب ريهوبوث في 20 آذار/مارس 1990 قرارا باستعادة سلطة الزعيم ومجلسه والمجلس التشريعي. وفي 21 آذار/مارس 1990، أصبحت ناميبيا مستقلة وبدأ نفاذ الدستور.

2-5 ويؤكد أصحاب البلاغ أن حكومة ناميبيا لم تعترف باستقلالهم والعودة إلى الوضع القائم من قبل، بل صادرت ملكية جميع الأراضي الجماعية الخاصة بالجماعة عن طريق تطبيق البيان التفسيري 5 للدستور، ونصه كما يلي:

"1) تؤول إلى ملكية حكومة ناميبيا أو تخضع لسيطرتها جميع الممتلكات التي كانت ملكيتها أو السيطرة عليها قبل تاريخ الاستقلال مباشرة موضوعة في يد حكومة إقليم جنوب غربي أفريقيا أو في يد أي سلطة ممثلة مكونة بموجب إعلان السلطات الممثلة، لعام 1980 (الإعلان AG 8 لعام 1990) أو في يد حكومة ريهوبوث، أو في يد أي هيئة أخرى، قائمة على تشريع أم لا، مشكلة من جانب أو لصالح أي حكومة أو سلطة من هذا القبيل قبل تاريخ الاستقلال مباشرة، أو كانت مودعة على سبيل الأمانة لصالح حكومة ناميبيا مستقلة أو بالنيابة عنها.

..."

ووفقا لما ذكره المحامي، فإن ذلك قد ترتب عليه أثر يتمثل في محو سبل عيش الجماعة بالنظر إلى إنكار حق الجماعة في الأرض والممتلكات.

2-6 وفي 22 حزيران/يونيه 1991، قام شعب ريهوبوث بتنظيم انتخابات عامة لانتخاب زعيم ومجلس وجمعية وفقا لقوانين الآباء. وعهد إلى الهيئات الجديدة بحماية الممتلكات الجماعية الخاصة بهذا الشعب مهما كانت التكلفة. وبعد ذلك قامت جماعة ريهوبوث باستر وزعيمها برفع قضية على حكومة ناميبيا أمام المحكمة العليا. وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر 1993، اعترفت المحكمة بحق هذه الجماعة في المثول أمام المحكمة. ويقدم المحامي حجة مفادها أن هذا ينطوي على اعتراف المحكمة بكون أهالي ريهوبوث باستر يشكلون شعبا على أساس حقهم الذاتي. بيد أن المحكمة العليا رفضت في 26 أيار/مايو 1995 ادعاء هذه الجماعة بالملكية الجماعية. وفي 14 أيار/مايو 1996، رفضت محكمة النقض الالتماس المقدم من أهالي باستر. وهم يؤكدون بذلك أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

2-7 وفي 28 شباط/فبراير 1995، بدأ بالنسبة إلى ناميبيا سريان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق به.

الشكوى

3-1 يؤكد المحامي أن الحكومة ما زالت تصادر الأصول الخاصة بجماعة ريهوبوث باستر، وأن الزعيم وقادة آخرين ومنظمات قد طُردوا من مقر إقامة الزعيم ومن المكاتب الإدارية ومقر بلدية الجماعة وأرض هذه الجماعة والأصول الخاصة بمؤسسة تنمية ريهوبوث وحُرموا منها جميعا. ويؤكد المحامي أن هذه السياسة تشكل خطرا على الوجود التقليدي للجماعة باعتبارها كلا جماعيا يتألف بصورة رئيسية من المزارعين القائمين بتربية الماشية. وهو يشرح أن هذه الجماعة تحتاج في أوقات الجفاف (مثل الوقت الذي قُدم فيه البلاغ) إلى أرض الجماعة التي تُمنح عليها حقوق الرعي لأفرادها على أساس التناوب. وقد أدت مصادرة أراضي الجماعة وما أعقب ذلك من خصخصتها، فضلا عن الإفراط في استخدام الأرض من جانب القادمين الجدد عديمي الخبرة إلى المنطقة، إلى إفلاس كثير من مزارعي الجماعة الذين تعين عليهم ذبح حيواناتهم. ونتيجة لذلك فإنهم لا يستطيعون دفع الفوائد المصرفية المستحقة على القروض الممنوحة لهم من جانب مؤسسة التنمية (التي كانت إحدى ممتلكات الجماعة ولكن الحكومة صادرت ملكيتها)، ثم تباع منازلهم إلى المصارف ويجدون أنفسهم بلا مأوى. ويؤكد المحامي على أن مصادرة ملكية جميع الممتلكات المملوكة بصورة جماعية للجماعة تحرم هذه الأخيرة من الأساس الذي تقوم عليه أسباب معيشتها الاقتصادية، التي تشكل بدورها أساس هويتها الثقافية والاجتماعية والعرقية. وقيل إن ذلك يشكل انتهاكا للمادة 27.

3-2 وفي هذا السياق، يدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا لانتهاك من جانب حكومة ناميبيا للمادة 1 من العهد. وهم يشيرون إلى أن المحكمة العليا الناميبية قد اعترفت بهم بوصفهم جماعة متميزة ذات أساس قانوني. كذلك فإنهم يدّعون أن حقهم في تقرير المصير داخل جمهورية ناميبيا (ما يسمى بتقرير المصير الداخلي) قد انتُهك بالنظر إلى أنه لا يُسمح لهم بالسعي إلى تحقيق تنميتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أنه لا يُسمح لهم بالتصرف بحرية في الثروات والموارد الوطنية المملوكة لجماعتهم. فبسن قانون الحكم الاقليمي في عام 1996، أُنهيت فترة وجود الريهوبوث التي يبلغ طولها 124 عاماً بوصفهم يشكلون إقليما منظما تنظيما مستمرا. فهذا الإقليم مقسم الآن إلى منطقتين، مما يحول دون اشتراك أفراد الباستر بصورة فعالة في الحياة العامة على أساس إقليمي، بالنظر إلى أنهم أقلية في كلتا المنطقتين الجديدتين. ويدعي المحامي أن هذا يشكل انتهاكا للمادة 25 من العهد.

3-3 كذلك يدعي أصحاب البلاغ وقوع انتهاك للمادة 14 من العهد، بالنظر إلى أنهم قد أُجبروا على استخدام اللغة الانكليزية في جميع مداولات المحكمة، وهي لغة لا يستخدمونها عادة ولا يجيدونها. وعلاوة على ذلك، فقد تعين عليهم تقديم ترجمات محلفة لجميع الوثائق الداعمة لمطالباتهم (التي كانت محررة باللغة الأفريكانية) وبتكلفة مرتفعة جداً. ولذلك فإنهم يدّعون أن حقهم في المساواة أمام المحاكم قد انتُهك نظرا إلى أن قواعد المحكمة تحابي المواطنين المتحدثين بالانكليزية.

3-4 ويشير المحامي في هذا الصدد إلى أن المادة 3 من الدستور تعلن أن الانكليزية هي اللغة الرسمية الوحيدة في ناميبيا. وتسمح الفقرة 3 من هذه المادة باستخدام لغات أخرى على أساس تشريعات يصدرها البرلمان. ويذكر المحامي أنه بعد مرور سبعة أعوام على نيل الاستقلال لم يتم اعتماد قانون من هذا القبيل بعد، ويدّعي أن ذلك يشكل تمييزا ضد المتكلمين بغير الإنكليزية. ووفقا لما ذكره المحامي، فإن محاولات المعارضة الرامية إلى سن هذا التشريع قد عرقلتها الحكومة التي أعلنت أنه لا نية لديها في اتخاذ أي اجراء تشريعي في هذا الشأن. ويشير المحامي في هذا الصدد إلى تعداد عام 1991، ووفقا لـه فإن نسبة 0.8 في المائة فقط من سكان ناميبيا يستخدمون الانكليزية كلغة أم.

3-5 ونتيجة لذلك فقد حُرم أصحاب البلاغ من امكانية استخدام لغتهم الأم في مجالات الإدارة (2) والقضاء والتعليم والحياة العامة. ويقال إن ذلك يشكل انتهاكا لحقوقهم بموجب المادتين 26 و27 من العهد.

3-6 ويدعي أصحاب البلاغ كذلك وقوع انتهاك للمادة 17 من العهد، نظراً إلى أنهم وماشيتهم قد طُردوا من الأراضي التي كانوا يحوزونها في إطار ملكية جماعية.

3-7 ويطلب المحامي إلى اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة للحماية بموجب المادة 86 من النظام الداخلي. وهو يرجو أن تطلب اللجنة عدم حدوث أي مصادرة أو شراء أو بيع لأراضي الجماعة، وعدم تحصيل أي إيجار من المستأجرين، وعدم منع أية قطعان من الرعي في أراضي الجماعة أثناء نظر اللجنة في البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات المحامي عليها

4- في 23 حزيران/يونيه 1997 قامت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، بإحالة البلاغ إلى الدولة الطرف طالبة إليها تقديم معلومات وملاحظات، دون أن تطلب إليها مع ذلك اتخاذ تدابير مؤقتة بالحماية بموجب المادة 86 من النظام الداخلي.

5- وأكدت الدولة الطرف، بمذكرة مؤرخة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، أن سبُل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت. بيد أن الدولة الطرف قد أنكرت أنها انتهكت التزامات دولية. وأكدت الدولة الطرف أنها مستعدة لتقديم أي معلومات ذات صلة قد تطلبها اللجنة، إما شفويا أو كتابة.

6- ولاحظ المحامي، في تعليقاته على ما قدمته الدولة الطرف، أن هذه الأخيرة قد سلمت بأن سبُل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت وأنها لم تقدم أي أسباب أخرى ينبغي على أساسها أن يكون البلاغ غير مقبول. ووافق المحامي على أنه ينبغي النظر في هذه المسألة بالاستناد إلى أساسها الموضوعي.

قرار اللجنة المتعلق بالمقبولية

7- قامت اللجنة، في دورتها الثالثة والستين، بالنظر في مسألة مقبولية البلاغ. وقد تحققت، حسب مقتضيات الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي. ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف قد أكدت أن جميع سبل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت.

8- وبناء على ذلك، خلصت اللجنة في 7 تموز/يوليه 1998 إلى أن البلاغ مقبول وقررت بحث مسألة ما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت، أم لا، التزاماتها بموجب العهد في القضية الخاصة بأصحاب البلاغ وذلك بالاستناد إلى الأساس الموضوعي لهذه القضية.

التطورات الأخرى

9-1 في 3 آب/أغسطس 1998، أحيل قرار اللجنة المتعلق بالمقبولية إلى الدولة الطرف التي طُلب إليها أن تقدم تفسيرات أو بيانات خطية بشأن جوهر ادعاءات أصحاب البلاغ. ولم ترد أية معلومات على الرغم من رسالتين تذكيريتين أُرسلتا إلى الدولة الطرف.

9-2 وفي 28 كانون الثاني/يناير 1999، أبلغ محامي أصحاب البلاغ اللجنة أن السيد جون ماكناب قد انتُخب زعيما لجماعة ريهوبوث. وفي رسالة أخرى، مؤرخة في 25 نيسان/أبريل 1999، أبلغ المحامي اللجنة أن إمدادات المياه إلى الجماعة قد قُطعت. وكرر طلبه باتخاذ تدابير مؤقتة خاصة بالحماية.

النظر في الوقائع الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ الحالي في ضوء جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وتأسف اللجنة لكون الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات فيما يتعلق بجوهر ادعاءات أصحاب البلاغ. وهي تشير إلى أن من المنصوص عليه ضمنا في البروتوكول الاختياري أن تتيح الدول الأطراف للجنة كل ما في حوزتها من معلومات. وفي ظل عدم تلقي رد من الدولة الطرف، فإنه يجب إيلاء ما ينبغي من اعتبار لادعاءات أصحاب البلاغ بقدر ما يمكن إثباتها.

10-3 وقد ادعى أصحاب البلاغ أن إنهاء حكمهم الذاتي يشكل انتهاكا للمادة 1 من العهد. وتشير اللجنة إلى أنه في حين أن لجميع الشعوب الحق في تقرير المصير والحق في أن تقوم على نحو حر بتحديد مركزها السياسي والسعي إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتصرف في ثروتها ومواردها الطبيعية، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 من العهد، فإن مسألة ما إذا كانت الجماعة التي ينتمي إليها أصحاب البلاغ تشكل "شعبا" ليست قضية من شأن اللجنة أن تتناولها في إطار البروتوكول الاختياري للعهد. وينص البروتوكول الاختياري على اجراءات يمكن في إطارها للأفراد أن يدعوا أن حقوقهم الفردية قد انتُهكت. وهذه الحقوق منصوص عليها في الجزء الثالث من العهد، من المادة 6 لغاية المادة 27 (3) . وكما يُستدل من قضاء اللجنة، لا يوجد اعتراض على قيام مجموعة أفراد، يدّعون أنهم متأثرون بصورة مشتركة، بتقديم بلاغ بشأن انتهاكات مدّعاة لهذه الحقوق. وفضلا عن ذلك، فإن أحكام المادة 1 قد تكون مناسبة في تفسير الحقوق الأخرى المحمية بموجب العهد، وبخاصة المواد 25 و26 و27.

10-4 وقد أتاح مقدمو البلاغ للجنة الحكم الذي أصدرته محكمة النقض في 14 أيار/مايو 1996 بشأن استئناف الحكم الذي كانت المحكمة العليا قد أصدرته بشأن مطالبة جماعة باستر بممتلكاتها الجماعية. وقد أصدرت هاتان المحكمتان عددا من القرارات الوقائعية في ضوء الأدلة التي قامتا بتقييمها وقدمتا تفسيرات معينة للقانون المحلي المنطبق. وقد ادعى أصحاب البلاغ أن أراضي جماعتهم صودرت وأنه يجري نتيجة لذلك انتهاك حقوقهم كأقلية بالنظر إلى أن ثقافتهم مرتبطة باستخدام الأرض الجماعية المملوكة لأفراد جماعتهم. وقيل إن ذلك يشكل انتهاكا للمادة 27 من العهد.

10-5 ويذكر أصحاب البلاغ أن الأرض، وإن كانت قد انتقلت إلى حكومة ريهوبوث قبل 20 آذار/مارس 1976 قد عادت إلى الجماعة تطبيقا للقانون بعد ذلك التاريخ. ووفقا للحكم الصادر، فإن أفراد الباستر كانوا قد حصلوا أولا من أجل الجماعة وبالنيابة عنها على أراض من قبيلة وارتبوي ولكن ظهر تقليد مفاده إصدار أوراق للتدليل على منح الأرض لمالكين من الأفراد وأن جزءا كبيرا من الأرض قد انتقل إلى دائرة الملكية الخاصة. بيد أن بقية الأرض قد ظلت أرضا جماعية إلى حين صدور قانون حكم ريهوبوث الذاتي رقم 56 لعام 1976 والذي انتقلت بموجبه ملكية الأرض أو السيطرة عليها من الجماعة وأصبحت موضوعة في يد حكومة ريهوبوث. وقد طالبت جماعة الباستر بالأرض. أما الحكم الذاتي فقد مُنح على أساس مقترحات مقدمة من مجلس ريهوبوث الاستشاري لأهالي الباستر. وأُجريت انتخابات بموجب هذا القانون وحُكمت منطقة ريهوبوث بمقتضى أحكام هذا القانون حتى عام 1989 عندما نُقلت السلطات الممنوحة بموجب هذا القانون إلى الحاكم الاداري العام لناميبيا نقلا قانونيا توقعاً لاستقلال ناميبيا الذي تلا ذلك في 21 آذار/مارس 1999 وإعداداً لهذا الاستقلال. وبموجب أحكام دستور ناميبيا، فإن جميع الممتلكات أو السيطرة على الممتلكات من جانب شتى المؤسسات العامة، بما في ذلك حكومة جنوب غربي أفريقيا، قد أصبحت موضوعة في يد حكومة ناميبيا أو تحت سيطرتها. وذكرت المحكمة كذلك ما يلي:

"اتخذت جماعة الباستر قرارا في عام 1976، عن طريق قادتها، باختيار الحكم الذاتي. وقد قررت هذه الجماعة بحرية نقل أراضيها الجماعية إلى الحكومة الجديدة. ومن الواضح أنها رأت ميزة في القيام بذلك. ثم قامت هذه الجماعة في عام 1989، عن طريق الحزب السياسي الذي كان قادتها ينتمون إليه، بالتوقيع على دستور ناميبيا مستقلة. ومما لا شك فيه مرة أخرى أن الجماعة قد رأت ميزة في القيام بذلك. فهي أرادت أن تكون جزءا من الأمة الموحدة الجديدة التي أنشأها الدستور. ... وقد تمثل أحد أهداف الدستور في توحيد أمة كانت مقسمة من قبل في ظل نظام الفصل العنصري. ولا مكان في المخطط الدستوري الجديد لهيئات الحكم الذاتي المفتتة. فقد ولت السنوات التي اتسمت بسياسة فرِّق تسد."

10-6 واختتاماً لهذا الجانب من الشكوى، تلاحظ اللجنة أن من شأن المحاكم المحلية تقرير الوقائع في إطار تفسير القوانين المحلية ووفقاً لهذا التفسير. وفيما يتعلق بالوقائع المقرَّرة، إذا حدث أن كان هناك "مصادرة ملكية" فإن ذلك قد وقع في عام 1976، أو على أية حال قبل بدء نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري بالنسبة إلى ناميبيا في 28 شباط/فبراير 1995. وفيما يخص المسألة ذات الصلة وهي استخدام الأرض، فإن أصحاب البلاغ قد ادعوا وقوع انتهاك للمادة 27 من حيث أن جزءاً من الأراضي التي درج أفراد جماعة ريهوبوث على استخدامها لأغراض رعي الماشية لم يعد أفراد الجماعة يستخدمونه من حيث الواقع استخداماً يستبعد غيرهم. ويقال إن تربية الماشية تشكل عنصراً أساسياً في ثقافة هذه الجماعة. وكما توضح السوابق القضائية الخاصة باللجنة، فإن حق أفراد أقلية ما في التمتع بثقافتهم بموجب المادة 27 يشمل حماية نهج معين في الحياة يرتبط باستخدام موارد الأرض عن طريق مباشرة أنشطة اقتصادية مثل الصيد البري وصيد الأسماك ولا سيما في حالة الشعوب الأصلية (4) . بيد أنه ليس في وسع اللجنة في القضية الحالية أن تقرر أنه يمكن لأصحاب البلاغ الاعتماد على المادة 27 لدعم مطالبتهم بأن يستخدموا دون غيرهم أراضي الرعي المعنية. ويرتكز هذا الاستنتاج على تقييم اللجنة للعلاقة بين نهج الحياة الذي يسير عليه أصحاب البلاغ والأراضي المشمولة بمطالباتهم. فعلى الرغم من أن صلة جماعة ريهوبوث بالأراضي المعنية تبلغ في تاريخها نحو 125 عاماً، فإنها ليست نتيجة لعلاقة كان يمكن أن تؤدي إلى نشوء ثقافة متميزة. وفضلاً عن ذلك، وعلى الرغم من أن جماعة ريهوبوث لديها سمات متميزة فيما يتعلق بالأشكال التاريخية للحكم الذاتي، فإن أصحاب البلاغ قد أخفقوا في البرهنة على كيف يمكن لهذه العوامل أن ترتكز على نهجهم المتمثل في تربية الماشية. ولذلك تقرر اللجنة أنه لم يحدث انتهاك للمادة 27 من العهد في القضية الحالية.

10-7 وترى اللجنة كذلك أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا أي ادعاء في إطار المادة 17 يمكن أن يثير قضايا مستقلة عن ادعائهم في إطار المادة 27 فيما يتعلق باستبعادهم من الأراضي التي درجت جماعتهم على امتلاكها.

10-8 وقد ادعى أصحاب البلاغ أيضاً أن إنهاء الحكم الذاتي فيما يتعلق بجماعتهم وتقسيم الأرض إلى منطقتين أُدمجت كلتاهما في مناطق أكبر قد أديا إلى تجزئة جماعة الباستر وتحويلها إلى أقلية بما في ذلك من تأثير معاكس على الحقوق المنصوص عليها في المادة 25(أ) و(ج) من العهد. أما الحق المنصوص عليه في المادة 25(أ) فهو حق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يُختارون بحرية، وأما الحق المنصوص عليه في المادة 25(ج) فهو الحق في أن تتاح للمواطن، على قدم المساواة عموماً مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده. وهذان هما حقان فرديان. وعلى الرغم من أن تأثير جماعة الباستر، بوصفها جماعة، على الحياة العامة ربما يكون قد تأثر حقاً بفعل دمج منطقتهم في مناطق أخرى عندما أصبحت ناميبيا مستقلة، فإنه لم يجر إثبات الادعاء القائل بأن هذا كان له أثر سلبي على تمتع أفراد الجماعة بالحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة وأن تتاح لكل منهم، على قدم المساواة عموماً مع غيرهم من مواطني بلدهم، فرصة تقلد الوظائف العامة. ولذلك تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة أمامها لا تبين أنه قد حدث انتهاك للمادة 25 في هذا الصدد.

10-9 وقد ادّعى أصحاب البلاغ أنهم أُجبروا على استخدام اللغة الإنكليزية في المداولات التي دارت في المحكمة، على الرغم من أنها ليست لغتهم الأم. وترى اللجنة، في هذه الحالة، أن أصحاب البلاغ لم يبرهنوا على الكيفية التي أدى بها استخدام الإنكليزية في مداولات محكمة إلى التأثير على حقهم في محاكمة عادلة. ولذلك فإن من رأي اللجنة أن الوقائع المعروضة أمامها لا تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14.

10-10 وادعى أصحاب البلاغ أيضاً أن عدم وجود تشريع بشأن اللغات في ناميبيا قد ترتب عليه أثر مفاده حرمانهم من استخدام لغتهم الأم في مجالات الإدارة والقضاء والتعليم والحياة العامة. وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قد أثبتوا أن الدولة الطرف أصدرت تعليمات إلى موظفي الخدمة المدنية لديها بعدم الرد على اتصالات أصحاب البلاغ الخطية أو الشفوية مع السلطات باللغة الأفريكانية، حتى عندما يكونون قادرين تماماً على أن يفعلوا ذلك. وهذه التعليمات التي تحظر استخدام اللغة الأفريكانية لا تتصل فقط بإصدار الوثائق العامة بل تتصل حتى بالمحادثات الهاتفية. وفي ظل عدم تلقي أي رد من الدولة الطرف، يكون على اللجنة أن تولي ما ينبغي من الاعتبار لادعاء أصحاب البلاغ القائل بأن التعميم المعني موجه عمداً ضد إمكانية استخدام اللغة الأفريكانية عند التعامل مع السلطات العامة. وبناء على ذلك، تقرر اللجنة أن أصحاب البلاغ، بوصفهم متحدثين باللغة الأفريكانية، هم ضحايا لانتهاك للمادة 26 من العهد.

11- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 26 من العهد.

12- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بإتاحة سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ ولغيرهم من أفراد جماعتهم وذلك بالسماح لموظفيها بالرد بلغات أخرى غير اللغة الرسمية بطريقة غير تمييزية. كذلك فإن على الدولة الطرف التزاماً بضمان عدم وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- وإن اللجنة، إذ تضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بصيرورتها دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في أن تقرر ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد داخل إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن تتيح سبيل انتصاف فعال وواجب الإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف، خلال 90 يوماً، معلومات حول التدابير المتخذة لإعمال آراء اللجنة. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيصدر فيما بعد بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) في 10 أيار/مايو 1998، أُبلغت اللجنة بوفاة الزعيم ديرغارت، وأن السيد د. آيزاكس. قد عُين زعيما بالإنابة.

(2) قدم المحامي نسخة من تعميم صادر عن المفوض الإقليمي للإقليم الأوسط، ريهوبوث، مؤرخ في 4 آذار/مارس 1992، يستبعد فيه بصراحة استخدام اللغة الأفريكانية خلال المحادثات الهاتفية مع السلطات العامة في الاقليم.

(3) انظر آراء اللجنة في القضية رقم 167/1984 (أوميناياك ضد كندا)، وهي آراء اعتُمدت في 26 آذار/مارس 1990.

(4) انظر قضايا: كيتوك ضد السويد (197/1985) وأوميناياك ضــد كنـدا (167/1984)، وإ. لانسمان وآخرون ضد فنلندا (511/1992)، وج. لانسمان وآخرون ضد فنلندا (671/1995)، فضلاً عن التعليق العام رقم 23[50]، الفقرة 7.

تذييل

رأي فردي صادر عن عبد الفتاح عمر (رأي مخالف)

ليس بوسعي الموافقة على ما قررته اللجنة من حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد، وذلك للأسباب التالية:

1- إن ناميبيا التي أعلنت استقلالها في 21 آذار/مارس 1991 قد جعلت اللغة الإنكليزية، في المادة 3 من دستورها، هي اللغة الرسمية للبلد بدافع من اهتمام مشروع بتحسين فرص الاندماج. وقد رئي أن منح أي مزايا أو مكانة خاصة للغة من لغات الأقليات أو اللغات القبلية الكثيرة الأخرى في البلد يُحتمل أن يشجع على التمييز وأن يشكل عقبة أمام بناء الأمة. ومنذ ذلك الحين فإن جميع اللغات غير الإنكليزية تتمتع بمكانة متساوية في إطار الدستور: فلا مزايا ولا تمييز. والوضع واحد فيما يتعلق بجميع اللغات، بما في ذلك اللغة الأفريكانية، التي ارتبط إدخالهـا في ناميبيــا بتاريـخ الاستعمار والـذي توقـف استخدامهـا على أي حـال كلغـة رسمية في 21 آذار/مارس 1991.

2- وتسمح المادة 3(3) من دستور ناميبيا باستخدام لغات أخرى وفقاً لتشريعات يعتمدها البرلمان، ولم يجر بعد اعتماد مثل هذا التشريع الذي لم يكن من الممكن على أية حال أن يكـون له أثر على استخدام الإنكليزية بوصفها اللغة الرسمية. ولم تُسن الضمانات التي كان يمكن أن يمنحها أو القيود التي كان يمكن أن يأتي بها، وبالنظر إلى أن الوضع واحد بالنسبة إلى الجميع، فلم يكن من الممكن من الناحية التشريعية إيجاد أي تمييز سواء أكان ذلك بمعنى إيجابي أو سلبي. ومن الطبيعي أن ذلك ينطبق أيضاً على اللغة الأفريكانية.

3- واستخدام لغات الأقليات بصفتها هذه لم يجر الحد منه، ناهيك عن أن يكون قد جرى التشكيك فيه على أي مستوى غير المستوى الرسمي. فالأشخاص الذين يتكلمون نفس اللغة، يستطيعون في علاقاتهم الشخصية فيما بين أنفسهم أو مع الآخرين أن يستخدموا هذه اللغة دون تدخل - يصعب تصوره على أي حال - من جانب السلطات. وبعبارة أخرى فما من شيء يحد من استخدام اللغة الأفريكانية بوصفها اللغة التي يختارها أفراد الباستر في علاقاتهم فيما بين أنفسهم أو مع الآخرين الذين يعرفون هذه اللغة ويوافقون على التفاهم معهم بها.

4- وأياً كانت أوجه الضعف التشريعي التي ربما تكون قائمة حتى الآن فإن حق المرء في أن يستخدم لغته الأم لا يمكن أن تكون له الأسبقية، من حيث العلاقات مع المؤسسات الرسمية، على اللغة الرسمية في البلد التي تشكل، أو التي يُقصد بها أن تشكل، لغة الجميع والقاسم المشترك الذي يربط بين جميع المواطنين. ويجوز للدولة أن تفرض على الجميع استخدام اللغة المشتركة، كما أن من حقها أن ترفض السماح لقلة من الناس بأن يضعوا القانون. وبعبارة أخرى فإن الجميع متساوون من حيث علاقتهم باللغة الرسمية كما أن أية مزايا لغوية - ما لم تنطبق على الجميع، وهي في هذه الحالة ستتوقف عن أن تكون مزايا - لا يكون لها ما يبررها وستكون تمييزية. ويشتكي أفراد الباستر من أنهم غير قادرين على استخدام لغتهم الأم للأغراض الإدارية أو في المحاكم. بيد أنهم ليسوا الوحيدين في هذا الوضع. فالوضع واحد تماماً بالنسبة إلى جميع من يتحدث لغات الأقليات الأخرى. ويقدم أفراد الباستر، دعماً لشكواهم، نسخة من تعميم صادر عن المفوض الإقليمي لمنطقة ريهوبوث الوسطى بتاريخ 4 آذار/مارس 1992 جاء فيه، وفقاً لما ذكره محاميهم، أن "استخدام اللغة الأفريكانية في أثناء المحادثات الهاتفية مع السلطات العامة الاقليمية أمر مستبعد صراحة". وهذا التعميم، وإن لم يكن مصاغاً بمهارة كبيرة، ينص بالفعل على شيء آخر ومن المؤكد على أية حال فإنه يقول أكثر من ذلك. وهو يستحق اهتماماً أكبر من جانب اللجنة من أجل تجنب خطر تعذر رؤية الأصول بسبب الانشغال بالفروع وكذلك لمنع هذه المشكلة المحددة من أن تحجب الوضع العام. ومن المهم في هذا الصدد أن نتذكر هيكل هذا المنشور، الذي يتألف من بيان للحقائق، ورسالة تذكيرية، وحظر مفروض، واشتراط مطلوب:

- أما بيان الحقائق فهو أن الموظفين يواصلون، أثناء أدائهم لواجباتهم، إجراء محادثاتهم الهاتفية الرسمية وكتابة رسائلهم الرسمية باللغة الأفريكانية؛

- وأما الرسالة التذكيرية فهي تشير إلى أن حقيقة أن اللغة الأفريكانية قد توقفت في 21 آذار/مارس 1992 عن أن تكون اللغة الرسمية وأن اللغة الإنكليزية قد أصبحت منذ ذلك الحين هي اللغة الرسمية لناميبيا. ونتيجة لذلك فإن للغة الأفريكانية نفس المكانة الرسمية التي للغات القبلية الأخرى، التي يوجد منها عدد كبير؛

- وأما الحظر فهو مفروض على استمرار موظفي الدولة في استخدام اللغة الأفريكانية في ردودهم، في معرض أداء واجباتهم الرسمية، على المكالمات الهاتفية وعلى الرسائل؛

- وأما الاشتراط المطلوب فهو أن تتم جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الإنكليزية على سبيل الحصر، وهي اللغة الرسمية لناميبيا.

وبعبارة أخرى، فإنه يجب على دوائر الدولة أن تستخدم اللغة الإنكليزية والإنكليزية وحدها، وأن تمتنع عن إعطاء مكانة متميزة لأي لغة غير رسمية. ومن وجهة النظر هذه، فإن اللغة الأفريكانية ليست أكثر أهمية ولا أقل أهمية من اللغات القبلية الأخرى. و هذا يعني أنه يجب معاملة لغات الأقليات دون تمييز. وبناء على ذلك، فلا يوجد أي مبرر، ما لم تكن رغبة المرء هي التمييز ضد لغات الأقليات الأخرى وعدم الاكتراث بالمادة 3 من دستور ناميبيا، لمواصلة تناول المشكلة بطريقة انتقائية وذلك بمحاباة لغة بعينها، هي اللغة الأفريكانية، على حساب غيرها. وفي هذا الصدد، فإن التعميم الصادر عن المفوض الإقليمي لا يكشف عن وقوع أي انتهاك لمبدأ المساواة كما أن من المؤكد أنه لا يكشف عن حدوث انتهاك لأحكام المادة 26 من العهد.

5- وإذا وُضعت جميع الأشياء في الاعتبار، فإن من المشكوك فيه أن يكون قد حدث أي انتهاك للمادة 26 من العهد في الحالة قيد النظر، وقد خلقت اللجنة الانطباع، اعتقاداً منها أنها تستنكر التمييز، بأنها إنما تمنح بالأحرى ميزة - أي أنها باختصار قد قوضت مبدأ المساواة على النحو المعبر عنه في المادة 26 من العهد. ولما كانت الحالة هكذا، فستصبح الأسباب الداعية إلى تقديم هذا الرأي الفردي واضحة.

ع. عمر [توقيع]

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الفرنسي النص الأصلي. وسيُترجم فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن نيسوكي آندو (رأي مخالف)

ليس بوسعي أن أوافق على آراء اللجنة ومؤداها أن أصحاب البلاغ في هذه القضية هم ضحايا لانتهاك المادة 26 من العهد بسبب أن الدولة الطرف قد أصدرت تعليمات إلى موظفي الخدمة المدنية لديها بعدم الرد على الاتصالات المكتوبة والشفوية المجراة مع السلطات باللغة الأفريكانية. وتنص المادة 26 على حق الجميع في المساواة أمام القانون وفي التمتع بحماية القانون لهم على قدم المساواة دونما تمييز. كذلك فإنها تنص على أنه "يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة"، الخ.

ومن المؤكد أن التعليمات المعنية تلقي على عاهل المتحدثين باللغة الأفريكانية عبئاً كبيراً في مراسلاتهم الرسمية مع السلطات. غير أنه وفقاً للتعميم التي صدرت به التعليمات فإن "جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات ينبغي أن تتم حصراً باللغة الإنكليزية التي هي اللغة الرسمية لجمهورية ناميبيا" وأن اللغة الأفريكانية التي "كانت لفترة طويلة جداً هي اللغة الرسمية تتمتع الآن على نحو رسمي بنفس المكانة التي تتمتع بها اللغات القبلية". وبعبارة أخرى، فالآن وقد أصبحت اللغة الإنكليزية هي اللغة الرسمية للدولة الطرف، فإنه يجب على موظفي الخدمة المدنية أن "يمتنعوا عن استخدام اللغة الأفريكانية عند الرد على المكالمات الهاتفية والمراسلات".

ومع ذلك فمن الواضح على نحو لا شك فيه أن التعليمات المذكورة تضع اللغة الأفريكانية على قدم المساواة تماماً مع أي لغة محلية أخرى يتكلمها الناس في ناميبيا، مما يضمن للغة الأفريكانية معاملة متساوية دون تمييز. وبطبيعة الحال، تُعامَل اللغة الإنكليزية معاملة مختلفة عن جميع اللغات المحلية بما في ذلك الأفريكانية، ولكن بالنظر إلى أن يجوز لكل دولة ذات سيادة أن تختار لغتها الرسمية وأنه يجوز معاملة اللغة الرسمية معاملة مختلفة عن اللغات غير الرسمية، فإنني أخلص إلى أن هذا التمييز يشكل تمييزاً موضوعياً ومعقولاً وهو أمر مسموح به بموجب المادة 26.

أما ما يساورني من قلق بشأن هذه التعليمات فهو ما إذا كان يمكن أن تقيّد علــى نحو لا موجب له الاتصال بين السكان الناميبيين وسلطاتهم عن طريق القيام حسب ظاهر الأمور بفرض الحظر ليس فقط على المراسلات الخطية ولكن أيضاً على الاتصالات الشفوية بأي لغة قبلية. وقد يثير ذلك قضايا في إطار المادة 19، وإن كنت أفضل التحفظ على موقفي بشأن هذا الموضوع في هذه القضية بعينها.

ن. آندو [توقيع]

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيُترجم فيما بعد إلى اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن ب. ن. باغواتي، واللورد كولفيل،

وماكسويل يالدين (رأي مخالف)

إننا نجد أنفسها غير قادرين على الموافقة على الرأي الذي ارتآه بعض زملائنا فيما يتعلق بمدى انطباق الفقرة 2 من المادة 19، والمادة 26 من العهد، وإن كنا نتفق معهم فيما يخص المواد 17 و25 و27. أما الأسباب التي تدعونا إلى اتخاذ رأي مخالف للرأي الذي اتخذه زملاؤنا الآخرون فهي كما يلي:

بخصوص الفقرة 2 من المادة 19

1- فيما يتعلق بالانتهاك المدعى للفقرة 2 من المادة 19، يمكن الإشارة إلى أنه عندما اتخذت اللجنة القرار المتعلق بالمقبولية في 7 تموز/يوليه 1998، فإنها أعلنت قبول البلاغ دون أن تحدد ما هي مواد العهد التي يبدو أنها قد انتُهكت. وكان السؤال الوحيد الذي طُرح في قرار المقبولية هو ما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت أم لا التزاماتها بموجب العهد. بيد أن الشكوى الواردة في البلاغ الذي أُرسل إلى الدولة الطرف كانت تتصل فقط بانتهاك المواد 17 و25 و26 و27 من العهد. ولم يدع البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 2 من المادة 19 ولذلك فلم تُدع الدولة الطرف إلى موجهة التحدي الذي تمثله الفقرة 2 من المادة 19. ولذلك فإننا لا نعتقد أنه يصح للجنة أن تثير قضية حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 19 في الوقت الذي لم يطرح فيه أصحاب البلاغ هذه القضية في بلاغهم. ويمكننا أن نقدر أنه لو كان أصحاب البلاغ لم يدعوا وقوع انتهاك لأي مواد معينة من مواد العهد بل قدموا شكوى عامة بوقوع انتهاك من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب العهد بشأن الوقائع المدعاة في البلاغ، لكان يحتمل أن يوجد مبرر في أن تؤكد اللجنة على أساس الوقائع التي تبينت لها وقوع انتهاك لأي مادة أو مواد بعينها من مواد العهد. ولكن عندما يكون أصحاب البلاغ قد اعتمدوا في البلاغ على مواد محددة من العهد، ولا سيما عندما يكون قد أشار عليهم بذلك المحامي، فإننا لا نعتقد أنه يصح للجنة أن تثير قضية جديدة لصالح أصحاب البلاغ.

2- ومع ذلك فإننا نجد أن الادعاء الوحيد في البلاغ على النحو الوارد في الفقرتين 3(4) و3(5) هو أن أصحاب البلاغ قد حُرموا من إمكانية "استخدام لغتهم الأم في مجالات الإدارة والقضاء والتعليم والحياة العامة". ومن رأينا أن هذا الادعاء لا يشكل قضية قوامها انتهاك الفقرة 2 من المادة 19. ففيما يتعلق بالإدارة، وبالنظر إلى أن اللغة الإنكليزية هي اللغة الرسمية للدولة الطرف، فإن من الواضح أنه لا يمكن السماح باستخدام أي لغة أخرى في مجال الإدارة أو في المحاكم أو في الحياة العامة. ولم يستطع أصحاب البلاغ أن يحتجوا على نحو مشروع بأنه ينبغي السماح لهم باستخدام لغتهم الأم في مجال الإدارة أو في المحاكم أو في الحياة العامة، كما أن إصرار الدولة الطرف على وجـوب استخدام اللغة الرسمية وحدها لا يمكن اعتباره انتهاكاً للحق المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 19. وبخصوص استخدام اللغة الأفريكانية، وهي اللغة الأم لأصحاب البلاغ، في مجال التعليم فما من شيء يبيّن أن أصحاب البلاغ لا يُسمح لهم باستخدام اللغة الأفريكانية في المدارس أو في الكليات التي يديرونها ولذلك فإن هذا الادعاء المتعلق بانتهاك الفقرة 2 من المادة 19 يبقى دون إثبات.

3- وبطبيعة الحال فإنه ربما كان يمكن لأصحاب البلاغ أن يسوقوا حجة مفادها أنه يجري إنكار حقوقهم الخاصة باللغة في إطار المادة 27، وكان يمكن للجنة أن تبحث هذا الادعاء؛ بيد أن هذا أمر افتراضي بالنظر إلى أن ما قدموه في إطار المادة 27 يتصل برمته في الواقع باستعمال الأراضي (الفقرتان 10-4 و10-6)، وليس باللغة. وفي ظل هذه الظروف، وكما أُشير توا فيما يتعلق بالفقرة 2 من المادة 19، فليس من شأن اللجنة أن تنشئ قضية على هذا الأساس بموجب المادة 27، في ظل عدم وجود شكوى من جانب أصحاب البلاغ.

4- وقد اعتمد أعضاء اللجنة الذين يشكلون الأغلبية على التعميم الصادر عن المفوض الإقليمي ولكننا لا نعتقد أن هذا التعميم يدعم على أي نحو الادعاء المتعلق بانتهاك الفقرة 2 من المادة 19. فهذا التعميم هو كما يلي:

"لقد نمى إلى علم المفوض الإقليمي أن بعض الموظفين الحكوميين يتناولون (يردون على) المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الأفريكانية بما يتناقض مع الحكم الدستوري القاضي بأن اللغة الأفريكانية لم تعد هي اللغة الرسمية في هذا البلد بعد 21 آذار/مارس 1990.

وفي حين أن من المفهوم أن اللغة الأفريكانية قد ظلت لوقت طويل جداً هي اللغة الرسمية، فإنها تتمتع الآن رسميا بنفس المكانة التي تتمتع بها اللغات القبلية الأخرى.

وهكذا يُبلَّغ جميع موظفي الحكومة بالامتناع، في المستقبل، عن استخدام اللغة الأفريكانية عند الرد على المكالمات الهاتفية وفي مراسلاتهم.

وينبغي إجراء جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات حصراً باللغة الإنكليزية التي هي اللغة الرسمية لجمهورية ناميبيا"

ومن الواضح من الفقرة الأولى من هذا التعميم أنه يُقصد به أن يُطبق فقط على "المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية" التي يتناولها الموظفون الحكوميون. ويشير التعميم إلى أن تناول المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الأفريكانية كان أمراً جائزاً عندما كانت هذه اللغة هي اللغة الرسمية لإقليم الدولة، ولكن بالنظر إلى أن الإنكليزية قد أصبحت الآن هي اللغة الرسمية، فإن اللغة الأفريكانية تتمتع بنفس الوضع الذي تتمتع به اللغات القبلية الأخرى، وترتيباً على ذلك فإنه يتعين على موظفي الحكومة أن يردوا على المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الإنكليزية فقط، وهي اللغة الرسمية، لا باللغة الأفريكانية.

5- وليس بوسعنا أن نفهم كيف يمكن تأويل هذا التعميم على أنه يفرض أي قيد على الحق في حرية التعبير وحرية تلقي المعلومات ونقلها. فعندما تكون الإنكليزية هي اللغة الرسمية للدولة، فإن من المشروع أن تصر الدولة على أن يرد الموظفون الحكوميون على جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الرسمية، وهي الإنكليزية، وليس باللغة الأفريكانية. أما النصيحة المقدمة من الحكومة إلى موظفيها بعدم استعمال الأفريكانية، التي لم تعد اللغة الرسمية، بل أن يستعملوا فقط الإنكليزية، التي أصبحت الآن هي اللغة الرسمية، فتقتصر فقط على المكالمات الهاتفية الرسمية والمراسلات الرسمية ولا تمنع أي موظف حكومي من إجراء أي محادثة أو مراسلة تكون خاصة وليست ذات طابع رسمي. أما لو رئي أي رأي آخر، أي أن أي فرد في إقليم الدولة له الحق في إجراء أي محادثة أو مراسلة رسمية مع موظف حكومي بأي لغة غير اللغة الرسمية للدولة وأن الموظف الحكومي لـه الحرية في الرد على هذه المحادثة أو المراسلة بتلك اللغة، فإن من شأن ذلك أن ينشئ وضعاً يتسم بالفوضى لأنه ستوجد في هذه الحالة تعددية في اللغات المستخدمة في السجلات الرسمية للدولة. وبذلك سيكون قد أُحبط كامل الهدف المتوخى من جعل لغة معينة هي اللغة الرسمية للدولة. ولذلك فإن من رأينا أن التعميم المعني لا يشكل على أي نحو انتهاكاً للفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

6- والإشارة الواردة ضمنياً في الحجة التي ساقها أصحاب البلاغ كما هي مبينة في الفقرتين 3(4) و3(5) هي أن الدولة الطرف ينبغي أن تكون لديها لغات مثل الأفريكانية مستخدمة في مجالات الإدارة والمحاكم والتعليم والحياة العامة وأن عدم وجود هذا التشريع في سياق جعل الإنكليزية هي اللغة الرسمية إنما يشكل انتهاكاً للعهد. ولكن هذه الإشارة تتجاهل حقيقة أن من شأن أي دولة طرف أن تقرر ما هي اللغة التي تكون لغتها الرسمية وليس للجنة أهلية توجيه الدولة الطرف إلى اعتماد أي لغة أو لغات أخرى لتكون هي اللغة أو اللغات الرسمية للدولة. ومتى اعتمدت دولة طرف أي لغة أو لغات معينة لتكون هي لغتها أو لغاتها الرسمية، يكون من المشروع قيام الدولة الطرف بحظر استخدام أي لغة أخرى للأغراض الرسمية وإذا فعلت الدولة الطرف ذلك فلا يمكن دمغ فعلها بأنه يشكل انتهاكاً للفقرة 2 من المادة 19.

بخصوص المادة 26

7- إن من رأينا أيضاً أن التعميم المذكور لا يشكل انتهاكاً للمادة 26. فهذه المادة 26 تشكل ضمانة مستقلة للمساواة وتتصدى للتمييز. ويبدو أن الحجة الوحيدة التي ساقها أصحاب البلاغ في الفقرتين 3(4) و3(5) دعماً لادعائهم بوقوع انتهاك للمادة 26 هو أنه بسبب إعلان الإنكليزية لتكون اللغة الرسمية الوحيدة للدولة وعدم قيام الدولة بسن تشريع يسمح باستخدام لغات أخرى، حُرم أصحاب البلاغ من إمكانية استخدام لغتهم الأم في مجالات الإدارة والقضاء والتعليم والحياة العامة. وقد سبق لنا أن رفضنا هذه الحجة عند تناول الفقرة 2 من المادة 19، ويجب أن ينطبق نفس المنطق فيما يتصل بالتحدي المثار في إطار المادة 26. ومما له مغزى ملاحظة أنه لم يُدَّع في أي مكان في البلاغ أن الإجراء الذي اتخذته الدولة بإعلان الإنكليزية اللغة الرسمية وعدم السماح باستخدام لغات أخرى موجه فقط ضد استخدام اللغة الأفريكانية بينما يسمح باستخدام اللغات الأخرى. فمن الواضح أن الإجراء الذي اتخذته الدولة بإعلان الإنكليزية اللغة الرسمية وعدم السماح باستخدام لغات أخرى عن طريق سن تشريع مناسب هو أمر لا يشكل انتهاكاً للمادة 26 لأن جميع اللغات الأخرى غير الإنكليزية قد عوملت على قدم المساواة ولم يُسمح باستخدامها للأغراض الرسمية ولم يحدث أي تمييز ضد اللغة الأفريكانية بالقياس إلى اللغات الأخرى.

8- كذلك فإن الاعتماد على التعميم المشار إليه أعلاه ليس من شأنه أيضاً أن يساعد أصحاب البلاغ على إثبات ادعائهم في إطار المادة 26. فمن الواضح أن القصد من المنشور هو النص على أنه ينبغي إجراء جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الإنكليزية حصراً وهي اللغة الرسمية للدولة. فهذا هو اتجاه التعميم وموضوعه الأساسي والغرض منه، كما أن الإيعاز في المنشور إلى الموظفين الحكوميين بالامتناع عن استخدام اللغة الأفريكانية عند الرد على المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية إنما جاء سعياً لتحقيق موضوع هذا التعميم والغرض منه. ويشير التعميم على وجه التحديد فقط إلى اللغة الأفريكانية ويسعى إلى حظر استعمالها من جانب الموظفين الحكوميين في المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية لأن المشكلة كانت قائمة فقط بخصوص اللغة الأفريكانية التي كانت ذات مرة - إلى أن حلت محلها اللغة الإنكليزية - هي اللغة الرسمية والتي ظل الموظفون الحكوميون يستخدمونها في المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية، على الرغم من أنها لم تعد هي اللغة الرسمية للدولة. ومن الواضح أنه لم تكن توجد مشكلة فيما يتعلق باللغات القبلية بسبب أنها لم تكن في أي وقت تستخدم في الإدارة أو في الأغراض الرسمية. ولكن اللغة الأفريكانية كانت تُستخدم من قبل في الأغراض الرسمية ومن ثم أصبح من الضروري أن تصدر الدولة التعميم الذي يحظر استخدام هذه اللغة في المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية. وهذا هو السبب في أن التعميم يشير على وجه التحديد فقط إلى اللغة الأفريكانية وليس إلى اللغات الأخرى. وهذا واضح أيضاً مما جاء في التعميم من أن اللغة الأفريكانية تتمتع الآن بنفس المكانة التي تتمتع بها اللغات القبلية الأخرى. ولذلك فليس من الصحيح القول بأن التعميم قد أفرد اللغة الأفريكانية بمعاملة غير مؤاتية مقابل اللغات الأخرى من حيث أنه يوجد تمييز عدائي ضد الأفريكانية. وترتيباً على ذلك فإننا نعتقد أنه لم يحدث أي انتهاك لمبدأ المساواة وعدم التمييز المودعين في المادة 26.

9- ولذلك فإننا نؤكد، على العكس من الاستنتاج الذي توصل إليه بعض زملائنا، أن الدولة الطرف لم ترتكب أي انتهاك للفقرة 2 من المادة 19 أو للمادة 26.

ب. ن. باغواتي [توقيع]

اللورد كولفيل [توقيع]

م. يالدين [توقيع]

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيترجم أيضاً فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن إليزابيث إيفات، وإيكارت كلاين، ودافيد كريتزمير، وسيسيليا ميدينا كيروغا (رأي موافق)

إننا نتفق مع آراء اللجنة في هذه المسألة. بيد أننا نرى أن التعليمات الموجهة من الدولة الطرف إلى موظفي الخدمة المدنية بعدم الرد باللغة الأفريكانية، حتى إذا كانت لديهم القدرة الشخصية على القيام بذلك، إنما يقيد حرية أصحاب البلاغ في تلقي المعلومات ونقلها بهذه اللغة (الفقرة 2 من المادة 19 من العهد). وفي ظل عدم وجود مبرر لهذا القيد، يفي بالمعايير المبينة في الفقرة 3 من المادة 19، فإننا نرى أنه قد حدث انتهاك لحق أصحاب البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد.

إ. إيفات [توقيع]

إ. كلاين [توقيع]

د. كريتزمير [توقيع]

س. ميدينا كيروغا [توقيع]

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيُترجم فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن إليزابيث إيفات، وسيسيليا ميدينا كيروغا (رأي موافق)

من الواضح بناء على الوقائع واستناداً إلى قرار المحكمة العليا في عام 1996 أن حكومة ناميبيا قد حازت ملكية الأراضي الجماعية للجماعة قبل بدء نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري وأنه ليس باستطاعة أصحاب البلاغ إثبات مطالبة على أساس أي نزع للملكية. بيد أن الجانب المهم لمطالبة أصحاب البلاغ في إطار المادة 27 هو أنهم قد حُرموا منذ ذلك التاريخ من إمكانية استخدام أراض ومكاتب وقاعات معينة كانت حكومتهم تحوزها من قبل لغرض استخدامها من جانب أفراد الجماعة ولمنفعتهم دون غيرهم. وهم يؤكدون أن خصخصة الأرض والإفراط في استخدامها من جانب أشخاص آخرين قد حرمهم من فرصة مزاولة أنشطتهم التقليدية الخاصة بالرعي. وهم يؤكدون أن فقدان هذه القاعدة الاقتصادية لأنشطتهم قد حرمهم من الحق في التمتع بثقافتهم الخاصة بالاشتراك مع غيرهم. ويثير هذا الادعاء بعض القضايا الصعبة بشأن كيف يمكن تعريف ثقافة أقلية يحميها العهد، وما هو دور الأنشطة الاقتصادية في هذه الثقافة. ويمكن حل هذه القضايا بيسر أكبر فيما يتعلق بمجتمعات السكان الأصليين التي يمكن في معظم الأحيان أن تبرهن على أن نهجها الخاص في الحياة أو ثقافتها يرتبطان، وظلا لفترة طويلة يرتبطان، ارتباطاً وثيقاً بأراض خاصة فيما يتصل بالأنشطة الاقتصادية والأنشطة الثقافية والروحية الأخرى على السواء، إلى حد أن حرمانهم من الأرض أو حرمانهم من إمكانية استعمال الأرض يحرمهم من الحق في التمتع بثقافتهم الخاصة من جميع جوانبها. وفي القضية الحالية، فإن أصحاب البلاغ قد عرّفوا ثقافتهم فقط تقريباً من حيث النشاط الاقتصادي الخاص برعي الماشية. وليس بوسعهم البرهنة على أنهم يتمتعون بثقافة متميزة ترتبط ارتباطاً حميماً باستخدام - أو تعتمد اعتماداً شديداً على استخدام - أراض معينة انتقلوا إليها منذ ما ينوف قليلاً على قرن من الزمان، أو أن تقليص إمكانية استخدامهم للأراضي قد قوض أي ثقافة من هذا القبيل. فمطالبتهم هي في جوهرها مطالبة اقتصادية أكثر منها ثقافية ولا تستحق الحماية التي تتيحها المادة 27.

إ. إيفات [توقيع]

س. ميدينا كيروغا [توقيع]

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيُترجم أيضاً فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن راجسومير لالاه (رأي مخالف)

1- ليس بوسعي أن أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة (الفقرة 10-10) ومفاده أنه قد حدث انتهاك للمادة 26 من العهد.

2- وإنني أوافق على أنه يجب على اللجنة، بالنظر إلى عدم قيام الدولة الطرف بتقديم أية تفسيرات بشأن الأساس الموضوعي للشكوى، أن تولي ما ينبغي من الاعتبار للادعاءات المقدمة من أصحاب البلاغ. بيد أنه حيثما تعين استنتاج استدلالات من المادة المقدمة من أصحاب البلاغ، فإنه يجب بوضوح أن تكون هذه الاستدلالات مشروعة ويجب النظر إليها في سياق الشكاوى المقدمة.

3- وترد في الفقرتين 3-4 و3-5 الادعاءات المادية المقدمة من أصحاب البلاغ بخصوص هذه الشكوى بعينها. ويشكو أصحاب البلاغ من وقوع انتهاك للمادتين 26 و27. وقد زودوا اللجنة أيضاً بنسخة من التعميم الذي يخطر موظفي الخدمة المدنية بعدم الرد على المكالمات الهاتفية والمراسلات الرسمية باللغة الأفريكانية وبأن يفعلوا ذلك باللغة الرسمية. وربما يكون من المفيد استنساخ التعميم لكي يمكن النظر إليه في سياقه الصحيح. ونص هذا التعميم هو كما يلي:

مكتب المفوض الإقليمي

الإقليم الأوسط

4 آذار/مارس 1992

تعميــم

1- لقد نمى إلى علم مكتب المفوض الإقليمي أن بعض الموظفين الحكوميين يتناولون (يردون على) مكالمات هاتفية ومراسلات رسمية باللغة الأفريكانية بما يتناقض مع الحكم الدستوري القاضي بأن اللغة الأفريكانية لم تعد هي اللغة الرسمية في هذا البلد بعد 21 آذار/مارس 1990.

2- وفي حين أن من المفهوم أن اللغة الأفريكانية قد ظلت لوقت طويل جداً هي اللغة الرسمية، فإنها تتمتع الآن رسمياً بنفس المكانة التي تتمتع بها اللغات القبلية الأخرى.

3- وهكذا يُبلَّغ جميع موظفي الحكومة بالامتناع، في المستقبل، عن استخدام اللغة الأفريكانية عند الرد على المكالمات الهاتفية وفي مراسلاتهم.

4- وينبغي إجراء جميع المكالمات الهاتفية والمراسلات حصراً باللغة الإنكليزية التي هي اللغة الرسمية لجمهورية ناميبيا.

شكراً لكم لتعاونكم

ن. أنغرموند

المفوض الإقليمي للإقليم الأوسط

4- وتجدر ملاحظة أن تاريخ هذا التعميم هو 4 آذار/مارس 1992 في حين أن العهد والبروتوكول الاختياري قد بدأ نفاذهما بالنسبة إلى ناميبيا في 28 شباط/فبراير 1998. وأسير في رأيي على أساس الافتراض، في ظل عدم وجود أي تفسير من جانب الدولة الطرف، بأن هذا التعميم ما زال ساري المفعول.

5- ومما يلاحظ أن أصحاب البلاغ يدّعون وقوع انتهاك للمادة 27، بالإضافة إلى المادة 26. ومن المفترض أن اللجنة لم تخلص إلى وقوع انتهاك للمادة 27 التي تتناول، في جملة أمور، حق أفراد الأقليات اللغوية في عدم حرمانهم من الحق، بالاشتراك مع أفراد جماعتهم الآخرين، في استخدام لغتهم. وفي الواقع يكون من باب التجاوز في لغة المادة 27 إلى أبعد مما ينبغي الإشارة، كما قد يُتصور في الواقع أن اللجنة قد فعلته، إلى أنه يجب على السلطات العامة أن تجعل من الممكن استخدام لغة غير رسمية (الأفريكانية) في المعاملات الرسمية في الوقت الذي تكون فيه اللغة الرسمية مختلفة. ومما يلاحَظ في هذا الصدد أن اللجنة نفسها تخلص في الفقرة 10-9 إلى أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا الكيفية التي أثر بها استخدام الإنكليزية في مداولات المحاكم على حقهم في الحصول على محاكمة عادلة. وتتطلب المحاكمة العادلة أن يفهم الشخص ما يحدث في المحكمة لكي يقدم معلومات على النحو المناسب إلى ممثله القانوني في مباشرة قضيته.

6- بيد أنه يمكن حقاً القول بأن جوهر المنطق الذي صارت عليه اللجنة يكمن في ذلك الجزء من الاستنتاج الذي خلصت إليه ومفاده أن التعميم "موجه" ضد إمكانية استخدام اللغة الأفريكانية في المعاملات الرسمية. ولا يمكنني أن أتبع هذا المنطق.

7- أولاً، فإن كلمة "موجَّه" لها دلالة على أن التعميم يستهدف غرضاً بعينه من بين أغراض أخرى: أي أنه في هذه الحالة ينتقي "اللغة الأفريكانية" من بين اللغات الأخرى غير الرسمية لغرض معاملتها معاملة تمييزية. ويمكن حقاً القول بأن التعميم، في تشبيهه اللغة الأفريكانية بلغة "قبلية"، ربما يحط دون قصد من اللغة الأفريكانية. بيد أن تفسيراً معقولاً لهذا التعميم يوضح أن ما يجري أساساً هو إقرار فارق بين اللغة الرسمية وسائر اللغات غير الرسمية.

8- ثانياً، إن التعميم يذكر على وجه التحديد، بطبيعة الحال، اللغة الأفريكانية. أما السبب في ذلك فهو مذكور في الفقرة الأولى من التعميم. بيد أن النقطة الهامة هي أنه لا شكوى أصحاب البلاغ ولا نص التعميم يوحيان بإيلاء معاملة أكثر مؤاتاة للغات الأخرى غير الرسمية. وفي الواقع فإن نص التعميم يوحي بعكس ذلك تماماً. ولذلك فإن من رأيي أنه لا يوجد أي أساس للخلوص إلى استنتاج مفاده حدوث معاملة تمييزية بما يشكل انتهاكاً للمادة 26.

9- والشكوى الحقيقية لأصحاب البلاغ فيما يتعلق بالمادة 26، عندما ينظر إليها في سياق شكاواهم الأخرى، توحي بأنهم ما زالوا يتوقون بشدة إلى العودة إلى المكانة المتميزة والحصرية التي كانوا يتمتعون بها سابقاً بخصوص شغل الأراضي والحكم الذاتي واستخدام اللغة في ظل نظام قوامه حكومات مفتَّتة تتمتع بالحكم الذاتي كان يسمح به نظام الفصل العنصري. ولم يعد هذا النظام مفيداً في ظل الأمة الموحدة التي أنشأها دستور بلدهم.

ر. لالاه [توقيع]

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. ويُترجم فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن مارتين شاينين (رأي موافق)

أشارك اللجنة استنتاجاتها فيما يتصل بجميع جوانب هذه القضية. بيد أنني أجد، بخصوص نقطة واحدة بعينها، أن المنطق الذي أخذت به اللجنة ليس متسقاً تماماً مع الاتجاه العام للحجج التي ساقتها. ففـي الفقـرة 10-8، تؤكد اللجنة، تأكيداً لا أرى ضرورة لـه، على الطبيعة الفردية لحق المشاركة في إطار المادة 25. ففي رأيي أنه توجد حالات تستدعي فيها المادة 25 اتخاذ ترتيبات خاصة لكي يتمتع بحق المشاركة أفراد الأقليات، ولا سيما الشعوب الأصلية. وعندما تنشأ حالة من هذا القبيل، فلا يكفي في إطار المادة 25 منح فرادى أعضاء هذه الجماعات الحق الفردي للتصويت في الانتخابات العامة. فقد يلزم وجود أشكال معينة من الاستقلال الذاتي المحلي أو الإقليمي أو الثقافي من أجل الامتثال لمتطلبات الحق الفعال الخاص بالمشاركة. وحق تقرير المصير المنصوص عليه في المادة 1، كما يؤكَّد على ذلك في نهاية الفقرة 10-3 من الآراء، يؤثر على تفسير المادة 25. ومن رأيي أن هذا القول العابر يمثل اعترافاً سليماً بالترابط بين شتى الحقوق التي يحميها العهد، بما في ذلك المادة 1 التي لا يمكن في حد ذاتها، وفقاً لفقه اللجنة في هذا الصدد، أن تفيد كأساس تقوم عليه البلاغات الفردية في إطار البروتوكول الاختياري.

وبغض النظر عما قيل أعلاه، فإنني أتفق مع ما خلصت إليه اللجنة من استنتاج مفاده أنه لم يحدث انتهاك للمادة 25. ومن رأيي أن أصحاب البلاغ قد أخفقوا في إثبات كيف أثر قانون الحكم الإقليمي لعام 1996 تأثيراً سلبياً على ممارستهم لحقوقهم بموجب المادة 25، وخاصة أداء السلطات المحلية والتقليدية لعملها وصلاحيات هذه السلطات. واستناداً إلى المادة التي قدموها إلى اللجنة، لا يمكن إثبات حدوث انتهاك للمادة 25.

م. شاينين [توقيع]

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. وسيُترجم فيما بعد إلى الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

نون - البلاغ رقـم 767/1997، بن سعيد ضـد النرويـج

( اعتمدت الآراء فـي 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون )* ( )

المقدم من : زهير بن سعيد

الضحية المزعومة : مقدم البلاغ

الدولة الطرف : النرويج

تاريخ البلاغ : 28 تشرين الأول/أكتوبر 1996 (الرسالة الأولى)

تاريخ القرار بشأن المقبولية : 21 تموز/يوليه 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2000.

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 767/1997 الذي قدمه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السيد زهير بن سعيد، عملا بالبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها مقدم البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ مواطن تونسي هو السيد زهير بن سعيد. ويزعم أنه ضحية انتهاكات لحقوقه ارتكبتها النرويج.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 تزوج صاحب البلاغ من مواطنة نرويجية في 29 أيلول/سبتمبر 1976 في تونس. وفي العام نفسه حصل على رخصة إقامة في النرويج وهاجر إليها. وفي أيلول/سبتمبر 1977 أنجب ابنة حصلت على الجنسية النرويجية في عام 1979؛ ومنح صاحب البلاغ رخصة إقامة دائمة. وفي عام 1982 رزق بطفل ثانٍ.

2-2 وفي نهاية عام 1980 حكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة خمس سنوات لارتكاب جريمة تتعلق بالمخدرات. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1982 أبلغته السلطات النرويجية بقرار طرده من النرويج بعد قضاء نصف مدة حكم السجن الصادر ضده. وقدم صاحب البلاغ طعنا في هذا القرار أمام وزارة العدل. ورُفض الطعن في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1982. وقام صاحب البلاغ بعدئذ، مستغلاً إذناً بالخروج من السجن، بالهروب من النرويج واتجه إلى فرنسا مصطحباً معه زوجته وطفليه. ومن هناك انتقل هو وأسرته إلى تونس حيث أقاموا منذ شهر شباط/فبراير 1983 فصاعداً.

2-3 وفي عام 1987 اتصل صاحب البلاغ وزوجته بمحام نرويجي لأنهما كانا يريدان العودة إلى النرويج. وحسب قول صاحب البلاغ، أخطر بعدئذ بأن وزارة العدل سوف تنظر في منحه رخصة إقامة بعد عودته هو وأسرته إلى النرويج وبعد أن يكون قد أدى الفترة المتبقية من الحكم الصادر ضده بالسجن.

2-4 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1987 عادت الأسرة إلى النرويج. وبينما كان صاحب البلاغ يؤدي عقوبة السجن قدمت زوجته دعوى تطلب الانفصال ومنحها حق حضانة الطفلين منفردة. وفي تسوية شفوية بتاريخ 18 نيسان/أبريل 1988 اتفق صاحب البلاغ مع زوجته على الانفصال. وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 1988 أصدرت المحكمة حكمها بمنح الأم حق الحضانة المنفردة للطفلين ومنح صاحب البلاغ حق الزيارة المنتظمة لهما. وقامت زوجة صاحب البلاغ بتغيير الاسم العائلي للطفلين وأعطتهما لقبها العائلي وأصدرت جوازات سفر نرويجية باسميهما وذلك وفقاً للقواعد النرويجية التي تنظم حضانة الأطفال. وقال صاحب البلاغ إنه طعن في الحكم الصادر ضده في تشرين الأول /أكتوبر 1988 (1) وطلب إلغاءه.

2-5 وفي 16 أيار/مايو 1988 ألغت وزارة العدل الأمر السابق بالطرد. وفي أيار/مايو 1989 أطلق سراح صاحب البلاغ من السجن.

2-6 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1989 رفعت زوجة صاحب البلاغ دعوى تطلب حرمان صاحب البلاغ من رؤية الطفلين. وفي كانون الثاني/يناير 1990 سمحت له المحكمة بصفة مؤقتة برؤية محدودة بحضور شخص ثالث وهو ترتيب لم يحترم على ما يبدو. وفي 17 كانون الثاني/يناير 1990 رفض طلب صاحب البلاغ منحه رخصة إقامة. وبموجب حكم صادر في 7 أيار/مايو 1990 ألغت المحكمة حقوق صاحب البلاغ في الزيارة بذريعة احتمال قيامه باختطاف طفليه. وبالتالي رفض في 28 أيار/مايو 1990 الطعن الذي قدمه في القرار الصادر بحرمانه من رخصة الإقامة. وأصدرت وزارة العدل أمراً بترحيله، وفي 14 حزيران/يونيه 1990 قبض عليه وعاد بعد ذلك بوقت قصير رغماً عنه إلى تونس. وطعن صاحب البلاغ في قرار المحكمة بحرمانه من حقوق الزيارة أمام محكمة أيدسيفياتنغ العليا. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 1990 رفض طعنه لأنه لم يستطع أن يقدم كفالة مصاريف الدعوى وهو شرط لازم عندما يكون المدعي مقيماً في الخارج.

2-7 وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1991 طلب صاحب البلاغ إصدار أمر قضائي بمنحه حق الحضانة والزيارة. ورفضت المحكمة هذا الطلب في 21 كانون الثاني/يناير 1992 بعد عقد جلسة حضرها صاحب البلاغ.

2-8 ورفضت السلطات النرويجية في مناسبات عدة من عام 1992 إلى عام 1994 الطلبات التي قدمها صاحب البلاغ للحصول على تأشيرة دخول كي يتسنى له زيارة أطفاله. وفي 26 شباط/فبراير 1992 و18 تشرين الأول/أكتوبر 1994 حاول صاحب البلاغ الدخول إلى النرويج دون تأشيرة ورُفض عند الدخول. وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 1994 صدر أمر بطرد صاحب البلاغ لانتهاكاته المتكررة لقانون الهجرة. وفي 8 أيلول/سبتمبر 1995 تقدم بطلب يلتمس اللجوء إلى النرويج ورفض طلبه.

2-9 وفي 15 كانون الثاني/يناير 1996 أقام صاحب البلاغ دعوى أمام محكمة مدينة أوسلو لمنحه حق حضانة وزيارة طفليه. وفي 22 آذار/مارس 1996 تقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول لحضور الجلسة التي تنظر فيها المحكمة في دعواه التي كان من المقرر عقدها في 24 تموز/يوليه 1996 والتي تلقى استدعاءً لحضورها. ولأنه لم يتلق رداً على طلبه في الوقت المناسب تأجلت الجلسة حتى 14 كانون الثاني/يناير 1997. وفي 20 آب/ أغسطس 1996 رفض وزير العدل منح صاحب البلاغ تأشيرة لدخول البلد لأن هناك دلالات تشير إلى أنه لن يغادر النرويج طوعاً بعد النظر في دعواه. ومع ذلك فقد وصل صاحب البلاغ، الذي كان يريد حضور الجلسة، إلى مطار أوسلو حيث رفض السماح لـه بالدخول. ولم يسمح لـه بإجراء أي اتصالات هاتفية، وفي صباح 14 كانون الثاني/يناير سلم قراراً بالترحيل ووضع على طائرة وأعيد إلى تونس. ومثله محامٍ في جلسة المحكمة. وفي 11 آذار/مارس 1997 نظرت المحكمة في دعوى صاحب البلاغ ورفضتها. وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر 1997 رفضت محكمة بروغارتنغ العليا طعنه في قرار المحكمة لعدم توقيع محامٍ إلى جانب توقيعه على الطعن.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للتمييز وأن الأوروبيين لا يعاملون بنفس الطريقة. ويدعي أيضاً أنه ضحية لانتهاك الحق في المحاكمة العادلة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وتعليقات صاحب البلاغ عليها

4- تدفع الدولة الطرف بعدم وضوح ماهية الشيء الذي يدعي صاحب البلاغ أنه يشكل انتهاكاً للعهد. وهي تفهم أن الشكوى في حالة صاحب البلاغ تتعلق أساساً برفض منحه رخصة إقامة وتأشيرة دخول. وفي هذا الصدد تشير الدولة الطرف إلى جواز إقامة دعوى أمام المحاكم للمراجعة القضائية لجميع القرارات الإدارية. وتشمل دعاوى المراجعة القضائية مسألة ما إذا كان القرار يتوافق مع القانون الدولي. وحسب قول الدولة الطرف لا تتأثر حقوق صاحب البلاغ في التماس المراجعة القضائية بكونه يقيم في تونس.

5-1 ويدفع صاحب البلاغ في تعليقاته بأن القرار برفض منحه رخصة إقامة قد اتخذ بحجة رفض طلبه برؤية طفليه. وفي هذا السياق يشير إلى المراسلات المتبادلة بين محامي زوجته السابقة ووزارة العدل. ويحتج بعدم جواز إلغاء رخصة إقامة دائمة لمجرد طلب قدمته زوجته السابقة. ويدعي أن طرده بحكم الواقع من النرويج كان تعسفياً وأن الطعن لم يكن نافذاً كما يتبين من ترحيله بينما كانت دعوى الطعن الإداري لا تزال معلقة.

5-2 ويشير كذلك إلى أن السلطات النرويجية تستخدم إجراءات الهجرة ضده لمنعه من الوصول إلى المحكمة فيما يتعلق بقضيته بشأن حقوق زيارة وحضانة طفليه.

5-3 وينكر كذلك أنه دخل النرويج في أي وقت بصورة غير مشروعة إذ إنه كان يقدم نفسه دائماً إلى شرطة المطار للحصول على رخصة دخول قانوني وقد رفض منحه هذا الرخصة عندئذ ولم يغادر مطلقاً المنطقة الدولية من المطار.

5-4 ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى أن وزارة العدل وهي جهة الطعن في القرارات التي تتخذها إدارة الهجرة، تتخذ دائماً قراراتها في آخر لحظة بل أحياناً بعد فوات الأوان.

5-5 ويدعي صاحب البلاغ أن قرار المحكمة الصادر في 11 آذار/مارس 1997 برفض رؤية طفليه غير جائز لأن ذلك منعه من أن يحضر بنفسه جلسة النظر في الدعوى التي كان من المقرر أن تعقد في 14 كانون الثاني/يناير 1997 لكنه احتُجز رغم أنفه في مطار أوسلو برغم تسلمه لاستدعاء من المحكمة لحضور الجلسة.

5-6 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أنه من غير القانوني أن تُصدر الدولة الطرف جوازي سفر لطفليه يحملان لقب أمهما العائلي. وذكر أن طفليه يحملان دائماً جوازي سفر تونسيين بلقبه العائلي.

5-7 وفيما يتعلق بزعم الدولة الطرف بأنه لم يستنفد كافة سبل الانتصاف المحلية، يذكر صاحب البلاغ أنه قام بما يمكنه القيام به وأن 10 سنوات من التدخلات والالتماسات لم تحقق أي نجاح. وذكر أنه ليس في مقدوره دفع مصروفات إقامة أي دعاوى أخرى أمام المحاكم وأنه ليس على استعداد لإضاعة عشر سنوات أخرى وهو يحاول عبثاً الحصول على إنصاف. وأشار إلى أن اتصالات طيبة بينه وبين زوجته السابقة وطفليه قد أقيمت من جديد.

5-8 ويطلب صاحب البلاغ إلغاء الأمر بترحيله الصادر في 28 أيار/مايو 1990 وكذلك جميع القرارات التي تستند إلى هذا الأمر، وإلغاء الحكم الذي يحرمه من رؤية طفليه، وإلغاء أمر الطرد الصادر ضده ودفـع تعويض له عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت به.

قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ

6-1 نظرت اللجنة خلال دورتها الثالثة والستين في مسألة مقبولية هذا البلاغ.

6-2 وأحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ولاحظت اللجنة، فيما يتعلق بحرمان صاحب البلاغ من الحصول على رخصة إقامة وفيما يتعلق بأمر الطرد الصادر في عام 1994، أن صاحب البلاغ لم يبذل أي جهود للطعن في هذه الأمور أمام المحاكم وخلصت بناء على ذلك إلى أن هذا الجانب من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 غير أنه تنشأ مسألة منفصلة تتعلق بزعم صاحب البلاغ عدم السماح لـه بحضور جلسة النظر في الدعوى أمام محكمة مدينة أوسلو التي كان من المقرر عقدها في 14 كانون الثاني/يناير 1997. ولاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ طعن في قرار المحكمة عقب النظر في الدعوى أيضاً بحجة أنها كانت غير عادلة لأنه لم يحضرها بنفسه وأن الطعن قد رُفض لعدم توقيع محام عليه إلى جانب توقيعه هو. وأحاطت اللجنة علماً بقول صاحب البلاغ إنه لم يعد بمقدوره ماديا اللجوء إلى المحكمة. وفي ظل هذه الظروف، رأت اللجنة أن صاحب البلاغ قد بذل جهداً معقولاً لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأن الشرط الذي تنص عليه الفقرة 2(ب) من المادة 5 لا يمنعها من النظر في دعوى صاحب البلاغ.

6-4 ورأت اللجنة أن زعم صاحب البلاغ بأنه حُرم من إمكانية الحضور إلى المحكمة في جلسة عُقدت بناء على مبادرته فيما يتعلق بحقوق الحضانة وزيارة طفليه قد تثير مسائل بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14 والمواد 17 و23 و26 يتعين بحثها من حيث الجوهر.

7- وبناء على ذلك، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 21 تموز/يوليه 1998 أن البلاغ مقبول.

طلب الدولة الطرف بإعادة النظر في مسألة المقبولية

8-1 برسالة مؤرخة في 23 شباط/فبراير 1999، تفسر الدولة الطرف قرار اللجنة قبول البلاغ بأنه يعني أن جميع الشكاوى التي وجهها صاحب البلاغ ضد السلطات النرويجية المختصة بالهجرة قد أُعلنت غير جائزة بما في ذلك رفض منحه تأشيرة دخول لتمكينه من حضور جلسة النظر في الدعوى أمام المحكمة.

8-2 ومن جهة أخرى، فإذا كانت اللجنة تقصد بقرارها أنه يشمل رفض منح صاحب البلاغ تأشيرة الدخول لحضور جلسة المحكمة فإن الدولة الطرف تطعن في مقبولية هذه المسألة وتطلب إلى اللجنة أن تعيد النظر في قرارها. وفي هذا السياق توضح الدولة الطرف أن الطابع المشتت للبلاغ الأصلـي كان له تأثير معوق لدى إعداد ردها على البلاغ في المرحلة السابقة للقبول.

8-3 وتوضح الدولة الطرف مضمون قانون الهجرة الواجب التطبيق في حالة صاحب البلاغ وهو أنه: يجب أن يحصل أي مواطن أجنبي ليست لديه رخصة إقامة على تأشيرة لدخول النرويج، ويجب أن تصدر هذه التأشيرة مسبقاً وأن يأتي الطلب من الخارج. وإذا كان يُخشى أن يتجاوز الأجنبي مدة الإقامة المسموح بها أو أن يحاول الحصول على إقامة في النرويج، يجوز رفض منحه تأشيرة الدخول. وأي مواطن أجنبي يحاول دخول النرويج دون أن يكون حاملاً لتأشيرة دخول أو رخصة إقامة يجوز منعه من الدخول لدى الوصول أو خلال سبعة أيام بعد دخوله. ويصدر أمر بطرد أي أجنبي عندما يخل الأجنبي إخلالاً جسيماً أو متكرراً بحكم أو أكثر من أحكام قانون الهجرة أو يتهرب من حكم بمغادرة النرويج. ويُحرم أي أجنبي مطرود من دخول البلد مرة أخرى. ولا يمنح الإذن بدخول البلد إلا برخصة خاص.

8-4 وتتناول المحكمة الإدارية من الدرجة الأولى التابعة لمديرية الهجرة الطلبات المقدمة للحصول على تأشيرات دخول للبلد. وتتناول وزارة العدل الطعون الإدارية. وتخضع القرارات الإدارية لإشراف المحاكم.

8-5 وتدفع الدولة الطرف بأن محكمة مدينة أوسلو ليست لديها صلاحية إصدار أمر بدخول صاحب البلاغ النرويج عند النظر في دعوى حضانة وزيارة الطفلين، فذلك أمر من اختصاص السلطات المنوطة بالهجرة. ومن ثم لا يمكن تناول مسألة مقبولية حضور صاحب البلاغ جلسة النظر في الدعوى بطرح سؤال عما إذا كان صاحب البلاغ قد طعن في الحكم الذي أصدرته محكمة مدينة أوسلو في الدعوى المتعلقة بالطفلين. ولكي يستطيع أي أجنبي المثول شخصياً أمام المحاكم الوطنية من اللازم أن يحصل على رخصة صادر من السلطات المختصة بالهجرة. وفي حالة رفض دخوله يجوز له تقديم طعن في هذا القرار الإداري أمام المحاكم في شكل مراجعة قضائية. وفي هذا السياق تذكر الدولة الطرف بأن الأمر بطرد صاحب البلاغ من النرويج قد صدر في عام 1994 لانتهاكه المتكرر لقانون الهجرة وأن هذا القرار يحول من حيث المبدأ دون دخوله بعد ذلك إلى النرويج.

8-6 وتشير الدولة الطرف إلى التطورات التي حدثت في قضية صاحب البلاغ في عامي 1996 و1997 التي توضح أنه كان على علم بطريقة سير نظام الهجرة. وفيما يتعلق برفض منحه تأشيرة الدخول وبالتالي عدم تمكنه من حضور جلسة النظر في الدعوى في محكمة مدينة أوسلو، تذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد تقدم بطلب للحصول على تأشيرة دخول في 22 آذار/مارس 1996 بغرض حضور الجلسة المقرر عقدها في 24 تموز/يوليه 1996. وفي 11 تموز/يوليه 1996 رُفض الطلب نظراً لوجود أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب البلاغ لن يغادر النرويج طوعاً بعد انقضاء مدة صلاحية التأشيرة. وفي 15 تموز/يوليه 1996 طعن صاحب البلاغ في رفض منحه التأشيرة أمام وزارة العدل. وأُخطرت محكمة المدينة بوجود طعن إداري، وبناء على طلب صاحب البلاغ قررت المحكمة إرجاء النظر في الدعوى إذا لم يمثل صاحب البلاغ في 24 تموز/يوليه 1996. وأقرت الوزارة رفض منحه تأشيرة الدخول في 20 آب/أغسطس 1996. وأُخطر صاحب البلاغ بحقه في أن يكون له ممثل قانوني في جلسة النظر في الدعوى. ولم يتقدم صاحب البلاغ بطلب مراجعة قضائية عند تسلمه قرار الوزارة.

8-7 وفي 28 أيلول/سبتمبر 1996 قدم أحد المحامين نفسه بوصفه مستشاراً قانونياً لصاحب البلاغ في قضية حضانة الطفلين وتقدم بطلب للحصول على مساعدة قانونية بالمجان وحصل عليها بحجة أن صاحب البلاغ لم يستطع أن يحضر بنفسه إلى المحكمة. وبالتالي حُدد تاريخ 14 كانون الثاني/يناير 1997 موعداً لعقد جلسة جديدة للنظر في الدعوى. ولم يقم صاحب البلاغ بتجديد طلبه للحصول على تأشيرة دخول عن طريق السفارة النرويجية في تونس إلا في 4 كانون الثاني/يناير 1997. وأحالت المديرية الطلب إلى الوزارة إذ أنه اعتُبر طلباً لإعادة تقييم قرار الوزارة الصادر في 20 آب/أغسطس 1996. وتسلمت الوزارة الطلب في 13 كانون الثاني/يناير 1997. وفي ذلك الوقت كان صاحب البلاغ قد وصل بالفعل إلى مطار أوسلو ورُفض منحه تأشيرة دخول لظروف طارئة. وأصدر صاحب البلاغ بعدئذ توكيلاً كتابياً لمحاميه كي يمثله في جلسة النظر في الدعوى. ويتبين من سجل الجلسة التي عُقدت في 14 كانون الثاني/يناير 1997 أن المحامي مثل صاحب البلاغ دون أن يطلب أي تأجيل آخر.

8-8 ووفقاً للدولة الطرف كان صاحب البلاغ ومحاميه يعلمان أن الإجراء الممكن الوحيد ضد رفض منح تأشيرة الدخول هو تقديم طلب مراجعة قضائية. ومثل هذا الطلب لا يخضع لإذن من المحاكم. وحسب الدولة الطرف فإن حرية التقدير الإدارية يقيّدها المبدأ المحلي المتعلق بإساءة استخدام السلطة وكذلك الأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان. وإذا تعذّر الدفاع عن أي قرار وفقاً للقانون الوطني أو لقانون تعاهدي تقوم المحكمة بإلغاء هذا القرار. فلو كان صاحب البلاغ قد رفع دعوى من أجل المراجعة القضائية لقرار رفض منحه تأشيرة الدخول في آب/أغسطس 1996 لاستطاعت المحكمة البت في الأمر في الوقت المناسب قبل جلسة النظر في قضية حضانة الطفلين.

8-9 وتعترض الدولة الطرف على الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة بأن صاحب البلاغ قد بذل مجهوداً معقولاً لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية بالطعن في قرار محكمة مدينة أوسلو دون أن يوقع محام على الطعن إلى جانب توقيع صاحب البلاغ. وتدفع بأن شرط اشتراك محام في التوقيع على أي طعن لا يضع أعباء غير معقولة على مقدمي الطعون. وفي هذا السياق تشير الدولة الطرف إلى أنه من صالح العدالة أن تكون الطعون واضحة وموجزة وأن تستوفي الشروط ذات الصلة. وحسب الدولة الطرف لا يلقي هذا الشرط أعباء غير معقولة على صاحب البلاغ إذ إن نفقات قيام محام بمراجعة طعنه كانت ستكون محدودة جداً كما أن النفقات المتكبدة في هذا الخصوص كانت ستغطى في إطار المساعدة القانونية المجانية. وقد أخطرت محكمة الاستئناف صاحب البلاغ في 13 آب/أغسطس 1997 بهذا الأمر وأمهلته حتى 15 أيلول/سبتمبر لتصحيح طعنه. كما تلقى محاميه السابق أيضاً نسخة من هذا الإخطار. وأجاب صاحب البلاغ في غضون المدة الزمنية المحددة لكنه لم يستوف الشرط. وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يبذل "جهداً معقولاً" كي يُقبل طعنه رسمياً.

8-10 وفي هذا السياق تشدد الدولة الطرف على أهمية الدور الذي تقوم به المحاكم الوطنية في حماية حقوق الإنسان وتذهب إلى أن الإشراف الدولي يعد أمرا ثانويا. وفي هذه الحالة لم تعرض على المحاكم الوطنية شكوى صاحب البلاغ بأن حرمانه من تأشيرة الدخول لحضور جلسة النظر في الدعوى أمام المحكمة يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

8-11 وبنـاء على ذلك تطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تعيد النظر في قرارها بشأن المقبولية وفقا للمادة 93(4) من نظامها الداخلي. وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ الأصلي الذي قدمه صاحب البلاغ إلى اللجنة يعرض الكثير من المزاعم المختلفة كما أنه يسبق تاريخ جلسة النظر في الدعوى في كانون الثاني/يناير 1997. ومن ثم فإن الحجج التي قدمتها الدولة الطرف بشأن المقبولية موجزة ولا تتناول بالتفصيل النقطة التي أعلنت اللجنة في موعد لاحق أنها مقبولة. وفي هذا السياق تلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة لم تحدد قط قبل اتخاذ قرارها بشأن مسألة مقبولية الوقائع والنقاط التي يمكن أن تكون لها أهمية خاصة، من بين الوقائع والنقاط الكثيرة والمختلفة التي ذكرها صاحب البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الجوانب الموضوعية

8-12 بصدد مسألة ما إذا كانت جلسة كانون الثاني/يناير 1997 للنظر في الدعوى أمام محكمة مدينة أوسلو في غياب صاحب البلاغ تشكل انتهاكا للعهد، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ يمثله محام منذ أيلول/سبتمبر 1996. وتتحمل الدولة النفقات بوصفها مساعدة قانونية مجانية. وكانت المحكمة قد حددت من قبل موعد عقد الجلسة الرئيسية. وفي كانون الثاني/يناير لم يطلب أي من صاحب البلاغ أو محاميه أي تأجيل آخر للنظر في الدعوى. وفي ظل هذه الظروف ونظرا إلى أن الطفل الذي يسعى صاحب البلاغ إلى الحصول على حقوق زيارته كان آنذاك يبلغ من العمر قرابة 15 سنة، تدفع الدولة الطرف بأنه لم يكن هناك أي سبب يدعو المحكمة إلى تأجيل النظر في الدعوى من تلقاء نفسها. وتشير الدولة الطرف أيضا إلى أن صاحب البلاغ قد أعطى محاميه توكيلا خطياً قُدِّم إلى المحكمة. وتذكر الدولة الطرف بأنه ليس من سلطة المحكمة أن تسمح بدخول صاحب البلاغ النرويج. ولهذه الأسباب تدفع الدولة الطرف بأن جلسة النظر في الدعوى أمام المحكمة كانت عادلة ولم تنتهك أي مادة من مواد العهد.

8-13 وفي حالة إعلان اللجنة قبول مسألة ما إذا كان رفض منح تأشيرة الدخول يشكل انتهاكا للعهد، تلاحظ الدولة الطرف أن قرار اللجنة لم يبين بوضوح كيف أن مسألة تنشأ بمقتضى المواد 14(1) و17 و23 و26 من العهد. وفيما يخص المادة 14(1) تكرر الدولة الطرف أن النظر في الدعوى أمام محكمة مدينة أوسلو كان عادلا وأن منح صاحب البلاغ فرصة الوصول إلى النرويج تخرج عن نطاق اختصاص المحكمة.

8-14 وفيما يخص المادة 17(1) تذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد انفصل عن زوجته بالطلاق منذ مدة طويلة وليس لديه عملياً أي اتصال بابنتيه منذ بضع سنوات. وإذا ما كان للمادة 17(1) تأثير بمعنى أنه من خلال إصدار المحكمة لقرار لصالحه يكون في إمكان صاحب البلاغ أن يقيم من جديد شكلا من أشكال الاتصال بابنتيه، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان بإمكانه أن يرفع قضيته أمام المحكمة. وكونه لم يُسمح لـه بدخول النرويج لحضور الجلسة يصعب اعتباره أمراً عائليا، حسب الدولة الطرف.

8-15 وبخصوص المادة 23(4) تلاحظ الدولة الطرف أن زواج صاحب البلاغ قد انفصم منذ مدة طويلة ولا يثير أية مسألة في الدعوى أمام المحكمة. ويتعذر على الدولة الطرف تصور كيف تنشأ أي مسألة بموجـب المادة 23(4) بسبب تغيّب صاحب البلاغ عن جلسة النظر في الدعوى.

8-16 وحسب الدولة الطرف يصعب كذلك تصور المسألة التي يحتمل أن تنشأ بموجب المادة 26. فالدولة الطرف لا تعرف من هم الأشخاص الذين يقارن صاحب البلاغ نفسه بهم عند زعمه أنه ضحية للتمييز: هل هم أجانب آخرون في أوضاع مماثلة أم أجانب آخرون من مناطق جغرافية مختلفة أم زوجته السابقة. وبالتالي فلا يمكن للدولة الطرف أن تتناول المسألة بطريقة أخرى غير دحض الزعم.

8-17 ثم تتناول الدولة الطرف مسألة المصالح المتضاربة في القضية بين صاحب البلاغ وشرطة الهجرة. وفيما يتعلق بمصلحة صاحب البلاغ في أن يحضر بنفسه جلسة النظر في الدعوى تبدأ الدولة الطرف مذكرة بمختلف مراحل قضية صاحب البلاغ. وتذكر بأن صاحب البلاغ وزوجته انفصلا في عام 1988 وأنه حُرم من رؤية الطفلين بموجب قرار من المحكمة صدر في 7 أيار/مايو 1990 بعد جلسة عقدت في 25 نيسان/أبريل 1990 حضرها صاحب البلاغ. وكان صاحب البلاغ خارج النرويج منذ حزيران/يونيه 1990 ولم يكن على أي اتصال من الناحية العملية بابنتيه منذ ذلك الحين. وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الضروري أن يكون صاحب البلاغ حاضرا أثناء جلسة كانون الثاني/يناير 1997 للنظر في الدعوى، تشير الدولة الطرف إلى أن الابنة التي يطلب صاحب البلاغ زيارتها كانت تبلغ من العمر قرابة 15 سنة عند النظر في الدعوى، مع العلم أن الأطفال يعتبرون راشدين بموجب القانون النرويجي عند بلوغهم سن 18 عاما. وعلاوة على ذلك يتعين وجود أسباب خاصة لتعديل قرار سابق بشأن الزيارة. وأخيرا، ووفقا للقانون النرويجي يعطى وزن كبير لرأي الطفل ما أن يبلغ من العمر 12 سنة. وفي هذه الحالة أبلغت الطفلة المحكمة أنها لا توافق على تلقي زيارات من والدها. وفي ظل هذه الظروف ترى الدولة الطرف أنه لم يكن من اللازم أن يكون صاحب البلاغ موجودا في جلسة المحكمة. ذلك أنه لم يُطلب سماع أقواله مباشرة ومثله محام دفعت أتعابه في إطار المساعدة القانونية المجانية.

8-18 وفيما يتعلق بمصالح سياسة الهجرة، تشير الدولة الطرف إلى أن للدول الحق في حظر الهجرة أو تنظيمها، والحق في أن تقرر ما إذا كان ينبغي السماح أو عدم السماح لأي أجنبي بالبقاء فـي البلد. وفـي الفتـرة 1996/1997 لم يكن لدى صاحب البلاغ بالفعل الحق في الإقامة في النرويج، وذلك منذ بضع سنوات. والواقع أنه كان مستبعدا من الدخول بصورة دائمة. ومع ذلك فقد واصل محاولاته للدخول إلى النرويج ليقيم فيها بصورة دائمة. وفي هذا السياق تشير الدولة الطرف إلى طلب اللجوء الذي قدمه صاحب البلاغ في عام 1995. وحسب الدولة الطرف، كانت هناك بالتالي أسباب قوية تدعو إلى خشية احتمال عدم مغادرة صاحب البلاغ للنرويج في حالة السماح له بالدخول بتأشيرة محددة المدة.

8-19 وبصدد إمكانية طرح السؤال عن السبب في عدم إبقاء صاحب البلاغ في مركز احتجاز إدارة الهجرة عند توقيفه يوم 12 كانون الثاني/يناير 1997 والسماح له بحضور جلسة النظر في الدعوى تحت حراسة الشرطة، تذكّر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان على علم تام بشروط الدخول إلى النرويج وكان يعلم أنه لن يسمح له بالدخول إذا حضر بنفسه على الحدود دون تأشيرة. وتحتج الدولة الطرف بأن منح حق الدخول إلى البلد في وضع مثل الوضع الذي خلقه صاحب البلاغ في كانون الثاني/يناير 1997 من شأنه أن يهدد نظام مراقبة تقديم طلبات الحصول على تأشيرات، الأمر الذي يعرقل أيضا مراقبة الهجرة. وتتذرع الدولة الطرف بحقها المشروع في عدم المساس بنظم ولوائح مراقبة الهجرة. وتخلص الدولة الطرف إلى أن أسباب رفض دخول صاحب البلاغ ليست تعسفية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

9-1 يكرر صاحب البلاغ في تعليقاته مزاعمه السابقة فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت قبل عام 1996 وينكر أنه قد أخل بقانون الهجرة. ويزعم أن طرده في عام 1994 كان مجحفاً. ويذكر أن له الحق في الحضور إلى مطار أوسلو. ويقول إنه تعرض باستمرار للمضايقات من جانب موظفي الهجرة منذ عام 1988. ويطعن في الحكم الذي أصدرته محكمة مدينة أوسلو في 7 تموز/يوليه 1990 ويشير إلى عدم وجود أي سبب يبرر حرمانه من حقوق الزيارة.

9-2 وفيما يتعلق بحرمانه من حضور جلسة المحكمة التي عقدت في كانون الثاني/يناير 1997 ينوه صاحب البلاغ أن أي طعن آخر فيما يتعلق برفض منحه تأشيرة دخول لم يكن ممكنا لأنه كان من الواضح أن سلطات الهجرة متحيزة ضده. وأوضح أنه وصل إلى مطار أوسلو مساء يوم الأحد الموافق 12 كانون الثاني/يناير 1997 واحتُجز في المطار طوال يوم الاثنين 13 كانون الثاني/يناير. وحسب صاحب البلاغ لم يسمح لـه بالاتصال بالقاضي في محكمة مدينة أوسلو. وزاره محاميه مساء يوم الاثنين ووقع صاحب البلاغ توكيلا له على أساس أنه سيجري إحاطة القاضي علما بما حدث وأنه سيبعث فاكسا إلى سلطات الهجرة. غير أن صاحب البلاغ عاد إلى تونس بالطائرة في الساعة السابعة من صباح اليوم التالي قبل أن يتسنى له الاتصال بالقاضي. ويختتم بقوله إنه قد بذل بالفعل كل جهد معقول لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية ومن ثم فإن قرار اللجنة بشأن المقبولية صحيح.

9-3 ويدفع صاحب البلاغ بأنه لم يكن في نيته مطلقا الإقامة في النرويج سراً وأن شكوك سلطات الهجرة في هذا الخصوص سخيفة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

10- لاحظت اللجنة ودرست طلب الدولة الطرف بإعادة النظر في قرار اللجنة بشأن مقبولية دعوى صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن بعض الأجزاء من الحجج المقدمة لإعادة النظر في القرار تتصل بالادعاءات التي أعلنت اللجنة بالفعل أنها غير جائزة وأنه ينبغي معالجة الحجج المتبقية التي قدمتها الدولة الطرف كجزء من الجوانب الموضوعية للدعوى. وبالتالي قررت اللجنة بدء النظر في الجوانب الموضوعية.

11-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات الكتابية المعروضة عليها عملا بالفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

11-2 وقد أكد صاحب البلاغ وكذلك الدولة الطرف أن صاحب البلاغ وصل إلى مطار أوسلو يوم 12 كانون الثاني/يناير 1997 بنية الاشتراك في جلسة تعقد بمحكمة مدينة أوسلو للنظر في دعواه بحضانة وحقوق زيارة طفليه، التي كان موعد عقدها 14 كانون الثاني/يناير والتي تلقى استدعاء بشأنها. ولا جدال كذلك أن السلطات الإدارية للدولة الطرف قد منعت صاحب البلاغ من حضور جلسة النظر في الدعوى أو من الاتصال مباشرة بالقاضي. لكنه استطاع مقابلة محاميه الذي شارك في جلسة المحكمة التي عقدت في 14 كانون الثاني/يناير بينما كان صاحب البلاغ قد رحل بالفعل من النرويج.

11-3 والحق في الحصول على محاكمة منصفة في أي دعوى مدنية، الذي تكفله الفقرة 1 من المادة 14، قد يقتضي أن يتمكن أي فرد من المشاركة بنفسه في إجراءات المحاكمة. وفي مثل هذه الظروف تكون الدولة الطرف ملزمة بالسماح لهذا الفرد بحضور جلسة النظر في الدعوى حتى ولو كان الشخص أجنبياً غير مقيم. وعند تقييم ما إذا كانت الشروط التي تقتضيها الفقرة 1 من المادة 14 قد استوفيت في هذه الدعوى، تلاحظ اللجنة أن محامي صاحب البلاغ لم يطلب تأجيل النظر في الدعوى كي يتمكن صاحب البلاغ من المشاركة بنفسه؛ كما لم ترد أي تعليمات بهذا المفاد في التوكيل الذي وقع عليه صاحب البلاغ وأعطاه للمحامي في المطار وقدمه المحامي بعدئذ إلى القاضي في جلسة النظر في قضية حضانة الطفلين. وفي ظل هذه الظروف ترى اللجنة أن عدم قيام محكمة مدينة أوسلو بتأجيل النظر في الدعوى بناء على مبادرتها إلى أن يتمكن صاحب البلاغ من الحضور بنفسه لا يشكل انتهاكا من جانب الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 14.

11-4 ولما كان الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ في محكمة بورغارتنغ العليا قد رفض من خلال تطبيق قاعدة إجرائية موحدة بعد أن أتيحت لصاحب البلاغ فرصة تدارك النقص موضع البحث فإن اللجنة لا يمكنها أن تعتبر أن رفض الطعن يشكل انتهاكا لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

11-5 وبما أن اللجنة قد رأت أن تصرف المحكمة التي تناولت دعوى صاحب البلاغ لا يشكل انتهاكا للفقرة 1 من المادة 14 فإنها تخلص إلى عدم نشوء أي مسألة منفصلة بموجب المواد 17 أو 23 أو 26.

12- وعملا بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن وقوع انتهاك لأي مادة من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، على أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من التقرير السنوي للجنة المقدم إلى الجمعية العامة].

الحاشية

(1) حسب قول الدولة الطرف لم ترفع أي دعوى بالطعن والإلغاء.

تذييل

رأي فردي مقدم من أعضاء اللجنة السيد ب. باغواتي والسيد د. كريتسمر والسيدة س . مدينا والسيد ر. لالاه (رأي مخالف)

لا نستطيع أن نتفق مع النهج الذي اتبعته اللجنه برفض إعادة النظر في قرارها بشأن مقبولية البلاغ. ويجب أن نذكّر بأنه بمقتضى المادة 93(4) من النظام الداخلي للجنة، يجوز للجنة إعادة النظر في أي قرار بشأن مقبولية أي بلاغ في ضوء أي شروح أو بيانات تقدمها الدولة الطرف. وفي هذه الحالة المحددة طلبت الدولة الطرف إعادة النظر في هذا القرار بدعوى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. ولهذا الغرض قدمت الدولة الطرف ملاحظات مفصلة بخصوص الظروف التي تناولت فيها محكمة مدينة أوسلو دعوى صاحب البلاغ المتعلقة بحضانة الأطفال وكذلك المسائل ذات الصلة برفض الطلبات التي قدمها صاحب البلاغ للسماح له بدخول النرويج. وأتيحت لصاحب البلاغ فرصة الرد على هذه الملاحظات.

وجوهر دعوى صاحب البلاغ هو أنه حُرم من فرصة المثول بنفسه أمام محكمة مدينة أوسلو في كانون الثاني/يناير 1997 عندما تناولت المحكمة دعوى صاحب البلاغ بحضانة الطفلين. وجميع المزاعم المتعلقة بانتهاكات مواد محددة من العهد تتصل بهذا الادعاء. ونلاحظ أن صاحب البلاغ قد مثله محامٍ في الإجراءات أمام محكمة مدينة أوسلو. ولم يطلب المحامي من المحكمة أن تمتنع عن بحث الدعوى إلى أن يحضر صاحب البلاغ أو أن تقرر تأجيل النظر في القضية حتى يتمكن من التقدم بطلب مراجعة قضائية في القرار الإداري الذي يمنع صاحب البلاغ من الدخول إلى النرويج بغرض حضور إجراءات المحكمة. وعلاوة على ذلك فإن صاحب البلاغ قد أخطر بالعيب الفني الذي يشوب طعنه في قرار محكمة مدينة أوسلو وأتيحت له فرصة تدارك العيب المذكور. ونلاحظ أيضا أن صاحب البلاغ كان لديه محام للمساعدة القانونية في ذلك الوقت وهو لم يدحض زعم الدولة الطرف بأنه كان يستطيع بسهولة أن يستوفي شرط مشاركة محام في التوقيع على الطعن الذي قدمه.

وفي ظل هذه الظروف نرى أنه ينبغي للجنة أن تعيد النظر في قرارها بشأن المقبولية وأن تعتبر البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بمقتضى المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

( التوقيع ) ب. باغواتي

(التوقيع ) د. كريتسمر

( التوقيع ) ر. لالاه

( التوقيع ) س. ميدينا كيروغا

(حرّر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، على أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا فيما بعد باللغات الروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير).

سين - البلاغ رقم 770/1997، غريدين ضد الاتحاد الروسي

(اعتمدت الآراء في 20 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من : السيد ديميتري ل. غريدين

(يمثله السيد أ. مانوف من مركز تقديم المساعدة للحماية الدولية)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ البلاغ : 27 حزيران/يونيه 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 تموز/يوليه 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 770/1997 المقدم إليها من السيد ديمتري ل. غريدين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها كل ما قدمه إليها صاحب البلاغ والدولة الطرف من معلومات كتابية،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هـو السيد ديمتري ليونودوفيتش غريدين، وهو طالب روسي ولد في 4 آذار/مارس 1968. ويدعي أنه ضحية لانتهاك روسيا الفقرات 1 و2 و3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14 من العهد. ويبدو أن هذه الحالة تثير أيضاً قضايا في إطار المادتين 9 و10 من العهد. ويمثله السيد أ. مانوف من مركز تقديم المساعدة للحماية الدولية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2- أُلقي القبض على صاحب البلاغ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 بتهمتي محاولة اغتصاب المدعوة السيدة زيكينا وقتلها عمداً. وما أن احتُجز، اتُهم أيضاً بارتكاب ستة اعتداءات أخرى. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 1990، أدانته محكمة تشليابينسك الإقليمية بهذه التهم وحكمت عليه بالإعدام. ورُفض استئنافه أمام المحكمة العليا في 21 حزيران/يونيه 1991. ورُفض استئنافان آخران في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1991 و1 تموز/يوليه 1992. ورفضت كذلك استئنافات مقدمة إلى مكتب المدعي العام، في 12 كانون الأول/ديسمبر 1991 و16 كانون الثاني/يناير و11 آذار/مارس 1992. وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 1993، خُفضت عقوبة الإعدام المحكوم بها على صاحب البلاغ إلى السجن مدى الحياة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن أمر القبض عليه لم يصدر سوى في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، بعد أكثر من ثلاثة أيام من احتجازه. ويذكر أيضاً أنه مُنع من الاستعانة بمحام، بالرغم من طلباته، حتى 6 كانون الأول/ديسمبر 1989.

3-2 ويدعي أنه تم استجوابه لمدة 48 ساعة، دون أن يقدَّم له أي طعام ودون السماح له بالنوم. كذلك أُخذت منه نظارته ولم يتمكن من أن يرى جيداً بسبب قصر نظره. وتعرض للضرب أثناء الاستجواب (1) . وذكر أنه قيل له إن أسرته تخلت عنه وأن السبيل الوحيد لتفادي عقوبة الإعدام هو الاعتراف. وعندئذ اعترف بالتهم الست، وكذلك بثلاث تهم أخرى.

3-3 ويُزعم أن المحقق لم يُبلغ محامي صاحب البلاغ بما تعتزم المحكمة اتخاذه من إجراءات. وعلى وجه الخصوص، أُخذ صاحب البلاغ في كانون الثاني/يناير 1990 لإجراء فحص طبي له، ولم يُبَلَّغ محاميه بذلك.

3-4 ويزعم صاحب البلاغ أنه تم العبث بالأدلة، إخلالاً بأحكام قانون الإجراءات الجنائية الروسي. فقد أفيد أن ملابس صاحب البلاغ نُقلت إلى المختبر في الكيس نفسه الذي نُقلت فيه ملابس الضحية، الأمر الذي يُجَرِّد نتيجة فحص أنسجة من ملابسه وجدت على ملابس الضحية من أية قيمة. وزُعم أيضاً أن بعض المخالفات للأصول المرعية قد حدثت أثناء عملية تحديد هوية الجاني. فيدعي صاحب البلاغ أنه مُرِّر عبر القاعة التي كانت الضحايا جالسات فيها يوم تحديد هوية الجاني. وعندما لم تحدده إحدى الضحايا على أنه هو الجاني، زُعم أن المحقق أمسك بيدها وأشار إلى صاحب البلاغ. وقيل أيضاً إن أوصاف الضحايا للشخص الذي اعتدى عليهن تختلف تماماً عن ملامح صاحب البلاغ.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه قد أُخِلَّ بحقه في افتراض البراءة. ففي الفترة بين 26 و30 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، أعلنت المحطات الإذاعية والصحف أن صاحب البلاغ هو القاتل المرَوِّع الملقب ب‍ "عامل المصعد"، والذي اغتصب فتيات عديدات وقتل ثلاثاً منهن. كذلك، في 9 كانون الأول/ديسمبر 1989، أعلن رئيس الشرطة أنه متأكد من أن صاحب البلاغ هو القاتل، وأذيع ذلك في التلفزيون. وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن المحقق جرَّم صاحب البلاغ في اجتماعات علنية قبل انعقاد جلسة المحكمة، ودعا الجمهور إلى إرسال مدعين اجتماعيين. ويذكر صاحب البلاغ، أنه نتيجة لذلك، كان هناك عشرة مدعين اجتماعيين، بينما لم يدافع عنه سوى محام اجتماعي واحد (2) ، أُجبر فيما بعد على مغادرة قاعة المحكمة (3) . وأفاد صاحب البلاغ أن قاعة المحكمة كانت مكتظة بناس يصيحون قائلين إنه ينبغي الحكم عليه بالإعدام. ويذكر أيضاً أن المدعين الاجتماعيين والضحايا كانوا يهددون الشهود والمحامي وأن القاضي لم يفعل أي شيء لوقف ذلك. ولهذا السبب، لم تكن هناك فرصة مناسبة لاستجواب الشهود الرئيسيين في المحكمة.

3-6 وفي اليوم الأول لجلسات الاستماع، دفع صاحب البلاغ بأنه غير مذنب (4) . وعندئذ وضع في الحبس وهو يشكو من أنه لم يسمح له أبداً بمناقشة الأمور مع محاميه على انفراد.

3-7 وهو يشكو أيضاً من أن الشهود الذين كان بإمكانهم أن يؤكدوا إفادته عن مكان تواجده أثناء حدوث الجريمة لم يُستجوبوا في المحكمة. وعلاوة على ذلك، فإن بعض الإفادات التي أُدلي بها أثناء التحقيق الأولي قد اختفت من المحضر.

3-8 ويُزعم أيضاً بأنه، إخلالاً بأحكام القانون الروسي، لم يجر جمع سجلات المحاكمة وتوقيعها إلا في 25 شباط/فبراير 1991، في حين أن جلسات الاستماع انتهت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1990. وقدم ثلاثة شهود شكاوى إلى المحكمة العليا، بسبب وجود تناقضات بين الأقوال المدوَّنة في محاضر الجلسات وبين الشهادات التي أدلوا بها فعلاً.

3-9 وذُكر أن ما تقدم يعتبر إخلالاً بأحكام الفقرات 1 و2 و3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14.

بيان الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ عليه :

4-1 تدفع الدولة الطرف، في بيانها المقدم في 26 شباط/فبراير 1998، بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول حيث إنه لم يقدَّم من قبل صاحب البلاغ نفسه، وإنما عن طريق محام ينوب عنه.

4-2 وفي بيان آخر، مؤرخ 26 شباط/فبراير 1999، تتناول الدولة الطرف الوقائع الموضوعية للبلاغ. وتذكر في هذا الصدد، أن من أجل الاستجابة لطلب اللجنة، قام مكتب النائب العام بالاتحاد الروسي باستعراض قضية صاحب البلاغ. وتحقق من إفادات الضحايا والشهود، ومن تفتيش المكان الذي وقعت فيه الحوادث، والظروف التي تم فيها التعرف على هوية صاحب البلاغ. وفي هذا الصدد، تدفع الدولة الطرف بأن الحجج التي ساقها صاحب البلاغ والتي مفادها أنه برئ من التهم الموجهة إليه وأن أساليب التحقيق المستخدمة تنتهك حقوقه في الدفاع، فضلاً عن مسألة الضغط الجماهيري، هي حجج قامت المحكمة العليا، بصفتها محكمة استئناف بمراجعتها كافةً واعتبرت أن لا أساس لها من الصحة.

4-3 وتحاج الدولة الطرف بأن لا صاحب البلاغ ولا محاميه أثارا قط مسألة الإكراه من جانب الشرطة أمام المحاكم. وتدفع أيضاً بأن صاحب البلاغ كان يمثله محام طوال التحقيق الأولي، الذي قدم صاحب البلاغ خلاله معلومات تفصيلية فيما يتعلق بالجرائم. وأفادت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتراجع عن أقواله في المحكمة إلا نتيجة لما مارسه عليه أفراد أسرته من ضغط.

4-4 وفيما يتعلق بالادعاء بأن صاحب البلاغ لم يستطع قراءة البيانات نظراً لرفض إعطائه نظارات للقراءة، تلاحظ الدولة الطرف من مَحاضر جلسات المحكمة أن صاحب البلاغ ذكر أنه يستطيع أن يقرأ على بعد 10 إلى 15 سنتيمتراً دون نظارة، وعلاوة على ذلك، فإن المحققين قد زوَّدوا صاحب البلاغ بنظارات. وبناء على ذلك، ترفض الدولة الطرف الزعم بحدوث أي انتهاك لأحكام العهد في هذا الصدد.

4-5 وأخيراً توضح الدولة الطرف أنه تم استجواب السيد غريدين في حضور محامي الدفاع الذي تم تعيينه من أجلـه بموجب أحكام القانون. وتلاحظ الدولة الطرف أن السيد غريدين اعتقل في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1989، طلبت والدته، السيدة ف. ف. غريدينا دعوة محامي الدفاع إلى المشاركة في التحقيقات. وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 1989، تم الاتفاق بين أقارب غريدين والمحامي، الذي سمح له، منذ ذلك الوقت، بالمشاركة في التحقيقات.

5- وكرر محامي صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 14 أيلول/سبتمبر 1999، الادعاءات الواردة في البيان الأول وأشار إلى أنه، باعتراف الدولة الطرف نفسها، لم يكن لصاحب البلاغ محام يمثله في الفترة من 25 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 1 كانون الأول/ديسمبر 1989.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة :

6-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وكما هو مطلوب بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فقد تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اعترضت على مقبولية البلاغ، ذلك أن البلاغ قدمه المحامي وليس صاحب البلاغ نفسه. وتشير اللجنة إلى أنه، وفقاً لقواعدها وممارستها، يجوز لصاحب البلاغ أن يمثله محام، وبالتالي، فليس هناك ما يمنع اللجنة من النظر في الوقائع الموضوعية للبلاغ. وترفض اللجنة جدال الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول في هذا الصدد.

6-4 وفيما يتعلق بالادعاءات بإساءة المعاملة والإكراه من قبل الشرطة أثناء فترة التحقيق، بما في ذلك حرمان صاحب البلاغ من استخدام نظارات للقراءة، يبدو من المواد المعروضة على اللجنة أن غالبية هذه الادعاءات لم تجر إثارتها أمام المحكمة. وقد أثيرت كل هذه الحجج عند الاستئناف، ولكن المحكمة العليا وجدت أن ليس هناك ما يؤيدها. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه بأدلة بالمعنى المقصود في المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالادعاء بأن محامي صاحب البلاغ لم يُحَطْ علماً بتواريخ إجراءات المحكمة التي تعالج المسائل الطبية، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا قد استعرضت هذه المسألة ووجدت أنها تتفق مع أحكام القانون، وبناء على ذلك فهي ترى أن هذا الادعاء ما زال غير مدعم بأدلة لأغراض المقبولية.

7- وتعلن اللجنة أن الادعاءات الأخرى غير مقبولة، في ضوء ما أتاحته لها الأطراف من معلومات، على نحو ما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-1 وفيما يتعلق بالادعاء بأن صاحب البلاغ اعتقل دون مذكرة توقيف وأن هذه المذكرة لم تصدر إلا بعد ما يزيد على ثلاثة أيام من توقيفه، إخلالاً بأحكام التشريع الوطني، الذي ينص على وجوب إصدار مذكرة توقيف في غضون 72 ساعة من التوقيف، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تتناول هذه المسألة. وفي هذا الصدد، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ، في ظروف هذه الحالة، حُرم من حريته إخلالاً بإجراء ينص عليه القانون. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن إخلال بأحكام الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

8-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه حُرم من محاكمة عادلة، إخلالاً بأحكام الفقرة 1 من المادة 14، لا سيما بسبب عجز المحكمة التي تولت محاكمته عن السيطرة على الجو العدائي والضغط اللذين أوجدهما الجمهور في قاعة المحكمة، مما جعل من المستحيل على محامي الدفاع استجواب الشهود بشكل سليم وعرض حججه دفاعاً عن المتهم، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا أشارت إلى هذه المسألة، ولكنها أخفقت في معالجتها بشكل محدد عندما استمعت إلى استئناف صاحب البلاغ. وترى اللجنة أن سير المحاكمة، على النحو المشروح أعلاه كان مخلاً بحق صاحب البلاغ في محاكمة عادلة بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14.

8-3 وفيما يخص الادعاء بانتهاك الحق في افتراض البراءة، بما في ذلك البيانات العلنية التي أدلى بها موظفون من ذوي الرتب العليا مكلفون بإنفاذ القانون، حيث وصفوا صاحب البلاغ بأنه مذنب، وغطت وسائط الإعلام هذه البيانات تغطية واسعة، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا أشارت إلى هذه المسألة، ولكنها لم تعالجها معالجة محددة عندما استمعت إلى استئناف صاحب البلاغ. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 13 المتعلق بالمادة 14، الذي ذكرت فيه "لذلك، فإن من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة". وفي هذه الحالة، ترى اللجنة أن السلطات عجزت عن ممارسة الامتناع الذي تقتضيه منها الفقرة 2 من المادة 14، منتهكة بذلك حقوق صاحب البلاغ.

8-4 وفيما يتعلق بالادعاءات المتبقية الواردة في الفقرتين 3-4 و3-7 أعلاه، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا عالجت الادعاءات المحددة لصاحب البلاغ التي مفادها أنه تم التلاعب بالأدلة، وأن الشهود لم يتعرفوا عليه بشكل صحيح، وأنه يوجد تعارض بين المحاكمة ومحاضر جلساتها. غير أن رفض المحكمة لهذه الادعاءات المحددة لم يعالج نزاهة المحاكمة ككل، وبالتالي فهو لا يؤثر على النتيجة التي خلصت إليها اللجنة بأنه قد أُخِلَّ بأحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

8-5- وفيما يتعلق بالادعاء بأنه لم يُتح لصاحب البلاغ محام للأيام الخمسة الأولى التي تلت القبض عليه، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أجابت بأن صاحب البلاغ كان يمثله محام وفقاً لأحكام القانون. غير أنها لم تدحض ادعاء صاحب البلاغ بأنه طلب محامياً بعد احتجازه بوقت قصير وأن طلبه قد أُغفل. ولم تدحض أيضاً ادعاء صاحب البلاغ بأنه استجوب دون أن يتمكن من الحصول على مشورة محام بعد أن كان قد طلب ذلك تكراراً. وتخلص اللجنة على أن منع صاحب البلاغ من إمكانية الوصول إلى مستشار قانوني بعد أن كان قد طلب ذلك، وأن استجوابه أثناء ذلك الوقت يشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3(ب) من المادة 14. وعلاوة على ذلك، تعتبر اللجنة أن عدم تمكن صاحب البلاغ من استشارة محاميه على انفراد، وهو ادعاء لم تدحضه الدولة الطرف، يشكل أيضاً إخلالاً بأحكام الفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن إخلال بأحكام الفقرتين 2 و3(ب) من المادة 14 من العهد.

10- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد غريدين، الأمر الذي يستتبع تعويضه والإفراج الفوري عنه. والدولة الطرف ملزمة بضمان عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بكونها أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث أم لم يحدث انتهاك للعهد، وأنه عملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل تظلم يكون فعالاً وقابلاً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، ترغب اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أُفيد أن آراء الخبراء الطبيين بتاريخ 18 كانون الثاني/يناير و30 آب/أغسطس تؤكد ذلك.

(2) يشير صاحب البلاغ إلى مدعين اجتماعيين ومحامين اجتماعيين على النحو المعمول به في النظام الروسي، وهم يعملون إلى جانب المدعي العام ومحامي الدفاع.

(3) يظهر من الملف أن محاميَّين اجتماعيَّين كانا متاحين لصاحب البلاغ وأن أحد هذين المحاميين هو الذي أُجبر على مغادرة قاعة المحكمة

(4) يبدو من الملف أن صاحب البلاغ دفع بأنه غير مذنب بالنسبة لجميع التهم باستثناء ما يتعلق بالاعتداء على السيدة زيكينا.

عين - البلاغ رقم 780/1997، لابتسفيتش ضد بيلاروس (اعتمدت الآراء في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من : فلاديمير بتروفيتش لابتسِفيتش

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ البلاغ : 18 آب/أغسطس 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 آذار/مارس 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 780/1997 الذي قدمه السيد فلاديمير ب. لابتسِفيتش إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها كل ما قدمه إليها صاحب البلاغ وكل ما قدمته إليها الدولة الطرف من معلومات مكتوبة،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو المدعو فلاديمير بتروفيتش لابتسِفيتش، مواطن بيلاروسي يقيم في موغيليف ببيلاروس. ويدعي بأنه تضرر من جراء إخلال جمهورية بيلاروس بأحكام الفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2- في 23 آذار/مارس 1997 وبينما كان صاحب البلاغ يقوم، في وسط مدينة موغيليف ببيلاروس، بتوزيع مناشير مكرسة للاحتفال بالذكرى السنوية لإعلان استقلال جمهورية بيلاروس الشعبية، جاءه ضباط من إدارة الشؤون الداخلية لمنطقة موغيليف المركزية وصادروا منه 37 نسخة من المناشير التي كانت لا تزال في حوزته. وفي وقت لاحق، وجهت إليه، بموجب أحكام المادة 172(3) من قانون الجرائم الإدارية، تهمة توزيع مناشير لا تتضمن البيانات المطلوبة فيما يتعلق بتوزيع المنشورات. ووفقا للتهمة الموجهة إلى صاحب البلاغ، فرضت اللجنة الإدارية عليه غرامة قدرها 000 390 روبل. وطلب صاحب البلاغ استئناف هذا القرار أمام المحكمة المحلية المركزية، التي رفضت هذا الطلب في 13 حزيران/يونيه 1997. كما رفضت كل من المحكمة الإقليمية والمحكمة العليا في 18 حزيران/يونيه 1997 و22 تموز/يوليه 1997 على التوالي، استئناف القرار. ويدفع صاحب البلاغ بأنه قد استنفد بذلك جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

التشريعات المحلية ذات الصلة

3-1 أُنزلت عقوبة بحق صاحب البلاغ لعدم امتثاله لأحكام المادة 26 من قانون الصحافة ووسائط الإعلام الجماهيري الأخرى ("قانون الصحافة"). وتشترط المادة أن

"يتضمن كل إصدار من منشور دوري مطبوع التفاصيل التالية:

1) اسم المنشور؛ 2) اسم مؤسسيه (المشتركين في تأسيسه)؛ 3) الاسم الكامل لمحرره (رئيس تحريره) أو نائبه؛ 4) الرقم التسلسلي للإصدار وتاريخه، وكذلك، بالنسبة للصحف، تاريخ إرسالها إلى المطبعة؛ وسعر النسخة أو بيان ما إذا كان "السعر غير محدد" أو "مجانا"؛ 6) عدد النسخ المطبوعة؛ 7) الرقم الدليلي (فيما يتعلق بالطبعات الموزعة بواسطة دوائر الخدمات البريدية)؛ 8) العنوان الكامل للناشر والمطبعة؛ 9) رقم التسجيل".

3-2 تحدد المادة 1 من القانون ذاته نطاق الشروط، حيث تنص على جملة أمور، منها:

"تعني "عبارة المطبوعات الدورية" الصحف، والمجلات، والكتيبات والكراسات، والكتب التقويمية، والنشرات، وغيرها من المنشورات التي لا تتغير عناوينها ولا أرقامها المتسلسلة، والتي تصدر مرة واحدة في السنة على الأقل. ...

وتسري الأنظمة التي ينص عليها هذا القانون والمتعلقة بالمطبوعات الدورية على التوزيع الدوري لدفعات نسخ لا يقل عدد كل منها عن 300 نسخة لنصوص يستعان في كتابتها بالحواسيب والمعلومات المجمَّعة في قواعد وبنك بياناتها، كما تسري على غيرها من وسائط الإعلام الجماهيري، التي يتم توزيع ناتجها بشكل بلاغات مطبوعة وملصقات وإعلانات يدوية وغيرها من المواد."

3-3 وتقضي المادة 172(3) من قانون الجرائم الإدارية بأن نشر مواد مطبوعة لا يتم إصدارها وفقاً للإجراء المتبع، أو لا يشار فيها إلى البيانات المطلوبة فيما يتعلق بتوزيع المنشورات، أو تتضمن مواد تسيء للدولة أو النظام العام أو الحقوق والمصالح المشروعة للأفراد بصفتهم الشخصية، يعتبر جريمة إدارية. ويعاقب هذا القانون على هذه الجرائم بدفع غرامات أو/و مصادرة المواد.

الشكوى

4- يدعي صاحب البلاغ أنه قد تضرر نتيجة الإخلال بحريته في التعبير والرأي، التي تحميها الفقرة 2 من المادة 19 من العهد. ويدعي صاحب البلاغ أن العقوبات التي فرضت عليه غير قانونية، حيث إن المادة 172(3) من قانون العقوبات الإدارية لا تنطبق على حالته. وهو في هذا الصدد يؤكد أن المناشير كانت تتضمن معلومات عن عدد النسخ المطبوعة منها واسم المنظمة التي أصدرتها. ويقول إنه أشير في المناشير إلى عدد النسخ المطبوعة منها، الذي بلغ 200 نسخة على وجه التحديد، بغية توضيح أن قانون الصحافة لا ينطبق على منشوره وهو يؤكد، فضلا عن ذلك، أن المناشير ليست مطبوعات دورية ولا منشورات للبيع وأنه لا يمكن إعطاؤها أي نوع من الأرقام التسلسلية أو الدليلية أرقام التسجيل. كما أشار صاحب البلاغ إلى المادتين 33 و34 من دستور جمهورية بيلاروس اللتين تكفلان الحق في حرية التعبير والرأي والحق في نشر المعلومات.

المعلومات المقدمة من الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ عليها

5-1 قدمت الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 16 تموز/يوليه 1998 تعليقاتها على الجوانب الموضوعية للبلاغ. وتلاحظ الدولة الطرف في مستهل رسالتها أن صاحب البلاغ لم ينكر أنه قام في 23 آذار/مارس 1997 بتوزيع مناشير مطبوعة لا تحوي جميع البيانات المطلوبة عند إصدار المنشورات، بمقتضى أحكام قانون الصحافة. وذكرت أنه قد ارتكب بذلك جريمة بموجب المادة 172(3) من قانون الجرائم الإدارية. وتشير الدولة الطرف إلى أن الاستثناءات من استيفاء شروط توفر البيانات المطلوبة من أجل إصدار المنشورات التي يقل عدد نسخها عن 300 نسخة لا تنطبق على المناشير.

5-2 وتشير الدولة الطرف أيضا إلى أنه "تتضمن المناشير التي وزعها صاحب البلاغ مغالطات عن التكوين التاريخي لدولة بيلاروس، وعن الاحتلال المزعوم من قِبَـل البلاشفة، وعن الكفاح المسلح لأهالي بيلاروس ضد "المحتلين"، كما تتضمن دعوة إلى اتخـاذ "هذا الكفاح" في سبيل استقلال بيلاروس مثالاً يُحتذى في الوقت الحاضر".

5-3 وتختتم الدولة الطرف رسالتها مؤكدة أن التشريع البيلاروسي موضوع البحث وإنفاذ هذا التشريع يتمشى تماما ًمع التزام الدولة الطرف بموجب المادة 19 من العهد.

6-1 وينفي صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 1998، أن المناشير "تتضمن مغالطات عن التكوين التاريخي لدولة بيلاروس". فقد ذكر أنه قد اجتاز أرفع مستويات تعليم التاريخ المتاحة في بيلاروس، وأن جميع التواريخ والوقائع الواردة في المناشير صحيحة تاريخيا. ويقر صاحب البلاغ بأنه أشار في منشوره إلى البلاشفة بأنهم "محتلون"، لكنه يوضح أن جمهورية بيلاروس هي دولة "غير قائمة على الإيديولوجيات" ويقول إن أي جزاء يستند إلى هذا التعبير لا بد أن يكون مخالفا لأحكام المادة 19 من العهد.

6-2 وينكر صاحب البلاغ أن المنشور يتضمن أي شيء يمكن تفسيره على أنه دعوة إلى اتخاذ الكفاح ضد البلاشفة مثالاً يُحتذى في الوقت الحاضر من أجل إحراز بيلاروس استقلالها. ويدعي صاحب البلاغ أن الجزاءات المفروضة عليه كانت مُبَيَّتَةً وأنها تعد بمثابة اضطهـاد لـه بدوافع سياسية لكونه رئيسا لفرع موغيليف التابع لحزب معارض هو حزب نارودنايا غرامادا الديمقراطي الاجتماعي البيلاروسي.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

7-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما قد يتضمنه بلاغ ما من ادعاءات، يتوجب عليها، وفقا لأحكام المادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي استنفاده جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن الدولة الطرف لم تنكر صحة ذلك. ولذلك فإن اللجنة ليست على علم بأي سبب قد يحول دون قبول البلاغ، ولذلك فهي ماضية إلى النظر في الجوانب الموضوعية للبلاغ في ضوء ما قدمه إليها الطرفان من معلومات، بمقتضى الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-1 والمسألة الأولى المعروضة على اللجنة هي ما إذا كان تطبيق المادة 26 من قانون الصحافة على حالة صاحب البلاغ، الأمر الذي ترتب عليه مصادرة المناشير منه ثم فرض غرامة عليه، يشكل، وفقاً لمفهوم الفقرة 3 من المادة 19، تقييدا لحرية صاحب البلاغ في التعبير. وتلاحظ اللجنة أنه، بمقتضى أحكام القانون المذكور، يتعين على ناشري المطبوعات الدورية، حسب التعريف الوارد لهم في المادة 1 من ذلك القانون، أن يُضَمِّنوا مطبوعاتهم بيانات معيَّنة عن نشر تلك المطبوعات تتضمن أرقامها الدليلية وأرقام تسجيلها، وهي، وفقا لصاحب البلاغ، بيانات لا يمكن الحصول عليها إلا من السلطات الإدارية. وترى اللجنة أن الدولة الطرف، بفرضها هذه الشروط من أجل إصدار منشور لا يتجاوز عدد نسخه المطبوعة 200 نسخة، فقد وضعت من العقبات أمام صاحب البلاغ ما يقيد حريته في نقل المعلومات إلى الآخرين ، وهي من الحريات التي تحظى بالحماية بمقتضى أحكام الفقرة 2 من المادة 19.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن المادة 19 لا تجيز إخضاع ممارسة الحقوق المنصوص عليها فيها إلا لما يحدده القانون من قيود تكون ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. والحق في حرية التعبير هو حق ذو أهمية قصوى في أي مجتمع ديمقراطي، وإ ن فرض أية قيود على ممارسة هذا الحق يجب أن يخضع لفحص دقيق لمبرراته (1) .

8-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ جادل بأن المادة 172(3) من قانون الجرائم الإدارية لا تنطبق عليه، ومن ثم، فإن العقوبات التي أنزلت بحقه غير قانونية وتشكل إخلالاً بأحكام المادة 19 من العهد. غير أن اللجنة ليست في وضع يسمح لها بإعادة تقييم ما خلصت إليه المحاكم البيلاروسية فيما يتعلق بقابلية تطبيق أحكام المادة المذكورة، الأمر الذي يتيح، فيما يبدو، مجالاً لتأويلها (انظر الفقرة 3-2 أعلاه). ومع ذلك، وحتى إذا كانت الأحكام الجزائية الصادرة بحق صاحب البلاغ مباحةً بموجب أحكام القانون المحلي، فيجب على الدولة الطرف أن تثبت أنها كانت ضرورية لبلوغ أحد الهدفين المشروعين المحددين في الفقرة 3 من المادة 19.

8-4 وتتضمن المعلومات البالغة الاقتضاب المقدمة من الدولة الطرف والمدرجة في الفقرة 5-2 أعلاه ما مؤداه أن الأحكام الجزائية الصادرة بحق صاحب البلاغ ضرورية لحماية الأمن القومي، حيث أشارت إلى مضمون ما كتبه صاحب البلاغ. غير أنه ليس في ما عرض على اللجنة ما يوحي بأن ما قام به رجال الشرطة أو ما خلصت إليه المحاكم يُعزى إلى أي سبب سوى انعدام البيانات اللازمة لإصدار المنشورات. ولذلك، فإن المسألة الوحيدة المطروحة أمام اللجنة هي ما إذا كانت الأحكام الجزائية الصادرة بحق صاحب البلاغ لعدم إدراجه التفاصيل المطلوبة بموجب قانون الصحافة أحكاماً ضرورية أم غير ضرورية من أجل حماية النظام العام أو احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.

8-5 وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن الدولة الطرف قد جادلت بأن الشروط المحددة في المادة 26 من قانون الصحافة تتمشى بوجه عام تمشياً تاماً مع أحكام العهد. لكنها لم تبذل أية محاولة لمعالجة الحالة المحددة لصاحب البلاغ وتوضيح ما يستوجب قيام صاحب البلاغ، قبل إصدار وتوزيع منشور طبعت منه 200 نسخة، بتسجيل منشوره لدى السلطات الإدارية للحصول على رقم دليلي ورقم تسجيل. وعلاوة على ذلك، فلم توضح الدولة الطرف لماذا يُعتبر هذا الشرط ضروريا لأحد الغرضين المشروعين المحددين في الفقرة 3 من المادة 19، ولماذا استلزم عدم استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون إصدار أحكام جزائية مالية، وكذلك مصادرة المناشير التي كانت لا تزال في حوزة صاحب البلاغ. ونظراً لعدم تلقي اللجنة أي تفسير يبرر مقتضيات التسجيل والتدابير المتخذة، ترى اللجنة أن هذه الشروط لا يمكن اعتبارها ضرورية لحماية النظام العام أو لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. وعليه، تخلص اللجنة إلى أنه حدث في هذه الحالة إخلال بأحكام الفقرة 2 من المادة 19.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث إخلال بأحكام الفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

10- وتقضي الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد بأن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل فعال للتظلم للسيد لابتسِفيتش، بما في ذلك تعويضه بمبلغ لا يقل عن القيمة الحالية للغرامة المفروضة عليه وما يكون قد دفعه من تكاليف قانونية. كما أن الدولة الطرف ملزمة باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- إن اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت دولة طرفا في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في حدوث إخلال بأحكام العهد أو عدم حدوثه، وأن الدولة الطرف، عملاً بأحكام المادة 2 من العهد، قد تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبيل انتصاف للإنفاذ فعالا وقابلا في حال ثبوت حدوث إخلال، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عما اتخذته من تدابير للأخذ بآراء اللجنة. كما ترجو اللجنة من الدولة الطرف أن تعمل على نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستصدر فيما بعد بالروسية والصينية والعربية أيضا، كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) انظر، في جملة أمور، البلاغ رقم 574/1994، كيم ضد جمهورية كوريا ، الآراء المؤرخة 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، والبلاغ رقم 628/1995، بارك ضد جمهورية كوريا ، الآراء المؤرخة 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998 .

فاء - البلاغ رقم 789/1997، بريهن ضد النرويج (اعتمدت الآراء في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون ) * ( )

المقدم من : مونيكا بري ه ن

(ويمثلها السيد جون ش. إيلدين)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب ة البلاغ

الدولة الطرف : النرويج

تاريخ البلاغ : 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 789/1997 المقدم إليها نيابة عن مونيكا بري ه ن ، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ ومحاميها والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي الآنسة مونيكا بري ه ن، وهي مواطنة نرويجية ولدت في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1966. وتدعي أنها ضحية لانتهاك النرويج للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. ويمثلها محام هو السيد جون كريستيان إيلدين.

الوقائع

2-1 في 3 شباط/فبراير 1993 أدينت صاحبة البلاغ بتهمة استيرادها مخدرات وبيعها على أساس تجاري. وحكم عليها بالسجن مدة 4 سنوات. وفي 16 حزيران/يونيه 1995، أطلق سراحها ووضعت تحت المراقبة بعد تعليق تنفيذ بقية مدة الحكم عليها وهي سنة و132 يوماً.

2-2 وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 1995، قبض على صاحبة البلاغ مرة ثانية بينما كانت لا تزال تحت المراقبة ، واتهمت بحيازة هيرويين ومخدرات أخرى ، علماً بأن كمياتها كانت مناسبة للاستعمال الشخصي. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 1995، أقرت بارتكابها هذه الجرائم أمام محكمة الصلح في درامين ومن ثم أدينت . ثم مارست المحكمة سلطاتها التقديرية، فأصدرت حكماً مشتركاً ب ضم المدة المتبقية من الحكم السابق، ومدة سجن أخرى على الجريمة الجديدة ، وبذا حكم عليها بالسجن مدة سنة وستة أشهر. ووفقاً لما يتطلبه القانون، عرضت المحكمة في حكمها الظروف المشددة والمخففة التي تحيط بقضية صاحبة البلاغ وأوصت بنقلها من السجن إلى مركز علاجي لمعالجتها من إدمان ا لمخدرات.

2-3 واستأنفت صاحبة البلاغ الحكم أمام محكمة استئناف بورغارتنغ. وفيما يخص القضايا التي يقل فيها الحد الأقصى لمدة الحكم عن ست سنوات، فإن قانون الإجراءات الجنائية ينص على أنه يجوز لمحكمة الاستئناف أن ترفض الاستئناف إذا رأت المحكمة بالإجماع، وبشكل واضح أن الاستئناف لن ينجح. وفي 26 كانون الثاني/يناير 1996، قررت ال محكمة التي تألفت من ثلاثة قضاة بالإجماع أن الاستئناف لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى تخفيف الحكم، ورفضته فوراً بدون نظر في الدعوى بشكل كامل. ورجت صاحبة البلاغ من المحكمة إعادة النظر في قرارها، محتمية بالمادة 14(5) من العهد. وفي 26 آذار/مارس 1996، اتخذت محكمة استئناف مؤلفة من قضاة آخرين قراراً بأغلبية أ عضائها ب عدم تغيير القرار السابق؛ ويتعلق جزء من قضية المستأنِفة بادعاء عدم الاتساق بين قانون الإجراءات الجنائية النرويجي والمادة 14(5) من العهد. ثم قدم استئناف لهذا القرار الثاني أمام لجنة الاستئنافات التابعة للمحكمة العليا التي رأت في 6 أيار/مايو 1996 أن ه ليس بين النقاط القانونية الثلاث التي قدمت لصالح صاحبة البلاغ (بما في ذلك انتهاك المادة 14(5) من العهد) أي نقطة يمكن تأييدها .

2-4 وبذلك يقال إن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت.

الشكوى

3- يسرد محامي صاحبة البلاغ في بلاغه مجرد تعاقب الأحداث المذكور أعلاه ويدَّعي أنها تشكل انتهاكاً للمادة 14(5). ومع ذلك فإن ه أرسل أيضاً نسخاً من عروضه إلى محكمة الاستئناف والمحكمة العليا. وادعى في محكمة الاستئناف أنه ينبغي للقانون المحلي كي يمتثل للمادة 14(5) من العهد أن ينص على إعادة المحاكم ات لإثبات جرم المتهمين إلى جانب تعيين قسوة الحكم. وأشار إلى الأعمال التحضيرية لقانون الإجراءات الجنائية وقال إن النظام الذي يقتضي طلب إذن الاستئناف يشكل انتهاكاً للمادة 14(5). وادعى في المحكمة العليا أنه ينبغي قبول الاستئناف المتعلق بقسوة الحكم بغض النظر عن المدة القصوى للعقوبة، إذا كانت مدة الحكم الفعلية بالسجن طويلة وممتدة إلى سنة وستة أشهر .

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات محامي صاحبة البلاغ عليها

4-1 لا تثير الدولة الطرف في تعليقاتها أية اعتراضات على جواز قبول البلاغ ، كما أنها تتناول موضوعه. وتوضح أن نظام الاستئناف لديها قد تغير في عام 1995، وأن النظام الحالي ينص على نطاق أوسع لإمكانيات الاستئناف من النطاق السابق. فبموجب النظام القديم، كانت القضايا المتعلقة بتهم يعاقب عليها بالسجن مدة تزيد على ست سنوات تنظر أمام محكمة الاستئناف كمحكمة للدرجة الأولى . ولم يكن الاستئناف ممكناً فيما يتعلق بتقييم الأدلة التي تتصل بمسألة الجرم. وبموجب النظام الجديد، تجري المحاكمة في كافة القضايا أمام محاكم الدرجة الأولى، ويكون لجميع الأشخاص المدانين حق الاستئناف أمام محكمة الاستئناف. وإثر قانون الإجراءات الجنائية الجديد، سحبت النرويج جزئياً تحفظها على الفقرة 5 من المادة 14 من العهد ( 1 ) .

4-2 توضح الدولة الطرف أن الأسباب التي يجوز على أساسها تقديم استئناف لا حد لها ويمكن أن تتعلق بأي خلل في الحكم أو في الإجراء ات . ولأسباب تتعلق ب اختصار الإجراءات ، استحدث نظام للفر ز، بغية تفادي إثقال كاهل محكمة الاستئناف بأعباء العمل. ووفقاً للفقرة الثانية من المادة 321 من قانون الإجراءات الجنائية ، يجوز لمحكمة الاستئناف (التي تتألف من ثلاثة قضاة) أن ت رفض السماح ب إجراء استئناف إذا رأت المحكمة بالإجماع، وبشكل واضح، أن الاستئناف ل ن ينجح . وهكذا، يتعين على محكمة الاستئناف في الواقع أن تعيد النظر في القضية لتقييم ما إذا كان ينبغي السماح ب إجراء الاستئناف. أما الاستئنافات المتعلقة ب جرائم يعاقب عليها القانون بالسجن مد داً تزيد على ست سنوات ف يسمح دائماً ب إجرائها. وكقاعدة، فإن الاستئنافات المتعلقة بأدلة ، ينبغي أيضاً قبول ها واتباع إجراءات المحاكمة بشكل كامل فيما يتعلق بها . ووفقاً للمادة 324 ، تتخذ محكمة الاستئناف قراراتها بدون جلسات استماع إلا أنه يسمح ل لطرفين بالإعراب عن آرائهم ا كتابياً. ومن ثم فإن مستندات القضية، بما في ذلك حكم محكمة الدرجة الأولى بالإضافة إلى الحجج المقدمة في دفوع ا لطرفين تشكل أساس التقييم الذي تجريه محكمة الاستئناف.

4-3 وفي هذه القضية، فإن السبب الوحيد للاستئناف الذي قدمته صاحبة البلاغ هو قسوة الحكم، فهي لم تثر أية مسائل تتعلق بتقييم الأدلة. وحجتها الرئيسية هي أن المحكمة ما كان ينبغي لها أن تصدر حكماً مشتركاً بضم الحكم السابق إلى حكم جديد . ومن ثم فإن إعادة النظر هي في المقام الأول مسألة تطبيق قانون العقوبات والسوابق القضائية للمحكمة العليا ويمكن الاطلاع على المعلومات ذات الصلة في الوثائق التي أُنتجت فيما يتعلق بنظر القضية في محكمة ال درجة الأولى .

4-4 وترى الدولة الطرف أن إعادة النظر التي أجرتها محكمة الاستئناف، على هذا النحو، تشكل إعادة نظر ضمن المعنى الذي تقصـده الفقـرة 5 من المادة 14 ، و أنه لدى تعديل القانون السابق ووضع النظام الجديد، أنعمت لجنة الصياغـة وخبراء مستقلـون النظـر في مسألة الاتساق مع المادة 14(5)، وخلصوا إلى أن النظام يمتثل للعهد. وتوضح الدولة الطـرف أن عبارة "وفقـاً للقانـون" الـواردة في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد تنظم الطرائق التي يتعين وفقها إعادة النظر من قبل محكمة أعلى، حسبما ذكرت اللجنة في آرائها في القضية رقم 64/1997 (Salgar de Montejo v. Colombia)( 2 ) ولهذا السبب ف إن المادة 14(5) تغطي طائفة كبيرة من مراقبة الدرجة الثانية يجمع بينها متطلب أساسي هو أن تكون القضية محل إعادة نظر . وفي هذا الخصوص، تقدم الدولة الطرف حجة بأن الدول ينبغي أن تتمتع بهامش ما فيما يتعلق بتنفيذ الحق في إعادة النظر. و بأن دولاً كثيرة وضعت ب شكل أو بآخر ، نظاماً للإذن بالاستئناف. وترى الدولة الطرف أنه حتى إذا اقتصرت إجراءات الدرجة الثانية على ما يسمى " الإذن ب إجراءات الاستئناف"، فإن تلك الإجراءات ينب غي أن تعتبر إعادة نظر ضمن المعنى الذي تقصده المادة 14(5).

4-5 وتضيف الدولة الطرف أن الحق في الاستئناف الذي لا تحده قيود يمكن بسهولة أن يساء استعماله ويؤدي إلى إثقال كاهل المحاكم بقدر غير معقول من أعباء ال قضايا. إن حقاً في الاستئناف لا يحده قيد سيؤدي بلا داعي إلى إثقال كاهل المحاكم بعبء عمل أكبر ، ويمكن أن يؤدي إلى عمليات تأ خ ير تنتهك المادة 14(3)(ج). وتؤكد الدولة الطرف على أن محكمة الاستئناف تجري في المرحلة التمهيدية أيضاً تقييماً للاستئناف من حيث موضوعه .

4-6 وترى الدولة الطرف كذلك أنه لدى الفصل فيما إذا كان نظام ما يمتثل للمادة 14(5)، ينبغي أن ت ؤخذ في الحسبان كا فة الإجراءات المنصوص عليها في النظام القانوني الوطني ، ودور ووظيفة محكمة الاستئناف فيه. و إذا عقدت محكمة الدرجة الأولى جلسات استماع علنية شفوية للنظر في قضية ما ، فإن عدم عقد جلسات من هذا القبيل أثناء إجراءات الاستئناف ينبغي أن يعتبر أمراً مبرراً بشرط م نح ا لطرفين فرصة ل لإعراب عن آرائه م ا في شكل كتابي. وفي هذا السياق العام، تلاحظ الدولة الطرف أن ه جرى التقيد ب مبدأ "تساوي الفرص".

4-7 وت شير الدولة الطرف أيضاً إلى مقرر للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان مؤرخ في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1995 ، و يتعلق بنظام الاستئناف السابق لكنه يثير مسائل مماثلة للمسائل الواردة في هذه القضية. فقد رأت اللجنة الأوروبية أن القيود التي تتخذ شكل تنظيم من قبل الدولة ينبغي أن تسعى إلى تحقيق هدف مشروع وألا تضر على نحو غير متناسب ب جوهر الحق في إعادة النظر. ورفضت اللجنة الادعاء بأن نظام النرويج ي نتهك الحق في إعادة النظر على أساس أنه إدعاء واهٍ، بشكل واضح .

5- وت طعن صاحبة البلاغ في معرض تعليقاتها على دفع الدولة الطرف في تأكي ـ د تلك الدول ـ ة أن إعادة النظر ا لفورية من قبل محكمة الاستئناف في قضيتها ت شكل إعادة نظر في القضية في إطار المعن ى ال ذ ي تقصده المادة 14(5). ووفقاً لرأي صاحبة البلاغ ، فإن رفض إجراء إعادة نظر كاملة في القضية يدل على أن المحكمة لم تنظر في موضوع دعواها. ولهذا السبب فإنها لم تحظ بإعادة نظر حقيقية في قضيتها من قبل محكمة أعلى على النحو الذي تنص عليه المادة 14(5) (3) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي مزاعم ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 8 7 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في جواز قبول البلاغ. و لا تجد اللجنة أي عقبة أمام جواز قبوله. ومن ثم ترى أن البلاغ مقبول ، وتشرع دون إبطاء في النظر في موضوعه.

7-1 وقد نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات الكتابية التي أتاحها لها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ في هذه القضية لم تستأنف القرار الصادر عن محكمة الدرجة الأولى إلا من حيث الحكم الذي قضت به تلك المحكمة. وان محكمة الاستئناف التي تشكلت من ثلاثة قضاة وفقاً للمادة 321 من قانون الإجراءات الجنائية قد أعادت النظر في موضوع الدعوى الذي عرض على محكمة الدرجة الأولى ، وفي الحكم والحجج التي قدمت لصالح صاحبة البلاغ فيما يتعلق بعدم تناسب الحكم الصادر ضدها ، وخلصت إلى أن الاستئناف لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى خفض الحكم. وعلاوة على ذلك، أعادت محكمة الاستئناف مرة أخرى النظر في عناصر الدعوى لدى إعادة نظرها في قرارها السابق، وأن هذا القرار الثاني استؤنف أمام لجنة الاستئنافات التابعة للمحكمة العليا. ومع أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان غير ملزمة برأي البرلمان النرويجي ، الذي تؤيده المحكمة العليا بأن قانون الإجراءات الجنائية النرويجي ي تفق مع المادة 14(5) من العهد، فإنها ترى، في ظروف هذه القضية ، وعلى الرغم من عدم عقد المحكمة جلسة استماع شفوية، أ ن كافة عمليات إعادة النظر من قبل محكمة الاستئناف تفي بمتطلبات الفقرة 5 من المادة 14.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك أي من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمد ت بالإسبانية و ال إ نكليزية والفرنسية، و النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسوف ت صدر في وقت لاحق بال روسية والصينية وا لعربية أيضاً كجزء من هذا ال تقرير.]

الحواشي

(1) في 19 أيلول/سبتمبر 1995 أعلنت النرويج أنه "على إثر بدء نفاذ تعديل لقانون الإجراءات الجنائية يكفل الحق في إعادة النظر في أي حكم يصدر بالإدانة أمام محكمة أعلى في جميع القضايا، لن يستمر تطبيق التحفظ الذي أبدته مملكة النرويج إلا في الظروف الاستثنائية التالية:

1-Riksrett (المحكمة الجنائية للموظفين العموميين)

وفقاً للمادة 86 من الدستور النرويجي، تشكل محكمة خاصة للنظر في القضايا الجنائية المرفوعة ضد أعضاء الحكومة، أو ال‍ Storting (البرلمان)، أو المحكمة العليا، بدون الحق في الاستئناف.

2- الإدانة من قبل محكمة استئناف

في القضايا التي يبرَّأ فيها المدعى عليه أمام محكمة الدرجة الأولى لكنه يدان أمام محكمة الاستئناف، لا يجوز استئناف الحكم بالإدانة على أساس ارتكاب خطإ في تقييم الأدلة المتعلقة بمسألة الجرم. وإذا كانت محكمة الاستئناف التي أدانت المدعى عليه هي المحكمة العليا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال استئناف الحكم بالإدانة".

( 2 ) آراء اعتمدتها اللجنة في 24 آذار/مارس 1982.

( 3 ) ي شير المحامي إلى Nowak, CCPR commentary, 1993, page 266، فيما يتعلق بالمادة 14(5): "وهكذا تكون سبل الانتصاف بالنقض جائزة القبول شأنها في ذلك شأن الاستئنافات المقدمة على أساس مواضيع الدعاوى، طالما كان ت عمليات الاستئناف ت تناول حالات إعادة نظر (examine) حقيقية . ولذا فمن المشكوك فيه أن ت كون الإجراءات التي تقتصر على مجرد مسائل قانونية، إجراءات كافية. [...] . وفي دعاوى الاستئناف أيضاً . ي تعين التقيد بضمانات توفير محاكمة منصفة وعلنية."

المرفـق العاشر

مقررات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي أعلنت فيها عدم قبول البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - البلاغ رقم 748/1997، غوميس سيلفا ضد السويد (اعتمد المقرر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : نيللي غوميس سيلفا وأسرتها

الأشخاص المدَّعى أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : السويـد

تاريخ البلاغ : 4 حزيران/يونيه 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999،

تعتمد ما يلي :

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد لويس فابيو باريرو لوسانو، نيابة عن زوجته السيدة نيللي غوميس سيلفا وأولادهما كارلوس إدواردو، وماريسول، وفابيولا، وأدريانا، وفرانسيسكو حبيب، وجميعهم من المواطنين الكولومبيين وكانوا مقيمين في كولومبيا وقت تقديم البلاغ. وهو يدعي أن زوجته وقعت ضحية لانتهاك السويد للفقرات 1 و2 و3 و4 و5 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والفقرات 2 و3(أ) و(ج) و(د) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 17 أيار/مايو 1991، سافر السيد باريرو إلى السويد برفقة اثنين من أولاده، هما أدريانا وفرانسيسكو حبيب، اللذين كان سنهما حينئذٍ 13 عاماً و12 عاماً على التوالي. وطلب حق اللجوء هناك. وقد زعموا أن حياتهم مهددة لأسباب سياسية. وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 1991، وصلت السيدة غوميس إلى السويد بصحبة ابنتها فابيولا، التي كانت سنها عندئذٍ 15 عاماً. وطلبت السيدة غوميس الحصول على تصريح إقامة. وبعد ذلك بستة عشر شهراً سافر إلى السويد، سعياً إلى جمع شمل الأسرة من جديد الابنان الباقيان وهما كارلوس إدواردو وماريسول اللذان كانت سنهما آنذاك 21 عاماً و20 عاماً على التوالي.

2-2 وفي 24 حزيران/يونيه 1993، رُفض إعطاء تصاريح إقامة للسيدة غوميس وأسرتها وطُلب منهم المغادرة. وفي 2 تموز/يوليه 1993، احتجزتهم الشرطة. وفي الساعة 30/8 من صباح ذلك اليوم، أبلغهم خمسة شرطيين ومترجم شفوي والشخص المسؤول عن مركز اللاجئين والأخصائي الاجتماعي المكلف بأسرة السيد باريرو بقرار إبعادهم. ووُضع السيد باريرو وابنه كارلوس إدواردو في سجنين مختلفتين في حين وُضعت السيدة غوميس وبقية أفراد الأسرة في غرفة بأحد الفنادق تحت حراسة الشرطة.

2-3 وفي 7 تموز/يوليه 1993، أعيد كل من السيد باريرو وابنه كارلوس إدواردو وإحدى ابنتيه إلى كولومبيا. وفي غضون ذلك، فرَّ الأولاد الثلاثة الآخرون (فرانسيسكو حبيب، وأدريانا، وفابيولا)، الذين كانوا مع السيدة غوميس، من الحبس لدى الشرطة. ويبدو أن السيدة غوميس أبقيت قيد الحبس لدى الشرطة حتى عُثر على الأبناء. بيد أن السيدة غوميس قد أبعدت إلى كولومبيا في 28 تموز/يوليه. وأعيد أولادها الثلاثة إلى كولومبيا في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرات 1 إلى 3 من المادة 9، من حيث أن زوجته قد احتُجزت تعسفياً لمدة 21 يوماً بعد أن أبلغتها السلطات السويدية برفض طلبهم الخاص بالحصول على اللجوء في السويد. وفي هذا الصدد، يدعي صاحب البلاغ أنه لم تُوجه إلى زوجته أية اتهامات خلال احتجازها البالغة 21 يوماً.

3-2 وقد استأنفت السيدة غوميس قرار رفض طلبها الحصول على اللجوء أمام محكمة إنكوبينغ. وفي 22 تموز/يوليه 1993، فإنها تلقت أمراً بالمثول أمام محكمة الاستئناف في إنكوبينغ. ويُدعى أن الشرطة لم تسمح لها قط بالمثول أمام المحكمة وأنه لا توجد نسخ من أمر المثول. وفي هذا الخصوص، يدعي السيد باريرو حدوث انتهاك للفقرة 4 من المادة 9.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن لزوجته الحق في أن تحصل، وفقاً للفقرة 5 من المادة 9 من العهد، على تعويض عن الانتهاكات التي عانت منها.

3-4 كما يدعي السيد باريرو حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 10 نظراً إلى المعاملة المهينة التي لقيتها زوجته خلال احتجازها البالغة 21 يوماً. ويدعي كذلك أن زوجته تعاني الآن، نتيجة لأوضاع احتجازها، من مرض شُعبي يستلزم نفقات طبية كبيرة.

3-5 وبالإضافة إلى هذا، يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 14 من العهد، فيما يتعلق بزوجته، نظراً إلى الاتهامات الشفوية التي وجهتها لها شرطة بولارنغ؛ فقد اتُهمت بأنها المحرض على فرار أولادها.

3-6- ويدعي السيد باريرو حدوث انتهاك للفقرات 3(أ) و(ج) و(د) من المادة 14 للافتقار إلى الضمانات الإجرائية أثناء عملية الطرد. وفي هذا الصدد، فإنه يدعي أن المحامي المعني بتقديم المساعدة القانونية لم يذهب لرؤية السيدة غوميس إلا في اليوم السابق لإبعادها.

3-7 وفي 12 آب/أغسطس 1993، قدمت السيدة غوميس شكوى إلى مكتب حقوق الإنسان في سانتياغو دي كالي (Personeria Municipal de Santiago de Cali/Delegada para la Defensa de los Derechos Humanos) (مكتب أمين مظالم بلدية سانتياغو دي كالي/مفوض الدفاع عن حقوق الإنسان) وأوصى المسؤول المعني بحقوق الإنسان (Personero Delegado I para la Defensa de los Derechos Humanos) السيد هيرنان ساندوفال كوينتيرو، بأن تعرض زوجته قضيتها على المحاكم السويدية ثم على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وعرض صاحب البلاغ القضية على أمين المظالم السويدي الذي أبلغه بدوره، في 6 كانون الأول/ديسمبر 1995، بأنه غير مختص بالنظر في دعوى التعويض عن الاحتجاز التعسفي الذي عانت منه زوجته. وفي 5 كانون الثاني/يناير 1996، قام رئيس مستشاري العدل (وهو أعلى سلطة تسدي المشورة إلى أمين المظالم في الشؤون القانونية) بإبلاغ السيدة غوميس بأنه لا توجد أسباب يمكن أن يستند إليها التعويض بالنظر إلى أن احتجازها تم طبقاً للقانون. ويُدَّعى بذلك أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

المعلومات المقدمة من الدولة الطرف وملاحظاتها بشأن المقبولية وتعليقات صاحب البلاغ عليها :

4-1 في رسالة مؤرخة 7 أيار/مايو 1997، تحتج الدولة الطرف بأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ نظراً إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ إذ أن صاحب البلاغ لم يقدم مطالبة بالتعويض أمام أية محكمة في السويد.

4-2 وفيما يتعلق بوقائع الحالة، تدعي الدولة الطرف أن هذه الوقائع هي أن أسرة باريرو غوميس قد وصلت إلى السويد بطريقة قانونية وطلبت اللجوء وهو ما قوبل بالرفض. وعندما حان موعد إبعادهم، حاولت السيدة غوميس سيلفا الانتحار وفر أصغر ثلاثة من أولادها سناً. وأُعيد السيد باريرو وابنه وابنته، وهما الأكبر سناً، إلى كولومبيا في 7 تموز/يوليه 1993. وأُعيدت السيدة غوميس سيلفا إلى كولومبيا في 29 تموز/يوليه 1993 بعد أن رفض المجلس المعني طلباً إضافيا منها للحصول على اللجوء. وأُعيد اثنان من أولادها الفارين في أيلول/سبتمبر 1993، أما ابنها الأخير فأُعيد في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1993. وفي 8 تموز/يوليه 1993، رفعت السيدة غوميس سيلفا دعوى استئناف أمام محكمة جونكوبينغ الإدارية للاستئناف ضد أمر الاحتجاز المؤرخ في 7 تموز/يوليه. وقد رُفضت هذه الدعوى في 14 تموز/يوليه. وذكرت المحكمة، من بين جملة أمور، أن الطبيعة التي تتسم بها أنشطة السيدة غوميس سيلفا تفي بالشروط اللازمة لإصدار أمر احتجاز. وشدَّدت على أنه لم يتم فصل الأسرة نتيجة لأمر الاحتجاز وإنما نتيجة لسلوك الأولاد. وفي 30 تموز/يوليه، قررت المحكمة الإدارية عدم بحث دعوى استئناف جديدة رفعتها السيدة غوميس سيلفا، وذلك لأن مسألة الاحتجاز قد فصلت فيها المحكمة بالفعل في قرارها السابق (1) .

4-3 وفيما يتعلق بالإجراءات التي يتعين على ملتمسي اللجوء اتباعها، تحيط الدولة الطرف اللجنة علماً بأنه ليس للحكومة أية ولاية قضائية تخصها في قضايا الأجانب نظراً إلى أن هذه القضايا تُحال إلى أحد المجلسين المستقلين المعنيين. وقد رفعته السيدة غوميس سيلفا بدعوى استئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية ضد أمر الاحتجاز المؤرخ في 7 تموز/يوليه 1993 ولكنها لم تتقدم بأي استئناف آخر أمام المحكمة الإدارية العليا. بيد أن الدولة الطرف تذكر أيضاً أنه: "ليس من المحتمل بطبيعة الحال أن تحصل السيدة غوميس على إذن بالاستئناف، وهو شرط مسبق لكي تنظر المحكمة الإدارية العليا في أية قضية".

4-4 وفيما يخص الفقرة 4 من المادة 9، تحتج الدولة الطرف بأن السيدة غوميس سيلفا قد استفادت في الواقع من هذا الحق بالنظر إلى أنها طعنت أمام المحكمة في مشروعية احتجازها. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف كذلك إلى أنه لو كان الاحتجاز غير مشروع فعلاً لكان سيحق للسيدة غوميس سيلفا الانتصاف بموجب قانون عام 1974 الخاص بالتعويض عن فرض قيود على الحرية.

4-5 وتقدمت السيدة غوميس سيلفا بشكوى إلى أمين المظالم البرلماني وحاولت المطالبة بتعويض، وقرر أمين المظالم البرلماني عدم بحث هذه المسألة بالنظر إلى أن الحالة كانت معروضة أيضاً على رئيس مستشاري العدل وكان يجري التحقيق فيها. وتحتج الدولة الطرف بأن الشكوى المعروضة أمام رئيس مستشاري العدل كانت مجرد ادعاء بحدوث انتهاك لحقوق الإنسان دون الإشارة إلى أي حق معين؛ فقد طلبت فقط إجراء تحقيق وطلبت تعويضاً عن القبض عليها بصورة غير مشروعة. وفي 5 كانون الثاني/يناير 1996، قرر رئيس مستشاري العدل عدم منح تعويض نظرا إلى أنه رأى أن الحرمان من الحرية لم يكن واهي الأساس بصورة واضحة وأن الدولة لا تتحمل مسؤولية بموجب قانون عام 1974 الخاص بالتعويض عن فرض قيود على الحرية. كذلك لم يكن هناك أي أسس أخرى تسوغ منح تعويض. ولذلك ترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية هذه الحالة نظرا إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ إذ لم تقدَّم المطالبة الخاصة بالتعويض أمام أية محكمة سويدية.

4-6 وتمضي الدولة الطرف في عرض الوقائع فتشرح أحكام قانون الأجانب والشروط التي يجوز بموجبها وضع الأجانب رهن الاحتجاز أو تحت مراقبة خاصة، وكذلك الشروط المحددة المنطبقة على الأجانب ممن هم دون السادسة عشرة من العمر، من حيث إن هؤلاء لا يجوز احتجازهم ولكن يوضعون تحت المراقبة فحسب. وتشير، على وجه الخصوص، إلى الحكم الذي لا يجوز بمقتضاه احتجاز الأجانب لمدة تتجاوز شهرين دون وجود أسباب قوية للتمديد. ويُعاد النظر في هذه الأوامر خلال فترة لا تتجاوز شهرين من اليوم الذي نُفذ فيه أمر الاحتجاز، وخلال ستة شهور بعد صدوره.

4-7 وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة في إطار الفقرة 1 من المادة 9 من العهد، ترى الدولة الطرف أن أوامر الاحتجاز قد صدرت وفقاً للقانون ومن ثم فهي ليست تعسفية بأي حال. وهي تحتج أيضا بأن الفقرة 2 من المادة 9 لا تنطبق على هذه الحالة إذ إنه لم يوجه إلى السيدة غوميس سيلفا اتهام بارتكاب فعل إجرامي (2) . بيد أنها تشير إلى أنه يتضح من قرار رئيس مستشاري العدل أن السيدة غوميس سيلفا قد أُبلغت، حسب الأصول وبلغتها، بأسبـاب القبض عليها. وترى الدولة الطرف كذلك أن البلاغ لا يطرح أية مسائل ذات صلة بالفقرة 5 من المادة 9.

4-8 وفيما يتعلق بتفاصيل معاملة السيدة غوميس سيلفا أثناء احتجازها، ترى الدولة الطرف أن: "الحكومة ليست في وضع تستطيع معه الإدلاء بأية تعليقات نظراً إلى أن هذه الظروف غير معروفة للحكومة". وهي ترى أنه لا توجد مطالبة لأن رئيس مستشاري العدل قد رأى أنه لا يوجد أي سبب يسوغ اتخاذ أي إجراء ضد سلطات الإنفاذ أو ضد أي موظفين عموميين بناءً على ادعاءات السيد باريرو. وفضلاً عن هذا، فإنها ليست في وضع يمكنها من أن تبحث الحالة نظراً إلى انقضاء أربعة أعوام على وقوع أحداثها. وترى الدولة الطرف أن هذه الادعاءات ما هي إلا مزاعم عامة تفتقر إلى أي دليل.

4-9 وأخيراً، ففيما يتعلق بالادعاءات المقدمة في إطار المادة 14 من العهد، ترى الدولة الطرف أن السيدة غوميس سيلفا لم تستفد من الآليات المتاحة لضمان هذه الحقوق. وفيما يتصل بالمطالبات المقدمة في إطار الفقرتين 2 و3 من المادة 14 ترى أن هذه الضمانات لا تنطبق إلا على الأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال إجرامية، وهي ليست الحالة في هذه القضية.

5-1 ويطعن صاحب البلاغ في بعض الوقائع التي عرضتها الدولة الطرف. فهو يشير إلى أن زوجته لم تحاول الانتحار بسبب أمر الإبعاد ولكن بالأحرى بسبب الجو الذي نشأ في الشقة عندما أتت الشرطة والمترجم الشفوي، ... الخ، لاقتيادهم إلى قسم الشرطة. ولم يسمح له، هو نفسه، بإتمام قضاء حاجته حيث جُرَّ من الحمام عندما وصلت الشرطة. ويطعن صاحب البلاغ أيضاً في ادعاء الدولة الطرف بأن السيدة غوميس سيلفا كانت على اتصال هاتفي مستمر بأولادها الفارين، ويقول إنها لم تكن على اتصال إلا بأولاد أخيها الذين يقيمون بصورة قانونية في السويد. وهو يدعي أن من الممكن أن يشهد على ذلك المترجم الشفوي الذي كان حاضراً مع الطبيب الذي اعتنى بالسيدة غوميس سيلفا.

5-2 وفيما يتعلق بالأحداث المتصلة بالاحتجاز، فإنه يذكر أنه هو وجميع أفراد أسرته قد تم احتجازهم في وقت واحد وأُخذوا في عدة سيارات إلى قسم شرطة بورلانغ. وعند وصول ابنه كارلوس إدواردو إلى قسم الشرطة تم تفتيشه ووضعه في زنزانة. وكان السيد باريرو هو ثاني من وصلوا إذ وصل مع ابنته أدريانا باريرو غوميس في سيارة دخلت مرآباً تحت الأرض. وكانت خلفهم سيارة أخرى تُقل زوجته نيللي غوميس وأصغر ثلاثة من أولادهم، وهم ماريسول ودافيد وفابيولا، حيث دخلوا هم أيضاً من نفس المدخل تحت الأرض. وفي الطابق السفلي اقتيدوا إلى مصعد، ويدعي السيد باريرو أنه قاوم بشدة إدخاله إلى المصعد. وبناء على ذلك، جرَّه أفراد الشرطة إلى داخل المصعد مسيئين معاملته أمام أسرته. وهذا هو ما تسبب في حالة الهياج العصبي التي أصابت ابنتيه. واقتيد إلى زنزانات الاحتجاز حيث جرى تفتيشه ووضعه في زنزانة. وأُعيد بقية أفراد أسرته إلى سيارة كبيرة مقفلة (فان) ونُقلوا من الطابق الواقع أسفل الأرض إلى واجهة قسم الشرطة حيث اقتيدوا إلى أحد مكاتب قسم الشرطة حيث مكثوا نحو خمس ساعات. وبعد ذلك، نُقلوا إلى فندق مواجه لقسم الشرطة مباشرة حيث قام على حراستهم أربعة شرطيين لم يجعلوهم يغيبون عن عيونهم حتى للذهاب إلى المرحاض. وهو يؤكد من جديد أن زوجته وأولاده ظلوا هناك 4 أيام خاضعين للحراسة ليل نهار. وفي اليوم الخامس، أُعيد أولاده الثلاثة الأصغر سناً إلى قسم الشرطة برفقة اثنين من أفراد الشرطة. وفي الطريق من الفندق إلى قسم الشرطة، تمكن الأولاد الثلاثة من الفرار. وأخذت الشرطة تبحث عنهم. وبعد فرار الأبناء الثلاثة الأصغر سناً، أعيد السيد باريرو لوسانو وأكبر ولدين إلى كولومبيا في 7 تموز/يوليه 1993. واقتيدت السيدة نيللي غوميس إلى زنزانة مؤقتة حيث أبقي عليها 21 يوماً قبل إعادتها إلى كولومبيا.

5-3 ويشدد صاحب البلاغ على أنه لا ينازع في قرار السلطات السويدية بعدم منحه اللجوء، ولا في إبعاد أسرته وإنما في الطريقة التي نفذ بها رئيس شرطة بورلانغ أمر الإبعاد، ولا سيما احتجاز زوجته في زنزانة مؤقتة لمدة 21 يوماً وذلك، حسبما أُدعي، في انتظار عودة الأولاد الفارين ومع ذلك تم إبعادها بعد 21 يوماً مع أن أولادها كانوا لا يزالون مفقودين.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة :

6-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها والحجج التي ساقها صاحب البلاغ لا تثبت، لأغراض المقبولية، ادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك لحقوق زوجته بموجب الفقرات 2 و3 و4 و5 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 14.

7- ولذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا المقرر إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك أيضا باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) في 30 تموز/يوليه 1993، كانت السيدة غوميس سيلفا قد أُبعدت بالفعل، وذلك باعتراف الدولة الطرف.

(2) يشار في هذا الخصوص إلى صفحة 168 (من النص الإنكليزي) من تعليق السيد نوفاك على العهد.

باء - البلاغ رقم 756/1997، دوكوريه ضد فرنسا (اعتمد المقرر في 29 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من : السيدة ماتيا دوكوريه، (يمثلها السيد جان - فرانسوا غوندار، محامٍ في باريس)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبة البلاغ و48 شخصاً آخر

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ البلاغ : 17 أيار/مايو 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2000

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- مقدمو البلاغ هم السيدة ماتيا دوكوريه و48 شخصاً آخر هم أراملة أفراد في الجيش الفرنسي، أو هم أنفسهم أفراد في الجيش الفرنسي، من رعايا السنغال وكوت ديفوار. وهم يدعون أنهم قد تضرروا نتيجة إخلال فرنسا بأحكام المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مدّعين أنها تمارس تمييزاً ضدهم بسبب الجنسية والأصل القومي لدى بتّها في حقهم في تقاضي معاشات تقاعدية أو في حق ذوي المتوفين منهم في تقاضي تلك المعاشات. ويمثلهم المحامي جان - فرانسوا غوندار.

الوقائع المعروضة

2-1 أفيد أنه، بعد استقلال الأقاليم التي كانت سابقاً مستعمرات فرنسية وتغيير جنسية مواطنيها، أعتمد قانون في 26 كانون الأول/ديسمبر 1959، ينص في المادة 71 - أولاً منه على أنه، ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير 1961، تحول المعاشات التقاعدية المدفوعة إلى المتقاعدين من أفراد الجيش الفرنسي من أهالي هذه الأقاليم إلى مرتَّبات شخصية تدفع سنوياً مدى الحياة. وفي حالة السنغال، ظلت الحقوق التي اكتسبها الجنود السنغاليون سارية، حتى بعد الاستقلال في عام 1960 إلى أن صدر القانون المالي في كانون الأول/ديسمبر 1974 وما لحقه من تشريعات، حيث وسِّع نطاق تطبيق القانون الصادر في 31 كانون الأول/ديسمبر 1959 ليشمل السنغال ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير 1975.

2-2 وتمثلت النتائج المترتبة على هذه الأحكام القانونية في "تجميد" مستوى هذه المرتبات السنوية في المستقبل، وعدم إمكانية تحويلها إلى معاشات الأيلولة التقاعدية التي تدفع إلى أرامل المستفيدين. أما المعاشات التقاعدية للجنود المتقاعدين من رعايا فرنسا فلم تحوَّل إلى مكافآت شخصية تدفع مدى الحياة، ولذلك فهي لا تزال تخضع لإعادة التقييم وللتحويل إلى معاشات الأيلولة التقاعدية.

2-3 ويجادل أصحاب البلاغ بأن المعاشات التقاعدية المدفوعة لمن كانوا في السابق أفراداً في الجيش الفرنسي تُمنح بصفة أساسية اعترافاً لهم على ما قدموه إلى الأمة الفرنسية من خدمات، ولذلك فإن الأصل القومي أو تغيير الجنسية هما أمران لا يمتان إلى هذا الموضوع بأية صلة.

2-4 وفيما يتعلق على الأخص بحالة السيدة دوكوريه من السنغال، أفيد أن زوجها، وهو من أهالي مستعمرة فرنسية، كان فرنسي الجنسية ومن المنخرطين في صفوف الجيش الفرنسي حتى وفاته في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1950، أي قبل استقلال السنغال. غير أن المرتب السنوي الذي تتقاضاه السيدة دوكوريه منذ ذلك الوقت قد جمد عند المستوى الذي كان عليه في 1 كانون الثاني/يناير 1975، على خلاف المعاشات التقاعدية المدفوعة إلى الأرامل الفرنسيات للجنود من رعايا فرنسا ذاتها.

2-5 وقد رفضت وزارة الدفاع الفرنسية في 12 شباط/فبراير 1992 و22 حزيران/يونيه 1994، مطالبة السيدة دوكوريه برفع مبلغ معاشها التقاعدي، على أساس أن المعاشات التقاعدية المدفوعة إلى الرعايا السنغاليين قد جمدت بموجب أحكام القانون المؤرخ في 31 كانون الأول/ديسمبر 1959. وتقدمت السيدة دوكوريه إلى محكمة بواتييه الإدارية طالبة إليها إعادة النظر في القرار الأخير الذي أصدرته بشأنها وزارة الدفاع. وقبل أن تفصل المحكمة في هذه القضية استناداً إلى وقائعها الموضوعية، طلبت إلى مجلس الدولة الفرنسي أن يسدي إليها بمشورته بشأن مدى انسجام المادة 71 - أولاً من القانون الصادر في 26 كانون الأول/ديسمبر 1959 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

2-6 واعتمد مجلس الدولة آراءه في 15 نيسان/أبريل 1996، مبَيِّناً أن المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تشير فقط إلى الحقوق المحددة في ذلك العهد، ومن ثم، فهي لا تكفل مبدأ عدم التمييز في مسائل المعاشات التقاعدية. كما ذكر مجلس الدولة أنه لا يمكن، بالتالي، للأفراد المحددين في المادة 71 - أولاً من القانون الصادر في 26 كانون الأول/ديسمبر 1959 التذرع بالمادة 26 من العهد.

2-7 وبعد أن أصدر مجلس الدولة آراءه، رفضت محكمة بواتييه الإدارية في 3 تموز/يوليه 1996 النظر في الشكوى التي قدمتها السيدة دوكوريه. وفي اليوم ذاته، رفضت المحكمة أيضاً الشكوى التي قدمتها السيدة دونزو بنغالي. وكانت محكمة بواتييه الإدارية قد رفضت في 19 حزيران/يونيه 1996 المطالبة التي قدمتها السيدة يرو ديالو. وفي 17 تموز/يوليه 1996، رفضت محكمة باريس الإدارية المطالبة التي قدمها 43 شخصاً آخر من بين مقدمي البلاغ.

الشكوى

3-1 يشير أصحاب البلاغ إلى الآراء التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 3 نيسان/أبريل 1989 بشأن البلاغ رقم 196/1985 المقدم من السيد إبراهيما غوَيَ وآخرين بشأن حالة مماثلة تتعلق بالمعاشات التقاعدية. فهم يزعمون أن قرار مجلس الدولة يتناقض بالكامل مع الآراء التي اعتمدتها اللجنة في هذه الحالة ومع المبادئ التي استقرت عليها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في اعتبار الحق الذي تحميه المادة 26 من العهد حقاً مستقلاً، لا حقاً يتعلق فقط بالحقوق المدنية والسياسية الأخرى التي يحميها العهد. ويتظلم أصحاب البلاغ من أن السلطات الفرنسية لم تتخذ أي إجراء ناجع فيما يتعلق بالآراء التي اعتمدتها اللجنة، مخلَّةً بذلك بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-2 كما زعم أصحاب البلاغ أن التمييز في حالاتهم لا يستند إلى الجنسية فحسب، بل إلى الأصل القومي. فقد ذكر أصحاب البلاغ أن فرنسا حرمت، تعسفياً رعاياها من الأهالي المحليين لأقاليم ما وراء البحار من جنسيتهم الفرنسية، لكي لا يتوجب عليها دفع معاشات تقاعدية عسكرية لهم. كما بيَّنوا أنه تم شطب أسماء أشخاص من الأقاليم الفرنسية الأفريقية من سجل الجيش الفرنسي، وتم دمجهم في جيوش الدول الأفريقية الجديدة دون موافقتهم، مما أدى إلى فقدانهم الجنسية الفرنسية ضد إرادتهم. ويزعم أصحاب البلاغ أن ما طرأ على الوضع في أقاليم ما وراء البحار التي كانت سابقاً تابعة لفرنسا من تغير بموجب القانون الصادر في 4 حزيران/يونيه 1960، يشكل إخلالاً بحق الشعوب في تقرير المصير، وهو حق تحميه المادة 1 من العهد. كما يزعم أصحاب البلاغ أن القانون الفرنسي الحالي الخاص بالجنسية، وأن بت السلطات في منح الجنسية الفرنسية، مازال غرضها تجنب دفع معاشات تقاعدية عسكرية لأفراد الجيش الفرنسي السابقين من الأهالي المحليين لأقاليم ما وراء البحار. ويشكو أصحاب البلاغ أن ذلك أدى إلى إيجاد مشكلات إنسانية خطيرة.

3-3 وفيما يتعلق بمقبولية هذه الحالة، ذكر أصحاب البلاغ أنه على الرغم من أن حالات التمييز المزعومة بدأت قبل 17 أيار/ مايو 1984، وهو تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لفرنسا، فقد ظلت تلك الحالات قائمة بعد ذلك التاريخ، مما يشكل إخلالاً مستمراً بحقوقهم. كما أشاروا إلى الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وذكروا أن اتخاذ إجراءات تتعلق بهذه المسألة والقيام بمفاوضات مع الحكومة الفرنسية بشأنها، طيلة عشرين عاما، لم يحقق أي نجاح، وأن استنفاد جميع سبل الانتصاف المتاحة سيسبب تأخيراً كبيراً، ولن يفضي إلى حل مرضٍ للمشكلة. كما أكدوا أنه، بعد إصدار مجلس الدولة الفرنسي فتواه في 15 نيسان/أبريل 1996، فإن أي طلب استئناف يقدم إلى المحاكم الفرنسية بعد ذلك سيكون مآله الفشل. وفضلاً عن ذلك، رُفض في 21 أيار/مايو 1996 طلب أصحاب البلاغ الحصول على مساعدة قانونية في هذه المسألة بسبب ما زعم عن افتقار المطالبة إلى الأسس الموضوعية أو الأسباب الوجيهة.

3-4 كما ذكر أصحاب البلاغ أنهم لم يتخذوا بشأن المسألة ذاتها أي إجراء آخر من إجراءات التحري أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تجادل الدولة إلى أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ولم تطلب السيدة ديالو، وهي واحدة من مقدمي البلاغ، إعادة النظر في الحكم الصادر عن محكمة بواتييه الإدارية في 19 حزيران/يونيه 1996، في حين أن السيدة دومبويا والسيدة باتيلي، وهما من بين مقدمي البلاغ، لم تطلبا إعادة النظر في حكم محكمة باريس الإدارية برفض مطالبتهما في 15 نيسان/أبريل 1996. أما مقدمو البلاغ الآخرون، الذين طلبوا إعادة النظر في قرار رفض مطالباتهم، فلم يتريثوا حتى ظهور نتيجة طلبهم قبل أن يتقدموا بالبلاغ إلى اللجنة.

4-2 كما تدعي الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بحكم طبيعته لأن الحق في تقاضي معاش تقاعدي ليس من الحقوق التي يحميها العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

4-3 وتذكّر الدولة الطرف بالبيان التفسيري (1) الذي أصدرته عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، وتجادل بأن البلاغ غير مقبول بسبب الوقت، حيث إنه ناشئ عن أفعال أو أحداث وقعت قبل 17 أيار/مايو 1984، وهو تاريخ بدء نفاذ البروتوكول بالنسبة لفرنسا.

4-4 وفيما يتعلق بشكوى أصحاب البلاغ، توضح الدولة الطرف أن القانون يقضي بتعليق الحق في تقاضي معاش تقاعدي، عندما يفقد من يتقاضاه الجنسية الفرنسية. وبعبارة أخرى، فإن أي جندي سابق كان قد خدم في الجيش الفرنسي يسقط حقه في تقاضي معاش تقاعدي إذا ما فقد الجنسية الفرنسية. غير أنه، اعترافاً بالخدمات التي قدمها أشخاص من أصل أفريقي كانوا سابقاً جنوداً في الجيش الفرنسي، يتيح القانون إمكانية تخصيص مرتبات سنوية لمن كان يحق لهم تقاضي معاش تقاعدي ثم أصبحوا من رعايا الدول الأفريقية المستقلة.

4-5 وفيما يتعلق بالحالة المحددة لأرامل أولئك الجنود، اللاتي يسعين الآن إلى تقاضي معاشات تقاعدية بوصفهن أراملهم، تلاحظ الدولة الطرف أن الطابع الشخصي للمرتبات السنوية يتعارض من حيث المبدأ مع أي أيلولة هذه المرتبات. إلا أنه، ووفقاً للمراسيم التي تستند إلى الفقرة ثالثاً من المادة 71 من القانون الصادر في 1 كانون الثاني/ يناير 1961، فإن الأرامل اللاتي توفي أزواجهن قبل 1 كانون الثاني/يناير 1991 يستحق ن معاشات تقاعدية بوصفهن أرامل من كانو ا يتقاضونها. وترفض الدولة الطرف شكوى أصحاب البلاغ بأن المرتبات السنوية قد جُمدت عند مستواها الذي كانت عليه في 1 كانون الثاني/يناير 1975، وتذكر أن هذه المرتبات قد زيدت بنسبة 4.75 في المائة في 1 أيلول/سبتمبر 1994. أما فيما يتعلق بمعاشات المعوقين ومعاشات المتقاعدين، فقد تم تعديلها بصورة منتظمة منذ عام 1971. وعلاوة على ذلك، فقد زيدت في عام 1993 المعاشات التقاعدية العسكرية للمستفيدين المقيمين في السنغال. وفي 1 كانون الثاني/يناير 1995، زيدت معاشات المعوقين بنسبة 14.55 في المائة وزيدت معاشات المتقاعدين بنسبة 24.1 في المائة. وتخلص الدولة الطرف إلى وجوب رفض مطالبة أصحاب البلاغ لعدم استنادها إلى أسس موضوعية أو أسباب وجيهة.

تعليقات المحامي

5-1 فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يشير المحامي إلى أن فترة تطبيق سبل الانتصاف المحلية قد مددت إلى حد غير معقول. وفضلاً عن ذلك، فإن رفض فرنسا تطبيق آراء اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 196/1985 يجعل سبل الانتصاف المحلية غير فعالة. ويذكّر المحامي كذلك بالمشورة التي قدمها مجلس الدولة وبرفض تقديم المساعدة القانونية إلى أصحاب البلاغ لافتقار مطالبتهم افتقاراً ظاهراً إلى الأسس الموضوعية أو الأسباب الوجيهة. ويجادل بأن عدم فعالية سبل الانتصاف المحلية في ظل هذه الظروف هو أمر واضح. وفي نهاية الأمر، فإن مجلس الدولة، الذي أسدى مشورة سلبية في هذا الشأن، هو الذي يتولى البت في هذه المطالبة، ولا يمكن أن يُتوقع منه أن يغير رأيه عندما تعرض هذه الحالة عليه للبت فيها.

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بحكم طبيعته وبسبب الوقت، يشير المحامي إلى قرار اللجنة فيما يتعلق بالبلاغ رقم 196/1985، حيث رفضت اللجنة حجج الدولة الطرف في هذا الشأن.

5-3 ويصر المحامي على ادعائه بوجود تمييز، ويذكر أن تسوية المرتبات السنوية لا معنى له تقريباً.

5-4 وأبلغ المحامي اللجنة، في رسالة أخرى مؤرخة 16 آذار/مارس 2000، أن محكمة الاستئناف الإدارية في باريس وبوردو قبلت في تموز/يوليه 1999 دعاوى الاستئناف التي رفعها إليها نيابةً عن أصحاب البلاغ. ويذكر المحامي في هذا السياق أنه استشهد في هذه الدعاوى بالمادة 1 من البروتوكول رقم 1 للاتفاقية الأوروبية. واستأنف وزير الدفاع ووزير المالية هذه الأحكام أمام محكمة الاستئناف (مجلس الدولة) (2) .

5-5 ويشكو المحامي أيضاً من أن الدولة الطرف تطلب دفع ضريبة بمبلغ 100 فرنك فرنسي، وأن بعض موكليه لم يتمكنوا من دفع هذه الضريبة، فأعلن أن دعوى استئنافهم غير مقبولة. ويذكر المحامي في هذا السياق أن هذه الضريبة لا يمكن دفعها إلاّ في فرنسا.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، يتعين عليها، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الإدعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، حيث إن أصحاب البلاغ لم ينتظروا نتيجة دعوى الاستئناف التي رفعوها، كما أن بعضهم لم يستأنف قرار رفض مطالبتهم. كما تلاحظ أن المحامي ادعى أولاً أن سبل الانتصاف المحلية ليست فعالة، في ضوء الفتوى التي أصدرها مجلس الدولة في 15 نيسان/أبريل 1996، لكنه يبدو من رسالة أخيرة له أن دعاوى الاستئناف التي رفعها بالنيابة عن موكليه قد قبلت، وأنها معروضة الآن أمام محكمة النقض (مجلس الدولة) للبت فيها. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يتم إبلاغ الدولة الطرف وممثل أصحاب البلاغ بهذا القرار؛

(ج) أنه يمكن إعادة النظر في هذا القرار بموجب المادة 92 (2) من النظام الداخلي للجنة، إذا قدم أصحاب البلاغ أو من ينوب عنهم طلباً مكتوباً يتضمن معلومات تفيد بأن الأسباب التي استوجبت عدم المقبولية لم تعد قائمة.

[اعتمد القرار بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر القرار فيما بعد بالروسية والصينية والعربية أيضاً، كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) ينص البيان على ما يلي: "تفسر فرنسا المادة 1 من البروتوكول بأنها تخوِّل اللجنة صلاحية تلقي ودراسة بلاغات ترد من أفراد خاضعين للولاية القضائية للجمهورية الفرنسية يدّعون تضررهم من جراء إخلال الجمهورية بأي حق من حقوقهم المحددة في العهد إما نتيجة أفعال أو تقصير أو تطورات أو أحداث تقع بعد تاريخ بدء نفاذ البروتوكول في الجمهورية، أو نتيجة قرار يتعلق بأفعال أو تقصير أو تطورات أو أحداث تقع بعد ذلك التاريخ".

(2) أفاد المحامي أن محاكم الاستئناف رفضت النظر في دعاوى أخرى رفعها إليها أحد زملائه بالاستناد إلى المادة 26 من العهد.

جيم - البلاغ رقم 772/1997، السيد ي. ضد استراليا (اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من: السيد كولين ماكدونالد والسيد نيكولاس

بويندر نيابة عن السيد ي. (حُذف الاسم)

الشخص المدعى أنه ضحية: السيد ي.

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ البلاغ: 25 تشرين الأول/أكتوبر 1996

إن اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 تموز /يوليه 2000

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد المحامي كولين ماكدونالد. ويقدم البلاغ نيابة عن السيد ي.، المنحدر من أصل صيني والمولود في فييت نام في عام 1951. ويدعي المحامي أن السيد ي. ضحية لانتهاكات أستراليا للفقرة 1 من المادة 10، والفقرة 3 من المادة 9، والفقرات 3(أ) و(ب) و(د) من المادة 14، بالإضافة إلى الفقرة 1 من المادة 2 من العهد. وابتداء من 7 أيلول /سبتمب ر 1998، تولى القضية محام آخر، السيد نيكولاس بويندر.

الوقائع كما عرضها المحامي

2-1 يشرح المحامي أن السيد ي. ينحدر من أصل صيني وقد أعيد توطينه في عام 1979من فييت نام حيث ولد إلى الصين. وفي الصين، لم يكن لديه عمل أو مسكن. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، غادر الصين بصفته قبطان مركب أطلق عليه اسم "الباتروس"، مع 117 من الفييتناميين الصينيين الآخرين. وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، أوقفت السفينة في المياه الأسترالية وأخذت إلى داروين. وعند وصولها إلى داروين في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، احتجز الركاب بموجب الباب 189(2) من قانون الهجرة لعام 1958. وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، نقلوا إلى مركز بورت هيدلاند للاحتجاز في غرب استراليا.

2-2 وفي الفترة من 15 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 11 كانون الأول/ديسمبر 1994، احتجز السيد ي. والركاب الآخرون داخل مبنى مخصص للحجر مفصول عن باقي الحبس، وكانوا بالتالي معزولين عن جميع المحتجزين الآخرين. وفي الفترة من 15 إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، أجرى موظفو الهجرة مقابلة مع كل واحد من المحتجزين. وخلال تلك الفترة لم يبلغوا عن حقهم في التمتع بخدمات مستشار قانوني، كما لم يوفر إليهم مستشار قانوني. وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1994، نقل السيد ي. والركاب الذين كانوا معه إلى حبس مفتوح داخل مركز الاحتجاز.

2-3 وفي 6 كانون الثاني/يناير 1995، طلب بعض المحتجزين من الباتروس التمتع بخدمات محام. غير أنه لا يوجد ما يشير إلى أن السيد ي. تقدم بمثل هذا الطلب.

2-4 وفي 13 شباط /فبراير 1995، أبلغ مدير بورت هيدلاند السيد ي. ومحتجزين آخرين أنه في أعقاب مذكرة تفاهم أبرمت بين أستراليا والصين في 25 كانون الثاني/يناير 1995، صنف البرلمان الصين بوصفها "بلداً آمناً" فيما يتعلق بجميع المواطنين الفييتناميين الذين أعيد توطينهم في الصين (1) . وكان لهذا الحكم أثر رجعي ابتداء من 30 كانون الأول/ديسمبر 1994. ووفقا للأبواب 91 ألف إلى 91 واو من قانون الهجرة، لا يسمح للأشخاص القادمين من البلدان المصنفة كبلدان آمنة أن يطلبوا الحصول على مركز اللاجئ في أستراليا.

2-5 واجتمع السيد ي. مع مستشار قانوني لأول مرة في 17 شباط /فبراير 1995. ويشير المحامي إلى أن ه بحلول ذلك الوقت، لم يتمكن من طلب الحصول على مركز اللاجئ، نتيجة للتعديل الذي أقره البرلمان. وفي 22 شباط/فبراير 1995، رفع السيد ي. وغيره طلبا إلى محكمة استراليا الاتحادية ضد وزارة الهجرة والك و منولث في استراليا. وادعوا أنهم حرموا من العدالة الإجرائية نظرا إلى أنهم لم يبلغوا عن حقهم في طلب التمتع بخدمات مستشار قانوني، وخسروا بالتالي فرصتهم لطلب الحصول على مركز اللاجئ.

2-6 وفي 27 تموز/يوليه 1995، رفض الالتماس بسبب عدم وجود التزام قانوني بموجب القانون الأسترالي على موظف الهجرة بإبلاغ غير المواطنين الذين يدخلون استراليا بصورة غير قانونية عن حقوقهم المتعلقة بالحصول على مشورة قانونية. وفيما يتعلق بالوقائع، رأت المحكمة أنه لا يوجد دليل على أن أي ا من ركاب الباتروس أشار إلى أ نه يطلب اللجوء في استراليا أو استشهد بأي شكل آخر بالتزامات استراليا الحمائية، وذلك إما عند صعود موظفي الهجرة على متن سفينتهم أو خلال المقابلات التي أجريت في مركز بورت هيدلاند للاحتجاز في الفترة من 15 إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1994. ورأت المحكمة أيضا أنه لا يوجد دليل على أن أي ا من ركاب الباتروس طلب الاجتماع مع محام قبل 30 كانون الأول/ديسمبر 1994.

2-7 وفي 16 آب/ أغسطس 1995، رفع السيد ي. وآخرون إعلان استئناف أمام محكمة استراليا الاتحادية بكامل هيئتها، وفي 28 شباط/فبراير 1996، رفضت المحكمة الاستئناف بأغلبية أعضائها . وب خلاف المحكمة الابتدائية، رأت أغلبية أعضاء المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها أن عناصر مثل ظروف وصول ركاب الباتروس، وأنهم كانوا سابقا لاجئين من فييت نام، ورغبتهم في مواصلة سفرهم بدلا من العودة إلى الصين في حالة رفض دخولهم، والادعاءات المتعلقة بعدم وجود وظائف أو مساكن في الصين، ت دل ضمنيا على أنهم يسعون إلى الاستشهاد بالتزامات استراليا الحمائية بموجب الاتفاقية. غير أنه لم يكن من الممكن أن يسفر وجود طلب ضمني عن اتخاذ قرار في صالحهم، وذلك لأن القانون يقضي بتقديم طلب على النحو الواجب ، ولا يمكن اعتبار أن طلبا استدلالي ا قد قدم. وأكدت المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها قرار المحكمة العليا بعدم وجود التزام قانوني بتسهيل الحصول على المشورة القانونية دون أن يطلب المستدعون ذلك. و في 16 نيسان/ أبريل 1996 ، رفض الطلب المقدم من السيد ي. إلى المحكمة العليا في استراليا للحصول على إذن خاص للاستئناف.

2-8 وفي 11 أيار/مايو 1996، أ ُ بعد السيد ي. من استراليا إلى الصين.

الشكوى

3-1 يقدم المحامي ادعاءات تتعلق بالفترة التي قضاها السيد ي. قيد الاحتجاز داخل الحجر، وبعدم إبلاغ الدولة الطرف السيد ي. عن حقه في الحصول على مشورة قانونية .

3-2 ويدعي وقوع انتهاكات للفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرات 1 و3(أ) و(ب) و(د) من المادة 14.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تشرح الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدمة في 30 أيلول/سبتمبر 1998، أن السيد ي. صنف عند وصوله في فئة "غير المواطنين في وضع غير قانوني" لأغراض قانون الهجرة لعام 1958 ووضع في الاحتجاز الخاص بالهجرة بموجب الباب 189(2) من القانون. ولا يوجد بموجب القانون أي التزام بإبلاغ المحتجزين بموجب الباب 189(2) عن إمكانية ط لب الحصول على تأشيرة من أي نوع، وبتوفير لهم فرصة طلب الحصول على تأشيرة، أو السماح لهم بالحصول على المشورة فيما يتعلق بطلب الحصول على تأشيرة. غير أنه، بموجب الباب 156 من القانون، يترتب على إدارة الهجرة التزام بتسهيل الوصول إلى المشورة القانونية عن د ما يطلب ذلك شخص محتجز بموجب الباب 189(2). وتقدم المساعدة القانونية الممولة من مصادر حكومية في الحالات التي ترى الإدارة فيها أن الشخص قد يستشهد ، من حيث الظاهر، بالالتزامات الحمائية المترتبة على استراليا بموجب اتفاقية اللاجئين.

4-2 وتشرح الدولة الطرف أن أحكاما جديدة في قانون الهجرة دخلت حيز النفاذ في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، وتنص على استثناء أشخاص معينين من بلدان مصنفة بوصفها "بلدان ثالثة آمنة" من تقديم طلب للحصول على تأشيرة حما ئي ة بموجب القانون. وفي 25 كانون الثاني/يناير 1995، وقعت الحكومة الأسترالية على مذكرة تفاهم مع حكومة الصين.وتنص المذكرة على أن يعاد اللاجئون الفييتناميون المستوطنون في الصين والذين يصلون بعد ذلك إلى استراليا بدون إذن، إلى الصين وأن يستمرو ا في التمتع بحماية حكومة الصين، وذلك رهنا بإجراءات التحقق. وفي 17 كانون الثاني/يناير 1995، ع ُ دلت قواعد الهجرة بحيث صنفت الصين كبلد ثالث آمن للمواطنين الفييتناميين الذين استوطنوا في الصين بصف تهم لاجئين. وفي 17 شباط/فبراير 1995، أدى قانون تعديل تشريعات الهجرة (رقم 2) لعام 1995 إلى عدم صلاحية أي طلبات للحصول على تأشيرات قدمها فييتناميون من أصل صيني في الفترة من 30 كانون الأول/ديسمبر 1994 إلى 27 كانون الثاني/يناير 1995. وتلاحظ الدولة الطرف ، في هذا الصدد ، أن السيد ي. ينحدر من أصل فييتنامي صيني وأنه لم يقدم طلبا للحصول على تأشيرة حما ئ ية قبل 30 كانون الأول/ديسمبر 1994، وأنه منع من القيام بذلك بعد ذلك التاريخ عملا بدخول التعديلات القانونية المذكورة أعلاه حيز النفاذ.

4-3 وعلى الرغم من أن الدولة الطرف قامت، وفقا لنظام اللجنة الداخلي، بتناول حجج المحامي من حيث الجوهر، تثير الدولة الطرف حجة أولية تتعلق بمقبولية البلاغ. وتدعي الدولة الطرف أنه في غياب توكيل رسمي خطي، فإن الب ـ لاغ غير مقبول بسبب الشخص المعني، نظرا إلى أن المحامي لا يتمتع بأي صفة للعمل نيابة عن السيد ي. وتشير الدولة الطرف في هذا الصدد إلى المادة 90 من نظام اللجنة الداخلي، وتدعي ضرورة أن يتمتع الممثل ب الإذن على النحو الواجب. وتلاحظ الدولة الطرف أنه لا يوجد دليل على حصول السيد ماكدونالد على تعليمات من السيد ي. للعمل نيابة عنه، أو على أن السيد ي. أذن له بذلك صراحة. وعلاوة على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن المحامي نفسه يعترف بأنه لا يعرف العنوان الحالي للسيد ي. وتدعي الدولة الطرف أنه لا يمكن للمحامي أن يعمل نيابة عن السيد ي. في حين لا يستطيع الاتصال به أو تلقي تعليمات منه. وتدعي الدولة الطرف أيضا أنه لا يوجد دليل على وجود علاقة وثيقة بالدرجة الكافية بين المحامي والسيد ي. بحيث تبرر عمل المحامي بدون إذن صريح. ولذلك، ت طلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 1 من البرتوكول الاختياري.

تعليقات المحامي

5-1 في رسالة مؤرخة 4 كانون الثاني/يناير 1999، يعلق المحامي على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مسألة المقبولية. وفيما يتعلق بصفة المحامي، يرفق بيانا قانونيا مؤرخا 4 كانون الثاني/يناير 1999 صادرا عنه يعلن فيه أنه اجتمع مع السيد ي. في حزيران/يونيه 1995 عند حضوره جلسات استماع المحكمة الاتحادية في بيرث بصفة المراقب. وبعد ذلك، تلقى مكالمة هاتفية واحدة على الأقل من السيد ي. جرى خلالها مناقشة الإجراءات القانونية. وفي 17 نيسان/ أبريل 1996، وبعد أن رفضت المحكمة العليا طلب الحصول على إذن خاص للاستئناف، أجرى المحامي مكالمة هاتفية مع السيد ي. بواسطة مت ر جم فوري، ويرفق نسخة حرفية عن المكالمة. ويبدو من هذه النسخة الحرفية أنه طلب من السيد ي. الحصول على إذنه ليقدم قضيته إلى الأمم المتحدة، وأجاب السيد ي. على ذلك بأن لا مانع لديه. وفي اليوم ذاته، أكد المحامي مضمون المكالمة الهاتفية في رسالة وجهها إلى السيد ي. وأرفق ب الرسالة ت فو ي ضا خطي ا ليوقع عليه السيد ي. وحسب قول المحامي، وقع السيد ي. على التفويض الخطي بالفعل وأعاده إلى المحامي، الذي وضعه في غير موضعه ويبدو أنه قد فقد الآن. وفي 8 أيار/مايو 1996، تحدث المحامي مرة أخرى مع السيد ي. وطلب إذنه لكي يعمل السيد كولين ماكدونالد على قضيته.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6 -1 يتعين على اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان ، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، وطبقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وطعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أنه لم يقدم من ضحية الانتهاكات المزعومة للعهد. وتلاحظ اللجنة أن المحامي الذي قدم البلاغ لم يمثل السيد ي. في الإجراءات القانونية أمام المحاكم المحلية كما لم يقدم توكي لا رسمي ا خطي ا للعمل نيابة عن السيد ي. وفيما يتعلق بالمكالمة الهاتفية بين المحامي والسيد ي. (التي قدمت نسخة حرفية عنها إلى اللجنة)، يظهر أن المحامي قال للسيد ي. إنه يرغب في تقديم مسألة مبدئية أمام الجنة المعنية بحقوق الإنسان (بشأن ما إذا كان يترتب على الدولة الطرف التزام بإبلاغ الداخلين بصورة غير قانونية إلى استراليا عن حقهم في استشارة محام) وسأل السيد ي. ما إذا كان موافقا أم لا على أن يقدم المحامي بلاغا باسم السيد ي. من أجل اختبار هذه المسألة. ووفقا للنسخة الحرفية ، أوضح المحامي أن البلاغ المذكور لن يؤثر على السيد ي. نفسه ( إيجابيا أو سلبيا) وكل ما قاله السيد ي. هو أن لا مانع لديه أن يقدم المحامي مثل هذا البلاغ. وعلى الرغم من أن 24 يوما مضت بين تاريخ المكالمة الهاتفية المذكورة وإبعاد السيد ي.، لم يتلق المحامي تعليمات أبدا من السيد ي. فيما يتعلق بموضوع البلاغ. وفقد المحامي الاتصال مع السيد ي. منذ إبعاده من أ ستراليا.

6-3 ولطالما نظرت اللجنة نظرة واسعة النطاق في حق من يدعى أنهم ضحايا في أن يمثلهم محام عند تقديم البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري. غير أنه على المحامين الذي يعملون نيابة عن ضحايا الانتهاكات المزعومة أن يظهروا حصولهم على إذن حقيقي من الضحايا (أو أفراد أسرتهم المباشرة) للعمل نيابة عنهم، أو أن ظروف ا معينة حالت دون حصول المحامي على هذا الإذن، أو أنه نظرا ل وجود علاقة وثيقة في الماضي بين المحامي والضحية المزعومة، من المشروع افتراض أن الضحية أذنت بالفعل للمحامي بتقديم البلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وترى اللجنة أن المحامي لم يظهر في القضية الراهنة انطباق أي من هذه الظروف. ولذلك، ترى اللجنة أن المحامي لم يظهر أنه يجوز له العمل نيابة عن السيد ي. في تقديم هذا البلاغ. ولا يلبي البلاغ الشرط الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري بشأن تقديم البلاغ من جانب ضحية الانتهاك المزعوم. وعليه، ترى اللجنة أنه غير مقبول.

7- وتقرر اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 م ن البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى المحامي .

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك أيضا ب اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) تنص مذكرة التفاهم، في جملة أمور، على ما يلي: "اتفق الطرفان، فيما يتعلق بعمليات الوصول غير المسموح بها التي وقعت مؤخراً أو قد تقع في المستقبل للاجئين الفييتناميين المستوطنين في الصين، على أن ... يجريا مشاورات ودية وأن يبحثا عن تسوية مناسبة للمسألة عن طريق إجراءات متفق عليها. وتحقيقاً لذلك، سيستمر اللاجئون الفييتناميون المستوطنون في الصين والمعادون بموجب ترتيبات التحقق المتفق عليها، في الحصول على حماية حكومة الصين".

دال - البلاغ رقم 777/1997 ، سانشيز لوبيز ضد أسبانيا ( اعتمد المقرر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون )* ( )

المقدم من : أنطونيو سانشيز لوبيز

(يمثله خوسيه لويس مازون كوستا)

الشخص المدعي أنه ضحية : مقدم البلاغ

الدولة الطرف : أسبانيا

تاريخ البلاغ : 22 تشرين الأول/أكتوبر 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 تشرين الثاني/أكتوبر 1999،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بال مقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد أنطونيو سانشيز لوبيز، م علم بمدرسة ابتدائية، يقيم في مولينا دي سيغورا، مورثيا، أسبانيا. وهو يدّعي أنه ضحية انتهاك أسبانيا للفقرتين 2 و3(زاي) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله المحامي خوسيه لويس مازون كوستا.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 5 أيار/مايو 1990، كان صاحب البلاغ يقود سيارته بسرعة 80 كيلومترا في الساعة في منطقة ت بلغ فيها السرعة القصوى المسموح به ا 60 كيلومترا في الساعة. والتقط جهاز الرادار التابع للشرطة صورة للسيارة. وطلبت الادارة العامة للمرور (وزارة الداخلية) من صاحب البلاغ، بوصفه مالك السيارة التي ارتكبت بواسطتها المخالفة ، التعرّف على م رتكب المخالفة أو سائق السيارة أي، على نفسه بعبارة أخرى. وطُلب منه ذلك بناء على المادة 72(3) من المرسوم التشريعي الملكي رقم 330/1990 (قانون سلامة ا لطرق Ley de Seguridad Vial) الذي ينص على ما يلي: "يتعين على مالك السيارة أن يتعرف على السائق المسؤول عن المخالفة عندما يُطلب منه ذلك حسب الأصول. وفي حالة امتناعه عن عدم امتثاله فوراً ل هذا الطلب دون سبب وجيه، تُفرض عليه غرامة باعتباره قد ارتكب مخالفة خطيرة" .

2-2 و ب عث السيد سانشيز لوبيز تلبية لهذا الطلب وممارسة لحقه الأساسي في عدم الاعتراف بأنه مذنب برسالة إلى سلطات المرور قال فيها إنه ليس الشخص الذي كان ي س و ق السيارة وقت المخالفة وإنه لا يعرف من كان ي س و ق ها وقتذاك لأنه أ عارها لعدة أشخاص خلال تلك الفترة. وفُرضت عليه، باعتباره مرتكبا لمخالفة خطيرة، غرامة قدرها 000 5 بيزيتا (تبلغ غرامة تجاوز السرعة المسموح بها 000 25 بيزيتا).

2-3 ورفع صاحب البلاغ قضية إلى المحكمة ( دائرة المنازعات الإدارية، مورثيا) مدعياً إن فرض الغرامة يشكل انتهاكا لحقوقه الأساسية، ولا سيّما حقه في أن يعتبر بريئاً ، وفي عدم الاعتراف بأنه مذنب، وعدم الشهادة ضد نفسه، التي هي جميعاً حقوق معترف بها في المادة 24(2) من الدستور الأسباني. وطلب أيضاً الطعن في الإجراء المتخذ ضده أمام المحكمة الدستورية الأسبانية باعتباره مخالفاً للدستور. ورفضت الدائرة المختصة الاستئناف مبينة أن العقوبة قانونية.

2-4 و رفعت بشأن هذا القرار دعوى إنفاذاً لحقوقه الدستورية (amparo)أمام المحكمة الدستورية التي حكمت، بموجب قرار مبني على بينة كافية و مؤرخ في 2 شباط/فبراير 1996، برفض الاستئناف مشيرة إلى المبدأ الذي أرساه قرار آخر اعتمدته المحكمة في جلسة عامة في21 كانون الأول/ديسمبر 1995 وحسمت فيه عدداً من المسائل التي أثارتها هيئات قضائية فيما يتعلق بتناقض المادة 72(3) من قانون سلامة الطرق مع الدستور .

2-5 و يؤكد المحامي أن في القرار تناقضاً لأنه يعترف بحق الشخص الأساسي في عدم الشهادة ضد نفسه بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الدستور الأسباني، الذي هو حق يسري أيضاً على الإجراءات التأديبية المطبقة عند عدم الامتثال للأحكام الإدارية للدولة. وهو فضلاً عن ذلك، قرار ينطوي على تناقض خطير لأنه يؤكد أن فرض واجب التعرف على السائق أو البوح باسمه على مالك السيارة عندما يتعلق الأمر به هو شخصيا لا يشكل انتهاكا للحق الأساسي للشخص في عدم الاعتراف بأنه مذنب . ويتضمن القرار رأيا مستقلا وقّع عليه قاضيان جاء فيه أنه ليس هناك شك في أن المادة 72(3) من قانون سلامة ا لطرق تنتهك ح ق الشخص الأساسي في عدم الشهادة ضد نفسه.

الشكوى

3-1 ي ؤكد المحامي أن مقدم البلاغ وقع ضحية لانتهاك الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد لأ نه أُجبر على الاعتراف بأنه مذنب حيث إن طلب تحديد الهوية وجه إلى مالك السيارة الذي كان في الواقع سائق السيارة الذي ارتكب المخالفة. وفي هذه الحالة يعتبر أنه اُجبر على اتهام نفسه، الأ مر الذي ينتهك الحق الذي يكفل العهد حمايته.

3-2 وي ؤكد ا لمحامي أيضا أن أحد العناصر الأساسية لافتراض البراءة (الفقرة 2 من المادة 14)، وهو جعل البيّنة على من ادعى لا على المدعى عليه قد انتهك لأن ما طلبت السلطات من صاحب البلاغ أن يقوم به بمثابة دليل على براءته (1) .

3-3 لم تقدّم هذه الشكوى إلى أية هيئة دولية أخرى لتسوية النزاعات.

ال معلومات و ال ملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف، وتعليقات المحامي

4-1 طلبت الدولة الطرف، في مذكرتها المؤرخة في 19 كانون الثاني/يناير 1998 بشأن مقبولية البلاغ، إعلان عدم مقبوليته على أساس الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لأن هذا البلاغ مماثل، في نظرها، لبلاغ قدمه نفس المحامي إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. غير أن الدولة الطرف أبلغت اللجنة بأنها سترسل رداً بشأن الوقائع الموضوعية في غضون المهلة المحددة.

4-2 وكررت الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة في 20 أيار/مايو 1998 بشأن ال وقائع الموضوع ية ، طلبها إعلان عدم مقبولية البلاغ. ولا تعترض الدولة الطرف على الوقائع ولكنها ت رى أنه لم يحدث انتهاك لأي حق من الحقوق التي ينص العهد على حمايتها، بما أن الخطر المحتمل الذي تمثله السيار ات ي قتضي حماية حركة المرور على الطرق حماية صارمة.

4-3 كذلك وجهت الدولة الطرف الا نتباه إلى أن القانون الأسباني ينص على أن "تُنسب المخالفة إلى ا لشخص الذي ارتكبها". ولا يجوز أن تُنسب تلقائيا إلى مالك السيارة؛ ومن ثم، يشتر ط القانون تحديد هوية مرتكب المخالفة ذاته الذي قد يكون مالك السيارة أو شخصاً آخر إذا كان مالك السيارة كيان قانوني، فمن المؤكد أنه ليس مرتكب المخالفة. وعليه تنص المادة 72(1) من قانون سلامة الطرق، حسب ما ذكر محامي الدولة الطرف، على أن توجه السلطة المختصة إلى مالك السيارة رسالة تتعلق بالشكوى ( من تجاوز السرعة الم سموح بها ) وتطلب منه أن يبلغ ادارة المرور باسم سائق السيارة وعنوانه، وتحذره من عدم الامتثال الذي سيعتبر امتناعاً عن أداء واجب التعاون. ورد مالك السيارة بأنه لا يعرف من كان يسوق السيارة وقت المخالفة، إلا أنه قدم قائمة تتضمن أسماء 17 شخصاً يحتمل أن يكون أحدهم سائق السيارة. واعتبرت السلطات الإدارية أن هذا الرد لا يشكل امتثالاً على النحو الواجب للالتزام بالتعاون مع السلطات فاتخذت الإجراءات الإدارية المناسبة ثم فرضت على السيد سانشيز غرامة قدرها 000 50 بيزيتا باعتبار أنه ارتكب مخالفة خطيرة. وتؤكد الدولة الطرف أن العقوبة وقعت على مرتكب المخالفة لأنه لم يقم بالواجب القانوني الذي يفرضه قانون سلامة الطرق على مالك السيارة والذي يتمثل في تحديد هوية سائق السيارة المسؤول عن المخالفة، وليس نتيجة للغرامة المفروضة بسبب تجاوز السرعة المسموح بها التي ألغيت. وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أن العقوبة صدرت ضد صاحب البلاغ بعد مرافعات دافع فيها عن نفسه وتوافرت فيها جميع الضمانات الإجرائية، وأعيد النظر فيها قضائياً بحضور الخصمين وأكدتها المحكمة الدستورية.

4-4 وفيما يتعلق باحتمال انتهاك الفقرة 2 من المادة 14 من العهد (افتراض البراءة)، يرى محامي الدولة الطرف أن كون المحكمة الدستورية رفضت الحجج باعتبارها حججاً لا تستند إلى أدلة يعني أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد ويجب إعلان عدم مقبولية الشكوى. وفي هذا الصدد، يقول محامي الدولة الطرف إن صاحب البلاغ يخلط، فيما يبدو، بين افتراض البراءة فيما يتعلق بالعقوبة على مخالفة المرور (وهي عقوبة تم الغاؤها) والعقوبة على عدم التعاون مع السلطات.

4-5 وفيما ي خص الانتهاك المزعوم ل لفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد، يرى صاحب البلاغ أن الحكم المشار اليه يفرض عليه أن يشهد ضد نفسه أو يعترف بأنه مذنب، مما يتنافى مع أحكام العهد. ويؤكد محامي الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية حكمت، في ا لقرار ا لصادر في 21 كانون الأول/ديسمبر 1995، بأن "المبادئ التي تقوم عليها التشريعات الجنائية واجبة التطبيق، مع فروق معينة طفيفة، على القانون الإداري ا لتأديبي ". وتسترعي هذه المحكمة أيضا الانتباه إلى ضرورة "توخي الحذر عند تطبيق الضمانات الأساسية المتعلقة بالاجراءات المتصلة مباشرة بالاجراءات الجنائية على المجال الاداري فيما يتعلق بالعقوبات، لأنه لا يمكن تنفيذ هذه العملية تلقائياً بسبب الفروق الموجودة بين هاتين الفئتين من الإجراءات".

4-6 أما في الحالة قيد النظر، فإن العقوبة المفروضة على صاحب البلاغ لم تأت نتيجة لأي مخالفة لق انون المرور وإنما ن تيجة لإ خلال مالك السيارة بواجب التعاون الذي ينص عليه القانون بالنسبة لمالك أي سيارة. وينبع هذا الالتزام من الخطر الذي قد يشكله استخدام أي سيارة على أرواح الناس وصحتهم وسلامتهم. ويضاف إلى ذلك، وفقا لما ذكره محامي الدولة الطرف، شرط توقيع العقوبة على الشخص الذي ارتكب المخالفة، مما ي جعل السلطات ملزمة بأن تنسب المسؤولية عن مخالفة قوانين المرور إلى مرتكب المخالفة ذاته، أي الشخص الذي كان يسوق السيارة في وقت معيّن وليس إلى مالك السيارة.

4-7 و يرى محامي الدولة الطرف، أ ن واجب التعاون المنصوص عليه في المادة 72(3) من قانون سلامة ا لطرق لا يلزم بأي حال من الأحوال مالك السيارة ب الإدلاء بأقوال بشأن مخالفة المرور المزعومة يعترف فيها بأنه مذنب أو مسؤول عن ذلك. وفي هذا الصدد، يضيف المحامي قائلا إن المحكمة الدستورية أوضحت أن نص هذا الحكم هو "تحديد هوية سائق السيارة المسؤول عن المخالفة" ولكن هذه الصيغة "غير موفقة من الناحية التقنية" لأن الغرض من واجب التعاون ليس تحديد هوية الشخص المسؤول بل تحديد هوية الشخص الذي كان يقود السيارة فقط . وهذا هو، بالتالي، الشخص الذي ينبغي أن تتوجه اليه السلطات من خلال الإجراء ال تأديبي المنصوص عليه في المادة 73. وبعد استكمال الإجراءات الملائمة المحاطة بجميع الضمانات الدستورية والقانونية، يقع على عاتق السلطات أن تحدد ما اذا كان الشخص الذي تم التعرف عليه مسؤولا أم غير مسؤول عن المخالفة.

5-1 ورفض محامي صاحب البلاغ طلب الدولة الطرف إعلان عدم مقبولية البلاغ لأنه على الرغم من أن الشكوى المقدمة إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان تتعلق بالموضوع نفسه، كانت المخالفة والضحية وقرارات الهيئات القضائية الأسبانية، بطبيعة الحال، في تلك الشكوى بما في ذلك دعوى إنفاذ الحقوق الدستورية، مختلفة.

5-2 وفيما يتعلق ب رسائل الدولة الطرف بشأن موضوع الشكوى، كرر محامي صاحب البلاغ ادعاءاته المتعلقة بحدوث انتهاك للفقرتين 2 و3(ز) من المادة 14 من العهد. وأكد من جديد أن المادة 73(2) من قانون سلامة الطرق لا تثير أية مشكلة إذا لم يكن سائق السيارة هو مالكها، ولكن الوضع يختلف إذا كان مالكها لأنه مضطر بصفته المالك إلى أن يشهد ضد نفسه حين يؤكد أنه السائق. ويقوم دفاع الدولة الطرف على إنكار المعنى الحرفي للحكم الذي ينتهك العهد، وتحميله من المعاني ما ليس فيه .

5-3 وفيما يتعلق بالحجة ال متعلقة بالحاجة إلى حماية المجتمع من خطر السيارات، ي بين محامي صاحب البلاغ أن بإمكان الدولة الطرف أن تقوم بواجبها المتمثل في تحديد مرتكب المخالفة بتحديد هويته فور وقوع المخالفة عن طريق استخدام سيارتين من سيارات الشرطة، إحداهما مخصصة لجهاز الرادار والأخرى لإيقاف السيارة المخالفة، حسبما جرت عليه عادة الشرطة الأسبانية. وهذه العادة التي أصبحت الآن شائعة حسب قول المحامي، تعزز حجة عدم تماشي نص المادة 72(3) من قانون سلامة ا لطرق مع حق الشخص في عدم الاعتراف بأنه مذنب الذي يكفل العهد حمايته.

5-4 وفيما ي خص انتهاك الحق في افتراض البراءة المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، يرى المحامي أن الدولة الطرف انتهكت هذا الحق لأنها عكست مبدأ البينة على من ادعى (والمدعي، في هذه الحالة هو سلطات المرور)؛ حيث إن هذه السلطات طلبت في الواقع من مالك السيارة أن يثبت هوية من كان يسوقها وقت حدوث المخالفة. أما بالنسبة لادعاء الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لا يستطيع الاحتجاج ب هذا الحق لأنه لم يفعل ذلك أمام المحاكم الوطنية، فإن المحامي يرفضه لأن المسألة أثيرت أمام المحكمة الدستورية، التي رفضتها حسب قول المحامي بسبب تمسك المحكمة المفرط با لشكليات وعدم رغبتها في بحث الوقائع الموضوعية للقضية .

ا لا عتبارات ال متصلة با لمقبولية

6-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن ت بت ، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما اذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 و فيما يخص ا لفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لا يمكن للجنة أن تقبل ادعاء الدولة الطرف بأن المسألة ذاتها "رفعت من قبل إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بما أن شخصاً آخر رفع إلى تلك الهيئة قضيته الخاصة بشأن شكوى تبدو مماثلة. ويجب أن يفهم من عبارة "المسألة ذاتها"، ب المعنى المقصود في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أنها تشير إلى نفس الشكوى المتعلقة بنفس الشخص التي قدمها هذا الشخص، أو شخص آخر مخول سلطة تقديمها بالنيابة عنه، إلى الهيئة الدولية الأخرى. وبما أن الدولة الطرف نفسها أقرت بأن صاحب البلاغ الحالي لم يرفع قضيته هذه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تعتبر أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (2) .

6-3 وتلاحظ اللجنة، لأغراض البروتوكول الاختياري، أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفدت بعد رفض المحكمة الدستورية لدعوى إنفاذ الحقوق الدستورية. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بكون الدولة الطف تطعن في مقبولية الادعاء المتعلق بانتهاك افتراض البراءة (الفقرة 2 من المادة 14) بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتحيط اللجنة علماً كذلك بالمعلومات الخطية المعروضة عليها التي تفيد بأن المحكمة الدستورية أخبرت بالانتهاك المزعوم لافتراض البراءة ورفضت هذا الادعاء. وتعتبر اللجنة أنه لا يوجد، وفقا للفقرة 2(ب) من البروتوكول الاختياري، ما يمنعها في ظل ظروف هذه القضية من النظر في البلاغ.

6-4 وفيما ي خص ادعاء أن الدولة الأسبانية انتهكت حق صاحب البلاغ في أن يعتبر بريئاً وحقه في عدم الشهادة ضد نفسه المنصوص عليهما في الفقرتين 2 و3(ج) من المادة 14 من العهد، لأنه أجبر على تحديد هوية مالك السيارة المبلغ عن ارتكابه مخالفة قوانين المرور، ترى اللجنة أن ما لديها من مستندات يبين أن صاحب البلاغ عوقب على عدم تعاونه مع السلطات لا على مخالفة قوانين المرور. وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن عقوبة عدم التعاون مع السلطات على هذا النحو لا تندرج ضمن نطاق تطبيق فقرتي العهد المشار اليهما أعلاه. و لهذا يعتبر البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء على ما تقدم، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن ي رسل هذا القرار إلى الدولة الطرف ومحامي مقدم البلاغ.

[ اعتُمد بالأسبانية والانكليزية والفرنسية؛ علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي . وسيصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير. ]

الحواشي

(1) ي ستشهد ، في هذا الصدد، بقرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قضية أوز ت ورك ضد ألمانيا ، الصادر في 21 شباط/فبراير 1984، المجموعة ألف رقم 73، والذي ورد فيه أن الضمانات ا لتي توفرها المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية للمدعى عليه تسري كلياً على الإجراءات التأديبية الادارية في حالة اعتراف الدولة نفسها بهذه المجموعة من اللوائح بالنسبة لأية اجراءات تأديبية ، حتى وإن كانت عقوبة الحبس غير واجبة التطبيق تلقائيا.

(2) ا نظر البلاغ رقم R.18/75 ( فانيلي ضد إيطاليا ).

هاء - البلاغ رقم 785/1997، فويتس ضد هولندا (اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من : السيد ألكسندر فويتس (يمثله إ. ث. هوملز، المحامي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 24 حزيران/يونيه 1996

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 تموز/يوليه 2000

تعتمد ما يلي :

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو ألكسندر فويتس، وهو مواطن بلجيكي من مواليد 22 شباط/فبراير 1974. ويدعي أنه ضحية انتهاك هولندا للمادة 10 من العهد. ويمثله السيد إ. ث. هوملز.

الوقائع كما عُرِضَت

2-1 أدين صاحب البلاغ، يوم 11 شباط/فبراير 1994، بتهمة السرقة المتكررة مع اللجوء إلى استخدام العنف أو التهديد باستخدامه ضد أشخاص، فضلاً عن محاولة إلحاق أذى جسدي جسيم بهم أو تهديدهم بإلحاق هذا الأذى. وحكم عليه بالسجن لمدة ثمانية أشهر وأمر باحتجازه حسب مشيئة الملكة للمعالجة الإجبارية في مستشفى للأمراض العقلية. وحددت مدة الاحتجاز الأولية بفترة سنتين مع جواز تجديدها. وقد نص الحكم الصادر على أن يباشر صاحب البلاغ علاجه بتاريخ 3 آذار/مارس 1994، ولكن يفيد المحامي بأن العلاج لم يبدأ فعلياً حتى يوم 17 آذار/مارس 1995، أي بعد مرور أكثر من سنة. وخلال تلك الفترة ظل صاحب البلاغ معتقلاً دون الحصول على أي علاج.

2-2 وأمرت المحكمة المحلية في ميدلبرغ، بتاريخ 6 شباط/فبراير 1996، بتجديد معالجة صاحب البلاغ لمدة سنتين. وقد رأت المحكمة أن التقارير النفسانية المقدمة تبين أن حالة صاحب البلاغ لم تتحسن وأنه كان يرفض تناول الأدوية التي تعالج الاضطرابات العقلية. وعندما استؤنف الحكم في 19 حزيران/يونيه 1996، ثبتت محكمة الاستئناف في آرنهيم قرار المحكمة المحلية.

الشكوى

3- يدعي المحامي أن صاحب البلاغ ضحية انتهاك المادة 10 من العهد إذ أنه احتجز بدون معالجة لمدة أكثر من سنة، بالرغم من أن المحكمة كانت قد أمرت بمعالجته. وكذلك يدعي المحامي أن العلاج لو بوشر في موعده المحدد لما كان تجديد احتجازه ضرورياً. ويرى المحامي أن أي علاج إضافي يجب، في الظروف الراهنة، أن يقرر على أساس طوعي فقط، وأن احتجاز صاحب البلاغ يعتبر، بموجبه، بمثابة انتهاك لكرامة الإنسان الأصيلة، وبناء عليه، للمادة 10 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وتعليقات المحامي عليها

4-1 توضح الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة في 10 نيسان/أبريل 1998 أنه لم يكن يوجد أي سرير شاغر في أي من المستشفيات بتاريخ 3 آذار/مارس 1994، وهو التاريخ الذي كان يجب أن يباشر فيه علاج صاحب البلاغ. لذا تم احتجازه في وحدة إشراف مركز في السجن. وتم، في 20 كانون الأول/ديسمبر 1994، وضعه في عيادة Meijersinstituut بأوتريخت كتدبير مؤقت، ونقل، من ثم، في 17 آذار/مارس 1995 إلى عيادة Van der Hoevenkliniek في أوتريخت. وبناء عليه، تطعن الدولة الطرف في إدعاء صاحب البلاغ بأنه اضطر إلى الانتظار لمدة أكثر من سنة قبل أن يوضع في المستشفى، حيث كانت فترة الانتظار تسعة أشهر ونصف الشهر في الواقع. وكذلك تبلغ الدولة الطرف اللجنة بأنه تم تجديد مدة العلاج الإجباري لفترة سنتين إضافيتين بموجب قرار أصدرته المحكمة بتاريخ 24 شباط/فبراير 1998.

4-2 وتفيد الدولة الطرف بأن محكمة الاستئناف في لاهاي قررت بتاريخ 20 آذار/مارس 1997 في قضية شبيهة بقضية صاحب البلاغ بأنه يجب على الدولة أن تدفع مبلغاً يساوي 150 غيلدراً عن كل يوم إضافي، بعد الأشهر الثلاثة، من الأيام التي يقضيها في الحجز بدون علاج الشخص الذي أمرت المحاكم بإخضاعه للعلاج النفسي الإجبـاري. ولقد استأنفت الدولة الحكم أمام محكمة النقض، ولم يتم البت في دعوى الاستئناف حتى الآن (1) . وتعقيباً للحكم، طلب محامي صاحب البلاغ إلى الدولة بتاريخ 21 آذار/مارس 1997 أن تدفع التعويض، وفي 20 حزيران/يونيه 1997 عرضت عليه الدولة مبلغاً قدره 000 3 غيلدر. وتوضح الدولة الطرف أنها لا تقبل المسؤولية ريثما تصدر محكمة الطعن حكمها، وأنها تقبل دفع مبلغ 000 3 غيلدر فقط إذا وعد المدعي بعدم مباشرة أي إجراءات أخرى ضد الدولة.

4-3 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري نظراً إلى أن المفاوضات بشأن التعويض عن المدة التي قضاها صاحب البلاغ في المعتقل بانتظار إدخاله مستشفى الأمراض العقلية ما زالت جارية. فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جاز لصاحب البلاغ أن يلجأ إلى المحاكم وأن يطالب بالتعويض. وتفيد الدولة الطرف أن المحاكم أمرت بدفع التعويض في العديد من القضايا الشبيهة.

5- ويلاحظ المحامي في تعليقاته أن Meijersinstituut ليس مستشفى للأمراض العقلية إنما هو معهد تشخيصي. ويبين بالإضافة إلى ذلك أن كافة سبل التظلم المحلية استنفدت نظراً إلى أن صاحب البلاغ استأنف الحكم الذي أصدرته محكمة ميدلبرغ المحلية بتمديد مدة علاجه الإجباري لفترة سنتين، متمسكاً بالمادة 10 من العهد. وقد رفضت محكمة الاستئناف دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ لأنها اعتبرت أن فترة الاعتقال المنقضية بانتظار إدخاله المستشفى غير مستصوبة ولكنها لا تنطوي على انتهاك للمادة 10 من العهد. ويضيف المحامي أنه لا يمكن التوقع من صاحب البلاغ أن يباشر شتى أشكال الإجراءات المدنية لهذا الغرض.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن وقائع البلاغ الموضوعية وتعليقات المحامي

6-1 تتناول الدولة الطرف في الرسالة المؤرخة في 20 تموز/يوليه 1998، وقائع البلاغ الموضوعية. وهي تميز بين سؤالين مختلفين أولهما هو: هل كانت المعاملة التي عومل بها صاحب البلاغ أثناء اعتقاله بانتظار إدخاله مستشفى الأمراض العقلية تتنافى والشروط المنصوص عليها في المادة 10(1) من العهد؟ وثانيهما هو: هل يعتبر عدم التمكن من تنفيذ أمر الإخضاع للعلاج الإجباري تنفيذاً فورياً أمراً يتنافى مع معاملة "إنسانية واحترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني"؟

6-2 وتلاحظ الدولة الطرف، فيما يتعلق بالسؤال الأول أن صاحب البلاغ احتجز في وحدة طبية مأمونة في مركز الحبس الاحتياطي هي "وحدة الإشراف الفردية" التي تأوي المعتقلين الذين يعانون من مشاكل نفسية. وتوفر هذه الوحدة رعاية خاصة تأخذ المشاكل المواجهة في الاعتبار وتولي الاهتمام الواجب للمشاكل الفردية التي يعاني منها المعتقلون. وتخصص لكل معتقل زنزانته الخاصة التي يوجد فيها سرير ومرحاض ووعاء للغسل كما يوجد فيها، عموماً، جهاز تلفزيوني أيضاً. ذلك بالإضافة إلى أنه توجد في الوحدة صالة عامة توفَّر فيها سبل الترفيه. وتحدد البرامج اليومية حسب احتياجات المعتقلين. ويكون عدد الموظفين العاملين أكبر في هذا الجناح منه في الأجنحة الاعتيادية الأخرى الموجودة في مركز الحبس الاحتياطي وذلك للسماح بإقامة الكثير من الصلات الاجتماعية مع المعتقلين، ويدرب الموظفون تدريباً خاصاً. وترصد حالة كل سجين عن كثب، وفور ما تظهر أي بوادر تطورات غير مستصوبة يخطَر أحد المختصين في علم النفس وهو يستدعي طبيباً نفسياً إذا ما تطلب الأمر ذلك. و يوضع الشخص، في حالة إصابته بأزمة، في وحدة مراقبة وإشراف تابعة للطب الشرعي، ولكن لم يكن ذلك ضرورياً في حالة صاحب البلاغ. وتخلص الدولة الطرف إلى أن شروط اعتقال صاحب البلاغ كانت مطابقة للشروط المنصوص عليها في المادة 10(1) من العهد.

6-3 وتبين الدولة الطرف فيما يتعلق بالسؤال الثاني، أن المدة التي قضاها صاحب البلاغ بانتظار إدخاله مستشفى الأمراض العقلية لا يمكن أن تدرج في بند شروط الاعتقال التي تسري عليها المادة 10(1). فترى الدولة الطرف أن هذا الجزء من البلاغ يجب أن يعتبر غير مقبول لأنه يخرج عن نطاق المادة 10 من العهد.

6-4 وتلاحظ الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ يشكك في قانونية اعتقاله. ولكن ترى الدولة الطرف أن مسألة قانونية أو عدم قانونية الاعتقال مسألة لا تتسم بالأهمية لتعيين ما إذا كان قد وقع انتهاك للمادة 10 من العهد التي تتناول مسألة المعاملة الإنسانية أثناء الاعتقال (سواء كان قانونياً أم لا). وبشأن القانونية تشير الدولة الطرف إلى الحكم الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 5 حزيران/يونيه 1998 في قضية شبيهة بقضية صاحب البلاغ، وكانت المحكمة قد أقرت في هذا الحكم أن وزير العدل غير ملزم بموجب لوائح (تنفيذ) أوامر الإيداع في المستشفى، بضمان أن تتوافر في جميع الأوقات كافة الطاقات الضرورية التي يحتاج إليها الأشخاص الذين يخضعون لأمر بوضعهم في المستشفى. وتنص اللوائح على أنه يجب على الوزير أن يبت في وضع الشخص في وحدة الأمراض العقلية بالمستشفى "بأسرع ما يمكن". ورأت المحكمة العليا أن "وجود اختلاف معين بين الطاقات المتوافرة والطاقات الضرورية" أمر مقبول من حيث التوزيع الفعال للموارد المالية. وحكمت المحكمة بأن فترة انتظار تدوم ستة أشهر يمكن أن تعتبر مقبولة بالنسبة إلى المجتمع. وإذا تم تمديد فترة اعتقال الشخص في الحبس الاحتياطي بعد الأشهر الستة، تعتبر المحكمة العليا أن ذلك غير قانوني إلاَّ في حال وجود ظروف خاصة.

6-5 وتبين الدولة الطرف أن عدم القانونية لا تتعلق، وفقاً للمحكمة العليا، بمسألة استمرار حرمان الشخص من حريته بل تتعلق بمسألة العجز عن مباشرة علاجه في مؤسسة ملائمة في الوقت المحدد. وفي هذه الحالات يكون التعويض جائزاً.

6-6 وبناء عليه، تطعن الدولة الطرف في ادعاء صاحب البلاغ بأن معالجته الإجبارية أصبحت غير قانونية بسبب التأخر في مباشرة العلاج. فإذا رأى صاحب البلاغ أنه تضرر من جراء التأخير المطول في مباشرة علاجه، ما زال يجوز له أن يرفع أمام المحكمة دعوى ضد الدولة للمطالبة بالتعويض.

7- ويذهب المحامي في تعليقاته إلى أن المادة 10 تشمل واجب الدولة الطرف القاطع في توفير العلاج النفسي للشخص الذي أمرت المحكمة بتوفير هذا العلاج له. ولم يتم توفير أي علاج من هذا القبيل في مركز الحبس الاحتياطي. ويبين المحامي فيما يتعلق بسبيل التظلم أن التعويض لا يتساوى والحماية الملائمة، وأن تعليل الدولة الطرف يعتبر اعترافاً ضمنياً بوجود انتهاك للمادة 10.

8-1 وتطعن الدولة الطرف، في رسالة أخرى، في قول المحامي إن Meijersinstituut هو معهد للتشخيص والفرز ‏ أكثر من كونه مركزاً للمعالجة. وقد عين وزير العدل هذا المعهد على أنه مركز لرعاية الأشخاص الذين صدر عليهم أمر بوضعهم في المستشفى. ويقوم المعهد بمهمتين في الواقع. فهو يؤدي مهمة مركز تشخيصي إذ يضع الأشخاص الذين صدر عليهم أمر بإدخالهم المستشفى تحت المراقبة لمدة سبعة أسابيع بغية التمكن من تقديم توصية إلى وزير العدل بخصوص أفضل مؤسسة تناسب الشخص المعني. وهو يوفر أيضاً العلاج حيثما تطلب الأمر ذلك. وفي القضية الراهنة، حصل صاحب البلاغ علـى العلاج فـوراً عندمـا أدخـل المعهد ريثما يتم وضعه في عيادة Van der Hoeven.

8-2 وترفق الدولة الطرف حكماً صدر في 7 نيسان/أبريل 1993 عن رئيس محكمة غرونينغن المحلية في قضية شبيهة بقضية صاحب البلاغ. وكان المدعي في تلك القضية قد طلب إلى المحكمة أن تأمر الدولة بوضعه في مستشفى للأمراض العقلية في غضون أسبوعين بغية مباشرة العلاج الإجباري. ولبت المحكمة طلبه. وتبين الدولة الطرف أن هذه القضية تظهر أن سبل التظلم الفعالة كانت متوافرة لصاحب البلاغ.

9- ويكرر المحامي في تعليقاته أن Meijersinstituut هو معهد تشخيصي ‏ وهو غير مناسب للعلاج الحقيقي حتى وإن تم فيه توفير العلاج لفترة قصيرة من الوقت. وكذلك يبين المحامي أن الحكم الصادر عن رئيس محكمة غرونينغن المحلية لا علاقة له بقضية صاحب البلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

10-1 قبل النظر في أي شكوى مضمنة في بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كانت هذه الشكوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

10-2 واللجنة أمام مسألتين أولاهما هي: هل يشكل عدم قيام الدولة الطرف بوضع صاحب البلاغ بدون تأخير في مستشفى للأمراض العقلية للحصول على العلاج انتهاكاً للمادة 10 من العهد طوال مدة التأخير، وثانيتهما هي: هل يعتبر استمرار إخضاع صاحب البلاغ للعلاج الإجباري والاحتجاز انتهاكاً للمادة 10 من العهد بسبب التأخير في مباشرة العلاج.

10-3 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بالمسألة الأولى، أن الدولة الطرف ذهبت إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل التظلم المحلية حيث كان بوسعه أن يلجأ إلى المحكمة ليطلب وضعه في مستشفى للأمراض العقلية وأن يطلب التعويض إذا لم يتحقق ذلك. أما الحجة التي يسوقها المحامي مبيناً أن صاحب البلاغ استنفد سبل التظلم المحلية لأنه طعن في أمر تمديد فترة العلاج الإجباري المفروضة عليه، على أساس أنه يشكل انتهاكاً للمادة 10، فهي لا تتعلق إلاَّ بالمسألة الثانية المعروضة على اللجنة. ولقد أحاطت اللجنة علماً بأن المحاكم في هولندا لبَّت، في قضايا شبيهة بقضية صاحب البلاغ، الطلبات المرفوعة إليها بوضع أصحاب الشأن في مستشفى للأمراض العقلية على الفور، ومنحت التعويض في حال الإخفاق، وترى اللجنة أن ذلك وفر لصاحب البلاغ سبيلاً فعالاً للتظلم. وعدم لجوء صاحب البلاغ إلى هذا السبيل يجعل هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

10-4 وتجد اللجنة أن صاحب البلاغ استنفد سبل التظلم المحلية فيما يتعلق بالمسألة الثانية. ولكنها لا ترى أن الحجج التي ساقها المحامي أو المواد المعروضة عليها تؤيد، لأغراض المقبولية، القول بأن تمديد فترة الاحتجاز الإجباري لصاحب البلاغ في مستشفى للأمراض العقلية يشكل انتهاكاً للمادة 10 من العهد. لذا يعتبر هذا الجزء من البلاغ، في ظل الظروف المبينة، غير مقبول وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10-5 وتلاحظ اللجنة أن وقائع القضية الراهنة كان يمكن أن تثير بعض المسائل في إطار المادة 9 من العهد. ولكن بما أن الطرفين لم يطرحا هذا الموضوع، فليست اللجنة في موقف يمكنها من إبداء رأيها بشأن هذا الموضوع.

11- وبناء عليه تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) للاطلاع على حكم المحكمة العليا في دعوى الطعن، انظر الفقرة 6-5 أدناه.

واو - البلاغ رقم 807/1998، كوتني ضد الجمهورية التشيكية (اعتمد المقرر في 20 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من : السيد أوتا كوتني

الضحية : صاحب البلاغ وشقيقه أنطونين

الدولة الطرف : الجمهورية التشيكية

تاريخ البلاغ : 24 كانون الثاني/يناير 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 آذار/مارس 2000

تعتمد ما يلي :

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو أوتا كوتني، وهو مواطن تشيكي يقيم حالياً في فيينا بالنمسا. ويقدم البلاغ بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن شقيقه أنطونين كوتني. ويدعيان أنهما ضحيتان لانتهاك للمادة 26 من العهد ارتكبته الجمهورية التشيكية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان خال وخالة صاحب البلاغ، وكلاهما مواطنان تشيكيان، يشتركان في ملكية منزل في براغ كانا قد قاما بشرائه في عام 1935. وبعد الحرب العالمية الثانية، تمت مصادرة ملكية الخالة بموجب مرسوم بنيس رقم 108/1945 وحرمت من المواطنة التشيكية بزعم قيامها بأنشطة معادية لتشيكوسلوفاكيا. بيد أن محكمة الشعب الاستثنائية قد برأتها من الاتهامات وردت إليها المواطنة التشيكية في 5 آذار/مارس 1947. إلا أن المجلس المحلي الوطني قد وافق، بموجب القرار المؤرخ في 11 كانون الثاني/يناير 1951، على مصادرة ملكيتها استناداً إلى مرسوم بنيس رقم 108/1945. وتوفيت الخالة في عام 1975، وكانت والدة صاحب البلاغ هي الوريثة الوحيدة. ورفعت الأم دعوى لاستعادة الملكية في 2 أيلول/سبتمبر 1991 أمام المحكمة المحلية في براغ. وعندما توفيت في 15 نيسان/أبريل 1992، واصل صاحب البلاغ وشقيقه الدعوى بصفتهما وريثيها. غير أنه في 12 أيلول/سبتمبر 1995، رفضت المحكمة ادعاءهما، على أساس أن المصادرة قد تمت قبل 25 شباط/فبراير 1948، أي بداية الفترة المؤهلة لتطبيق قانون رد الحق وهو القانون (رقم 87/1991). ويبدو أن المحكمة اعتبرت أن المرسوم المؤرخ في 11 كانون الثاني/يناير 1951 ليس قرارا جديدا، بل تأكيد لقرار اتخذ في عام 1945 بموجب مرسوم بنيس. ورفض استئناف صاحب البلاغ ضد هذا الحكم في 16 شباط/فبراير 1996، وفي 24 أيلول/سبتمبر 1996، رفضت المحكمة الدستورية طلب إعادة النظر آخر تقدم به صاحب البلاغ.

2-2 ويبدو من البلاغ أن مطالبة صاحب البلاغ برد الحق تتعلق أيضا بذلك الجزء من الملكية الذي كان يخص خاله سابقاً. ويذكر أن مصادرة هذه الملكية قد تمت بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن لم يقدم تاريخ محدد. وقد توفي خال صاحب البلاغ في عام 1961 وكانت خالته هي الوريثة الوحيدة.

الشكوى

3- يشكو صاحب البلاغ من أن المحكمة لم تأخذ في اعتبارها المرسوم المؤرخ في 11 كانون الثاني/يناير 1951، والذي يدخل المصادرة في نطاق قانون رد الحق. ويرى صاحب البلاغ أن قرار المجلس المؤرخ في 1951 هو عمل واضح من أعمال الاضطهاد السياسي، بما أنه قد تمت تبرئة خالته من جميع تهم القيام بأنشطة معادية. ويعتبر صاحب البلاغ نفسه ضحية للتمييز، لأنه لم يسترد حقه رغم الوفاء بجميع شروط قانون رد الحق. ويرى في هذا الصدد أن التمييز قد يكون متصلاً بآرائه السياسية، بما أنه قد غادر تشيكوسلوفاكيا في عام 1970 لأسباب سياسية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تحتج الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية. وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية قد رفضت طلب صاحب البلاغ لعدم تقديمه معلومات إضافية وفقاً لطلب المحكمة. وتذكر الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية، عملاً بالمادة 72 من القانون الخاص بالمحكمة الدستورية، كانت قد طلبت من صاحب البلاغ أن يحدد الحق الذي يريد التمسك به من الحقوق المذكورة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، المشمولة بالمادة 10 من الدستور. وبما أن أياً من صاحب البلاغ أو محاميه لم يقدم هذه المعلومات، فقد قررت المحكمة عدم متابعة القضية ورفضت الشكوى. وتشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة لم ترفض القضية مطلقاً على أساس وقائع الحالة الموضوعية، وترى أن باستطاعة صاحب البلاغ أن يتقدم بالتماس إلى المحكمة الدستورية من جديد.

4-2 وتحتج الدولة الطرف أيضا بأن الحق في الملكية غير مشمول بالعهد وبأن البلاغ غير مقبول بالتالي من حيث الموضوع. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف عدم إشارة صاحب البلاغ إلى أي انتهاكات للحق في المحاكمة العادلة أو إلى أي حالات تمييز.

4-3 وتحتج الدولة الطرف كذلك بأن البلاغ غير مقبول من حيث الإطار الزمني بما أن المصادرة التمييزية المدعى حدوثها قد سبقت بدء نفاذ العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يؤكد صاحب البلاغ، في رده، أنه قد استنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة. وذكر أنه لم يبلغ قط بوجود أي عيب في التماسه المرفوع إلى المحكمة الدستورية.

5-2 ويؤكد صاحب البلاغ أن بلاغه مقبول من حيث الموضوع بما أنه ضحية تمييز، بالمخالفة للمادة 26 من العهد.

5-3 أما فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول من حيث الإطار الزمني، فيؤكد صاحب البلاغ أنه قد أضير في حقوقه من جراء أحكام المحكمة المؤرخة في 12 أيلول/سبتمبر 1995 و16 شباط/فبراير 1996 و24 أيلول/سبتمبر 1996، وجميعها صدرت بعد بدء نفاذ العهد بالنسبة للجمهورية التشيكية.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختيار الملحق بالعهد.

6-2 ولاحظت اللجنة اعتراضات الدولة الطرف على المقبولية وتعليقات صاحب البلاغ عليها. وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن المرسوم المؤرخ في 11 كانون الثاني/يناير 1951 تمييزي، ترى اللجنة أن هذا الادعاء يخرج عن نطاق اختصاصها من حيث الإطار الزمني ومن ثم فإنه غير مقبول وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري.

6-3 واحتجت الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية، بما أن استئناف صاحب البلاغ أمام المحكمة الدستورية كان معيبا. وطعن صاحب البلاغ في ذلك، ولكن تبين للجنة من نص حكم المحكمة الدستورية المؤرخ في 24 أيلول/سبتمبر 1996 أن صاحب البلاغ قد أبلغ بعيوب استئنافه ومنح فرصة لتدارك هذه العيوب، لكنه لم يفعل ذلك. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية.

7- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

زاي - البلاغ رقم 816/1998، تادمان وآخرون ضد كندا (اعتمد المقرر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : غرانت تادمان وآخرون

(يمثلهم السيد بريان فوربس من مكتب فوربس سينغر سميث شولدايس، وهو مكتب محاماة في أوتاوا بأونتاريو)

المدعى بأنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ البلاغ : 11 نيسان/أبريل 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

المجتمعة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999

تعتمد ما يلي :

المقرر المتعلق بالمقبولية

1-1 أصحاب البلاغ هم غرانت تادمان، وساندرا جونستون، ونك كرستانوفيتش، وهنري بيسل، وجميعهم مواطنون كنديون يقيمون في ماقطعة أونتاريو. وهم يدعون أنهم ضحايا لانتهـاك المادة 26، والمادة 2(1) و(2) و(3)، والمادة 50 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم السيد بريان فوربس من شركة فوربس سينغر سميث شولدايس، وهي شركة محاماة في أوتاوا بأونتاريو.1-2 وفي مقاطعة أونتاريو تُعد المدارس الروم الكاثوليك مدارس غير العلمانية الوحيدة التي تتلقى تمويلاً حكومياً كاملاً ومباشراً. بيد أن أصحاب البلاغ ينتمون إلى طوائف دينية مختلفة، هي طائفة الكنيسة الكندية المتحدة وطائفة الكنيسة اللوثرية، وطائفة الكنيسة الأرثوذكسية الصربية وطائفة المذهب الإنساني. وجميعهم لهم أبناء في سن الدراسة، ويتلقى أبناؤهم تعليمهم في نظام المدارس العامة.

الوقائع

2-1 يقدم نظام المدارس العامة في أونتاريو خدمات التعليم المجاني إلى جميع سكان أونتاريو دون تمييز على أساس الدين أو لأي سبب آخر. ولا يجوز للمدارس العامة أن تقدم أي توجيه ديني. وللأفراد حرية إنشاء مدارس خاصة وإرسال أبنائهم إلى هذه المدارس بدلاً من المدارس العامة. والشرط القانوني الوحيد لفتح مدرسة خاصة في أونتاريو هو تقديم "إعلان نية فتح مدرسة خاصة". والمدارس الخاصة في أونتاريو لا تحصل على تصريح ولا تحتاج أية موافقة مسبقة من الحكومة. وفي 30 أيلول/سبتمبر 1989 كان 699 64 طالباً يدرسون في 494 مدرسة خاصة في أونتاريو. ويشكل عدد الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة 3.3 في المائة من إجمالي عدد الطلاب المسجلين في المدارس النهارية في أونتاريو.

2-2 ويرجع أصل نظام تمويل المدارس المستقلة في مقاطعة أونتاريو إلى أحكام دستور كندا لعام 1867. ففي عام 1867 كان الكاثوليك يشكلون 17 في المائة من السكان في أونتاريو بينما كان البروتستانت يشكلون 82 في المائة من السكان. وكانت نسبة جميع الأديان الأخرى معاً 0.2 في المائة من السكان. وفي وقت قيام الاتحاد كان من مصادر القلق مسألة خضوع مقاطعة أونتاريو الجديدة لسيطرة أغلبية بروتستانتية قد تفرض سلطتها على التعليم لتسلب حقوق الأقلية من الروم الكاثوليك في المقاطعة. وكان الحل في ضمان حقوقهم في التعليم المذهبي، وتعريف هذه الحقوق بالرجوع إلى القانون في حالته التي كانت موجودة عند قيام الاتحاد.

2-3 ولذلك فإن الباب 93 من الدستور الكندي لعام 1867 ينص على ضمانات صريحة لحقوق المدارس المذهبية. ويُعطي الباب 93 من قانون الدستور لعام 1867 لكل مقاطعة في كندا ولاية خاصة في سن القوانين المتعلقة بالتعليم، لا تحد منها سوى حقوق المدارس المذهبية الممنوحة في عام 1867. وتُمارس السلطة المنصوص عليها في المادة 93 في أونتاريو من خلال قانون التعليم. فبموجب قانون التعليم يحق لكل مدرسة مستقلة الحصول على تمويل حكومي كامل. وتُعرف المدارس المستقلة بأنها مدارس كنيسة الروم الكاثوليك. وينص قانون التعليم على ما يلي: "1- (1) عبارة "مجلس إدارة المدرسة المستقلة" تشير إلى مجلس يقوم بتسيير أعمال مجلس إدارة مدرسة تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك؛ ... 122- (1) لكل مدرسة مستقلة نصيب في المنح التي تقرها السلطة التشريعية على نحو مماثل لأية مدرسة عامة". ونتيجة لهذا فإن مدارس كنيسة الروم الكاثوليك هي المدارس الدينية الوحيدة التي لها الحق في التمويل الحكومي نفسه الذي تحصل عليه المدارس العلمانية العامة.

2-4 ولا يُعد نظام المدارس المستقلة التابعة لكنيسة الروم الكاثوليك نظام مدارس خاصة. فهو يمول على غرار نظام المدارس العامة من خلال مجلس تعليم يخضع للمساءلة العامة ويُنتخب ديمقراطياً. وينتخب مجالس إدارة المدارس المستقلة دافعو الرسوم من الروم الكاثوليك، ولمجالس إدارة المدارس هذه الحق في إدارة الجوانب المذهبية للمدارس المستقلة. وعلى خلاف المدارس الخاصة، تخضع المدارس المستقلة التابعة لكنيسة الروم الكاثوليك لجميع المبادئ التوجيهية واللوائح الصادرة عن الوزارة. وحسبما ذكر المحامي فإن التكاليف الإضافية المحسوبة للإبقاء على النظام المستقل إلى جانب نظام المدارس العامة تبلغ 200 مليون دولار أمريكي في السنة في المدارس الثانوية وحدها. فلا الباب 93 من قانون الدستور لعام 1867 ولا قانون التعليم ينص على تقديم تمويل حكومي إلى المدارس الخاصة/المستقلة التابعة لكنيسة الروم الكاثوليك. وتوجد في أونتاريو عشر مدارس خاصة/مستقلة تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك ولا تحصل هذه المدارس على أي دعم مالي حكومي مباشر.

2-5 وتتلقى المدارس الدينية الخاصة في أونتاريو معونة مالية على شكل: (1) إعفاء من ضرائب الأملاك المفروضة على المدارس الخاصة التي لا تستهدف الربح؛ (2) تخفيض ضريبة الدخل على الرسوم بنسبة ما يذهب منها للتعليم الديني؛ (3) تخفيض ضريبة الدخل للأغراض الخيرية. وخلص تقرير صدر في عام 1985 إلى أن مستوى المعونة الحكومية المقدمة إلى المدارس الخاصة في أونتاريو بلغ نحو سدس متوسط إجمالي التكلفة للتلميذ الواحد المسجل في مدرسة خاصة. ولا توجد في كندا أية مقاطعة تتلقى فيها المدارس الخاصة تمويلاً على أساس مساوٍ لتمويل المدارس العامة. ويتراوح التمويل المباشر للمدارس الخاصة بين صفر في المائة (نيوفاوندلاند ونيوبرونزويك وأونتاريو) و75 في المائة (ألبيرتا).

2-6 منذ عام 1978 ومسألة التمويل الحكومي للمدارس الدينية غير الكاثوليكية في أونتاريو موضوع تقاضٍ على الصعيد المحلي. كان المطلوب في القضية الأولى، التي رُفعت في 8 شباط/فبراير 1978، جعل التعليم الديني إلزامياً في مدارس معينة، وبذلك تُدمج المدارس العبرية الموجودة في المدارس العامة. وقررت محاكم أونتاريو في 3 نيسان/أبريل 1978 عدم السماح بأن يكون التعليم الديني إلزامياً في المدارس العامة، وثبتت ذلك القرار في 9 نيسان/أبريل 1979.

2-7 وفي عام 1982 عُدل دستور كندا ليتضمن ميثاقا للحقوق والحريات يرد فيه حكم خاص بحقوق المساواة. وفي عام 1985 قررت حكومة أونتاريو تعديل قانون التعليم لتوسيع نطاق التمويل الحكومي للمدارس التابعة لكنيسة الروم الكاثوليك ليشمل الصفوف من 11 إلى 13. وكانت مدارس الروم الكاثوليك تُمول تمويلاً كاملاً من روضة الأطفال إلى الصف 10 منذ أواسط القرن التاسع عشر. وفي عام 1985 أحالت حكومة أونتاريو إلى محكمة الاستئناف في أونتاريو مسألة دستورية هذا القانون (القانون رقم 30) في ضوء الميثاق الكندي للحقوق والحريات.

2-8 وفي 25 حزيران/يونيه 1987 أقرت المحكمة العليا في كندا، في قضية القانون رقم 30 ، دستورية التشريع الذي يقوم عليه التمويل الكامل لمدارس الروم الكاثوليك. واستند رأي الأغلبية إلى أن الباب 93 من قانون الدستور لعام 1867 وجميع الحقوق والامتيازات التي يمنحها لا تخضع للميثاق. وذكرت القاضية ويلسون في تحريرها رأي الأغلبية، أنه "لم تتجه النية مطلقاً ... إلى إمكانية استخدام الميثاق لإبطال أحكام أخرى من أحكام الدستور، ولا سيما نص الباب 93 الذي يُشكل جزءاً أساسياً من الحل الوسط الذي قام عليه الاتحاد".

2-9 وفي الوقت ذاته أيدت المحكمة العليا في كندا، في رأي الأغلبية الذي سجلته القاضية ويلسون، أن: "هذه الحقوق التعليمية، الممنوحة على وجه التحديد إلى ... الروم الكاثوليك في أونتاريو، تجعل من المحال معاملة جميع الكنديين معاملة متساوية. فقد تأسس البلد على الاعتراف بحقوق خاصة أو متفاوتة لجماعات دينية معينة في أونتاريو ...". وفي رأي مؤيد لهذا الرأي في المحكمة العليا سلَّم القاضي إستاي بأن "من البديهي أنه لو كان الميثاق ينطبق بأي شكل على القانون رقم 30، لاعتبر هذا القانون تمييزيا ومخالفاً للبابين 2(أ) و 15 من ميثاق الحقوق (وأقر محامون عدة بهذه النقطة أمام هذه المحكمة)".

2-10 وفي قضية أخرى، هي قضية أدلير ضد أونتاريو ، طعن في دستورية قانون التعليم في أونتاريو أفراد ينتمون إلى مذهب المسيحية الكالفينية أو البروتستانتية وبعض المنتمين إلى طائفتي السيخ والهندوس والدين الإسلامي واليهودية، مدعين وقوع انتهاك لأحكام الميثاق الخاصة بالحرية الدينية والمساواة. وحاجج هؤلاء بأن قانون التعليم باقتضائه دخول المدارس ينطوي على تمييز ضد من تمنعهم ضمائرهم أو معتقداتهم من إرسال أبنائهم إلى المدارس العلمانية ذات التمويل العام أو إلى مدارس الروم الكاثوليك ذات التمويل العام، على السواء، نظراً للتكاليف الباهظة المرتبطة بالتعليم الديني لأبنائهم. كما التمسوا إصدار قرار ينص على أن لرافعي الدعوى الحق في الحصول على تمويل مساوٍ لتمويل المدارس العامة ومدارس الروم الكاثوليك. وقررت محكمة الاستئناف في أونتاريو أن جوهر قضية أدلير هو محاولة للنظر من جديد في المسألة التي سبق للمحكمة العليا في كندا أن بتت فيها في قضية القانون رقم 30 . وأعلن كبير القضاة، القاضي دوبان، أن قضية القانون 30 "حاسمة تماماً بالفعل فيما يتعلق بمسألة التمييز في دعاوى الاستئناف هذه". كما رفض القضاة الحجة القائمة على الحرية الدينية.

2-11 ولدى الاستئناف أكدت المحكمة العليا في كندا، بحكمها الصادر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، أن قرارها في قضية القانون رقم 30 هو قرار ينطبق انطباقا حاسماً في دعوى أدلير ، ورأت أن تمويل المدارس المستقلة التابعة لمدارس الروم الكاثوليك لا يمكن أن ينشأ عنه انتهاك لأحكام الميثاق لأن مقاطعة أونتاريو ملزمة دستورياً بتقديم هذا التمويل.

الشكوى

3-1 يحاجج أصحاب البلاغ بأن عدم تمتع أية طائفة دينية سوى طائفة الروم الكاثوليك بالحق في الحصول على تمويل حكومي في مقاطعة أونتاريو لأغراض التعليم يشكل نوعاً من التمييز إزاء جميع الطوائف الدينية الأخرى المحرومة من هذا التمويل الحكومي المحدد. وفي هذا الخصوص يحاجج المحامي بأن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان غير ملزمة بدقائق الدستور الكندي التي أفضت إلى ما خلصت إليه المحكمة العليا.

3-2 ويدعي المحامي كذلك بأنه ترتب على الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا في كندا حرمان طوائف دينية معينة من سبيل انتصاف في التصدي للأحكام التي تتصف بالتمييز وعدم المساواة التي يتضمنها قانون التعليم الحالي لمقاطعة أونتاريو.

3-3 ويرى المحامي أنه يمكن إيجاد حلين بديلين للتمييز القائم. أما الحل الأول فهو إمكانية أن تقدم مقاطعة أونتاريو التمويل الحكومي، بالتساوي، إلى كل الجماعات الدينية/المذهبية التي لها وجود كبير في أونتاريو. بيد أن المحامي يرى أن مخططاً من هذا القبيل لن يكون ممكناً من الناحية المالية وسيكون باعثاً على الشقاق من الناحية الاجتماعية. ومن ثم فإنه يقترح حلاً ثانياً هو أن تنشئ المقاطعة نظاماً عاماً وحيداً مفتوحاً للجميع دون تمييز؛ وبذلك يتم القضاء على عدم المساواة القائم. وفي هذا الصدد يحاجج بأن إنشاء نظام عام وحيد من شأنه أن يكون ذا فائدة بالغة لمجتمع أونتاريو التعددي والمتنوع.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تتناول الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة 22 شباط/فبراير 1999، مسألتي المقبولية وأسس ادعاء أصحاب البلاغ.

4-2 أولاً، تحاجج الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأن أصحابه ليسوا ضحايا انتهاك لأحكام العهد. وحسبما تذكر الدولة الطرف فإن هذا يبينه سبيل الانتصاف الذي يطالبون به، وهو: إلغاء التمويل العام للمدارس المستقلة للروم الكاثوليك. وفي هذا السياق تشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن أصحاب البلاغ لم يقدموا معلومات محددة عن أبنائهم ولا عن الطريق التي يشكل بها النظام الحالي انتهاكا لحقوقهم. وفضلاً عن ذلك فإن أبناء أصحاب البلاغ يمكنهم بالفعل الالتحاق بنظام التعليم ذي التمويل العام، وهو ما يطالبون به على سبيل الانتصاف. وليس هناك أي دليل على أنه لا يمكن استيعابهم داخل النظام القائم، ولم تُبين كيفية وقوعهم ضحايا أو تضررهم شخصياً من جراء الالتزام الدستوري لمقاطعة أونتاريو بتمويل المدارس المستقلة للروم الكاثوليك. وفيما يدعي أصحاب البلاغ أن نظام المدارس المستقلة باهظ التكلفة دون ضرورة وأن إلغاءه يوفر مزيداً من الاعتمادات المالية للطلاب في النظام العام، تحاجج الدولة الطرف بأن ذلك ليس بالأمر المؤكد على الاطلاق، وأن عدم إمكانية استثمار أموال إضافية عموماً في النظام العام لا يكفي على أية حال، في حد ذاته لجعل أصحاب البلاغ أو أبنائهم ضحايا لانتهاك بمفهوم الانتهاك في البروتوكول الاختياري.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ بموجب المادة 2 من العهد تذكِّر الدولة الطرف بأن المادة 2 لا تنشئ حقاً مستقلاً وإنما تنص على تعهد عام من الدول، ولا يمكن أن يحتكم إليها الأفراد، بموجب البروتوكول الاختياري، دون الإشارة إلى مواد أخرى محددة من العهد.

4-4 بل في حالة انطباق المادة 2 ترفض الدولة الطرف ادعاء انتهاكها نظراً لأن التفريق المستند إلى معايير معقولة وموضوعية ليس بمثابـة تفضيل أو تمييز بالمعنى المقصود في المادة 2 من العهد. وفيما يتعلق بالحجج الموضوعية الخاصة بمسألة التمييز تشير الدولة الطرف إلى حججها المتصلة بالانتهاك المزعوم للمادة 26 (انظر أدناه).

4-5 وفيما يخص الانتهاك المزعوم للمادة 26 تحاجج الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بحكم طبيعة المسألة المطروحة، أو إذا كان مقبولاً فإنه لا يشكل انتهاكاً. وتذكِّر الدولة الطرف بأن التفريق في المعاملة استنادا إلى معايير معقولة وموضوعية ليس بمثابة تمييز من النوع المحظور بالمعنى المقصود في المادة 26. وتشير الدولة الطرف إلى أن أصحاب البلاغ أنفسهم يحاججون بأن تقديم التمويل الحكومي إلى مزيد من المدارس المذهبية لن يكون حلاً سليماً بسبب قيود الميزانية ولأن هذا المخطط سيكون باعثاً على الانقسام الاجتماعي. وترى الدولة الطرف أن إقرار أصحاب البلاغ بوجود مبرر مالي واجتماعي يؤكد بعض الأسس المعقولة للاستنتاج بأن عدم تقديم تمويل كامل ومباشر إلى كل الجماعات الدينية لا يشكل انتهاكاً للمادة 26.

4-6 وتذكر الدولة الطرف أن إنشاء مؤسسات عامة علمانية يتوافق مع القيم الواردة في المادة 26 من العهد. فالمؤسسات العلمانية لا تمارس التمييز ضد الديانات، وهي شكل شرعي من أشكال حيدة الحكومة. وتذكر الدولة الطرف أن النظام العلماني أداة تساعد في منع التمييز بين المواطنين على أساس عقائدهم الدينية. والمدارس العامة تحقق التماسك الاجتماعي والتسامح والتفاهم، ومن شأن تقديم التمويل الحكومي إلى كل المدارس المذهبية أن يقوض هذه القدرة. والدولة الطرف لا تمارس أي تمييز بين الجماعات الدينية المختلفة فيما تقدمه من خدمات التعليم العام، ولا تحد من قدرة أية جماعة دينية على إنشاء مدارس خاصة.

4-7 وتذكر الدولة الطرف وجود أسس معقولة وموضوعية لعدم إلغاء تمويل المدارس المستقلة للروم الكاثوليك في أونتاريو. فإلغاء هذا التمويل يُعتبر إخلالاً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه عند قيام الاتحاد لحماية مصالح أقلية محرومة في المقاطعة، ويثير السخط والمقاومة من طائفة الروم الكاثوليك. كما أنه سيسفر عن درجة معينة من الاضطراب الاقتصادي، بما في ذلك المطالبة بتعويضات عن المنشآت أو الأراضي المقدمة لمدارس الروم الكاثوليك. وبالإضافة إلى هذا، فإن حماية حقوق الأقليات، بما فيها الحقوق الدينية والتعليمية للأقليات، تشكل مبدأ أساسياً يقوم عليه النظام الدستوري الكندي، وتتعارض مع إلغاء تمويل المدارس المستقلة للروم الكاثوليك. ومن شأن إلغاء تمويل المدارس المستقلة في أونتاريو أن يؤدي كذلك إلى نشوء ضغوط على سائر المقاطعات الكندية لإلغاء حمايتها للأقليات الموجودة داخل حدودها.

تعليقات المحامي

5-1 يذكر المحامي، في تعليقاته على رسالة الدولة الطرف، أن الدولة الطرف أقرت بالتمييز الذي تبرره على أساس دستورها فحسب. ويذكر المحامي أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان غير ملزمة بدستور كندا، وأن التمويل الحكومي الذي يقتصر على مدارس الروم الكاثوليك ويستبعد سائر المدارس المذهبية يشكل انتهاكاً للمادة 26. وفي هذا الصدد يذكر المحامي أن النسيج المتعدد الثقافات الذي يشكل المجتمع الكندي الحالي يشير إشارة بارزة إلى أنه لم يعد هناك أي أساس منطقي لهذا الشكل من التمييز السافر في قوانين التعليم في مقاطعة أونتاريو لصالح طائفة دينية واحدة مقابل سائر الطوائف الأخرى.

5-2 ويشير المحامي إلى تغييرات دستورية حديثة العهد في كيبيك ونيوفاوندلاند بخصوص قوانين التعليم. ويحاجج المحامي، وخاصة فيما يتعلق بكيبيك، بأن تنقيح دستورها يفتح الباب لإجراء تغيير دستوري في أونتاريو أيضاً. ويذكر المحامي أن التغييرات في كيبيك لم تسبب توتراً وشقاقاً اجتماعيين. وفيما يتعلق باستخدام كيبيك لبند صرف النظر الوارد في الميثاق من أجل مواصلة التعليم المذهبي المحدود يؤكد المحامي أن ذلك اعتراف ضمني بأن أي شكل من التعليم المذهبي هو بالفعل شكل تمييزي. ويرفض المحامي ادعاء الدولة الطرف إمكانية حدوث انشقاق اجتماعي نتيجة إلغاء التمويل العام للمدارس المستقلة للروم الكاثوليك، باعتباره ادعاءً يعوزه الدليل في ضوء تاريخ كندا كدولة متحضرة. وفضلاً عن هذا يحاجج المحامي بأن العوامل الاقتصادية والاجتماعية غير ذات صلة بإثبات التمييز.

5-3 وفيما يتعلق بقول الدولة الطرف إن أصحاب البلاغ ليسوا ضحايا بالمعنى المقصود في البروتوكول الاختياري يذكِّر المحامي بأن أصحاب البلاغ يمثلون أفراداً من طوائف دينية معينة لا تتلقى تمويلاً حكومياً من مقاطعة أونتاريو لتعليم أبنائها حسب معتقداتهم الدينية. ويرفض المحامي إشارة الدولة الطرف إلى أنهم ليسوا ضحايا لأنهم يطالبون، على سبيل الانتصاف، بإنشاء نظام عام وحيد مفتوح للجميع دون تمييز. ويُذكِّر بأن البلاغ يقترح حلّين أحدهما تقديم التمويل إلى كل الطوائف والآخر هو القضاء على عدم المساواة الحالي وذلك بإنشاء نظام عام وحيد. وعلى الرغم من أن أصحاب البلاغ يفضلون الحل الثاني، فإن المحامي يشير إلى أن تحديد سبيل الانتصاف من هذا التمييز يدخل في نطاق اختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وأصحاب البلاغ ضحايا لأنهم محرومين من حقهم في تمويل حكومي مواز من أجل تعليم أبنائهم وفقاً لمعتقداتهم الدينية.

5-4 ويذكر المحامي أن مصدر الأرقام المتعلقة بالآثار المالية للتعليم المستقل، والتي أشار إليها في البلاغ، هو التقارير الحكومية لوزارة التعليم وأنه لا يمكن أن يكون هناك أي شك في أن النظام المستقل يوجد عبئاً ماليا إضافياً.

5-5 ويعترض المحامي على إشارة الدولة الطرف إلى طائفة الروم الكاثوليك باعتبارها أقلية. ويشير في هذا الصدد إلى أن الجماعة الدينية الكاثوليكية هي أكبر جماعة دينية في مقاطعة أونتاريو حيث يساوي عدد أفرادها تقريبا عدد أفراد الطائفة الدينية التالية، وهي طائفة الكنيسة الكندية المتحدة، مرتين ونصف. وفي هذا الخصوص يُذكِّر المحامي بأنه لا توجد كنيسة ولا منظمة بروتستانتية توازي الهيكل التنظيمي للروم الكاثوليك نظراً لأن الطائفة المسماة عموماً بالطائفة البروتستانتية تتألف من طوائف صغيرة عديدة لكل منها هيكله التنظيمي الخاص. ومن ثم يؤكد المحامي أن المدارس المستقلة ذات التمويل الحكومي لمواطني أونتاريو الروم الكاثوليك تشكل في واقع الأمر ميزة تتمتع بها أكبر منظمة دينية في أونتاريو.

5-6 وفيما يتعلق بحرية إنشاء مدارس دينية خاصة يحاجج المحامي بأن هذا الحق لا معنى له إلا إذا كان المرء ثرياً نسبياً وعلى استعداد لدفع ضرائب التعليم والقيام في الوقت نفسه بسداد رسوم تعليم أبنائه من ماله الخاص. ومن الناحية العملية يستحيل أيضاً، في أحيان كثيرة، الالتحاق بمدارس خاصـة لأن الجماعات الدينية الأخرى أقل عدداً بكثير من الروم الكاثوليك ولديها مدارسها الخاصة في المدن الكبيرة فقط حيث توجد أعداد كافية من الطلبة.

5-7 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 2 من العهد، يؤكد المحامي أن أصحاب البلاغ يدعون انتهاك هذه المادة وكذلك المادة 26 من العهد. ويؤكد من جديد موقفه وهو أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها القانونية بالقضاء على التمييز، بموجب المادة 2. وفي هذا السياق يؤكد على أنه طبقاً للمادة 2(2) يتوخى العهد إمكانية اتخاذ "إجراءات دستورية" من أجل إعمال الحقوق المعترف بها في العهد وفي الانتصاف من الانتهاك المعني.

5-8 ويفند المحامي حجة الدولة الطرف القائلة إن التفريق في المعاملة بين مدارس الروم الكاثوليك والمدارس المذهبية الأخرى يستند إلى أسس معقولة وموضوعية. ويؤكد من جديد أن التركيبة السكانية والإثنية - الثقافية الحالية في أونتاريو لا تدعم المعاملة التمييزية لسائر الطوائف الدينية الأخرى فيما عدا طائفة الروم الكاثوليك. وما كان يجوز اعتباره أساساً معقولاً وموضوعياً في عام 1867 لم يعد صالحاً للتطبيق في المجتمع الحالي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ، وطبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ استناداً إلى أن أصحاب البلاغ لا يستطيعون الادعاء بأهم ضحايا لانتهاك للعهد. وفي هذا السياق تشير اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ، على الرغم من أنهم يدعون أنهم ضحايا للتمييز، لا يطالبون بمدارس دينية ذات تمويل حكومي لأبنائهم، بل على العكس من ذلك فإنهم يطالبون بإلغاء التمويل العام للمدارس المستقلة للروم الكاثوليك. وبالتالي إذا حدث ذلك فلن تتحسن الحالة الشخصية لأصحاب البلاغ من حيث تمويل التعليم الديني. ولم يثبت أصحاب البلاغ بما فيه الكفاية كيف يتسبب التمويل العام الممنوح حالياً للمدارس المستقلة للروم الكاثوليك في إلحاق أي ضرر بهم أو التأثير فيهم سلباً. وفي هذه الظروف ترى اللجنة أنهم لا يستطيعون الادعاء أنهم ضحايا للتمييز المزعوم بالمعنى المقصود في المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناءً على ذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن هذا البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى أصحاب البلاغ ومحاميهم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

تذييل

رأي فردي لأعضاء اللجنة ب. باغواتي، و أ. إيفات، و ل. هانكين و س. مدينا كيروغا

لا أستطيع الموافقة على ما تراه اللجنة من أن هذه الحالة غير مقبولة. فالوضع أن مقاطعة أونتاريو تعطي ميزة للطائفة الكاثوليكية بإدماج مدارسها الدينية في نظام المدارس العامة وتمولها بالكامل. وتلك الميزة تنطوي على طابع تمييزي إذ إنها تحابي جماعة في المجتمع على أساس الدين. أما الجماعات التي لا تمول مدارسها الدينية بالطريقة نفسها فمن الواضح أنها ضحايا لهذا التمييز (مثلما هو الشأن في قضية والدمان ).

ولكن ذلك لا يشمل جميع من يجوز لهم الادعاء بأنهم ضحايا. فالآباء الذين يرغبون في توفير التعليم الديني لأبنائهم ولا يتاح لهم هذا في إطار نظام التعليم، والذين عليهم تحمل تكاليف هذا التعليم بأنفسهم، يمكن اعتبارهم ضحايا أيضاً. ويشمل المطالبون في هذه القضية هؤلاء الأشخاص، وأرى أنه ينبغي اعتبار ادعاءات أولئك الأشخاص على الأقل ادعاءات مقبولة.

ب. باغواتي (التوقيع)

إ. إيفات (التوقيع)

ل. هانكين (التوقيع)

س. مدينا كيروغا (التوقيع)

[حرر بالإسبانية الإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

حاء - البلاغ رقم 824/1998، نيكولوف ضد بلغاريا (اعتمد المقرر في 24 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من : السيد ن.م. نيكولوف

الضحية المزعومة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بلغاريا

تاريخ البلاغ : 14 كانون الثاني/يناير 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 آذار/مارس 2000

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو نيكولاي ميلانوف نيكولف، وهو مواطن بلغاري. ويدعي أنه ضحية انتهاكات بلغاريا للفقرة 1 من المادة 14 والفقرة (ج) من المادة 25 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل هذا العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى بلغاريا في 23 آذار/مارس 1976 و26 آذار/مارس 1992 على التوالي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في آذار/مارس 1990 عُين صاحب البلاغ نائباً عاماً للمنطقة القضائية في بلدة زلاتوغراد في بلغاريا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1992 نُقل إلى بلدة سليفن كنائب عام للمنطقة القضائية فيها وذلك بموجب قرار اتخذه مجلس القضاء العالي (1) . وظل صاحب البلاغ في هذا المنصب الجديد حتى 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 عندما نُقل، بقرار من مجلس القضاء العالي، إلى ما يسميه صاحب البلاغ "منصباً ثانوياً" ("محامياً عادياً") في مكتب النائب العام الإقليمي في سليفن. ويزعم أنه في تشرين الثاني/نوفمبر 1993 بادر المسؤولون "المرتبطون بالمافيا" في المركز الرئيسي للنيابة العامة لبلغاريا وفي النيابة العامة الإقليمية التابعة له في سليفن إلى مداهمة مكتبه وأخذ جميع وثائقه الشخصية والرسمية. ومنذ تلك اللحظة فصاعداً لم يُسمح له بدخول مكتبه أو ممارسة المحاماة.

2-2 ويذكر كذلك أنه طُرد من منصبه في الخدمة المدنية في 8 شباط/فبراير 1995 بقرار من مجلس القضاء العالي. واستند قرار طرده إلى الفقرتين 1 و4 من المادة 131 من قانون القضاء والمادة 129(3) من الدستور البلغاري التي تجيز أموراً منها طرد النائب العام الذي قضى في الخدمة أكثر من ثلاث سنوات بحجة "العجز الفعلي الدائم عن أداء مهامه لأكثر من سنة واحدة".

2-3 وبعد قرار مجلس القضاء العالي التمس صاحب البلاغ استصدار قرار منه بموجب المادة 120 من دستور بلغاريا يعطيه الحق في أداء مهام منصبه كنائب عام للمنطقة القضائية إلى أن تبت المحكمة العليا في قضيته. وفي 22 شباط/فبراير 1995، رفض مجلس القضاء العالي إصدار قرار بذلك.

2-4 وفقاً للمادة 120 من الدستور، يمكن عرض القرارات الصادرة عن الهيئات الإدارية أمام المحاكم لمراجعتها من الناحية القضائية. وقدم صاحب البلاغ هذا النوع من الاستئناف إلى المحكمة العليا ضد القرارات التي أصدرها مجلس القضاء العالي، وذلك بالاستناد إلى بضعة أسس. ومن حججه

- عدم وجود أساس قانوني للطرد

- تحيز بعض أعضاء مجلس القضاء العالي لأنهم على علاقة سيئة به بسبب عدم موافقته على التصرف تصرفاً يشكل انتهاكاً لواجباته الرسمية ويخدم مصالح مجموعة المافيا التي تسيطر على أعضاء مجلس القضاء العالي منذ عام 1992، وبسبب أصوات هؤلاء الأعضاء فقط ضمنت الأغلبية المطلوبة لطرده

- لم يُسمح للمحاميين اللذين وكلهما بتمثيله بالمشاركة في جلسات الاستماع، وفي هذا انتهاك لحقه في توكيل محامٍ بموجب الدستور البلغاري.

2-5 وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 1996، ردت المحكمة العليا المؤلفة من خمسة أعضاء دعوى الاستئناف المقدمة من صاحب البلاغ. ويصرح صاحب البلاغ بأنه لا توجد سلطة أخرى في بلغاريا يمكن أن يستأنف أمامها الحكم الصادر عن المحكمة العليا.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 في إجراءات المحكمة العليا لأن هذه المحكمة لم تكن "محكمة ... مستقلة حيادية" ولم تضمن المساواة بين الطرفين. ويذكر صاحب البلاغ أن المحكمة العليا المؤلفة من خمسة أعضاء التي نظرت في القضية "اعتمدت اعتماداً تاماً على الطرف الآخر في القضية". ويقول إن جميع قضاة المحكمة العليا، بموجب المادة 129 من الدستور وقانون القضاء، "يعينون ويرقون وتخفض درجتهم وينقلون ويطردون من قبل مجلس القضاء العالي"، ويذكر أن رئيس المحكمة العليا، هو بموجب الأنظمة ذاتها، عضو في مجلس القضاء العالي. ويصرح صاحب البلاغ بأنه من الواضح أن القضاة الذين بتوا في قضيته تعتمد مناصبهم على مجلس القضاء العالي، "أي إذا لم ينفذ أي منهم إرادة أغلبية مجلس القضاء العالي يواجه خطر الطرد أو النقل أو تخفيض الدرجة أو التعرض على أقل تقدير لعقوبة بحجج ملفقة أو مدسوسة. ومن المعروف جيداً أنه لا يوجد قاضٍ في المحكمة العليا يجازف بدخول نزاع مع مجلس القضاء العالي بإصدار حكم قانوني ونزيه في قضية من القضايا".

3-2 وفيما يتعلق بإدعاء أن المحكمة لم تضمن المساواة لطرفي الدعوى، يشير صاحب البلاغ إلى تقييم المحكمة لدعواه. ويحتج بأن المحكمة انتهكت القانون المحلي والقانون الدولي كليهما بسبب تحيزها. ويدعي أن الفقرة 3 من المادة 129 من الدستور (كما في الاقتباس منها أعلاه) التي استند إليها الطرد تشترط أن يكون الشخص قد عانى من عجز فعليّ دائم لأكثر من سنة واحدة. ويذكر صاحب البلاغ أنه لم يمرض قط لأكثر من سنة واحدة. وأن مجموع إجازاته المرضية المتراكمة يبلغ 337 يوماً في الفترة التي استند إليها قرار مجلس القضاء العالي، أي أقل من سنة واحدة. ويدعي كذلك أنه جاء في حكم المحكمة العليا خطأ أنها تأكدت، من خلال القنوات المناسبة، أنه كان عاجزاً عن أداء مهامه لأكثر من سنة واحدة. ووفقاً لصاحب البلاغ، لم تتحقق من ذلك قط جهة طبية مختصة.

3-3 يدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقه في أن تتاح له، على قدم المساواة عموماً مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده، بحسب المادة 25(ج) من العهد. ويقول صاحب البلاغ إنه أصبح هدفاً لسلسلة من التدابير القمعية التي ترمي إلى طرده بصورة غير مشروعة من عمله السابق وحرمانه من دخول الخدمة المدنية في المستقبل لأنه لم يقبل التصرف تصرفاً يشكل انتهاكاً لمهامه الرسمية لخدمة "مجموعة المافيا" آنفة الذكر. ويشير إلى الإجراءات التي سبق وصفها والتي اتخذها مجلس القضاء العالي والمحكمة العليا. وإضافة إلى ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن سلسلة التدابير القمعية التي اتخذها مسؤولو القضاء في بلغاريا استمرت لا بهدف منعه من العودة إلى الخدمة المدنية فحسب بل أيضاً لمحاولة حرمانه من ممارسة المحاماة ولمحاولات تصفيته تصفية جسدية. وهذه المحاولات المزعومة ليست محددة.

3-4 وأخيراً يدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للمادة 26 من العهد بحجة أنه تعرض للتمييز ضده بسبب معتقداته السياسية والأخلاقية. ويدعي أنه طرد من الخدمة المدنية لأنه لم يخدم إلا الدولة البلغارية والشعب البلغاري، ورفض خدمة مصالح بعض "مجموعات المافيا".

المذكرات المقدمة من الأطراف

4-1 في مذكرتها المؤرخة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ. وتحتج الدولة الطرف بأن البلاغ لا يقبل بموجب المادة 3 باعتباره إساءة استعمال للحق في تقديم الرسائل ولا يقبل بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لأن الشكوى ذاتها قدمت إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14، تحتج الدولة الطرف بأن هذه الادعاءات لا تنسجم مع العهد، وبأنه لا يجوز لذلك السبب قبولها بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-2 في إطار الادعاء أن تقديم البلاغ هو إساءة لاستعمال الحق في تقديم الشكوى، تحتج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد استخدم "لغة الإهانة والتهجم ... على هيئات دستورية عليا ومسؤولين كبار في القضاء". وتقول إن البلاغ "مليء بادعاءات تشهيرية ضد مجلس القضاء العالي والمكتب الرئيسي للنيابة العامة، وكبار القضاة، وخاصة رئيس المحكمة الإدارية العليا السيد فلاديسلاف سلافوف، ورئيس محكمة التمييز العليا السيد رومن يانيف".

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 25 بصفة خاصة، تحتج الدولة الطرف بأن الوقائع تبين بوضوح أن صاحب البلاغ قد شغل مناصب كنائب عام في منطقتين قضائيتين في بلدتين مختلفتين وكنائب عام إقليمي. وترى بالتالي "عدم وقوع تمييز بالمعنى الوارد في المادة 25(ج) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". وفيما يتعلق خصوصاً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26، ترى الدولة الطرف أن البلاغ يفتقر إلى "أي دليل على ما يدّعى من انتهاك ارتكبته بلغاريا ... إن إجراء الطرد الذي نفذ في قضية السيد ينكولوف يتفق تماماً وأحكام دستور عام 1991 وقانون القضاء. وتشير وقائع الدعوى إلى أن صاحب البلاغ قد عومل أسوة بغيره أمام القانون وكان له الحق في حماية القانون له على قدم المساواة بغيره دون تمييز على أي أساس ... ومن هذا التوجه جاء أيضاً قرار مجلس القضاء العالي وقرار المحكمة العليا في جمهورية بلغاريا. وبالتالي لا بد من اعتبار الانتهاكات التي احتج بها صاحب البلاغ انتهاكات لا وجود لها".

4-4 وكما ذكر، تحتج الدولة الطرف أيضاً بالفقرة 2(أ) من المادة 5 وتشير إلى أن صاحب البلاغ ذاته قد قدم في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 شكوى مماثلة ضد بلغاريا إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ سجلت لدى اللجنة الأوروبية بوصفها الطلب رقم 35222/97. ووفقاً للدولة الطرف، اعتبرت الدعوى في 26 أيار/مايو 1997 بحكم طبيعتها دعوى لا تتفق وأحكام الاتفاقية، ووفقاً لذلك أعلنت عدم مقبوليتها بموجب الفقرة 2 من المادة 27 من الاتفاقية الأوروبية.

4-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14، تذكر الدولة الطرف أن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد "لا تنطبق بصدد الدعاوى التي تشير إلى صلاحيات تقديرية للسلطات العامة أو القضائية". وبما أن السلطة القضائية تعتبر بموجب دستور عام 1991 سلطة مستقلة من سلطات الدولة، فإن المنازعات القانونية المتصلة مثلاً بترقية أو طرد القضاة والنواب العامين وقضاة التحقيق تخضع بدقة لحكم الدستور وقانون القضاء. ونظراً إلى "الطابع العام للنزاع الذي يشير إلى منصب (خدمة) داخل نظام القضاء"، ترى الدولة الطرف أن هذه المنازعات تقع خارج نطاق الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وبالتالي لا بد من اعتبار الادعاء ادعاءً غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

5-1 أما صاحب البلاغ فيجادل في تعليقاته بمقبولية بلاغه. ويحتج بأن بلاغه لا يشكل إساءة لاستعمال الحق في تقديم الدعاوى. ويؤكد مجدداً أن السبب الحقيقي لطرده هو تردده في خدمة المافيا وأن طرده لا يقوم على أساس قانوني لأنه لم يكن عاجزاً عن أداء مهامه لأكثر من سنة واحدة. وفي هذا الصدد، يرى أن مجلس القضاء العالي والمحكمة العليا قد ارتكبا أخطاء قانونية بحساب إجازته المرضية من اليوم الأول لمرضه حتى اليوم الأخير دون أن يضعا في اعتبارهما أيام دوامه في عمله في أثناء تلك الفترة. ويكرر التأكيد أن عدد أيام إجازته المرضية المتراكمة قد بلغ 337 يوماً، وأن الفترة التي استندت إليها السلطات في قرارها تقل على أية حال عن السنة لأنها تمتد من 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 إلى 5 تشرين الثاني نوفمبر 1994 فقط.

5-2 ويحتج صاحب البلاغ كذلك بأنه "عومل على قدم المساواة مع غيره أمام القانون". ويدعي أيضاً أنه كان "موضع أشكال مختلفة من أشكال القمع والتمييز"، بما في ذلك حرمانه من حقه الدستوري في توكيل محام يدافع عنه أمام مجلس القضاء العالي.

5-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى للمادة 14، يجادل صاحب البلاغ بأنه لا بد أن الدولة الطرف قد أساءت فهم ادعائه في اعتبارها أن الوقائع تبيّن أنه شغل مناصب كنائب عام وفي استنتاجها بالتالي أنه لا يمكن أن يكون قد وقع انتهاك للمادة 25. ويوضح صاحب البلاغ أنه لا ينفي أنه شغل هذه المناصب، وأن ادعاءه يستند إلى اعتبار طرده في عام 1995 قد حرمه من فرص دخول الخدمة العامة على قدم المساواة مع سواه.

5-4 وأخيراً يعترض صاحب البلاغ على اعتبار بلاغه يقع خارج نطاق المادة 14 وعلى اعتباره غير مقبول لأن شـكوى مماثلة له قد قدمت إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفيما يتعلق بالاعتراض الثاني، يحتج صاحب البلاغ بأن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تتضمن أحكاماً مماثلة للأحكام الواردة في المادتين 25 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

6-1 تحتج الدولة الطرف في وثيقتها المؤرخة 14 شباط/فبراير 1999 والمقدمة إلى اللجنة بأن قرار مجلس القضاء العالي طرد صاحب البلاغ، وهو القرار الذي أقرته المحكمة العليا، لا يشكل انتهاكاً لأي حق من حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في العهد. وتجادل الدولة الطرف بأن اقتراح الطرد وقرار الطرد لاحقاً لم يتسندا إلا إلى الفقرة 3 من المادة 29 من الدستور التي تنص على جميع معايير طرد النواب العامين:

"القضاة والنواب العامون وقضاة التحقيق ... لا يصرفون إلا عند إحالتهم على التقاعد أو عند استقالتهم، أو عند تنفيذ حكم بالسجن في حقهم لارتكابهم جريمة عمد، أو عند إصابتهم بعجز دائم عن أداء مهامهم لأكثر من سنة واحدة".

6-2 وفقاً للدولة الطرف، إن هذا النص في تفسيره الصحيح ينطبق على دعوى صاحب البلاغ. وهي تذكر أن قرار مجلس القضاء العالي قد اتخذ بعد اكتمال النصاب القانوني الذي يقتضيه القانون وفي اقتراع سري امتثالاً للإجراء المرعي. وختمت الدولة الطرف بالتأكيد أن هذا هو الأساس الوحيد لاتخاذ ذلك القرار وأن "المعتقدات السياسية والأخلاقية" لصاحب البلاغ لم يكن لها دور في ذلك، كما لا يوجد أي أساس للزعم غير المسنود بأن صاحب البلاغ كان "على علاقة سيئة" ببضعة أعضاء في المجلس وأن ذلك أثر في القرار.

6-3 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى ادعاء صاحب البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد في الدعوى التي عرضت على المحكمة العليا لأن هذه المحكمة ليست "محكمة مختصة مستقلة حيادية". وتجادل الدولة الطرف بأن المحكمة، خلافاً لمزاعم صاحب البلاغ، كانت محكمة مستقلة حيادية وضمنت المساواة بين الأطراف في الإجراءات.

6-4 وتذكر الدولة الطرف أن المحكمة العليا المؤلفة من خمسة أعضاء قد اجتمعت ست مرات للبت في القضية. وتذكر الدولة الطرف أن المحكمة طلبت الأدلة من صاحب البلاغ ونظرت في جميع الأدلة التي قدمها؛ ولبت جميع طلبات صاحب البلاغ، بما في ذلك السماح بإدخال تصويبات على محاضر الجلسات؛ وقد حضر صاحب البلاغ ومستشاره القانوني، السيد نيكولا تسونكوف، الإجراءات وشاركا فيها مشاركة نشطة.

6-5 وتجادل الدولة الطرف بعدم وجود أساس لادعاء صاحب البلاغ أن المحكمة أصدرت حكمها في ظروف تعتمد اعتماداً كاملاً على الطرف الآخر (أي مجلس القضاء العالي)، لأن المحكمة لا تخضع تنظيمياً ولا بأي شكل آخر لمجلس القضاء العالي. بل على العكس من ذلك، تمارس المحكمة رقابة قضائية على قرارات مجلس القضاء العالي. وتوجد دعاوى عديدة في قانون دعاوى المحكمة ألغت فيها المحكمة قرارات مجلس القضاء العالي بسبب عدم امتثالها للقانون، ومنها دعوى استئناف في عام 1996 قدمها صاحب البلاغ نفسه في دعوى إدارية أخرى.

6-6 وتذكر الدولة الطرف استقلال القضاة في أداء مهامهم، وهذا ما تكفله أيضاً المادة 117 من دستور جمهورية بلغاريا. وإضافة إلى ذلك، تجادل الدولة الطرف بأن القضاة الخمسة المعنيين الذين أمضوا أكثر من ثلاث سنوات في مناصبهم هم قضاة لا يستعاض عنهم بمفهوم الفقرة 3 من المادة 129 من الدستور، وهذا يُوفر ضمانات إضافية لاستقلالهم.

6-7 وإضافة إلى ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن لصاحب البلاغ، وفقاً للقانون، الحق في طلب سحب القضاة الذين توجد دواع للاعتقاد في أنهم لا يراعوا النزاهة. وكما يتبين من المحاضر، لم يقدم صاحب البلاغ أو مستشاره القانوني طلباً من هذا النوع في أي وقت.

6-8 وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى للمادة 25(ج)، تذكّر الدولة الطرف أن الطرد كان مشروعاً تماما ومستنداً إلى معايير موضوعية ومعقولة، وبالتالي كان متفقاً بالكامل والمادة 25. وتذكر الدولة الطرف أيضاً أن طرده من منصبه السابق لا يحول بأي حال من الأحوال دون ممارسته لحقه في أن يعين في منصب آخر في النظام القضائي أو في الخدمة المدنية عموماً في بلغاريا.

6-9 وترى الدولة الطرف كذلك أن البلاغ يفتقر إلى أي سند للادعاءات المتعلقة بانتهاكات المادة 26. ومرة أخرى، تجادل الدولة الطرف بأن إجراء الطرد يتفق كلياً والقانون المحلي، وبأن صاحب البلاغ قد لقي معاملة ليس فيها أي نوع من أنواع التمييز.

6-10 وفي الختام، تؤكد الدولة الطرف عدم وجود أي أسس لقبول ادعاءات صاحب البلاغ بأنه تعرض للاضطهاد بسبب معتقداته الأخلاقية والسياسية.

7-1 وفي وثيقته المؤرخة حزيران/يونيه 1999 المقدمة إلى اللجنة، يطعن صاحب البلاغ في الحجج التي تقدمت بها الدولة الطرف ويكرر تأكيد وقوع انتهاك لحقوقه بموجب المواد 14 و25 و26.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغات، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 احتجت الدولة الطرف بأنه، وفقاً للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا يجوز للجنة أن تنظر في هذا البلاغ لأن شكوى مطابقة له قد قدمت إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. غير أن اللجنة تلاحظ أنها لا تفتقر إلى الاختصاص في تناول بلاغ في إطار الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري إلا عندما تكون المسألة ذاتها قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وقد ذكرت الدولة الطرف ذاتها أن اللجنة الأوروبية قد أعلنت في 26 أيار/مايو 1997 عدم مقبولية طلب صاحب البلاغ، وبالتالي فإن الفقرة 2(أ) من المادة 5 لا تمنع اللجنة من النظر في هذا البلاغ.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد ادعى وقوع انتهاك لحقوقه بموجب المادة 14 لأن أعضاء مجلس القضاء العالي كانوا متحيزين ضده، كما تلاحظ أنه ادعى أن المحكمة العليا لم تكن محكمة مستقلة غير أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تؤيد هذه الادعاءات، وترى اللجنة أن جميع الادعاءات المقدمة بموجب المادة 14 غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-4 وعلى غرار ذلك، وفيما يتعلق بما يدّعى من انتهاكات للمادتين 25 و26 من العهد، تحيط اللجنة علماً بتوضيح الدولة الطرف وترى أيضاً أن هذه الادعاءات غير مقبولة لعدم كفاية الأدلة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) إبلاغ هذا القرار للدولة الطرف ولصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) مجلس القضاء العالي هو هيئة إدارية تحدد هيكلها ومهامها المواد 129-133 من دستور جمهورية بلغاريا. وبموجب المادة 129 من الدستور، يمنح مجلس القضاء العالي صلاحية انتخاب القضاة والنواب العامين وقضاة التحقيق وترقيتهم وتخفيض درجتهم ونقلهم وطردهم. ووفقاً للمادة 130، لا يزيد عدد أعضاء مجلس القضاء العالي عن 25 عضواً، ثلاثة بحكم منصبهم، أما الباقون وهم 22 عضواً تنتخب الجمعية العامة نصفهم وتنتخب السلطة القضائية نصفهم الآخر، وذلك لمدة 5 سنوات لكل عضو. ووفقاً للدولة الطرف فإن "نزاهتهم مضمونة بطريقة الانتخاب وشروط شغل المنصب".

طاء - البلاغ رقم 861/1999 ، ليستورنو ضد فرنسا ( اعتمد المقرر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون )* ( )

المقدم من : السيد آلان ليستورنو

الشخص المدعي بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ البلاغ : 16 أيلول/سبتمبر 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد آلان ليستورنو، وهو مواطن فرنسي مولود في 23 أيلول/سبتمبر 1952. وهو يدّعي بأنه ضحية انتهاك الجمهورية الفرنسية للمادتين 2 و26 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 23 آذار/مارس 1995، عُيّن صاحب البلاغ، بصفته عضوا في نقابة المحامين في تونون-لي-بان، وفي إطار المسا ع دة القضائية، للدفاع عن مصالح أحد ال ق صّر في قضية أمام محكمة الجنايات بمقاطعة أوت سافوا. وكان القاصر هو المدعي بالحق المدني في قضية جنائية ت تعلق باغتصاب وباستغلال جنسي آخر.

2-2 وبعد محاكمة استمرت أكثر من سنتين، أُدين المتهم في القضية وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. وبعد انتهاء المحاكم ة ، تقدم صاحب البلاغ والمحامي عن المدعى عليه بطلب سداد أتعابهما عن المساعدة القضائية. وتُحسب هذه الأتعاب على أساس جدول ورد نصه في المادة 90 من المرسوم المؤرخ في 19 كانون الأول/ديسمبر 1991 بشأن المساعدة القضائية.

2-3 وطبقا للجدول الناظم لأتعاب المحامين العاملين في إطار المساعدة القضائية، تُحسب أتعاب محامي المدّعي على أساس ثماني نقاط عن حضوره في مرحلة فحص الدعوى و24 نقطة عن حضوره أمام محكمة الجنايات. ومن ناحية أخرى، تُحسب أتعاب محامي المدعى عليه على أساس 50 نقطة في الحالة الأولى و40 ن ق طة في الحالة الثانية. وفي الحساب الجاري تطبيقه، تساوي النقطة 136 فرنكا فرنسيا.

2-4 وبناء على ذلك، حصل صاحب البلاغ بصفته محاميا عن المدعي، على أتعاب قدرها 32 نقطة في نهاية المحاكمة، بينما حصل محامي المدعى عليه على أتعاب قدرها 90 نقطة.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن هذا التفاوت يشكل تمييزا على أساس موقع المحامي في الدعوى الجنائية. ويذكر صاحب البلاغ أن الوقت الذي يقضيه كل محام في الجلسة متساو وأن الفرق في الأتعاب يشكل بالتالي انتهاكا للمادة 26 من العهد.

3-2 وبا لإ ضافة إلى ذلك، فإن القانون الخاص بالمساعدة القضائية يستبعد إ مكانية اللجوء إلى أي سبيل انتصاف فعال بمعنى أن الانتهاك المزعوم لا يمكن عملياً عرضه على أية سلطة قضائية للبت فيه. ويدعي صاحب البلاغ أن ذلك يشكل انتهاكا للمادة 2(3) من العهد. وللسبب نفسه، لم يتمكن صاحب البلاغ م ن استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

ال مسائل و ال إجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ا دعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إ ذا كان البلاغ مقبولا أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ يقوم على أساس الفرق في الأتعاب بين خدمات المساعدة القضائية المقدمة من محامي المدعي بالحق المدني والخدمات المقدمة من محامي المدعى عليه. وتذكّر اللجنة بأن الفرق في المعاملة لا يعتبر تمييزا حين يقوم على أساس معايير موضوعية ومعقولة. وفي الحالة قيد النظر، ترى اللجنة أن تمثيل شخص يطالب بالحق المدني في دعوى جنائية لا يمكن مساواته ب الدفاع عن المتهم. ولا تعزز الحجج التي ساقها صاحب البلاغ ولا المستندات التي قدمها، لأغراض المقبولية، ادعاءه بأنه ضحية التمييز .

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 2(3) من العهد تذكّر اللجنة بأنه لا يمكن ، لأغراض البروتوكول الاختياري، الاعتداد بالمادة 2 إلا من حيث ارتباطها بأي مادة من المواد الواردة في الباب الثالث من العهد. وبما أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26 غير مقبول، فإن ادعاءه بموجب المادة 2 غير مقبول أيضا.

5- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

( أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من الب ر وتوكول الاختياري؛

( ب) أن يبلّغ هذا القرار لصاحب البلاغ وكذلك للدولة الطرف، لإحاطتها علما به.

[ اعتُمد بالإسبانية و ا لإ نكليزية والفرنسية، علما بأن النص ا لإ نكليزي هو النص الأصلي، وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

ياء - البلاغ رقم 871/1999، تيميرمان ضد هولندا (اعتمد المقرر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : السيدة جوكجي إ. تيميرمان

المدعية بأنها ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ البلاغ : 22 أيلول/سبتمبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ هي السيد جوكجي إليزابيث تيميرمان، وهي مواطنة هولندية من مواليد 8 نيسان/أبريل 1951 وتقيم حالياً في غرونينغين بهولندا. وتدعي السيدة جوكجي أنها ضحية انتهاك هولندا المادتين 7 و8، والفقرتين 1 و2 من المادة 9، والمادتين 17 و26 من العهد.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في 1 كانون الأول/ديسمبر 1980، بدأت صاحبة البلاغ العمل على أساس مؤقت بصفتها مساعدة جراحة في المستشفى الجامعـي في غرونينغين (Academisch Ziekenhuis Groningen - AZG).وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1981 عرض عليها التعيين بصفة دائمة (1) . وفي فترة ما اضطلعت في الواقع بأنشطة مساعدة جراحة أولى في قسم الجراحة التجميلية.

2-2 وفي عام 1989، أعيد تنظيم قسم الجراحة في المستشفى وأُنشئ "مركز عمليات". وافترض أن لدى مساعدات الجراحة المرونة والقدرة اللازمتين لأداء المهام الجراحية في مختلف أقسام الجراحة، وكان هناك ما يسمى "واجب تناوب العمل في الأقسام المختلفة" (واجب التناوب). وفي 1 أيلول/سبتمبر 1989 عُرضت على صاحبة البلاغ وظيفة مساعدة جراحة ابتداءً من أيلول/سبتمبر 1990. وقبلت الوظيفة بشرط رفع درجتها في جدول الرواتب، وكانت قد قدمت بالفعل طلباً بهذا الخصوص في كانون الثاني/يناير 1988. وقد قدمت هذا الطلب لأنها رأت أن الأنشطة التنسيقية الإضافية التي كانت تقوم بها وقتئذ تعطيها الحق في درجة أعلى في جدول الرواتب.

2-3 وفي البداية، رفض المستشفى الجامعي في غرونينغين إعادة النظر في درجة صاحبة البلاغ في جدول الرواتب، ولكن بعد أمر من محكمة (Ambtenarengerecht)صدر في 15 شباط/فبراير 1991 رفع المستشفى درجة صاحبة البلاغ في جدول الرواتب من B07 إلى B08. ومُنحت مبلغ دفعة واحدة قدره 500 2 غيلدر. وأبلغ المستشفى صاحبة البلاغ بهذا برسالة مؤرخة 10 تموز/يوليه 1991.

2-4 ومرضت صاحبة البلاغ منذ التاريخ الذي كان يُفترض أن تبدأ فيه وظيفتها الجديدة (أيلول/سبتمبر 1990) ولم تحضر إلى العمل. وفي نهاية الأمر، أبلغ أحد الأطباء المستشفى الجامعي في غرونينغين بأن صاحبة البلاغ يمكن أن تعود تدريجيا إلى عملها المعتاد. وعندما عادت صاحبة البلاغ إلى العمل ظلت غير راضية عن درجتها في جدول الرواتب ومسمى الوظيفة وواجب التناوب والمهام المحددة التي طُلب منها أداؤها. ودارت عدة مباحثات بين صاحبة البلاغ والأشخاص المسؤولين عن المركز، ولكن صاحبة البلاغ لم تكن تريد إلا إعادة النظر في درجتها في جدول الرواتب ومسمى وظيفتها وواجب التناوب.

2-5 وبعد توجيه بضع رسائل تذكيرية بطلب إعادة النظر هذا إلى المستشفى حددت صاحبة البلاغ مهلة زمنية للرد قدرها أسبوعان. وقامت صاحبة البلاغ، عندما لم يرد المستشفى خلال المهلة التي حددتها، برفع قضيتها في 14 كانون الثاني/يناير 1992 أمام المحكمة المحلية فـي غرونينغين (Arrondissementsrechtbank Groningen)استناداً إلى عدم رد المستشفى على طلبها. وقضت المحكمة في 3 شباط/فبراير 1995 بأن المهلة الزمنية البالغة أسبوعين (التي حددتها صاحبة البلاغ) بالغة القصر وبأن المستشفى تصرف في الواقع خلال مدة معقولة. ورد المستشفى بأنه يتمسك بموقفه السابق مثلما هو محدد في الرسالة المؤرخة 10 تموز/يوليه 1991.

2-6 وفي 28 نيسان/أبريل 1993، تلقت صاحبة البلاغ إخطاراً بالفصل من المستشفى الجامعي في غرونينغين، وهو ما طعنت فيه أيضاً في القضية السالفة الذكر. بيد أن المحكمة قضت بأن فصل المستشفى إياها قانوني. واستأنفت صاحبة البلاغ الحكم أمام المجلس المركزي للاستئناف (Centrale Raad van Beroep). وأيد المجلس، وهو آخر ملاذ قضائي، حكم المحكمة المحلية.

2-7 وقدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى اللجنة الأوروبية المعنية بحقوق الإنسان. وفي 4 تموز/يوليه 1997، رفضت اللجنة طلبها باعتباره غير مقبول.

الشكوى

3- تدعي صاحبة البلاغ: (1) أن هناك "عدم مساواة في المكافأة والمعاملة بخصوص الأعمال المتساوية القيمة"، وهو ما يُزعم أنه يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد؛ و(2) أن سياسة "واجب التناوب" سياسة تمييزية لأنها لم تُطبق على أحد سواها؛ و(3) أن الوسائل التي اتبعها المستشفى الجامعي في غرونينغين من أجل "النيل من الوضع القانوني لصاحبة البلاغ بوصفها موظفة في المستشفى، أي التدليس والتزوير والابتزاز والتهديد، تشكل انتهاكاً للمادة 17"؛ و(4) انتهاك المادتين 8 و9 لأنه عندما عادت إلى المستشفى الجامعي في غرونينغين بعد مرضها طُلب منها أن تعمل في ظروف وصلت إلى درجة السخرة والحرمان من الحرية؛ و(5) أن سياسة المستشفى الجامعي في غرونينغين طُبقت من أجل "التخلص منها" وشكلت في النهاية نوعاً من التعذيب، وهو انتهاك للمادة 7 من العهد.

المسائل والوقائع المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

4-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك المواد 7 و8 و9 و17 من العهد. بيد أن اللجنة ترى أن الحجج التي ساقتها صاحبة البلاغ فيما يتعلق بسلوك المستشفى الجامعي في غرونينغين لا تثبت، لأغراض المقبولية، أن الإجراءات التي يُزعم أن المستشفى الجامعي في غرونينغين قد اتخذها تصل إلى درجة انتهاك المواد المذكورة من العهد. وبناءً عليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أنها ضحية التمييز مما يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد نظراً لجملة أمور، ومنها أن هناك عدم مساواة في الأجر عن العمل المتساوي وأن "واجب تناوب العمل" لم يطبق إلا عليها دون سائر الموظفين في الأوضاع المماثلة، تلاحظ اللجنة أن الحجج الخاصة بالتمييز لم تُطرح مطلقاً أمام المحاكم المحلية. ومن ثم، تقرر اللجنة أن هذا الادعاء غير مقبول نظراً لعدم استنفاد سبُل الانتصاف المحلية. وبناء عليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

5- ومن ثم، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2، و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يرسل هذا المقرر إلى صاحبة البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) يعني هذا أنها أصبحت موظفة مدنية بموجب القانون الهولندي.

كاف - البلاغ رقم 873/1999، هولين ضد هولندا (اعتمد المقرر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : السيد توماس بيتر هولين

(يمثله السيد إ. ت. هوميلس)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ البلاغ : 23 أيار/مايو 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد توماس بيتر هولين، وهو مواطن هولندي من مواليد 11 تشرين الأول/أكتوبر 1970. ويدعي أنه ضحية لانتهاك المادتين 14 و26 من العهد. ويمثله السيد إ. ت. هومليس.

الوقائع حسبما عُرضت

2- في 8 أيار/مايو 1993 شارك صاحب البلاغ في مظاهرة انتهت إلى اضطرابات عنيفة. وفي 8 حزيران/يونيه 1993 أدان قاضٍ مفرد بالمحكمة المحلية في لاهاي صاحب البلاغ بارتكاب أفعال عنف ضد أفراد الشرطة برشقهم بالحجارة. وحُكم عليه بغرامة قدرها 750 جيلدر هولندي والسجن اسبوعين مع إيقاف التنفيذ. وقد نُظرت دعوى الاستئناف التي رفعها في 13 تشرين الأول/أكتوبر 1994 وفي 9 و10 شباط/فبراير 1995، ورفضتها محكمة الاستئناف في 24 شباط/فبراير 1995. وفي 20 شباط/فبراير 1996 رُفضت دعوى الاستئناف (النقض) الأخرى التي رفعها.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقه في المساواة بموجب المادة 26 من العهد لأنه لم تجر محاكمة أي من ضباط الشرطة بعد الاضطرابات على الرغم من أن التقارير المستقلة أثبتت أن الشرطة مارست عنفاً غير معقول.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن فترة التأخير الطويلة بين إدانته ونظر دعوى الاستئناف قد امتدت دون مبرر إلى حد انتهاك المادة 14. ويذكر أن قضيته كانت بسيطة وبهذا يعد التأخر لمدة تزيد على سنة أمراً غير مقبول.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وتُذكِّر اللجنة بأن محاكمة شخص ما وعدم محاكمة شخص آخر لا تطرح، في حد ذاتها، مسألة المساواة أمام القانون؛ لأنه يجب البت في كل قضية بناءً على أسسها الموضوعية (1) . ولا تثبت ادعاءات صاحب البلاغ والوقائع المعروضة على اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك المادة 26 في هذا الصدد.

4-3 وفيما يتعلق بامتداد الفترة الزمنية بين إدانة صاحب البلاغ ونظر دعوى الاستئناف التي رفعها، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تثبت ادعاء صاحب البلاغ أن التأخر 14 شهراً يشكل انتهاكاً لحقه في أن يحاكم دون تأخر غير مبرر، مع مراعاة طبيعة الحكم الصادر ضده والحقيقة الماثلة في أن صاحب البلاغ لم يحتجز أيضاً. ومن ثم فإن هذا البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2من البروتوكول الاختياري.

5- وبناءً على هذا تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن هذا البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف لإحاطتها علماً به.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) انظر مقرر اللجنة المؤرخ 27 آذار/مارس 1997 والــذي يعلــن عدم قبول البلاغ رقم 579/1994 (فيرينبك ضد أستراليا)، (CCPR/C/59/D/579/1994)، الفقرة 9-9.

لام - البلاغ رقم 882/1999، بيخ ضد النرويج ( اعتمد المقرر في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون ) * ( )

المقدم من : السيد كريس بيخ (يمثله السيد كنوت روغنلين من أوسلو)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : النرويج

تاريخ البلاغ : 28 أيلول/سبتمبر 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 آذار/مارس 2000،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو كريس بيخ، مواطن نرويجي، مولود في 23 أيار/مايو 1956. ويدعي وقوعه ضحية انتهاك النرويج للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله السيد كنوت رونغلَن، المحامي في أوسلو.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، أدانت محكمة مدينة أوسلو صاحب البلاغ بتهمة التدليس وحكمت عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. واستأنف صاحب البلاغ هذا الحكم أمام محكمة بورغارتينغ العليا. واستمعت المحكمة للدعوى في الفترة من 15 كانون الثاني/يناير إلى 6 شباط/فبراير 1997. وقبل الاستماع للدعوى، وقع لصاحب البلاغ في 23 كانون الأول/ديسمبر 1996 حادث سيارة. وأدت الإصابة التي لحقت به إلى معاناته من آلام حادة في العنق وبالتالي إلى معاناته من صعوبة في النوم، الأمر الذي أدى إلى مواجهته صعوبة في التركيز واضطرابات في البصر. ووصف الطبيب له دواء للتخفيف من حدة الآلام كان له أثر منوم. وأوصاه الأطباء بالراحة والتعرض إلى أقل قدر ممكن من الإجهاد.

2-2 ونظراً للحالة الصحية لصاحب البلاغ، طلب الدفاع تأجيل الاستماع لدعوى الاستئناف. وفي اليوم الأول للاستماع للدعوى، في 15 كانون الثاني/يناير 1997، وبعد استشارة طبيبته الأخصائية والطبيب العام اللذين يعالجان صاحب البلاغ، رفضت المحكمة الطلب. ومع ذلك قررت أن تكون مدة الاستماع للدعوى أقصر من المدة العادية والسماح بفترات قصيرة للراحة بعد كل ساعة، وتوفير كرسي مريح لصاحب البلاغ.

2-3 ويتضح من إفادة أدلت بها الطبيبة الأخصائية لصاحب البلاغ، أنها أبلغت المحكمة أن صاحب البلاغ يعاني من آلام يمكن تخفيف حدتها بتناول الأدوية وأن بإمكانه حضور الاستئناف إذا سُمح له بالاستراحة بصورة منتظمة.

2-4 وفي اليوم التالي، تدهورت حالة صاحب البلاغ وفي 17 كانون الثاني/يناير 1997، قررت المحكمة وقف شهادته بسبب وضعه الصحي. وتقرر عرض صاحب البلاغ على طبيب وإجراء فحص لدمه. وكان رأي المعهد الوطني للطب الشرعي والمواد السمية في 21 كانون الثاني/يناير 1997 هو أن فحص دم صاحب البلاغ أوضح أن من المرجح أن يكون صاحب البلاغ متأثراً بالأدوية. وفي 23 كانون الثاني/يناير 1997، لم يحضر صاحب البلاغ إلى المحكمة وأرجئ الاستماع للدعوى لمدة يوم واحد. وبعد ذلك استؤنف الاستماع للدعوى بحضور صاحب البلاغ. وفي 27 شباط/فبراير 1997 رفضت المحكمة استئناف صاحب البلاغ وحكمت عليه بالسجن لمدة خمس سنوات.

2-5 وفي 19 آذار/مارس 1997 استأنف صاحب البلاغ حكم المحكمة بالاستناد إلى أسس إجرائية. وقررت لجنة الاستئناف التابعة للمحكمة العليا عدم الاستماع للاستئناف. ورُفض في 14 أيار/مايو 1997، طلب ثانٍ لإعادة النظر. وبعد أن حصل محامي صاحب البلاغ على شهادة من طبيب أخصائي في المعهد الوطني للطب الشرعي والمواد السمّية، في 5 حزيران/يونيه 1997، طلب مجدداً إلى المحكمة العليا أن تستمع إلى الاستئناف. وفي البيان، ذكر هذا الطبيب أن الأدوية التي كان يتناولها صاحب البلاغ يمكن أن يكون لها أثر مهدّئ واسترخائي ومسبب للذهول، ويمكن أن تؤثر تأثيراً ضاراً بالذاكرة، والقدرة على التعلم والتركيز. وقيل إنه يمكن مقارنة هذه الآثار بأثر نسبة 0.1 في المائة من الكحول. وفي 30 أيلول/سبتمبر 1997، رفضت لجنة الاستئناف التابعة للمحكمة العليا استئناف صاحب البلاغ.

الشكوى

3- يدّعي صاحب البلاغ أنه لم يتلقَ محاكمة عادلة في أثناء استئنافه، لأنه لم يكن في وضع يسمح له بشرح حالته شرحاً مناسباً ووافياً، كما أنه لم يكن قادراً على متابعة شهادات الشهود الآخرين. فأثر ذلك على فعالية دفاعه ولم يكن قادراً على توجيه التعليمات إلى محاميه بشكل مناسب. وفي هذا السياق، يشير المحامي إلى أن الدعوى معقدة وتزيد لائحة الاتهام على 15 صفحة، يغطي النشاط التجاري لصاحب البلاغ وخططه المالية ودخله. وكانت شهادة صاحب البلاغ عاملاً أساسياً في الدفاع عنه. وفضلاً عن ذلك، يدّعي صاحب البلاغ أنه لم يكن قادراً على إعداد دفاعه على النحو الواجب، لأنه لم يكن في وضع يسمح له بقراءة مئات الوثائق المعروضة على المحكمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، بمقتضى المادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وادعاء صاحب البلاغ أن المحاكمة غير عادلة يستند إلى ادعائه أن حالته الطبية أضرت بقدراته ضرراً طاول تقديم استئنافه. وتلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء قُدم أمام المحاكم، في أثناء الاستماع وفي أثناء الاستئناف أمام المحكمة العليا، وأن المحاكم رفضت ادعاء صاحب البلاغ بعد استماعها لشهادة من طبيب أخصائي. وتذكّر اللجنة بأن مسألة تقييم الوقائع والأدلة في قضية محددة لا يعود، بوجه عام، إلى اللجنة بل إلى محاكم الدول الأطراف، ما لم يكن بالإمكان إثبات أن التقييم كان تعسفياً على نحو واضح أو بلغ حد الحرمان من العدالة. والحجج والمعلومات التي قدمها صاحب البلاغ لا تثبت، لأغراض المقبولية، ادعائه بأن تقييم المحكمة لحالته الصحية كان تعسفياً أو بلغ حد حرمانه من العدالة. وعليه، فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- ووفقاً لذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار لصاحب البلاغ وللدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

ميم - البلاغ رقم 883/1999، منصور ضد هولندا (اعتمد المقرر في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : السيد ل. إ. والسيد ج. منصور

(يمثلهما الدكتور يان م. سيوكرونا والسيد جون ه‍. فان دير كويب)

الضحية : مقدما البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ البلاغ : 12 تشرين الأول/أكتوبر 1999

مراجع المستندات : لا توجد

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- مقدما البلاغ هما لويس إميليو منصور وجوسي محسن منصور، وهما مواطنان هولنديان يقيمان في أ روبا. ويدّعي مقدما البلاغ أنهما ضحية انتهاكات من جانب مملكة هولندا لحقوقهما المنصوص عليها في المادتين 2 و1 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهما الدكتور يان م. سيوكرونا من لاهاي بهولندا، والسيد جون ه‍. فان دير كويب من أورانجستاد، أ روبا.

الوقائع ك ما عرضها مقدما البلاغ

2-1 مقدما البلاغ هما من أفراد مجتمع الأعمال في أ روبا. فالسيد لويس إميليو منصور يشترك في ملكية شركة للنقل البحري، ضمن مشاريع أخرى؛ أما السيد جوسي محسن منصور فهو مالك إحدى الصحف ورئيس تحريرها وهو شريك في ملكية شركة تجارية.

2-2 وبموجب مرسوم ملكي مؤرخ في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1994، تلقى السيد أ. كورتن، ال رئيس المؤقت لدائرة الأمن في أروبا، تعليمات بإجراء تحقيق عن حالة الأمن والسلامة في أ روبا. وأُعد تقرير عن هذا التحقيق في 20 نيسان/ أبريل 1995 بعنوان " الأمن والسلامة في أ روبا: السياق والمنظور " .

2-3 وصدر التقرير بوصفه سريا للغاية وأُرسل إلى عدد محدود من المسؤولين والمؤسسات بالدولة ، وترد أسماؤهم في التقرير.

2-4 ويعرض التقرير صورة عن الأمن في أ روبا ويشير إلى أن الدوائر الأجنبية التي تتولى مكافحة الجريمة في المنطقة "مُجمعة تقريباً على أن الصورة الغالبة لمجتمع الأعمال في أروبا هي صورة خدمات مشتركة موجهة إلى (أخصائيي غسل أموال) ا لكارتلات الإقليمية لتجارة المخدرات " . وقد ذكر التقرير مقدمي البلاغ باسميهما وصورهما على أنهما مجرمان مرتبطان بتنظيمات إجرامية تعمل في الإتجار بالمخدرات والأسلحة وغسل الأموال الناتجة عن أنشطة إجرامية.

2-5 وعلى الرغم من تصنيف التقرير على أنه سري للغاية فإنه قد سُرِّب إلى الصحافة وأصبحت محتوياته علنية. ولم يعرف بوضوح من سرَّب التقرير. وقد أجرت دائرة الأمن الداخلي الهولندية تحقيقا بخصوص التسريب يُفترض أنه تبين منه أن النسخة المسربة ليست مستنسخة من نسخة موجودة في حوزة وزير شؤون جزر الأنتيل و أ روبا الهولندية أو بحوزة أي مسؤول هولندي آخر. ولم ي ذكر تقرير التحقيق ما هي النسخة التي استُنسخت منها صورة النسخة المعنية.

2-6 ويدّعي مقدما البلاغ أن المزاعم المتعلقة بهما في التقرير لا أساس لها من الصحة إطلاقا وأن سمعتهما قد تضررت ضررا شديدا نتيجة لإعلان محتويات التقرير. وقد أدى ذلك إلى إلحاق ضرر شديد بمصالحهما التجارية. وادعيا أن ا لدولة الطرف، بسماحها بإعلان محتويات التقرير، قد انتهكت حقهما في عدم التعرض له ج وم غير مشروع على شرفهما وسمعتهما، وهو الحق المتمتع بالحماية بموجب المادة 17 من العهد.

2-7 وطلب مقدما البلاغ من وزير شؤون جزر الأنتيل و أ روبا الهولندية أن يعلن أنه لا صلة له بالتقرير. وحين رفض ذلك، أقاما دعوى عاجلة أمام ال محكمة الابتدائية في أ روبا. وطلبا في هذه الدعوى إصدار إعلان بأن الدولة الطرف ووزير شؤون جزر الأنتيل وأروبا الهولندية والرئيس المؤقت لدائرة الأمن في أروبا ليس لديهم دليل على ضلوع مقدمي البلاغ في عمليات غسل أموال أو في عمليات احتيال.

2-8 وحكمت ال محكمة الابتدائية بعدم اختصاصها بالنظر في الدعوى المرفوعة ضد الدولة الطرف وبأن قانون الأسرار الرسمية يبرر رفض اللجوء إلى وسيلة انتصاف ضد ال رئيس المؤقت لدائرة الأمن .

2-9 واستأنف مقدما البلاغ الحكم برفض دعواهما العاجلة وقدما الاستئناف إلى محكمة العدل المشتركة ل جزر ا لأنتيل و أ روبا الهولندية. وعلى عكس الحكم الصادر عن ال محكمة الأدنى قضت محكمة العدل هذه بأن المحاكم مختصة بالنظر في دعوى مرفوعة ضد الدولة الطرف. غير أن ال محكمة وجدت أن مقدمي البلاغ لم يقدما دليلا ولم يعرضا احتمالا ي فيد أن المدعى عليهم قد ارتكبوا إهمالاً حين سمحوا بنشر محتويات التقرير، ومن ثم لا يمكن اعتبارهم مسؤولين عن التصرف بشكل ينتهك المادة 17 من العهد.

2-10 ولم يطعن مقدما البلاغ في الحكم المشار إليه أعلاه أمام المحكمة العليا ل هولند ا نظراً إلى أن محامياً بالنقض قد أبلغهما بأنه لا توجد أية فرصة أمامهما لكسب دعوى النقض.

ادعاءات مقدمي البلاغ

3-1 يدعي مقدما البلاغ أن الدولة الطرف، بعدم قيامها بمنع نشر المعلومات المتعلقة بهما والواردة في التقرير السري، قد انتهكت حقوقهما المنصوص عليها في المادة 17 من العهد. ويدعيان كذلك أن توجيهات الدولة الطرف بشأن تصنيف المعلومات السرية واشتراط المحكمة في الدعوى العاجلة بأن يثبت مقدما البلاغ إهمال الدولة الطرف، إنما تسفر جميعا عن انتهاك الدولة الطرف لالتزامها بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد بتوفير سبيل فعال للانتصاف بخصوص انتهاك حقوقهما بموجب المادة 17.

3-2 ويدعي مقدما البلاغ أنهما، برفعهما للدعوى العاجلة، قد استنفدا سبل الانتصاف المحلية. غير أنهما يسلمان بأن القانون المحلي "يتيح إمكانية رفع دعوى مدنية عادية (أمام نفس المحكمة التي خسرا فيها الدعوى العاجلة)؛ ولكن السير في هذه الإجراءات ي ستغرق ما بين 4 و 6 سنوات على الأقل (بالنظر إلى الامكانيات المتاحة حاليا للاستئناف والنقض)" .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما اذا كان يجوز أو لا يجوز قبول البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 ويتضح من المستندات التي عرضها مقدما البلاغ أن المحاكم المحلية لم تستطع، في إطار الدعوى العاجلة، أن تبحث في ادعاءات مقدمي البلاغ المتعلقة بالوقائع. ولا يمكن بحث هذه الادعاءات إلا في إطار دعوى مدنية عادية. وقد أقر مقدما البلاغ ب أنهما لم يرفعا دعوى مدنية عادية ضد الدولة الطرف للانتصاف في شأن الهجوم المزعوم على شرفهما وسمعتهما الذي يشكل انتهاكا للمادة 17 من العهد. وفي ظل هذه الظروف، لا تستطيع اللجنة قبول مجرد التأكيد من جانب مقدمي البلاغ بأن تطبيق سبل الانتصاف المحلية سيستغرق فترة طويلة بشكل غير معقول. و تبعاً لذلك، فإن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5- و لذلك ، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

( أ ) أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلّغ هذا القرار إلى مقدمي البلاغ، وكذلك إلى الدولة الطرف للعلم.

[ اعتُمد بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية؛ والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

نون - البلاغ رقم 891/1999، تاميهيري ضد نيوزيلندا (اعتمد المقرر في 15 آذار/مارس 2000، الدورة الثامنة والستون) * ( )

المقدم من : السيد ديفيد وين تاميهيري

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1997

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 آذار/مارس 2000

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو ديفيد وين تاميهيري، وهو مواطن نيوزيلندي من مواليد عام 1953. ويدعي أنه ضحية انتهاك نيوزيلندا لحقوقه المنصوص عليها في المواد 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قتل سائحان سويديان في نيسان/أبريل 1989 وسرقت أمتعتهما في نيوزيلندا. وإثر التحقيقات المكثفة التي أجرتها الشرطة والاهتمام الشديد الذي أبداه الرأي العام ووسائل الإعلام، أصبح صاحب البلاغ المشتبه فيه الأول. وفي حين اعترف صاحب البلاغ بأنه سرق سيارة الضحيتين، فقد ظل يعلن براءته من جريمة القتل. وبدأت محاكمة صاحب البلاغ أمام هيئة محلفين في تشرين الأول/أكتوبر 1990، وفي كانون الأول/ديسمبر 1990 أدانت الهيئة صاحب البلاغ بالقتل والسرقة.

2-2 واستأنف صاحب البلاغ قرار المحكمة. وحُددت جلسة الاستئناف ليوم 21 آب/أغسطس 1991 وخصصت له مساعدة قانونية لانتداب محام أقدم ومحام أصغر، كانا قد مثلاه في المحاكمة، للترافع في الاستئناف. وقبل انعقاد الجلسة بوقت قصير، طلب إليه المحامي الأقدم التوقيع على رسالة للموافقة على أن ليس هناك أساس يستند إليه استئنافه. وعندما رفض صاحب البلاغ التوقيع على الرسالة، حذره المحامي الأقدم من أنه سينسحب من المداولات. ورفضت محكمة الاستئناف في بادئ الأمر طلب صاحب البلاغ للحصول على المساعدة القانونية لدفع أتعاب محام جديد للترافع في الاستئناف، وإن كانت قد تركت له المجال لتقديم أسباب تبرر منحه هذه المساعدة القانونية. واكتُشفت أدلة جديدة قبل انعقاد جلسة الاستئناف، وأعادت محكمة الاستئناف النظر في قرارها السابق، وخصصت لصاحب البلاغ مساعدة قانونية لانتداب محام وأخصائي في علم الأمراض. وترافع المحامي الجديد في الاستئناف أمام المحكمة في أيار/مايو 1992.

2-3 ورفضت محكمة الاستئناف دعوى الاستئناف في القرار الذي أصدرته في أيار/مايو 1992، وثبت لها أن صاحب البلاغ لم يكن ضحية إساءة تطبيق أحكام العدالة عملا بالمادة 385(ج) من قانون الجرائم في نيوزيلندا لعام 1961. وفي عام 1994، رُفض منح صاحب البلاغ إذنا للاستئناف أمام مجلس الملكة.

2-4 وفي عام 1996، أعلن على الملإ أن أحد المخبرين الثلاثة في السجن، الذي كان قد قدم أدلة ضد صاحب البلاغ قد سحب أدلته. وردا على ذلك، وبناء على طلب صاحب البلاغ، طلب أحد أعضاء البرلمان إجراء تحقيق وزاري في القضية. وأحيل الملف إلى الهيئة المستقلة المعنية بشكاوى الشرطة التي قامت بإجراء التحقيق. وبعد بدء التحقيق، تراجع المُخبر عمّا سبق أن تراجع عنه. ومع ذلك، أجرت الهيئة المعنية بشكاوى الشرطة تحقيقا مستفيضا استُنتج منه أن الشرطة لم ترتكب أية مخالفة . ونتيجة لذلك، رفض وزير العدل نداء إجراء تحقيق آخر في القضية. ووجه صاحب البلاغ رسائل إلى أعضاء عدة أحزاب سياسية وطنية لم تبد لها مع ذلك سوى اهتماماً فاتراً أو قليلاً. ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد سبل التظلم المحلية جميعها.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه المنصوص عليها في المواد 2 و14 و26 من العهد قد انتهكت. وزيادة في التحديد، يقدم الادعاءات التالية:

(أ) أنه كان هناك ثلاثة شهود "سريين" وأن شهاداتهم كانت جوهرية لدعوى التاج. وكان هؤلاء الشهود سجناء معه يعملون كمخبرين للشرطة وادعوا على التوالي أن صاحب البلاغ قد اعترف بالقتل في عدة مناسبات؛

(ب) أن حقه في المحاكمة العادلة قد انتهك عندما رفضت محكمة الاستئناف في آب/أغسطس 1991 حصوله على المساعدة القانونية التي كانت ستزوده بالوسائل اللازمة لدفع أتعاب محام جديد وإعداد الاستئناف؛

(ج) أن إجراءات الشرطة للحصول على أدلة ضده وسلوكها أثناء التحقيق قد اعترتهما شوائب قانونية، شملت تلفيق الأدلة التي يعتقد صاحب البلاغ أنها كانت كاذبة ومضللة؛

(د) أن المحاكم قد أجازت للنيابة العامة تقديم الأدلة رغم ضلال عدد منها أو التشكيك في مصداقيتها. ونتيجة لذلك، يدعي صاحب البلاغ أن المحاكم لم تفسر وقائع القضية تفسيرا صحيحا، مما أسفر عن إدانته بالقتل بشكل غير قانوني.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

4-1 قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الإدعاء مقبولا أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بأدلة الشهود "السريين"، يتضح من المواد التي قدمها أن هوية هؤلاء الشهود كانت معروفة لديه ولدى محاميه ولدى هيئة المحلفين. وإن "السرية" الوحيدة كانت "أمر تقييد" للحيلولة دون نشر هوية الشهود. وفي ظل هذه الظروف، تؤكد اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت إدعاءه بأن حقوقه المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 14 قد انتهكت في هذا الصدد.

4-3 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بأنه رُفض منحه مساعدة قانونية لاستئناف دعواه، تلاحظ اللجنة أن القرار الأصلي الذي رُفض بموجبه منحه مساعدة قانونية للاستئناف قد أعيد النظر فيه قبل التاريخ المحدد للاستئناف وأنه تم تمثيله في محكمة الاستئناف من جانب محام وأن أتعاب هذا المحامي قد دفعت بفضل المساعدة القانونية . وعليه، لم يثبت صاحب البلاغ إدعاءه بأن حقوقه المنصوص عليها في الفقرة 3(د) من المادة 14 قد انتُهكت.

4-4 وتلاحظ اللجنة أن المستندات التي قدمها صاحب البلاغ تبين أن المحاكم المحلية قد رفضت إدعاءاته بأن الشرطة قد ارتكبت مخالفات قانونية وبعدم مصداقية الشهود الذين قدموا أدلة باسم النيابة. وتشير اللجنة إلى أحكام قضائها التي مفادها أنه لا يجوز لها أن تعيد النظر في وقائع وأدلة تكون المحاكم المحلية قد قدرتها ما لم يتجل لها أن التقدير تعسفي أو أنه بمثابة الحرمان من العدالة. فالحجج التي طرحها صاحب البلاغ والمواد التي قدمها لا تثبت إدعاءاته بأن قرارات المحكمة قد شابتها هذه الشوائب. ومن ثم، فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بإدعاءات صاحب البلاغ بالمخالفات القانونية التي ارتكبتها الشرطة في جمع الأدلة ومصداقية الأدلة المقدمة.

5- ولذلك، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن هذا القرار سيُرسل إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف، للعلم.

[ اعتُمد بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية؛ والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر أيضا في وقت لاحق بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

سين- البلاغ رقم 934/2000، ج. ضد كندا،

(اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون) * ( )

المقدم من: السيدة ج. (حُذف الاسم)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: كندا

تاريخ البلاغ: 29 كانون الأول/ديسمبر 1999

إن اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 تموز /يوليه 2000

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق المقبولية

1 - صاحبة البلاغ هي السيدة ج.، وهي مواطنة كندية ولدت في 9 أيار/مايو 1949. وتدعي أنها ضحية انتهاك كندا للمادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 17 والمادة 26 من العهد بسبب التمييز المرتبط ببلد منشأ شهاداتها الأكاديمية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تقول صاحبة البلاغ إنها حصلت على شهادة الدكتوراه في علم النفس التربوي من جامعة تورونتو في عام 1976. ومنذ عام 1983، تكرر تعيينها للتدريس غير المتفرغ بعقود مؤقتة من جانب كلية علم النفس في جامعة ألبيرتا، غير أنها استُبعدت بانتظام من ترشيح نفسها للمناصب الدائمة، وذلك على الرغم من نشرها لثلاثة كتب والعديد من المقالات في المجلات الأكاديمية ومن حصولها على تقييمات ممتازة لتدريسها.

2-2 وفي تموز /يوليه 1993، رفعت صاحبة البلاغ شكوى أمام لجنة ألبيرتا ل حقوق الإنسان بشأن التمييز النظامي. وفي 28 آذار /مارس 1995، رفضت اللجنة النظر في الشكوى كما رفضت إحالتها إلى مجلس تحقيق لإجراء تحقيق رسمي على أساس عدم وجود أدلة على أي من التمييز المحدد أو التمييز النظامي في قضية صاحبة البلاغ. وفي 5 تموز /يوليه 1996، رفضت محكمة مجلس الملكة الخاص طلب إجراء مراجعة قضائية وتمسكت بأن شكوى صاحبة البلاغ لا تدخل في نطاق اختصاص اللجنة، إذ أنها ترتبط بسبب لا يرد بالتحديد في التشريع المتعلق ب حقوق الإنسان في ألبيرتا. ونظرا إلى عدم توصل الطرفين إلى اتفاق بشأن التكاليف، أمرت المحكمة، بموجب قرارها المؤرخ في 3 شباط/فبراير 1997، بأن تقوم صاحبة البلاغ بدفع التكاليف.

2-3 وعند الاستئناف، رأت محكمة الاستئناف أن التمييز النظامي، إذا تقرر وجوده، مجرد جزء من مجموعة الأدلة التي قد تثبت الأثر السلبي على مقدمة الشكوى. وبعد إعادة النظر في الأدلة المعروضة على اللجنة، حكمت محكمة الاستئناف بأن الأدلة غير كافية لتبرير إحالة القضية إلى مجلس تحقيق. وبذلك، لم تعرب محكمة الاستئناف عن أي رأي فيما يتعلق بمسائل الاختصاص التي أثيرت ورفضت الاستئناف.

2-4 وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها لم تستأنف أمام المحكمة العليا لأن وسيلة الانتصاف هذه لم تكن متاحة لها في الواقع بسبب قلة مواردها المالية. وتشير أيضا إلى أن النتيجة، في حالة ربحها للقضية، سوف تكون إحالة القضية من جديد إلى محكمة حقوق الإنسان في ألبيرتا لتنظر فيها، وأعضاء هذه المحكمة هم من موظفي لجنة ألبيرتا ل حقوق الإنسان . وعلاوة على ذلك، سوف يستغرق هذا الإجراء فترة طويلة للغاية.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها تعرضت للتمييز على أساس منشأ شهادتها وذلك لأن الجامعات الكندية، بما فيها جامعة ألبيرتا، تفضل تعيين الأكاديميين الذين يحملون شهادة من جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتجادل صاحبة البلاغ أن التمييز بسبب منشأ الشهادات يستثني بصورة عامة فئات على أساس موطنهم الأصلي، نظرا إلى أن معظم الناس يحصلون على تدريبهم هناك. وتدعي أن بلد منشأ الشهادات التعليمية من المميزات الشخصية التي يحظر التمييز على أساسها.

3-2 وتشكو صاحبة البلاغ أيضا من المعاملة غير المنصفة من جانب لجنة ألبيرتا ل حقوق الإنسان ، والمحكمة، ومحكمة الاستئناف، فيما يتعلق بالشكوى التي قدمتها. وتذكر، في هذا السياق، أن الأدلة الظاهرة كانت كافية لإثبات التمييز النظامي، ومع ذلك، رفضت لجنة حقوق الإنسان إحالة قضيتها إلى مجلس تحقيق من أجل التحقيق فيها. وتشكو كذلك من أن اللجنة أعادت صياغة قضيتها فحولتها من شكوى بشأن التمييز النظامي إلى شكوى من التمييز المؤثر عليها سلبيا بصورة فردية. وتشكو أيضا من أن محكمة مجلس الملكة الخاص، عندما رفضت طلبها الاضطلاع بمراجعة قضائية، حرمتها من فرصة البت في قضيتها. وتطعن أيضا في قرار المحكمة الحكم في صالح الجامعة بخصوص تكاليف الدعوى، نظرا إلى أن القضية كانت قضية مراجعة قرار صادر عن لجنة ألبيرتا ل حقوق الإنسان وليست قضية ضد الجامعة (التي لا تخضع قراراتها لمراجعة قضائية بموجب القانون الكندي). وفيما يتعلق باستماع محكمة الاستئناف في ألبيرتا للشكوى المقدمة، تقول صاحبة البلاغ إن المحكمة اجتمعت مرتين وكانت مؤلفة في كل مرة من هيئة مختلفة من القضاة، وإنه تم التوصل إلى اتفاق في جلسة الاستماع الأولى على أن الشكوى التي قدمتها تدخل في نطاق اختصاص لجنة حقوق الإنسان . غير أنه، حسب صاحبة البلاغ، تم حل هذه الهيئة دون إبداء أي سبب، ورفضت المحكمة الاستئناف بعد عقد جلسة استماع جديدة أمام الهيئة الثانية. وتدعي أيضا أن محكمة الاستئناف لم تطبق قانون السوابق ذا الصلة وأن تفسيرها لقانون حماية حقوق الإنسان في ألبيرتا لا يتمشى مع الميثاق الكندي. كما تدعي أن محكمة الاستئناف تجاوزت نطاق اختصاصها عندما استعاضت عن رأي اللجنة برأيها الخاص دون أن تتخذ قبلئذ قرارا بشأن نطاق اختصاص اللجنة. وتقول صاحبة البلاغ إن ذلك أسفر في النهاية عن منعها من اللجوء إلى أي وسيلة انتصاف قضائية وذلك دون أن يصدر أي حكم في الشكوى التي قدمتها بشأن التمييز النظامي.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ أيضا أن ما ورد أعلاه يشكل تشهيرا بشخصها وسمعتها. وفي هذا الصدد، تشكو أيضا من رسالة، تزعم أنها تشهيرية ويحتفظ بها في ملفها في جامعة ألبيرتا، وترفض الجامعة سحبها منه ما لم توقع على موافقتها على إنهاء جميع الإجراءات القضائية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 يتعين على اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان ، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، وطبقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ في إطار المادة 26، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تدعي أنها تعرضت للتمييز بسبب منشأ شهادتها الأكاديمية. وتلاحظ اللجنة أن محكمة الاستئناف نظرت في ادعاء صاحبة البلاغ المتعلق بالتمييز وأن المحكمة وجدت أن الأدلة غير كافية لإصدار قرار بوقوع تمييز. وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثبت، لأغراض المقبولية، أن قرار المحكمة كان تعسفيا على نحو واضح أو أنه بلغ حد الحرمان من العدالة. ولذلك، لا يتعين على اللجنة إعادة تقييم الوقائع في هذه القضية. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لعدم تمشيه مع أحكام العهد، وذلك بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ في إطار المادة 14 من العهد ترتبط أساس بتقييم الوقائع والأدلة، فضلا عن تفسير القانون المحلي. وتذكر اللجنة أنه يتعين، عموما، على محاكم الدول الأطراف، وليس على اللجنة، تقييم الوقائع في قضية محددة وتفسير التشريع المحلي. ولا تبين المعلومات المعروضة على اللجنة والحجج المقدمة من صاحبة البلاغ أن تقييم المحاكم للوقائع وتفسيرها للقانون كانا تعسفيين على نحو واضح أو أنهما بلغا حد الحرمان من العدالة. وعليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بأن محكمة الاستئناف استمعت لادعائها أول مرة بهيئة مختلفة، ثم حُلت هيئة القضاة وعقدت جلسة استماع جديدة أمام هيئة مختلفة، تلاحظ اللجنة أن ذلك مجرد ادعاء وأنها لم تفعل أي شيء لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يرتبط بهذا الادعاء. وعليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثبت، لأغراض المقبولية، أنها كانت ضحية انتهاك للمادة 17 من العهد. وعلاوة على ذلك، يبدو أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يرتبط بهذا الادعاء. وعليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5- وتقرر اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والمادة 3 والفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى صاحبة البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيترجم بعد ذلك إلى اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة الحالي.]

عين - البلاغ رقم 936/2000، غيلان ضد كندا

( اعتمد المقرر في 17 تموز/يوليه 2000، الدورة التاسعة والستون ) * ( )

المقدم من : السيد تيري غيلان (يمثله السيد فنسنت ت. كالديرهيد، المحامي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 9 كانون الأول/ديسمبر 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 تموز/يوليه 2000،

تعتمد ما يلي :

المقرر بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد تيري غيلان، وهو مواطن كندي ولد في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1980. ويدعي أنه كان ضحية انتهاك كندا للمادة 14 فضلاً عن المادتين 2 و26 من العهد. ويمثله السيد فنسنت توماس كالديرهيد المحامي في هاليفاكس.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 في 22 حزيران/يونيه 1995، اعتقل رجال الشرطة صاحب البلاغ بشأن مسألة لا علاقة لها بالموضوع، وعند تفتيشه اكتشفوا وجود ست علب مغلقة من الجعة في أجزاء مختلفة من ملابسه. وعليه فقد اتهم وحوكم في محكمة الأحداث بتهمة حيازة مشروبات روحية بشكل غير مشروع، انتهاكاً للمادة 78(2) من قانون نوفا سكوتيا لمكافحة المشروبات الروحية (1) . ولم يطعن الدفاع في الأدلة المعروضة على المحكمة. إلا أن الدفاع طعن في الإطار التشريعي المناسب الذي جرت فيه المحاكمة، وهو الإطار الذي ينتهك حق المتهم في افتراض البراءة (2) . وقد رفضت محكمة الأحداث الحجج التي قدمها الدفاع، مرتئية أنه، في ضوء الأدلة المعروضة على المحكمة، ليس في حاجة إلى الركون إلى أحكام إثبات ترد في التشريع المطعون فيه، لكن بإمكانها إدانة صاحب البلاغ دون الركون إلى تلك المواد.

2-2 وفي 22 كانون الثاني/يناير 1998، رفضت محكمة الاستئناف الاستئناف المقدم من صاحب البلاغ. وحكمت بأن المادتين 128 و130(1) لم يركن إليهما قاضي المحاكمة ولا داعي لأن يفعل ذلك. وفي 13 آب/أغسطس 1998، منعت محكمة كندا العليا الإذن بالاستئناف. وبذلك يكون قد تم استنفاد كافة طرق الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3- يدعي المحامي أن أحكام الإثبات الواردة في قانون نوفا سكوتيا لمكافحة المشروبات الروحية فيها انتهاك للمادة 14(2) من العهد. ويقول إن الآلاف من سكان نوفا سكوتيا يُتهمون كل سنة بحيازة المشروبات الروحية بطريقة غير قانونية وفقاً لنظام تشريعي معيب. ويقول المحامي إن معظم الناس المتهمين بارتكاب جرم بموجب قانون مكافحة المشروبات الروحية هم أعضاء في الجماعات المستضعفة في المجتمع الكندي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 إن المحامي يقيم بلاغه على الادعاء بأن المادتين 128 و130(1) من قانون نوفا سكوتيا لمكافحة المشروبات الروحية تنتهكان افتراض البراءة، ومن ثم المادة 14(2) من العهد. وتلاحظ اللجنة من المعلومات المعروضة عليها أن صاحب البلاغ أُدين على أساس أن جرمه قد ثبت بما لا يدع أي مجال للشك المعقول. وفي هذه الحالة، لا تركن المحاكم إلى مواد قانون مكافحة المشروبات الروحية الذي يسعى المحامي إلى مهاجمته. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري، إذ إن صاحب البلاغ لا يمكنه الادعاء بأنه كان ضحية انتهاك أُدعي اقترافه.

5- وتقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) يُرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ ومحاميه، وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيُترجم في وقت لاحق إلى اللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي للجنة المقدم إلى الجمعية العامة.]

الحواشي

(1) فيما يلي نص المادة 78(2): "يُحظر على أي شخص صنع أو نقل أي مشروبات روحية أو الاحتفاظ بها أو حملها، إلا في الحالات التي يأذن بها القانون أو اللوائح". وتحظر المادة 89(1) من القانون حيازة المشروبات الروحية من جانب أي شخص دون سن التاسعة عشرة. ولا جدال أن صاحب البلاغ كان دون هذه السن وقت ارتكاب الجرم.

(2) يشير المحامي إلى المادتين 128 و130(1) من قانون مكافحة المشروبات الروحية واللتين تنصان على الآتي:

"128- عند محاكمة أي شخص متهم بمخالفة هذا القانون، ببيعه مشروبات روحية أو الاحتفاظ بها من أجل بيعها أو تقديمها أو احتيازها أو شرائها أو تلقيها، إذا ثبت مبدئياً أن الشخص يحتاز أو يمتلك أي مشروبات روحية يجري محاكمته بمقتضاها، عندئذ قد يُدان بالجرم، ما لم يثبت أنه لم يرتكب الجرم المتهم به".

"130- يقع عبء البرهان على الحق في امتلاك أو احتياز أو بيع أو إعطاء أو شراء المشروبات الروحية أو استهلاكها على الشخص المتهم بامتلاك أو احتياز أو بيع أو إعطاء أو شراء المشروبات الروحية أو استهلاكها بطريقة غير لائقة أو غير قانونية، بغض النظر عما إذا كان الادعاء قد قدم أي أدلة إضافة إلى البرهان المبدئي المشار إليه في الفرع 128".

المرفق الحادي عشر

قرارات اللجنـة المعنية بحقوق الإنسان التي تعلن فيها مقبولية

البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي

الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف- البلاغ رقم 845/1999، كندي ضد ترينيداد وتوباغو

(اعتمد المقرر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الدورة السابعة والستون) * ( )

المقدم من : راولِ كِنِدي (يمثله مكتب المحاماة سايمونز مويرهِد وبرتن في لندن)

الشخص المدعي بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ترينيداد وتوباغو

تاريخ البلاغ : 7 كانون الأول/ديسمبر 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1999،

تعتمد ما يلي:

المقرر المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد راولِ كِنِدي، مواطن من ترينيداد وتوباغو، وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه في سجن الدولة الكائن في مدينة بورت أوف سبَين. ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لإخلال ترينيداد وتوباغو بأحكام الفقرة 3 من المادة 2؛ والفقرات 1 و2 و4 من المادة 6؛ والمادة 7؛ والفقرتين 2 و3 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والفقرات 1 و3(ج) و5 من المادة 14؛ والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ مكتب المحاماة سايمونز مويرهِد وبرتن في لندن.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 أصيب في 3 شباط/فبراير 1987 رجل يُدعى نوريس يوركِ بجروح أثناء عملية سرقة في مرآبه، وتوفى في اليوم التالي من جراء إصابته. وأُلقي القبض على صاحب البلاغ يوم 4 شباط/فبراير 1987، وفي 9 شباط/فبراير 1987، وجهت إليه وإلى شخص آخر يُدعى وَين ماثيوز تهمة القتل العمد. ومثُل صاحب البلاغ لأول مرة أمام القاضي في 10 شباط/فبراير 1987. وجرت محاكمته في الفترة بين 14 و16 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، وأصدرت المحكمة حكماً بإدانته. واستأنف صاحب البلاغ حكم إدانته. وفي 21 كانون الثاني/يناير 1992، قبلت محكمــة الاستئناف الدعوى وأمرت بإعادة محاكمته، وتم ذلك في الفترة بين 15 و29 تشرين الأول/أكتوبر 1993. وأدين صاحب البلاغ مجدداً وحكم عليه بالإعدام. وقام صاحب البلاغ إثر ذلك برفع دعوى استئناف أخرى، إلا أن محكمة الاستئناف رفضت السماح له برفع هذه الدعوى في 26 كانون الثاني/يناير 1996، وعللت قرارها بتاريخ 24 آذار/مارس 1998. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، رفض الالتماس الذي رفعه صاحب البلاغ بعد ذلك إلى اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص.

2-2 وكانت دعوى النيابة العامة أن الضحية، اليد نوريس يوركِ، كان ليلة 3 شباط/فبراير 1987، يعمل في محطة البنزين التي يمتلكها، وكانت تعمل معه السيدة شانغي، المشرفة على المحطة. وبعد انتهاء فترة العمل، وبينما كان السيد يورك يحسب عائد اليوم، دخل صاحب البلاغ والسيد ماثيوز المحطة. وادعت النيابة العامة أن صاحب البلاغ طلب إلى السيدة شانغي ربع غالون من البنزين، وأنها عندما عادت بالمطلوب، وجدت السيد يورك مطوق الرأس بذراع صاحب البلاغ الذي كان يصوب مسدسه على جبهة السيد يورك. وادعي أن السيد ماثيوز قال لصاحب البلاغ حينذاك إن السيد يوركِ لديه مسدس وأنه يحاول الوصول إليها، ثم اندفع داخل الغرفة، وضرب السيد يورك عدة مرات على رأسه بلوح من الخشب قبل أن يخرج من الغرفة مجدداً. ومن ثم، قال السيد يورك للدخيلين أن يأخذا النقود. عندها، رمت السيدة شانغي كأساً على السيد ماثيوز بإيعاز من السيد يو رك، فقام صاحب البلاغ بتصويب المسدس إلى السيدة شانغي وأمرها بالسكوت. ومن ثم، جرى السيد ماثيوز وضرب السيد يورك على رأسه ثانيةً، فهوى على الأرض. وبعد ذلك، قام الدخيلان بسرقة النقود ولاذا بالفرار بسيارة يمتلكها السيد يورك. وتوفى السيد يورك في اليوم التالي متأثراً بالجروح التي أصيب بها أثناء السرقة.

2-3 ويجادل محامو صاحب البلاغ أن جميع سبل التظلم المحلية استنفذت في إطار الفقرة 2(ب) من الفقرة 5 من البروتوكول الاختياري. وأنه، لئن كانت إمكانية رفع طلب دستوري متاحة نظرياً لصاحب البلاغ، فهي ليست متاحة له عملياً نظراً لعدم رغبة الدولة الطرف في توفير المساعدة القانونية اللازمة لرفع مثل هذه الطلبات، أو لعدم قدرتها على ذلك، ونظراً للصعوبة البالغة في إيجاد محام ترينيدادي يمثل لوجه الخير رافع الطلب الدستوري.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 9، حيث إنه لم يبلَّغ بالتهم الموجهة إليه إلاَّ بعد مرور خمسة أيام على توقيفه ولم يتم إحضاره أمام القاضي إلاَّ بعد مرور ستة أيام على توقيفه. ويستشهد محاموه بأحكام العهد التي تقضي باتخاذ هذه الإجراءات "سريعاً"، ويدفعون بأن المدد المنقضية في هذه القضية لا تستوفي هذا الشرط. وأشاروا إلى التعليق العام للجنة بشأن المادة 9 (1) . وإلى ما صدر عن اللجنة سابقاً من قرارات (2) .

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام الفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14، لحدوث تأخير لا مبرر له في مباشرة الاجراءات ضده. ويبين محاموه في هذا الصدد أنه 1) انقضى 21 شهراً من تاريخ توجيه التهمة إلى صاحب البلاغ حتى تاريخ بدء محاكمته الأولى؛ و2) انقضى 38 شهراً من تاريخ إدانته حتى تاريخ انعقاد جلسة النظر في دعوى الاستئناف التي رفعها؛ و3) انقضى 21 شهراً من تاريخ إصدار محكمة الاستئناف قرار قبول دعوى الاستئناف حتى تاريخ بدء إعادة المحاكمة؛ و4) انقضى 27 شهراً من تاريخ الإدانة الثانية حتى تاريخ انعقاد جلسة النظر في دعوى الاستئناف الثانية؛ و5) انقضى 26 شهراً من تاريخ انعقاد جلسة النظر في دعوى الاستئناف الثانية حتى تاريخ إصدار محكمة الاستئناف حكمَها المعلَّل. ويجادل المحامون بأنه لا يوجد سبب مقبول يبرر عدم إجراء المحاكمة الثانية إلاَّ بعد مضي زهاء ست سنوات على ارتكاب الجريمة، ويبرر انقضاء فترة إضافية مدتها أربع سنوات وأربعة أشهر للبت في الموضوع، وهم يدفعون بأن على الدولة الطرف أن تتحمل مسؤولية هذا التأخير. ويشيرون إلى ما صدر عن اللجنة سابقاً من قرارات (3) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام المادتين 6 و7 والفقرة 1 من المادة 14، بسبب الطابع الإلزامي لعقوبة الإعدام في جرائم القتل العمد في ترينيداد وتوباغو. ويبين محاموه أن التمييز في كثير من بلدان القانون العام الأخرى (4) بين جريمة القتل العمد التي تقع تحت طائلة حكم الإعدام وجريمة القتل العمد التي لا تقع تحت طائلة حكم الإعدام لم يطبق أبداً في ترينيداد وتوباغو (5) . وهم يجادلون بأن الطابع الصارم لعقوبة الإعدام الإلزامية في جرائم القتل العمد تُزيده صرامةً قاعدة القتل/الجناية المعمول بها في ترينيداد وتوباغو التي تقضي بأن الشخص الذي يرتكب جناية تنطوي على عنف شخصي قد يتحمل المسؤولية على فعله، وأنه يُدان بجريمة القتل العمد إذا ما أدى العنف إلى مقتل الضحية، ولو عن غير قصد. وهم يدفعون بأن تطبيق قاعدة القتل/الجناية يعتبر بمثابة تشدد إضافي في حق الأطراف الثانوية التي ربما تورطت في الوقائع وهي لا تدرك تماماً أن السرقة قد تؤدي إلى إلحاق أضرار جسدية خطيرة أو إلى الموت.

3-4 وهم يدفعون بأن العقوبة التي تفرض بدون تمييز على جرائم القتل بأنواعها لا تراعي صلة التناسب بين ظروف الجريمة الفعلية والعقاب المفروض لأن الظروف التي قد ترتكب في ظلها جريمة القتل متنوعة للغاية، وبذلك تصبح العقوبة عقوبة قاسية واستثنائية ومخلة بأحكام المادة 7 من العهد، ويدفعون كذلك بأنه قد أُخِلَّ بأحكام المادة 6 من العهد نظراً إلى أن فرض عقوبة الإعدام بغض النظر عن ظروف الجريمة يعتبر بمثابة معاملة قاسية ولا إنسانية وحاطة بالكرامة، وبمثابة عقوبة تعسفية وغير متناسبة لا يمكن أن تبرر حرمان أحد من حقه في الحياة. بالإضافة إلى ذلك، فهم يدفعون بأنه قد أُخِلَّ بأحكام الفقرة 1 من المادة 14، لأن دستور ترينيداد وتوباغو لا يسمح لصاحب البلاغ بالادعاء بأن إعدامه مخالف للدستور لأنه يعتبر بمثابة معاملة لا إنسانية أو حاطة بالكرامة أو قاسية، ولأنه لا يسمح له بأن يطلب عقد جلسة استماع قضائية أو أن يطلب النظر في قضيته للبت فيما إذا وجب فرض أو تنفيذ عقوبة الاعدام على ارتكاب الجريمة موضوع البحث.

3-5 ويبين محامو صاحب البلاغ أن فرض عقوبة الإعدام دون أخذ الظروف المخففة في الاعتبار ودون إتاحة المجال لعرض هذه الظروف كان أقصى في حال صاحب البلاغ، حيث تبين الظروف التي وقعت فيها جريمة القتل أنه كان طرفاً ثانوياً في الجريمة، وبالتالي، فإن مسؤوليته عنها أقل. ويشير المحامي، في هذا الصدد، إلى مشروع قانون نظر فيه برلمان ترينيداد ولكن لم يعتمده، بشأن تعديل قانون الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص. ويفيد المحامون بأنه لو اعتمد مشروع القانون هذا لكانت جريمة صاحب البلاغ ستندرج بكل وضوح في إطار الجرائم التي لا تقع تحت طائلة عقوبة الإعدام.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام الفقرتين 2 و4 من المادة 6، لأن الدولة الطرف لم توفر له فرصة لممارسة حقه في التماس الرأفه في إطار جلسة استماع عادلة. ويبين المحامون أن رئيس جمهورية ترينيداد وتوباغو مخول، بموجب المادة 87 من الدستور، سلطة تخفيف أي حكم يصدر بالإعدام، ولكنه يتخذ هذا القرار بعد استشارة وزير يُعَيِّنه، ويقوم هذا الوزير بدوره باستشارة رئيس الوزراء. وعملاً بالمادة 88 من الدستور يجب أن تؤسس أيضاً لجنة استشارية معنية بالعفو يترأسها الوزير المعين. وتنص المادة 89 من الدستور على أنه يجب على اللجنة الاستشارية أن تأخذ في الاعتبار بعض المواد، كتقرير قاضي المحكمة مثلاً، قبل الإسداء بمشورتها. ويبين المحامي أن اللجنة الاستشارية هي بالفعل الهيئة المخوَّلة في ترينيداد وتوباغو سلطة تخفيف حكم الإعدام وأن لها حرية وضع القواعد الناظمة لإجراءاتها، وبالتالي، فهي ليست ملزمة بإتاحة فرصة للسجين للنظر في قضيته في محاكمة عادلة، كما أنها ليست ملزمة بإتاحة أي ضمانات إجرائية أخرى لمقدم الالتماس، مثل حق رفع كتاب خطي أو شفوي أو حق الاطلاع على المواد التي ستتخذ اللجنة الاستشارية قرارها بناء عليها (6) .

3-7 ويبـين المحامون أن حق التماس الرأفة المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 6 من العهد يجب أن يفسر بأسلوب يضمن تطبيق هذا الحق تطبيقاً فعلياً، أي أنه يجب، تمشياً مع المبادئ العامة، أن يتم تأويله بطريقة تضمن لهذا الحق أن يكون عملياً وفعلياً بدلاً من أن يكون نظرياً أو وهمياً، وأنه يجب، بالتالي، أن يضمن هذا الحق للشخص الذي يلتمس الرأفة، الحقوق الإجرائية التالية:

- الحق في معرفة تاريخ قيام اللجنة الاستشارية بالنظر في القضية؛

- الحق في الاطلاع على المواد التي ستكون معروضة على اللجنة الاستشارية في جلسة الاستماع؛

- الحق في تقديم بيانات حال قبل انعقاد جلسة الاستماع، سواء بخصوص المسائل العامة أو بخصوص المواد المعروضة على اللجنة الاستشارية؛

- الحق في أن تتاح للشخص جلسة استماع شفوية مع اللجنة الاستشارية؛

- الحق في أن تُعرض على اللجنة الاستشارية، وأن تدرس هذه اللجنة، الاستنتاجات والتوصيات الصادرة عن أي هيئة من الهيئات الدولية، كلجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان.

3-8 ويبين المحامون، فيما يتعلق بالظروف الخاصة التي تحيط بقضية صاحب البلاغ، أنه من المحتمل أن تكون اللجنة الاستشارية قد اجتمعت عدة مرات للنظر في طلب صاحب البلاغ دون معرفته وبدون إتاحة الفرصة له لتقديم بيانات حال باسمه وبدون إطلاعه على المواد التي سيتم النظر فيها. ويبين المحامون أن ذلك يشكل إخلالاً بأحكام الفقرة 4 من المادة 6، والفقرة 2 من المادة 6 أيضاً، نظراً إلى أنه لا يمكن للجنة الاستشارية أن تحدد بصورة موثوقة ما هي الجرائم التي تعتبر "أشد الجرائم خطورة" إلا إذا سمحت للسجين بالاشتراك اشتراكاً كاملاً في عملية اتخاذ القرار.

3-9 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 لأنه عندما كان ينتظر توجيه التهمة إليه والمثول أمام القاضي بعد توقيفه يوم 4 شباط/فبراير 1987، تعرض للتعذيب والضرب على أيدي ضباط الشرطة. ويدعى أنه تعرض للضرب المتكرر وللتعذيب لحمله على الاعتراف بأنه ارتكب الجريمة. ويبين صاحب البلاغ، بصفة خاصة، أنه تعرض للضرب على الرأس باستخدام إشارة مرور وأنه ضرب بعقب البندقية في ضلوعه، كما تعرض للركل المستمر من طرف ضباط شرطة ذكرهم بالاسم، وتعرض للكمات وجهت إلى عينيه من طرف ضابط شرطة ذكره بالاسم، كما هدد بعقرب وبالإغراق، وحرم من الغذاء. ويبين صاحب البلاغ أنه قدم شكوى بشأن الضرب الذي تعرض له وكشف للمحكمة التي مثل أمامها بتاريخ 10 شباط/فبراير 1987 عن الكدمات التي أصيب بها، وأن القاضي أمر بنقله إلى المستشفى بعد جلسة الاستماع، وأنه حرم من العلاج بالرغم من ذلك.

3-10 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية للإخلال بأحكام المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10، لأنه اعتقل في أوضاع مروعة، سواء في الحبس الاحتياطي أو في جناح المحكوم عليهم بالإعدام. ويقال إن صاحب البلاغ اعتقل، طوال فترتي الحبس الاحتياطي (21 شهراً قبل المحاكمة الأولى و21 شهراً قبل المحاكمة الثانية)، في زنزانة أبعادها ستة أقدام بتسعة أقدام كان يتقاسمها مع سجناء آخرين يتراوح عددهم بين خمسة وعشرة سجناء. ويذكر، فيما يتعلق بالفترة الإجمالية التي قضاها صاحب البلاغ حتى الآن في جناح المحكوم عليهم بالإعدام، وهي تناهز ثمانية أعوام، أنه احتجز في سجن انفرادي وأن أبعاد الزنزانة تساوي ستة أقدام بتسعة أقدام وأنه لا يوجد فيها سوى سرير وطاولة ومقعد من الحديد، وأنها محرومة من ضوء النهار، وأنها ليست مجهزة بمرافق صحية أساسية، فلا يوجد فيها سوى دلو من البلاستيك يستعمل كمرحاض. ويبين صاحب البلاغ أنه لا يسمح له بالخروج من زنزانته أكثر من مرة واحدة في الأسبوع لترويض البدن، وأن الطعام المقدم لا يكفي ويكاد لا يؤكل وأنه لم تتخذ أي ترتيبات بشأن الشروط الخاصة التي يجب أن يراعيها في غذائه. ونادراً ما يسمح له باستشارة طبيب أو طبيب أسنان بالرغم من طلبه ذلك. ويشير محاموه إلى التقارير المقدمة من المنظمات غير الحكومية بشأن أوضاع الاعتقال في ترينيداد وتوباغو، وإلى أقوال نسبت إلى الأمين العام لرابطة ضباط السجون ونشرت في إحدى الصحف المحلية، وإلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

3-11 وبالإضافة إلى الادعاءات المقدمة بشأن الإخلال بأحكام المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 نتيجة أوضاع الاعتقال المروعة، يدعي صاحب البلاغ أن تنفيذ حكم الإعدام فيه في ظروف كهذه يشكل انتهاكاً لحقوقه بمقتضى المادتين 6 و7. ويشير محاموه إلى قرار اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص في قضية برات ومورغان ضد النائب العام لجامايكا (1994) 2AC1، إذ يبين هذا القرار أن اعتقال المحكوم عليهم بالإعدام لمدة طويلة من الزمن يشكل، في تلك القضية إخلالاً بحظر جامايكا الدستوري للمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة. ويجادل المحامون بأنه يجب اتباع نفس المحاجاة في هذه القضية والخلاص إلى أن تنفيذ حكم الإعدام بعد اعتقال المحكوم عليه تحت الشروط المبينة يجب أن يعتبر غير قانوني.

3-12 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أنه كان ضحية للإخلال بأحكام الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 14لأنه، بسبب عدم توافر المعونة القانونية، يجري حرمانه واقعياً من حقه بموجب المادة 14(1) من دستور ترينيداد في استئناف قضيته أمام المحكمة العالية للانتصاف على الإخلال بحقوقه الأساسية. ويدفع محاموه بأن تكاليف مباشرة إجراءات قضائية أمام المحكمة العالية باهظة للغاية وتتجاوز إمكانيات صاحب البلاغ المالية، بل إمكانيات الأغلبية الكبرى من الأشخاص المدانين بارتكاب جرائم تقع تحت طائلة عقوبة الإعدام. ويشير المحامون إلى أحكام وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (7) وإلى قرارات اللجنة (8) .

3-13 وفيما يتعلق بالتحفظ الذي قدمته الدولة الطرف لدى انضمامها مجدداً إلى البروتوكول الاختياري في 26 أيار/مايو 1998، يدعي صاحب البلاغ أن اللجنة مؤهلة للنظر في هذا البلاغ بغض النظر عن أنه يخص "سجين محكوم عليه بالإعدام فيما يتصل [بمسائل تتعلق] بمقاضاته، أو باعتقاله أو بمحاكمته أو بإدانته أو بالحكم الصادر عليه أو بتنفيذ عقوبة الإعدام فيه".

3-14 وبالرغم من أن التحفظ يدعي أنه يستثني جميع البلاغات المقدمة بعد تاريخ 26 آب/أغسطس 1998 بشأن عقوبة الإعدام، يبين صاحب البلاغ أن التحفظ ينتقص إلى حد كبير من الاختصاصات التي خُوِّلت إياها اللجنة بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري للنظر في البلاغات، حيث يدعي التحفظ أنه يستثني مجموعة واسعة من القضايا، من بينها قضايا كثيرة تنطوي على ادعاءات بانتهاك حقوق لا يجوز تضييقها أو الانتقاص منها. وعليه، يدفع محاموه بأن التحفظ يتنافى وغرض البروتوكول وهدفه، وأنه لاغ وباطل، وبالتالي، لا يمنع اللجنة من النظر في هذا البلاغ.

3-15 ودعماً لهذا الرأي، يسوق المحامي حججاً عديدة. فيبين، بادئ ذي بدء، أن ديباجة البروتوكول الاختياري ومادتيه 1 و2 تنص كافة على أن البروتوكول يخول اللجنة صلاحية استلام ومعالجة البلاغات المقدمة من الأفراد الخاضعين لولاية الدولة الطرف والذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك تلك الدولة لأي حق من الحقوق المقررة في العهد. ويثبت بذلك أن الدولة الطرف في البروتوكول تقبل بالتزام واحد فيما يتعلق بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد ولا يسعها، عن طريق التحفظ أن تستثني النظر في انتهاك أي حق معين من الحقوق. ويجادل المحامون بأن هذا الرأي تؤيده الحجج التالية:

- تشمل الحقوق المنصوص عليها في العهد حقوقاً لا يجوز تضييقها أو الانتقاص منها من حقوق الإنسان التي تعتبر ملزمة بغض النظر عن إرادة الأطراف. ولا يجوز للدولة الطرف أن تحدَّ من اختصاص اللجنة في النظر في القضايا التي تنطوي على حقوق من هذا القبيل، وبالتالي، لا يجوز للدولة الطرف أن تحدَّ، مثلاً، من البلاغات التي يدعي فيها سجناء محكوم عليهم بالإعدام تعرضهم للتعذيب.

- وسوف تواجه اللجنة صعوبات فعلية لو تناولت البلاغات في إطار حقوق معينة فقط، لأن عدداً كبيراً من الشكاوى ينطوي بالضرورة على ادعاءات بانتهاك العديد من مواد العهد.

- أما التحفظ المقدم من ترينيداد وتوباغو، فلم يسبق له مثيل من حيث نهجه؛ وفي جميع الأحوال، فإن تقديم تحفظات على البروتوكول الاختياري، سواء من حيث الأشخاص أو من حيث الموضوع، هو أمر لا يحظى بدعم كبير، إن حصل على أي دعم.

3-16 ثانياً، يجادل المحامون أن من المستصوب، لدى تعيين مدى توافق التحفظ مع غرض البروتوكول الاختياري وهدفه، التذكير بأنه لا يجوز لدولة ما أن تنسحب من البروتوكول لتفادي تعرضها لتدقيق دولي في مدى وفائها بالتزاماتها الموضوعية بمقتضى أحكام العهد. والتحفظ الذي قدمته ترينيداد وتوباغو من شأنه، في الواقع، أن يخدم هذا الغرض وأن يتيح، بالتالي، حدوث هذه التجاوزات.

3-17 ثالثاً، يجادل المحامون بأن اتساع نطاق التحفظ مثير للشبهات لأنه لا يحول فقط دون النظر في البلاغات المقدمة بشأن إنزال عقوبة الإعدام في حد ذاتها، بل يحول أيضاً دون تقديم أية شكوى تتصل اتصالاً مباشراً وحتى غير مباشر بالقضية لمجرد أن الحكم الصادر هو حكم بالإعدام.

بلاغ الدولة الطرف وتعليقات المحامي عليه :

4-1 أشارت الدولة الطرف في البلاغ الذي قدمته بتاريخ 8 نيسان/أبريل 1999 إلى صك انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، المؤرخ 26 أيار/مايو 1998، وهو يشمل التحفظ التالي:

"... تنضم ترينيداد وتوباغو من جديد إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مع تحفظها على المادة 1 منه، مفاده أن ليس من اختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان استلام ومعالجة بلاغات متصلة بأي سجين من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وتتصل بأي أمر يتعلق بمقاضاته أو باعتقاله أو بمحاكمته أو بإدانته أو بالحكم الصادر بحقه أو بتنفيذ عقوبة الإعدام فيه، أو أي أمر يتصل بذلك".

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأنه، نظراَ لهذا التحفظ ولأن صاحب البلاغ هو سجين محكوم عليه بالإعدام، فليس من اختصاص اللجنة النظر في هذا البلاغ. وتفيد الدولة أن اللجنة، بتسجيلها البلاغ وادعائها فرض تدابير مؤقتة بمقتضى أحكام المادة 86 من نظامها الداخلي، تجاوزت حدود اختصاصها، لذا فإن الدولة الطرف تعتبر الإجراءات التي اتخذتها اللجنة بشأن هذا البلاغ لاغية وغير ملزمة.

5- ودفع محامو صاحب البلاغ، في التعليقات التي قدموها بتاريخ 23 نيسان/أبريل 1999، أن رأي الدولة الطرف القائل إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تجاوزت نطاق اختصاصها عندما سجلت هذا البلاغ هو رأي لا أساس له من الصحة في إطار القانون الدولي الساري. وهم يجادلون بأن اللجنة، وليس الدولة الطرف، هي التي تبت في صحة التحفظ المقدم وذلك عملاً بالمبدأ العام الذي يقضي بأن الهيئة التي يقدم تحفظ ما بشأن اختصاصها هي التي تبـت في صحـة هذا التحفظ وسريانه. ويشيرون في هذا الصدد إلى الفقرة 18 من تعليق اللجنة العام رقم 24 (9) ، وإلى الأمر الصادر عن محكمة العدل الدولية بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 1998 بشأن السلطان القضائي على مصائد الأسماك (أسبانيا ضد كندا ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة، قبل النظر في أية شكوى واردة في بلاغ ما، أن تبت، بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي، في مقبولية البلاغ أو عدم مقبوليته بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفي 26 أيار/مايو 1998 أعلنت حكومة ترينيداد وتوباغو رغبتها في الانسحاب رسميا من البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي اليوم ذاته، أعلنت انضمامها إليه مجدداً مُضَمِّنةً صك انضمامها الجديد التحفظ المشار إليه في الفقرة 4-1 أعلاه.

6-3 وتعليلاً لهذا الإجراء، أشارت الدولة الطرف إلى قرار اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص في قضية برات ومورغان ضد النائب العام لجامايكا (10) ، الذي ورد فيه أنه "في أي قضية ينفذ فيها حكم الإعدام بعد صدور الحكم بخمس سنوات، يكون ثمة أساس قوي للاعتقاد بأن هذا التأخير يعتبر بمثابة "العقوبة أو غيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"" إخلالاً بأحكام المادة 17 من دستور جامايكا. وأثر هذا القرار بالنسبة إلى ترينيداد وتوباغو هو أن كل تأخير مفرط في تنفيذ حكم الإعدام يعتبر مخالفاً لأحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من دستور ترينيداد وتوباغو التي تتضمن حكماً شبيهاً بالحكم المنصوص عليه في المادة 17 من دستور جامايكا. وتوضح الدولة الطرف أنه نظراً إلى أن قرار اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص يشكل المعيار الدستوري المطبق في ترينيداد وتوباغو، فإن الحكومة مكلفة بالسهر على إتمام إجراءات الاستئناف بأسرع ما يمكن بإزالة دواعي التأخير في النظام كيما يتسنى إنفاذ أحكام الإعدام الصادرة عملاً بقوانين ترينيداد وتوباغو. وبناء عليه، قررت الدولة الطرف إعلان رغبتها في الانسحاب رسمياً من البروتوكول الاختياري، وفيما يلي نص الإعلان:

"إن حكومة ترينداد وتوباغو، في ظل الظروف الراهنة، ورغبة منها في تدعيم قانونها المحلي بغية عدم اخضاع أحد للمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، والتمكن بالتالي من الوفاء بالتزاماتها المعقودة بموجب المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قد شعرت بأنها مضطرة للإشعار بإنسحابها من البروتوكول الاختياري. ولكنها قبل أن تفعل ذلك، عقدت في 31 آذار/مارس 1998 مشاورات مع رئيس اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وأعضاء مكتب اللجنة بغية الحصول على ضمانات بأن القضايا المتصلة بحكم الإعدام ستعالج على جناح السرعة وسيبت فيها في غضون 8 أشهر من تاريخ تسجيلها، ولأسباب تراعيها حكومة ترينداد وتوباغو، لم يتسنَّ توفير أي ضمان بالبت في هذه القضايا في غضون الفترة الزمنية المطلوبة".

6-4 وكما يرد في تعليق اللجنة العام رقم 24، فإن اللجنة، بصفتها الهيئة المنشأة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للإشراف على العهد وبروتوكوليه الاختياريين، بتفسير التحفظات المقدمة على هذه الصكوك والبت في صحة هذه التحفظات. واللجنة ترفض بيان الدولة الطرف القائل إنها تجاوزت نطاق اختصاصها عندما سجلت البلاغ وعندما طلبت اتخاذ تدابير مؤقتة عملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن من البديهي أن اختصاصها يشمل بالضرورة تسجيل البلاغات للبت فيما إذا كانت مقبولة أو غير مقبولة في إطار تحفظ ما. أما فيما يتعلق بأثر التحفظ، إن كان مقبولاً، فيبدو، ظاهرياً، ولم يجادل صاحب البلاغ بخلاف ذلك، أن هذا التحفظ سيجَرِّد اللجنة من صلاحية النظر في هذا البلاغ من حيث مضمونه. بيد أن على اللجنة أن تبت في جواز هذا التحفظ أو عدم جوازه.

6-5 وتجدر الملاحظة، بادئ ذي بدء، أن البروتوكول الاختياري نفسه لا يُعَدُّ ناظماً لمقبولية ما يقدَّم على أحكامه من تحفظات وعليه، فوفقاً لأحكام المادة 19 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ومبادئ القانون الدولي العرفي، يجوز تقديم تحفظات، شريطة أن تكون متساوقة مع غرض الاتفاقية المعنية وهدفها. والسؤال المطروح هو بالتالي ما إذا كان يجوز أم لا يجوز اعتبار التحفظ المقدم من الدولة الطرف متوافقاً مع غرض البروتوكول الاختياري وهدفه.

6-6 وفي التعليق العام رقم 24 أعربت اللجنة عن رأيها بأن التحفظ الذي يستهدف استبعاد اختصاص اللجنة بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري بصدد بعض الأحكام المنصوص عليها في العهد، تحفظ لا يمكن أن يعتبر على أنه يلبي هذا الشرط:

"وتتمثل وظيفة البروتوكول الاختياري الأول في تمكين اللجنة من اختبار صحة الادعاءات المتعلقة بتلك الحقوق. وبالتالي فإن أي تحفظ على التزام للدولة باحترام وضمان حق من الحقوق الواردة في العهد يدرج في إطار البروتوكول الاختياري الأول ولا يكون قد سبق إدراجه فيما يتعلق بنفس الحقوق في إطار العهد لا يؤثر على واجب تلك الدولة بالامتثال لالتزامها الأساسي. إذ لا يمكن إبداء تحفظ على العهد من خلال إدراجه في إطار البروتوكول الاختياري، ولكنه يمكن استخدام مثل هذا التحفظ لضمان عدم قيام اللجنة بفحص مدى امتثال الدولة لذلك الالتزام في إطار البروتوكول الاختياري الأول. وبالنظر إلى أن موضوع وهدف البروتوكول الاختياري الأول يتمثلان في إتاحة قيام اللجنة بفحص الحقوق الملزمة بالنسبة للدولة بمقتضى العهد، فإن أي تحفظ يراد به استبعاد اختصاص اللجنة في هذا الشأن يكون منافيا لغرض وهدف البروتوكول الاختياري الأول ، حتى إذا لم يكن منافياً للعهد ذاته" (11) (التشديد مضاف).

6-7 وهذا التحفظ، الذي قدم بعد نشر التعليق العام رقم 24، لا يبتغي استبعاد اختصاص اللجنة بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بأي حكم محدد في أحكام العهد، بل فيما يتعلق بكامل العهد عندما يتعلق الأمر بفئة معينة من مقدمي الشكاوى، وهي فئة السجناء المحكوم عليهم بالإعدام. وذلك يجعل التحفظ متوافقاً وغرض البروتوكول الاختياري وهدفه. بل على العكس، لا يمكن للجنة أن تقبل أي تحفظ يقضي بمنح فئة معينة من الأشخاص حماية إجرائية أقل من تلك التي يتمتع بها باقي السكان. وترى اللجنة أن ذلك يشكل تمييزاً يتنافى وبعض المبادئ الأساسية المنصوص عليها في العهد وفي البروتوكولين الملحقين به، ولهذا السبب، لا يمكن أن يعتبر هذا التحفظ متوافقاً مع غرض البروتوكول الاختياري وهدفه. ونتيجة ذلك لا يوجد ثمة ما يمنع اللجنة من النظر في هذا البلاغ بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري.

6-8 واللجنة، إذ تحيط علماً بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية أي من الادعاءات التي قدمها صاحب البلاغ على أي أساس آخر غير تحفظها، فهي ترى أن ادعاءات صاحب البلاغ مشفوعة بما يكفي من الأدلة للنظر في وقائعها الموضوعية.

7- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ مقبول؛

(ب) أن يُطلب إلى الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، أن تقوم في غضون ستة أشهر من تاريخ إبلاغها هذا القرار، بموافاة اللجنة بالشروح أو البيانات المكتوبة اللازمة لتوضيح المسألة والتدابير المتخذة، إن وجدت؛

(ج) أن تقوم، بمقتضى أحكام الفقرة 3 من المادة 93 من النظام الداخلي، بإبلاغ صاحب البلاغ، عن طريق الأمين العام، بما قد يردها من الدولة الطرف من شروح أو بيانات، مع الطلب إلى صاحب البلاغ أن يوافي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عن طريق مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بمكتب الأمم المتحدة في جنيف بما قد يرغب الإدلاء به من تعليقات، وذلك في غضون ستة أسابيع من تاريخ إبلاغه؛

(د) أن يبلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ ومن يقوم بتمثيله.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير الحالي.]

الحواشي

(1)HRI-GEN-1-Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، الصفحة 9.

(2) البلاغ رقم صاد - 2/11، موتا ضد أوروغواي ؛ البلاغ رقم 257/1987، كلي ضد جامايكا؛ البلاغ رقم 373/1989، ستيفنز ضد جامايكا؛ البلاغ رقم 597/1994، غرانت ضد جامايكا.

(3) البلاغ رقم 336/1988، فيليا سترِه ضد بوليفيا؛ البلاغ رقم 27/1978، بينكني ضد كندا؛ البلاغ رقم 283/1988، ليتل ضد جامايكا؛ البلاغان رقم 210/1986 ورقم 225/1987، برات ومورغَن ضد جامايكا؛ البلاغ رقم 253/1987، كِلي ضد جامايكا؛ البلاغ رقم 523/1992، نبتيون ضد ترينيداد وتوباغو.

(4) يشير المحامون إلى قانون المملكة المتحدة لعام 1957 بشأن جريمة القتل الذي يقضي بأن عقوبة الإعدام تقتصر على جرائم القتل العمد التي تقع تحت طائلة الإعدام (القتل العمد بإطلاق النار أو بالتفجير، والقتل العمد في سياق عملية سرقة، والقتل العمد مقاومةً للتوقيف أو لدى الهروب من الحجز، وقتل أفراد الشرطة أو موظفي السجون أثناء تأديتهم مهامهم)، عملاً بأحكام الفرع 5 من القانون المذكور، وعلى من يرتكب جريمة القتل العمد أكثر من مرة، عملاً بأحكام الفرع 6 منه.

(5) بيد أن القانون في ترينيداد وتوباغو يشمل بعض الأحكام التي تخفف جريمة القتل العمد إلى جريمة قتل دون سبق الاصرار في الحالات التي تكون فيها مسؤولية القاتل مخفَّضة أو عندما ترتكب الجريمة نتيجة الاستفزاز.

(6) يبين المحامون أن اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص هي التي أقرت هذه المبادئ في قضية ريكلي ضد وزارة الأمن العام (رقم 2) (1996) 2WLR281، وفي قضية دي فرَيتاس ضد بني (1976) A.C..

(7) غولدر ضد المملكة المتحدة (1975) A18؛ وآيري ضد آيرلندا (1979) A32.

(8) البلاغ رقم 377/1989، كوري ضد جامايكا.

(9)HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997، الصفحة 46.

(10)2A.C. 1, 1994.

(11)HRI/GEN/1/Rev.3، 15 آب/أغسطس 1997/ ص 44.

تذييل

رأي فردي مخالف مقدم من أعضاء اللجنة السادة نيسوكِه آندو، وبرافولاتشانـدرا ن . باغـواتي، ودَيفِـد كرِتسمِـر وإكارت كلاين

1- إننا متفقون على أن اختصاص اللجنة يشمل تسجيل هذا البلاغ وطلب اتخاذ تدابير مؤقتة عملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي بغية تمكينها من النظر فيما إذا كان التحفظ المقدم من الدولة الطرف على البروتوكول الاختياري يجعل البلاغ غير مقبول. غير أنه لا يسعنا أن نوافق على رأي اللجنة بأن البلاغ مقبول.

2- فإقرار دولة من الدول الأطراف في العهد باختصاص اللجنة في استلام ومعالجة البلاغات الواردة من أفراد خاضعين لولاية الدولة الطرف هو إقرار يستند فقط إلى مصادقة تلك الدولة على البروتوكول الاختياري أو انضمامها إليه. إن المادة 1 من البروتوكول الاختياري تنص صراحةً على أنه لا يجوز للجنة أن تستلم أي رسالة تتعلق بأي دولة طرف في العهد لا تكون طرفاً في البروتوكول الاختياري.

3- والبروتوكول الاختياري هو معاهدة دولية قائمة بذاتها، كان فصلها عن العهد متعمداً بغية السماح للدول بالموافقة على أحكام العهد دون الاضطرار إلى قبول اختصاص اللجنة في النظر في البلاغات الفردية. وخلافاً للعهد، الذي لا يتضمن أي حكم يسمح بالانسحاب منه، فإن المادة 12 من البروتوكول الاختياري تجيز صراحةً إمكانية الانسحاب من البروتوكول. وغني عن الذكر أن الانسحاب من البروتوكول الاختياري لا يمكن أن يؤثر إطلاقاً من الناحية القانونية في الالتزامات التي تعهدت بتأديتها الدولة الطرف في إطار العهد بحد ذاته.

4- وقد مارست الدولة الطرف في هذه الحالة حقها الخاص في الانسحاب من البروتوكول الاختياري. وعندما انضمت إلى البروتوكول الاختياري ثانية، أكدت من جديد التزامها بالاعتراف باختصاص اللجنة في استلام بلاغات من الأفراد والنظر في هذه البلاغات. بيد أن هذا الانضمام الجديد لم يكن غير مقيد. فقد رافقه التحفظ الذي يخصنا هنا.

5- إن البروتوكول الاختياري ليس في حد ذاته ناظماً لمسألة مسموحية تقديم تحفظات على أحكامه. ومن ثم، فعملاً بقواعد القانون العرفي الدولي التي تتجلى في المادة 19 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، يجوز تقديم تحفظات على البروتوكول الاختياري، شريطة ألا تتنافى مع غرض البروتوكول وهدفه. وبناء عليه، قام عدد من الدول الأطراف بتقديم تحفظات تستثني من اختصاص اللجنة النظر في البلاغات التي سبق النظر فيها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وقد راعت اللجنة هذه التحفظات.

6- إن غرض البروتوكول الاختياري وهدفه هو تعزيز أغراض العهد وتنفيذ أحكامه بالسماح لهيئة دولية بالنظر في ادعاءات انتهاك حكومة طرف لحقوق أحد الأفراد المنصوص عليها في العهد. إن أفضل أسلوب لتكريس أغراض العهد ووضع أحكامه موضع التنفيذ هو بتخويل اللجنة صلاحية النظر في كل ادعاء فردي يرد بشأن انتهاك دولة من الدول الأطراف في العهد حقوق الفرد المنصوص عليها في العهد. ولكن التزام الدولة بضمان وحماية جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد لا يمنح اللجنة صلاحية النظر في الادعاءات الفردية. ولا تمنح هذه الصلاحية إلا بانضمام الدولة الطرف في العهد إلى البروتوكول الاختياري. وإذا كانت الدولة الطرف تتمتع بحرية قبول أو عدم قبول آلية رصد دولية، سيكون من الصعب تبرير عدم منحها حرية قبول هذه الآلية بالنسبة إلى بعض الحقوق أو الحالات دون غيرها، شريطة ألا تنص المعاهدة ذاتها على استحالة ذلك. فمبدأ كل شيء أو لا شيء مبدأ غير معقول في قانون حقوق الإنسان.

7- وترى اللجنة أن التحفظ الذي تبديه الدولة الطرف في هذه القضية غير مقبول لأنه يقضي بمنح فئة معينة من الأشخاص دون غيرها، هي فئة المحكمة عليهم بالإعدام، حماية إجرائية أقل من تلك التي يتمتع بها باقي السكان. وعملاً بالمبادئ التي تسير عليها اللجنة، يعتبر هذا الإجراء تمييزاً يتنافى مع بعض المبادئ الأساسية المكرسة في العهد وبروتوكوليه. ونحن نجد هذه الحجة غير مقنعة.

8- وغني عن البيان أنه لا يجوز لدولة طرف أن تقدم تحفظاً يكون مخالفاً للقواعد القطعية للقانون الدولي. فعلى سبيل المثال، أي تحفظ يقدم على البروتوكول الاختياري وينطوي على تمييز بين الأشخاص بسبب العنصر أو الدين أو الجنس يكون تحفظاً باطلاً. ولكن ذلك لا يعني بالطبع أن كل تمييز بين فئات المتضررين المحتملين لانتهاكات الدولة الطرف هو تمييز غير مقبول. فالأمر كله يتوقف على نوع التمييز نفسه والأسباب الموضوعية التي أفضت إلى هذا التمييز.

9- وعندما تناولت اللجنة مسألة التمييز المحظور بموجب المادة 26 من العهد، كانت تصر باستمرار على أن التفريق بين الأشخاص قد لا يكون دائماً بمثابة تمييز. ولا يوجد سبب وجيه يمنع اللجنة من تطبيق هذا المبدأ في هذه الحالة. وبما أننا نعالج تحفظاً قدم على البروتوكول الاختياري وليس على العهد نفسه، فإن ذلك يقتضي منا أن ننظر ليس فيما إذا كان ينبغي وجود فرق بين الحقوق الجوهرية للمحكوم عليهم بالإعدام وحقوق غيرهم، بل فيما إذا كان ثمة فرق بين البلاغات المقدمة من المحكوم عليهم بالإعدام والبلاغات المقدمة من غيرهم. ولقد قررت اللجنة تجاهل هذا الجانب، الذي استندت إليه الدولة الطرف في التحفظ الذي قدمته.

10- وتـرد الأسبـاب التي دفعت الدولة الطرف إلى الانسحاب من البروتوكول الاختياري مدرجة في الفقرة 6-3 من آراء اللجنة، فلا داعي لتكرارها هنا. ومما لا شك فيه أن الفرق بين البلاغات المقدمة من أشخاص محكوم عليهم بالإعدام وتلك المقدمة من غيرهم هو أن نتائجها مختلفة. فقد تمنع القيود الدستورية الدولة الطرف من تنفيذ حكم الإعدام في الشخص المحكوم عليه بالإعدام بمجرد قيامه بتقديم البلاغ، حتى وإن تبين أن الدولة الطرف وفت بالتزاماتها بمقتضى أحكام العهد . أي أن النتيجة التي يفضي إليها البلاغ لا تتوقف على آراء اللجنة - كالبت في ما إذا حدث انتهاك، وفي حال حدوثه، تحديد سبيل الانتصاف الذي توصي به - بل على تقديم البلاغ في حد ذاته. والحال مختلفة فيما يتعلق بأية فئة أخرى من الأشخاص الذين قد يقدموا بلاغات.

11- ويجب التشديد على أنه لو كانت القيود الدستورية قد وضعت الدولة الطرف في موقف يدفعها إلى انتهاك الحقوق الجوهرية المكرسة في العهد، لما كان الانسحاب من البروتوكول الاختياري، ثم الانضمام إليه من جديد، إجراء مشروعاً، لأن الغرض من ذلك كان من المتوقع أن يكون السماح للدولة الطرف بالاستمرار في انتهاك أحكام العهد دون رادع. ولحسن الطالع أن الحالة مختلفة هنا. وإذا كان رأي اللجنة مختلفاً عن رأي اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص (في الحالة المذكورة في الفقرة 6-3 من آراء اللجنة) فيما يتعلق بمعرفة ما إذا كان طول الفترة التي يقضيها المدان في جناح المحكوم عليهم بالإعدام يجعل التأخير في تنفيذ الحكم بمثابة عقوبة قاسية ولا إنسانية، فإن الدولة الطرف التي تأخذ برأي اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص لا تكون قد انتهكت التزاماتها بموجب العهد.

12- في ضوء ما تقدم، لا نرى ثمة ما يدعو إلى اعتبار التحفظ الذي قدمته الدولة الطرف منافياً لغرض البروتوكول الاختياري وهدفه. وبما أن من الواضح أن التحفظ يشمل البلاغ موضوع البحث (ولا يعترض صاحب البلاغ على ذلك)، فإننا نعتبر البلاغ غير مقبول.

13- وفي ضوء النتيجة التي خلصنا إليها من أن البلاغ غير مقبول للأسباب المبينة أعلاه، ما كان علينا أن نعالج مسألة أخرى ناشئة عن آراء اللجنة، ألا وهي مسألة الأثر المترتب على تحفظ باطل. ولكن نظراً إلى أهمية هذه المسألة وإلى أن اللجنة نفسها أعربت عن آرائها في هذا الصدد، لا يمكن لنا أن نتجاهل ذلك.

14- فتبين اللجنة في الفقرة 6-7 من آرائها أنه لا يمكن أن يعتبر هذا التحفظ متوافقاً مع غرض موضوع البروتوكول الاختياري وهدفه. وتضيف اللجنة بعد ذلك أن "نتيجة ذلك لا يوجد ثمة ما يمنع اللجنة من النظر في هذا البلاغ بمقتضى أحكام البروتوكول الاختياري". ولكنها لا تبرر هذه "النتيجة" غير البديهية إطلاقاً. ونظراً لعدم وجود شرح في آراء اللجنة نفسها، يجب علينا أن نفترض أن التفسير يكمن في النهج الذي اعتمدته اللجنة في تعليقها العام رقم 24 الذي يتناول مسألة التحفظات المقدمة على العهد.

15- وقد ناقشت اللجنة في التعليق العام رقم 24 العوامل التي تجعل تحفظاً ما غير متوافق مع غرض العهد وهدفه. وتنظر اللجنة، في الفقرة 18، في النتائج المترتبة على تحفظ غير متوافق، وتبين: "إن النتيجة التي تترتب عادة على عدم قبول التحفظ لا تتمثل في عدم سريان العهد إطلاقاً بالنسبة إلى الطرف المتحفظ. بل إن مثل هذا التحفظ يكون عادةً قابلاً للفصل، بمعنى أن العهد يكون نافذاً بالنسبة إلى الطرف المتحفظ دون استفادته من التحفظ". ولا يخفى على أحد أن هذا النهج الذي اتبعته اللجنة أثار انتقادات كبيرة. فالعديد من خبراء القانون الدولي يعتبر أن هذا النهج يتنافى مع القواعد الأساسية لأي نظام من نظم المعاهدات، ومفادها أن التزامات دولة ما بموجب المعاهدات تخضع لموافقة الدولة على الوفاء بتلك الالتزامات. ويجادل المنتقدون بأنه، إذا كان تحفظ ما يتنافى مع غرض المعاهدة وهدفها، لا تصبح الدولة المقدمة للتحفظ طرفاً في المعاهدة ما لم تسحب ذلك التحفظ. ويرى المنتقدون أنه لا يوجد سبب وجيه للحياد عن المبادئ العامة لقانون المعاهدات لدى تناول التحفظات المقدمة على العهد.

16- وقصدنا في هذه القضية ليس إعادة طرح كامل المسألة التي يتناولها التعليق العام رقم 24. بل نكتفي بالقول إن اللجنة لم تر، حتى لدى تناول التحفظات المقدمة على العهد ذاته، أن في كل حالة يُنَحّى فيها تحفظ غير مقبول جانباً، يتاح للدولة الطرف المقدمة للتحفظ أن تصبح طرفاً في العهد دون الانتفاع من التحفظ. وكما يتضح من الجزء المشار إليه أعلاه من التعليق العام رقم 24، كل ما بينته اللجنة هو أن هذا هو ما يحصل عادة . والافتراض الطبيعي هو ألا تكون المصادقة أو أن يكون الانضمام مرهوناً بمقبولية التحفظ وألا يقوض عدم قبول التحفظ موافقة الدولة الطرف المقدمة للتحفظ على أن تكون طرفاً في العهد. ولكن لا يجوز هذا الافتراض عندما يتجلى تماماً أن موافقة الدولة الطرف على أن تكون طرفاً في العهد مرهونة بمقبولية التحفظ. ويسري ذلك على التحفظات المقدمة على البروتوكول الاختياري.

17- وكما تم التوضيح في الفقرة 6-2 من آراء اللجنة، أعلنت الدولة الطرف بتاريخ 26 أيار/مايو 1998 انسحابها من البروتوكول الاختياري وبعد ذلك فوراً انضمت إليه من جديد مقدمة التحفظ. كما شرحت لماذا لم يكن بوسعها قبول اختصاص اللجنة في النظر في البلاغات المقدمة من أشخاص محكوم عليهم بالإعدام. ومن الواضح في هذه الظروف المعيَّنة أن ترينيداد وتوباغو غير مستعدة لتكون طرفاً في البروتوكول الاختياري دون تقديم التحفظ المذكور، وأن عودتها إلى الانضمام إليه متوقفة على قبول التحفظ. ويدفعنا ذلك إلى القول إننا لو قبلنا رأي اللجنة بأن التحفظ باطل، لتوجب علينا أن نعتبر أن ترينيداد وتوباغو ليست طرفاً في البروتوكول الاختياري. وبالطبع، كان هذا سيجعل البلاغ غير مقبول كذلك.

18- وختاماً لرأينا، نود التشديد على أننا نشاطر اللجنة رأيها أن التحفظ المقدم من الدولة الطرف مؤسف. ونرى أيضاً أن التحفظ المقدم أوسع نطاقاً مما هو مطلوب لمراعاة التقييدات الدستورية للدولة الطرف، نظراً إلى أنه يستثني البلاغات المقدمة من الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، حتى في حال تجاوز الفترة الزمنية المحددة من طرف اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص (كما هي الحال، على ما يبدو، البلاغ موضوع البحث). وقد علمنا بأنه طرأت بعض التطورات على أحكام وقرارات اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص منذ أن انسحبت الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري وانضمت إليه من جديد، وأن هذه التطورات قد تجعل التحفظ غير ضروري. وهذه العوامل لا تؤثر في مسألة توافق التحفظ مع غرض البروتوكول الاختياري وهدفه. ولكننا نرى أنه من المناسب أن نعرب عن أملنا في أن تعيد الدولة الطرف النظر في ضرورة هذا التحفظ وأن تقوم بسحبه. ونشدد أيضاً على ما هو بديهي، وهو أن مقبولية التحفظ لا يؤثر أبداً في واجب الدولة الطرف في الوفاء بالتزاماتها الجوهرية بمقتضى أحكام العهد، ولا بد من ضمان حقوق المحكوم عليهم بالإعدام المكرسة في العهد، ولا بد من حماية هذه الحقوق في جميع الظروف.

( التوقيع ) ن. آندو

( التوقيع )ب. ن. باغواتي

( التوقيع ) إ. كلاين

( التوقيع ) د. كريتسمير

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير الحالي].

رأي فردي مؤيد مقدم من عضو اللجنة السيد لويس هِنكين

أوافق على النتيجة التي خلصت إليها اللجنة.

( التوقيع ) لويس هنكين

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير الحالي.]

المرفق الثاني عشر

ملخص بيان المفوضة السامية المتعلق بإنشاء فريق يُعنى بالالتماسات

أدى ما شهده نظام المعاهدات من تطور وازدياد اطلاع الناس على ما لهم من حقوق إلى نشوء مهمات صعبة تواجه هيئات رصد المعاهدات، ولا سيما اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وسيزيد التركيز على التصديق الشامل الذين كان يسعى إليه الأمين العام إبان انعقاد الجمعية العامة الألفية من هذه الضغوط ويتطلب قيام الدول الأطراف بإجراء مراجعة دقيقة للمسائل المتصلة بالموارد.

واستهلت المفوضة السامية في ندائها السنوي في كانون الثاني/يناير 2000. برنامجاً شاملاً يدوم لفترة سنتين الهدف منه تحسين الخدمات المقدمة لنظام رصد المعاهدات برمته. وأحد عناصر هذا البرنامج الأساسية تعزيز قدرة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على تناول الشكاوى الفردية المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. ورحبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان مع التقدير بنبأ تشكيل فريق للعرائض في فرع خدمات الدعم لمعالجة الإجراءات الإفرادية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على التمييز العنصري. ويتم حالياً تعيين الموظفين لتأمين الدعم الإضافي لهذا الفريق، الذي ستكون إحدى أولوياته تناول المتراكم من البلاغات المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، علاوة على معالجة البلاغات المقدمة إلى الهيئات الأخرى المنشأة بموجب معاهدات.

والغرض الكلي من ذلك هو زيادة الكفاءة، وتنسيق العمل، وتقاسم الخبرات القانونية واللغوية ووضع تحليلات مقارنة لقرارات الهيئات المنشأة بموجب معاهدات. وقد بدأت عملية تعيين الموظفين لتوفير هذا الدعم الإضافي حيث عيّن شخص يتكلم الروسية ومحام في القانون العام لغته الأم اللغة الفرنسية.

وسيتم تصميم الهيكل الجديد لضمان التنسيق الصحيح بين أنشطة اللجنة في مجال وضع التقارير من قبيل ملاحظاتها الختامية وآراءها الناتجة عن النظر في البلاغات: وينبغي أن يتوفر تدفق المعلومات والتبادل بين هاتين الوظيفتين، إضافة إلى الإفاضة في التعليقات العامة والمتابعة الصحيحة.

230201 230201 00-69608 (A)

*0069608*