الأمم المتحدة

تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

المجلد الثاني

الدورة التاسعة والسبعون

(20 تشرين الأول/أكتوبر - 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003)

الدورة الثمانون

(15 آذار/مارس - 2 نيسان/أبريل 2004)

الدورة الحادية والثمانون

(5-30 تموز/يوليه 2004)

الجمعية العامة

الوثائق الرسمية

الدورة التاسعة والخمسون

الملحق رقم 40 (A/59/40)

A/59/40 (Vol.II)

الجمعية العامة

الوثائق الرسمية

الدورة التاسعة والخمسون

الملحق رقم 40 (A/59/40)

تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

المجلد الثاني

الدورة التاسعة والسبعون

(20 تشرين الأول/أكتوبر - 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003)

الدورة الثمانون

(15 آذار/مارس - 2 نيسان/أبريل 2004)

الدورة الحادية والثمانون

(5-30 تموز/يوليه 2004)

الأمم المتحدة • نيويورك، 2004

ملاحظة

تتكون رموز وثائق الأمم المتحدة من أحرف لاتينية كبيرة وأرقام. وإيراد رمز من هذه الرموز هو إشارة إلى وثيقة من وثائق الأمم المتحدة.

المحتويات

الفصل الفقرات الصفحة

الأول- الاختصاص ولأنشطة

ألف- الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

باء- دورات اللجنة

جيم- انتخاب أعضاء المكتب

دال- المقررون الخاصون

هاء- الأفرقة العاملة وفرق العمل المعنية بالتقارير القطرية

واو- توصيات الأمين العام بشأن إصلاح الهيئات المنشأة بموجب معاهدات

زاي- أنشطة الأمم المتحدة المتصلة بحقوق الإنسان

حاء- حالات عدم التقيد بمقتضى المادة 4 من العهد

طاء- التعليقات العامة بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد

ياء- الموارد من الموظفين

كاف- مكافآت اللجنة

لام- الدعاية لأعمال اللجنة

ميم- المنشورات المتعلقة بأعمال اللجنة

نون- نشر كتاب يحتفل بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لعمل اللجنة

سين- الاجتماعات المقرر أن تعقدها اللجنة

عين- اعتماد التقرير

الثاني- أساليب عمل اللجنة بموجب المادة 40 من العهد والتعاون مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى المنشأة بموجب معاهدات

ألف- التطورات والمقررات الأخيرة فيما يتصل بالإجراءات

باء- الملاحظات الختامية

جيم- الصلات بالمعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان والهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان

دال- التعاون مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى

المحتويات (تابع)

الفصل الفقرات الصفحة

الثالث- تقديم التقارير من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف- التقارير المقدمة إلى الأمين العام في الفترة من آب/أغسطس 2003 إلى تموز/يوليه 2004

باء- التقارير المتأخرة وعدم وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها بموجب المادة 40

الرابع- النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف- الملاحظات الختامية المتعلقة بتقارير الدول التي نُظر فيها أثناء فترة الإبلاغ

الفلبين

الاتحاد الروسي

لاتفيا

سري لانكا

كولومبيا

ألمانيا

سورينام

أوغندا

ليتوانيا

بلجيكا

ليختنشتاين

ناميبيا

صربيا والجبل الأسود

باء- الملاحظات الختامية المؤقتة التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن حالات البلدان التي تخلفت عن تقديم تقاريرها، وهي ملاحظات حوِّلت إلى ملاحظات ختامية نهائية عامة عملاً بالفقرة 3 من المادة 69 ألف من النظام الداخلي

غامبيا

غينيا الاستوائية

المحتويات (تابع)

الفصل الفقرات الصفحة

الخامس- النظر في البلاغات الواردة بموجب البروتوكول الاختياري

ألف- تقدم العمل

باء- تزايد عدد البلاغات المعروضة على اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

جيم- النهج المتبعة في دراسة البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري

دال- الآراء الفردية

هاء- القضايا التي نظرت فيها اللجنة

واو- سبل الانتصاف المطلوبة بموجب آراء اللجنة

السادس- أنشطة المتابعة بموجب البروتوكول الاختياري

السابع- متابعة الملاحظات الختامية

المرفقات

الأول- الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفي البروتوكولين الاختياريين والدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد حتى 31 تموز/يوليه 2004

ألف- الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

باء- الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري

جيم- الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الثاني الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام

دال- الدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد

الثاني- أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وأعضاء مكتبها، 2003-2004

ألف- أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

باء- أعضاء المكتب

الثالث- تعليق عام اعتمدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 40، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

الرابع- تقديم تقارير ومعلومات إضافية من جانب الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

الخامس- حالة التقارير والحالات التي نُظر فيها أثناء الفترة قيد الاستعراض وحالة التقارير التي لا تزال معروضة على اللجنة

السادس- قرار اللجنة المؤرخ 2 نيسان/أبريل 2004 بتحويل أسبوع اجتماع الفريق العامل التابع للدورة الحادية والثمانين إلى أسبوع للجلسات عامة، وبيان الآثار المترتبة في الميزانية البرنامجية

السابع- مجموعة مختارة من قواعد بيانات ومواقع إنترنت تتضمن معلومات بشأن القرارات التي اتخذتها اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

الثامن- قرار اتخذته اللجنة في 23 تموز/يوليه 2004 بشأن أساليب العمل بموجب البروتوكول الاختياري

التاسع- آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1

ألف- البلاغ رقم 712/1996، سميرنوفا ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 1

باء- البلاغ رقم 793/1998، برايس ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 15 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 11

جيم- البلاغ رقم 797/1998، لوبان ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 16 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 16

دال- البلاغ رقم 798/1998، هوويل ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 22

التذييل

هاء- البلاغ رقم 811/1998، مولاي ضد جمهورية غيانا

(الآراء التي اعتمدت في 20 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 30

واو- البلاغ رقم 815/1998، دوغين ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 5 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 35

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

التاسع (تابع)

زاي- البلاغ رقم 867/1999، سمارت ضد جمهورية غيانا

(الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 43

حاء- البلاغ رقم 868/1999، ويلسن ضد الفلبين

(الآراء التي اعتمدت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 50

طاء- البلاغ رقم 888/1999، تليتسين ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 63

ياء- البلاغ رقم 904/2000، فان مارك ضد بلجيكا

(الآراء التي اعتمدت في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 68

كاف- البلاغ رقم 909/2000، كانكانغمي ضد سري لانكا

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 75

لام- البلاغ رقم 910/2000، راندولف ضد توغو

(الآراء التي اعتمدت في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 83

التذييل

ميم- البلاغ رقم 911/2000، نزاروف ضد أوزبكستان

(الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 95

نون- البلاغ رقم 917/2000، أروتيونيان ضد أوزبكستان

(الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 100

سين- البلاغ رقم 920/2000، لوفيل ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 24 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 105

التذييل

عين- البلاغ رقم 926/2000، شن ضد جمهورية كوريا

(الآراء التي اعتمدت في 16 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 122

فاء- البلاغ رقم 927/2000، سفيتيك ضد بيلاروس

(الآراء التي اعتمدت في 8 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 129

التذييل

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

التاسع (تابع)

صاد- البلاغ رقم 938/2000، جيرجادات سيفبيرسود وآخرون ضد ترينيداد وتوباغو

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 136

قاف- البلاغ رقم 943/2000، غيدو جاكوبس ضد بلجيكا

(الآراء التي اعتمدت في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 142

التذييل

راء- البلاغ رقم 962/2001، موليتزي ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية

(الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 163

شين- البلاغ رقم 964/2001، بارنو سايدوفا ضد طاجيكستان

(الآراء التي اعتمدت في 8 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 168

تاء- البلاغ رقم 976/2001، ديركسن ضد هولندا

(الآراء التي اعتمدت في 1 أيار/مايو 2004، الدورة الثمانون) 177

التذييل

ثاء- البلاغ رقم 1002/2001، فرانز فالمان وآخرون ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 187

خاء- البلاغ رقم 1006/2001، مارتينيس مونيوس ضد إسبانيا

(الآراء التي اعتمدت 23 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 203

التذييل

ذال- البلاغ رقم 1011/2001، مادافيري ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 28 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 213

التذييل

ضاد- البلاغ رقم 1015/2001، برترر ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 20 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 237

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

التاسع (تابع)

ألف ألف- البلاغ رقم 1033/2001، نالاراتنام ضد سري لانكا

(الآراء التي اعتمدت في 21 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 253

باء باء- البلاغ رقم 1051/2002، أهاني ضد كندا

(الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 269

التذييل

جيم جيم- البلاغ رقم 1060/2002، ديسيل ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 295

دال دال- البلاغ رقم 1069/2002، بختياري ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 314

التذييل

هاء هاء- البلاغ رقم 1080/2002، نيكولاس ضد أستراليا

(الآراء التي اعتمدت في 19 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 335

واو واو- البلاغ رقم 1090/2002، راميكا ضد نيوزيلندا

(الآراء التي اعتمدت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 345

التذييل

زاي زاي- البلاغ رقم 1096/2002، كوربانوفا ضد طاجيكستان

(الآراء التي اعتمدت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 370

حاء حاء- البلاغ رقم 1117/2002، خوميدوفا ضد طاجيكستان

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 380

طاء طاء- البلاغ رقم 1136/2002، بورزوف ضد إستونيا

(الآراء التي اعتمدت في 26 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 386

ياء ياء- البلاغ رقم 1160/2003، غ. بوهل وآخرون ضد النمسا

(الآراء التي اعتمدت في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 395

كاف كاف - البلاغ رقم 1167/2003، راميل رايوس ضد الفلبين

(الآراء التي اعتمدت في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 408

التذييل

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

العاشر- قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بإعلان عدم مقبولية البلاغات المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 420

ألف- البلاغ رقم 697/1996، أبونتي غوسمان ضد كولومبيا

(القرار الذي اعتمد في 5 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 420

باء- البلاغ رقم 842/1998، رومانوف ضد أوكرانيا

(القرار الذي اعتمد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 426

جيم- البلاغ رقم 870/1999، ه‍. س. ضد اليونان

(القرار الذي اعتمد في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 430

دال- البلاغ رقم 874/1999، كوزنتسوف ضد الاتحاد الروسي

(القرار الذي اعتمد في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 434

هاء- البلاغ رقم 901/1999، لينغ ضد أستراليا

(القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 438

التذييل

واو- البلاغ رقم 961/2000، إيفريت ضد إسبانيا

(القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 456

زاي- البلاغ رقم 970/2001، فاليري ي. فابريكان ضد كندا

(القرار الذي اعتمد في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 464

حاء- البلاغ رقم 977/2001، براندسما ضد هولندا

(القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 471

طاء- البلاغ رقم 990/2001، ايرشيك ضد النمسا

(القرار الذي اعتمد في 19 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 478

ياء- البلاغ رقم 999/2001، ديختل وآخرون ضد النمسا

(القرار الذي اعتمد في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 486

كاف- البلاغ رقم 1003/2001، ب. ل. ضد ألمانيا

(القرار الذي اعتمد في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 489

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

العاشر (تابع)

لام- البلاغ رقم 1008/2001، هويوس ضد إسبانيا

(القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 497

التذييل

ميم- البلاغ رقم 1019/2001، باركايزتيغوي ضد إسبانيا

(القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 515

التذييل

نون- البلاغ رقم 1024/2001، سانليس سانليس ضد إسبانيا

(القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 531

سين- البلاغ رقم 1040/2001، رومانز ضد كندا

(القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 538

عين- البلاغ رقم 1045/2002، باروي ضد الفلبين

(القرار الذي اعتمد في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 545

فاء- البلاغ رقم 1074/2002، نافارا فيراغوت ضد إسبانيا

(القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 551

صاد- البلاغ رقم 1084/2002، بوشاتون ضد فرنسا

(القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 555

قاف- البلاغ رقم 1106/2002، بالاندجيان ضد هنغاريا

(القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 561

راء- البلاغ رقم 1115/2002، بيترسن ضد ألمانيا

(القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 565

شين- البلاغ رقم 1138/2002، آرنتس ضد ألمانيا

(القرار الذي اعتمد في 24 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) 576

تاء- البلاغ رقم 1179/2003، نغامبي ضد فرنسا

(القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 587

المحتويات (تابع)

المرفقات الصفحة

العاشر (تابع)

ثاء- البلاغ رقم 1191/2003، هروسكا ضد الجمهورية التشيكية

(القرار الذي اعتمد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) 594

خاء- البلاغ رقم 1214/2003، فلاد ضد ألمانيا

(القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 596

ذال- البلاغ رقم 1239/2004، ويلسون ضد أستراليا

(القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) 600

ضاد- البلاغ رقم 1272/2004، بن علي ضد هولندا

(القرار الذي اعتمد في 23 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) 604

المرفق التاسع

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف- البلاغ رقم 712/1996، سميرنوفا ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: يلينا بافلوفنا سميرنوفا (تمثلها المحامية السيدة كارينا موسكالينكو)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ الأول: 19 حزيران/يونيه 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 712/1996 المقدم إلى اللجنة باسم يلينا بافلوفنا سميرنوفا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي يلينا بافلوفنا سميرنوفا، مواطنة روسية ولدت في عام 1967 (1) . وهي تدعي أنها ضحية انتهاك الاتحاد الروسي للمادتين 9 و14 من العهد. وتمثلها محامية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في 5 شباط/فبراير 1993، اتُخذت إجراءات جنائية بحق صاحبة البلاغ بموجب المادة 93(أ) من القانون الجنائي الروسي، بتهمة الاحتيال على مصرف في موسكو عندما حاولت الحصول على قرض لقاء ضمان شقة سكنية لم تكن تملكها. ولم تعلم صاحبة البلاغ بالإجراءات الجنائية المتخذة ضدها إلا في 14 أيلول/سبتمبر 1994، عندما ألقى القبض عليها أفراد من شرطة موسكو. وقد أفرج عنها بعد ذلك ب‍ 36 ساعة.

2-2 وفي 26 آب/أغسطس 1995، ألقي القبض من جديد على صاحبة البلاغ وأودعت مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة في سجن بوتيرسكايا بموسكو. ولم تخطر رسمياً بأي تهم موجهة إليها حتى 31 آب/أغسطس 1995، ولم توفر لها سريعاً مساعدة محامٍ. ويتضح من الوثائق المرفقة أن المحامي لم يسمح له بمقابلة صاحبة البلاغ حتى 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، على الرغم من توجيه عدة طلبات في هذا الخصوص.

2-3 وتقول صاحبة البلاغ إن توقفيها واحتجازها كانا غير مشروعين لأنها احتجزت بعد انقضاء المهلة المحددة لإنجاز التحقيق الأولي. وأوضحت أن قانون الإجراءات الجنائية الروسي لا يجيز توقيف المشتبه فيه إلا بناء على تحقيق رسمي. وفي حالة صاحبة البلاغ، فتح التحقيق في 5 شباط/فبراير 1993 وانقضى في 5 نيسان/أبريل 1993، عملاً بالمادة 133(1) من قانون الإجراءات الجنائية. وتجيز المادة 133(4) من هذا القانون تمديد التحقيقات المعلقة والمسـتأنفة لمدة شهر واحد. ووفقاً لهذه المادة، مُدد التحقيق الأولي في حالة صاحبة البلاغ ست مرات، ثلاث منها غير قانونية، بحسب اعتراف المدعي العام في بلدية موسكو.

2-4 وفي 27 آب/أغسطس 1995، قدمت صاحبة البلاغ شكوى ضد محقق الشرطة معترضة فيها على مشروعية توقيفها واحتجازها عملاً بالمادة 220(1) من قانون الإجراءات الجنائية. ولم يحل المحقق الشكوى إلى محكمة تفير البلدية المشتركة حتى 1 أيلول/سبتمبر 1995، منتهكاً بذلك الشرط القاضي بتقديم هذه الشكاوى إلى محكمة في غضون يوم واحد. وتفيد صاحبة البلاغ أن المحكمة ردت الشكوى في 13 أيلول/سبتمبر 1995 دون أن تستمع إلى حجج الطرفين، بدعوى أنها غير مختصة للنظر في مشروعية التوقيف والاحتجاز بعد أن انتهى التحقيق في القضية. وقد كان ذلك هو الأساس الذي أقامت عليه صاحبة البلاغ ادعاءها بعدم مشروعية توقيفها. وتقول صاحبة البلاغ إن المحكمة كان ينبغي أن تنظر في قضيتها لأن التحقيق كان جارياً بعد تمديده، وإن كان هذا التمديد غير مشروع كما تدعي صاحبة البلاغ. ولم تستطع صاحبة البلاغ استئناف قرار المحكمة، لأن المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز استئناف قرار يتعلق بادعاء مقدم بموجب المادة 220.

2-5 وتفيد صاحبة البلاغ أنه منذ تاريخ رسالتها الأولى لم يحدد موعد للمحاكمة وأن المحكمة أعلنت أنها لن تنظر في دعواها قبل أيلول/سبتمبر 1996. ووفقاً لصاحبة البلاغ، يشكل ذلك انتهاكاً للمادة 223 من قانون الإجراءات الجنائية التي تكفل تحديد موعد للمحاكمة في غضون 14 يوماً من رفع الدعوى أمام المحكمة.

2-6 وتقول صاحبة البلاغ أيضاً إنها تعاني مرضاً جلدياً خطيراً، هو الالتهاب الباسوري، وأن أوضاع السجن التي كانت محتجزة فيه زادت من سوء وضعها الصحي. وتفيد في هذا السياق أن الغذاء والدواء في السجن كانا غير مناسبين وأن الزنزانات المصممة لاحتجاز 24 شخصاً كان يودع فيها 60 شخصاً وأنها احتجزت مع مجرمات خطيرات. وتقول صاحبة البلاغ إن سجلها الجنائي كان نظيفاً ولم يسبق أن اتهمت بارتكاب أي جريمة خطيرة أو عنيفة، ولذلك ما كان ينبغي احتجازها. وفيما يتعلق بأوضاع الاحتجاز في سجن بوتيرسكايا، تحيل صاحبة البلاغ إلى تقرير المقررة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب في لجنة حقوق الإنسان، المؤرخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 (2) . وفي آذار/مارس 1996، نقلت صاحبة البلاغ إلى مستشفى السجن حيث مكثت حتى 17 أيار/مايو 1996 قبل أن تُعاد إلى زنزانتها.

2-7 وفيما يخص استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدعي صاحبة البلاغ أن قانون الإجراءات الجنائية لا يسمح باستئناف القرارات المتخذة بموجب المادة 220. وفي غياب إمكانية المراجعة القضائية، شكت صاحبة البلاغ من عدم مشروعية قرار القاضي إلى عدد من الجهات، منها المدعي العام في بلدية موسكو، والمدعي العام في دائرة موسكو، والمدعي العام للاتحاد الروسي، ودائرة العدالة في بلدية موسكو، ومحكمة بلدية موسكو، ومجلس تأهيل القضاة في موسكو. وأكدت هذه الجهات أن قرار القاضي غير قابل للمراجعة. إلا أن وزارة العدل اعترفت بأن قرار القاضي خاطئ ولكنها غير قادرة على اتخاذ إجراء إن لم يوجد دليل على مخالفة القاضي للقانون. واعترف المدعي العام في بلدية موسكو بحدوث تأخير بيروقراطي في التحقيق في قضية صاحبة البلاغ إلا أنه لم يسمح بإطلاق سراحها. وذكر أنها لا توجد سبل انتصاف أخرى.

الشكوى

3- تدعي صاحبة البلاغ أن احتجازها السابق للمحاكمة مخالف للمواد 9 و10 و14(3) من العهد، حيث حرمت من حريتها بما يخالف قانون الإجراءات الجنائية الروسي، ولأنها لم تبلغ سريعاً بأسباب توقيفها أو بالتهم الموجهة إليها ولأنها لم تقدم سريعاً إلى قاضٍ أو موظف قضائي، ولأنها احتجزت رهن المحاكمة على الرغم من نظافة سجلها الجنائي. وتدعي أيضاً أن الجريمة التي اتهمت بها ليست جريمة خطيرة، وأنه لا يوجد سبب يحمل على الاعتقاد أنها لم تمثل للتحقيق أو للمحاكمة. كما تدعي أنها مُنعت من اتخاذ إجراءات أمام المحكمة ضد القرار المتعلق بمشروعية توقيفها. وهي تحتج أيضاً بالحقوق الواردة في المادتين 7 و10 من العهد فيما يخص أوضاع الاحتجاز وعدم المعالجة الطبية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والوقائع الموضوعية

4- في مذكرة مؤرخة 4 نيسان/أبريل 1997، قدمت الدولة الطرف "رداً مؤقتاً" على البلاغ، ذكرت فيه أن صاحبة البلاغ اتخذت ضدها إجراءات جنائية بتهمة اختلاس مبلغ كبير من المال بطرق احتيالية. وأوضحت أنه نظراً إلى طبيعة التهمة الخطيرة، ألقي القبض على صاحبة البلاغ ووضعت رهن الاحتجاز، وأن التحقيقات قد استكملت الآن. وأفادت الدولة الطرف أن الإجراءات الجنائية اتخذت ضد صاحبة البلاغ في 8 نيسان/أبريل 1996 في محكمة تفير البلدية المشتركة، وهي إجراءات لا تزال قائمة. وذكرت الدولة الطرف أنه لما كانت الإجراءات لا تزال قائمة فإن البلاغ غير مقبول على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5- أفادت صاحبة البلاغ، في تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 24 نيسان/أبريل 1997، أن الدولة الطرف لم تعالج شكواها بشأن عدم مشروعية توقيفها وحرمانها من المثول أمام المحكمة لمراجعة مشروعية احتجازها، في انتهاك للمادة 9 والفقرة 3 من المادة 14 من العهد. وأقرت بأن محاكمتها بدأت في 8 نيسان/أبريل 1996، موضحة أنها استمرت أكثر من سنة دون مراعاة أصول المحاكمة القانونية، وأن المحكمة كانت تنوي إعادة القضية للمزيد من التحقيق. وقالت صاحبة البلاغ إن رد الدولة الطرف تناول الدعوى الجنائية المرفوعة عليها، وهو ليس موضوع بلاغها إلى اللجنة. وأكدت من جديد أن سبل الانتصاف المحلية استنفدت فيما يخص ادعاءها بعدم مشروعية توقيفها وحرمانها من المثول أمام محكمة للطعن في مشروعية احتجازها. وذكرت أيضاً أن المحاكم استمرت في رفض طلباتها بالنظر في مسألة مشروعية توقيفها، وأنه لم يكن من الممكن استئناف القرار الأصلي لمحكمة تفير البلدية المشتركة.

القرار بشأن المقبولية

6- قررت اللجنة في دورتها الثانية والستين أن البلاغ مقبول، مشيرة إلى أن الدولة الطرف لم تتناول مقبولية ادعاء صاحبة البلاغ بشأن ظروف احتجازها، وأن ادعاءات صاحبة البلاغ لا تتصل بمحاكمتها الجارية وإنما بتوقيفها واحتجازها اللذين كانا، في نظرها، غير مشروعين واللذين استنفدت بشأنهما سبل الانتصاف المحلي. ولاحظت اللجنة أن البلاغ قد يثير قضايا بمقتضى المواد 7 و9 و10 و14(3) وأنه ينبغي النظر في أسسها الموضوعية. ودعت الدولة الطرف إلى تقديم شروح أو بيانات خطية توضح المسائل المثارة في البلاغ. وأحيل القرار إلى الدولة الطرف في 27 نيسان/أبريل 1998.

بلاغ آخر من صاحبة البلاغ وملاحظات أخرى من الدولة الطرف

7-1 في 17 آب/أغسطس 1998، قدمت صاحبة البلاغ بلاغاً جديداً تطلب فيه أن تنظر اللجنة في انتهاكات إضافية تدعي أن الدولة الطرف ارتكبتها ضد حقوقها بموجب العهد. ولم يتناول هذا البلاغ المسائل المثارة في البلاغ الأصلي، بل الأحداث التي وقعت بعد ذلك. وأفادت صاحبة البلاغ أن محكمة تفير البلدية المشتركة أمرت في 21 آذار/مارس 1997 بمواصلة احتجازها على ذمة تحقيق آخر في التهم الموجهة إليها. وذكرت أن المحكمة الدستورية أصدرت في 2 تموز/يوليه 1998 قراراً ببطلان المادة 331 من القانون الجنائي، ما يعني أنه كان لها الحق في استئناف قرار المحكمة السابق في فتح تحقيق آخر في قضيتها؛ ومع ذلك، وبالاستناد إلى قراءة ضيقة للغاية لقرار المحكمة الدستورية، رفضت محكمة تفير البلدية المشتركة إحالة قضية صاحبة البلاغ إلى الاستئناف. ويتضح من الملف أن صاحبة البلاغ أطلق سراحها في 9 كانون الأول/ديسمبر 1997، وإن لم تبين ظروف ذلك.

7-2 وفي مذكرة مؤرخة 29 آذار/مارس 1999، أفادت الدولة الطرف أن تحقيقاً جنائياً فتح في 5 شباط/فبراير 1993 في ما يُشتبه أنه تورط صاحبة البلاغ في عملية احتيال واسعة النطاق، وهو أمر يعتبر في القانون الروسي جريمة خطيرة. وذكرت أن صاحبة البلاغ تهربت من سلطات التحقيق فصدرت بحقها مذكرة توقيف وعلق التحقيق أثناء البحث عنها واستؤنف بعد توقيفها. وأوضحت الدولة الطرف أن التحقيق مُدد وفقاً للمادة 133(3) من قانون الإجراءات الجنائية، وأن تمديد مدة التحقيق لا ينطوي على أي انتهاك للقانون الروسي. وذكرت أن قانون الإجراءات الجنائية لا ينص على تقديم شخص محتجز لدى الشرطة إلى قاضٍ أو موظف قضائي آخر. وقالت الدولة الطرف إن صاحبة البلاغ أخطرت أثناء توقيفها بأسباب توقيفها في عام 1995 وبالتهم الموجهة إليها وبأسباب وضعها في الحبس الاحتياطي. وروجعت هذه العملية، عقب شكوى قدمتها صاحبة البلاغ إلى مكتب المدعي العام، وتبين عدم حدوث أي انتهاك للقانون الداخلي. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ أفرج عنها في كانون الأول/ديسمبر 1997 من الحبس الاحتياطي، وفي مقابل ذلك صدر إليها أمر بالإقامة الجبرية في عنوانها الدائم. كما لاحظت الدولة الطرف أن الإجراءات أمام محكمة تفير البلدية المشتركة ظلت جارية، وأنه لم يصدر بعد أي قرار بسبب تخلف صاحبة البلاغ عن المثول أمام المحكمة.

7-3 وكررت المحامية في تعليقاتها غير المؤرخة على ملاحظات الدولة الطرف أن احتجاز صاحبة البلاغ في عام 1995 تم بعد انقضاء فترة التحقيق القانونية، وأن المحاكم رفضت النظر في التماسها المتعلق بعدم مشروعية توقيفها. وأوردت بعد ذلك تفاصيل حول مسار قضيتها عبر نظام المحاكم في الدولة الطرف، مدعية ارتكاب الدولة الطرف مزيداًَ من الانتهاكات للعهد خلال الفترة من كانون الأول/ديسمبر 1997 إلى أيار/مايو 1999، فيما يتصل بطول عمليات المحاكمة الجارية، وتوقيفها واحتجازها مرة أخرى من قبل السلطات الروسية في 30 آذار/مارس 1999 (اتضح أنه أخلي سبيلها في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1999). وتقول أيضاً إن مرض موكلتها كان ينبغي أن يؤهلها لإطلاق سراحها لأسباب طبية.

7-4 وفي 16 آذار/مارس 2000، قدمت صاحبة البلاغ إلى اللجنة معلومات عن توقيفها للمرة الثالثة من قبل السلطات في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، مدعية أن الدولة الطرف انتهكت العهد مرة أخرى فيما يتصل بالإجراءات القضائية المتواصلة والمديدة ضدها وبقرار المحكمة وضعها رهن الاحتجاز. ويتضح من الملف أنه أفرج عنها في 25 نيسان/أبريل 2000.

7-5 وفي مذكرة مؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، كررت الدولة الطرف تأكيدها أن صاحبة البلاغ حاولت التهرب من التحقيق الأولي ووجهت إليها التهم غيابياً في 5 نيسان/أبريل 1993. وفي أثناء البحث عنها، علق التحقيق وفقاً للأحكام المناسبة من قانون الإجراءات الجنائية. وذكرت الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ استُجوبت بصفتها متهمة في 9 آذار/مارس 1995. وفي ذلك الحين تسلمت صاحبة البلاغ قراراً بشأن التهم الموجهة إليها ومذكرة مكتوبة بخط اليد تفيد أنها على معرفة بنص القرار وتعترض على التهمة الموجهة إليها. وتحتج الدولة الطرف بأن توقيف صاحبة البلاغ في 26 آب/أغسطس 1995 كان إجراءً مناسباً بالنظر إلى خطورة تهم الاحتيال الموجهة إليها وإلى تهربها من التحقيق الأولي في تهمة الاحتيال المنسوبة إليها. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ أخطرت في 27 آب/أغسطس 1995 بحقها في الطعن أمام المحاكم في قرار احتجازها، وأنه أتيح لها اللجوء إلى المحكمة للطعن في مشروعية احتجازها، وقد بلغت شكواها المؤرخة 27 آب/أغسطس 1995 محكمة تفير البلدية المشتركة في موسكو في 1 أيلول/سبتمبر 1995، إلا أن القاضي رفضها. ووجهت صاحبة البلاغ التماساً ثانياً بشأن احتجازها نظرت فيه محكمة ليوبينسكي البلدية المشتركة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1997، وبأمر من قاضٍ اتحادي غُيّر الإجراء الاحتياطي المتخذ ضد صاحبة البلاغ من الاحتجاز إلى أمر بالإقامة الجبرية. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أنها منحت صاحبة البلاغ الرعاية الطبية اللازمة أثناء احتجازها. وذكرت أن مرضها كان يمكن أن يشكل سبباً للإفراج عنها ولكن فقط إذا بلغ مرحلة متقدمة. وأشارت الدولة الطرف إلى أنها لا تستطيع التحقق مما إذا كانت صاحبة البلاغ قد احتجزت في آب/أغسطس 1995 في زنزانة مع مجرمات مدانات، لأن الوثائق المتصلة بذلك أُتلفت في المهلة المعتادة. ولاحظت الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ احتجزت الآن للمرة الرابعة، في 28 آب/أغسطس 2000، لتخلفها عن المثول أمام المحكمة.

7-6 وفي 22 أيار/مايو 2002، قدمت صاحبة البلاغ بلاغاً آخر، تصر فيه على أن الدولة الطرف لم تبيّن أسباب عدم منحها فرصة فعلية للمثول أمام محكمة في 13 أيلول/سبتمبر 1995، وتحديداً أسباب عدم نظر المحكمة في التماسها، مؤكدة أن الأوضاع المادية لاحتجازها كانت لا إنسانية. وأفادت صاحبة البلاغ أن الإجراءات المتخذة بحقها أقفلت في نهاية الأمر في 9 نيسان/أبريل 2002.

إجراءات صاحبة البلاغ أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان

8-1 على الرغم من عدم إثارة المسألة في رسائل صاحبة البلاغ أو الدولة الطرف، تعلم اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، بعد قرارها بشأن مقبولية بلاغها المؤرخ 2 نيسان/أبريل 1998، شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (المحكمة الأوروبية)، وهي شكوى سجلت بوصفها القضية رقم 46133/99. ونظرت المحكمة الأوروبية في مقبولية شكوى صاحبة البلاغ في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2002. ولأغراض الوفاء بمعايير المقبولية الخاصة بالمحكمة الأوروبية، وضعت هذه المحكمة في اعتبارها، في القرار الذي اتخذته، أن صاحبة الشكوى كانت قد قدمت بلاغاً إلى اللجنة. كما وضعت المحكمة الأوروبية في اعتبارها الحجج التي ساقتها صاحبة الشكوى تأييداً لمقبولية شكواها أمام المحكمة، وذكرت ما يلي:

"تؤكد (صاحبة الشكوى) أن طلبها المقدم إلى جنيف في عام 1995 (هكذا ورد) (3) لا يتعلق إلا بالأحداث التي سبقت الطلب ، أي تعذر الحصول على مراجعة قضائية لتوقيفها في 26 آب/أغسطس 1995، وأنه لا يتصل بالوقائع التي حدثت بعد ذلك وعرضت على المحكمة في تشرين الثاني/نوفمبر 1998" (4) . (التشديد مضاف)

8-2 ولاحظت المحكمة أن بلاغ صاحبة الشكوى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كان:

"موجهاً ضد توقيفها في 26 آب/أغسطس 1995، ولا سيما ما إذا كان هذا التوقيف مبرراً، واستحالة الطعن فيه أمام المحاكم، وظروف السجن غير المناسبة في رأيها. أما الأساس الوقائعي للطلب الذي قدمته إلى المحكمة فعلى الرغم من أنه يرجع إلى تاريخ توقيفها في 26 آب/أغسطس 1995، فإنه أوسع نطاقاً بكثير، إذ إنه يمتد إلى كامل الإجراءات التي انتهت في عام 2002 ويشمل توقيفها في ثلاث مناسبات أخرى منذ 26 آب/أغسطس 1995. وينتج عن ذلك أن طلبها مختلف اختلافاً كبيراً عن الالتماس المعروض على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان..." (5) .

8-3 وعلمت اللجنة أيضاً أن المحكمة الأوروبية، في قرارها المؤرخ 24 تموز/يوليه 2003، وجدت انتهاكات للمواد 5 و6 و8 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية) وأمرت الدولة الطرف بأن تدفع إلى صاحبة الشكوى تعويضاً قدره 500 6 يورو.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 كان قرار اللجنة بشأن مقبولية بلاغ صاحبة الشكوى يتصل حصراً بالمسائل المعروضة على اللجنة في الشكوى الأولى. ويتضح أن صاحبة الشكوى قدمت، عقب القرار، معلومات عن الأحداث التي أعقبت ذلك (بعد 2 نيسان/أبريل 1996)، وبالتالي يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في هذه الشكوى الأخرى أن تبت، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كانت مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 وتوجد عدة اعتبارات تتصل بمقبولية هذه البلاغات الإضافية. أولاً، إن تقديم صاحبة البلاغ شكوى إلى المحكمة الأوروبية يقتضي من اللجنة أن تنظر، حسب ما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول، في ما إذا كانت "المسألة ذاتها محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية". ولما كانت المسائل المثارة في بلاغات صاحبة البلاغ إلى اللجنة تتصل بظروف حدثت بعد تاريخ بلاغها الأول إلى اللجنة فإنه يبدو للجنة أن هذه المسائل هي "نفس" المسائل التي عرضت على المحكمة الأوروبية. ويظهر هذا أيضاً في حكم المحكمة الأوروبية الذي يصف بشيء من التفصيل الظروف الوقائعية التي عرضتها عليها صاحبة البلاغ. ووفقاً للمحكمة، تشمل هذه الظروف توقيف صاحبة البلاغ واحتجازها من قبل سلطات الدولة الطرف في أربع مناسبات منفصلة. واحتجت صاحبة البلاغ في ادعائها المقدم إلى المحكمة الأوروبية بالمادة 5 من الاتفاقية الأوروبية (الحق في الحرية وحق الشخص في الأمان على نفسه) والمادة 6 (تحديد التهم الجنائية في غضون فترة معقولة) (6) . إلا أن قضية صاحبة البلاغ أمام المحكمة الأوروبية تم البت فيها، ولذلك فالمسألة ليست "قيد النظر" حالياً بموجب أي إجراء دولي آخر. وتلاحظ اللجنة أنه في الوقت الذي قدمت فيه صاحبة الشكوى بلاغاتها الإضافية المؤرخة 17 آب/أغسطس 1998 و16 آذار/مارس 2000 و22 أيار/مايو 2002 وبلاغها غير المؤرخ الذي قدمته في عام 1999، كانت المسألة نفسها معروضة على المحكمة الأوروبية. إلا أن صيغة الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول تقتضي من اللجنة أن تتأكد، لدى نظرها في مسألة المقبولية ، مما إذا كان الأمر قيد النظر بموجب أي إجراء دولي آخر (7) . والإعلان الصادر عن الدولة الطرف بشأن البروتوكول الاختياري، بخلاف التحفظات الصادرة عن بعض الدول الأطراف، لا يمنع اللجنة من النظر في البلاغات إذا كانت المسألة نفسها معروضة على هيئة دولية أخرى (8) . وعليه، ترى اللجنة أن الفقرة 2(أ) من المادة 5 لا تشكل عائقاً أمام المقبولية في هذه الظروف.

9-3 أما كون المحكمة الأوروبية قد نظرت في قضية صاحبة البلاغ فإن لـه صلة بمسألة المقبولية من جوانب أخرى. فوفقاً للمادة 1 من البروتوكول، لا يجوز للجنة أن تنظر إلا في البلاغات الواردة من أفراد يدعون أنهم ضحايا انتهاك دولة من الدول الأطراف للحقوق المنصوص عليها في العهد. وسبق للجنة أن اعترفت بأن صفة الشخص كضحية لأغراض البروتوكول يمكن أن تتغير على مر الزمن، وأن تطورات لاحقة للقبول يمكن أن تضع حداً للانتهاك (9) . وفي هذه القضية، يتضح أن صاحبة البلاغ ليست حالياً رهن الاحتجاز ويبدو أن شكل الجبر الرئيسي الذي يمكن أن تقدمه الدولة الطرف عن أي انتهاكات ذات صلة تعرضت لها حقوقها هو منحها تعويضاً. وقد أمرت المحكمة الأوروبية بدفع تعويض فيما يخص المسائل المثارة بعد 19 حزيران/يونيه 1998 (تاريخ البلاغ الأول إلى اللجنة). وبموجب المادة 41 من الاتفاقية الأوروبية، يهدف هذا التعويض إلى تقديم "ترضية عادلة للطرف المتضرر". وتستنتج اللجنة من ذلك أن صاحبة البلاغ لم يعد بالإمكان اعتبارها، لأغراض المادة 1 من البروتوكول، "ضحية" لانتهاكات العهد التي قيل إنها نشأت بعد 19 حزيران/يونيه 1998.

9-4 وعليه، ترى اللجنة أن البلاغات التي قدمتها صاحبة الشأن فيما يخص أحداثاً وقعت بعد 19 حزيران/يونيه 1998 غير مقبولة بموجب المادة 1 من البروتوكول. وتنتقل اللجنة الآن إلى النظر في الأسس الموضوعية لما تبقى من بلاغ صاحبة الشأن.

النظر في الوقائع الموضوعية

10-1 فيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أنها منعت من اللجوء إلى محكمة للطعن في مشروعية احتجازها في 27 آب/أغسطس 1995، تلاحظ اللجنة أن كل ما تشير إليه الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، هو أن الشكوى التي قدمتها صاحبة الشأن بخصوص مشروعية احتجازها، المؤرخة 27 آب/أغسطس 1995 بلغت محكمة تفير البلدية المشتركة في موسكو يوم 1 أيلول/سبتمبر 1995 (وإن لم ينظر فيها حتى يوم 13 أيلول/سبتمبر)، وأن القاضي رفض الأخذ بها. ويتضح من المستندات المقدمة أن قاضي المحكمة لم يأخذ بالشكوى على أساس أن التحقيق استكمل وباتت المحكمة غير مختصة للنظر فيها. إن حق الشخص المحروم من حريته في اتخاذ إجراءات أمام محكمة للطعن في مشروعية احتجازه حق أساسي لا ينطوي فقط على حق تقديم الالتماس، بل ينطوي أيضاً على الحق في مراجعة المحكمة لمشروعية الاحتجاز حسب الأصول. وعليه، تستنتج اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت المادة 9(4). ونظراً إلى أن قرار القاضي عدم الأخذ بالتماس صاحبة البلاغ في 13 أيلول/سبتمبر قرار اتخذ لمصلحة أحد الطرفين، ترى المحكمة أن صاحبة البلاغ لم تقدَّم سريعاً إلى قاضٍ مما يشكل انتهاكاً للمادة 9(3). وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى ما ذكرته الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 29 آذار/مارس 1999 من أن قوانينها الخاصة بالإجراءات الجنائية لم تكن تنص، على الأقل في ذلك الحين، على حق الشخص المحتجز لدى الشرطة في المثول أمام قاضٍ أو موظف قضائي آخر.

10-2 وتحتج صاحبة البلاغ للطعن في مشروعية احتجازها رهن المحاكمة بالمادة 9(3) التي تنص على أنه لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص رهن المحاكمة هو القاعدة العامة. إلا أنه على ضوء ما استنتجته اللجنة أعلاه من حدوث انتهاك للمادة 9(3) فإنها لا ترى ضرورة للنظر في هذه الادعاءات.

10-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أنها لم تخطَر سريعاً بالتهم الموجهة إليها، لا ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت المادة 9(2) أو المادة 14(3) من العهد. فلدى القبض عليها في 26 آب/أغسطس 1995 يبدو أنها لم تخطر رسمياً بالتهم الموجهة إليها حتى 31 آب/أغسطس 1995. إلا أنه يتضح أنها أخطرت من قبل بالتهم الموجهة إليها عندما استجوبت في أيلول/سبتمبر 1994. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ أُخطرت بأسباب توقيفها ووضعها رهن الحبس الاحتياطي. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أنها لا تستطيع إثبات وقوع أي انتهاك من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادتين 9(2) و14(3)(أ) من العهد.

10-4 وفيما يخص ادعاء صاحبة البلاغ أنها لم تحاكم دون تأخير لا مبرر لـه، تلاحظ اللجنة على أن عليها أن تقصر دراسة القضية على الفترة ما بين بدء الإجراءات الجنائية ضد صاحبة البلاغ في شباط/فبراير 1993 وتاريخ بلاغها إلى اللجنة المؤرخ 19 حزيران/يونيه 1996 (انظر الفقرة 9-3 أعلاه). وتتجاوز هذه الفترة ثلاث سنوات، إلا أن صاحبة البلاغ لم تعترض على ما ذكرته الدولة الطرف عن تهربها من السلطات خلال جزء كبير من تلك الفترة. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لم يحدث انتهاك للمادة 14(3)(ج) من العهد.

10-5 وقد أثارت صاحبة البلاغ في بلاغها الأصلي مسائل بمقتضى المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، إذ إنها ادعت أن ظروف احتجازها المادية كانت بمثابة معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. وقدمت صاحبة البلاغ سرداً مفصلاً لظروف احتجازها. وذكرت الدولة الطرف في ردها أن صاحبة البلاغ نالت رعاية طبية أثناء احتجازها من دون تقديم تفاصيل عن الأوضاع المادية لاحتجازها. وعليه، لا يسع اللجنة إلا أن تأخذ بصحة ادعاءات صاحبة البلاغ. وترى اللجنة، وفقاً لقراراتها السابقة، أن عبء الإثبات لا يقع فقط على صاحبة البلاغ، نظراً إلى أن صاحبة البلاغ والدولة الطرف لا تتكافآن من حيث إمكانية الاطلاع على الأدلة. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن أوضاع احتجاز صاحبة البلاغ كما وصفتها في شكواها تتنافى والتزامات الدولة الطرف بموجب الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وعلى ضوء هذا الاستنتاج بشأن المادة 10 التي تتناول تحديداً حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم وتتضمن فيما يخص هؤلاء الأشخاص العناصر المبينة عموماً في المادة 7، ليس من الضروري النظر بصورة منفصلة في ادعاءات ناشئة بموجب المادة 7 من العهد.

11- وتستنتج اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الدولة الطرف انتهكت الفقرتين 3 و4 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

12- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن لصاحبة البلاغ الحق في سبيل فعال للتظلم يشمل تعويضاً مناسباً عما تعرضت لـه من انتهاكات. كما أن على الدولة الطرف أن تتخذ إجراءات فعالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

13- وقد اعترفت الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت بموجب المادة 2 من العهد بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والمشمولين بولايتها، وبأن توفر سبيلاً للتظلم فعالاً وقابلاً للإنفاذ في الحالات التي يثبت فيها حدوث انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ آراء اللجنة. كما تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للاتحاد الروسي في 1 كانون الثاني/يناير 1992.

(2)E/CN.4/1995/34/Add.1، الفقرتان 70 و71.

(3) قُدم الطلب في 19 حزيران/يونيه 1996.

(4) الصفحة 10 من القرار.

(5) الصفحة 11 من القرار.

(6) كما احتجت بالمادة 8 (الامتناع عن التدخل في الحياة الشخصية).

(7) البلاغ رقم 349/1988 ( رايت ضد جامايكا).

(8) تنص الفقرة ذات الصلة من الإعلان على ما يلي: "ينطلق الاتحاد السوفياتي كذلك من فهمه بأن اللجنة لن تنظر في أي من البلاغات ما لم تتأكد من أن نفس المسألة ليست قيد النظر بموجب إجراء آخر من إجراءات التحري أو التسوية الدولية وأن الفرد المعني قد استنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة لـه".

(9) البلاغ رقم 50/1979 ( فان دوزين ضد كندا) .

باء- البلاغ رقم 793/1998، برايس ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 15 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من: إيرول برايس (يمثله المستشار المحامي السيد هيو دايفس)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ تقديم البلاغ : 30 أيار/مايو 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 15 آذار/مارس 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 793/1998 المقدم إليها باسم إيرول برايس في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 30 أيار/مايو 1997، هو إيرول برايس، مواطن جامايكي مولود في 28 أيلول/سبتمبر 1971. ويدعي أنه ضحية لانتهاك جامايكا لأحكام المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله مستشار.

1-2 دخل كل من العهد والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ لدى الدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997، قررت الدولة الطرف الانسحاب من البروتوكول الاختياري، وذلك اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 1998.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 زعمت النيابة العامة أن صاحب البلاغ كان يقيم مع صديقته في نفس المكان. وفي ليلة 24 حزيران/يونيه 1992، حصل شجار بين صاحب البلاغ وصديقته. ودنا منها حاملاً بيده معولاً لتكسير الثلج. واستنجدت الفتاة بوالدتها التي جاءت إليها وعرضت عليها أن تلتحق بها في بيتها، وعندئذ اعتدى صاحب البلاغ على الأم. وقد تركتها الإصابات التي ألحقها بها صاحب البلاغ مقعدة.

2-2 وفي 8 آب/أغسطس 1994، مثل صاحب البلاغ أمام محكمة كينغستون الدورية المحلية التي أدانته بتهمة إنزال إصابات عمداً. وحكمت عليه بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة 4 سنوات وبعقوبة الجلد 6 جلدات بالسوط ثلاثي الفروع المجدول من أغصان شجرة التمر الهندي. وطلب صاحب البلاغ الحصول على إذن خاص لاستئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف، ودفع بأن الحكم شديد القسوة بالنظر إلى ظروف القضية. غير أن المحكمة رفضت طلبه نظراً إلى مدى انتشار جريمة العنف داخل المجتمع، ولا سيما العنف الذي يستهدف المرأة. ويقول صاحب البلاغ إنه ليس لديه موارد مالية، وإنه غير مؤهل للحصول على أي مساعدة قانونية تمكنه من رفع التماس دستوري.

2-3 وبحسب إفادة صاحب البلاغ، أُفرج عنه في 1 آذار/مارس 1997 بعد إسقاط العقوبة عنه وفقاً للأصول القانونية لحسن سلوكه.

2-4 ونُفذت عقوبة جلده بالسوط في 28 شباط/فبراير 1997، أي في اليوم السابق لإخلاء سبيله. وكما جاء في إفادة صاحب البلاغ، فقد عُصبت عيناه وأُمر بتعرية الجزء الأسفل من جسمه. ورُفعت قدماه ووضعتا في شق ضيق بالأرض أمام برميل ملقى على جانبه. ومُدَّ ساعداه أمامه بحيث أصبح يحتضن البرميل. وقام أحد حرس السجن بإدخال قضيب صاحب البلاغ في فتحة في جانب البرميل. ورُبط معصماه وكاحلاه بقاعدتي البرميل. ويقول إن طبيباً ونحو 25 حارساً من حرس السجن كانوا حاضرين أثناء جلده. ويفيد صاحب البلاغ أن الطبيب لم يفحصه بعد الجلد.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك لأحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويزعم أن عقوبة الجلد بهذا السوط هي بمثابة عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة وتخالف أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ونظراً لعدم وجود قواعد أشمل من القواعد الواردة في الإقرار والتعليمات (المنصوص عليها في الفرع 4 من قانون (منع) الجريمة)، فإن الإجراء المطبق يترك في الغالب، على ما يُقال، لتقدير سلطات السجن القائمة على التنفيذ.

3-2 وعلاوة على ذلك، يزعم صاحب البلاغ أن ضربه على الردفين بهذا النوع من السياط يمثل بطبيعته شكلاً قاسياً ولا إنسانياً ومهيناً من أشكال العقوبة. ويشير في هذا الصدد إلى القرار الذي أصدرته المحكمة العليا في زمبابوي في دعوى س ضد نكوبي وآخرين (1) ، والذي لاحظت المحكمة فيه أن " السبب الذي يكمن وراء [حظر العقوبة اللاإنسانية والمهينة] هو كرامة الإنسان ولا شيء دونها ...".

3-3 ويلاحظ صاحب البلاغ أن قاضي المحكمة أكد على أن الهدف من العقوبة والجلد بالسوط هو "منع الجريمة"، وهو تقدير أكدته محكمة الاستئناف. وفي هذا الصدد يزعم صاحب البلاغ أنه ليس هناك دليل على أن الجلد بالسياط لـه أثر رادع على الجريمة الخطرة بصورة عامة أو في جامايكا على وجه التحديد. ويشير إلى الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية تايرر ضد المملكة المتحدة (2) ، التي لاحظت المحكمة فيها أن "الحظر [المفروض على العقوبة أو المعاملة اللاإنسانية والمهينة] الوارد في المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان هو حظر مطلق، وأن المادة 15(2) تنص على أنه لا يجوز للدول المتعاقدة أن تقيّد أحكام المادة 3 حتى في حالة الحرب أو في حالة أخرى من حالات الطوارئ العامة تهدد حياة الأمة. وترى المحكمة، من ناحية أخرى، أن أي مقتضيات محلية تتعلق بصون القانون والنظام لا تخول أياً من هذه الدول ... أن تستخدم عقوبة مخالفة لأحكام المادة 3".

3-4 ويُذكر علاوة على ذلك أن المادة 9 من القانون الناظم للجَلد لعام 1903 تنص على أنه "لا يجوز في أي حال من الأحوال الحكم بالجَلد على امرأة ...". وفي هذا الصدد، يحاجج صاحب البلاغ بالقول إنه لو كان ردع الجريمة الخطرة هو الغرض الرئيسي لأحكام هذه المادة "لما ورد هذا الاستثناء". بل إن الاستثناء إنما يرمي إلى التأكيد على أن هذه العقوبة هي بطبيعتها لا إنسانية و/أو مهينة.

3-5 ويدفع صاحب البلاغ بأنه حتى لو كان الجَلد بالسياط لا يشكل في جوهره معاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة، فإن الظروف الخاصة التي يجري فيها الجَلد في جامايكا تمثل خرقاً لأحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ويلاحظ أن اللوائح في جامايكا لا تحدد تاريخاً لوجوب تنفيذ العقوبة. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى القرار الصادر عن اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص بلندن في قضية برات ومورغان ضد النائب العام لجامايكا، حيث اعتبرت اللجنة أن المدة التي قضاها صاحب البلاغ في الحبس في انتظار تنفيذ عقوبة الإعدام إنما تشكل عقوبة أو معاملة لا إنسانية ومهينة. وينبغي أن يُطبق نفس المبدأ في حالة الجَلد. وفي حالة صاحب البلاغ يشار إلى أن تأخير تنفيذ عقوبة الجَلد حتى اليوم السابق لإخلاء سبيله قد شكل عقوبة أو معاملة لا إنسانية ومهينة. ويذكر صاحب البلاغ كذلك إلى أن عدم إبلاغ السجين بالإجراءات الواجب اتباعها وبالجدول الزمني لتنفيذ العقوبة زاد في حدة أثر التأخير.

3-6 ويشير صاحب البلاغ، كذلك إلى أن الطريقة التي تم بها جلده وعدد وهوية الأفراد الذين شهدوا تنفيذ العقوبة، والذين تجاوز عددهم كثيراً ما هو لازم لضمان الأمن، هي عوامل مهينة في حد ذاتها.

3-7 وفي الختام، يرى صاحب البلاغ أن هذه العقوبة لا يُحكم بها إلا في حالة جرائم العنف الخطيرة بالإضافة إلى عقوبة السجن أو الأشغال الشاقة لفترة طويلة، وبالتالي، لا يمكن أن تكون بمثابة رادع للسجين. ويُدعى أن الأدلة تشير إلى أن هذه العقوبة لا تخدم غرض الردع.

3-8 ويرى صاحب البلاغ أن شكواه كما وردت أعلاه لم يسبق أن رُفعت في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ ووقائعه الموضوعية

4-1 لم تقدم الدولة الطرف أي ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية، وذلك بالرغم من رسالتي التذكير اللتين بُعثتا إليها في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2000 و11 تشرين الأول/أكتوبر 2001.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

5-2 وبمقتضى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تحققت اللجنة من أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-3 وتلاحظ اللجنة أن البلاغ قُدم قبل تاريخ إعلان جامايكا انسحابها من البروتوكول الاختياري في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997، وأنه لا توجد أية عوائق من شأنها أن تحول دون قبول البلاغ في هذا الصدد.

5-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن عقوبة الجَلد بالسوط تشكل عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة، تلاحظ اللجنة أنه لم تتوفر لصاحب البلاغ من الناحية العملية سبل انتصاف فعالة، وأنه حتى لو توفر لـه سبيل انتصاف من الناحية النظرية، فإن ذلك السبيل لن يكون متاحاً لـه عملياً، بالنظر إلى افتقاره للموارد المالية وعدم توفر المساعدة القانونية في إطار الالتماسات الدستورية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ. وتخلص إلى أنه ليس هناك أية عوائق تحول دون قبول البلاغ والشروع في النظر في أسسه الموضوعية وذلك في ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لمقتضيات الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لمقتضيات الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ مع القلق أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات لتوضيح المسائل التي يثيرها البلاغ. وتذكِّر بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تنص ضمناً على أنه يتعين على أي دولة طرف أن تدرس بحسن نية كافة المزاعم الموجهة ضدها، وأن تزود اللجنة بكافة المعلومات التي تتوفر لديها. وبما أن الدولة الطرف لم تتعاون مع اللجنة بشأن المسائل المعروضة عليها، يتعين إيلاء الاهتمام الواجب لمزاعم صاحب البلاغ بقدر إثباتها بالأدلة.

6-2 تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم مزاعم محددة ومفصلة بشأن العقوبة التي فُرضت عليه. كما تلاحظ أن الدولة الطرف لم تقدم أي رد بشأن هذه المزاعم. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد حكم عليه بعقوبة الجَلد 6 جَلدات بهذا النوع من السياط وتذكِّر بموادها الفقهية (3) التي تعتبر أن العقوبة الجسدية تشكل معاملة أو عقوبة قاسية ولا إنسانية ومهينة، وتمثل انتهاكاً لأحكام المادة 7 من العهد، وذلك بصرف النظر عن طبيعة الجريمة التي ينبغي المعاقبة عليها، ومهما كانت درجة العنف التي تميز الجريمة. وترى اللجنة أن فرض حكم بالجَلد بالسوط على صاحب البلاغ شكل انتهاكاً لحقوقه القائمة بموجب المادة 7، شأنه شأن طريقة تنفيذ الحكم.

6-3 وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ قدم ادعاءً يستند إلى أحكام الفقرة 1 من المادة 10 فيما يتعلق بالمعاملة التي لقيها، فإن اللجنة لا ترى ضرورة لتناول هذا الادعاء نظراً إلى استنتاجها الوارد في الفقرة 6-2 أعلاه، والمستند إلى أحكام المادة 7 من العهد.

7- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 7 من العهد.

8- ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أنه يحق لصاحب البلاغ الحصول على انتصاف مناسب، بما في ذلك التعويض. والدولة الطرف ملزمة بضمان عدم حدوث مثل هذه الانتهاكات في المستقبل، وإبطال الأحكام التشريعية المحلية التي تُبيح العقوبة الجسدية.

9- والدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا. وقد عرضت هذه القضية على اللجنة قبل أن يصبح انسحاب جامايكا من البروتوكول الاختياري نافذ المفعول اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 1998 كي تنظر اللجنة فيها، ووفقاً لأحكام المادة 12(2) من البروتوكول الاختياري، فإن البلاغ لا يزال خاضعاً لتطبيق أحكام البروتوكول الاختياري. وعملاً بأحكام المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها القضائية الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للتنفيذ عندما ترى اللجنة حدوث انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تطلب إلى الدولة الطرف نشر آرائها هذه.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) س ضد إنكوبي؛ س ضد تشوما؛ س ضد نغولوفو ،1978 (2) ZLR 246 (SC)؛ 1988 (2) SA 702.

(2) تايرر ضد المملكة المتحدة ، الالتماس رقم 5856/72.

(3) انظر مالكولوم هيغينسون ضد جامايكا ، البلاغ رقم 792/1998، حيث خضع صاحب البلاغ للجَلد 6 جَلدات بالسوط، وانظر أيضاً جورج أوزبورن ضد جامايكا ، البلاغ رقم 759/1997، حيث حُكم على صاحب البلاغ بالسجن مع الأشغال الشاقة لفترة 15 سنة وفرضت عليه عقوبة بالجَلد 10 جَلدات بالسوط.

جيم- البلاغ رقم 797/1998، لوبان ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 16 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : دينيس لوبان (يمثله المحامي سول ليرفرويند، مكتب المحاماة سايمونز مويرهيد آند بورتن، في ل ندن)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ تقديم البلاغ : 16 كانون الثاني/يناير 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 آذار/مارس 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 797/1998 المقدم إليها نيابة عن السيد دينيس لوبان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 16 كانون الثاني/يناير 1998 هو السيد دينيس لوبان، مواطن جامايكي ولد في 16 كانون الثاني/يناير 1955، ومحتجز حاليا في السجن العام بكينغستون، جامايكا. ويدعي أنه ضحية انتهاك جامايكا للمادة 7 وللفقرتين 2 و3 من المادة 9 وللفقرة 1 من المادة 10 وللفقرة 1 من المادة 14 وللفقرة 3 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

1-2 دخل كل من العهد والبروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976. وانسحبت الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 وأصبح ذلك الانسحاب نافذا اعتبارا من 23 كانون الثاني/يناير 1998.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 17 حزيران/يونيه 1988، أدين صاحب البلاغ بثلاث تهم بالقتل من قبل المحكمة الدورية المحلية في كينغستون وحكم عليه بالإعدام. ورفضت محكمة الاستئناف استئنافه ضد حكم الإدانة في 4 حزيران/يونيه 1990. وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن خاص لتقديم طلب استئناف إلى اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص. وفي 10 شباط/فبراير 1993، حصل على إذن بالاستئناف. وفي 6 أبريل/نيسان 1995، رُفض استئنافه. وفي 21 تموز/يوليه 1995، خففت عقوبة الإعدام الصادرة في حق صاحب البلاغ إلى عقوبة السجن المؤبد. ويدعى أن صاحب البلاغ غير قادر على تقديم التماس دستوري بسبب وضعه المالي وعدم توفر المساعدة القضائية للقيام بذلك.

2-2 وذكر الادعاء أن صاحب البلاغ كان من بين ثلاثة رجال ذهبوا إلى بيت الشخص المتوفى بنية السطو عليه. وكان بحوزة الرجال الثلاثة جميعهم أسلحة نارية. وأثناء عملية السطو، أصيب ثلاثة أشخاص بأعيرة نارية. وشهد شاهدان كانا يعرفان صاحب البلاغ بأنهما تعرفا عليه. كما حدد هويته واحد من المدعى عليهم معه حسب ما جاء في إفادته لدى الشرطة. وأنكر صاحب البلاغ أي مشاركة لـه في عملية السطو وادعى أنه كان موجوداً في مكان آخر لحظة ارتكاب الجريمة.

2-3 ويُدعى أن الشكوى لم تكن موضع أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 9 قد انتهكت بما أنه اعتُقل في 17 أيلول/سبتمبر 1987 ولم يعرض على محكمة السلاح إلا في 28 أيلول/سبتمبر 1987، أي بعد مرور أحد عشر يوما.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن ظروف حبسه في عنبر الموت في سجن مقاطعة سانت كاثرين من 17 حزيران/يونيه 1988 إلى 20 تموز/يوليه 1995 يعد انتهاكا للمادة 7 وللفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وهو يستشهد بتقارير صادرة عن عدة منظمات لدعم حججه. ويقال إن تلك التقارير تبين أن ظروف الحبس لا تستجيب للشروط المنصوص عليها في المادة 10 من العهد وأن المرافق الطبية والصحية غير متوفرة وأن السجناء لا يستفيدون من برامج تعليمية أو من برامج عمل. وعلاوة على ذلك، يقال إن حراس السجن دأبوا على إساءة معاملة السجناء. وجاء في البلاغ أنه لا توجد آلية فعلية للنظر في شكاوى السجناء. ويقال إن ما سلف يمثل انتهاكا للمادة 7 وللفقرة 1 من المادة 10 من العهد وكذلك ل قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجن اء. ويدعي صاحب البلاغ أنه حُبس في زنزانته لمدد بلغت 23 ساعة في اليوم وأنه لم يتم توفير فراش أو بطانيات ولم تكن هناك مرافق صحية وأن التهوية كانت غير كافية مع انعدام ضوء النهار.

3-3 وهو يدعي أنه لم يتلق الخدمات الطبية أو النفسية أو خدمات طب الأسنان الضرورية وأن الطعام لم يكن يلبي حاجاته الغذائية. ويزعم أنه ينام على الكرتون وورق الجرائد وأن أوضاع الحجز الحالية في السجن العام تنتهك أيضا المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

3-4 وأخيرا، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة ال ط رف لم تكفل لـه وسيلة انتصاف محلية فعالة وأن في ذلك انتهاكا للفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وفضلا عن ذلك، يدعي أنه حرم من حقه في التقاضي أمام المحكمة لعدم توفر المساعدة القضائية. وبالتالي، فإنه ممنوع من ممارسة حقه الدستوري في التماس الجبر عن حقوقه المنتهكة. ويقال إن هذا يعد انتهاكا للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ ووقائعه الموضوعية

4-1 نفت الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 25 أيلول/سبتمبر 1998، أن يكون صاحب البلاغ قد احتُجز لمدة أحد عشر يوما قبل مثوله أمام قاض. وهي تشير إلى أنه، حسب ما جاء في البلاغ ذاته، لم يحتجز سوى ثلاثة أيام (من 17 إلى 20 أيلول/سبتمبر 1987). وهذا، في رأي الدولة الطرف، لا يُعتبر تأخيرا بدون مبرر ولذلك فإنه لا يمثل انتهاكا للفقرة 3(ب) من المادة 9 من العهد.

4-2 وتنفي الدولة الطرف عدم كفاية المرافق الطبية في سجن مقاطعة سانت كاثرين وتشير إلى أن للسجن حاليا طبيباً وأنه يمكن الحصول على الأدوية الأساسية في قاعة طبية وأن السجناء يُنقلون إلى مستشفى سبانيش تاون كلما كانت هناك حاجة إلى رعاية طبية.

4-3 وبالإضافة إلى ذلك، تحتج الدولة الطرف بأن عدم توفير المساعدة القضائية لتقديم التماس دستوري لا يمثل خرقاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتجادل الدولة الطرف بأن ليس في العهد ما يقتضي منح المساعدة القضائية لتقديم التماس دستوري. وتضيف بأنه لم يثبت أن انعدام المساعدة القضائية يشكل عائقا مطلقاً يمنع الأشخاص المعدمين من تقديم التماس دستوري. وعلاوة على ذلك، تستشهد الدولة الطرف في دعم حجتها بقضيتي برات ومورغان ونيفيل لويس ضد النائب العام .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يكرر صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 12 نيسان/أبريل 1999، أن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 3(ب) من المادة 9 لأنه احتُجز لمدة أحد عشر يوما قبل أن يُعرض على قاض في محكمة السلاح الناري (28 أيلول/سبتمبر 1987). وهو يشير إلى أن خطأ مطبعيا قد شاب الفقرة التي أشارت إليها الدولة الطرف.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه عانى، في عام 1996، من قرحات ومن التهاب الأمعاء ومن البواسير وأنه لم يحصل على رعاية طبية للشفاء من تلك العلل. وفي 29 شباط/فبراير 1997، أرسل محاموه كتاباً إلى مدير السجن طلبا للرعاية الطبية. وفي 3 نيسان/أبريل 1998، أرسل محاموه كتاباً ثانياً إلى مدير السجن يعلمونه فيه بأن صاحب البلاغ كان قد أُحيل على المستشفى في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ولكنه لم يؤخذ إليه في ذاك الموعد. وكرروا، إلى جانب ذلك، أنه من الضرورة الملحة أن يحصل صاحب البلاغ على الرعاية الطبية. وفي 11 آذار/مارس 1998، أُخذ صاحب البلاغ إلى المستشفى ولكنه لم يُعرض على طبيب. وهو يقول إنه حصل على بعض الدواء لعلاج قرحاته والتهاباته المعوية ولكنه لم يحصل على دواء للبواسير. وعند ذاك، أرسل محاموه كتاباً آخر إلى مدير السجن. وفي 29 كانون الثاني/يناير 1999، أجاب مدير السجن بأن كل الجهد سيُبذل لضمان حصول صاحب البلاغ على الرعاية الطبية.

5-3 ويدعي صاحب البلاغ أن ه لم يُتح لـه الحصول على الرعاية الطبية والمساعدة الفعلية عمليا وأنه عانى من نفس تلك الأمراض باستمرار لمدة تزيد عن خمس سنوات. وهو يجادل بأنه على الرغم من الإجابات والإحالات العديدة فإنه لم يعرض بعد على طبيب وأن الدولة الطرف قصرت في كفالة علاجه من أمراضه. وهو يدعي أن تهاون سلطات السجن في التعامل بشكل مناسب مع مشاكله الصحية يرقى إلى انتهاك للمادة 7 وللفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

5-4 ويدعي صاحب البلاغ، وهو يحتج بقرار اللجنة في شأن قضية هنري ضد ترينيداد وتوبا غ و (1) ، أن الدولة الطرف تخطئ في تأكيدها أن العهد لا يلزم بمنح المساعدة القضائية لتقديم التماس دستوري. ويقول صاحب البلاغ إن الفقرة 1 من المادة 14 تنشئ التزاما على الدول بكفالة المساواة في الحق في التقاضي أمام المحاكم بدرجاتها لجميع الأفراد. وفي جامايكا، يندر أن تجد محامياً مستعداً لتقديم التماس دستوري تطوُّعاً وقضيتا برات ونيفيل لويس اللتان أشارت إليهما الدولة الطرف هما حالتان استثنائيتان حقا.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 تشير الدولة الطرف، في رسالتها الإضافية المؤرخة 13 تموز/يوليه 1999، إلى أنها ستتحقق من المدة الحقيقية التي قضاها صاحب البلاغ في الحجز قبل أن يُعرَض على قاض.

6-2 وتحتج الدولة الطرف بقرار اللجنة في قضية ديدريك ضد جامايكا (2) ، التي أُبقي فيها الشاكي في عنبر الموت لمدة تزيد عن ثماني سنوات، وكان يُحبس في زنزانته 22 ساعة في اليوم، ويقضي معظم وقته في ظلام حالك. وقد اعتبرت اللجنة أن الشاكي لم يثبت وجود ظروف محددة من شأنها أن تثير قضية بموجب المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد وأن هذا الجزء من شكواه غير مقبول.

6-3 و ت ؤكد الدولة الطرف مجددا على أن سجن مقاطعة سانت كاثرين مزود بالمرافق الطبية المناسبة إذ يوجد به حاليا مركز طبي يعمل فيه طبيبان عامان وطبيب أسنان ومساعدوهم. وتنفي الدولة الطرف أي إخلال بالمادة 7 وبالفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

6-4 وت عيد الدولة الطرف التأكيد على أنها غير مسؤولة عن توفير المساعدة القضائية لتقديم التماس دستوري وأن هذه المسؤولية لا تنشأ إلا في حالة إجراءات التحقيق الجنائية .

6-5 و في 11 شباط/فبراير 2000، قدمت الدولة الطرف نتائج تحقيقها مدعية أن الملف الطبي لصاحب البلاغ يشير إلى أنه قد تلقى علاجا لأوجاع في المعدة وللبواسير وأنه حصل على علاج طبي منتظم من العاملين في المركز الطبي وفي مستشفى كينغستون العام ابتداء من كانون الثاني/يناير 1997 فصاعدا. وهي تضيف أن صاحب البلاغ حصل على مستلزمات النوم المناسبة حسب المواصفات الجاري بها العمل في المؤسسات الإصلاحية الجامايكية. وعلاوة على ذلك، تفيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أقر، أثناء التحقيق، أن لديه فراشا مريحا.

6-6 وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ يتبع حمية وصفها لـه أخصائي في التغذية ضمن حدود ما تسمح به ميزانية المؤسسة. ويُزعم أن صاحب البلاغ أقر بأن نظام الوجبات الغذائية في المؤسسة يزوده بطعام مغذ وأنه يرى هذا النظام كافيا.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

7-1 قبل النظر في أي ادعاءات واردة في البلاغ، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من النظام الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا وفقاً للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

7-3 فيما يتعلق ب ادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرات 1 و2 و3 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطلب مساعدة قضائية لتقديم التماس دستوري، لذا، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري، بما أنه لم يؤيَّد بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية.

7-4 أما فيما يتعلق بباقي الادعاءات المقدمة بموجب المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 3 من المادة 9، فإن اللجنة ترى أنه ليس هناك ما يحول دون المقبولية. وهي، لذلك، تعلن قبول الادعاءات المقدمة بموجب تلك المواد. وطبقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تشرع اللجنة على الفور في النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة لها من الطرفين.

النظر في الوقائع الموضوعية للبلاغ

8-1 يزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 7 وللفقرة 1 من المادة 10 بسبب ظروف السجن التي أُخضع لها بينما كان محتجزا في عنبر الموت في سجن مقاطعة سانت كاثرين. ولإثبات ادعائه، احتج صاحب البلاغ بتقارير عدد من المنظمات غير الحكومية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يشير إلى ظروف السجن اللاإنسانية والمهينة عموما كانعدام الأفرشة ورداءة المأكولات والمشروبات وافتقار الزنازين إلى مرافق صحية كاملة ووجود مجاري تصريف مفتوحة وأكوام القمامة داخلها وكذلك عدم وجود طبيب. وعلاوة على ذلك، تقدم صاحب البلاغ بادعاءات محددة قائلا إنه محتجز لمدة 23 ساعة في اليوم في زنزانة لا فراش فيها ولا أغطية أو أثاث وليس فيها ضوء طبيعي وأن المرافق الصحية فيها غير كافية وأن طعامه رديء. ولا يسمح لـه بأن يعمل أو يتعلم. وإضافة إلى ذلك، يدعي أن الرعاية الطبية منعدمة عموما وأنه، منذ عام 1996، يعاني من قرحات والتهابات معوية ومن البواسير ولم يتلق أي علاج لها.

8-2 و تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تجادل ، فيما يتعلق بهذه الادعاءات، إلا في وجود مرافق طبية غير كافية وأن صاحب البلاغ حصل على علاج طبي منتظم منذ عام 1997 وأن لديه الآن فراشا وأنه يتلقى طعاما مغذيا وأن نظام الصرف الصحي يعمل بشكل جيد. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ احتُجز في عام 1987 ونُقل إلى عنبر الموت في حزيران/يونيه 1988 ومن ثم إلى السجن العام بعد تخفيف حكم الإعدام الصادر في حقه وأنه ليس في مرافعة الدولة الطرف ما يفيد بأن ظروف احتجازه كانت مطابقة للمادة 10 قبل كانون الثاني/يناير 1997. ولم تجادل الدولة الطرف في باقي ادعاءات صاحب البلاغ وترى اللجنة، في هذه الظروف، أنه حدث انتهاك للفقرة 1 من المادة 10. وفي ضوء هذا الاستنتاج، ليس هناك فيما يتعلق بالمادة 10، وهي حكم من أحكام العهد يتناول على وجه التحديد حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم وتشتمل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص على العناصر الواردة عموماً في المادة 7، ضرورة للنظر بصورة منفصلة في الادعاءات الناشئة بموجب المادة 7 من العهد.

8-3 وادعى صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 3 من المادة 9 من العهد بسبب انقضاء أحد عشر يوما بين تاريخ القبض عليه وتاريخ عرضه على قاض أو موظفين قضائيين. وبعد إجراء تحقيقها، لم تنكر الدولة الطرف حبس صاحب البلاغ لمدة أحد عشر يوما مع أنها نفت أن يكون في ذلك انتهاك للعهد. وفي غياب أي تبرير معقول لانقضاء أحد عشر يوما ما بين تاريخ القبض على صاحب البلاغ وتاريخ عرضه على قاض أو موظف قضائي، ترى اللجنة أن هذا التأخير يمثل انتهاكا للفقرة 3 من المادة 9 من العهد.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك جامايكا للفقرة 3 من المادة 9 وللفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

10- وتخلص اللجنة، عملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، إلى أنه يحق لصاحب البلاغ الحصول على سبيل انتصاف مناسب ينبغي أن يشمل التعويض. والدولة الطرف ملزمة بأن تكفل عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل .

11- وقد اعترفت الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في حدوث انتهاك للعهد من عدمه. وقد قُدمت هذه القضية إلى نظر اللجنة قبل انسحاب جامايكا من البروتوكول الاختياري الذي أصبح نافذا في 23 كانون الثاني/يناير 1998؛ وطبقا للفقرة 2 من المادة 12 من البروتوكول الاختياري يبقى البلاغ خاضعا لاستمرار تطبيق البروتوكول الإضافي. وقد تعهدت الدولة الطرف، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليمها أو الخاضعين لولايتها القضائية الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في الحالات التي تخلص اللجنة فيها إلى حدوث انتهاك للعهد. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات بشأن التدابير المتخذة لتنفيذ ما جاء في آرائها. والدولة الطرف مطالبة أيضاً بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) البلاغ رقم 752/1997، الآراء المعتمدة في 17 تموز/يوليه 1999.

(2) ال بلاغ رقم 619/1995، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1998.

دال- البلاغ رقم 798/1998، هوويل ضد جامايكا

(الآراء التي اعتمدت في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : فلويد هوويل (يمثله أنطوني بولتون، المحامي)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : جامايكا

تاريخ تقديم البلاغ : 20 كانون الثاني/يناير 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 798/1998، الذي قدمه السيد فلوريد هوويل إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب هذا البلاغ هو السيد فلوريد هوويل، مواطن جامايكي كان محتجزاً في طابور الإعدام بسجن منطقة سانت كاترين، المدينة الإسبانية بجامايكا وقت تقديم البلاغ - ثم أفرج عنه لاحقاً في 27 شباط/فبراير 1998. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك جامايكا للمواد 6(1) و7 و10(1) و19(2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ويمثله محامٍ.

1-2 وقد بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري كليهما بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976. وانسحبت الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 اعتباراً من 23 كانون الثاني/يناير 1998.

1-3 ووفقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة فقد طلبت - في مذكرة شفوية مؤرخة 22 كانون الثاني/يناير 1998 - إلى الدولة الطرف عدم تنفيذ الحكم بالإعدام ضد السيد هوويل إلى أن تنظر اللجنة في بلاغه.

1-4 ويحصر صاحب البلاغ بلاغه في ظروف سجنه والأحداث التي وقعت في الفترة التي قضاها في السجن.

الوقائع حسبما قدمها صاحب البلاغ

2-1 وجهت لصاحب البلاغ 7 تهم بالقتل العمد، وأدين بالتهم جميعها وحكم عليه بالإعدام في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1993 من المحكمة الدورية المحلية في كينغستون. وكان أساس الاتهام بالقتل العمد هو أنه ارتكب في خضم عمل إرهابي أو دعمه.

2-2 واستأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة الاستئناف في جامايكا. وصدر حكم محكمة الاستئناف في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 وبُرِّئ صاحب البلاغ من 3 تهم.

2-3 وبعد إدانته انضم إلى طابور الإعدام في سجن سانت كاترين في المدينة الإسبانية بجامايكا. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 1996 التمس صاحب البلاغ من المجلس الأعلى في لندن السماح لـه بالاستئناف بالنسبة للإدانة والحكم. ونظر في الالتماس في 26 و27 كانون الثاني/يناير 1998 ولكن لم يكن واضحاً ما إذا كان المجلس الأعلى قبل الالتماس أو رفضه.

2-4 وفي رسالة مؤرخة 21 آذار/مارس 1997 اشتكى صاحب البلاغ لمحاميه من الظروف في سجن سانت كاترين، واشتكى خاصة من حادثة وقعت في 5 آذار/مارس 1997. ففي ذلك اليوم، ورداً على محاولة فرار قام بها أربعة نزلاء آخرون عومل بعض السجناء - وصاحب البلاغ من بينهم، بالضرب المبرح على أيدي مجموعتين من الحراس الأولى من 20 فرداً والأخرى من 60 فرداً عقاباً لأي شخص مشترك بصورة مباشرة أو غير مباشرة في محاولة الفرار. ويشير صاحب البلاغ إلى أن "بعض الحراس شرعوا في ضربي من كل يد (1) بينما ألقى بعضهم بأمتعتي الشخصية خارج الزنزانة" ثم "حملني الحراس إلى حمّام فارغ لاستئناف معاقبتي".

2-5 وعلى أثر الضرب نقل صاحب البلاغ إلى المستشفى حيث أبلغ الطبيب بأنه "يشعر بآلام في كل جسده". ولم يتمكن صاحب البلاغ من الاتصال بمحاميه إلا بعد فترة لأنه كان يعاني من إصابات بليغة في إحدى يديه وبلغ به الضرب أنه "لم يعد قادراً على المشي". وادعى أنه، وقت كتابة رسالته إلى المحامي - بعد 16 يوماً من الحادث - وجد أن "مختلف أجزاء جسمه متورمة". ثم إن أمتعته الشخصية ومستنداته المتعلقة باستئنافه القانوني قد أحرقت؛ وأفاد، في هذا الصدد، بأنه عندما عاد إلى زنزانته "كانت فارغة تقريباً، وعندما نزلت على الدرج رأيت ناراً مشتعلة في المجمع، وأمتعتنا الشخصية تحترق". ويضيف صاحب البلاغ "حسب ما فهمته فإن الأوامر صدرت للحراس بضربنا وإحراق أشيائنا".

2-6 ويقول صاحب البلاغ إنه لا يمكن تفسير نطاق العمل الذي ارتكبه الحراس والتنسيق الواضح بين المجموعات المؤلفة من 20 و60 فرداً إلا على أنه عمل متعمد ومدبر. ويدعي في هذا الصدد أن وجود مفوض التأديب في مستشفى السجن ووجود المراقب العام بعد الأحداث بفترة قصيرة، إلى جانب عدم إجراء تحقيق سليم وملاحقة للمرتكبين، تثبت المستوى الذي يمكن القول معه إن إجراءات سلطات السجن معلومة ومؤيدة. كما يقول إنه يعرف أسماء الحراس الذين فتشوا زنزانته وضربوه، ولكنه يضيف أنه شعر بالتهديد إن هو أبلغ عنها.

2-7 وفي 10 آذار/مارس 1997 لم يسمح لأسرة صاحب البلاغ التي جاءت لرؤيته بزيارته. كما حرم صاحب البلاغ من الاتصال بالمراقب العام لمناقشته في أحكام الزيارات العائلية التي لم يسمح بها إلا في 12 حزيران/يونيه 1997.

2-8 وفي 20 آذار/مارس 1997 أصدر المراقب العام "أمراً دائماً قيل إنه يحظر على جميع النزلاء الاحتفاظ في زنزاناتهم بأوراق أو أدوات كتابة. ومع ذلك يشار إلى أن صاحب البلاغ تمكن من مراسلة محاميه خطياً في 21 آذار/مارس و17 نيسان/أبريل 1997 ومراسلة صديقته، السيدة كاترين شيوويل في 15 آب/أغسطس 1997.

2-9 وجاء في رسالتين مؤرختين 6 كانون الثاني/يناير و4 أيلول/سبتمبر 1997 موجهتين من صديق لصاحب البلاغ إلى المحامي، وصفاً لأحوال الاحتجاز شمل حجم الزنزانات والظروف الصحية وقلة الغذاء ونقص رعاية الأسنان. ويقال إنه لا يسمح للزوار دون الثامنة عشرة بدخول السجن، وأن صاحب البلاغ لم يتمكن من رؤية ابنيه (9 و6 أعوام) منذ دخوله السجن؛ وإن عنبر الإعدام - الذي لا يسمح لنزلائه بمغادرة زنزاناتهم سوى 20 دقيقة تقريباً في اليوم - مكان صغير وقذر ينتشر به الغائط في كل أرجائه. وكان بوسع صاحب البلاغ أن يلمس الجدران عندما يقف في منتصف الزنزانة وكان مضطراً لتغطية الجدران بالورق لتغطية القذارة. والرائحة في المكان كله هي رائحة المجاري. والأوضاع الصحية والطبية سيئة وكذلك الأغذية. وبسبب نقص الأغذية وانعدام رعاية الأسنان فقد صاحب البلاغ الكثير من أسنانه.

2-10 وأُبلغت اللجنة برسالة مؤرخة 2 آذار/مارس 1998، من محامي صاحب البلاغ دونما تفسير للدوافع، بأن صاحب البلاغ أفرج عنه من سجن سانت كاترين في 27 شباط/فبراير 1998.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك المواد 6(1) و7 و10(1) و19(2) من العهد بسبب معاملته منذ إدانته وخلال سجنه في عنبر الإعدام، على أيدي سلطات السجن.

3-2 وهو يدعي أنه عانى من انتهاك المادتين 7 و10(1) بسبب المعاملة العنيفة التي عاملته بها سلطات السجن، وبسبب الظروف العامة للاحتجاز في السجن. بل إنه حتى لو تم التسليم بأنه كسر أحد القضبان في زنزانته، وبغض النظر عن مشاركته غير الصادقة في محاولة الفرار، فهو لا يرى أي مبرر للأحداث التي أعقبت ذلك فهي تمثل انتهاكاً للمادتين 7 و10(1) من العهد. كذلك يدعي صاحب البلاغ أن أحوال السجن ونظام الاحتجاز ولوائحه التي تعرض لها تخالف المادتين 7 و10(1). ويشير في هذا السياق إلى قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. كما يدعي أن استمرار عدم التيقن من كونه سيعدم أو لا، سبب لـه آلاماً نفسية شديدة قد تصل إلى درجة انتهاكات أخرى للمادتين 7 و10. ويفيد صاحب البلاغ في هذا الصدد بأن عمليات الإعدام في جامايكا قد علقت في شباط/فبراير 1988 وأن الحكومة اتخذت في الشهور الأخيرة (2) خطوات لاستئناف عمليات الإعدام.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك المادة 6(1) من العهد بسبب احتمال استئناف عمليات الإعدام التعسفي بعد هذه الفترة الطويلة من الوقت.

3-4 كما يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك المادة 19(2) لأن الأمر الدائم الصادر عن المراقب العام بحرمانه من أدوات الكتابة أتى انتهاكاً لحقه في "التماس وتلقي ونقل المعلومات ... خطياً".

3-5 ويعتبر صاحب البلاغ - فيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية من الانتهاكات خلال فترة سجنه – أنه لم تتوافر لـه سبل انتصاف فعالة. ثم إنه يدعي أنه حتى لو اعتبر أن بعض سبل الانتصاف توافرت لـه نظرياً، فهي لم تتوافر عملياً بسبب نقص المال وعدم توافر مساعدة قانونية. وفضلاً عن هذا، يشير صاحب البلاغ إلى تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في كانون الأول/ديسمبر 1993 والذي يشير إلى دور أمين المظالم في جامايكا، المختص بمعالجة مشاكل المحتجزين في السجون، ولكنه يشير إلى أن أمين المظالم ليست لـه صلاحية إنفاذ توصياته ويفتقر إلى الأموال اللازمة لأدائه لمهامه على الوجه الصحيح. وعلى هذا يخلص صاحب البلاغ إلى أن الشكوى مستوفية للشروط الواردة في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

3-6 ويذكر صاحب البلاغ أن شكواه، على النحو المبين أعلاه لم تقدم إلى أي إجراء دولي آخر للتحقيق أو التسوية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 على الرغم من رسالتي التذكير الموجهتين إلى الدولة الطرف في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و1 تشرين الأول/أكتوبر 2002 لم تقدم الدولة الطرف ملاحظات على مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وقد تأكدت اللجنة من أن المسألة نفسها ليست موضع دراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بانتهاكات تعرض لها أثناء وجوده في السجن وما يتعلق بالأحوال في السجن فقد أحاطت اللجنة علماً بقوله إنه لا توجد أمامه عملياً سبل انتصاف فعالة وأنه حتى لو أتيحت لـه هذه السبل نظرياً فهي غير متاحة عملياً بسبب ضيق ذات اليد وعدم توافر مساعدة قانونية لـه. ولم تطعن الدولة الطرف في حجة صاحب البلاغ. وعلى هذا تعتبر اللجنة البلاغ مقبولاً كما أنه يثير قضايا في إطار المواد 7 و10(1) و19(2) من العهد.

5-4 أما عن ادعاء صاحب البلاغ بأن استئناف عمليات الإعدام التعسفي بعد طول تأخير يصل إلى درجة انتهاك المادة 6(1) فاللجنة تشير إلى أن هذا الادعاء أصبح غير ذي أهمية بعد الإفراج عن صاحب البلاغ في 27 شباط/فبراير 1998.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء المعلومات كلها التي أتاحها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وفي ضوء عدم تقديم الدولة الطرف أي ملاحظات إلى اللجنة بشأن المسألة المعروضة عليها، لا بد من إعطاء الوزن الواجب لادعاءات صاحب البلاغ بقدر ما يكون مدعوماً بالمستندات.

6-2 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10(1) تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم وصفاً مفصلاً للمعاملة التي تعرض لها، وأن الدولة الطرف لم تطعن في تظلمه. وتعتبر اللجنة أن تكرار ضرب صاحب البلاغ على أيدي الحراس يصل إلى درجة انتهاك المادة 7 من العهد (3) . ثم إنه مع مراعاة الآراء السابقة للجنة التي رأت فيها أن الظروف في عنبر الإعدام في سجن سانت كاترين تنتهك المادة 10(1) (4) . فإن اللجنة تعتبر أن ظروف احتجاز صاحب البلاغ إذا أضيفت إلى نقص الرعاية الطبية ورعاية الأسنان ثم حادثة إحراق أمتعته الشخصية، تنتهك حق صاحب البلاغ في معاملة إنسانية ومراعية لكرامته الشخصية بموجب المادة 10(1) من العهد.

6-3 أما عن الادعاء بأن الأضرار النفسية الشديدة تعد انتهاكاً آخر للمادة 7 من جراء استمرار عدم التيقن من أن صاحب البلاغ سيُعدم أم لا، فتشير اللجنة إلى فتواها الدائمة بأن إطالة مدة انتظار تنفيذ حكم الإعدام لا تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 7 إذا لم تتوافر "ظروف أخرى مشددة" (5) . وفي هذه الحالة ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يثبت وجود ظروف مشددة. وعلى هذا لم يحدث انتهاك للمادة 7 في هذا الصدد.

6-4 وتشير اللجنة إلى الادعاء بأن الأمر الدائم الصادر عن المراقب العام حرم صاحب البلاغ من أدوات الكتابة وينتهك حقه بموجب المادة 19(2). غير أنها تلاحظ أن صاحب البلاغ تمكن من الاتصال بمحاميه خلال يوم واحد من صدور هذا الأمر، والاتصال بعد ذلك بالمحامي وبصديقه. وفي هذه الظروف لا تصبح اللجنة في وضع يسمح لها باستنتاج أن حقوق صاحب البلاغ انتهكت في إطار المادة 19(2).

7- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادتين 7 و10 من العهد.

8- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ بما في ذلك تقديم تعويض لـه. كما أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- إن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا. وقد قُدمت هذه القضية للنظر فيها قبل انسحاب الدولة الطرف من البروتوكول الاختياري الذي أصبح نافذاً في 23 كانون الثاني/يناير 1998؛ ووفقاً للفقرة 2 من المادة 12 فالقضية تظل خاضعة لتطبيق البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بكفالة تمتع جميع الأفراد في أراضيها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبتوفير سبل انتصاف فعالة وقابلة للتطبيق في حالة ثبوت انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يبدو أن صاحب البلاغ يشير إلى تعرضه للضرب من مجموعة من الحراس المسلحين بالعصي.

(2) مذكرة الأمانة: وقت تقديم الشكوى (كانون الثاني/يناير 1998).

(3) انظر على سبيل المثال قضية ماك تاغار ضد جامايكا ، رقم 749/1997، الفقرة 8-7، التي ضرب فيها صاحب البلاغ وأحرقت أمتعته الشخصية.

(4) انظر على وجه الخصوص قضية ماك تاغار ضد جامايكا ، البلاغ رقم 749/1997.

(5) انظر على سبيل المثال قضية جونسون ضد جامايكا ، رقم 588/1994، الفقرة 8-5؛ وقضية فرنسيس ضد جامايكا ، رقم 606/1994، الفقرة 9-1.

التذييل

رأي فردي صادر عن عضو اللجنة، السيد برافولاتشاندرا باغواتي

إنني أتفق مع الرأي الذي أعرب عنه أغلبية زملائي من جميع النواحي، اللهم إلا فيما يتعلق بالفقرة 6-3 التي أجد نفسي غير قادر على الموافقة على رأي الأغلبية بأنه لا توجد ظروف مشددة في هذه القضية تؤدي إلى استنتاج حدوث انتهاك للمادة 7 في سياق إطالة فترة التأخير في طابور الإعدام. فأنا أرى أن الوقائع المبينة في الفقرات 2-4 و2-5 و2-6 التي لم تفند، تصل بوضوح إلى حد كونها "ظروفاً مشددة" تتيح استنتاج حدوث انتهاك للمادة 7. ولكن ليس من الضروري استنتاج حدوث انتهاك للمادة 7 على هذا الأساس لأن اللجنة سبق لها استنتاج انتهاك المادة 7 في الفقرة 6-2.

(توقيع) : برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن عضو اللجنة، السيدة كريستين شانيه

إنني وإن كنت أتفق مع آراء اللجنة بشأن الانتهاكات الثابتة، فإنني أختلف معها في التعليل الذي أيدته الأغلبية في الفقرة 5-4.

فأنا أرى أن شكوى صاحب البلاغ على أساس الفقرة 1 من المادة 6، فيما يتعلق باستئناف عمليات الإعدام القسرية في جامايكا بعد انقطاع طويل، لا يمكن إغفالها على أساس أن الإفراج عن صاحب البلاغ يجعلها غير ذات موضوع.

وأرى أنه كان من الأصوب، الرد على تعليل صاحب البلاغ بالإشارة إلى أنه لما كان يستشهد بحالة عامة دون إشارة كافية إلى حالته بالذات، فلا يمكن اعتباره ضحية حسب المعنى الوارد في المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

(توقيع): كريستين شانيه

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

هاء- البلاغ رقم 811/1998، مولاي ضد جمهورية غيانا

(الآراء التي اعتمدت في 20 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيدة روكمين مولاي (يمثلها محام، هو السيد س. أ. نايجل هَفْس من مكتب Hughes, Fields & Stoby)

الشخص المدعي أنه ضحية : السيد لالمان مولاي والسيد بهاراتراج مولاي

الدولة الطرف : جمهورية غيانا

تاريخ تقديم البلاغ : 4 آذار/مارس 1998 (تاريخ تقديم البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 811/1998 المقدم إليها بالنيابة عن السيد لالمان مولاي والسيد بهاراتراج مولاي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة روكمين مولاي. وتقدم البلاغ بالنيابة عن أخويها بهاراتراج ولالمان مولاي، وكلاهما من مواطني غيانا، وهما الآن بانتظار تنفيذ عقوبة الإعدام في سجن جورجتاون في غيانا. وتدعي أن أخويها وقعا ضحية لانتهاكات غيانا لحقوق الإنسان (1) . وعلى الرغم من أنها لم تحتج بأي مواد محددة من العهد، يبدو أن البلاغ يثير مسائل تتصل بالفقرة 2 من المادة 4 والمادة 14 من العهد. وعقب تقديم البلاغ قامت صاحبة البلاغ بتعيين محام، بيد أنه لم يتمكن من تقديم أي بلاغات موضوعية نظرا لعدم وجود رد من الدولة الطرف.

1-2 وفي 9 نيسان/أبريل 1998، طلب المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، عملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، ألا تُنفذ الدولة الطرف عقوبة الإعدام الصادرة على صاحبي البلاغ ما دام بلاغهما قيد النظر من قِبل اللجنة.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 اتُهم كل من بهاراتراج ولالمان مولاي في 15 كانون الأول/ديسمبر 1992 بقتل المدعو دوودنوث سيرام في الفترة بين 29 و31 آب/أغسطس 1992. وأُدينا بالتهمة الموجهة إليهما وحُكم عليهما بالإعدام في 6 تموز/يوليه 1994. وقامت محكمة الاستئناف في 10 كانون الثاني/يناير 1995 بإلغاء حكم الإعدام وأمرت بإعادة المحاكمة. وبنهاية إعادة المحاكمة أُدين الاثنان للمرة الثانية وصدر عليهما حكم بالإعدام في 1 آذار/مارس 1996. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1997 أكدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر ضدهما.

2-2 ويتبين من سجل أدلة إعادة المحاكمة أن القضية تتلخص بالنسبة للادعاء العام في حدوث مشاجرة بين كل من بهاراتراج ولالمان مولاي وبين المدعو سيرام بسبب أبقار كانت ترعى في أرضه. وفي أثناء المشاجرة قام الاثنان بضرب هذا الأخير عدة مرات بسيف قصير وبسلاح آخر يشبه الرمح، وضرباه بالعصي بعد سقوطه على الأرض. وفي 1 أيلول/سبتمبر 1992 عثر ابن سيرام على جثة والده غارقة في نهر صغير بجوار مزرعته. واتضح من الجثة وجود إصابات بالرأس وبتر لليد اليمنى من أعلى الرسغ وكانت الجثة مربوطة بحبل حول العنق لإبقائها مغمورة في الماء.

2-3 وكانت شهادة المدعو نظيم بكش، الذي يدعي أنه شاهد عيان على تلك الأحداث، هي الدليل المقدم ضد بهاراتراج ولالمان مولاي. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1992، استمعت المحكمة لإفادة ابن القتيل الذي اكتشف الجثة، كما استمعت لآخرين منهم رجل الشرطة الذي تولى التحقيق والطبيب الذي فحص جثة القتيل.

2-4 ومن قفص الاتهام، ادعى الأخوان بهاراتراج ولالمان مولاي البراءة وعدم تواجدهما في مسرح الجريمة في اليوم المعني. وصرحا بأنهما كانا على علاقة جيدة مع السيد سيرام، بينما لم تكن علاقتهما حميمة مع السيد بكش.

2-5 وأفاد المحامي في رسالته المؤرخة 19 أيار/مايو 2003 أن بهاراتراج ولالمان مولاي ما زالا على قائمة المحكوم عليهم بالإعدام.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ براءة أخويها وأن محاكمتهما لم تكن عادلة. ووفقاً لما ورد عنها، فقد حاول أشخاص مجهولو الهوية تقديم رشوة لكبير المحلفين. وأوضحت أن شخصين قاما بزيارة كبير المحلفين في منزله في 23 شباط/فبراير 1996 وعرضا عليه مبلغاً غير محدد من المال نظير التأثير على المحلفين لصالح الأخوين بهاراتراج ولالمان مولاي. وقد أبلغ كبير المحلفين المدعي العام والقاضي بهذه الحادثة التي لم تُكشف أبداً لهيئة الدفاع. وعلى النقيض مما حدث في قضايا أخرى، لم تلغ المحاكمة بسبب تلك الحادثة (2) . وبالإضافة إلى ذلك، ادعى السيد بكش في إفادته أن بعض أفراد عائلة مولاي قد حاولوا استمالته. وتحتج صاحبة البلاغ بأن كبير المحلفين وهيئة المحلفين أصبحوا منحازين ضد أخويها نتيجة لذلك.

3-2 وتدعى صاحبة البلاغ أن السيد بكش لا يمكن أن يعتبر شاهداً موثوقاً. وقالت إن السيد بكش شهد عند إعادة المحاكمة بأنه رأى بهاراتراج ولالمان مولاي وهما ينقضان على السيد سيرام في مسرح الجريمة، بينما أفاد في شهادته في المحاكمة الأولى أنه لم يتمكن من رؤية مسرح الجريمة بسبب الظلام الشديد. وبالإضافة إلى ذلك، شهد بأن الأخوين ضربا القتيل عدة مرات باستخدام سيف، بينما أوضح رجل الشرطة الذي قام بالتحقيق بأن الإصابات ناتجة عن آلة غير حادة. وأخيراً، شهد السيد بكش بأن الأخوين انهالا على القتيل ضرباً لعدة دقائق، إلا أن الطبيب لم يتبيّن وجود أي عظام مكسورة في الجثة، وهي الإصابات المعهودة التي كان ينبغي أن تحدث نتيجة لمثل هذا الضرب. وختاماً، رأى الطبيب أن السبب الفعلي لوفاة السيد سيرام هو الغرق.

3-3 كما تدعي صاحبة البلاغ أن من الطبيعي أن يكون الضحية قد حاول صد الضربات بيديه ورجليه، إلا أن جثة القتيل لم تكشف عن وجود أي إصابات سوى اليد اليمنى المبتورة. وتشير إلى أن السيد بهاراتراج، الذي قال السيد بكش إنه رآه يقوم بضرب القتيل بالسيف، يستخدم يده اليمنى. وتحتج بأن اليد اليسرى للقتيل هي التي كان ينبغي أن تُبتر إذا كان قد استخدمها لصد ضربة السيف التي سددها إليه بهاراتراج مولاي. وتقر صاحبة البلاغ بأن محامي الدفاع لم يحتج بهذه النقاط أثناء المحاكمة.

3-4 وأخيراً، يُدّعى أن السيد بكش أدلى للشرطة بإفادتين مختلفتين. حيث ذكر في الإفادة الأولى المؤرخة 8 أيلول/سبتمبر 1992 أنه لم ير شيئاً مما حدث، بينما أدلى في 10 كانون الأول/ديسمبر 1992 بالإفادة الواردة في الفقرة 3-2 أعلاه. ولم تكن إفادة السيد بكش وإفادة ابن السيد سيرام متوافقتين فيما يتعلق بوجود أشجار في مسرح الجريمة. فقد ذكر ابن السيد سيرام أنه كانت هناك أشجار كثيفة بالقرب من مسرح الجريمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4- طُلب إلى الدولة الطرف في 9 نيسان/أبريل 1998 و30 كانون الأول/ديسمبر 1998 و14 كانون الأول/ديسمبر 2000 و13 آب/أغسطس 2001 و11 آذار/مارس 2003 أن توافي اللجنة بمعلومات حول الأسس الموضوعية للبلاغ. وتلاحظ اللجنة أنها لم تستلم هذه المعلومات بعد. وتأسف اللجنة لكون الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات فيما يتعلق بمقبولية أو جوهر ادعاءات صاحبة البلاغ. وهي تشير إلى أن من المنصوص عليه ضمناً في البروتوكول الاختياري أن تتيح الدول الأطراف للجنة كل ما في حوزتها من معلومات. وفي ظل عدم تلقي رد من الدولة الطرف، فإنه يجب إيلاء ما ينبغي من اعتبار لادعاءات صاحبة البلاغ بقدر ما تم إثباتها منها على وجه سليم (3) .

النظر في المقبولية

5-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وقد تأكدت اللجنة من أن نفس المسألة لا يجري بحثها بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ عدم مصداقية السيد بكش وأن الشهادات التي أدلى بها الطبيب والشهود الآخرين لم تكن حاسمة، تذكر اللجنة بسوابقها القانونية الثابتة التي تشير إلى أن أمر تقييم وقائع قضية معينة يعود عموماً إلى محاكم الدول الأطراف في العهد، وليس إلى اللجنة. والمعلومات المعروضة على اللجنة والحجج التي ساقتها صاحبة البلاغ لا تبين أن تقييم المحاكم للوقائع أو تفسيرها للقانون كان تعسفياً بشكل جلي أو أنه يعتبر بمثابة إساءة لتطبيق أحكام العدالة. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وتعلن اللجنة مقبولية باقي الادعاءات المتعلقة بحادثة محاولة التأثير على المحلفين نظراً إلى أنها تثير مسائل ذات صلة بالفقرة 1 من المادة 14، وتشرع في النظر في جوهر البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها صاحبة البلاغ، وذلك عملاً بالفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 تلاحظ اللجنة أن استقلال وحيادية المحكمة هما من الجوانب المهمة للحق في محاكمة عادلة في إطار المقصود من الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وفي أي محاكمة أمام هيئة محلفين، يجب على هؤلاء المحلفين أيضا التقيد بضرورة تقييم الوقـائع والأدلة بصورة مستقلة ومحايدة؛ ومن المهم تمكين جميع المحلفين من تقييم الوقائع والأدلة بشكل موضوعي لكي يتمكنوا من إصدار حكم عادل. ومن ناحية أخرى، تذكر اللجنة أنه إذا علم أي من الأطراف بحدوث محاولة للتأثير على المحلفين، فينبغي الاعتراض على مثل هذه التجاوزات المزعومة أمام المحكمة (4) .

6-2 وفي القضية الراهنة، تدعي صاحبة البلاغ أن كبير المحلفين أثناء إعادة المحاكمة أخبر الشرطة ورئيس القضاة في 26 شباط/فبراير 1996 أن شخصا ما قد حاول التأثير عليه. وتدعي صاحبة البلاغ أنه كان من واجب القاضي التحقيق في هذا الأمر للتأكد مما إذا كان الأخوان بهاراتراج ولالمان مولاي قد تعرضا لظلم ما حرمهما بالتالي من الحصول على محاكمة عادلة. وبالإضافة إلى ذلك، تشكو صاحبة البلاغ من أن هذه الواقعة لم تُكشف للدفاع بالرغم من أن كبير المحلفين قد أخبر بها القاضي والادعاء العام، وأن محاكمة الأخوين لم توقف نتيجة لهذه الواقعة كما جرى في محاكمات أخرى. وتلاحظ اللجنة بالرغم من أنها ليست في وضع يمكنها من تأكيد أن أداء هيئة المحلفين وكبير المحلفين والنتائج التي توصلوا إليها كانت في واقع الأمر متحيزة أو متحاملة ضد الأخوين بهاراتراج ولالمان مولاي، وبالرغم من أن المستندات المعروضة عليها تبيّن أن محكمة الاستئناف تناولت على ما يبدو مسألة التحامل المحتمل، فإنها لم تتناول ذلك الجزء من أسباب الاستئناف المتعلق بحق الأخوين في المساواة أمام القضاء كما ورد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، والتي كان يمكن للدفاع أن يطلب بمقتضاها إلغاء المحاكمة. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن ثمة انتهاك قد وقع للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

6-3 ووفقاً للممارسة المعهودة للجنة، فإنها تأخذ بالرأي القائل إن فرض الحكم بالإعدام بنهاية محاكمة لم تراع أحكام العهد يمثل انتهاكاً للمادة 6 من العهد. ووفقاً لملابسات القضية الحالية، فإن الدولة الطرف انتهكت الحقوق المكفولة للأخوين بهاراتراج ولالمان مولاي بموجب المادة 6 من العهد.

7- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 وللمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، تصبح الدولة الطرف ملزمة بأن توفر للأخوين بهراتراج ولالمان مولاي وسيلة انتصاف فعالة، تشمل تخفيف عقوبة الإعدام. كما أن الدولة الطرف ملزمة بتجنب ارتكاب انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بمجرد أن أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد سلمت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد وقع انتهاك أم لا للعهد، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة إثبات وقوع انتهاك في هذا الصدد، فإنها (اللجنة) ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف في 10 آب/أغسطس 1993. وعقب تقديم هذا البلاغ في 5 كانون الثاني/يناير 1999، أخطرت حكومة غيانا الأمين العام بأنها قد قررت الانسحاب من البروتوكول الاختياري المذكور اعتباراً من 5 نيسان/أبريل 1999، أي بعد تاريخ تقديم البلاغ. وفي ذلك التاريخ نفسه، عادت حكومة غيانا إلى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري مع إبداء التحفظ التالي: "تعيد غيانا الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتشفع ذلك بتحفظ على المادة 6 منه، مفاده أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست مختصة بتلقي وبحث بلاغات مقدمة من أي شخص خاضع لحكم الإعدام لارتكاب جرائم قتل وخيانة بخصوص أي مسألة تتعلق بمقاضاته أو احتجازه أو محاكمته أو إدانته أو الحكم عليه بالإعدام أو تنفيذ ذلك الحكم أو أي مسألة ترتبط بذلك. وتسليماً بمبدأ أن الدول لا يمكنها عموماً أن تستخدم البروتوكول الإضافي كوسيلة لإدخال تحفظات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نفسه، تشدد حكومة غيانا على أن التحفظ الذي أبدته على البروتوكول الاختياري لا ينتقص بأي شكل من الأشكال من التزاماتها وتعهداتها بموجب العهد، بما في ذلك تعهدها باحترام وضمان الحقوق التي وردت في العهد كما هي مبينة في المادة 2 (ولم يسبق التحفظ بشأنها) لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، علاوة على تعهدها بتقديم التقارير للجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب آلية الرصد التي تنص عليها المادة 40 من العهد".

(2) يتضمن الملف نسخة من الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف حيث أُشير إلى أن القضية أُثيرت بعد تقديم استئناف بسبب عدم عدالة المحاكمة. ورفضت هذه المحكمة الاستئناف على أساس أن نزاهة كبير المحلفين لم تكن موضع شك.

(3) انظر البلاغ رقم 760/1997، ج. غ. أ. ديرغارت وآخرون ضد نامبيا ، آراء اعتمدت في 25 تموز/يوليه 2000، الفقرة 10-2.

(4) انظر ج. ويلارد كولنز ضد جامايكا ، القضية رقم 240/1987، الآراء المعتمدة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، الفقرة 8-4.

واو- البلاغ رقم 815/1998، دوغين ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 5 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : ألكسندر ألكسندروفيتش دوغين (يمثله محام، السيد أ. مانوف)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ الأوَّلي : 1 كانون الأول/ديسمبر 1997 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 815/1998 المقدم إليها بالنيابة عن ألكسندر ألكسندروفيتش دوغين، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو ألكسندر ألكسندروفيتش دوغين، وهو مواطن روسي، مولود في سنة 1968، كان وقت تقديم هذا البلاغ مسجوناً في منطقة أوريل في روسيا (1) . وهو يدَّعي أنه وقع ضحية انتهاك الاتحاد الروسي للفقرات 1 و2 و3(أ) و(ه‍ ) و(ز) و5 من المادة 14، والفقرتين 2 و3 من المادة 9 من العهد ويمثله محام.

الوقائع كما عُرضت

2-1 في مساء يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر 1994، كان صاحب البلاغ وصديقه يوري إيغورنوف واقفين بالقرب من موقف الحافلات عندما مر بهما مراهقان يحملان زجاجتي جعة. وقام صاحب البلاغ وصديقه اللذان كانا ثملين باستفزاز ألكسي نومكين وديمتري تشيكين بالكلام بهدف الدخول في مشاجرة. وعندما حاول نومكين الدفاع عن نفسه بقطعة من الزجاج وجرح يد صاحب البلاغ، قام صاحب البلاغ وشريكه بضربه في رأسه، وسقط على الأرض، وركلاه في رأسه وجسده. وتوفي نومكين بعد ذلك بنصف ساعة.

2-2 وفي 30 حزيران/يونيه 1995، أدانت محكمة أورلوف أوبلاستنوي (الإقليمية) دوغين وإيغورنوف بتهمة القتل العمد المصحوب بظروف مشددة. واستند الحكم إلى شهادة صاحب البلاغ، وشريكه، وعدة شهود والضحية تشيكين، وإلى تقارير طبيب شرعي والتقرير المتعلق بمكان الجريمة. وحكم على كل من دوغين وإيغورنوف بالحبس لمدة 12 سنة في معسكر العمل الإصلاحي.

2-3 وأثناء جلسة الاستماع في محكمة أورلوف، لم يعترف صاحب البلاغ بذنبه، بينما اعترف إيغورنوف به جزئياً. وطلب دوغين في استئنافه لدى المحكمة العليا في الاتحاد الروسي في 12 أيلول/سبتمبر 1995، إلغاء الحكم الصادر في حقه. وزعم أنه لم يضرب نومكين سوى مرات قليلة وأنه لم يقم بذلك إلا عندما ضربه نومكين بزجاجة مكسورة. واحتج أيضاً بأنه لم يقترب من إيغورنوف ونومكين إلا لوقف شجارهما. وقال إن عقوبته غير متناسبة وإن عقابه شديد بشكل خاص، وإن الحكم صدر دون مراعاة لسنه، والشهود الذين شهدوا على سلوكه بصورة إيجابية، وكون أنه شاب صغير، وعدم التعمد.

2-4 وفي 12 أيلول/سبتمبر 1995، رفضت المحكمة العليا في الاتحاد الروسي استئناف صاحب البلاغ ضد إدانته، وفي 6 آب/أغسطس 1996 رفضت هذه المحكمة نفسها استئناف صاحب البلاغ ضد عقوبته.

الشكوى

3-1 يذكر محامي صاحب البلاغ أن الضحية الباقية على قيد الحياة، وهو تشيكين، لم يكن حاضراً أثناء المحاكمة في محكمة أورلوف، وبالرغم من ذلك أخذت المحكمة في الاعتبار الشهادة التي أدلى بها أثناء التحقيق. وحسب قول المحامي، أدلى تشيكين بشهادات متضاربة في أقواله، ولكن لأن تشيكين لم يمثل أمام المحكمة، لم يتمكن دوغين من استجوابه بشأن هذه المسائل، وبذلك يكون قد حُرم من حقوقه بموجب الفقرة 3(ه‍ ) من المادة 14 من العهد.

3-2 ويدَّعي المحامي أيضاً أن افتراض البراءة بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من العهد لم يحترم في قضية صاحب البلاغ. وهو يستند في أقواله إلى تقارير ونتائج تقارير خبير الطب الشرعي المؤرخة 22 و26 تشرين الأول/أكتوبر، و9 تشرين الثاني/نوفمبر، و20 كانون الأول/ديسمبر 1994، و7 شباط/فبراير 1995، التي يرى أنها غامضة وغير موضوعية. وهو يؤكد، دون إعطاء مزيد من الشرح، أنه طرح أسئلة لم تكن لدى المحكمة إجابة عليها. وبالتالي طلب من المحكمة إحضار خبير في الطب الشرعي ليقدم إيضاحات وتعليقات، والسماح له بتقديم المزيد من الأدلة. ورفضت المحكمة طلبه.

3-3 ويشير المحامي إلى اختلالات خطيرة فيما يتعلق بتطبيق قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن التحريات والتحقيقات كانت جزئية وغير كاملة، ولم يطبق القانون الجنائي تطبيقاً سليماً، والاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة لم تكن متناسبة مع وقائع القضية كما عرضت في المحكمة. ولم تتخذ المحكمة كل التدابير اللازمة لضمان احترام الحكم القانوني الذي يستوجب إجراء فحص موضوعي ونزيه لجميع ملابسات القضية.

3-4 كذلك يدَّعي المحامي أن صاحب البلاغ لم يُخطر باتهامه بالقتل إلا بعد سبعة أيام من إيداعه في الاحتجاز، وبالتالي تكون الفقرة 3(أ) من المادة 14، والفقرتان 2 و3 من المادة 9 قد انتهكت.

3-5 ويزعم المحامي أن دوغين تعرض، أثناء احتجازه، لضغوط من جانب المحقق في عدة مناسبات، في محاولة لإجباره على الإدلاء ببيانـات كاذبة مقابل تخفيض التهم الموجهة إليه. ويدَّعي أن المحقق هدد صاحب البلاغ بأنه في حالة عدم قيامه بذلك، فإن الاتهام الذي كان أصلاً بالقتل العمد سيستبدل باتهام بارتكاب جريمة أكثر خطورة، على وجه التحديد القتل في ظروف مشددة. ولم يستسلم صاحب البلاغ للتهديدات، وكما تم التهديد به، قام المحقق بتغيير لائحة الاتهام. وحسب قول صاحب البلاغ، فإن ذلك يشكل انتهاكاً للفقرة 3(ز) من المادة 14.

3-6 وفيما يتعلق بالادعاء بحدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14، يؤكد صاحب البلاغ، دون أن يوفر المزيد من التفاصيل، أنه لم يجر إعادة النظر في قضيته على نحو سليم.

3-7 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أنه كان يجب ألا يؤخذ التقرير المتعلق بمكان الجريمة في الاعتبار أثناء المحاكمة إذ إنه لم يتضمن لا تاريخ ولا وقت إكمال التحقيق، ولم يشمل معلومات كافية عن التقرير الخاص بالتحقيق. وتحدث شهود الإثبات عن وجود أنبوب معدني أثناء المشاجرة، غير أن التقرير الخاص بمكان الجريمة لم يشر إلى مثل هذا الأنبوب. ولم يدرس المحقق أي شيء كهذا ولا يتضمن التقرير أي معلومات إضافية بشأنه.

الإفادات المقدمة من الدولة الطرف

4-1 في رسالة مؤرخة 28 كانون الأول/ديسمبر 1998، تؤكد الدولة الطرف أن مكتب النائب العام في الاتحاد الروسي أجرى تحقيقاً في المسائل المثارة في هذا البلاغ. وخلص تحقيق النيابة العامة إلى أنه، في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1994، قام دوغين وإيغورنوف، اللذان كانا ثملين ويتصرفان مثل ` قطاع الطرق ` ، بضرب نومكين، وهو قاصر، وبركله ولكمه في الرأس وفي جسمه. وحاول نومكين الهروب، ولكن دوغين أمسك به، وطرحه على الأرض وضرب رأسه في أنبوب معدني. وبدأ هو وإيغورنوف بضرب القاصر مرة أخرى، وركلاه أيضاً في الرأس. وتوفي نومكين بعد ذلك متأثراً بإصابات في الرأس والمخ.

4-2 ووفقاً للدولة الطرف، ثبتت إدانة صاحب البلاغ بكونه لم ينكر أنه ضرب نومكين، وببيانات مفصلة أدلى بها شهود عيان لا مصلحة لهم في نتيجة القضية، فضلاً عن شهادة تشيكين.

4-3 وحددت المحكمة سبب وفاة نومكين وطبيعة إصاباته على أساس العديد من تقارير الطب الشرعي، التي وفقاً لها توفي نومكين نتيجة لإصابات في الجمجمة والمخ نجمت عن ضرب شديد في الرأس.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن عقوبة صاحب البلاغ متناسبة مع خطورة الجريمة ومع المعلومات المتوفرة عن سلوكه، وكل الأدلة في هذه القضية. وخلص مكتب النائب العام إلى أن هذه القضية لا تنطوي على أي انتهاكات يحتمل أن تؤدي إلى أي تغيير أو إلغاء لقرارات المحكمة، وأن الإجراءات المتخذة ضد دوغين قانونية وقائمة على أسس سليمة.

تعليقات المحامي على إفادات الدولة الطرف

5-1 يدَّعي المحامي في ادعاءاته غير المؤرخة، أن الدولة الطرف لم تعالج الادعاءات الرئيسية الواردة في البلاغ، خاصة فيما يتعلق بانتهاك الحق في أن يُستمع إلى الشهود الذين يستطيعون تقديم معلومات لمصلحة المتهم وأن يُستدعوا للمثول أمام المحكمة. ثانياً، استمعت المحكمة إلى القضية في غياب تشيكين، الذي كان ضحية وشاهداً على السواء في هذه القضية.

5-2 كذلك يشير المحامي إلى أن المحكمة لم تحترم المبدأ الذي يقضي بوجوب تفسير الشك لصالح المتهم. كما أنها لم ترد على ادعاءات صاحب البلاغ بأن: صاحب البلاغ طلب إحضار خبير في الطب الشرعي للمثول أمام المحكمة، لكن رفض القضاة طلبه حتى دون التشاور في غرفة المداولة؛ ولم تتح الفرصة لصاحب البلاغ للاطلاع على ملفات الدعوى، (وإن كان لم يحدد الوقت، أي قبل الطعن بالنقض أو أثناء الإجراءات الأوَّلية).

5-3 وأخيراً، يؤكد المحامي أن صاحب البلاغ لم يُطلع على مضمون المادة 51 من دستور الاتحاد الروسي، التي تنص على "عدم جواز إرغام أي شخص على الشهادة ضد نفسه، أو ضد زوجته أو أقرب أقربائه".

قرار المقبولية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أثناء دورتها الثانية والسبعين، في مقبولية هذا البلاغ. ولاحظت أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية هذا البلاغ، وتأكدت من أنه تم استيفاء شروط الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وتأكدت اللجنة من أن هذه المسألة نفسها لم يسبق بحثها بموجب إجراء دولي آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية. وفي هذا الصدد، ثبت أنه بعد عرض هذه القضية على اللجنة في كانون الأول/ديسمبر 1997، قُدمت شكوى مماثلة للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في آب/أغسطس 1999، غير أن هذه الشكوى اعتبرت غير مقبولة من حيث الاختصاص الزماني في 6 نيسان/أبريل 2001. وبالتالي خلصت اللجنة إلى أن ليس هناك ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ المقدم في إطار الفقرة 2 من المادة 9 من العهد، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ كان على علم بأسباب توقيفه. أما فيما يخص الادعاء المقدم في إطار الفقرة 3 من المادة 9 من العهد، لاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه، وأعلنت أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 بيد أن اللجنة تعتبر أن ادعاءات صاحب البلاغ بحدوث انتهاكات للمادة 14 من العهد يمكن أن تثير مسائل في إطار هذا الحكم. وبناء على ذلك، أعلنت اللجنة في 12 تموز/يوليه 2001 أن البلاغ مقبول من حيث إنه يثير، فيما يبدو، مسائل تندرج في إطار المادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 في مذكرة مؤرخة 10 كانون الأول/ديسمبر 2001، قدمت الدولة الطرف تعليقاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وذكرت أن الهيئة الرئاسية للمحكمة العليا قامت في 11 آذار/مارس 1998 بإعادة النظر في الدعوى المقامة ضد صاحب البلاغ في كل من محكمة أورلوف (30 حزيران/يونيه 1995) والمحكمة العليا (12 أيلول/سبتمبر 1995). وقامت بخفض مدة العقوبة المفروضة على صاحب البلاغ من 12 إلى 11 سنة سجن، مستبعدة من النظر في الظروف المشددة كون أن صاحب البلاغ كان ثملاً في وقت وقوع الجريمة. وبالنسبة لجميع الجوانب الأخرى، تم التأكيد على القرارات الصادرة.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه لم تتح لـه الفرصة لاستجواب تشيكين، لاحظت الدولة الطرف أنه تم استدعاء هذا الشاهد للمثول أمام المحكمة في الفترة من 23 إلى 26 حزيران/يونيه 1995، ولكنه يمثل. وصدر أمر بإحضاره إلى المحكمة ولكن السلطات لم تتمكن من العثور على مكانه. وبموجب المادتين 286 و287 من قانون الإجراءات الجنائية، تعتبر الشهادة المقدمة من الشهود مقبولة حتى في غيابهم، في الظروف التي يتعذر فيها مثولهم أمام المحكمة. وقررت المحكمة قبول الأقوال الكتابية التي أدلى بها تشيكين على سبيل الشهادة، بعد أن استمعت إلى حجج الأطراف فيما إذا كان ينبغي أن يحدث ذلك أم لا. ووفقاً للنسخة الأصلية لمحضر الإجراءات، فإن المحامي لم يطرح أي أسئلة بعد أن قُرئت الأقوال على سبيل الشهادة. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يعترض على بدء المحاكمة في غياب تشيكين.

7-3 وتنفي الدولة الطرف عدم موضوعية شهادة خبير الطب الشرعي، وتؤكد أنه بعد أن اعتبرت الشهادة الأولى غير كاملة، قدم الخبير نفسه أربعة آراء إضافية إلى المحقق. وكانت النتائج التي توصل إليها الخبير متوافقة مع شهادة شهود آخرين، أي أن صاحب البلاغ لكم وركل المتوفى، وأصابه بأنبوب معدني. ورفضت المحكمة طلب صاحب البلاغ باستجواب الخبير وإحضار المزيد من الشهود لتأييد رأيه ومفاده أن المتوفى كان متورطاً في مشاجرة أخرى قبل وفاته بوقت قصير. وفي هذا الصدد، فإن القانون الروسي لا يقتضي من المحاكم إحضار شهود من الخبراء. وبالإضافة إلى هذا، خضعت آراء الخبير لدراسة وفحص في المركز الجمهوري لفحوص الطب الشرعي.

7-4 أما فيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ بشأن احتجازه دون تهمة لمدة 7 أيام، تلاحظ الدولة الطرف أن قانون الإجراءات الجنائية يسمح باحتجاز المشتبه فيهم لفترة تصل إلى 10 أيام في الأحوال الاستثنائية. وفي قضية صاحب البلاغ، بدأت الإجراءات الجنائية في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1994، وتم توقيف صاحب البلاغ في اليوم نفسه، ووجهت التهمة إليه في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1994، في إطار فترة ال‍ 10 أيام المحددة بموجب القانون.

7-5 وتدحض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ بأن المحقق هدد باتهامه بجريمة أكثر خطورة إذا لم يتعاون، وتذكر أن صاحب البلاغ أكد، رداً على سؤال موجه من رئيس المحكمة أثناء المحاكمة، أن المحققين لم يهددوه، ولكنه أدلى بأقواله "دون تفكير".

7-6 وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ بأن التقرير الخاص بمكان الجريمة لم يكن مؤرخاً أو أنه لم يشر إلى الأنبوب المعدني الذي قيل أن رأس المتوفى ارتطمت به؛ وعلى العكس من ذلك، يذكر التقرير أنه تم تجميعه في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1994، وهناك إشارة إلى الأنبوب المعدني، بالإضافة إلى صورة يمكن أن يشاهد فيها الأنبوب بالفعل.

7-7 وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يوجد أي أساس يمكن من استخلاص أن الإجراءات ضد صاحب البلاغ كانت متحيزة أو غير مستوفاة، وتلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم شكاوى من هذا القبيل إلى المحاكم أو السلطات الروسية. وهي تؤكد أن صاحب البلاغ استُجوب في حضور محام اختاره بنفسه، وأنه قال، أثناء فترة احتجازه، إنه لا يحتاج إلى محام. وأخيراً، تلاحظ الدولة الطرف أن السبب الذي من أجله لم يُطلع صاحب البلاغ على حقوقه بموجب المادة 51 من الدستور، التي تنص على أنه ليس مطلوباً من المتهم أن يشهد ضد نفسه، هو أن المحكمة العليا لم تصدر حكماً تقتضي فيه ذلك إلا في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1995 - ومحاكمة صاحب البلاغ عُقدت في حزيران/يونيه 1995. وعلى أية حال، فقد تم إطلاع صاحب البلاغ على حقوقه بموجب المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على أنه يحق لكل متهم الإدلاء أو عدم الإدلاء بأقوال بشأن التهم الموجهة إليه.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

8- يجادل صاحب البلاغ في تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 5 شباط/فبراير 2002، بأنه كان يمكن العثور على مكان الشاهد تشيكين وإحضاره إلى المحكمة لاستجوابه، بحد أدنى من "حسن النية" من جانب الدولة الطرف. ويذكر أن رفض المحكمة إجازة طلبه بتقديم المزيد من الأدلة الطبية يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد، وأن التأخير لمدة 7 أيام في توجيه تهمة إليه لا يتوافق مع الفقرة 3(أ) من المادة 14، التي تقتضي إبلاغ كل متهم بالتهم الموجهة إليه على الفور. ويكرر صاحب البلاغ ادعاءاته بشأن التهديد المزعوم من جانب المحقق، وبشأن عدم موضوعية المحاكمة. كما يلاحظ أن المادة 51 من الدستور كان لها قوة وآثار قانونية مباشرة منذ 12 كانون الأول/ديسمبر 1993.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتدرك اللجنة أنه يتعين عليها، بالرغم من أنها نظرت بالفعل في مقبولية البلاغ، أن تأخذ في الاعتبار أي معلومات وردت من الطرفين في وقت لاحق ويمكن أن تؤثر في مسألة مقبولية شكاوى صاحب البلاغ التي لم يتخذ قرار فيها بعد.

9-2 بادئ ذي بدء، تلاحظ اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ المؤرخة 5 شباط/فبراير 2002، والمتعلقة بالانتهاكات المزعومة للفقرة 3(أ) من المادة 14، مماثلة إلى حد كبير للشكوى التي قدمها بموجب الفقرة 2 من المادة 9 (انظر الفقرة 3-4 أعلاه)، والتي اعتبرت غير مقبولة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الادعاء، مع أنه يحتكم إلى الفقرة 3(أ) من المادة 14، لا يتصل بهذا الحكم من الناحية الوقائعية. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم، لأغراض المقبولية، أدلة كافية تثبت هذا الادعاء بالذات. وبناء على ذلك، فإن ادعاء صاحب البلاغ المقدم في إطار الفقرة 3(أ) من المادة 14 من العهد غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-3 ويدعي صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة 14 انتهكت لأنه لم تتح لـه الفرصة لاستجواب تشيكين بشأن شهادته، وإحضار الخبير واستدعاء المزيد من الشهود. وفي حين أن الجهود الرامية إلى العثور على مكان تشيكين أثبتت عدم فعاليتها لأسباب لم تشرحها الدولة الطرف، فإن شهادته أعطيت وزناً كبيراً جداً، بالرغم من أن صاحب البلاغ لم يتمكن من مناقشة هذا الشاهد. وعلاوة على ذلك، لم تعط محكمة أورلوف أي أسباب لرفضها طلب صاحب البلاغ بإحضار خبير واستدعاء المزيد من الشهود. وهذه العوامل مجتمعة، دفعت اللجنة إلى استنتاج أن المحاكم لم تراع شرط المساواة بين الادعاء والدفاع في تقديم الأدلة وأن ذلك يشكل حرماناً من العدالة. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ قد انتهكت بموجب المادة 14.

9-4 وفي ضوء آراء اللجنة الواردة أعلاه، ليس من الضروري النظر في ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بموضوعية الأدلة المقدمة إلى المحكمة.

9-5 ولا يمكن للجنة، على أساس المادة المعروضة عليها، أن تحسم المسألة الوقائعية المتمثلة في ما إذا كان المحقق هدد صاحب البلاغ بالفعل بغرض انتزاع اعترافات منه. وعلى أي حال، ووفقاً للدولة الطرف، لم يقدم صاحب البلاغ شكوى بشأن التهديدات المزعومة، بل قال للمحكمة إنه لم يتلق تهديدات. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذه الادعاءات، وتعلن عدم مقبولية هذا الادعاء بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بأنه لم يطلع على حقوقه بموجب المادة 51 من الدستور، تلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ أحيط علماً بحقوقه بموجب المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تكفل حق كل متهم في الإدلاء أو عدم الإدلاء بأقواله بشأنه التهم الموجهة إليه. وفي هذه الظروف، وخاصة مع مراعاة أن صاحب البلاغ لم يطعن في الحجة الواردة أعلاه التي ساقتها الدولة الطرف، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث أي انتهاك للفقرة 3(ز) من المادة 14.

9-7 أما فيما يتعلق بالادعاء المقدم في إطار الفقرة 5 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أنه يتضح من الوثائق المعروضة عليها أن المحكمة العليا في الدولة الطرف أعادت النظر في عقوبة صاحب البلاغ وأدانته. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث أي انتهاك للعهد.

10- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 14 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 14 من العهد.

11- وترى اللجنة أنه، وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يحق لصاحب البلاغ الانتصاف المناسب، بما في ذلك تعويضه والإفراج الفوري عنه.

12- والدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبأن تكفل سبلاً مجدية للتظلم وتنفيذ الأحكام التي تصدر في هذا الصدد إذا ثبت حدوث انتهاك. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ الآراء التي قدمتها اللجنة. كما تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للاتحاد الروسي في 1 كانون الثاني/يناير 1992.

زاي- البلاغ رقم 867/1999، سمارت ضد جمهورية غيانا

(الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيدة دافني سمارت (لا يمثلها محامٍ)

الشخص المدعي أنه ضحية : ابن صاحبة البلاغ، السيد كولين سمارت

الدولة الطرف : جمهورية غيانا

تاريخ تقديم البلاغ : 28 آذار/مارس 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 867/1999 المقدم إليها بالنيابة عن "كولين سمارت" في إطار البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المقدمة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة دافني سمارت. وهي تقدم البلاغ بالنيابة عن ابنها كولين سمارت، وهو مواطن من غيانا، وُلد في عام 1959، ومودع حالياً في سجن جورج تاون الحكومي في غيانا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام. وتدعي صاحبة البلاغ أن ابنها ضحية لانتهاكات من جانب غيانا (1) لحقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن صاحبة البلاغ لا تحتج بأية مواد محددة من العهد، فإن البلاغ يثير مسائل تتصل بالمادتين 6 و14 من العهد. ولا يمثل صاحبة البلاغ محامٍ.

1-2 ووفقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف في 28 نيسان/أبريل 1999 ألا تنفذ حكم الإعدام المحكوم به على السيد كولين سمارت أثناء نظر اللجنة في هذا البلاغ (2) .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993 وجهت إلى ابن صاحبة البلاغ تهمة القتل، وفي 16 أيار/مايو 1996 قضت المحكمة بإدانته وحكمت عليه بالإعدام. وعند الاستئناف، أقرت المحكمة العليا كلاً من الإدانة والحكم.

2-2 ويتبين من مذكرات الأدلة التي قدمتها صاحبة البلاغ أن الحجج المقدمة من الإدعاء تتلخص في أن ابن صاحبة البلاغ، بينما كان محبوساً في سجن جورج تاون، قد طعن في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993، السيد رايموند سبارمان، وهو سجين آخر، باستخدام أداة مصنوعة من سلك صلب وقطعة من المعدن الحاد. وفارق السيد سبارمان الحياة متأثراً بإصاباته بعد فترة وجيزة من الحادثة.

2-3 وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993 ذكر كولين سمارت أمام الشرطة، بعد أن أُبلغ بتهم القتل الموجهة ضده، أن السيد سبارمان انقض عليه واعتدى عليه بقطعة من الخشب. كما ذكر ابن صاحبة البلاغ أنه لا يذكر ما الذي حصل بعد الحادثة نظراً إلى أنه أُغمى عليه ولم يسترجع وعيه إلا بعد جلبه إلى سجن بريكتون.

2-4 وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993، وجهت إلى ابن صاحبة البلاغ تهمة القتل. ثم استمعت محكمة جورج تاون الجزئية أثناء التحقيق الأولي (جلسات إحالة الدعوى) إلى عدة شهود إثبات. وبدأت هذه الجلسات في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 بشهادة شقيقة المتوفى التي تعرفت عليه بوصفه رايموند سبارمان. وكان ابن صاحبة البلاغ حاضراً أثناء جلسات إحالة الدعوى، لكنه لم يمثله محامٍ.

2-5 وأكد شاهد الإثبات الرئيسي، السيد إدوارد فريزر، كبير موظفي سجن جورج تاون، أنه كان يباشر عمله في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993. وقال إنه في الساعة 50/8، شاهد السيد سبارمان واقفاً في الجهة الشرقية من ساحة السجن والدم يسيل تحت إحدى عينيه. ثم جرى سبارمان أمامه والتقط قطعة من الخشب. وبعد ذلك لاحظ السيد فريزر أن كولين سمارت يجري في اتجاهه وهو يحمل سلكاً طوله عشر بوصات. وتجاهل الأمر الذي وجهه إليه السيد فريزر بأن يطرح الأداة وجرى خلف السيد سبارمان. ولما وصل إليهما السيد فريزر، رأى ابن صاحبة البلاغ وهو يحرّك السلك في اتجاه السيد سبارمان. إلا أنه لم ير إن كان قد ضربه به أم لا. وأمسك اليد اليمنى للسيد سمارت الذي كان يتشاجر مع السيد سبارمان. وفقد هذا الأخير توازنه وسقط على الأرض ثم نهض وجرى في اتجاه منطقة البوابة، يتبعه عدة سجناء. ثم جرى ابن صاحبة البلاغ أيضاً خلف سبارمان، في حين تبع السيد فريزر الحشد. وقال إنه لاحظ أن بعض السجناء أحضروا إليه ابن صاحبة البلاغ. فحبسه وعاد إلى منطقة البوابة الأمامية حيث عثر على سبارمان وهو ملقى على الأرض. وذكر السيد فريزر، لدى استجواب ابن صاحبة البلاغ له، أنه لم يشهد ابن صاحبة البلاغ يُوقع إصابات في سبارمان.

2-6 وأعلن شاهد إثبات آخر، كليفتون بريتون، وهو أيضاً أحد الموظفين بالسجن، في شهادته أنه رأى ابن صاحبة البلاغ وسبارمان يختصمان في سياحة السجن في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993. وأفاد أنه فصل بينهما بمساعدة سجناء آخرين. وكانت شهادة السيد بريتون مماثلة لشهادة السيد فريزر. وذكر السيد بريتون، لدى استجواب ابن صاحبة البلاغ لـه، أنه لم يشهده يُوقع إصابات في سبارمان.

2-7 ويؤكد تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 أن جثة السيد سبارمان تحمل أثر جرح عميق في الوجنة اليمنى تحت العين اليمنى وأثر جرح صغير في الجانب الأيسر من البطن، كما يذكر كسبب للوفاة: "نزيف وصدمة بسبب ثقب الأوعية الدموية في البطن وثقب الأمعاء بفعل جرح ناجم عن طعن".

2-8 وفي نهاية الجلسة، أعلن ابن صاحبة البلاغ براءته وأفاد في رده على سؤال عما إذا كان يرغب في أن يقول أي شيء رداً على التهمة أنه يحتفظ بحقه في الدفاع دون أن يطلب إحضار شهود. وقرر القاضي إحالته للمحاكمة بتهمة القتل أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة العليا، والتي ستبدأ في حزيران/يونيه 1994.

2-9 وفي أثناء المحاكمة ذاتها، مثّل ابنَ صاحبة البلاغ محام من اختياره. ولم يطلب المحامي إحضار أي شهود نفي، واكتفى باستجواب شهود الإثبات. وكرر معظم شهود الإثبات الشهادة التي كانوا قد أدلوا بها أثناء المحاكمة، ولكن بتفصيل أكبر.

2-10 وعقب الاستماع إلى كافة شهود الإثبات، دفع المحامي في غياب هيئة المحلفين بأن الادعاء لم يفلح في تقديم الأدلة الظاهرة الكافية لإثبات الدعوى، وبأنه لم تقدم أدلة مباشرة تثبت أن ابن صاحبة البلاغ قد ألحق بالسيد سبارمان الإصابة المميتة، وأن الجرح ربما كان بفعل شخص آخر. وهكذا يتعين على هيئة المحلفين إمعان النظر في الأمر. ونفى ابن صاحبة البلاغ في بيان لـه من قفص الاتهام أن يكون قد طعن السيد سبارمان وأكد أن سجناء آخرين كانت لديهم الدوافع والفرصة لقتل الأخير.

2-11 وفي 16 أيار/مايو 1996، وبعد الاستماع إلى تعليمات مفصلة من كبير القضاة، خلُصت هيئة المحلفين بالإجماع إلى أن ابن صاحبة البلاغ مذنب بارتكاب جريمة القتل وحكمت عليه بالإعدام.

2-12 وفي 23 أيار/مايو 1996، استأنف ابن صاحبة البلاغ، عن طريق محاميه، حكم الإدانة أمام محكمة القضاء العليا مستنداً في ذلك إلى أن قاضي الموضوع أخطأ فيما خلُص إليه من أن أدلة ظاهرة كافية قد قدمت ضده وأن دفوعه لم تُعرض على هيئة التحكيم على نحو كاف، وأن التوجيهات التي أعطاها القاضي فيما يتعلق بالأدلة الظرفية لم تكن مناسبة، بالنظر إلى أن أعضاء هيئة المحلفين لم يجر إشعارهم على نحو كاف بأنه من الضروري أن ينظروا في الأدلة ككل بدلاً من النظر إليها كحلقات منفصلة في سلسلة الأدلة، وبالنظر إلى عدم إجراء أي محاولة لمساعدة هيئة المحلفين عن طريق تفسير القانون فيما يتعلق باستخلاص الاستنتاجات من الأدلة المعروضة في ملف القضية. وفي 26 آذار/مارس 1999، رُفض الاستئناف وتأكد حكم الإعدام المحكوم به على ابن صاحبة البلاغ.

2-13 وفي 4 آب/أغسطس ثم في 24 أيلول/سبتمبر 2003، قدمت صاحبة البلاغ معلومات إضافية ذكرت فيها أن ابنها لا يزال على قائمة المحكوم عليهم بالإعدام وأن حكم الإعدام لم يُخفف إلى عقوبة بالسجن المؤبد، وأنها لم تحصل على أي إشعار بتاريخ تنفيذ الإعدام.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن المحاكمة التي أُجريت لابنها كانت مجحفة، باعتبار أن الدليل الوحيد الذي قُدم ضده هو شهادة السيد فريزر الذي ذكر أن ابنها وجّه طعنة إلى المتوفى لم تصبه.

3-2 كما تدعي صاحبة البلاغ أنه لم يُسمح لأي شهود بتقديم أدلة لصالح ابنها الذي ظل وحده في مواجهة الدولة الطرف.

3-3 وتطلب صاحبة البلاغ تخفيف حكم الإعدام المحكوم به على ابنها إلى عقوبة السجن المؤبد، أو العفو عن ابنها أو الإفراج عنه، حسب الاقتضاء.

طلب اللجنة الحصول على ملاحظات الدولة الطرف

4- طلبت اللجنة، في مذكرة شفوية بتاريخ 28 نيسان/أبريل 1999، إلى الدولة الطرف أن تقدم إليها ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ورغم رسائل التذكير الأربع المؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 2000، و24 تموز/يوليه 2001، و11 آذار/مارس 2003، و10 تشرين الأول/أكتوبر 2003، لم ترد هذه المعلومات.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

5-2 وقد تحققت اللجنة من أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (3) ، كما تأكد لها أن ابن صاحبة البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة (4) ، وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وفيما يتعلق بالادعاء بأن ابن صاحبة البلاغ قد أُدين على أساس أدلة غير كافية، تلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء يتصل بتقييم الوقائع والأدلة من جانب قاضي الموضوع وهيئة المحلفين. وتذكّر اللجنة بأنه من شأن محاكم الاستئناف بالدول الأطراف في العهد بوجه عام وليس من شأن اللجنة أن تقيّم الوقائع والأدلة في قضية معينة، إلا إذا أمكن التأكد من أن تقييم الأدلة هو والتعليمات الصادرة إلى هيئة المحلفين كانا تعسفيين بوضوح أو كانا على نحو آخر بمثابة إنكار للعدالة (5) . وتلاحظ اللجنة أن حقيقة أن الإدانة الجنائية يمكن أن تكون قد ارتكزت على أدلة ظرفية، كما تؤكد صاحبة البلاغ في هذه القضية، لا تسوّغ في حد ذاتها الخلوص إلى استنتاج مفاده أن عملية تقييم الوقائع والأدلة، أو المحاكمة في حد ذاتها، قد شابها تعسف واضح أو كانت بمثابة إنكار للعدالة. وبناء عليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب أحكام المادة 2 من البروتوكول الاختياري، نظراً إلى أن صاحبة البلاغ لم تقدم، لأغراض المقبولية في هذا الصدد، الدليل الكافي لإثبات صحة ادعائها.

5-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن ابنها حُرم من الحق في أن يجري استجواب الشهود لصالحه، تلاحظ اللجنة أن مستندات المحاكمة لا تؤيد هذا الادعاء. وهكذا رد المحامي بالنفي على سؤال المحكمة عما إذا كان يرغب في إحضار أي شاهد للدفاع. وتلاحظ اللجنة أن ابن صاحبة البلاغ هو الذي وكّل المحامي بصورة شخصية وأن الادعاء بأن المحامي لم يمثل ابن صاحبة البلاغ كما ينبغي لا يمكن أن يُنسب إلى الدولة الطرف. وبناء عليه، لم تُوفق صاحبة البلاغ في تقديم الدليل الكافي لإثبات هذا الادعاء لأغراض المقبولية. ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن محاكمة ابنها لم تكن عادلة، تلاحظ اللجنة أن مستندات المحاكمة المقدمة من صاحبة البلاغ تبين أن ابنها لم يمثله محام في أثناء جلسات إحالة الدعوى. كما تلاحظ مع القلق أن الدولة الطرف، وعلى الرغم من رسائل التذكير الثلاث التي وُجهت إليها، لم تقدم تعليقات على البلاغ، بما في ذلك بشأن مقبوليته. وفي غياب أية تعليقات من هذا القبيل، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قد برهنت بما فيه الكفاية، لأغراض المقبولية، على أن محاكمة ابنها لم تكن عادلة، وتعلن اللجنة أن البلاغ مقبول بقدر ما يثير مسائل تندرج في إطار المادة 6 والفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وعلاوة على ذلك فإنه يجب، في ضوء عدم تعاون الدولة الطرف مع اللجنة بشأن المسألة المعروضة عليها، إعطاء ادعاءات صاحبة البلاغ ما تستحقه من الأهمية بقدر ما أُقيم الدليل عليها. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى أن على أي دولة طرف التزاماً، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتعاون مع اللجنة وبتقديم تفسيرات أو بيانات خطية توضح المسألة وأي سبيل انتصاف يكون قد أُتيح في هذا الصدد.

6-2 والمسألة المطروحة على اللجنة هي ما إذا كان عدم حضور ممثل قانوني ينوب عن ابن صاحبة البلاغ في أثناء جلسات إحالة الدعوى هو بمثابة انتهاك لأحكام الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد.

6-3 وتذكّر اللجنة بفقهها القانوني ومؤداه أن التمثيل القانوني يجب أن يُتاح في جميع مراحل الإجراءات الجنائية، ولا سيما في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام (6) . إن الجلسات السابقة للمحاكمة، وقد جرت أمام المحكمة الجزئية في جورج تاون في الفترة من 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 إلى 6 أيار/مايو 1994، أي بعد أن وُجهت إلى ابن صاحبة البلاغ تهمة القتل في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1993، قد شكلت جزءاً من الإجراءات الجنائية. وعلاوة على ذلك، فإن كون معظم شهود الإثبات جرى استجوابهم للمرة الأولى في هذه المرحلة من الإجراءات وجرت مواجهتهم مع ابن صاحبة البلاغ، إنما يبين أن مصلحة العدالة كان يُفترض أن تقتضي ضمان التمثيل القانوني لابن صاحبة البلاغ عن طريق تزويده بمساعدة قانونية أو بأي طريقة أخرى. وتخلص اللجنة في غياب أية ملاحظات مقدمة من الدولة الطرف بشأن موضوع المسألة قيد النظر، إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد.

6-4 وتذكِّر اللجنة بأن الحكم بالإعدام في أعقاب محاكمة لم تُحترم في إطارها أحكام العهد يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد (7) . وفي هذه القضية، صدر حكم بالإعدام دون استيفاء شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد، وبالتالي فإن هذا الحكم يشكل أيضاً خرقاً لأحكام المادة 6.

7- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام المادة 6 والفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد.

8- ويحق لابن صاحبة البلاغ، وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، الحصول على سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك تخفيف عقوبة الإعدام المحكوم بها عليه. كما يقع على الدولة الطرف التزام باتخاذ تدابير لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) بدأ سريان العهد والبروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف في 15 أيار/مايو 1977 و10 آب/أغسطس 1993 على التوالي. ولدى التصديق على العهد، أدرجت الدولة الطرف التحفظ التالي فيما يتعلق بالفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14: "بينما تقبل حكومة جمهورية غيانا بمبدأ المساعدة القضائية في جميع الإجراءات الجنائية المناسبة، وتسعى إلى تحقيق هذه الغاية وتقوم بتطبيق هذا المبدأ في الوقت الراهن في إطار قضايا محددة، فإن المشاكل المتصلة بتنفيذ مخطط شامل للمساعدة القضائية تجعل من غير الممكن ضمان التطبيق الكامل في الوقت الراهن". وفي 5 كانون الثاني/يناير 1999، أخطرت الدولة الطرف الأمين العام بأنها قد قررت الانسحاب من البروتوكول الاختياري اعتباراً من 5 نيسان/أبريل 1999، أي بعد تاريخ تقديم الرسالة الأولى. وفي التاريخ ذاته، انضمت الدولة الطرف من جديد إلى البروتوكول الاختياري مع التحفظ التالي: "[...] تنضم غيانا من جديد إلى البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وتشفع ذلك بتحفظ على المادة 6 منه مفاده أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ليست مختصة لتلقي وبحث بلاغات يقدمها أي شخص حُكم عليه بالإعدام لارتكابه جريمتي القتل والخيانة بخصوص أية مسألة تتعلق بمقاضاته أو احتجازه أو محاكمته أو إدانته أو الحكم عليه بالإعدام أو تنفيذ الحكم بإعدامه وأي مسألة ترتبط بذلك. وإن حكومة غيانا إذ تسلم بمبدأ أن الدول لا يمكنها عموماً أن تستخدم البروتوكول الإضافي كأداة لإدخال تحفظات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نفسه، فإنها تشدد على أن تحفظها على البروتوكول الاختياري لا ينتقص بأي شكل من الأشكال من التزاماتها وتعهداتها بموجب العهد، بما في ذلك تعهدها باحترام وضمان الحقوق التي وردت في المادة 2 من العهد (ولم يسبق التحفظ بشأنها) لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، علاوة على تعهدها بتقديم التقارير إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في إطار آلية الرصد المنشأة بموجب المادة 40 من العهد".

(2) لم تبلغ الدولة الطرف اللجنة بشأن امتثالها لهذا الطلب.

(3) جمهورية غيانا ليست دولة عضواً في منظمة الدول الأمريكية.

(4) لا تعترف غيانا باختصاص اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص بوصفها أعلى درجة استئناف.

(5) انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 329/1988 المرفوع من د. س. ضد جامايكا ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 26 آذار/مارس 1990، الفقرة 5-2.

(6) انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 1096/2002، كوربانوفا ضد طاجيكستان ، الآراء المعتمدة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الفقرة 6-5؛ والبلاغ رقم 781/1997، ألييف ضد أوكرانيا ، الآراء المعتمدة في 7 آب/أغسطس 2003، الفقرة 7-3؛ والبلاغ رقم 775/1997، براون ضد جامايكا ، الآراء المعتمدة في 23 آذار/مارس 1999، الفقرة 6-6.

(7) انظر المرجع نفسه، الفقرات 7-7 و7-4 و6-15، على التوالي.

حاء- البلاغ رقم 868/1999، ويلسن ضد الفلبين

(الآراء التي اعتمدت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيد ألبرت ويلسن (تمثله المحامية السيدة غابرييلا إتشيفيريا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ : 15 حزيران/يونيه 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 868/1999 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد ألبرت ويلسن بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ، والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ، الذي قُدِّم في البداية بتاريخ 15 حزيران/يونيه 1999 هو ألبرت ويلسن، مواطن بريطاني أقام في الفلبين بين عام 1990 وعام 2000 وانتقل بعد ذلك إلى المملكة المتحدة. وهو يدعي أنه ضحية انتهاكات الفلبين للفقرتين 2 و3 من المادة 2، والمواد 6 و7 و9، والفقرتين 1 و2 من المادة 10، والفقرات 1 و2 و3 و6 من المادة 14. وتمثله محامية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 ألقي القبض عنوة على صاحب البلاغ في 16 أيلول/سبتمبر 1996 من دون صدور أمر قضائي بإلقاء القبض عليه وذلك نتيجة لشكوى اغتصاب قدمها الأب الطبيعي (البيولوجي) لابنة زوجة صاحب البلاغ البالغة من العمر 12 عاماً ونقل إلى أحد مراكز الشرطة. وهو يقول إنه لم يبلغ بحقوقه ولم يعلم، بالنظر إلى عدم معرفته للغة المحلية، الأسباب الكامنة وراء ما حدث. وفي مركز الشرطة، احتجز في قفص طوله 4 أقدام وعرضه 4 أقدام أيضاً مع 3 سجناء آخرين، واتهم في اليوم الثاني بالشروع في اغتصاب ابنة زوجته. ونقل بعدئذ إلى السجن البلدي في فالينـزويلا، حيث غُيِّرت التهمة الموجهة إليه لتصبح تهمة الاغتصاب. وقد تعرض للضرب وسوء المعاملة بعد وضعه في "تابوت إسمنتي". وكانت هذه الزنزانة التي يبلغ طولها وكذلك عرضها ستة عشر قدماً تؤوي 40 سجيناً وفيها فتحة تهوية قطرها 6 بوصات ترتفع عن الأرض بمقدار 10 أقدام تقريباً. وقد أطلق حارس مخمور النار على أحد نزلاء السجن، كما وجه الحراس أسلحتهم صوب رأس صاحب البلاغ عدة مرات. وقد ضربه أحد الحراس بهراوته على باطن قدميه، وقام آخرون من نزلاء السجن بضربه بناءً على أوامر الحراس. وأُمر هو نفسه بضرب سجناء آخرين، وتعرض للضرب عندما رفض القيام بذلك. كما خضع للابتزاز باستمرار من جانب نزلاء السجن الآخرين، وكان ذلك في بعض الحالات بناءً على تعليمات مباشرة من سلطات السجن. وكان يتعرض للضرب عندما كان يرفض الدفع أو القيام بما كان يؤمر بالقيام به. ولم تتوفر للسجناء مياه جارية، وكانت الأوضاع الصحية صعبة (وعاء واحد فقط للتخلص من الفضلات غير قابل للغسل بدفق الماء يستخدمه جميع المحتجزين)، ولم يكن هناك مرفق للزيارات، وكان هناك تقنين شديد للوجبات الغذائية. كما لم يتم عزل صاحب البلاغ عن السجناء المدانين.

2-2 وقد حوكم صاحب البلاغ بتهمة الاغتصاب في الفترة بين 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 و15 تموز/يوليه 1998. ومنذ البداية أصر صاحب البلاغ على أن هذه التهمة مُلفّقة وأنكر أمام المحكمة ارتكابه للجريمة. وشهدت والدة الفتاة وأخوها في صالح صاحب البلاغ، إذ قالا إنهما كانا في المنزل في الوقت الذي يُزعم أن الحادثة قد وقعت فيه، وإن الحادثة لو وقعت فعلاً لعلما بها. وأدلى طبيب الشرطة الذي أجرى فحوصات طبية للفتاة في غضون 24 ساعة من وقت وقوع الحادثة المزعومة بإفادات بيّن فيها نتائج الفحص الداخلي والخارجي، التي تعتبر، وفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، "متناقضة تماماً" مع مزاعم الاغتصاب العنيف. كما أن الأدلة الطبية التي قدمت خلال المحاكمة جاءت متناقضة مع هذا الزعم، بل إنها قد أظهرت في واقع الأمر، وفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، أن الفعل ما كان من الممكن أن يقع مثلما زُعم. كما أدلى بضعة شهود آخرين بأقوال مفادها أن الوالد الطبيعي لابنة الزوجة قد لفق حادثة الاغتصاب من أجل ابتزاز الأموال من صاحب البلاغ.

2-3 وفي 30 أيلول/سبتمبر 1998، أدانت المحكمة الإقليمية لفالينزويلا صاحب البلاغ بتهمة الاغتصاب وحكمت عليه بالإعدام، وبدفع تعويض قدره 000 50 بيزو. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فإن الأدلة الوحيدة التي استند إليها حكم الإدانة هي شهادة الفتاة، التي أقرت بأنها قد كذبت عندما زعمت في البداية أنها تعرضت لمحاولة الاغتصاب. وهناك العديد من التناقضات في شهادتها التي أدلت بها خلال المحاكمة.

2-4 وقد أودع صاحب البلاغ بعدئذ سجن مونتينلوبا مع المحكوم عليهم بالإعدام، حيث يحتجز 000 1 سجين محكوم عليهم بالإعدام في ثلاثة عنابر. ويتعرض نزلاء السجن الأجانب باستمرار لابتزاز من قبل نزلاء السجن الآخرين، ويحدث ذلك، في بعض الأحيان بناءً على تعليمات من سلطات السجن. ويشير صاحب البلاغ إلى تقارير صادرة عن وسائط الإعلام تفيد بأن السجن خاضع لهيمنة العصابات والموظفين الفاسدين الذين بقي صاحب البلاغ تحت رحمتهم طيلة فترة احتجازه مع المحكوم عليهم بالإعدام. وقد أُدين العديد من كبار موظفي السجن بتهمة ابتزاز السجناء، وعثر على كميات كبيرة من الأسلحة داخل الزنزانات. وتعرض صاحب البلاغ لضغوط وعذب لكي يدفع المال للعصابات وموظفي السجن. ولم يكن هناك حراس في العنابر أو الزنزانات التي كانت تؤوي ما يزيد على 200 نزيل من نزلاء السجن، وكانت تُترك مفتوحة في جميع الأوقات. وقد جُرِّد صاحب البلاغ من نقوده وممتلكاته الشخصية وهو في طريقه إلى السجن، ولم يزره أحد لمدة ثلاثة أسابيع، وبالتالي فإنه لم يحصل على احتياجاته الأساسية كالصابون وفراش السرير وتوابعه. وكانت وجبات الطعام تتألف من أرز غير مغسول ومواد أخرى غير مستساغة. واقتصرت المرافق الصحية على مرحاضين لا يتدفق فيهما الماء يوجدان في منطقة يوجد فيها أيضاً حمام عام يستخدمه 200 شخص.

2-5 وقد أُجبر صاحب البلاغ على دفع مبالغ لقاء المكان الذي كان ينام فيه ومساحته ثمانية أقدام في ثمانية أقدام، كما أجبر على تقديم دعم مالي للنزلاء الثمانية الآخرين الذين كانوا معه. وأرغم على النوم بجانب أشخاص يتعاطون المخدرات كانوا يتعمدون دوماً حرمانه من النوم. وقد أكره على رسم وشم لا يُمحى على جسده يحمل رمز إحدى العصابات. وعادة ما كان نزلاء السجن يُمدّدون على طاولة أمام أعين عامة السجناء ويضربون بعصي خشبية على أفخاذهم، أو "يلقنون درساً" بهذا الشكل أو ذاك. ويقول صاحب البلاغ إنه عاش في حالة خوف دائم، بل إنه كاد يقدم على الانتحار بسبب الكآبة التي حلت عليه، حيث شهد اقتياد ستة من نزلاء السجن لتنفيذ حكم الإعدام فيهم بينما لقي خمسة آخرون حتفهم جراء أعمال العنف. وقد شعر بالخوف من الموت عقب محاكمته "الجائرة والمتحيزة ضده على نحوٍ فظ"، وعانى معاناة شديدة من كروب بدنية ونفسية وشعر "بأنه عاجز ويائس تماماً". ونتيجة لذلك، فقد "دمر مادياً ونفسياً بطرق شتى".

2-6 وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 1999، أي عقب تقديم البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري، ألغت المحكمة العليا حكم الإدانة لدى نظرها في القضية في إطار الاستعراض التلقائي، حيث رأت أن الإدانة مبنية على مزاعم "لا يعول عليها"، وأمرت بإطلاق سراح صاحب البلاغ فوراً. وكان الوكيل العام قد قدم إلى المحكمة خلاصة بوقائع القضية أوصى فيها بتبرئة صاحب البلاغ على أساس أن التناقضات المادية في أقوال الشهود، بالإضافة إلى الأدلة المادية التي تدحض تلك الأقوال، تبرر الاستنتاج بأنه لم يثبت على نحو لا يعتريه شك معقول بأن صاحب البلاغ قد ارتكب الفعل المنسوب إليه.

2-7 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 1999، ألغى مكتب الهجرة، لدى الإفراج عن صاحب البلاغ المحكوم عليه بالإعدام، أمراً يقضي بمنعه من السفر، شريطة أن يدفع رسوماً وغرامات تصل قيمتها إلى 740 22 بيزو بسبب إقامته لمدة تتجاوز مدة التأشيرة السياحية التي منحت لـه. وشمل الأمر فترة احتجازه بكاملها، وجاء فيه أنه في حالة تخلفه عن دفع المبلغ، فلن يسمح لـه بمغادرة البلد إلى المملكة المتحدة. وقد أُقرّ هذا القرار بعد تقديم السفير البريطاني لاستئناف لدى الفلبين لم يكلل بالنجاح، كما أخفقت الجهود اللاحقة التي بذلتها المملكة المتحدة لدى مكتب الهجرة والمحكمة العليا من أجل استرداد هذه الرسوم.

2-8 وطالب صاحـب البلاغ، عند عودته إلى المملكة المتحدة، بتعويضات عملاً بقانون جمهورية الفلبين 7309. ويشكل بمقتضى هذا القانون مجلس للمطالبات في إطار وزارة العدل للتعويض على ضحايا السجن أو الاحتجاز الجائر، وتحتسب التعويضات بعدد الشهور التي يقضيها الفرد في السجن. وفي 21 شباط/فبراير 2001، أُخطر صاحب البلاغ، لدى استفساره، بأنه قد منح مبلغاً قدره 000 14 بيزو في 1 كانون الثاني/يناير 2001، غير أنه ملزم بالمطالبة به شخصياً في الفلبين. وفي 12 آذار/مارس 2001، كتب صاحب البلاغ إلى مجلس المطالبات ملتمساً إعادة النظر في المبلغ، على أساس أن الفترة التي قضاها في السجن والبالغة 40 شهراً ينبغي أن تعوض وفقاً للتقدير القانوني بمبلغ قدره 000 40 بيزو. وفي 23 نيسان/أبريل 2001، أُخطر صاحب البلاغ بأن المبلغ المطالب به "مرهون بتوفر الأموال" وأن الشخص الذي يتحمل تبِعات ما لحق بصاحب البلاغ من أذى هو المشتكي الذي اتهمه بالاغتصاب. ولم يتلق المزيد من التوضيحات بشأن التباين في مبلغ التعويض.

2-9 وأُخطر صاحب البلاغ في 9 آب/أغسطس 2001، بعد تقديمه لطلب للحصول على تأشيرة سياحية لزيارة أسرته، بأنه قد أُدرج في قائمة الخاضعين لمراقبة مكتب الهجرة نتيجة لمكوثه فترة تجاوزت فترة التأشيرة السياحية التي كان قد حصل عليها ونظراً لإدانته بجريمة مخلة بالشرف. وعندما تساءل عن الأسباب التي تستوجب أن تترتب على الإدانة بعد إلغائها آثار من هذا القبيل، أُعلم بأنه يتعين عليه بغية ضمان الحصول على إذن بالسفر أن يحضر إلى مكتب الهجرة الموجود في الفلبين.

2-10 كما سعى صاحب البلاغ إلى رفع دعوى مدنية بشأن التعويض، على أساس أن سبيل الانتصاف الإداري المتعلق بالتعويض والوارد أعلاه لا يراعي مدى ما انطوى عليه حبسه من معاناة بدنية ونفسية. ثم إنه لم يكن مؤهلاً للحصول على المساعدة القانونية في الفلبين، وقد عجز عن الحصول على مساعدة قانونية مجانية من خارج البلد.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادتين 6 و7 من خلال فرض عقوبة الإعدام عليه بموجب الباب 11 من قانون الجمهورية رقم 7659 لإدانته باغتصاب فتاة قاصر يعتبر بالنسبة لها في مقام والدها (1) . وهذه الجريمة ليست بالضرورة "جريمة خطيرة جداً" لأنها لا تنطوي على فقدان للأرواح، وقد تتباين ملابسات الجريمة بشكل كبير. وللأسباب ذاتها، تعدّ عقوبة الإعدام الإلزامية غير متناسبة مع خطورة الجريمة المزعومة ومتناقضة مع المادة 7. وهي غير متناسبة وغير إنسانية كذلك بالنظر لعدم مراعاة ملابسات الجريمة وظروف الجاني في تخفيف الحكم.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الوقت الذي قضاه مع المحكومين بالإعدام يشكل انتهاكاً للمادة 7، ولا سيما في ضوء جسامة أوجه القصور الإجرائية للمحاكمة. ويُزعم أن ثمة انتهاكاً في هذه الحالة للمادة 7 لأن ما اتبع من إجراءات جائرة كان واضحاً خلال المحاكمة، كما كان من الواضح أن الحكم الذي صدر في حق صاحب البلاغ كان غير سليم مما أدى إلى شعوره باليأس والقلق بسبب إدانته دون وجه حق. وتفاقم هذا الوضع من جراء ما خضع له من معاملة وما واجهه من ظروف أثناء حبسه مع المحكومين بالإعدام.

3-3 وفيما يتعلق بالمادة 9، يزعم صاحب البلاغ أن إلقاء القبض عليه قد تم من دون وجود أمر قضائي بذلك مما يشكل انتهاكاً للقانون المحلي الناظم لحالات الاعتقال. كما أنه لم يُبلّغ، وبلغة يفهمها، عند إلقاء القبض عليه، بالأسباب التي دعت إلى ذلك، أو يُعرض فوراً على أحد القضاة.

3-4 وفيما يخص ادعاء انتهاك الفقرات 1 و2 و3 من المادة 14، يدعي صاحب البلاغ أولاً أن محاكمته لم تكن منصفة. وهو يزعم أنه في القضايا المثيرة للعواطف مثل قضايا اغتصاب الأطفال، لا يكون القاضي المنفرد بالضرورة بمنأى عن تعرض استقلاليته ونزاهته للضغوط، وبالتالي ينبغي ألا يسمح لـه بفرض عقوبة الإعدام؛ بل ينبغي أن يكون أمر البت في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام منوطاً بأحد القضاة بمشاركة هيئة من المحلفين أو بهيئة مؤلفة من عدة قضاة. ويُزعم أن القاضي الذي تولى المحاكمة قد خضع "لضغوط هائلة" من الأفراد المحليين الذين عجّت بهم قاعة المحكمة وتمنوا إدانة صاحب البلاغ. ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فقد جُلب بعض هؤلاء من مناطق أخرى.

3-5 وثانياً، يدعي صاحب البلاغ أن تحليل المحكمة لم يكن سليماً على نحو جليّ وقد انتهك حقه في افتراض البراءة، وذلك عندما لاحظت المحكمة أن إنكار صاحب البلاغ لوقوع الفعل المزعوم "لا يمكن أن يسود على التأكيدات الإيجابية للضحية القاصر". وبالنظر إلى طابع الحسم في عقوبة الإعدام، يدعي صاحب البلاغ أنه يجب في المحاكمات التي تنطوي على عقوبة الإعدام مراعاة أدق التفاصيل المتعلقة بكافة المعايير الدولية. ويلاحظ صاحب البلاغ، في معرض إشارته إلى ضمانات الأمم المتحدة بشأن حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام، أنه يجب أن تكون أي إدانة يترتب عليها حكم بالإعدام "مبنية على أدلة واضحة ومقنعة لا تفسح المجال أمام أي تفسير بديل للوقائع".

3-6 وفي إطار الفقرة 6 من المادة 14، يلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف ملزمة، ولا سيما في ضوء إجراءات التعويض المنصوص عليها بموجب القانون المحلي، بمنح تعويض منصف ومناسب عن إساءة تطبيق أحكام العدالة. وفي هذه القضية، بلغ مقدار التعويض الفعلي قرابة ربع المبلغ المستحق لصاحب البلاغ بموجب هذا المخطط، وقد استُهلك هذا المبلغ بكامله تقريباً نتيجة للمطالبة بسداد غرامات ورسوم الهجرة. ويزعم صاحب البلاغ، فيما يتصل بادعاء انتهاك الفقرة 3 من المادة 2، أنه بدلاً من منحه تعويضاً مناسباً عن الانتهاكات قيد البحث، فقد أُجبر هو نفسه على دفع مبالغ لقاء المدة التي احتجز خلالها في السجن دون وجه حق، وهو لا يزال مدرجاً في قائمة الأجانب الخاضعين للإبعاد، بالرغم من تبرئة ساحته تماماً من كافة التهم الموجهة إليه. مما يشكل انتهاكاً لحقه في الاستفادة من سبيل من سبل الانتصاف الفعالة، وعرّضه لخطر مزدوج في شكل عقوبة إضافية وأخلّ بحقوق أسرته.

3-7 أما فيما يتعلق بمسائل المقبولية، يقول صاحب البلاغ إنه لم يعرض شكواه في إطار أي إجراء آخر من الإجراءات الدولية، وإنه لم يوفق في سعيه، بشأن ظروف الاحتجاز في السجن، إلى إثارة شواغل فيما يخص معاملته وظروف احتجازه. ولم يكن سبيل الانتصاف هذا فعالاً بالنظر إلى أن صاحب البلاغ لم يتمكن من الوصول إلا لأولئك الأفراد الذين كانوا هم أنفسهم مسؤولين عن الأحداث المشار إليها.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تعترض الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة 5 آب/أغسطس 2002، على مقبولية القضية وأسسها الموضوعية، زاعمة أن هناك العديد من سبل الانتصاف القضائية أو شبه القضائية أو الإدارية المتاحة لصاحب البلاغ. وتحمل المادة 32 من القانون المدني أي موظف عمومي أو فرد عادي تبعة الأضرار الناجمة عن الإخلال بحقوق وحريات فرد آخر، بما فيها الحق في التحرر من الاحتجاز التعسفي والعقوبة القاسية وما إليها. ويجوز لصاحب البلاغ أيضاً أن يقدم شكوى بشأن الأضرار الناجمة عن المحاكمة الجائرة، و/أو بشأن الانتهاكات المزعومة لقانون العقوبات المنقح فيما يتعلق بالجرائم الموجهة ضد الحرية والأمن أو الجرائم المخلة بالشرف. كما يجوز له أن يقدم شكوى لدى اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان، بيد أنه لم يفعل ذلك. ويبين قرار المحكمة العليا بإلغاء قرار المحكمة الأدنى، الذي جاء نتيجة لاستعراض القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام استعراضاً تلقائياً، أن ضمانات أصول المحاكمات وسبل الانتصاف المناسبة متوفرة في النظام القضائي.

4-2 وفيما يتعلق بادعاءات انتهاك المادة 7، تدّعي الدولة الطرف أنه ليس باستطاعتها أن ترد رداً مناسباً على ما أطلق من مزاعم، بالنظر لأنها بحاجة إلى المزيد من البحث. وفي كل الأحوال، كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يقدم شكواه لدى أحد المحافل المناسبة من قبيل اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان.

4-3 وبالنسبة للادعاءات بشأن المادة 14، تقول الدولة الطرف إن القضية قد بتت فيها محكمة مختصة، بحيث استطاع صاحب البلاغ أن يقدم الأدلة والشهود ويناقش هذه الأدلة مع الشهود، وتمتع (كما ينبغي) بحق الاستئناف. وليس هناك ما يوحي بأن قاضي المحكمة قد أصدر قراره بناءً على أي شيء آخر سوى تقييمه للأدلة بنية حسنة.

4-4 أما فيما يتعلق بعدم كفاية مبلغ التعويض، تشير الدولة الطرف إلى أن مجلس المطالبات منح صاحب البلاغ في 24 آب/أغسطس 2001 مبلغاً إضافياً قدره 000 26 بيزو بحيث أصبح إجمالي مبلغ التعويض عن المطالبة 000 40 بيزو. وبالرغم من إخطار صاحب البلاغ بأن الصك كان جاهزاً وأن بإمكانه تسلّمه، إلا أنه لم يتسلمه بعد وبالتالي لم يعد ساري المفعول، علماً بأنه من الممكن استبداله بسهولة. وفيما يخص الادعاء القائل إن صاحب البلاغ حُرِمَ من سبل الانتصاف المدنية، تشير الدولة الطرف إلى أن مجلس المطالبات قد نصحه باستشارة محامٍ ممارس، غير أنه تخلف عن التماس جبر الأضرار التي لحقت به من خلال اللجوء إلى المحاكم.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يرد صاحب البلاغ، في رسالته المؤرخة 6 نيسان/أبريل 2002، على جوانب أخرى من ملاحظات الدولة الطرف. ففيما يخص ما تنطوي عليه المحاكمة المنصفة من مسائل، يشير صاحب البلاغ إلى أن الوكيل العام نفسه قد اعتبر أن التهمة الموجهة إليه مشوبة بأخطاء فادحة، وأن النية الحسنة لقاضي المحكمة في استناده إلى "الاعتقاد الصادق"، وخاصة في قضايا الإعدام، تعد بالتالي غير كافية لإضفاء المشروعية على إدانة خاطئة. ويوضح قرار المحكمة العليا أن الإجراءات لم تكن متفقة مع ما يعتبره صاحب البلاغ المعايير الدنيا المنصوص عليها في المادة 14. ويدعي صاحب البلاغ أن النهج الذي اتبعه قاضي المحكمة كان متحيزاً ضده بسبب الجنس الذي ينتمي إليه، وأنه أدلى بتقييمه الشخصي للأدلة الطبية التي قدمها الخبير المعني، ولم يحترم مبدأ افتراض البراءة.

5-2 وعلاوة على ذلك، رُفض طلب صاحب البلاغ استبعاد وسائط الإعلام عن جلسات المحكمة بل أتيحت سبل الوصول بشكل كامل أمام الصحافة حتى قبل توجيه التهم إليه. ويعدّ عرض الشرطة للمشتبه فيهم على وسائط الإعلام في الفلبين أمراً موثّقاً، وقد أدى حضور وسائط الإعلام في هذه القضية منذ اللحظة التي عرض فيها صاحب البلاغ على وكيل النيابة إلى تقويض عدالة المحاكمة. وأثناء المحاكمة، كانت المحكمة تعج بأناس من "منظمات معنية بالأطفال والنساء ومكافحة الجريمة" ممن كانوا يطالبون بإلحاح بإدانته. ويعزز حضور العامة ووسائط الإعلام من المخاوف المتعلقة باتباع إجراءات جزئية في القضايا المثيرة للعواطف إلى حد كبير.

5-3 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً، بالإشارة إلى قرار اللجنة في قضية مبينغي ضد زائير (2) ، أن انتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 قد أدى إلى فرض عقوبة الإعدام التي تتنافى وأحكام العهد، وبالتالي فهو انتهاك للمادة 6. كما أنه يزعم، بالإشارة إلى قرار اللجنة في قضية جونس ضد جامايكا (3) ، أنه بالنظر إلى كون عقوبة الإعدام الصادرة بحقه تمثل انتهاكاً للعهد، فإن احتجازه الناجم عنها، ولا سيما بالنظر إلى المعاملة والظروف التي قاساها، يُعدّ عقوبة قاسية وغير إنسانية، ويتنافى مع المادة 7.

5-4 وعموماً، يدعي صاحب البلاغ، بالإشارة إلى تعليق اللجنة العام بشأن المادة 6، أن إعادة فرض عقوبة الإعدام في دولة طرف يتنافى وهدف العهد وغرضه وينتهك الفقرات 1 إلى 3 من المادة 6. وفي كل الأحوال، فإن الطريقة التي اتبعتها الفلبين في إعادة إدراج عقوبة الإعدام تنتهك الفقرة 2 من المادة 6، فضلاً عن الالتزام الوارد في الفقرة 2 من المادة 2، بإعمال الحقوق المحمية بموجب العهد. ويعد قانون الجمهورية 7659، الذي ينص على عقوبة الإعدام في 46 جريمة (منها 23 جريمة تعتبر فيها عقوبة الإعدام إلزامية)، قانوناً جائراً ولا يوفر الحماية للحقوق المحمية بموجب العهد.

5-5 وفي وقت محاكمة صاحب البلاغ، اقتضت الإجراءات الجنائية المطبقة توجيه تهمة الاغتصاب إلى الجاني من قبل الضحية أو والديها أو الوصي عليها، ممن لم يصفحوا عنه صراحة. ويزعم صاحب البلاغ أن فرض عقوبة الإعدام الإلزامية بشأن جريمة ليس باستطاعة حتى الدولة بصفتها هذه أن تبت فيها إنما يشكل دعوة دائمـة للابتزاز - تلفيق زعم ما والسعي إلى الحصول على مبالغ لقاء منح عفو صريح. وقد أكد صاحب البلاغ مراراً وتكراراً خلال المحاكمة أن المدعي طالبه بمبلغ قدره 000 25 دولار مقابل تقديم "إفادة خطية مشفوعة باليمين بالكف عن ملاحقته". ومعاناة صاحب البلاغ نتيجة مباشرة لعجز الدولة عن ضمان الإجراءات والضمانات القانونية الأشد صرامة فيما يتعلق بالقضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام عموماً، ولا سيما في قضيته.

5-6 ويشير صاحب البلاغ، فيما يخص وصف ظروف الاحتجاز التي قاسى منها قبل إدانته في سجن فالينزويلا، إلى القرارات السابقة للجنة التي رأت فيها جميعها، فيما يتصل بمعاملة مماثلة، أن هذه المعاملة غير إنسانية وتشكل انتهاكاً للمادتين 7 و10 (4) . وظروف السجن في فالينزويلا موثقة جيداً في تقارير منظمة العفو الدولية والمصادر الإعلامية، ومن الواضح أنها أدنى بكثير من مستوى ما يقتضيه العهد من كافة الدول الأطراف، بغض النظر عن حالتها المالية. ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 10، نظراً لعدم عزله عن السجناء المدانين.

5-7 ويزعم صاحب البلاغ أنه ليس ثمة التزام بالإبلاغ عن ظروف الاحتجاز أو التشكي منها عندما يكون من المتوقع أن يفضي ذلك إلى التعرض للإيذاء (5) . ويقدم صاحب البلاغ نسخاً من ثلاث رسائل كتبها بالفعل إلى اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان في عام 1997، مما أدى إلى ضربه وحجزه في زنزانته لبضعة أيام. وفي عام 1999، أُبلغت وزارة العدل، أثناء احتجاز صاحب البلاغ مع المحكوم عليهم بالإعدام، بأنه تعرض لتهديدات بالقتل وُطلب منها خطوات لحمايته. وجاء الرد في شكل تهديد خطير لحياته، إذ صوب أحد الحراس سلاحه نحو رأسه (وكان قد شهد بالفعل إطلاق النار على نزيل آخر من نزلاء السجن). ويدفع صاحب البلاغ بأن عدم استجابة الدولة الطرف لهذه الشكاوى في ملاحظاتها إنما يؤكد عدم وجود "آلية مراقبة" محلية فعالة والحاجة إلى إجراء تحقيقات ومنح تعويضات عما وقع من انتهاكات للمادة 7.

5-8 وفي ما يتعلق بظروف احتجاز صاحب البلاغ مع المحكوم عليهم بالإعدام، يحتج صاحب البلاغ بأن هذه الظروف سببت أضراراً إضافية جسيمة لصحته النفسية وشكلت انتهاكاً منفصلاً للمادة 7. وقد عانى صاحب البلاغ من قلق بالغ وآلام شديدة نتيجة لاحتجازه، حيث أظهر التقييم الطبي لحالته النفسية أن صاحب البلاغ "مصاب باكتئاب شديد ويعاني منذ مدة طويلة من اضطرابات نفسية شديدة ناجمة عن صدمة يمكن أن تؤدي إلى تصرف عنيف ومفاجئ يؤذي صاحبه". ويشير صاحب البلاغ إلى القرارات السابقة للجنة ومفادها أنه بالرغم من أن التوتر النفسي الذي يعقب الإدانة لا يشكل من حيث المبدأ انتهاكاً للمادة 7، "فقد تكون الحالة مختلفة بالنسبة للقضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام" (6) وأنه "يجب أن تُدرس الأسس الموضوعية لكل قضية على حدة، مع مراعاة إمكانية عزوها إل ى الدولة الطرف، وكذلك ظروف السجن الخاصة في ما يتعلق بالعقوبات الموقعة وأثرها النفسي على الشخص المعني" (7) .

5-9 وتعد إدانة صاحب البلاغ في هذه القضية وظروف احتجازه غير مستوفية إلى حد كبير للمعايير الدنيا، وهو تقصير يمكن أن يُعزى صراحة إلى الدولة الطرف. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُعزل نزلاء السجن المحكوم عليهم بالإعدام ممن تقدموا بطلبات استئناف عن أولئك الذين أصبحت الأحكام الصادرة بحقهم نهائية. وأثناء احتجاز صاحب البلاغ، تم إعدام ستة سجناء (ثلاثة منهم اتهموا بالاغتصاب). وفي إحدى القضايا، حال تعطل الاتصالات دون إيقاف تنفيذ الحكم بالإعدام بموجب أمر رئاسي يقضي بتعليقه. وفي قضية أخرى، تم إعدام ثلاثة سجناء بالرغم من أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد طلبت اتخاذ إجراءات مؤقتة للحماية (8) . وقد أدت هذه الأحداث، التي وقعت بينما كان صاحب البلاغ محتجزاً مع المحكومين بالإعدام، إلى زيادة حدّة القلق والعجز النفسيين اللذين كان يعاني منهما، مع ما رافق ذلك من آثار ضارة على صحته النفسية وشكل بالتالي انتهاكاً للمادة 7.

5-10 ويدفع صاحب البلاغ، في ما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن ثمة سُبل انتصاف مناسبة متاحة، بأن النظام يفتقر إلى سُبل انتصاف فعالة للمتهمين المحتجزين، وأن قرار المحكمة العليا لا يمثل إلا جبراً جزئياً للأضرار، ولا يعوضه عن انتهاك حقه في عدم التعرض للتعذيب أو الاحتجاز غير المشروع على سبيل المثال. ولا يمكن اعتبار قرار المحكمة العليا هذا بحد ذاته شكلاً من أشكال التعويض بالنظر إلى أنه لم يضع حداً إلا لانتهاك وشيك الوقوع لحقه في الحياة، والذي - لو وقع - لما كان بالإمكان التعويض عنه. ولم تأمر المحكمة بمنح تعويض ولا رد للرسوم القانونية ولا جبر الأضرار ولا إجراء تحقيق. وهو لم يحصل على أي تعويض عن الأضرار النفسية التي لحقت به والمعاناة التي قاساها، إلى جانب تشويه سمعته وطريقة حياته، بما في ذلك العار الذي وصم به في المملكة المتحدة باعتباره مغتصباً لطفلة/محباً لمعاشرة الأطفال.

5-11 والواقع أن صاحب البلاغ قد خضع، وإلى جانب عدم حصوله على تعويض مناسب عما قاساه من انتهاكات، لعقوبة مزدوجة تتمثل في دفعه لرسوم الهجرة ومنعه من دخول الفلبين، ولم تحسم هاتان المسألتان لاحقاً بالرغم من الاحتجاجات التي قدمت إلى السلطات الفلبينية. كما يحول إبعاد صاحب البلاغ دون استفادته على نحو فعال من أي سُبل انتصاف متاحة في الفلبين، حتى إن كانت مناسبة، وهو ما ينكره. وتعد سُبل الانتصاف المدنية التي تحتج بها الدولة الطرف، بصفة خاصة، غير "متاحة" ولا "فعالة" إن لم يكن باستطاعة صاحب البلاغ دخول البلد، وبالتالي ليس ثمة ضرورة لاستنفادها.

5-12 وعلى كل، ووفقاً لما يقوله صاحب البلاغ، فإن القانون المحلي للدولة الطرف يحرمه من الاستفادة من سُبل الانتصاف في قضيته. ويقتضي الدستور موافقة الدولة على مقاضاتها (9) ، التي لم تُمنح في هذه القضية لا صراحة ولا ضمناً. ووفقاً للقانون الاشتراعي، لا تعد الدولة مسؤولة إلا عن التصرفات غير المشروعة "للوكلاء الخاصين" (الأشخاص المكلفون بصفة خاصة بالقيام بمهمة معينة). والموظفون العامون الذين يتصرفون ضمن نطاق ما يناط بهم من مهام مسؤولون شخصياً عن الأضرار التي يحدثونها (بيد أنهم قد يحتجون بالحصانة إذا كانت الدعوى تؤثر في ممتلكات الدولة أو حقوقها أو مصالحها). وبالتالي، فالدولة غير مسؤولة عن الأفعال اللامشروعة التي تخالف النظام وتشكل انتهاكاً لحقوق فرد ما وحرياته (10) . ولذلك يدفع صاحب البلاغ بأنه ليست هناك سُبل انتصاف مدنية متاحة لتعويض الأضرار التي لحقت به تعويضاً مناسباً، وأن الدولة الطرف قد تخلفت عن اتخاذ تدابير جبر ملائمة، ولا سيما عن الأضرار الناجمة عن انتهاك الحقوق الأساسية المحمية بموجب المواد 6 و7 و14. وبناء على ذلك، فقد أخلّت الدولة الطرف بالتزامها بتوفير سُبل انتصاف فعالة وفقاً للفقرة 3 من المادة 12.

5-13 وأخيراً، يزعم صاحب البلاغ أن سُبل الانتصاف غير القضائية هذه، إن كانت متاحة، لا تعد فعالة بسبب ما تتسم به الانتهاكات من طابع جسيم للغاية، وهي غير ملائمة من حيث الكم. وفي المقام الأول إن لم يكن هناك، حسب ما تدعي الدولة الطرف، سجل بشكاوى صاحب البلاغ التي قدمها إلى اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان، فإن هذا الأمر يؤكد عدم جدوى هذه الآلية وأوجه القصور التي تشوبها، وخاصة من حيث حمايتها للحقوق بموجب المادتين 6 و7 من العهد. وبأي حال من الأحوال، لا تقدم اللجنة سوى المساعدة المالية، بدلاً من منح التعويضات، ولا يمكن اعتبار سبيل الانتصاف غير القضائي وغير التعويضي هذا سبيلاً فعالاً وملائماً فيما يتعلق بانتهاكات المادتين 6 و7.

5-14 وثانياً، لا يمكن اعتبار آلية التعويض الإدارية التي مُنح بموجبها صاحب البلاغ بعض التعويضات بديلاً لسبيل انتصاف مدني قضائي. ولاحظت اللجنة أنه "لا يمكن النظر إلى سُبل الانتصاف الإدارية على أنها تشكل سُبل انتصاف مناسبة وفعالة بالمعنى المقصود للفقرة (3) من المادة 2 من العهد، في حال وقوع انتهاكات جسيمة معينة لحقوق الإنسان" (11) ؛ وبالأحرى، فإن الوصول إلى المحاكم مطلوب. وبأي حال من الأحوال، فإن التعويض الذي منح غير كاف على أساس الفقرة 6 من المادة 14، وإن عجز صاحب البلاغ عن دخول البلد يجعل سبيل الانتصاف غير فعال من الناحية العملية. وحتى إذا افتُرض أن مبلغ التعويض الممنوح وقدره 000 40 بيزو هو أقصى تعويض يسمح بمنحه، فإنه لا يمثّل سوى مبلغ شكلي ورمزي، حتى ولو روعيت الفروق بين البلدين في ما يتعلق بمستوى التعويضات. ولم يتبق من المبلغ سوى 260 18 بيزو تقريباً (343 دولاراً من دولارات الولايات المتحدة)، بعد استقطاع رسوم الهجرة التي طولب صاحب البلاغ بدفعها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفي ما يتعلق باستنفاد سُبل الانتصاف المحلية، تدعي الدولة الطرف أنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يقدم شكوى إلى اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان وأن يقيم دعوى مدنية أمام المحاكم. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد اشتكى فعلاً إلى اللجنة عندما كان في السجن، غير أنه لم يتلق أي رد على هذه الشكاوى، وتلاحظ أن اللجنة الفلبينية المعنية بحقوق الإنسان مخولة بتقديم "المساعدة المالية" بدلاً من التعويضات. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه قد لا تكون هناك إمكانية لإقامة دعوى مدنية ضد الدولة دون الحصول على موافقتها، وأن ثمة قيوداً شديدة مفروضة، بموجب القانون المحلي على إمكانية استصدار حكم ضد الأفراد من موظفي الدولة. وترى اللجنة، بالنظر إلى هذه العناصر من منطلق منع صاحب البلاغ من الدخول إلى الفلبين، أن الدولة الطرف لم تثبت أن سُبل الانتصاف كانت متاحة وفعالة على حد سواء، وبالتالي فإنه ليس هناك ما يحول دون قيام اللجنة، بموجب الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بالنظر في البلاغ.

6-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن في قرار المحكمة العليا وما ترتب على ذلك من تعويضات ما يثير مسائل بشأن مقبولية البلاغ فيما يتعلق ببعض ادعاءات صاحب البلاغ أو جميعها. وتلاحظ اللجنة أن البلاغ قدم أولاً قبل صدور قرار المحكمة العليا في هذه القضية بكثير. وفي الحالات التي يتم فيها جبر الأضرار الناجمة عن انتهاك أحكام العهد على الصعيد المحلي قبل تقديم البلاغ، قد تعتبر اللجنة البلاغ غير مقبول لأسباب منها مثلاً عدم اعتبار صاحب البلاغ في وضع "الضحية" أو عدم وجود "مطالبة". ومع ذلك، قد تنظر اللجنة أيضاً، في الحالات التي يتم فيها جبر الضرر المزعوم عقب تقديم البلاغ، في مسألة ما إذا كان هناك انتهاك للعهد ومن ثم تنتقل إلى مسألة مدى كفاية التعويضات المقدمة. (انظر على سبيل المثال، ديرغاتشيف ضد بيلاروس) ( 12) . وهذا يستتبع أن تعتبر اللجنة أن الوقائع المشار إليها من قبل الدولة الطرف كجبر الأضرار، تعدّ ذات صلة بمسائل البت في أسس البلاغ الموضوعية وفي مدى كفاية التعويض الذي يتعين منحه لصاحب البلاغ عن أي انتهاك لحقوقه المحمية بموجب العهد، بدلاً عن اعتبارها بمثابة عقبة تعترض قبول الادعاءات التي سبق تقديمها.

6 -4 وبالنسبة للادعاء بموجب الفقرتين 1 و3 من المادة 14 من العهد، فيما يخص المحاكمة غير المنصفة، تلاحظ اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُثبت بتقديم ما يتصل بها من وقائع وحجج. وعلى النقيض مما أشار إليه صاحب البلاغ، فإن المحكمة العليا لم تعتبر أن محاكمته كانت غير منصفة، بل عمدت إلى نقض حكم إدانته بعد تقييمها للأدلة مجدداً. وبناءً على ذلك، يعد هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار الفقرة 2 من المادة 14 من العهد بشأن افتراض البراءة، تلاحظ اللجنة أن ما وقع من أحداث تلت المرحلة التي لم يعد فيها صاحب البلاغ يواجه تهمة جنائية، لا يندرج ضمن نطاق الفقرة 2 من المادة 14. وعليه يعتبر هذا الادعاء غير مقبول من حيث الموضوع بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يخص الادعاء بموجب الفقرة 6 من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن إدانة صاحب البلاغ قد نُقضت في سياق المراجعة القضائية العادية لدعاوى الاستئناف وليس على أساس وجود وقائع جديدة أو وقائع اكتشفت حديثاً. وفي هذه الظروف، لا يندرج هذا الادعاء ضمن نطاق الفقرة 6 من المادة 14 ومن ثم فهو غير مقبول من حيث الموضوع بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وترى اللجنة، في غياب أية عقبات إضافية تعترض قبول البلاغ، أن صاحب البلاغ قد أثبت بما فيه الكفاية ما تبقى من ادعاءاته، لأغراض قبول البلاغ، وتنتقل اللجنة إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، طبقاً لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وبالنسبة لادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام، بما في ذلك إصدار حكم بالإعدام عن جريمة يحاكم عليها بموجب قانون الدولة الطرف الذي سنته عقب إلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي، بعقوبة الإعدام الإلزامية، من دون إفساح المجال أمام المحكمة التي أصدرت الحكم كي تأخذ في الاعتبار على النحو الواجب الملابسات الخاصة للجريمة وظروف الجاني، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعد خاضعاً لعقوبة الإعدام، لأن المحكمة العليا ألغت حكم إدانته وبالتالي عقوبة الإعدام المفروضة عليه، وذلك في أواخر كانون الأول/ديسمبر 1999، بعد أن قضى حوالي 15 شهراً في السجن عقب صدور حكم الإعدام بحقه. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن من الملائم النظر في ما تبقى من مسائل تتعلق بعقوبة الإعدام في سياق ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد بدلاً من البت فيها على حدة بموجب المادة 6.

7-3 أما بالنسبة لادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 7 و10 فيما يتعلق بمعاملته عندما كان قيد الاحتجاز وبظروف احتجازه، قبل إدانته وبعدها، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أشارت، بدلاً من الرد على المزاعم المحددة، إلى أن هذه المزاعم بحاجة إلى المزيد من البحث. وفي هذه الظروف، فإن اللجنة ملزمة بإيلاء مزاعم صاحب البلاغ، التي جاءت مفصلة ومحددة ما تستحقه من اهتمام. وترى اللجنة أن ظروف الاحتجاز التي وُصفت، فضلاً عن التصرفات العنيفة والمهينة التي بدرت عن بعض حراس السجن وغيرهم من نزلاء السجن، والتي تغاضت عنها سلطات السجن على ما يبدو، تشكل انتهاكات خطيرة لحق صاحب البلاغ، بوصفه سجيناً، في أن يعامل معاملة إنسانية، كما أنها تُشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 فيما يتعلق بكرامة صاحب البلاغ الأصيلة. وبالنظر إلى أن حراس السجن على الأقل قد ارتكبت بعض أفعال العنف بحق صاحب البلاغ، من قبل حراس السجن أو بتحريض منهم أو بعلمهم، فقد كان هناك أيضاً انتهاك للمادة 7. كما وقع انتهاك للفقرة 2 من المادة 10، وهو ناشئ عن عدم عزل صاحب البلاغ، قبل محاكمته، عن السجناء المدانين.

7-4 وفيما يخص الادعاءات بشأن معاناة صاحب البلاغ النفسية وما ألم به من كروب نتيجة الحكم عليه بالإعدام، تلاحظ اللجنة أن حالة صاحب البلاغ النفسية قد تفاقمت بسبب إساءة معاملته خلال احتجازه، فضلاً عن ظروف احتجازه، مما أدى إلى إصابته بأضرار نفسية طويلة الأمد وموثقة. وبالنظر إلى هذه العوامل التي تشكل ظروفاً قهرية إضافية تتعدى الفترة الطويلة التي قضاها صاحب البلاغ في السجن بعد أن حكم عليه بالإعدام (13) ، تخلص اللجنة إلى أن معاناة صاحب البلاغ بسبب الحكم عليه بالإعدام تعتبر بمثابة انتهاك إضافي للمادة 7. ولم يؤد قرار المحكمة العليا الذي ألغى إدانة صاحب البلاغ وحكم الإعدام الصادر بحقه إلى جبر الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات بعد أن قضى قرابة خمسة عشر شهراً في السجن محكوماً عليه بالإعدام.

7-5 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9، أن الدولة الطرف لم تطعن في الوثائق الوقائعية لصاحب البلاغ. وبالتالي، يجب إيلاء المعلومات التي أدلى بها صاحب البلاغ ما تستحقه من اهتمام. وتخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يُخطر، وقت إلقاء القبض عليه، بالأسباب التي دعت إلى اعتقاله ولم يبلغ فوراً بالتهم الموجهة إليه؛ وقد اعتقل دون وجود أمر بإلقاء القبض عليه، مما يشكل انتهاكاً للقانون المحلي؛ كما أنه لم يعرض فوراً على أحد القضاة بعد إلقاء القبض عليه. وبناءً على ذلك، فقد حدث انتهاك للفقـرات 1 و2 و3 من المادة 9 من العهد.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الفلبين للمادة 7 والفقرات 1 و2 و3 من المادة 9 والفقرتين 1 و2 من المادة 10 من العهد.

9- وعلى الدولة، عملاً بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، أن توفر سبل انتصاف فعالة لصاحب البلاغ. ويجب على الدولة الطرف أن تعوض صاحب البلاغ عن انتهاكات المادة 9. أما فيما يخص معاناة صاحب البلاغ بينما كان رهن الاحتجاز جراء انتهاك المادتين 7 و10، بما في ذلك الانتهاكات التي تلت الحكم عليه بالإعدام، تلاحظ اللجنة أن التعويضات التي منحتها الدولة الطرف لصاحب البلاغ بموجب قانونها الداخلي لم تكن متصلة بهذه الانتهاكات، وأنه ينبغي للتعويضات التي يتعين عليها دفعها لـه أن تراعي على النحو الواجب خطورة الانتهاكات التي ارتكبت بحقه وكذلك الأضرار التي لحقت به. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى ما يترتب على الدولة الطرف من واجبات تقضي بإجراء تحقيقات شاملة ونزيهة في المسائل التي أثيرت في سياق احتجاز صاحب البلاغ، وإنزال العقوبة المناسبة وما يترتب عليها من تبعات تأديبية بالأفراد الذين تجد أنهم مسؤولون عن هذه الأفعال. أما فيما يتعلق بفرض رسوم الهجرة وعدم منح التأشيرة، ترى اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن تعيد إلى صاحب البلاغ المبالغ التي حصلتها منه لكي يتم جبر الأضرار الناجمة عن انتهاكات العهد. وبالتالي، يجب إتاحة كافة مبالغ التعويضات النقدية التي يتوجب على الدولة الطرف سدادها إلى صاحب البلاغ لدفعها إليه حسب رغبته، سواء داخل إقليم الدولة الطرف أو خارجه. وتلتزم الدولة الطرف أيضاً بتلافي وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- إن اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفير سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة التثبت من وقوع انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي تتخذها لوضع آرائها موضع التنفيذ. والدولة الطرف مطالبة أيضاً بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) ينص الباب 11 من قانون الجمهورية على ما يلي: "... كما تفرض عقوبة الإعدام في حالة ارتكاب جريمة الاغتصاب مقترنة بأي من الشروط الملازمة التالية: 1- عندما تكون الضحية دون الثامنة عشرة من العمر ويكون الجاني هو الوالد، أو النسيب، أو زوج الأم، أو الوصي...".

(2) القضية رقم 16/1977، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1983.

(3) القضية رقم 592/1994، الآراء المعتمدة في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

(4) يشير صاحب البلاغ، عن طريق ضرب الأمثلة، إلى قضية كاربالال ضد أوروغواي القضية رقم 33/1978، الآراء المعتمـدة في 27 آذار/مارس 1981؛ وقضية ماسيوتّي ضد أوروغواي القضية رقم 25/1978، الآراء المعتمدة بتاريخ 26 تموز/يوليه 1982؛ وقضية مارايس ضد مدغشقر القضية رقم 115/1982، الآراء المعتمدة بتاريخ 1 نيسان/أبريل 1985؛ وقضية أنطوناسيو ضد أوروغواي القضية رقم 63/1979، الآراء المعتمدة بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 1971؛ وقضية إستريلا ضد أوروغواي القضية رقم 74/1989، الآراء المعتمدة بتاريخ 29 آذار/مارس 1983؛ وقضية وايت ضد مدغشقر القضية رقم 115/1981، الآراء المعتمدة بتاريخ 1 نيسان/ أبريل 1985؛ وقضية تشيسيكيدي ضد زائير القضية رقم 242/1987، الآراء المعتمدة بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

(5) يشير صاحب البلاغ إلى قضية فيليب ضد جامايكا القضية رقم 594/1992، الآراء المعتمدة بتاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

(6) قضية برات ومورغان ضد جامايكا ، البلاغان رقم 210/1986 ورقم 225/1987، الآراء المعتمدة بتاريخ 6 نيسان/أبريل 1989.

(7) قضية فرانسيس ضد جامايكا البلاغ رقم 606/1994، الآراء المعتمدة بتاريخ 25 تموز/يوليه 1995.

(8) قضية بيانديونغ وآخرون ضد الفلبين البلاغ رقم 869/1999، الآراء المعتمدة بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

(9) الباب 3، المادة السادسة عشرة.

(10)C Sangco: Philippine Law on Torts and Damages (1994).

(11) قضية باوتيستا أريلاّنا ضد كولومبيا البلاغ رقم 563/1993، الآراء المعتمدة بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1995.

(12) القضية رقم 921/2000، الآراء المعتمدة بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2002.

(13) قضية جونسن ضد جامايكا البلاغ رقم 588/1994، الآراء المعتمدة بتاريخ 22 آذار/مارس 1996؛ وقضية فرانسيس ضد جامايكا البلاغ رقم 606/1994، الآراء المعتمدة بتاريخ 25 حزيران/يونيه 1995.

طاء- البلاغ رقم 888/1999، تليتسين ضد الاتحاد الروسي

(الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : يوليا فاسيل يينا تليتسينا (يمثلها "مركز المساعدة في مجال الحماية الدولية")

الشخص المدعي أنه ضحية : فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ : 24 تشرين الأول/أكتوبر 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 888/1999، الذي قدمته السيدة يوليا فاسيل يينا تليتسينا بالنيابة عن ابنها السيد فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة يوليا فاسيل يينا تليتسينا، التي تنوب عن ابنها فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين، وهو مواطن روسي ولد عام 1959 وتوفي في 13 شباط/فبراير 1994 أثناء احتجازه في مركز عمل إصلاحي. وتدعي صاحبة البلاغ انتهاك الاتحاد الروسي للفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبة البلاغ "مركز المساعدة في مجال الحماية الدولية".

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في 13 شباط/فبراير 1994، توفي فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين بعد تعرضه لأعمال عنف أثناء قضاء عقوبته في مركز العمل الإصلاحي رقم 349/5، في مدينة نيجني تاغيل في الأورال.

2-2 وتؤكد صاحبة البلاغ أن ابنها ضُرب بوحشية وشُنق بسلك حديدي وتُرك على هذا الحال داخل المركز. وتعترض على موقف إدارة المركز ونيابة نيجني تاغيل اللتين اعتبرتا هذه الوفاة انتحاراً. كما تتهم هذه السلطات بالتستر، في تقرير التحقيق، على أعمال العنف المرتكبة في حق ابنها. وتصرح في هذا الصدد أنها رأت بأم عينها، أثناء الجنازة، جسد ابنها مشوها: فأنفه كان مكسوراً ومتدلياً، وقد نزعت قطعة لحم من الجانب الأيمن من ذقنه، وكان جبينه متورماً من الجهة اليمنى، وكان الدم يسيل من أذنه اليمنى، وسحجت راحة يده اليمنى وكان لونها مزرقاً، وكان العمود الفقري والظهر في حالة سيئة أما اللسان فقد اختفى. وتقدم صاحبة البلاغ عريضة وقعها 11 شخصاً شاركوا في الجنازة وتؤكد حالة الجثة الميت كما تقدم وصفها.

2-3 وطلبت صاحبة البلاغ من نيابة بلدية نيجني التحقيق في ظروف وفاة ابنها. وفي 13 نيسان/أبريل 1994، أعلمت النيابة صاحبة البلاغ بعدم وجود عناصر تدعم ما تدعيه من أن ابنها توفي جراء التعرض لأعمال عنف؛ وبأنها قررت، بناء عليه، عدم إقامة دعوى جنائية. وطعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار ثلاث مرات (في 26 نيسان/أبريل 1994، و20 حزيران/يونيو 1994، و1 آب/أغسطس 1994)، ورفضت نيابة منطقة سفردلوفسك هذا الطعن على التوالي بمقتضى قراراتها المؤرخة 25 أيار/مايو 1994، و30 حزيران/يونيو 1994 و31 آب/أغسطس 1994.

2-4 وقدمت صاحبة البلاغ أيضاً طلباً لإخراج جثة ابنها من القبر كيما يُعاد فحصها، بما أن استنتاجات الفحص الأول لم تشمل، حسب رأي السيدة تليتسينا، الإصابات الموصوفة أعلاه. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1994، أعلمت نيابة نيجني تاغيل صاحبة البلاغ بأن عمليات إخراج الجثث خاضعة للمادة 180 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي ورهن بإقامة دعوى جنائية. غير أن النيابة رأت في القضية المعروضة عليها أنه لا يمكن تلبية طلب صاحبة البلاغ لأن النائب العام للاتحاد الروسي كان ينظر في القرار الصادر عن نيابة نيجني تاغيل في 13 نيسان/أبريل 1994، بعد أن طعنت فيه السيدة تليتسينا.

2-5 وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 1994، أبطل المدعي العام للاتحاد الروسي قرار عدم إقامة دعوى جنائية، باعتبار أن ظروف وفاة السيد تليتسين لم تُفحص بالكامل. كما طلب إحالة جميع عناصر القضية إلى نيابة منطقة سفردلوفسك كي تقوم بتحقق تكميلي.

2-6 وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، قررت محكمة سفردلوفسك، في أعقاب هذا الفحص، عدم إقامة دعوى جنائية، ومن ثم عدم إخراج الجثة. وفي 7 آب/أغسطس 1995 و10 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، أعلمت نيابة سفردلوفسك السيدة تليتسينا بأن وفاة ابنها كانت انتحاراً ناجماً عن " انحرافات نفسانية"، وأن الإصابات التي أشارت صاحبة البلاغ إلى وجودها على جثة المتوفى لم تثبت.

2-7 وبعد تظلم صاحبة البلاغ في 21 أيلول/سبتمبر 1995 و27 شباط/فبراير 1996، أعلمها النائب العام للاتحاد الروسي أن فحص ظروف وفاة ابنها كان دقيقاً؛ وأن تقرير الطبيب الشرعي وتفسيرات موظفي السجن والمحتجزين قد فندت ما تدعيه من إصابات بالوجه؛ وأن الوفاة ناجمة عن انتحار.

2-8 وتفيد صاحبة البلاغ أن الفحوص التي أجريت كانت سطحية، لا سيما وأن الجثة لم تُخرج من القبر، وهو ما يبطل فرضية الانتحار التي قدمتها السلطات.

الشكوى

3-1 تؤكد صاحبة البلاغ أن الوقائع المعروضة أعلاه تكشف عن انتهاك الاتحاد الروسي للفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والفقرة 1 من المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 وتبين صاحبة البلاغ أيضاً أن جميع سبل الانتصاف المتاحة من أجل إقامة دعوى جنائية وإجراء فحص مناسب بشأن أسباب وفاة ابنها قد استنفدت، كما تقدم عرضه.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تبين الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 10 آب/أغسطس 2000 أن مكتب المدعي العام للاتحاد الروسي قد حقق في الوقائع المعروضة في إطار هذا البلاغ.

4-2 وتبين من هذا التحقيق أن تقرير الطبيب الشرعي يفيد أن وفاة السيد تليتسين قد نتجت عن اختناق آلي بفعل عقدة منزلقة شُدت حول عنقه. كما لم تكشف معاينة مكان الحادث والجثة عن آثار صراع. وأثناء التحقيق، ولا سيما عند دراسة مكتب النائب العام لعناصر القضية، أعير اهتمام خاص لصور المتوفى، التي لم تكشف هي الأخرى أي أثر لإصابات جسدية. وقد يكون الخدش السطحي ناحية الذقن قد نتج عن استعمال آلة حادة قبيل الوفاة أو ساعة الاحتضار. ولا وجود لعلاقة سببية بين هذا الخدش والوفاة. وفي الجزء الاستقصائي من التقرير، يشير الطبيب الشرعي إلى عدم وجود إصابات في عظام القبو المخي والجمجمة. ولا ترى الدولة الطرف داعياً للشك في هذا الاستنتاج.

4-3 ويبين الخبير كذلك أن آثار الأقدام الباقية على الثلج والمؤدية إلى مكان الحادث هي لشخص واحد. كما تفيد الدولة الطرف أن المتوفى لم يكن على خلاف مع محتجزين آخرين أو مع موظفي السجن. وهكذا، فقد دعمت نتائج التحقيق استنتاج الانتحار. ونظراً لانعدام أركان الجريمة، تذكر الدولة الطرف أن طلب إقامة دعوى جنائية قد رُفض، وهو موقف أقره مكتب النائب العام للاتحاد الروسي.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 ترى صاحبة البلاغ، في تعليقاتها المؤرخة 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، أن الدولة الطرف لم تردّ، لا بالنفي ولا بالإثبات، على ما أكدته من أن جثة ابنها كانت تحمل آثار إصابات كثيرة، وهذا ما أكده 11 شاهداً حضروا الجنازة (انظر الفقرة 2-2). وتتساءل صاحبة البلاغ عما إذا لم يكن رفض إخراج الجثة وتكليفِ خبير بفحص الصور ينم عن تستر مكتب النائب العام على جريمة قتل ارتكبت في حق ابنها. وتضيف صاحبة البلاغ أن السلطات لا تملك صوراً تبين مكان الحادث والطريقة التي شُنق بها ابنها وأدمي وشوُه، وإنما مجرد رسم تخطيطي بالقلم يفتقر إلى الدقة. وتفيد أخيراً أن ملف ابنها يتضمن صوراً فوتوغرافية لشخص ملامح وجهه غير ملامح فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين.

5-2 وتنفي صاحبة البلاغ مجدداً، في تعليقاتها المؤرخة 6 تموز/يوليو 2001، فرضية الانتحار وتؤكد أن ابنها قتِل على أيدي حراس المركز الإصلاحي. كما تؤكد أن الصور المذكورة أعلاه صور مركّبة، أعدّت في أعقاب ما قدمته من شكاوى، ذلك أنها تبين إصابة في الجهة اليسرى من الذقن والحال أن هذه الإصابة، على حد وصف الشهود وتأكيدهم كما ورد أعلاه، كانت في الجهة اليمنى. وتكرر صاحبة البلاغ طلبها تكليف خبير بفحص تلك الصور. وأخيراً، تؤكد السيدة تليتسينا أنه لم يُؤذن لها بقراءة تقرير الطبيب الشرعي.

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على جواز قبول البلاغ وأن صاحبة البلاغ قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

6-3 وترى اللجنة أيضاً أن شكوى صاحبة البلاغ، ومفادها أن الوقائع التي وصفتها تشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، مدعومة بما يكفي من الأدلة لأغراض جواز القبول وتستحق أن يُنظر فيها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ آخذة في اعتبارها كل المعلومات التي قدمها الطرفان، عملا بالفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفحصت اللجنة كل المعلومات التي قدمتها كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف بشأن وفاة السيد تليتسين.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تتمسك بفرضية الانتحار بالاستناد إلى تقرير الطبيب الشرعي، ومعاينة مكان الحادث، وفحص الصور الفوتوغرافية للمتوفى، والتفسيرات التي أدلى بها موظفو السجن والمحتجزون. كما تحيط اللجنة علماً بحجج صاحبة البلاغ التي تعترض على فرضية الانتحار، ولا سيما عدم وجود صور تبين مكان الحادث والطريقة التي مات بها ابنها مشنوقاً، علاوة على تقديم السلطات لصور تفيد السيدة تليتسينا أنها صور مركبة.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على جميع الحجج التي قدمتها المتظلمة في بلاغها. وبوجه خاص، لم تعلّق الدولة الطرف على النقطة المتعلقة بالشهادات التي قدمها 11 شخصاً حضروا جنازة السيد تليتسين (انظر الفقرة 2-2). كما لم تقدم الدولة الطرف أية وثيقة تدعم ما تدعيه من أن صور المتوفى لا تبين أي آثار إصابات جسدية في ما عدا سحج بالذقن (انظر الفقرة 4-2)، رداً على ما أوردته صاحبة البلاغ من وصف دقيق لجثة ابنها المشوهة. وأخيراً، تحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحبة البلاغ أنه لم يُؤذن لها بقراءة تقرير الطبيب الشرعي. وتلاحظ عدم إخراج جثة المتوفى.

7-5 وتعرب اللجنة عن أسفها لأن الدولة الطرف لم تردّ على جميع الحجج التي عرضتها صاحبة البلاغ أو تقدم التوضيحات اللازمة بشأنها. وفيما يتعلق بعبء الإثبات، ترى اللجنة، وفقاً لآرائها السابقة، أن هذا العبء لا يقع على صاحب البلاغ وحده، خاصة حين لا يتساوى صاحب البلاغ والدولة الطرف في فرص الحصول على الأدلة، ولأن الدولة الطرف غالباً ما تنفرد بالمعلومات ذات الصلة، وهي في هذه القضية تقرير الطبيب الشرعي.

7-6 ومن ثم، لا يسع اللجنة إلا أن تأخذ بمصداقية الحجج التي عرضتها صاحبة البلاغ بخصوص جثة ابنها التي سُلمت إلى أسرته وما تثيره من تساؤلات بشأن ظروف الوفاة. وتستنتج اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم ت حقق كما يجب في وفاة السيد تليتسين، وهو ما ينطوي على انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

7-7 واللجنة إذ تضع في اعتبارها الاستنتاجات المتعلقة بالفقرة 1 من المادة 6 من العهد، تخلص إلى حدوث انتهاك للمادة 7، فضلاً عن أحكام الفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

8- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بأحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت الفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

9- وترى اللجنة، وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، أن من حق صاحبة البلاغ، التي فقدت ابنها، أن يتاح لها سبيل انتصاف فعال. وتدعو اللجنة الدولة الطرف إلى اتخاذ تدابير فعلية بغية: (أ) إجراء تحقيق مناسب ومعمق وشفاف بشأن ظروف وفاة السيد فلاديمير نيكولايفيتش تليتسين؛ و(ب) توفير جبر ملائم لصاحبة البلاغ. كما يجب على الدولة الطرف اتخاذ تدابير فعالة كي تكفل عدم وقوع انتهاكات من هذا القبيل ثانية.

10- وتذكّر اللجنة بأن الاتحاد الروسي، بانضمامه إلى البروتوكول الاختياري، اعترف باختصاص اللجنة بالبت في ما إذا كان العهد قد انتهك، كما تعهّد، وفقاً للمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها فيه لجميع الأفراد الموجودين في إقليمه والخاضعين لولايته وإتاحة سبيل انتصاف فعال وواجب الإنفاذ إذا ما ثبت حدوث انتهاك . و تود اللجنة أن تحصل من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذه الآراء، على معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع النفاذ. ويرجى من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

ياء- البلاغ رقم 904/2000، فان مارك ضد بلجيكا

(الآراء التي اعتمدت في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيد كونستان جوزيف فرانسوا فان مارك (يمثله المحامي ديرك فان بيل من المؤسسة القانونية "دوجينيه وشركاه" الموجودة في آنتويربن)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بلجيكا

تاريخ البلاغ : 31 كانون الثاني/يناير 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 904/2000 المقدم إليها من السيد كونستان جوزيف فرانسوا فان مارك في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد كونستان جوزيف فرانسوا فان مارك، وهو مواطن بلجيكي مولود في 1 آذار/مارس 1928. ويزعم أنه ضحية لانتهاكات بلجيكا للفقرتين 1 و3(ز) من المادة 14 من العهد. وتمثله المؤسسة القانونية "دوجينيه وشركاه" الموجودة في آنتويرب.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في تموز/يوليه 1988، قدم أحد الموظفين السابقين شكوى ضد صاحب البلاغ، الذي كان يعمل مديراً إدارياً في شركة N.V. Interprovinciale Stoombootdiesten Flandria وهي شركة للنقل البحري بدعوى الاحتيال الضريبي والتهرب من دفع ضريبة الدخل. وبالتالي أمر المدعي العام بإجراء تحقيقٍ أولي. ثم أمر في 22 حزيران/يونيه 1989 بجمع معلوماتٍ من مكتب الرقابة الضريبية. وقد وردت هذه المعلومات في محضر الشرطة رقم 17375 المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1989. وفي هذا المحضر وردت الإشارة إلى محادثة جرت مع موظف الضرائب الذي تحقق من الضرائب التي سددتها الشركة في عامي 1987 و1988، والذي أُرفق تقريره بهذا المحضر. ويقول صاحب البلاغ إن ما حدث يمثل انتهاكاً للمادة 350 من القانون الخاص بضرائب الدخل الذي كان سارياً آنذاك، والتي تقضي بعدم جواز استجواب موظفي الضرائب إلا كشهودٍ في قضايا جنائية والتي تحظر مشاركتهم الفعلية في أي تحقيقٍ جنائي. وفي 26 شباط/فبراير 1990، أبلغ موظف الضرائب نفسه المدعي العام بأن موظفين في الشركة قد ارتكبوا مخالفات لقانون الضرائب.

2-2 وفي 18 حزيران/يونيه 1990، وجَّه المدَّعي العام، بعد أن فرغ من التحقيق الأوَّلي، تهماً بالتزوير والاحتيال ضد صاحب البلاغ وعدة شركاء. وفي 19 حزيران/يونيه 1990، اعتقلت الشرطة صاحب البلاغ واستجوبته. ويدعي صاحب البلاغ أن النيابة العامة كانت تنتظر نتيجة التحقيق الذي يجريه مكتب الرقابة الضريبية بشأن سداد الشركة للضرائب المستحقة. وقد أرسل مكتب الرقابة الضريبية تقريره إلى القاضي المكلف بالنظر في القضية في 1 نيسان/أبريل 1992. ثم أُحيلت القضية المرفوعة ضد صاحب البلاغ إلى المحكمة الابتدائية في آنتويرب للبت فيها.

2-3 وأدين صاحب البلاغ بالتزوير والاحتيال بموجب حكمٍ صادر في 30 حزيران/يونيه 1995. وفي 28 حزيران/يونيه 1996، أكدت محكمة الاستئناف الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية وحكمت عليه بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة قدرها 000 500 فرنك بلجيكي.

2-4 ورفضت محكمة الاستئناف في حكمها طلب صاحب البلاغ بإعلان أن الإجراءات الجنائية المتخذة ضده بدعوى الاحتيال الضريبي غير مقبولة أو بأن تقضي بسحب تقرير مفتش الضرائب الصادر في عام 1989 من الملف الجنائي. وأكدت المحكمة الاستنتاج الذي خلصت إليه المحكمة الابتدائية وهو أن التحقيق الجنائي لم يباشر بسبب هذا التقرير وإنما بسبب شكوى رفعها أحد الموظفين السابقين. ولما كان المدعي العام قد أُخطر بعناصر الاحتيال الضريبي قبل أن يتلقى تقرير الرقابة الضريبية، فقد رأت المحكمة أنه لا يوجد أي سبب يدعو إلى إعلان أن الإجراءات الجنائية غير مقبولة أو إلى سحب التقرير من الملف. ورفضت المحكمة أيضاً الادعاءات الأخرى التي قدمها صاحب البلاغ فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للحق في محاكمة عادلة باعتبارها ادعاءات غير موثقة بالأدلة. وقد رفضت المحكمة على وجه التحديد الادعاء بأن مفتش الضرائب شارك بأي شكلٍ من الأشكال في التحقيق الجنائي وخلصت إلى أن تعاون موظفي الضرائب في ما يخص التحقيق الجنائي لا يشكل بأي حال من الأحوال انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ.

2-5 وفي 15 نيسان/أبريل 1997، رفضت محكمة النقض طعناً آخر قدمه صاحب البلاغ. وبهذا قيل إن جميع سبل الانتصاف قد استنفدت.

2-6 وقدم صاحب البلاغ التماساً إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 19 كانون الثاني/يناير 1998، رفضت اللجنة طلب صاحب البلاغ واعتبرته غير مقبول.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد جراء المخالفات التي ارتكبت في التحقيق الجنائي: فهو يزعم أن النيابة العامة اعتمدت على تحقيق أجراه مفتش الضرائب، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للمادة 35 من القانون الخاص بضرائب الدخل الذي كان سارياً في ذلك الحين، والتي تقضي بعدم جواز استجواب موظفي الضرائب إلا كشهودٍ في القضايا الجنائية والتي تحظر مشاركتهم الفعلية في أي تحقيقٍ جنائي. ويقول صاحب البلاغ إن السلطات القضائية انتظرت نتيجة التحقيق الذي أجراه مفتش مكتب الرقابة الضريبية قبل استدعائه للمحاكمة، وإن المعلومات التي قدمها مفتش الضرائب في التحقيق الأولي قد استخدمت ضده وشكلت السبب الرئيسي لإدانته. وبالتالي، يدَّعي صاحب البلاغ أن التحقيق الأولي معه ومحاكمته يفتقران إلى الحيدة، مما يمثل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وبصدد الاستنتاج الذي خلصت إليه المحكمة بأن مفتش الضرائب لم يشارك في التحقيق الجنائي، يزعم صاحب البلاغ أنه يوجد مع ذلك اشتباه في التحيز، وهو ما يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 14(1). ويزعم صاحب البلاغ علاوة على ذلك، بأن مشاركة مفتش الضرائب في التحقيق الأوَّلي ضده تعتبر بمثابة انتهاك لسرية التحقيق الأوَّلي.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ كذلك أن حقه في الحصول كغيره على المعلومات قد انتُهك عندما رفضت محكمة الاستئناف إضافة الملف الضريبي إلى الملف الجنائي، بالرغم من أن نتائج التحقيق القضائي استندت إلى استنتاجات التحقيق الضريبي أو كانت مستمدة منها. ويزعم صاحب البلاغ أن المدعي العام قد أتيحت له إمكانية الاطلاع على الملف الضريبي للحصول على معلومات، وأنه قرر على هذا الأساس ماهية التحقيقات التي يأمر بإجرائها للحصول على الأدلة التي تدين صاحب البلاغ. ويعترف صاحب البلاغ بأن إمكانية الاطلاع على الملف الضريبي قد أتيحت له أثناء التحقيق القضائي معه، غير أنه يزعم أن معايير المحاكمة العادلة تستلزم أن تتاح للمحكمة أيضاً إمكانية الاطلاع التام على جميع المعلومات التي استخدمتها النيابة العامة.

3-3 وفي الختام، يدعي صاحب البلاغ أن حقه في التزام الصمت المشمول بحماية الفقرة 3(ز) من المادة 14 قد انتُهك. ويشير إلى أنه كدافع للضرائب كان ملزماً بأن يقدم معلومات صحيحة عن حالته المالية أثناء التحقيق الذي أجرته الرقابة الضريبية بعد أن كانت الشكوى الجنائية قد قدمت ضده بالفعل. وكان مضطراً إلى الإجابة على جميع الأسئلة التي وجهتها إدارة الضرائب حتى وإن أدى ذلك إلى إثبات التهمة على نفسه. وقال إنه لو كان قد رفض التعاون لتعرض لعقوبات مالية أو جزائية ومن ثم فقد تعاون صاحب البلاغ تعاوناً تاماً مع سلطات الضرائب وقدم ما لديه من معلومات. ويقول صاحب البلاغ إنه "بالرغم من أن نتائج هذا التحقيق الضريبي لم تستخدم مباشرةً كدليل في الإجراءات الجنائية ضد المدعى عليه، فإن هذا الإلزام بالتعاون قد أسهم إسهاماً غير مباشرٍ على الأقل في إدانة مقدم الالتماس". ويزعم صاحب البلاغ بأن هذا يشكل إخلالاً بحقه في التزام الصمت، إذ إن استخدام حقه الرسمي في التزام الصمت أثناء الإجراءات الجنائية أضحى وهماً بسبب ما قدمه في السابق من معلومات إلى سلطات الضرائب وبسبب استخدام تقرير مفتش الضرائب في التحقيق الأولي ضده. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سوندر (17 كانون الأول/ديسمبر 1996).

مذكرة الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 تشير الدولة الطرف في مذكرتها المؤرخة 5 كانون الأول/ديسمبر 2000 إلى قرار اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، المؤرخ 19 كانون الثاني/يناير 1998، الذي أعلن عدم قبول التماس صاحب البلاغ على أساس عدم وجود اشتباه في حدوث انتهاك. وتؤكد الدولة الطرف أن اللجنة الأوروبية نظرت في الأسس الموضوعية لشكوى صاحب البلاغ ولم تعترض عليها لأسبابٍ إجرائية أو بحكم الاختصاص الموضوعي. وتقول الدولة الطرف تحديداً إن السوابق القضائية في النظام الأوروبي توضح أن الحق في محاكمة عادلة يشتمل على الحق في التزام الصمت، وبأن الحقوق التي طبقتها اللجنة الأوروبية هي بالتالي ذات الحقوق الواردة في العهد. ومن ثم تزعم الدولة الطرف أنه بما أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان قد سبق لها وأن نظرت في المسألة ذاتها، فإن البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-2 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى السوابق القضائية بشأن مسألة استنفاد سبل الانتصاف التي بموجبها ينبغي لصاحب البلاغ أن يرفع موضوع شكواه أمام المحاكم المحلية. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يطرح مسألة انتهاك المادة 14 من العهد في طعنه أمام محكمة النقض. وتشير الدولة الطرف إلى حجج النقض التي قدمت بالنيابة عن صاحب البلاغ، والتي تشير إلى الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وإلى المادة 149 من الدستور (وجوب تقديم الأسباب التي دعت إلى إصدار الأحكام). ولذلك، تقول الدولة الطرف إن الادعاءات التي أُثيرت في هذا البلاغ لم تُعرض على المحاكم المحلية ومن ثم فإنه ينبغي أن يعتبر البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وبصدد الأسس الموضوعية، تقول الدولة الطرف إنه يتبين من الملف أن حق صاحب البلاغ بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14 في جلسة استماع علنية تعقدها محكمة مستقلة ونزيهة وكاملة الأهلية منشأة وفقاً للقانون هو حق مكفول تماماً. وفيما يخص زعم صاحب البلاغ بأن المادة 350 من القانون الخاص بضرائب الدخل قد انتهك، تقول الدولة الطرف إن مهمة تفسير القوانين الوطنية واستعراض تطبيقها تعود للمحاكم المحلية، وبأنه ليس من اختصاص اللجنة أن تفصل في أي انتهاكٍ محتمل للقانون المحلي الذي لا يعد أيضاً انتهاكاً للعهد. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أن الحق في إجراء تحقيقٍ أولي سري ليس مدرجاً في المادة 14 من العهد ولا في المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن محاكمته لم تكن عادلة، تشير الدولة الطرف إلى استنتاجات اللجنة الأوروبية في قضية صاحب البلاغ، التي رأت أن صاحب البلاغ قد أتيحت له الفرصة التامة كي يعرض جميع حججه أمام المحاكم المحلية، ولا سيما حججه المتعلقة بالمشاركة الفعلية المزعومة لمفتش الضرائب. وترى اللجنة الأوروبية أن عدم موافقة صاحب البلاغ على استنتاجات اللجنة في هذا الصدد لا يدل في حد ذاته على أن محاكمته لم تكن عادلة. والدولة الطرف تشاطر تماماً الآراء التي أعربت عنها اللجنة الأوروبية.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في رسالةٍ مؤرخة 14 حزيران/يونيه 2001، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ. ورداً على حجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يشير صاحب البلاغ إلى أن اللجنة الأوروبية رفضت الطلب الذي قدمه بموجب القرار المؤرخ 19 كانون الثاني/يناير 1998 وبالتالي فإن المسألة لم تعد قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. ويلاحظ كذلك أن الدولة الطرف لم تودع أي تحفظ لاستبعاد اختصاص اللجنة في مسائل سبق الفصل فيها في إطار إجراء آخر من هذه الإجراءات. وبناء على ذلك يخلص صاحب البلاغ أن بلاغه مقبول.

5-2 وفي معرض رده على حجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يقول صاحب البلاغ إنه أثار أمام المحاكم الحقوق الأساسية المشمولة بحماية المادة 14 من العهد، وبأنه استنفد جميع سبل انتصاف المتاحة في هذا الصدد. ويشير إلى السوابق القضائية للجنة، التي بموجبها ينبغي لأي مقدم التماسٍ أن يثير الحقوق الأساسية المشمولة بحماية العهد، لكنه غير ملزم بالقيام بذلك بالإشارة إلى مواد محددة من العهد. وبناء على ذلك يخلص إلى أنه استوفى شرط جواز القبول المنصوص عليه في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وفي رسالةٍ مؤرخة 28 حزيران/يونيه 2001، يقدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية لبلاغه. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن اللجنة ليست في وضع يسمح لها بإعادة النظر في تفسير وتطبيق القانون المحلي، يزعم صاحب البلاغ أنه احتج بالمادة 350 من قانون الضرائب بأن تعاون مفتش الضرائب في الإجراء الجنائي قد ولَّد على الأقل انطباعاً بمشاركةٍ فعلية مما أفضى إلى انتهاك لحقه في جلسة استماع نزيهة وعادلة. ويقول صاحب البلاغ كذلك إن محكمة التمييز قد استندت في الحكم الذي أصدرته في قضيته إلى تفسير القانون المحلي ولم تطبق هذا التفسير على المعايير الدولية لمحاكمةٍ عادلة. ويزعم أنه يعود للجنة القرار بشان ما إذا كانت السلطات المحلية قد تصرفت أم لا وفقاً للعهد في هذا الصدد.

نظر اللجنة في المقبولية

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قبل أن تنظر في أي ادعاءٍ وارد في بلاغ ما أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد لاحظت اللجنة اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ بمقتضى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت في 19 كانون الثاني/يناير 1998 عدم قبول الطلب الذي تقدم به صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمسألة ذاتها ومن ثم فإنه لم يعد قيد النظر. ونظراً لعدم إبداء الدولة الطرف أي تحفظ يستبعد اختصاص اللجنة من النظر في البلاغات التي سبق وأن نظر فيها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية، تخلص اللجنة إلى عدم وجود أي عقبةٍ تحول دون جواز قبول البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 ولاحظت اللجنة أيضاً أن اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية يعزى إلى عدم تمكن صاحب البلاغ من الاحتجاج بالمادة 14 من العهد أمام المحاكم المحلية. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى سوابقها القضائية بأنه لأغراض البروتوكول الاختياري، يتعين على صاحب البلاغ أن يثير الحقوق الأساسية في العهد أمام المحاكم المحلية، ولكنه ليس في حاجة إلى الإشارة إلى مواد محددة.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطرح مسألة الانتهاك المزعوم لحقه في التزام الصمت في طعونه المحلية. وبالتالي فإن هذا الجزء من البلاغ الذي يتعلق بانتهاكٍ مزعوم للفقرة 3(ز) من المادة 14 غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 واللجنة إذ تلاحظ أن صاحب البلاغ يستند في التماسه المحلي إلى انتهاكٍ مزعوم لحقه في أن تستمع إليه محكمة نزيهة ومستقلة وفي أن يحصل كغيره على المعلومات، ترى أن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذه الادعاءات المتبقية.

7- ولذلك تقرر اللجنة أن البلاغ مقبول ما دام يثير قضايا بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

نظر اللجنة في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أن مفتش الضرائب قد شارك مشاركةً فعلية في عملية التحقيق الأولية وأن تقاريره قد استخدمت في القضية الجنائية المرفوعة ضده مما يشكل إخلالاً بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن المحاكم رفضت ادعاء صاحب البلاغ في هذا الشأن ووجدت بناء على الوقائع عدم وجود أي مشاركة فعلية من جانب أي موظف من موظفي الضرائب في هذه القضية الجنائية. ووفقاً للسوابق القضائية للجنة، فإن اللجنة ليست عموماً في وضع يسمح لها بإعادة النظر في تقييم الوقائع الذي قامت به المحاكم المحلية. كما أن المعلومات المعروضة عليها والحجج التي قدمها صاحب البلاغ لا تدل على أن تقييم المحاكم للوقائع كان تقييماً تعسفياً بشكل ظاهر أو أنه بلغ حد إساءة تطبيق لأحكام العدالة. وزعم صاحب البلاغ كذلك أن الاشتباه في التحيز يشكل في حد ذاته انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، حتى وإن لم يكن مفتش الضرائب قد شارك مشاركةً فعلية في القضية الجنائية المرفوعة ضده. ورغم أن اللجنة تقر بأنه في ظروف محددة قد يعتبر الاشتباه في التحيز بمثابة انتهاك للحق في جلسة استماعٍ عادلة تعقدها محكمة مستقلة ونزيهة، ترى أن الوقائع في هذه القضية لا تعد بمثابة انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

8-3 وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ بأن حقه في أن يحصل كغيره على المعلومات قد انتهك نظراً لرفض المحاكم إضافة الملف الضريبي إلى الملف الجنائي، تلاحظ اللجنة أن المحكمة وصاحب البلاغ قد مُنحا إمكانية الوصول إلى جميع المستندات المستخدمة في القضية الجنائية المرفوعة ضده، وأن الملف الضريبي لم يشكل أساس القضية التي عرضتها النيابة العامة على المحاكم. كما أن المعلومات التي زودتها بها السلطات الضريبية ونبهت النيابة العامة إلى أساليب التحري لإجراء تحقيقات مستقلة لم تستوجب أن يشكل الملف الضريبي جزءاً من قضية النيابة العامة. وتلاحظ اللجنة أن الحق في جلسة استماع عادلة الذي تنص عليه الفقرة 1 من المادة 14 لا يلزم في حد ذاته النيابة العامة بأن تقدم إلى المحكمة جميع المعلومات التي استعرضتها لدى إعدادها لأي قضية جنائية، ما لم يكن عدم إتاحة المعلومات للمحاكم والمتهم يبلغ مبلغ إساءة تطبيق أحكام العدالة، مثل حجب الأدلة التي تبرئ المتهم. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي ادعاء بأن أي معلومات واردة في الملف الضريبي كان من شأنها أن تبرئ ساحته. وفي ملابسات القضية الحالية، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة أمامها لا تدل على أن رفض المحاكم إرفاق الملف الضريبي بالملف الجنائي قد أعاق حق صاحب البلاغ في الدفاع أو بلغ بخلاف ذلك مبلغ انتهاك حقه في جلسة استماع عادلة.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن أي انتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

كاف- البلاغ رقم 909/2000، كانكانغمي ضد سري لانكا

(الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : فيكتور ايفان ماخويانا كانكانغمي (يمثله محام، السيد سورانجيث ريتشاردسون كارياواسام هياوامانا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدول الطرف : سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ الأولي : 17 كانون الأول/ديسمبر 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تموز/يوليه 2004،

وبعد أن انتهت من النظر في البلاغ رقم 909/2000، الذي قدمه السيد فيكتور ايفان ماخويانا كانكانمغي إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب هذا البلاغ، المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر 1999، هو السيد فيكتور ماخويانا كانكانمغي، مواطن سري لانكي، مولود في 26 حزيران/يونيه 1949، وهو يدعي أنه ضحية انتهاك سري لانكا لأحكام المواد 2(3) و3 و19 و26 من العهد. ويبدو أن هذا البلاغ يثير أيضاً قضايا في إطار الفقرة 3(ج) من المادة 14. وصاحب البلاغ ممثل بمحام.

1-2 دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف في 11 حزيران/يونيه 1980 و3 كانون الثاني/يناير 1998 على التوالي. وقدمت سري لانكا أيضاً إعلاناً نصه كما يلي "تعترف حكومة جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية عملاً بالمادة (1) من البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تلقي وبحث بلاغات واردة من أفراد مشمولين بولاية جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية، يدعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد ينشأ إما عن أفعال أو امتناع عن أفعال أو تطورات أو أحداث وقعت بعد التاريخ الذي دخل فيه البروتوكول حيز النفاذ بالنسبة لجمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية، أو عن قرار يتعلق بأفعال أو امتناع عن أفعال أو تطورات أو أحداث اتُخذ بعد هذا التاريخ. وتتصرف جمهورية سري لانكا الاشتراكية الديمقراطية أيضاً على أساس أن اللجنة لن تنظر في أي بلاغ مقدم من أفراد إلا بعد التأكد من أن المسألة ذاتها ليست موضع بحث أو لم تكن موضع بحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية".

1-3 وفي 17 نيسان/أبريل 2000، قررت اللجنة، من خلال المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، الفصل بين النظر في المقبولية والنظر في الأُسس الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ هو صحفي ومحرر جريدة " رفايا". ومنذ 1993 وجهت إليه تهم عدة مرات بدعوى أنه قام بالتشهير بوزراء ومسؤولين رفيعي المستوى في الشرطة وفي إدارات أخرى، وذلك في مقالات وتقارير نشرت في جريدته. وهو يدعي أن قرارات الاتهام هذه أحالها المدعي العام بشكل تعسفي وغير مدروس إلى المحكمة العليا في سري لانكا، دون تقييم صحيح للوقائع كما يقتضيه تشريع سري لانكا، وأن الهدف منها كان مضايقته. ونتيجة لهذه الملاحقات القضائية، تعرض صاحب البلاغ للتخويف، وقُيدت حريته في التعبير وتعطل نشر جريدته.

2-2 ووقت تقديم هذا البلاغ، كانت هناك ثلاث لوائح اتهام ضد صاحب البلاغ لا تزال معروضة على المحكمة العليا، مؤرخة 26 حزيران/يونيه 1996 (القضية رقم 7962/96)، و31 آذار/مارس 1997 (القضية رقم 8650/07)، و30 أيلول/سبتمبر 1997 (القضية رقم 9128/97).

2-3 وفي 16 شباط/فبراير 1998، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى محكمة النقض يلتمس فيه إسقاط هذه التهم، على أساس أنها تنتهك المادتين 12(1) و14(1)(أ) من دستور سري لانكا، اللتين تكفلان المساواة أمام القانون والمساواة في التمتع بحماية القانون، والحق في حرية التعبير. والتمس صاحب البلاغ من محكمة النقض في هذا الطلب نفسه إصدار أمر مؤقت بتعليق لائحة الاتهام إلى حين البت النهائي في طلبه. وفي 3 نيسان/أبريل 1998، رأت محكمة النقض أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة ظاهرة الوجاهة على أن التهم الموجهة إليه كانت تعسفية أو غير مدروسة أو غير معقولة، ورفضت منحه الإذن بالمضي في طلبه.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن المدعي العام، بقيامه بإحالة تهم التشهير الموجهة ضده إلى المحكمة العليا، قد أخفق في ممارسة سلطته التقديرية بشكل صحيح بموجب المبادئ التوجيهية القانونية (التي تتطلب إجراء تقييم دقيق للوقائع كما يقتضي القانون الخاص بالمقاضاة بسبب التشهير الجنائي)، ومن ثم فقد مارس سلطته بشكل تعسفي. وانتهك المدعي العام، بقيامه بذلك، حرية صاحب البلاغ في التعبير بموجب المادة 19 من العهد، فضلاً عن حقه في المساواة أمام القانون وفي المساواة بالتمتع بحماية القانون اللتين تكفلهما المادة 26.

3-2 كذلك يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد انتهكت لأن محكمة النقض رفضت منحه الإذن بالمضي في الطلب الذي يلتمس فيه تعليق لائحة الاتهام وبالتالي حرمته من الانتصاف الفعال.

3-3 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 3، ولكنه لم يقدم أي شرح لهذا الادعاء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 17 آذار/مارس 2000، قدمت الدولة الطرف ملاحظات تقتصر على مقبولية البلاغ، وفق ما أذن به المقرر الخاص للجنة المعني بالبلاغات الجديدة عملاً بالمادة 91(3) من النظام الداخلي للجنة.

4-2 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأنه يتعلق بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في سري لانكا، أي 3 كانون الثاني/يناير 1998. وعلاوة على ذلك، قامت سري لانكا، عند تصديقها على البروتوكول، بإبداء تحفظ تعترف الدولة الطرف بموجبه باختصاص اللجنة في أن تنظر في البلاغات المقدمة من أصحاب البلاغات الذين يدعون أنهم ضحايا لانتهاك العهد نتيجة لأفعال أو امتناع عن أفعال أو تطورات أو أحداث وقعت بعد 3 كانون الثاني/يناير 1998 فحسب. وتؤكد الدولة الطرف أنه بالنظر إلى أن الانتهاكات المزعومة للعهد تتعلق بلائحة اتهامات أصدرها المدعي العام قبل هذا التاريخ، فإن هذه الادعاءات مشمولة بهذا التحفظ ومن ثم فهي غير مقبولة.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن المادة 19(3) من العهد لا تدعم ادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاك، ذلك أن هذا الحكم ينص على أن ممارسة الحقوق المحمية تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة ويمكن أن تخضع لقيود منصوص عليها في القانون وضرورية لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم.

4-4 وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، التي كانت ستتضمن تقديم عرائض إلى المدعي العام بشأن لائحة الاتهامات، أو تقديم شكوى إلى المفوض البرلماني للإدارة (أمين المظالم) أو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.

4-5 وأخيراً، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لا يستطيع أن يستشهد باختصاص اللجنة بموجب المادة 2(3) من العهد، لأنه لم يثبت حدوث انتهاك لأي من الحقوق الواردة في العهد لا تتوافر بشأنها سبل للانتصاف بموجب القانون السريلانكي.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في 16 حزيران/يونيه 2000، رد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف. وفيما يتعلق باختصاص اللجنة من حيث الإطار الزمني، وتحفظ الدولة الطرف بشأن دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، فإنه يشير إلى التعليق العام رقم 24 للجنة المعنية بحقوق الإنسان، الذي وفقاً لـه تصر اللجنة على اختصاصها حتى في مواجهة مثل هذه البيانات أو الملاحظات حينما تكون الأحداث أو الأفعال التي وقعت قبل تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري الأول قد ظلت تؤثر على حقوق أحد الضحايا بعد ذلك التاريخ. وهو يؤكد أن الانتهاكات التي ادعى حدوثها هي انتهاكات مستمرة بحيث يمكن اعتبار أن اللجنة مختصة من حيث الإطار الزمني.

5-2 وبالإشارة إلى الفقرة 13 من التعليق العام رقم 24، يجادل صاحب البلاغ بأنه حتى الأفعال أو الأحداث التي وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف ينبغي قبولها طالما أنها وقعت بعد دخول العهد حيز النفاذ في الدولة الطرف.

5-3 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه ينبغي رفض البلاغ باعتباره غير مقبول لعدم انطباق القيود بموجب الفقرة 3 من المادة 19، يرد صاحب البلاغ بأن ذلك لا يشكل اعتراضاً على المقبولية بل هو أمر يتناول الأسس الموضوعية للبلاغ.

5-4 أما بخصوص استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يؤكد صاحب البلاغ أن محكمة النقض هي السلطة الوحيدة التي لديها صلاحية النظر في انتهاكات الحقوق الأساسية وإصدار قرار بشأنها عن طريق اتخاذ إجراء تنفيذي أو إداري. وفيما يتعلق بتقديم عرائض إلى المدعي العام، يلاحظ صاحب البلاغ أنه لا يوجد حكم قانوني في هذا الصدد يسمح بتقديم مثل هذه العرائض بعد توجيه الاتهامات، وعلى أي حال ما كان تقديم العرائض ليكون مجدياً لأن النائب العام هو نفسه وراء هذه المحاكمات. أما عن تقديم شكوى إلى أمانة المظالم أو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، يشدد صاحب البلاغ على أن رئيس سري لانكا هو الذي يعين هاتين الهيئتين، اللتين تقتصر صلاحياتهما على الوساطة والمصالحة وتقديم التوصيات ولكنهما لا تملكان سلطة إنفاذ التوصيات الصادرة عنهما. ومحكمة النقض هي الجهة الوحيدة التي لديها سلطة اتخاذ إجراء إزاء شكواه ومنحه سبيلاً فعالاً للانتصاف.

5-5 وفيما يتصل بحجة الدولة الطرف بشأن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، يجادل صاحب البلاغ بأنه لا يمكن لدولة من الدول الأطراف أن تتذرع بقوانينها الداخلية كسبب لعدم الامتثال للالتزامات المنصوص عليها في العهد.

القرار المتعلق بالمقبولية

6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ في دورتها الثانية والسبعين. وبعد أن تحققت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست موضع بحث ولم تكن موضع بحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، درست اللجنة الوقائع المقدمة إليها.

6-2 ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف طعنت في اختصاص اللجنة من حيث الإطار الزمني، لأن سري لانكا، عند انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قدمت إعلاناً يقصر اختصاص اللجنة على الأحداث التي تقع بعد بدء نفاذ البروتوكول. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة أن الانتهاكات المدعاة قد استمرت في الحدوث. فالانتهاكات المدعاة لم تحدث وقت إصدار لائحة الاتهامات فحسب، ولكنها كانت مستمرة طالما لم تتخذ أي محكمة قراراً بشأن هذه الاتهامات. وتواصلت الآثار المترتبة على الاتهامات بالنسبة لصاحب البلاغ، وشكلت بالفعل انتهاكات مدعاة جديدة طالما أن الاتهامات كانت قائمة.

6-3 وفيما يتعلق بإدعاء الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، أشارت اللجنة إلى أن محكمة النقض هي أعلى محكمة في هذا البلد وأن تقديم طلب إليها يشكل سبيل الانتصاف القضائي المحلي الأخير. ولم تبرهن الدولة الطرف، في ضوء صدور حكم مخالف من محكمة النقض، على أن تقديم عرائض إلى النائب العام أو تقديم شكوى إلى أمين المظالم أو إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يشكل سبيلاً فعالاً للانتصاف. ومن ثم خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قد استوفى اشتراطات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري وأعلنت أن البلاغ مقبول في 6 تموز/يوليه 2001.

6-4 وفي 6 تموز/يوليه 2001، أعلنت اللجنة أن القرار مقبول. وبالرغم من أنها قررت تحديداً أنه ينبغي النظر في الادعاءات المقدمة من صاحب البلاغ في إطار المادتين 2(3) و19 بالاستناد إلى الأسس الموضوعية، فإنها أتاحت إمكانية النظر في الادعاءات الأخرى التي قدمها صاحب البلاغ في إطار المواد 3، و14(3)(ج)، و26.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 4 نيسان/أبريل 2002، قدمت الدولة الطرف تعليقات على الأسس الموضوعية للبلاغ.

7-2 وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أن لائحة الاتهامات التي طعن فيها صاحب البلاغ في طلبه المقدم إلى محكمة النقض وُجهت إليه أثناء فترة خدمة نائبين عامين سابقين. وقدمت الملاحظات التالية بشأن جوانب معينة من لائحة الاتهامات المذكورة:

- فيما يتعلق بالتهمة رقم 6774/94 المؤرخة 26 تموز/يوليه 1994، والموجهة بناء على مقال كتب عن رئيس هيئة السكك الحديدية في سري لانكا، تلاحظ الدولة الطرف أن هذه التهمة أُسقطت ولا يمكن الطعن فيها لدى محكمة النقض، لأنها صدرت من نائب عام مختلف عن النائب العام الذي كان في الخدمة وقت تقديم الطلب إلى محكمة النقض.

- وفيما يتعلق بالتهمة رقم 7962/96 المؤرخة 26 حزيران/يونيه 1996، التي تتعلق بمقال بشأن وزير مصائد الأسماك، تلاحظ الدولة الطرف أن المعلومات التي استند إليها هذا المقال كانت خاضعة لتحقيق رسمي، الأمر الذي يؤكد صحة المعلومات المذكورة. ولم يعرض هذا الأمر أبداً على النائب العام وما زال يمكن إحالته إليه بغية سحب هذه التهمة.

- وفيما يتعلق بالتهمة رقم 9128/97 المؤرخة 30 أيلول/سبتمبر 1997 ، والتي تتعلق بمقال عن المفتش العام للشرطة وأوجه القصور المدعاة في تحقيق جنائي في قضية معينة، تجادل الدولة الطرف بأن الادعاء تصرف بصورة صحيحة، بما يحقق مصلحة العدالة على أفضل نحو، ووفقاً للإجراءات القانونية ذات الصلة.

7-3 وتلاحظ الدولة الطرف أنه بالإضافة إلى هذه الشكاوى التي أدت إلى إقامة إجراءات جنائية، كانت هناك 9 شكاوى بسبب التشهير مقدمة ضده في الفترة ما بين 1992 و1997 قرر النائب العام بشأنها عدم إقامة إجراءات جنائية.

7-4 وتؤكد الدولة الطرف أنه يجوز المحاكمة على جريمة التشهير الجنائي، المعرّفة في المادة 479 من قانون العقوبات، بإجراءات موجزة أمام قاضي الصلح أو المحكمة العليا، ولكن لا يمكن للضحية أو أي شخص آخر أن يقيم دعوى جنائية بشأن هذه الجريمة، إلا بموافقة النائب العام. وعلاوة على ذلك، وفي مثل هذه الجريمة، يحق للنائب العام، بموجب المادة 393 (7) من قانون الإجراءات الجنائية، أن يودع لائحة اتهام لدى المحكمة العليا أو أن يقرر أن تقام إجراءات غير موجزة أمام محكمة الصلح، "بالنظر إلى طبيعة الجريمة أو أي ظروف أخرى". وبالتالي، فإن للنائب العام سلطة تقديرية بموجب هذا الحكم.

7-5 وترى الدولة الطرف أن النائب العام تصرف في هذه القضية وفقاً للقانون وأنه مارس واجبه "دون أي خوف أو محاباة"، وبنزاهة ولمصلحة العدالة.

7-6 وفيما يتعلق باختصاص محكمة النقض، تشير الدولة الطرف إلى أن الإذن برفع دعوى للتظلم من انتهاك لحق من حقوق الإنسان يمنحه قاضيان على الأقل وأن صاحب البلاغ أُتيحت له فرصة لأن يقدم أدلة ظاهرة الوجاهة على الانتهاكات التي يشكو منها. وبعد قيام محكمة النقض بتحليل السلطة التقديرية للنائب العام تحليلاً كاملاً ودراسة المواد المقدمة إليها بشأن الشكاوى العديدة المقدمة ضد صاحب البلاغ، رأت أن التهم الموجهة إلى صاحب البلاغ لم تكن تعسفية ولا تشكل مضايقة متواصلة أو نية بالتدخل في حقه في حرية التعبير. وفي هذا السياق، أخذت المحكمة في الاعتبار التهم الأربع السابقة الموجهة إلى صاحب البلاغ، وخلصت إلى أنها لا تشكل مضايقة، لأن ثلاثاً منها سُحبت أو أٌسقطت، ولا يوجد أي شيء يشير إلى حدوث أي مخالفات من جانب النائب العام. وعلاوة على ذلك، رفض النائب العام، أثناء هذه الفترة نفسها، اتخاذ أي إجراء بشأن تسع شكاوى أخرى أشير إليها في الفقرة 7-3 أعلاه.

تعليقات صاحب البلاغ

8-1 في رسالة مؤرخة 17 حزيران/يونيه 2002، جادل صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف تجنبت الموضوع الرئيسي في قضيته، ذلك أنها لم تشرح السبب الذي من أجله قرر النائب العام توجيه التهم مباشرة في المحكمة العليا. وهو يرى أن جوهر الشكوى يتمثل في أن حكومة الدولة الطرف تحابي منذ 1980 مسؤولين مهمين عن طريق ملاحقة من ينتقدون أفعالهم بدعوى التشهير - وهي جريمة صغيرة عادة ما يتولى المحاكمة عليها قاضي صلح - مباشرة في المحكمة العليا. وفي حالة صاحب البلاغ، ومع تسليمه بأن السلطة التقديرية للنائب العام لم تكن مطلقة أو كاملة، فإن محكمة النقض لم تطلب من النائب العام شرح للأسباب التي من أجلها أرسل لوائح الاتهام هذه إلى المحكمة العليا. ودرست محكمة النقض بعناية التهم الثلاث مثار الخلاف ورفضت دون إبطاء منحه الإذن بمواصلة دعواه، مما حرمه من فرصة إثبات حدوث انتهاك لحقي المساواة وحرية التعبير. ويرى صاحب البلاغ أن محكمة النقض تجاهلت أن وسائط الإعلام تمارس حرية التعبير لصالح الجمهور، وأن أداء المسؤولين العامين يُتابع بيقظة كبيرة.

8-2 ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تشرح في تعليقاتها على الأسس الموضوعية الأسباب التي جعلتها تعتقد أن النائب العام تصرف "دون خوف أو محاباة"، لمصلحة العدالة، وأسباب تفضيل الاتهام المباشر على التحقيق الموسع.

8-3 ويرى صاحب البلاغ أنه عند دراسة تهم التشهير، ينبغي مراعاة العناصر التالية الوثيقة الصلة بالموضوع:

- عادة ما تجري المحاكمة على هذه الجريمة أمام محاكم الصلح؛

- موافقة النائب العام لازمة لإقامة دعوى تشهير في محكمة الصلح؛

- يمكن التوصل إلى تسوية بشأن هذه الجريمة عندما يحاكم عليها في محاكم الصلح ولكن ليس أمام المحكمة العليا؛

- لا تؤخذ بصمات الأصابع إلا بعد الإدانة في محاكم الصلح بينما يجري أخذ البصمات عند توجيه التهم في المحكمة العليا - أخذت بصمات صاحب البلاغ أثناء كل دعوى من الدعاوى المرفوعة ضده.

8-4 وأخيراً، يؤكد صاحب البلاغ أن رفض النائب العام إجراء محاكمة بشأن القضايا التسع التي أشارت إليها الدولة الطرف لا يشكل حجة تدعم حياد النائب العام، ذلك أن مقدمي الشكاوى في هذه القضايا الأخرى إما أنهم دون نفوذ أو أنهم معارضون للحكومة.

8-5 وفي 15 حزيران/يونيه 2004، أخطر محامي صاحب البلاغ بأنه جرى سحب التهم المعلقة.

إعادة النظر في المقبولية والنظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وهي ترى أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات تدعم ادعاءه بحدوث انتهاك للمادة 3، وبناء على ذلك، فإنها تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لعدم توافر أدلة تدعمه.

9-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تلاحظ اللجنة، أنه وفقاً للمواد المقدمة إليها من الطرفين، وجهت ثلاث تهم إلى صاحب البلاغ في 26 حزيران/يونيه 1996، و30 آذار/مارس 1997 و30 أيلول/سبتمبر 1997 على التوالي. وفي الوقت الذي قدم فيه الطرفان الرسالتين النهائيتين، لم تكن المحكمة العليا قد بتت بشكل نهائي في أي من هذه التهم. ومن ثم، فإن التهم كانت معلقة لعدة سنوات بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. وفي غياب أي تفسير من جانب الدولة الطرف يبرر التأخيرات الإجرائية وبالرغم من أن صاحب البلاغ لم يثر هذه المسألة في بلاغه الأصلي، فإن اللجنة ترى، اتساقاً منها مع قراراتها السابقة، أن الإجراءات استغرقت وقتاً طويلاً بشكل غير معقول، وبالتالي فهي تشكل انتهاكاً للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

9-3 وفيما يتعلق بإدعاء صاحب البلاغ بأن التهم الموجهة إليه في المحكمة العليا تشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد، أحاطت اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف بأن النائب العام قام، عندما أصدر لوائح الاتهام هذه، بممارسة سلطته بموجب المادة 393(7) من قانون الإجراءات الجنائية "دون خوف أو محاباة" وبحياد ولمصلحة العدالة.

9-4 وفيما يتعلق الأمر بانتهاك للمادة 19، ترى اللجنة أن التهم الموجهة إلى السيد كانكانمغي تتعلق جميعها بمقالات يُدعى أنه قام فيها بالتشهير بمسؤولين رفيعي المستوى في الدولة الطرف وأنها تعزى مباشرة إلى ممارسة مهنته كصحفي، وبالتالي إلى ممارسة حقه في حرية التعبير. ومع مراعاة طبيعة مهنة صاحب البلاغ وملابسات هذه القضية بما في ذلك حقيقة أنه جرى سحب أو إسقاط التهم السابقة الموجهة إلى صاحب البلاغ، ترى اللجنة أن تعليق التهم الموجهة في جريمة تشهير لعدة سنوات بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف، انتهاكاً للفقرة 3(ج) من المادة 14، وضعه في حالة شك وخوف، بالرغم من جهوده للخروج من هذا الوضع، وبالتالي كان لـه أثر مثبط قيّد من ممارسة صاحب البلاغ لحقه في حرية التعبير بغير حق. وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف حدوث انتهاك للمادة 19 من العهد مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2.

9-5 وفي ضوء استنتاجات اللجنة الواردة أعلاه، تنتفي الحاجة إلى النظر في الادعاءات المتبقية لصاحب البلاغ.

10- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14، والمادة 19 مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ بما في ذلك تعويض مناسب. كما أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

12- وبما أن الدولة الطرف، وقد أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تقرير ما إذا كان العهد قد انتهك أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد المقيمين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية الحقوق المعترف بها في العهد؛ وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى، في غضون تسعين يوماً، معلومات من الدولة الطرف عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر آراءها.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

لام - البلاغ رقم 910/2000، راندولف ضد توغو (الآراء التي اعتمدت في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من: السيد آتي أنطوان راندولف (يمثله المحامي أوليفيي روسباخ)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: توغو

تاريخ تقديم البلاغ: 22 كانون الأول/ديسمبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 910/2000 الذي قدمه السيد آتي أنطوان راندولف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 إن صاحب البلاغ السيد آتي أنطوان راندولف المولود في 9 أيار/مايو 1942 يحمل الجنسيتين التوغولية والفرنسية. وهو يعيش في المنفى في فرنسا ويتهم الجمهورية التوغولية مدعياً أنها ارتكبت في حقه وفي حق أخيه، إيميل راندولف، انتهاكات للفقرة 3(أ) من المادة 2، والمادة 7، والمادة 9، والمادة 10، والفقرة 2 من المادة 12، وكذلك للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ محام.

1-2 وجمهوريـة توغو طرف في العهـد منذ 24/أغسـطس 1984 وفي البروتوكـول الاختياري منذ 30 حزيران/يونيه 1988.

الوقائع كما عرضت على اللجنة

2-1 عرض السيد راندولف في أول الأمر الظروف التي أحاطت بوفاة أخيه، مستشار رئيس الوزراء في توغو، في 22 تموز/يوليه 1998. فهو يرى أن الوفاة تعزى إلى تأخر الدَّرَك في تمديد جواز سفر أخيه لكي تجرى لـه عملية جراحية في فرنسا حيث سبق أن أجريت لـه عمليتان في عام 1997. ولما كان جواز سفره الدبلوماسي قد انتهت صلاحيته في عام 1997، قدم أخو صاحب البلاغ طلباً بالتمديد، لكن الدرك صادر الوثيقة، حسب أقوال صاحب البلاغ. وفي وقت لاحق، قدم أخوه طلباً آخر معزَّزاً بملفه الطبي. ويرى صاحب البلاغ أنه لا يتوافر لدى أي طبيب في توغو الوسائل اللازمة لإجراء عملية من ذلك القبيل. وفي 21 نيسان/أبريل 1998، أعد الدرك جواز سفر، لكنه لم يسلم لمقدم الطلب إلا في حزيران/يونيه 1998.

2-2 ويرى صاحب البلاغ أن السلطات انتهكت حق أخيه في حرية التنقل، كما تنص عليها الفقرة 2 من المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية برفضها التمديد السريع لجواز السفر وباشتراطها حضور مقدم الطلب شخصياً لتسلم الجواز والتوقيع في السجل المعد لهذا الغرض، مما أدى إلى تفاقم مرض أخيه. ويعتقد صاحب البلاغ أن هذه الأحداث هي التي أدت إلى وفاة أخيه في 22 تموز/يوليه 1998 بعد أن أصابه الوهن ولم يعد قادراً على السفر جواً.

2-3 ويقدم صاحب البلاغ، ثانياً، وقائع تتعلق باعتقاله في 14 أيلول/سبتمبر 1985 برفقة نحو خمسة عشر شخصاً من بينهم أخته ومحاكمتهم في عام 1986 بجريمة حيازة منشورات تحريضية وإهانة رئيس الدولة. وخلال الفترة الممتدة بين اعتقاله وإدانته، أعلن صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب، ولا سيما باستخدام الكهرباء ووسائل أخرى وعانى من المعاملة المذلة والمهينة واللاإنسانية. ويُدعى أن صاحب البلاغ نُقل إلى سجن لومي بعد عشرة أيام من اعتقاله، وفي ذلك الحين فقط أُبلغ بأنه متهم بإهانة موظف عام وتحولت هذه التهمة بعدئذ إلى إهانة رئيس الدولة. ويوضح صاحب البلاغ في هذا الصدد أن رئيس الدولة لم يقدم شكوى ضد أحد.

2-4 وقد حُكم على السيد راندولف بالسجن مدة خمس سنوات بموجب الحكم الصادر في 30 تموز/يوليه 1986، ولم يقدَّم نص الحكم إلى اللجنة. ويدعي صاحب البلاغ أن المحاكمة لم تكن عادلة لأنها أخلت بمبدأ قرينة البراءة وغيره من أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأرفق صاحب البلاغ، دعماً لادعاءاته، مقتطفات من تقرير منظمة العفو الدولية لعام 1986.

2-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن أمامه أي سبيل تظلم مجد في توغو. وأوضح لاحقاً أنه لم يستنفد سبل الانتصاف الوطنية لأن العدالة التوغولية لم تكن لتسمح لـه بالحصول على تعويض عادل عن الأضرار التي تكبدها في مدة معقولة. ويرى أنه حتى لو كان قدم هو أو أسرتَه شكوى فإن هذه الشكوى لم تكن لتأتي بنتيجة لأن الدولة لم تكن لتجري تحقيقاً. ويضيف أن رفع دعوى جنائية ضد الدرك كان سيعرضه وأفراد أسرته كافة للخطر. ويشير علاوة على ذلك إلى أنه عندما ألقي القبض عليه وعُذب، قبل إدانته، لم يتمكن من تقديم شكوى لدى السلطات التي كانت هي نفسها التي انتهكت حقوق الإنسان، ولا رفع دعوى قضائية ضد المحكمة التي أدانته بغير وجه حق. ويرى السيد راندولف أنه لا يمكن، والحالة هذه، توقع جبر الضرر باللجوء إلى العدالة التوغولية.

2-6 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه بعد وفاة أخيه في الظروف المبينة أعلاه، لم يقدم أي شخص شكوى بهذا الخصوص، لنفس الأسباب المشار إليها آنفاً.

2-7 ويرى السيد راندولف أن الأضرار الناجمة عن انتهاك حقوقه الأساسية، لا تزال قائمة منذ الإفراج عنه، لأنه أجبر على العيش في المنفى والابتعاد بالتالي عن أسرته وأقاربه، وأيضاً بسبب وفاة أخيه نتيجة لانتهاك جمهورية توغو لحريته.

الشكوى

3- يحتج صاحب البلاغ بانتهاك الفقرة 3 من المادة 2 والمواد 7 و9 و10، والفقرة 2 من المادة 12، والمادة 14. ويطالب بتعويض عادل عن الأضرار التي تكبدها هو وأسرته بسبب ما قامت به الدولة، وبإعادة النظر في محاكمته تحت رقابة دولية.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تدرس الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 2 آذار/مارس 2000، البلاغ من حيث المضمون دون أن تطرح المسائل المتعلقة بمقبوليته. فهي ترفض جميع اتهامات صاحب البلاغ، ولا سيما ما اتصل منها بالتعذيب، ودفعت بأن المتهم لم يقدمَ أي شكوى أثناء المحاكمة بشأن التعذيب أو المعاملة السيئة. وتشير الدولة الطرف إلى التصريحات التي أدلى بها محامي صاحب البلاغ، السيد دوميناك، في نهاية المحاكمة والتي أشاد فيها بمستوى المحاكمة وذكر أن كل الأشخاص، بمن فيهم السيد راندولف، عبروا عن آرائهم في ما حدث.

4-2 وفيما يتعلق بوصف المحاكمة بأنها غير عادلة وبعدم الالتزام بقرينة البراءة، تحتج الدولة الطرف مجدداً بمقتطف من تصريح أدلى به محامي السيد راندولوف ومفاده أنه، على مدى 10 أشهر من الدفاع عن موكليه في توغو، تمكن من القيام بعمله بصفة مرضية بمساعدة ومباركة السلطات. وقد أضاف المحامي أن الجلسة انعقدت وفقاً للقواعد الموضوعية والشكلية ودارت في إطار مرافعات حرة وفقاً للقانون الدولي.

4-3 وفيما يتصل بانتهاك حرية التنقل، تعلن الدولة الطرف أنه لا يمكن مؤاخذتها على منع شقيق صاحب البلاغ من مغادرة البلاد مع الاحتفاظ بجواز سفره الدبلوماسي لأن السلطات أصدرت لـه جوازاً جديداً. أما عن إجراءات سحب الجواز، فترى أن حضور صاحب الجواز شخصياً أمر معتاد، وكذلك التوقيع على الجواز وفي سجل تسلم الجوازات حرصاً على مصلحة أصحاب الجوازات وتجنباً لتسليم الوثائق لغير أصحابها.

4-4 وتعلن الدولة الطرف أن السيد آتي راندولف لم يقدم طلباً بالتعويض عن الضرر الذي تكبده إلى أي جهة قضائية أو إدارية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يتهم صاحب البلاغ توغو، في تعليقاته المؤرخة 22 آب/أغسطس 2000، بأنها قدمت "مجموعة من الأكاذيب". ويكرر ما سبق عرضه ويؤكد أنه ظل محتجزاً لدى الشرطة من 14 إلى 25 أيلول/سبتمبر 1985 في حين أن المدة القانونية للاحتجاز هي 48 ساعة على أقصى تقدير. ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض خلال هذه الفترة، لضروب من المعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية، وللتعذيب والتهديد بالقتل. ويرى أن قرينة البراءة في حالته لم تحترم. فقد شُطب من قائمة الخدمة المدنية، ودعي إلى المثول أمام رئيس الدولة واللجنة المركزية للحزب السياسي الوحيد. وصودرت نظارته لمدة 3 أشهر ولم ترد إليه إلا بعد تدخل منظمة العفو الدولية، كما صودرت سياراته. وفي هذا الصدد، يزعم أن إحدى سياراته التي ردت إليه بعد الإفراج عنه قد تعرضت للتخريب لكي يلقى حتفه وهو يقودها. وفي الختام، يبدي صاحب البلاغ تعليقات بشأن بعض الموظفين الحكوميين لكي يثبت عدم ديمقراطية النظام الحاكم، دون أن يكون لذلك علاقة مباشرة بالبلاغ.

5-2 وقد احتجز صاحب البلاغ من 25 أيلول/سبتمبر 1985 حتى 12 كانون الثاني/يناير 1987 في سجن لومي حيث تعرض، كما يدعي، لضروب من المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وهُدد بالقتل. وتحتج أخت صاحب البلاغ، في الشهادة التي أرسلتها إلى اللجنة، بأن نظام الحكم اضطر في هذا الصدد، إلى إجراء فحص طبي تحت ضغط المنظمات الإنسانية الدولية. وتؤكد السيدة راندولف أن المحامين والأطباء الذي وقع عليهم الاختيار كانوا أوفياء للنظام ولم يقروا بأن نتائج الفحص، أي عدم تعرضه للتعذيب، كانت مزيفة.

5-3 ولم تبدأ محاكمة صاحب البلاغ إلا في تموز/يوليه 1986. وفي 30 تموز/يوليه 1986، حكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة 5 أعوام بتهمة إهانة رئيس الدولة . وفي 12 كانون الثاني/يناير 1987، حصل على العفو بقرار من رئيس الدولة.

5-4 ويصر السيد راندولف على أنه تعرض للتعذيب بالصدمات الكهربائية في 15 أيلول/سبتمبر 1985 مساء وصباح اليوم التالي. ويعلن أنه هدد بالقتل مرات عدة. ويؤكد على أنه أبلغ محاميه بذلك وأنه اشتكى مرتين إلى النيابة العامة بشأن التعذيب: المرة الأولى في تشرين الأول/أكتوبر 1985، لكن شكواه خففت بأن حلّت "إساءة المعاملة" محل "التعذيب". وفي المرة الثانية، في كانون الثاني/يناير 1986، قدم شكواه خطياً. ورداً على هذه المبادرة، كما يؤكد صاحب البلاغ، ألغى حقه في الزيارة العائلية. ويؤكد أيضاً أنه أَبلغ أثناء المحاكمة عن التعذيب والمعاملة السيئة. ويعتقد أن ذلك كان سبباً في تأجيل محاكمته من 16 إلى 30 تموز/يوليه بذريعة استكمال المعلومات، لكنه لم يقدم دليلاً على ادعاءاته.

5-5 ويوضح صاحب البلاغ أيضاً ظروف احتجازه، مثل إرغامه على البقاء شبه عارٍ في غرفة مليئة بالبعوض، مستلقياً على الخرسانة مباشرة، مع السماح لـه بالاستحمام مرة كل أسبوعين في بداية فترة احتجازه، أو منحه 3 دقائق فقط يومياً للخروج من زنزانته، والاستحمام في ساحة السجن تحت الحراسة المسلحة.

5-6 وفيما يتعلق بالمحاكمة، يعلن صاحب البلاغ أن رئيسة المحكمة، السيدة نانا، هي من المقربين إلى رئيس الدولة. بل إنها شاركت في مظاهرة تطالب بإعدام صاحب البلاغ والمتهمين الآخرين في القضية، ومصادرة أموالهم. ولم يُسمح بحضور المحاكمة سوى لرابطة الحقوقيين الأفارقة، ممثلة بصديق لرئيس الدولة، في حين لم يسمح بدخول ممثل منظمة العفو الدولية في المطار.

5-7 ويؤكد السيد راندولف أن المحاكمة جرت بدون مستندات إثبات أو شهود. فقد كانت القضية تتعلق بإهانة رئيس الدولة بواسطة منشورات، غير أنه لم يقدَّم أي منشور كمستند لإثبات التهمة، كما أن رئيس الدولة لم يقدم شكوى بسبب الإهانة.

5-8 ويدعي صاحب البلاغ أن محامييه أثبتوا أثناء المحاكمة أن حقوقه قد انتهكت. أما هو فيؤكد أنه كشف للمحكمة آثار الحروق بالكهرباء التي لا تزال ظاهرة. لكنه يعتقد أن محامييه تعرضوا لضغوط منعتهم من تفصيل المسألة.

5-9 ويعترض السيد راندولف، في ما يتعلق بأخيه، على ملاحظات الدولة الطرف ويعلن أن جواز السفر الدبلوماسي لم يمدد وأن إعداد جواز سفر عادي جديد استغرق تسعة أشهر.

الملاحظات الإضافية التي أبدتها الدولة الطرف بشأن تعليقات صاحب البلاغ

6-1 تعترض الدولة الطرف، في مذكرتها المؤرخة 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، على البلاغ من حيث مقبوليته. وتطلب إلى اللجنة أن تعلن أن البلاغ غير مقبول لثلاثة أسباب هي: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، واستخدام ألفاظ مسيئة ومهينة، ونظر هيئة دولية في القضية.

6-2 وتعلن الدولة الطرف أنه يحق لكل شخص في توغو يرى أنه ضحية انتهاكات لحقوق الإنسان اللجوء إلى المحاكم واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمؤسسات الخاصة للدفاع عن حقوق الإنسان. وفي هذا المقام، تعلن الدولة الطرف أن السيد راندولف لم يستأنف لدى المحاكم، ولم يطلب إعادة النظر في محاكمته ولم يطالب بتعويض عن أي ضرر. وتعلن الدولة أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رغم إقراره في بلاغه بأهمية هذه الهيئة.

6-3 وتصر الدولة الطرف، دون أن تدخل في التفاصيل، على أن صاحب البلاغ كان يستعمل ألفاظاً مسيئة ومهينة في ادعاءاته.

6-4 وفيما يتعلق بالنظر في القضية بموجب إجراء دولي آخر، تعلن الدولة الطرف أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بموجب قرارها 1993/75 المؤرخ 10 آذار/مارس 1993، قررت رصد حالة حقوق الإنسان في توغو، الأمر الذي فعلته حتى عام 1996؛ وتذكّر بأن حالة السيد راندولف كانت ضمن الملفات التي درستها لجنة حقوق الإنسان خلال فترة الرصد.

التعليقات الإضافية التي أبداها صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

7-1 أرسل صاحب البلاغ تعليقاته في 13 كانون الثاني/يناير 2001. ووجه من جديد انتقاداته إلى شتى السلطات التوغولية وإبداء رأيه بشأنها معترضاً على قانونية وشرعية النظام السياسي القائم. وقدم صاحب البلاغ، دليلاً على ذلك، ودعماً لبلاغه، مقتطفات من مقالات وكتب شتى، دون أن يقدم عناصر جديدة في الواقع يمكن أن يكون لها أثر على ادعاءاته السابقة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في حقه أو في حق أفراد أسرته.

7-2 ويعيد صاحب البلاغ تعليقاته المؤرخة 22 آب/أغسطس 2000 ويضيف اتهامات جديدة للنظام السياسي الحاكم هي الفساد وإنكار العدالة. ويصف الشروط الحالية لمنح الجوازات في توغو، دون أن يكون لذلك علاقة بهذا البلاغ.

7-3 وفيما يتعلق بحجة عدم المقبولية التي قدمتها الحكومة، واستعمال ألفاظ مسيئة ومهينة، يرى صاحب البلاغ أن الألفاظ التي كان يستخدمها كانت في الغالب عاجزة عن وصف "الذعر الذي يعانيه الشعب التوغولي منذ نحو 35 سنة". ويضيف أنه إذا كانت الحكومة تعتبر تلك الألفاظ مسيئة ومهينة، فإنه "مستعد للدفاع عن هذه الألفاظ أمام أي هيئة قضائية وأي محكمة، وذلك بتوفير أدلة دامغة ومستندات إثبات وتقديم الشعب التوغولي كشاهد إثبات".

7-4 كما يحتج صاحب البلاغ ب‍ "إنكار العدالة" كمبرر لعدم استنفاده سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، يوضح صاحب البلاغ أن تصور الجنرال إياديما للعدالة يخدمه وحده دون سواه. ويشير صاحب البلاغ إلى‍ "قضية الألعاب النارية" ويطالب رئيس الدولة "بالرد فوراً" على أسئلة متعلقة باكتشاف وطلب المتفجرات وسبب عدم تقديم أي مستند إثبات في القضية.

7-5 ويدلي صاحب البلاغ برأيه في رئيسة المحكمة التي أدانته، وهي السيدة نانا، على أساس أنها قريبة من الحكم، أو في النائب الأول للمدعي العام الذي لم يجر تحقيقاً في مسألة التعذيب، وكذلك في موظفين كبار آخرين.

7-6 وفيما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف المتاحة، يعلن صاحب البلاغ أنه "من المستحيل القيام بأي محاولة لضمان سبيل انتصاف أمام نظام قضائي نزيه ما دامت الديكتاتورية هي التي تحكم الدولة الطرف". وفيما يتصل باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، يرى صاحب البلاغ أنها لم تنصف أي مقدم شكوى إليها في عام 1985.

7-7 ويعلن صاحب البلاغ أن فراغ لجنة حقوق الإنسان من النظر في حالة حقوق الإنسان في توغو لا يمنع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من النظر في بلاغه.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

8-1 على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، وقبل أن تدرس شكوى مقدمة في بلاغ من البلاغات، أن تحدد ما إذا كان ذلك البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 ودرست اللجنة مسألة مقبولية البلاغ في دورتها الحادية والسبعين في نسيان/أبريل 2001.

8-3 ولاحظت اللجنة أن الجزء من البلاغ الذي يشير إلى اعتقال صاحب البلاغ وتعذيبه وإدانته يتعلق بفترة لم تكن الدولة الطرف قد انضمت فيها بعد إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أي قبل 30 حزيران/يونيه 1988. بيد أن اللجنة لاحظت أن الأضرار المشار إليها في هذا الجزء من البلاغ، وإن كانت تتعلق بوقائع حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لتوغو، ظلت تحدث آثاراً يمكن أن تمثل في حد ذاتها انتهاكات للعهد بعد ذلك التاريخ.

8-4 ولاحظت اللجنة أنه لا يمكن اعتبار نظر لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مطابقاً للنظر في البلاغات التي يقدمها أفراد بمفهوم الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وذكّرت اللجنة بآرائها السابقة وهي أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ليست هيئة تحقيق دولي أو تسوية دولية بمفهوم الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8-5 ولاحظت اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية البلاغ بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن صاحب البلاغ لم يلتمس أي سبيل انتصاف فيما يتعلق بادعاءاته عن انتهاكات حقوق يكفلها العهد. كما لاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم حجة تبرر عدم استنفاده سبل الانتصاف المتاحة على الصعيد الوطني فيما يتعلق بوفاة أخيه. وعليه، فإن اللجنة قد قررت أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

8-6 غير أن اللجنة رأت، بشأن الادعاءات المتعلقة بحالة صاحب البلاغ ذاته والواردة في الفقرات 2-5 و5-6 و5-8 أعلاه، أن الدولة الطرف لم تقدم أجوبة شافية عن الحجة التي قدمها صاحب البلاغ ومفادها أنه لا توجد سبل انتصاف فعالة في القانون الوطني بخصوص ما يدعيه من انتهاكات لحقوقه، كما ينص عليها العهد، ومن ثم قررت أن البلاغ مقبول في 5 نيسان/أبريل 2001.

ملاحظات الدولة الطرف

9-1 تؤيد الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 1 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و2002، قرار اللجنة بشأن عدم مقبولية الجزء من البلاغ المتعلق بشقيق صاحب البلاغ، لكنها تعترض على مقبولية باقي ما جاء في البلاغ وهو الجزء المتصل بصاحب البلاغ نفسه.

9-2 وفيما يتعلق بالفقرة 2-5 من قرار المقبولية، تكرر الدولة الطرف استدلالها بشأن عدم استنفاد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية، مبرزة بوجه خاص سبل الانتصاف المتاحة، ولا سيما أمام محكمة الاستئناف، وعند الاقتضاء، محكمة النقض. وتوضح الدولة الطرف أنها تؤيد تماماً الرأي الفردي الذي عبر عنه أحد أعضاء اللجنة (1) وتطلب إلى اللجنة أن تأخذه في الحسبان لدى إعادة النظر في البلاغ.

9-3 وفيما يتصل بالفقرة 5-6 من قرار المقبولية، تدفع الدولة الطرف بأن النظام يتقيد دائماً بمبدأ استقلال السلطة القضائية وأن الشكوك التي أبداها صاحب البلاغ بشأن رئيسة المحكمة هي ادعاءات باطلة وأحكام لا أساس لها، ولا يراد منها سوى التشهير. وتؤكد الدولة الطرف مجدداً أن المحكمة نظرت في قضية صاحب البلاغ بشكل منصف وعلني وباستقلال وحياد، كما أشار محامي صاحب البلاغ.

9-4 وفيما يتعلق بالفقرة 5-8 من قرار المقبولية، تشير الدولة الطرف مجدداً إلى ملاحظاتها المؤرخة 2 آذار/ مارس 2000.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

10- يكرر صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 3 نيسان/أبريل و7 حزيران/يونيه و14 تموز/يوليه 2002 الحجج التي قدمها، ولا سيما بشأن عدم احترام الدولة الطرف لحقوق الإنسان والمؤسسات والصكوك القانونية، وكذا بشأن عدم استقلال السلطة القضائية فعلياً في توغو.

إعادة النظر في قرار المقبولية والنظر في الوقائع الموضوعية

11-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ آخذة في الاعتبار جميع المعلومات التي قدمها الأطراف إليها، طبقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

11-2 وأحاطت اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 1 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و2002 بشأن عدم مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ أن الدولة الطرف لم تقدم بخلاف الملاحظات التي أبدتها في مرحلة المقبولية أي عنصر جديد وإضافي بشأن عدم المقبولية، قد يسمح بإعادة النظر في قرار اللجنة. ومن ثم ترى اللجنة أنها غير ملزمة بإعادة النظر في قرارها الخاص بالمقبولية المؤرخ 5 نيسان/أبريل 2001.

11-3 وتنتقل اللجنة مباشرة إلى النظر في الوقائع الموضوعية.

12- تلاحظ اللجنة أن البروتوكول الاختياري دخل حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 حزيران/يونيه 1988، أي بعد أن أفرج عن صاحب البلاغ وذهب إلى المنفى، فتذكّر بقرارها الخاص بالمقبولية وأنه يتعين اتخاذه بناء على الوقائع الموضوعية بشأن ما إذا كانت الانتهاكات المدعى ارتكابها بشأن المواد 7 و9 و10 و14، قد استمرت بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري في إحداث آثار تمثل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. ومع أن صاحب البلاغ يؤكد أنه اضطُر إلى العيش في المنفى بعيداً عن أسرته وأقاربه، ومع أنه قدم حججاً إضافية يشرح فيها الأسباب التي تمنعه من العودة إلى توغو، وذلك بعد اعتماد اللجنة القرار المتعلق بالمقبولية، فإن اللجنة ترى أنه إذا ما اعتبرنا أن الادعاءات متعلقة باستمرار آثار المظالم الأصلية التي تمثل، في حد ذاتها، انتهاكاً للمادة 12 أو غيرها من أحكام العهد، فإن ادعاءات صاحب البلاغ لم تدعم بما يكفي من التحديد لكي تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للعهد.

13- واستناداً إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن أي انتهاك للعهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) انظر التذييل.

التذييل

رأي فردي للسيد عبد الفتاح عمر بشأن قرار المقبولية المؤرخ 5 نيسان/أبريل 2001

إذا كنت أوافق على الاستنتاج الذي خلصت إليه اللجنة بعدم مقبولية الجزء من البلاغ الخاص بشقيق صاحب البلاغ، فإني متمسك بتحفظاتي على مقبولية ما تبقى من البلاغ. ولذلك أسباب قانونية متعددة:

1- جاء في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنه "لا يجوز للجنة أن تنظر في أية رسالة من أي فرد إلا بعد التأكد من كون الفرد المعني قد استنفد جميع طرق التظلم المحلية المتاحة. ولا تنطبق هذه القاعدة في الحالات التي تستغرق فيها إجراءات التظلم مدداً تتجاوز الحدود المعقولة".

أولاً- من مسؤولية اللجنة التأكد من أن الفرد المعني قد استنفد جميع سبل التظلم المحلية المتاحة. ودور اللجنة، في هذه الحالة هو التيقن لا التقدير. وليس من شأن ادعاءات صاحب البلاغ أن تغير طبيعة دور اللجنة في هذا الصدد إلا إذا كانت تتعلق بالآجال غير المعقولة أو بعدم كفاية الإيضاحات التي قدمتها الدولة الطرف، أو إذا كانت مشوبة بعدم الصدق أو الخطأ.

ثانياً- لا تدع صياغة الفقرة 2(ب) من المادة 5 مجالاً للالتباس ولا تستدعي تفسيراً لأنها واضحة ومقيِّدة جداً. ولا يلزم الابتعاد عن النص بغرض استيضاحه، مما يعني تحريضه وتغيير معناه ونطاقه.

ثالثاً- يتعلق الاستثناء الوحيد لقاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية بإجراءات التظلم التي تتعدى آجالاً معقولة، ومن الواضح أن الأمر ليس كذلك في القضية موضع النظر.

2- ومما لا شك فيه أن الحكم على صاحب البلاغ بالسجن مدة خمس سنوات في عام 1986 لم يطعن فيه رغم وجود سبل للطعن، لا قبل العفو الصادر في كانون الثاني/يناير 1987 ولا بعده. وهذا يعني، من وجهة نظر القانون الجنائي، أنه لم يتم استكشاف سبيل للتظلم، ناهيك عن تطبيقه.

3- وعلى الصعيد المدني وطلب التعويض، لم يتوجه صاحب البلاغ إلى أي سلطة قضائية، لا بصفته المضرور الأصلي ولا بأي صفة أخرى، لطلب تعويضات، بحيث أن هذه المسألة تطرح على اللجنة لأول مرة وبالتالي بصفة أولية.

4- وكان بإمكان صاحب البلاغ أن يعرض قضيته على اللجنة ابتداء من حزيران/يونيه 1988، وهو تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف. وإن انتظار صاحب البلاغ أكثر من إحدى عشرة سنة للاستفادة من الإجراء الجديد المتاح لـه، يثير تساؤلات، كتلك التساؤلات المتعلقة بإساءة استعمال الحق، وفقاً لما تنص عليه المادة 3 من البروتوكول.

5- ولم يكن لدى اللجنة عناصر واضحة ومتطابقة وثابتة تسمح لها بتأييد ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالنظام القضائي برمته في الدولة الطرف، سواء في جانبه الجنائي أو في جانبه المدني. إن اللجنة، وقد بنت موقفها على قاعدة عامة هي انعدام سبل التظلم الفعالة، كما أكد صاحب البلاغ، قد اتخذت قراراً يعد من الناحية القانونية مثار تساؤل بل ويمكن الطعن فيه.

6- ويُخشى أن يمثل هذا القرار سـابقة مؤسفة، لأنه قد يشجع على ممارسة تخرج عن نطاق الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

وإجمالاً، أرى أنه مع مراعاة الظروف الوارد شرحها في البلاغ، لم تكن الشكوك التي عبر عنها صاحب البلاغ بشأن فعالية سبل التظلم المحلية لتعفيه من استنفاد تلك السبل. وكان ينبغي أن تخلص اللجنة إلى أن الشرط المنصوص عليه في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لم يُستوف وأن البلاغ غير مقبول.

( توقيع) : عبد الفتاح عمر

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي (مخالف) للسيد هيبوليتو سولاري - يريغوين

يتعلق رأيي المخالف بالفقرة 12 وما يليها من الفقرات التي أعتقد أنه ينبغي صياغتها على النحو التالي.

12- تلاحظ اللجنة أن البروتوكول الاختياري دخل حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 حزيران/يونيه 1988، أي بعد أن أفرج عن صاحب البلاغ وذهب إلى المنفى. وفي ذات الوقت تذكّر بأنها رأت في قرارها الخاص بالمقبولية أن عليها في مرحلة النظر في الوقائع الموضوعية البت فيما إذا كانت الانتهاكات المدعى وقوعها فيما يتعلق بالمواد 7 و9 و10 و14؛ استمرت، بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري، في إحداث آثار تمثل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. ويقول صاحب البلاغ في هذا الصدد إنه اضطُر إلى العيش في المنفى بعيداً عن أسرته وأقاربه. وترى اللجنة أنه ينبغي فهم هذا الادعاء على أنه يشير إلى ادعاءات انتهاك حقوق صاحب البلاغ أثناء الفترة 1985-1987، التي تتصل بالآثار المستمرة للمظالم الأصلية التي تمثل في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 12 من العهد وغيرها من الأحكام المتصلة بها، والتي تمنعه دائماً من أن يعود آمناً إلى توغو .

12-1 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، في ملاحظاتها الأولى بتاريخ 2 آذار/مارس 2000 ، نفت أن صاحب البلاغ اضطُر إلى العيش في المنفى، ولكنها بعد أن تلقت لاحقاً تعليقات صاحب البلاغ المفصلة والواضحة في 22 آب/أغسطس 2000، لم تقدم أي شرح أو بيان يوضح المسألة، وفقاً لالتزاماتها المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري. فقد كان بإمكان الدولة الطرف، بمجرد إصدار بيان بسيط أن تفند ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا يستطيع العودة سالماً إلى توغو، وأن تقدم ضمانات من أجل عودته، لكنها لم تفعل. ومن الجدير بالملاحظة أن الدولة الطرف هي وحدها التي تستطيع أن توفر الضمانات اللازمة لوقف الآثار المستمرة التي تبرر بقاء صاحب البلاغ في المنفى وتمنعه تعسفاً من ممارسة حقه في العودة إلى بلده. واكتفت الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 و1 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و2002، بالاعتراض على مقبولية البلاغ فيما يخص صاحب البلاغ. ومن الجدير بالملاحظة أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي عناصر جديدة تشير إلى توقف الآثار المستمرة للوقائع السابقة على تاريخ 30 حزيران/يونيه 1988.

12-2 ويلزم التساؤل عما إذا كان الوقت الذي مر بين تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف وتاريخ تقديم البلاغ يمكن أن يضعف أو يبطل حجة الآثار المستمرة التي تعني أن عيش صاحب البلاغ في المنفى هو أمر لا إرادي. والجواب هو أن الأمر ليس كذلك لأن حالات النفي لا حدود زمنية لها وتستمر باستمرار الظروف التي تسببت فيها، ويسرى ذلك على الدولة الطرف المعنية. وفي حالات عدة استمرت هذه الظروف مدة أطول من متوسط عمر الإنسان. ولا يمكن أن نتجاهل أيضاً أن النفي القسري يفرض عقوبة مشددة على الضحية إن لم يمثل أمام قاض كان سيوفر جميع الضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة قبل فرض العقوبة. وإن عقوبة النفي هي باختصار عقوبة إدارية، علاوة على أنها عقوبة قاسية بالتأكيد كما هو معترف به منذ قديم الزمان، بسبب ما يترتب على التشريد القسري من آثار على الضحية وأسرتها وعلاقاتها العاطفية وغيرها من العلاقات.

12-3 وتحظر المادة 12 من العهد النفي قسراً بما أنها تنص على أنه لا يجوز حرمان أي فرد تعسفاً من حق الدخول إلى بلده. وذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 27 إلى أن الإشارة إلى مفهوم التعسف تشمل جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة على المستويات التشريعية والإدارية والقضائية. كما أن تمتع صاحب البلاغ بجنسيتين ليس لـه أي أهمية لأن "نطاق ` بلده ` أوسع من نطاق ` جنسيته ` . كما ورد في نفس التعليق العام وبالتالي، فإنه لا يمكن تحديد الأشخاص المسموح لهم بممارسة هذا الحق إلا بتفسير عبارة ` بلده ` " التي تعترف بالروابط الخاصة التي تربط الشخص ببلده.

13- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن المظالم الأصلية التي عانى منها صاحب البـلاغ في توغو في الفتـرة 1985-1987 لها أثر مستمر على صاحب البلاغ إذ تمنعه من العودة إلى بلده بأمان. وترى بالتالي أن هناك انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 12 من العهد، مقترنة بأحكام المواد 7 و9 و10 و14.

14- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن من حق صاحب البلاغ أن يتاح لـه سبيل تظلم فعال.

15- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيلاً للانتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما تدعو الدولة إلى نشر هذه الآراء.

( توقيع ): هيبوليتو سولاري يريغوين

4 كانون الأول/ديسمبر 2003

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

ميم - البلاغ رقم 9 11/ 2000، نزاروف ضد أوزبكستان (الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : عبد الملك نزاروف ( تمثله محام ية ، السيد ة إرينا ميكولينا)

الشخص ال مدعي أنه ضحية : عبد الملك نزاروف

الدولة الطرف : أوزبكستان

تاريخ تقديم البلاغ: 28 تشرين الأول / أكتوبر 1999 ( تاريخ الرسالة الأولى )

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 9 11/ 2000 المقدم إليها بالنيابة عن السيد عبد الملك نزاروف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ،

تعتمد ما يلي:

الآ راء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ ه و عبد الملك نزاروف من مواطني قيرغيزستان، وهو من مواليد عام 1973 ويقضي حالياً عقوبـة السجن لمدة تسع سنوات في أوزبكستان (1) . ويدعي أنه ضحية لانتهاكات أوزبكستان للفقـرة 1 من المادة 10 وللفقرات الفرعية 3(ب) و(ج) و(د) من الفقرة 2 من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يبدو أن البلاغ يثير مسائل تتصل بالفقرة 3 من المادة 9، والفقرة الفرعية (ه‍) من الفقرة 3 من المادة 14. وتمثله محامية.

1-2 أصبح العهد والبروتوكول الاختياري ساريا المفعول بالنسبة لأوزبكستان في 28 كانون الأول/ديسمبر 1995.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ ووالده السيد سوبتخون وشقيقه عمرخون في الطريق بسيارتهم من قيرغيزستان إلى أوزبكستان لزيارة والدة صاحب البلاغ صبيحة يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 1997. وبعد عبور الحدود إلى أوزبكستان أوقفت الميليشيا السيارة في قرية فوديل بمقاطعة فيرغانا، حيث تم التحقق من وثائقهم الثبوتية وتفتيش السيارة دون إبداء الأسباب. وبالرغم من عدم العثور على شيء مريب، صادر رجال الميليشيا مفاتيح السيارة واقتادوا أفراد عائلة نزاروف إلى المكتب الإقليمي التابع لمجلس الشؤون الداخلية، حيث جرى احتجازهم. وأُخبروا فقط بأنهم محتجزون بسبب ` الاشتباه بهم ` . وقام ضباط من مجلس الشؤون الداخلية، هذه المرة بتفتيش السيارة ثانية ًفي حضور آل نزاروف ولم يعثروا على شيء.

2-2 وفي حوالي الساعة 30/18 من يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 1997، أي بعد حوالي 10 ساعات من احتجازهم على الحدود، أُخذ أفراد عائلة نزاروف إلى باحة مكاتب مجلس الشؤون الداخلية حيث جرى تفتيش السيارة مرة أخرى. وفي هذه المرة تم العثور تحت بساط بداخل السيارة على طرد ورقي تُشتم منه رائحة القنّب. وقد كان هذا البساط موجوداً بالسيارة عند تفتيشها في المرات السابقة، وكان تحته مفتاح ربط لكنه اختفى الآن. وبتحليل محتويات الحقيبة الورقية في اليوم التالي وجد أنها تحتوي على 12 جراما من القنّب. وفي 28 كانون الأول/ديسمبر 1997، اتُهم صاحب البلاغ بحيازة مخدرات بنية بيعها، وهي جريمة بموجب المادة 276 من القانون الجنائي في أوزبكستان. كما اتُهم لاحقاً بتهمة تهريب بضائع محظورة، في مخالفة للمادة 246(1) من القانون الجنائي. وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 1997، وأُطلق سراح والده وشقيقه.

2-3 وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 1997، قامت السلطات بتفتيش منزل والد صاحب البلاغ حيث عثرت على مجموعة استمارات فارغة عليها ترويسة لمنظمة تُسمى ` لجنة مسلمي آسيا ` . وقيل إن صاحب البلاغ هو مالك هذه الوثائق، ووجِهت إليه تهمة تزوير وثائق بموجب المادة 228 من القانون الجنائي.

2-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه ليس مالك المخدرات التي وجدت في السيارة، بل ` دستها ` السلطات لتبرير احتجازه. ويلاحظ أن السلطات كانت لديها الفرصة الكافية لدس هذه المخدرات نظرا إلى أن مفاتيح السيارة كانت بحوزتها لأكثر من 10 ساعات. ويحتج صاحب البلاغ بأن المخدرات كان من الممكن اكتشافها عند تفتيش السيارة في المرة الأولى لو أنها كانت موجودة في بادئ الأمر، خصوصاً وأن رائحة القنّب كانت تنبعث بقوة من ذلك الطرد. كما يلاحظ صاحب البلاغ أنه الأخ الأصغر للشيخ عبيدخون نزاروف، وقد سبق أن تعرض لإساءة المعاملة على أيدي أفراد من مجلس الشؤون الداخلية.

2- 5 ويدعي صاحب البلاغ أنه حصل على الوثائق التي عُثر عليها في منزل والده من أحد المعارف، وأنه كان ينوي ببساطة استخدام تلك الأوراق في تغليف الفاكهة في الكشك الذي يمتلكه في سوق مدينة طشقند. كما أوضح أن الوثائق التي تم العثور عليها ليست ملكاً لهيئة رسمية، ولذا لا يمكن أن تكون موضوع تزوير في نظر القانون. ويلاحظ أن القانون الأوزبكي يجرّم فقط تزوير الوثائق التي تتسم بطابع يمكن اعتباره طابعاً رسمياً والتي يكون لها تأثير قانوني على حقوق الشخص الذي يمتلكها. ولا ينطبق ذلك على الوثائق المشار إليها.

2- 6 وفي 4 أيار/مايو 1998، أدانت محكمة مقاطعة فيرغانا المتهم بالجرائم التالية وصدرت ضده الأحكام المذكورة فيما يلي: تهريب بضائع محظورة (الفقرة (1) من المادة 246 من القانون الجنائي) - السجن لمدة 7 سنوات؛ وحيازة مخدرات دون نية بيعها (المادة 276 من القانون الجنائي) - السجن لمدة سنتين؛ وتزوير وثائق (المادة 228 من القانون الجنائي) - السجن لمدة سنتين. وقد حُكِم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة 9 سنوات مع الأشغال الشاقة ومصادرة الممتلكات.

2-7 وفي 15 حزيران/يونيه 1998 رفضت محكمة الاستئناف في مقاطعة فيرغانا طلب الاستئناف المقدم من صاحب البلاغ. كما رفضت المحكمة العليا في أوزبكستان استئنافاً آخر في 9 أيلول/سبتمبر 1999.

2-8 ويدعي صاحب البلاغ وجود عدد من المخالفات الإجرائية فيما يتعلق باعتقاله ومحاكمته. ويدعي عدم وجود سبب محتمل لاحتجازه هو ووالده وشقيقه عند الحدود، وعليه، فإن احتجازهم كان مخالفاً للمادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية. ويدعي أن اعتقاله الأول أكدته السلطات المختصة في 31 كانون الأول/ديسمبر 1997، بعد 5 أيام من احتجازه، أي بعد انقضاء المهلة التي حددها قانون الإجراءات الجنائية ومدتها 72 ساعة. وفي هذا الصدد، ووفقاً للمرسوم رقم 2 الصادر عن محكمة أوزبكستان العليا بكامل هيئتها في 2 أيار/مايو 1997، فلا يمكن أن تعتمد المحاكم في إصدار قراراتها على أية أدلة تم الحصول عليها بطريقة مخالفة للقانون.

2-9 وبالإضافة إلى ذلك، يُدّعى أن المحكمة لم تسمح لمحامي الدفاع بتعيين خبير لتحديد المنشأ الجغرافي للقنّب. وقد سعى الدفاع لإثبات أن مصدر القنّب هو أوزبكستان وليس قيرغيزستان، وعليه، فمن الأرجح أنه من إنتاج إلى رجال الميليشيا الأوزبكيين وليس صاحب البلاغ الذي يقيم في قيرغيزستان.

الشك ـ وى

3- يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاكات الفقرة 1 من المادة 10، والفقرة 2 والفقرات الفرعية (ب) و(ج) و(د) من الفقرة 3 من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. علاوة على أنه يدعي أن اعتقاله واحتجازه مخالفان للقانون، وأن محاكمته لم تكن عادلة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4- بالرغم من الرسالتين التذكيريتين اللتين وُجهتا إلى الدولة الطرف في 26 شباط/فبراير 2001 و24 تموز/يوليه 2001، فإنها لم تواف اللجنة بتقرير بشأن المقبولية أو الأسس الموضوعية للبلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 قبل النظر في الادعاءات الواردة في بلاغ ما، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر إن كان البلاغ مقبولاً أم لا وفقاً للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وقد تحققت اللجنة، وفقا لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفيما يتعلق باستنفاد وسائل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة، وفقاً للمعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفِدت. ونظراً لعدم توافر أي معلومات من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن البلاغ يستوفي متطلبات الفقرة (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدّم تفاصيل محددة تثبت صحة ادعاءاته بموجب الفقرات الفرعية (ب) و(ج) و(د) من الفقرة 3 من المادة 14. وعليه، لا يوجد ما يوضح كفاية أو عدم كفاية التسهيلات التي مُنحت لصاحب البلاغ لإعداد دفاعه (الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 3 من المادة 14). ويُستشف من الشكوى أن القضية قد نظرت فيها محاكم من درجات متعددة ودون تأخير (الفقرة الفرعية (ج) من الفقرة 3 من المادة 14). ولا يوجد دليل على أن صاحب البلاغ قد حُرِم من حقوقه المكفولة بموجب الفقرة الفرعية (د) من الفقرة 3 من المادة 14. وعلى النقيض من ذلك، يبدو من الوثائق المقدمة أن المحاكمة تمت بحضور المتهم وتولى محام الدفاع عنه. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى عدم وجود أدلة على هذه الادعاءات ومن ثم فهي غير مقبولة عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-4 وبالمثل، لا يتضمن البلاغ المقدم إلى اللجنة معلومات تثبت ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 10 و18، خصوصاً وأن المحامية لم تقدم أي معلومات بشأن إساءة معاملة صاحب البلاغ على أيدي موظفي إنفاذ القوانين خلال فترة الاحتجاز. وبالمثل، لم يقدم صاحب البلاغ الأدلة الكافية التي تثبت المساس بحقه في حرية الفكر والدين، وعليه، ترى اللجنة، عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري، أن هذه الادعاءات غير مقبولة.

5-5 وفيما يتعلق بما تبقى من ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9، والمادة 14، ترى اللجنة أنه قد تم إثباتها إثباتاً كافياً لأغراض المقبولية، وتقرر النظر فيها حسب الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ مع القلق أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات لتوضيح المسائل التي أُثيرت في البلاغ. وتُذكر بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تطلب من الدولة الطرف النظر، بحسن نية، في جميع الادعاءات الموجهة ضدها، كما ينبغي لها أن توافي اللجنة بجميع المعلومات المتوفرة لديها. ونظراً لعدم تعاون الدولة الطرف مع اللجنة في المسائل التي أُثيرت، يجب إعطاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحقه من وزن وبالقدر الذي أمكن به إثباتها. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ تقدم بادعاءات محددة ومفصلة بشأن اعتقاله ومحاكمته. ولم ترُد الدولة الطرف على هذه الادعاءات.

6-2 وفيما يتعلق بالفقرة (3) من المادة 9، يلاحظ صاحب البلاغ أن السلطات المختصة قد أكدت اعتقاله في 31 كانون الأول/ديسمبر 1997، بعد 5 أيام من احتجازه، بيد أن تأكيد الاعتقال لا يبدو أنه اشتمل على عرض صاحب البلاغ على قاض أو على أحد المسؤولين القضائيين المختصين. وعلى أية حال، لا ترى اللجنة أن فترة الأيام الخمسة تعتبر ` سريعة ` لأغراض الفقرة (3) من المادة 9 (2) . ووفقاً لذلك، ولعدم وجود تفسير من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن البلاغ يكشف انتهاك الدولة الطرف للفقرة (3) من المادة 9 من العهد.

6-3 كما يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 14 من العهد، ويشير إلى عدد من الظروف التي يدعي أنها، كمسألة إثبات، تشير بوضوح إلى براءته. وتُذكر اللجنة بمجموعة أحكامها وتلاحظ أن أمر استعراض أو تقييم الوقائع والأدلة يعود عموماً إلى محاكم الدول الأطراف، وليس إلى اللجنة، ما لم يتأكد بوضوح أن المحاكمة أو تقييم الوقائع والأدلة كانا متعسفين، أو أنهما بلغا حد إنكار العدالة. غير أن صاحب البلاغ يدعي في هذه القضية أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 14 من العهد إذ إن المحكمة رفضت طلبه تعيين خبير ليحدد المنشأ الجغرافي للقنّب، وكان يمكن أن يمثل ذلك دليلاً جوهرياً للمحاكمة. وفي هذا الصدد، لاحظت اللجنة أن قرار المحكمة المعروض عليها لم يقدم مبرراً لرفض المحكمة هذا الطلب. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف لأي تفسير، تعتبر اللجنة أن هذا الرفض لم يراع مطلب المساواة بين الادعاء العام وهيئة الدفاع في تقديم الأدلة، ويبلغ حد إنكار العدالة. وعليه، تقرر اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 14 من العهد.

7- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة الفرعية (3) من المادة 9 وللمادة 14 من العهد.

8- وعملاً بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن من حق صاحب البلاغ الحصول على الانتصاف المناسب، بما في ذلك التعويض وإطلاق سراحه فوراً (3) .

9- وإذ تضع اللجنة في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها كطرف إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها وبإتاحة سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإنها ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أصبح البروتوكول الاختياري نافذ المفعول بالنسبة لأوزبكستان في 28 كانون الأول/ديسمبر 1995.

(2) انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 852/1999، بوريسنكو ضد هنغاريا، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2002، حيث رأت اللجنة أن فترة ال‍ 3 أيام لا تعتبر ` سريعة ` .

(3) انظر على سبيل المثال، البلاغ رقم 770/1997، غريدين ضد الاتحاد الروسي، الآراء التي اعتمدت في 20 تموز/يوليه 2000.

نون - البلاغ رقم 917/2000، أروتيونيان ضد أوزبكستان (الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيدة كارينا أروتيونيان

الشخص المدعي أنه ضحية: السيد آرسن أروتيونيان

الدولة الطرف : أوزبكستان

تاريخ تقديم البلاغ : 7 آذار/مارس 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 917/2000، الذي قدمته إليها السيدة كارينا أروتيونيان بالنيابة عن أخيها، السيد آرسن أروتيونيان، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة كارينا أروتيونيان، وهي مواطنة أوزبكية من أصلٍ أرمني تقيم حالياً في إيطاليا. وتقدم هذا البلاغ بالنيابة عن أخيـها، السيد آرسن أروتيونيان، وهو مواطـن أوزبكي من أصلٍ أرمني ولد عام 979، وكان وقت تقديم هذا البلاغ محكوماً عليه بعقوبة الإعدام ومحتجزاً في طشقند ينتظر تنفيذ الحكم بإعدامه. وتزعم صاحبة البلاغ أن أخيها ضحية انتهاكات أوزبكستان (1) للفقرة 2 من المادة 5؛ وللفقرتين 1 و4 من المادة 6؛ وللمادة 7؛ وللفقرة 1 من المادة 10؛ وللفقرة 1 من المادة 14؛ وللفقرة 1 من المادة 15؛ وللمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثل صاحبة البلاغ محامٍ.

1-2 و بموجب المادة 86 من النظام الداخلي طلبت اللجنة من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، من الدولة الطرف في 22 آذار/مارس 2000 عدم توقيع عقوبة الإعدام على السيد أروتونيان أثناء نظر اللجنة في قضيته. وفي 11 أيار/مايو 2000، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن عقوبة الإعدام الصادرة ضد السيد أروتيونيان قد خُففت في 31 آذار/مارس 2000 إلى السجن لمدة عشرين عاماً.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 كان السيد أروتيونيان عضواً في فرقة أوزبكية لموسيقى الروك تدعى "أل - فاكيل". وفي 26 أيار/مايو 1999، قُبض عليه هو وعضو آخر في الفرقة الموسيقية يدعى السيد سيراجيف في موسكو بموجب أمرٍ صادر عن السلطات الأوزبكية بتهمة ارتكابهما جريمتي قتل وسطو في نيسان/أبريل 1998 في طشقند راح ضحيتها سيدة تدعى لايلو آلييفا، (وهي نجمة جماهيرية) وكذلك محاولة قتل ابنها. ونقلا إلى طشقند في 3 حزيران/يونيه 1999.

2-2 وبموجب حكم صدر في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، قضت محكمة مدينة طشقند بإدانة السيدين أروتيونيان وسيراجيف لقتلهما السيدة آلييفا وسرقة مجوهراتها، وحكمت عليهما بعقوبة الإعدام. وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 1999، أقرت المحكمة العليا هذا الحكم.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنه بعد وصول أخيها إلى طشقند في 3 حزيران/يونيه 1999، أُودِع في مكان احتجاز سري لمدة أسبوعين؛ وبالرغم من الطلبات العديدة المقدمة لمعرفة مكان احتجازه فقد رفض مكتب المدعي العام الإفصاح عنه.

3-2 ويُدعى أن السيدين أروتيونيان وسيراجيف قد أُسيئت معاملتهما وتعرضا للتعذيب أثناء التحقيقات لإكراههما على الاعتراف، وبأن ذلك بلغ حداً أُدخل على إثره السيد سيراجيف المستشفى. وتفترض صاحبة البلاغ أن الأمر ذاته وقع لأخيها.

3-3 ويُدعى أن السيد أروتيونيان قد جرت بطريقةٍ متحيزة، إذ إن محكمة مدينة طشقند اعتمدت في حكمها على سبب وحيد هو اعترافه، دون وجود شهود أو دليل مادي أو بصمات، وعلى أقوال أفراد اختفوا بُعيد التحقيق، وهذا يعني أن أقوالهم لم تؤكد من جديد أمام المحكمة. وقد أيدت المحكمة العليا، في جلسةٍ قيل إنها لم تتعدَّ 35 دقيقة، هذه الأخطاء والمخالفات الإجرائية والمدعى ارتكابها من جانب المحققين والمحكمة الابتدائية.

3-4 ويُدعى أن السيد أروتيونيان قد مُنع في بادئ الأمر من الاستعانة بخدمات محامٍ تعاقدت معه أسرته بذريعة عدم اتخاذ أي إجراءٍ بعد. ويدّعي أن تكليف محام بالدفاع عنه بحكم المنصب أثناء استجوابه واعترافه بذنبه هو أمر شكلي محض. وعندما سُمح في وقت لاحق بأن يتولى الدفاع عنه محامٍ كان قد تعاقد معه بصفةٍ شخصية، مُنع من مقابلة المحامي في مكانٍ خاص. ولم يسمح للمحامي بالاطلاع على محاضر محكمة مدينة طشقند إلا قبل بداية جلسة الاستماع في المحكمة العليا ببضع دقائق. كما أن أسرة السيدة آلييفا قد هددته إلى حد دفعه إلى الاستقالة وتعين استبداله بآخر. وفي هذا الصدد، يُدعى أن أقارب السيدة آلييفا يحتلون مناصب كبيرة في الجهاز القضائي. كما يدعى أن المحامي الذي عُيِّن بعد ذلك قد تعرض بدوره للتهديد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 في 11 أيار/مايو 2000، قدمت الدولة الطرف المعلومات التالية بشأن القضية: نظرت هيئة المحكمة العليا في القضية في 31 آذار/مارس 2000 وقررت تخفيف حكم الإعدام الصادر ضد السيد أروتيونيان إلى السجن لمدة عشرين عاماً. وعلاوةً على ذلك، خفضت مدة السجن بنسبة "خمسة وعشرين في المائة" (أي خمس سنوات) بحكم عفو رئاسي.

المسائل والإجراءات المعروضة أمام اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 لم ترد الدولة الطرف على طلب اللجنة الذي قدمته بموجب المادة 91 من النظام الداخلي بشأن تقديم معلومات وملاحظات فيما يتعلق بمقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، على الرغم مما وُجِّه إليها من رسائل تذكيرية بهذا الشأن. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تفيد ضمناً بأنه يتعين على أي دولة طرف أن تبحث بحسن نية جميع المزاعم الموجهة ضدها وأن تزود اللجنة بجميع المعلومات التي توجد تحت تصرفها. وفي ضوء عدم تعاون الدولة الطرف مع اللجنة بشأن المسألة المعروضة عليها، يجب إيلاء الاهتمام الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ على قدر إثباتها بالأدلة.

5-2 ويجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي شكوى واردة في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من النظام الداخلي، إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-3 وتلاحظ اللجنة أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر بموجب إجراء دولي آخر وبأن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. ومن ثم، فإن ا لشروط التي تقتضيها الفقرتان 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

5-4 ولاحظت اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ بانتهاك حقوق أخيها بمقتضى الفقرة 2 من المادة 5 والمادتين 15 و17 من العهد. بيد أنها لم تقدم أي معلومات تثبت صحة هذه المزاعم وتخدم أغراض المقبولية. وبالتالي، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-5 وترى اللجنة أن الادعاء بحدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 5 من العهد غير مقبول من حيث الموضوع بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

5-6 وتدعي صاحبة البلاغ أنه بعد نقل أخيها إلى طشقند، ظل مكان احتجازه طي الكتمان لمدة أسبوعين، وأن مكتب المدعي العام لم يفصح عن أي معلومات بخصوص مكان احتجازه. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي ملاحظة بشأن هذه المسألة، ترى اللجنة أن هذا الادعاء قد يثير مسائل بموجب الفقرة 1 من المادة 10 من العهد، وبالتالي فهو مقبول.

5-7 ولاحظت اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ بأن محاكمة السيد أروتيونيان كانت غير منصفة. وإذ تأسف اللجنة لعدم تقديم الدولة الطرف أي ملاحظة في هذا الصدد، تلاحظ أن هذا الادعاء يتعلق في المقام الأول بتقييم المحاكم الوطنية للوقائع والأدلة. وتذكِّر بأن مسألة تقييم الوقائع والأدلة وتفسير التشريعات المحلية في أي قضية محددة تعود بوجه عام إلى محاكم الدول الأطراف وليست من اختصاص اللجنة، ما لم يكن التقييم تعسفياً أو بلغ حد الحرمان من العدالة. ولم تثبت صاحبة البلاغ لأغراض المقبولية أن الحالة كانت على هذا النحو. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-8 وأحاطت اللجنة علماً بالادعاء بأنه لم يُسمح للسيد أروتيونيان بأن يمثله محامٍ من اختياره في المراحل الأولى من التحقيقات؛ كما أن محاميه قد مُنع في وقت لاحق من الاطلاع على محاضر محكمة مدينة طشقند من أجل تحضير دفاعه. ونظراً لعدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف في هذا الصدد، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مقبول، لأنه يثير على ما يبدو مسائل بموجب الفقرتين 3(د) و6 من المادة 14 من العهد.

5-9 وتدعي صاحبة البلاغ أن السيد أروتيونيان قد تعرض للضرب والتعذيب على أيدي المحققين لإكراهه على الاعتراف، وهو أمر يتنافى ومضمون المادة 7 من العهد. وبرغم أن الدولة الطرف لم تتناول هذا الادعاء فإن زعم صاحبة البلاغ يعتبر غامضاً وعاماً. ونظراً لعدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف في هذا الصدد، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول، لأن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءها بالأدلة لأغراض المقبولية بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها الأطراف، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وتلاحظ اللجنة الادعاء بأن السيد أروتيونيان قد أودع في الحبس الانفرادي لمدة أسبوعين بعد نقله إلى طشقند. وتأكيداً لذلك، تزعم صاحبة البلاغ أن الأسرة قد سعت دون جدوى إلى الحصول على معلومات في هذا الصدد من مكتب المدعي العام. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة، واضعة في الاعتبار الطبيعة الخاصة لهذه القضية وواقع عدم تقديم الدولة الطرف لأي معلومات عن هذه المسألة، إلى أن حقوق السيد أروتيونيان بموجب الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت. وفي ضوء هذا الاستنتاج المتعلق بالمادة 10، وهي حكم من أحكام العهد يتناول على وجه التحديد حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم وتشتمل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص على العناصر الواردة عموماً في المادة 7، ليست هناك ضرورة للنظر بشكل منفصل في الادعاءات الناشئة بموجب المادة 7.

6-3 وتدعي صاحبة البلاغ أن حق أخيها في الدفاع قد انتهك، فما إن سُمح بأن يمثله محامٍ من اختياره حتى مُنع هذا الأخير من الالتقاء به على حدة؛ ولم يُسمح للمحامي بالاطلاع على سجلات محكمة مدينة طشقند إلا قبيل جلسة الاستماع التي عقدتها المحكمة العليا. وتأييداً لمزاعمها، تقدم صاحبة البلاغ نسخة من طلب تأجيلٍ وجهه المحامي إلى المحكمة العليا في 17 كانون الأول/ديسمبر 1999؛ وقد تطرق إلى منعه من الوصول إلى سجلات محكمة مدينة طشقند بذرائع مختلفة. بيد أن المحكمة العليا رفضت هذا الطلب. وفي دعوى الاستئناف، زعم المحامي أنه لم يتمكن من عقد لقاءٍ خاص مع موكله لإعداد دفاعه؛ ولم تتناول المحكمة العليا هذه المسألة. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي ملاحظات ذات صلة بهذا الادعاء، تعتبر اللجنة أن الفقرة 3(د) من المادة 14 قد انتُهكت في الدعوى الحالية.

6-4 وتذكِّر اللجنة بحكمها السابق (2) ومؤداه أن فرض عقوبة الإعدام لدى اختتام أي محاكمة لم تُحترم فيها أحكام العهد يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد، إن لم تتوفر إمكانية تقديم طعنٍ آخر في هذا الحكم. وفي قضية السيد أروتيونيان، صدر الحكم النهائي بالإعدام دون استيفاء شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14. وهذا ما يفضي إلى الاستنتاج بأن الحق المشمول بحماية المادة 6 قد انتُهك أيضاً. وقد تداركت هيئة المحكمة العليا هذا الانتهاك بتخفيف الحكم بعقوبة الإعدام الصادر ضد صاحب البلاغ في 31 آذار/مارس 2000.

7- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكٍ للفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 3(د) من الفقرة 14 من العهد.

8- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل للسيد أروتيونيان سبيل انتصاف فعالا قد يشمل إمكانية النظر في زيادة تخفيف الحكم الصادر ضده وحصوله على تعويض. ويقع على الدولة الطرف أيضاً الالتزام بالعمل على منع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان العهد قد انتهك أم لا وأن الدولة الطرف قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً في حالة ثبوت وقوع انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أصبح العهد والبروتوكول الاختياري نافذين في الدولة الطرف في 28 كانون الأول/ديسمبر 1995.

(2) براون ضد جامايكا ، القضية رقم 775/1997.

سين - البلاغ رقم 920/2000، لوفيل ضد أستراليا (الآراء التي اعتمدت في 24 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيد آفون لوفيل (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه الضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 2 كانون الأول/ديسمبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 آذار/مارس 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 920/2000، الذي قدمه إليها السيد آفون لوفيل بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 21 كانون الأول/ديسمبر 1999 هو آفون لوفيل، وهو مواطن أسترالي يقيم حاليا في غرينوود بغرب أستراليا. ويدعي أنه كان ضحية انتهاك أستراليا (1) للفقرتين 1 و5 من المادة 14 والمادة 19من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد). ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ يعمل كمحام في مجال العمل الصناعي لدى نقابة عمال الاتصالات والكهرباء والطاقة والمعلومات والبريد والسباكة و ما يتصل بذلك من ميادين لشعبة الهندسة والكهرباء، فرع أستراليا الغربية، عندما دخلت في نزاع عمل مع شركة هامرسلي آيرن بي. تي. واي. المحدودة (هامرسلي) في عام 1992. وقد رفعت شركة هامرسلي، التي مثلها مكتب المحاماة فريهيل وهولينغديل وبيج (فريهيل)، دعوى مدنية أمام المحكمة العليا لأستراليا الغربية ضد النقابة وعدد من مسؤوليها، التمست من خلالها اتخاذ إجراءات زجرية والحصول على تعويض لأسباب عدة. وخلال هذه الدعوى، طُلب إلى هامرسلي إتاحة جميع الوثائق ذات الصلة التي لا تحمل طابعا سريا للنقابة ومسؤوليها. وتسنى لصاحب البلاغ والنقابة الحصول على هذه الوثائق والاطلاع عليها. وشملت هذه الوثائق خمسة مستندات تدَّعي هامرسلي أن صاحب البلاغ ومسؤولي النقابة قد كشفوا محتواها علنا في مقابلة إذاعية ومقالات صحفية وسلسلة من الورقات الإعلامية أعدت للتوزيع على أعضاء النقابة وغيرها من النقابات، واستخدموها على نحو مناف لقواعد إتاحة المعلومات، منتهكين بذلك حرمة المحكمة.

2-2 وفي 22 أيار/مايو 1998، أدين صاحب البلاغ ومسؤولو النقابة في المرحلة الابتدائية للمحكمة العليا المكتملة لأستراليا الغربية (ثلاثة قضاة) وبتهمتين تتعلقان بانتهاك حرمة المحكمة. وتمثلت الأولى في سوء استعمال المستندات المتاحة الخمسة، باعتبار أن صاحب البلاغ قد استخدمها على نحو مناف لالتزامه الضمني بعدم استعمال الوثائق المتاحة، أو إفشاء محتواها لأغراض غير أغراض الدعوى التي أتيحت هذه الوثائق من أجلها. بينما تمثلت الثانية في عرقلة سير العدالة، ذلك أن صاحب البلاغ، بما أقدم عليه من كشف محتوى الوثائق المتاحة، قد تعمد الضغط على شركة هامرسلي وفرض عليها بالفعل ضغطا بخصوص الدعوى الرئيسية، و دعا الرأي العام إلى الحكم مسبقا على المسائل المطروحة، وسعى إلى تخويف أي شهود محتملين كي لا يدلوا بشهاداتهم.

2-3 وردّ صاحب البلاغ على التهمة الأولى بحجج من بينها أن الوثائق المعنية، منذ أن أشير إليها في جلسة علنية، أصبحت تشكل جزءاً من الاهتمام العام ولم يعد استخدامها مقيدا؛ وأن شركة هامرسلي قد تنازلت عن حقها في سرّية الوثائق المتاحة بردها على ادعاءات صاحب البلاغ اعتماداً على المعلومات الواردة في الوثائق المتاحة؛ وأن نشر هذه الوثائق واستعمالها يتوافق وحرية صاحب البلاغ في الاتصال السياسي، التي يكفلها الدستور الأسترالي. وفي 22 تموز/يوليه 1998، حكمت المحكمة على صاحب البلاغ بغرامة مقدارها 000 40 دولار أسترالي (إضافة إلى التكاليف)، وعلى النقابة بغرامة مقدارها 000 55 دولار أسترالي (إضافة إلى التكاليف).

2-4 وطلب صاحب البلاغ بعد ذلك إذنا خاصا لاستئناف الحكم أمام المحكمة العليا لأستراليا، استناداً إلى الآتي:

(أ) أن المحكمة العليا لأستراليا الغربية ارتكبت خطأ قانونيا إذ لم تعتبر أن الإشارة إلى الوثائق المتاحة في جلسة علنية أبطلت التعهد الضمني بعدم استخدام هذه الوثائق لأغراض غير أغراض الدعوى؛

(ب) أنه كان على المحكمة أن تبين أن القانون العام الساري في أستراليا الغربية بخصوص استخدام الوثائق المتاحة للاطلاع يتوافق مع قواعد المحكمة الاتحادية ومع قواعد القانون الإنكليزي؛

(ج) أنه، في ما يتعلق ببند الاتهام الثاني المتصل بانتهاك حرمة المحكمة، لم يكن للمنشورات أي قدرة فعلية على عرقلة البت في أي قضية معلقة أو إجراء معلق، أو إعاقة أو إضعاف قدرة أي محكمة على إقامة العدل بإنصاف ونزاهة؛

(د) أن المحكمة أخطأت إذ لم تقدّم حرية الاتصال السياسي على قانون انتهاك الحرمة؛

(ه‍) أن الغرامتين اللتين فرضتهما المحكمة مبالغ فيهما بشكل واضح.

2-5 وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999، رُفض منح صاحب البلاغ الإذن الخاص للاستئناف أمام المحكمة العليا لأستراليا. واستند الرفض إلى سببين: أولهما أنه لا وجود لدافع كاف للشك في سلامة قرار المحكمة العليا لأستراليا الغربية؛ وثانيهما أن هذه القضية لا تعتبر وسيلة مناسبة للبت في مسألة مبدأ أراد الادعاء إثارتها، إذ يبدو من المستبعد أن يستوجب قرار الاستئناف البت في تلك المسألة. وبذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أن حقه في محاكمة عادلة وفقا للفقرة 1 من المادة 14 قد انتهك. ويدعي أن واحدا من قضاة المحكمة العليا لأستراليا الغربية قد حاد، في الظاهر على الأقل، عن مبدأ النزاهة، إذ سبق لـه، كمحام، أن ترافع في قضية تشهير مطولة ضد صاحب البلاغ بخصوص كتاب ألّفه. وكان هذا القاضي أيضا شريكا سابقاً لمكتب المحاماة الذي رفع دعوى انتهاك حرمة المحكمة ضد صاحب البلاغ.

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14، بما أن طرف الادعاء، وهو شركة هامرسلي التي رفعت الدعوى، لم يكن ملزما بالحيدة أو بتقديم أدلة البراءة، وكان له مصلحة خاصة في الحصول على إدانة.

3-3 كذلك، يزعم صاحب البلاغ أن حقه في الاستئناف بموجب الفقرة 5 من المادة 14 قد انتهك، إذ يدعي أن طلب الإذن الخاص للاستئناف لا يُعَد طعنا كاملا، لأنه لا يتعلق إلا بمسائل "الإذن الخاص"، وليس بأسباب الاستئناف في حد ذاتها. كما يخضع الإذن الخاص للاستئناف لشروط محددة، كشرط الصالح العام أو إثارة مسائل قانونية معينة. ودامت جلسة الاستماع لطلب الإذن الخاص الذي قدمه صاحب البلاغ ما لا يزيد عن20 دقيقة. وبناء عليه، يؤكد صاحب البلاغ أنه لم يحصل على سبيل انتصاف فعال إزاء قرار الإدانة في المرحلة الابتدائية.

3-4 وأخيرا، يزعم صاحب البلاغ أن إدانته بتهمة انتهاك حرمة المحكمة قد حالت دون ممارسته، كصحفي، لحقوقه بموجب المادة 19 من العهد، بما أنه قد أدين وحُكم عليه بدفع غرامة لنشره وثائق أشير إليها في جلسة علنية. وهو يشير في هذا السياق إلى تغيّر قواعد المحكمة العليا الإنكليزية عقب ما يسمى "قضية هارمن" في المملكة المتحدة. ويتجلى هذا التغير في قضاء المحكمة الاتحادية لأستراليا وفي ولايتي نيو ساوث ويلز وجنوب أستراليا، ومفاده أن الوثائق التي تلتها محكمة عامة أو تليت عليها في جلسة علنية تفقد الحماية التي يوفرها لها تعهد ضمني بعدم استعمالها.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، بمذكرة شفوية مؤرخة 10 تشرين الأول/أكتوبر 2000، ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. فمن رأيها أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، إذ لم يثر صاحب البلاغ مسألة الحيدة أمام المحاكم المحلية، ولعدم تقديم ما يدعم ادعاءه، إذ لا يزعم ولا يثبت حدوث تحيز حقيقي من جانب القاضي آندرسن، كما أن ادعاءه أن الطرف المقابل لم يكن ملزما بتصرف معين لا يندرج في إطار الفقرة 1 من المادة 14.

4-2 وفي ما يتعلق بما يدعيه صاحب البلاغ من أن حقه في قيام محكمة أعلى درجة بإعادة النظر في القرار قد أُخِلَّ به نتيجة رفض المحكمة العليا منحه إذن استئناف خاصا، تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقم الحجة على الادعاء، وأن الادعاء يتعارض مع أحكام العهد، وأنه، كبديل عن ذلك، لم يستنفد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية في ما يتعلق بالاتهام الثاني المتصل بانتهاك حرمة المحكمة. وبناء عليه، ينبغي أيضاً إعلان عدم مقبولية هذا الادعاء.

4-3 وإضافة إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقم الحجة على ما ادعاه من أن قانون انتهاك حرمة المحكمة قد استعمل لمنعه من ممارسة حقوقه المكفولة في المادة 19 من العهد. وحتى إذا رأت اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ قد تكون مقبولة، فإنها ترى أنه ينبغي رفض الادعاءين كليهما لافتقارهما إلى الوجاهة، إذ لم يقدم صاحب البلاغ أدلة تدعم أقواله.

ادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14

4-4 تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يقدم ادعاءين في ما يتصل بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد؛ إذ يزعم أولاً أنه لم يمثل أمام محكمة نزيهة (2) ، وثانياً أنه لم يحصل على محاكمة عادلة، في ظروف القضية التي لم يكن الطرف المقابل فيها مطالبا بالتصرف بحيدة أو بتقديم أدلة مبرئة.

ادعاء صاحب البلاغ بعدم مثوله أمام محكمة نزيهة

4-5 بخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ بأنه لم يمثل أمام محكمة نزيهة لأن أحد قضاة المحكمة العليا المكتملة كان خصما سابقاً وعضوا في مكتب المحاماة الذي يتولى ملاحقته بتهمة انتهاك حرمة المحكمة، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثر هذا الادعاء أمام المحاكم المحلية، وينبغي من ثم اعتباره غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من العهد (3) .

4-6 ونظراً لأن ادعاء صاحب البلاغ بخصوص الحيدة يستند إلى وجود القاضي آندرسن ضمن هيئة المحكمة العليا المكتملة، فمن الواضح أن صاحب البلاغ كان على علم بوجود القاضي آندرسن ضمن هيئة المحكمة قبل بدء المحاكمة. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أخل في ثلاث حالات محددة بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية. فأولا، لم يطلب، في أي وقت قبل أو أثناء الجلسة التي وجهت إليه فيها تهمة انتهاك حرمة المحكمة، اعتذار القاضي آندرسن عن النظر في القضية، كما لم يطلب من المحكمة العليا منعه من النظر في القضية. وبما أن صاحب البلاغ قد سمح بعقد الجلسة بعد علمه بالأمر، يمكن أيضا اعتباره قد قبل ضمنيا بعدم وجود تحيز.

4-7 ثانيا، لم يطلب صاحب البلاغ من المحكمة العليا المكتملة مراجعة القضية أو إعادة فتح ملفها بعد صدور القرار في قضيته، على أساس أن هذا القرار قابل للتفنيد بحكم مشاركة القاضي آندرسن في المداولات.

4-8 وأخيرا، لم يطلب صاحب البلاغ من المحكمة العالية مراجعة و/أو إبطال قرار المحكمة العليا المكتملة بسبب مشاركة القاضي آندرسن في المداولات. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان يمثله محام كبير محنك في إجراءات الدعاوى المرفوعة إلى المحكمة العليا، وأن عدم إثارته مسألة حيدة القاضي آندرسن تظهر عدم استنفاده سبل الانتصاف المحلية.

4-9 وفي المقابل، تؤكد الدولة الطرف أنه ينبغي عدم قبول البلاغ لانتفاء الأدلة الداعمة، وفقا للمادة 2 من البروتوكول الاختياري، بما أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لتكون الدعوى ظاهرة الوجاهة. وبخصوص الادعاء الأول المتعلق بالتحيز، وهو أن القاضي آندرسن كان طرفا في القضية أو كان لـه فيها مصلحة تقتضي منعه من النظر في الدعوى، تلاحظ الدولة الطرف أنه رغم أن القاضي آندرسن كان قبل 16 عاما عضوا في مكتب المحاماة الذي يمثل شركة هامرسلي في دعوى إعاقة مجرى العدالة، فلم يقدم صاحب البلاغ أي حجة أو دليل يفيد وجود علاقة أو مصلحة له مع شركة هامرسلي تستوجب منعه من النظر في الدعوى.

4-10 وبخصوص الادعاء الثاني المتعلق بالتحيز، حيث قد تفضي الظروف بمراقب عاقل إلى ادعاء وجود تحيز بحجة أن القاضي آندرسن، في هذه القضية، سبق لـه أن كان خصماً لصاحب البلاغ في إحدى القضايا وأنه كان في السابق عضوا في مكتب المحاماة الذي رفع الدعوى الحالية ضد صاحب البلاغ، تزعم الدولة الطرف أن البلاغ لا يكشف ما يدل على حدوث تحيز. إذ إن مشاركة القاضي آندرسن في الدعوى المرفوعة ضد صاحب البلاغ ليست مُعَيَّنة بما يكفي لتحديد الفعل أو الأفعال المزعومة.

4-11 وإذا رأت اللجنة قبول دعوى الحيدة، فإن الدولة الطرف ترى أنه ينبغي رفضها باعتبارها منعدمة الوجاهة، نظراً لأن صاحب البلاغ لم يقدم حججا أو أدلة تثبت وجود تحيز فعلي من جانب القاضي آندرسن. وتكرر الدولة الطرف ما أشارت إليه من أنه لا يمكن من باب المعقول اعتبار مكتب المحاماة الذي كان القاضي آندرسن منتميا إليه طرفا في قضية صاحب البلاغ. وفي جميع الأحوال، لم يعد للقاضي آندرسن صلة بذلك المكتب منذ 16 عاما، بحيث لا يمكن افتراض وجود مصلحة مشتركة بينهما. وتذكر الدولة الطرف أنه من المحتمل جدا أن يكون القاضي آندرسن، بوصفه محاميا، قد رافع مرات عديدة لصالح مكتبه السابق وضده كذلك (وهذا المكتب من أكبر مكاتب المحاماة في أستراليا)، وأنه، كقاض في المحكمة العليا لأستراليا الغربية، قد نظر في قضايا كثيرة شارك فيها مكتبه السابق. وتبيّن الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يأت بدليل على تحيز القاضي لصالح مكتبه السابق، أو على وجود مصلحة مشتركة بينهما. كما تؤكد أن تعيين قضاة تشمل خبرتهم تجربة طويلة في الميدان القانوني الخاص هو ممارسةٌ شائعة في أستراليا، ولا غرو من ثم أن يكون للقضاة تجربة ماضية طويلة في المرافعات لصالح طائفة من الموكلين وعدد من الشركات القانونية الخاصة.

4-12 كذلك تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات أن أي مراقب متبصر كان سيشك على نحو معقول في تحيز القاضي آندرسن، نظرا لما يُفترض من أن باستطاعة القاضي أن يبت في أي قضية دون تحيز. وعلى افتراض أن المراقب المتبصر قد يساوره شك معقول في نزاهة القاضي آندرسن، ينبغي ألا يُستخلص من ذلك بالضرورة أن محاكمة صاحب البلاغ لم تكن عادلة. وتشير الدولة الطرف إلى قضاء المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (4) ، التي رأت أنه لا بد من النظر إلى الإجراءات برمتها لتقرير عدالة المحاكمة، كما بينت أن الخشية من تحيز أحد أعضاء المحكمة قد يقابلها التسليم بنزاهة بقية الأعضاء. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدّع حدوث تحيز من جانب القاضيين الآخرين في المحكمة العليا المكتملة.

ادعاء صاحب البلاغ أن المدعي غير مطالب بالتصرف بحيدة أو بتقديم أدلة تثبت البراءة

4-13 بخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ من أنه رغم خضوعه لإجراءات جنائية، فلم يكن من واجب المدعي، وهو مكتب المحاماة الذي طلب إدانته بانتهاك حرمة المحكمة، أن يتصرف بحيدة أو أن يقدم أدلة تثبت البراءة، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أساء فهم طبيعة الإجراءات المرفوعة ضده. أولا أن مكتب المحاماة لم يتصرف بصفة المدعي ضد صاحب البلاغ، بل كمكتب محاماة يدعي، نيابة عن موكله، أن صاحب البلاغ قد انتهك حقوق هذا الموكّل في سرية الوثائق المتاحة للاطلاع عليها لأغراض الإجراءات القضائية وفي محاكمة عادلة في ما يتعلق بالدعوى الرئيسية. ثانياً، تقول الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يصِب إلا جزئيا في القول بأن الانتهاك ناشئ عن مسائل مدنية، بما أن الانتهاك المتصل بإساءة استعمال وثائق تشكل انتهاكاً مدنياً؛ أما إعاقة مجرى العدالة فيؤدي إلى انتهاك جنائي. إلا أن الفروق بين الانتهاكين المدني والجنائي ليس لها سوى تأثير محدود من ناحية الإجراءات في القانون الأسترالي، بما أن الدعاوى المتعلقة بانتهاك حرمة المحكمة تكتسي جميعها طابعا جنائيا وينبغي إثباتها دون أي شك معقول. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ مخطئ في ما يدعيه من أنه لم يستفد من درجة إثبات أعلى.

4-14 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، بما أنه لم يعرض هذا الادعاء على أي محكمة محلية، وأنه كان باستطاعته، بوجه خاص، عرضه على المحكمة العليا المكتملة لأستراليا الغربية أو أمام المحكمة العالية لأستراليا.

4-15 كما ترى أن ما يدعيه صاحب البلاغ من أن محاكمته لم تكن عادلة لأن الطرف المقابل لم يكن ملزما بالتصرف بحيدة أو بتقديم أدلة البراءة هو ادعاء لا يندرج على نحو مناسب في سياق أي من الضمانات الدنيا المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 14. وقد قُدمت في قضايا أخرى، وفقا للفقرة 3(ب) من المادة 14، ادعاءات تتصل بعدم العدالة نتيجة لتقييد إمكانية الاطلاع على الوثائق الموجودة في حوزة النيابة، في ما يتعلق بشرط توفير التسهيلات الملائمة لإعداد الدفاع، وتشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة في قضية أ. ف. ضد النرويج (5) . إلا أن صاحب البلاغ لا يدعي البتة أنه قد مُنع من الاطلاع على الوثائق، بل يكتفي بالقول إن الطرف المقابل لم يكن ملزما بإتاحة مستندات كان يُحتمل وجودها وربما تضمنت أدلة البراءة. وإذ لا تنص المادة 14 على حق مطلق في الاطلاع على الوثائق الموجودة في حوزة الطرف المقابل، ومن ثم لا تُلزم الدول الأطراف في العهد بأن تفرض على الجهات المتنازعة مراعاة هذا الحق، تؤكد الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ لا يتفق مع أي من الحقوق التي يعترف بها العهد، وينبغي اعتباره غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-16 وبالإضافة إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته لأغراض المقبولية، إذ يؤكد أن المدعي ليس من واجبه التصرف بحيدة أو تقديم أدلة البراءة، لكنه لا يدعي أن الطرف المقابل لم يتصرف بحيدة، أو لم يقدم أدلة البراءة، أو أن في حوزته بالفعل أي أدلة تثبت البراءة، أو أن هذه الأدلة الممكنة ربما كانت ستتيح له فرصة أفضل للدفاع عن نفسه.

4-17 وإذا اعتبرت اللجنة الادعاء مقبولا، فإن الدولة الطرف ترى أنه يفتقر إلى الوجاهة، بما أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءه ولم يحدد أي وجه معين من أوجه عدم الإنصاف في ما يتعلق بسير الإجراء المتعلق بانتهاك حرمة المحكمة.

ادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14

4-18 تؤكد الدولة الطرف أن قواعدها المتعلقة بالاستئناف أمام المحكمة العليا لا تمنع الوصول الفعال إلى تلك المحكمة لالتماس مراجعة القرارات الصادرة عن محاكم الدرجات الأدنى. وتشير الدولة الطرف إلى قضاء المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان سابقا، التي رأت أنه يكفي أن ينحصر حق الاستئناف في المسائل القانونية (6) . كما تشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة كانت قد لاحظت في قضية سابقة، هي قضية بيريرا ضد أستراليا (7) ، أن الفقرة 5 من المادة 14 لا تطلب من محكمة الاستئناف الشروع في محاكمة جديدة فعلية، بل تقضي بأن على المحكمة تقييم الأدلة المقدمة في المحاكمة وتقييم سير المحاكمة. وفي تلك القضية، زعم صاحب البلاغ أن حقوقه المكفولة في الفقرة 5 من المادة 14 قد انتهكت، بما أن الاستئناف لا يُقبل إلا في ما يتعلق بمسائل قانونية ولا يسمح بإعادة عرض الوقائع.

4-19 وتجادل الدولة الطرف أن المحكمة العليا لأستراليا هي الهيئة الأنسب للبت في ما إذا كانت الأسباب المقدمة كافية لمنح إذن خاص للاستئناف، وأن اللجنة، إذا ما قيمت قرار المحكمة العليا من حيث جوهره، ستتجاوز صلاحياتها بموجب البروتوكول الاختياري. وتستشهد الدولة الطرف بقرار اللجنة في قضية ماروفيدو ضد السويد (8) .

4-20 ولا يمكن تقديم استئناف من محكمة وسيطة إلا بإذن خاص من المحكمة العليا. ويمكن عندها للطرفين المثول وتقديم عرض شفوي مدته 20 دقيقة لكل طرف، إضافة إلى رد مدته 5 دقائق لمقدم الطلب، مع احتمال التمديد حسبما تراه المحكمة العليا مناسبا. ويمكن للمحكمة العليا، لدى النظر في ما إذا كانت ستقبل طلب منح إذن خاص بالاستئناف، أن تستمع، وفقا للمادة 35 ألف من قانون القضاء، إلى أي مسائل تراها ذات صلة، على أن تراعي ما يلي:

"(أ) ما إذا كانت الإجراءات التي نُطق خلالها بالحكم الم رتبط بالطلب تنطوي على مسألة قانونية:

` 1 ` لها أهمية عامة، سواء بسبب تطبيقها بشكل عام أو غير ذلك؛ أو

` 2 ` تقتضي إصدار المحكمة العليا، بوصفها المحكمة الاستئنافية الأخيرة، قرارا لحسم اختلافات الآراء بين مختلف المحاكم، أو داخل نفس المحكمة، فيما يتعلق بحالة القانون؛

(ب) ما إذا كان تحقيق مصلحة إقامة العدل، سواء بشكل عام أو في قضية معينة، يقتضي نظر المحكمة العليا في الحكم المتصل بالطلب " .

4-21 إن شرط الحصول على إذن خاص بالاستئناف قد أُقر في عام 1984، لأسباب من بينها عبء حجم العمل الذي تنوء به المحكمة العليا، ولأن طلبات الاستئناف أمام المحكمة العليا والمتعلقة بالحقوق كثيرا ما تشمل مسائل وقائعية لا يُستحسَن إثقال كاهل أعلى هيئات الاستئناف بها.

4-22 وتعترض الدولة الطرف على مقبولية ادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14، لأنه لم يدعم ادعاءه ولأن هذا الادعاء لا يتوافق مع هذا الحكم من العهد. وتجادل بأن صاحب البلاغ قد تسنى لـه عرض قضيته على المحكمة العليا (9) ، باعتباره قد حصل على قرار المحكمة المفصل الذي طلب الاستئناف بشأنه؛ وحظي بمتسع من الوقت لإعداد استئنافه؛ وتمكن من الاتصال بمحام؛ وأتيح له حق إبداء ملاحظات أمام المحكمة، وقد مارس هذا الحق. وبخصوص المهلة الزمنية المحصورة في 20 دقيقة، تبين الدولة الطرف أن هذه المهلة تضاهي تلك المتاحة للأطراف في طلبات الاستئناف الموضوعية في سائر الهيئات القضائية، وأن محامي صاحب البلاغ كان بوسعه، في كل الأحوال، أن يطلب تمديد المهلة، لكنه لم يفعل، بل إنه لم يستنفد الدقائق العشرين المتاحة.

4-23 كما تلاحظ أن حصر طلبات الاستئناف في المسائل القانونية لا يثير أي مشكلة، بخلاف ما يدعيه صاحب البلاغ، أولاً لأنه لم يسعَ إلى إثارة أي مسائل تستوجب النظر في وقائع قضيته، وثانياً لأن طلب إذن خاص بالاستئناف أمام المحكمة العليا لا يقتصر حصراً على المسائل القانونية، رغم أن عدم التطرق في الاستئناف إلى أي مسائل قانونية يشكل عاملا من العوامل التي قد تحمل المحكمة العليا على رفض النظر في طلب ما.

4-24 وأخيرا، تؤكد الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ في ما يتعلق ببند الاتهام الثاني، ألا وهو عرقلة عملية إقامة العدل، ينبغي عدم قبوله لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، بما أن صاحب البلاغ لم يطلب إعادة النظر في ما خلصت إليه المحكمة العليا بشأن هذه التهمة.

ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 19

4-25 تقول الدولة الطرف إن القانون المتعلق بانتهاك حرمة المحكمة يكفل للأطراف في الدعاوى الحق في الخصوصية، كما أنه ضروري للحفاظ على النظام العام من خلال ضمان حسن إقامة العدل. ولذلك، فإن أي عرقلة لإقامة العدل أو أي عملية من شأنها إضعاف قدرة المحكمة على إقامة العدل هي انتهاك لحرمة المحكمة ومن ثم تعتبر غير قانونية. وتشير الدولة الطرف إلى ما يقترن بهذه الحقوق من واجبات والتزامات، وتستشهد بأحكام اللجنة في قضيتي بالانتين وآخرين ضد كندا ، و يونغ كيو زون ضد جمهورية كوريا (10) . وتشير كذلك إلى ممارسة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتصلة بمادة مماثلة في الفقرة 2 من المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية (11) .

4-26 وتشير الدولة الطرف إلى أن عملية إتاحة الوثائق هي جزء لا يتجزأ من حسن إقامة العدل، إذ تسمح بتبيّن الحق من الباطل في المنازعات القضائية. ورأت المحكمة العليا لأستراليا في سياق القانون المحلي أنه "بخصوص الوثائق التي يقدمها أحد الطرفين إلى الآخر في مسار إتاحة المعلومات في منازعة قضائية، يوجد تعهد ضمني من كل طرف، ينبع من طبيعة الكشف المتاح، بعدم استعمال أي مستند كُشِف محتواه لأغراض غير الأغراض المتصلة بالدعوى التي كُشف في إطارها".

4-27 وبخصوص ما أشار إليه صاحب البلاغ من تغيّر قواعد المحكمة العليا الإنكليزية بعد "قضية هارمن" في المملكة المتحدة، والتي تنص على أن "أي تعهد، صريحا كان أو ضمنيا، بعدم استعمال مستند ما لأي أغراض غير أغراض الدعوى التي كُشفت فيه يَسقط تطبيقه إذا تُلي ذلك المستند على المحكمة أو تلته المحكمة، أو أشير إليه في جلسة علنية، إلا إذا أمرت المحكمة بغير ذلك لأسباب خاصة" ، تبين الدولة الطرف أن المحكمة العالية لأستراليا الغربية لا تعتمد النظام نفسه؛ فترى المحكمة العليا لأستراليا أن "التعهد الضمني يخضع لشروط مفادها أن المستند متى قُدم كدليل في إجراءات قضائية، يصبح جزءاً من المجال العام، إلا إذا قيدت المحكمة نشره". وتقول الدولة الطرف إن المقصود بعبارة "قُدم كدليل" هو المستندات التي تُعتبر مقبولة وتُقبل كدليل.

4-28 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءاته، وأنه ينبغي عدم جواز النظر في القضية بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ولا يقدم صاحب البلاغ أي ادعاء محدد بخصوص انتهاك المادة 19، كما لا يفسر العلاقة بين إدانته بتهمة انتهاك حرمة المحكمة و منعه من ممارسة حقه في حرية التعبير، المكفول في المادة 19، أو أي أثر عليه بصفته صحفيا وكاتبا.

4-29 وإذا اعتبرت اللجنة هذا الادعاء مقبولا، تقول الدولة الطرف إنه ينبغي رفضه لعدم وجاهته، باعتبار أن قانون انتهاك حرمة المحكمة يشكل قيداً مسموحاً به على الحق في حرية التعبير لأنه يستوفي الشروط المنصوص عليها في المادة 19. ويهدف هذا القانون إلى ضمان أن ما ينجم عن عملية إتاحة الوثائق من تدخل في حقوق الفرد الخاصة، أي التعدي على خصوصيته، يقابله اشتراط استخدام المستندات لأغراض لا تخرج عن نطاق الدعوى التي أتيحت فيها. وحيثما يتم الحصول على مستندات نتيجة لعملية الإتاحة، يشكل الالتزام باستخدامها لأغراض الإجراءات الجارية فقط التزاما تجاه المحكمة لمصلحة الطرفين ومصلحة الناس عامة في الحفاظ على نظام قضائي عادل وفعال. ولدى تحديد ما إذا كان قانون انتهاك حرمة المحكمة لازما لحماية حسن تصريف العدالة وحماية حقوق الأفراد في الخصوصية، ينبغي إعطاء الثقل الواجب للالتزام بأن تقييد استخدام المستندات المقدمة كجزء من عملية الكشف ليس التزاماً مطلقاً، ويتوقف على (أ) سماح المحكمة بالاستخدام أو بالكشف المقترح، أو (ب) موافقة الشخص الذي قدم المعلومات على الاستخدام أو الكشف، أو (ج) قبول المعلومات كأدلة في جلسة علنية. ولا تقرر المحكمة بسهولة إدانة شخص بانتهاك حرمتها، بل يقتضي الأمر إقامة توازن مناسب بين حق حرية التعبير الواسع وحالات الاستثناء منه الضيقة.

4-30 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ كان على علم بأن المستندات قُدمت في إطار عملية الكشف في المنازعة بين النقابة وشركة هامرسلي، وكان مسؤولا عن استخدام خمسة منها لأغراض غير أغراض الدعوى، وهو ما ينطوي على خرق التعهد الضمني بعدم الكشف عن محتواها. وأكد صاحب البلاغ، في سياق دفاعه، أن المستندات قد تليت في جلسة علنية واندرجت في نطاق الاستثناء من قانون انتهاك حرمة المحكمة باعتبارها قد قُدمت كأدلة. لكن السبب الوحيد الذي دعا إلى الاستشهاد بهذه المستندات في المحكمة يكمن في أن صاحب البلاغ وممثلي النقابة قد طلبوا إذنا بتقديم مستندات حصلوا عليها في إطار عملية الكشف. غير أن هذا الطلب قد رُفض ولم تُقدم المستندات كأدلة. زد على ذلك أن هذه المستندات، عندما أشير إليها في جلسة علنية لأغراض البت في الطلب الإجرائي، لم تُقرأ بصوت عال وتم ذلك في حضرة الأطراف المتنازعة وحدها. ولذلك، لم تؤثر الإشارة إلى تلك المستندات على سريان التعهد الضمني.

4-31 وتحيط الدولة الطرف علما بما يدعيه صاحب البلاغ من أن حرية الاتصال السياسي المكفولة في الدستور الأسترالي تعلو على التعهد الضمني بعدم استخدام المستندات المكتشفة لأغراض غير أغراض الدعوى التي كُشفت فيها. وتجادل الدولة الطرف أن حالات الاستثناء المشار إليها أعلاه مبرَّرة أيضا في ضوء حرية الاتصال السياسي.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يقول صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 28 كانون الأول/ديسمبر 2000، بخصوص ما يدعيه من إن أحد القضاة كان متحيزاً ضده، وأنه لم يكن على علم، لدى مثوله أمام المحكمة العليا، بأن ذلك القاضي كان عضواً سابقاً في مكتب المحاماة الذي يمثل خصمه في الدعوى المتعلقة بانتهاك حرمة المحكمة، ولا أنه قد عُين لتحرير الحكم الأساسي، ولم يكن بوسعه، بالتالي، أن يثير مسألة التحيز. ويضيف أن المحكمة المكتملة لا تراجع قرار محكمة مكتملة أخرى، ولذلك، ما كان يستطيع رفع هذه الدعوى أمام المحكمة العليا المكتملة لأستراليا الغربية. وبما أنه لم يثر مسألة التحيز في المرحلة الابتدائية، فلم يكن أمامه سبيل آخر للاستئناف، كما لا يمكن إثارة المسألة في طلب الحصول على إذن خاص بالاستئناف.

5-2 ويجادل صاحب البلاغ بأن القاضي المدعَى تحيزه ما زال على علاقة بمكتبه السابق من خلال شركة استثمار يملكها شركاء المكتب.

5-3 ويعترض صاحب البلاغ، بخصوص ما يدعيه من أن القاضي كان متحيزا، على ما ذكرته الدولة الطرف بأنه قد استفاد من درجة إثبات أعلى، إذ لم يُقدَّم إلى المحكمة العليا، شفويا، أي دليل، كما لم تجر أي مواجهة للطرفين. ويعيد تأكيد أن مكتب فريهيل للمحاماة قد تصرف، في دعوى انتهاك حرمة المحكمة المرفوعة ضده، كمدّع بلا حيدة. وفي وقت تقديمه للبلاغ، قُدم طلب إلى المحكمة العليا في الدعوى الرئيسية (التي اتهم فيها بانتهاك حرمة المحكمة) كي ترفض الدعوى التي رفعها المدعي باعتبارها إساءة استعمال إجراء قضائي، لأسباب من بينها الشواهد على أن أعضاء فريهيل تصرفوا كمستشارين لأغراض سياسية وصناعية.

5-4 ويجادل صاحب البلاغ، بخصوص استنفاد سبل الانتصاف المحلية بشأن ما يدعيه بأن الادعاء كان متحيزا، بأن مسألة نزاهة الادعاء لم تتضح إلا عند صدور حكم المحكمة العليا، وأن اعتبار المحاكمة غير عادلة شكل جزءا ضمنيا من طلب الحصول على إذن خاص بالاستئناف. ويزعم صاحب البلاغ، بخصوص ما تدعيه الدولة الطرف من أن الضمانات الدنيا المكفولة في الفقرة 3 من المادة 14 لا تلزم الطرف المقابل بالتصرف بحيدة أو بتقديم أدلة البراءة، أن من واجب المدعي أن يقدم أدلة وقائعية ومبرئة، وأنه لا يمكن التيقن من احترام هذا الحق ما دام محامي خصمه قد تصرف كمدّع.

5-5 وبخصوص الإدعاء بانتهاك الفقرة 5 من المادة 14، يقول صاحب البلاغ إن الإدانة بتهمة انتهاك حرمة المحكمة هي الوحيدة في أستراليا التي لا يمكن إعادة النظر فيها من خلال استئناف في درجة أدنى بحيث يتسنى كشف الوقائع والمسائل القانونية قبل تقديم طلب إلى المحكمة العليا للحصول على إذن خاص بالاستئناف. ويجادل صاحب البلاغ بأن المحكمة العليا لم تقم بفحص الأدلة المقدمة في المحاكمة؛ بل اكتفت بالنظر في المتطلبات الدنيا للحصول على الإذن الخاص.

5-6 وبخصوص ما تزعمه الدولة الطرف من أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية في ما يتعلق بالإدانة على انتهاك الحرمة بالتدخل في إقامة العدل، يشير صاحب البلاغ إلى مشروع أسس لاستئنافه المعدّل، الذي تتصل فيه الأسباب 4 و6 و7 بانتهاك التدخل في شؤون العدالة، وإلى الموجز المعدل لطلب الاستئناف، الذي يشير هو الآخر إلى الانتهاك ذاته. ويذكّر صاحب البلاغ بأن دفاعه قد أبدى ملاحظات شفوية إضافية بشأن استئناف القرار المتعلق بذلك الانتهاك. ولم تنظر المحكمة العليا في هذا الجزء من الاستئناف.

5-7 ويقول صاحب البلاغ إن القانون المتعلق بانتهاك حرمة المحكمة هو قانون قوي لأنه يخول الطرف في دعوى مدنية سلطة الدولة ومصلحتها، وأنه قد أسيء تطبيقه في قضيته، بغية تقييد حقه في حرية التعبير. وتعتبر الأفعال التي أدين بسببها أفعالا مشروعة في سائر ولايات أستراليا في ما يتصل بالمسائل التي تدخل في اختصاص المحكمة الاتحادية الأسترالية، وعندما تثار مسألة قضائية في أستراليا لا يتناولها القانون ولا توجد سابقة بشأنها، تسترشد المحكمة بقانون المملكة المتحدة وسوابقها. ولم تتطرق المحكمة العليا لأستراليا الغربية في قواعدها بالمرة إلى مسألة المستندات المكتشفة. وعلاوة على ذلك، وإذا لم يقدم الدفاع أي بلاغ تقوم المحكمة، وهو ما درجت عليه، بالاطلاع على هذا القانون وتلك السوابق كيما تهتدي إلى قرار عادل. ولذلك، يطعن صاحب البلاغ في ما زعمته الدولة الطرف من أن القانون الذي سبق قضية هارمن هو القانون الواجب تطبيقه، لأن قواعد المحكمة العليا لأستراليا الغربية لا تشبه قواعد المملكة المتحدة. ولا تتضمن قواعد المملكة المتحدة ولا قواعد المحكمة العليا لأستراليا الغربية أي إشارة إلى أنه ينبغي تقديم المستندات كأدلة كي يسقط التعهد بعدم الكشف عن محتوى الأدلة.

5-8 ويزعم صاحب البلاغ أن شركة هامرسلي اتخذت، في شهر شباط/فبراير 1998، إجراءات إضافية ضده بتهمة انتهاك حرمة المحكمة. وبدأت المحاكمة في حزيران/يونيه 2000، لكنها أُرجئت قبل الفصل في الموضوع، على أن تُستأنف في شهر شباط/فبراير أو آذار/مارس 2001. وقد أُجبر صاحب البلاغ، بسبب هذه الإجراءات واحتمال صدور حكم بالسجن في حقه، على السكوت عن قضايا تتعلق بالصالح العام.

5-9 ويجادل صاحب البلاغ، ردا على قول الدولة الطرف إنه كان باستطاعته أن يطلب من المحكمة السماح له باستخدام المستندات، أن هذه المسألة قد أثيرت خلال الجلسة المتعلقة بانتهاك الحرمة. ويمضي قائلا إنه لو قدم ذلك الطلب وقبلته المحكمة، لطعن المدعي في القرار ولما تسنى لـه الحصول على المستندات في غضون عام أو عامين. ويرى صاحب البلاغ أن ذلك لا يتوافق مع ما فهمه كصحفي من أن المستندات قُدمت في جلسة علنية دون اعتراض، وقد استشهَد بها حرفيا من محاضر الجلسات.

5-10 وأخيراً، يشير صاحب البلاغ إلى الدعوى التي رفعها هارمن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد المملكة المتحدة بشأن المسألة المذكورة أعلاه في إطار القانون المتعلق بانتهاك حرمة المحكمة، وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تنظر في الدعوى عندما وافقت المملكة المتحدة على تغيير القانون من خلال إجراء تسوية ودية. ونتيجة لذلك، تغيرت قواعد المحكمة الاتحادية لأستراليا.

تعليقات الدولة الطرف

6-1 ردت الدولة الطرف مجدداً، بمذكرة شفوية مؤرخة 15 أيار/مايو 2001، على تعليقات صاحب البلاغ، وسحبت ملاحظتها المتعلقة بعدم استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية في ما يتصل بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

6-2 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بأنه لم يكن يعلم بهوية قضاة المحكمة العليا، تقول إنه كان بوسعه، لحظة دخول قاعة الجلسات ورؤية القاضي المدعَى تحيزه، أن يطلب انسحابه من القضية. غير أنه لم يثر مسألة التحيز حتى قدّم بلاغه إلى اللجنة. وفي هذا الصدد، تبين الدولة الطرف أيضا أن رؤساء المحكمة يتفقون على تعيين قاض يتولى صياغة الحكم، وأنه ليس ثمة ما يحمل على الاعتقاد أن القاضيين الآخرين لم ينظرا في الأسس الموضوعية للقضية ولم يبنيا حكمهما وفقا لذلك.

6-3 وبخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ من أن المحكمة المكتملة لا تراجع قرار محكمة مكتملة أخرى، تقول الدولة الطرف إن الهيئة المكتملة التابعة للمحكمة العليا لأستراليا الغربية، باعتبارها محكمة تدوينية أعلى، لها اختصاص طبيعي بتنحية أي أمر أو حكم يتضمن عدم احترام شرط أساسي من شروط العدل الطبيعي.

6-4 وبخصوص ما أشار إليه صاحب البلاغ من أن القاضي آندرسن كان طرفا في شركة استثمار أنشأها مكتب فريهيل، تجادل الدولة الطرف بأنه ليس ثمة دليل يثبت أو حجة تبين وجود علاقة قائمة مع القاضي من شأنها أن تثير شكوكا بخصوص التحيز.

6-5 وبخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ ضمنا بأنه لا يمكن استحداث الشهود أو استدعاء شهود الدفاع لأن الأدلة في محاكمة انتهاك الحرمة جاءت في شكل إفادة كتابية مشفوعة بيمين، ترى الدولة الطرف أن الوقائع، في قضايا انتهاك حرمة المحكمة، عـادة ما تُعرض على المحكمة في شكل إفادة خطية مشفوعة بيمين، لكن يجوز لأي من الطرفين أن يطلب من المحكمة أن تأمر بحضور الشخص الذي وقّع الإفادة لمواجهة الطرف الآخر. وإذا سُمح بالمواجهة، فلن ينحصر نطاقها في محتوى الإفادة، بل قد يشمل مصداقية أي مسألة ذات صلة بالتحقيق.

6-6 وتكرر الدولة الطرف ما بينته من أن الفقرة 5 من المادة 14 لا تستوجب إعادة النظر في الوقائع وأنه كان باستطاعة صاحب البلاغ أن يبدي ملاحظات شفوية وخطية بشأن الطلب الذي قدمه من أجل الحصول على إذن خاص.

تعليقات صاحب البلاغ الإضافية

7-1 في رسالتين إضافيتين مؤرختين 17 تموز/يوليه و30 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، يدلي صاحب البلاغ بتعليقات إضافية على ملاحظات الدولة الطرف.

7-2 ويشير صاحب البلاغ، بخصوص ادعائه المتصل بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد، إلى المادة 35 من قانون القضاء، التي تقيد الاستئناف أمام المحكمة العليا في أستراليا في الفقرة الفرعية (2) على النحو التالي: " لا يمكن استئناف حكم من الأحكام المشار إليها في الفقرة الفرعية (1)، سواء كان نهائيا أو تمهيديا، إلا بإصدار المحكمة إذناً خاصاً بالاستئناف" . وتبين شروط منح الإذن الخاص الواردة في المادة 35 - ألف (انظر الفقرة 4-20 أعلاه) أن الإذن الخاص بالاستئناف لا يشكل استئنافاً بالمعنى الوارد في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى محضر قضية عُرضت على المحكمة العليا لأستراليا، يبين فيه أحد القضاة أن المحكمة العليا ليست محكمة استئناف عامة، وأن القضاة لا يجتمعون للنظر في أي قضية، وأن المحكمة لا تنظر إلا في نحو 70 قضية كل سنة، وأن هذه القضايا تشمل أهم القضايا التي تمس الأمة.

7-3 ويزعم صاحب البلاغ، بخصوص ادعائه المتصل بالمادة 19، أن إدانته بانتهاك حرمة المحكمة تسببت في تقييد حقه في حرية التعبير بحيث لن يتمكن بعد ذلك من الكتابة عن الجلسات العامة والإشارة إلى مستندات تندرج في المجال العام خشية اتهامه مجددا بانتهاك حرمة المحكمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في البلاغات، أن تبت، طبقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، في مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتحققت اللجنة، لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست موضع نظر هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وبخصوص ما يُزعم من إخلال بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد، باعتبار أن صاحب البلاغ لم يمثل أمام محكمة محايدة لأن أحد قضاة المحكمة العليا قد سبق لـه، كشريك لمكتب محاماة، أن ترافع مطولا في دعوى تشهير ضد صاحب البلاغ، وأنه كان شريكا لمكتب المحاماة الذي رفع دعوى على صاحب البلاغ بتهمة انتهاك حرمة المحكمة، وأن المدعي ليس ملزما بالتصرف بحيدة أو بتقديم أدلة لإثبات البراءة، تلاحظ اللجنة أن الدفاع لم يثر هذه المسائل لا أمام المحكمة العليا المكتملة لأستراليا الغربية ولا في طلب الإذن الخاص بالاستئناف المقدم إلى المحكمة العليا. وفي ما يتعلق بما يدعيه صاحب البلاغ من أن المحكمة العليا المكتملة لا تعيد النظر في قرارات هيئة مكتملة أخرى، وأنه لا يمكن إثارة مسألة الحيدة في طلب الإذن الخاص، لاحظت اللجنة أن الدولة الطرف أفادت عكس ذلك، وأن صاحب البلاغ لم يقدم دليلا لدعم ما يزعمه من أن سبل الانتصاف هذه لم تُتح لـه. وتلاحظ اللجنة بوجه خاص أنه يجوز للمحكمة العليا لأستراليا، وفقا للشروط الواردة في المادة 35 ألف من قانون القضاء، والتي استشهد بها الطرفان، أن تراعي، عند النظر في طلب حصول على إذن خاص للاستئناف، أي مسألة تراها ذات صلة. ولم يُثبت صاحب البلاغ أنه لا يمكن إثارة مسألة الحيدة في طلب إذن خاص بالاستئناف. وعليه، ترى اللجنة في هذا الصدد أن سبل الانتصاف لم تستنفد، وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-4 وبخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ، بموجب الفقرة 5 من المادة 14، بأنه لم يكن باستطاعته أن يطلب إعادة النظر بالكامل في إدانته والحكم الصادر في حقه لأن طلب الإذن الخاص للاستئناف من المحكمة العليا لا يتيح إلا إعادة نظر محدودة، ترى اللجنة أنه، في الواقع، لم يثر صاحب البلاغ في طلب الإذن الخاص إلا بعض المسائل القانونية المحددة ولم يطلب إعادة النظر بالكامل في قرار الإدانة الصادر عن المحكمة العليا لأستراليا الغربية. ولذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم، لأغراض المقبولية، ادعاءه أن إعادة النظر المحدودة في قرار إدانته والحكم الصادر في حقه في إطار طلبه إذناً خاصاً بالاستئناف قد شكل، في ظروف قضيته، انتهاكاً لحقه المكفول في الفقرة 5 من المادة 14. وعليه، يُعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول.

8-5 وبخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ بموجب المادة 19 من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الحجج كي يُثبت، لأغراض المقبولية، أن إدانته وفرض غرامة عليه بسبب نشره وثائق سبق أن أشير إليها في جلسة علنية هو أمر قد يثير بعض المسائل في إطار هذه المادة.

8-6 وبناء عليه، تقرر اللجنة أن البلاغ مقبول طالما بما أنه يثير مسائل تندرج في إطار المادة 19 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 وفقا للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

9-2 وبخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من أنه قد أدين وحُكم عليه بغرامة بسبب نشره مستندات أشير إليها في جلسة علنية، تذكِّر اللجنة بأن الفقرة 2 من المادة 19 تكفل الحق في حرية التعبير وتشمل " حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى ". وترى اللجنة أن صاحب البلاغ، بقيامه بنشر المستندات التي أشير إليها في جلسة علنية، من خلال وسيلة مختلفة، كان يمارس حقه في نقل المعلومات بالمعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 19.

9-3 وتلاحظ اللجنة أن أي تقييد لحرية التعبير، عملا بالفقرة 3 من المادة 19، ينبغي أن يستوفي الشروط التالية كاملة: إذ يجب أن يكون محددا بنص القانون وأن يحقق أحد الأهداف المنصوص عليها في الفقرتين الفرعيتين 3(أ) و(ب) من المادة 19، وأن يستهدف بالضرورة تحقيق غاية مشروعة.

9-4 وتلاحظ اللجنة أن دعوى انتهاك حرمة المحكمة هي دعوى قانونية تقيد حرية التعبير كي تكفل حق السرية لطرف في منازعة قضائية أو حفاظا على كرامة المحكمة أو النظام العام. وفي هذه القضية، ورغم صدور أمر بإتاحة المستندات الخمسة بناء على طلب صاحب البلاغ والنقابة، لم يُسمح بتقديمها كأدلة ولم تصبح، بالتالي، جزءاً من محضر القضية المنشور. ويُمكن الإشارة إلى أن هذه المستندات الخمسة لم تقرأ بصوت عال في المحكمة وأن محتواها لم يُكشف لأحد بخلاف الطرفين المتنازعين ومحامييهما. ومن الواضح في ظل هذه الظروف أن نشر هذه المستندات الخمس كان مقيدا، بما أن المحكمة رفضت تقديمها كأدلة، كما لم تُدرج في محضر القضية العام. وقانون انتهاك حرمة المحكمة هو الذي نص على هذا التقييد، وهو لازم لتحقيق هدف حماية حقوق الغير، أي شركة هامرسلي، أو حماية النظام العام. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن إدانة صاحب البلاغ بتهمة انتهاك حرمة المحكمة كانت تقييداً جائزاً لحقه في حرية التعبير، وفقا للفقرة 3 من المادة 19، كما تخلص إلى عدم حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

10- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقا للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك بأي مادة من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى أستراليا لدى انضمامها إليه في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

(2) انظر البلاغ رقم 387/1989، قضية كارتونن ضد فنلندا ، آراء معتمدة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، وقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية رقم 8692/79، بيرساك ضد بلجيكا ، قرار معتمد في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1982، والقضية رقم 9186/80، دي كوبر ضد بلجيكا ، قرار معتمد في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1984، والقضية رقم 10486/83، هاوشيلدت ضد الدانمرك ، قرار معتمد في 24 أيار/مايو 1989.

(3) انظر البلاغ رقم 593/1994، هولندا ضد آيرلندا، آراء معتمدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1996، الفقرة 9-3، والبلاغ رقم 661/1995، تريبوليه ضد فرنسا، قرار معتمد في 29 تموز/يوليه 1997، الفقرة 6-2.

(4) انظر قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضيتين رقم 6878/75 ورقم 7238/75، لوكونت وفانلوفن ودي ميير ضد بلجيكا ، قرار معتمد في 23 حزيران/يونيه 1981، الفقرة 58.

(5) انظر البلاغ رقم 158/1983، قرار معتمد في 26 تشرين الأول/نيسان 1984، الفقرة 5-5.

(6) انظر قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية رقم 00019715/92، ن. و. ضد لكسمبرغ ، قرار معتمد في 8 كانون الأول/ديسمبر 1992.

(7) انظر البلاغ رقم 536/1993، آراء معتمدة في 28 آذار/مارس 1995.

(8) انظر البلاغ رقم 58/1979، آراء معتمدة في 8 نيسان/أبريل 1981، الفقرة 10-1.

(9) انظر البلاغ رقم 230/1987، هنري ضد جامايكا ، آراء معتمدة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1991.

(10) انظر البلاغين رقم 359/1989 و385/1989، آراء معتمدة في 31 آذار/مارس 1993، الفقرة 11-4، والبلاغ رقم 518/1992، قرار معتمد في 18 آذار/مارس 1994، الفقرة 10-4.

(11) انظر قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية رقم 6538/74، ذي ساندي تايمز ضد المملكة المتحدة ، قرار معتمد في 26 نيسان/أبريل 1979، الفقرة 47.

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري - يريغويِن (مخالف)

لي في هذا البلاغ آراء مخالفة يرد شرحها أدناه:

8-4 بخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد بأنه لم يكن باستطاعته أن يطلب إعادة النظر في قرار إدانته والحكم الصادر في حقه لأن المحكمة العليا لم تمنحه إذنا خاصا بالاستئناف، ولأن طلب إذن خاص بالاستئناف لا يعد استئنافا كاملا، تلاحظ اللجنة أولا أن الدولة الطرف لا تحاج بأن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف المحلية أو أن سبل الانتصاف المتعلقة بهذا الادعاء قد استنفدت. كما تلاحظ أن صاحب البلاغ قد دعم كما ينبغي طلبه المتعلق بالحصول على إذن خاص للاستئناف وعلى مراجعة كاملة لقرار الإدانة الصادر في حقه. وعليه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم بما يكفي، لأغراض المقبولية، ادعاءه بأن مراجعة قرار إدانته والحكم الصادر في حقه ومراجعة محدودة في سياق الإجراء المتعلق بطلب إذن خاص بالاستئناف قد تثير مسائل تتعلق بالفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وعليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ مقبول.

النظر في الأسس الموضوعية للمسألة (انتهاك الفقرة 5 من المادة 14)

بخصوص ما يدعيه صاحب البلاغ في إطار الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، تحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف ومفادها أن اللجنة إذا قيّمت صحة قرار المحكمة العليا من حيث الجوهر، فإنها تكون قد تجاوزت صلاحياتها بموجب البروتوكول الاختياري. غير أن من واجب اللجنة أن تتحقق إن كان صاحب البلاغ قد استفاد، في إطار الإجراء المتعلق بطلب إذن خاص بالاستئناف من المحكمة العليا، من إمكانية مراجعة قرار إدانته وعقوبته وفقا للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

9-3 وتلاحظ اللجنة أنه يجوز للمحكمة العليا، وفقا للمادة 35 ألف من قانون القضاء، أن تستمع إلى أي أمور تراها وجيهة لأسباب تتعلق بمسائل قانونية أو تكون ذات أهمية عامة أو تثير اختلافات في الرأي بين المحاكم بشأن حالة القانون، أو إذا تعلق الأمر بتحديد ما إذا كانت إقامة العدل تستوجب أن تنظر المحكمة العليا في الحكم الذي يتصل بالطلب. وأشارت الدولة الطرف أيضا إلى فقه اللجنة الأوروبية السابقة لحقوق الإنسان، التي اعتبرت أنه يكفي حصر حق الاستئناف في مسائل القانون، وتؤكد أنه رغم أن الإذن بالاستئناف أمام المحكمة العليا لا يقتصر على مسائل القانون، فإن عدم إثارة تلك المسائل في الاستئناف قد يؤدي إلى رفض الاستئناف. كما تشير الدولة الطرف إلى أن شرط الحصول على إذن خاص بالاستئناف قد أقر في عام 1984، نظرا لحجم العمل الذي تواجهه المحكمة العليا، ولأن طلبات الاستئناف كثيراً ما تشمل مسائل وقائعية لا يحسن إثقال كاهل أعلى هيئات الاستئناف بها.

وتُذكِّر اللجنة بأحكامها في قضيتي لوملي ضد جامايكا وروجرسن ضد أستراليا ، حيث اعتبرت أنه، لئن نصت الفقرة 5 من المادة 14 على حق كل شخص أدين في اللجوء إلى محكمة أعلى كي تعيد النظر في قرار إدانته أو في العقوبة الصادرة بحقه، يمكن لنظام قانوني لا يتيح حق الاستئناف بصورة تلقائية أن يظـل متمشياً مع الفقرة 5 من المادة 14، طالما شمل النظر في طلب الحصول على إذن بالاستئناف إعادة نظر كاملة، أي على أساس الأدلة والقانون وعلى أساس قرار الإدانة والعقوبة على السواء، وطالما سمح الإجراء بالنظر في طبيعة القضية على النحو الواجب. وهكذا، فإن المسألة المعروضة على اللجنة في القضية موضع النظر تكمن في تحديد ما إذا كان إجراء الإذن الخاص بالاستئناف أمام المحكمة العليا لأستراليا يسمح بإعادة النظر في قرار الإدانة والعقوبة مراجعة كاملة على هذا النحو.

9-4 وتُراعَى في هذا التقييم الشروط الواردة في المادة 35 ألف من قانون القضاء، التي يستشهد بها الطرفان وورد ذكرها في الفقرة السابقة. ويشير محضر جلسة صاحب البلاغ إلى أن جلسة الإذن الخاص بالاستئناف لا تُعد إعادة نظر في الأسس الموضوعية لقضية معينة، وأن المحكمة العليا لأستراليا لم تقيّم الأدلة المقدمة في المحاكمة وفي تطور القضية.

9-5 وحددت المحكمة العليا نفسها حدود اختصاصها، وذلك مثلا في قرارها الذي قدمه صاحب البلاغ، والذي يقول فيه أحد القضاة إن " المحكمة العليا ليست محكمة استئناف عامة، وإن القضاة لا يجتمعون للنظر في أي قضية، وإن المحكمة لا تنظر إلا في نحو 70 قضية كل سنة، وإن هذه القضايا تشمل أهم القضايا التي تمس الدولة ". وعلاوة على ذلك، تبين أسباب رفض المحكمة العليا لطلب الإذن الخاص بالاستئناف، الذي دعمه صاحب البلاغ بالأدلة على النحو الواجب، أن المحكمة اكتفت بالنظر في ما إذا كان ثمة أسباب كافية للشك في صحة قرار المحكمة العالية المكتملة، وما إذا كانت القضية تشكل وسيلة مناسبة للبت في مسألة مبدأ أراد الادعاء إثارتها، إذ يبدو من المستبعد أن يستوجب قرار الاستئناف البت في تلك المسألة. وتجد اللجنة أن أسباب الرفض هذه لا تعكس إعادة نظر كاملة في الأدلة والقانون، ولا فحصا سليما لطبيعة قضية صاحب البلاغ، من زاوية الفقرة 5 من المادة 14، التي تكفل الحق غير المقيد في اللجوء إلى محكمة أعلى كي تعيد النظر في قرار الإدانة وفي الحكم الصادر.

(توقيع): هيبوليتو سولاري - يريغوين

29 آذار/مارس 2004

[اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي، ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

عين - البلاغ رقم 926/2000، شن ضد جمهورية كوريا (الآراء التي اعتمدت في 16 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من: هاك – تشول شن (يمثله محام هو السيد يونغ – وهان تشو)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية كوريا

تاريخ تقديم البلاغ: 25 نيسان/أبريل 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 آذار/مارس 2004،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 926/2000، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد هاك – تشول شن بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو هاك – تشول شن، مواطن من جمهورية كوريا، ولد في 12 كانـون الأول/ديسمبر 1943. ويدَّعي أنه ضحية لانتهاك جمهورية كوريا للفقرة 2 من المادة 19 من العهد. ويمثله محام.

1-2 وفي 8 أيار/مايو 2000 طلبت اللجنة ممثلة في مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، إلى الدولة الطرف ألا تتلف اللوحة التي أدين مقدم البلاغ بسبب إنتاجها أثناء نظر القضية من جانب اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 فيما بين تموز/يوليه 1986 و10 آب/أغسطس 1987، قام صاحب البلاغ، وهو فنان محترف، برسم لوحة زيتية على قماش حجمها 130 سم x 160 سم وسماها "زراعة الأرز (مونايكي)" وصفتها المحكمة العليا فيما بعد بالأوصاف التالية:

"تصور اللوحة في مجملها شبه الجزيرة الكورية من حيث إن الجزء العلـوي الأيمن منها يصور بايك – دو-سان، بينما يصور نصفها الأسفل البحر الجنوبي بأمواجه. واللوحة مقسمة إلى جزأين أعلى وأسفل، ويصور كل جزء منظراً مختلفاً. فالجزء الأسفل من اللوحة يصور فلاحاً يحرث حقلاً لزراعة الأرز ويستخدم ثوراً يدوس بحوافره على (إي تي) [شخصية سينمائية قادمة من خارج كوكب الأرض]، رامزاً بذلك إلى قوة أجنبية من قبيل ما يسمى الإمبريالية الأمريكية واليابانية، ورامبو، والتبغ المستورد، والكوكـاكـولا، وال‍‍ Mad Hunter، والساموراي الياباني، وفتيات يابانيات يغنين ويرقصن، ورئيس [الولايات المتحدة] وقتذاك رونالد ريغان، ورئيس الوزراء الياباني وقتذاك ناكاسوني، ورئيس [جمهورية كوريا] وقتذاك دووهوان تشن الذي يرمز إلى قوة عسكرية فاشستية، ودبابات وأسلحة نووية ترمز إلى القوات المسلحة للولايات المتحدة، وكذلك رجال يرمزون إلى طبقة ملاك الأراضي، وطبقة اللكمبرادور الرأسمالية. وبينما يحرث الفلاح الحقل، فإنه يكنس هذه الشخصيات ملقياً بها في البحر الجنوبي ويقتلع لفات الأسلاك الشائكة عند خط العرض 38. ويصور الجزء الأعلى من اللوحة شجرة خوخ في غابه كثيفة الأشجار وعلى الجانب الأسير العلوي من شجرة الخوخ حطت حمامتان في عش بحنان. وفي الجانب الأيمن السفلي من الغابة رسم جبل باك – دو-سان الذي اشتهر باسم الجبل المقدس للتمرد [ويقع في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية]، وفي الجانب الأيسر السفلي منه تبدو الأزهار وقد أينعت ويبدو كوخ مسقوف بالقش وبحيرة. وأسفل الكوخ مباشرة يظهر فلاحون يقيمون احتفالاً بالحبوب بعد تمام نضجها وبالسنة المثمرة وهو إما يجلسون حول مائدة أو يرقصون، ويتقافز الأطفال من حولهم يحملون ناموسية."

وصرّح صاحب البلاغ بأنه ما إن انتهى من اللوحة حتى وزعت بشتى الأشكال وحظيت بدعاية واسعة.

2-2 وفي 17 آب/أغسطس 1989، ألقي القبض على صاحب البلاغ بناء على أمر اعتقال صادر عن قيادة الأمن التابعة لوكالة الشرطة الوطنية. وصودرت اللوحة، وادُعي بأنها تعرضت للتلف من جراء التعامل معها بإهمال من قبل مكتب المدعي العام. وفي 29 أيلول/سبتمبر 1989، اتهم بانتهاك المادة 7 من قانون الأمن القومي، بزعم أن اللوحة تشكل "تعبيراً يفيد منه العدو" (1) . وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، برأ قاضٍ في دائرة ابتدائية من محكمة منطقة سول القضائية الجنائية صاحب البلاغ. وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر، رفض ثلاثة قضاة من الدائرة الخامسة في محكمة منطقة سول القضائية الجنائية الاستئناف المقدم من المدعي العام ضد حكم البراءة، معتبرين أن المادة 7 من قانون الأمن القومي لا تنطبق إلا على الأفعال التي "تتسم بخطورة واضحة بحيث تكفي لتهديد الوجود القومي/الأمن القومي أو تعرض النظام الأساسي الديمقراطي الحر للخطر". ولكن في 13 آذار/مارس 1998، قبلت المحكمة العليا استئنافاً آخر من المدعي العام، معتبرة أن المحكمة الأدنى أخطأت في النتيجة التي توصلت إليها من أن اللوحة "لا تشكل تعبيراً يفيد منه العدو" على عكس المادة 7 من قانون الأمن القومي. ورأت المحكمة أن المادة تُنتهك "عندما يهدد التعبير قيد البحث بصورة فعالة وعدوانية الأمن والبلد أو النظام الحر الديمقراطي". وردت القضية حينئذ لإجراء محاكمة جديدة أمام ثلاثة قضاة من محكمة منطقة سول القضائية الجنائية.

2-3 وأثناء المحاكمة الجديدة التمس صاحب البلاغ من المحكمة أن تحيل إلى المحكمة الدستورية مسألة دستورية الزعم بتوسع المحكمة العليا في تفسير المادة 7 من قانون الأمن القومي في ضوء تأكيد المحكمة الدستورية السابق على دستورية ما قيل بأنه تفسير أضيق لهذه المادة. وفي 29 نيسان/أبريل 1999 رفضت المحكمة الدستورية طلباً دستورياً من طرف ثالث يطرح مسألة مطابقة على أساس أنها ما دامت قد وجدت النص قيد البحث دستورياً من قبل فمن حق المحكمة العليا أن تحدد نطاق تطبيق النص. ونتيجة لذلك رفضت محكمة منطقة سول القضائية الجنائية طلب الإحالة الدستورية.

2-4 وفي 13 آب/أغسطس 1999، أدين صاحب البلاغ وحكم بوضعه تحت المراقبة، وأمرت المحكمة بمصادرة اللوحة. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، رفضت المحكمة العليا طلب استئناف الحكم الذي قدمه صاحب البلاغ، معتبرة بكل بساطة أن قرار المحكمة الأدنى [بإدانة صاحب البلاغ] له ما يبرره لأنه جاء بعد حكم المحكمة العليا الذي قلب قرار المحكمة الأدنى الأصلي من أساسه. ونتيجة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد صاحب البلاغ، أصبحت اللوحة من ثم معدة للإتلاف بعد مصادرتها من قبل.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الحكم الصادر ضده والتلف الذي لحق باللوحة من خلال سوء التعامل معها يعتبر انتهاكاً لحقه في حرية التعبير الذي تحميه الفقرة 2 من المادة 19 من العهد. وهو يدعي بادئ ذي بدء أن الصورة تعبر عن حلمه في توحيد بلده سلمياً وإشاعة الديمقراطية فيه انطلاقاً من خبرته بالحياة في الريف أثناء طفولته. وهو يذهب إلى أن رأي الادعاء، في تفسير الرسم على أنه تعبير عن معارضته للجنوب الفاسد ذي طابع عسكري والرغبة في إحداث تغيير هيكلي نحو الاتجاه لشمال سالم يعتمد على الزراعة تقليدياً، ومن ثم يحرض على اتباع "الشيوعية" في جمهورية كوريا، يتجاوز أي فهم منطقي.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن قانون الأمن القومي، الذي أدين بمقتضاه، يهدف بصورة مباشرة إلى إخماد "أصوات الناس". وهو يذكر بالمثل بملاحظات اللجنة الختامية عن التقريرين الدوريين الأول والثاني للدولة الطرف وفقاً للمادة 40 من العهد (2) ، وعن آرائها في البلاغات الفردية بموجب البروتوكول الاختياري (3) وكذلك توصيات المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان عن الحق في حرية الرأي والتعبير (4) .

3-3 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الإدعاء قدم أثناء المحاكمة "شاهداً خبيراً"، اعتبرت المحكمة العليا رأيه حجة، أيدت بموجبه التهم. وزعم هذا الخبير أن اللوحة مستوحاة من نظرية "الواقعية الاشتراكية". وفي رأيه أنها صورت "الصراع الطبقي" بقيادة الفلاحين الذي يسعون إلى قلب نظام جمهورية كوريا بسبب علاقتها بالولايات المتحدة واليابان. واعتبر الخبير أن الجبال التي ظهرت في الصورة تمثل "الثورة" التي تقودها جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وأن شكل المنزل المرسوم في الصورة يمثل المنازل في موطن زعيم جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية السابق كيم إيل سونغ. ومن ثم، فإن صاحب البلاغ، في رأي الخبير سعى إلى التحريض على قلب نظام جمهورية كوريا والاستعاضة عنه "بالحياة السعيدة" التي تُعاش وفقاً لعقيدة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.

3-4 وبينما اعتبرت المحكمة الأدنى الصورة، حسب أقوال مقدم البلاغ "ليست أكثر من وصف لحالة خيالية في تطلعاته للوحدة تمشياً مع فكرته الشخصية عن اليوتوبيا"، فإن المحكمة العليا تبنت رأي الخبير، دون أن تفسر رفضها لرأي المحكمة الأدنى وتقييمها لشهادة الخبير. ولدى إعادة المحاكمة، قدم نفس الخبير مرة أخرى شهادة، مدعياً أنه حتى ولو كانت الصورة لم ترسم في إطار "الواقعية الاشتراكية"، فإنها تصور السعادة في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، التي تسعد الأشخاص في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية عندما ينشرونها ومن ثم تدخل الصورة في نطاق قانون الأمن القومي. ولدى الاستجواب، اتضح أن الخبير جاسوس سابق لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، ومدرس رسم سابق ليست لديه أي خبرة مهنية أخرى في مجال الفن، استخدم من قبل معهد الأبحاث الاستراتيجية لمكافحة الشيوعية التابع لوكالة الشرطة الوطنية، ومهمته مساعدة تحقيقات الشرطة فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي.

3-5 وطبقاً لأقوال صاحب البلاغ، أشار محاميه أثناء إعادة المحاكمة إلى أن نسخة من الصورة عرضت في المعرض الوطني للفن الحديث في معرض شعاره "15 سنة من فن الشعب" وذلك أثناء المحاكمة الأصلية لمقدم البلاغ، وهو أسلوب فني علَّق عليه المعرض تعليقاً إيجابياً. وقدم المحامي أيضاً شهادة خبير وهو ناقد فني معروف على المستوى الدولي، رفض مزاعم خبير الادعاء. وبالإضافة إلى ذلك، زوّد المحامي المحكمة، في معرض الحث على التفسير المقيد للمادة 7 من قانون الأمن القومي، بالآراء السابقة للجنة وملاحظاتها الختامية، وكذلك توصيات المقرر الخاص. وكلها تنتقد قانون الأمن القومي ومع ذلك، انتهت المحكمة إلى أن إدانته "كانت ضرورية ومبررة بموجب قانون الأمن القومي".

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة فشلت في إثبات أن إدانته كانت ضرورية لأغراض الأمن القومي، بموجب الفقرة 2 من المادة 19، لتبرير انتهاك الحق في حرية التعبير. وقد طبقت المحكمة اختباراً غير موضوعي وعاطفي، بقولها إنها وجدت اللوحة "فعالة وعدوانية" بدلاً من المعيار الموضوعي الذي أوضحته من قبل المحكمة الدستورية. ودون إظهار أي صلة بين صاحب البلاغ وبين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية أو أي آثار للوحة على الأمن القومي، عبَّر قضاة المحكمة العليا ببساطة عن مشاعرهم الشخصية إزاء تأثير الصورة لدى رؤيتهم لها. وهذا المسلك يلقي بالفعل عبء الإثبات على المتهم لكي يثبت براءته من التهم.

3-7 ويسعى المتهم على سبيل الانتصاف إلى ` 1 ` الإعلان بأن الحكم بإدانته والتلف الذي لحق باللوحة عن طريق التعامل معها بإهمال يشكل انتهاكاً لحقه في حرية التعبير؛ ` 2 ` وإعادة اللوحة إلى الحال الذي كانت عليه فوراً دون قيد أو شرط؛ ` 3 ` ضمان من الدولة الطرف بألا تنتهك في المستقبل الحق في حرية التعبير سواء عن طريق إلغاء المادة 7 من قانون الأمن القومي أو تعليقها؛ ` 4 ` إعادة فتح قضية إدانته أمام محكمة مختصة؛ ` 5 ` دفع تعويض كاف؛ ` 6 ` نشر آراء اللجنة في الجريدة الرسمية وإحالتها إلى المحكمة العليا لتوزيعها على السلطات القضائية.

3-8 ويقرر مقدم البلاغ أن هذا الموضوع لم يطرح للتحقيق فيه بموجب أي إجراء دولي آخر للتحقيق أو للتسوية.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 ذكرت الدولة الطرف بناء على مذكرة شفوية قدمتها في 21 كانون الأول/ديسمبر 2001، أن البلاغ غير مقبول ويفتقر إلى الأسس الموضوعية. وفيما يتعلق بالمقبولية، رأت الدولة الطرف أن القضية غير مقبولة، نظراً لأن الإجراءات القضائية التي اتبعت في قضية صاحب البلاغ تتسق مع العهد.

4-2 فيما يتعلق بالأسس الموضوعية لقضية، تدّعي الدولة الطرف بأن الحق في حرية التعبير مكفول تماماً طالما كان أي تعبير عن الرأي لا يشكل خرقاً للقانون، وأن المادة 19 ذاتها من العهد تفرض بعض القيود على ممارستها. ونظراً لأن اللوحة صودرت بشكل قانوني، فلا أساس لأي من إعادة المحاكمة أو للتعويض. وعلاوة على ذلك، فإن إعادة المحاكمة غير منصوص عليها في القانون الوطني وأي تعديل للقانون لإتاحة إعادة المحاكمة غير ممكن. وأي ادعاءات بانتهاك الحق في حرية التعبير سينظر فيها بناء على الأسس الموضوعية لكل قضية على حدة. لذا فإن الدولة الطرف لا يمكنها أن تلزم نفسها بتعليق المادة 7 من قانون الأمن القومي أو إلغائها، على الرغم من أن تنقيح المادة قيد المناقشة.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 نظراً لأن الدولة الطرف لم تقدم أي مبررات موضوعية تستند إلى المادة 19 من العهد لتبرير إدانته، عقب المذكرتين المؤرختين 10 تشرين الأول/أكتوبر 2002 و23 أيار/مايو 2003، فقد أوضح صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 3 آب/أغسطس 2003 أنه لا يود تقديم تعليقات أخرى على حجج الدولة الطرف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يتعين عليها أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، إن كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين. وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلي، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدع استنفاد أي سبل للانتصاف المحلي أو إجراءات يمكن أن يتبعها صاحب البلاغ بعد ذلك. ونظراً لأن الدولة الطرف تطالب بعدم المقبولية على أساس الادعاء العام بأن الإجراءات القضائية كانت متسقة مع العهد، والمسائل التي يتعين النظر فيها في مرحلة فحص الأسس الموضوعية للبلاغ، فإن اللجنة ترى أنه من المناسب أكثر أن تنظر في حجج الدولة الطرف في هذا الصدد في هذه المرحلة.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي توافرت لها من الأطراف، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5، من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة أن اللوحة التي رسمها مقدم البلاغ تدخل بصورة واضحة في نطاق الحق في حرية التعبير التي تحميها الفقرة 2 من المادة 19؛ وتذكر اللجنة بأن المادة تشير بصفة خاصة، إلى الأفكار المعبّر عنها في "شكل أعمال فنية". وحتى ولو كان الاعتداء على حق مقدم البلاغ في حرية التعبير، قد تم من خلال مصادرة لوحته، وإدانته بتهمة جنائية تطبيقاً للقانون، فإن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف ينبغي أن تكشف عن الضرورة التي تنطوي عليها التدابير خدمة لأحد الأغراض التي جرى سردها في المادة 19(3). ونتيجة لذلك، فإن أي تقييد لذلك الحق ينبغي تبريره في إطار المادة 19(3). أي أنه إلى جانب التقييد على أساس من تطبيق القانون يتعين أن يكون ضرورياً أيضاً لاحترام حق الآخرين أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة والأخلاق ("الأغراض المعددة").

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الرد الذي قدمته الدولة الطرف لا يسعى إلى تحديد أي من هذه الأغراض هو المنطبق، ناهيك عن ضرورة ذلك في هذه القضية بالذات؛ إلا أنه تجدر ملاحظة أن محاكم الدولة الطرف العليا تحدد قاعدة الأمن القومي كأساس لمصادرة اللوحة وإدانة صاحب البلاغ. غير أن الدولة الطرف، كما تبيِّن للجنة على نحو ثابت، يتعين عليها أن توضح بطريقة محددة طبيعة التهديد الذي يشكله سلوك صاحب البلاغ لأي من الأغراض المعددة بدقة، وأن تحدد كذلك لماذا كان الاستيلاء على اللوحة وإدانة مقدم البلاغ ضروريين ولانتفاء هذه المبررات، سيكون انتهاك الفقرة 2 من المادة 19 قد وقع (5) . ونظراً إلى انتفاء أي تبرير بعينه ومن ثم تفسير لماذا كانت التدابير التي اتخذت ضرورية في هذه الحالة لغرض من الأغراض المعددة، فإن اللجنة تجد أن هناك انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في التعبير من خلال مصادرة اللوحة وإدانته.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الحقائق المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

9- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2، يتوجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ الانتصاف الفعال، بما في ذلك التعويض عن الحكم بإدانته، وإلغاء الحكم بإدانته ، ودفع النفقات القانونية. ونظراً لأن الدولة الطرف، علاوة على ذلك، لم تبيِّن أن أي اعتداء على حق مقدم البلاغ في حرية التعبير، على النحو المعرب عنه من خلال اللوحة، كان لـه ما يبرره، فيتعيَّن عليها أن تعيد اللوحة إليه في حالتها الأصلية، متحملة أي نفقات لازمة تترتب على ذلك. ويقع على الدولة التزام بأن تتجنب القيام بأي انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها، أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة بالبت في وجود أو عدم وجود انتهاك للعهد، كما تكون عملاً بالمادة 2 من العهد، قد تعهدت بكفالة الحقوق المعترف بها فيه لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات بخصوص التدابير التي اتخذت لوضع آرائها موضع التنفيذ. والدولة الطرف مطلوب منها أيضاً أن تقوم بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 7 من قانون الأمن القومي على جملة أمور من بينها أن:

"أي شخص يفيد المنظمة المعادية للدولة عن طريق امتداح أو تشجيع، أو الوقوف إلى جانب أنشطة المنظمة المعادية للدولة أو عن طريق وسائل أخرى، أو عضو من أعضائها أو شخص يتلقى تعليمات من مثل هذه المنظمة، يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن سبع سنوات.

... وأي شخص، أنتج أو استورد، أو نسخ، أو جهز أو نقل، أو نشر، أو باع، أو حاز على وثائق أو رسوم أو أي وسائل أخرى مماثلة للتعبير، بغرض ارتكاب الفعل المنصوص عليه في الفقرات من 1 إلى 4 من هذه المادة، يعاقب بنفس العقوبة على النحو الموضح في كل فقرة". [ترجمة صاحب البلاغ]

(2)A/47/40، الفقرات 470-528 (التقرير الأولي وCCPR/C/79/Add.114، 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 (التقرير الدوري الثاني).

(3) تاي – هون بارك ضد جمهورية كوريا ، القضية رقم 628/1995، آراء اعتمدت في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998، و كوين – تاي كيم ضد جمهورية كوريا القضية رقم 547/1994، آراء اعتمدت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998.

(4)E/CN.4/1996/39/Add.1.

(5) انظر على سبيل المثال، تاي - هون بارك ضد، جمهورية كوريا ، القضية رقم 628/1995، آراء اعتمدت في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998، في الفقرة 10-3، و كوين – تاي كيم ضد، جمهورية كوريا ، القضية رقم 574/1994، آراء اعتمدت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، في الفقرات 12-4 و12-5.

فاء -البلاغ رقم 927/2000، سفيتيك ضد بيلاروس (الآراء التي اعتمدت في 8 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدّم من : السيد ليونيد سفيتيك

الشخص المدّعي أنه ضحيّة : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ : 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إنّ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 8 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ الرقم 927/2000 الذي قدّمه إليها السيد ليونيد سفيتيك بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطيّة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

ا لآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد ليونيد سفيتيك، وهو مواطن بيلاروسي ولد عام 1965. ويدّعي السيد سفيتيك أنه ضحية لانتهاك بيلاروس لحقوقه بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14 والمادة 19 من العهد. وصاحب البلاغ غير ممثل بمحام.

1-2 دخل البروتوكول الاختياري حيّز التنفيذ في الدولة الطرف في 30 كانون الأوّل/ديسمبر 1992.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ - وهو مدرّس بإحدى المدارس الثانوية - ممثّل للجنة هلسنكي في بيلاروس، وهي منظمة غير حكومية في مدينة كريتشيف في بيلاروس. وفي 24 آذار/مارس 1999، نشرت صحيفة نارودنايا فوليا (إرادة الشعب) الوطنية بياناًً ينتقد سياسة السلطات القائمة. وقد وضع هذا البيان ووقّعه ممثلون عن مئات المنظمات السياسية الإقليمية وغير الحكومية البيلاروسية، بمن فيهم صاحب البلاغ. ويشير هذا الأخير إلى أنّ البيان تضمّن دعوة لعدم المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة اعتراضاًً على قانون الانتخاب الذي يعتبر موقعو البيان أنه يتنافى مع "دستور بيلاروس والمعايير الدولية".

2-2 وفي 12 نيسان/أبريل 1999، استدعي صاحب البلاغ إلى مكتب المدعي العام في كريتشيف لشرح سبب توقيعه على الرسالة المفتوحة المشار إليها أعلاه. وهو يفيد أنّ اثنتين فقط من المنظمات غير الحكومية الأربع الكائنة في كريتشيف والتي وقّعت أيضاً على الدعوة، استدعيتا إلى مكتب المدعي العام باعتبار أنهما تنتميان إلى المعارضة السياسية.

2-3 وفي 26 نيسان/أبريل 1999، استدعي صاحب البلاغ للمثول أمام محكمة كريتشيف المحلّية حيث أبلغه القاضي بأنّ التوقيع على الرسالة المفتوحة يعتبر جرماً بموجب البند 3 (1) من المادة 167 من قانون الجرائم الإدارية في بيلاروس وحكم عليه بتسديد غرامة مقدارها مليون روبل بيلاروسي، أي ما يعادل ضعف الحدّ الأدنى للأجور (2) . ويقول صاحب البلاغ إنّ القاضي لم يتوخّ الحياد وأنّه هدده بأن ينزل به العقوبة القصوى - أي ما يعادل 10 أمثال الحدّ الأدنى للأجور الشهرية - وأن يبلّغ صاحب العمل عنه إن لم يعترف بذنبه.

2-4 وقد استأنف صاحب البلاغ هذا الحكم أمام محكمة موجيليف الإقليمية، محتجاً بأن الحكم غير شرعي وغير عادل لأنّ قرار اعتباره مذنباً استند إلى اعترافه الذي انتزع منه تحت التهديد. وفي 2 حزيران/يونيه 1999، ردّ رئيس المحكمة الإقليمية الاستئناف معتبراً أنّ جرم صاحب البلاغ قد تأكّد ولم يعترض عليه أمام المحكمة. وأضاف أنّ ذنبه ثبت كذلك من خلال شروحاته وتوقيعه على المقالة المنشورة في صحيفة نارودنايا فوليا. أما حجة صاحب البلاغ المتعلّقة بممارسة قاضي المحكمة المحلية الضغط عليه فاعتبرت لا أساس لها لأنه لا يدعمها أي دليل إضافي في الملف. وبالتالي فقد أُقرّ حكم محكمة كريتشيف المحلّية.

2-5 وتقدّم صاحب البلاغ بشكوى للمحكمة العليا. وفي 24 كانون الأوّل/ديسمبر 1999، ردّ النائب الأول لرئيس المحكمة العليا طلب الاستئناف معتبراً أنّه لم تقم البيّنة الكافية على الإدعاء وأنّ الجرم قد أثبت وأنّ فعل صاحب البلاغ وصف عن حقّ بأنه يشكّل جرماً بموجب المادة 167-3 من قانون الجرائم الإدارية.

الشكوى

3- يدّعي صاحب البلاغ أنّه ضحية لانتهاك حقوقه المنصوص عليها بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14 والمادة 19 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 أوضحت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، أنه بتاريخ الحكم على صاحب البلاغ، كانت القوانين المطبّقة تنصّ على فرض عقوبة إدارية بحق أصحاب الدعوات العامة المنادية بمقاطعة الانتخابات (المادة 167-3 من قانون الجرائم الإدارية). وكانت المقالة المطعون بها الواردة في الصحيفة بتاريخ 24 آذار/مارس 1999 تتضمن مثل هذه الدعوة، الأمر الذي لم يدحضه صاحب البلاغ أمام المحكمة. ووفقاً للدولة الطرف، كان هذا القانون يتماشى تماماً مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد التي تنصّ على أنّ ممارسة الحقوق المحميّة بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد تخضع لبعض القيود التي يجب أن ينصّ عليها القانون.

4-2 وفقاً للدولة الطرف، لم تؤكد التحقيقات التي أجرتها السلطات المختصة ادعاءات صاحب البلاغ المتعلّقة بممارسة قاضي المحكمة المحلّية لضغوط نفسية عليه.

4-3 وتضيف الدولة الطرف أنه، خلافاً لقانون الانتخاب المطبّق سابقاً، فإنّ المادة 49 من قانون الانتخاب البيلاروسي (3) الصادر في نيسان/أبريل 2000 لا تتضمن بنداً مباشراًً ينصّ على مسؤولية الأفراد الذين يدعون إلى مقاطعة الانتخابات وأنه أدخلتّ التعديلات الملائمة على قانون الجرائم الإدارية. كما تشير الدولة الطرف إلى أنّ المادة 38 من قانون الجرائم الإدارية تنصّ على أنه إذا لم يرتكب الفرد، الذي صدرت بحقّه عقوبة إدارية، أي جرم إداري جديد في خلال سنة بعد تنفيذ العقوبة السابقة، فإنّه يعتبر وكأنّه لم يخضع للعقوبة الإدارية. وتعتبر الدولة الطرف أنه ما من أساس لإلغاء حكم المحكمة الصادر في 26 نيسان/أبريل 1999 والمتعلّق بالسيد سفيتيك لأنه يعتبر شخصاً لم تصدر بحقّه عقوبة إدارية. وبالتالي، لا يترتب على العقوبة الإدارية التي فرضت على السيد سفيتيك عام 1999 أيّ عواقب سلبية عليه.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 سلّم صاحب البيان في رسالة مؤرخة 3 كانون الثاني/يناير 2001 بأنّ القانون البيلاروسي الذي كان منطبقاً في تلك الفترة كان ينصّ على عقوبات إدارية بحق أصحاب الدعوات العامة إلى مقاطعة الانتخابات. ولكنه أضاف أنّ الدعوة التي نشرت في 24 آذار/مارس 1999 في صحيفة "نارودنايا فوليا" كانت دعوة لعدم المشاركة في الانتخابا ت المحلية غير الديمقراطية وليس إلى مقاطعة الانتخابات بشكل عام. ولهذا السبب، وبموجب الفقرة 2 من المادة 19من العهد والمادة 33 من دستور بيلاروس (4) ، وقّع صاحب البلاغ على النداء. وهو يضيف أنّ جميع الموقعين على الرسالة يعتبرون أنّه يحق لكلّ ناخب عدم المشاركة في الاقتراع إذا رأى أنّ الانتخابات تنتهك الإجراءات الديمقراطية.

5-2 أما بشأن تحقيق الدولة الطرف في ادعائه المتعلّق بالإكراه النفسي الذي مارسه عليه قاضي المحكمة المحلّية، فقد صرّح صاحب البلاغ أنه لم يكن على علم بهذا التحقيق. وقد قدّم بياناً موقعاً من السيد أندري كوزمين، أحد المتهمين في هذه المحاكمة، يؤكّد فيه هذا الأخير أنّ صاحب البلاغ تعرّض للضغط من قبل القاضي (5) .

5-3 وأخيراً، وفي ما يتعلّّق بملاحظة الدولة الطرف حول انتفاء العواقب المباشرة الناجمة عن الحكم، اعتبر صاحب البلاغ أن تسديد الغرامة كان لـه وقع سلبي على وضعه المادي، وأنّ ممارسة قاضي المحكمة المحلية للإكراه النفسي عليه قد انتهك كرامته كإنسان وتسبب لـه في العذاب النفسي. وأشار صاحب البلاغ كذلك إلى أنه زيادة في العقاب، تم إرسال حكم المحكمة إلى صاحب العمل مما كان من شأنه أن يؤدّي إلى طرده من عمله.

النظر في المقبولية

6-1 يتعيّن على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل أن تنظر في أيّ شكوى ترد في أحد البلاغات، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أنّه لا يجري النظر في المسألة ذاتها في إطار أيّ إجراء دولي آخر وأنّ سبل الانتصاف المحلّية قد استنفدت. وعليه فقد استوفت الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 ولقد سجّلت اللجنة ادعاء صاحب البلاغ، بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد، المتعلّق بالضغط النفسي المزعوم الذي مارسه قاضي المحكمة المحلّية على صاحب البلاغ لحمله على الاعتراف. وأحاطت اللجنة علماً بتفسير الدولة الطرف حول تحقيق السلطات المختصّة في هذا الادعاء حيث خلصت إلى أنّ القاضي لم يمارس أي ضغط. وقد اعترض صاحب البلاغ قائلاً إنّه لم يكن على علم بمثل هذا التحقيق وقدّم بياناً خطياً لمتهم ثانٍ بهذا الجرم يؤكّد فيه أنّ قاضي المحكمة المحلّية قد مارس التهديد على صاحب البلاغ لحمله على الاعتراف بالذنب. غير أنّ اللجنة تلاحظ، بالاستناد إلى ما قدّم لها من بيانات، أنّ المحكمة الإقليمية، لدى نظرها في الحجج التي قدمها صاحب البلاغ في استئنافه، خلصت إلى أنّ ذنب صاحب البلاغ ثبت ليس على أساس اعترافه في المحكمة فحسب بل كذلك بالاستناد إلى الإفادة التي قدمها إلى النيابة العامة ونظراً إلى أنّ اسمه ولقبه وردا في المقال المنشور في الصحيفة.

وعليه، تلاحظ اللجنة أنّ ادعاء صاحب البلاغ يتعلق أساساً بتقييم للوقائع والأدلة في هذه القضية. وتذكّر اللجنة أنّه يعود إلى محاكم الدول الأطراف في العهد أن تستعرض بصفة عامة الوقائع والأدلّة في قضيّة محددة ما لم يقدّم البرهان على أنّ تقييم الأدلة كان تعسفياً أو بلغ حدّ إنكار العدالة، أو أنّ المحكمة أخلّت بأيّ شكل آخر من الأشكال بمقتضيات الاستقلالية والحياد. إنّ المعلومات المعروضة أمام اللجنة لا توفّر الأدلّة التي تتيح لها الخلوص إلى أنّ عيوباً من هذا القبيل شابت قراري المحكمتين المحلّية والإقليمية. وعليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 أما بالنسبة إلى ادعاءات صاحب البلاغ، بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد، فتحيط اللجنة علماً بحجّة الدولة الطرف بأنّ التعديلات الملائمة قد أدخلت على قانون الانتخاب وأنّ العقوبة الإدارية التي فرضت على صاحب البلاغ لا آثار لها. غير أنّ الدولة الطرف لم تدحض إدّعاء صاحب البلاغ بأنه اضطرّ إلى تسديد الغرامة. وبالتالي فلا التعديل اللاحق للقانون ولا انتفاء أيّ عواقب قانونية مستمرّة ناتجة عن العقوبة التي فرضت عليه يجرّدان صاحب البلاغ من صفة "الضحية" في هذه القضية. وتعتبر اللجنة أنّ هذا الجزء من البلاغ مدعوم بالأدلة الكافية لقبوله وتقرر النظر فيه بالاستناد إلى أسسه الموضوعية.

النظر في لأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لما نصّت عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 يدّعي صاحب البلاغ أنّ حقّه المنصوص عليه في المادة 19 قد انتهك وأنّه تعرّض لعقوبة إدارية سببها الوحيد أنّه عبّر عن رأيه السياسي. وتجيب الدولة الطرف فقط بأنّ الحكم على صاحب البلاغ صدر تطبيقاً للقانون الساري المفعول وأنه بموجب الفقرة 3 من المادة 19 فإنّ الحقوق التي تنصّ الفقرة 2 على حمايتها تخضع لبعض القيود. وتذكّر اللجنة بأن المادة 19 لا تسمح بفرض مثل هذه القيود إلا إذا نص عليها القانون وإذا كانت ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحّة أو الأخلاق العامة (6) . وبالتالي على اللجنة أن تقرّر ما إذا كانت المعاقبة على الدعوة إلى مقاطعة انتخابات محددة تندرج أم لا ضمن القيود المسموح بفرضها على حرّية التعبير.

7-3 وتذكّر اللجنة بأنه بموجب المادة 25(ب)، فإنّ لكلّ مواطن الحقّ في التصويت. وحمايةً لهذا الحقّ، على الدول الأطراف في العهد أن تعتمد قوانين جزائية تمنع ترهيب الناخبين أو إكراههم وأنّ تطبّق هذه القوانين بصرامة (7) . إنّ تطبيق مثل هذا القانون يشكّل، من حيث المبدأ، تقييداً قانونياً لحرية التعبير ضرورياً لاحترام حقوق الآخرين. غير أنّه ينبغي التمييز بين الترهيب والإكراه من جهة وتشجيع الناخبين على مقاطعة عملية انتخاب من جهة أخرى. وتلاحظ اللجنة أنّ الاقتراع لم يكن إلزامياً في الدولة الطرف المعنية وأنّ الإعلان الموقّع من صاحب البلاغ لم يؤثّر على إمكانية الناخبين في اتخاذ قرارهم بحرية حول المشاركة أم لا في تلك الانتخابات. وتخلص اللجنة إلى أنّه في الظروف الخاصّة بهذه القضيّة، فإنّ تقييد حرية التعبير لـم يخدم شرعاً أياً من الأسباب التي تنصّ عليها الفقرة 3 من المادة 19 من العهد وأنّ حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 19 من العهد قد انتهكت.

8- و ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملا ً ب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول ا لاختياري ، أن ّ الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 1 9 من ا لعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

9 - وطبقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن ّ الدولة الطرف ملزمة بإنصاف صاحب البلاغ إنصافاً فعلياً، بما في ذلك منحه تعويضاً يعادل مبلغاً لا يقلّ عن القيمة الحاليّة لمبلغ الغرامة وأيّ مصاريف قانونية يكون قد تكبّدها (8) . كما أنّ الدولة الطرف ملزمة بالحؤول دون حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وبما أنّ ال دولة ال طرف انضمّت إلى البروتوكول الاختياري، فإنها قد أقرت باختصاص اللجنة في أن تقرر ما إذا وقع انتهاك للعهد أم لا؛ وأنّ الدولة الطرف، عملا ً بالمادة 2 من العهد، قد تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الذين يعيشون داخل إقليمها ويخضعون لولايتها الحقوق التي يقرها العهد، وأن توف ّ ر لهم التعويض الفع ّ َال والقابل للتنفيذ في حال ثبوت ال انتهاك. وتود ّ اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما ً ، معلومات عن الإجراءات التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما يُطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) المادة 167 -3 من قانون الجرائم الإدارية (انتهاك قانون الانتخابات). وقد اعتمدت المادة 167-3 بموجب قانون 5 كانون الأ وّل/ديسمبر 1989 - مجموعة القوانين BSSR ، 1989، رقم 35، المادة 386؛ طبعة قانون 30 آذار/مارس 1994 - محكمة بيلاروس العليا، 1994، رقم 14، ص 190.

(2) قدّم صاحب البلاغ نسخة من الحكم. وقد خلصت المحكمة إلى أنه في 24 آذار/مارس 1999 "نشر ممثلون عن منظمات سياسية إقليمية وغير حكومية بياناً في صحيفة نارودنايا فوليا تضمّن نداءات عامة لمقاطعة الانتخابات المحلّية المقبلة لمجالس النوّاب. وقد وافق ممثل لجنة هلسنكي في بيلاروس، فرع كريتشيف، ل. ف. سفيتيك، على نصّ النداء ووقّع عليه".

(3) المادة 49 من قانون الانتخاب البيلاروسي: المسؤولية الناجمة عن الإخلال بشروط هذا القانون .

(4) تنصّ المادة 33 من الدستور على ما يلي: "يضمن الدستور للجميع حرية الفكر والمعتقد وحرية التعبير عنهما. ويمنع إرغام أيٍّ كان على التعبير عن معتقداته أو نفيها. ولا يُسمح للدولة والجمعيات العامة والمواطنين الأفراد باحتكار وسائل الإعلام وممارسة الرقابة".

(5) أكّد السيد كوزمين في رسالة مؤرخة 25 كانون الأوّل/ديسمبر 2000 أنّ القاضي قام في 26 نيسان/أبريل 1999 بممارسة الضغط النفسي على السيد سفيتيك خلال المحاكمة.

(6) انظر مثلاً البلاغ رقم 574/1994، كيم ضد جمهورية كوريا ، الآراء المعتمدة في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، والبلاغ رقم 628/1995، بارك ضد جمهورية كوريا ، الآراء المعتمدة في 20 تشرين الأوّل/أكتوبر 1998، والبلاغ رقم 780/1997، لابتسيفيتش ضد بيلاروس ، الآراء المعتمدة في 13 نيسان/أبريل 2000.

(7) التعليق العام رقم 25(1996) الفقرة 11.

(8) بالنسبة إلى الإنصاف المقترح، انظر البلاغ رقم 780/1997، لابتسيفيتش ضد بيلاروس ، الآراء المعتمدة في 13 نيسان/أبريل 2000.

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السير نايجل رودلي (رأي مطابق)

لدى النظر في الأسس الموضوعية للشكوى، لاحظت اللجنة "أنّ التصويت لم يكن إلزامياً في الدولة الطرف المعنية" (الفقرة 7-3). ولكن اللجنة لم توضّح صلة ملاحظتها هذه بالموضوع ونأمل ألا يكون في ذلك ما يشير، بقصد أو بدونه، إلى أن نظام التصويت الإلزامي يكفي بذاته لتبرير تطبيق قانونٍ يَعتبر الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات جريمة. إنّ الأمر يعتمد وإلى حد بعيد على السياق الذي يُنشأ فيه النظام المعني. ففي الولاية التي قد توجد فيها قوى لا تسعى إلى إقناع الناخبين بعدم التصويت بل إلى ترهيبهم لحملهم على الامتناع عن التصويت، قد تكون إلزامية التصويت قانوناً وسيلة ملائمة لحماية الناخبين الذين يرغبون في التصويت لكنهم يخشون أن يعتبروا غير ممتثلين للضغوط التي تهدف إلى ثنيهم عن التصويت.

وفي المقابل، يزخر التاريخ بالأسباب المشرِّفة لمعارضة المشاركة النظامية في عملية انتخابية تعتبر غير شرعيّة. والمثال الأوضح على ذلك نظام لجمع الأصوات وتعدادها يتمّ استغلاله أو يتوقّع استغلاله بصورة احتيالية (التلاعب بالأصوات). ومن الأمثلة الأخرى الحالات التي لا يتوفّر فيها للناخب مجال للاختيار أو عندما يتوفّر لـه الخيار ولكنّه ليس بالخيار الحقيقي.

وما من طريقة سهلة تتيح لهيئةٍ مثل اللجنة أن تبدأ، أو يتوجب عليها أن تبدأ، بإصدار الأحكام بمصداقية حول مسائل من هذا القبيل. ولن تكون اللجنة أبداً في وضع يتيح لها البتّ في شرعية الدعوة إلى هذا الشكل أو ذاك من عدم التعاون في إطار عملية انتخابية معيّنة في ولاية معيّنة. وعليه، ينبغي في أيّ نظام أن تتوفّر للفرد دائماً إمكانية أن يدعو إلى عدم التعاون مع عملية انتخابية قد يرغب هذا الفرد بالطعن في شرعيتها. ومن الممكن اعتماد المرونة في ما يتعلّق بوسائل عدم التعاون التي تجري الدعوة إليها بدءاً بمقاطعة الانتخابات ومروراً بإتلاف بطاقات الاقتراع أو إضافة أسماء بديلة إليها، إلى ما هنالك. ولكن منع الدعوة إلى اعتماد أيّ وسيلة من وسائل عدم التعاون، تحدّياً لعملية الاقتراع نفسها، سيكون متنافياً مع المادة 19. وكذلك فإنّ حرمان الناخب الفرد من إمكانية التعبير عن معارضته للعملية الانتخابية وعدم تعاونه معها بأيّ طريقة من الطرق تحت طائلة إخضاعه لعقوبة قانونية، قد يكون أيضاً منافياً للحقّ الذي تنصّ عليه المادة 25.

(توقيع ): السير نايجل رودلي

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

صاد - البلاغ رقم 938/2000، جيرجادات سيفبيرسود وآخرون ضد ترينيداد وتوباغو (الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السادة جيرجادات سيفبيرسود، وديولال سوكرام، وجاينارين بيرسود (يمثلهم المحامي السيد بارفي جبار من مكتب المحاماة سايمونز موريهيد وبيرتون)

الشخص المدعي أنه ضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : ترينيداد وتوباغو

تاريخ تقديم البلاغ الأول: 25 تموز/يوليه 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 938/2000 المقدم إليها بالنيابة عن السادة جيرجادات سيفبيرسود، وديولال سوكرام، وجاينارين بيرسود بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم السادة جيرجادات سيفبيرسود، وديولال سوكرام، وجاينارين بيرسود، مواطنون من غيانا، وهم في الوقت الراهن محتجزون في السجن الحكومي في بورت أوف سبين بجمهورية ترينيداد وتوباغو. ويدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا لانتهاكات من جانب ترينيداد وتوباغو (1) لأحكام الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محامٍ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 في 19 كانون الثاني/يناير 1988، قضت المحكمة العليا في بورت أوف سبين بإدانة جيرجادات سيفبيرسود وديولال سوكرام وجاينارين بيرسود لارتكابهم جريمة قتل وحكمت عليهم بالإعدام. وقدم أصحاب البلاغ التماساً للإذن لهم باستئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف. ورفضت محكمة الاستئناف في 29 آذار/مارس 1993 طلب الاستئناف المقدم منهم. وبعدئذ قدم أصحاب البلاغ إلى اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص التماساً بالحصول على إذن خاص بالاستئناف. وفي 27 نيسان/أبريل 1995، رُفض التماسهم. وفي 4 كانون الثاني/يناير 1994، خُففت عقوبة الإعدام المحكوم بها على أصحاب البلاغ إلى السجن المؤبد.

2-2 أُدين أصحاب البلاغ بجريمة قتل ذُكر أنها ارتكبت فيما بين آذار/مارس ونيسان/أبريل 1985. وبدأت محاكمتهم في كانون الثاني/يناير 1988، أي بعد القبض عليهم بنحو 34 شهراً. ويذكر أصحاب البلاغ أن أوضاع احتجازهم طوال هذه الفترة كانت مروعة. فقد ظلوا منذ إدانتهم في 19 كانون الثاني/يناير 1988 محبوسين في القسم المخصص للمحكوم عليهم بالإعدام في السجن الحكومي في بورت أوف سبين وحتى تخفيف عقوبة الإعدام المحكوم بها عليهم إلى السجن المؤبد في 4 كانون الثاني/يناير 1994، أي طوال ست سنوات.

2-3 ويؤكد أصحاب البلاغ أنهم احتُجزوا طوال الفترة المذكورة أعلاه في الحبس الانفرادي في زنزانة يبلغ طولها 9 أقدام وعرضها 6 أقدام وتحوي مقعداً وسريراً وحشية ومنضدة. وبما أن الزنزانة لم تكن مجهزة بالمرافق الصحية، فإنها زُودت بدلو بلاستيكي لاستخدامه كمرحاض. وكانت زنزانة ديولال سوكرام تقع أمام المرحاض والحمّام المخصصين لضباط السجن، وهو ما يعني أن زنزانته كانت في العادة باردة ورطبة بسبب تسرب الماء من الحمام. وزُودت زنزانات أصحاب البلاغ بقدر ضئيل وغير كافٍ من التهوية والإضاءة من خلال فتحة تهوية طولها 36 بوصة وعرضها 34 بوصة. وكان مصدر الضوء الآخر الوحيد هو مصباح أنبوبي فلوري مضاء على امتداد 23 ساعة في اليوم ويقع خارج الزنزانة فوق الباب. وقد أدى انعدام الضوء الكافي إلى الإضرار بإبصار ديولال سوكرام مما أجبره على استخدام نظارات. ولم يُسمح لأصحاب البلاغ بمغادرة زنزاناتهم إلا لفترة ساعة واحدة في الأسبوع لممارسة الرياضة.

2-4 وقد ظل أصحاب البلاغ، منذ تخفيف عقوبة الإعدام المحكوم بها عليهم، محتجزين في السجن الحكومي في أوضاع مهينة مماثلة. فكل منهم محتجز في زنزانة مع 8 إلى 14 من السجناء الآخرين. ويبلغ طول الزنزانة 9 أقدام وعرضها 6 أقدام وتحوي سريراً حديدياً واحداً دون حشية. ونتيجة لذلك، يُرغم السجناء على النوم على الأرضية المصنوعة من الخرسانة على قطع من الورق المقوى. كما أن الزنزانات موبوءة بالصراصير والجرذان والذباب، وهي عموماً قذرة. ولا توجد تهوية كافية وترتفع الحرارة في الزنزانات إلى درجة يصير فيها النوم مستحيلاً. وتسبب أوضاع الاكتظاظ وسوء التهوية نقصاً عاماً في الأوكسجين داخل الزنزانات، وهو ما جعل ديولال سوكرام يشعر بالنعاس ويعاني من صداع مستمر.

2-5 ونظراً إلى عدم وجود المرافق الصحية، تُزوَّد كل زنزانة بدلوٍ يُفرَّغ فقط كل 16 ساعة. ويسبب الدلو رائحة نتنة مستمرة. وبسبب عدم وجود أية مواد نظافة أو صابون، يستحيل الحفاظ على أي مستوى من النظافة البدنية أو الرعاية الصحية. والغذاء غير كاف ويكون عملياً غير صالح للأكل. ويُعطى السجناء كل يوم خبزاً قديماً ولحماً أو سمكاً فاسداً. ويقع المطبخ الذي يُحضَّر فيه الطعام على مسافة 10 أقدام فقط من المرحاض وهو موبوء بالديدان. ولا يمكن الحصول على العلاج الطبي إلا نادراً. ويعاني جاينارين بيرسود من الصداع النصفي ولم يُقدم له علاج طبي مناسب على الرغم من أمر الطبيب بذلك. ولم تُتَّخذ أية ترتيبات لتيسير العبادة أياً كان نوعها. ويقتصر الحق في كتابة الرسائل على رسالة واحدة في الشهر، كما يُحرم ديولال سوكرام من الحصول على المشورة القانونية على نحو منتظم. ويقدم المحامي إفادة خطية مشفوعة بيمين صادرة عن السيد لورانس بات سانكر الذي كان يُحتجز في السجن الحكومي في نفس الفترة التي قضاها أصحاب البلاغ هناك، والذي يؤكد أوضاع الاحتجاز في السجن .

الشكوى

3-1 يؤكد أصحاب البلاغ أن التأخير البالغ 34 شهراً الممتد من تاريخ إلقاء القبض عليهم إلى تاريخ المحاكمة غير معقول ويشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 3 من المادة 9 من العهد. وهذا التأخير في قضيتهم مشابه لفترات التأخير المسجلة في قضايا أخرى خلصت فيها اللجنة إلى حدوث انتهاكات لأحكام الفقرة 3 من المادة 9 أو الفقرة 3(ج) من المادة 14. وهم يدفعون بأن الدولة الطرف يجب عليها أن تنظم نظام قضائها الجنائي على نحو يحول دون حدوث فترات التأخير هذه.

3-2 ويدعي أصحاب البلاغ أيضاً أن التأخير البالغ 4 سنوات و10 شهور منذ إصدار الحكم (في 19 كانون الثاني/يناير 1988) إلى تاريخ رفض طلب الاستئناف من قِبل محكمة الاستئناف (في 29 آذار/مارس 1993) غير معقول وأنه بمثابة انتهاك آخر لأحكام الفقرة 3 من المادة 9 من العهد. ويؤكد أصحاب البلاغ أنه من المناسب عند تقييم معقولية التأخير أن يؤخذ في الحسبان أنه قد حُكِم عليهم بالإعدام وأنهم كانوا محتجزين في أوضاع لا يمكن قبولها.

3-3 ويدّعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك لأحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، باعتبار أنهم قد احتُجزوا في ظل أوضاع احتجاز مروعة. وذُكر أن أوضاع السجن هذه قد أدانتها مراراً المنظمات الدولية لحقوق الإنسان باعتبارها تشكل خرقاً للمعايير المقبولة دولياً ولقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

3-4 ويدعي أصحاب البلاغ أنهم ظلّوا، بعد تخفيف عقوبة الإعدام المحكوم بها عليهم، محتجزين في أوضاع تمثل بشكل واضح انتهاكاً للمعايير المحلية المنصوص عليها في "قواعد تنظيم السجون"، والتي تحكم حق السجناء في الغذاء والفراش واللباس، ومسؤولية الموظف الطبي بالسجن عن الاستجابة للشكاوى واتخاذ خطوات للتخفيف من الأوضاع غير الصحية التي لا تطاق داخل السجن. وهذا هو بمثابة انتهاك آخر لأحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

3-5 وبالاستناد إلى التعليقين العامين للجنة رقم 7 و9 بشأن المادتين 7 و10 على التوالي، وكذلك إلى الفقه القانوني للجنة، يدفع أصحاب البلاغ بأن الأوضاع التي تحمّلوها في كل مرحلة من مراحل الإجراءات تشكّل انتهاكاً للقواعد النموذجية الدنيا التي لا يجوز انتهاكها بخصوص أوضاع الاحتجاز (والتي يجب مراعاتها بغض النظر عن مستوى التنمية الذي بلغته الدولة الطرف)، وبالتالي تكون الدولة الطرف قد انتهكت أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ويحتج أصحاب البلاغ بالفقه القانوني للجنة بالإضافة إلى القرارات القضائية الأخرى ذات الصلة.

3-6 وأخيراً، يدّعي أصحاب البلاغ حدوث انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 14، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2، من حيث أنهم حُرموا من الحق في الوصول إلى المحكمة لكي يشكوا بشأن الادعاءات الأخرى بحدوث انتهاكات لحقوقهم الناشئة عن العهد.

3-7 ويذكر أصحاب البلاغ أن الحق في تقديم طعن دستوري ليس فعالاً في ظل ظروف هذه القضية، بسبب تكلفة رفع الدعاوى أمام المحكمة العليا من أجل الحصول على انتصاف دستوري، ولعدم وجود مساعدة قانونية بخصوص تقديم الطعون الدستورية، وعدم رغبة المحامين المحليين في التمثيل المجاني لمقدمي الطعون. ويحتج أصحاب البلاغ بالفقه القانوني للجنة ومفاده أنه في حال عدم وجود مساعدة قانونية، فإن الطعن الدستوري لا يشكل سبيلاً فعالاً للانتصاف لصاحب البلاغ المعوز في تلك القضية. وذُكر في هذا السياق أن أصحاب البلاغ قد استنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية الممكنة لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. كما ذُكر أن هذه المسألة لم يسبق أن قُدمت إلى أي هيئة دولية أخرى للنظر فيها.

4- وعلى الرغم من الطلب الذي وجّهته اللجنة إلى الدولة الطرف لكي تقدم إليها ملاحظاتها بشأن القضية وذلك في 1 آب/أغسطس 2000، و12 تشرين الأول/أكتوبر 2001، و8 كانون الثاني/يناير 2002، و28 أيار/مايو 2004، لم تقدم الدولة الطرف أي تعليق على مقبولية هذه القضية و/أو أسسها الموضوعية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي دعوى ترد في أي بلاغ، أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

5-2 وقد تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست موضع بحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-3 وفيما يتعلق بالإمكانية المتاحة لأصحاب البلاغ لتقديم طعن دستوري إلى المحكمة العليا، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قدموا استئنافاً إلى محكمة الاستئناف والتمسوا من مجلس الملكة الخاص الحصول على إذن خاص بالاستئناف للفقراء نظراً إلى أنهم، كما يدعون، يفتقرون إلى أموال خاصة ولأن المساعدة القضائية لم تكن متاحة في إطار هذه الطعون الدستورية. وقُوبل الطلبان بالرفض. ولذلك ترى اللجنة أنه في غياب المساعدة القضائية، وعدم تقديم حجج من الدولة الطرف تخالف ذلك، فإن الطعن الدستوري لا يشكل سبيل انتصاف متاحاً في ظل الظروف الخاصة بالقضية. وفي ضوء ما سبق، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5-4 وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ قدموا الأدلة الكافية التي تثبت ادعاءاتهم لأغراض المقبولية، ولذلك فإنها تنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات بقدر ما يبدو أنها تثير مسائل ذات صلة بأحكام الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 14 من العهد. وتلاحظ اللجنة مع القلق عدم وجود أي تعاون من جانب الدولة الطرف. ويُستفاد ضمناً من نص المادة 91 من النظام الداخلي للجنة والفقرة 2من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أنه ينبغي ل لدولة الطرف في العهد أن تحقق بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك العهد الموجهة ضدها، وأن تقدم إلى اللجنة شروحاً أو بيانات خطية توضح فيها المسألة وسبيل الانتصاف الذي ربما تكون تلك الدولة قد منحته. وفي هذه الظروف يجب إيلاء ادعاءات أصحاب البلاغ الاعتبار الواجب بقدر ما تكون هذه الادعاءات قد دعمت بأدلة كافية.

5-5 وفيما يتعلق بالادعاء الذي قدمه أصحاب البلاغ بشأن الحق في الوصول إلى المحكمة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، ترى اللجنة أنهم لم يقدموا الأدلة الكافية التي تدعم هذا الادعاء لأغراض المقبولية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 فيما يتعلق بالادعاءات التي قدمها أصحاب البلاغ في إطار الفقرة 3 من المادة 9، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قد أُلقي القبض عليهم في نيسان/أبريل 1985، وأن محاكمتهم قد بدأت في 4 كانون الثاني/يناير 1988، وأنهم ظلوا في الاحتجاز السابق للمحاكمة طوال هذه الفترة. كما تلاحظ أن أحداً لم يطعن في أن احتجازهم السابق للمحاكمة قد دام 34 شهراً. وتذكِّر اللجنة بأنه عملاً بأحكام الفقرة 3 من المادة 9، فإن أي شخص يُلقى القبض عليه أو يحتجز على أساس تهمة جنائية يكون من حقه أن يحاكم في غضون مهلة معقولة أو أن يُفرج عنه. أما الفقرة التي تشكل "مهلة معقولة" بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 9 فيجب تقديرها على أساس كل حالة على حدة. ولا يمكن النظر إلى الفترة التي قضاها أصحاب البلاغ في الاحتجاز، والتي استغرقت زهاء ثلاث سنوات، على أنها تتمشى مع أحكام الفقرة 3 من المادة 9، في ظل عدم وجود ظروف خاصة تبرر هذا التأخير. وترى اللجنة، نظراً إلى عدم وجود أي شروح من جانب الدولة الطرف، أن فترة تزيد على 34 شهراً يقضيها صاحب البلاغ في انتظار تقديمه إلى المحاكمة، لا تتمشى مع أحكام الفقرة 3 من المادة 9.

6-2 وفيما يتعلق بالادعاء القائل بحدوث تأخير قدره أربع سنوات وعشرة شهور بين تاريخ الإدانة ورفض طلب الاستئناف، احتج المحامي بالفقرة 3 من المادة 9، ولكن بما أن المسائل المثارة تتصل بوضوح بالفقرتين 3(ج)أ و5 من المادة 14، فإن اللجنة ستبحثها في إطار هذه المادة. وترى اللجنة أن حدوث تأخير قدره أربع سنوات وعشرة شهور بين تاريخ اختتام المحاكمة في 19 كانون الثاني/يناير 1988 ورفض طلب الاستئناف في 29 آذار/مارس 1993 لا يتفق مع أحكام العهد، في ظل عدم تقديم أي شرح من الدولة الطرف يبرر هذا التأخير. ولذلك تخلص اللجنة إلى أنه قد حدث انتهاك للفقرة 5 بالاقتران مع الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ أن أوضاع احتجازهم خلال كل مرحلة قضوها في السجن تشكل انتهاكاً لأحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، يجب على اللجنة أن تولي لهذه الأوضاع الاعتبار الواجب في ظل عدم وجود أية ملاحظة ذات صلة مقدمة من الدولة الطرف في هذا الصدد. وترى اللجنة أن أوضاع احتجاز أصحاب البلاغ كما ورد وصفها في الفقرات 2-3 و2-4 و2-5 تشكل انتهاكاً لحقهم في أن يعاملوا معاملة إنسانية تُحترم فيها الكرامة المتأصلة في الإنسان، ومن ثم فإنها تتعارض مع أحكام الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وفي ضوء هذه الحيثيات المتعلقة بالمادة 10، وهي حكم من أحكام العهد يتناول بالتحديد حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم ويشمل فيما يتعلق بهؤلاء الأشخاص العناصر المنصوص عليها عموماً في المادة 7، لا ضرورة للنظر بصورة منفصلة في الادعاءات الناشئة في إطار المادة 7 من العهد.

7- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لأحام الفقرة 3 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرة 5، بالاقتران مع الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

8- ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، تلتزم الدولة الطرف بأن توفر لأ صحاب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك التعويض المناسب. وفي ضوء الفترة الطويلة التي قضاها أصحاب البلاغ في أوضاع احتجاز يُرثى لها تشكل انتهاكاً للمادة 10 من العهد، ينبغي أن تنظر ال دولة الطرف في إخلاء سبيل أصحاب البلاغ . وينبغي قيام الدولة الطرف، على أية حال، بتحسين أوضاع الاحتجاز في سجونها دون تأخير.

9- إن ترينيداد وتوباغو، عندما أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث انتهاك أم لا لأحكام العهد. وقد قُدمت هذه القضية إلى اللجنة للنظر فيها قبل أن يصبح انسحاب ترينيداد وتوباغو من البروتوكول الاختياري نافذاً في 27 حزيران/يونيه 2000؛ ووفقاً لأحكام المادة 12(2) من البروتوكول الاختياري ، تظل هذه القضية خاضعة لتطبيق أحكام البروتوكول الاختياري . وقد تعهدت الدولة الطرف ، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حال ثبوت حدوث انتهاك لأحكام العهد. وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) بدأ نفاذ ا لبروتوكول الاختياري ، في بداية الأمر، بالنسبة إلى ترينيداد وتوباغو في 14 شباط/فبراير 1981. ولكن حكومة ترينيداد وتوباغو انسحبت في 26 أيار/مايو 1998 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ثم عادت لتنضم إليه من جديد في اليوم ذاته بعد أن ضمَّنت صك إعادة انضمامها تحفظاً "مفاده ألا يكون للجنة اختصاص بأن تتلقى وتدرس أية بلاغات تخص أي سجين محكوم عليه بالإعدام بخصوص أي مسألة تتعلق بمقاضاته أو احتجازه أو محاكمته أو إدانته أو الحكم الذي يصدر بحقه أو تنفيذ الحكم بإعدامه أو بأي مسألة تتصل بذلك". وقد قُدم البلاغ إلى اللجنة قبل بدء سريان الانسحاب والانضمام من جديد مع إبداء تحفظ، أي قبل 26 آب/أغسطس 1998. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، قررت اللجنة أن هذا التحفظ ليس سليماً، باعتبار أنه لا يتفق مع موضوع البروتوك ـ ول الاختياري وغرضه. وفي 27 آذار/مارس 2000، انسحبت حكومة ترينيداد وتوباغو من جديد من البروتوكول الاختياري .

قاف – البلاغ رقم 943/2000، غيدو جاكوبس ضد بلجيكا (الآراء التي اعتمدت في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: غيدو جاكوبس (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بلجيكا

تاريخ تقديم البلاغ: 15 آذار/مارس 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 943/2000 الذي قدمه غيدو جاكوبس إلى اللجنة في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد غيدو جاكوبس، مواطن بلجيكي، ولد يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر 1948 في مدينة ماسيك (بلجيكا). ويدعي أنه ضحية انتهاك بلجيكا لأحكام المادتين 2 و3 والفقرة 1 من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 19، والمادتين 25 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محام.

(دخل العهد حيز النفاذ بالنسبة لبلجيكا يوم 21 تموز/يوليه 1983 وسرى عليها البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد في 17 آب/أغسطس 1994.)

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 2 شباط/فبراير 1999، نشرت الجريدة الرسمية البلجيكية ( Le Moniteur belge ) نص قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 المعدل لبعض الأحكام الواردة في الجزء الثاني من قانون القضاء فيما يتعلق بالمجلس الأعلى للعدل، وترشيح القضاة وتعيينهم والأخذ بنظام للتقييم.

2-2 تنص الفقرة 1 من المادة 259 مكرراً - 1، بصيغتها المعدلة، من قانون القضاء على أن يتألف المجلس الأعلى للعدل (1) من 44 عضواً من جنسية بلجيكية، يُقَسمون إلى هيئة ناطقة باللغة الهولندية من 22 عضواً وأخرى ناطقة باللغة الفرنسية من 22 عضواً. وفي كل هيئة 11 قاضياً و11 عضواً من غير القضاة.

2-3 وتنص الفقرة 3 من المادة 259 مكرراً - 1 على ما يلي:

"يكون في مجموعة غير القضاة بكل هيئة عدد لا يقل عن أربعة أعضاء من كل جنس وتتألف المجموعة من أعضاء لا يقل عددهم عن:

1- أربعة محامين لا تقل خبرتهم المهنية عن 10 سنوات في نقابة المحامين؛

2- ثلاثة مدرسين من الجامعات أو الكليات الموجودة في المناطق الناطقة بالفلمنكية أو الفرنسية لا تقل خبرتهم المهنية عن 10 سنوات من العمل المرتبط بعمل المجلس الأعلى؛

3- أربعة أعضاء حاصلين على الأقل على دبلوم من كلية في المنطقة الفلمنكية أو الفرنسية ولا تقل خبرتهم عن 10 سنوات في الشؤون القانونية، أو الاقتصادية، أو الإدارية، أو الاجتماعية أو العلمية التي لها صلة بعمل المجلس الأعلى [...]".

2-4 وتنص أيضا الفقرة 2 من المادة 259 مكرراً - 2 على ما يلي:

"يعين مجلس الشيوخ الأعضاء من غير القضاة بأغلبية ثلثي المصوتين. ودون المساس بالحق في تقديم طلبات فردية، يجوز لكل هيئة للمحامين وكل جامعة وكلية في المنطقة الفرنسية والمنطقة الفلمنكية تقديم مرشحين. وفي كل هيئة يعيَّن خمسة أعضاء على الأقل من المرشحين المقترحين".

2-5 وأخيراً، ووفقا للفقرة 4 من المادة ذاتها، "تُعد قائمة بالأعضاء المناوبين في المجلس الأعلى طيلة فترة الولاية [...]. وبالنسبة للأعضاء من غير القضاة، يعد مجلس الشيوخ هذه القائمة [...] وتتضمن المرشحين غير المعينين".

2-6 وتنص الفقرة 5 من المادة 259 مكرراً - 2 على إرسال الترشيحات إلى رئيس مجلس الشيوخ، برسالة مسجلة في غضون أجل حدد بالضبط في ثلاثة شهور بعد الإعلان عن الترشيح.

2-7 وفي 25 حزيران/يونيه 1999، نشر مجلس الشيوخ في الجريدة الرسمية إعلاناً عن الترشيح لشغل المقاعد المخصصة لغير القضاة في المجلس الأعلى للعدل.

2-8 وفي 16 أيلول/سبتمبر 1999، قدم السيد غ. جاكوبس، المساعد القانوني الأول في مجلس الدولة، ترشيحه في غضون الفترة القانونية المحددة بثلاثة أشهر.

2-9 وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 1999، نشر مجلس الشيوخ إعلاناً ثانياً يدعو إلى الترشيح.

2-10 وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1999، انتخب مجلس الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للعدل. لم يُنتخب صاحب البلاغ لكنه أدرج في قائمة الأعضاء المناوبين من غير القضاة على النحو المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 295 مكرراً - 2.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحكم القانون، أي قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، ولتطبيق مجلس الشيوخ لهذه القاعدة.

3-2 ففيما يتعلق بحكم القانون، يرى صاحب البلاغ أن الفقرة 3 من المادة 259 مكرراً - 1 تنتهك أحكام المواد 2 و3 و25 و26 من العهد للأسباب التالية.

3-3 يدعي صاحب البلاغ أن إدراج شرط المساواة بين الجنسين، أي تخصيص أربعة مقاعد للنساء وأربعة أُخرى للرجال لشغل مناصب غير القضاة في كل هيئة، يستحيل معه القيام بالمقارنة الضرورية لمؤهلات المرشحين لعضوية المجلس الأعلى للعدل. وحسب رأيه، فإن هذا الشرط يعني أن مرشحين مؤهلين بشكل أفضل قد يُرد ترشيحهم لفائدة مرشحين آخرين لا أهلية لهم سوى استيفائهم للشرط الجنساني. ويدعي صاحب البلاغ أن الشرط الجنساني، في حالته، ليس في صالح المرشحين من الذكور بل إنه قد يكون في غير صالح النساء مستقبلا، وذلك هو التمييز.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضا أن من الممنوع منعاً باتاً تطبيق الشرط الجنساني على التعيينات التي تجريها أطراف ثالثة (أصحاب العمل) بموجب قانون 7 أيار/مايو 1999 المتعلق بالمساواة بين الرجال والنساء في المعاملة فيما يتعلق بظروف العمل، والحصول على العمل وفرص الترقية، والحصول على مهنة مستقلة ونظم تكميلية للضمان الاجتماعي. ويحتج صاحب البلاغ بأن المجلس الأعلى للعدل خاضع لأحكام هذا القانون، وبالتالي فإن تطبيق الشرط الجنساني في هذا الصدد ضرب من التمييز.

3-5 ويرى صاحب البلاغ، مستنداً إلى دراسة تحليلية أجرتها إدارة الشؤون القانونية في مجلس الدولة (2) ، أن تطبيق الشرط الجنساني على فئة غير القضاة بكاملها قد يؤدي أيضا إلى التمييز فيما بين المرشحين في الفئات الثلاث داخل تلك المجموعة.

3-6 وفيما يتعلق بتطبيق حكم القانون، يقول صاحب البلاغ إن الأعضاء الفلمنكيين من غير القضاة يُعيَّنون بصرف النظر عن الإجراء المعمول به، ودون أي مقابلات ولا أي محاولة لتصنيف المرشحين، ودون مقارنة مؤهلاتهم، وفي ذلك انتهاك لأحكام المواد 2 و19 و25 من العهد.

3-7 ويدعي صاحب البلاغ أن المعيار الرئيسي المعمول به في هذه التعيينات هو العضوية في حزب سياسي، أي المحاباة: فقد خصصت مقاعد غير القضاة لأخت أحد أعضاء مجلس الشيوخ، ولمساعد لأحد هؤلاء الأعضاء ولمساعد شخصي لأحد الوزراء. أما الوثائق المطلوبة من المرشحين لإثبات عشر سنوات أو أكثر من الخبرة المهنية المرتبطة بعمل المجلس الأعلى فلا يُنظَر فيها ولا تُقارن. ويضيف قائلا إن أحد أعضاء مجلس الشيوخ استقال احتجاجا على المحاباة السياسية وأدلى إلى الصحافة بآرائه، وأن مرشحا بعث برسالة إلى أعضاء مجلس الشيوخ يبين فيها أن مؤهلاته أعلى من مؤهلات المرشحين الناجحين.

3-8 ويحاجج صاحب البلاغ بأن تطبيق الشرط الجنساني أدى أيضا إلى انتهاك مبدأ المساواة لأن تعيين الرجال فقط، في فئة الأساتذة الجامعيين، أحدث عدم مساواة بين مختلف الفئات في مجموعة الأعضاء من غير القضاة.

3-9 ويدعي صاحب البلاغ أن القصد من الإعلان الثاني عن الترشيح لأحد المقاعد المخصصة لغير القضاة كان بهدف قبول ترشيحات بعد انتهاء الموعد الذي حدده الإعلان الأول للترشيح، وذلك أمر غير قانوني ويدخل في باب التمييز.

3-10 ويحتج صاحب البلاغ أيضا بأن تعيين الأعضاء المناوبين من غير القضاة حسب الترتيب الأبجدي أمر مخالف للقانون، ودليل على عدم الأخذ بالمؤهلات ويؤدي إلى التمييز بين المرشحين المعينين والأعضاء المناوبين.

3-11 وختاماً، يقول صاحب البلاغ إنه لا يوجد أي إجراء للطعن في هذه الانتهاكات المذكورة أعلاه ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية.

3-12 يرى أن المادة 14 من القوانين المنسقة المتعلقة بمجلس الدولة لا تسمح بأي طعن لدى مجلس الدولة بشأن التعيينات. ويذهب صاحب البلاغ أيضا إلى القول باستحالة توجيه طلب إلى محكمة التحكيم (3) للبت أولياً بشأن المادة 259 مكررا ً- 1 من قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998.

3-13 ويرى صاحب البلاغ أن مجلس الدولة يستمد اختصاصه القضائي، عند بته في قضايا إساءة استعمال السلطة، من أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من القوانين المذكورة أعلاه، التي تنص على أن القسم الإداري يصدر قرارات بشأن طلبات الإلغاء التي تقدَّم بسبب خرق في شكل الإجراء، إما المناسب أو المنصوص عليه تحت طائلة الإبطال، أو بسبب تجاوز في السلطة أو استعمالها في غير محلها، ضد أعمال أو إجراءات تنظيمية صادرة عن مختلف السلطات الإدارية أو ضد أحكام إدارية صدرت للبت في منازعات.

3-14 ويقول صاحب البلاغ إن القرارات التي تتخذها السلطة التشريعية خارجة عن نطاق اختصاص مجلس الدولة وأن القول ذاته انطبق من حيث المبدأ، حتى عام 1999، على جميع القوانين، حتى الإدارية منها، الصادرة عن هيئة تابعة لأي مجلس تشريعي. وفي هذا الصدد، ساق على سبيل المثال القرار رقم 69/321 الصادر عن مجلس الدولة بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 1997، والذي رفض المجلس بموجبه طلباً للإلغاء تقدم به السيد ميستر دو بيتزن - برويك ضد قرار لمجلس منطقة العاصمة بروكسل لعدم إدراجه ضمن اللائحة الاحتياطية للتعيين على وظيفة محاسب لأنه رسب في امتحان اللغة الذي نظمه المجلس الإقليمي، وعلل مجلس الدولة رفضه للطلب بعدم اختصاص المجلس بالبت في مشروعية الإجراء المعني. وأشار أيضاً إلى القرار رقم 31/96 الصادر عن محكمة التحكيم بتاريخ 15 أيار/مايو 1996، رداً على طلب مجلس الدولة إصدار حكم أولي بشأن الدعوى ذاتها (مجلس منطقة العاصمة بروكسل) فيما يخص الفقرة 1 من المادة 14 من القوانين المنسقة المتعلقة بمجلس الدولة. ويدعي المدعي في ذلك القرار أن المادة 14 تنتهك مبدأ المساواة من حيث إنها لا تسمح لمجلس الدولة بالنظر في الطعون ضد قرارات إدارية محضة اتخذتها هيئات تشريعية بشأن أفراد في الخدمة المدنية. وقررت محكمة التحكيم أن غياب حق الطعن ضد القرارات الإدارية الصادرة عن مجلس تشريعي أو هيئات تابعة له، بينما بالإمكان رفع هذه الدعوى ضد قرارات صادرة عن سلطة إدارية، يعد انتهاكاً لمبدأي المساواة وعدم التمييز المنصوص عليهما في الدستور. ورأت المحكمة أيضا أن مصدر التمييز ليس المادة 14 وإنما هو نتيجة لثغرة في التشريع، أي غياب حكم ينص على حق الطعن ضد القرارات الإدارية الصادرة عن المجالس التشريعية والهيئات التابعة لها.

3-15 وختاماً، يشير صاحب البلاغ، كادعاء فرعي، إلى أن عدم اتخاذ إجراء للانتصاف من تعيين مجلس الشيوخ لأعضاء المجلس الأعلى للعدل من غير القضاة، يشكل انتهاكاً لأحكام المادتين 2 و14 من العهد، لأنه بالإمكان الحصول على هذا الانتصاف من قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية.

3-16 ويضيف صاحب البلاغ قائلا إنه لم يتمكن من الطعن في الحكم المعني، أي في الفقرة 3 من المادة 295 مكررا ً-1، بشكل مباشر لدى محكمة التحكيم، لأن المصلحة المشروعة المنصوص عليها لم تكن موجودة لديه أثناء فترة الأشهر الستة المسموح بها للطعن. فحسب رأيه، لا يستوفى شرط المصلحة إلا عندما يقدم طلبه ويُقبل، أي خارج أجل الأشهر الستة. ويؤكد صاحب البلاغ أيضا أنه ما كان له أن يعلم أن الحكم المعني سيؤدي بالضرورة إلى تعيين غير قانوني.

3-17 ويرى صاحب البلاغ أنه استوفى شرط استنفاد سبل الانتصاف القانونية المحلية ويشير إلى أن هذه المسألة لم تعرض للنظر فيها بموجب إجراء آخر للتحقيق أو التسوية الدوليين.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف بتاريخ 12 آذار/مارس 2001 و23 آب/أغسطس 2002، نازعت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ.

4-2 ففيما يتعلق بحكم القانون، تؤكد الدولة الطرف أن القانون الخاص المتعلق بمحكمة التحكيم الصادر في 6 كانون الثاني/يناير 1989 يسمح بالفعل لصاحب البلاغ بالطعن في الجزء الذي يعنيه من قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998.

4-3 وتقول الدولة الطرف إن محكمة التحكيم تبت في جملة أمور منها طلبات إلغاء قانون أو جزء منه لانتهاك أحكام المادتين 6 و6 مكرراً من الدستور. وترسخ هاتان المادتان - اللتان أصبحتا الآن المادتين 10 و11 - من الدستور مبدأي المساواة وعدم التمييز ويعد نطاقهما عاماً. فالمادة 11 تحظر جميع أشكال التمييز، كيفما كان أصله. وتشدد الدولة الطرف على أن مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في الدستور ينطبق على جميع الحقوق والحريات الممنوحة للبلجيكيين، بما في ذلك الحقوق والحريات المنبثقة من معاهدات دولية انضمت إليها بلجيكا (4) .

4-4 وتوضح الدولة الطرف أن المادة 2-2 من قانون محكمة التحكيم تنص على جواز الطعن من قِبل أي شخص طبيعي أو كيان قانوني يُثبت مصلحتَه. وفي رأي الدولة الطرف، تعطي محكمة التحكيم لمفهوم "المصلحة" تفسيراً واسعاً، بحيث تبدأ المصلحة من اللحظة التي قد يتأثر فيها الفرد بشكل مباشر وسلبي بالقاعدة المنازَع فيها. وتنص الفقرة 1 من المادة 3 من القانون أيضا على أن طلبات إبطال قانون ما يجب إيداعها في غضون ستة أشهر من نشره.

4-5 وتذَكر الدولة الطرف بأن الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً – 1 من قانون القضاء قد نُشرت في الجريدة الرسمية يوم 2 شباط/فبراير 1999، مما يعني أن الأجل المحدد للطعن لدى محكمة التحكيم ينقضي في 2 آب/أغسطس 1999. أما الإعلان عن ترشيح الأعضاء من غير القضاة للمجلس الأعلى للعدل فقد نُشر في 25 حزيران/يونيه 1999. وعقب هذا الإعلان، الذي كرر الحكم المعني، قدم صاحب البلاغ طلبه إلى مجلس الشيوخ. لذا ترى الدولة الطرف أنه ينبغي ملاحظة أن السيد غ. جاكوبس كان، عند نشر الإعلان عن الترشيح، في حدود الأجل القانوني المحدد لمطالبة محكمة التحكيم بإبطال الحكم المعني. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد استوفى الشروط اللازمة وكانت لديه المصلحة الضرورية لتقديم هذا الطعن.

4-6 وفيما يتعلق بتطبيق حكم القانون تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ كانت لديه إمكانية التقدم بطعن لدى المحاكم والدوائر القضائية التابعة للجهاز القضائي البلجيكي.

4-7 وتحاجج الدولة الطرف بأن المفترض أن تنظر المحكمة في المنازعات الذاتية، التي تنظمها أحكام المادتين 144 و145 من الدستور. فالمادة 144 تمنح المحكمة اختصاصا قضائيا تنفرد به المحكمة للنظر في المنازعات المتعلقة بالحقوق المدنية بينما تخول المادة 145 للمحكمة سلطات مؤقتة، للقانون أن يتجاوزها، في المنازعات المتعلقة بالحقوق السياسية. لذا ترى الدولة الطرف أن الهيئات التشريعية تظل بالتالي خاضعة لإشراف المحاكم والدوائر القضائية طالما أن قراراتها تتعلق بالحقوق المدنية أو السياسية.

4-8 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لا يبين أنه سيعجز عن الطعن في قانونية القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ لدى المحاكم والدوائر القضائية التابعة للجهاز القضائي في سياق نزاع يتعلق بحقوق مدنية أو سياسية. ولذلك ترى الدولة الطرف أن الحكم المنازَع فيه لا يؤدي بالتالي إلى حرمان صاحب البلاغ من جميع سبل الانتصاف القانونية لأن بإمكان السيد غ. جاكوبس أن يثبت حقوقه أمام المحاكم العادية فيما يتعلق بتعيين مجلس الشيوخ لأعضاء المجلس الأعلى للعدل.

4-9 وفيما يتعلق بالادعاء الفرعي بشأن انتهاك مبدأي المساواة وعدم التمييز بسبب عدم اتخاذ إجراء للانتصاف من قرار مجلس الشيوخ القاضي بتعيين أعضاء من غير القضاة في المجلس الأعلى للعدل بينما كان بالإمكان اتخاذ هذا الإجراء ضد قرارات إدارية صادرة عن سلطة إدارية، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لا يمكنه الاحتجاج بقرار محكمة التحكيم رقم 31/96 الصادر بتاريخ 15 أيار/مايو 1996، طالما أن القوانين المنسقة المتعلقة بمجلس الدولة قد عُدلت عملا بهذا القرار. فالفقرة 1 من المادة 14 تنص على أن: "يصدر القسم قرارات بشأن طلبات الإلغاء التي تقدَّم بسبب خرق في شكل الإجراء، إما المناسب أو المنصوص عليه تحت طائلة الإبطال، أو بسبب تجاوز في السلطة أو استعمالها في غير محلها، ضد أعمال أو إجراءات تنظيمية صادرة عن مختلف السلطات الإدارية أو ضد أحكام إدارية صادرة عن مجالس تشريعية أو هيئات تابعة لها، بما فيها الوسطاء المعينون في إطار هذه المجالس، وديوان المحاسبة ومحكمة التحكيم، وهيئات الجهاز القضائي والمجلس الأعلى للعدل، فيما يتعلق بالعقود العامة وبالأفراد العاملين بهذه الهيئات".

4-10 وتوضح الدولة الطرف أن تعيين أعضاء المجلس الأعلى للعدل لا يمكن عده، في هذه الحالة، مجرد إجراء إداري محض اتخذه مجلس الشيوخ وإنما هو إجراء يشكل إلى حد كبير جزءا من ممارسة المجلس لسلطاته التشريعية. وتشدد الدولة الطرف على أن إنشاء المجلس الأعلى للعدل يكتسي أهمية كبرى في المجتمع ولا يمكن مقارنته بتعيين الجهاز التشريعي للموظفين. وينبغي الإشارة هنا إلى مبدأ فصل السلطات الذي ينص عليه الدستور. وترى الدولة الطرف أن ذلك يعني ضمنياً أن سلطة تابعة لفرع من الحكومة لا يمكن أن يحل قرارها محل قرار سلطة نابعة من فرع آخر من الحكومة تمارس صلاحياتها التقديرية، مثل السلطة التقديرية للجهاز التشريعي في تعيين أعضاء المجلس الأعلى للعدل. وفيما يتعلق بقرار محكمة التحكيم رقم 20/2000 الصادر بتاريخ 23 شباط/فبراير 2000 والقرار رقم 63/2002 الصادر بتاريخ 28 آذار/مارس 2002، توضح الدولة الطرف أن بالإمكان الاستناد إلى مبدأ فصل السلطات في الاحتجاج بكون تعيين أعضاء المجلس الأعلى للعدل لا يخضع للطعن لأن الجهاز التشريعي، الذي يشمل مجلس الشيوخ، جهاز مستقل. لذا ترى الدولة الطرف أن عدم وجود سبيل للطعن لدى مجلس الدولة في تعيين أعضاء المجلس الأعلى للعدل لا يشكل بتاتاً انتهاكاً لمبدأي المساواة وعدم التمييز نظراً لأن هذا التعيين قد يُعامل معاملة قرار تشريعي.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في التعليقات التي أبداها صاحب البلاغ بتاريخ 14 تموز/يوليه 2001 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2002 يؤكد صاحب البلاغ حججه ويتوسع في عرضها.

5-2 ففيما يتعلق بحكم القانون، يعترض صاحب البلاغ على حجة الدولة الطرف بشأن إمكانية التقدم بطلب إلى محكمة التحكيم لإبطال القرار. ويؤكد صاحب البلاغ أن الطعن لا يمكن تقديمه إلا عند قبول طلبات التعيين أو تقديمها على الأقل، لأن أي طعن قبل ذلك سيعد من باب الدعوى العمومية. وقد قُدم طلب السيد جاكوبس في 16 أيلول/سبتمبر 1999 وقُبل في 21 أيلول/سبتمبر 1996، أي بعد فترة الأشهر الستة المحددة للطعن والمنصوص عليها في قانون 2 شباط/فبراير 1999. وينتهي صاحب البلاغ إلى أنه بالتالي لا يستوفي شرط المصلحة المباشرة والشخصية المحددة للتقدم بطعن في الفترة المنصوص عليها.

5-3 وبشأن تطبيق حكم القانون، ينطلق صاحب البلاغ من أن غياب سبيل للطعن لدى مجلس الدولة في حالته تؤكده الدولة الطرف في ملاحظاتها وبالتالي يشكل ذلك انتهاكاً لأحكام المادتين 2 و14 من العهد. وخلافاً لما ذهبت إليه الدولة الطرف، يرى صاحب البلاغ، على غرار ما انتهت إليه محكمة التحكيم في قرارها رقم 31/96، أن الفصل بين السلطات لا يمكن تفسيره على أنه إشارة ضمنية لعدم وجود أي اختصاص قضائي لمجلس الدولة عندما تكون هيئة تشريعية طرفاً في نزاع يتعين الفصل فيه، وأن التعيينات التي يقرها مجلس الشيوخ لا يمكن عدها قرارات تشريعية. أما فيما يتعلق بقراري محكمة التحكيم اللذين ذكرتهما الدولة الطرف (القرار رقم 20/2000 ورقم 63/2002)، فيشير صاحب البلاغ إلى أن المسألة كانت في تلك الفترة مسألة تنظيم داخلي فيما بين أعضاء البرلمان أو القضاة، بينما يحاجج بأن المسألة في حالته هي مسألة تعيينات في كيان يوجد بطبيعته في ملتقى فروع مستقلة في الحكومة ولا يشكل جزءا من الجهاز التشريعي في حد ذاته؛ ويعني ذلك أن عدم وجود أي سبيل للطعن ضد تعيين أعضائه يعد انتهاكاً لمبدأ المساواة.

5-4 ويضيف صاحب البلاغ قائلا إن الحجة التي أخذت بها الدولة الطرف في مقارنتها بين أعضاء المجلس الأعلى وموظفي الجهاز التشريعي من حيث "الأهمية في المجتمع" حجة لا يُعتد بها إطلاقاً. ويرى أن الإشارة إلى التمييز لا تتعلق بهاتين الفئتين وإنما بقرارات صادرة عن مجلس تشريعي (أي تعيين أعضاء المجلس الأعلى للعدل في هذه الحالة)، وأن من غير الواضح أيضا كيف يمكن لمعيار "الأهمية في المجتمع" أن يبرر عدم وجود أي سبيل للطعن، لا سيما أن مثل هذا التحقق من التقيد بالقانون لا يعني بأي حال من الأحوال أن المحكمة التي تبت في الطعن قد تستعيض بحكمها عن حكم هيئة أخرى لها سلطتها التقديرية.

5-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن لصاحب البلاغ أن يتقدم بطعنه لدى المحاكم والدوائر القضائية التابعة للجهاز القضائي، يرى صاحب البلاغ، أولا فيما يتعلق بمسألة الوصول إلى المحاكم البلجيكية، أن الدولة الطرف لا يمكنها أن تقتصر على الإشارة إلى الدستور بشكل عام دون تقديم معلومات محددة بشأن نوعية الأساس القانوني الذي من الضروري الاستناد إليه من أجل رفع دعوى وبشأن المحكمة المختصة. ويقول إن الدولة الطرف أغفلت أيضا أي إشارة إلى قانون الدعوى المعمول به في هذه الحالة. أما فيما يتعلق بقانون الدعوى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (5) ، يرى صاحب البلاغ قائلا إن على الدولة المدعى عليها أن تثبت، عند استشهادها بسبل الانتصاف المحلية، أن نظامها القانوني يتيح الفرص لسبل انتصاف فعالة وملائمة، وذلك ما لم تفعله الدولة الطرف في هذه الحالة.

5-6 ويدعى صاحب البلاغ أن عدم وجود آلية ملائمة للطعن يعني أن المحاكم لا يمكنها وضع حد للانتهاك. وفي هذه الحالة، لا يمكن للمحاكم إبطال القرار المنازَع فيه. وعلاوة على ذلك، وبالنسبة للقضايا التي يمارس فيها البرلمان قدراً من حرية التقدير، لا يمكن للمحكمة أن تأمر بالتعويض العيني (غياب أمر زجري إيجابي). وظناً منه أن الدولة الطرف ربما تقصد إمكانية عرض القضية أمام المحكمة الابتدائية عملا بالمادة 1382 من القانون المدني، يرى صاحب البلاغ أن ذلك لن يشكل إجراءً فعالاً. وعلى افتراض أن المطالبة بالتعويض عن الضرر قد تعد آلية ملائمة للطعن، يرى صاحب البلاغ أن من المستحيل رفع دعوى بشأن ذلك في الممارسة. وبعد الإشارة إلى مختلف الدراسات التحليلية في المجال القانوني في بلجيكا، ينتهي صاحب البلاغ إلى القول بعدم إمكانية تحميل المسؤولية القانونية للسلطة التشريعية والسلطة القضائية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 في الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف بتاريخ 12 آذار/مارس 2001 وفي 23 آب/أغسطس 2002، ذهبت الدولة الطرف إلى أن البلاغ لا يستند إلى أساس.

6-2 ففيما يتعلق بحكم القانون، توضح الدولة الطرف أن الهدف المنشود هو ضمان عدد كاف من المرشحين المنتخبين من كلا الجنسين. وتضيف الدولة الطرف قائلة إن وجود النساء في المجلس الأعلى للعدل جاء وفقا لرغبة البرلمان في التشجيع على تكافؤ فرص الوصول إلى الوظائف العامة للرجال والنساء وفقا للمادة 11 مكرراً من الدستور.

6-3 وفي معرض الإشارة إلى المناقشة التي جرت بشأن هذه المسألة خلال الأعمال التحضيرية لقانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، تشدد الدولة الطرف على أن المشرعين رأوا ضرورة أن يكون من بين القضاة الأحد عشر والأعضاء الأحد عشر من غير القضاة ما لا يقل عن أربعة رجال وأربع نساء، تفادياً لأي نقص في تمثيل أي من الجنسين في كلتا الفئتين. وفي رأي الدولة الطرف، يؤكد التقرير المتعلق بهذا المقترح أيضا أن على كل هيئة أن تشمل أعضاء من كلا الجنسين، بما أن المجلس الأعلى للعدل يقوم أيضا بدور هيئة استشارية. وبالتالي رغب البرلمان في تطبيق المبادئ المنصوص عليها في قانون 20 تموز/يوليه 1990 تشجيعاً للتوازن في تمثيل الرجال والنساء في الهيئات الاستشارية. وترى الدولة الطرف انطلاقا من ذلك أن هدف الحكم المعني في هذه المسألة، أي الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1، هدف مشروع.

6-4 وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن النص على أن يكون أربعة مرشحين من أصل 11 مرشحا - أو ما يزيد على الثلث بقليل - من الجنس الآخر لا يؤدي إلى تقييد غير متناسب لحق المرشحين في الوصول إلى الخدمة المدنية. فالقصد من هذه القاعدة هو ضمان التوازن بين الجنسين في التمثيل وترى اللجنة أن هذه القاعدة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف المشروع وأقل الوسائل تقييدا في آن واحد.

6-5 وبناء عليه، ترى الدولة الطرف أن هذه الأحكام الرامية إلى ضمان المساواة الفعلية لا تحيد عن المبادئ التي تحظر التمييز على أساس الجنس.

6-6 أما فيما يتعلق بادعاء التمييز بين الأشخاص الذين تعينهم السلطات التشريعية وأطراف ثالثة، تشير الدولة الطرف إلى قانون 22 تموز/يوليه 1990 الرامي إلى تشجيع التوازن في تمثيل الرجال والنساء في الهيئات التي لها صفة استشارية. وتقول الدولة الطرف إن هذا القانون يفرض درجة من التوازن بين الجنسين ويُعمل به كلما كانت للهيئة صفة استشارية، كما هو الحال بالنسبة للمجلس الأعلى للعدل. وبالتالي، لا ترى الدولة الطرف أي تمييز بما أن قاعدة التوازن بين الجنسين تنطبق على جميع الهيئات الاستشارية.

6-7 وفيما يخص إشارة صاحب البلاغ إلى أصحاب العمل دعما لادعائه التمييز ضده، تؤكد الدولة الطرف أن القانون المذكور أعلاه الصادر بتاريخ 7 أيار/مايو 1999 لا ينطبق على حالته، وتشير إلى الفقرة 1 من المادة 3 من هذا القانون التي تصف العمال بالعبارات التالية: "الأشخاص الذين ينجزون عملا بموجب عقد عمل أو الأشخاص الذين ينجزون عملا تحت سلطة طرف ثالث، غير عقد عمل، بمن فيهم المتعلمون". وترى الدولة الطرف أن في تعليل صاحب البلاغ قصوراً من الناحية القانونية لأنه يقارن ما لا يُقارن: فأعضاء المجلس الأعلى للعدل لا يمكن أن يطلق عليهم وصف "عمال" بالمفهوم المنصوص عليه في القانون السالف ذكره، لأنهم لا ينجزون عملا.

6-8 وفيما يتعلق بادعاء التمييز حسب الفئة الفرعية، توضح الدولة الطرف، مشيرةً إلى الأعمال التحضيرية لقانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 (6) ، أن هذا القانون يراعي فعلا ملاحظات مجلس الدولة التي يشير إليها صاحب البلاغ. وتشدد الدولة الطرف على أن الحكومة قدمت تعديلا على تعديل من أجل تغيير الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 بإضافة حكم ينص على أن تتضمن فئة الأعضاء من غير القضاة أربعة أعضاء من كل جنس في كل هيئة.

6-9 وبالتالي، ترى الدولة الطرف أن هذا القانون قد صحح التوازن بين الهدف الذي يسعى هذا التدبير إلى تحقيقه، ألا وهو تشجيع المساواة بين الرجال والنساء في الحالات التي قد لا يوجد فيها حاليا،ً وبين أحد الأهداف الرئيسية للقانون، وهو إنشاء مجلس أعلى للعدل مكون من أفراد يُختارون لكفاءتهم بصورة موضوعية. وتوضح الدولة الطرف من جهة أن فئة غير القضاة، المقابلة لفئة القضاة، هي فئة متميزة يجب أن تكون لجميع أعضائها خبرة 10 سنوات، وأن القواعد المتعلقة بجنس المرشحين داخل فئتي القضاة وغير القضاة هي من جهة أخرى قواعد معقولة تبررها الأهداف المشروعة التي تنشدها تلك القواعد.

6-10 وفيما يتعلق بتطبيق حكم القانون والشكوى من كون الأعضاء من غير القضاة يُعينون على أساس عضويتهم في حزب سياسي، تبين الدولة الطرف أن المجلس الأعلى للعدل أنشئ بموجب تعديل المادة 151 من الدستور وأن نظام ولايته طبق بموجب ذلك. وتنص تلك المادة على المبادئ الأساسية المتعلقة باستقلالية الجهاز القضائي، وتكوين المجلس الأعلى للعدل وصلاحياته، وإجراءات تعيين القضاة وتنصيبهم، ونظامي الولاية والتقييم.

6-11 وتحاجج الدولة الطرف بأن تكوين المجلس الأعلى للعدل (من قضاة وغير قضاة) واختصاصاته (ليست له أي سلطات قضائية) يمنعان من عده هيئة ممثلة للجهاز القضائي، رغم أن أعماله تنظمه المادة 151 من الدستور. فواقع الأمر أن المجلس هيئة من نوع خاص ولا يشكل جزءا من أي من الفروع الثلاثة للحكم. وحسب الدولة الطرف، يعد هذا المجلس هيئة وسيطة تربط بين الجهاز القضائي (الذي على الهيئة احترام استقلاليته) والجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي.

6-12 وتوضح الدولة الطرف أن وجود أعضاء من غير القضاة يساعد القضاة في تفادي الإفراط في اتباع نهج ضيق إزاء عمل المجلس، ويشكل مساهمة أساسية في منظور وخبرة هؤلاء الأشخاص المعرضين لضوابط القانون. وتشدد الدولة الطرف مستدركةً أن ذلك لا ينبغي أن يترتب عليه تعيين أفراد عاجزين عن مساعدة المجلس الأعلى في الاضطلاع بمهامه.

6-13 وتدعي الدولة الطرف كذلك، فيما يتعلق بتعيين الأفراد من غير القضاة، أن كل الأسباب تدعو إلى إنشاء نظام يرمي من جهة إلى منع الهيئات السياسية من التدخل وبالتالي من مزيد من "التسييس"، وإلى التعويض، من جهة أخرى، عن الطبيعة غير الديمقراطية نوعا لاختيار المشرحين الذين تقدمهم كل الفئات المهنية المعنية.

6-14 وحسب الدولة الطرف، كان هذا هو السبب الذي دفع البرلمان إلى الأخذ في الدستور بنظام مختلط يعين فيه مجلس الشيوخ جميع الأعضاء من غير القضاة بأغلبية ثلثي الأصوات المدلى بها، لكن يجب شغل 5 مقاعد من أصل 11 مقعدا شاغراً في كل هيئة بمرشحين تقدمهم رابطات المحامين، والمعاهد والجامعات. ويسمح هذا النظام لكل من هذه المؤسسات بتقديم مرشح أو أكثر ممن تُستوفى فيهم الشروط القانونية (ولا ينتمون بالضرورة إلى الفئة المهنية ذاتها التي هي الفئة المقدمة للترشيح) ويعدون أهلا لهذا المنصب.

6-15 وترى الدولة الطرف أن القصد من إنشاء المجلس الأعلى للعدل والهدف المنشود منه هو نزع الطابع السياسي عن التعيينات القضائية. إذ يجب على مجلس الشيوخ أن ينتخب المرشحين بأغلبية ثلثي الأعضاء المصوتين، أي بالأغلبية النسبية، وذلك ما يضمن عدم تسييس النظام.

6-16 وتصف الدولة الطرف بالتفصيل أيضا الإجراء المعمول به في تعيين الأعضاء من غير القضاة في هذه الحالة قيد النظر.

6-17 فبشكل عام، تقدم 106 مرشحين من غير القضاة، منهم 57 ناطقا باللغة الفرنسية و49 ناطقا بالهولندية؛ وكانت سيرهم الشخصية وملفاتهم متاحة لأعضاء مجلس الشيوخ في قلم المجلس قصد التشاور بشأنها. ونظرا لكثرة المرشحين، تقرر، لأسباب عملية، عدم إجراء مقابلات. فتخصيص ما بين 15 و30 دقيقة لكل شخص، سيتطلب ما لا يقل عن فترة تتراوح بين 26.5 ساعة و53 ساعة لإجراء مقابلات مع 106 مرشحين. ونظرا للضغوط التي يفرضها الجدول الزمني لأعمال البرلمان، يستحيل تخصيص هذا القدر من الوقت لإجراء المقابلات. إذ كان سيعني ذلك إما تخصيص عدة أيام متتالية للمقابلات أو إدراجها على فترات متقطعة تمتد إلى أسابيع. وفي كلتا الحالتين، ما كان ليتسنى إجراء المقابلات لجميع المرشحين في ظروف مماثلة، لأنه ما كان لأعضاء مجلس الشيوخ ذاتهم أن يتمكنوا على الأرجح من حضور كل مقابلة. وبالتالي، رأت الدولة الطرف أن الأخذ بإجراء يستند إلى الوثائق هو أفضل الوسائل للتقيد بمبدأ عدم التمييز. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن مجلس الشيوخ غير ملزم تماما بإجراء المقابلات لا من الناحية الدستورية ولا القانونية أو التنظيمية.

6-18 وتذكّر الدولة الطرف بوجوب مراعاة خمسة معايير مختلفة عند تعيين الأعضاء من غير القضاة (إذ يجب أن تتألف كل هيئة مما لا يقل عن أربعة محامين وثلاثة مدرسين في معهد أو جامعة من المنطقة الناطقة بالفرنسية أو الفلمنكية، وأربعة أعضاء حاصلين على شهادة مؤهلة على الأقل من معهد أو جامعة من المنطقة الناطقة بالفرنسية أو الفلمنكية، وأربعة أعضاء من كل جنس وخمسة أعضاء ترشحهم الجامعات أو المعاهد و/أو رابطات المحامين)؛ وتوضح الدولة الطرف أن هيئات مجلس الشيوخ قررت وضع قائمة بأسماء المرشحين الموصى بهم، نظراً لعدد المعايير وتداخلها. ويبدو أن أي إجراء آخر كان سيستحيل العمل به، بل كان سيميز ضد بعض المرشحين. فعلى سبيل المثال، لو تقرر التصويت على كل مرشح فسيعني ذلك تنظيم ما لا يقل عن 22 عملية اقتراع مستقلة. وإذا لم يحصل مرشح في إحدى هذه العمليات على أغلبية الثلثين، كما هو وارد، فسيتعين تنظيم جولة ثانية من التصويت، وبالتالي زيادة العدد الإجمالي لعمليات الاقتراع. وفي الآن ذاته، كان سيلزم العمل، طوال الاقتراع، على ضمان استيفاء جميع شروط العضوية لكل هيئة: فإذا اكتشف مجلس الشيوخ، بعد تعيين ثمانية أعضاء في الهيئة الناطقة بالفرنسية مثلا، أن المجلس لم ينتخب سوى مرشح واحد من المحامين، فلن يظل من المؤهلين سوى بقية المرشحين المحامين. وبالتالي سيصبح من الوارد في مرحلة ما أن لا يجري التصويت إلا على مرشحين معينين. ثم إن المشكلة نفسها كانت ستنشأ لو أن التصويت استند إلى الفئات. وتشير الدولة الطرف إلى أن نهج أسلوب القوائم الموصى به في إجراءات التعيين والتنصيب ممارسة جارية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

6-19 ولوضع قائمة المرشحين الموصى بهم، اجتمع أعضاء مكتب مجلس الشيوخ، الناطقون بالفرنسية منهم والناطقون بالهولندية كل على حدة في 17 كانون الأول/ديسمبر 1999. وتقرر السماح لعضو من كل فريق سياسي بحضور الاجتماع. وأتاح ذلك لجميع الفرق، بما في ذلك الفريق الوحيد غير الممثل بين أعضاء مكتب مجلس الشيوخ، المشاركة الفعلية في استعراض المرشحين. وقد تلقى أعضاء مكتب مجلس الشيوخ السير الشخصية لجميع المرشحين قبل الاجتماع، كما أن ملفات المرشحين كانت متاحة للاطلاع عليها في قلم مجلس الشيوخ فور إغلاق باب الترشح. ودرس ممثلو الفرق السياسية السير الشخصية لجميع المرشحين خلال الاجتماعات التي عقدت لوضع قائمة المرشحين، وبالتالي كانت ملفات جميع المرشحين وسيرهم الشخصية متاحة طيلة كل اجتماع. وقد قُدم وصف مفصل للإجراء المتبع عند وضع قائمة المرشحين الموصى بهم للعضوية في الهيئة الناطقة بالهولندية مثلا في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ التي عقدت في 23 كانون الأول/ديسمبر 1999. واستعرض النائب الأول لرئيس مجلس الشيوخ جميع الطلبات المقدمة طلباً طلباً، على نحو ما أُوضِح في ذلك الوقت، وعندما أدلى كل مشارك برأيه، اختير 16 مرشحاً. ثم تم النظر في قائمة هؤلاء المرشحين الستة عشر بالرجوع إلى المعايير الخمسة المذكورة أعلاه فاحتفظ 13 مرشحاً (لشغل 11 مقعداً). وأخيراً، وبعد طول مناقشة، اختيرت أسماء المرشحين ال‍ 11 لوضعها في القائمة.

6-20 ولدى التعيين الفعلي للأعضاء من غير القضاة في جلسة 23 كانون الأول/ديسمبر 1999، كان لأعضاء مجلس الشيوخ أن يختاروا، في اقتراع سري، إما الموافقة على القائمة الموصى بها أو اختيار المرشحين بأنفسهم إذا لم تحصل القائمة على موافقتهم. وعليه، أُعطي الأعضاء ورقة اقتراع من جزأين: (أ) قائمة من 11 مرشحاً ناطقا بالفرنسية و11 مرشحا ناطقا بالهولندية أمام أسمائهم خانة واحدة يتعين وضع علامة فيها؛ و(ب) قائمة بأسماء جميع المرشحين، قُسمت إلى ثلاث فئات هي "ذوو المؤهلات"، و"المحامون"، و"المدرسون"، أمام كل اسم خانة. وتضمنت ورقة الاقتراع أيضا الأحكام القانونية التي تنص على معايير العضوية في المجلس. فأما الأعضاء الذين أيدوا القائمة الموصى بها فطُلب إليهم وضع علامة في الخانة الموجودة على رأس تلك القائمة. وأما الذين لم يشاءوا الموافقة على القائمة الموصى بها فطلب إليهم الإدلاء 22 صوتا لاختيار عدد الأعضاء المفضلين لديهم، وأقصاه 11 ناطقا بالفرنسية و11 ناطقا بالهولندية.

6-21 وجاءت نتائج الاقتراع السري على النحو التالي:

الأصوات المدلى بها: 59

البطاقات الفارغة أو الملغاة: 2

الأصوات الصحيحة: 57

أغلبية الثلثين: 38

حصلت القائمة الموصى بها على 54 صوتاً.

6-22 وهكذا يتبين، حسب رأي الدولة الطرف، أن السير الشخصية للمرشحين درست بدقة وأن مؤهلاتهم خضعت للمقارنة قبل وضع القائمة الموصى بها أو قبل أن يقوم مجلس الشيوخ بتعيين الأعضاء في جلسة عامة. وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أن شكاوى صاحب البلاغ بشأن تسييس العملية ومحاباة الأقارب تستند إلى بيانات الصحف ولا تقوم على أي دليل.

6-23 وفيما يتعلق بالشكوى من التمييز بين الفئات الفرعية، تشير الدولة الطرف إلى الحجج المذكورة أعلاه بشأن حكم القانون.

6-24 أما فيما يتعلق بالشكوى من التمييز ضد المرشحين عند إعلان مجلس الشيوخ عن تقديم الترشيحات مرة ثانية، تبين الدولة الطرف أن الإعلان الثاني صدر لأن الأول لم يجلب طلبات كافية: فبالنسبة للهيئة الناطقة بالهولندية ورد طلبان من مرشحتين، بيد أنه بموجب الفقرة 3 من المادة 295 – مكرراً - 1 من قانون القضاء، يجب أن تتألف مجموعة غير القضاة في هيئتي المجلس الأعلى من أربعة أعضاء من كل جنس على الأقل، ويجب استيفاء ذلك الشرط عند إنشاء المجلس. وتوضح الدولة الطرف أن القانون والسوابق القضائية لمجلس الدولة، والممارسة البرلمانية تسمح كلها لمجلس الشيوخ بإصدار إعلان ثان لتقديم الترشيحات، وأن الإعلان الثاني كان موجها لكل الراغبين في تقديم طلب، بمن فيهم الذين سبق لهم أن استجابوا للإعلان الأول (مما يتيح لصاحب البلاغ أن يقدم طلبه من جديد). وعلاوة على ذلك، ظلت الطلبات التي أرسلت استجابة للإعلان الأول مقبولةً، حسب الدولة الطرف، وذُكر ذلك صراحة في الإعلان الثاني. لذلك تنتهي الدولة الطرف إلى القول بعدم وجود أي تمييز وتؤكد أنه ما كان من الممكن تشكيل مجلس أعلى للعدل وفقا للدستور دون توجيه نداء ثان إلى غير القضاة من أجل تقديم ترشيحاتهم.

6-25 ورداً على الشكوى من التمييز بسبب ترتيب الأعضاء المناوبين من غير القضاة أبجدياً، بخلاف القضاة، تشير الدولة الطرف إلى أن القانون ينص صراحة على ترتيب القضاة حسب عدد الأصوات المتحصل عليها، بينما يترك لمجلس الشيوخ حرية ترتيب الأعضاء من غير القضاة كيفما يشاء (7) . غير أن الدولة الطرف ترى أن الترتيب الأبجدي للمرشحين لا يعني ضمنياً ترتيب الخلافة. وتوضح الدولة الطرف أن ترتيب الخلافة يتوقف في الواقع على نوعية المقعد الشاغر، أي الفئة الفرعية التي ينتمي إليها العضو المنتهية ولايته من غير القضاة. فعندما يصير مقعد ما شاغراً، يجب على مجلس الشيوخ تعيين عضو جديد ولكي يفعل ذلك، عليه أولا أن يحدد مواصفات الخلف، أي تحديد الشروط التي يتعين استيفاؤها في المرشح الجديد إذا أريد للمجلس أن يظل مشكلا وفقا للقانون. ففي المقام الأول على المجلس أن يقرر من هم المرشحون المؤهلون، ويتوقف ذلك على مؤهلات كل من العضو المتقاعد أو المتوفى وبقية الأعضاء. ويُعد مؤهلا للتعيين جميع المرشحين الذين يتفق تعيينهم مع الترتيبات العادلة التي ينص عليها القانون. لذا ليس من الصحيح ادعاء تعيين الخلف حسب الترتيب الأبجدي، انتهاكاً لمبدأ المساواة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 يصر صاحب البلاغ على شكواه من الدولة الطرف في تعليقاته التي بعث فيها بتاريخ 14 تموز/يوليه 2001، وفي 15 شباط/فبراير 2002 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

7-2 وأشار إلى الحكم الصادر في قضية كالانكي (حكم المحكمة الأوروبية رقم C-450/93، الصادر بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 1995)، الذي وجد تمييزاً في المفاضلة بين الأشخاص المتساوين في المؤهلات على أساس جنسهم عند تعيينهم في القطاعات التي ينقص تمثيلهم فيها، يكرر صاحب البلاغ من جديد أن مبدأ التعيين على أساس الحصص، أي دون مقارنة مؤهلات المرشحين يعد، في هذه الحالة، انتهاكاً لمبدأ المساواة. ويضيف صاحب البلاغ مشيراً إلى أنه إذا كان من الوارد إعطاء الأولوية للمرشحات عند تساوي المرشحين معهن في المؤهلات (وإن كان ذلك من المشكوك فيه في حد ذاته)، فإن ذلك لا يتحقق إلا إذا نصت القواعد على أنه في كل حالة تتساوى فيها مؤهلات مرشح ذكر أو أنثى مع مرشح آخر ذكراً كان أم أنثى، يجرى عند ذلك تقييم موضوعي للطلبات، تُدرس فيه جميع الشروط التي ينبغي استيفاؤها في كل مرشح، وعندما يرجح شرط أو أكثر كفة مرشح أو مرشحة، يلغى إعطاء الأولوية للرجال أو النساء. وفي رأي صاحب البلاغ، أن الحصص الثابتة، بل والأكثر منها الحصص العائمة، تحول دون تحقيق ذلك. ويحاجج صاحب البلاغ بأن ادعاء الدولة الطرف أن السبيل الوحيد إلى تحقيق التوازن في التمثيل بين الجنسين في هذه الحالة هو العمل بنظام الحصص هو ادعاء لا يستند إلى أساس وغير مقبول. ويؤكد صاحب البلاغ أن ثمة خطوات أخرى للبرلمان أن يتخذها، ألا وهي إزالة الحواجز الاجتماعية، وتيسير سبل الوصول إلى هذه الوظائف لفئات معينة. ويضيف قائلا إنه لا وجود لأي عدم مساواة بين الرجال والنساء في القضية قيد النظر، لأن فئة النساء قدمت طلبات قليلة للغاية (ورد طلبان فقط من امرأتين ناطقتين بالهولندية عقب الإعلان الأول)، وهذا ما يدل في نظر صاحب البلاغ على أن القصد من هذه العملية غير مشروع. ويوضح صاحب البلاغ أيضا أن إشارة الدولة الطرف إلى المادة 11 مكرراً من الدستور غير وجيهة لأن المادة أضيفت في 21 شباط/فبراير 2002، وبالتالي لم تكن موجودة وقت اتخاذ القرار محل النزاع.

7-3 وفيما يتعلق بالشكوى من التمييز بين الأفراد الذين يعينهم الجهاز التشريعي وأولئك الذين تسميهم أطراف ثالثة، يعترض صاحب البلاغ على احتجاج الدولة الطرف بقانون 20 تموز/يوليه 1990، المتعلق بتعزيز التوازن بين الرجال والنساء في الهيئات الاستشارية، لأن المجلس الأعلى، حسب رأيه، أكبر من مجرد هيئة استشارية. ويدعي صاحب البلاغ أن قانون 7 أيار/مايو 1999 المتعلق بالمساواة في معاملة الرجال والنساء - والذي يحظر وضع شروط جنسانية - هو القانون المعمول به في هذه الحالة. فهو يرى أن هذا القانون يسري على مجلس الشيوخ في إعلانه عن الترشيحات من جهة، لأنه يشمل موظفي القطاع العام بشكل خاص، ويسرى على أعضاء المجلس الأعلى للعدل من جهة أخرى نظرا لكونهم ينجزون عملا، بخلاف ما تذهب إليه الدولة الطرف. بيد أنه يقر بأن ذلك العمل لا يُنجز "تحت سلطة شخص آخر"، على نحو ما ينص عليه القانون المعني.

7-4 وفيما يتعلق بالشكوى من التمييز ضد فئة فرعية، يشير صاحب البلاغ إلى أن البرلمان قد ميَّز بالفعل بين فئة القضاة وفئة غير القضاة، بناء على مشورة مجلس الدولة. بيد أنه يؤكد أن البرلمان بتحديده الحصص لغير القضاة ارتكب الخطأ ذاته الذي حذر منه مجلس الدولة. ونتيجة لذلك، يعتقد صاحب البلاغ أن ثمة اختلالاً لا يمكن تبريره منطقياً بين درجة التمييز المؤسسي بين المرشحين لتولي المناصب العامة العليا من جهة، وتعزيز المساواة بين الرجال والنساء (المفترض أنها غير موجودة) وأحد الأهداف الرئيسية للقانون، وهي إنشاء محكمة عليا للعدل من أفراد يُختارون لقدراتهم من جهة أخرى.

7-5 وفيما يخص تطبيق حكم القانون، يدعى صاحب البلاغ أن الأعضاء من غير القضاة يعينون لأسباب سياسية وأن لا تُجرى مقارنة لمؤهلات المرشحين ، وسبب ذلك مرة أخرى هو تحديد حصص تميل لصالح النساء.

7-6 ويصر صاحب البلاغ ثانية على أن إصدار الإعلان الثاني لتقديم الترشيحات غير قانوني (لأن فترة الأشهر الثلاثة التي حُددت كانت هي الأجل النهائي) ويؤكد أن الإعلان مكن مرشحين من التعيين نظراً لجنسهم بفضل نظام الحصص، وبواسطة المحاباة. وفي رأي صاحب البلاغ، كان بالإمكان تشكيل المجلس الأعلى للعدل دون اللجوء إلى إعلان ثان، لأن المادة 151 من الدستور، التي تنشئ المجلس، لا تنص على تحديد حصص على أساس جنساني. وفيما يتعلق بقائمة الأعضاء الخلفاء التي ينص عليها القانون، يرى صاحب البلاغ أن هذه القائمة ينبغي أن تنظم ترتيب الخلافة.

مسائل وإجراءات معروضة على اللجنة فيما يتعلق بالمقبولية

8-1 وفقا للمادة 87 من النظام الداخلي للجنة، يجب على اللجنة، قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولا أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

8-2 وقد تأكدت اللجنة، كما تنص على ذلك الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن هذه القضية ذاتها ليست موضع نظر بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

8-3 وبخصوص الحكم محل النزاع، أي الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1، من قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ كان بإمكانه الطعن لدى محكمة التحكيم. وبعد النظر في حجج صاحب البلاغ أيضا، ترى اللجنة أن السيد جاكوبس محق في إصراره على أنه لم يكن في وضع يمكنه من تقديم طعن لأنه لم يكن قادرا على استيفاء شرط المصلحة الشخصية المباشرة في غضون فترة الأشهر الستة التالية لنشر القانون على النحو المنصوص عليه، ولا يمكن تحميله المسؤولية لعدم وجود وسيلة انتصاف (انظر الفقرة 5-2).

8-4 وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ لم يتمكن من تقديم طعن لدى مجلس الدولة، على نحو ما تؤكده الدولة الطرف فعلا عندما تحتج بمبدأ فصل السلطات لتبرير عدم وجود حق للطعن (انظر الفقرة 4-10).

8-5 وفيما يتعلق بتطبيق قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 لا سيما المادة 295 مكرراً -1 منه، تحيط الدولة الطرف علما بادعاء صاحب البلاغ بأن سبل الانتصاف المتاحة لدى بعض المحاكم والدوائر القضائية البلجيكية والتي ذكرتها الدولة الطرف لا تشكل سبل انتصاف فعالة في هذه الحالة. وتذكِّر اللجنة بأنه من المفهوم ضمنيا في المادة 91 من نظامها الداخلي وفي الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن على الدولة الطرف في العهد أن تقدم إلى اللجنة كل ما لديها من معلومات، ويعني ذلك أن تكون المعلومات، في المرحلة التي ستتخذ اللجنة فيها قرارها بشأن مقبولية البلاغ، معلومات مفصلة بشأن سبل الانتصاف المتاحة، ويعني ذلك في هذه الحالة المعينة، السبل المتاحة لأفراد يدعون أنهم ضحايا انتهاك لحقوقهم. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تشر إلا بعبارات عامة إلى سبل الانتصاف المتاحة بموجب القانون البلجيكي، ولم تقدم أي معلومات تذكر بشأن الانتصاف المتاح في هذه القضية، ولم تبين ما إذا كان هذا الانتصاف فعالا ومتاحاً. وفي ضوء هذه الوقائع، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد استوفى الشروط المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-6 وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ من انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 19 من العهد، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة ليست ثابتة بما يكفي من أدلة لكي تقبل بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق بهذا الجزء من البلاغ.

8-7 أما فيما يخص الشكوى من انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، ترى اللجنة أن القضية المعروضة لا تتعلق بتحديد الحقوق والواجبات في قضية قانونية؛ فهي تتعارض من حيث الموضوع مع المادة المحتج بها وبالتالي فهي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

8-8 وختاماً، ترى اللجنة أن البلاغ مقبول لما يبدو من إثارته لمسائل تندرج في المواد 2 و3 و25(ج) و26 من العهد، وينبغي النظر في أسسه الموضوعية، وفقا للفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات الكتابية التي قدمها الطرفان، على نحو ما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 ففيما يتعلق بالشكوى من انتهاك أحكام المواد 2 و3 و25(ج) و26 من العهد، الناشئة عن الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 من قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، تحيط اللجنة علماً بالحجج التي ساقها صاحب البلاغ لدحض الشرط الجنساني المنصوص عليه لشغل مقعد عضو من غير القضاة في المجلس الأعلى للعدل على أساس أن هذا الشرط قائم على التمييز. وتشير اللجنة أيضا إلى الحجة التي تذرعت بها الدولة الطرف لتبرير هذا الشرط مشيرةً في ذلك إلى القانون، وإلى الهدف من هذا الإجراء، وأثره من حيث تعيين المرشحين وإنشاء المجلس الأعلى للعدل.

9-3 وتشير اللجنة إلى أن المادة 25(ج) من العهد تنص على أن لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة 2، ودون قيود غير معقولة، الحق والفرصة في تقلد الوظائف العامة في بلده على قدم المساواة بشكل عام. ولضمان المساواة العامة في تقلد هذه الوظائف، يجب أن تكون معايير التعيين وعملياته موضوعية ومعقولة. وللدول الأطراف أن تتخذ تدابير حتى يضمن القانون مساواة النساء بالرجال في التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 25 (8) . لذا يجب على اللجنة أن تقرر إن كان إدخال شرط جنساني، في القضية المعروضة عليها، يشكل انتهاكاً لأحكام المادة 25 من العهد نظراً لطبيعته التمييزية، أو لأي أحكام أخرى في العهد تتعلق بالتمييز، لا سيما المادتان 2 و3 من العهد، على نحو ما احتج بذلك صاحب البلاغ، أو هل كان لهذا الشرط ما يبرره بشكل موضوعي ومعقول. فالمسألة المطروحة في هذه القضية تتعلق بما إذا كان هناك مبرر صحيح للتمييز بين المرشحين على أساس انتمائهم إلى جنس معين.

9-4 أولاً، تلاحظ اللجنة أن الشرط الجنساني وضعه البرلمان بموجب أحكام قانون 20 تموز/يوليه 1990 المتعلق بتعزيز التوازن بين الرجال والنساء في الهيئات الاستشارية (9) . والهدف في هذه الحالة هو زيادة تمثيل النساء ومشاركتهن في مختلف الهيئات الاستشارية نظراً لعددهن المنخفض جداً في تلك الهيئات (10) . وبشأن هذه النقطة، يتبين للجنة أن تأكيد صاحب البلاغ أن العدد غير الكافي للمرشحات المستجيبات للإعلان الأول يدل على عدم وجود اختلال بين الرجال والنساء هو تأكيد غير مقنع في هذه الحالة؛ بل إن هذا الوضع قد يكشف عن وجود ضرورة لتشجيع النساء على تقلد الوظائف العامة في هيئات مثل المجلس الأعلى للعدل، وعن وجود حاجة إلى اتخاذ تدابير في هذا الصدد. وفي هذه الحالة، يبدو للجنة أن هيئة مثل المجلس الأعلى للعدل قد يكون من المشروع النظر إليها بصفتها هيئة تقتضي أن تكون ذات أبعاد تتجاوز مجرد الخبرة القانونية. والواقع أنه بالنظر إلى مسؤوليات الجهاز القضائي، قد يُفهم من تعزيز الوعي بالقضايا الجنسانية المتعلقة بتطبيق القانون على أنه يقتضي إدراج هذا البعد في هيئة تُعنى بالتعيينات القضائية. وبناء عليه، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن هذا الشرط لا يمكن تبريره بشكل موضوعي ومعقول.

9-5 ثانياً، تلاحظ اللجنة أن الشرط الجنساني ينص على وجود أربعة مرشحين من كل جنس على الأقل من بين الأعضاء ال‍ 11 المعينين من غير القضاة، أي أكثر قليلاً من ثلث المرشحين المختارين. لذا ترى اللجنة، أن مثل هذا الشرط لا يبلغ في هذه الحالة درجة التقييد غير المتناسب لحق المرشحين في تقلد المناصب العامة على قدم المساواة بشكل عام. وعلاوة على ذلك، وخلافاً لما ذهب إليه صاحب البلاغ، لا يجعل الشرط الجنساني من المؤهلات أمراً غير موضوعي، بما أنه منصوص على وجوب أن تكون لجميع الأعضاء من غير القضاة تجربة لا تقل عن 10 سنوات. وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بأن الشرط الجنساني قد يؤدي إلى التمييز بين الفئات الثلاث داخل مجموعة الأعضاء من غير القضاة، نتيجة تعيين الرجال فقط في إحدى الفئات على سبيل المثال، ترى اللجنة أن هناك ثلاث إمكانيات في تلك الحالة وهي: إما أن المرشحات كن أفضل تأهيلا من المرشحين، وفي هذه الحالة فتعيينهن مبرر؛ وإما أن المرشحين والمرشحات استووا في المؤهلات، وعند ذلك لا يمكن عد الأولوية التي تعطى للنساء من باب التمييز بالنظر إلى أهداف القانون المتعلق بتعزيز المساواة بين الرجال والنساء، وهي المساواة التي لا تزال غير موجودة؛ وإما أن المرشحات أقل مؤهلات من المرشحين، وفي هذه الحالة يُلزَم مجلس الشيوخ بإصدار إعلان ثان لتقديم الترشيحات من أجل التوفيق بين هدفي القانون، أي التوازن في المؤهلات والتوازن بين الجنسين، بحيث لا يُلغي أحدهما الآخر. وعلى ذلك الأساس، يبدو أن لا عقبة قانونية تحول دون إعادة فتح باب الترشيح من جديد. وأخيراً، ترى اللجنة أن مبدأ التناسب المعقول قائم بين الغرض من الشرط الجنساني، وهو تعزيز المساواة بين الرجال والنساء في الهيئات الاستشارية؛ والوسائل المستعملة فيه وطرائقه، على نحو ما وُصف أعلاه؛ وأحد الأهداف الرئيسية للقانون، وهي إنشاء مجلس أعلى مؤلف من أفراد مؤهلين. وبناء عليه، ترى اللجنة أن أحكام الفقرة 3 من المادة 295 مكررا ً- 1 من قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998 تستوفي شرط التبرير الموضوعي المعقول.

9-6 واستناداً إلى ما سبق، تنتهي اللجنة إلى أن أحكام الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 لا تنتهك حقوق صاحب البلاغ بموجب أحكام المواد 2 و3 و25(ج) و26 من العهد.

9-7 وفيما يتعلق بالشكوى من انتهاك أحكام المواد 2 و3 و25(ج) و26 من العهد نتيجة تطبيق قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، لا سيما الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 منه، تحيط اللجنة علماً بحجج صاحب البلاغ التي يدعي فيها، في المقام الأول، بأن تعيين الأعضاء الناطقين بالهولندية من غير القضاة، الذين ينتمي السيد جاكوبس إلى فئتهم، تم بدون مراعاة إجراء مرعي، وبدون مقابلات، أو عرض للبيانات الشخصية أو مقارنة للمؤهلات، واستند بدلا من ذلك إلى المحاباة والانتماء السياسي. ونظرت اللجنة أيضا في حجج الدولة الطرف، التي وصفت فيها بالتفصيل إجراءات تعيين الأعضاء من غير القضاة. وتلاحظ اللجنة أن مجلس الشيوخ أعد وطبق إجراءً خاصا للتعيين هو: أولاً وُضعت قائمة بالمرشحين الموصى بهم بعد النظر في جميع الطلبات ومقارنتها على أساس الملفات والسير الشخصية المعنية؛ ثانياً، أعطيت لكل عضو في مجلس الشيوخ فرصة للتصويت، في اقتراع سري، إما لصالح القائمة الموصى بها، أو للتصويت على قائمة بجميع أسماء المرشحين. وترى اللجنة أن هذا الإجراء المتبع في التعيين هو إجراء موضوعي ومعقول للأسباب التي أوضحتها الدولة الطرف في شرحها وهي كما يلي: قبل وضع القائمة الموصى بها وقيام مجلس الشيوخ بالتعيين، تُدرس السيرة الشخصية والملفات المتعلقة بكل مرشح وتقارن مؤهلاته؛ ويتم اختيار إجراء يقوم على النظر في الملفات والسير الشخصية بدلا من إجراء المقابلات نظراً لعدد الطلبات الواردة والقيود المفروضة على برنامج عمل البرلمان، ولعدم وجود أي حكم قانوني ينص على نهج معين في التقييم، مثل المقابلات (الفقرة 6-17)؛ ولدى اختيار أسلوب القائمة الموصى بها يتعين التعامل مع العدد الكبير من المعايير ومع تداخلها، ثم إن هذا الأسلوب سبق العمل به في مجلس الشيوخ ومجلس النواب؛ وختاماً، يمكن لأعضاء مجلس الشيوخ إجراء التعيينات باستخدام أسلوبين في التصويت، يضمنان لهم حرية الاختيار. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن شكاوى صاحب البلاغ من أن تعيين المرشحين تم على أساس المحاباة والاعتبارات السياسية لم تُدعم بما يكفي من أدلة.

9-8 وفيما يخص الشكوى من التمييز بين فئات مجموعة الأعضاء من غير القضاة بسبب العمل بالشرط الجنساني، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يسهب بالقدر الكافي في هذا الجزء من البلاغ لا سيما أنه لم يقدم أي دليل يثبت أن مرشحة عُينت رغم أن مؤهلاتها أقل من مؤهلات المرشحين الذكور.

9-9 وفيما يتعلق بالشكوى من التمييز بين المرشحين في الإعلان الثاني الذي أصدره مجلس الشيوخ لتقديم الترشيحات، وبادعاء أن هذا الإعلان الثاني غير قانوني، تلاحظ اللجنة أن الإعلان صدر لعدم كفاية عدد الطلبات الواردة من النساء، حيث ورد طلبان من امرأتين للعضوية في الهيئة الناطقة بالهولندية - وهو ما سلم به صاحب البلاغ - بينما تنص الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 على أن تتألف كل مجموعة من غير القضاة في المجلس الأعلى للعدل من أربعة أعضاء من كل جنس على الأقل. وبالتالي، ترى اللجنة أن مبرر الإعلان الثاني هو السماح بإنشاء المجلس، علاوة على أنه ليس هناك أي مانع من هذا العمل لا في القانون ولا في الممارسة البرلمانية، لا سيما أن الطلبات التي وردت عقب الإعلان الأول ظلت صالحة.

9-10 وفيما يتعلق بالشكوى من التمييز المتمثل في ترتيب الأعضاء المناوبين من غير القضاة أبجدياً، تلاحظ اللجنة أن الفقرة 4 من المادة 295 مكرراً - 2 من قانون القضاء تخول لمجلس الشيوخ الحق في وضع قائمة بأسماء الأعضاء المناوبين غير أن المادة لا تنص بالنسبة لهؤلاء على أي أسلوب معين في الترتيب بخلاف الأعضاء من القضاة. وبالتالي ترى اللجنة كما يتبين من الحجة التي أوردتها الدولة الطرف بشكل مفصل ما يلي: (أ) لا يعني الترتيب الأبجدي الذي أخذ به مجلس الشيوخ ترتيباً للخلافة؛ (ب) كل خلافة يعلن عنها في حالة وجود مقعد شاغر تتطلب الشروع من جديد في إجراءات التعيين. ولذلك ليس في شكوى صاحب البلاغ ما ينم عن وجود انتهاك.

9-11 وبناء عليه ترى اللجنة أن تطبيق قانون 22 كانون الأول/ديسمبر 1998، لا سيما الفقرة 3 من المادة 295 مكرراً - 1 منه لا يشكل انتهاكاً لأحكام المواد 2 و3 و25(ج) و26 من العهد.

10- لذلك ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة أمامها لا تتضمن انتهاكاً لأي مادة من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص الفقرة 2 من المادة 151 من الدستور المنشئة للمجلس الأعلى للعدل على ما يلي:

"يوجد مجلس أعلى للعدل واحد لكل بلجيكا. ويحترم المجلس الأعلى للعدل في ممارسته لصلاحياته مبدأ الاستقلالية المشار إليه في الفقرة 1. ويتألف المجلس من هيئة ناطقة بالفرنسية وهيئة ناطقة بالهولندية. ولكل هيئة عدد متساو من الأعضاء وتتألف بالتساوي من قضاة وموظفين في مكتب المدعي العام ينتخبهم أقرانهم بشكل مباشر وفقاً للشروط التي ينص عليها القانون وللشكل الذي يحدده، ومن أعضاء آخرين يعينهم مجلس الشيوخ بأغلبية ثلثي الأعضاء المصوتين، وفقاً للشروط التي ينص عليها القانون.

"وفي كل هيئة لجنة للترشيح والتعيين ولجنة للمشورة والتحقيق، يُوزَّع التمثيل فيهما بالتساوي على النحو المنصوص عليه في الفقرة السابقة [...]".

الفقرة 3:

"ويمارس المجلس الأعلى للعدل سلطته في المجالات التالية:

1- تقديم المرشحين لتعيينهم قضاةً [...] أو أعضاء في مكتب المدعي العام؛

2- تقديم المرشحين لتقليدهم مهام [...] رئيس هيئة فرعية في مكتب المدعي العام؛

3- الوصول إلى وظيفة قاض أو عضو في مكتب المدعي العام؛

4- تدريب القضاة وأعضاء مكتب المدعي العام؛

5- وضع المواصفات العامة للتعيينات المشار إليها في الفقرة 2؛

6- إبداء الآراء والمقترحات بشأن سير العمل العام وتنظيم جهاز القضاء؛

7- الإشراف العام والتشجيع على استخدام أساليب الرصد الداخلية؛

8- باستثناء جميع المحاكم التأديبية والجنائية:

- قبول الشكاوى ومتابعتها فيما يتعلق بسير العمل في جهاز القضاء؛

- بدء التحقيقات في عمل جهاز القضاء [...]".

(2) لا يشير صاحب البلاغ إلى الوثيقة التي يستشهد بها لهذا الغرض.

(3) وفقا للقانون الخاص الصادر بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير 1989، المعتمد عملا بالمادة 142 من الدستور، تبت محكمة التحكيم فيما يلي:

1- النزاعات المبينة في المادة 141؛

2- انتهاك قانون أو مرسوم أو قاعدة على النحو المبين في المادة 134 لأحكام المادة 10 (مبدأ المساواة) أو المادة 11 (مبدأ عدم التمييز) أو المادة 24؛

3- انتهاك قانون أو مرسوم أو قاعدة على النحو المبين في المادة 134 لمواد الدستور التي يحددها القانون. ويجوز عرض القضايا على المحكمة من قبل أي سلطة يعينها القانون، أو أي شخص ذي مصلحة مشروعة، أو من قبل أي محكمة من أجل الحصول على حكم ابتدائي.

(4)Court of Arbitration, 23 May 1990, R.W. 1990-1991, 75.

(5) Bosano v. France ruling of 18 December 1986, series A, nr. 111, p.18.

(6) تبين لمجلس الدولة أن النص الأولي للقانون ينص على أنه ينبغي لكل هيئة في المجلس الأعلى، التي ينبغي أن تتألف من 11 قاضياً و11 عضوا من غير القضاة، أن لا يكون فيها أقل من ثمانية أعضاء من كل جنس. ولتعيين الأعضاء الأحد عشر من غير القضاة، كان يتعين على مجلس الشيوخ بالتالي أن يضمن قدراً من التوازن بين الرجال والنساء، مما قد يؤدي إلى اختلال في عدد الأعضاء من غير القضاة من كلا الجنسين. وفي هذا الصدد، أشار مجلس الدولة إلى ما يلي: "لا يبدو أن ثمة مبرراً معقولا يعلل الاختلال (...)". وعُدل مشروع القانون استجابة لهذه الملاحظات التي أبداها مجلس الدولة. وخلال الأعمال التحضيرية، أُدلي بالبيان التالي: "فيما يتعلق بالتوازن بين الرجال والنساء داخل المجلس الأعلى، شدد رئيس الوزراء على أنه من المهم في التحليل الأول احترام الأصوات المدلى بها. ووفقا لهذا الحل، يرجع الأمر إلى مجلس الشيوخ في ضمان التوازن بين الجنسين عند تعيين الأعضاء من غير القضاة، وضمان بلوغ النصاب المطلوب (ما لا يقل عن ثمانية أعضاء من كل جنس) على ذلك الأساس.

بيد أنه من الممكن الاستغناء عن واجب التصحيح هذا من جانب مجلس الشيوخ [...]. [ففيما يتعلق بالمرشحين لشغل مقاعد القضاة] اقترح رئيس الوزراء أن [...] يدلي كل مصوت بثلاثة أصوات، يكون أحدها على الأقل لاختيار المرشح لمقعد القاضي وصوت آخر على الأقل للمرشح للعضوية في مكتب المدعي العام؛ واقترح حظر التصويت لصالح ثلاثة مرشحين من جنس واحد.

ويضمن حل مشابه الحصول على عدد كاف من المرشحين المنتخبين من كل جنس (ما بين الثلث أو الثلثين [بالنسبة لمرشحي مناصب القضاة])" الوثائق البرلمانية، 1997-1998، الصفحتان 1677 و1678 من النص الأصلي .

(7) الفقرة 4 من المادة 295 مكرراً - 2 من قانون القضاء.

(8) التعليق العام رقم 28، على المادة 3 من العهد (الدورة الثامنة والستون، 2000)، الفقرة 29 .

(9) " بما أن المجلس الأعلى للعدل يقوم أيضا بدور هيئة استشارية، ينبغي لكل هيئة أن تتضمن ثمانية أعضاء من كل جنس". مشروع قانون 15 تموز/يوليه 1998، مناقشة، الصفحة 44 من النص الأصلي، مجلس النواب البلجيكي. انظر أيضا الفقرة 6-3 من هذا البلاغ .

(10) "يتبين من دراسة للوضع الراهن وجود عدد قليل جدا من النساء من بين الأعضاء في غالبية الهيئات الاستشارية". ديباجة مشروع القانون، الصفحة 1، 27 آذار/مارس 1990، مجلس النواب، الوثائق البرلمانية؛ "يتبين من دراسة استقصائية للهيئات الاستشارية الوطنية أن نسبة النساء فيها لا تتعدى 10 في المائة". مقدمة لمشروع القانون الذي أعده كاتب الدولة لشؤون التحرر الاجتماعي، الصفحة 1، 3 تموز/يوليه 1990، مجلس الشيوخ البلجيكي .

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة، السيدة روث ويدجوود (رأي مطابق)

انتهت اللجنة إلى أن المعايير التي تجسدها المادة 25 من العهد فيما يتعلق بعدم التمييز في سبل الوصول إلى المناصب العمومية والسياسية لا تمنع بلجيكا من اشتراط إدراج أربعة أعضاء من كل جنس على الأقل في عضوية المجلس الأعلى للعدل. إن المجلس هيئة ذات سلطات مهمة نوعا ما، إذ يوصي المجلس بتعيين مرشحين قضاةً ومدعين عامين، ويصدر آراء ويحقق في الشكاوى المتعلقة بسير العمل في جهاز القضاء. غير أن من الجدير بالملاحظة أن العضوية في المجلس الأعلى للعدل مُحكمة التنظيم بمعايير عديدة أخرى أيضا، بموجب قانون القضاء البلجيكي. فالمجلس مؤلف من "هيئتين" مستقلتين إحداهما للأعضاء الناطقين بالفرنسية والأخرى للناطقين بالهولندية. وفي كل هيئة 22 عضواً، ينتخب نصفَهم قضاةُ ومدعون عامون بشكل مباشر. أما النصف الآخر من الأعضاء "من غير القضاة" فيختارهم مجلس الشيوخ البلجيكي، ويجب أن تتضمن قائمة المرشحين عدداً أدنى من ذوي الخبرة في أوساط المحامين، وأساتذة المعاهد والجامعات وغيرهم من المهنيين، "لا يقل عن أربعة أعضاء من كل جنس" من بين الأعضاء الأحد عشر في هذه الفئة "من غير القضاة". وقد تكون هذه القاعدة الانتخابية في صالح الرجال كما النساء، وإن كان من الواضح في الواقع أن القصد منها ضمان مشاركة النساء في هذه الهيئة "الاستشارية". ومن المهم الإشارة إلى أن الدساتير والقوانين في بعض الدول الأطراف في العهد قد تزدرى أو تحظر أي عمل بنظام الحصص المخصصة أو الأعداد الدنيا للمشاركة في الهيئات الحكومية، وليس في هذا المقرر ما يتدخل في ذلك الخيار الوطني. فما ذهبت إليه اللجنة ليس سوى القول بأن بلجيكا حرة في اختيار أسلوب مختلف تسعى من خلاله إلى تحقيق الإنصاف في مشاركة النساء والرجال في عمليات الحكم.

(توقيع): روث ويدجوود

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

راء - البلاغ رقم 962/2001، موليتزي ضد جمهورية الكونغو الديموقراطية (الآراء التي اعتمدت في 6 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السيد مارسيل موليتزي (لا يمثله محام)

الأشخاص المدَّعي أنهم ضحايا: صاحب البلاغ وزوجته

الدولة الطرف : جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ البلاغ: 6 أيار/مايو 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 8 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 962/2001 المقدم إليها بالنيابة عن السيد مارسيل موليتزي وزوجته بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو مارسيل موليتزي وهو مواطن من جمهورية الكونغو الديمقراطية يقيم في جنيف. ويزعم أنه وزوجته ضحيتان لانتهاكات جمهورية الكونغو الديمقراطية للفقرة 1 من المادة 6 وللمادة 7 والفقـرات 1 و2 و4 و5 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 3 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في تموز/يوليه 1997، أعار صاحب البلاغ، وهو رجل أعمال متخصص في البن والنقل، الجيش واحدة من شاحناته جراء ضغوط مارسها عليه القائد مورتوس (قائد كتيبة مشاة جيمينا المرابطة شمال غربي جمهورية الكونغو الديمقراطية). وبما أن هذه الشاحنة لم تُرد إليه، قرر صاحب البلاغ ألا يلبي مطلقاً طلبات السلطات العسكرية مرة أخرى.

2-2 وفي الساعة الخامسة تقريباً من صباح يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 1997، قام أفراد من الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة الكونغولية، التي تعرف ب‍ "القوات العسكرية للكشف عن الأنشطة المعادية للوطن"، والموالية لنظام الرئيس الكونغولي لوران ديزيريه كابيلا، بزيارة صاحب البلاغ في منزله لإبلاغه بأن القائد مورتوس بحاجةٍ إلى خدماته. واقتيد صاحب البلاغ إلى معسكر جيمينا، حيث تم احتجازه على الفور. وفي الساعة التاسعة صباحاً، خضع لاستجوابٍ بأمر من القائد مورتوس بشأن تعاونه المزعوم مع رئيس الكونغو السابق الجنرال جوزيف ديزيريه موبوتو وأعوانه.

2-3 وفي الساعة التاسعة والنصف تقريباً، تمت مواجهة صاحب البلاغ بأحد موظفيه، ويدعى ماريو، وقد تعرض هذا الشخص، على حد زعم صاحب البلاغ، للتعذيب (إذ أصيب بكسرٍ في فكه وتعرض لإصاباتٍ أخرى منعته من الكلام أو حتى من الوقوف منتصباً) وقد أُجبر أثناء الاستجواب على اتهام السيد موليتزي بالتواطؤ مع جماعة موبوتو.

2-4 وعندما اعترض صاحب البلاغ على هذه الاتهامات، عمد ستة جنود على الأقل إلى ضربه ضرباً مبرحاً. وقد كُسرت أصابعه بالإضافة إلى ما لحق به من إصابات بأنفه وفمه. وفي اليوم التالي، تعرض للتعذيب ثانيةً، إذ تم تقييده وضربه على جميع أنحاء جسده حتى أُغمى عليه. وأثناء فترة الاحتجاز في جيمينا التي ناهزت الأسبوعين، كان صاحب البلاغ يتعرض للتعذيب أربع أو خمس مرات كل يوم: فقد عُلق من رجليه؛ وتمزقت عضلاته؛ واقتُلع ظفر سبابته اليمنى بالكماشة؛ وتعرض لحروق بالسجائر؛ وكُسرت ساقاه نتيجة ضربه بقضيب معدني على ركبتيه وكاحليه؛ وكُسر إصبعان من أصابعه إثر تعرضه للضرب بأخمص البندقية. ولم يسمح له برؤية طبيب رغم حالته، ولا سيما فقدانه القدرة على الحركة. ولم يسمح لصاحب البلاغ، شأنه شأن زملائه المحتجزين، بمغادرة زنزانته حتى للاستحمام أو المشي. ويقول إنه كان سجين زنزانةٍ لا تزيد مساحتها على ثلاثة أمتارٍ طولاً وثلاثة أمتار عرضاً، وكان يتقاسمها في بادئ الأمر مع 8 محتجزين ثم أصبحوا في نهاية المطاف 15 محتجزاً. وعلاوةً على ذلك، فإنه نظراً لخضوعه للحبس الانفرادي، لم يكن يحصل على ما يكفيه من الطعام خلافاً للسجناء الآخرين الذين كانت أسرهم تجلب لهم الطعام.

2-5 وبعد انقضاء أسبوعين على الاحتجاز، نُقل صاحب البلاغ جواً إلى معسكر مبانداكا، حيث بقي محتجزاً لمدة 16 شهراً. ولم يتمكن مرةً أخرى من رؤية أي طبيب، على الرغم من حالته الجسدية، ولا سيما فقدانه القدرة على الحركة. ولم يُبلغ بأي تهمة منسوبة إليه؛ ولم يمثل قط أمام أي قاضٍ؛ ولم يسمح له بالاتصال بمحامٍ. ويذكر أنه كان محتجزاً مع 20 آخرين في زنزانةٍ لم تكن سوى مرتعاً للصراصير ولم تكن مساحتها تتجاوز خمسة أمتار طولاً وثلاثة أمتار عرضاً، وكانت بدون مرافق صحية أو نوافذ أو حشايا للنوم. وكانت وجباته الغذائية تتكون من أوراق أو أعناق نبات الكسافا. ولم يكن يسمح له سوى بالاستحمام مرتين في الأسبوع وكان الجنود يخرجونه من حين لآخر في باحة المعسكر ولم يكن يقوى بنفسه على الحركة. ويقول صاحب البلاغ إنه تمكن في نهاية الأمر من الحصول على بعض الأدوية عندما زار المعسكر ممثلون لمنظمة أطباء بلا حدود.

2-6 وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر 1998، استطاع صهر صاحب البلاغ، السيد مونغالا، من معرفة مكان السيد موليتزي من خلال أحد معارفه في الجيش، فقام بزيارته زيارةً خاطفة. وعندها علم صاحب البلاغ أن الجنود عمدوا إثر اعتقاله إلى تفتيش منزله وضرب زوجته. وقد رفض القائد مورتوس طلب السيدة موليتزي بالسفر إلى مدينة بانغي في جمهورية أفريقيا الوسطى كي تتلقى العناية الطبية، فتوفيت بعد ثلاثة أيام من الحادثة.

2-7 وفي 11 شباط/فبراير 1999، بادر أحد الجنود بنقل صاحب البلاغ إلى المستشفى عندما وجده في حالة مروعة، لكن الشرطة العسكرية تدخلت واستصدرت أوامر بالحضور من المحكمة العسكرية. وفي الواقع، أُعيد احتجاز صاحب البلاغ على الفور في المعسكر دون مثوله أمام أي قاضٍ؛ بينما حكم على الجندي الذي قدم له يد العون بالحبس لمدة شهر واحد.

2-8 وفي 25 أيار/مايو 1999، قام صاحب البلاغ برشوة بعض الجنود حتى ينقلوه إلى الميناء المجاور للمعسكر، ووافق أحد مالكي السفن على مساعدته لمغادرة مبانداكا. وهكذا تمكن صاحب البلاغ من الهرب من أفريقيا إلى سويسرا. ووفقاً لشهادة طبية مقدمة من مستشفى جامعة جنيف، أُدخل صاحب البلاغ إلى المستشفى فور وصوله إلى سويسرا في كانون الأول/ديسمبر 1999 لمعالجة الآثار الجسدية والنفسية للعنف الذي تعرض له في بلده الأصلي. وإثر تلقيه رعايةً طبية مكثفة، استعاد صاحب البلاغ جزئياً قدرته على الحركة، غير أنه يحتاج إلى مزيد من العلاج إذا ما ُأريد له أن يسترجع استقلاليته بقدر مرضٍ.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه وزوجته ضحيتا انتهاك جمهورية الكونغو الديمقراطية للفقرة 1 من المادة 6 وللمادة 7 والفقرات 1 و2 و4 و5 من المادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والفقرة 3 من المادة 14؛ والفقرة 1 من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 وفيما يتعلق بمسألة استنفاد وسائل الانتصاف، يدعي صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف هذه لم تكن متاحة وفعالة، لأنه (أ) لم يتمكن من اللجوء إلى المحكمة وهو محتجز احتجازاً تعسفياً؛ (ب) ولم يبق على قيد الحياة إلا لأنه تمكن من الهرب من معسكر مبانداكا وفر إلى سويسرا.

3-3 وعلى الرغم من الطلب والرسائل التذكيرية التي وجهتها اللجنة إلى الدولة الطرف لطلب الرد على ادعاءات صاحب البلاغ (المذكرات الشفوية المؤرخة في 8 كانون الثاني/يناير 2001 و17 تشرين الأول/أكتوبر 2001 و28 تشرين الأول/أكتوبر 2003)، لم تتلق اللجنة أي جواب.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

4-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الادعاءات الواردة في بلاغ من البلاغات لا بد لها من أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وقد تأكدت اللجنة وفقاً للفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

4-3 وفي ضوء الحجج التي قدمها صاحب البلاغ بشأن استنفاد سبل الانتصاف وعدم التعاون المطلق من جانب الدولة الطرف، تعتبر اللجنة أن أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تحول دون النظر في البلاغ.

4-4 وتعتبر اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ بأن الوقائع كما قدمت تشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 14؛ وللفقرة 1 من المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لم تكن موثقة بأدلة كافية لأغراض المقبولية. لذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وتعتبر اللجنة أنه بالنظر إلى عدم تلقي أي معلومات من الدولة الطرف، فإن الشكاوى التي قدمها صاحب البلاغ يمكن أن تثير قضايا في إطار الفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والفقرات 1 و2 و4 و5 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 1 من المادة 23، وعليه، ينبغي النظر فيها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

5-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الأطراف، وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وترى أنها لم تتلق أي جواب من الدولة الطرف، لا بشأن مقبولية هذا البلاغ ولا بشأن أسسه الموضوعية، رغم ما أُرسل إليها من إشعارات تذكير. وتنوه اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة بمقتضى الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري بأن تتعاون مع اللجنة وتقدم إيضاحات أو بيانات خطية توضح فيها المسألة وتبين، عند الاقتضاء، ما قد اتخذته من تدابير لتصحيح الوضع. وبما أن الدولة الطرف لم تبدِ أي تعاون في هذا الصدد، تجد اللجنة نفسها مضطرة إلى إيلاء الاعتبار الكامل لادعاءات صاحب البلاغ ما دامت تستند إلى الأدلة.

5-2 وفيما يتعلق بانتهاك الفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد، تلاحظ اللجنة أن إفادة صاحب البلاغ بأن السلطات لم تصدر أي أمر باحتجازه وبأنه اقتيد إلى معسكر جيمينا تحت ذرائع كاذبة. ويزعم السيد موليتزي أيضاً أنه احتجز احتجازاً تعسفياً بدون تهمة اعتباراً من 27 كانون الأول/ديسمبر 1997، حيث مكث في جيمينا لمدة أسبوعين ثم في معسكر مبانداكا لمدة 16 شهراً. ويتبين من أقوال صاحب البلاغ أنه لم يكن قادراً على اللجوء إلى محكمة للبت فوراً في مشروعية احتجازه. وتعتبر اللجنة أن هذه الإفادات، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف والتي وثقها صاحب البلاغ توثيقاً كافياً بالأدلة، تسمح بالاستنتاج بحدوث انتهاك للفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 من العهد. غير أنه استناداً إلى الأساس نفسه تخلص اللجنة إلى عدم وقوع انتهاك للفقرة 5 من المادة 9، إذ إنه لا يبدو أن صاحب البلاغ قد طالب بالفعل بتعويض عن اعتقاله أو احتجازه بصورة غير مشروعة.

5-3 وفيما يتعلق بالمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم وصفاً مسهباً عن المعاملة التي تعرض لها أثناء فترة احتجازه، بما في ذلك أعمال التعذيب أو سوء المعاملة وفيما بعد حرمانه عمداً من الرعاية الطبية اللازمة رغم فقدانه القدرة على الحركة. والواقع أنه قدم شهادة طبية تثبت آثار هذه المعاملة. وفي ظل هذه الظروف، وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة الطرف لأي حجة لدحض حجج صاحب البلاغ، تجد اللجنة أن صاحب البلاغ كان ضحية انتهاكات متعددة للمادة 7 من العهد، التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة. وتعتبر اللجنة أن ظروف الاحتجاز التي أوردها صاحب البلاغ بالتفصيل تشكل أيضاً انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

5-4 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للفقرة 1 من المادة 6 وللفقرة 1 من المادة 23 من العهد، تحيط اللجنة علماً بإفادة صاحب البلاغ بأن زوجته قد تعرضت للضرب على أيدي الجنود وبأن القائد مورتوس رفض طلبها بالسفر إلى بانغي لتلقي الرعاية الطبية وبأنها قد توفيت بعد ثلاثة أيام من الحادثة. وتعتبر اللجنة أن هذه الإفادات، التي لم تعترض عليها الدولة الطرف رغم إتاحة الفرصة لها كي تفعل ذلك، والتي وثقها صاحب البلاغ توثيقاً كافياً بالأدلة، تبرر الاستنتاج بحدوث انتهاكات للفقرة 1 من المادة 6 وللفقرة 1 من الفقرة 23 من العهد مست صاحب البلاغ وزوجته.

6- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة أمامها تكشف انتهاكات ارتكبتها جمهورية الكونغو الديمقراطية للفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والفقرات 1 و2 و4 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

7- والدولة الطرف ملزمة بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 بأن تكفل إتاحة سبيل انتصافٍ فعال لصاحب البلاغ. لهذا، تحث اللجنة الدولة الطرف على (أ) أن تجري تحقيقاً شاملاً بشأن اعتقال صاحب البلاغ غير المشروع واحتجازه وإساءة معاملته وقتل زوجته؛ (ب) أن تقدم المسؤول عن هذه الانتهاكات إلى العدالة؛ (ج) وأن تمنح السيد موليتزي التعويض الملائم عن هذه الانتهاكات. كما أن الدولة الطرف ملزمة بأن تتخذ التدابير الفعالة التي تكفل عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

8- وتُذكِّر اللجنة جمهورية الكونغو الديمقراطية أنها بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري تكون قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك قد حدث لأحكام العهد أم لا، وأنها تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث الانتهاك. ولذا، تعرب اللجنة عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون تسعين يوماً من إحالة هذه الاستنتاجات معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ آرائها. كما تطلب اللجنة من الدولة الطرف نشر هذه الاستنتاجات.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

شين - البلاغ رقم 964/2001، بارنو سايدوفا ضد طاجيكستان (الآراء التي اعتمدت في 8 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيدة بارنو سايدوفا (لا يمثلها محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : زوج صاحب ة البلاغ ، السيد غايبولودزون إلياسوفيتش سايدوف، متوفى.

الدولة الطرف: طاجيكستان

تاريخ البلاغ: 11 كانون الثاني/يناير 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 8 تموز/يوليه 2004،

وقد أنهت نظرها في البلاغ رقم 964/2001، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من قبل السيدة بارنو سايدوفا بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي قدمتها صاحبة البلاغ،

تعتمد ما يلي:

الآراء بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة بارنو سايدوفا، من مواطني طاجيكستان ومن مواليد عام 1958. وهي تقدم هذا البلاغ نيابة عن زوجها – غايبولودزون سايدوف، من مواطني طاجيكستان أيضا ومن مواليد عام 1954، وكان، وقت تقديم هذا البلاغ، معتقلا في عنبر الإعدام ينتظر تنفيذ الحكم بعد أن حُكم عليه بالإعدام من قبل الغرفة العسكرية في محكمة طاجيكستان العليا في 24 كانون الأول/ديسمبر 1999. وهي تدعي أن زوجها ضحية انتهاكات طاجيكستان للفقرتين 1 و2 من المادة 6 وللمادة 7 وللفقرة 2 من المادة 9 وللفقرة 1 من المادة 10 والفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و3(ز) و5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1) . ولا يمثل صاحبة البلاغ أي محام.

1-2 في 12 كانون الثاني/يناير 2001، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، من الدولة الطرف أن توقف تنفيذ حكم الإعدام في حق السيد سايدوف ريثما تبت اللجنة في هذه المسألة عملا بالمادة 86 من نظامها الداخلي. ولم يرد أي جواب من الدولة الطرف في هذا الصدد. وقد تبين مما قدمته صاحبة البلاغ لاحقا من معلومات أن السيد سايدوف أُعدم في 4 نيسان/أبريل 2001.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 حسب صاحبة البلاغ، في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، قام قرابة 600 محارب مسلح كانوا مرابطين في أوزبكستان لكنهم من أصل طاجيك بدعم أحد الكولونيلات ويدعى خودوبردييف وتسللوا إلى منطقة لينيناباد في طاجيكستان. وبعد أن احتلوا عددا من المباني الرسمية في تلك الناحية، طلبوا العفو عن جميع المتعاونين مع خودوبردييف وعودتهم إلى طاجيكستان في أمن وسلام.

2-2 في ذات اليوم، تعرف السيد سايدوف، الذي كان يعيش في خوخاندزه في المنطقة التي تم غزوها وكان يعمل سائقا، على بعض المحاربين. وقرر أن ينقل عددا من المحاربين الجرحى إلى المستشفى وأن يدفن جثث ضحايا القتال بين أنصار خودوبردييف والجيش الحكومي. وكان السيد سايدوف مسلحا.

2-3 في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، بدأ المحاربون في الانسحاب إلى أوزبكستان. واتجه السيد سايدوف إلى حدود قيرغيزستان حيث ألقت عليه القبض السلطات الطاجيكية في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. وحسب قول صاحبة البلاغ، تعرض زوجها، وأشخاص آخرون اعتُقلوا فيما يسمى "أحداث تشرين الثاني/نوفمبر"، للضرب لإجباره على الاعتراف. وسُمح لصاحبة البلاغ بأن ترى زوجها في مركز الشرطة بعد مرور أسبوع على اعتقاله. ولاحظت، أثناء زيارتها، أنه كان قد تعرض للضرب وكانت على جسمه رضوض سوداء وزرقاء. وكانت هناك كدمة فوق حاجبه الأيمن وأخرى على صدره وكانت ساقاه منتفختين ولم يكن يقوى على الوقوف وكان ينزف دماً طيلة شهر كامل بسبب إصابات باطنية. ويُدعى أنه لم يعرض على طبيب. وتجادل صاحبة البلاغ بالقول إن زوجها كان يهدَّد بإيذاء زوجته وابنته إذا رفض الإقرار بالذنب. كما يُدعى أن شخصا آخر اعتُقل في نفس الظروف تعرض لإطلاق النار على رجله لإجباره على الاعتراف.

2-4 وحسب قول صاحبة البلاغ، وخلال الشهر الذي تلا الاعتقال، بثت قناة التلفزة الوطنية باستمرار مؤتمرات صحفية شارك فيها من "تابوا" بعد القبض عليهم وكانت تبدو عليهم آثار الضرب. وقد ظهر زوجها كذلك وكان الندب على حاجبه الأيمن باديا. وحسب قول صاحبة البلاغ، تدهورت حالة السيد سايدوف الصحية عموما، لا سيما بصره، نتيجة الضرب المتكرر.

2-5 ورغم أن اعتقال السيد سايدوف تم في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، لم توجَّه له التهم رسميا إلا في 1 كانون الثاني/يناير 1999. وهو لم يُعلم بحقه في توكيل محام عنه عند اعتقاله. وكانت صاحبة البلاغ الفرد الوحيد من الأسرة الذي سُمح له بزيارته مرات قليلة. ولم يختر زوجها المحامي الذي مثله، فقد عُين له من قبل أحد المحققين ولم يظهر إلا في حوالي منتصف آذار/مارس 1999. وحسب صاحبة البلاغ، لم يلتق ذلك المحامي مع السيد سايدوف إلا مرة واحدة أثناء التحقيق.

2-6 بدأت المحاكمة في حزيران/يونيه 1999 من قبل الغرفة العسكرية للمحكمة العليا المنعقدة في الوحدة العسكرية 3501 في خودزهاند. ودارت أحداث الجلسة في قاعة اجتماعات مكسورة نوافذها. ولم يأت قط ذكر الطابع السري للمحاكمة أو أي حد مفروض على الجمهور في قرار المحكمة، حسب قول صاحبة البلاغ، ولكن تم إعداد قائمةٍ ولم يُسمح بدخول أكثر من فرد واحد من أفراد أسرة كل متهم إلى قاعة المحكمة.

2-7 وكثيرا ما تخلف محامي الضحية عن حضور المحاكمة وخضع السيد سايدوف لعدة تحقيقات في غياب المحامي الذي كان غائبا أيضا أثناء النطق بالحكم.

2-8 وحسب أقوال صاحبة البلاغ، قال جميع المتهمين، بمن فيهم زوجها، في قاعة المحكمة إنهم تعرضوا للضرب والتهديد أثناء التحقيق لإرغامهم على الاعتراف أو على الشهادة ضد أنفسهم أو ضد بعضهم البعض. ولكن هيئة المحكمة تجاهلت تلك الأقوال ولم تقم بالتحقق منها. وحسب قول صاحبة البلاغ، كان رئيس المحكمة قد قرر إدانة المتهمين حال افتتاح المحاكمة ولذلك فإنه يُدَّعى أنه أدار المحاكمة "بأسلوب اتهامي".

2-9 وتدعي صاحبة البلاغ أن زوجها كان محتجزاً في مبنى الشرطة في مقاطعة خودزهاند من 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 حتى 12 كانون الثاني/يناير 1999، رغم أنه من المفترض ألا يحتجز أي شخص موقوف هناك إلا لمدة ثلاثة أيام على الأكثر. وفي 12 كانون الثاني/يناير 1999، نُقل السيد سايدوف إلى مركز التحقيق رقم 1 في خودزهاند ووُضع في زنزانة جماعية مع 16 معتقلا آخر. كانت التهوية غير كافية وكانت الزنزانة شديدة الاكتظاظ. وكان الطعام يتألف حصرا من عصيدة الشعير. ولما كان زوج صاحبة البلاغ يعاني من التهاب الكبد الفيروسي قبل إلقاء القبض عليه، لم يكن في استطاعته هضم الأكل الذي يوفره مركز الاعتقال فطلب الحصول على غذاء خاص ولكنه لم يفلح في الحصول عليه. وتأذَّت معدة الزوج من جراء ذلك وكان مجبرا على ألا يأكل من الطعام إلا ما كانت ترسله له أسرته نادرا.

2-10 وفي 24 كانون الأول/يناير 1999، حكمت المحكمة بإدانة السيد سايدوف بتهم قطع الطريق والمشاركة في منظمة إجرامية واغتصاب السلطة باستعمال العنف والمناداة علنا بتغيير النظام الدستوري بالقوة وحيازة أسلحة نارية وذخائر وتخزينها بصورة غير قانونية، والإرهاب والقتل العمد وقضت بإعدامه. وتم نقله في اليوم ذاته إلى عنبر الإعدام ووضعه في زنزانة انفرادية مساحتها متران في متر واحد ذات أرضية إسمنتية ليس فيها من سرير إلا حشية رفيعة. وكان المرحاض عبارة عن دلو موضوع في أحد أركان الزنزانة. وحسب قول صاحبة البلاغ، كان زوجها المسلم المواظب على ممارسة شعائر دينه يشعر بالخزي لاضطراره إقامة الصلاة في مثل تلك الظروف. وفي 25 حزيران/يونيه 2000، نقل السيد سايدوف إلى مركز الاعتقال سايزو رقم 1 في دوشانبي حيث يُدعى أن ظروف الاعتقال ونوعية الطعام لم تكن مختلفة. وتدعي صاحبة البلاغ أن زوجها كان يتسلم طرداً واحداً من كل أربعة طرود كانت ترسلها له بواسطة سلطات السجن.

2-11 وتقول صاحبة البلاغ إنها ومحامي السيد سايدوف استأنفا حكم المحكمة العليا لدى رئيس محكمة طاجيكستان العليا. ورفض نائب رئيس المحكمة العليا (ورئيس الغرفة العسكرية في نفس المحكمة) طلب الاستئناف في تاريخ غير معلوم. وقدمت والدة السيد سايدوف طلب عفو إلى الرئيس ولكنها لم تتلق جوابا. وقدم محامي السيد سايدوف طلب عفو إلى لجنة الدفاع عن حقوق المواطنين الدستورية لدى الرئاسة ولكنه لم يتلق جوابا.

2-12 و في 10 أيار/مايو 2001، أخطرت صاحبة البلاغ اللجنة بإعدام زوجها في 4 نيسان/أبريل 2001 رغم طلب اللجنة إعمال تدابير الحماية المؤقتة. وفي 12 حزيران/يونيه 2001، قدمت نسخة من شهادة الوفاة الصادرة في 18 أيار/مايو 2001 التي أكدت وفاة السيد سايدوف في 4 نيسان/أبريل 2001 دون ذكر الأسباب.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن زوجها كان ضحية انتهاكات حقوقه بمقتضى المادة 7 من العهد إذ إنه أثناء التحقيق معه، وخاصة في الأسبوعين اللذين تليا اعتقاله، خضع للتعذيب الذي مارسه المحققون لإجباره على الاعتراف، وهو ما يعد خرقا للفقرة 3(ز) من المادة 14. ولما طعن هو ومتهمون آخرون في طوعية الاعترافات التي أدلوا بها خلال التحقيق، قاطعهم القاضي، حسب ما تدعيه صاحبة البلاغ، قائلا إنهم يختلقون الأكاذيب وطلب منهم أن "يقولوا الحقيقة".

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ أنه تم انتهاك الفقرة 2 من المادة 9 في قضية زوجها حيث ألقي القبض عليه في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 ولم يتهم رسميا بما نسب إليه إلا بعد مرور شهر في 1 كانون الثاني/يناير 1999.

3-3 وجاء في البلاغ أنه تم انتهاك الفقرة 1 من المادة 10 من العهد بسبب ظروف اعتقال السيد سايدوف اللاإنسانية في خودزهاند وفي دوشانبي.

3-4 وجاء فيه أيضا أنه جرى انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 لأن قاضي الغرفة العسكرية للمحكمة العليا أدار المحاكمة بأسلوب متحيز ومتحامل ووضع قيودا منعت أقرباء المتهمين من حضور الجلسة كما منعت أشخاصاً آخرين كانوا يرغبون في حضورها وهو ما يعتبر خرقا لشرط علانية المحاكمة. وقد تثار بمقتضى النص المذكور أعلاه مسألة أخرى، رغم أن صاحبة البلاغ لم تحتج بها مباشرة، وتتمثل في كون السيد سايدوف الذي كان مدنيا حُكم عليه من قبل الغرفة العسكرية للمحكمة العليا.

3-5 كما جاء في البلاغ أن افتراض براءة السيد سايدوف، المحمي بموجب الفقرة 2 من المادة 14، قد انتُهك أيضا لأن وسائط الإعلام الوطنية الموجهة من قبل الدولة ما انفكت تبث وتنشر، أثناء التحقيق، مواداً تنعته مع المتهمين ب‍ "المجرمين" و"المتمردين" وغير ذلك من النعوت مما ساهم في خلق رأي عام سلبي. وهو ما أدى فيما بعد، أثناء المحاكمة، إلى تبني القاضي نهجا اتهاميا.

3-6 وجاء أيضا في البلاغ أن الفقرة 3(ب) من المادة 14 قد انتهكت لأن السيد سايدوف حُرم بحكم الواقع من حقه في التمثيل القانوني أثناء التحقيق على الرغم من أنه كان معرضا لحكم بالإعدام. ولم يعين المحققون محاميا إلا خلال المراحل الأخيرة من التحقيق ولم يلتقه السيد سايدوف إلا مرة واحدة وهو ما تدعي صاحبة البلاغ أنه خرق لحقه في إعداد دفاعه عن نفسه. كما تدعي صاحبة البلاغ أنه تم انتهاك الفقرة 3(د) من المادة 14 لأن زوجها لم يُعلَم بحقه في أن يمثله محام منذ إلقاء القبض عليه. وأخيرا، تغيب محامي السيد سايدوف بشكل متكرر أثناء فترة المحاكمة.

3-7 وحوكم السيد سايدوف وقضت الغرفة العسكرية للمحكمة العليا، التي لا تخضع أحكامها للاستئناف العادي، بإدانته وهو ما يمثل انتهاكا للفقرة 5 من المادة 14 من العهد. والاستئناف الوحيد المتاح يحمل طابع الاستثناء وهو رهن بالسلطة التقديرية المخولة لرئيس المحكمة العليا (أو نوابه) أو للمدعي العام (أو نوابه). وترى صاحبة البلاغ أن هذا النظام حرم زوجها من حقه في الاستئناف وهو ما يعد انتهاكا لمبادئ تكافؤ إجراءات الدفاع والخصومة مـن خلال منح جانب الادعاء ميزة غير عادلة. وتضيف صاحبة البلاغ أنه حتى لو أتيحت إمكانية رفع استئناف غير عادي، فإنه يُنظر فيه دائما دون عقد جلسة استماع وهو لا يتعدى المسائل القانونية، مما يناقض رأيا صادرا عن اللجنة من قبل (2) .

3-8 وتجادل صاحبة البلاغ بأن الانتهاكات الموصوفة أعلاه أدت إلى انتهاك حقوق زوجها بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 6 إذ حكم عليه بالإعدام بعد محاكمة غير عادلة بناء على اعتراف انتزع منه تحت التعذيب.

3-9 وبالرغم من عدة إشعارات للتذكير وُجهت إلى الدولة الطرف مرفقة بطلبات لعرض ملاحظاتها بشأن ما تقدمت به صاحبة البلاغ (3) وبطلبات لتوضيح وضع السيد سايدوف، لم يتم تسلم أي جواب.

عدم احترام الدولة الطرف طلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب المادة 86

4-1 ادعت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، إذ أقدمت على إعدام زوجها، قد أخلت بالتزاماتها بمقتضى البروتوكول الاختياري رغم أن البلاغ كان قد سُجِّل لدى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري وأنه تم تقديم طلب إلى الدولة الطرف بتطبيق تدابير حماية مؤقتة في هذا الصدد. وتذكِّر اللجنة (4) بأن أي دولة طرف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تتلقى وتنظر في البلاغات التي ترد من أفراد يدعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1). وينشأ عن انضمام دولة ما إلى البروتوكول التعهد بالتعاون مع اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بحسن نية كي يتاح لها وتُمكَّن من النظر في تلك البلاغات ومن إرسال آرائها، بعد الدراسة، إلى الدولة الطرف وإلى الشخص المعني (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). ويتنافى مع هذه الالتزامات قيام الدولة الطرف بأي عمل يمنع أو يحبط اللجنة في النظر في البلاغ ودراسته وفي الإفصاح عن آراءها.

4-2 وإلى جانب أي انتهاك للعهد تقترفه الدولة الطرف ويرد في أي بلاغ، فإن الدولة الطرف تخل إخلالا جسيما بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري إذا أتت تصرفا يمنع أو يحبط نظر اللجنة في بلاغ يدعي انتهاك الدولة الطرف للعهد أو يجعل دراسة اللجنة له محل جدل وإفصاحها عن آرائها عديم الأثر والجدوى. وفي هذا البلاغ، تدعي صاحبته أن زوجها حرم من حقوقه المنصوص عليها في المواد 6 و7 و9 و10 و14 من العهد. وبعد أن أخطرت الدولة الطرف بالبلاغ، أخلت بالتزاماتها بمقتضى العهد بأن أعدمت الضحية قبل أن تفرغ اللجنة من النظر في البلاغ ومن دراسته وقبل أن تصوغ آراءها وتفصح عنها. وإنه لسلوك لا يغتفر أن تكون الدولة قد أقدمت على ذلك بعد أن تصرفت اللجنة بناء على المادة 86 من نظامها الداخلي وطلبت من الدولة أن تمتنع عن فعل ذلك.

4-3 كما تعبر اللجنة عن قلق شديد إزاء غياب أي تفسير من الدولة الطرف لتصرفها رغم عدد الطلبات التي قدمتها اللجنة في هذا الشأن من خلال رئيسها ومقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة.

4-4 وتذكر اللجنة بأن التدابير المؤقتة بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، التي اعتمدت طبقا للمادة 39 من العهد، تكتسي أهمية جوهرية بالنسبة لدور اللجنة بموجب البروتوكول. وإن عدم الاكتراث بتلك المادة، لا سيما باتخاذ تدابير لا رجعة فيها من قبيل إعدام زوج صاحبة البلاغ، كما هو الحال في هذه القضية، يقوض حماية الحقوق المخولة في العهد من خلال البروتوكول الإضافي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ

5-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، إن كانت الشكوى مقبولة أم غير مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

5-2 وتشير اللجنة إلى أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب إجراء آخر من الإجراءات الدولية للتحقيق أو التسوية وأنه تم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة بناء على الأدلة المعروضة عليها. وفي غياب أي طعن للدولة الطرف في هذا الموضوع، فإنها ترى أن الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

5-3 وقد أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المواد 6 و7 و9 و10 و14 المذكورة آنفا. وسجلت أن ادعاءات صاحبة البلاغ فيما يتصل بالمراحل الأولية للتحقيق مع السيد سايدوف تتعلق بفترة سابقة على دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف. بيد أن قضية صاحبة البلاغ عرضت على محكمة ابتدائية في 24 كانون الأول/ديسمبر 1999 – أي بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لطاجيكستان. وفي ظل هذه الظروف، تجد اللجنة أن الانتهاكات المدعاة لأحكام البروتوكول أحدثت أو مازالت تحدث آثاراً تشكل في حد ذاتها انتهاكات محتملة بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، وهي لذلك السبب تعد مقبولة ما عدا الادعاءات التي تدخل في نطاق المادة 9، التي لا تقع ضمن تلك الفئة، وهي لذلك السبب تعد غير مقبولة بمقتضى المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الوقائع الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة لها من الأطراف وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وترى أنها لم تتلق جوابا من الدولة الطرف لا بشأن مقبولية هذا البلاغ ولا بشأن وقائعه الموضوعية رغم ما أرسل إليها من إشعارات التذكير. وتذكر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة، بمقتضى الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتعاون مع اللجنة بأن تقدم إليها كتابةً إيضاحات أو بيانات توضح المسألة وتبين، عند الاقتضاء، التدابير التي كان من الممكن اتخاذها لتصحيح الوضع. وبما أن الدولة الطرف لم تبد أي تعاون في هذا الصدد، تجد اللجنة نفسها مضطرة إلى إيلاء الاعتبار الكامل لادعاءات صاحبة البلاغ ما دامت هذه الادعاءات مدعومة بأدلة.

6-2 فيما يتعلق بالادعاء بأن زوج صاحبة البلاغ عُذِّب وهُدِّد بعد إلقاء القبض عليه لإجباره على الاعتراف، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قد أدرجت أسماء الموظفين الذين ضربوا زوجها بالعصى والركل ووصفت بالتفصيل ذاته الجروح التي أصابت زوجها من جراء ذلك. ويُستشف من المستندات التي أدلت بها صاحبة البلاغ أن تلك الادعاءات عُرضت على رئيس المحكمة العليا في 7 نيسان/أبريل 2000 وأنه أجاب بأن الادعاءات كانت قد دُرست من قبل الغرفة العسكرية للمحكمة العليا ووُجد أنها لا تستند إلى أي أساس. وتجادل صاحبة البلاغ بالقول إن زوجها والمتهمين معه سحبوا اعترافاتهم الأولى التي انتزعت منهم تحت التعذيب في المحكمة ولكن القاضي رفض هذا الطعن في طوعية الاعترافات. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تبين كيف حققت المحكمة في هذه الادعاءات ولم تقدم نسخا من أية تقارير طبية في هذا الشأن. وفي ظل هذه الظروف، يتعين أن يمنح ادعاء صاحبة البلاغ ما يستحقه من وزن وترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك المادة 7 من العهد.

6-3 في ضوء الاستنتاج الوارد أعلاه ونظرا لكون إدانة السيد سايدوف بُنيت على أساس اعتراف انتزع منه بالإكراه وتحت التهديد، تخلص اللجنة إلى أنه تم كذلك انتهاك الفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد.

6-4 وأحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ بمقتضى الفقرة 1 من المادة 10 من العهد المتعلقة باحتجاز زوجها عقب دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، أثناء التحقيق وأثناء الاحتجاز في عنبر الموت، بسبب انعدام المساعدة الطبية ورداءة ظروف الاحتجاز كما جاء في الفقرتين 2-9 و2-10 أعلاه. وفي غياب أي تفنيد من الدولة الطرف لتلك الادعاءات، يتعين مرة أخرى إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ ما تستحقه من وزن. وبالتالي فإن اللجنة تستنتج أنه تم انتهاك الفقرة 1 من المادة 10 فيما يتعلق بالسيد سايدوف.

6-5 وقد سجلت اللجنة أن زوج صاحبة البلاغ لم يتمكن من رفع استئناف على إدانته والحكم الصادر في حقه عن طريق استئناف عادي لأن القانون ينص على أن إعادة النظر في الأحكام الصادرة عن الغرفة العسكرية في المحكمة العليا رهن بالسلطة التقديرية المخولة لعدد محدود من الموظفين القضائيين رفيعي المستوى. وإعادة النظر تلك، إن تمت الموافقة عليها، تتم دون عقد جلسة استماع ولا يُسمح إلا بتناول المسائل القانونية فقط. وتذكر اللجنة بأنه، حتى وإن كان نظام الاستئناف غير تلقائي، فإن الحق في الاستئناف بمقتضى الفقرة 5 من المادة 14 يفرض على الدولة الطرف فعليا واجب إعادة النظر في الإدانة والحكم الصادر، من حيث كفاية الأدلة ومن حيث الأساس القانوني معا، ما دامت الإجراءات تسمح بالنظر حسب الأصول في طبيعة الدعوى (5) . وفي غياب أي تفسير لهذا الأمر من قبل الدولة الطرف، ترى اللجنة أن إعادة النظر في أحكام الغرفة العسكرية للمحكمة العليا لا تلبي الشروط المنصوص عليها في الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، وعليه، حدث انتهاك لهذه الفقرة في حال السيد سايدوف (6) .

6-6 وادعت صاحبة البلاغ كذلك أنه تم انتهاك حق زوجها في افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته بسبب التغطية الواسعة والمعادية التي قامت بها وسائط الإعلام الموجَّهة من الدولة قبل المحاكمة والتي سمَّت زوج صاحبة البلاغ ومن اتهموا معه بالمجرمين مما أثر سلبا على مجريات المحاكمة لاحقا. وفي غياب أية معلومات أو اعتراضات من الدولة الطرف في هذا الصدد، تقرر اللجنة أنه يتعين إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ ما تستحقه من وزن وتستنتج بأن حقوق السيد سايدوف بمقتضى الفقرة 2 من المادة 14 قد انتهكت.

6-7 وقد سجلت اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ بأنه تم انتهاك حق زوجها في محاكمة عادلة لأسباب عديدة منها أن القاضي أدار المحاكمة بأسلوب متحيز ومتحامل ورفض حتى النظر في سحب الاعترافات التي كان السيد سايدوف قد أدلى بها أثناء التحقيق. ولم تقدم الدولة الطرف أي تفسير للأسباب التي أدت إلى هذا الوضع. لذا، فإن اللجنة، بناء على ما بين يديها من أدلة، تستنتج أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوق السيد سايدوف بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

6-8 أما فيما يتصل بالانتهاك المدعى للفقرة 3(ب) من المادة 14 المتمثل في كون زوج صاحبة البلاغ لم يمثله محام إلا في نهاية التحقيق وأنه لم يكن من اختياره ولم تتح له أي فرصة للتشاور مع ممثله وأن السيد سايدوف، عكس ما تنص عليه الفقرة 3(د) من المادة 14، لم يُعلم بحقه في أن يمثله محام فور توقيفه وأن محاميه كان يتغيب باستمرار أثناء المحاكمة، تعرب اللجنة مرة أخرى عن أسفها لعدم تقديم الدولة الطرف أي تفسير في هذا الشأن. وهي تذكر برأيها السابق ومفاده أنه من البديهي، خاصة في القضايا التي فيها احتمال صدور حكم بالإعدام، أن يساعد المتهم فعليا محام (8) في كافة مراحل الإجراءات. وفي الحالة التي بين أيدينا، واجه زوج صاحبة البلاغ عدة تهم تعرضه للحكم بالإعدام دون أي دفاع قانوني فعال رغم أن المحقق كان قد عين له محاميا. ولم يتضح من المستندات المعروضة على اللجنة إن كانت صاحبة البلاغ أو زوجها قد طلب توكيل محام خاص أو احتج على اختيار المحامي المعيَّن. بيد أن اللجنة، في غياب أي توضيح لهذا الأمر من الدولة الطرف، تعيد التذكير بأنه، مع أن الفقرة 3(د) من المادة 14 لا تخول لمتهم اختيار محام دون دفع أتعابه، يتعين اتخاذ خطوات تكفل قيام المحامي فور تعيينه بتمثيل موكله فعليا خدمة للعدالة (8) . وبناء عليه فإن اللجنة ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاكا لحقوق السيد سايدوف بمقتضى الفقرتين 3(ب) و3(د) من المادة 14 من العهد.

6-9 وتذكِّر (9) اللجنة بأن فرض عقوبة الإعدام في نهاية محاكمة لم تُحترَم فيها أحكام العهد يعد انتهاكا للمادة 6 من العهد. وفي الحالة التي بين أيدينا، أُقرت عقوبة الإعدام ونفِّذت في وقت لاحق وهو فعل يخالف الحق في محاكمة عادلة كما هو منصوص عليه في المادة 14 من العهد وهو لذلك يعد مخالفا أيضاً للمادة 6 من العهد.

7- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص با لحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوق السيد سايدوف بمقتضى المادتين 6 و7 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرات 1 و2 و3(ب) و3(د) و3(ز) و5 من المادة 14 من العهد.

8- ووفقا للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يحق لمقدمة البلاغ الحصول على سبيل فعال للتظلم وبما يشمل التعويض. وعلى الدولة الطرف التزام أيضا باتخاذ تدابير لمنع تكرار هذه الانتهاكات في المستقبل.

9- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان العهد قد انتُهك أو لم يُنتهك، وأنها تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبتوفير سبيل تظلم فعال وقابل للتنفيذ متى ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ هذه الآراء. وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الطرف مطالبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في طاجيكستان في 4 نيسان/أبريل 1999.

(2) تشير صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية دوموكوفسكي ومن معه ضد جورجيا ، البلاغان رقم 623 و627/1995 المعتمدان في 6 نيسان/أبريل 1998.

(3) قدم أول طلب بمقتضى المادة 86 من النظام الداخلي إلى الدولة الطرف في 12 كانون الثاني/يناير 2001. وأرسلت مذكرة شفهية إلى الدولة الطرف في 18 أيار/مايو 2001 تستعلم عن وضع السيد سايدوف وتكرر الطلب بمقتضى المادة 86. ووجهت رسالة إلى الدولة الطرف تحمل توقيع رئيس اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 19 حزيران/يونيه 2001 مع طلب توضيح أسباب عدم الاستجابة للطلب بمقتضى المادة 86. وفي النهاية، وُجهت مذكرة شفهية إلى الدولة الطرف في 3 آب/أغسطس 2001 تطلب منها تقديم معلومات عن القضية (والتدابير التي اتخذتها الدولة امتثالا لطلب اللجنة بمقتضى المادة 86 والأسباب التي بني عليها إعدام السيد سايدوف والتدابير التي اتخذتها الدولة لضمان الامتثال لطلبات كهذه في المستقبل. وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 2002، دعيت الدولة الطرف إلى تقديم المعلومات المطلوبة أعلاه.

(4) انظر بياندونغ ضد الفلبين ، البلاغ رقم 869/1999، اعتمدت الآراء في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

(5) انظر ريد ضد جامايكا ، البلاغ رقم 355/1989، الفقرة 14-3 ولاملي ضد جامايكا ، البلاغ رقم 662/1995، الفقرة 7-3.

(6) انظر قضية دوموكوفسكي ومن معه ضد جورجيا ، البلاغان رقم 623 و627/1995.

(7) انظر، كمثال، ألييف ضد أوكرانيا ، البلاغ رقم 781/1997، روبينسون ضد جامايكا ، البلاغ رقم 223/1987 وبراون ضد جامايكا ، البلاغ رقم 775/1997.

(8) انظر كيلي ضد جامايكا ، من جملة بلاغات أخرى، البلاغ رقم 253/1987.

(9) انظر كونروي ليفي ضد جامايكا ، البلاغ رقم 719/1996، و كلارنس مارشال ضد جامايكا ، البلاغ رقم 730/1996، و كوربانوف ضد طاجيكستان ، البلاغ رقم 1096/2002.

تاء - البلاغ رقم 976/2001، ديركسن ضد هولندا (الآراء التي اعتمدت في 1 أيار/مايو 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من: سيسيليا ديركسن بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن ابنتها كايا مارسيل باكر(يمثلها المحامي إي. دبليو. إم ويليامز)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب ة البلاغ

الدولة الطرف: هولندا

تاريخ تقديم البلاغ: 11 آب/أغسطس 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 976/2001، المقدم إليها نيابة عن السيدة سيسيليا ديركسن وعن ابنتها كايا مارسيل باكر بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب ة البلاغ ه ي سيسيليا ديركسن، مواطن ة هولندية. وهي تقدم البلاغ بالأصالة عن نفسها وبالنيابة عن طفلتها كايا مارسيل المولودة في 21 نيسان/أبريل 1995، والتي كان عمرها خمس سنوات عندما قُدِّم البلاغ الأول. وتدعي أنها وطفلتها ضحيتان لانتهاك هولندا للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبة البلاغ محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 عاشت صاحبة البلاغ مع شريكها مارسيل باكر في نفس المسكن من آب/أغسطس 1991 إلى 22 شباط/فبراير 1995. وورد في البلاغ أن السيد باكر كان المعيل بينما كانت السيدة ديركسن تعتني بشؤون البيت وتعمل نصف دوام. وقد وقَّعا على عقد معايشة وعندما حملت السيدة ديركسن، اعترف السيد باكر بالطفل على أنه من صلبه. وتقول صاحبة البلاغ إنهما كانا ينويان الزواج. وفي 22 شباط/فبراير 1995، توفي السيد باكر في حادثة.

2-2 وفي 6 تموز/يوليه 1995، طلبت صاحبة البلاغ الحصول على استحقاقات بمقتضى القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى (AWW, Algemene Weduwen en Wezen Wet). وفي 1 آب/أغسطس 1995، رُفض طلبها بحجة أنها لم تكن متزوجة من السيد باكر وبالتالي فإنه لم يكن جائزاً الاعتراف بها كأرملة بموجب القانون المذكور أعلاه. وبمقتضى نفس القانون، كانت استحقاقات يتامى الأب تُدمَج في الاستحقاقات الممنوحة للأرامل.

2-3 وفي 1 تموز/يوليه 1996، حل القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة (ANW, Algemene Nabestaanden Wet) محل القانون العام المتعلـق بالأرامـل واليتامى (AWW). وبموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، صار للشركاء غير المتزوجين أيضاً الحق في الحصول على استحقاق. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، تقدمت السيدة ديركسن بطلب للحصول على استحقاق بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقيـن على قيد الحياة. وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 1996، رفض بنـك التأمينات الاجتماعـية (SocialeVerzekringsbank) طلبها على أساس أنه: "(...) لا حق في الحصول على استحقاق بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة إلا للأشخاص الذين كان يحق لهم الحصول على استحقاق بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى في 30 حزيران/يونيه 1996 وأولئك الذين ترمّلوا في 1 تموز/يوليه 1996 أو بعده".

2-4 ورفض مجلس بنك التأمينات الاجتماعية طلب السيدة ديركسن بإ عادة النظر في القرار في 6 شباط/فبراير 1997. كما رفضت المحكمة المحلية لمقاطعة زوتفين (Arrondissmentsrechtbank Zutphen) اسـتئنافها في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1997. وفي 10 آذار/مارس 1999، أعلن مجلس الاستئناف المركزي (Centrale Raad van Beroep) أن استئنافها لا يستند إلى أساس. وبهذا، تعتبر جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

الشكوى

3-1 في رأي صاحبة البلاغ، يشكل التمييز بين يتامى الأب أو الأم الذين تزوج آباؤهم وأولئك الذين لم يتزوج آباؤهم انتهاكاً للمادة 26 من العهد. وجاء في البلاغ أنه ليست هناك أسس موضوعية ومعقولة يمكن أن تبرر التفريق بين أطفال مولودين لوالدين متزوجين وبين أطفال مولودين لوالدين غير متزوجين. وبالرجوع إلى قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قضية دانينغ ضد هولندا، يجادَل بأن الاعتبارات التي استندت إليها اللجنة لا تنطبق على هذه القضية بما أن قرار عدم الزواج لا يؤثر على الحقوق والواجبات القائمة في العلاقة بين الوالد وولده.

3-2 وتشير صاحبة البلاغ أيضاً إلى أنه بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، يكون ليتامى الأب أو الأم الذين توفي أحد والديْهم في 1 تموز/يوليه 1996 أو بعده الحق في الحصول على استحقاق سواء كان الوالدان متزوجين أم لا، وهو ما يضع نهاية لعدم المساواة موضوع الشكوى أعلاه. وترى صاحبة البلاغ أنه من غير المقبول الإبقاء على عدم المساواة بالنسبة للأطفال الذين توفي أحد والديْهم قبل 1 تموز/يوليه 1996.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ كذلك أنها هي ذاتها كانت ضحية التمييز. واستناداً إلى قرار اللجنة بخصوص قضية دانينغ ضد هولندا، فإنها تقبل القرار القاضي بعدم منحها استحقاقاً بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى، بما أن الاستحقاقات كانت تقتصر على الشركاء المتزوجين بمقتضى ذلك القانون. على أن القانون قد تغير الآن وأصبح يمنح استحقاقات للشركاء غير المتزوجين، ولا يمكنها من ثم قبول استمرار رفض منحها استحقاقاً لمجرد أن شريكها توفي قبل 1 تموز/يوليه 1996. وتجادل صاحبة البلاغ بأنه حالما تقررت المساواة بين الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين فإنه ينبغي تطبيقها على الجميع بصرف النظر عن تاريخ وفاة الشريك وأن عدم المساواة بينهم يمثل انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 برسالة مؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، تقر الدولة الطرف بالوقائع كما سردتها صاحبة البلاغ. وتضيف بأن مجلس الاستئناف المركزي اعتبر، برفضه استئناف صاحبة البلاغ، أن الأحكام التي تحرِّم التمييز مثل المادة 26 من العهد ليس المقصود بها الحماية من الأضرار التي قد تنشأ عن القيود الزمنية الملازمة للتعديلات التي تجرى على القوانين. ويرى المجلس أن منح حقوق جديدة لا ينشئ التزاماً بسريانها على الحالات التي يعود تاريخها إلى ما قبل التعديل.

4-2 وتوضح الدولة الطرف أنه عندما استعيض ب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة عن القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى، كان النظام الانتقالي مبنيا على احترام الحقوق السابقة بمعنى احترام الحقوق القائمة بمقتضى القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى وعدم جواز المطالبة بحقوق جديدة مترتبة على وفاة شخص قبل دخول القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة حيز التنفيذ.

4-3 وفيما يتصل بمقبولية البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحبة البلاغ لم تستأنف القرار الصادر في 1 آب/أغسطس 1995 والذي رُفض بموجبه طلبها المقدم بمقتضى ا لقانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى . وتجادل الدولة الطرف بأنه طالما أن البلاغ يتعلق بتمايزات وردت في القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى، فإنه ينبغي الإعلان عن عدم قبوله.

4-4 وفيما يتصل بالأسس الموضوعية، تشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للجنة في قضايا تخص الضمان الاجتماعي، وتحاول الاستدلال من تلك القرارات على أن الدولة هي التي تحدد المسائل التي تود تنظيمها بالقانون وشروط منح الاستحقاق وفقها ما دام التشريع المعتمد ليس ذا طبيعة تمييزية. وانطلاقاً من القرارات السابقة التي استعرضت فيها اللجنة القانون الهولندي المتعلق بالضمان الاجتماعي، تستنتج الدولة الطرف أن التمييز بين الأزواج وبين الشركاء غير المتزوجين مبني على أسس معقولة وموضوعية. وتذكَّر الدولة الطرف بأن اللجنة أسست رأيها على أن الأشخاص أحرار في اختيار الارتباط بعلاقة الزوجية من عدمه وأنهم يقبلون المسؤوليات والحقوق المترتبة على ذلك.

4-5 وترفض الدولة الطرف رأي صاحبة البلاغ بأنه ينبغي تطبيق القانون الجديد على القضايا السابقة لـه كذلك. وهي تشير إلى أن القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة اعتُمد ليعكس التغييرات التي طرأت على المجتمع الذي شاعت فيه المعايشة كشريكين دون الارتباط برباط الزوجية. وترى الدولة الطرف أن الحكم على الحاجة إلى إنشاء نظام انتقالي أمر يخص الهيئة التشريعية الوطنية. وتؤكد الدولة الطرف على أن الأشخاص الذين يحق لهم حالياً الحصول على استحقاقات بمقتضى القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة ينعمون بحقوق مقررة. وهو ما يميزهم عن الأشخاص مثل صاحبة البلاغ الذين ليست لهم حقوق مقررة. وقبل 1 تموز/يوليه 1996 ، كان الزواج عاملاً يؤخذ في الاعتبار لمنح الاستحقاقات بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة وكان الناس أحراراً في اختيار الارتباط بعلاقة الزوجية والحفاظ من ثم على الحق في الحصول على الاستحقاقات أو عدم الزواج وبذلك يُستثنون من ذلك الحق. وكون القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة قد ألغى المعاملة التفاضلية بين الأشخاص المتزوجين والأشخاص المتعايشين دون زواج لا يغير شيئاً في هذه الحالة السابقة عليـه. وتخلص الدولة الطرف إلى أن النظام الانتقالي لا يشكل تمييزاً ضد صاحبة البلاغ.

4-6 وفيما يتعلق بصلة البلاغ بابنة السيدة ديركسن، فإن الدولة الطرف تصرح بأن الملاحظات التي أوردتها أعلاه تنطبق أيضاً، مع مراعاة الفارق، على ادعاء عدم المساواة بين الأيتام الذين فقدوا أحد الوالدين. وتفيد الدولة الطرف في هذا الصدد بأنه، كما كان عليه الحال في ظل القانون السابق فليس اليتيم للأب أو الأم نفسه هو من لـه الحق في الحصول على الاستحقاق، وإنما الباقي على قيد الحياة من الأب أو الأم. وبما أنه لا القانون القديم ولا القانون الجديد يمنح استحقاقاً للأيتام الذين فقدوا أحد الوالدين، فليست هناك في رأي الدولة الطرف مسألة تتعلق بالتمييز بالمعنى المقصود في المادة 26 من العهد.

4-7 وبشأن الادعاء القائل بأن القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى يحظر التمييز بين الأطفال المولودين خارج رباط الزوجية والأطفال المولودين ضمن علاقة الزواج، تجادل الدولة الطرف أولا بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد. كما تجادل بأن الادعاء لا يستند إلى أي أساس لأن وضع الطفل لا صلة لـه بتحديد ما إذا كان يحق للزوج الباقي على قيد الحياة الحصول على استحقاق بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى بما أن وضع الزوج هو الذي يحدد منح أو عدم منح استحقاق لليتيم الذي فقد أمه أو أباه.

تعليقات صاحبة البلاغ

5-1 برسالة مؤرخة 25 كانون الثاني/يناير 2002 ، تشير صاحبة البلاغ إلى أن القضية الأساسية هي هل يجوز التعامل بشكل مختلف مع قضايا متماثلة بسبب عامل الزمن، أي هل يجوز قصر المساواة بين الأشخاص المتزوجين وغير المتزوجين الذين يعيشون مع بعضهم بعضاً على الحالات التي يكون فيها أحد الزوجين قد توفي قبل 1 تموز/يوليه 1996. وتسترعي صاحبة البلاغ الانتباه إلى أن نظام التأمين الذي أنشأه القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة هو نظام وطني جماعي يساهم فيه جميع دافعي الضرائب. وتشير صاحبة البلاغ إلى تاريخ نظم أخرى (كمعاشات الشيخوخة والاستحقاقات الممنوحة للأطفال) وتقول إن تلك النظم تنطبق على جميع المقيمين المستحقين وليس فقط على من اكتسبوا هذا الحق بعد تاريخ سنها. وتسترسل صاحبة البلاغ مجادِلة بأنه لا يمكن مقارنة نظم التأمينات الاجتماعية بنظم التأمينات التجارية، وتدعي بأن اعتبارات الربح ستُفقد نظم التأمينات الاجتماعية سمتها الخاصة.

5-2 وفيما يتعلق بالأحكام الانتقالية المنصوص عليها في القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، تشير صاحبة البلاغ إلى أن القانون سُن أصلاً لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء، وأن المساواة بين الشركاء المتزوجين وبين الشركاء غير المتزوجين لم تُضف إليه إلا بعد المناقشة التي دارت في البرلمان. وكان السبب وراء وضع الخطة الانتقالية هو أن الشروط التي فرضها القانون الجديد كانت أكثر صرامة من تلك التي وردت في القانون السابق، ولكن لأسباب تتعلق بالسلامة القانونية، اعتُبر جميع من كان لهم حق الحصول على استحقاقات بموجب القانون السابق، مؤهلين للحصول عليها أيضاً بمقتضى القانون الجديد، بينما طُبقت شروط أكثر صرامة على الأشخاص الذين أصبحت لهم الأحقية منذ وقت قريب. وحسب قول صاحبة البلاغ، فإن مسألة ما إذا كان ينبغي منح استحقاقات للمعالين الباقين على قيد الحياة لأشخاص غير متزوجين وافاهم الأجل قبل 1 تموز/يوليه 1996 لم تُطرح على الإطلاق، ولم يُتخذ من ثم أي قرار عن وعي في هذا الصدد. وتجادل صاحبة البلاغ أيضاً بأنه من خلال التغييرات التي أدخلت على طريقة حساب الاستحقاقات وإنهاء الحق فيها قبل المدة التي كانت محددة، كان المقصود بالقانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة تخفيض النفقات كما يتبين من الإحصاءات المتعلقة بالأعوام 1999 و2000 و2001 التي تدل على أن عدد الأشخاص ممن لهم الحق في الحصول على الاستحقاقات بمقتضى القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة أقل من عدد المستفيدين منها بمقتضى القانون العام السابق المتعلق بالأرامل واليتامى. وترى صاحبة البلاغ أنه كان يسهل من ثم توسيع نطاق التمويل لتغطية الحالات "السابقة" المتعلقة بالشركاء غير المتزوجين. وزيادة على ذلك، تذكّر صاحبة البلاغ بأنها كانت تدفع هي وشريكها، كجميع المقيمين من دافعي الضرائب، حصصهما بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى.

5-3 وتصر صاحب ة البلاغ على أن الأحكام الانتقالية أحكام تمييزية وتشير إلى أنه لو تأخرت وفاة شريكها 17 شهراً، لكان يحق لها ولطفلتها الحصول على استحقاق. فهما تواجهان نفس الظروف التي تواجه أي معالين فقدوا شريكاً أو أحد الوالدين بعد 1 تموز/يوليه 1996. فعدم المساواة بين أشخاص يعيشون نفس الأوضاع إنما ينتهك بوضوح المادة 26 من العهد.

5-4 وفيما يتعلق بابنة صاحبة البلاغ، فإن هذه الأخيرة تشير إلى أن الطفلة تلقى معاملة مختلفة عن تلك التي يلقاها الأطفال الذين تزوّج آباؤهم أو أولئك الذين توفي آباؤهم بعد 1 تموز/يوليه 1996. وهو ما يعادل، في رأي صاحبة البلاغ، التمييز المحرَّم لأن ليس للطفلة أي تأثير على قرار والديها بالزواج من عدمه. وبالرجوع إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تجادل صاحبة البلاغ بعدم جواز التفرقة في المعاملة بين الأطفال المولودين داخل علاقة الزوجية وخارجها.

5-5 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن اختلاف المعاملة غير المستند إلى أسس موضوعية ومعقولة والذي ليس لـه هدف مشروع يشكل تمييزا. كما تشير إلى أن الحكومة كانت قد تقدمت بالفعل، في آذار/مارس 1991، بمشروع قانون يلغي الفرق بين المعالين المتزوجين وغير المتزوجين، ولكن جرى سحب هذا المقترح في ذلك الحين. وتجادل بأنه لا ينبغي أن تدفع هي وابنتها ثمن بطء صدور تلك التعديلات. وهي تؤكد أن المعايشة دون زواج كانت قد أصبحت ممارسة مقبولة في هولندا منذ سنوات قبل أن يتغير القانون. وتخلص صاحبة البلاغ إلى أنها وابنتها قد خضعتا لمعاملة مختلفة تفتقر إلى أي أساس موضوعي ومعقول وليس لها أي هدف مشروع.

ملاحظات إضافية قدمتها الدولة الطرف

6-1 برسالة مؤرخة 7 أيار/مايو 2002، تصرح الدولة الطرف بأنها لا تشاطر صاحبة البلاغ رأيها بأن المادة 26 من العهد تتوخى تطبيق القوانين الجديدة على الحالات السابقة لها. وتشير الدولة الطرف إلى ملاحظاتها السابقة وتخلص إلى أن النظام الانتقالي لا يشكل تمييزاً.

6-2 وتشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة بشأن قضية هوفدمان ضد هولندا التي رأت اللجنة فيها أن التفريق بين الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين لا يشكل تمييزاً بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى. وتؤكّد الدولة الطرف أن نظماً قانونية مختلفة كانت تسري على الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين في الوقت الذي قررت فيه صاحبة البلاغ معايشة شريكها دون الزواج منه وأن القرار بعدم الزواج ترتبت عليه نتائج قانونية كانت صاحبة البلاغ على علم بها.

6-3 وتجادل الدولة الطرف أيضاً بأنه لا يمكن اعتبار النظام الانتقالي تمييزياً في حد ذاته لأنه يفرق ما بين فئتين مختلفتين هما: المعالون الباقون على قيد الحياة الذين كان لهم الحق في الحصول على استحقاق بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى وأولئك الذين لم يكن لهم حق في ذلك. وتم التفريق بين الفئتين لأسباب تتعلق بالسلامة القانونية بغية ضمان الحقوق التي اكتسبها الناس بموجب القانون السابق.

6-4 وعلاوة على ذلك، تجادل الدولة الطرف بأنه نظراً لكون القانون الخاص بالمعالين على قيد الحياة عبارة عن نظام تأمين وطني يساهم فيه جميع المقيمين، فإن الحكومة ملزمة بالحفاظ على التكاليف الجماعية ضد أدنى مستوى ممكن. وفيما يخص إشارة صاحبة البلاغ إلى نظم الضمان الاجتماعي الأخرى التي تم تقديمها، تشير الدولة الطرف إلى أنه يجب التفريق بين إدخال هذه النظم وتغيير نظام قائم.

6-5 وفيما يتصل بوضع أيتام الأب أو الأم المولودين خارج رباط الزوجية، تكرر الدولة الطرف أن وضع الطفل لا علاقة لـه بالأحقية في الحصول على استحقاقات سواء بمقتضى النظام الجديد أو النظام السابق. فالوالد الباقي على قيد الحياة الذي يرعى شؤون الطفل هو من لـه الأحقية في الحصول على الاستحقاق. وبالتالي فإن وضع الوالدين كان وما يزال هو العامل الحاسم. وطالما كان هناك ما يبرر الفوارق بين الأبوين المتزوجين وغير المتزوجين اللذين يعيشان معاًً، ومثلما هو الحال وفقاً لآراء اللجنة في قضية هودفمان ضد هولندا، فلا يمكن القول بأن القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة يُدِيم المعاملة القائمة على التمييز.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاءات واردة في بلاغ ما، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا وفقاً للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد أحاطت اللجنة علماً بأوجه اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ على أساس أن صاحبته لم تستنفد سبل الانتصاف المتاحة لها محلياً بخصوص رفض منحها استحقاقاً بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى. وتعتبر اللجنة أنه طالما أن البلاغ يتعلق بانتهاكات مزعومة نتجت عن قرار بعدم منحها استحقاقاً بموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-3 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أنه لا يجري بحث المسألة نفسها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية على الصعيد الدولي.

8- وبالتالي، فإن اللجنة تقرر أن البلاغ مقبول بما أنه يتعلق برفض منح الاستحقاق بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة وأنه ينبغي دراسته بناء على أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفان على نحو ما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 والسؤال الأول المطروح أمام اللجنة هو ما إذا كانت صاحبة البلاغ ضحية انتهاك المادة 26 من العهد لأن التشريع الجديد الذي ينص على منح استحقاقات متساوية للمعالين المتزوجين والمعالين غير المتزوجين الذين توفى شريكهم لا يسري على الحالات التي سبقت فيها وفاة الشريك غير المتزوج تاريخ دخول القانون الجديد حيز التنفيذ. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية بشأن ادعاءات تمييز قدمت ضد هولندا في وقت سابق بخصوص قانون الضمان الاجتماعي. وتكرر اللجنة أن الفارق لا يصل في جميع الحالات إلى حد التمييز المحظور بمقتضى العهد طالما أنه قائم على معايير معقولة وموضوعية. وتذكر اللجنة بأنه كان قد ثبت لها في السابق أن التمايز بين شريكين متزوجين وشريكين غير متزوجين لا يعتبر انتهاكا للمادة 26 من العهد بما أن الأشخاص المتزوجين والأشخاص غير المتزوجين يخضعون لنظم قانونية مختلفة وأن قرار اكتساب أو عدم اكتساب وضع قانوني من خلال الزواج متروك كلياً للأشخاص المتعايشين. وبإصدارها القانون الجديد، منحت الدولة الطرف الأشخاص المتعايشين المتزوجين وغير المتزوجين معاملة متساوية لأغراض حصول المعالين الباقين على قيد الحياة على استحقاقات. وباعتبار أن الممارسة السابقة المتمثلة في التمايز بين الأشخاص المتعايشين المتزوجين وغير المتزوجين لا يشكل تمييزا محرَّما، فإن اللجنة ترى أنه لم يكن ثمة ما يلزم الدولة الطرف بأن يكون التعديل ذا أثر رجعي. وتعتبر اللجنة أن قصر تطبيق القانون على الحالات الجديدة دون غيرها لا يمثل انتهاكا للمادة 26 من العهد.

9-3 ويتلخص السؤال الثاني المطروح على اللجنة في ما إذا كان رفض منح استحقاقات لابنة صاحبة البلاغ يمثل تمييزا محرّما بموجب المادة 26 من العهد. وقد أوضحت الدولة الطرف بأن وضع الطفل ليس هو الذي يحدد منح الاستحقاقات، وإنما وضع أب الطفل أو أمه الباقي على قيد الحياة وأن الاستحقاقات لا تُمنح للطفل وإنما للأب أو الأم. بيد أن صاحبة البلاغ جادلت بأن التمايز بين الأشخاص المتزوجين وغير المتزوجين وإن كان لا يمثل تمييزا لأن نظما قانونية مختلفة تسري ولأن حرية تامة في الاختيار متاحة للشركاء بشأن الزواج من عدمه، فإن قرار الأبوين عدم الزواج لا يجوز أن يؤثر في واجبات الوالدين تجاه الطفل وليس للطفل أي تأثير في قرار الوالدين. وتذكر اللجنة بأن المادة 26 تحظر التمييز المباشر وغير المباشر على السواء، علماً بأن المفهوم الأخير يرتبط بقانون أو إجراء قد يبدو محايدا في ظاهره وخالياً من أية نية في التمييز ولكنه يؤدي مع ذلك، إلى التمييز بسبب ضرره الاستثنائي أو غير المتناسب الذي يقع على فئة معينة من الأشخاص. ومع ذلك، لا يمثل الاختلاف تمييزا محرّما بالمعنى المقصود في المادة 26 من العهد إلا إذا كان لا يستند إلى معايير موضوعية ومعقولة. وبالنظر إلى الظروف الخاصة بالحالة التي نحن بصددها، تلاحظ اللجنة أن منح استحقاقات الأطفال بموجب القانون العام السابق المتعلق بالأرامل واليتامى كان رهنا بوضع الوالدين. فإذا كان الوالدان غير متزوجين، لم يكن للأطفال الحق في الاستفادة من الاستحقاقات. على أنه بموجب القانون الجديد الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، لا يحصل الأطفال المولودون لأبوين غير متزوجين قبل 1 تموز/يوليه 1996 على الاستحقاقات التي تمنح لأطفال في نفس الوضع وُلدوا بعد ذلك التاريخ. وتعتبر اللجنة أن التفريق، من جهة، بين الأطفال المولودين إما داخل رباط الزوجية أو خارج رباط الزوجية بعد 1 تموز/يوليه 1996 والأطفال المولودين خارج رباط الزوجية قبل 1 تموز/يوليه 1996، من جهة أخرى، لا يستند إلى أسس معقولة. واللجنة، إذ تخرج بهذا الاستنتاج، إنما تؤكد أن السلطات كانت تدرك تماما الأثر التمييزي للقانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى عندما قررت سن القانون الجديد الرامي إلى تصحيح الوضع وأنه كان باستطاعتها أن تنهي بسهولة التمييز ضد الأطفال المولودين خارج رباط الزوجية قبل 1 تموز/يوليه 1996 بأن تشملهم بتطبيق القانون الجديد. وكان بالإمكان إنهاء التمييز المستمر ضد أطفال لم يُستشاروا في ما اختاره آباؤهم من زواج أو عدمه سواء بأثر رجعي أو بدونه. ولما كان قد أعلن عن مقبولية البلاغ بالنسبة للفترة التي تلت 1 تموز/يوليه 1996 فقط، فإن اللجنة لا تتناول سوى تقصير الدولة الطرف في إنهاء التمييز منذ ذلك التاريخ فصاعداً، وهو ما يمثل في رأي اللجنة انتهاكا للمادة 26 بحق كايا مارسيل باكر التي حرمت من الحصول، عن طريق والدتها، على الاستحقاقات الممنوحة ليتامى الأب أو الأم بموجب القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة.

10- وترى لجنة حقوق الإنسان، وهي تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها المتعلقة بكايا مارسيل باكر تبين أن المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد انتهكت.

11- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بمنح استحقاقات يتامى الأب لكايا مارسيل باكر أو بإعطائها تعويضا يعادلها. وهي ملزمة كذلك بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل .

12- ومع مراعاة أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان أي انتهاك للعهد قد حدث وأن الدولة الطرف قد تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد المقيمين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن تتيح سبيلا للانتصاف فعالا وقابلا للتنفيذ في حال ثبوت حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عن الإجراءات المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع تنفيذ. كما تطالَب الدولة الطرف أيضا بنشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

التذييل

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

لا يمكنني للأسف الانضمام إلى استنتاج اللجنة بأن القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة يمثل انتهاكا للمادة 26 من العهد لكونه يحرم يتامى الأب أو الأم من شريكين غير متزوجين قبل 1 تموز/يوليه 1996 من الحصول على استحقاقات ويمنح في الوقت ذاته نفس الاستحقاقات لأطفال من شريكين غير متزوجين ولدوا بعد ذلك التاريخ.

والوقائع في هذه القضية، كما أراها، هي كالتالي: في 1 تموز/يوليه 1996، حل قانون المعالين الباقين على قيد الحياة محل القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى. وبمقتضى القانون الجديد، بات للشركاء غير المتزوجين الحق في الاستفادة من استحقاق لم يكن متاحا، إلا للشركاء المتزوجين بموجب القانون السابق. وتقدمت صاحبة البلاغ بطلب للحصول على الاستحقاق بمقتضى القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة فقوبل بالرفض لكون شريكها قد توفي في 22 شباط/فبراير 1995، أي قبل سبعة عشر شهرا من سن القانون الجديد، وبما أنه ليس للقانون أثر رجعي فإنه لا يحق لها طلب الحصول على الاستحقاق. وتدعي صاحبة البلاغ أنه حالما تقرر معاملة الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين معاملة تساوي بينهم، فإن هذا القرار يجب أن يسري على الجميع بغض النظر عن تاريخ وفاة الشريك وأن عدم فعل ذلك إنما يمثل انتهاكا للمادة 26 ليس فقط ضدها وإنما ضد ابنتها كذلك. (3-3 و5-3 و5-4).

ومن المؤسف أن القانون الجديد يمسها هي وابنتها سلباً في هذه القضية. على أنه ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تفسر وتطبق المادة 26، أن تأخذ العوامل الثلاثة التالية في الاعتبار: أولا ، أن تاريخ تدوين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوضح أن الحقوق المضمَّنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية هي الوحيدة التي تطرح أمام المحكمة وأن البروتوكول الاختياري ملحق بذلك العهد، بينما الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تطرح أمام المحكمة. ثانيا ، إذا كان مبدأ عدم التمييز المجسد في المادة 26 من العهد الأول يطبق يسري على أي مجال يخضع لتنظيم وحماية السلطات العامة، فإن العهد الأخير يلزم الدول الأطراف بإعمال الحقوق الواردة فيه تدريجياً فقط. ثالثا ، الحق في الضمان الاجتماعي، وهو بالذات الحق موضوع النقاش في هذه القضية، منصوص عليه لا في العهد الأول وإنما في العهد الأخير الذي يتضمن حكماً خاصاً به بشأن تطبيق الحقوق الواردة فيه تطبيقاً غير تمييزي.

وعليه، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تتوخى الحذر الشديد عند تطبيق المادة 26 على قضايا تتناول حقوقا اقتصادية واجتماعية يجب على الدول الأعضاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية إعمالها دون تمييز ولكن درجةً درجة من خلال السبل المتاحة. وفي رأيي أن الدولة الطرف في هذه القضية تسعى إلى تحقيق المساواة في معاملة الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين ولكن بصورة تدريجية وهو ما يجعل تطبيق القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة دون أثر رجعي . وإذا قيل للدولة الطرف إنها ما لم تعامل الشركاء المتزوجين والشركاء غير المتزوجين على قدم المساواة في الحال فإنها تكون قد انتهكت المادة 26 إنما يعادل قولنا لها ألا تبدأ بسكب الماء في قدح فارغ إلا إذا كانت قادرة على ملئه في الحال .

)توقيع): نيسوكي أندو

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السير نايجل رودلي (رأي مخالف)

إنني لا أرى أن النتيجة التي خلصت إليها اللجنة بحدوث انتهاك طال كايا مارسيل باكر، ابنة صاحبة البلاغ (الفقرة 9-3)، لا تصمد لأي تحليل. فمن أجل الامتثال لتفسير اللجنة للعهد، كان يتعين على الدولة الطرف أن تسن القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة ليكون لـه أثر رجعي. والواقع أن غياب الأثر الرجعي بالتحديد هو ما يشكل الانتهاك في رأي اللجنة. وبما أن معظم القوانين تؤدي إلى اختلاف درجات حقوق الناس مقارنة بالوضع السابق لاعتماد القانون، فإن منطق اللجنة يعني أن جميع القوانين التي تمنح استحقاقا جديدا يجب أن تكون ذات أثر رجعي إذا ما أريد تجنب التمييز ضد أولئك الذين كانت حقوقهم محددة بمقتضى القانون السابق.

و فضلا عن ذلك، أعتقد أن اللجنة تحمِّل مفهوم الضحية ما لا يحتمل في هذه القضية. فبموجب القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى أو القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، لم يكن ولا يكون لأي شخص وُلد خارج رباط الزوجية أي حق مستقل في الحصول على استحقاق. وكانت الأم، وهي في هذه الحالة صاحبة البلاغ، وما تزال حرة في التصرف في الاستحقاق دون ما يجبرها على استعماله لرفاه ابنتها. إن مذهب التمييز غير المباشر الواهي أصلا الذي تطبقه اللجنة هنا يخضع لضغط لا يُحتمل إذ يراد به دعم حجة اللجنة. وعلى كل حال، فإنه من الصعب جدا مقارنة التمييز غير المباشر المدعى حدوثه بين أطفال حملتهم أمهاتهم قبل أو بعد اعتماد القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة بالتمييز المباشر بين أطفال وُلدوا ضمن رباط الزوجية وأطفال وُلدوا خارجه. ومع ذلك، تحجم اللجنة عن الاستنتاج بأن هذا التمييز مناف للعهد لمجرد أنها قررت قبول البلاغ فقط من حيث ما يتعلق بسريان القانون الخاص بالمعالين (الفقرة 7-2). (وفي هذا الصدد، أشير أيضا إلى أن قرار اللجنة بخصوص الأسس الموضوعية بما أنه يتعلق باختلاف قائم بين القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى والقانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة، فإن المنطق يقضي بوجوب انطباق القرار بعدم المقبولية على كلا القانونين. إذ إن التماس أي سبيل انتصاف بنجاح بخصوص القانون العام المتعلق بالأرامل واليتامى كان سيحل، على أية حال، التناقض الظاهر في تطبيق القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة).

وبناء عليه، ورغم أسفي لكون الدولة الطرف لم تتخذ من الترتيبات ما يجعلها أكثر كرماً عند سنها القانون الخاص بالمعالين الباقين على قيد الحياة لتستفيد منه جميع الأسر في نفس وضع السيدة باكر وابنتها، فإنني لا أستطيع أن استنتج أن العهد قد انتهك.

)توقيع): السير نايجل رودلي

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

ثاء - البلاغ رقم 1002/2001، فرانز فالمان وآخرون ضد النمسا (الآراء التي اعتمدت في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من: فرانز فالمان وآخرون (يمثلهم الكسندر ه‍. أ. موراوا)

الشخص المدعي أنه ضحية: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: النمسا

تاريخ تقديم البلاغ: 2 شباط/فبراير 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1002/2001 المقدم إليها باسم السيد فرانز فالمان وآخرين في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم فرانز فالمان (صاحب البلاغ الأول) وزوجته السيدة روسيلا فالمان (صاحبة البلاغ الثانية)، وهما مواطنان نمساويان، وكذلك "فندق زوم هيرشين للسيد جوزيف فالمان "(Hotel zum Hirschen Josef Wallmann) (صاحب البلاغ الثالث)، وهي شركة توصية بسيطة بما فيهــا شركة ذات مسؤولية محدودة ويمثلها السيد فالمان والسيدة زوجته لأغراض هذا البلاغ. ويدعي أصحاب البلاغ أنهم وقعوا ضحية لانتهاك النمسا (1) لأحكام الفقرة 1 من المادة 22 من العهد. ويمثلهم محامٍ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ الأول هو مدير فندق يقع في سالسبورغ، "فندق زوم هيرشين"، وهي شركة توصية بسيطة ( Kommanditgesellschaft ) تتصرف بوصفها صاحبة البلاغ الثالثة. وحتى كانون الأول/ديسمبر 1999 كان صاحب البلاغ الأول والسيد جوزيف فالمان هما الشريكان في رأسمال الشركة، بالإضافة إلى شريكها العام "شركة فالمان المحدودة المسؤولية" Wallmann Gesellschaft mit beschr änk ter Haftung" " . ومنذ كانون الأول/ ديسمبر 1999، لما انسحب صاحب البلاغ الأول وجوزيف فالمان من شركة التوصية البسيطة، أصبحت صاحبة البلاغ الثانية تملك نسبة 100 في المائة من حصص رأس المال في كل من الشركة المحدودة المسؤولية وشركة التوصية البسيطة.

2-2 و"فندق زوم هيرشين لجوزيف فالمان"، هو شركة توصية بسيطة ( Kommanditgesellschaft ) ، وعضو إلزامي في الغرفة التجارية النمساوية، قسم مقاطعة سالسبورغ، ( Landeskammer Salzburg ) ، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2 من المادة 3 من القانون الخاص بالغرف التجارية ( Handelskammergesetz ) . وفي 26 حزيران/يونيه 1996، طلبت الغرفة الإقليمية إلى شركة التوصية أن تسدد رسوم العضوية السنوية ( Grundumlage ) لعام 1996، التي تُقدَّر بنحو بمبلغ 230 10 شلن نمساوي (2) .

2-3 وفي 3 تموز/يوليه 1996، رفع صاحب البلاغ الأول طعناً باسم شركة التوصية المحدودة إلى الغرفة التجارية الاتحادية ( Wirtschaftskammer Ö sterreich ) ادعى فيه انتهاك حقه في حرية تكوين الجمعيات المشمول بالحماية بموجب الدستور النمساوي ( Bundesverfassungsgesetz ) والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وفي 9 كانون الثاني/يناير 1997، أعلنت الغرفة التجارية الاتحادية رفضها الطعن.

2-4 ورفع صاحب البلاغ الأول شكوى دستورية أمام المحكمة الدستورية النمساوية ( Verfassungsgerichtshof ) ، التي أعلنت في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 أن الشكوى غير مقبولة وذلك لانعدام أي إمكانية لنجاحها في ضوء السوابق القضائية للمحكمة بصدد العضوية الإلزامية في الغرفة التجارية، وأحالت القضية إلى المحكمة الإدارية العليا ( Verwaltungsgerichtshof ) لإعادة النظر في حساب الرسوم السنوية. وبناء على ذلك، لم تعالج تلك المحكمة مسألة العضوية الإلزامية لشركة التوصية البسيطة.

2-5 وفي 3 تموز/يوليه 1998، قدم صاحب البلاغ الأول عريضة إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان (اللجنة الأوروبية)، ادعى فيها انتهاك حقوقه الواردة في الفقرة 1 من المادة 6 (الحق في محاكمة عادلة لتحديد حقوقه والتزاماته المدنية)، والمادة 10 (حرية التعبير)، والمادة 11 (حرية تكوين الجمعيات) والمادة 13 (الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال) من الاتفاقية الأوروبية. وفي رسالة مؤرخة 10 تموز/يوليه 1998، أحاطت أمانة اللجنة الأوروبية السابق ذكرها صاحب البلاغ الأول علماً بشواغلها فيما يتعلق بمقبولية عريضته، وأبلغته بأن العضوية في إحدى الغرف التجارية، وفقاً للسوابق القضائية للجنة، لا يشمل الحق في تكوين الجمعيات إذ لا يمكن أن تعتبر الغرف التجارية جمعيات بالمعنى الوارد في المادة 11 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وعلاوة على ذلك، فإن أحكام المادة 6 من الاتفاقية لا تنطبق على الإجراءات المحلية التي تتعلق بجباية الضرائب والرسوم. ولذلك، يتعين أن تعلن اللجنة عدم جواز قبول عريضته. ونظراً لعدم ورود ملاحظات إضافية من صاحب البلاغ لم يتسن تسجيل عريضته أو إحالتها إلى اللجنة.

2-6 وفي رسالة بتاريخ 22 تموز/يوليه 1998، رد صاحب البلاغ الأول على الأمانة، وعرض الحجج المؤيدة لتسجيل دعواه. وفي 11 آب/أغسطس 1998، أبلغت أمانة اللجنة الأوروبية صاحب البلاغ بتسجيل دعواه. وأُحيلت الدعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعد أن دخل البروتوكول رقم 11 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حيز النفاذ في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1998. وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000، أعلن فريق يتألف من ثلاثة قضاة تابعين للمحكمة أن الدعوى غير مقبولة بموجب الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية، مشيراً إلى "أن صاحب الدعوى قد أُبلغ بالعوائق التي قد تحول دون قبول دعواه"، ورأى أن المسائل التي يشكو منها "لا تكشف عن أي شيء يوحي بخرق الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو بروتوكولاتها" (3) .

2-7 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 1998 و16 كانون الأول/ديسمبر 1999، على التوالي، رفضت الغرفة التجارية الاتحادية الطعون المقدَّمة من صاحبة البلاغ الثالثة من القرارات الصادرة عن الغرفة التجارية الإقليمية بسالزبورغ، وحددت المبلغ السنوي لرسوم العضوية المستحقة على شركة التوصية لعامي 1998 و1999. ولم تقدَّم أي شكوى دستورية ضد هذه القرارات الصادرة برفض الدعوى.

الشكوى

3-1 يدَّعي أصحاب البلاغ أنهم ضحية انتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 22 من العهد، باعتبار أن إلزام شركة التوصية البسيطة بالانضمام كعضو إلى الغرفة التجارية الإقليمية، إضافة إلى إلزامها بدفع رسوم العضوية السنوية، يحرمهم فعلياً من حقهم في حرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك الحق في تأسيس جمعية أخرى أو الانضمام إلى جمعية أخرى لأغراض تجارية مماثلة.

3-2 ويسلّم أصحاب البلاغ بأن انطباق المادة 22 على العضوية الإلزامي في الغرفة التجارية الاتحادية النمساوية، والغرفة التجارية الإقليمية ينبغي أن يحدَّد استناداً إلى المعايير الدولية. غير أن تصنيف الغرف باعتبارها منظمات تخضع للقانون العام بموجب التشريعات النمساوية لا يعكس طابعها الحقيقي، حيث إنها: (1) تمثل مصالح المنشآت التجارية الأعضاء فيها، وليس الصالح العام؛ (2) تضطلع بتشكيلة واسعة من الأنشطة الاقتصادية الموجَّهة نحو جني الأرباح؛ (3) تساعد الأعضاء فيها على إقامة اتصالات تجارية؛ (4) لا تمارس سلطات تأديبية على أعضائها؛ (5) تفتقر إلى السمات المميزة للمنظمات المهنية التي تخدم الصالح العام، إذ إن هدفها المشترك ينحصر في "القيام بالأنشطة التجارية". ويؤكد أصحاب البلاغ أن المادة 22 من الاتفاقية تنطبق على الغرف التجارية، حيث إنها تؤدي مهام منظمة خاصة تمثل مصالحها الاقتصادية.

3-3 ويدفع أصحاب البلاغ بأنه حتى إذا اعتبرت الغرف التجارية منظمات خاضعة للقانون العام، فإن العبء المالي الذي يتحمله أعضاؤها من خلال رسوم العضوية السنوية يمنع هؤلاء الأعضاء من تكوين جمعية فيما بينهم خارج إطار الغرف التجارية، حيث إنه من غير المعقول أن ينتظر من أصحاب الأعمال الأفراد القيام بالإضافة إلى سداد رسوم العضوية السنوية في الغرف التجارية بدفع اشتراكات مماثلة لتمويل جمعيات خاصة أخرى من أجل تعزيز مصالحهم الاقتصادية. لذلك فإن رسوم العضوية السنوية تعتبر بمثابة عائق فعلي يحول دون ممارسة الحق في حرية تكوين الجمعيات خارج إطار الغرف التجارية وتحتسب على هذا الأساس.

3-4 ويرى أصحاب البلاغ أن نظام العضوية الإلزامية لا يشكل تقييداً ضرورياً لخدمة أي مصلحة مشروعة للدولة بالمعنى الوارد في الفقرة 2 من المادة 22 من العهد. ولا يوجد نظام للعضوية الإلزامية من هذا القبيل في معظم الدول الأوروبية الأخرى.

3-5 وبخصوص تحفظ النمسا على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يدفع أصحاب البلاغ بأنه إذا نُظِر إلى نص التحفظ حرفياً، نجد أن "اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان" لم تبحث نفس المسألة إذ إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت الدعوى التي قدمها صاحب البلاغ الأول إلى اللجنة دون أن تبحث الأسس الموضوعية، لا سيما بشأن ما إذا كان ممكناً تصنيف الغرفة التجارية النمساوية بوصفها "جمعية" وما إذا كانت العضوية الإلزامية تمنع الأفراد من ممارسة حقهم في حرية تكوين جمعيات خارج إطار الغرفة التجارية. إن عدم قيام المحكمة الأوروبية أولاً بإحاطة صاحب البلاغ علماً بالشواغل المتعلقة بمقبولية دعواه قد حرمه من حقه في اختيار المحفل المناسب وذلك بسحب الدعوى التي رفعها أمام المحكمة الأوروبية وإحالتها إلى اللجنة. أما واقع أنه قد تلقى بالفعل رسالة من أمانة اللجنة في تموز/يوليه 1998 فقد قيل إنه أمر لا صلة لـه بالموضوع، إذ إنه حدث قبل تاريخ تسجيل الدعوى ولأن السوابق القضائية قد تطورت في هذه الأثناء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في رسالة مؤرخة 26 أيلول/سبتمبر 2001، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وفيما يتعلق بصاحب البلاغ الأول، ترى أن اللجنة ليست مختصة بالنظر في البلاغ بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، إذا قُرئت مقترنة بتحفظ النمسا ذي الصلة.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأن التحفظ ينطبق على البلاغ لأن صاحب البلاغ الأول سبق لـه أن رفع الأمر ذاته أمام اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأن أمانة هذه اللجنة أبلغته بشواغلها فيما يتعلق بمقبولية دعواه، وخلصت إلى أنه من المرجح أن يُعلَن عدم جواز قبول الدعوى. ونظراً إلى أن الأمانة لم تكتف في رسالتها إلى صاحب البلاغ الأول بإثارة مسائل شكلية فحسب، بل أشارت إلى عدد من السوابق المأخوذة من مجموعة السوابق القضائية التي أصدرتها اللجنة، تدفع الدولة الطرف بأن اللجنة الأوروبية قد شرعت في بحث الأسس الموضوعية للدعوى وهي بالتالي قد "بحثت" المسألة ذاتها.

4-3 وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت المحكمة الأوروبية، في قرارها المؤرخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000، أنها "قد نظرت في الدعوى". وكون أن المحكمة قررت في نهاية الأمر رفض الدعوى لعدم جواز قبولها لا يمس هذا الاستنتاج، إذ إنها لم تُرفض على أساس الأسباب الشكلية الواردة في الفقرتين 1 و2 من المادة 35 من الاتفاقية. وبالأحرى، فإن قرار المحكمة بأن المسائل المتظلَّم بشأنها "لا تكشف عن أي شيء يوحي بانتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو بروتوكولاتها" يبين بوضوح أن نظر المحكمة قد اشتمل أيضاً على "تحليل بعيد المدى للأسس الموضوعية للدعوى". وبالتالي فقد رُفِضت الدعوى بناء على الأسس الموضوعية وفقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية، إذ يظهر جلياً أنها لا تقوم على أساس سليم.

4-4 وترى الدولة الطرف أن سريان التحفظ لا تعوقه إشارتها الصريحة إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبرغم أن المحكمة الأوروبية هي التي رفضت في نهاية الأمر وليست اللجنة الأوروبية، الدعوى التي رفعها صاحب البلاغ، فقد تولت المحكمة وظائف اللجنة السابقة منذ دخول البروتوكول الاختياري رقم 11 حيز النفاذ في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، لما نُقلت إلى المحكمة الأوروبية الجديدة كل القضايا التي كانت معروضة من قبل على اللجنة للنظر فيها. لذلك يجب أن تعتبر المحكمة الجديدة خلفاً للجنة السابقة.

4-5 وفي النهاية تزعم الدولة الطرف أن عدم قيام المحكمة الأوروبية بإخطار صاحب البلاغ الأول باعتزامها رفض الدعوى لا يشكل سبباً يحول دون تطبيق تحفظ النمسا في هذه القضية.

تعليقات أصحاب البلاغ

5-1 في رسالة مؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2001، أدخل صاحب البلاغ الأول تعديلاً على بلاغه ليدرج فيه زوجته و"فندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان" وهو شركة توصية بسيطة، بوصفهما مشاركين آخرين في البلاغ.

5-2 ويعرض أصحاب البلاغ في ردهم على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ أن التحفظات المسموح بها والمقبولة تماماً حسب الأصول المعمول بها في المعاهدات الدولية تصبح جزءاً لا يتجزأ من هذه المعاهدات، ويجب بالتالي أن تفسَّر في ضوء القواعد الواردة في المادتين 31 و32 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وبما أنه يتبين من المعنى العادي لنص تحفظ النمسا أنه يشير صراحة إلى دراسة تقوم بها اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، فليس هناك أي مجال لتفسير يستند إلى سياق التحفظ أو موضوعه أو غرضه، ناهيك عن الوسائل التكميلية لتفسير المعاهدات الواردة في المادة 32 من اتفاقية فيينا ( الأعمال التحضيرية وظروف إبرام المعاهدة). كذلك فإن المعنى العادي لنص التحفظ واضح بنفس القدر حيث إن الإشارة إلى أن اللجنة الأوروبية "لم تقم ببحث " المسألة ذاتها (4) . وواقع أن صاحب البلاغ الأول رفع دعوى أمام اللجنة السابقة لا يكفيان لتبرير تطبيق التحفظ على بلاغه الحالي.

5-3 ويكرر أصحاب البلاغ من جديد أن اللجنة الأوروبية لم يسبق لها أبداً أن "نظرت في" الدعوى، إذ إن رسالة الأمانة المؤرخة 10 تموز/يوليه 1998 التي أُبلغ فيها صاحب البلاغ الأول بشواغل معينة فيما يتعلق بمقبولية البلاغ قد أُرسلت في وقت سابق على تسجيل البلاغ أو عرضه على اللجنة. كما أن اللجنة لم تنظر في البلاغ حتى بعد تسجيله حيث إنه أُحيل إلى المحكمة الأوروبية الجديدة بعد دخول البروتوكول رقم 11 حيز النفاذ.

5-4 ويرفض أصحاب البلاغ الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية الجديدة قد حلّت ببساطة محل اللجنة الأوروبية السابقة وأن تحفظ النمسا، بالرغم من صيغته، ينبغي أن يشمل الحالات التي قامت فيها المحكمة الجديدة بالنظر في نفس المسألة، على أساس أن اختصاصات المحكمة الجديدة أوسع نطاقاً من اختصاصات اللجنة السابقة.

5-5 وعلاوة على ذلك، يدفع أصحاب البلاغ بأنه يبدو على أية حال من الإشارة في قرار المحكمة الأوروبية إلى رسالة الأمانة المؤرخة 10 تموز/يوليه 1998 أن المحكمة قد رفضت الدعوى لعدم مقبوليتها من حيث الموضوع لأحكام المادة 11 من الاتفاقية، لكن ذلك لا يمكن أن يعتبر نظراً في الدعوى بالمعنى الوارد في تحفظ النمسا، وفقاً للسوابق القضائية للجنة (5) .

5-6 ويذكِّر أصحاب البلاغ أن تحفظ النمسا على المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري هو الوحيد الذي يشير صراحة إلى "اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان" بدلاً من "إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية". وقيل إن الهدف الذي قصده من قاموا بصياغة التحفظ لا صلة لـه بالموضوع لأن المعنى الواضح والعادي لنص تحفظ النمسا لا يسمح باللجوء إلى سبل إضافية لتفسير المعاهدات بالمعنى الوارد في المادة 32 من اتفاقية فيينا.

5-7 وبالإشارة إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية ومحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، يشدِّد أصحاب البلاغ على أن التحفظات على معاهدات حقوق الإنسان يجب أن تفسَّر لصالح الفرد. وينبغي رفض أي محاولة لتوسيع نطاق تحفظ النمسا، إذ إن اللجنة لديها أدوات كافية تمكنها من الحيلولة دون الاستخدام غير المناسب للإجراءات الموازية، مثل مفهومي "إثبات الدعوى" و"إساءة استعمال الحق في التظلم"، إضافة إلى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-8 ويخلص أصحاب البلاغ إلى أن بلاغهم مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق بصاحب البلاغ الأول، لأن نفس المسألة ليست محل بحث في إطار أي إجراء من الإجراءات الأخرى للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ولأن تحفظ النمسا لا ينطبق على هذه الحالة. وفيما يتعلق بصاحبتي البلاغ الثانية والثالثة، ليست هناك حاجة إلى قيام اللجنة بالنظر في ما إذا كان تحفظ النمسا على الفقرة 2(أ) من المادة 5 ينطبق على هذه الحالة أم لا، إذ إنهما لم يقدما أي تظلم إلى اللجنة الأوروبية أو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (6) .

5-9 وأخيراً، يؤكد أصحاب البلاغ أنهم، في ما يخص أغراض المقبولية، قدموا الأدلة الكافية التي تثبت أن الغرفة التجارية الاتحادية والغرف التجارية الإقليمية في النمسا تضطلع بوظائف الجمعيات بالمعنى المقصود من الفقرة 1 من المادة 22 من العهد.

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

6-1 قدمت الدولة الطرف في 30 كانون الثاني/يناير 2002 ملاحظات إضافية بشأن مقبولية البلاغ وكذلك بشأن أسسه الموضوعية. ودفعت بأن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري، فيما يخص صاحبة البلاغ الثالثة، حيث إنه لا يمكن طبقاً للسوابق القضائية للجنة (7) أن تُعتبر الجمعيات والشركات أفراداً، كما لا يمكنها الادعاء بأنها ضحايا انتهاك أي من الحقوق المشمولة بحماية العهد.

6-2 وتزعم الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول أيضاً فيما يخص صاحبي البلاغ الأول والثاني، لأن ادعاءهما يتعلق أساساً بحقوق شركتهما. وعلى الرغم من أن "فندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان"، بوصفه شركة توصية بسيطة ليست له شخصية اعتبارية، فإن له أن يتصرف في علاقاته القانونية بنفس الطريقة التي تتصرف بها الكيانات ذات الشخصية الاعتبارية، وهو أمر يتبين من أن "فندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان" كان طرفاً في الإجراءات المحلية. وبما أن كافة سبل الانتصاف المحلية قد طرقت باسم صاحبة البلاغ الثالثة ولم يجر إثبات أي دعوى تتعلق بصاحبي البلاغ الأول والثاني شخصياً لأغراض المادة 2 من البروتوكول الاختياري، فإن صاحبي البلاغ الأول والثاني ليست لهما صفة بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري. كما أنهما لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية، إذ إن صاحبة البلاغ الثالثة وحدها كانت طرفاً في الإجراءات المحلية.

6-3 وعلاوة على ذلك، لا يمكن لصاحبة البلاغ الثانية أن تدّعي أنها ضحية للقرار المطعون فيه الذي أصدرته الغرفة التجارية الإقليمية لسالزبورغ في 26 حزيران/يونيه 1996، إذ إنها لم تصبح شريكة في شركة التوصية البسيطة ومساهمة في الشركة المحدودة المسؤولية إلا في كانون الأول/ديسمبر 1999.

6-4 وبصدد الحجة التي ساقها أصحاب البلاغ بأن تحفظ النمسا يشير فقط إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان وليس إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تقول الدولة الطرف إن التحفظ أُبدي على أساس توصية من لجنة الوزراء مفادها أن الدول الأطراف في المجلس الأوروبي "التي توقِّع أو تصادِق على البروتوكول الاختياري قد ترغب في القيام بإعلان (...) الغرض منه ألاّ يمتد اختصاص لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان إلى تلقي الشكاوى الفردية المتعلقة بحالات قيد الدراسة أو جرت دراستها بالفعل في إطار الإجراء المنصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية، والنظر فيها (8) ".

6-5 وتزعم الدولة الطرف أن تحفظها لا يختلف عن تحفظات مماثلة أبدتها دول أطراف أخرى إلا من حيث إنه يتطرق بصفة مباشرة إلى آلية الاتفاقية ذات الصلة توخياً للوضوح. وتهدف كل التحفظات إلى الحيلولة دون إجراء دراسة دولية أخرى عقب أي قرار تتخذه آلية الاستعراض المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية. وبالتالي فإن من غير المناسب إنكار صحة تحفُّظ النمسا واستمرار صلاحية نطاق تطبيقه، لا لشيء سوى للإصلاح التنظيمي لآلية الاستعراض.

6-6 وتلاحظ الدولة الطرف أنه، نظراً لاندماج اللجنة الأوروبية والمحكمة "القديمة"، يمكن أن تعتبر المحكمة الأوروبية "الجديدة" بوصفها "الخلف الشرعي" للجنة، إذ إن اللجنة كانت تضطلع من قبل بمعظم وظائفها الرئيسية. وبما أن الإشارة إلى اللجنة الأوروبية في تحفظ الدولة الطرف تتعلق تحديداً بهذه الوظائف، يظل التحفظ نافذ المفعول تماماً بعد دخول البروتوكول رقم 11 حيز التنفيذ. وتؤكد الدولة الطرف أنه، عند إبداء تحفظها في عام 1987 لم يكن احتمال إدخال تعديلات على آليات الاستعراض التابعة للاتفاقية الأوروبية وارداً في المستقبل المنظور.

6-7 وتؤكد الدولة الطرف مرة أخرى أن المحكمة الأوروبية قد نظرت بالفعل في المسألة ذاتها وتعين عليها، حتى ترفض دعوى صاحب البلاغ على أساس أنها غير مقبولة بموجب أحكام الفقرتين 3 و4 من المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية، أن تبحثها من حيث أسسها الموضوعية ولو باختصار. وتخلص إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-8 وبخصوص الأسس الموضوعية، تقول الدولة الطرف إن الغرفة التجارية النمساوية هي منظمة عامة منشأة بمقتضى القانون وليس بموجب مبادرة خاصة، ولا تنطبق عليها أحكام المادة 22 من العهد. وإن الانضمام الإلزامي إلى نقابات أو اتحادات من قبيل نقابات العمال والمستخدمين والنقابات الزراعية، والنقابات الخاصة بالعاملين لحسابهم أمر مألوف في القانون النمساوي. وترد في الدستور النمساوي بعض الصفات المميزة للغرفة التجارية، بما في ذلك العضوية الإلزامية فيها، وتنظيمها بوصفها منظمة خاضعة للقانون العام، واستقلالها المالي والإداري، وهيكلها الديمقراطي وإشراف الدولة عليها، بما في ذلك إشراف جهاز المحاسبات على أنشطتها المالية. وعلاوة على ذلك، تشارك الغرفة في شؤون الإدارة العامة بالتعليق على مشاريع القوانين التي ينظر فيها البرلمان، والتي ينبغي إحالتها إلى خبراء الغرفة التجارية، وتعيين قضاة غير محترفين لدى المحاكم المعنية بالشؤون العمالية والاجتماعية، فضلاً عن المندوبين لعدد كبير من اللجان النشطة في مجال الإدارة العامة.

6-9 وتدحض الدولة الطرف الحجج التي ساقها أصحاب البلاغ والتي تساوي الغرفتين الاتحادية والإقليمية بالجمعيات الخاصة (انظر الفقرة 3-2)، وتدفع بما يلي: (1) أن تمثيل المصالح الاقتصادية المشتركة لأعضاء الغرفة التجارية يخدم الصالح العام؛ (2) أن الغرفة منظمة لا تستهدف الربح، كما أن رسوم العضوية فيها محدودة ويجب ألا تتعدى المبلغ اللازم لتغطية المصاريف الضرورية عملاً بأحكام المادة 131 من القانون الخاص بالغرف التجارية؛ (3) أن الحصول على عناوين أعضاء الغرفة في متناول عامة الجمهور من خلال السجل التجاري؛ (4) أن واقع أن الغرفة لا تتمتع بسلطات تأديبية لا يعني بالضرورة أنها ليست منظمة مهنية، إذ إن وجود هذه السلطات التأديبية لا يشكل عنصراً تأسيسياً لهذه المنظمات؛ (5) في ما عدا المسائل التأديبية، يمكن أن تشبَّه الغرفة من جميع النواحي بالمنظمات المهنية التي تخدم الصالح العام.

6-10 وتؤكد الدولة الطرف أن أي مقارنة مع هيكل الغرف التجارية لدى البلدان الأوروبية الأخرى لا تأخذ في الاعتبار أن الغرفة النمساوية لا يمكنها أداء الوظائف العامة المسندة إليها لو عوملت مثلما تُعامَل الجمعيات الخاصة. كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (9) أكدت طابع الغرفة القانوني العام، على أساس أنها أنشئت بمقتضى القانون وليس بموجب إجراء خاص وتتولى مهام تخدم الصالح العام، مثل حظر الممارسات التجارية غير المشروعة وتشجيع التدريب المهني والإشراف على الأعمال التي يضطلع بها أعضاؤها. وتؤيد الدولة الطرف استنتاج المحكمة الأوروبية بأن المادة 11 من الاتفاقية الأوروبية لا تنطبق على الغرفة التجارية، وترى أن الدفع ينطبق على المادة 22 من العهد.

6-11 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ أنه نتيجة لرسوم العضوية السنوية التي تُدفَع للغرفة لا يستطيع الأعضاء تأسيس جمعيات بديلة أو الانضمام إليها، تقول الدولة الطرف إن هذه الرسوم تُعتبر بسيطة نسبياً بالمقارنة مع المصروفات الأخرى التي يتكبدها أصحاب البلاغ وأنها تُخصَم من الإيراد الخاضع للضريبة شأنها في ذلك شأن التبرعات التي تدفع للمنظمات المهنية أو النقابية الخاصة. كما أن الاشتراك السنوي في الرابطة الخاصة لأصحاب الفنادق، الذي يتراوح ما بين 000 5 و000 24 شلن نمساوي لم يمنع أعضاء الرابطة البالغ عددهم زهاء 000 1 عضو من الانضمام إلى الرابطة. وفي حالة أصحاب البلاغ، تقل الرسوم عن عشرة آلاف شلن نمساوي، وهو مبلغ في مقدورهم دفعه.

تعليقات إضافية مقدمة من أصحاب البلاغ

7-1 في رسالة مؤرخة 11 آذار/مارس 2002، عقَّب أصحاب البلاغ على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف. وبينما يوافقون على أن اللجنة رأت من حيث المبدأ حتى الآن أن بإمكان الأفراد وحدهم تقديم البلاغات، فإنهم يدفعون بأنه لا يوجد أي شيء يمنع عدداً من الأشخاص ممن يمارسون نفس النشاط التجاري من تقديم شكوى مشتركة (10) . وحسب السوابق القضائية للجنة (11) ، تشكل هذه "الفئات من الأشخاص" كياناً شبه مستقل لأغراض المقبولية بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري، بينما يكتفي الأفراد المعنيون بالوقوف وراء ذلك الكيان. وبالتالي، فإن عبارة "فئات من الأشخاص" تشير إلى ممارسة آخذة في التطور سوف تؤدي في نهاية الأمر إلى الاعتراف بحق الكيانات التي تتألف من أفراد في تقديم البلاغات.

7-2 ويزعم أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف، بإنكارها أن صاحبي البلاغ الأول والثاني قد أثبتا بالأدلة انتهاك حقوقهما، تغفل أن الحق في تكوين الجمعيات بموجب المادة 22، هو "بحكم طبيعته حق من حقوق الشخص غير القابلة للتصرف" (12) . وواقع أن هذا الحق يرتبط أيضاً إلى حد ما بالأنشطة التجارية لا يقلل من قدر الحماية التي ينبغي كفالتها لـه (13) . وحيث إن صاحبي البلاغ الأول والثاني قد تعرضا لأضرار شخصية في أنشطتهما الاقتصادية نتيجة لسداد رسوم العضوية السنوية على أساس انضمامهما الإلزامي إلى الغرفة التجارية، فإنهما لا يفقدان حقوقهما الفردية لمجرد أنهما قاما بتأسيس شركة تجارية عملاً بمقتضيات القانون الداخلي، كما لا يفقدان الحق في المطالبة بهذه الحقوق عن طريق تقديم شكوى فردية (14) .

7-3 وبصدد سبل الانتصاف المحلية، يدفع أصحاب البلاغ بأنه نظراً لعدم قيام الدولة الطرف بتعيين الإجراءات القانونية الأخرى التي كان بإمكان صاحب البلاغ الأول والثاني إقامتها بموجب القانون النمساوي للمطالبة بحقهما في حرية تكوين الجمعيات، بخلاف الطعن في قرار الغرفة التجارية وتقديم شكوى دستورية باسم شركة التوصية البسيطة، يجب أن يُعتَبر اعتراض الدولة الطرف الإجرائي باطلاً (15) . وعلاوة على ذلك، مُنحت الدولة الطرف، من خلال هذه الإجراءات، فرصة لتدارك الانتهاك المزعوم للمادة 22 من العهد، وهو ما يشكل طبقاً للسوابق القضائية للجنة (16) الغرض الرئيسي من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

7-4 أما في ما يخص الزعم بأن صاحبة البلاغ الثانية لم تثبت ادعاءها بأنها ضحية لانتهاك المادة 22، يدفع أصحاب البلاغ بأن شركة التوصية البسيطة "فندق زوم هيرشين لجوزيف فالمان" لا تزال عضواً إلزامياً في الغرفة التجارية. وفي حين أن بلاغهم كان في الأصل موجهاً ضد القرار الذي حُدِّدت بموجبه رسوم العضوية لعام 1996 ، فإن القرارات اللاحقة المتعلقة برسوم العضوية كانت مماثلة. وقد تأثرت صاحبة البلاغ الثانية بهذه القرارات منذ أن أصبحت شريكة ومساهِمة في شركة فالمان المحدودة المسؤولية.

7-5 وبخصوص استنفاد سبل الانتصاف المحلية ضد القرارات اللاحقة الصادرة عن الغرفة الإقليمية لسالزبورغ، يقول أصحاب البلاغ إن الغرفة التجارية الاتحادية رفضت، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 1998 و16 كانون الأول/ديسمبر 1999 على التوالي، الطعون التي قدمتها صاحبة البلاغ الثالثة في القرارات المتعلقة برسوم العضوية لعامي 1998 و1999. ولم تقدَّم أي طعون أخرى في قرارات الرفض هذه، إذ إن مثل هذه الطعون تكون عديمة الجدوى وذلك في ضوء السوابق القضائية الثابتة للمحكمة الدستورية، ولا سيما قرارها الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 الذي رفضت بموجبه الشكوى الدستورية المتعلقة برسوم العضوية لعام 1996 (17) .

7-6 وفيما يتعلق بتحفظ النمسا، يكرر أصحاب البلاغ أنه لم يكن هناك أي شيء يمنع الدولة الطرف لدى تصديقها على البروتوكول الاختياري من إبداء تحفظ يمنع قيام اللجنة ببحث البلاغات إذا كانت المسألة نفسها محل دراسة "في إطار الإجراء المنصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية" كما أوصت لجنة الوزراء، أو منعها من استخدام الصياغة الأعم لدراسة سابقة في إطار "إجراء آخر لتحقيق دولي أو تسوية دولية" كما فعلت دول أطراف أخرى في الاتفاقية الأوروبية.

7-7 وعلاوة على ذلك، يسلم أصحاب البلاغ بأن للدولة الطرف مطلق الحرية في النظر في إدخال تحفظ بهذا الصدد عن طريق التصديق من جديد على البروتوكول الاختياري، شريطة أن يكون هذا التحفظ متوائماً مع موضوع البروتوكول الاختياري ومقصده. أما الأمر الذي لا يمكن السماح به فهو في رأيهم توسيع نطاق التحفظ القائم على نحو مخالف للقواعد الأساسية لتفسير المعاهدات.

7-8 ويرفض أصحاب البلاغ الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن المهام الرئيسية للمحكمة الأوروبية "الجديدة"، مثل اتخاذ القرارات بشأن المقبولية وإثبات وقائع الدعوى، كانت تندرج في الأصل ضمن اختصاص اللجنة الأوروبية دون سواها بدعوى أن المحكمة الأوروبية "السابقة" تناولت على الدوام هذه المسائل. ويتشكك أصحاب البلاغ في قول الدولة الطرف بأن إعادة تنظيم الهيئات التابعة للاتفاقية لم يكن أمراً متوقعاً في عام 1987 ، واقتبسوا مقتطفات من التقرير التفسيري للبروتوكول رقم 11، توجز تاريخ المداولات في ما يخص "الاندماج" التي جرت من عام 1982 إلى عام 1987.

7 -9 وبصدد الأسس الموضوعية، يعترض أصحاب البلاغ على الحجج التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن الغرفة التجارية هي منظمة خاضعة للقانون العام، ويؤكدون على ما يلي: (1) أن الغرفة التجارية بحكم أنها أنشئت بمقتضى القانون لا يجعلها منظمة خاضعة للقانون العام؛ (2) أن الحق في التعليق على مشاريع القوانين لا يقتصر على المنظمات الخاضعة للقانون العام؛ (3) أن جهاز المحاسبات يشرف على الأنشطة المالية لكيانات عديدة، بما فيها الشركات المملوكة جزئياً للدولة؛ (4) أن أعضاء اللجان العاملة في مجال إدارة الشؤون العامة لا تقوم بتعيينهم غرف محددة دون غيرها، وإنما تعينهم أيضاً جمعيات تمثل جماعات المصالح المعنية مثل نقابات العمال أو الكنائس.

7-10 وعلاوة على ذلك، يدفع أصحاب البلاغ بما يلي: (1) بينما تسنح لمجموعات من الأشخاص فرصة أن تكون مصالحها ممثَّلة قد تخدم الصالح العام، إلا أن ذلك لا يحوِّل المصالح الاقتصادية لأعضاء الغرفة إلى "صالح عام"؛ (2) إن الغرفة تضطلع على نطاق واسع بأنشطة اقتصادية تقوم على جني الأرباح، إذ إنها تساهم في رأس مال الشركات وتضطلع بحملات إعلانية باسم أعضائها؛ (3) أن مهمة معاقبة الأعضاء الذين يخالفون واجباتهم المهنية تشكل، طبقاً للسوابق القضائية للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، السمة الرئيسية المميزة للمنظمات المهنية التي تعمل لخدمة الصالح العام (18) ؛ (4) أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أكدت في عام 1991 طابع الغرفة التجارية النمساوية بوصفها مؤسسة خاضعة للقانون العام، استناداً فقط إلى القوانين المحلية المنشئة للغرفة دون إجراء تقييم موضوعي للمسألة (19) ؛ (5) أن الغرفة هي مجرد جمعية خاصة، وهو أمر غير مبرر بالنظر إلى السلطات الخاصة المخولة لها للمشاركة في كافة قطاعات الحكومة واشتراط العضوية الإلزامية.

7-11 وفيما يتعلق بحريتهم في تأسيس جمعيات أخرى والانضمام إليها، يزعم أصحاب البلاغ أن الانضمام الإلزامي في كيان معين سوف يثبط عموماً عزمهم على تأسيس جمعية أخرى والانضمام إليها، ويؤثر تأثيراً سلبياً على إمكانات إقناع الأعضاء الإلزاميين الآخرين بالانضمام إلى جمعية أخرى. ويؤكدون أن رسوم العضوية السنوية المقدرة بنحو 000 40 شلن نمساوي لا تعتبر مبلغاً بمقدورهم توفيره بسهولة، إذا وضعت في الاعتبار الخسائر التي سجلتها شركة التوصية البسيطة على مدى السنوات الأخيرة والحاجة إلى تحسين مرافق الفندق (20) .

7-12 ويكرر أصحاب البلاغ أنهم أثبتوا دعواهم بأدلة كافية، على الأقل لأغراض المقبولية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، تقرر بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف احتجت بالتحفظ الذي أبدته بموجب أحكام الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، الذي يمنع اللجنة من النظر في الدعاوى إذا كانت "المسألة نفسها" قد سبق أن بحثتها اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفيما يتعلق بالحجة التي ساقها أصحاب البلاغ بأن الدعوى التي رفعها صاحب البلاغ الأول إلى اللجنة الأوروبية لم تقم في الواقع تلك الهيئة بدراستها مطلقاً ولكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هي التي أعلنت أنها غير مقبولة، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية، نتيجة تعديل أُدخل على المعاهدة بموجب البروتوكول رقم 11، قد أخذت على عاتقها بصفة قانونية المهام التي كانت تضطلع بها اللجنة الأوروبية السابقة وهي تلقي الدعاوى المقدمة بموجب الاتفاقية الأوروبية واتخاذ القرار بشأن مقبوليتها وإجراء تقييم أولي بشأن أسسها الموضوعية. وتذكِّر اللجنة، لأغراض التحقق من وجود إجراءات موازية أو، حسبما يكون الحال، متتابعة أمام اللجنة والهيئات في ستراسبورغ، أن المحكمة الأوروبية الجديدة لحقوق الإنسان قد أصبحت خَلَفاً للجنة الأوروبية السابقة بتولي وظائفها (21) .

8-3 وترى اللجنة أن إعادة صياغة تحفظ الدولة الطرف، عند التصديق من جديد على البروتوكول الاختياري، كما اقترح أصحاب البلاغ، لغرض واحد هو توضيح ما يعتبر في الواقع نتيجة منطقية لإصلاح آليات الاتفاقية الأوروبية، لا يعدو أن يكون ممارسة شكلية. ولأسباب تتعلق بالاستمرارية، فإن اللجنة، في ضوء موضوع التحفظ وقصده تفسر تحفظ الدولة الطرف بأنه ينطبق أيضاً على الدعاوى التي قامت المحكمة الأوروبية ببحثها (22) .

8-4 وفي ما يتعلق بمسألة ما إذا كان موضوع البلاغ الحالي يتناول نفس المسألة التي سبق أن درستها المحكمة الأوروبية، تذكر اللجنة بأن المسألة ذاتها تتعلق بنفس أصحاب البلاغ، ونفس الوقائع ونفس الحقوق الموضوعية. وحيث إنه جرى استيفاء الشرطين الأولين، تلاحظ اللجنة أن أحكام الفقرة 1 من المادة 11 من الاتفاقية الأوروبية، كما تفسرها هيئات ستراسبورغ، قريبة الشبه بأحكام الفقرة 1 من المادة 22 من العهد (23) المحتج بها في هذا البلاغ بحيث يمكن الخلوص إلى استنتاج بأن الحقوق الموضوعية المعنية تتعلق بالمسألة ذاتها.

8-5 وفيما يتعلق بالحجة التي ساقها أصحاب البلاغ بأن المحكمة الأوروبية لم "تبحث" في موضوع الشكوى حين أعلنت أن الدعوى التي أقامها صاحب البلاغ الأول غير مقبولة، تذكر اللجنة بسوابقها القضائية وهي أنه في الحالات التي تقوم فيها اللجنة الأوروبية بالاستناد في قرارها بعدم المقبولية إلى أسس لا تتعلق فقط بالمسائل الإجرائية (24) وإنما إلى أسباب تتضمن بعض الدراسة للأسس الموضوعية للدعوى، عندئذ تكون المسألة قد "بُحثت" بالمعنى المقصود من التحفظات على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (25) . وتعرب اللجنة عن ارتياحها لأن المحكمة الأوروبية ذهبت إلى أبعد من مجرد دراسة المعايير الإجرائية الصرفة للمقبولية لما أعلنت أن الدعوى المقدمة من صاحب البلاغ الأول غير مقبولة لأنها "لم تكشف عن أي شيء يوحي بخرق الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية أو بروتوكولاتها".

8-6 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ، مستندين إلى الإشارة التي تضمنها قرار المحكمة الأوروبية إلى الرسالة الصادرة عن أمانة اللجنة الأوروبية التي تبين العوائق الممكنة لمقبولية البلاغ، يدفعون بأن المحكمة أعلنت أن الدعوى غير مقبولة لأنها تتنافى من حيث الاختصاص الموضوعي مع أحكام المادة 11 من الاتفاقية، وأنها تُعتبَر بالتالي لم "تُبحث" بالمعنى المقصود من تحفظ النمسا. غير أنه يتعذر في هذه الدعوى، التحقق على وجه الدقة من الأسباب التي استندت إليها المحكمة الأوروبية لرفض الدعوى المقدمة من صاحب البلاغ الأول عندما أعلنت أنها غير مقبولة بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية (26) .

8-7 وبعد أن خلصت اللجنة إلى انطباق تحفظ الدولة الطرف، تخلص إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، في ما يخص الجزء الذي يهم صاحب البلاغ الأول، لأن المسألة ذاتها قد بحثتها بالفعل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

8-8 وتلاحظ اللجنة أن الدراسة التي قامت بها المحكمة الأوروبية للدعوى لم تكن تتعلق بصاحبة البلاغ الثانية التي يتصل بلاغها علاوة على ذلك بوقائع تختلف عن وقائع الدعوى التي قدمها صاحب البلاغ الأول إلى اللجنة الأوروبية، وبوجه خاص رسوم العضوية التي فرضتها عليها الغرفة التجارية بسالزبورغ بعد أن أصبحت شريكاً في شركة التوصية البسيطة ومساهماً في رأس مال الشركة المحدودة المسؤولية في كانون الأول/ديسمبر 1999. وبالتالي، فإن تحفظ الدولة الطرف لا ينطبق فيما يخص صاحبة البلاغ الثانية.

8-9 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ الثانية قد أثبتت، لأغراض المادة 2 من البروتوكول الاختياري، أن سريان المادة 22 من العهد على الغرفة التجارية النمساوية لا يمكن استبعاده بداهة. وتلاحظ كذلك أن "فندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان ش. ت." (Hotel zum Hirschen Josef Wallmann KG)، بوصفه شركة توصية بسيطة، ليست لـه أي شخصية اعتبارية بموجب القانون النمساوي. وبالرغم من أن صاحبة البلاغ الثالثة تتمتع بأهلية المشاركة في الإجراءات القضائية المحلية، وانتفعت بتلك الأهلية، فإن صاحبة البلاغ الثانية، التي تحوز 100 في المائة من أسهم شركة التوصية البسيطة، تُعتبر، بصفتها شريكة، مسؤولة عن التزامات صاحبة البلاغ الثالثة إزاء دائنيها. وبناء عليه، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ الثانية قد تأثرت بصورة مباشرة وشخصية نتيجة لإلزام صاحبة البلاغ الثالثة بالانضمام إلى الغرفة وسداد رسوم العضوية السنوية المترتبة على هذا الانضمام، ويمكنها بالتالي أن تدعي أنها ضحية انتهاك أحكام المادة 22 من العهد.

8-10 وفيما يتعلق بتظلم صاحبة البلاغ الثانية من أن الأثر المترتب على رسوم العضوية السنوية من الناحية العملية هو منعها من تأسيس جمعيات أخرى أو الانضمام إليها، ترى اللجنة أنها لم تثبت، لأغراض المقبولية، أن الرسوم السنوية التي تدفع للغرفة باهظة بدرجة أنها تشكل تقييداً هاماً لحقها في حرية تكوين الجمعيات. وتخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-11 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف التي تدفع بأن صاحبة البلاغ الثانية لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية لأن شركة التوصية البسيطة ذاتها كانت طرفاً في الإجراءات المحلية، تذكِّر اللجنة بأنه كلما حسم الاختصاص القضائي الأعلى المحاكم المحلية، المسألة موضوع الخلاف، وبدد بالتالي أي إمكانية لنجاح طعن أمام المحاكم المحلية، لا يُشترط أن يستنفد أصحاب البلاغ سبل الانتصاف المحلية (27) . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تبين كيف ستكون توقعات طعن ترفعه صاحبة البلاغ الثانية في ما يخص رسوم العضوية السنوية التي تفرضها الغرفة التجارية عن عام 1999 والأعوام التالية مختلفة عن توقعات الطعن الذي قدمته شركة التوصية البسيطة ورفضته في نهاية الأمر المحكمة الدستورية النمساوية في عام 1998، لعدم وجود إمكانية معقولة للنجاح.

8-12 وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ يعتبر مقبولاً فيما يتعلق بشكاوى صاحبة البلاغ الثانية بصفتها هذه بشأن العضوية الإلزامية " لفندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان" وهو شركة توصية بسيطة في الغرفة التجارية وما يترتب على ذلك من سداد رسوم العضوية المستحقة ابتداءً من كانون الأول/ديسمبر 1999.

8-13 وفيما يتعلق بصاحبة البلاغ الثالثة، تلاحظ اللجنة أن "فندق زوم هيرشن لجوزيف فالمان" ليس فرداً، ولا يمكنه بهذه الصفة أن يقدم بلاغاً بموجب البروتوكول الاختياري. وبالتالي يعتبر البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري إذ إنه قدِّم باسم صاحبة البلاغ الثالثة.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الأطراف، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 والمسألة المعروضة على اللجنة هي تحديد ما إذا كانت رسوم العضوية السنوية التي تفرضها الغرفة التجارية الإقليمية بسالزبورغ على "فندق زوم هيرشن" (صاحبة البلاغ الثالثة) تعتبر انتهاكاً لحق صاحبة البلاغ الثانية في حرية تكوين الجمعيات بموجب المادة 22 من العهد.

9-3 وتلاحظ اللجنة زعم أصحاب البلاغ بأنه رغم أن الغرفة التجارية، منظمة خاضعة للقانون العام بموجب القانون النمساوي، فإن تصنيفها باعتبارها "جمعية" بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 22 من العهد ينبغي أن يحدد على أساس المعايير الدولية، بالنظر إلى الوظائف غير العمومية العديدة التي تضطلع بها الغرفة. كما تحيط اللجنة علماً بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف وهي أن الغرفة تعتبر منظمة عامة بموجب القانون النمساوي، نظراً لمشاركتها في إدارة الشؤون العامة فضلاً عن أهدافها ذات الصلة بالصالح العام، وهي بالتالي لا تندرج في نطاق تطبيق المادة 22.

9-4 وتلاحظ اللجنة أن الغرفة التجارية النمساوية أُسست بمقتضى قانون وليس بموجب اتفاق خاص، وأن أعضاءها يخضعون بموجب القانون لسلطتها في ما يخص تحصيل رسوم العضوية السنوية. وتلاحظ كذلك أن أحكام المادة 22 من العهد تنطبق على الجمعيات الخاصة فقط، بما في ذلك لأغراض العضوية.

9-5 وترى اللجنة أنه كلما أنشأت دولة طرف غرفاً تجاريةً بوصفها منظمات خاضعة للقانون العام، فإن أحكام المادة 22 من العهد لا تمنع هذه المنظمات من أن تفرض على أعضائها رسوم عضوية سنوية، ما لم يكن الغرض من إنشائها بموجب القانون العام هو التحايل على الضمانات الواردة في المادة 22. غير أنه، لا يبدو من المعلومات المعروضة على اللجنة أن تصنيف الغرفة التجارية النمساوية بوصفها منظمة خاضعة للقانون العام، على النحو المتوخى في الدستور النمساوي وكذلك في قانون عام 1998 المتعلق بالغرف التجارية، يعتبر بمثابة تحايل على أحكام المادة 22 من العهد. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن عضوية صاحبة البلاغ الثالثة الإلزامية في الغرفة التجارية النمساوية ورسوم العضوية السنوية المفروضة منذ عام 1999 لا تشكلان تدخلاً في حقوق صاحبة البلاغ الثانية بموجب المادة 22.

10- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إذ تتصرف عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تنطوي على انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 22 من العهد.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ لدى الدولة الطرف في 10 كانون الأول/ديسمبر 1978 و10 آذار/مارس 1988، على التوالي. وأبدت الدولة الطرف، لدى تصديقها على البروتوكول الاختياري في 10 كانون الأول/ديسمبر 1987، التحفظ التالي: "على أساس أنه يتعين، وفقاً لأحكام الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول، ألا تنظر اللجنة المنصوص على تشكيلها في المادة 28 من العهد في أي بلاغ يقدمه فرد ما إلا بعد التأكد من أن المسألة ذاتها لم تكن بالفعل محل دراسة من قِبل اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

(2) اليورو الواحد يعادل 13.76 شلن نمساوي.

(3) انظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الفرع الثالث، قرار بشأن مقبولية البلاغ رقم 42704/98 (فرانس فالمان ضد النمسا) ، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000.

(4) أضيف التوكيد.

(5) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 441/1990، روبير كازانوفا ضد فرنسا ، الآراء المعتمدة في 19 تموز/يوليه 1994، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/51/D/441/1990؛ الفقرة 5-1، والبلاغ رقم 808/1998، جورج روغيل ضد ألمانيا، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/70/D/808/1998، الفقرات 9-3 وما يليها من فقرات.

(6) يشير أصحاب البلاغ في هذا الصدد إلى البلاغ رقم 645/1995، فايهير بورديس وجون تيميهارو ضد فرنسا ، القرار بشأن المقبولية المعتُمد في 22 تموز/يوليه 1996، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/57/D/645/1995، الفقرة 5-2.

(7) تشير الدولة الطرف إلى البلاغات رقم 104/1981، ج. ر. ت. وحزب و. ج. ضد كندا ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 6 نيسان/أبريل 1983، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/18/D/104/1981، الفقرة 8(أ)؛ ورقم 502/1992، س. م. ضد بربادوس، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 31 آذار/مارس 1994، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/50/D/502/1992، الفقرة 6-3، ورقم 737/1997، ميشيل لامانيا ضد أستراليا، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 7 نيسان/أبريل 1999، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/65/D/737/1997، الفقرة 6-2.

(8) مجلس أوروبا، قرار لجنة الوزراء (70)17 المؤرخ 15 أيار/مايو 1970.

(9) تشير الدولة الطرف إلى قرار المحكمة بشأن مقبولية البلاغ رقم 14596/89 (فايس ضد النمسا) ؛ 10 تموز/يوليه 1991.

(10) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 273/1988، ب د. ب. وآخرون ضد هولندا ، قرار بشأن المقبولية بتاريخ 30 آذار/مارس 1989، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/35/D/273/1988.

(11) ترد إشارة إلى البلاغ رقم 359/1989، جون بالنتاين، وإليزابيت دافيدسن وغوردن ماكينتاير ضد كندا ، آراء معتمدة بتاريخ 31 آذار/مارس 1991، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/47/D/359/1989، الفقرة 10-4.

(12) اقتباس من البلاغ رقم 455/1991، آلين سينغير ضد كندا ، آراء معتمدة بتاريخ 26 تموز/يوليه 1994، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/51/D/455/1991، الفقرة 11-2.

(13) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 359/1989، جون بالنتاين وإليزابيت دافيدسن وغوردون ماكينتاير ضد كندا ، آراء معتمدة بتاريخ 31 آذار/مارس 1991، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/47/D/359/1989، الفقرة 11-3.

(14) يشير أصحاب البلاغ، دعماً لهذه الدعوى، إلى البلاغ رقم 273/1988، ب. د. ب. ضد هولندا ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد بتاريخ 30 آذار/مارس 1989، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/35/D/273/1988 والبلاغ رقم 316/1988، س. ي. أ. ضد فنلندا، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 10 تموز/يوليه 1991، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/42/D/316/1988.

(15) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 83/1981، ماشادو ضد أوروغواي ، آراء معتمدة بتاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1983، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/20/D/83/1981، الفقرة 6.

(16) ترد الإشارة إلى البلاغ رقم 220/1987، ت. ك. ضد فرنسا ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/37/D/220/1987، الفقرة 8-3 وكذلك إلى البلاغ رقم 222/1987، ه‍. ك.ضد فرنسا، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/37/D/222/1987، الفقرة 8-3.

(17) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 210/1985، فيم هندريكس ضد هولندا ، آراء معتمدة بتاريخ 27 تموز/يوليه 1988، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/33/D/201/1985، الفقرة 6-3.

(18) يشير أصحاب البلاغ إلى قرار اللجنة بشأن البلاغ رقم 19363/92 ( غيرهارد هيرمان ضد النمسا ) المؤرخ 2 آذار/مارس 1994، وقرارها بشأن البلاغ رقم 14331-2/88 ( بول ريفيرت ودينيس ليغالي ضد فرنسا ) المؤرخ 8 أيلول/سبتمبر 1989.

(19) يتعلق القرار محل النقد بالبلاغ رقم 14596/89 (فرانس جاكوب فايس ضد النمسا) ، قرار بشأن المقبولية بتاريخ 10 تموز/يوليه 1991.

(20) ترد في البلاغ الخسائر التي سجلتها شركة التوصية البسيطة وكذلك التحسينات اللازم إدخالها على مرافق الفندق.

(21) انظر البلاغ رقم 989/2001، كولار ضد النمسا ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد في 30 تموز/يوليه 2003، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/78/D/989/2003، الفقرة 8-2.

(22) انظر المرجع ذاته، الفقرة 8-3.

(23) انظر نوفاك، مانفريد، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - تعليق على العهد (1993)، صفحة 387.

(24) انظر، على سبيل المثال، البلاغ رقم 716/1996، بوغر ضد النمسا ، آراء معتمدة بتاريخ 25 آذار/مارس 1999، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/65/D/716/1996، الفقرة 6-4.

(25) انظر، على سبيل المثال، البلاغ رقم 121/1982، أ. م. ضد الدانمرك ، قرار بشأن المقبولية اعتُمد بتاريخ 23 تموز/يوليه 1982، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/16/D/121/1982، الفقرة 6، وكذلك البلاغ رقم 744/1997، ليندرهولم ضد كرواتيا، قرار بشأن المقبولية اعتُمد بتاريخ 23 تموز/يوليه 1999، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/66/D/744/1997، الفقرة 4-2.

(26) تنص الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية، في أجزائها ذات الصلة على ما يلي: "ينبغي على المحكمة أن ترفض أي طلب تعتبر أنه غير مقبول بموجب هذه المادة". ويشير هذا، في جملة أمور أخرى، إلى أسباب عدم القبول الواردة في الفقرة 3 من المادة 35، أي عدم القبول من حيث الموضوع، والطلبات التي يتضح أنها غير قائمة على أسس سليمة، وإساءة استعمال حق تقديم الطلبات

(27) انظر، على سبيل المثال، البلاغ رقم 511/1992، لانسماني وآخرون ضد فنلندا ، الفقرة 6-1.

خاء - البلاغ رقم 1006/2001، مارتينيس مونيوس ضد إسبانيا (الآراء التي اعتمدت في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من: السيد خوسيه أنتونيو مارتينيس مونيوس (ويمثله محام هو السيد خوسيه لويس ماسون كوستا)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1006/2001 المقدم إليها باسم السيد خوسيه أنتونيو مارتينيس مونيوس، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 3 أيار/مايو 1999 هو خوسيه أنتونيو مارتينيس مونيوس، وهو مواطن إسباني يدعي أنه وقع ضحية لانتهاك إسبانيا للفقرة 1 والفقر ات 3(ب) و(ج) و(د) من المادة 14 و المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في إسبانيا في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 21 أيلول/سبتمبر 1990، اشترك صاحب البلاغ مع ستة أشخاص آخرين في كتابة عبارات مؤيدة للحق في رفض عن أداء الخدمة العسكرية على واجهة مبنى حلبة مصارعة الثيران في بلدة ييكلا (Yecla). فاعترضهم شرطيان من الشرطة المحلية لهذا السبب. ويدعي صاحب البلاغ أن مشاجرة نشبت بينه وبين أحد الشرطيين أثناء محاولة القبض عليه، فأصاب الشرطي دون قصد في إحدى عينيه محدثاً بها كدمة.

2-2 وقد أودع صاحب البلاغ الحجز يوم 21 أيلول/سبتمبر 1990 وأخلي سبيله في 22 أيلول/سبتمبر 1990. ثم جرت محاكمته يوم 14 حزيران/يونيه 1995. وقد اتهم وكيل النيابة صاحب البلاغ بارتكاب جنحتين وجريمة واحدة، وفي 16 حزيران/يونيه 1995، أصدرت محكمة الجنايات رقم 3 في مدينة مُرسيا حكماً عليه في جريمة الاعتداء على أحد موظفي إنفاذ القوانين بالسجن لمدة ستة أشهر ويوم واحد وتعويض الشرطي المصاب بمبلغ 000 70 بيزيتا.

2-3 ورفع صاحب البلاغ دعوى استئناف أمام المحكمة العليا لمقاطعة مُرسيا، مدعياً وقوع انتهاك لمبدأي المساواة أمام القانون وتكافؤ إجراءات الدفاع، فضلاً عن انتهاك حقه في الاستعانة بمحام. ورُفضت جميع ادعاءاته في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995.

2-4 وقدم صاحب البلاغ طلبا بإنفاذ حقوقه الدستورية (أمبارو)، ملتمساً من المحكمة الدستورية السماح لـه بالاستغناء عن "الوكيل" (Procurador) وبتمثيل بنفسه. ورُفض هذا الطلب في 15 كانون الثاني/يناير 1996. فطلب صاحب البلاغ من المحكمة تعيين "وكيل". وعندما عُين ذلك "الوكيل" وفقا للمادة 27 من قانون المساعدة القانونية المجانية ، اشترطت المحكمة الدستورية على المحامى المختار بحرية أن يتنازل عن أتعابه. وفي ضوء هذا الشرط، قدم صاحب البلاغ طلبا بإعادة النظر، ورُفض طلبه في 22 آذار/مارس 1996.

2-5 وعندما رفض المحامي المختار بحرية التنازل عن أتعابه، طلب صاحب البلاغ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1995 من المحكمة أن تعين لـه محامياً. وطلبت المحامية التي عينتها من أجله المحكمة الدستورية إعفاءها من تقديم طلب "الأمبارو"، حيث كانت تعتقد أن وسيلة الانتصاف هذه غير ضرورية لعدم وقوع انتهاك لحقوق الإنسان الأساسية.

2-6 وأعرب صاحب البلاغ عن رغبته في الاستغناء عن خدمات المحامية التي عينتها المحكمة. وفي 1 تموز/يوليه 1996، أحاطته المحكمة الدستورية علماً بأنها لا تستطيع الاستجابة لطلبه، ولكنها أحالت دفوع الواقعة إلى المجلس العام للمحامين الإسبان الذي خلص في 9 أيلول/سبتمبر 1996 إلى أن طلب "الأمبارو" الذي امتنعت المحامية المعينة من المحكمة عن تقديمه باسم صاحب البلاغ مقبول جزئياً، حيث لا يمكن قبوله إلا فيما يتصل بالشكوى من تأخر إجراءات المحاكمة بلا مبرر.

2-7 وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 1996، عُين محام آخر لصاحب البلاغ ومُنح مهلة من 20 يوماً لتقديم طلب "الأمبارو". وقُدم الطلب فيما يتصل بتأخر إجراءات المحاكمة بلا مبرر، وفي 5 آذار/مارس 1997، رفضت المحكمة الدستورية الطلب معتبرةً أنه لم يتضمن ما يكفي من معلومات لتبرير البت فيه.

الشكوى

3-1 يشكو صاحب البلاغ من وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويدعي وقع انتهاك لمبدأي المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص، دافعاً بأن هناك "امتيازات ليس لها تفسير" مُنحت للادعاء أثناء الإجراءات، مثل السماح لـه باقتراح تدابير معينة. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن عدم السماح لـه بالاستغناء عن "الوكيل" وتمثيل نفسه بنفسه أمام المحكمة الدستورية قد جعله في وضع غير متكافئ أمام أشخاص حاملين لشهادات في علم القانون. ويرى صاحب البلاغ أن أحكام الفقرة 1 من المادة 81 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية تشكل إخلالا بالمساواة ليس له ما يبرره، حيث إن هذه الفقرة تنص على أن الخدمات التي يقدمها "الوكيل" تقتصر على نقل المستندات بين المحكمة والمحامي.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن حقه في الدفاع بموجب الفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد قد انتُهك، حيث إن محكمة مُرسيا الجنائية رقم 3 لم تسمح لمحاميه بسؤاله كما ينبغي، مدعيةً أن الاستجواب جرى بطريقة تنطوي على محاباة. ثم إن المحكمة لم تسمح لمحاميه بجعل أحد الشهود يعيد تمثيل الحادثة، وكان هذا دليلاً ذا أهمية أساسية لدفاعه، حيث كان بوسع صاحب البلاغ أن يثبت أنه أصاب [الشرطي في] عينه دون قصد.

3-3 ويقول صاحب البلاغ إن خرقاً قد وقع للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد، حيث إن حقه في محاكمة عاجلة قد انتُهك، نظراً لطول الفترة الممتدة لنحو خمس سنوات بين الحادثة التي وقعت في 21 أيلول/سبتمبر 1990 وعقد الجلسة في 14 حزيران/يونيه 1995، وما كانت بساطة القضية بالنسبة لغيرها تستدعي، في رأيه، هذا التأخير الطويل.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد التي تكفل الحق في تعيين مساعدة قانونية. ويقول صاحب البلاغ إن المحامية المعينة من أجله لم تقم بواجبها في الدفاع عنه بفعالية أمام المحكمة الدستورية. كما يقول صاحب البلاغ إن المحامية، برفضها اللجوء إلى وسيلة الانتصاف المذكورة، تكون قد أصدرت حكماً مسبقاً في قضيته.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للمادة 17 من العهد، حيث إن القانون ينص على أن المحامي المختار بحرية ملزم بالتنازل عن أتعابه عندما يؤدي عمله بالاشتراك مع "وكيل" تعينه المحكمة. ويرى صاحب البلاغ أن هذا يشكل تدخلاً تعسفياً في العلاقة الخاصة بين المحامي وموكله.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في المذكرة المؤرخة 1 تشرين الأول/أكتوبر 2001، تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ استناداً إلى المادة 2 من البروتوكول الاختياري، مدعيةً عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، حيث إن صاحب البلاغ، رغم رفعه دعوى استئناف أمام محكمة مرسيا الإقليمية العليا للطعن في قرار محكمة الجنايات رقم 3، لم يحضر هو أو محاميه جلسة الاستئناف، وكانت الفرصة متاحة لصاحب البلاغ في أثنائها لذكر ادعاءاته. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، بعدم حضوره جلسة الاستئناف، يكون قد تخلى طوعاً عن إمكانية تقديم الشكاوى أو توضيحها. وبالتالي فقد اضطرت المحكمة الوطنية العليا إلى أن تقصر نظرها، أثناء جلسة الاستماع، على مضمون مذكرة الاستئناف الخطية.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ بشأن الإجراءات المستعجلة لم تقدم إلى المحاكم الإسبانية؛ وبالتالي فهي لم تُبحث ولم يبَت فيها. والشيء نفسه ينطبق على الشكاوى المتصلة بأسلوب توجيه الأسئلة والتمثيل أمام المحكمة ا لدستورية. وترى الدولة الطرف أن طلب "الأمبارو" الذي قدمه محامي صاحب البلاغ إلى المحكمة الدستورية لم يتضمن سوى ادعاءات تتصل بتأخر إجراءات المحاكمة بلا مبرر؛ وفي الوقت نفسه، قُدم التماس بالعفو. وقد اقتصر قرار المحكمة على النظر فيما سبق ذكره.

4-3 وتدعي الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية لم تعترض بحال على محامي الدفاع الذي اختاره صاحب البلاغ بحرية؛ غير أن قانون تقديم المساعدة المجانية، الذي طُبق نظرا لعدم توافر الإمكانات لصاحب البلاغ يشترط على المحامي المحترف ألا يتلقى أتعاباً. وبما أن المحامي رفض التنازل عن أتعابه، فقد استغنى عنه صاحب البلاغ وطلب من المحكمة تعيين محام. وتؤكد الدولة الطرف، فيما يتعلق بالإجراء الذي اتخذته المحامية المعينة من المحكمة، أن الشكوى تستند إلى عدم اتساق بين المحامي الفعلي وتصرف المحامية المعينة. وتدعي الدولة الطرف أن المجلس العام تدخل عقب المذكرة الخطية التي قدمتها أول محامية عينتها المحكمة والتي اعتبرت فيها أن وسيلة الانتصاف هذه غير مجدية، وبعد القرار الذي اتخذه المجلس، عينت المحكمة محامياً آخر قدم طلب "الأمبارو". وبناء عليه، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ تلقى مساعدة من محام.

4-4 وتدعي الدولة الطرف أن الوقائع ليست لها علاقة بالحق في الخصوصية الذي تتناوله المادة 17 من العهد، وأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يدعي أن الفترة المبالغ في طولها التي استغرقتها الإجراءات تشكل أساساً يسوغ العفو عنه. غير أنها تشير إلى أنه لا يوجد حكم في العهد يتصل بهذا الموضوع، وأن الشكوى المتعلقة بالفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد لا تستند إلى أساس. وتؤكد الدولة الطرف أن المادة 292 وما بعدها من قانون تنظيم الجهاز القضائي تنص على أن تأخر الإجراءات بلا مبرر يعطي الحق في المطالبة بتعويض مالي عن التقصير في إقامة العدل. غير أن صاحب البلاغ لم يرفع هذه الدعوى المدعمة قانوناً، وبالتالي فهو لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية.

4-6 وقد أحاطت الدولة الطرف اللجنة علماً في المذكرة المؤرخة 18 شباط/فبراير 2002 بأن ملاحظاتها المؤرخة 1 شباط/فبراير 2001 ينبغي أن تنطبق أيضاً على الأسس الموضوعية، محتجةً بأن الشكاوى لم تقدم عبر القنوات المحلية، وبالتالي لم يتسن بحثها كما لم يتسن البت فيها. وعليه، فإن الدولة الطرف لم تستطع تقديم معلومات في هذا الشأن.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يدعى صاحب البلاغ في المذكرة المؤرخة 2 كانون الثاني/يناير 2002 بشأن جلسة الاستئناف المحددة له، أن غيابه عنها لا يعني تخليه عن حقه في بحث الحجج التي سبق أن قدمها خطياً، حيث إن الفقرة الأولى من القرار تنص على أن "... عدم حضور المستأنِف لجلسة الاستئناف في محاكم ثاني درجة لا يحول دون النظر في أسباب الطعن المقدمة خطياً ...". ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يحضر الجلسة لأن "الوكيل" الذي عينته المحكمة لم يرسل الإخطار إلى محاميه في الوقت المناسب.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه كان ينبغي ألا يعتبر طلب "الأمبارو" الذي قدمه مقتصراً على ادعاء يتصل بتأخر إجراءات المحاكمة بلا مبرر والتماس بالعفو. ويرى صاحب البلاغ أنه ينبغي أن يؤخذ في الحسبان أن المحامي المعين من المحكمة تجاهل حججه ولم يعرض جميع شكاواه على المحكمة الدستورية، وأن هذا لم يكن نتيجة لخطأ ارتكبه صاحب البلاغ وإنما كان بسبب عدم كفاءة الدفاع. ومن ثم فهذا خطأ الدولة، فهي التي تعين المحامين.

5-3 ويؤكد صاحب البلاغ أن شكواه المتعلقة بانعدام تكافؤ إجراءات الدفاع بين المدعي العام ومحاميه في الإجراءات الجنائية المستعجلة قد ذُكرت في الاستئناف، وأنه ما كان من الممكن عرض الموضوع على المحكمة الدستورية نظراً لانعدام احتمالات نجاحه.

5-4 وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ من تقصير الدفاع، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تقدم أي سبب لاعتراضها. ويصر صاحب البلاغ على أن المحكمة لم تسمح لمحاميه بطرح أنواع معينة من الأسئلة لاعتبارها أسئلة تنطوي على تضليل أو محاباة؛ ولم يطبَّق هذا التدبير على المدعي العام الذي منحته المحكمة مطلق الحرية في استجوابه دون منعه من طرح أسئلة كانت أيضاً تبدو مصاغة بأسلوب مماثل.

5-5 ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة الدستورية كانت ملزمة بالسماح له بتمثيل نفسه، حيث إنه يصر على أن مهام "الوكيل" تقتصر على استلام الإخطارات وإحالتها إلى المحامي، وأنه إنما طلب من المحكمة الاستغناء عن "الوكيل" لا عن المحامي.

5-6 ويقول صاحب البلاغ إن المحاميين اللذين عينا من أجله لم يستوفيا شروط المساعدة القانونية الفعالة، حيث إنهما أغفلا ذكر الحجج الوجيهة الواردة في الاستئناف عند تقديم طلب "الأمبارو"، ولذلك، يصر صاحب البلاغ على أن هذا يشكل انتهاكا للفقرة 3 (د) من العهد.

5-7 ويقول صاحب البلاغ إن انتهاكا قد وقع للمادة 17 من العهد، مدعياً أن المادة 27 من قانون المساعدة القانونية المجانية ينص على أنه يجوز للمستفيد من المساعدة القانونية المجانية أن يستعين بمحاميه ووكيله، على أن يتحمل دفع أتعابهما؛ ومن ناحية أخرى، ففي حالة استعانة المستفيد بمحام أو وكيل من اختياره، فإن القانون يفرض على المحامي الآخر المعين أن يتنازل عن أتعابه كتابة وأمام نقابة المحامين دونما تبرير لذلك.

5-8 وفي المذكرة المؤرخة 18 نيسان/أبريل 2002، يرد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 18 شباط/فبراير 2002، مؤكداً من جديد ذات الحجج التي قدمها في 2 كانون الثاني/يناير 2002.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي شكوى مضمنة في البلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة، بمقتضى أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين.

6-3 يدعي صاحب البلاغ أن انتهاكاً قد وقع للمادة 14(أ) من العهد، بدعوى أن امتيازات قد مُنحت للمدعي العام أثناء إجراءات المحاكمة، حيث سُمح لـه باقتراح تدابير بعد بدء الإجراءات المستعجلة. وتلاحظ اللجنة في هذا الشأن أن صاحب البلاغ لا يقدم أدلة على شكواه ببيان طبيعة هذه التدابير ولا كيفية إضرارها بقضيته. كما أن صاحب البلاغ لا يقدم أدلة على شكواه من قيام محكمة مُرسيا الجنائية رقم 3 بمنح المدعي العام مطلق الحرية في استجوابه، دون أن تمنعه من طرح الأسئلة المصاغة بطريقة مماثلة لتلك التي لم يُسمح لمحامي صاحب البلاغ باستخدامها. وعليه، فإن هذا الجزء من الشكوى غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضا وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، بدعوى أن عدم السماح لـه بالاستغناء عن "الوكيل" وتمثيل نفسه بنفسه أمام المحكمة الدستورية قد جعله في وضع غير متكافئ أمام أشخاص حاملين لشهادات في علم القانون؛ وليس هناك ما يبرر وقوع عدم المساواة هذا. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى سوابقها القضائية الثابتة (1) ، ومفادها أن اشتراط التمثيل بوكيل يعكس الحاجة إلى شخص ملم بالقانون ليكون مسؤولا عن تقديم طلب أمام تلك المحكمة. ومن ثم، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ ليست مدعمة بالأدلة الكافية لأغراض المقبولية. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك لحقه في الدفاع الذي تكفله الفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد، حيث إن المحكمة لم تأذن لمحاميه باتباع الطريقة التي أراد استجوابه بها، والتي وصفتها المحكمة بأنها "تنطوي على محاباة"، كما أنها لم تسمح لأحد الشهود بإعادة تمثيل الحادثة، وكانت لهذا، وفقاً لصاحب البلاغ، أهمية حيوية لدفاعه. وتلاحظ اللجنة أن كلا من المحكمة الابتدائية والمحكمة الوطنية العليا في قرارها بشأن الاستئناف قد قدمت حججا على رفض هذه الشكوى. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى سوابقها القضائية الثابتة، ومفادها أن تفسير القوانين الداخلية في قضية معينة أمر تختص به أساساً محاكم الدولة الطرف المعنية وسلطاتها. ومن ثم فليس للجنة أن تقيّم الوقائع أو الأدلة، إلا إذا كانت القرارات الداخلية واضحة التعسف أو كان فيها إهدار للعدالة. ولم يقدم صاحب البلاغ في هذه القضية أدلة على أي ادعاء في هذا الشأن. وعليه، تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتقول الدولة الطرف إنه ينبغي اعتبار هذا البلاغ غير مقبول، مشيرة إلى أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفَد، بما أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى وسيلة الانتصاف الإدارية المنصوص عليها في القانون رقم 6/1985 بشأن الجهاز القضائي. فالفصل الخامس من هذا القانون ينص على الشروط التي يجوز فيها لمن يرون أنهم تضرروا من تأخر غير معقول للإجراءات القضائية بما يشكل مخالفة لأصول إقامة العدل في الدولة الطرف أن يطالبوا بتعويض من الدولة. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية في البلاغ رقم 864/1999، ألفونسو رويس أغودو ضد إسبانيا ، التي خلصت فيها إلى أن سبل الانتصاف المحلية تكون قد استنفدت رغم إمكانية المطالبة بالتعويض بموجب القانون الإداري إذا كانت الإجراءات القضائية قد استغرقت وقتاً أطول من المعقول دون تفسير كاف من الدولة الطرف. وقد وقعت أحداث هذه القضية في 21 أيلول/سبتمبر 1990؛ واحتُجز صاحب البلاغ في اليوم نفسه وأفرج عنه بعد يومين؛ ثم أعدت لائحة اتهامه في عام 1992؛ وعقدت جلسة الاستماع في 14 حزيران/يونيه 1995؛ وصدر حكم المحكمة الابتدائية درجة في 16 حزيران/يونيه 1995؛ وصدر حكم محكمة مُرسيا الإقليمية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995. ورُفضت الطعون المقدمة من صاحب البلاغ في مرحلتي المحاكمة، وفي 5 آذار/مارس 1997، رفضت المحكمة الدستورية شكواه المتعلقة بالتأخير غير المعقول. وبالنظر إلى ذلك التأخير، وطبيعة الجرم وعدم وجود عناصر من شأنها تعقيد التحريات والإجراءات القضائية، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ مقبول فيما يتعلق باحتمال وقوع انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

6-7 ويدعي صاحب البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد التي تكفل حقه في الحصول على مساعدة قانونية، مدعياً أن المحامية التي عينتها المحكمة لم تف بالتزامها بالدفاع عنه بفعالية أمام المحكمة الدستورية. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أنه عقب صدور قرار المجلس العام للمحامين الإسبان في 9 أيلول/سبتمبر 1996، كُلف محام جديد عينته المحكمة بالدفاع عن صاحب البلاغ، وقد قدم طلب "أمبارو" في حدود المهلة التي قررتها المحكمة الدستورية ووفقاً للبنود التي اقترحها المجلس العام للمحامين الإسبان. وعليه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لا يقدم أدلة على ادعائه لأغراض المقبولية، وتعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-8 ويدعي صاحب البلاغ أن انتهاكاً قد وقع للمادة 17 من العهد، حيث إن قانون المساعدة القانونية المجانية يفرض على المحامي المختار بحرية أن يتنازل عن أتعابه حين يعمل بالتعاون مع وكيل معين من المحكمة، مما يشكل دخلاً تعسفياً في المجال الخاص للعلاقات بين الموكلين والمحامين. ولا يوجد في أي من الحجج التي قدمها صاحب البلاغ ما يجعل المحكمة تعتبر أن للوقائع أي علاقة بالمادة 17 من العهد. وعليه، ينبغي إعلان هذا الجزء من الشكوى غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث تأخير لا مبرر لـه في محاكمته، حيث إن نحو خمس سنوات قد انقضت بين تاريخ الحادثة وتاريخ عقد الجلسات. وتلاحظ اللجنة أن ظروف القضية انطوت على جريمة ألقي القبض فيها على المتهم متلبساً، وأن الأدلة تطلبت تحريات قليلة من الشرطة، وأن انخفاض مستوى تعقيد الإجراءات، كما يشير صاحب البلاغ، لا يبرر التأخير. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية الثابتة التي تفيد بوجوب إبداء الأسباب الاستثنائية لتبرير تأخر المحاكمة، ومدته في هذه القضية خمس سنوات. وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي مبرر للتأخير، تخلص اللجنة إلى أن انتهاكاً قد وقع للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

7-2 ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير وسيلة انتصاف فعالة ل صاحب البلاغ ، بما في ذلك التعويض المناسب. كما أن الدولة الطرف ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

7-3 إن إسبانيا، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري كدولة طرف، تقر باختصاص اللجنة بالبت فيما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا. و قد تعهدت الدولة الطرف، عملا بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك في هذا الصدد . و تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير للعمل بآراء اللجنة . ويرجى من الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعت ُ مد ت بالإسبانية وال إ نكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. و ت صدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا ال تقرير.]

الحاشية

(1) البلاغ رقم 865/1999، أليخاندرو مارين غوميس ضد إسبانيا ، الآراء المعتمدة في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2001، الفقرة 8-4؛ والبلاغ رقم 866/1999، مارينا توريغروسا لافوينتي وآخرين ضد إسبانيا ، الآراء المعتمدة في 16 تموز /يوليه 2001، الفقرة 6-3؛ والبلاغ رقم 1005/2001، كونسيبسيون سانشيس غونساليس ضد إسبانيا ، الآراء المعتمدة في 22 آذار /مارس 2002، الفقرة 4-3.

التذييل

رأي فردي لأعضاء اللجنة السيد نيسوكي أندو، والسيد ماكسويل يالدين، والسيدة روث ويدجوود، والسيد رومان فيروشيفسكي

لم نستطع مشاطرة الأغلبية رأيها في هذه القضية بأن انتهاكاً قد وقع للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد. فوفقاً لرأي الأغلبية، حدث تأخير بلا مبرر للمحاكمة، حيث إن ما يقرب من خمس سنوات قد مر بين تاريخ وقوع الحادثة وتاريخ الإدانة.

غير أن سجل الوقائع غير الكامل المعروض على اللجنة لا يدعم هذا الرأي. فهذا السجل يبين أن صاحب البلاغ ألقي القبض عليه لاعتدائه على شرطي في 21 أيلول/سبتمبر 1990 في بلدة ييكلا بإسبانيا، وأخلي سبيله في اليوم التالي. وفي 29 أيلول/سبتمبر 1992، عُقد شكل من أشكال الجلسات القضائية بشأن التهم المحتملة، ولكننا لم نطلع على أي إفادة عن تلك الجلسة أو أي ملخص لها. ثم عقدت محاكمة أمام محكمة ابتدائية في 14 حزيران/يونيه 1995، وصدر حكم الإدانة فيها يوم 16 حزيران/يونيه 1995، وأكدت الحكم المحكمة الإقليمية العليا في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995. وفي 5 آذار/مارس 1997، رفضت المحكمة الدستورية لإسبانيا دعوى صاحب البلاغ المتعلقة بالتأخير غير المعقول على أساس أن "الطلب لم يتضمن ما يكفي من معلومات لتبرير البت فيه". انظر آراء اللجنة، الفقرة 2-7.

ومع احترامنا الواجب لرأي الأغلبية، نجدنا نواجه ذات المعضلة التي واجهتها المحكمة الدستورية. فصاحب البلاغ، الذي مثله محام أمام هذه اللجنة، لم يقدم تأريخاً للوقائع يفي بحاجتنا من المعلومات، كما أنه لم يقدم أي وثائق داعمة. ولا نعرف متى تم بالفعل توجيه التهم الجنائية التي أدين بارتكابها. ومن المحتمل تماماً أن تكون جميع التهم الأولى قد سقطت دون تحامل بعد إلقاء القبض على المدعى عليه عشية ذلك اليوم بتهمة إصابة الشرطي في عينه.

إن المادة 14(3) من العهد تضمن الحق في " المحاكمة دون تأخير لا مبرر له " ... "للبت في أي تهمة جنائية منسوبة إليه". ويجب أن يفسَّر هذا الحكم مع إيلاء العناية الواجبة لممارسات الدولة المقبولة على نطاق واسع. ففي غالبية النظم القانونية، لا يقاس ادعاء المحاكمة السريعة بالفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ الحادثة الجنائية وتاريخ صدور الحكم بعد المحاكمة. بل إن أحكام المحاكمة السريعة تحد من احتمالات وجود تهم معلقة. ولا يوجد في السجل المعروض على اللجنة ما يفيد بوجود تهم معلقة من عام 1990 إلى عام 1992. ثم إن قدرة الدولة على إفساح بعض الوقت للنظر فيما إذا كان ينبغي توجيه التهم أم لا تكون عادة في صالح المدعى عليهم. وفي قضية نشأت بسبب كتابة عبارات سياسية على الجدران، يجوز للدولة أن تفكر ملياً إن كان ينبغي توجيه تهم أم لا. ثم إن توجيه التهم يخضع بالطبع لبعض القيود الزمنية أيضاً. ففي غالبية النظم القانونية، تبدأ مدة التقادم اعتباراً من تاريخ الحادثة. ولكن يمكن أن تمتد مدة التقادم في حالة التهم الخطيرة لخمس سنوات أو أكثر.

وقد اكتملت عملية المحاكمة بكاملها في هذه القضية في خلال خمس سنوات. وكما سبق أن ذكرنا أعلاه، رفضت محكمة إسبانيا الدستورية دعوى صاحب البلاغ المتعلقة بالتأخير غير المعقول على أساس أن "الطلب لم يتضمن معلومات كافية لتبرير البت فيه". ونود أن نؤكد في هذا الصدد أنه ينبغي أن يكون من إجراءات اللجنة الروتينية الحصول على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف التي نظرت في البلاغ المحدد المعروض عليها وترجمته. فعبء إثبات الدعوى يقع عن حق على عاتق صاحب البلاغ، لا سيما حين يكون ممثلا بمحام.

وفي الظروف المحيطة بهذه القضية، نرى أن من الصعب استنتاج أن عملية المحاكمة في جملتها قد تعرضت لتأخير لا مبرر لـه أو أنها تشكل انتهاكا للفقرة 3(ج) من المادة 14. ولربما كانت اللجنة أكثر حذراً لو أنها خلصت إلى أن صاحب البلاغ عجز عن إثبات ادعائه بالأدلة لأغراض المقبولية.

(توقيع): السيد نيسوكي أندو

(توقيع): السيد ماكسويل يالدين

(توقيع): السيدة روث ويدجوود

(توقيع) السيد رومان فيروشيفسكي

[اعتمد بالإسبانية وال إ نكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإ نكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا ال تقرير.]

ذال - البلاغ رقم 1011/2001، مادافيري ضد أستراليا (الآراء التي اعتمدت في 28 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: فرانشيسكو مادافيري وآنا ماريا إماكولاتا مادافيري (يمثلهما محاميان هما السيد ماوروغا غلياردي والسيد أكوارو)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب ا البلاغ وأولادهما الأربعة جيوفاني مادافيري وجوليا مادافيري وجيوزيبينا مادافيري وأنطونيو مادافيري

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ الأول: 16 تموز/يوليه 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 26 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1011/2001، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باسم فرانشيسكو مادافيري وآنا ماريا إماكولاتا مادافيري وأولادهما الأربعة بمقتضى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحبا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبا البلاغ هما فرانشيسكو مادافيري، إيطالي الجنسية، المولود في 10 كانون الثاني/يناير 1961 وآنا ماريا مادافيري، أسترالية الجنسية، ويقدمانه أيضاً بالأصالة عن نفسيهما وبالنيابة عن أولادهما جيوفاني مادافيري، المولود في 4 حزيران/يونيه 1991، وجوليا مادافيري، المولودة في 26 أيار/مايو 1993، وجيوزيبينا مادافيري، المولودة في 10 تموز/يوليه 1996، وأنطونيو مادافيري، المولود في 17 تموز/يوليه 2001. وجميع الأولاد الأربعة يحملون الجنسية الأسترالية. ويقيم فرانشيسكو مادافيري حالياً مع أسرته في ميلبورن بولاية فيكتوريا في أستراليا. ويدعي صاحبا البلاغ أنهما وأولادهما وقعوا ضحايا لانتهاك أستراليا للمواد 2 و3 و5 و7 و9 و10 و12 و13 و14 و16 و17 و23 و24 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محاميان هما السيد ماوروغا غلياردي والسيد أكوارو.

1-2 ورفض المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة في بداية الأمر طلباً باتخاذ تدابير مؤقتة لمنع ترحيل السيد مادافيري، وهو الطلب الذي قُدم في نفس الوقت الذي قُدمت فيه الرسالة الأولى. بيد أنه في ضوء تقرير الطبيب النفسي المعروض عليه، قرر المقرر الخاص، ممارساً لولايته، إدراج الجملة التالية في مذكرة إحالة البلاغ إلى الدولة الطرف مع طلب المعلومات عن المقبولية والأسس الموضوعية: "تود اللجنة أن توجه عناية الدولة الطرف إلى الأثر النفسي الذي تركه الاحتجاز في نفس ] السيد مادافيري [ وإلى أن احتمال الترحيل، إذا نُفِّذ والبلاغ لا يزال معروضاً على اللجنة، قد يخرق التزامات الدولة الطرف بمقتضى العهد" (1) .

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1989، وصل السيد فرانشيسكو مادافيري إلى أستراليا بتأشيرة سياحية مدة صلاحيتها ستة أشهر من تاريخ الدخول. وأتى السيد مادافيري من إيطاليا التي كان قد قضى فيها حكماً بالسجن لمدة عامين وأُطلق سراحه في عام 1986. ولدى دخوله أستراليا، لـم يكن على السيد مادافيري أي حكم بعقوبة جنائية لـم يقضها أو قضايا قيد البت في إيطاليا.

2-2 وبعد نيسان/أبريل 1990، صار السيد مادافيري شخصاً غير مواطن مقيماً بصفة غير شرعية. وفي 26 آب/أغسطس 1990، تزوج من آنا ماريا مادافيري وهي مواطنة أسترالية. واعتقد أن هذا الزواج قد منحه تلقائياً حق الإقامة. ورزق الزوجان بأربعة أبناء ولدوا جميعهم في أستراليا. وجميع أفراد أسرة السيد مادافيري الممتدة مقيمون في أستراليا.

2-3 وفي عام 1996، وبعد أن علمت بأمره وزارة الهجرة وشؤون تعدد الثقافات (ويشار إليها أدناه ب‍ "وزارة الهجرة")، قدم السيد مادافيري طلباً للحصول على تأشيرة إقامة بحكم الزواج للبقاء في أستراليا بصورة دائمة. وكشف في ذلك الطلب عن إداناته السابقة وأورد تفاصيل عن الأحكام الصادرة في حقه غيابياً في إيطاليا والتي لـم تبلغ إلى علمه إلا بعد مقابلته الأولى مع موظفي شؤون الهجرة. ولم تطلب السلطات الإيطالية أبداً تسليمه .

2-4 وفي أيار/مايو 1997، رفضت وزارة الهجرة طلب السيد مادافيري الحصول على تأشيرة الإقامة بحكم الزواج لأنه اعتُبر "سيئ الخُلُق"، وفق التعريف الوارد في قانون الهجرة، على ضوء سوابقه. واستؤنف هذا القرار أمام محكمة الاستئناف الإدارية (ويشار إليها أدناه ب‍ "محكمة الاستئناف").

2-5 وفي 7 حزيران/يونيه 2000، وبعد جلسة استغرقت يومين، ألغت محكمة الاستئناف القرار قيد النظر وأحالت المسألة إلى وزير الهجرة وشؤون تعدد الثقافات (ويشار إليه أدناه ب‍ "الوزير") لإعادة النظر فيها طبقاً لتوجيه "بألا يُرفض منح (السيد مادافيري) تأشيرة إقامة لأسباب تتعلق بالخلق فقط بناء على المعلومات المتوفرة حالياً ..." (2) . وفي تموز/يوليه 2000، بدلاً من إعادة النظر في القضية وفقاً للتوجيه الصادر عن محكمة الاستئناف، أعرب الوزير عن اعتزامه رفض طلب التأشيرة الذي قدمه السيد مادافيري بموجب مادة أخرى من قانون الهجرة لعام 1958 هي المادة الفرعية 501 ألف.

2-6 وفي آب/أغسطس2000، أسقطت السلطات الإيطالية، بمبادرة منها، جزءاً من الأحكام غير المنفذة وأعلنت أن ما بقي من تلك الأحكام سيسقط في أيار/مايو 2002 (3) . وحسب صاحبي البلاغ، لـم يضع الوزير في الاعتبار هذه الإجراءات التي اتخذتها السلطات الإيطالية.

2-7 وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، استعمل الوزير سلطته التقديرية بمقتضى المادة الفرعية 501 ألف لإلغاء قرار محكمة الاستئناف، ورفض منح السيد مادافيري تأشيرة إقامة دائمة. وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2000، وعلى أثر الطلب الذي تقدم به محامي السيد مادافيري، أفصح الوزير عن أسبابه مدعياً أن السيد مادافيري بما لـه من سوابق وما عليه من عقوبة بالحبس لـم ينفذها في إيطاليا، يعد شخصاً "سيئ الخُلُق" وبالتالي فإن من "المصلحة الوطنية" ترحيله من أستراليا. ووفقاً لصاحبي البلاغ، لـم يتحر الوزير الأمر كما ينبغي مع السلطات الإيطالية وركن عن غير حق إلى افتراض أنه كانت تنتظر السيد مادافيري عقوبة بالحبس تزيد مدتها عن أربع سنوات. وطُلب من الوزير تقديم مزيد من التوضيح، وهو ما فعله في كانون الأول/يناير 2001. وفي 16 آذار/مارس 2001، سلم السيد مادافيري نفسه للسلطات وأُودع مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ بميلبورن لمدة غير محددة.

2-8 في 18 أيار/مايو 2001، رفضت المحكمة الاتحادية طلباً بإجراء مراجعة قضائية لقرار الوزير. وفي 5 حزيران/يونيه 2001، طعن في هذا القرار أمام المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، عقدت المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها جلسة للنظر في الطعن وأرجأت إصدار قرارها. وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 2002، أُخطر السيد مادافيري بأن أحد قضاة المحكمة الفيدرالية الثلاثة قد مرض وأنه لن يستطيع أن يودع حكمه في ملف القضية. واختار السيد مادافيري أن تتولى البت في الطعن استناداً إلى المستندات محكمة يعاد تشكيلها بدلاً من أن يودع القاضيان الباقيان قرارهما. وفي 17 تموز/يوليه 2002، قامت المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها المعاد تشكيلها برفض الاستئناف.

الشكوى

3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن السيدة مادافيري لما كانت لا تنوي مرافقة زوجها إلى إيطاليا إذا ما تم إبعاده، فإن حقوق جميع أصحاب البلاغ ولا سيما الأبناء ستُنتهك لأن الخلية الأسرية سيكون مآلها التصدع. ويدَّعى أن مثل هذا الانفصال سيتسبب في مشاكل نفسية ومالية لجميع من يهمهم الأمر وعلى الأخص الأطفال نظراً لصغر سنهم.

3-2 ويدعي صاحبا البلاغ أن قرار الوزير كان تعسفياً عندما تجاوز قرار محكمة الاستئناف دون أن تتوفر لديه أية معلومات جديدة ودون دراسة المعلومات والوقائع ورأي رئيس المحكمة دراسة كافية. ويُدعى أن الوزير أساء استعمال سلطته التقديرية وأخفق في تحقيق العدالة الإجرائية لقضية السيد مادافيري. وهما يدعيان أن قراره كان نتيجة دوافع سياسية بسبب "ازدراء وسائط الإعلام للسيد مادافيري ولأفراد آخرين من عائلته". وفي هذا الصدد، يشدد صاحبا البلاغ أيضاً على أن السيد مادافيري لـم تسبق إدانته بجريمة في أستراليا أبداً.

3-3 وبالإضافة إلى ذلك، يدعي صاحبا البلاغ أن مركز الاحتجاز الذي وُضع فيه السيد مادافيري لا يرقى مستواه إلى المعايير الصحية ومستوى البيئة الإنسانية التي توفَّر حتى للمجرمين الخطرين. كما يُدعى أن حقوق السيد مادافيري قد انتهكت عندما حرم من تدابير احتجاز بديلة كالاحتجاز المنزلي أو تحديد الإقامة كبديل، وهو ما كان سيسمح لـه بالبقاء بين ذويه، لا سيما في ضوء ولادة طفله الأخير، في انتظار إيجاد حل لوضعه كمهاجر. وفي هذا الشأن، يُدعى أنه لـم يُسمح للسيد مادافيري بحضور ولادة طفله الرابع في 17 تموز/يوليه 2001.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في رسالتها المؤرخة في آذار/مارس 2002، علقت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي ترى أن البلاغ غير مقبول برمته لكونه يزعم أنه قُدم نيابة عن السيدة مادافيري وعن أبناء مادافيري، وذلك لأنهم لـم يأذنوا بذلك. وترى أن البلاغ بكامله غير مقبول لإخفاق صاحبيه في استنفاد جميع وسائل الانتصاف المتاحة محلياً بما أن المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها لـم تكن قد أصدرت قرارها وقت تقديم البلاغ، وبما أن الخيار كان لا يزال متاحاً لصاحبي البلاغ للطعن أمام المحكمة العليا في أي قرار سلبي قد يصدر عن هذه المحكمة. وعلاوة على ذلك، ترى الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لـم يستفيدا من وسيلة الطعن المتمثلة في أمر الإحضار، لإعادة النظر في مدى قانونية احتجاز السيد مادافيري، كما أنهما لـم يتقدما بشكوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص.

4-2 وترى الدولة الطرف أن البلاغ برمته غير مقبول لأنه لا يتضمن ما يدعم أياً من الادعاءات. وباستثناء الادعاء بانتهاك الفقرة 1 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 فيما يتعلق بالسيد مادافيري، فإن جميع الادعاءات الواردة في البلاغ غير مقبولة على أساس تناقضها مع العهد. وهناك عدد من الادعاءات غير المقبولة فيما يتعلق ببعض أفراد الأسرة، إذ لا يمكن اعتبارهم ضحايا للانتهاكات المزعومة.

4-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، ترى الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لـم يقدما ما يكفي من الحجج في هذا الصدد لإتاحة دراسة الأسس الموضوعية للانتهاكات المزعومة. وفيما يتعلق بالانتهاك المحتمل للفقرة 7، ترى الدولة الطرف أن المعاملة التي تلقاها السيد مادافيري وآثارها على أصحاب البلاغ الآخرين لـم تصل إلى حد المعاناة الجسدية أو العقلية الشديدة الذي يبلغ حد التعذيب، بل كانت معاملة مشروعة طبقاً لقوانين الهجرة السارية في الدولة الطرف. وفيما يتعلق بتقييم حالة أصحاب البلاغ النفسية، فإن الدولة الطرف ترى أنه مع وجود أدلة على المعاناة العاطفية التي كابدها السيد مادافيري وأطفاله بسبب احتجازه وترحيله المقترح، فإن ذلك التقييم لا يشكل برهاناً على انتهاك المادة 7 بما أنه لا يدل على حدوث معاناة بلغت درجة من الشدة تسببها عوامل تتجاوز الآثار العرضية للاحتجاز وما يلازمه من افتراق عن باقي أفراد الأسرة. وكدليل على ذلك، قدمت الدولة الطرف نسخة من تقرير طبي مؤرخ 20 آب/أغسطس 2001 يخلص إلى أن السيد مادافيري رغم معاناته من مجموعة من أعراض الضغط العصبي، فإنها في نطاق الأغراض الخفيفة والمتوسطة، وتتفق مع ما يمكن توقعه بالنظر إلى احتجازه وترحيله المقترح.

4-4 و فيما يتعلق بال ا نتهاك المزعوم للمادة 9، ترى الدولة الطرف أن احتجاز السيد مادافيري قانوني ويتفق مع ال إجراءات التي أرساها القانون، أي قانون الهجرة. وبما أنه غير حاصل على تأشيرة، فإنه يعد شخصاً غير مواطن مقيماً إقامة غير شرعية بمقتضى التعريف الوارد في المادة 14 من قانون الهجرة. وبموجب المادة 189، يلزم احتجَاز غير المواطنين المقيمين بصفة غير شرعية في أستراليا. وترى الدولة الطرف أنه كان من حق الوزير استعمال سلطته التقديرية بموجب قانون الهجرة بعدم منح التأشيرة للسيد مادافيري. وقد تم الطُعن فيما اتخذه من إجراءات في هذا الصدد أمام النظام القضائي بأكمله فوُجد أنها كانت مشروعة.

4-5 ونفت الدولة الطرف أن يكون احتجاز السيد مادافيري تعسفياً. ودفعت بأن الاحتجاز في سياق الهجرة تدبير استثنائي لا يطبق إلا على الأشخاص الذين يصلون إلى أستراليا أو يبقون فيها دون إذن بذلك. والغاية من الاحتجاز في سياق الهجرة هي ضمان عدم دخول مهاجرين إلى أستراليا قبل أن تُدرس طلباتهم دراسة وافية ويتبين أنها تبرر دخولهم. كما تتيح للمسؤولين الأستراليين الوصول الفعلي إلى أولئك الأشخاص لأغراض التحقيق في طلباتهم والبت فيها دون تأخير وترحيلهم من أستراليا في أقرب وقت ممكن إذا لـم تتم الموافقة على تلك الطلبات.

4-6 وترى الدولة الطرف أن احتجاز الأشخاص الذين يسعون للبقاء في أستراليا بصورة غير شرعية يتماشى مع الحق الأساسي في السيادة الذي يجوز للدول بموجبه مراقبة دخول الأجانب إلى أراضيها. فأستراليا لا تملك نظاماً لبطاقات الهوية أو أية وسيلة وطنية أخرى لإثبات الهوية، ولا نظاماً للتسجيل يُشترط تطبيقه للوصول إلى سوق العمل والتعليم والضمان الاجتماعي والخدمات المالية وغيرها. وهذا ما يجعل اكتشاف المهاجرين غير الشرعيين في المجتمع ورصدهم واعتقالهم أصعب على أستراليا منه على البلدان التي يوجد فيها مثل ذلك النظام.

4-7 وبناء على تجارب سابقة، قد يكون من المعقول افتراض أنه، إذا لـم يتم احتجاز أفراد وأطلق سراحهم داخل المجتمع في انتظار تحديد وضعهم النهائي، فإنه سيكون لديهم دافع قوي لعدم الالتزام بشروط إطلاق سراحهم والاختفاء داخل المجتمع والبقاء في أستراليا بصورة غير شرعية، لا سيما إذا كان في سجلهم ما يدل على عدم الامتثال لقوانين الهجرة. ويجب كذلك النظر إلى سياسة الاحتجاز التي تنتهجها الدولة الطرف فيما يتعلق بالهجرة ضمن السياق الأوسع لبرنامج الهجرة ككل. فجميع طلبات الدخول إلى أستراليا أو البقاء فيها يدرس كل واحد منها على حدة دراسة مستفيضة. وبالرغم من أن استنفاد جميع سبل الانتصاف القانونية يعني أن المدة التي تستغرقها المعالجة تمتد في بعض الحالات، فإنها أيضاً تكفل لجميع مقدمي الطلبات الاطمئنان إلى أن جميع العوامل المتعلقة بحالتهم ستكون موضع دراسة مفصلة. وهذا ما حدث في حالة السيد مادافيري. وقد نظرت المحكمة العليا في معقولية أحكام الاحتجاز الإلزامي التي تطبقها الدولة الطرف، عند نظرها في قضية تشو كهنغ ليم ضد وزير الهجرة والشؤون العرقية (4) .

4-8 وتدفع الدولة الطرف ب أن قوانين ها في مجال الهجرة ليست تعسفية في حد ذاتها وأنها لـم تُطبق بصورة تعسفية في حالة السيد مادافيري. إذ تبين عدة عوامل أن السيد مادافيري تلقى معاملة معقولة وضرورية ومناسبة ومتوقعة وتتناسب مع الغايات المنشودة بالنظر إلى ظروف قضيته. فأولاً، كان السيد مادافيري يعامل دائماً طبقاً للقوانين الداخلية. وثانياً، أن إخفاقه في اختبار حسن السير والسلوك الذي أرسته المادة 501 ألف (5) من قانون الهجرة بسبب سجله الإجرامي، وتجاوزه مرتين للمدة المصرح لـه بقضائها في أستراليا في تأشيرة دخوله إليها، وعدم نزاهته في التعامل مع موظفي وزارة الهجرة، كلها أمور تعني أنه كان من المعقول والمتوقع ألا يمنح تأشيرة الإقامة، بصرف النظر عن كونه قد أنشأ أسرة في أستراليا. ويقدم التوجيه رقم 17 إرشادات في أمور منها تطبيق اختبار حسن السير والسلوك (6) .

4-9 ثالثاً، كان قرار الوزير مبنياً على إيلاء الاعتبار الكامل لجميع المسائل ذات الصلة وهو ما تمت البرهنة عليه بأسباب كثيرة وأخرى إضافية تؤيد قراره. ومن بين تلك المسائل، مصالح السيدة مادافيري وأولادها، والتزامات أستراليا الدولية، وتاريخ السيد مادافيري الإجرامي، وسلوك السيد مادافيري مذ أن وصل إلى أستراليا، والمصالح المتمثلة في الحفاظ على نزاهة نظام الهجرة الأسترالي وحماية المجتمع الأسترالي، وتطلعات المجتمع الأسترالي والأثر الرادع لقرار رفض منح التأشيرة للسيد مادافيري.

4-10 رابعا ً ، حاول السيد مادافيري، ولم يفلح في ذلك، أن يطعن في قرار الوزير أمام المحكمة الاتحادية التي وجدت أن قرار الوزير لا ينطوي على خطأ قانوني ولا على تجاوز أو تحيز في استعمال السلطة، وأن قراره نُفذ عملاً بقانون الهجرة وليس بناء على أي نقص في الأدلة. خامساً، تم احتجاز السيد مادافيري لتسهيل ترحيله من الدولة الطرف ولم يستبق في مركز الاحتجاز إلا أثناء الفترة التي طعن فيها في ذلك الأمر بالترحيل. سادساً، خضع احتجازه لمراجعة المحكمة الاتحادية، ولم تنقضه المحكمة. وقد اتفق مؤخراً على الموافقة على احتجاز السيد مادافيري في بيته شريطة الموافقة على الجوانب العملية لهذا الاحتجاز.

4-11 تعترض الدولة الطرف على كونها قد انتهكت المادة 10 فيما يتعلق بظروف الاحتجاز. وهي تعرض إفادة من مدير أجهزة الاحتجاز في فيكتوريا (حيث يوجد مركز الاحتجاز الذي كان السيد مادافيري محتجزاً فيه) للبرهنة على أن السيد مادافيري كان يلقى معاملة إنسانية أثناء احتجازه مع حصوله على مستوى خدمات يفيض عن تلبية احتياجاته الأساسية.

4-12 وفيما يخص الادعاء بأن السيد مادافيري لـم يتمكن من حضور ولادة أنطونيو مادافيري، فقد ذُكر أن إذناً بحضور الولادة قد منح للسيد مادافيري شريطة أن يخضع للمراقبة. والسيدة مادافيري هي التي قالت إنها لا ترغب في حضور السيد مادافيري أثناء الولادة في ظل هذه الظروف. وتقر الدولة الطرف بأن تأخيراً قد وقع في إصدار إذن للسيد مادافيري بزيارة المستشفى، ولكن سرعان ما تم تدارك هذا الأمر وسمح لـه بالقيام بزيارة إضافية نتيجة لذلك. وتفيد الدولة الطرف بأن اشتراط خضوع السيد مادافيري للمراقبة في تلك الظروف كان بدافع الاحتراس لضمان عدم فراره .

4-13 وت دفع الدولة الطرف ب أن وجود السيد مادافيري على أراضيها غير شرعي وأن هذا الأمر الواقع يدحض أي ادعاء بأنه كان ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 12 من العهد. ويعني إعمال أحكام الفقرة 3 من المادة 12، التي تنص على عدد من حالات الاستثناء للحقوق المنشأة بموجب الفقرة 1 من المادة 12، أن احتجاز السيد مادافيري لا يعادل الحرمان من الحق في حرية الحركة أو حرية اختيار مكان الإقامة بما يخالف الفقرة 1 من المادة 12.

4-14 وفيما يتعلق بالانتهاك المحتمل للفقرة 4 من المادة 12، تدفع الدولة الطرف بأن ارتباط السيد مادافيري بأستراليا غير كاف للجزم بأن أستراليا بلده لأغراض هذا الحكم. إن الحالات التي حددتها اللجنة في قضية ستيوارت ضد كندا (7) على أنها تنشئ روابط ومطالبات خاصة تجاه بلد ما بحيث يتعذر اعتبار شخص غير مواطن مجرد أجنبي، لا يتوافر أي منها في ما يتصل بالسيد مادافيري وعلاقته بأستراليا. فهو لـم تُنتَزع منه جنسيته بما يمثل خرقاً للقانون الدولي. بل إن السيد مادافيري لـم يسعَ للحصول على حق البقاء في الدولة الطرف وفقاً لقوانين الهجرة السارية في أستراليا بالرغم من أن للدولة الطرف آليات مستقرة لطلب الحصول على الجنسية الأسترالية، وهي لا تضع موانع غير معقولة في طريق الحصول على الجنسية الأسترالية.

4-15 و فيما يتعلق بالمادة 13، ت فيد الدولة الطرف ب أن السيد مادافيري لا يقيم إقامة شرعية في أستراليا، وأن القرار بطرده يتفق مع القانون الأسترالي ، وأن فرص اً عديدة أتيحت لـه كي يعاد النظر في هذا القرار.

4-16 و فيما يتصل بادعاء انتهاك الفقرة 1 من المادة 14، فإن الدولة الطرف تشير إلى قرار اللجنة في قضية إ. ل. ضد كندا (8) ، حيث درست اللجنة تعريف "الدعوى القانونية" واعتمدت تفسيراً ذا شقين: دراسة طبيعة الحق موضوع النقاش والمحفل الذي يجب أن يفصل في المسألة. وفيما يتعلق بطبيعة الحق موضوع النقاش، تحيل الدولة الطرف إلى قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للبرهنة على أن الحق في تصريح الإقامة لا يقع ضمن الحقوق المنصوص عليها في المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تشبه إلى حد كبير المادة 14 من العهد (9) . ولا يعادل قرار إداري صادر عن محكمة ابتدائية لرفض منح تأشيرة "الدعوى القانونية" بالمعنى الوارد في هذا البند. ولا يمكن وصف مثل ذاك القرار بأنه تحديد للحقوق والواجبات في "دعوى قانونية"، بما أنه لا ينطوي على اتخاذ إجراءات قانونية يقوم بها شخص ليحدد حقوقه في مواجهة شخص آخر، بل إنه قرار إداري يحدد شخص ما بواسطته حقوق شخص آخر بناء على قانون ما. واتخاذ قرار يتعلق بالسماح لشخص ما بدخول أراضي دولة ما و/أو البقاء فيها مسألة يعود الحسم فيها للدولة المعنية. أما بالنسبة للجهة المخولة سلطة الفصل في مسألة الحق، فإن الدولة الطرف تؤكد مجدداً أن قراراً إدارياً صادراً عن محكمة ابتدائية برفض منح التأشيرة لا يعادل "الدعوى القانونية".

4-17 و بالنسبة للمادة 17، تدفع الدولة الطرف بأن مطالبة فرد واحد من أفراد أسرة ما بمغادرة أستراليا مع السماح للأفراد الآخرين بالبقاء فيها لا ينطوي بالضرورة على "تدخل" في حياة أسرة الشخص المرحَّل أو الأشخاص الباقين (10) . وهي تدفع بأن الغاية من المادة 17 هي حماية خصوصية الفرد والعلاقات الشخصية داخل الأسرة المستمدة من هذا الحق في الخصوصية. وليس احتجاز السيد مادافيري وترحيله المقترح تدخلاً في خصوصيات أسرة مادافيري كأفراد أو في علاقاتهم مع بعضهم البعض. وليس الغرض من الترحيل المقترح الإضرار بأي من العلاقات التي تربط بين أفراد الأسرة ولن تضع الدولة الطرف أية عراقيل في وجه صيانة العلاقات بين أفراد الأسرة وتنميتها. ولا تعدو الغاية من احتجاز السيد مادافيري وترحيله المقترح سوى كفالة نزاهة نظام الهجرة الذي تتبعه الدولة الطرف. إن القرارات المتعلقة بما إذا كان أفراد الأسرة الآخرون سيواصلون حياتهم في أستراليا أو سيرافقون السيد مادافيري إلى إيطاليا أو أي بلد آخر، في نظرها، هي مسائل يعود الحسم فيها للأسرة. وتشير إلى أن السيد مادافيري هو المعني بالترحيل أما أبناء مادافيري فباستطاعتهم البقاء مع السيدة مادافيري. وبالنظر إلى صغر سن الأطفال وكون كلا والدَيْهم من أصل إيطالي، فإنهم سيستطيعون الاندماج بنجاح في المجتمع الإيطالي إذا ما رافق السيد مادافيري أفراد آخرون من أسرته. وفي هذا السياق، تذكّر الدولة الطرف بإخطار صاحبي البلاغ بأنه لـم يعد مطلوباً من السيد مادافيري عندما يعود إلى إيطاليا أن يقضي عقوبات السجن صدرت ضده في إيطاليا ولـم ينفذها. وذكرت الدولة الطرف أنه يستطيع، حالما يرحَّل من أستراليا، تقديم طلب من خارج أراضيها للحصول على تأشيرة تسمح لـه بالعودة .

4-18 و إذا رأت اللجنة أن تصرف الدولة الطرف تجاه السيد مادافيري يشكل "تدخلاً" في شؤون أسرة مادافيري، فهذا التدخل ليس "غير قانوني" ولا "تعسفي". وتجدر الإشارة إلى أن العهد يعترف بحق الدول في مراقبة الهجرة إليها.

4-19 وتعترض الدولة الطرف على زعم انتهاك المادة 23، وتحتج بأن التزامها بحماية الأسرة لا يعني أنها لا تملك أن ترحل شخصاً غير مواطن مقيماً إقامة غير شرعية لمجرد أن الشخص قد أنشأ أسرة مع مواطنين أستراليين. ويجب قراءة المادة 23 في ضوء حق الدولة الطرف، بمقتضى القانون الدولي، في مراقبة دخول الأجانب إليها وإقامتهم فيها وطردهم منها (11) . وتماشياً مع هذا الحق، يسمح العهد للدولة الطرف باتخاذ إجراءات معقولة للحد من الهجرة إلى أستراليا حتى في الحالات التي قد تنطوي فيها تلك الإجراءات على إبعاد أحد الوالدين. أما الواقع المتمثل في كون السيد مادافيري لا يستطيع العيش مع أسرته إلا إذا سافروا إلى إيطاليا فهو نتيجة سلوك السيد مادافيري وليس نتيجة إخفاق الدولة الطرف في اتخاذ تدابير لحماية الأسرة. وتبين هذه الأقوال أن قرار رفض منح التأشيرة للسيد مادافيري اتُّخذ طبقاً للقانون الأسترالي وبعد البحث في أمور منها تأثير هذا القرار على أسرة مادافير ي.

4-20 وتلاحظ الدولة الطرف أن ادعاء انتهاك المادة 24 يبدو كما لو كان مبنياً حصراً على اقتراح ترحيل السيد مادافيري من أستراليا. وهي تدفع بأن هذا التصرف لا يبلغ حد الإخفاق في اتخاذ تدابير الحماية التي يتطلبها وضع أبناء مادافيري بصفتهم قصّراً. ومن العوامل التي أخذها الوزير في الاعتبار عند اتخاذ القرار برفض منح التأشيرة للسيد مادافيري "المصلحة الفضلى" لأبناء مادافيري. وأي انفصال طويل الأمد بين السيد مادافيري وأبناء مادافيري سيكون نتيجة قرارات يتخذها السيد والسيدة مادافيري وليس بسبب إجراءات تتخذها الدولة الطرف. ولم يأت صاحبا البلاغ بأية حجة تبين أن السيدة مادافيري لا تستطيع توفير حماية كافية للأطفال إذا مكثوا في أستراليا أو أن ثمة ما يعوق استئناف الأطفال لحياة طبيعية في إيطاليا.

4-21 و تشير الدولة الطرف إلى أن الزعم با نتهاك ا لمادة 26 يبدو ذا صلة بضمان الوزير المساواة أمام القانون حين رفض منح تأشيرة للسيد مادافيري. والدولة الطرف تفند هذا الادعاء وتحيل إلى حججها بشأن المادة 9. فهي ترى أن قرار الوزير كان ضرورياً ومناسباً ومتوقعاً ومتناسباً مع الظروف المحيطة وتحتج بأن القرار كان قانونياً، وأن السيد مادافيري فشل في اختبار حسن السير والسلوك، وأنه قد أتيحت لـه فرصة مخاطبة الوزير قبل أن يتخذ هذا الأخير قراره، وأن الوزير شرح أسباب قراره، وأن القضاء قد أعاد النظر في قراره فوجد أنه لا ينطوي على أي خطأ قانوني أو على تجاوز أو تحيز في استعمال السلطة وأنه جاء وفقا لقانون الهجرة ولم يعتمد على أي نقص في الأدلة.

4-22 و بالنسبة لانتهاكات المواد 2 و3 و5 و الفقر ا ت من 2 إلى 7 من المادة 14 والمادة 16، تقدم الدولة الطرف حججاً مفصلة تدحض تلك الادعاءات على أساس عدم المقبولية وعدم كفاية الأسس الموضوعية.

طلب اتخاذ تدابير مؤقتة

5-1 في 16 أيلول/سبتمبر 2003، أخطر صاحبا القرار الأمانة بأن الدولة الطرف كانت تعتزم إبعاد السيد مادافيري في 21 أيلول/سبتمبر 2003 وطلبا اتخاذ تدابير حماية مؤقتة للحيلولة دون إبعاده. كما طلبا أن تصدر اللجنة توجيها باحتجازه في بيته.

5-2 وي قد م صاحبا البلاغ عرضاً لما استجد من أحداث على أرض الواقع. ففي 7 شباط/فبراير 2002، بناء على تدهور حالة السيد مادافيري النفسية وأثر الفراق على باقي أفراد الأسرة، أصدر الوزير توجيهاًَ بأن يطلق سراح السيد مادافيري من مركز الاحتجاز ويوضع رهن الاحتجاز في بيته. وهو ما تم في 14 آذار/مارس 2002. وأثناء احتجازه في البيت، ظل يعاني من اعتلال صحته العقلية وزاره أطباء وعلماء نفس ومستشارون على نفقته الشخصية. وكانت الأعراض التي ظهرت عليه قبل احتجازه في بيته قد خفَّت، ولكنه ظل يعاني من أعراض اعتلال صحته العقلية أثناء الاحتجاز المنزلي.

5-3 وفي 20 حزيران/يوني ه 2003، رُفض طلبه الحصول على إذن خاص للحضور إلى المحكمة العليا لإعادة النظر في حق الوزير في التدخل وإلغاء قرار محكمة الاستئناف الإدارية. وفي 25 حزيران/يونيه 2003، أنهت وزارة الهجرة العمل باتفاق الاحتجاز المنزلي بسبب زيادة المجازفة بفرار السيد مادافيري بعد أن صدر قرار المحكمة العليا قبل ذلك بخمسة أيام، مما يعني أنه جرى استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية. وفي نفس اليوم، أعيد السيد مادافيري إلى مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ. ورفضت المحكمة العليا التماساً دستورياً قدمه صاحب البلاغ في 25 حزيران/يونيه 2003 .

5-4 ووُصفت إعادة السيد مادافيري إلى مركز الاحتجاز بأنها تشبه "غارة عسكرية" شارك فيها حوالي 17 فرداً مسلحاً من أفراد الشرطة الاتحادية الأسترالية وصلوا دون إخطار مسبق في شاحنة صغيرة تصاحبها عربتان أخريان تابعتان للشرطة الاتحادية الأسترالية. وسلم السيد مادافيري نفسه دون مقاومة. وانزعجت السيدة مادافيري على سلامة زوجها إذ حسبت أنه كان سيرحَّل من أستراليا. وعانى الطفلان الأصغر سناً اللذان شاهدا ما حدث من اضطرابات في نظامهم الغذائي على مدى أسابيع بعد تلك الواقعة. ويدعي صاحبا البلاغ أن هذا التصرف من قبل السلطات لـم يكن لـه ما يبرره ولم يكن متناسباً مع ظروف القضية لا سيما في ضوء امتثال السيد مادافيري لكافة شروط الاحتجاز المنزلي طيلة 15 شهرا.

5-5 وقبل إنهاء الاحتجاز المنزلي، قُدمت أدلة طبية إلى وزارة الهجرة نزولاً عن طلبها لدعم الرأي القائل إنه كان ينبغي مواصلة الاحتجاز المنزلي بما أن الأسباب الطبية التي أصدر الوزير بناء عليها توجيهه بتنفيذ الاحتجاز أصلاً لا تزال قائمة أو من المرجح أن تعود للظهور إذا أعيد صاحب البلاغ إلى مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ. لذا فإن صاحبي البلاغ يحتجان بأن الدولة الطرف، بإنهائها الاحتجاز المنزلي، أتت تصرفاً يخالف النصيحة الطبية والنفسية التي أصدرتها هي نفسها (12) .

5-6 و في 22 حزيران / يوني ه 2002، أخطرت السلطات الإيطالية السيد مادافيري بأنها قد ألغت العقوبات التي لـم يقضها وكذلك الأمر بالقبض عليه. وفي 23 حزيران/يونيه 2003، طلب السيد مادافيري من الوزير إعادة النظر في قراره رفض منح تأشيرة بحكم الزواج للسيد مادافيري في ضوء هذه المعلومات. فأفاد الوزير بعدم وجود سبب قانوني لإعادة النظر في القرار؛ وهو ما أكدته المحكمة الاتحادية في 19 آب/أغسطس 2003؛ وذلك هو القرار المطعون فيه أمام المحكمة بكامل هيئتها.

5-7 في 18 أيلول/سبتمبر 2003، وفي ضوء ما توفر من معلومات، وتحديد موعد الترحيل في 21 أيلول/سبتمبر 2003 وموعد النظر في البلاغ في الدورة التاسعة والسبعين للجنة (تشرين الأول/أكتوبر 2003)، طلب المقرر الخاص، بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، من الدولة الطرف عدم إبعاد السيد مادافيري حتى اختتام هذه الدورة. كما طلب من الدولة الطرف أن تقدم في أقرب وقت ممكن معلومات عن النقل من مركز احتجاز المهاجرين إلى الاحتجاز المنزلي أو عن أية تدابير أخرى تُتخذ للحد من خطر الضرر الجسيم الذي تبين وجوده، بما في ذلك إيذاء الشخص لنفسه إيذاء بالغاً، وبما في ذلك الضرر الذي قد تتسبب فيه سلطات الدولة الطرف في حال استمرار احتجاز السيد مادافيري في مركز احتجاز المهاجرين.

5-8 وفي الرسالة المؤرخة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2003، قالت الدولة الطرف إنها ستلبي طلب المقرر الخاص بعدم إبعاد السيد مادافيري إلى أن تنظر اللجنة في بلاغه في دورتها التاسعة والسبعين. وسردت وقائع القضية كما ذكرها صاحبا البلاغ وأضافت أنها أنهت احتجاز السيد مادافيري في بيته بعد أن استنفد وسائل الانتصاف المحلية وفقاً للمادة 198 من قانون الهجرة التي تنص على إبعاد الأشخاص غير المواطنين المخالفين للقانون متى تسنى ذلك.

5-9 بالنسبة للتدابير المتخذة لت خفيف خطر تفاقم الأذى، تحيل الدولة الطرف إلى تقرير طبي مؤرخ في 26 أيلول/سبتمبر 2003 يلخص العلاج الذي تلقاه السيد مادافيري مذ عاد إلى مركز الاحتجاز. ويشمل العلاج استشارات يومية مع ممرضة ومستشار المركز واستشارات منتظمة في مصلحة الصحة العقلية للمنطقة الجنوبية الغربية. بيد أن صحة السيد مادافيري العقلية استمرت في التدهور إلى درجة أنه أُدخل مستشفى للأمراض النفسية في 18 أيلول/سبتمبر 2003 وأعلن أنه غير لائق للسفر إلى الخارج (13) .

5-10 و في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، مدّد المقرر الخاص، بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، طلب التأجيل المقدم بمقتضى المادة 86 إلى الدولة الطرف حتى الدورة الثمانين، في ضوء تعليقات إضافية وردت من صاحبي البلاغ وطلبٍ مقدم من الدولة الطرف للتعليق عليها.

تعليقات صاحبي البلاغ على رسالة الدولة الطرف

6-1 في رسالتهما المؤرخة في 30 أيلول/سبتمبر 2003، يعرض صاحبا البلاغ آخر ما استجد من وقائع تخص البلاغ والتعليقات بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. كان نقل السيد مادافيري إلى الاحتجاز المنزلي، الذي دام من 14 آذار/مارس 2002 إلى 25 حزيران/يونيه 2003، "على أساس استعادة الوزارة للتكاليف الفعلية". وبلغت التكلفة المقدرة 800 16 دولار في الشهر تم دفعها مقدماً، وبعد دفع كفالة قدرها 000 50 دولار، أطلق سراح صاحب البلاغ كي يحتجز في بيته في 14 آذار/مارس 2002. ودفع صاحبا البلاغ القسط الأول وقيمته 800 16 دولار ثم قسطاً آخر قدره 800 16 دولار. ومنذ ذلك الحين، توقفت الأسرة عن الدفع إذ عجزت عن جمع المزيد من الأموال. ويدعي صاحبا البلاغ أنهما اضطرا إلى قبول الشروط المالية المرتبطة بالاحتجاز المنزلي، مخالفين بذلك رأي محاميهما، لأن تلك كانت الوسيلة الوحيدة التي يستطيعان بها جمع شملهما ثانية. ويدعيان أيضا أن توفير الاحتجاز المنزلي كبديل عن الاحتجاز في مركز المهاجرين واجب يقع على عاتق الدولة الطرف بالنظر إلى تدهور صحة السيد مادافيري، وليس على صاحبي البلاغ دفع مصاريفه كوسيلة لاستقرار وضعه الطبي.

6-2 وما زال صاحبا البلاغ يدعيان انتهاك جميع المواد المذكورة في البلاغ الأصلي (كما في الفقرة 1) وهما يقدمان توضيحا للادعاءات المتعلقة بالمواد 9 و10 و12 و13 و17 و23 و24. فهما يدفعان، بالنسبة للمادة 9، بأن هذه المادة لا تتعلق سوى بالسيد مادافيري. ويحتجان بأنه على الرغم من أن قرار اعتقاله قانوني، إلا أنه تعسفي، كما أنه ليس "معقولاً" ولا "ضرورياً" في جميع ظروف هذه القضية. فليس ثمة دليل على إمكانية الفرار بما أن فحوى الطلب الحقيقية تتمثل في أن السيد مادافيري يسعى للبقاء مع أسرته في أستراليا. كما أنه لا يوجد دليل على أنه ارتكب جريمة منذ أن وصل إلى أستراليا. ولم يبق لديه من روابط مع إيطاليا ولكنه عاش 15 عاما في أستراليا حيث لـه فيها أسرة وتجارة (متجر لبيع الفواكه بالتجزئة) وبيت بالتقسيط ورقم ضريبي. وهو المعيل الوحيد لأسرته؛ ولو أعيد إلى إيطاليا، فمن المستبعد تماماً أن يحصل على عمل ذي شأن يكفيه للإنفاق على أسرته وإعالتها. وفي ظل هذه الظروف، يعتبر احتجازه غير متناسب ولا مبرر له. فبسبب احتجازه، تُحرم السيدة مادافيري من إعانات الضمان الاجتماعي بوصفها أما وحيدة، بما أن القانون المحلي لا يعتبرهما منفصلين قانونا. ولا حق لها أيضا في الحصول على معاش العجز أو رعاية الأسرة استناداً إلى عدم قدرته على العمل.

6-3 ولم تأخذ الدولة الطرف في الحسبان أية أشكال بديلة أخرى للاحتجاز قبل اعتقاله في مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ. ولم يطبَّق الاحتجاز المنزلي إلا بعد المعاناة النفسية التي عاشها السيد مادافيري ولم يستمر هذا إلا لمدة محدودة. ولم تقدم الدولة الطرف أي مبرر لعدم التفكير في الاحتجاز المنزلي أو أي أسلوب احتجاز آخر مشابه ينتهج نظام إثبات التواجد أو تطبيقه في أي فترة أخرى. وعندما أصدر الوزير في النهاية توجيها بتنفيذ الاحتجاز المنزلي، استغرق تنفيذ الوزارة للتوجيه ما يزيد عن ثمانية أسابيع.

6-4 أما بالنسبة ل حجة الدولة الطرف بأن السيد مادافيري تجاوز المدة المحددة في تأشيرة إقامته مرتين، فيحتج صاحبا البلاغ بأن عمره في المرة الأولى كان 15 عاماً وأنه كان يخضع لرعاية والده وتوجيهاته، ولم يكن بالتالي يملك سلطة المغادرة. أما في المرة الثانية، فإن تجاوزه للمدة المحددة في التأشيرة نجم عن اعتقاده خطأً بأن زواجه من مواطنة أسترالية يمنحه تلقائيا حق المكوث في أستراليا. ويبين صاحبا البلاغ أن دخوله إلى أستراليا كان سابقا لإدخال الحكم المشدد الخاص بحسن السير والسلوك في التشريع المحلي ( 14) (التوجيه رقم 17).

6-5 ووفقاً ل صاحبي البلاغ، لـم يحظ السيد مادافيري بالعدالة الإجرائية، حيث كان يتوقع منطقيا أن تبت محكمة الاستئناف الإدارية لصالحه في نهاية الأمر في طلب التأشيرة بحكم الزواج الذي قدمه. ولم يطعن الوزير في قرار المحكمة، كما لـم تُعِد وزارة الهجرة النظر في القرار وفقا لتوجيهات المحكمة. وبإلغاء قرار المحكمة وبدء عملية مراجعة جديدة، يكون السيد مادافيري قد حُرم من العدالة الإجرائية. وهما يدفعان بأنه، لولا تدخل الوزير الإضافي وقراره الصادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، لكان من المعقول توقع الموافقة على الطلب المقدم من السيد مادافيري للحصول على تأشيرة بحكم الزواج إذا ما أعادت الوزارة النظر فيه.

6-6 و يوضح صاحبا البلاغ أن ادعاء انتهاك الفقرة 1 من المادة 10 من العهد لا يتعلق إلا بالسيد مادافيري. فاعتقاله الذي استمر طويلا في ماريبيرنونغ لـم يكن مناسبا إذ إن هذا المرفق يعتبر مرفقا للاحتجاز لفترات قصيرة فقط. فالمرافق تُحمَّل أكثر من طاقتها ويتكرر حدوث الاكتظاظ الشديد. ويُدعى أن الفزع ووطأة الحبس الناجمين عن الاحتجاز يشكلان ضغطا على المحتجزين يؤثر على عاداتهم وممارساتهم الدينية وتقاليدهم. ويدفع صاحبا البلاغ بأن الظروف السائدة في مراكز الاحتجاز في أستراليا موثقة بشكل جيد.

6-7 ويشير صاحبا البلاغ إلى الأحداث التالية ، على سبيل المثال لا الحصر، التي تدل على انت هاك حقوق صاحب البلاغ بمقتضى هذه المادة. أولا، عدم السماح لصاحب البلاغ بحضور ولادة طفله الرابع، حيث قال أحد موظفي مركز الاحتجاز إنه لا يمكن الإتيان بسيارة أجرة في الوقت المناسب رغم أن إشعارا قد أرسل إلى الوزارة قبل أربع ساعات من الموعد. وبعد الولادة، أفزع وجود حراس الأمن في عنبر الولادة السيدة مادافيري وأدى إلى إنهاء الزيارة. ثانيا، عدم سماح وزارة الهجرة لصاحب البلاغ بأكثر من زيارة واحدة لزوجته وطفله في المستشفى وبعد وصول الطفل إلى البيت. ويقر صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف سمحت بزيارة أخرى في المستشفى على أن تتم بمرافقة عدد كبير من حراس الأمن.

6-8 ثالثا، عدم موافقة وزارة الهجرة على ترتيب للاحتجاز المنزلي أكثر مرونة كي تتاح للأسرة المشاركة ولأفرادها التفاعل فيما بينهم كأسرة واحدة مراعاة لمصلحة الأطفال. وكان على السيد مادافيري إما أن يحرم من حضور المناسبات الأسرية أو يحضرها مصحوباً بحراس أمن مما كان يثير انتباه الناس. ولم يكن هذا إلا ليزيد حدة إحساس صاحب البلاغ وأسرته بالإهانة أمام الناس في مكان عام. رابعا، الأسلوب الذي أنهت به وزارة الهجرة فترة الاحتجاز المنزلي في 25 حزيران/يونيه 2003 من خلال الاستعمال غير الضروري والمبالغ فيه للقوة. خامسا، إهمال النصائح الطبية و/أو رفض العمل بها وهي تحذيرات الأطباء والأخصائيين النفسانيين التابعين للدولة الطرف الذين قالوا إن استمرار حبس السيد مادافيري في مركز احتجاز المهاجـرين لـه تأثير شديد على صحته العقلية. فلم يعالج لفترة طويلة من المشاكل المتعلقة بصحته العقلية. وكان من الممكن تفادي إدخاله إلى مصحة نفسية كمريض بالضرورة لو تمت الاستجابة لتلك التحذيرات.

6-9 ويدعي صاحبا البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 12 تنطبق على ظروف هذه القضية وأنه لا شيء في الفقرة 3 من هذه المادة يمنع تطبيق أحكام الفقرة 1 على وقائع هذه القضية (15) . ويعرض صاحبا البلاغ الوقائع التالية للبرهنة على أن السيد مادافيري قد أنشأ مع أستراليا روابط تتوفر فيها الصفات الضرورية لتسمية أستراليا "بلده" بالمعنى المقصود من الفقرة 4 من المادة 12: فقد توفي والداه كلاهما في إيطاليا؛ وجاء جده إلى أستراليا في عام 1923 واستقر ولبث فيها إلى أن وافاه الأجل؛ وكان والده قد وصل إلى أستراليا في الخمسينيات ثم عاد إلى إيطاليا ليستقر فيها مجددا بعد تقاعده، وكان يتقاضى معاشا أستراليا؛ وهو لـم يعد إلى إيطاليا؛ وهو يحمل رخصة قيادة أسترالية ورقما ضريبيا وبطاقة وطنية لتغطية المصاريف الصحية، وله متجر بيع بالتجزئة يشغل عاملين ويدفع ضرائب عن تجارته؛ وكان لـه جواز سفر إيطالي تركه يفقد صلاحيته، وتخلى عن إقامته في مسقط رأسه ولم يعد محل إقامته مسجلا في إيطاليا؛ والسلطات الإيطالية تعلم أنه مقيم في أستراليا وقد سجلت ذلك؛ وإخوة السيد مادافيري وأخته جميعهم تخلوا رسميا عن جنسيتهم الإيطالية. وعلاوة على ذلك، يقول صاحبا البلاغ إن السيد مادافيري لـم يرتكب أية جريمة في أستراليا. وفيما يتعلق بالادعاء "بعدم الإفصاح عن الجرائم التي أدين غيابيا بارتكابها في إيطاليا"، يقول صاحبا البلاغ إن "السيد مادافيري لـم يكن بدايةً على علم بها أثناء لقائه الأول مع موظفي وزارة الهجرة الذين أثاروا المسألة".

6-10 و في ما يتعلق ب المادة 13، يحتج صاحبا البلاغ بأن الوزير قد استند جزئيا، في رفض ه منح السيد مادافيري تأشيرة بحكم الزواج، إلى وجود أمر لـم ينفذ بالقبض على السيد مادافيري في إيطاليا. وفي حزيران/يونيه 2002، ألغي أمر القبض عليه بعد إسقاط العقوبات التي لـم تنفذ في إيطاليا. ويدعي صاحبا البلاغ أن في ذلك انتهاكا للمادة 13 بما أن الوزير رفض إعادة النظر في قراره في ضوء الظروف المتغيرة محتجاً بعدم وجود أساس قانوني يسوغ لـه ذلك.

6-11 وفيما يتصل بالانتهاكات المزعومة للمواد 17 و23 و24 (المتعلقة بجميع أصحاب البلاغ)، فقد أُفيد بأن السيد مادافيري إذا رُحِّل عن أستراليا فإن السيدة مادافيري والأبناء سيمكثون في أستراليا. وهذا الفراق الجسدي القسري ستكرههم عليه الدولة الطرف، مما يمثل تدخلا منها في حياة الأسرة و/أو وحدة الأسرة. وليس ثمة ما يوحي بأن الروابط الزوجية والأسرية ليست حقيقية وقوية، وهناك أدلة طبية تبرهن على أن جميع أفراد الأسرة سيتأثرون ويحزنون بسبب الفراق.

6-12 وبالنسبة للاحتجاج بأن السيدة مادافيري والأبناء ينبغي أن يتبعوا السيد مادافيري، فإن صاحبي البلاغ يدفعان بأن هذه حجة عاطفية وليست حجة قانونية. فهم مواطنون أستراليون ولهم حق المكوث في أستراليا؛ وإقامتهم فيها محمية بموجب مواد أخرى من العهد. ولو كان عليهم أن يتبعوا السيد مادافيري إلى إيطاليا، فسيصعب عليهم الاندماج. فالأبناء يعانون بالفعل من مشاكل عاطفية ومن صعوبات في النطق بسبب تورطهم في هذه القضية. وستتفاقم تلك المشاكل في إيطاليا حيث ستكون قدرتهم على التواصل مقيدة. ولم يسبق للسيدة مادافيري ولأبناء مادافيري أن ذهبوا إلى إيطاليا، والسيدة مادافيري هي فقط التي تتحدث الإيطالية قليلا. وليس لديهم أقرباء في إيطاليا.

6-13 ويُحتج بأن السيدة مادافيري لن تستطيع الاضطلاع بمسؤولية الأطفال إن مكثت الأسرة في أستراليا. بدون السيد مادافيري. وفي خريف عام 2003، عانت السيدة مادافيري من انهيار عصبي حاد وقضت خمسة أيام في مستشفى روزهيل هوسبيتل إيسندون (فكتوريا). فالضغط الناجم عن هذه القضية والمصاعب المتعلقة بتربية ورعاية أربعة أطفال بمفردها كان ولا يزال عبئاً شاقاً عليها.

6-14 ويُحتج صاحبا البلاغ بأن إبعاد السيد مادافيري إلى إيطاليا سيدوم فترة غير محددة دون أي أمل حقيقي في العودة إلى أستراليا ولو في إطار زيارة مؤقتة. ويحتجان بأن مسألة "حسن السير والسلوك" معيار أساسي في أي طلب للحصول على تأشيرة بحكم الزواج سواء تم تقديمه من داخل الحدود أو من خارجها. وعدم الوفاء بهذا المعيار يؤدي عمليا إلى رفض كل طلب يقدمه السيد مادافيري للحصول على تأشيرة للعودة إلى أستراليا. ويقولان إنه ما من مندوب ستكون لـه سلطة إبطال القرار الشخصي الصادر عن الوزير في هذه القضية، كما أن ذلك قد يكون عاملاً يثني محكمة الاستئناف الإدارية عن ممارسة سلطتها التقديرية في حال رفض طلب ما أمام محكمة ابتدائية وفي حال استئناف القرار.

التعليقات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7-1 تقول الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة في 6 نيسان/أبريل 2004 إن صاحبي البلاغ لـم يأذنا بتعيين محام جديد في القضية وبالتالي فإن البلاغ يعتبر غير مقبول بحكم طبيعته. وهي تدفع بأنها ليست ملزمة، كما يدعي صاحبا البلاغ، بتوفير الاحتجاز المنزلي كبديل عن الاحتجاز في المركز نظراً لحالة السيد مادافيري الصحية، وبأن الاحتجاز البديل لا يؤذن به إلا في ظروف استثنائية. أما فيما يخص تكاليف الاحتجاز المنزلي، فهي تحتج بأن السيد مادافيري قبِل دفع تكاليف هذا الاحتجاز وأن الدولة الطرف اتخذت في جميع المراحل خطوات معقولة لتوفير رعاية مناسبة له .

7-2 وتقول الدولة الطرف إنها لـم تتسلم أي دليل على أن أيا من العقوبات أو أحكام الإدانة الصادرة قد أسقطت أو شطبت من سجل سوابق السيد مادافيري، وأن صدور إدانات وأحكام جنائية ضده سيؤثر على أي قرار يتعلق بمنحه التأشيرة.

7-3 و فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ في إطار المادة 9 بأن احتمال فرار السيد مادافيري ضئيل، فإن الدولة الطرف تحيل إلى رسالة موجهة من وزارة الهجرة إلى موظف الهجرة المسؤول عن السيد مادافيري، بتاريخ 25 حزيران/يونيه 2003، بشأن إنهاء الاحتجاز المنزلي التي جاء فيها أن احتمال الهرب، بعد أن استنفدت سبل الانتصاف المحلية، صار احتمالاً كبيراً. وفيما يتصل بالادعاء بأن الوزير بت في المسألة من أساسها بدلاً من أن يعيد فيها النظر وفق توجيه محكمة الاستئناف الإدارية في قرارها المؤرخ 7 حزيران/يونيه 2000، تقر الدولة الطرف بأنه من المفترض مبدئيا أن الوزير كان ملزما بإعادة النظر. ولكنها تؤكد أنه يجوز للوزير تجاوز بعض قرارات محكمة الاستئناف الإدارية بموجب الفقرة 501 ألف من قانون الهجرة لعام 1958 (الحاشية رقم 11) وأن القرار الصادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000 كان صحيحا.

7-4 و بالنسبة ل لادعاء القائل بأن السي د مادافيري كان يتوقع منطقيا أن تبت محكمة الاستئناف الإدارية في طلبه الحصول على تأشيرة بحكم الزواج، فإن الدولة الطرف تقول إنه ليس من اختصاص تلك المحكمة البت في حقه في الحصول على تلك التأشيرة لأن نطاق نظرها ينحصر في رفض منح تأشيرة إقامة بحكم الزواج على أسس تتعلق "بحسن السير والسلوك" وتوجيهها بشأن إحالة الدعوى يقتصر على حسن السير والسلوك.

7-5 و تنكر الدولة الطرف أن مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ مصن َّ ف على أنه مرفق للاحتجاز القصير الأجل. وتم اعتباره مرفقا صالحا في هذه القضية لأنه أتاح لأسرة السيد مادافيري ومحاميه الوصول إليه بسهولة. أما بالنسبة للادعاء الذي يفيد بأنه كان ينبغي للدولة الطرف أن توافق على شكل من أشكال الاحتجاز أكثر مرونة هو الاحتجاز المنزلي، تقول الدولة الطرف إن السيد مادافيري كان يتمتع بحرية استقبال أي زائر في بيت أسرته، وقد اتخذت تدابير خاصة لتمكينه من حضور عدد من المناسبات الأسرية ومن بينها حفل زفاف وحفلتا تثبيت العماد لاثنين من أطفاله وخطوبة أسرية. وفيما يخص الادعاء بأن الاحتجاز المنزلي قد أنهي باستعمال غير معقول للقوة، تقول الدولة الطرف إن موظفا من وزارة الهجرة حضر إلى بيت السيد مادافيري برفقة ثمانية عناصر من الشرطة الاتحادية الأسترالية واثنين من موظفي إدارة الإصلاحيات. وأفيد بأن الزيارة دامت ثماني دقائق. وحين التقى موظف وزارة الهجرة بالسيد مادافيري في الطريق إلى البيت أخبره بأنه صار محتجزاً لدى وزارة الهجرة وأنه مطالب بالعودة إلى مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ في ملبورن. واقتيد السيد مادافيري إلى عربة كانت تقف في الشارع. ويتذكر موظف وزارة الهجرة أن عناصر الشرطة الاتحادية الأسترالية لـم يشرعوا أسلحتهم. وفي 19 كانون الثاني/يناير 2004، أبلغ نائب مدير الخدمات الطبية في برنامج الصحة العقلية "ويريبي مورسي" بأن السيد مادافيري ليس بعد في حالة تسمح له بمغادرته المستشفى.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 فيما يتعلق بالأهلية القانونية وبحجة الدولة الطرف بأنه لـم يؤذن لمحاميي صاحبي البلاغ بتمثيلهما، تلاحظ اللجنة أنها تسلمت تأكيدا خطياً من أحد مسؤولي التمثيل يفيد بتصرفه نيابة عنهما، وقد بعث بدوره برسائل أخرى أعدها ممثلا صاحبي البلاغ القانونيان المحليان. وبالتالي فإن اللجنة تخلص إلى أن ممثلَي صاحبَي البلاغ القانونيَين يتمتعان بالأهلية القانونية للتصرف بالنيابة عنهما ولا يعتبر البلاغ غير مقبول لهذا السبب.

8-4 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه لـم يتم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، بما أن صاحبي البلاغ لـم يلجآ إلى وسيلة الانتصاف الإدارية المتمثلة في رفع شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص، فإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تحتج بسوابقها القضائية (16) التي تفيد بأن أي قرار يصدر عن هذه الهيئة يتسم بطابع التوصية وليس لـه أي أثر ملزم، ومن ثم فلا يمكن وصفه بأنه وسيلة انتصاف فعالة بالمعنى المقصود في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-5 وفيما يتعلق بادعاء عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لكون السيد مادافيري لـم يقدم أمر إحضار، ولعدم البت في الطعنين المقدمين إلى المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها والمحكمة العليا بشأن صحة قرار الوزير من الناحية القانونية، تشير اللجنة إلى أن سبل الانتصاف تلك كانت قد استنفدت من قبل صاحبي البلاغ إبان النظر في هذا البلاغ.

8-6 و بالنسبة للادعاءات بموجب المادتين 2 و3 و الفقر ات من 1 إلى 3 من المادة 12 و الفقر ات من 2 إلى 7 من المادة 14 و المادة 16، فتخلص اللجنة إلى أن صاحبي البلاغ لـم يثبتا، لأغراض المقبولية، كيفية انتهاك أي من حقوقهما بمقتضى تلك المواد. لذا، فإن تلك الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. وفضلا عن ذلك، وبما أن المادة 5 من العهد لا تنشئ أي حق فردي منفصل، فإن الادعاء المقدم بموجب ذلك الحكم لا يتفق مع العهد، وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

8-7 و بالنسبة للادعاءات التي مفادها أن الوزير لـم يحقق للسيد مادافيري العدالة الإجرائية لا في إعماله سلطته التقديرية ولا في رفضه إعادة النظر في طلب السيد مادافيري للحصول على التأشيرة، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ لـم يربطا أيا من هاتين المسألتين بأية مواد معينة واردة في العهد. وتلاحظ اللجنة، إضافة إلى ذلك، أنه أعيد النظر قضائيا في مشروعية القرار الذي اتخذه الوزير باستعمال سلطته التقديرية من قبل كل من المحكمة الاتحادية والمحكمة الاتحادية بكامل هيئتها، كما أعادت المحكمة الاتحادية النظر في مسألة ما إذا كان يمكن للوزير مراجعة قراره. لذا، فإن اللجنة تخلص إلى أن صاحبي البلاغ لـم يأتيا بما يكفي من الأدلة لدعم تلك الادعاءات لأغراض المقبولية رغم أنها ترى أن تطبيق هذا الإجراء قد يثير بعض القضايا بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 13 من العهد. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن هذا الادعاء غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري. بيد أن اللجنة تجد أن الادعاء بعدم العدالة الإجرائية في تطبيق الوزير لسلطته التقديرية يثير مسألة تندرج تحت المادة 26، وهو ما تم إثباته بشكل كاف لأغراض المقبولية. وبالتالي فإن اللجنة تخلص إلى أن هذا الادعاء مقبول بموجب المادة 26 من العهد.

8-8 وبالنسبة لأية مشاكل قد تثار بشأن الفترة التي قضاها السيد مادافيري رهن الاحتجاز المنزلي، بما في ذلك إلزامه بدفع مصاريف خدمات الحراسة والأمن التي قدمتها الدولة الطرف والإدعاء بإخفاق هذه الأخيرة في مراقبة حالته الصحية خلال تلك الفترة، يبدو من المستندات المتوفرة أن شروط الاحتجاز المنزلي وضعت بموجب عقد اتفاق وافق عليه صاحبا البلاغ. وتبين من استعراض هذا الاتفاق أنه كان من بين الشروط إلزام صاحبي البلاغ بدفع التكاليف الطبية وأن هذا لـم يكن بنداً في الاتفاق محل طعن أمام المحاكم المحلية. والواقع أن المسألة الوحيدة الناشئة عن هذا العقد التي يُطعن فيها أمام المحاكم المحلية تعلقت بالمبلغ المستحق على صاحبي البلاغ. ولم يُطعن في قانونية العقد في حد ذاتها. ولهذا السبب، فإن أية مسائل يمكن إثارتها بمقتضى العهد بشأن موضوع شروط التعاقد على الاحتجاز المنزلي غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-9 و ترى اللجنة أن ما بقي من ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 9 والفقرة 4 من المادة 12 والفقرتين 1 و7 من المادة 10، من حيث اتصالهما بالسيد مادافيري وحده، والمواد 17 و23 و24 من حيث اتصالها بأصحاب البلاغ، ادعاءات مقبولة، وتشرع اللجنة في دراستها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وفيما يخص ادعاء انتهاك المادة 9 المتعلق باحتجاز صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ احتُجز منذ 16 آذار/مارس 2001 وإن كان قد قضى جزءاً من فترة الاحتجاز في بيته. وهي تذكّر بسوابقها القضائية السابقة ومفادها أنه بالرغم من أن احتجاز الأشخاص الوافدين غير المرخص لهم بدخول البلد ليس تعسفيا في حد ذاته، يمكن اعتبار وضع شخص ما رهن الاحتجاز تعسفيا إذا كان ذلك غير ضروري في جميع ظروف القضية: أي حين يصير لعنصر التناسب أهمية. وتلاحظ اللجنة الأسباب الكامنة وراء قرار الدولة الطرف باحتجاز السيد مادافيري ولا تجد أن احتجازه لـم يكن يتناسب مع تلك الأسباب. كما تشير إلى أنه بالرغم من أن السيد مادافيري بدأ بالفعل يعاني من مشاكل نفسية عندما كان معتقلا في مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ وذلك حتى آذار/مارس 2002، وهو الوقت الذي نقلته فيه الدولة الطرف إلى الاحتجاز المنزلي بناء على نصيحة الأطباء، فإنه لـم تظهر عليه أية علامات تنم عن مشاكل نفسية عند وصوله إلى مركز الاحتجاز قبل عام من ذلك. وهكذا، وعلى الرغم من أن احتجاز السيد مادافيري قد أسهم إلى حد كبير على ما يبدو في تدهور صحته العقلية وأصبح الآن محل اهتمام اللجنة بعد وقوع تلك الأحداث، فإنها لا تستطيع أن تتوقع من الدولة الطرف استباق مثل تلك النتيجة. وبالتالي فليس بوسع اللجنة الخلوص إلى أن قرار الدولة الطرف باحتجاز السيد مادافيري بدءاً من 16 آذار/مارس 2001 فصاعدا كان تعسفيا بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

9-3 و فيما يتصل بإعادة السيد ماد ا فيري إلى مركز احتجاز المهاجرين في ماريبيرنونغ في 25 حزيران/يونيه 2003، حيث احتُجز حتى إيداعه مصحة نفسية في 18 أيلول/سبتمبر 2003، تشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف بأن السيد مادافيري لما كان قد استنفد آنذاك سبل الانتصاف المحلية فإن احتجازه كان سيسهل ترحيله كما أن احتمال هروبه كان قد زاد. وتلاحظ اللجنة أيضا حجج صاحب البلاغ التي لـم تعترض عليها الدولة الطرف ومفادها أن هذا الشكل من أشكال الاحتجاز كان مخالفاً لما نصح به مختلف الأطباء والأخصائيين النفسيين الذين استشارتهم الدولة الطرف، والذين أشاروا جميعاً بأن حبس السيد مادافيري في مركز احتجاز المهاجرين مرة أخرى قد يؤدي إلى زيادة تدهور صحته العقلية. واستناداً إلى تلك النصيحة، ونظرا لاضطرار السيد مادافيري في النهاية إلى دخول مصحة نفسية، تخلص اللجنة إلى أن قرار الدولة الطرف بإعادة السيد مادافيري إلى ماريبيرنونغ والطريقة التي تم بها نقله إلى هناك لـم يستندا إلى تقييم سليم لظروف القضية، بل كانا غير متناسبين معها. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن في هذا القرار والاحتجاز الناجم عنه انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وفي ضوء هذا الاستنتاج المتعلق بالمادة 10، وهي حكم من أحكام العهد يتناول على وجه التحديد حالة الأشخاص المحرومين من حريتهم ويشمل، بالنسبة لهؤلاء، العناصر المنصوص عليها عموما في المادة 7، فليس من الضروري النظر بصورة منفصلة في الادعاءات المندرجة تحت المادة 7.

9-4 وتشير اللجنة إلى أن ادعاء صاحبي البلاغ بانتهاك حقوق السيد مادافيري بموجب الفقرة 1 من المادة 10 والمادة 7 أيضاً على أساس ظروف الاحتجاز أثناء احتجازه في مركز الاحتجاز؛ وادعاءات سوء معاملته بما في ذلك الأحداث التي واكبت ولادة طفله؛ وعلى وجه الخصوص، امتناع الدولة الطرف عن معالجة تدهور حالته الصحية واتخاذ الإجراءات اللازمة. وتذكّر اللجنة بأن السيد مادافيري قضى فترة أولى رهن الاحتجاز في مركز احتجاز المهاجرين ما بين 16 آذار/مارس 2001 وآذار/مارس 2002، ثم وضع رهن الاحتجاز المنزلي بعد صدور قرار الوزير في شباط/فبراير 2002 بناء على الأدلة الطبية. وبالرغم من أن اللجنة تعتبر أنه من المؤسف أن الدولة الطرف لـم تسرع أكثر مما فعلت في تنفيذ قرار الوزير، وهو الأمر الذي أقرت الدولة الطرف أنه استغرق ستة أسابيع، فإنها لا تستنتج أن هذا التأخير في حد ذاته يمثل انتهاكا لأي من أحكام العهد. كما لا تجد اللجنة أن ظروف احتجاز السيد مادافيري أو الأحداث التي واكبت ولادة ابنه أو إعادته إلى مركز الاحتجاز تشكل انتهاكاً لأي من أحكام العهد بشكل يتجاوز الاستنتاج المبين في الفقرة السابقة.

9-5 أما بالنسبة لكون حقوق السيد مادافيري بمقتضى الفقرة 4 من المادة 12 من العهد قد خُرقت بسبب حرمانه تعسفاً من حقه في العيش في بلده، فإنه يجب على اللجنة أولا أن تنظر في ما إذا كانت أستراليا هي بالفعل "بلد" السيد مادافيري لأغراض هذه المادة. وتذكر اللجنة بقرارها السابق في قضية ستيوارت ضد كندا ومفاده أن الشخص الذي يدخل دولة ما بمقتضى قوانين الهجرة المعتمدة فيها ووفقا للشروط التي تضعها تلك القوانين لا يجوز لـه عادة اعتبار تلك الدولة "بلده" إن لـم يحصل على جنسيتها وظل محتفظاً بجنسية بلده الأصلي. ولا يمكن أن يكون ثمة استثناء إلا في حالات محدودة كالحالات التي يتم فيها مثلا وضع عراقيل غير معقولة لمنع الحصول على الجنسية. وتلك الظروف لـم ترد في هذه الحالة كما أن الحجج التي ساقها صاحبا البلاغ ليست كافية للأخذ بالاستثناء. وفي هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أنه لا يمكن للسيد مادافيري الادعاء بأن أستراليا "بلده" لأغراض الفقرة 4 من المادة 12 من العهد. وبالتالي، فإنه لا يمكن أن يكون قد وقع انتهاك لهذه المادة في القضية قيد النظر.

9-6 وبالنسبة لانتهاك المادة 17، تلاحظ اللجنة الحجج التي أقامتها الدولة الطرف على عدم وجود "تدخل"، إذ إن قرار أفراد أسرة السيد مادافيري الآخرين بمرافقته إلى إيطاليا أو البقاء في أستراليا هو أمر يخص الأسرة ولا يتأثر بتصرفات الدولة الطرف. وتكرر اللجنة الإشارة إلى قرارها السابق أن ثمة حالات قد يؤدي فيها رفض الدولة الطرف السماح لواحد من أفراد الأسرة بالبقاء على أرضها إلى التدخل في حياة ذلك الشخص الأسرية. بيد أن مجرد كون واحد من أفراد الأسرة لـه الحق في البقاء في أرض الدولة الطرف لا يعني بالضرورة أن طلب مغادرة أفراد الأسرة الآخرين ينطوي على ذلك التدخل (17) .

9-7 وترى اللجنة، في الحالة التي بين يديها، أن قرار الدولة الطرف إبعاد رب أسرة تضم أربعة أطفال قصَّر وإجبار الأسرة على اختيار مرافقته أو البقاء في الدولة الطرف يعتبر "تدخلا" في شؤون الأسرة على الأقل في ظل الظروف التي قد تنجم عنها، تغييرات هائلة في حياة أسرة مستقرة منذ زمن سواء قررت البقاء أم الرحيل كما هي الحال هنا. وبالتالي تثار مسألة ما إذا كان هذا التدخل يعتبر تعسفيا أم لا ومن ثم مناقضا للمادة 17 من العهد. وترى اللجنة أنه في حالات الإبعاد الوشيك، تكون اللحظة التي يجب فيها البت في هذه المسألة هي لحظة نظرها في القضية. وترى أيضا أنه، في الحالات التي يكون فيها على فرد أو أفراد من الأسرة مغادرة أرض الدولة الطرف بينما يحق فيها للأفراد الآخرين البقاء فيها، يجب النظر في المعيار المتصل بذلك لتقييم ما إذا كان يمكن تبرير ذلك التدخل المحدد في حياة الأسرة في ضوء أهمية الأسباب التي تدفع الدولة الطرف إلى ترحيل الشخص المعني من جهة، وفي ضوء درجة العناء الذي ستلاقيه الأسرة وأفرادها نتيجة لذلك الإبعاد من جهة أخرى. وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تبرر إبعاد السيد مادافيري بوجوده غير الشرعي في أستراليا وعدم أمانته المزعومة في علاقاته بوزارة الهجرة وشؤون تعدد الثقافات و"سوء سيره وسلوكه" النابع من أفعال إجرامية كان قد ارتكبها في إيطاليا قبل عشرين عاما. كما تلاحظ اللجنة أن العقوبات التي كان لا يزال عليه قضاؤها في إيطاليا قد أُسقطت وأنه لـم يعد هناك أمر سار بالقبض عليه. وفي الوقت ذاته، تلاحظ اللجنة المشقة الكبيرة التي ستُفرض على أسرة قائمة منذ 14 عاما. فإن كانت السيدة مادافيري وأولادها سيقررون الهجرة إلى إيطاليا لتلافي تشتت الأسرة، سيكون عليهم ليس فقط العيش في بلد لا يعرفونه ولا يتحدث الأطفال لغته (وقد بلغ أحدهم الثالثة عشرة من العمر وبلغ آخر الحادية عشرة) بل سيكون عليهم كذلك القيام في بيئة غريبة عليهم برعاية زوج وأب تعرضت صحته العقلية لاضطرابات خطيرة تسببت فيها أفعال يمكن أن ينسب بعضها إلى الدولة الطرف. ففي هذه الظروف البالغة الخصوصية، ترى اللجنة أن الأسباب التي قدمتها الدولة الطرف لتبرير قرار الوزير الذي أبطل قرار محكمة الاستئناف الإدارية والذي يقضي بترحيل السيد مادافيري من إيطاليا ليست ملحة بدرجة كافية في هذه الحالة لتبرير التدخل إلى هذه الحد في شؤون الأسرة وانتهاك حق أطفالها في الاستفادة من تدابير الحماية التي يتطلبها وضعهم كقصر. وبالتالي فإن اللجنة ترى أن ترحيل الدولة الطرف للسيد مادافيري يشكل، إذا ما نُفِّذ، تدخلا تعسفياً في شؤون الأسرة، وهو ما يتعارض مع أحكام الفقرة 1 من المادة 17، إلى جانب المادة 23 من العهد إزاء أصحاب البلاغ جميعهم، كما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 24 في ما يتعلق بالأطفال القصر الأربعة بسبب عدم اتخاذ تدابير الحماية الضرورية باعتبارهم قصراً.

9-8 وفي ضوء استنتاج اللجنة بأن ه حدث انتهاك للمادة 17 إلى جانب المادتين 23 و24 من العهد، لأسباب يتصل بعضها بالقرار الذي أبطل به الوزير قرار محكمة الاستئناف، ترى اللجنة أنها ليست في حاجة إلى أن تتناول على حدة الادعاء بأن القرار نفسه اتسم بالتعسف مما يعد انتهاكا للمادة 26 من العهد.

10- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في ضوء الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق السيد فرانشيسكو مادافيري بمقتضى الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك، ترى اللجنة أن ترحيل الدولة الطرف للسيد مادافيري سيشكل، إذا ما نُفِّذ، تدخلا في شؤون الأسرة، وهو ما يتعارض مع أحكام الفقرة 1 من المادة 17، إلى جانب المادة 23 من العهد إزاء أصحاب البلاغ جميعهم، كما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 24 في ما يتعلق بالأطفال القصر الأربعة بسبب عدم اتخاذ تدابير الحماية الضرورية باعتبارهم قصراً.

11- ووفقا للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن على الدولة الطرف التزاما بأن تكفل لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً ومناسباً بما في ذلك الامتناع عن ترحيل السيد مادافيري من أستراليا قبل أن تتاح لـه فرصة ليُنظر في طلبه الحصول على تأشيرة بحكم الزواج مع إيلاء العناية الواجبة للحماية التي يحتاجها الأطفال بصفتهم قصراً. والدولة الطرف ملزمة بتجنب مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.

12- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان العهد قد انتُهك أو لـم يُنتهك، وأنها تعهدت بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آرائها. وعلاوة على ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.

] اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير. [

الحواشي

(1) كان صاحبا البلاغ قد قدما تقريرا أعده طبيب نفسي بتاريخ 4 تموز/يوليه 2001، عبر فيه الطبيب النفسي عن "قلقه البالغ بشأن حالة ]السيد مادافيري[ النفسية في ظل استمرار احتجازه. ومن الوارد ... أن تتفاقم أعراض الاضطراب السلوكي الناجمة عن الضغط العصبي الذي يعاني منه بسبب الاحتجاز المستمر ... وستثار دواعي قلق بالغة ليس فقط بشأن قدرته على إعطاء تعليمات كافية لمستشاريه القانونيين وإنما كذلك بشأن ما إذا كان الأذى الذي سيلحق بنفسيته سيبلغ مبلغاً لن يستطيع معه العودة إلى سابق قدرته ...".

(2) وفقاً لهذا القرار، على الرغم من أن نائب الرئيس أشار بداية إلى أن السيد مادافيري لا يتمتع بحسن الخلق فإنه واصل قائلا إنه "ليس ثمة دليل موثوق به على أنه قد ارتكب أية جريمة منذ منتصف الثمانينيات. ولم يكن عمره يتجاوز الثالثة والعشرين حين أقدم على محاولة الابتزاز الثانية، والرابعة والعشرين حين وقعت المشاجرة داخل السجن. وهو اليوم يبلغ من العمر تسعة وثلاثين عاما ... وأعتقد أنه من غير اللائق الحكم عليه بناء على جرائم ارتكبها منذ وقت طويل في بلد آخر." كما أشارت المحكمة إلى أن بعض الأحكام الصادرة في إيطاليا صدرت غيابيا ومن الممكن أن تكون قابلة للاستئناف أو الطعن إن أراد الاستفادة من سبل الانتصاف تلك. وعلاوة على ذلك، أضافت المحكمة أن تلك الأحكام بالإدانة الصادرة غيابيا غير مسموح بها بمقتضى القانون الأسترالي وبالتالي فإنه ينبغي ألا يقام لها وزن بموجب القضاء الأسترالي. كما أوليت العناية المناسبة لأطفال السيد مادافيري الذين "... يجب إيلاؤهم الاعتبار الأول." والأهمية المعطاة لمصلحة الأطفال تتفق مع قرار المحكمة العليا في قضية وزير الهجرة والشؤون العرقية ضد تييو (1995) 183 CLR 273. إذ خلص القاضي إلى أن "... العوامل المرجحة لمنح التأشيرة، وبالخصوص مصلحة الأطفال، ينبغي تقديمها على العوامل المرجحة لرفض منحها".

(3) في 22 حزيران/يونيه 2002، أبلغت السلطات الإيطالية السيد مادافيري بأنها أسقطت العقوبة التي لـم يقضها وألغت أمر القبض عليه الذي لـم ينفذ.

(4) (1992) 176 CLR 1.

(5) تنص المادة 501 ألف (2) من قانون الهجرة على أنه في الحالة التي يكون لدى الوزير فيها شك معقول في اجتياز الشخص ل‍ "اختبار حسن السير والسلوك"، وإذا لـم يقنعه ذلك الشخص باجتيازه ل‍ "اختبار حسن السير والسلوك"، يجوز للوزير: إلغاء قرار المندوب أو محكمة الاستئناف الإدارية بعدم رفض منح التأشيرة للشخص أو رفض إلغاء التأشيرة التي تم بالفعل إصدارها للشخص؛ رفض منح التأشيرة للشخص أو إلغاء التأشيرة التي مُنحت للشخص فقط في الحالات التي يكون فيها الوزير على اقتناع بأن الرفض أو الإلغاء أمر يخدم المصلحة الوطنية. وتنص الفقرة 501 ألف (6) على أن الشخص لا يجتاز اختبار حسن السير والسلوك في الأحوال التالية: "(أ) إذا كان سجله الجنائي حافلا (وفق ما هو محدد في الفقرة الفرعية (7))؛ (ب) أو إذا كانت هناك علاقة حالية أو سابقة بين هذا الشخص وشخص آخر، أو مجموعة أو منظمة، يشتبه الوزير بأنها ضالعة أو كانت ضالعة في سلوك إجرامي؛ (ج) أو في ضوء أحد الأمرين التاليين أو كليهما: ` 1 ` السلوك الإجرامي للشخص في الماضي والحاضر؛ ` 2 ` والسلوك العام للشخص في الماضي والحاضر؛ ولا يعتبر هذا الشخص حسن السلوك؛ (د) أو في حال السماح للشخص بدخول أستراليا أو البقـاء فيها، هناك خطر كبير أن يقوم هذا الشخص بـما يلي: ` 1 ` ممارسة سلوك إجرامي في أستراليا؛ ` 2 ` أو التحرش بشخص آخر في أستراليا أو مضايقته أو ترهيبه أو تعقبه؛ ` 3 ` أو تحقير شريحة ما من شرائح المجتمع الأسترالي؛ ` 4 ` أو الحض على الفرقة داخل المجتمع الأسترالي أو في إحدى شرائح ذاك المجتمع؛ ` 5 ` أو تشكيل خطر على المجتمع الأسترالي أو على أية شريحة من ذاك المجتمع سواء كان ذلك عن طريق احتمال ضلوعه في أنشطة تعكر صفو المجتمع أو تلك الشريحة، أو في أعمال عنف تهدد أيا منهما بالضرر، أو بأي شكل آخر. وإلا فإن الشخص يعتبر حسن السلوك".

وورد تعريف عبارة "السجل الإجرامي الحافل"، لأغراض اختبار حسن السير والسلوك، في الفقرة الفرعية 501(7) لينطبق على الحالات التي: "(أ) تم فيها الحكم على الشخص بالإعدام؛ (ب) أو تم فيها الحكم على الشخص بالسجن المؤبد؛ (ج) أو تم فيها الحكم على الشخص بعقوبة سجن مدتها 12 شهرا أو أكثر؛ (د) أو تم فيها الحكم على الشخص بعقوبة السجن مدتين أو أكثر (سواء كان ذلك في مناسبة واحدة أو أكثر) بحيث يبلغ مجموع تلك العقوبات عامين أو أكثر؛ (ه‍) أو تمت تبرئة الشخص من جريمة ما بناء على فساد عقله أو جنونه فاحتجز نتيجة لذلك في مرفق أو مؤسسة".

(6) توضح الدولة الطرف أنه، إضافة إلى الأحكام التشريعية، وُضعت بعض التوجيهات بمقتضى المادة 499 من قانون الهجرة تكفل ممارسة السلطات المخولة بموجب هذا القانون على نحو مناسب ومتسق. ويعرض الوزير تلك التوجيهات على البرلمان. ولا تحد تلك التوجيهات من السلطة التقديرية التي يتمتع بها صانع القرار أو تسمح باتخاذ قرارات غير مناسبة. وفي وقت صدور القرار برفض طلب السيد مادافيري الحصول على التأشيرة، كان التوجيه رقم 17 هو الذي يتناول رفض وإلغاء التأشيرات في إطار المادة 501. وهو ينص على توجيهات بشأن أمور منها تطبيق اختبار حسن السير والسلوك المذكور في القانون.

(7) القضية رقم 538/1993.

(8) القضية رقم 112/81.

(9) فيما يتعلق بطبيعة الحقوق موضوع النقاش، تشير الدولة الطرف إلى القضايا التالية المتعلقة بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان كي تبرهن على أن إجراءات الإبعاد ليست "دعاوى قانونية". قضية أدجي ضد المملكة المتحدة، 7729/76، دي. آر 7، 164، التي تعلقت بالحق في الإقامة في بلد وبإبعاد شخص أجنبي؛ وقضية مجهول ضد المملكة المتحدة، 7902/77، دي. آر 9، 224، التي تناولت إنهاء تصريح إقامة منح لأجنبي وقرار إبعاده؛ أبال ومن معه ضد المملكة المتحدة، 8244/78 دي. آر 17، 149، وتناولت طلبا للحصول على تصريح إقامة.

(10) تحيل الدولة الطرف، في هذا الصدد، إلى قضية ويناتا ضد أستراليا، القضية رقم 930/2000، التي قررت فيها اللجنة أن "مجرد أن لأحد أفراد الأسرة الحق في البقاء في أراضي دولة طرف لا يعني بالضرورة أن مطالبة أفراد الأسرة الآخرين بالمغادرة تنطوي على ... تدخل". كما تحيل إلى قضايا أخرى عديدة أثيرت بمقتضى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لدعم حجتها بأن توقُّع مواصلة العيش في إقليم من أقاليم بلد ما حيث يقيم أحد أفراد الأسرة بصورة غير شرعية لا يستند إلى أساس قانوني.

(11) تحيل الدولة الطرف إلى قضية مستقيم ضد بلجيكا المرفوعة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (1991) 802EHRR13، الصفحة 814 من النسخة الإنكليزية.

(12) وفقاً لصاحبي البلاغ، قدم موظف وزارة الهجرة، جون يونغ، عددا من التقارير الطبية إلى وزارة الهجرة بما في ذلك تقرير الدكتور أردوكا الذي قال فيه "هذه الحالة من الصراع العقلي الشديد، حسب تقديري، تُعرض السيد مادافيري لخطر كبير يتمثل في إيذائه لنفسه. إن أخذه من بيته وأسرته ووضعه رهن الاحتجاز سيفاقم هذا الخطر بشكل كبير".

(13) ظل السيد مادافيري مريضا غير طوعي قرابة ستة أشهر. ومنذ ذلك الحين وهو يقيم مع أسرته ويتلقى علاجا نفسيا. ويبدو أنه ليس لائقاً بعد للسفر.

(14) يقولان إن التوجيه رقم 17 قد خضع للمراجعة القضائية ثم استعيض عنه لاحقا بالتوجيه رقم 21.

(15) لم يقدم صاحبا البلاغ أية حجج أخرى.

(16) سي ضد أستراليا ، القضية رقم 900/1999.

(17) ويناتا ضد أستراليا ، القضية رقم 930/2000.

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

لا أعترض على الآراء التي اعتمدتها اللجنة في هذه القضية. غير أنني لا أشارك في توافق الآراء الذي اعتمدت به اللجنة تلك الآراء بسبب ما أعتبره مخالفات للأصول في الإجراء الذي أدى إلى اعتمادها.

( توقيع): نيسوكي أندو

] اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير. [

رأي فردي لعضو اللجنة السيدة روث ويدجوود

في أستراليا، يجري البت في طلبات الحصول على التأشيرة بناء على معيار قانوني يتلخص في "المصلحة العامة". وفي هذا التقييم، من الممكن اعتبار "سجل السوابق الإجرامية للشخص" و"سلوك الشخص عموما" دليلا على انعدام "حسن السير والسلوك". وأي رفض لمنح التأشيرة من قبل موظف أدنى درجة يمكن أن يعاد فيه النظر من قبل محكمة الاستئناف الإدارية التابعة لوزارة الهجرة وشؤون تعدد الثقافات.

غير أن عملية الاستئناف الإداري في آخر الأمر ليس لها أثر إلزامي، إذ يحتفظ وزير الهجرة بسلطة قانونية مستقلة لإلغاء قرار بالقبول صادر عن موظف أقل درجة أو عن المحكمة. ويمكن للوزير أن يفعل ذلك إذا "كان لديه شك معقول بأن الشخص لا يجتاز اختبار حسن السير والسلوك"، وإذا لـم يقنعه صاحب الطلب بعكس ذلك، وإذا وجد أن رفض منح التأشيرة "يخدم المصلحة الوطنية". وهذا الإلغاء لا يفتقر إلى الموضوعية كما يبدو، إذ إن "السجل الإجرامي الحافل" أساس قانوني لاستنتاج انعدام حسن السير والسلوك، وأن أي "عقوبة بالسجن لمدة 12 شهرا أو أكثر" تشكل "سجلا إجراميا حافلا".

وكان السيد فرانشيسكو مادافيري، وهو أحد مقدمي هذا البلاغ، قد تعرض لرفض طلبه الحصول على تأشيرة من قبل وزير الهجرة بسبب سجله الإجرامي الطويل. وكانت محكمة الاستئناف الإدارية تميل إلى التساهل معه أكثر مما فعل الوزير، ولكن محكمة الاستئناف الإدارية أوردت أيضاً سجلاً إجرامياً يتجاوز بكثير ما نوهت إليه اللجنة في آرائها، انظر الحاشية 2 أعلاه (1) .

واللجنة، إذ تحتج بالمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تسعى الآن إلى منع قرار الوزير ترحيل السيد مادافيري. فالمادة 17 تحظر "التدخل التعسفي أو غير القانوني" في حياة الأسرة. بيد أن قرار الدولة الطرف النهائي بشأن السيد مادافيري ليس تعسفيا ولا منافيا للقانون. والتعاطف الإنساني الذي يمكن الشعور به تجاه طالب تأشيرة وأسرته لا يبيح إغفال معايير معقولة في منح التأشيرات أو رفض منحها. ويحق للدول استبعاد الأشخاص الذين لهم تاريخ طويل في السلوك الإجرامي. ومن الواضح أن الإدانات السابقة وعقوبات السجن السابقة التي صدرت ضد السيد مادافيري فيها ما يكفي ويزيد لتلبية الشرط القانوني المتمثل في "السجل الإجرامي الحافل" كأساس لقرار الوزير الأسترالي.

ولا تملك اللجنة مسوِّغا واضحا لفرض ما رجحته فيما يتعلق بالأهمية النسبية للحماية من السلوك الإجرامي المتكرر مقابل تقليص الأعباء الأسرية. ففي كل عام، تُتخذ ملايين القرارات المتعلقة بالهجرة، ولا يحق لنا "قلب قرارات" حكومات الدول لمجرد أننا قد نقيم للأمور وزنا مختلفا. كما لا يبين السجل وجود أي مشقة دائمة في عودة السيد مادافيري إلى إيطاليا. فإيطاليا كانت بلده الأم إلى أن بلغ الثامنة عشرة من عمره. ولأسرته الحق في الإقامة معه في إيطاليا.كما أن لـه ثلاث أخوات في إيطاليا حسب المعلومات التي كشفتها المحكمة الإدارية الأسترالية وأطفاله الصغار نسبيا يفهمون الإيطالية نظراً لاستخدامها في بيت الأسرة وإن كانوا يتحدثون الإنكليزية. والسيد مادافيري يملك القدرة على إدارة تجارة صغيرة كما كان يفعل في أستراليا. ولا يواجه السيد مادافيري الحبس أو السجن لدى عودته إلى إيطاليا. ومن الواضح أن الدولة الطرف لم تكن تستطيع ترحيل السيد مادافيري ما لـم تسمح حالته الصحية بالسفر في ذلك الوقت.

ثم إن أستراليا تطبق مبدأ قانون مسقط الرأس الذي يمنح الجنسية لكل طفل يولد على أراضيها. غير أن ولادة طفل وحدها لا تحمي أحد أبويه من نتائج دخوله غير الشرعي إلى البلد، والحكم بعكس ذلك قد يجعل من العسير جدا إنفاذ قوانين الهجرة. وفي الحالة التي بين أيدينا ليس التفريق بين أفراد الأسرة حتمياً ولم يثبت وجود أية مشكلة في احتفاظ الأطفال بجنسيتهم الأسترالية. وكما لاحظ من خالفوا اللجنة رأيها في قضية ويناتا ضد أستراليا ، رقم 930/2000، فإن المادة 17 من العهد لا تتطابق مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وإن اختبار "التغييرات الكبيرة في حياة الأسرة المستقرة منذ زمن" قد لا يتلاءم مع عهد عالمي يتحدث عن "التدخل التعسفي أو غير القانوني" في الحياة الأسرية.

(توقيع): روث ويدجوود

] اعتمد بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير. [

الحاشية

(1) في عام 1980، قام السيد مادافيري، وفقا لمحكمة الاستئناف، بدور "الوسيط" في مخطط ابتزاز عنيف -- إذ فجَّر أشخا ص مجهولون قنبلة في منزل ثلاثة أخوة وطلبوا منهم مبلغاً من المال، وذهب السيد مادافيري نيابة عنهم لتسلم الأموال المبتزة وقدرها 3 ملايين ليرة في مكان متفق عليه مسبقا، ووُعد بالحصول على 500 ألف ليرة مقابل ذلك. وحكم عليه بالسجن 22 شهرا مع إيقاف التنـفيذ. وفي واقعة أخرى حدثت في عام 1980، أدين بطعن ضحية في سيرينيو، بإيطاليا، طعنات عدة في الظهر والبطن، وحكم عليه بالسجن 30 شهرا، لكن عقوبته ألغيت لاحقا في إطار عفو عام. وفي عام 1982، طعن رجلا أثناء عراكه مع أخ الضحية الأكبر، وأدين بالتسبب في أضرار شخصية بالغة في ظروف مشدِّدة للعقوبة، وحكم عليه بالسجن ثمانية أشهر. وفي نفس الحادث، ضُبط في حوزته 321 ملليغراماً من الهيرويين و45 ملليغراماً من المورفين الأحادي الأسيتيل و107 ملليغرامات من الكوكايين، وحكم عليه بالسجن 40 شهرا مع دفع غرامة قدرها 5 ملايين ليرة. وفي عام 1984، بينما كانت هذه التهم لا تزال قيد النظر، شارك ثانية في مخطط ابتزاز طلب فيه مالا من ضحية أخرى وقام بتهديدها هاتفياً. وحكم عليه بالسجن ثلاثين شهرا وبغرامة قدرها 1.5 مليون ليرة. ثم خُفف الحكم إلى السجن عامين وغرامة مليون ليرة. وقد وُقِّعت جميع هذه الأحكام بالإدانة في إيطاليا في حضور المدعى عليه. وبالإضافة إلى ذلك، صدر ضده حكمان غيابيان بالإدانة بتهمة استلام مسروقات والاعتداء على زميل في السجن، وقد ألغتهما آنذاك السلطات الإيطالية.

ضاد - البلاغ رقم 1015/2001، برترر ضد النمسا (الآراء التي اعتمدت في 20 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السيد بول برترر (يمثله المحامي السيد ألِكساندر ه‍ . إ. موراوا)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: النمسا

تاريخ البلاغ: 31 تموز/يوليه 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 20 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1015/2001، المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد بول برترر بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد بول برترر، وهو مواطن نمساوي يدعي أنه ضحية لانتهاكات النمسا (1) للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وللمادة 26 منه. ويمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ في عام 1980، موظفاً في بلدية سالفلدن التابعة لمحافظة سالزبرغ. وفي عام 1981، عيِّن رئيساً للمكتب الإداري للبلدية. وفي 31 كانون الثاني/يناير 1996، قدَّم رئيس بلدية سالفلدن إلى اللجنة التأديبية لموظفي بلديات محافظة سالزبرغ شكوى تأديبية ضد صاحب البلاغ مدعياً فيها، ضمن جملة أمور، أن صاحب البلاغ لم يحضر جلسات محاكمةٍ عُقدت بشأن مشاريع بناء، وبأنه استخدم موارد المكتب لأغراضٍ شخصية، وكان يتغيب أثناء أوقات الدوام، فضلاً عن ارتكابه مخالفات مهنية أخرى. وعلاوةً على ذلك، ادعى رئيس البلدية أن السلوك الشخصي لصاحب البلاغ قد شوه سمعته وأفقده ثقة الناس.

2-2 وفي 29 شباط/فبراير 1996، أقام مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية إجراءات قضائية ضد صاحب البلاغ، وفي 28 أيار/مايو 1996، قام بعزله من منصبه وبتخفيض المرَتَّب الذي يتقاضاه بنسبة الثلث. وفي 4 حزيران/يونيه 1996، اعترض صاحب البلاغ على شكوى رئيس مجلس المحاكمة، السيد غونترام ماير، عملاً بالفقرة 3 (2) من المادة 124 من القانون الاتحادي لموظفي الخدمة المدنية. وفي أثناء جلسة عقدها مجلس المحاكمة في حزيران/يونيه 1996، رفض رئيس المجلس شخصياً هذا الاعتراض، مدعياً أن قانون سالزبرغ لموظفي الخدمة المدنية العاملين في البلديات (3) فضلاً عن القانون الاتحادي لموظفي الخدمة المدنية (القانون الاتحادي) لم يجيزا سوى الاعتراض على أعضاء المجلس وليس على رئيسه.

2-3 وبعدما قدم صاحب البلاغ إلى اللجنة التأديبية تقريراً طبياً صادراً عن طبيب أخصائي في أمراض الأعصاب يؤكد فيه أن الحالة الصحية لصاحب البلاغ لا تسمح لـه بالمثول أمام المحكمة، زُعم أن رئيس مجلس المحاكمة قد أحال هذا التقرير إلى الهيئة الإدارية الإقليمية في زِلّ آم سي، التي أوعزت في 7 آب/أغسطس 1996 إلى صاحب البلاغ بالخضوع إلى فحص طبي لتقدير مدى قدرته على قيادة مركبة. وفي وقت لاحق، رفع صاحب البلاغ دعوى جنائية ضد الرئيس، السيد ماير، لإخلاله بقواعد السرية أثناء تَوَلّيه وظيفة عامة. وقد رُفضت هذه الشكوى في وقت لاحق.

2-4 وفي 4 تموز/يوليه 1996، أنهى مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية خدمة صاحب البلاغ. ولدى تقديم صاحب البلاغ طلباً باستئناف هذا القرار، أصدرت لجنة الطعون التأديبية الخاصة بموظفي البلديات في 25 أيلول/سبتمبر 1996 قراراً بإحالة هذه القضية مجدداً إلى اللجنة التأديبية بحجة أن مشاركة الرئيس تشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في محاكمةٍ عادلة، نظراً لأن الحق في الاعتراض على عضو من أعضاء مجلس المحاكم يشمل أيضاً رئيس المجلس.

2-5 وفي 26 آذار/مارس 1997، قام مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية، برئاسة السيد ميكائل سيكون، برفع دعوى قضائية ثانية ضد صاحب البلاغ. وفي جلسة عقدها المجلس في نيسان/أبريل 1997، اعترض صاحب البلاغ على تكوين مجلس المحاكمة مجادلاً بأن العضوين اللذين عينتهم بلدية سالفلدن يفتقران إلى الحياد والنزاهة نظراً لكونهما موظَفين أو عاملَين في البلدية. غير أن المجلس رفض هذه الاعتراضات، وأصدر في 1 آب/أغسطس 1997 قراراً جديداً بفصل صاحب البلاغ من الخدمة. وفي قرارٍ غير مؤرخ، أيدت لجنة الطعون القرار المذكور. وفي 2 كانون الأول/ديسمبر 1997، أوقفت بلدية سالفلدن دفع المرتب المخفض لصاحب البلاغ، فضلاً عن دفع أقساط تأمينه بموجب برنامج التأمين الصحي العام.

2-6 وفي 7 كانون الثاني/يناير 1998، قدم صاحب البلاغ إلى المحكمة الدستورية النمساوية شكوى بشأن قرار لجنة الطعون، مدعياً فيها حدوث انتهاكاتٍ لحقه في محاكمةٍ منصفة أمام محكمة منشأة بموجب القانون. وفي 11 آذار/مارس 1998، رفضت المحكمة منح إذن الاستئناف وأحالت القضية إلى المحكمة الإدارية التي قامت في 10 شباط/فبراير 1999 بتنحية قرار لجنة الطعون، معتبرةً أن صاحب البلاغ قد حُرم حرماناً غير مشروع من ممارسته حقه في الاعتراض على أعضاء مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية.

2-7 وإثر إحالة لجنة الطعون المسألة مجدداً إلى اللجنة التأديبية، أقام مجلس المحاكمة، بموجب قرار إجرائي اتخذه في 13 تموز/يوليه 1999، دعوى ثالثة ترمي كذلك إلى فصل صاحب البلاغ من عمله. وفي وقت لاحق، اعترض صاحب البلاغ على رئيس المجلس، السيد ميكائل سِيكون، وعلى عضوين آخرين من أعضائه عينتهم الحكومة المحلية، نظراً لعدم حيادهما لمشاركتهما في الدعوى الثانية وتصويتهما تأييداً لفصله. وصدر في 3 آب/أغسطس 1999 قرار إجرائي بتغيير رئيس مجلس المحاكمة بالرئيس البديل، السيد غونترام ماير، الذي كان قد ترأس المجلس أثناء الدعوى الأولى وكان قد رفض التنازل عن قراره عندما اعترض عليه صاحب البلاغ ورفع عليه دعوى جنائية. ثم أكد صاحب البلاغ اعتراضه من جديد، ولا سيما على السيد ماير الذي اعتبره متحيزاً مبدئياً نظراً لموقفه في الدعوى السابقة. وفي 16 آب/أغسطس 1999، قام الرئيس بإبلاغ صاحب البلاغ بأن السيد سِيكون سيتولى رئاسة المجلس مجدداً.

2-8 وفي وقت لاحق، قدم صاحب البلاغ شكويين إلى المحكمة الدستورية ضد القرارين الإجرائيين الصادرين في 13 تموز/يوليه و3 آب/أغسطس 1999، مدَّعياً حدوث انتهاكات لحقه في محاكمة أمام محكمة منشأة بموجب القانون وذلك بسبب تشكيل مجلس المحاكمة، وطالباً في الوقت ذاته من المحكمة أن تعيد النظر في دستورية قانون سالزبرغ لموظفي الخدمة المدنية العاملين في البلديات (قانون سالزبرغ)، لأنه ينص على مشاركة أعضاء منتدبين من قبل البلدية المهتمة بالأمر. وفي 28 أيلول/سبتمبر 1999، رفضت المحكمة الدستورية الشكويين، ثم رفضتهما المحكمة الإدارية في 21 حزيران/يونيه 2000، إثر إحالة هذه المسألة إليها.

2-9 وفي غضون ذلك، أمرت اللجنة التأديبية في 23 أيلول/سبتمبر 1999 بفصل صاحب البلاغ من الخدمة بعدما رفضت طلباً رسمياً باستدعاء شهودٍ للدفاع وبقبول مزيدٍ من الأدلة. وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 1999، قدم صاحب البلاغ استئنافاً ضد قرار فصله عن العمل إلى لجنة الطعون، التي أيدت قرار مجلس المحاكمة الصادر في 6 آذار/مارس 2000، دون عقد جلسة استماع وبعد اعتراض صاحب البلاغ على رئيس المجلس (الذي استبدل فيما بعد) وعلى العضوين الذين عينتهما الحكومة المحلية، وذلك بالنظر إلى مشاركتهم في اتخاذ قراراتٍ سابقة بشأن قضيته. وفي 14 آذار/مارس 2000، قامت بلدية سالفلدن من جديد بوقف دفع المرَتَّب المخفض لصاحب البلاغ، فضلاً عن التوقف عن دفع أقساط تأمينه الصحي.

2-10 وفي 25 نيسان/أبريل 2000، قدم صاحب البلاغ إلى المحكمة الإدارية شكوى ضد قرار لجنة الطعون الصادر في 6 آذار/مارس 2000، يعترض فيها على تكوين مجلسي المحاكمة والطعون، وعلى رفض مجلس المحاكمة الاستماع إلى شهود الدفاع والقبول بمزيدٍ من الأدلة، وعلى مخالفاتٍ إجرائية أخرى. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، رفضت المحكمة شكوى صاحب البلاغ بحجة عدم استنادها إلى أسسٍ سليمة. وبالإشارة إلى قرارٍ سابق بشأن قضيةٍ مختلفة، رفضت المحكمة اعتراض صاحب البلاغ على معاودة تَوَلّي السيد سِيكون رئاسة مجلس المحاكمة أثناء نظره في الدعوى الثالثة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاكات لحقوقه بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14، مقروءةً بالاقتران مع المادة 25، وبمقتضى المادة 26 من العهد، لأن محاكمته لم تكن "منصفة" ولا "علنية" ولم تُعقَد بسرعة، إنما تأخرت تأخيراً لا واجب لـه وأجرتها هيئات متحيزة ضده. وهو يجادل بأن الإجراءات المتعلقة بمسائل التوظيف هي "دعاوى قضائية" تندرج في إطار الفقرة 1 من المادة 14، بصرف النظر عن وضع أحد الأطراف (4) .

3-2 ويقر صاحب البلاغ بأنه يجوز للدول الأطراف أن تنشئ محاكم متخصصة تتناول، في جملة ما تتناوله، المنازعات المتعلقة بتوظيف موظفي الخدمة المدنية، ما دام إنشاء هذه المحاكم يستند إلى معايير معقولة وموضوعية وما دامت هذه المحاكم مستقلة ونزيهة. ولكن بما أن البلدية المعنية قامت، عملاً بالفقرة 5 من البند 12 من قانون سالزبرغ، بانتداب عضوين من أعضاء المجلسين لم يُستخدَما إلا من أجل محاكمة ٍواحدة تحديداً، فقد أُخِلَّ بذلك بمبدأ وجوب استقلالية المحكمة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعن أطراف الدعوى. كما يجادل صاحب البلاغ بأن فترات ولاية الرئيس والأعضاء هي عامل هام في تقييم مدى استقلالية أعضاء المحكمة (5) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن حقه في محاكمة علنية بموجب الفقرة 1 من المادة 14 قد انتهك لأن جلسات مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية كانت مغلقة عملاً بالفقرة 3 من المادة 124 من القانون الاتحادي، ولأن لجنة الطعون والمحكمتين الدستورية والإدارية لم تعقد أية جلسات فيما يتعلق بقضيته. ولم يكن هناك أية "ظروفٍ استثنائية" (6) تبرر استبعاد الجمهور.

3-4 ويرى صاحب البلاغ أنه، بخلاف مبدأ وجوب عدم تبني القضاة أفكاراً مسبقة بشأن المسألة المعروضة عليهم، فإن عدداً من أعضاء مجلس المحاكمة، لدى نظرهم في الدعوى الثالثة، كانوا بالضرورة متحيزين، حيث إنهم إما ظلوا يعملون في بلدية سالفلدن أو لأن صاحب البلاغ كان قد اعترض عليهم في السابق. وعلى وجه الخصوص، فإن استئناف السيد سِيكون لرئاسة مجلس المحاكمة بعد اعتراض صاحب البلاغ عليه وإبداله بالسيد ماير، الذي كان هو الآخر موضع اعتراض صاحب البلاغ بسبب الدور الذي اضطلع به أثناء الدعوى الأولى، قد أوجد سبباً "مفهوماً ومشروعاً ويمكن إثباته" للاشتباه في تحيز كلا الرئيسين ضد صاحب البلاغ نظراً لاعتراضه عليهما.

3-5 ويعتقد صاحب البلاغ أن مجلس المحاكمة قد خدم مصالح الطرف الآخر بتقديمه شهوداً للادعاء مع نسخٍ من الإفادات التي أدلوا بها أثناء الإجراءات القضائية الأولى والثانية، وبالسماح لهم بالاقتباس من إفاداتهم السابقة، وبرفض طلبات صاحب البلاغ استدعاء شهود وطلبه قبول المزيد من الأدلة. ويزعم أن مجلس المحاكمة قد حرَّف محضر محاكمة عام 1999 حتى يبدو الأمر وكأن شهود الادعاء قد أدلوا بشهادات أصلية.

3-6 وادُعي أن المحضر المحرَّف لم يُحَل لمحاميه إلا بعد انقضاء أسبوعين ونصف الأسبوع على المهلة المحددة لتقديم طلب استئناف ضد قرار اللجنة التأديبية بفصله من وظيفته الذي صدر في 23 أيلول/سبتمبر 1999 فحُرِم بذلك من فرصة اكتشاف المخالفات الإجرائية وتوجيه انتباه أعضاء لجنة الطعون إليها. هذه المخالفات، فضلاً عن قرار مجلس المحاكمة بالاستماع حصراً إلى شهود الادعاء، قد انتهكت أيضاً حقه في تكافؤ وسائل الدفاع، الذي تكفله الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-7 ويرى صاحب البلاغ أن طول مدة الإجراءات، التي كبدته مصروفاتٍ قدرها 1.2 مليون شلن نمساوي أنفقها على أتعاب المحامين، والتي استغرقت نحو خمس سنوات، بدءاً بتقديم رئيس بلدية سالفلدن شكوى تأديبية ضده، وانتهاءً في 8 كانون الثاني/يناير 2001 بتلقيه الحكم النهائي للمحكمة الإدارية في 31 كانون الثاني/يناير 1996، يشكل تأخيراً غير معقول ينتهك حقه في محاكمة عادلة بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14. وهو يجادل بأن مضمون الإجراءات، وأن كان ذا أهمية خاصة بالنسبة إليه، لم يكن معقداً، وقد تأكد ذلك عندما اتخذ مجلس المحاكمة قراره في 23 أيلول/سبتمبر 1999 ولم يكن قد مضى سوى ساعة واحدة على المداولات ولم يتجاوز طول نص القرار الخمس صفحات. والدولة الطرف هي المسؤولة عن حالات التأخير التالية التي بلغ طول مُدَدِها مجتمعةً ثلاث سنوات، ذلك لأن الإجراءات القضائية الأولى والثانية قد اعتبرت لاغية وباطلة لأنها جرت أمام مجلسي محاكمة كان تشكيلهما مخلاً إخلالاً بَيِّناً بأحكام القانون الإجرائي المحلي: (أ) من 4 حزيران/يونيه 1996، عندما رفض رئيس مجلس المحاكمة في الدعوى الأولى التنحي عن الرئاسة، ولغاية 26 آذار/مارس 1997، عندما أنشئ مجلس محاكمة جديد؛ و(ب) من 8 نيسان/أبريل 1997، عندما اعترض صاحب البلاغ على أعضاء في مجلس المحاكمة في الدعوى الثانية، ولغاية 13 حزيران/يونيه 1999، عندما شكل مجلس المحاكمة في الدعوى الثالثة.

3-8 ويقول صاحب البلاغ إنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وأن المسالة ذاتها ليست قيد النظر في إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 اعترضت الدولة الطرف، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، على مقبولية البلاغ، مجادلةً بأنه يتنافى ومضمون الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وبأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية.

4-2 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يعرض على المحاكم المحلية ادعاءاته بشأن عدم علنية الإجراءات، فضلاً عن المخالفات المزعومة فيما يتعلق بمحاضر محاكمة عام 1999. ولئن كان عدم عرض ادعائه بشأن المخالفات على لجنة الطعون قد يبرره "حدوث تأخير محتمل في إعداد" المحاضر، فإن ذلك لا ينطبق على الشكاوى التي قدمها بعد ذلك إلى المحكمتين الدستورية والإدارية. كذلك أثار صاحب البلاغ قضايا مفادها أن بلدية سالفلدن قد عينت عضوين من أعضاء مجلس المحاكمة لبحث الدعوى الثالثة وأن شهود الادعاء لم يزوَّدوا بنسخٍ من الشهادات التي كانوا قد أدلوا بها قبل ذلك إلا عندما قدم هو طلب الاستئناف إلى لجنة الطعون، دون تأكيد هذا الإدعاء في الشكوى التي قدمها فيما بعد إلى المحكمة الإدارية.

4-3 وتجادل الدولة الطرف بأن العيوب الإجرائية الوحيدة التي أثارها صاحب البلاغ في طلب الاستئناف الذي قدمه إلى المحكمة الدستورية في 25 نيسان/أبريل 2000 تتعلق برفض طلباته بالاستماع إلى شهود الدفاع، وبقبول المزيد من الأدلة، وبالتحيز المزعوم من جانب أعضاء اللجنة التأديبية، وعدم عقد لجنة الطعون جلسة استماع، وطول مدة الإجراءات. وفيما يتعلق بالمخالفة الأخيرة، لم يستنفد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعائه بأن الإجراءات قد تأخرت تأخيراً غير معقول، فهو لم يعترض على هذا التأخير إلا بأثر رجعي، دون الاستفادة من الإمكانات المتاحة لتقديم طلبٍ بنقل الاختصاص، يمَكِّن الأفراد من رفع قضية أمام السلطة الأعلى المختصة إن لم يبَتّ في الأمر في غضون ستة أشهر، أو تقديم شكوى إلى المحكمة الإدارية عن عدم بت الإدارة فيه في غضون فترةٍ زمنية محددة، بغية اختصار مدة الإجراءات.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أنه كان حرياً بصاحب البلاغ أن يتقدم بطلب أمام المحكمة الدستورية ملتمساً منها أن تنتصف لـه على انتهاك حقه في محاكمة عادلة ومستَشهداً بمبدأ منع التعسف، وهو مبدأ يكفله الدستور، بدلاً من أن يقدم إلى المحكمة الإدارية طلباً باستئناف القرار الصادر في 6 آذار/مارس 2000 عن لجنة الطعون، التي تقتصر اختصاصاتها على استعراض شرعية القرارات الإدارية بمقتضى القانون العام. وتخلص الدولة الطرف إلى عدم مقبولية البلاغ بمقتضى الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وفي الختام، تجادل الدولة الطرف بأن البلاغ، بحكم موضوعه، غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري، لأن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد لا تسري على ما يحدث بين السلطات الإدارية وموظفي الخدمة المدنية الممارسين لصلاحيات متأصلة في طبيعة الخدمة العامة من منازعات تتعلق بقبول هؤلاء الموظفين أو بتدرجهم الوظيفي أو بإنهاء خدمتهم بموجب أحكام القانون العام (7) .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشان مقبولية البلاغ

5-1 يجادل صاحب البلاغ، في رسالةٍ مؤرخة 27 كانون الثاني/يناير 2001، بأن الدولة الطرف نفسها تقر بأنه أثار مسألة تحيز مجلس المحاكمة في الدعوى الثالثة، ومسألة رفض المجلس طلبات الاستماع إلى شهود الدفاع وقبول المزيد من الأدلة، ومسألة عدم عقد لجنة الطعون جلسة استماع، ومسألة التأخير غير المعقول في الإجراءات أمام المحكمة الإدارية، ويخلص بذلك إلى أن الدولة، بإقرارها ذلك قد اعترفت بأنه استنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذه الادعاءات.

5-2 ويرفض صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف بأنه لم يتقدم إلى المحكمة الدستورية بطلب لإنصافه على انتهاك حقه في محاكمة عادلة، يستشهد فيه بمبدأ منع التعسف المكفول دستورياً، مبيناً أنه كان قد قدم أثناء الدعوى الثالثة شكوى إلى المحكمة الإدارية مباشرةً تتعلق بقرار فصله من العمل، وأنه قد فعل ذلك لأن المحكمة الدستورية كانت قد رفضت سابقاً النظر في ما قدمه أثناء الدعوى الثانية من شكاوى مماثلة من حيث الجوهر تتعلق بقرار فصله من العمل وبالقرارين الإجرائيين الصادرين في 13 تموز/يوليه و3 آب/أغسطس 1999، وأحالتها إلى المحكمة الإدارية. وكان قد ادعى في هذه الشكاوى حدوث انتهاكات لحقه في محاكمة عادلة، وبخاصة أمام محكمةٍ مُنشأة بمقتضى القانون، وفي حالةٍ واحدة، طلب من المحكمة الدستورية أن تعيد النظر في دستورية قانون سالزبرغ بشأن مشاركة أعضاء تكلفهم البلدية. وبالإشارة إلى الاجتهادات القضائية للجنة، يدعي صاحب البلاغ أنه غير ملزَم بأن يقدم شكوى ما إلى السلطات المحلية مراراً وتكراراً إذا ما سبق لها أن رفضتها (8) .

5-3 ويعترض صاحب البلاغ على حجة الدولة الطرف بأنه لم يتمكن من أن يثبت أمام القضاء المحلي أن محضر جلسة المحاكمة الثالثة قد حُرِّف، زاعماً أنه لم يُسمح لمحاميه أن يطَّلع على المحضر، ولم يُكتشف بالتالي ما تم من تحوير لإفادات الشهود إلا عندما استعرض المحامي ملف القضية من أجل تقديم هذه الشكوى. وهو يقول إن مسؤولية عدم إحالة المحضر إليه في الوقت المقرر تعود إلى الدولة الطرف، التي ينبغي لها بالتالي أن تكف عن الادعاء بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد. ويخلص صاحب البلاغ إلى أنه قد أُتيحت للدولة الطرف فرصة إنصافه على الانتهاكات المزعومة، ذلك لأن جميع الشكاوى التي قدمها إلى اللجنة كانت قد طرحت من حيث جوهرها أمام محكمتي النمسا الدستورية والإدارية.

5-4 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف من حيث مضمونه، يقول صاحب البلاغ إن الفقرة 1 من المادة 14 تسري، حسب الاجتهادات القضائية للجنة (9) ، على الإجراءات المتعلقة بفصل موظفي الخدمة المدنية من عملهم. ويأتي ذلك تطبيقاً للمبدأ القائل بضرورة تفسير معاهدات حقوق الإنسان بأكثر الطرق ملاءمةً للفرد (10) ، كما يأتي من تحليل "سياقي" في ضوء المادة 25 من العهد، وهي مادة لا يوجد ما يقابلها في الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتبين أن نطاق الفقرة 1 من المادة 14 هو أوسع من نطاق الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية. وعلاوةً على ذلك، فإنه يقترح على اللجنة ألا تتبع النهج التقييدي والمصطنَع الذي اتبعته المحكمة الأوروبية في قضية بِلِغران ضد فرنسا ، والذي استُبعد فيه موظفو الخدمة المدنية الذين "يمارسون قدراً من سلطة الدولة" من الحماية التي تنص عليها الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية (11) .

5-5 وفي الختام، يقول صاحب البلاغ إن حجة الدولة الطرف بأنه كان بإمكانه تعجيل خطى الدعاوى لو أنه طلب نقل الاختصاص أو قدم شكوى بشأن تأخير الإجراءات تأخيراً لا مُسَوِّغ لـه تتصل بالأسس الموضوعية لشكواه – لا بمقبوليتها - بأن الإجراءات قد تأخرت تأخراً غير معقول. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فهو يجادل بأن أياً من فرادى مراحل الدعاوى الثلاثة قد تجاوز فترة الأشهر الستة اللازمة لسبل الانتصاف المذكورة آنفاً. وعلاوةً على ذلك، فرغم أن الدول الأطراف ملزمة بضمان سرعة سير الدعاوى، ليس ثمة أي إلزامٍ مقابل لذلك فيما يتعلق بالأفراد الذين توجَّه إليهم اتهامات تأديبية. بل على النقيض من ذلك، يحق للأفراد اللجوء إلى أي سبل انتصافٍ تتاح لهم لتبرئة أنفسهم من هذه التهم، حتى وإن ساهمت هذه السبل في حدوث تأخير.

رسائل إضافية من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وملاحظاتها على أسسه الموضوعية

6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرتها الشفوية المؤرخة 27 آذار/مارس 2002، مزيداً من التوضيح بشأن اعتراضاتها على مقبولية البلاغ، وعرضت ملاحظاتها على أسسه الموضوعية. ففيما يتعلق بمقبوليته، تكرر الدولة الطرف التأكيد بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، وتضيف بأن رفض المحكمة الدستورية الشكاوى التي قدمها سابقاً لا يمنعه من الاعتراض تحديداً على المخالفات المدعى حدوثها في الدعوى الثالثة. وتقول إن طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة دستورية للفقرة 5 من البند 12 من قانون سالزبرغ يستند إلى الإدعاء بعدم وضوح الفقرة المذكورة، لا الإدعاء بعدم استقلالية أعضاء اللجنة التأديبية المنتَدبين من بلدية سالفلدن.

6-2 وإذ تقر الدولة الطرف بأن محضر محاكمة عام 1999 لم يُسلَّم إلى صاحب البلاغ إلا بعد انقضاء أسبوعين على الموعد النهائي المحدد لتقديم طلبات الاستئناف إلى لجنة الطعون، فهي ترى أنه كان بإمكان صاحب البلاغ، بموجب القانون الساري، إثارة أي أوجه قصور في المحضر في أي وقت أثناء دعوى الاستئناف ولدى تقديمه طلب الاستئناف إلى المحكمة الإدارية في وقت لاحق.

6-3 وتقول الدولة الطرف إن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، شأنها في ذلك شأن الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا تسري على المنازعات بين السلطات الإدارية وموظفي الخدمة المدنية المشاركين مباشرةً في ممارسة صلاحيات عامة (12) ، مثل صاحب البلاغ، على نحو ما يتجلى في التوافق القائم بين الفقرتين المذكورتين، ولا سيما في نصيهما المتطابقين من الصيغة الفرنسية ذات الحجية. والاستثناء الوحيد الذي اعترفت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يتعلق بقضايا تتصل فيها الادعاءات بحقٍ من الحقوق الاقتصادية بصفة أساسية. إن احتمال أن يكون فصل صاحب البلاغ من العمل قد ترتبت عليه في نهاية المطاف آثار مالية لا يحوِّل بذلك قضيته إلى مسألة حقوق والتزامات مدنية (13) . كما أن الإجراءات التأديبية لا تشكل قراراً بتوجيه تهمة جنائية ضده، في غياب عقوبة معادلة لعقوبة جنائية.

6-4 واستطراداً، ترى الدولة الطرف أنه حتى وإن كانت الفقرة 1 من المادة 14 منطبقة، تقتصر اللجنة على النظر في ما إذا كانت المخالفات المزعومة في الإجراءات التأديبية تعتبر بمثابة إساءة لتطبيق أحكام العدالة أم أنها في غير ذلك مخالفات تعسفية. ولكن الأمر ليس كذلك، لأن السلطات المحلية قد نظرت بعناية في مسألة الامتثال للقواعد الإجرائية ولم تؤكد فصل صاحب البلاغ من العمل إلا بعد إقامة ثلاث دعاوى. وبالمثل، فإن تقدير جدوى وأهمية الأدلة المطلوبة هو أمر تبت فيه المحاكم المحلية، ولا يخضع إلا لوضع حد للتجاوزات. وبينت الدولة الطرف أن طلبات صاحب البلاغ المتعلقة بالأدلة قد رفضت لأسباب مشروعة، إذ كانت تتعلق بمسائل سبق وأن قدم بشأنها أدلة مستندية.

6-5 وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يُقِم البيِّنة على ادعائه بشأن التحيز المزعوم لدى أعضاء مجلس المحاكمة، وهذا ما تعذر استدلاله تلقائياً من مشاركتهم في الدعاوى السابقة. فاعتراض صاحب البلاغ على مشاركة الأعضاء دون ذكرٍ للأسباب لم يثر في حد ذاته الشك في انحياز المحكمة، إذ يتعين التمييز بين الحق في الاعتراض على أعضاء المحاكمة دون تقديم الأسباب وبين الاعتراض على عضوٍ ما من أعضاء المجلس بسبب تحيزه.

6-6 وتقول الدولة الطرف إن حق صاحب البلاغ في المثول أمام محكمة مستقلة ونزيهة هو حق يكفله عدم تلقي أعضاء اللجنة التأديبية تعليمات معينة (الفقرة 6 من البند 12 من قانون سالزبرغ). وعلاوةً على ذلك، فإن قرارات اللجنة التأديبية قابلة للطعن فيها أمام لجنة الطعون وأمام المحكمة الإدارية، وهما محكمتان مستقلتان ومخولتان النظر في المسائل الوقائعية والقانونية. وفيما يتعلق بلجنة الطعون، فهي مؤلفة من أعضاء غير منتدبين من البلديات المعنية، ويعينون لمدة ثلاث سنوات. ومع عدم الإخلال بواقع أن الدولة الطرف تعتبر اللجنة التأديبية بمثابة محكمة بمفهوم الفقرة 1 من المادة 14، فهي تزعم بأن حق صاحب البلاغ في أن يعرض شكواه على محكمة مستقلة ونزيهة هو بالتالي حق مكفول، حتى وإن انتفت عن اللجنة التأديبية صفة المحكمة المستقلة والنزيهة، ذلك لأن الفقرة 1 من المادة 14 لا تُلزم الدول الأطراف باستصدار قرار عن محكمة ما بشأن الحقوق المدنية في جميع مراحل الاستئناف.

6-7 وتزعم الدولة الطرف أن محضر محاكمة عام 1997 قد أُرسل إلى الشهود لتزويد جميع الأشخاص المعنيين بإجراءات عام 1999 "بذات المعلومات عن إفاداتهم السابقة وعن الخطوات الإجرائية". ويدل التشابه بين سجلات محاكمتي عامي 1997 و1999 على أن الشهود كانوا قد أدلوا بإفادات متطابقة في جلستي الاستماع. وليس من الضروري، بموجب البند 44 من القانون النمساوي للإجراءات الإدارية، أن تتضمن محاضر الجلسات إفادات الشهود كاملةً؛ فإيجاز المضمون ذي الصلة بالموضوع من هذه الشهادات لا يُعتبر تحريفاً.

6-8 وفيما يتعلق بالادعاء بعدم علنية الإجراءات، تقول الدولة الطرف إن استبعاد الجمهور هو مسألة تبررها مصلحة السرية الرسمية، وكثيراً ما تطرح في الدعاوى التأديبية. ولحماية أي موظف من موظفي الخدمة المدنية من إقامة العدل بإجراءات سرية، فإن الفقرة 3 من المادة 124 من القانون الاتحادي تجيز لما لا يزيد عن ثلاثة من موظفي الخدمة المدنية يسميهم المتهم كأشخاص أهل للثقة أن يكونوا حاضرين أثناء هذه الجلسات.

6-9 وترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ القائم على أساس عدم عقد أية جلسة استماع أثناء إجراءات الاستئناف، زاعمةً أنه من غير الضروري عقد جلسةٍ كهذه إذا كان البت في القضية بالاستناد إلى الملفات ذات الصلة بطلب الاستئناف أمراً ممكناً. ولما كان طلب الاستئناف المقدم من صاحب البلاغ يقتصر على شكاوى إجرائية دون طرح أية وقائع جديدة، فقد قررت هيئات الاستئناف ألا تعقد جلسة استماع جديدة وهو قرار لـه ما يبرره.

6-10 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ نفسه قد أقر بأنه قد تم التقيد بالموعد النهائي القانوني لاتخاذ أي قرار في أي مرحلةٍ من مراحل الدعاوى المختلفة التي كان طرفاً فيها؛ وتُبيِّن أن صاحب البلاغ اجتاز جميع مراحل عملية الاستئناف بمبادرةٍ منه وبدون أي تأخير من جانب السلطات والمحاكم. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثبات أي انتهاك لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 14، التي تُقرأ مقترنةً بالمادة 26 من العهد.

ملاحظات إضافية لصاحب البلاغ

7-1 يؤكد صاحب البلاغ من جديد، في رسالةٍ أخرى وجهها في 14 حزيران/يونيه 2002، أنه غير ملزم بمعاودة تقديم الشكوى ذاتها إلى المحكمة الدستورية مراراً وتكراراً، نظراً لأن المحكمة قد بيَّنت بوضوح في قراريها المؤرخين 11 آذار/مارس 1998 و28 أيلول/سبتمبر 1999 أن قضية صاحب البلاغ لا تتعلق بانتهاكات لحقوقه الدستورية ولا بتطبيق لقانون غير دستوري، على الرغم من أن قانون سالزبرغ ينص على مشاركة عضوين من أعضاء مجلس المحاكمة بتفويضٍ من الجهة المدعى عليها.

7-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه إذا قررت أية دولةٍ تقسيم اختصاصات إعادة النظر في عدالة الإجراءات بمقتضى القانونين الدستوري والعام بين أعلى محكمتين، لا يمكن عندئذٍ إلزام مقدمي الشكاوى إلا بتقديمها إلى واحدةٍ منهما. وقد أتيحت للدولة الطرف فرصةً تكفي للوفاء بالتزاماتها المتمثلة في التعويض عن الانتهاكات المزعومة، ذلك لأن المحكمة الإدارية مؤهلة لتوفير هذا الانتصاف لدى نظرها في شكواه، حتى وإن كان ذلك "على مستوى رسمي يختلف" عن المحكمة الدستورية.

7-3 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أن الفقرة 1 من المادة 14تشمل، وفقاً للاجتهادات القضائية للجنة (14) ، جميع الإجراءات ذات الطابع المدني أو الجنائي، سواءً كان موظفو الخدمة المدنية أو الخدمة العامة أطرافاً فيها أم لم يكونوا. إن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، على نقيض الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا تميز بين فئات موظفي الخدمة المدنية، وهي تسري عموماً على المنازعات المتعلقة بشؤون التوظيف. وهذا يرجع إلى الصياغة الواضحة ("دعوى مدنية") للفقرة 1 من المادة 14، التي حاولت الدولة الطرف إغفالها بالإشارة إلى قانون الدعوى المتناقض للمحكمة الأوروبية والذي لا علاقة لـه بنظام العهد.

7-4 ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف تقر ضمناً بأن مشاركة عضوين من أعضاء مجلس المحاكمة منتدبَين من بلدية سالفلدن في الإجراءات التأديبية يشكل إخلالاً بالفقرة 1 من المادة 14. إن افتقار اللجنة التأديبية إلى الاستقلالية والنزاهة لا يُعالَج بإعادة النظر في مسألة فصله من الخدمة استناداً إلى الوقائع والقانون في مرحلة الاستئناف، ذلك لأنه لا لجنة الطعون ولا المحكمة الإدارية أجرت تحقيقاً في الوقائع، بل التزمتا بالحقائق التي توصل إليها مجلس المحاكمة الابتدائية. وإن عدم عقد جلسة استماع تضم الخصوم في مرحلة الاستئناف أفقد صاحب البلاغ حقه في محاكمةٍ منصفة وعلنية تجريها محكمة مستقلة ونزيهة، وبمزيدٍ من التحديد، أفقده فرصة الطعن في صحة إفادة شهود الادعاء. وعلاوةً على ذلك، فإن مجلس الطعون، شأنه في ذلك شأن مجلس المحاكمة، كان متحيزاً وغير مستقل.

7-5 ويعتقد صاحب البلاغ أن قرار استدعاء أو عدم استدعاء الشهود لا يمكن تركه للسلطة التقديرية المطلقة للمحاكم الوطنية، زاعماً أن الدولة الطرف لـم تدحض ادعاءه بأن مجلس المحاكمة قد حرمه حقه في المساواة في الدفاع أثناء عرض دفاعه. وبالمثل، فإن تعليلات الدولة الطرف فيما يتعلق بتزوير محضر محاكمة عام 1999 كانت غير منطقية.

7-6 وفيما يتعلق بطول فترة الإجراءات، يؤكد صاحب البلاغ من جديد أن اضطراره للانتقال إلى مرحلة الاستئناف الأولى أو الثانية لإبطال أفعالٍ غير مشروعة واضحة نفذها مجلس المحاكمة لا يمكن أن يعزى إليه.

7-7 ويرفض صاحب البلاغ فكرة أن استبعاد الجمهور من حضور جلسات المحاكمة كان يبرره الحرص على السرية الرسمية للقضية، ذلك لأنه ما كان أي من التهم الموجهة ضده يتعلق بمسائل ذات طابعٍ سري. ومعظم التهم كانت تتعلق بادعاءات تصرف غير لائق، بينما تعلقت التهم الأخرى بمسائل عامة وليست سرية. وعلى أي حال، فإنه كان في مقدور اللجنة التأديبية أن تعالج في جلسات مغلقة أية قضايا تستوجب السرية، وأن تستخدم مختصرات الأسماء لضمان خصوصية أطراف ثالثة. كما أن المساعدة التي قدمها ثلاثة من موظفي الخدمة المدنية في الإجراءات التأديبية لم تكن مستوفية لمعيار "الجلسة العلنية" وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 14، التي تخدم كذلك غرض ضمان الشفافية في إقامة العدل.

الملاحظات الإضافية للدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ

8- قدم الطرفان رسالتين إضافيتين في 14 و27 كانون الثاني/يناير 2003، على التوالي. وقالت الدولة الطرف إن صاحب البلاغ، بعدم طلبه عقد جلسة استماع أمام المحكمة الإدارية، يكون قد تخلى عن حقه في محاكمة منصفة وعلنية، بموجب الفقرة 1 من المادة 14، حيث لا بد أنه كان يدرك، من خلال تمثيله القانوني بمحام، أنه، إن لم يقدم طلباً صريحاً بهذا الشأن، فإن الإجراءات أمام المحكمة الإدارية لا تتم عادة إلا كتابة. ويعتبر صاحب البلاغ أن الملاحظات الإضافية للدولة الطرف غير مقبولة إجرائياً، ذلك لأنها لم تقدم في الموعد المناسب (أي بعد انقضاء ما يزيد عن ستة أشهر على تقديم تعليقاته المؤرخة 14 حزيران/يونيه 2002)، الأمر الذي أطال فترة الإجراءات دون مبرر.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

9-1 قبل أن تنظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في الادعاءات الواردة في البلاغ، لا بد من أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف على مضمون البلاغ، تشير اللجنة إلى أن مفهوم "الدعوى المدنية" بموجب الفقرة 1 من المادة 14 يستند إلى طبيعة الحق قيد البحث، لا إلى وضع أحد الأطراف (15) . إن فرض تدابير تأديبية على موظفي الخدمة المدنية، في حد ذاته، لا يشكل بالضرورة تحديداً لحقوق الفرد وواجباته في دعوى مدنية ما، كما أنه، فيما عدا حالات العقوبات التي تعد جنائية في طابعها، بصرف النظر في صفتها في القانون المحلي، لا يشكل تهمة جنائية بمفهوم الجملة الثانية من الفقرة 1 من المادة 14. وقد أقرت الدولة الطرف، في هذه القضية، بأن مجلس المحاكمة التابع للجنة التأديبية يعد محكمة بمفهوم الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وفي حين أن الفصل التأديبي من العمل لا يحتاج إلى محكمة أو هيئة قضائية للبت فيه، ترى اللجنة أنه، متى عُهِد إلى هيئة قضائية بمهمة البت في فرض تدابير تأديبية، كما في هذه القضية، توجب على هذه الهيئة ضمان المساواة بين الجميع أما المحاكم والهيئات القضائية وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 14، واحترام ما ينطوي عليه هذا الضمان من النزاهة والإنصاف والمساواة في الدفاع. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة جواز النظر في البلاغ من حيث مضمونه، حيث إن صاحب البلاغ يدعي أنه ضحية انتهاكات لحقوقه المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

9-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن عدم عقد جلسة استماع أثناء إجراءات الاستئناف قد انتهك حقه في محاكمة منصفة وعلنية بموجب الفقرة 1 من المادة 14، فقد أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان في مقدوره طلب عقد جلسة استماع أمام المحكمة الإدارية، وأنه، بامتناعه عن ذلك، قد تخلى عن حقه في تلك الجلسة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لم يدحض هذه الحجة من حيث جوهرها، وأنه كان يمثله محام طيلة إجراءات الدعوى. لذلك تعتبر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت بالأدلة، لأغراض مقبولية البلاغ، أن حقه في جلسة استماع قد انتهك. وتخلص اللجنة إلى عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-4 وأحاطت اللجنة علماً باعتراض الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءاته بشأن عدم استقلالية عضوي مجلس المحاكمة المنتدبَين من بلدية سالفلدن في الدعوى الثالثة، وفيما يتعلق بعدم علنية الجلسات التي عقدها مجلس المحاكمة، وبأن نسخ إفادات محاكمة عام 1997 قد أُرسلت إلى شهود الادعاء قبل جلسة محاكمة عام 1999، وبالتحريف المزعوم لمحاضر محاكمة عام 1999. وبعد النظر بعناية في الشكاوى التي قدمها صاحب البلاغ إلى لجنة الطعون (الشكوى المؤرخة 11 تشرين الأول/أكتوبر 1999) وإلى المحكمة الإدارية (الشكوى المؤرخة 21 كانون الثاني/يناير وتلك المؤرخة 25 نيسان/أبريل 2000)، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعرض هذه الشكاوى على لجنة الطعون أو أمام المحكمة الإدارية، على أي حال.

9-5 وعلاوةً على ذلك، لا يبدو من الملف المعروض على اللجنة أن صاحب البلاغ قد اعترض على مشاركة أعضاء مجلس المحاكمة بحجة أن البلدية هي التي عينتهم، وذلك في شكواه الدستورية التي اعترض فيها على القرار الإجرائي الذي أصدره مجلس المحاكمة في 13 تموز/يوليه 1999. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذه الادعاءات، وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-6 وفيما يتعلق بالجزء المتبقي من البلاغ، أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأنه كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يقدم شكوى إلى المحكمة الدستورية ضد القرار الذي يؤكد فصله من العمل والذي أصدرته لجنة الطعون في الدعوى الثالثة كي يعاد النظر في هذا القرار، ليس بموجب القانون العام فحسب، إنما بموجب القانون الدستوري كذلك. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى سوابقها القضائية المتسقة بأن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تستوجب اللجوء إلى سبل انتصاف محلية تكون فرص نجاحها منعدمة بكل موضوعية ( 16) . ورغم أن الشكوى الدستورية التي قدمها صاحب البلاغ في 25 آب/أغسطس 1999 تتعلق بالدعوى الثانية وليس الثالثة، فإن الادعاءات التي تستند إليها هذه الشكوى تماثل من حيث المضمون الادعاءات التي أثارها في شكواه التي قدمها إلى المحكمة الإدارية في 25 نيسان/أبريل 2000. كما تلاحظ اللجنة أنه عندما استأنف صاحب البلاغ ضد قرار لجنة الطعون المؤرخ 6 آذار/مارس 2000، كانت الإجراءات قد امتدت في ذلك الحين فترةً زمنيةً تجاوزت الأربع سنوات (17) . وفي ظل هذه الظروف، تعرب اللجنة عن اقتناعها بأن صاحب البلاغ، بتقديمه شكوى إلى المحكمة الإدارية بشأن فصله من العمل في الدعوى الثالثة، قد بذل جهوداً معقولة لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية.

9-7 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ، لأغراض مقبولية البلاغ، قدم ما يكفي من الأدلة لإثبات صحة ادعائه أن تحيز أعضاء مجلس المحاكمة في الدعوى الثالثة، وأن رفض المجلس طلب صاحب البلاغ الاستماع إلى شهود والأخذ بمزيد من الأدلة، وتأخير المجلس في موافاته بمحضر محاكمة عام 1999، وطولَ مدة الإجراءات التأديبية، هي أمور تطرح مسائل بموجب الفقرة 1 من المادة 14.

9-8 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بانتهاك حقوقه بموجب المادة 26 من العهد، ترى اللجنة أنه لم يتمكن من أن يثبت، لأغراض مقبولية البلاغ، صحة أي ادعاء بانتهاك محتمل لتلك المادة. وبالتالي فالبلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بالمادة 26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

10-1 المسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كانت إجراءات مجلس المحاكمة للجنة التأديبية قد أخلَّت بالفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

10-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن العديد من أعضاء مجلس المحاكمة في الدعوى الثالثة قد تحيزوا ضده، إما بسبب مشاركتهم السابقة في الإجراءات، أو لأن صاحب البلاغ كان قد رفضهم سابقاً، أو لمواصلة عملهم لدى بلدية سالفلدن، تذكِّر اللجنة بأن "الحيدة" بمفهوم الفقرة 1 من المادة 14 تعني ضمناً وجوب عدم تبني القضاة أفكاراً مسبقة بشأن المسألة المعروضة عليهم، وأن أية محاكمة تعيبها مشاركة قاض كان ينبغي استبعاده، من المشاركة فيها وفقاً للقوانين المحلية لا يمكن في الحالات الطبيعية اعتبارها محاكمة منصفة ونزيهة (18) . وتلاحظ اللجنة أن استئناف السيد سِيكون رئاسة مجلس المحاكمة بعدما اعترض عليه صاحب البلاغ خلال المرحلة ذاتها من الإجراءات، عملاً بالفقرة 3 من البند 124 من القانون الاتحادي لموظفي الخدمة المدنية، يثير شكوكاً بشأن الطابع الحيادي لمجلس المحاكمة الثالث. ومما عزز هذه الشكوك أن السيد ماير قد عُيِّن رئيساً بديلاً، بل إنه ترأس المجلس بصورة مؤقتة، على الرغم من أن صاحب البلاغ سبق أو وجه إليه تهماً جنائية.

10-3 وتلاحظ اللجنة أنه، إذا ما نص القانون المحلي لدولة طرف على أن لأي طرف في قضية ما الحق في أن يعترض، دون توضيح الأسباب، على أعضاء الهيئة المخولة البت في التهم التأديبية الموجهة ضده، لا يجوز إفقاد هذا الضمان الإجرائي جدواه بإعادة تعيين رئيس كان قد تنحى عن الرئاسة خلال المرحلة ذاتها من الدعوى لدى ممارسة الطرف المعني حقه في الاعتراض على أعضاء المجلس.

10-4 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن لجنة الطعون لم تعالج في قرارها المؤرخ 6 آذار/مارس 2000 مسألة إن كان قرار اللجنة التأديبية المؤرخ 23 أيلول/سبتمبر 1999 قد تأثر بالخلل الإجرائي المذكور آنفاً، وأنها أيدت بذلك نتائج اللجنة التأديبية (19) . وعلاوةً على ذلك، فإن المحكمة الإدارية عندما نظرت في هذه المسألة، قد فعلت ذلك على عجل (20) . وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن مجلس المحاكمة الثالث للجنة التأديبية لم يكن يتسم بالطابع الحيادي الذي تستوجبه الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وأن هيئات الاستئناف لم تُقَوِّم هذا الخلل الإجرائي. وتخلص إلى أن حق صاحب البلاغ، في محاكمة نزيهة قد انتهك، بمقتضى الفقرة 1 من المادة 14.

10-5 وفيما يتعلق برفض اللجنة التأديبية طلبي صاحب البلاغ استدعاء الشهود والأخذ بمزيد من الأدلة دفاعاً عنه، تشير اللجنة إلى أنه ليس من اختصاصها، من حيث المبدأ، أن تبت فيما إذا كانت المحاكم المحلية تقيِّم تقييماً صحيحاً أهمية الأدلة التي طُلبت مؤخراً (21) . وترى اللجنة أن قرار مجلس المحاكمة أن طلبات الإثبات التي قدمها صاحب البلاغ كانت عديمة الجدوى نظراً لكفاية الأدلة الخطية لا ينطوي على حرمان من العدالة بما يخل بأحكام الفقرة 1 من المادة 14.

10-6 وفيما يتعلق بعدم إحالة مجلس المحاكمة محضر محاكمة عام 1999 إلى صاحب البلاغ قبل نهاية الموعد النهائي المحدد للطعن في قرار اللجنة التأديبية الصادر في 23 أيلول/سبتمبر 1999، تلاحظ اللجنة أن مبدأ المساواة في الدفاع ينطوي على وجوب أن يتاح للأطراف في الإجراءات القضائية ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد حُججهم، الأمر الذي يقتضي، بدوره، إتاحة إمكانية الاطلاع على الوثائق الضرورية لإعداد هذه الحجج (22) . غير أن اللجنة تلاحظ أن الإعداد الكافي للدفاع لا يمكن تشبيهه بالإعداد الكافي لطلب الاستئناف. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يُثبت أن التأخير في إحالة محضر محاكمة عام 1999 قد منعه من إثارة المخالفات المزعومة أمام المحكمة الإدارية، لا سيما وأنه اعترف بنفسه أن التحريف المزعوم للإفادات لم يكتشفه إلا المحامي المعني بهذا البلاغ. وعليه، تخلص اللجنة إلى أنه لم يحدث إخلال بحق صاحب البلاغ في المساواة في الدفاع بموجب الفقرة 1 من المادة 14.

10-7 وفيما يخص طول مدة الإجراءات التأديبية، ترى اللجنة أن الحق في المساواة أمام المحاكم الذي تكفله الفقرة 1 من المادة 14 يستتبع عدداً من الشروط، منها سرعة تنفيذ الإجراء القضائي أمام المحاكم الوطنية بما يكفل عدم المساس بمبدأي الإنصاف والمساواة في الدفاع. وتلاحظ اللجنة أن المسؤولية عن التأخير لمدة 57 شهراً في البت في مسألةٍ قليلة التعقيد تقع على عاتق السلطات النمساوية. كما تلاحظ أن عدم الوفاء بهذه المسؤولية لا يبرره عدم وجود طلبٍ لنقل الاختصاص ولا عدم تقديم صاحب البلاغ شكوى بشأن تأخر الإجراءات بلا داع، حيث إن ذلك التأخير كان يعزى في الأساس إلى عدم قيام الدولة الطرف بإجراءات الدعوى الأولى والثانية وفقاً للقانون الإجرائي المحلي. وتخلص الدولة الطرف إلى أنه قد أُخِلَّ بحق صاحب البلاغ في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية.

11- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

12- والدولة الطرف ملزمة، وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، يشمل تقديم تعويضات كافية لـه. كما أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في ما إذا كان قد حدث إخلال بأحكام العهد أم لا، وأنها تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً في حالة التثبت من حدوث انتهاك. وهي تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما يرجى من الدولة الطرف أن تعمل على نشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أصبح العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به نافذين لدى الدولة الطرف في 10 كانون الأول/ديسمبر 1978 و10 آذار/مارس 1988 على التوالي.

(2) تنص الفقرة 3 من البند 124 من القانون الاتحادي لموظفي الخدمة المدنية على أنه: "عند صدور أمر بإقامة إجراءات قضائية، يبلَّغ المتهم بأسماء أعضاء مجلس المحاكمة، بمن فيهم الأعضاء البدلاء. ويجوز للمتهم أن يعترض، دون ذكر الأسباب، على أي عضوٍ من أعضاء المجلس في غضون أسبوعٍ واحد من تاريخ صدور الأمر. وبناءً على طلبٍ يقدمه المتهم، يجوز لما لا يزيد عن ثلاثة من موظفي الخدمة المدنية حضور الجلسة. وفيما عدا ذلك، تكون الجلسة مغلقة".

(3) ينص البند 12 من قانون سالزبرغ لموظفي الخدمة المدنية العاملين في البلديات، في أجزائه ذات الصلة، على ما يلي: "(1) تُنشأ في مكتب الحكومة المحلية لجنة تأديبية للعاملين في البلديات تتولى إجراء محاكمات تأديبية ابتدائية. (2) تتكون اللجنة التأديبية من رئيس ونواب للرئيس والعدد اللازم من الأعضاء. (3) تعيِّن الحكومة الإقليمية الرئيس ونواب الرئيس لمدة ثلاث سنوات ويُختارون من بين موظفي الخدمة المدنية ممن تلقوا تدريباً قانونياً ويعملون لدى مكتب الحكومة الإقليمية أو لدى السلطات الإدارية الإقليمية. كما تعين، للفترة ذاتها، أعضـاء - باستثناء أولئك المنتدبين من قبل البلديات عملاً بالفقرة 5 - يُختارون من بين موظفي الخدمة المدنية العاملين لدى البلديات الخاضعة لهذا القانون. (4) تتولى اللجنة التأديبية النظر والفصل في القضايا في مجالس مكونة من رئيسٍ وأربعة أعضاء. وتتولى الحكومة الإقليمية تعيين الرئيس وعضوين يُختارون من بين موظفي الخدمة المدنية العاملين لدى البلديات. (5) تتولى البلدية، التي تكون طرفاً في الإجراءات، انتداب عضوين إضافيين من أعضاء المجالس. وفي حال عدم قيام البلدية بانتداب عضوين أو عضوين بديلين [...] في غضون ثلاثة أيامٍ من توجيه طلبٍ مكتوب بذلك، يقوم الرئيس باختيار موظفين من الخدمة المدنية للحكومة المحلية أعضاءً إضافيين. [...]"

(4) يشير صاحب البلاغ إلى البلاغين رقم 112/1981، ي. ل. ضد كندا ، قرار بشأن المقبولية، اعتُمد في 8 نيسان/أبريل 1986؛ ورقم 203/1986، روبِنّ توريبيو مونيوس إيرموسا ضد بيرو ، آراء اعتمدت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1988.

(5) يشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام رقم 13 الذي اعتمدته لجنة الحقوق المدنية والسياسية في دورتها الحادية والعشرين (1984)، وعنوانه: المساواة أمام المحاكم والحق في محاكمة منصفة وعلنية أمام محكمة مستقلة منشأة بموجب القانون (المادة 14) ، الفقرة 3.

(6) يشار إلى الفقرة 6 من المرجع ذاته.

(7) تشير الدولة الطرف إلى قراري المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الشكوى رقم 28541/95 المتعلقة بقضية بِلِغران ضد فرنسا ، الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر 1999، الفقرات 64 وما يليها، والشكوى رقم 39564/98 المتعلقة بقضية ج. ك. ضد النمسا ، الصادر في 14 آذار/مارس 2000.

(8) يشير صاحب البلاغ إلى البلاغين رقم 210/1986 ورقم 225/1987 المتعلقين بقضية إرل براتّ وإيفان مورغَن ضد جامايكا ، الآراء المعتمدة في 6 نيسان/أبريل 1989.

(9) يشار، في جملة أمور، إلى البلاغ رقم 824/1998 المتعلق بقضية ن. م. نيكولوف ضد بلغاريا ، وإلى القرار بشأن مقبولية البلاغ، المعتمد في 24 آذار/مارس 2000، الفقرة 8-3؛ والبلاغ رقم 468/1991، المتعلق بقضية أينجل ن. أولوه بَهاموندِه ضد غينيا الاستوائية ، والآراء المعتمدة بشأنه في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1993؛ والبلاغ رقم 203/1986، المتعلق بقضية روبِنّ توريبيو مونيوس إرموسا ضد بيرو .

(10) يشير صاحب البلاغ، في جملة أمور، إلى فتوى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأن العضوية الإلزامية في رابطةٍ أُنشئت بموجب القانون من أجل ممارسة الصحافة (المادتان 13 و29 من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان)، الفتوى OC-5/85 المؤرخة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1985، السلسلة ألف، الرقم 5.

(11) انظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الطلب رقم 28541/95، بِلِغران ضد فرنسا، الحكم الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر 1999، الفقرة 65.

(12) يشار، في جملة أمور ، إلى الرأي المعارض الذي أدلى به أعضاء اللجنة السادة غرَيفرات و بوكار و توموشات بشأن البلاغ 112/1981 المتعلق بقضية ي. ل. ضد كندا ، في الفقرة 3.

(13) تشير الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن قضية بيير بلوخ ضد فرنسا ، الصادر في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1997، الفقرة 51؛ وإلى قرارها بشأن قضية بِلِغران ضد فرنسا ، الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر 1999، الفقرة 60.

(14) يقتبس صاحب البلاغ من البلاغ رقم 112/1981 المتعلق بقضية ي. ل. ضد كندا ، والبلاغ رقم 203/1986 المتعلق بقضية روبِنّ توريبيو مونيوس ضد بيرو ، والبلاغ رقم 824/1998 المتعلق بقضية ن. م. نيكولوف ضد بلغاريا ، فضلاً عن البلاغ رقم 454/1991 المتعلق بقضية أنريكه غارسيّا بونْس ضد إسبانيا ، الآراء المعتمدة في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1995.

(15) انظر البلاغ رقم 112/1981 المتعلق بقضية ي. ل. ضد كندا ، الفقرة 9-2؛ والبلاغ رقم 441/1990 المتعلق بقضية روبرت كازانوفا ضد فرنسا ، الآراء المعتمدة في 19 تموز/يوليه 1994، الفقرة 5-2.

(16) انظر البلاغ رقم 210/1986 والبلاغ رقم 225/1987 المتعلقين بقضية إيرل برات وإيفان مورغن ضد جامايكا ، الفقرة 12-3.

(17) انظر البلاغ رقم 336/1988 المتعلق بقضية أندريه فيلاستر وبيير بيزوارن ضد بوليفيا ، الآراء المعتمدة في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، الفقرة 5-2.

(18) انظر البلاغ رقم 387/1989 المتعلق بقضية أرفو و. كارتونن ضد فنلندا ، الآراء المعتمدة في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1992، الفقرة 7-2.

(19) انظر ص 3 من قرار لجنة الطعون رقم 11-12294/94-2000 المؤرخ 6 آذار/مارس 2000 .

(20) انظر ص 7 وما يليها من قرار المحكمة الإدارية رقم ZI.2000/09/0079-6 المؤرخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2000.

(21) انظر البلاغ رقم 174/1984 ج. ك. ضد كندا ، قرار بشان المقبولية اعتمد في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1984، الفقرة 7-2.

(22) انظر التعليق العام 13، الفقرة 9.

ألف ألف - البلاغ رقم 1033/2001، نالاراتنام ضد سري لانكا (الآراء التي اعتمدت في 21 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السيد نالاراتنام سينغاراسا (يمثله محام هو السيد ف. س. غانيسالينغام من "دار حقوق الإنسان" فضلاً عن المركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ: 19 حزيران/يونيه 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 تموز/يوليه 2004،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1033/2001، المقدَّم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد نالاراتنام سينغاراسا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب هذا البلاغ هو السيد نالاراتنام سينغاراسا، وهو مواطن سريلانكي من أفراد طائفة التاميل. وهو يقضي حالياً عقوبة بالسجن لمدة 35 عاماً في سجن بوسا، بسري لانكا. ويدّعي أنه ضحية لانتهاكات للفقرات 1 و2 و3((ج) و(و) و(ز)) و5 والمادة 14، والمادة 7، والمادة 26، والفقرتين 1 و3 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام هو السيد ف. س. غانيسالينغام من "دار حقوق الإنسان" وكذلك المركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان.

1-2 وقد بدأ نفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالنسبة إلى الدولة الطرف في 11 أيلول/سبتمبر 1980 والبروتوكول الاختياري الأول في 3 كانون الثاني/يناير 1998.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 16 تموز/يوليه 1993، في نحو الساعة الخامسة صباحاً، ألقت قوات الأمن السريلانكية القبض على صاحب البلاغ أثناء نومه في منزله. وأُلقي القبض أيضاً على 150 رجلاً من التاميل في عملية "تمشيط" لقريته. ولم يجر إبلاغ أحد منهم بأسباب القبض عليهم. وقد اقتيدوا جميعاً إلى معسكر الجيش في كوماثوراي واتُهموا بدعم حركة نمور تحرير تاميل إيلام وقُيِّدت يدا صاحب البلاغ معاً، أثناء احتجازه في المعسكر، وأُبقي عليه معلقاً من شجرة مانجو وادُّعي أن أفراداً من قوات الأمن قد اعتدوا عليه.

2-2 وفي مساء يوم 16 تموز/يوليه 1993، سُلِّم صاحب البلاغ إلى وحدة مكافحة التخريب التابعة لشرطة باتيكالوا واحتُجِز "في معسكر احتجاز الجيش بسجن باتيكالوا". وقد احتُجز عملاً بأمر صادر عن وزير الدفاع بموجب المادة 9(1) من قانون منع الإرهاب رقم 48 لعام 1979 (المعدَّل بالقانون رقم 10 لعام 1982 والقانون رقم 22 لعام 1988) (يشار إليه فيما يلي باسم "قانون منع الإرهاب")، الذي ينص على الاحتجاز دون توجيه اتهام لمدة تصل إلى ثمانية عشر شهراً (قابلة للتجديد كل ثلاثة أشهر بموجب أمر يصدر بهذا الشأن)، إذا كان لدى وزير الدفاع "سبب يدعو إلى الاعتقاد أو الاشتباه بأن أي شخص لـه ارتباط بأي نشاط غير مشروع أو لـه ضلع فيه" (1) . ولم يُخطَر صاحب البلاغ بأمر الاحتجاز كما لم يُبلَّغ بأسباب احتجازه.

2-3 وأثناء الفترة الممتدة من 17 تموز/يوليه إلى 30 أيلول/سبتمبر 1993، قام ثلاثة من رجال الشرطة من بينهم أحد رجال الشرطة العسكرية تابعون لإدارة التحقيقات الجنائية، يساعدهم في ذلك ناشط تاميلي سابق، باستجواب صاحب البلاغ. وهو يدَّعي أنه تَعرَّض، لمدة يومين بعد إلقاء القبض عليه، للتعذيب وسوء المعاملة، اللذين شملا دفعه في صهريج ماء وإبقاءه تحت الماء، ثم وضع غمامة على عينيه وإلقاؤه على وجهه على الأرض وضربه. واستجوبه ضباط الشرطة بلغة تاميلية ركيكة. واحتُجز في الحبس الانفرادي ولم يُمنَح تسهيلات للتمثيل القانوني أو الترجمة الشفوية؛ كما لم تُتَح لـه أي فرصة للحصول على مساعدة طبية. وفي 30 أيلول/سبتمبر 1993، يُدَّعى أن صاحب البلاغ قدم بياناً إلى الشرطة.

2-4 وفي وقت ما في آب/أغسطس 1993، أُحضِر صاحب البلاغ أولاً أمام قاضي التحقيق، ثم أُعيد إلى الحبس لدى الشرطة. وبقي في الحبس في انتظار المحاكمة، دون إتاحة أي إمكانية لـه لطلب الإفراج عنه بكفالة أو للحصول عليه، عملاً بالمادة 15(2) من قانون منع الإرهاب (2) . ولم ينظر قاضي التحقيق في أمر الاحتجاز، عملاً بالمادة 10 من قانون منع الإرهاب، التي تنص على أن أمر احتجاز يصدر بموجب المادة 9 من هذا القانون يكون نهائياً ولا يجري التشكيك فيه أمام أي محكمة (3) .

2-5 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1993، أُحضر صاحب البلاغ أمام مدير الشرطة المساعد بإدارة التحقيقات الجنائية ونفس رجل الشرطة العسكرية اللذين كانا قد استجوباه سابقاً. وسُئل العديد من الأسئلة الشخصية حول تعليمه وعمله وأسرته. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ لم يستطع أن يتحدث السينهالية، فإن رجل الشرطة العسكرية قد ترجم بين التاميلية والسينهالية. ثم طُلِب من صاحب البلاغ أن يوقع على بيان قام رجل الشرطة العسكرية بترجمته وطباعته باللغة السينهالية. ورفض صاحب البلاغ التوقيع عليه بالنظر إلى أنه لم يمكنه فهمه. وهو يَدَّعي أن مدير الشرطة المساعد قام عنوة بوضع بصمة إبهامه على المستند المطبوع. وقدمت النيابة العامة في وقت لاحق هذا البيان كدليل على الاعتراف المزعوم من جانب صاحب البلاغ. ولم تُتَح لصاحب البلاغ ترجمة شفوية خارجية ولا تمثيل قانوني في ذلك الوقت.

2-6 وفي أيلول/سبتمبر 1994، وُجِّه الاتهام إلى صاحب البلاغ في المحكمة العليا في ثلاث قضايا منفصلة، وذلك بعد قضاء أكثر من أربعة عشر شهراً في الاحتجاز.

(أ) في 5 أيلول/سبتمبر 1994، اتُهم في القضية رقم 6823/94 ، إلى جانب عدة أشخاص آخرين وردت أسماؤهم وأشخاص لم ترد أسماؤهم، بارتكاب جريمة بموجب المادة 2(2) ` 2 ` ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(1)(و) من قانون منع الإرهاب، بالتسبب في "حدوث أعمال عنف، ألا وهي تلقي تدريب على القتال المسلح في إطار منظمة نمور تحرير تاميل إيلام الإرهابية"، في منطقة موتور، فيما بين 1 كانون الثاني/يناير و31 كانون الأول/ديسمبر 1989.

(ب) وفي 28 أيلول/سبتمبر 1994، أدين في القضية رقم 6824/94 ، إلى جانب عدة أشخاص آخرين وردت أسماؤهم وأشخاص مجهولين، بارتكاب جريمة بموجب المادة 2(1)(أ)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) ` 1 ` من قانون منع الإرهاب، بالتسبب في وفاة رجال شرطة في آرانتاوالا، فيما بين 1 و30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992.

(ج) وفي 30 أيلول/سبتمبر 1994، اتُهم في القضية رقم 6825/94 إلى جانب عدة أشخاص آخرين وردت أسماؤهم وأشخاص مجهولين، فوجهت إليهم خمسة اتهامات، أولها بموجب المادة 23(أ) من اللائحة رقم 1 لعام 1989 المتعلقة بحالة الطوارئ (أحكام وصلاحيات متنوعة) بالاقتران مع قانون الأمن العام (تعديل) رقم 28 لعام 1988، بالتآمر باستخدام وسائل غير مشروعة لقلب نظام الحكم في سري لانكا المشكل وفقاً للقانون، والاتهامات الأربعة الباقية بموجب المادة 2(2) ` 2 ` ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(1)(ج) من قانون منع الإرهاب، وهي الهجوم على أربعة معسكرات للجيش (في جافنا فورت، وبالاي، وكانكيسانتوراي، وإيليفانت باس (ممر الفيلة)، على التوالي)، وذلك بقصد تحقيق الأهداف المبينة في الاتهام الأول.

2-7 وحتى تاريخ تقديم البلاغ، لم يكن صاحب البلاغ قد حوكم في القضيتين رقمي 6823/94 و6824/ 94.

2-8 وفي 30 أيلول/سبتمبر 1994، وكّلت المحكمة العليا لصاحب البلاغ محامياً معيناً من الدولة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتاح فيها لصاحب البلاغ الاستعانة بممثل قانوني منذ إلقاء القبض عليه. وقد قام في وقت لاحق بتوكيل محام خاص. وأتيحت لـه تسهيلات الترجمة الشفوية طوال الإجراءات القانونية، وردّ على الاتهامات الموجهة بأنه غير مذنب.

2-9 وفي 12 كانون الثاني/يناير 1995 أكد محامي الدفاع، في التماس قُدِّم إلى المحكمة العليا، أنه توجد علامات واضحة للاعتداء على جسد صاحب البلاغ، واقترح الحصول على تقرير طبي. وبناء على أمر من المحكمة، قام موظف طبي قضائي بفحص صاحب البلاغ. ووفقاً لهذا الأخير، فإن التقرير الطبي ذكر أنه توجد على ظهر صاحب البلاغ ندوب كما توجد إصابة خطيرة، في شكل ندبة على قرنية عينه اليسرى، نتج عنها عاهة مستديمة في النظر. وذكر التقرير أيضاً أن "الإصابات التي حدثت للجزء الأسفل من الجانب الأيسر الخلفي للصدر وللعين قد نجمت عن سلاح غير حاد في حين أن الإصابة التي لحقت بالجانب الأوسط الخلفي للصدر ربما ترجع إلى استخدام قوة حادة".

2-10 وفي 2 حزيران/يونيه 1995، كان الاعتراف المدَّعى لصاحب البلاغ موضوع جلسة استجواب تمهيدي من جانب المحكمة العليا، أدلى فيها مدير الشرطة المساعد ورجل الشرطة العسكرية وصاحب البلاغ بشهاداتهم ونُظِر فيها في التقرير الطبي. وخلصت المحكمة العليا إلى استنتاج مفاده أن الاعتراف مقبول، عملاً بالمادة 16(1) من قانون منع الإرهاب، التي تضفي المقبولية على أية أقوال يُدلى بها أمام ضابط شرطة لا تقل رتبته عن مدير شرطة مساعد، شريطة ألا يثبت عدم صلته بالموضوع بموجب المادة 24 من قانون الأدلة. والمادة 16(2) من قانون منع الإرهاب تلقي على المتهم عبء إثبات أن هذه الأقوال لا صلة لها بالموضوع (4) . ولم تر المحكمة أن الاعتراف غير ذي صلة بالموضوع، على الرغم من اقتراح محامي الدفاع استبعاد الاعتراف على أساس أنه انتُزِع من صاحب البلاغ تحت التهديد.

2-11 ووفقاً لما ذكره صاحب البلاغ، فإن المحكمة العليا لم تبد أسباباً لرفض التقرير الطبي على الرغم من أنها نفسها أشارت إلى وجود "ندوب إصابات ظاهرة للعيان حالياً على جسد [صاحب البلاغ]" وإقرارها بأن هذه الندوب هي آثار إصابات "أُلحقت به قبل هذا الحادث أو بعده". وقد اعتمدت المحكمة العليا، في تأكيدها أن الاعتراف كان طوعياً، على عدم قيام صاحب البلاغ بتقديم شكوى ضد أي شخص في أي وقت بخصوص عمليات الضرب، ورأت المحكمة أن عدم قيامه بإبلاغ قاضي التحقيق بالاعتداء عليه يوضح أنه لم يتصرف "إنسان سوي". ولم تنظر المحكمة في شهادة صاحب البلاغ ومفادها أنه لم يبلغ القاضي بالاعتداء الذي وقع عليه خشية تعرضه لأعمال انتقامية عند عودته إلى الحبس لدى الشرطة.

2 -12 وفي 29 أيلول/سبتمبر 1995، أدانت المحكمة العليا صاحب البلاغ بخصوص جميع الاتهامات الخمسة وحكمت عليه في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1995 بالسجن 50 عاماً. وقد استندت الإدانة إلى الاعتراف المدعى وحده.

2-13 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1995، استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة الاستئناف، طالباً إلغاء الإدانة والحكم الصادرين بحقه. وفي 6 تموز/يوليه 1999، أكدت محكمة الاستئناف الإدانة ولكنها خففت الحكم الصادر إلى السجن لمدة مجموعها 35 عاماً. وفي 4 آب/أغسطس 1999، قدم صاحب البلاغ التماساً بالحصول على إذن خاص بالاستئناف في محكمة النقض لسري لانكا، على أساس أنه ينبغي قيام محكمة النقض بالنظر في مسائل قانونية معينة ناشئة عن الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف (5) . وفي 28 كانون الثاني/يناير 2000، رفضت محكمة النقض لسري لانكا منح الإذن الخاص بالاستئناف.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، بسبب إدانة المحكمة العليا لـه على أساس وحيد هو اعترافه المزعوم، الذي يدعي أنه صدر في ظروف هي بمثابة انتهاك لحقه في محاكمة عادلة. وقد أُسقطت في هذه القضية ضمانات إجرائية أساسية تكفل مصداقية أي اعتراف وصدوره طواعية. ويؤكد صاحب البلاغ بصورة خاصة أن حقه في الحصول على محاكمة عادلة قد انتُهك بفعل عدم أخذ المحاكم المحلية في الاعتبار عدم وجود محام وعدم وجود ترجمة شفوية أثناء الإدلاء باعترافه المدعى، وعدم تسجيل الاعتراف أو استخدام أي ضمانات أخرى تكفل أن يصدر الاعتراف طواعية. ويؤكد صاحب البلاغ أن عدم قيام محاكم الاستئناف بوضع هذه المسائل في الاعتبار هو أمر لا يتفق مع الحق في محاكمة عادلة، ويدفع بأن عدم قيام المحكمة الموضوع بمراعاة أدلة مبرئة أخرى، مفضلةً الاعتماد على الاعتراف، إنما يشير إلى افتقارها إلى النزاهة كما يشير إلى الطبيعة التعسفية الواضحة للحكم الصادر. ويضيف أنه كان يقع على عاتق محاكم الاستئناف التدخل في هذه الحالة التي حدث فيها ببساطة تجاهل للأدلة.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن فترة التأخير البالغة أربع سنوات بين إدانته ورفض منحه إذناً بالاستئناف أمام محكمة النقض هو بمثابة انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14. وهو يدعي حدوث انتهاك للفقرة 3(و) من المادة 14 بالنظر إلى عدم تزويده بخدمات مترجم شفوي مؤهل وخارجي عند استجوابه من جانب الشرطة. فلم يكن يستطيع أن يتحدث ولا أن يقرأ السينهالية، ولم يكن بمقدوره، دون وجود مترجم شفوي، أن يفهم على نحو مناسب الأسئلة الموجهة إليه أو الأقوال التي يدعي أنه أُجبر على التوقيع عليها.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن الاعتماد على اعترافه، في ظل الظروف المبينة، وفي ظل وضع كان يقع عليه فيه عبء إثبات أن الاعتراف الذي أدلى به لم يصدر طواعية، بدلاً من أن يقع على النيابة العامة عبء إثبات أنه قد صدر طواعية، هو بمثابة انتهاك لحقوقه بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14. ومن وجهة نظره فإن هذا الحكم يتطلب أن تثبت النيابة العامة دعواها دون اللجوء إلى أدلة "جرى الحصول عليها بالإكراه أو القمع بما يشكل تحدياً لإرادة المتهم"، كما أنه يحظر المعاملة التي تشكل انتهاكاً لحقوق المحتجزين في أن يعامَلوا باحترام لكرامتهم الإنسانية الأصيلة (6) وهو يستشهد بالتعليق العام للجنة رقم 20 الذي جاء فيه أنه يجب "أن يحظر القانون، في أي إجراءات قضائية، استخدام أو جواز قبول أي أقوال أو اعترافات يكون قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو أي معاملة محظورة أخرى"، ويلاحظ أن التدابير المطلوبة في هذا الصدد تشمل، في جملة أمور، وضع أحكام ضد الاحتجاز الانفرادي وتيسير الوصول الفوري والمنتظم إلى المحامين والأطباء (7) .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه قد حدث انتهاك للفقرة 2 من المادة 14 بالنظر إلى أنه في ضوء وجود الاعتراف، الذي اعتُبر اعترافاً طوعياً، أُلقي على عاتق صاحب البلاغ عبء إثبات براءته ولذلك فإنه لم يعامَل على أنه برئ إلى أن تثبت إدانته على النحو الذي يقتضيه هذا الحكم. ويدعي صاحب البلاغ أن المادة 16(2) من قانون منع الإرهاب تحوّل إلى المتهم عبء إثبات أن أية أقوال، بما فيها الاعتراف، لم يجر الإدلاء بها طواعية ولذلك ينبغي استبعادها كأدلة، وهذه المادة على هذا النحو تتعارض مع الفقرة 2 من المادة 14. وبصورة خاصة وحيث يتم الحصول على الاعتراف دون ضمانات وفي ظل شكاوى بوقوع تعذيب وإساءة معاملة، فإن تطبيق المادة 16(2) من قانون منع الإرهاب هو بمثابة انتهاك للفقرة 2 من المادة 14. ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14 بسبب قرار محكمة الاستئناف تأييد حكم الإدانة على الرغم من "المخالفات" المذكورة أعلاه.

3-5 ويقال إن المادة 7 قد انتُهكت فيما يتعلق بالمعاملة المبينة في الفقرتين 2-1 و2-3 أعلاه. وبسبب اعتبارات الاختصاص الزماني (انظر الفقرة 3-11، يؤكد صاحب البلاغ أن التعذيب يتصل على نحو رئيسي بالمسائل المتعلقة بالمحاكمة العادلة، التي جرى تناولها أعلاه. بيد أنه يؤكِّد، بالإضافة إلى هذا، أن ذلك يشكل انتهاكاً مستمراً للحقوق المحمية بموجب المادة 7، حيث إن قانون سري لانكا لا ينص على سبيل انتصاف فعال فيما يتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة اللذين تعرض لهما بالفعل صاحب البلاغ. ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف، بقوانينها وممارساتها، تغض الطرف عن هذه الانتهاكات، وهو ما يخالف المادة 7، مقروءة بالاقتران مع واجب الفعل الإيجابي لضمان الحقوق المحمية في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أن قرار قبول الاعتراف، الذي جرى الحصول عليه عن طريق ارتكاب انتهاكات مدعاة لحقوقه، والاعتماد عليه ليكون الأساس الوحيد لإدانته، إنما يشكلان انتهاكاً لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 2 نظراً إلى أن الدولة الطرف قد أخفقت في "ضمان" حقوقه المنصوص عليها في العهد. ويدّعى أيضاً أن تطبيق قانون منع الإرهاب نفسه يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 14، والفقرة 1 من المادة 2.

3-7 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادتين 7 و14، باعتبار أن الحاجز الدستوري أمام الطعن في المادة 16(1) و(2) من قانون منع الإرهاب يحرم صاحب البلاغ فعلاً من سبيل انتصاف فعال من التعذيب الذي تعرض لـه ومن محاكمته غير العادلة. وينص قانون منع الإرهاب على جواز قبول الاعترافات المتحصل عليها خارج إطار القضاء، أثناء الحبس لدى الشرطة وفي ظل عدم وجود محام، كما أنه يُلقي على عاتق المتهم بعبء إثبات أن الاعتراف قد جرى الإدلاء به "تحت التهديد" (8) . وبهذه الطريقة فإن القانون نفسه يكون قد أنشأ وضعاً يمكن أن تُنتهك فيه الحقوق المنصوص عليها في المادة 7 دون أن يوجد أي سبيل انتصاف. ويجب قيام الدولة بإنفاذ الحظر المفروض على التعذيب وإساءة المعاملة، وهو ما يشمل اتخاذ "إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي" (9) . وهكذا، إذا كان التشريع يشجّع أو ييسر عملياً حدوث انتهاكات، فإنه كحد أدنى يتناقض مع الواجب الإيجابي باتخاذ جميع التدابير الضرورية لمنع التعذيب والعقوبة اللاإنسانية. ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك مستقل للفقرة 3 من المادة 2، بمفردها، باعتبار أن الحظر الصريح بموجب قانون سري لانكا على تقديم طعون دستورية على التشريعات التي سُنت فعلاً قد منع صاحب البلاغ من الطعن في تطبيق قانون منع الإرهاب.

3-8 ويدعي صاحب البلاغ أن عدم قيام محكمة الموضوع ومحكمة الاستئناف باستبعاد الاعتراف المدعى صدروه منه، على الرغم من أنه قد صدر في ظل عدم وجود مترجم شفوي مؤهل ومستقل، هو بمثابة خرق لحق في عدم التمييز ضده بموجب الفقرة 1 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 26. وهو يدعي أن تطبيق قانون منع الإرهاب قد أسفر، وما زال يسفر، عن تمييز غير مباشر ضد أفراد الأقلية التاميلية، بمن فيهم هو نفسه.

3-9 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14، فيما يتصل بالقضيتين رقـم 6823 /94 و6824/94، بالنظر إلى أنه قد احتُجز في انتظار المحاكمة لأكثر من سبع سنوات منذ صدور لوائح الاتهام الأولية ضده (أي لثماني سنوات منذ إلقاء القبض عليه)، وأنه لم يحاكَم حتى تاريخ تقديم بلاغه.

3-10 ويؤكد صاحب البلاغ أنه قد استنفد سبل الانتصاف الداخلية بالنظر إلى أنه قد حُرم من الإذن بالاستئناف أمام محكمة النقض. وفيما يتعلق بسبل الانتصاف الدستورية، فإنه يلاحظ أن دستور سري لانكا (المادة 126(1)) لا يسمح إلا بالمراجعة القضائية للإجراءات التنفيذية أو الإدارية، وهو يحظر صراحة أي طعن دستوري في تشريعات سُنت بالفعل (المادة 16، والمادة 80(3)، والمادة 126(1)) (10) . وأكدت المحاكم بالمثل أنه غير مسموح بالمراجعة القضائية للإجراء القضائي. وهكذا فإنه لم يتمكن من التماس إجراء مراجعة قضائية لأي من الأوامر القضائية المنطبقة على قضيته، أو من الطعن في دستورية أحكام قانون منع الإرهاب، التي سمحت باحتجازه رهن المحاكمة (فيما يتعلق بالقضيتين رقمي 6823/94 و6824/94)، وبمقبولية اعترافه المدعى، وتحويل عبء الإثبات بخصوص مقبولية اعترافاته.

3-11 ويجادل صاحب البلاغ بأن البلاغ مقبول بحكم الاختصاص الزماني. وفيما يتعلق بالقضية رقم 6825/94، فإن حكم محكمة الاستئناف المؤرخ 6 تموز/يوليه 1999، الذي أيد إدانة صاحب البلاغ، ورفض محكمة النقض لسري لانكا في 28 كانون الثاني/يناير 2000 منح الإذن بالاستئناف، قد صدر كلاهما بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري الأول بالنسبة إلى سري لانكا. وهو يؤكد أن الحق في محاكمة عادلة يشمل جميع مراحل الدعوى الجنائية، بما في ذلك الاستئناف، وأن ضمانات اتباع الأصول القانونية الواجبة المنصوص عليها في المادة 14 تنطبق على الدعوى بأسرها. والانتهاكات المدعاة من جانب محكمة الاستئناف للحقوق المحمية بموجب المادة 14 هي الأساس الرئيسي الذي يرتكز عليه هذا البلاغ. ويقول إن ادعاءاته مقبولة بحكم الاختصاص الزماني بقدر ما تتصل بالانتهاكات المستمرة لحقوقه بموجب العهد. وهو يدفع بأن إنكار الحق في الحصول على سبيل انتصاف فيما يتصل بالادعاءات المقدمة بموجب الفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 والمادة 14 (الفقرات 3-7)، ما زال مستمراً. وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14، فإنه ما زال محبوساً دون احتمال الإفراج عنه أو إعادة محاكمته، وهو ما يعد انتهاكاً مستمراً لحقه في عدم التعرض لاحتجاز مطول دون محاكمة عادلة. وبخصوص القضيتين رقمي 6823/94 و6824/94، يؤكد صاحب البلاغ أنه قد ظل محبوساً في انتظار المحاكمة لما مجموعه ثماني سنوات وقت تقديم بلاغه، انقضت ثلاث منها بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري.

3-12 وفيما يتعلق بسبيل الانتصاف، يؤكد صاحب البلاغ أن الإفراج عنه هو أنسب سبيل انتصاف فيما يتصل بالانتهاكات المدعى حدوثها هنا، فضلاً عن تقديم تعويض، عملاً بالفقرة 6 من المادة 14 من العهد.

آراء الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تدفع الدولة الطرف، في مذكرة بتاريخ 4 نيسان/أبريل 2002، أن البلاغ غير مقبول بحكم الاختصاص الشخصي. وهي تؤكد أنها لم تتلق نسخة من التوكيل الرسمي وأنها لو تلقت مثل هذه النسخة لكان قد تعين عليها التدقيق في "صحتها ومدى انطباقها". بل حتى إذا كان الترخيص قد قُدم إلى الدولة الطرف، فإنها تؤكد أن صاحب البلاغ يجب عليه شخصياً أن يقدم البلاغ ما لم يكن بوسعه إثبات أنه غير قادر على القيام بذلك. ولم يقدم صاحب البلاغ أي سبب للبرهنة على عدم قدرته على تقديم هذا الطلب بنفسه.

4-2 وتسوق الدولة الطرف حجة مفادها أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية. فهو أولاً كان يستطيع أن يطلب إلى رئيس الجمهورية إصدار عفو أو منح أي تأجيل لتنفيذ الحكم أو الاستعاضة عن الحكم بشكل من العقوبة أقل قسوة، بالنظر إلى أنه مخول القيام بذلك بموجب المادة 34(1) من الدستور. ثانيا، إنه كان يستطيع أن يتقدم بطلب إلى محكمة النقض بموجب المادة 11 من الدستور، التي تمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لبحث ادعاءاته بتعرضه للتعذيب على أيدي أفراد من الجيش ورجال من الشرطة. وكان هذا الإجراء سيشكل "إجراء تنفيذياً" بالمعنى المقصود في المادتين 17 و26 من الدستور (12) . وإذا كان قد تبين لمحكمة النقض أن صاحب البلاغ قد تعرض للتعذيب فإنها كانت تستطيع أن تصدر إعلاناً بأن حقوقه بموجب المادة 11 قد انتُهكت وتأمر بدفع تعويض من جانب الدولة ودفع تكاليف الإجراءات القانونية وأن تقوم أيضاً، إذا وُجد مسوغ لذلك، بالأمر بإطلاق سراح صاحب البلاغ في الحال.

4-3 ثالثا، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان يمكن أن يشكو إلى الشرطة مدعياً أنه تعرض للتعذيب حسب تعريفه في المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 12، من اتفاقية مناهضة التعذيب. وكان يمكن عندئذ للمدعي العام أن يقيم دعوى جنائية في المحكمة العليا. رابعاً، فإن صاحب البلاغ كان يمكن أن يقيم دعوى جنائية مباشرة ضد مرتكبي التعذيب المدَّعى وذلك في محكمة الصلح، عملاً بالمادة 136(1)(أ) من مدونة قانون الإجراءات الجنائية (رقم 15 لعام 1979). وإذا تبين لمحكمة النقض أن صاحب البلاغ قد تعرض للتعذيب أو إذا كانت دعوى جنائية قد رُفعت ضد مرتكبي التعذيب المزعومين، فإنه إما لم تكن لتوجه ضده لائحة اتهامات أو كان سيجري إنهاء الدعوى الجنائية المقامة فعلاً.

4-4 وفيما يتعلق بالشكوى القائلة بأن حقوقه بموجب الفقرة 3(ج) من المادة 14 قد انتُهكت بالنظر إلى احتجازه في انتظار المحاكمة في القضيتين رقمي 6823 و6825، اللتين لم تبدأ المحاكمة بشأنهما بعد، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان يمكن أن يقدم التماساً إلى محكمة النقض، ويشكو من حدوث انتهاكٍ، بسبب "إجراء تنفيذي"، "لحقوقه الأساسية" المكفولة بموجب المادة 13(3) و/أو (4) من الدستور. وكان يمكن لهذا القرار من جانب محكمة النقض أن يؤدي إلى إلغاء لائحة الاتهامات أو إطلاق سراح صاحب البلاغ.

4-5 وتنكر الدولة الطرف، في مذكرتها المتعلقة بالأسس الموضوعية المؤرخة 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، أن يكون أي من حقوق صاحب البلاغ بموجب العهد قد انتُهك أو أن يكون أي من أحكام لائحة حالة الطوارئ (أحكام وصلاحيات متنوعة) رقم 1 لعام 1989 (التي صدرت بموجب قانون الأمن العام) أو أحكام قانون منع الإرهاب يشكل انتهاكاً للعهد. وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 14، فإنها تؤكد أن صاحب البلاغ قد حظي بمحاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة نزيهة منشأة بموجب القانون؛ وأنه قد تمتع بافتراض البراءة المكفول بموجب القانون الداخلي والمعترف به كحق دستوري.

4-6 وفيما يتعلق بمسألة الحصول على خدمات مترجم شفوي، تؤكد الدولة الطرف أن شخصاً ضليعاً في التاميلية والسينهالية على السواء كان حاضراً أثناء تسجيل اعتراف صاحب البلاغ. وقد استدعت النيابة العامة هذا المترجم كشاهد أثناء المحاكمة التي أُتيحت خلالها لصاحب البلاغ الفرصة لاستجواب المترجم وأيضاً لاختبار معرفته وكفاءته. وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة لم تقبل الاعتراف كجزء من الأدلة المعروضة في المحاكمة إلا بعد تسجيل هذا الدليل أثناء جلسة الاستجواب التمهيدي. وهي تضيف أنه قد أتيحت لصاحب البلاغ مساعدة مجانية من مترجم شفوي ضليع في التاميلية أثناء المحاكمة كما كان يمثله محامٍ من اختياره، كان ضليعاً أيضاً في التاميلية.

4-7 وتؤكد الدولة الطرف أنه كان لصاحب البلاغ الحق في التزام الصمت أو في أن يدلي من قفص الاتهام ببيان غير مصحوب بيمين أو في تقديم أدلة مصحوبة بيمين من منصة الشهود يمكن استجوابه بشأنها. وتنكر الدولة الطرف أنه قد أُجبر على أن يشهد أثناء المحاكمة أو أن يشهد ضد نفسه أو أن يعترف بأنه مذنب. وبالأحرى فإنه اختار تقديم أدلة وكان من حق المحكمة وقد فعل ذلك أن تنظر في هذه الأدلة عند التوصل إلى حكمها. وتشرح الدولة الطرف أنه بموجب قانون الأدلة في سري لانكا، لا يجوز قبول الأقوال المدلى بها إلى رجل شرطة – أما بموجب قانون منع الإرهاب فإن الاعتراف الصادر لضابط شرطة ليس أقل من رتبة مدير شرطة مساعد فهو مقبول شريطة ألا تكون هذه الأقوال غير ذات الصلة بالموضوع بموجب المادة 24 من قانون الأدلة (13) . ويجوز الطعن في مدى طوعية هذه الأقوال أو الاعتراف، قبل قبولهما. وعلى الرغم من أنه يقع على عاتق النيابة العامة عبء إثبات دعواها، بما يتجاوز أي شك معقول، فإن عبء إثبات أن الاعتراف لم يُدل به طواعيةً يقع على عاتق الشخص الذي يدعي ذلك. ووفقاً لما ذكرته الدولة الطرف فإن هذا يتفق مع "المبدأ القانوني المقبول عالمياً ألا وهو أن البينة على من ادعى" وأن الاعتماد على الاعترافات لا يشكل انتهاكاً للفقرة 3(ز) من المادة 14 من العهد وأنه أمر جائز بموجب الدستور. وهي تجادل بأن العبء الواقع على المتهم لإثبات أن الاعتراف قد صدر تحت الإكراه هو أمر ليس بمنأى عن شك معقول ولكنه "يوضع عند رتبة منخفضة للغاية ويتطلب من المتهم أن "يثبت مجرد وجود احتمال لعدم صدوره طواعية".

4-8 وفيما يتعلق بادعاء التعذيب، تؤكد الدولة الطرف أن محكمة الموضوع ومحكمة الاستئناف قررتا بوضوح وعلى نحو لا لبس فيه أن هذه الادعاءات تتعارض مع التقرير الطبي المقدم كدليل، وأن صاحب البلاغ لم يقدم مثل هذه الادعاءات إلى قاضي الصلح أو إلى الشرطة قبل المحاكمة.

4-9 وبخصوص الادعاء بالتمييز فيما يتعلق بالطريقة التي سُجل بها الاعتراف الذي أدلى به صاحب البلاغ ونظرت فيها المحكمة فيه، تسوق الدولة الطرف من جديد حججها المثارة بشأن الظروف التي اكتنفت اعترافه، في الفقرة 4-6 أعلاه. وفيما يخص مسألة حدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14، فإنها تلاحظ أن صاحب البلاغ قد أتيحت لـه كل فرصة لقيام محكمة مُشكَّلة وفقاً للقانون بمراجعة إدانته والحكم الصادر ضده، وأنه يسعى فحسب إلى التشكيك في الحيثيات الواقعية التي توصلت إليها المحاكم المحلية قبل عرض المسألة على اللجنة. وأخيراً، فإن الدولة الطرف تُبلغ اللجنة بأنه عقب إدانة صاحب البلاغ في القضية رقم 6825/94، فإن الاتهامات الموجهة في القضيتين رقمي 6823/94 و6824/94 قد سُحبت.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن البلاغ غير مقبول بحكم الاختصاص الشخصي، يؤكد صاحب البلاغ أن التوكيل الرسمي قد أُدرج ضمن الأوراق المقدمة منه ويلاحظ أن سجنه قد حال بينه وبين تقديم البلاغ شخصياً. ويضيف أن من الممارسات الشائعة أن تقبل اللجنة البلاغات من أطراف ثالثة تتصرف لصالح أفراد مودعين في السجون.

5-2 وبخصوص مسألة استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، يؤكد صاحب البلاغ أن الالتزام باستنفاد جميع سبل الانتصاف الداخلية لا يمتد إلى سبل الانتصاف غير القضائية وأن العفو الرئاسي، الذي يشكل سبيل انتصاف غير عادي، يرتكز على السلطة التقديرية التنفيذية ومن ثم فإنه لا يرقى إلى مرتبة سبيل انتصاف فعال لأغراض البروتوكول الاختياري.

5-3 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أنه لم يكن بمقدوره التماس سبل انتصاف دستورية فيما يتعلق بأي من الأوامر القضائية أو التشريعات المعنية المتعلقة بقبول الاعتراف المدعى أو الاحتجاز رهن المحاكمة، بالنظر إلى أن دستور سري لانكا لا يسمح بالمراجعة القضائية للإجراء القضائي أو للتشريعات التي سُنت بالفعل. وهكذا فإنه لم يكن يستطيع اللجوء إلى سبل الانتصاف الدستورية فيما يتعلق بقرار المحاكم المحلية قبول الاعتراف المدعى أو بالتشريعات المحلية التي تجيز قبول الأقوال المدلى بها أمام الشرطة وتُلقي على عاتق المتهم بعبء إثبات أن هذه الأقوال لا صلة لها بالموضوع.

5-4 أما بخصوص ما إذا كان يمكن لصاحب البلاغ أن يحاول مقاضاة مرتكبي التعذيب المدعى، فإنه يؤكد أن الالتزام باستنفاد سبل الانتصاف الداخلية لا يمتد إلى سبل الانتصاف التي لا يمكن الوصول إليها أو غير الفعالة عملياً أو التي يحتمل أن يطول أمدها على نحو مخالف للأصول. ويشير إلى أن القوانين المنطبقة لا تتفق مع المعايير الدولية وخاصة مع متطلبات المادة 7 من العهد. وبناءً على ذلك، فإن سبل الانتصاف المتاحة ضد التعذيب غير فعالة. ولم يقدم صاحب البلاغ شكوى جنائية بأن الاعتراف المدعى قد انتُزع منه تحت التعذيب، بالنظر إلى خوفه من انعكاسات ذلك أثناء استمرار وجوده في الحبس. وهو يشير إلى أنه عندما سجل هذه الادعاءات أثناء جلسة الاستجواب التمهيدية أمام المحكمة العليا، لم يكن قد جرى البدء في أي تحقيقات.

5-5 وبخصوص مسألة استفاد سبل الانتصاف الداخلية، فيما يتصل باحتجاز صاحب البلاغ رهن المحاكمة والتأخير الذي حدث في المحاكمة، يؤكد صاحب البلاغ أنه يجب استنفاد "سبل الانتصاف المتاحة" فقط. ولا يوجد حق محدد في إجراء محاكمة سريعة بموجب الدستور كما أن المحاكم لم تفسر حتى تاريخه الحق في محاكمة عادلة على أنه يشمل الحق في محاكمة سريعة. وفضلاً عن ذلك، فإن الدستور ينص صراحة على إمكانية الاحتجاز في انتظار المحاكمة كما ينص، على أية حال، على أن سبل الانتصاف الدستورية لا تنطبق على الأحكام القضائية، وذلك مثلاً عندما تقرر إحدى المحاكم منح تأجيلات متكررة بناء على طلب النيابة العامة، مما يؤدي إلى تأخيرات في المحاكمة .

5-6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يكرر صاحب البلاغ الحجج الواردة في رسالته الأولى. وفيما يخص المعلومات المقدمة من الدولة الطرف بشأن القضيتين رقم 6823/94 و6824/94، يؤكد صاحب البلاغ أن الاتهامات المتعلقة بالقضية الأولى قد سُحبت ولذلك فإنه "لا يقدم أي بيانات أخرى فيما يتعلق بهذه الإجراءات". بيد أنه لا توجد أي معلومات متاحة بشأن ما إذا كانت الاتهامات الموجهة في القضية الأخيرة قد أُسقطت، ويؤكد صاحب البلاغ أنه قد يقدَّم مع ذلك إلى المحاكمة بشأن هذا الاتهام.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ، يجب أن تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد. وقد تأكد للجنة، كما هو مطلوب بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن هذه المسألة ليست قيد بحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 وفيما يتعلق بمسألة الصلاحية والحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن محامي صاحب البلاغ لم يكن لديه ترخيص بتمثيله، تلاحظ اللجنة أنها قد تلقت أدلة خطية تؤكد الترخيص الممنوح لممثل صاحب البلاغ للتصرف بالنيابة عنه وتشير إلى المادة 90(ب) من نظامها الداخلي التي تنص على هذه الإمكانية. وهكذا تخلص اللجنة إلى أن ممثل صاحب البلاغ لديه صلاحية التصرف بالنيابة عنه وأن البلاغ لا يعتبر غير مقبول لهذا السبب.

6-3 وعلى الرغم من أن الدولة الطرف لم تدفع بأن البلاغ غير مقبول بحكم الاختصاص الزمني، فإن اللجنة تلاحظ أن الانتهاكات التي ادعى صاحب البلاغ وقوعها قد حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. وتشير اللجنة إلى سوابقها القانونية السابقة وتكرر القول بأنها لا يمكن أن تنظر في بلاغ ما إذا كانت الانتهاكات المدعاة قد حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري، ما لم تكن الانتهاكات المدعاة مستمرة أو لها آثار مستمرة تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. وينبغي تفسير الانتهاك المستمر على أنه تأكيد، بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري فعلاً أو ضمناً بشكل واضح، لانتهاكات سابقة من جانب الدولة الطرف (14) . وتلاحظ اللجنة أنه رغم أن صاحب البلاغ قد أُدين في محكمة ابتدائية في 29 أيلول/سبتمبر 1995، أي قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف، فإن حكم محكمة الاستئناف المؤيِّد لإدانة صاحب البلاغ وأمر محكمة النقض برفض منح إذن بالاستئناف قد صدرا في 6 تموز/يوليه 1999 و28 كانون الثاني/يناير 2000، على التوالي، أي بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. وترى اللجنة أن حكم محكمة الاستئناف، الذي أيد الإدانة الصادرة عن محكمة الموضوع، يشكل تأكيداً لسلوك المحاكمة. وفي ظل هذه الظروف تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد ما يحول بينها، بحكم الاختصاص الزمني، وبين النظر في هذا البلاغ. بيد أنه فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ، بموجب المادة 26، والفقرة 1 من المادة 2 وبمفردهما وبالاقتران مع المادة 14، وادعائه بموجب الفقرة 3 من المادة 9 بخصوص حبسه الاحتياطي تلقائياً دون كفالة، تخلص اللجنة إلى أن هذه الادعاءات غير مقبولة بحكم الاختصاص الزماني.

6-4 وفيما يتعلق بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف الداخلية من حيث أنه لم يطلب عفواً رئاسياً، تكرر اللجنة سوابقها القانونية ومفادها أن هذا العفو يشكل سبيل انتصاف غير عادي ومن ثم فإنه ليس سبيل انتصاف فعالاً لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاك للمادة 7 وباعتباره ادعاءً يقتصر على التعذيب مما يثير مسائل تتعلق بالمحاكمة العادلة، تلاحظ اللجنة أن هذه المسألة قد نظرت فيها محكمة الاستئناف ورفضتها للافتقار إلى أساس موضوعي. وعلى هذا الأساس، وبالنظر إلى رفض إعطاء الإذن لصاحب البلاغ بالاستئناف أمام محكمة النقض، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف الداخلية.

6-6 وفيما يخص الادعاء بحدوث انتهاك للفقرة 5 من المادة 14، بالنظر إلى أن محكمة الاستئناف قد أقرت إدانة صاحب البلاغ، على الرغم من "المخالفات" المدعاة أثناء المحاكمة، تلاحظ اللجنة أن الحكم الوارد في هذه الفقرة ينص على الحق في قيام محكمة أعلى بمراجعة الإدانة والحكم الصادرين ضد الشخص. ولما كان لا جدال في أن محكمة الاستئناف قد راجعت إدانة صاحب البلاغ والحكم المحكوم به عليه، فإن كون صاحب البلاغ يختلف مع النتيجة المترتبة على حكم المحكمة ليس بسبب كافٍ لوضع هذه المسألة في نطاق الفقرة 5 من المادة 14. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن هذه الادعاء غير مقبول بحكم الاختصاص الموضوعي، بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-7 ولذلك تنتقل اللجنة إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ بخصوص الادعاءات المتعلقة بالتعذيب كما حُددت في الفقرة 6-4 أعلاه والمحاكمة غير العادلة – المادة 14 وحدها وبالاقتران مع المادة 7.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 فحصت اللجنة البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وبخصوص الادعاء بحدوث انتهاك للفقرة 3(و) من المادة 14، بسبب عدم وجود مترجم شفوي خارجي أثناء صدور الاعتراف المدعى من صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن هذا الحكم ينص على الحق في الاستعانة بمترجم شفوي أثناء جلسات المحكمة فقط، وهو حق مُنح لصاحب البلاغ (15) . بيد أن الاعتراف، كما يظهر بوضوح من مداولات المحكمة، قد صدر في حضور اثنين من المختصين فقط دون غيرهما – هما مدير الشرطة المساعد ورجل الشرطة العسكرية؛ وقام الأخير بطباعة البيان وبالترجمة الشفوية بين التاميلية والسينهالية. وتخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قد حُرم من محاكمة عادلة وفقاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد إذ جرى الاعتماد فقط على اعتراف جرى الحصول عليه في ظل هذه الظروف.

7-3 وبخصوص التأخير الذي حدث ما بين صدور الإدانة والرفض النهائي من جانب محكمة النقض للاستئناف المقدم من صاحب البلاغ (29 أيلول/سبتمبر 1995 إلى 28 كانون الثاني/يناير 2000) في القضية رقم 6825/1994، والذي ظل دون تفسير من جانب الدولة الطرف، تلاحظ اللجنة بالإشارة إلى قرارها المستند إلى الاختصاص الزمني والوارد في الفقرة 6-3 أعلاه، أن أكثر من سنتين من هذه الفترة، أي من 3 كانون الثاني/يناير 1998 إلى 28 كانون الثاني/يناير 2000، تتصل بالوقت المنقضي بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري. وتشير اللجنة إلى سوابقها القانونية السابقة بأن الحقوق الواردة في الفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14، بقراءتهما معاً، تخول الحق في إعادة النظر دون تأخير في أي قرار يصدر خلال المحاكمة (16) . وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن التأخير في هذه القضية يشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في إعادة النظر في المسألة دون تأخير وترتيباً على ذلك تخلص إلى حدوث انتهاك للفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 من العهد.

7-4 وفيما يخص الادعاء بحدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14، إذ أُجبر على التوقيع على اعتراف وتعين عليه بعد ذلك تحمل عبء إثبات أن الاعتراف انتُزع منه تحت الإكراه ولم يكن طوعياً، يجب أن تنظر اللجنة في المبادئ التي يقوم عليها الحق المحمي في هذا النص. وهي تشير إلى سوابقها القضائية ومفادها أن الصيغة المستخدمة في الفقرة 3(ز) من المادة 14 وهي ألا يُكرَه أحد "على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب" يجب فهمها على أنها تعني عدم وجود أي إكراه بدني أو نفسي مباشر أو غير مباشر من سلطات التحقيق على المتهم بقصد الحصول على اعتراف منه بالإقرار بالذنب (17) . وترى اللجنة أنه يُفهم ضمناً من هذا المبدأ أن تقوم النيابة العامة بإثبات أن الاعتراف قد صدر دون إكراه. وهي تلاحظ كذلك أنه عملاً بالمادة 24 من قانون الأدلة السريلانكي، فإن الاعترافات المنتزعة ب‍ "التحريض أو التهديد أو الوعيد" غير مقبولة وأن كلاً من المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف قد نظر في إطار هذه القضية في أدلة تفيد أن صاحب البلاغ قد تعرض للاعتداء عليه قبل صدور اعترافه المدعى بعدة أيام. بيد أن اللجنة تلاحظ أيضاً أنه قد وقع على عاتق المتهم عبء إثبات ما إذا الاعتراف قد صدر طواعية. وهذا أمر لا تنازع فيه الدولة الطرف بالنظر إلى أنه منصوص عليه في المادة 16 من قانون منع الإرهاب. بل إنه حتى إذا كانت عتبة الإثبات، كما تدفع الدولة الطرف، "منخفضة جداً" وأن "مجرد وجود احتمال لعدم صدوره طواعية" يكفي لجعل المحكمة تميل لصالح المتهم، فإنه يبقى أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن استعداد المحاكم في جميع المراحل لرفض شكاوى التعذيب وإساءة المعاملة على أساس عدم قطعية الشهادة الطبية (ولا سيما شهادة متحصل عليها بعد مرور أكثر من عام على الاستجواب وما تلاه من اعتراف) يوحي بأن هذه العتبة لم يجر الامتثال لها. وفضلاً عن ذلك، وبقدر ما كانت المحاكم مستعدة للاستدلال على أن ادعاءات صاحب البلاغ تفتقر إلى المصداقية بسبب عدم قيامه بالشكوى من سوء المعاملة أمام القاضي، تخلص اللجنة إلى أن هذا الاستدلال غير مدعوم بجلاء في ضوء عودته المتوقعة إلى الاحتجاز لدى الشرطة. كما أن هذه المعاملة للشكوى من جانب محاكم الدولة الطرف لا تُعفي الدولة الطرف على نحو مرضٍ من التزامها بالتحقيق بصورة فعالة في الشكاوى المتعلقة بحدوث انتهاكات للمادة 7. وتخلص اللجنة إلى نتيجة مفادها أن الدولة الطرف، بإلقائها على صاحب البلاغ عبء إثبات أن اعترافه قد صدر تحت الإكراه، قد انتهكت الفقرتين 2 و3(ز) من المادة 14، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ومع المادة 7 من العهد.

7-5 واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكات للفقرات 1 و2 و3(ج) و(ز) من المادة 14، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 من العهد.

7-6 ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بإتاحة سبيل انتصاف فعال ومناسب لصاحب البلاغ، بما في ذلك الإفراج عنه أو إعادة محاكمته وتعويضه. كما يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتجنب حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل وأن تكفل جعل المواد المطعون فيها من قانون منع الإرهاب متوافقة مع أحكام العهد.

7-7 وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى نشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية العربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 9(1) من قانون منع الإرهاب على ما يلي: "في الحالات التي يكون فيها لدى الوزير سبب يدعو إلى الاعتقاد أو الاشتباه بأن أي شخص لـه ارتباط بأي نشاط غير مشروع أو لـه ضلع فيه، يجوز للوزير أن يأمر باحتجاز هذا الشخص لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في المرحلة الأولى، في المكان الذي يحدده الوزير وبالشروط التي يحددها، ويجوز تمديد هذا الأمر من وقت إلى آخر لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في وقت من الأوقات".

(2) تنص المادة 15(2) من قانون منع الإرهاب (بصيغتها المعدلة بالقانون 10 لعام 1982) على ما يلي: "لدى استلام لائحة الاتهام في المحكمة ضد أي شخص فيما يتعلق بأي جريمة منصوص عليها في هذا القانون أو أي جريمة تنطبق عليها أحكام المادة 23 تأمر المحكمة، في كل حالة، بحبس هذا الشخص احتياطياً إلى حين انتهاء المحاكمة". ولا يقدم صاحب البلاغ أي مطالبة محددة فيما يتعلق بهذه المسألة.

(3) تنص المادة 10 من قانون منع الإرهاب على ما يلي: "أي أمر يصدر بموجب المادة 9 يكون نهائياً ولا يجوز التشكيك فيه في أي محكمة من المحاكم بأمر قضائي أو خلافه".

(4) تنص المادة 16 من قانون منع الإرهاب على ما يلي: "(1) بغض النظر عن أحكام أي قانون آخر، حين يُتهم أي شخص بجريمة بموجب هذا القانون، فإن أية أقوال يدلي بها هذا الشخص في أي وقت سواء (أ) كانت بمثابة اعتراف أم لا؛ أو (ب) جرى الإدلاء بها شفوياً أو حُررت كتابة؛ أو (ج) كان هذا الشخص في الحبس أم لا أو كان في حضور ضابط شرطة أم لا؛ أو (د) جرى الإدلاء بها أثناء تحقيق أم لا؛ أو (ه‍) جاءت هذه الأقوال كلياً أو جزئياً رداً على أي سؤال، يجوز إثباتها ضد هذا الشخص إذا لم تكن هذه الأقوال لا صلة لها بالموضوع بموجب المادة 24 من قانون الأدلة: بيد أنه يُشترَط ألا تُثبَت أية أقوال من هذا القبيل ضد هذا الشخص إذا تم الإدلاء بها أمام ضابط شرطة دون رتبة مدير شرطة مساعد". (2) يقع عبء إثبات أن أية أقوال مشار إليها في المادة الفرعية (1) لا صلة لها بالموضوع بموجب المادة 24 من قانون الأدلة على عاتق الشخص الذي يؤكد ألا صلة لها بالموضوع. (3) أية أقوال تكون مقبولة بموجب المادة الفرعية (1) يجوز إثباتها ضد أي شخص آخر متهم بالاشتراك مع الشخص الذي أدلى بالأقوال، إذا حدث، وفقط إذا حدث، أن كانت هذه الأقوال مدعومة في المسألة المعنية بأدلة غير الأقوال المشار إليها في المادة الفرعية (1)". (التشديد الموضوع مضاف)

ويلاحظ صاحب البلاغ أن المادة 17 من قانون منع الإرهاب تنص كذلك على أن المواد 25 و26 و30 من قانون الأدلة، التي تتضمن قيوداً إضافية على جواز قبول الاعترافات، لا تنطبق في أي إجراءات يُضطلع بها في إطار قانون منع الإرهاب. فالمادة 24 من قانون الأدلة تنص على ما يلي: "لا يُعتدّ بأي اعتراف أدلى به شخص متهم في دعوى جنائية إذا بدا للمحكمة أن الإدلاء بهذا الاعتراف قد جاء بسبب أي تحريض أو تهديد أو وعيد لـه صلة بالتهمة الموجهة ضد الشخص المتهم، وكان مصدره شخصاً يشغل سلطة أو شخصاً آخر في حضور شخص يشغل سلطة وبموافقته، ويكون هذا التحريض أو التهديد أو الوعد كافياً في رأي المحكمة لأن يعطي للشخص المتهم أسباباً تبدو في نظره معقولة لافتراض أنه إذا أدلى بالاعتراف سيكسب ميزة أو يتجنب شراً ذا طبيعة مؤقتة في الدعوى المرفوعة ضده".

(5) تسمح المادة 128 من الدستور بالاستئناف أمام محكمة النقض بخصوص المسائل القانونية فقط.

(6) سوندرز ضد المملكة المتحدة (1996) (23 EHRR 313) التعليق العام رقم 13 الصادر عن اللجنة والمؤرخ 13 نيسان/أبريل 1984؛ وكيلي ضد جامايكا، القضية رقم 253/87، الآراء المعتمدة في 4 آب/أغسطس 1991.

(7) التعليق العام رقم 20 الصادر عن اللجنة، المؤرخ 10 آذار/مارس 1992.

(8) يلاحظ صاحب البلاغ في هذا الصدد أن التقرير الأخير المقدم من مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، يشير إلى ادعاءات متكررة بانتزاع اعترافات تحت التعذيب من أشخاص متهمين بجرائم بموجب قانون منع الإرهاب. تقرير المقرر الخاص، السيد بكر والي ندياي، إضافة، المقدم عملاً بقرار لجنة حقوق الإنسان 1997/61، E/CN.4/1998/68/Add.2، 12 آذار/مارس 1998 .

(9) الفقرة 1 من المادة 2 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

(10) تنص المادة 126(1) من دستور سري لانكا على ما يلي: "لمحكمة النقض الاختصاص الوحيد والمطلق للنظر والبت في أي مسألة تتعلق بخرق فعلي أو وشيك بسبب إجراء تنفيذي أو إداري لأي حق من الحقوق الأساسية". (التوكيد مضاف). وتنص المادة 16(1) من الدستور على الآتي: "تكون جميع القوانين القائمة المدونة وغير المدونة صحيحة ونافذة بغض النظر عن أي تعارض فيها مع الأحكام السابقة من هذا الفصل [الفصل الثالث المتعلق بالحقوق الأساسية]". وفضلاً عن ذلك، فإن المادة 80(3) من دستور سري لانكا تنص على الآتي: "لا يجوز لأي محكمة من المحاكم أن تبحث أو تبت أو تشكك بأية طريقة في صحة [أي قانون برلماني] لأي سبب كان". وقد علق القاضي س. شارفاناندا، بوصفه كبيرة قضاة سري لانكا سابقا، (انظر(Justice S. Sharvananda, Fundamental Rights in Sri Lanka, (Sri Lanka: 1993) at p. 140 بقولـه: "تخلع المادة 80(3) على القانون الذي سن بالفعل صفة نهائية بمعنى أنه لا يمكن التشكيك في صحة أي قانون برلماني في أي محكمة من أي نوع. وفي إطار هذا المخطط الدستوري، لا يوجد مجال للأخذ بمفهوم "اتباع الأصول القانونية الواجبة" أو بفكرتي معقولية القانون والعدالة الطبيعية على النحو الذي فعلته محكمة النقض الهندية في قضية مانيكا غاندي A.I.R. (1978) SC 597 at 691-692. وكما ذُكر سابقاً، فليس مطروحاً في سري لانكا قيام محكمة من المحاكم بإبطال أي قانون على أساس أنه يسعى إلى حرمان شخص من حريته على نحو يناقض مفاهيم المحكمة عن العدل أو اتباع الأصول القانونية".

(11) Velmurugu v AG (1981) 1 SLR 406; Saman v Leeladasa SC Appl. No. 4/88 SC Minutes 12 December 1988.

(12) تنص المادة 17 على أنه "لكل شخص الحق في أن يتقدم بطلب إلى محكمة النقض، وفقاً لنص المادة 126، فيما يتعلق بخرق فعلي أو وشيك، بسبب إجراء تنفيذي أو إداري، لحق أساسي يحق لهذا الشخص أن يتمتع به بموجب أحكام هذا الفصل". وتنص المادة 26 على أنه "لمحكمة النقض الاختصاص الوحيد والمطلق للنظر والبت في أي مسألة تتعلق بخرق فعلي أو وشيك بسبب إجراء تنفيذي أو إداري لأي حق أساسي أو حق لغوي معلن ومعترف به في الفصل الثالث أو الفصل الرابع".

(13) تنص المادة 28 على الآتي: "تكون أحكام هذا القانون (قانون منع الإرهاب) نافذة بغض النظر عن أي شيء يرد في أي قانون مدون أخر، وعليه ففي حالة وجود أي نزاع أو تعارض بين أحكام هذا القانون وأي قانون مدون أخر تكون العبرة بأحكام هذا القانون".

(14) "إ".و"أ. ك." ضد هنغاريا، القضية رقم 520/1992، المقرر المؤرخ 7 نيسان/أبريل 1994، و" ك. ف. " و" س. ف." ضد ألمانيا ، القضية رقم 568/1993، المقرر المؤرخ 8 نيسان/أبريل 1994، و هولندا ضد آيرلندا ، القضية رقم 593/1994، المقرر المؤرخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 1996.

(15) " ب. د. ب." ضد هولندا ، القضية رقم 273/1988، المقرر المؤرخ 30 آذار/مارس 1989، و إيف كادوريه ضد فرنسا ، القضية رقم 221/1987، المقرر المؤرخ 11 نيسان/أبريل 1991، و هيرفي لي بيهان ضد فرنسا ، القضية رقم 323/1988، المقرر المؤرخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

(16) لوبوتو ضد زامبيا، القضية رقم 390/1990، الآراء المعتمدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1995، ونيبتون ضد ترينيداد وتوباغو ، القضية رقم 523/1992، الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 1996؛ وسام توماس ضد جامايكا ، القضية رقم 614/95، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1999؛ و كليفورد مكلورانس ضد جامايكا ، القضية رقم 702/96، الآراء المعتمدة في 18 تموز/يوليه 1997؛ و جونسون ضد جامايكا ، القضية رقم 588/1994، الآراء المعتمدة في 22 آذار/مارس 1996.

(17) بيري ضد جامايكا ، القضية رقم 330/1988، الآراء المعتمدة في 4 تموز/يوليه 1994.

باء باء- البلاغ رقم 1051/2002، أهاني ضد كندا (الآراء التي اعتمدت في 29 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : منصور أهاني (تمثله محامية، وهي السيدة باربارا ل. جاكمان)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 10 كانون الثاني/يناير 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 آذار/مارس 2004،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1051/2002، المقدم إليها بالنيابة عن منصور أهاني في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ الذي تحمله رسالته الأولى تاريخ 10 كانون الثاني/يناير 2002، هو منصور أهاني، وهو مواطن من جمهورية إيران الإسلامية ( ` إيران ` ) من مواليد 31 كانون الأول/ديسمبر 1964. وكان صاحب البلاغ، وقت تقديم البلاغ محبوساً في مركز هاملتون ونتوورث للاحتجاز، بهاملتون أونتاريو، ريثما تختتم المحكمة العليا في كندا الإجراءات القانونية المتعلقة بترحيله. ويدّعي أنه وقع ضحية انتهاك كندا لأحكام المواد 2 و6 و7 و9 و13 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتمثله محامية.

1-2 وفي 11 كانون الثاني/يناير 2002، وعملاً بأحكام المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، طلبت هذه الأخيرة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، في حال إعلان المحكمة العليا في قرارها المزمع إصداره في نفس اليوم الإذن بترحيل صاحب البلاغ، "أن تحجم عن ترحيله ريثما تتوفر للجنة فرصة النظر في الادعاءات، ولا سيما تلك المتعلقة بالتعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو حتى الموت التي قد يسفر عنها الترحيل". وبعد أن علمت اللجنة من محامية صاحب البلاغ بوجود احتمال فعلي ألاّ تمتثل الدولة الطرف لطلب اتخاذ تدابير حماية مؤقتة، الذي تقدمت به اللجنة، كرّرت هذه الأخيرة طلبها مجدّداً في مذكرة بتاريخ 17 أيار/مايو 2002. وفي 10 حزيران/يونيه 2002، قامت الدولة الطرف بترحيل صاحب البلاغ إلى إيران.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1991، حلّ صاحب البلاغ بكندا قادماً من إيران وطلب الحماية في إطار الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكولها، وذلك على أساس رأيه السياسي وانتمائه لفئة اجتماعية معيّنة. وأكد في مناسبات عديدة ` 1 ` أنه تعرض للضرب على أيدي أعضاء اللجنة الثورية الإسلامية في إيران لتناوله شراباً مسكراً؛ ` 2 ` أن رجوعه إلى إيران سوف يعرض حياته للخطر نظراً لمعرفته بالعمليات السرية الإيرانية والأفراد المكلفين بتنفيذها، وهي معرفة اكتسبها لمّا أُلحق رغماً عنه بفرع الاغتيالات في الخارج التابع لوزارة الخارجية الإيرانية؛ ` 3 ` أنه قضى أربع سنوات في السجن لأنه رفض المشاركة في هجوم لحجز مخدرات، والحال أن الهجوم كان يستهدف في واقع الأمر بيت معارض إيراني في باكستان، يؤوي نساءً وأطفالاً؛ ` 4 ` أنه أُفرج عنه بعد ادعائه التوبة. وفي 1 نيسان/أبريل 1992، قرر مجلس الهجرة واللجوء أن يمنح صاحب البلاغ مركز اللاجئ بموجب أحكام الاتفاقية على أساس رأيه السياسي وانتمائه إلى فئة اجتماعية معيّنة.

2-2 وفي 17 حزيران/يونيه 1993، أكد كل من الوكيل العام في كندا ووزير العمل والهجرة، عملاً بأحكام المادة 40(1) من قانون الهجرة، وبالاستناد إلى تقارير واردة عن الاستخبارات الأمنية تفيد بأن صاحب البلاغ تلقى تدريباً في أصول الاغتيالات نظمته وزارة الاستخبارات والأمن في إيران، أنهما يريان أن صاحب البلاغ لا يمكن قبولـه في كندا بموجب أحكام المادة 19(1) من القانون باعتبار أن هنالك أسباباً معقولة تدفع إلى الاعتقاد بأنه سوف يضطلع بأنشطة إرهابية، وأنه كان عضواً في منظمة هدفها القيام بأنشطة إرهابية وأنه قد اضطلع بأنشطة إرهابية. وفي نفس التاريخ، قدمت الشهادة إلى المحكمة الاتحادية، في حين سلمت نسخة منها إلى صاحب البلاغ. وعملاً بأحكام المادة 40(1)(2)(ب) من قانون الهجرة، وُضِع صاحب البلاغ في الاحتجاز الإجباري وظل محتجزاً إلى أن تم إبعاده بعد تسع سنوات.

2-3 وفي 22 حزيران/يونيه 1993، ووفقاً للإجراء القانوني الوارد في المادة 40(1) من القانون بشأن تحديد ما إذا كانت الشهادة الوزارية "معقولة بالاستناد إلى المعلومات المتاحة"، نظرت المحكمة الاتحادية (القاضي دينو)، في إطار جلسة سرية، في التقارير الواردة عن الاستخبارات الأمنية وتلقت شهادات أخرى من الوكيل العام والوزير وذلك دون حضور المشتكي. وبعد ذلك، زودت المحكمة صاحب البلاغ بملخص لملف القضية وفقاً لما يقتضيه القانون لتمكين الشخص المتضرر من الاطلاع "على نحو معقول" على ظروف الشهادة، مع إدخال التعديلات اللازمة بما يتناسب مع شواغل الأمن الوطني، ومنحت صاحب البلاغ فرصة للرد.

2-4 وبدلاً من أن يمارس صاحب البلاغ حقه في أن تستمع لـه المحكمة بموجب هذا الإجراء، طعن في دستورية إجراء الشهادة وفي قرار حبسه الذي تلا الإجراء، وذلك في إطار دعوى منفصلة رفعها أمام المحكمة الاتحادية. وفي 12 أيلول/سبتمبر 1995، رفضت المحكمة الاتحادية (القاضي ماك غيليس) الطعن، معتبرة أن الإجراء توصل إلى إقامة توازن معقول بين المصالح المتضاربة لكل من الدولة والفرد، وأن حجزه بعد تلقي الشهادة الوزارية ريثما تبت المحكمة في معقوليتها لم يكن يشكل إجراءً تعسفياً. ورفضت محكمة الاستئناف الاتحادية والمحكمة العليا الاستئنافين الآخرين الذين قدمهما صاحب البلاغ طعناً في ذلك القرار، وذلك في 4 تموز/يوليه 1996 و3 تموز/يوليه 1997، على التوالي.

2-5 وبعد تأكيد دستورية الإجراء الذي تم اتخاذه بموجب أحكام المادة 40(1)، شرعت المحكمة الاتحادية (القاضي دينو) في جلستها الأولى في النظر في المعقولية، وخلصت في 17 نيسان/أبريل 1998، عقب جلسات مستفيضة، إلى أن الشهادة كانت معقولة. وتشتمل القرائن على معلومات جمعتها وكالات استخبارات أجنبية كشفت للمحكمة في جلسة سرية في غياب صاحب البلاغ، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني. كما استمعت المحكمة للشهادة التي أدلى بها صاحب البلاغ طعناً في معقولية الشهادة. واعتبرت أن هنالك من الأسباب ما يدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب البلاغ كان عضواً في وزارة الاستخبارات والأمن التي "ترعى أو تنفذ بصورة مباشرة مجموعة واسعة من الأنشطة الإرهابية، بما فيها اغتيال المعارضين السياسيين في سائر أنحاء العالم". ولم يكن قرار المحكمة الاتحادية بشأن هذه المسألة موضع استئناف أو مراجعة.

2-6 وفيما بعد، وفي شهر نيسان/أبريل 1998، قرر قاضٍ مختص بمسائل الهجرة أن صاحب البلاغ لا يجوز قبوله في كندا وأمر بترحيله. وفي 22 نيسان/أبريل 1998، علم صاحب البلاغ أن الوزير المكلف بشؤون المواطَنة والهجرة سوف يقيّم الخطر الذي يشكله صاحب البلاغ على أمن كندا، كما سيقيِّم الخطر الممكن الذي قد يواجهه في حال عودته إلى إيران. وكان مطلوبا ًمن الوزير أن ينظر في هذه المسائل ويقرر بموجب أحكام المادة 53 (1)(ب) من القانون (1) (الخاصة بتنفيذ أحكام المادة 33 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين) ما إذا كان ممكناً، في حالة صاحب البلاغ، أن يُرفع الحظر المفروض على ترحيل أي لاجئ بموجب الاتفاقية إلى بلده الأصل. وبناءً عليه، أُعطي صاحب البلاغ فرصة ليقدم إلى الوزير ما له من حجج بشأن هذه المسائل.

2-7 وفي 12 آب/أغسطس 1998، وعقب البيانات التي أدلى بها صاحب البلاغ والتي جاء فيها أنه يواجه خطراً واضحاً بأن يعرض للتعذيب في إيران، قرر الوزير دون أسباب، وبالاستناد إلى مذكرة أرفقت بالتقارير المقدمة من صاحب البلاغ، ووثائق أخرى ذات صلة ودراسة قانونية قام بهـا مسؤولون، أن صاحـب البـلاغ (أ) يشكل خطراً على أمن كندا و(ب) يمكن ترحيله مباشرة إلى إيران. وطلب صاحب البلاغ مراجعة قضائية لرأي الوزير. كما طلب صاحب البلاغ الإفراج عنه عملاً بأحكام المادة 40(1)(8) من القانون ريثما تنظر المحكمة في طلبه المراجعة القضائية، نظراً لانقضاء فترة 120 يوماً منذ أن صدر بشأنه الأمر بالترحيل (2) . وفي 15 آذار/مارس 1999، رفضت المحكمة الاتحادية (القاضي دينو) طلب إخلاء سبيله، معتبرة أن هناك أسباباً معقولة تدفع إلى الاعتقاد بأن الإفراج عنه سوف يضر بسلامة الأشخاص في كندا، ولا سيما منهم المعارضون الإيرانيون. وأيدت محكمة الاستئناف الاتحادية هذا القرار.

2-8 وفي 23 حزيران/يونيه 1999، رفضت المحكمة الاتحادية (القاضي ماك غيليس) طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية لقرار الوزير، واعتبرت أن هنالك أدلة وافرة تدعم قرار الوزير بأن صاحب البلاغ يشكل خطراً على كندا وأن قرار ترحيله معقول. كما رفضت المحكمة الطعون المتعلقة بدستورية الإجراءات، بما فيها الإجراء المتعلق بتقديم رأي الوزير بخصوص الخطر الذي يمثله صاحب البلاغ. وفي 19 شباط/فبراير 2000، رفضت محكمة الاستئناف الطعن الذي رفعه صاحب البلاغ. واعتبرت أن "الوزير كان محقاً عندما خلص إلى أن [صاحب البلاغ] لن يعرض لخطر أذى بالغ، ناهيك عن التعذيب" إذا تم ترحيله إلى إيران. وأقر أن هنالك أسباباً معقولة تؤيد الإدعاء بأن صاحب البلاغ هو في حقيقة الأمر سفّاك مدرَّب تابع للبوليس السري الإيراني، وأنه ليس هنالك ما يدعو إلى نقض رأي الوزير بأن صاحب البلاغ يشكل خطراً على كندا.

2-9 وفي 11 كانون الثاني/يناير 2001، رفضت المحكمة العليا بإجماع أعضائها استئناف صاحب البلاغ، واعتبرت أن هنالك من "الأدلة الوافرة" ما يؤيد قرار الوزير بأن صاحب البلاغ يمثل خطراً على أمن كندا. كما اعتبرت قرار الوزير بأن صاحب البلاغ لا يواجه سوى "احتمالاً ضئيلاً للتعرض للأذى"، بدلاً من خطرٍ كبير للتعرض للتعذيب، في حال عودته إلى إيران، معقولاً و"لا يمكن الطعن فيه". وفيما يتعلق بدستورية ترحيل الأشخاص الذين يواجهون خطر التعرض للأذى بموجب أحكام المادة 53(1)(ب) من القانون، أشارت المحكمة إلى ما خلصت إليه في قضية أخرى مشابهة هي قضية سوريش ضد كندا (وزير شؤون المواطَنة والهجرة) (3) والتي بتت فيها في نفس اليوم، حيث اعتبرت أنه "فيما عدا الظروف الاستثنائية، فإن الترحيل رغم خطر التعذيب القائم إنّما يشكل عموماً خرقاً لمبادئ العدالة الأساسية". وبما أن سوريش أقام الدليل على وجود خطر ظاهر للتعرض للتعذيب، فقد تم تمكينه من حماية إجرائية معززة، بما في ذلك تزويده بكافة المعلومات والنصائح التي كان الوزير ينوي الاعتماد عليها، كما مُنِح فرصة الرد على القرائن خطياً وتسلَّم نسخة خطية من دوافع الوزير. غير أن المحكمة اعتبرت، في حالة صاحب البلاغ، أنـه لم يقـدم الحد الأدنى المطلوب من القرائن لإثبات الدعوى مبدئياً والحصول على الحماية المطلوبة. ورأت المحكمة أن صاحب البلاغ، من خلال الرسالة التي تلقاها والتي تخبره بنية الوزير النظر في ما يمثله من خطر على كندا وكذلك في الأخطار الممكنة التي قد يتعرض لها في حال طرده، "كان على علم تام بما للوزير من مآخذ عليه وأعطي فرصة كاملة للرد". وعليه، اعتبرت المحكمة أن الإجراء المتّبع يستجيب لمبادئ العدالة الأساسية ولا يُجحف بمصالح صاحب البلاغ وإن لم يتبع الشروط المشار إليها في قضية سوريش.

2-10 وفي نفس اليوم أتت اللجنة على ذكر طلبها من أجل اتخاذ إجراءات مؤقتة للحماية، عملاً بأحكام المادة 86 من نظامها الداخلي، غير أن سلطات الدولة الطرف بادرت باتخاذ الترتيبات لإنفاذ الترحيل. وفي 15 كانون الثاني/يناير 2002، رفضت محكمة أونتاريو العليا (القاضي دامبروت) الدفع المقدم من صاحب البلاغ بأن مبادئ العدالة الأساسية، التي يحميها الميثاق، تمنع ترحيله ريثما تنظر اللجنة في القضية. وفي 8 أيار/مايو 2002، أيدت محكمة الاستئناف في أونتاريو القرار المذكور واعتبرت أن الدولة الطرف غير ملزمة بتلبية الطلب المتعلق باتخاذ التدابير المؤقتة. وفي 16 أيار/مايو 2002، رفضت المحكمة العليا بأغلبية أعضائها طلب صاحب البلاغ الإذن لـه بالاستئناف (دون أن تبيِّن أسباب الرفض) (4) . وفي 10 حزيران/يونيه 2002، تم ترحيل صاحب البلاغ إلى إيران.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ، في رسالته الأصلية (المقدمة قبل الطرد)، أن كندا انتهكت، أو ستنتهك في حال طرده، أحكام المواد 2 و6 و7 و9 و13 و14 من العهد. ويؤكد في المقام الأول أن الإجراءات القانونية والإدارية التي مر بها لا تتماشى مع الضمانات المنصوص عليها في المادتين 2 و14 من العهد. وعلى وجه التحديد، فإن السلطة التقديرية المتروكة لوزير شؤون الهجرة في ما يتعلق بالأمر بترحيل شخص إلى بلد ما قد تؤثر فيها اعتبارات تتنافى مع شواغل حقوق الإنسان، بما في ذلك التغطية الإعلامية السلبية لقضية ما. وعلاوة على ذلك، إن دور وزير الهجرة في عملية الطرد ليس مستقلاً ولا محايداً. ويدفع صاحب البلاغ بأن الوزير يُوقِّع على شهادة أمنية تفيد بأن شخصاً ما يشكل تهديداً أمنياً، ويدافع عن الشهادة أمام المحكمة الاتحادية الملتئمة للنظر في "المعقولية"، ويباشر الدعوى ضد الشخص موضع التحقيق بشأن الترحيل، وهذا كله قبل أن يقرر ما إذا كان ينبغي طرد الشخص لو ثبت فيما بعد أنه يستحق الطرد. ويرى صاحب البلاغ أنه لا يمكن القبول بأن يتخذ مثل هذا القرار مسؤول سياسي منتخب، يستند في قراره إلى أسس ذاتية ودون أن يقدم أي تعليل، بدلاً من محكمة مستقلة ومحايدة.

3-2 كما يدفع صاحب البلاغ بأن الإجراء شابته عيوب إجرائية أيضاً من حيث إن الشخص المتضرر لم يحصل على المعلومات الكافية بشأن الدعوى المقامة ضده. فهذا الشخص يستلم بكل بساطة إشعاراً بأن مسؤولين مكلفين بشؤون الهجرة سوف يشيرون إلى الوزير بالإذن بطرده بموجب المادة 53(1) من القانون، دون أن تقدَّم أي أسباب، ويُطلب إلى ذلك الشخص أن يقدم ما لـه من حجج. ولا تزوَّد التقارير التي يقدمها المسؤولون في الوزارة رداً على تلك التي يقدمها الشخص المتضرر، وبالتالي لا يمكن الاعتراض عليها. وإن عدم تضمين القرار أية أسباب يجعل من المراجعة القضائية للقرار المُتخذ ضد الحُجج المقدمة إلى الوزير أمراً مستحيلاً.

3-3 كما يدفع صاحب البلاغ بأن عدم توافر إمكانية طلب استئناف أو مراجعة القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية بشأن "معقولية" الشهادة الأصلية المتعلقة بالأمن إنما يشكل عيباً في الإجراء. كما أن صاحب البلاغ لم يتمكن من إثارة الشواغل (الأساسية) فيما يتعلق بنزاهة الإجراء في إطار الجلسة المخصصة للنظر في "المعقولية". ويدفع بأن المحكمة لا تتحقق من الأدلة ولا تستمع إلى شهود مستقلين. ولا وجود لأسباب تتعلق بالأمن القومي تبرر عدم مراعاة أصول المحاكمة، حيث يرى صاحب البلاغ أنه ليست هناك أدلة عن أنه يشكل تهديداً للأمن القومي الكندي أو عن (وجود تهديد حتى ب‍ ‍) ب‍ سلوك إجرامي في كندا. وعليه، يعتبر صاحب البلاغ أن الهاجس الأمني لا يلبي المعايير الواردة في مبادئ جوهانسبرغ بشأن الأمن القومي وحرية التعبير والحصول على المعلومات لعام 1995 (4) .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه خضع للحبس التعسفي، انتهاكاً لأحكام المادة 9 من العهد. ومنذ حبسه في حزيران/يونيه 1993، كان من المقرر أن يُعاد النظر في احتجازه فقط بعد انقضاء فترة 120 يوماً من تاريخ صدور الأمر بترحيله في آب/أغسطس 1998. وكان آنذاك قد قضى 5 سنوات في الاحتجاز دون أن يتمكن من الحصول على إفراج بكفالة أو مراجعة قرار الاحتجاز أو الحق في المثول أمام المحكمة (علماً أن الحق في المثول أمام المحكمة غير متاح لغير المواطنين إذا كان الاحتجاز يقوم على أساس الوضع القانوني لشخص ما في كندا). ويشير إلى أن احتجازه بموجب قانون الهجرة كان إجبارياً وتعسفياً أيضاً باعتبار أن المحكمة الاتحادية، على الرغم من أنها اعتبرت احتجازه أمراً "يؤسف لـه"، فإنها لم تر فيه انتهاكاً لحريته. وهو يرى في هذا مثلاً عن المعاملة التمييزية لغير المواطنين. كما يدفع بأن مواصلة احتجاز شخص ما بينما يمارس هذا الشخص حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الوصول إلى المحكمة، يُعد موقفاً زائغاً وبالتالي تعسفياً.

3-5 ويدفع صاحب البلاغ بأن ترحيله سوف يعرضه للتعذيب، خرقاً لأحكام المادة 7 من أحكام العهد. ويشير إلى التعليق العام للجنة رقم 15 بشأن الأجانب وتعليقها العام رقم 20 بشأن المادة 7، كما يشير إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية شاهال ضد المملكة المتحدة (5) ، زاعماً أن مبدأ عدم الإعادة القسرية لا يقبل أية استثناءات. ويؤكد أن الدولة الطرف هي بالتالي على خطأ فيما يتعلق بكل من ادعائها ` 1 ` بأنه غير معرَّض لخطر التعذيب، و ` 2 ` زعمها بأن طرده جائز، حتى وإن كان معرَّضاً لخطر التعذيب، باعتبار أنه يمثل تهديداً للأمن القومي.

3-6 ويشير صاحب البلاغ، تأييداً لزعمه بأنه يواجه في الواقع خطر التعرض للتعذيب، إلى عدد من التقارير والقرائن التي تتعلق عموماً بحالة حقوق الإنسان في إيران، بما في ذلك حالات الاحتجاز التعسفي للمعارضين السياسيين (6) ، وتعذيبهم واغتيالهم خارج نطاق القضاء وبلا محاكمة. ويحاج بالقول إن مسؤولاً كبيراً في المخابرات الكندية كان قد أدلى بشهادته في هذه القضية معرباً فيها عن اعتقاده بأن صاحب الشكوى يخشى مما قد يحدث لـه في إيران التي هجرها. وبالإضافة إلى ذلك، اعتُرف لـه بمركز اللاجئ بعد النظر في الدعوى بشكل كامل. ويؤكد أن قضيته تثير اهتماماً عاماً بالغاً وأنه لم يكن على علم أن بإمكانه طلب جلسة استماع مغلقة. وتفاصيل تعاونه مع سلطات الدولة الطرف والمعلومات (السرية) التي مدّها بها، وكذلك مقاومته للطرد، "من المحتمل جداً" أن تشكل خيانة في إيران التي ما فتئت تتابع قضيته. وبناء عليه، فسواءً بالاستناد إلى رواية الدولة الطرف أو روايته هو لعلاقته السابقة بوزارة الاستخبارات والأمن، "ليس هنالك حالة أوضح" لشخص معرَّض للتعذيب في إيران.

3-7 ويخشى صاحب البلاغ، للأسباب ذاتها، من أن يسفر ترحيله إلى إيران عن إعدامه، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 6. كما يتقدم صاحب البلاغ بادعاء فرعي بموجب المادة 7 يزعم فيه أن احتجازه منذ حزيران/يونيه 1993 في زنزانة بمنشأة للاحتجاز لفترات قصيرة دون وجود أية برامج أو أنشطة مدرة للكسب يشكل في حد ذاته معاملة قاسية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 طعنت الدولة الطرف، في رسالة مؤرخة 12 تموز/يوليه 2002، في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ودفعت بأن جميع الادعاءات، للأسباب التالي شرحها، غير مقبولة لعدم توفُّر الأدلة الكافية لإقامة الدعوى، فضلاً عن أنها لا تقوم على أسس موضوعية سليمة. وبالإضافة إلى ذلك، يُذكر أيضاً أن عناصر معينة من البلاغ غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4-2 وفيما يتعلق بالخرق المزعوم لأحكام المادة 2، تشير الدولة الطرف إلى قضاء اللجنة الذي مفاده أن هذه المادة تمنح حقاً ثانوياً وليس حقاً قائماً بذاته، وهو حق لا ينشأ إلا بعد ثبوت خرق آخر للعهد. وبناء عليه، تنتفي كل الأدلة الظاهرة عن انتهاك أحكام العهد. كما ليس هنالك أي خرق – باعتبار أن ميثاق الحقوق والحريات المنصوص عليه في الدستور يحمي الحقوق الواردة في العهد، والمحاكم المحلية لم تخلص إلى خرق للميثاق. وفيما يتعلق بزعم صاحب البلاغ أن الحقوق الواردة في الميثاق لا تمارَس على أساس المساواة بين المواطنين وغير المواطنين، تدفع الدولة الطرف بأن معظم الحقوق، بما فيها الحق في الحياة وحرية الشخص وسلامته، تنطبق على جميع الأشخاص المتواجدين في كندا. وفيما يتعلق بحرية التعبير وتكوين الجمعيات، اعتبرت المحكمة العليا في قضية سوريش أن هذه الحقوق لا تنسحب على الأشخاص الذين هم، كما قالت الدولة الطرف، "مورّطون أو تورّطوا في أمور موجّهة نحو العنف". وينطبق هذا الاستنتاج على الكنديين وغير الكنديين على حد سواء.

4-3 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمادتين 6 و7 في حال طرد صاحب البلاغ إلى إيران، تدفع الدولة الطرف بأن الوقائع، كما حددتها محاكمها، لا تؤيد هذه الادعاءات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن صاحب البلاغ غير جدير بالتصديق في ضوء التناقضات التي تنطوي عليها رواياته فيما يتعلق بانتمائه إلى وزارة الاستخبارات والأمن، وعدم مصداقية جوانب هامة من روايته، وما ثبت عليه من كذب متكرر. وبالإضافة إلى ذلك، تستهدف انتهاكات حقوق الإنسان الحالية المعارضين للنظام في إيران ولا تستهدف الأشخاص من قبيل صاحب البلاغ.

4-4 وفيما يتعلق بادعاءات التعرض للخطر، تشير الدولة الطرف إلى أن موظفي الوزارة قدّروا أن خطر تعرُّض صاحب البلاغ للأذى "ضئيل"، وهو الاستنتاج الذي خلصت إليه كل المحاكم الاتحادية بمختلف درجاتها وصولاً إلى المحكمة العليا، التي اعتبرت أنه لا يمكن "الطعن فيه". وبالإضافة إلى ذلك، خلصت المحاكم بوضوح إلى حقيقة أن صاحب البلاغ غير جدير بالتصديق وذلك، في جملة أمور أخرى، نظراً لما تخلل بياناته باستمرار من تضارب وتناقض وتلفيق وكذب. كما استندت إلى اعترافه بأنه تلقى تدريباً متخصصاً عند إلحاقه بصفوف البوليس السري، وإفشائه لتفاصيل تتعلق باغتيال معارضَين واتصالاته مع البوليس السري، بعد حصوله على مركز اللاجئ، بما في ذلك لقاؤه ل‍"سفاك معروف" في أوروبا. وتشير الدولة الطرف إلى النهج الذي تتبعه اللجنة والذي يفيد بأنه ليس من مشمولات اللجنة عموماً أن تقدر الأدلة أو تعيد تقييم نتائج التحقيقات مثل تلك التي خلصت إليها المحاكم المحلية وتطلب، في حال قررت اللجنة أن تستعرض الاستنتاجات الواقعية، أن تُعطى لها الفرصة لتقديم المزيد من الحجج.

4-5 كما ترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بتعرضه للخطر لا تدعمها أدلة مستقلة. وتلاحظ أن المستندات التي يستشهد بها صاحب البلاغ تشير بالأساس إلى إيقاف ومحاكمة إصلاحيين ومنشقين ومعارِضين آخرين للحكومة، ولا تعني أشخاصاً تنطبق عليهم أوصاف صاحب البلاغ، وينتمون حاضراً أو كانوا ينتمون سابقاً إلى وزارة الاستخبارات والأمن. فعلاً، يشير أحدث تقرير عن حقوق الإنسان أصدرته وزارة الخارجية في الولايات المتحدة إلى أن أعوان وزارة الاستخبارات والأمن هم بالأحرى عملاء بارزون مهمتهم الاضطهاد وارتكاب "عديد الانتهاكات الخطرة لحقوق الإنسان" (7) ، وليسوا أهدافاً لهذه الأعمال. وبينما لا تزال حالة حقوق الإنسان تطرح إشكالية، تعطي الدولة الطرف، بالاستناد إلى تقارير صادرة عن منظمة العفو الدولية (8) والممثل الخاص للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، عن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، بعض المؤشرات عن إحراز تقدم على درب التقليل من استخدام التعذيب (9) . كما أن اللجنة، من جهتها، لا تصف من خلال أحكام قضائها حالة حقوق الإنسان في إيران بوصفها تجسِّد "مجموعة من الانتهاكات ذات النمط الثابت والفادحة والصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان". وعليه، فإن نوع حالة حقوق الإنسان ودرجة خطورتها بشكل عام ليس من شأنهما أن يدعما، في حد ذاتهما، الادعاءات.

4-6 وتعتبر الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ بأنه سوف يُعدَم بلا محاكمة بسبب الخيانة في حال رجوعه إلى بلده لا يعدو أن يكون مجرد تخمين ويخدم أغراضاً ذاتية. فصاحب البلاغ لم يثبت أن هذا الإجراء يشكل النتيجة "الحتمية والتي يمكن التنبؤ بها" لترحيله. وأُتيحت لصاحب البلاغ الفرصة الكاملة لإثبات ذلك أمام المحاكم الكندية بمختلف درجاتها، ولكنه لم يفعل. وعلاوة على ذلك، فحتى على افتراض أنه سيُعامَل كخائن، فهو لم يثبت أنه لن يحصل على محاكمة وعقاب متسقين مع أحكام العهد. وبالمثل، اعتبرت المحكمة، في ما يتعلق بالتعذيب، أن احتمال تعرضه للأذى ضئيل. وتشدد الدولة الطرف على أن صاحب البلاغ حصل على مركز اللاجئ قبل أن يسافر إلى أوروبا بمحض إرادته صحبة قائد من وزارة الاستخبارات والأمن وقبل أن يسترعي انتباه جهاز الأمن الكندي. وتضيف أن صاحب البلاغ ما كان ليقبل في البلد، لو اكتشفت هويته كعميل متدرب تابع للبوليس السري. كما لا تقبل بأن علم إيران بالحالة سوف يفضي بالضرورة إلى تعذيب صاحب البلاغ. وتعتبر أيضاً أنه لم يثبت ادعاءه وأن المسؤول الكبير في الاستخبارات الكندية كان يظن أنه هجر إيران. كما أن صاحب البلاغ لم يقدم أية أدلة عن سوء معاملة أفراد أسرته، ولم يبين كيف أن التعاون مع السلطات الكندية في حد ذاته قد يفضي إلى تعذيبه. ونتيجة لذلك، تُعتبر هذه الادعاءات غير مدعومة بأدلة ولو ظاهرياً.

4-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لأحكام المادة 7 بسبب ظروف الاحتجاز، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم التماساً بموجب الميثاق يثير فيه هذه المسألة أمام المحاكم، على الرغم من أنه أُعلم بإمكانات التشكي، وبالتالي فإن الدعوى غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وعلى أي حال، فإن عدم وجود أي أنشطة أثناء الاحتجاز لا يمكن اعتباره معاملة قاسية، وصاحب البلاغ لم يبيِّن أن ظروف احتجازه سبّبت لـه آثاراً ضارة على صحته الجسدية أو العقلية.

4-8 وبالنسبة لمسألة الاحتجاز التعسفي، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطعن أمام المحكمة العليا في قرار محكمة الاستئناف الاتحادية الذي أكّد احتجازه بموجب المادة 40(1)(8) من القانون، ولكنه لم يفعل. كما أنه لم يقدم فيما بعد أي التماس للإفراج عنه بموجب المادة المذكورة. ونتيجة لذلك، تُعتبر الدعاوى غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4-9 وعلى أي حال، ليست هنالك أدلة واضحة عن انتهاك أحكام المادة 9، ذلك أن الاحتجاز لم يكن تعسفياً. ويمكن الاستدلال بأحكام المادة 5 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ("الاتفاقية الأوروبية")، التي تبيح صراحة الاحتجاز بقصد الطرد. فعلاً، في إطار قضية شاهال التي استشهد بها صاحب البلاغ، اعتبرت المحكمة الأوروبية أن الاحتجاز لـه ما يبرره ما دامت إجراءات الطرد جارية وما دامت تحيط بها العناية الواجبة. فاحتجاز شاهال على أساس تمسُّك الوزراء الذين تعاقبوا على رأس وزارة الخارجية بأنه يشكل تهديداً للأمن القومي لم يكن تعسفياً باعتبار الإجراء المتاح لاستعراض عناصر الأمن القومي. كما تدفع الدولة الطرف بأنه ليس من باب التعسف أن تقرر حبس فرد غير كندي بموجب إجراء خلص من خلاله وزيران اثنان، عملاً بأحكام القانون، إلى أن فرداً ما لـه تجارب أو ميولات إرهابية. مع العلم أن محكمة تعيد بعد ذلك، وعلى وجه الاستعجال، النظم في الاستنتاج. ومن أصل 22 حالة اتُبِعَ فيها هذا الإجراء، تمت مراجعة استعراض 11 حالة في فترة تتراوح بين شهر وشهرين، وثلاث حالات في فترة تتراوح بين 3 و4 شهور، و4 حالات في فترة تتراوح بين 6 أشهر و13 شهراًَ وحالة واحدة هي الآن قيد المراجعة.

4-10 وتشير الدولة الطرف إلى قضاء اللجنة الذي مفاده أن إصرار فرد ما على عدم مغادرة أراضي دولة ما يندرج ضمن التقدير الوارد في إطار المادة 9 (10) . وبالمثل، اعتبرت اللجنة الأوروبية أنه لا يمكن للفرد أن يتظلم على أساس مرور الزمن إن هو لـم يطلب في أي مرحلة التعجيل بإنهاء الإجراءات واستمر في ممارسة أي من سبل التقاضي المتاحة لـه (11) . ولم يطلب صاحب البلاغ إلى الوزير المكلف بشؤون الجنسية والهجرة أن يمارس سلطته بموجب المادة 40(1)(7) من القانون فيأذن، لأغراض المغادرة، بإخلاء سبيل شخص يرد اسمه في شهادة أمنية.

4-11 وتدفع الدولة الطرف بأنها بذلت العناية الواجبة لدى متابعتها لإجراءات الترحيل وأن صاحب البلاغ هو المسؤول عن المدة التي استغرقتها تلك الإجراءات. ويعزى كل التأخير الحاصل قبل الجلسة التي عقدتها المحكمة بموجب المادة 40(1) للنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية إلى طلب التأجيل الذي قدمه صاحب البلاغ للطعن في دستورية الإجراء. فهو ترك هذا الطعن يستغرق فترات طويلة من الزمن دون أن يتخذ الخطوات اللازمة التي بإمكانه اتخاذها من أجل التقدم بالإجراء. وفي الواقع، تعدِّد الدولة الطرف الخطوات التي اتخذتها في أثناء هذه الفترة سعياً منها إلى التقدم بالإجراء على وجه السرعة. وبالمثل، بعد صدور الأمر بالترحيل، جاء التأخير الإضافي نتيجة لممارسة صاحب البلاغ للعديد من سبل الانتصاف المتاحة لـه. وتعدِّد الدولة الطرف الخطوات التي اتخذتها للتعجيل بالإجراءات الوارد وصفها في التسلسل الزمني لمجريات القضية، ولاحظت أن صاحب البلاغ لم يتخذ مثل هذه الخطوات للتعجيل بالإجراء.

4-12 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن غير المواطنين لا يمكنهم ممارسة حق المثول أمام المحكمة في حال الاحتجاز لأسباب تتعلق بوضعهم القانوني كمهاجرين، تؤكد الدولة الطرف أنه لا يجب عقد جلسة منفصلة تنظر في الاحتجاز باعتبار أن استمرار الاحتجاز مرهون بالنتائج التي تفضي إليها جلسة المحكمة الاتحادية الملتئمة للنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية. وبعبارات أخرى، فإن الجلسة الإلزامية التي تنظر في مسألة "المعقولية" هي عبارة عن مراجعة للاحتجاز بموجب قانون تشريعي، ومن صلاحيات البرلمان أن يأذن بها لمثل تلك الأغراض. كما اعتبرت المحاكم الكندية أن هذا الإجراء هو سبيل انتصاف يشكل بديلاً مناسباً وفعالاً للمثول أمام المحكمة. وبناء عليه، ترفض الدولة الطرف زعم صاحب البلاغ أن محاكمها خلصت إلى أن الاحتجاز "يؤسف لـه" ولكنه لا يمثل فقداناً للحرية: المحاكم في واقع الأمر اعتبرت أنه وإن كانت الشهادة تفضي على الفور إلى الإيقاف والاحتجاز، اللذين هما عادة مصير المجرمين، إلا أنه لـم يحصل أي انتهاك للمادتين 7 و9 من الميثاق، اللتين تحميان الحريات (12) .

4-13 وفيما يتصل بالادعاء بموجب المادة 13 من العهد، تدفع الدولة الطرف أولاً بأنه وفقاً لقضاء اللجنة تقتضي هذه المادة أن يطرد الأجنبي وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القوانين، إلا إذا تصرفت الدولة عن سوء نية أو أساءت استعمال سلطتها (13) . وصاحب البلاغ لم يثر، كما أنه لم يُثبت، أي استثناء في هذا الصدد، وبالتالي من المناسب أن تُذعن اللجنة إلى تقدير السلطات الكندية للجوانب الواقعية والقانونية. ثانياً، تُحاج الدولة الطرف بأن الإجراءات المتبعة تبررها أسباب تتعلق بالأمن القومي. واعتبرت اللجنة في قضائها "أنه ليس من مشمولات اللجنة أن تتبين من تقدير تقوم به دولة تتمتع بالسيادة للخطورة التي يمثلها أجنبي على أمنها" (14) وأنها سوف تُذعن لمثل هذا التقدير في حال عدم وجود تعسف (15) . وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى تطبيق نفس المبادئ، وتؤكد على أن قرار الطرد لم يتخذ بلا محاكمة بل جاء نتيجة مداولة دقيقة جرت في إطار إجراءات كاملة وعادلة كان صاحب البلاغ من خلالها ممثلاً بشكل قانوني وتمكّن من تقديم حجج كثيرة.

4-14 أما فيما يتعلق بإجراء جلسة المحكمة الاتحادية للنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية، فإنه بينما لم يتسن إثارة المسائل الدستورية في أثناء تلك الجلسة، باعتبارها جلسة استعجالية، إلا أنه يمكن إثارتها في إطار طعن دستوري منفصل، باعتبار أن صاحب البلاغ نفسه مارس مختلف درجات القضاء وصولاً إلى المحكمة العليا. وتلاحظ الدولة الطرف أن على عاتق القاضي "عبء ثقيل" يتمثل في ضمان إطلاع صاحب البلاغ على نحو معقول وعن طريق ملخص بالمآخذ المأخوذة عليه وتمكينه من الرد عليها، ودعوة شهود للإدلاء بشهادتهم؛ وفعلاً، استجوب صاحب البلاغ بنفسه ضابطين تابعين لجهاز الأمن الكندي.

4-15 وفيما يتعلق بقرار الوزير في مسألة الخطر، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا كما قد بيّنت في إطار قضية سوريش الحد الأدنى لشروط الإنصاف، بما فيها شرح الأسباب، الواجبة التطبيق عندما تُقدم الأدلة الكافية لإثبات حالة تعذيب. وفيما يتعلق بالاعتراض على كون القرار اتخذه وزير شارك سابقاً في الإجراء، تلاحظ الدولة الطرف أن المحاكم تقرر في المسألة، من خلال مراجعة قضائية، وفقاً لما تنص عليه القوانين. وبينما تذعن المحاكم لتقدير الوزير للأدلة ما لم يثبت بوضوح أنها غير معقولة، فإنها تؤكد على أن كل العوامل ذات الصلة بموضوع القضية والتي لا تعتبر خارجة عنه تؤخذ في عين الاعتبار. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة الكافية لإثبات انتهاك المادة 13، باعتبار أن الإجراءات كانت عادلة ومطابقة للقانون، وجرى تطبيقها حسب الأصول، ولكون صاحب البلاغ تمكن من الوصول إلى المحاكم ومن الحصول على تمثيل قانوني دون أن تشوب الإجراء أية عوامل أخرى من قبيل التحيّز أو سوء النية أو الخروج عن حدود اللياقة.

4-16 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمادة 14، تعتبر الدولة الطرف أن هذه المادة لا تنطبق باعتبار أن إجراءات الطرد لا صلة لها لا بالفصل في التُهم الجنائية ولا بالفصل في الحقوق والالتزامات في إطار أية دعوى مدنية. وهي بالأحرى إجراءات تندرج في إطار القانون العام وتضمن المـادة 13 أن تكون منصفة. وفي قضيـة ي. ل. ضد كندا (16) ، ونظراً لوجود مراجعة قضائية، لم تقرر اللجنة، ما إذا كانت الإجراءات المعروضة على نظر مجلس مراجعة المعاشات التقاعدية تندرج في إطار "دعوى مدنية"، كما لـم تقرر اللجنة، في إطار قضية ف. م. ر. ب. ( 17) ، إن كانت نفس الصفة تنطبق على إجراءات الطرد، باعتبار أنه لم يتم على أي حال إثبات الدعوى. وتؤكد الدولة الطرف أنه نظراً لتساوي المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية والمادة 14 من العهد، فإن اللجنة لا يسعها إلا أن تعتبر مقنعةً المبادئ القضائية القوية والمتسقة التي مؤداها أن هذه الإجراءات تقع خارج نطاق هذه المادة. ويستتبع ذلك أن هذا الادعاء غير مقبول لأسباب تتعلق بالاختصاص الموضوعي.

4-17 وعلى أي حال، استجابت الإجراءات للضمانات الواردة في المادة 14، حيث تمكّن صاحب البلاغ من الوصول إلى المحاكم، وتعرف على التُهم التي كان عليه أن يواجهها، وأُعطيت لـه فرصة كاملة للتعبير عن آرائه وتقديم ما لـه من حجج على امتداد الإجراءات وتم تمثيله بشكل قانوني في جميع المراحل. كما تحيل الدولة الطرف اللجنة إلى قرارها في قضية ف. م. ر. ب. ، حيث خلصت إلى أن إجراء الشهادة بموجب المادة 40(1) من قانون الهجرة يتفق وأحكام المادة 14. وبناءً عليه، لا توجد أدلة بديهية لإثبات انتهاك الحق المزعوم.

4-18 وكررت الدولة الطرف من جديد رأيها أن اللجنة لها وظيفة محدودة النطاق فيما يتعلق بإعادة تقييم ما تقرر بشأن الوقائع والقرائن، فقدمت في رسالة مؤرخة 6 كانون الأول/ديسمبر 2002 معلومات إضافية شاملة بشأن هذه المسائل في حال رغبت اللجنة في إعادة النظر فيها. وأكدت الدولة الطرف أن التقييم المجرد للمعلومات المقدمة سوف يفضي حتماً إلى نفس الاستنتاجات التي توصلت إليها المحاكم المحلية، أي أن صاحب البلاغ عميل متدرب ينتمي إلى البوليس السري التابع لوزارة الاستخبارات والأمن وأنه يواجه في إيران خطراً ضئيلاً للتعرض للأذى وأن الأدلة التي قدمها غير جديرة بالثقة ولا يمكن تصديقها.

مسائل أخرى ناشئة فيما يتعلق بطلب اللجنة اتخاذ تدابير مؤقتة للحماية

5-1 في رسالة مؤرخة 2 آب/أغسطس 2002 وموجهة إلى ممثل الدولة الطرف لدى الأمم المتحدة في جنيف، أعربت اللجنة من خلال رئيسها عن بالغ أسفها إزاء ترحيل صاحب البلاغ خلافاً لطلبها بأن تكفل لـه حماية مؤقتة. وطلبت اللجنة توضيحاً خطياً عن الأسباب التي دعت إلى التغاضي عن طلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة وتوضيحاً للطريقة التي تعتزم بها تأمين الامتثال لطلبات من هذا القبيل في المستقبل. وفي مذكرة مؤرخة 5 آب/أغسطس 2002، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بأحكام المادة 86 من نظامها الداخلي، أن ترصد عن كثب وضع صاحب البلاغ ومعاملته بعد ترحيله، وأن تقدم إلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية ما تراه مناسباً من مذكرات لمنع انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 6 و7 من العهد.

5-2 وفي رسالة مؤرخة في 5 كانون الأول/ديسمبر 2002، واستجابة لطلب اللجنة بتقديم توضيح، دفعت الدولة الطرف بأنها تدعم دعماً تاماً الدور الهام المنوط بعهدة اللجنة وأنها سوف تبذل دائماً قصاراها من أجل التعاون مع اللجنة. وأكدت أنها تأخذ التزاماتها بموجب العهد والبروتوكول الاختياري مأخذ الجد وأنها تمتثل لتلك الالتزامات امتثالاً كاملاً. وتلاحظ الدولة الطرف أن عليها، بالإضافة إلى التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، واجب حماية السلامة العامة في كندا وضمان ألا تصبح أراضيها ملاذاً آمناً للإرهابيين.

5-3 ولاحظت الدولة الطرف أن لا العهد ولا البروتوكول الاختياري ينصان على طلبات اتخاذ تدابير مؤقتة، وتدفع بأن هذه الطلبات تتسم بطابع التوصية وليس لها أي أثر ملزم. ومع ذلك، عادة ما تستجيب الدولة الطرف لهذه الطلبات. وعلى غرار الحالات الأخرى، نظرت الدولة الطرف في الطلب الحالي بشكل جدي، قبل أن تخلص في ظروف القضية، بما في ذلك الاستنتاج (الذي اعتمدته المحاكم) أنه يواجه خطراً ضئيلاً للتعرض للأذى في حال ترحيله، إلى أنها لم يكن بوسعها تأجيل الترحيل. ولاحظت الدولة الطرف أنها تلبي عادة هذه الطلبات، وأن المحاكم بمختلف درجاتها، وصولاً إلى أعلى هيئة قضائية، اعتبرت قرارها ذلك قانونياً ومتسقاً مع الميثاق. وتدفع الدولة الطرف بأن التدابير المؤقتة في سياق الهجرة تثير "بعضاً من الصعوبات الخاصة" حيث قد تكون في بعض الأحيان للاعتبارات الأخرى الأسبقية على طلب اتخاذ تدابير مؤقتة. لذلك، ينبغي ألا تفسر الظروف الخاصة المحيطة بالقضية بأنها تحد من التزام الدولة الطرف إزاء حقوق الإنسان أو اللجنة.

5-4 وفيما يتعلق بطلب اللجنة أن ترصد الدولة الطرف المعاملة التي يلقاها صاحب البلاغ في إيران، تدفع الدولة الطرف بأن ليس لها أي ولاية قضائية على صاحب البلاغ وأنه يُطلب منها أن ترصد حالة مواطن ينتمي إلى دولة طرف أخرى على أراضي تلك الدولة الطرف. ومع ذلك، وتعبيراً عن رغبتها النابعة عن حسن نيتها في التعاون مع اللجنة، أعلنت الدولة الطرف أن السلطات الإيرانية كانت قد أفادت في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2002 بأن صاحب البلاغ لا يزال في إيران وأنه في حال جيدة. وبالإضافة إلى ذلك، اتصل مندوب من السفارة الإيرانية بالدولة الطرف في 26 أيلول/سبتمبر 2002 وأفادها بأن صاحب البلاغ اتصل بالهاتف وسأل عن ثلاثة أمتعة تركها في مركز الاحتجاز. وقبلت السفارة نقل تلك الأمتعة إلى صاحبها. وتعتبر الدولة الطرف أن هذا يبين أن صاحب البلاغ لا يخشى الحكومة الإيرانية التي تظل مستعدة لمساعدته. وفي الختام، قام صاحب البلاغ في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2002 بزيارة سفارة الدولة الطرف في إيران حيث التقى بموظفَيْن وسلمهما رسالة. ولم يتطرق في حديثه ولا في الرسالة إلى مسائل تتعلق بإساءة المعاملة، بل ذكر أنه يلاقي صعوبة في الحصول على وظيفة. وترى الدولة الطرف أن هذا يبين أن صاحب البلاغ قادر على التنقل كما يشاء في مختلف أنحاء طهران. وأعلنت الدولة الطرف أنها أشارت إلى إيران بأنها تتوقع منها الامتثال امتثالاً كاملاً لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزامات الواجبة عليها إزاء صاحب البلاغ.

تعليقات محامية صاحب البلاغ

6-1 في رسالة مؤرخة 10 أيلول/سبتمبر 2003، ردت محامية صاحب البلاغ على رسالة الدولة الطرف. ولاحظت المحامية، فيما يتعلق بالجوانب الإجرائية، أنها كانت قد تلقت من صاحب البلاغ قبل ترحيله تعليمات بأن تتمادى في البلاغ في حالة مواجهته صعوبات، وأن تسحب الدعوى في حالة عدم تعرض صاحب البلاغ لأية صعوبات بعد ترحيله إلى إيران حتى لا يعرض لخطر أكبر. واستناداً إلى مكالمة هاتفية شهراً بعد الترحيل، كانت المحامية تظن أن صاحب البلاغ أُوقف حال وصوله، ولكن دون أن تساء معاملته، ثم أُفرج عنه. وأشاع مصدر صحفي فيما بعد خبراً مفاده أن صاحب البلاغ رهن الاحتجاز أو قُتل. وبعد محاولات متكررة للاتصال بالأسرة، علمت المحامية أنه يوجد في مكان آخر و/أو أنه كان عليلاً. وذكر مسؤولون كنديون اتصالات عدة من صاحب البلاغ في أثناء خريف عام 2002، غير أنهم لم يقدموا أي أخبار أخرى منذ ذلك التاريخ. وبالمثل، لم تتمكن منظمة العفو الدولية من تأكيد تفاصيل أخرى. وفي ضوء ذلك، افترضت المحامية أن صاحب البلاغ لحقه أذى وقررت بالتالي مواصلة البلاغ.

6-2 وفيما يتعلق بالموضوع، لا ترغب محامية صاحب البلاغ متابعة الشكوى فيما يتعلق بظروف الاحتجاز، وذلك في ضوء اعترافها بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفيما يتعلق بالمسائل المتبقية، تعرض المحامية دفوعاتها فيما يتعلق بالإجراء الذي اتبعته سلطات الدولة الطرف. وصدرت الشهادة الأمنية الأولى عن مسؤولين منتخبين (وزيران) دون أي مساهمة من جانب صاحب البلاغ بشأن ما إذا كان "معقولاً" أن يعتقد بأنه كان عضواً في منظمة إرهابية أو أنه كان يقوم بأنشطة إرهابية. واكتفت المحكمة الاتحادية في الجلسة الوحيدة التي عقدتها بعد ذلك بالفصل في ما إذا كان ذلك الاعتقاد بذاته معقولاً. وتم سماع لائحة الاتهام في جلسة سرية ومن جانب واحد دون أن تخضع التهم لاختبار المحكمة ودون أن تؤيدها شهادة شهود. لذلك، تدفع المحامية بأن استنتاج أن صاحب البلاغ يشكل تهديداً للأمن القومي، الذي نظر إليها فيما بعد في مرحلة الترحيل مسؤول منتخب (وزير) من منظور بخطر التعرض للأذى، إنما هو استنتاج تم الخلوص إليه من خلال إجراء جائر. وفي المقابل، استعرضت المحاكم قرار الترحيل فقط للنظر فيما إذا تخلله انعدام واضح للمعقولية، بدلاً من أن تنظر في صحته.

6-3 وترد المحامية على حجج الدولة الطرف بشأن مصداقية صاحب البلاغ وتشير إلى ممارسة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي يستشف منها أن انعدام المصداقية لا ينفي في حد ذاته الخوف من الاضطهاد إذا كان هذا الخوف قائماً على أسباب وجيهة (18) . وتلاحظ المحامية أن الطلب الأول الذي تقدم به صاحب البلاغ للحصول على مركز اللاجئ قُبل على الرغم من التباينات الواردة في رواياته عن ماضيه، وأن وكالات الأمن الكندية دمرت ما لها من أدلة، بما في ذلك محاضر استجواب صاحب البلاغ وبيانات مكشاف الكذب، ولم تقدم سوى ملخصات. وكان بالإمكان تبين هذه الأدلة كما هو الحال أمام لجنة الاستعراض التابعة لهيئة الاستخبارات الأمنية، حيث يمكن لمحام مستقل، استوفى الشروط الأمنية لقبوله، أن يطلب إحضار شهود ويقوم بالاستجواب في جلسة سرية.

6-4 وتشرع المحامية في الطعن في قرار المحكمة العليا الذي صدر في قضية صاحب البلاغ بعد تقديم الرسالة. وتلاحظ المحامية أن السيد سوريش، الذي قُبل استئنافه على أساس عدم كفاية سبل الحماية الإجرائية، وصاحب البلاغ، الذي رُفض استئنافه، كلاهما خضعا لنفس الإجراء. ويقوم قرار المحكمة في قضية صاحب البلاغ على أساس أنه لم يقدم الأدلة الكافية لإثبات خطر التعذيب، بيد أن المبدأ السليم الذي يقوم عليه الإجراء المنصف هو أن تكون المحكمة على بيّنة من هذه المسألة تحديداً. وبدلاً من ذلك، كل ما حصل عليه صاحب البلاغ اقتصر على مراجعة قضائية عقب اتخاذ القرار بشأن "معقولية" الاستنتاج، وهو في نظر المحامية غير كاف بالمرة نظراً أن الأمر يتعلق بقرار قد ينتج عنه التعذيب أو الموت. وتذكر المحامية أيضاً أن المحكمة توخت، في إطار قضية سوريش ، بعض الحالات الاستثنائية حيث يمكن ترحيل شخص ما على الرغم من وجود خطر حقيقي لتعرضه للتعذيب، وذلك خلافاً للحظر المطلق للتعذيب الوارد في القانون الدولي.

6-5 وفيما يتعلق بمسألة مصداقية صاحب البلاغ، تلاحظ المحامية أن المسؤول الكبير في جهاز الأمن الكندي كان قد أيد، أثناء جلسة النظر في الشهادة الأمنية، إدعاء صاحب البلاغ بأنه فر من إيران – ونقطة الخلاف الوحيدة هي معرفة ما إذا كان صاحب البلاغ قد فر لتجنب الالتحاق بوزارة الاستخبارات والأمن أم أنه فر بعد أن التحق بها. وعلى أية حال، فإن فراره يجعل منه معارضاً، حقيقياً كان أو مفترضاً، للنظام الإيراني، وهكذا وصفته الصحف التي تولّت تغطية القضية. وكان مسؤول قنصلي إيراني قد زاره أثناء الاحتجاز قبل ترحيله، وكانت الحكومة الإيرانية على علم تام بادعاءاته وبطبيعة قضيته. وعلى أي حال، تعتبر المحامية أن الاعتماد على المصداقية يشكل خداعاً، حيث إن الكثير من البيانات التي اعتمدت للتوصل إلى هذا الاستنتاج استند إلى أدلة لم يتم التثبت منها كانت قد قُدمت في جلسة سرية ومن جانب واحد. وتدفع المحامية أيضاً أنه من الخطأ وصف صاحب البلاغ بأنه عميل للنظام وبالتالي لا يمكن أن يكون هدفاً لسوء المعاملة، وبما أنه قد فر من النظام وزود كندا بمعلومات أمنية، فمن المرجح أنه سينظر إليه بوصفه معارضاً للنظام. ولو كان صاحب البلاغ، كما يقال، مجرد عميل سري "انفضح أمره"، لما قاوم ترحيله وهو محتجز لفترة 9 سنوات. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن ينظر إلى التحرك المزعوم باتجاه الحد من التعذيب في إيران في ضوء ما ثبت مؤخراً من تعذيب وقتل مواطنة كندية في ذلك البلد. والأرجح أن يخضع المعارضون للتعذيب والإعدام، بدلاً من أن يحصلوا على محاكمة عادلة، وهذا أمر لا تقدم الدولة الطرف أية أدلة عنه. وتعتبر المحامية أيضاً أن الدولة الطرف لم ترصد عودة صاحب البلاغ إلى إيران.

6-6 وفيما يتعلق بمسألة خطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا اعتبرت أنه "لا يمكن الطعن" في استنتاج أن الخطر الذي يواجهه صاحب البلاغ ضئيل، وذلك في سياق ما أولته "من تقدير كبير" لقرار الوزير الذي نظر في مسائل "تخرج إلى حد بعيد عن نطاق المحاكم التي نظرت فيها". وفيما يتعلق بالخطر الحقيقي، تلاحظ المحامية أنه لا يمكن "إثبات" ما يمكن أن يحصل لـه، ولكن صاحب البلاغ قام بدلاً من ذلك باستنتاجات معقولة استناداً إلى الوقائع المعروفة، بما في ذلك مصلحة الحكومة الإيرانية في القضية، وما يحدث في إيران من انتهاكات لحقوق الإنسان تستهدف الأشخاص الذين يُنظر إليهم كمعارضين للنظام، وعلم السلطات العامة بتعاونه مع المسؤولين الكنديين في الإفشاء عن معلومات سرية وهكذا دواليك.

6-7 وفيما يتعلق بمسألتي الاحتجاز التعسفي وإجراء الطرد في إطار المواد 9 و13 و14، تدفع المحامية بأن صاحب البلاغ قضى في السجن خمس سنوات، بموجب إجراء إلزامي وتلقائي، قبل مراجعة احتجازه وبموجب أحكام القانون، تفضي الشهادة الأمنية إلى الاحتجاز التلقائي لغير المواطنين ريثما تُستكمل الإجراءات، ويصدر أمر بترحيل الشخص، ثم يبقى ذلك الشخص في كندا لفترة إضافية مدتها 120 يوماً. ولم يصدر أي قاض قراراً بسجن صاحب البلاغ الذي لم يتمكن من ممارسة حقه في طلب المثول أمام المحكمة بحكم أنه غير مواطن احتُجز بموجب التشريعات المتعلقة بالهجرة، في حين رُفض الطعن الدستوري الذي قدمه بشأن إجراء الشهادة. وتلاحظ المحامية أن المجال كان مفتوحاً أمام الدولة الطرف لاستخدام إجراءات ترحيل أخرى ما كانت لتحدث هذه الآثار. وتشير إلى أن ممارسة الدولة الطرف تناقض تأكيدها أن الاحتجاز لازم لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي، ذلك أن الإرهابيين المزعومين ليسوا جميعاً قيد الاحتجاز. وتؤكد المحامية أن الاحتجاز، في إطار قضية ف. م. ر. ب. (19) ، لم يكن تلقائياً أو إلزامياً، على عكس أحكام القانون الحالية، وأن الإمكانية كانت قائمة لإجراء مراجعة أسبوعية للاحتجاز. كما تشير المحامية إلى قضية توريس ضد فنلندا وقضية أ. ضد أستراليا ، وتؤكد أن غير المواطنين لهم الحق في الطعن، من حيث الموضوع، في شرعية الاحتجاز أمام المحكمة، وذلك على وجه السرعة، ثم ثانية ثم في غضون فترات معقولة (20) وتلاحظ أن الاتفاقية الأوروبية، التي يستند إليها القرار الذي اعتمد في قضية شاهال والذي أشارت إليه الدولة الطرف، تنص تحديداً على الاحتجاز لأغراض الهجرة.

6-8 وفيما يتعلق بالالتماس الذي قدمه صاحب البلاغ بموجب المادة 40(1)(8) من القانون للإفراج عنه بعد انقضاء فترة 120 يوماً منذ صدور الأمر بترحيله، تلاحظ المحامية أنه يمكن الإذن بإخلاء سبيل الشخص المعني إن لم تكن هناك نية بترحيله في غضون فترة معقولة، وأن الإفراج عنه لن ينال من الأمن القومي ولا من سلامة الآخرين. وخلصت المحكمة الاتحادية إلى أن العبء يقع على عاتق صاحب البلاغ أن يبين أن هذين المعيارين قد تم الوفاء بهما، غير أن المحامية تلاحظ أن كلتا المحكمتين، المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، اعتبرتا أنه كان بالإمكان إبعاده في غضون فترة معقولة لولا لجوؤه المتكرر إلى المحاكم، وأنه بالتالي لم يُلَبِّ هذا الجزء من الشروط المطلوبة. كما خلصت محكمة الاستئناف إلى أن صاحب البلاغ قد احتجز لأسباب أمنية، وبالتالي من الطبيعي أن يكون مطالباً بأن يثبت "حدوث تغير هام في الظروف أو يقدم أدلة جديدة لم تكن متاحة سابقاً" كيما يتم إخلاء سبيله في إطار آلية إعادة النظر في الاحتجاز – وترى المحامية أن هذا لا يلبي الشرط الوارد في الاتفاقية فيما يتعلق بالنظر مجدّداً في الاحتجاز.

6-9 وتدحض المحامية حجّة الدولة الطرف وأن الجلسة التي عقدتها المحكمة الاتحادية للنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية شكلت مراجعة كافية للاحتجاز، وتدفع بأن هذه الجلسة لم تنظر سوى في معقولية الشهادة ولم تتطرق لمبررات الاحتجاز. وبالإضافة إلى ذلك، وحتى إذا افترضنا أن هذه الجلسة كانت مراجعة للاحتجاز، ما كان ينبغي إجراء مراجعة أخرى للاحتجاز بعد انقضاء فترة 120 يوماً منذ صدور الأمر بالترحيل. ورداً على حجّة الدولة الطرف وأن الاحتجاز لفترة طويلة سببه صاحب البلاغ نفسه، تردّ المحامية بالقول إنه حتى لو استمر الإجراء المتعلق بالنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية دون انقطاع، لمرت شهور قبل أن يُختتم الإجراء، وقبل أن يُفتح تحقيق في ما يتعلق بالترحيل، وقبل أن تنقضي فترة 120 يوماً ليتسنى إجراء مراجعة الاحتجاز بموجب المادة 40(1)(8). وتشير المحامية إلى حالات أقل تعقيداً من حالة صاحب البلاغ لم يتسن فيها مراجعة الاحتجاز إلا بعد انقضاء أكثر من سنة كاملة. وفي الختام، تلاحظ المحامية أن الدولة الطرف لم تساعد صاحب البلاغ في العثور على بلد آخر يمكن ترحيله إليه. فهو لم يكن لـه خيار آخر غير الاحتجاز بما أنه لم يكن لـه بلد آخر يرحل إليه.

ملاحظات تكميلية مقدمة من الدولة الطرف

7-1 في رسالة مؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 2003، دفعت الدولة الطرف بأن الملاحظات التي قدمتها المحامية فيما يتعلق بالأحداث التي لحقت الطرد لا تكفي لاستنتاج أن ص احب البلاغ قد احتجز فعلاً، أو اختفى، أو عُذب أو عومل بطريقة أخرى مخالفة لأحكام المادة 7، كما أنها غير كافية لُيستنتج أن خطراً حقيقياً من هذا القبيل كان قائماً عند الطرد. وتؤكد الدولة الطرف أن المحامية اعترفت بأن صاحب البلاغ لم يعرض لسوء المعاملة عند وصوله، وأن الشائعات التي ترددت في الصحافة وأنه "حُبس أو قُتل" يرجع تاريخها إلى ما قبل حضوره بمقر سفارة الدولة الطرف في طهران. وتضيف الدولة الطرف بأن مندوباً لها في طهران تحدث، أثناء الأسبوع من 6 إلى 10 تشرين الأول/أكتوبر 2003، إلى والدة صاحب البلاغ التي ذكرت أنه على قيد الحياة وفي حال جيدة وأنه يلقى بانتظام الرعاية الطبية اللازمة لعلاج القرحة. وحسب الدولة الطرف، ذكرت والدة صاحب البلاغ أنه كان عاطلاً عن العمل وأنه كان يعيش حياة عادية إلى حد ما. ولم تقدم أية تفاصيل عن سرية اللقاء أو غير ذلك من الترتيبات المماثلة. وتؤكد الدولة الطرف أنها لم تنتهك حقوق صاحب البلاغ بموجب الاتفاقية عندما قررت طرده إلى إيران (21) .

7-2 كما تعترض ا لدولة الطرف على الثقة الموضوعة في قرارات اللجنة وغيرها من الهيئات الدولية الأخرى. وفيما يتعلق بالقرار الذي اعتمدته لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في إطار قضية فيرير – مازورا والذي رأت فيه اللجنة أنه لا يجوز احتجاز المواطنين الكوبيين الذين رفضت كوبا قبولهم لأجل غير محدد، تلاحظ الدولة الطرف أن هذه القضية لم تنطو على قرينة احتجاز تلقائي وغير محدد. وبدلاً من أن يحتجز صاحب البلاغ بالاستناد إلى "مجرد افتراض"، تم احتجازه بالاستناد إلى شهادة أمنية مقدمة من وزيرين اثنين اعتبرا أنه يمثل تهديداً لسلامة الأشخاص وأمنهم في كندا. وبالإضافة إلى ذلك، وخلافاً لما حدث في قضية المواطنين الكوبيين، صدر قرار بترحيل صاحب البلاغ ، وعلى هذا الأساس يعتبر احتجازه مناسباً ومبرراً.

7-3 وفيما يتعلق بما خلصت إليه المحكمة الاتحادية من أن صاحب البلاغ يقع على عاتقه عبء تبرير طلب الإفراج عنه بموجب أحكام المادة 40(1) (8)، تلاحظ ا لدولة الطرف أن الوزير قد وفى بالفعل بواجب تبرير الإيقاف، وبالتالي فإنه سوف يتعين تكرار الإجراءات المطوَّلة التي تم القيام بها لو أُلقي على عاتق الوزير عبء تبرير استمرار الاحتجاز. ومتى ثبت أن هنالك أسباباً معقولة تدعو إلى اعتقاد أن الأمر يتعلق بأجنبي ينتمي إلى مجموعة إرهابية، لم يعد من باب التعسف أن يُلقى على عاتق ذلك الشخص عبء تبرير الإفراج عنه. وفيما يتعلق بالمراجعة القضائية للاحتجاز التي طلبتها اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا ، تؤكد الدول ـ ة الطرف أن جلسة المحكمة الاتحادية التي نظرت في "المعقولية" تلبي هذا الغرض، ذلك أنها تتيح مراجعة حقيقية لا شكلية. أما عن المدة التي استغرقتها هذه الإجراءات، والتي كان خلالها صاحب البلاغ قيد الاحتجاز، فهي تعتبر معقولة في ظل الظروف المحيطة بالقضية، ذلك أن التأخير يعزى بالأساس إلى القرارات التي اتخذها صاحب البلاغ ، بما في ذلك مقاومته لمغادرة الدولة الطرف . وتتابع ا لدولة الطرف قائلة إن اللجنة، لدى تقديرها لمسألة الاحتجاز القائم على افتراض غير مبرر على أساس فردي التي أُثيرت في إطار قضية أ. ضد أستراليا قد أضفت طابعاً خاصاً على قضية ف. م. ر. ب. ، التي هي أشبه ما تكون بالقضية قيد النظر. ففي إطار قضية ف. م. ر. ب. ، مثلما هو الشأن في القضية قيد النظر، تم إيقاف الفرد المعني بالاستناد إلى تقييم قام به وزير عن وضع ذلك الفرد. وكان الاحتجاز في تلك القضية معقولاً ولازماً باعتبار أن الأمر يتعلق بشخص يشكل خطراً على الأمن القومي، ولم يتواصل الاحتجاز بعد الفترة التي كان الاحتجاز فيها مبرراً.

عدم تلبية الدولة الطرف لطلب اللجنة اتخاذ إجراءات مؤقتة للحماية

8-1 ترى اللجنة، في ظل ظروف القضية، أن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري لما قررت ترحيل صاحب البلاغ قبل أن تنظر اللجنة في ادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب العهد سوف يلحقها ضرر لا يمكن جبره. وتلاحظ اللجنة أن التعذيب يشكل، إلى جانب عقوبة الإعدام، أخطر وأشد النتائج الممكنة التي قد تلحق بفرد ما نتيجة التدابير التي تتخذها الدولة الطرف. وبناء عليه، فإن أية إجراءات تتخذها الدولة الطرف تسفر عن خطر التعريض لمثل هذا الأذى يجب، كما أشارت اللجنة إلى ذلك استنتاجا في طلبها اتخاذ تدابير مؤقتة، تدقيقها بأقصى ما يمكن من الصرامة.

8-2 وتعتبر التدابير المؤقتة المنصوص عليها في المادة 86 من النظام الداخلي للجنة المعتمدة وفقاً لأحكام المادة 39 من العهد أساسية بالنسبة للدور الذي تضطلع به اللجنة بموجب البروتوكول . وعدم الامتثال لأحكام المادة المذكورة، لا سيما عن طريق اتخاذ تدابير لا رجعة فيها مثل إعدام الشخص المدعى أنه الضحية المزعومة أو ترحيله من ا لدولة الطرف ليواجه التعذيب أو الموت في بلد آخر، من شأنه أن يقوِّض حماية الحقوق الواردة في العهد من خلال البروتوكول الاختياري.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 وفيما يتعلق بادعاء الاحتجاز التعسفي انتهاكاً لأحكام المادة 9، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أكدت أن الدعوى غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، حيث إن صاحب البلاغ لم يرفع طعناً إلى المحكمة العليا فيما يتعلق بطلبه إخلاء سبيله بموجب أحكام المادة 40(1)(8) من القانون. ولاحظت اللجنة أن إمكانية طلب الإفراج بموجب هذه المادة لم تصبح قائمة، بموجب القانون، إلا بداية من آب/أغسطس 1998 بعد انقضاء فترة 120 يوماً من تاريخ إصدار الأمر بالترحيل، وكان صاحب البلاغ آنذاك قد قضى في السجن فترة وصلت في مجموعها إلى خمس سنوات وشهرين منذ بداية الاحتجاز. وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أية حجج فيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية التي ربما كانت متاحة لصاحب البلاغ قبل آب/أغسطس 1998، ترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 9 قبل آب/أغسطس 1998 حتى ذلك التاريخ، لا يمكن اعتباره غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. بينما تعتبر اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب أحكام المادة 9 المتعلقة باحتجازه بعد ذلك التاريخ غير مقبولة على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، باعتبار أن صاحب البلاغ لم يرفع إلى المحكمة العليا التماسه من أجل إخلاء سبيله بموجب أحكام المادة 40(1)(8). وبناء عليه، تعتبر هذه الادعاءات الأخيرة غير مقبولة بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-3 وتلاحظ اللجنة أن محامية صاحب البلاغ سحبت الادعاءات المتعلقة بظروف الاحتجاز على أساس أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، وبالتالي فهي لا ترى داعياً لمواصلة النظر في هذه المسألة.

9-4 وتلاحظ اللجنة أن الدول ـ ة الطرف تدفع بأن الادعاءات المتبقية غير مقبولة لأن صاحبها لم يقدم، في ضوء ما قدم من دفوعات جوهرية تتعلق بالأسس الموضوعية للجوانب الواقعية والقانونية ذات الصلة، الأدلة الكافية لإثبات ادعاءاته لأغراض المقبولية، و/أو لأن تلك الادعاءات تخرج عن نطاق الاختصاص الموضوعي للعهد. وفي هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن الأنسب هو أن يُنظر في هذه الادعاءات في مرحلة دراسة الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 وفيما يتعلق بالادعاءات بموجب المادة 9 بخصوص الاحتجاز التعسفي وانعدام إمكانية الوصول إلى المحكمة، تحيط اللجنة علماً بحجّة صاحب البلاغ وأن احتجازه على أساس الشهادة الأمنية وبقاءه قيد الاحتجاز حتى ترحيله شكل خرقاً لأحكام هذه المادة. وتلاحظ اللجنة أنه بينما وجب احتجاز صاحب البلاغ بعد صدور الشهادة الأمنية، تنص قوانين الدولة الطرف على أنه يتعين على المحكمة الاتحادية أن تنظر على وجه السرعة، أي في غضون أسبوع، في الشهادة وأسس الإثبات التي تقوم عليها بهدف تحديد "معقوليتها". وفي حال تقرر أن الشهادة غير معقولة، يفرج عن الشخص الوارد اسمه في الشهادة. وتلاحظ اللجنة، تمشياً مع قضائها السابق، أن الاحتجاز الذي يقوم على أساس شهادة أمنية يصدرها وزيران لأسباب تتعلق بالأمن القومي لا يفضي بحكم الواقع إلى الاحتجاز التعسفي خلافاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 9. إلا أنه عندما يثبت أن الفرد المحتجز بموجب شهادة أمنية لم يسبق أن أدين بسبب ارتكاب جريمة أو صدر بشأنه حكم بالسجن، يجب أن تتاح لذلك الفرد السبل المناسبة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 4 من المادة 9، للحصول على مراجعة قضائية لاحتجازه، أي أن يحصل على مراجعة للأسباب الموضوعية المبررّة للاحتجاز، وكذلك أن توفر لـه الفرص الكافية لتكرار المراجعة.

10-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لأحكام الفقرة 4 من المادة 9، إن اللجنة مستعدة للقبول بأن الجلسة التي تعقدها المحكمة الاتحادية للنظر في "المقبولية" فوراً بعد بداية فترة الاحتجاز الإلزامي استناداً إلى شهادة أمنية صادرة عن الوزير تشكل مبدئياً مراجعة قضائية لأسباب الاحتجاز كافية لتلبية الشروط الواردة في الفقرة 4 من المادة 9 من العهد. غير أن اللجنة تلاحظ أنه إذا طالت مدة الإجراءات القضائية التي تشمل تحديد مشروعية الاحتجاز، فذلك يطرح مسألة معرفة ما إذا اعتمد القرار القضائي "دون تأخير" وفقاً لما تقتضيه المادة المذكورة، إلا إذا سعت الدولة الطرف إلى الحصول على إذن مؤقت بالاحتجاز بموجب إجراء قضائي منفصل. وفي حالة صاحب البلاغ ليس هناك ما يبين وجود مثل هذا الإذن، ولو أن فترة احتجازه الإجباري حتّى النظر في "المعقولية" دامت أربع سنوات وعشرة شهور. ومع أن جزءاً كبيراً من التأخير يمكن أن يعزى إلى صاحب البلاغ الذي اختار أن يطعن في دستورية إجراء الشهادة الأمنية بدلاً من أن يطلب إلى المحكمة الاتحادية أن تستمع لـه مباشرة في إطار نظرها في "معقولية" الشهادة، فإن هذا الإجراء الأخير تطلب عقد جلسات عديدة ودام تسعة شهور ونصف بعد البت نهائياً في الطعن الدستوري في 3 تموز/يوليه 1997. وترى اللجنة أن هذه المدة لوحدها طويلة جداً بالنظر إلى الأحكام الواردة في العهد التي تقتضي من المحاكم أن تنظر في مشروعية الاحتجاز دون تأخير. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى وجود انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 9 من العهد.

10-4 وفيما يتعلق بقرار الاحتفاظ ب صاحب البلاغ قيد الاحتجاز لفترة مدتها مائة وعشرون يوماً بعد صدور الإذن بترحيله في آب/أغسطس 1998، قبل أن يخوَّل لـه أن يطلب الإفراج عنه، ترى اللجنة أن فترة الاحتجاز هذه كانت، في حالة صاحب البلاغ ، قريبة جداً من قرار قضائي صدر عن المحكمة الاتحادية بما يبيح اعتبارها مقررة من المحكمة، وهي بالتالي لا تشكل خرقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 9.

10-5 وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة في إطار المواد 6 و7 و13 و14 والمتعلقة بطرد صاحب البلاغ وبالإجراء الذي أفضى إلى طرده، تلاحظ اللجنة أن المحكمة زودت صاحب البلاغ، أثناء الجلسة التي عقدتها المحكمة الاتحادية للنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية، بملخص محرر وفقاً لما تقتضيه الشواغل الأمنية يعلمه على نحو معقول بالادعاءات الموجهة ضده. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الاتحادية كانت واعية ب‍ "العبء الثقيل" الملقى على عاتقها، ألا وهو أن تضمن من خلال هذا الإجراء أن يتمكن صاحب البلاغ على النحو الواجب من الاطلاع على المآخذ المأخوذة عليه وأن يرد عليها، وأن صاحب الب ـ لاغ تمكن بالفعل مـن الدفاع عن نفسه ومن استجواب الشهود. ونظراً لما يحيط بالقضية من اعتبارات تتعلق بالأمن القومي، ليست اللجنة مقتنعة بأن هذا الإجراء لم يكن جائراً بالنسبة لصاحب البلاغ. وبالإضافة إلى ذلك، تذكّر اللجنة بدورها المحدود في تقدير الوقائع والقرائن وتسير في نفس الوقت إلى أنها لا ترى في المستندات المتاحة لها أية عناصر توحي بسوء النية أو تجاوز حدود السلطة أو أي شكل آخر من أشكال التعسف من شأنها أن تعيب التقدير الذي قامت به المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بمعقولية الشهادة التي تؤكد انتماء ص احب البلاغ إلى منظمة إرهابية. كما تلاحظ اللجنة أن العهد لا ينص، من حيث القانون، على إمكانية استئناف كل القرارات الصادرة عن المحكمة فيما عدا القضايا الجنائية. وبناء عليه، لا يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الإجراءات الأولى المتعلقة بإيقاف صاحب البلاغ وتقديم الشهادة الأمنية تندرج أو لا تندرج ضمن نطاق أحكام المادة 13 (باعتبارها قراراً يتم بموجبه طرد أجنبي يلبي الشروط القانونية للإقامة) أو المادة 14 (بوصفها قراراً للفصل في الحقوق والالتزامات في إطار دعوى مدنية)، باعتبار أن صاحب البلاغ لن يبين على أي حال حصول انتهاك لأحكام تلك المواد من خلال الإجراءات التي اتبعتها المحكمة الاتحادية لدى نظرها في "معقولية" الشهادة الأمنية.

10-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بحصول انتهاكات لأحكام المواد ذاتها القائمة على القرار اللاحق الذي اتخذه الوزير المكلف بشؤون الجنسية والهجرة والذي يشير فيه الوزير إلى جواز طرد صاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا خلصت، في إطار قضية سوريش التي نظرت فيها في نفس اليوم، إلى أن الإجراء الذي اتبعه الوزير في تلك القضية لتحديد ما إذا كان الشخص المعني يواجه خطر التعرض لأذى كبير وإذا كان ينبغي طرده لأسباب تتعلق بالأمن القومي لم يكن إجراءً سليماً لأنه لم ينصف صاحب البلاغ الذي لم يزود بكافة العناصر المادية التي أسس عليها الوزير قراره ولم تُعط لـه الفرصة للرد عليها خطياً، فضلاً عن أن قرار الوزير لم يرد بشأنه أي تعليل. كما تلاحظ اللجنة أنه متى تعلق الأمر بإحدى أسمى القيم التي يحميها العهد، ألا وهي الحق في عدم الخضوع للتعذيب، تَعيّن الحرص بكل شدة على أن يكون الإجراء المتبع لتحديد ما إذا كان الفرد يواجه خطراً كبيراً للتعرض للتعذيب إجراءً عادلاً. وتؤكد اللجنة أنها ركزت الانتباه على هذا الخطر في إطار هذه القضية من خلال طلبها اتخاذ إجراءات مؤقتة للحماية.

10-7 وترى اللجنة أن الدولة الطرف، إذ هي لم تزود صاحب البلاغ في هذه الظروف بالحماية الإجرائية التي اعتُبرت واجبة في إطار قضية سوريش ، على أساس أن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة الكافية ليثبت أنه يواجه خطر التعرض للأذى، فهي لم توفر مستوى العدالة المطلوب. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن إنكار هذه الحماية بالاستناد إلى الأسباب التي تذرعت بها الدولة الطرف إنما هو من قبيل اللف والدوران ذلك أن صاحب البلاغ لكان بإمكانه أن يقدم الأدلة الكافية عن الخطر الذي يواجهه لو سُمح لـه بأن يقدم ما لديه من حجج فيما يتعلق بخطر التعذيب الذي سيواجهه في حال ترحيله، ولتمكن من الاستناد إلى العناصر المادية التي احتجت بها ضده السلطات الإدارية ليطعن في قرار تضمن الأسباب التي دفعت بالوزير إلى اعتماد قرار يقضي بجواز ترحيله. وتؤكد اللجنة أن الحق في عدم التعرض للتعذيب، شأنه شأن الحق في الحياة، يفرض على الدولة ليس فقط أن تحجم عن التعذيب وإنما أن تبذل العناية الكافية وتتخذ الخطوات اللازمة الكفيلة بأن تجنِّب فرداً ما خطر التعذيب من جانب طرف ثالث.

10-8 كما تلاحظ اللجنة أن أحكام المادة 13 تنطبق من حيث المبدأ على قرار الوزير فيما يتعلق بخطر التعرض للأذى، باعتبار أن هذا القرار قد أفضى إلى الطرد. ونظراً إلى أن الإجراءات المحلية تخول لصاحب البلاغ أن يقدم ما لديه من حجج (محدودة) اعتراضاً على طرده وأن يحصل على نوع من المراجعة لقضيته، فمن غير المناسب أن تقبل اللجنة، في إطار القضية المعروضة على نظرها، بقيام "أسباب قاهرة تتعلق بالأمن القومي"تعفي الدولة الطرف من التزامها بتوفير الحماية الإجرائية المطلوبة بموجب تلك المادة. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزامها المنصوص عليه في المادة 13 والمتمثل في السماح لصاحب البلاغ بأن يقدم ما لديه من حجج للاعتراض على قرار طرده في ضوء التُهم التي وجهتها لـه السُلط الإدارية، وأن تقوم سلطة مختصة بمراجعة قضيته مراجعة كاملة، مما يتيح لـه إمكانية التعليق على المستندات المقدمة لتلك السلطة، باعتبار أن الدولة الطرف لم تمكنه من الحماية الإجرائية التي مُنحت للمشتكي في إطار قضية سوريش بتعلة أنه لم يقدم الأدلة الكافية عن مواجهته لخطر التعرض للأذى. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لأحكام المادة 13 من العهد مقترنة مع المادة 7.

10-9 وتلاحظ اللجنة أنه بما أن أحكام المادة 13 تتصل بشكل مباشر بالحالة موضوع هذه القضية وتتضمن مفاهيم الإجراءات القانونية الواجبة التي ترد أيضاً في المادة 14 من العهد، فمن غير المناسب، نظراً لبنية العهد، أن تُطبَّق على نحو مباشر الأحكام العامة والأوسع نطاقاً للمادة 14.

10-10 وبما أن اللجنة خلصت إلى أن الإجراء الذي أفضى إلى طرد صاحب البلاغ كان معيباً، ليس عليها أن تحدد مدى أهمية خطر التعذيب الذي كان قائماً قبل طرد صاحب البلاغ ولا أن تبت فيما إذا كان صاحب البلاغ قد خضع للتعذيب أو لسوء المعاملة بعد ترحيله. ومع ذلك، تحيل اللجنة، في الختام، إلى الرأي الذي أعربت عنه المحكمة العليا في إطار قضية سوريش بأن ترحيل فرد ما على الرغم من ثبوت قيام خطر هام لتعرضه للتعذيب لا يمكن بالضرورة منعه في كل الظروف. وبما أن لا المحاكم المحلية في الدولة الطرف ولا اللجنة تمكنت من إثبات قيام خطر هام لتعرض صاحب البلاغ للتعذيب، فإن اللجنة لا تعطي رأيها فيما يتعلق بهذه المسألة، ولكنها تلاحظ أن حظر التعذيب، بما في ذلك وفقاً لما تنص عليه أحكام المادة 7 من العهد، هو حظر مطلق لا يجوز أن يخضع لأي اعتبارات مخالفة.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بأحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع كما تبيَّنت للجنة تكشف عن انتهاك كندا لأحكام الفقرة 4 من المادة 9، والمادة 13، بالاقتران بالمادة 7 من العهد. وتكرر اللجنة من جديد استنتاجها بأن الدولة الطرف أخلّت بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري عندما قررت ترحيل صاحب البلاغ قبل أن تنظر اللجنة في دعواه.

12- ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك التعويض. وفي ضوء الظروف المحيطة بالقضية، وبما أن الدولة الطرف لم تفعل ما ينبغي لتقرر على النحو المناسب ما إذا كان صاحب البلاغ يواجه خطراً هاماً للتعرض للتعذيب يبرر وقف إجراء الترحيل، فإن الدولة الطرف ملزمة بما يلي: (أ) أن تمنح صاحب البلاغ تعويضاً إذا ثبت أنه تعرض للتعذيب بعد ترحيله، و(ب) أن تتخذ الإجراءات المناسبة لتضمن لصاحب البلاغ ألا يُعرَّض في المستقبل للتعذيب بحكم وجوده على أراضي الدولة الطرف ونتيجة لترحيله. كما يجب على الدولة الطرف أن تتجنب حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، كأن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان مراعاة الطلبات التي تقدمها اللجنة من أجل اتخاذ إجراءات مؤقتة للحماية.

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً في حالة ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 53(1)(ب)، في الجزء ذي الصلة، على ما يلي: "... لا يجوز أن يخضع أي شخص يعتبر لاجئاً تشمله الاتفاقية... للترحيل من كندا إلى بلد تعرض فيه حياة ذلك الشخص أو حريته للخطر لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو اعتناق رأي سياسي إلا إذا

...

(ب) كان الشخص ينتمي إلى إحدى الفئات غير المقبولة الواردة في الفقرة 19 (1) (ه‍) أو (و) أو (ز) أو(ي) أو(ك) أو (ل)، واعتبر الوزير أن الشخص يشكل خطراً على أمن كندا".

(2) تنص المادة 40 (1) في جزئها الجوهري على ما يلي:

"(8) يجوز للشخص الذي يحبس بموجب المادة الفرعية (7) ولا يقع ترحيله من كندا في غضون فترة 120 يوماً من تاريخ صدور الأمر بالترحيل، أن يرفع الأمر إلى [المحكمة الاتحادية].

(9) ويجوز [للمحكمة الاتحادية]، رهناً بالشروط والأحكام التي تراها مناسبة، أن تفرج عن الشخص، إذا اقتنعت [المحكمة الاتحادية] بأن:

(أ) الشخص لن يرحل من كندا قبل انقضاء فترة زمنية معقولة؛

(ب) لأن إخلاء سبيل الشخص لن يضر بالأمن القومي أو بسلامة الأشخاص".

(3)[2002] 1 SCR.

(4) الوثيقة E/CN.4/1996/39 (المرفق).

(5)(1996) 23 E.H.R.R. 413.

(6) يشير صاحب البلاغ إلى "إيران: بداية محاكمة النشطين السياسيين – انتهاك الحقوق الأساسية في إطار الاحتجاز السري" منظمة رصد حقوق الإنسان، 8 كانون الثاني/يناير 2002؛ "إيران: صحافيون في خطر" منظمة رصد حقوق الإنسان، 22 كانون الأول/ديسمبر 2001؛ "إيران: أفرجوا عن أعضاء حركة الحرية في إيران المحتجزين" منظمة رصد حقوق الإنسان، 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2001؛ "إيران: التطورات في مجال حقوق الإنسان" في التقرير العالمي لعام 2001 والتقرير العالمي لعام 1998 ، منظمة رصد حقوق الإنسان؛ "إيران: نظام قانوني لا يحمي حرية التعبير وتكوين الجمعيات" منظمة العفو الدولية، كانون الأول/ديسمبر 2001؛ "إيران: لا لموجات الإعدام" منظمة العفو الدولية، 17 آب/أغسطس 2001؛ "إيران: يجب على المحكمة الثورية أن تضع حداً لعمليات التوقيف التعسفية"، منظمة هيئة العفو الدولية، 11 نيسان/أبريل 2001؛ "إيران: لقد آن الأوان لإجراء إصلاحات قضائية وإنهاء المحاكمات السرية"، منظمة العفو الدولية، 16 أيلول/سبتمبر 1999؛ "إيران: التقارير القطرية لعام 2000 بشأن الممارسات في مجال حقوق الإنسان"، وزارة خارجية الولايات المتحدة، 23 شباط/فبراير 2001؛ "إيران: التقارير القطرية لعام 1997 بشأن الممارسات في مجال حقوق الإنسان"، وزارة خارجية الولايات المتحدة، 30 كانون الثاني/يناير 1998؛ "إيران" في التقرير السنوي لعام 1997 ، منظمة العفو الدولية؛ "الأمم المتحدة تُلح على وقف ممارسة الإعدام على الساحة العامة"، نيويورك تايمز، 23 نيسان/أبريل 1998؛ "الأمم المتحدة توبخ إيران لانتهاكها لحقوق الإنسان"، تورونتو ستار، 19 نيسان/أبريل 1998.

(7) "إيران: التقارير القطرية لعام 2001 بشأن الممارسات في مجال حقوق الإنسان"، وزارة خارجية الولايات المتحدة.

(8) "إيران: لقد آن الأوان لإجراء إصلاحات قضائية وإنهاء المحاكمات السرية"، المرجع المذكور.

(9) الوثيقة A/56/278، 10 آب/أغسطس 2001.

(10) ف. م. ر. ب. ضد كندا ، القضية رقم 236/1987، القرار المعتمد في 26 تموز/يوليه 1988.

(11) عصمان ضد المملكة المتحدة، خان ضد المملكة المتحدة وكولومبار ضد بلجيكا .

(12) تنص المادة 7 من الميثاق على ما يلي: "يتمتع كل فرد بالحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية وبالحق في أن لا يُحرم من تلك الحقوق ما عدا وفقاً لما تقتضيه مبادئ العدالة الأساسية"، في حين تنص المادة 9 على ما يلي: "يتمتع كل فرد بالحق في أن لا يُحتجز أو يُحبس تعسفاً".

(13) ماروفيدو ضد السويد ، القضية رقم 58/1979، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1981.

(14) ف. م. ر. ب. ضد كندا ، المرجع المذكور، و ج. ر. ب. ضد كوستاريكا ، القضية رقم 296/1988، القرار المعتمد في 30 آذار/مارس 1989.

(15) ستيوارت ضد كندا ، القضية رقم 538/1993، القرار المعتمد في 18 آذار/مارس 1994.

(16) القضية رقم 112/1981، القرار المعتمد في 8 نيسان/أبريل 1986.

(17) المرجع المذكور.

(18) دليل الإجراءات والمعايير الخاصة بتحديد مركز اللاجئ ، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الفقرة 198 فما بعدها.

(19) المرجع المذكور.

(20) القضية رقم 291/1998، الآراء المعتمدة في 5 نيسان/أبريل 1990، والقضية رقم 560/1993، الآراء المعتمدة في 30 نيسان/أبريل 1997. وتستشهد المحامية أيضاًَ، وللغرض نفسه، بقضية فيرير - مازورا ضد الولايات المتحدة ، لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، التقرير رقم 51/01 المؤرخ 4 نيسان/أبريل 2001.

(21) قدمت الدولة الطرف أيضاً مقالاً نشرته صحيفة ناشيونال بوست في عددها الصادر في 13 أيلول/سبتمبر 2003 تحت عنوان "إيراني مطرود يُقر أنه كذب". ونظراً إلى أن الدولة الطرف أعلنت صراحة أنها "لا تعتمد على [المقال]"، فإن اللجنة لن تشير إليه أكثر مما فعلت.

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

أنا لا اتفق مع ما خلصت إليه اللجنة من أن وقائع هذه القضية تبين أن الدولة الطرف انتهكت أحكام الفقرة 4 من المادة 9، وكذلك أحكام المادة 13 بالاقتران مع المادة 7.

وفيما يتعلق بالمادة 13 من العهد، تذكر اللجنة أنه "من غير المناسب أن تقبل اللجنة، في إطار القضية المعروضة على نظرها، بوجود"أسباب قاهرة تتعلق بالأمن القومي" تعفي الدولة الطرف من التزامها بموجب تلك المادة بأن توفر الحماية الإجرائية المطلوبة" (10-7). فاللجنة ترى أنه كان من المفروض أن تُمنح لصاحب البلاغ نفس الحماية الإجرائية التي منحت لسوريش ، وهو مواطن إيراني آخر مر بتجربة مماثلة. غير أن السبب الذي جعل صاحب البلاغ لا ينتفع بنفس الحماية الإجرائية هو أنه، خلافاً لسوريش الذي توفق في تقديم الأدلة الكافية لإثبات خطر تعرضه لل تعذيب عند رجوعه إلى إيران، لم يتمكن صاحب البلاغ من إثبات ادعائه. وباعتبار أن إثبات الخطر يُعد شرطاً مسبقاً للحصول على الحماية الإجرائية، فإن استنتاج اللجنة بأن صاحب البلاغ كان يجب أن يُمنح نفس الحماية الإجرائية هو بمثابة وضع الأمور في غير نصابها، وهذا في رأيي أمر لا يقبله المنطق.

وفيما يتعلق بأحكام الفقرة 4 من المادة 9، تقبل اللجنة بأن جزءاً كبيراً من المدة التي استغرقتها الإجراءات في إطار القضية الحالية يمكن أن ينسب إلى صاحب البلاغ الذي خير الطعن في دستورية الشهادة الأمنية بدلاً من أن يطلب من المحكمة الاتحادية أن تستمع لـه لدى نظرها في "معـقولية" الشهادة. ومع ذلك، خلصت اللجنة إلى أن الإجراء المتعلق بالنظر في معقولية الشهادة في حد ذاته استغرق 9 شهور ونصف وأن هذه الفترة الطويلة لا تلبي الشرط الوارد في الفقرة 4 من المادة 9، التي تقضي بأن تبت المحكمة في مشروعية الاحتجاز "دون تأخير" (10-3). غير أن الإجراء المتعلق بنظر المحكمة الاتحادية في معقولية الشهادة ألقي على عاتق القاضي عبئاً ثقيلاً، ألا وهو أن يضمن لصاحب البلاغ الاطلاع على نحو معقول على التهم الموجهة إليه كيما يتسنى لـه الإعداد للرد عليها واستجواب الشهود عند الاقتضاء. وعلاوة على ذلك، ولمّا كان الأمر يتعلق في هذه القضية بطرد أجنبي بسبب "أسباب قاهرة تتعلق بالأمن القومي" ولمّا كان على المحكمة أن تقيّم وقائع وأدلة متعددة، فإن الإجراء الذي يستغرق 9 شهور ونصف الشهر لا يبدو أنه إجراء تجاوز حدود المعقول. ويمكن إضافة أن اللجنة لم تشرح الأسباب التي جعلتها تعتبر أنه من غير المناسب أن تقبل بأن الدولة الطرف خلصت، في إطار هذه القضية، إلى قيام "أسباب قاهرة تتعلق بالأمن القومي" (10-7)، بما أن الدولة الطرف هي أول من يحدد ما إذا كانت هذه الأسباب قائمة أم لا، إلا إذا تبين بوضوح أن حكمها تعسفي أو لا يقوم على أسس سليمة، وحسب رأيي لم تكن الحالة كذلك.

( توقيع ): نيسوكي أندو

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي لعضو اللجنة، السيدة كريستين شانيه

أشاطر موقف اللجنة الثابت وبأن الأمر بالاحتجاز الإداري لأسباب تتعلق بالأمن القومي لا يفضي بحكم الواقع إلى احتجاز تعسفي.

غير أنه كيما لا يوصف هذا الاحتجاز بالتعسفي، ينبغي أن يكون مطابقاً للشروط الأخرى الواردة في المادة 9 من العهد، وإلا فإن الدولة سترتكب انتهاكاً للأحكام الواردة في الجملة الأولى من الفقرة 1 من المادة 9، بالتقصير في ضمان حق كل فرد في الحرية والسلامة الشخصية.

وليست المادة 9 المادة الوحيدة في العهد التي ينبغي، حسب رأيي، أن تفسر على هذا النحو.

على سبيل المثال، يشكل إعدام امرأة حامل، الذي يعدُ خرقاً سافراً لأحكام الفقرة 5 من المادة 6، انتهاكاً للحق في الحياة كما يرد في الفقرة 1 من المادة 6.

وينطبق نفس المبدأ في حال إعدام شخص دون أن يتمكن من ممارسة حقه في طلب العفو، خرقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 6 من العهد.

وينسحب هذا المنطق على المواد الواردة في العهد والتي تبدأُ في الفقرة الأولى بوضع مبدأ ثم تحدد، في متن المادة، الوسائل اللازمة لضمان الحق (المادة 10)؛ وتكون هذه الوسائل إما في شكل خطوات إيجابية يجب على الدولة اتخاذها، كضمان الوصول إلى القاضي، أو في شكل حظر، كما هو الحال في الفقرة 5 من المادة 6.

وبناءً عليه، إذا تعذر على سجينة الوصول إلى القاضي على وجه السرعة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 4 من المادة 9 من العهد، فذلك ينطوي على انتهاك للأحكام الواردة في الجملة الأولى من الفقرة 1 من المادة 9.

( توقيع ): كريستين شانيه

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي (مخالف) أبداه أعضاء اللجنة السير نايجل رودلي والسيد رومان فيروشيفسكي والسيد إيفان شيرير

لا نتفق مع ما خلصت إليه اللجنة من حصول انتهاك لأحكام الفقرة 4 من المادة 9. يبدو أن اللجنة تقبل، ولو كان ذلك باستخدام لغة توحي بعدم اليقين، أن احتجاز صاحب البلاغ خلال السنوات الأربع الأولى لم يشكل خرقاً لأحكام الفقرة 4 من المادة 9، بما أن صاحب البلاغ هو الذي اختار ألا يشارك في الإجراء المتعلق بالنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية ريثما يتم الفصل في الطعن الدستوري (الفقرة 10-4 أعلاه). كما تسلم اللجنة بأن الإجراء المتعلق بالنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية يلبي الشروط الواردة في الفقرة 4 من المادة 9. وبناءً عليه، فهي تخلص إلى حصول انتهاك فقط لأن الإجراء المتعلق بالنظر في "معقولية" الشهادة الأمنية استغرق تسعة شهور ونصف الشهر، وأن تلك المدة تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للحق في الحصول على قرار من المحكمة بشأن مشروعية الاحتجاز دون تأخير. ولكن اللجنة لا تبين كيف أن هذه المدة تشكل خرقاً للمادة المذكورة. كما لا يوجد في ملف القضية أي عنصر يمكن أن تكون اللجنة قد أسست عليه قرارها. وليس هناك أي دليل عن أن الفترة التي استغرقها الإجراء تجاوزت الحدود المقبولة أو، إذا حصل ذلك، عن الطرف الذي يتحمل مسؤولية ذلك. وفي غياب هذه المعلومات أو أي توضيح للاستنتاجات التي خلصت إليها اللجنة لا يمكننا أن نشاطرها الرأي.

( توقيع ): نايجل رودلي

( توقيع ) رومان فيروشيفسكي

( توقيع ): إيفان شيرير

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

جيم جيم- البلاغ رقم 1060/2002، ديسيل ضد النمسا (الآراء التي اعتمدت في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : فرانز وماريا ديسل (يمثلهما السيد ألكسندر موراوا، المحامي)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبا البلاغ

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 17 أيلول/سبتمبر 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ 1060/2002 الذي قدم إليها باسم فرانس وماريا ديسل بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحبا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبا البلاغ هما فرانز ديسل وزوجته ماريا ديسل، وهما مواطنان نمساويان، ولدا على التوالي في 10 تموز/يوليه 1920 و21 كانون الثاني/يناير 1932. ويدعيان أنهما ضحيتا انتهاك النمسا (1) للفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد. ويمثلهما محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 بموجب عقدين مؤرخين 20 شباط/فبراير و19 تشرين الأول/أكتوبر 1966، اشترى صاحبا البلاغ قطعة أرض تقع في بلدية إليسبيثن قرب مدينة سالزبورغ من السيد ف. ه‍. وفي 15 شباط/فبراير 1967، سُجل صاحبا البلاغ رسمياً بصفتهما مالكي قطعة الأرض.

2-2 وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1966، ودون علم صاحبي البلاغ، تقدم ف. ه‍ . بطلب استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق بهدف تغيير تصنيف قطعة الأرض من "ريفية" إلى "سكنية". ووافق المجلس البلدي لإليسبيثن على طلبه، في 13 نيسان/أبريل 1967، وأحال قرار منح الاستثناء إلى حكومة مقاطعة سالزبورغ للموافقة عليه رسميا. وفي 31 أيار/مايو 1967، رفضت حكومة مقاطعة سالزبورغ منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، دون علم صاحبي البلاغ أيضاً.

2-3 كما اشترى صاحبا البلاغ، في ربيع 1967، مخزن حبوب قديماً، بعد أن أبلغهما رئيس بلدية إلسبيثين شفوياً أنه لن يعارض خطتهما في إعادة بناء مخزن الحبوب في أرضهما. لكن في 12 آب/أغسطس 1969، أصدرت بلدية إلسبيثين قراراً يأمر صاحبي البلاغ بوقف تحويل مخزن الحبوب إلى بيت لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. وأشارت البلدية على صاحبي البلاغ، بموجب رسالة مؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 1969، بتقديم طلب للحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق التي تحظر البناء على قطعة أرضهما، وفقاً للفقرة 3 من المادة 19 من قانون التقسيم إلى مناطق مقاطعة سالزبورغ.

2-4 ورد المجلس البلدي لإلسبيثين على طلب صاحبي البلاغ بمنحهما استثناءً بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 1969، وأكد قراره خطياً في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1969. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1969، أحالت البلدية قرارها إلى حكومة مقاطعة سالزبورغ للموافقة عليه، ورفضت الحكومة الاستثناء في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1969، باعتباره أمراً مقضياً به، مبينة أن طلب الاستثناء الذي تقدم به المالكون السابقون لقطعة الأرض قد رفض بالفعل. ولم يُبلغ صاحبا البلاغ بذلك القرار حتى شباط/فبراير 1982.

2-5 وفي ربيع عام 1974، اشترى صاحبا البلاغ مخزن حبوب آخر وأعادا بناءه في أرضهما لاستخدامه كسقيفة. وفي 17 تموز/يوليه 1974، أمرهم العمدة بهدم المبنى المستخدم كسقيفة. ولم يُنظر في طعن صاحبي البلاغ المؤرخ 30 تموز/يوليه 1974 في ذلك القرار حتى أيار/مايو 1987.

2-6 وفي أثناء ذلك، أمر عمدة إلسبيثين صاحبي البلاغ بوقف "بناء بيت آخر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع" في 21 آب/أغسطس 1973، وفي 23 نيسان/أبريل 1974، أمرهما بهدم "مسكن" قائم في أرضهما في موعد أقصاه 31 تموز/يوليه 1974. وفي 7 أيار/مايو 1974، طعن صاحبا البلاغ في قرار المجلس البلدي لإلسبيثين، الذي نقض القرار في 9 حزيران/يونيه 1974، مشيراً إلى أنه اقتصر على ذكر "مسكن" دون توضيح أي من البناءين المقامين على قطعة أرض صاحبي البلاغ يجب هدمه. ولذلك، لم يكن الامتثال للقرار ممكناً بسبب عدم وضوحه.

2-7 وفي 1 شباط/فبراير 1982، رفض المجلس البلدي لإلسبيثين طلب صاحبي البلاغ منحهما استثناءً من أنظمة التقسيم إلى مناطق، مؤيداً حجة حكومة المقاطعة بوجوب رفض الطلب بوصفه أمراً مقضياً به. وطعن صاحبا البلاغ في ذلك القرار لدى حكومة المقاطعة، وأشارا إلى أن المالكِين السابقِين كانوا تقدموا بطلب بالاستثناء، دون إذنهما أو علمهما، بعد أن باعوا لهما قطعة الأرض. وفي 10 آب/أغسطس 1982، ألغت حكومة مقاطعة سالزبورغ قرار المجلس البلدي بسبب عدم تناوله أسس الطلب الموضوعية. كما اعتبرت حكومة المقاطعة أن قرار المجلس المؤرخ 1 شباط/فبراير 1982 هو أول قرار رسمي يتخذ بشأن الطلب الذي قدمه صاحبا البلاغ في 18 أيلول/سبتمبر 1969 لمنحهما استثناءً من أنظمة التقسيم إلى مناطق.

2-8 وبعد ذلك، شرعت بلدية إلسبيثين في إجراءات رسمية للنظر في إمكانية منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق. وفي 7 أيار/مايو 1985، أصدرت قراراً آخر برفض منح الاستثناء، مشيرة إلى أن بيت صاحبي البلاغ المخصص لقضاء عطلة نهاية الأسبوع سيؤثر في البنية الريفية للمنطقة، بعد أن أتيح لصاحبي البلاغ التعليق على آراء خبير بشأن الموضوع مدونة في صفحتين. وطعن صاحبا البلاغ في ذلك القرار بتاريخ 9 تموز/يوليه 1985.

2-9 وفي أثناء ذلك، انطلقت أشغال بناء منزل عائلي يبعد زهاء 70 متراً عن قطعة الأرض التي يملكها صاحبا البلاغ، على أساس استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق وترخيص بناء منحتهما بلدية إلسبيثين عام 1977.

2-10 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 1985، تقدم صاحبا البلاغ بطلب استثناء بأثر رجعي من أنظمة التقسيم إلى مناطق بموجب "قانون عفو" جديد، يمكن مالكي المساكن المبنية بطريقة غير قانونية في مقاطعة سالزبورغ من طلب تراخيص خصوصية ذات أثر رجعي. وفي رسالة مؤرخة 4 نيسان/أبريل 1986 موجهة إلى حاكم سالزبورغ، أشار عمدة إلسبيثين إلى رغبته في منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق فضلاً عن إصدار ترخيص بناء لمخزن الحبوب الأول، مع ضرورة إزالة مخزن الحبوب الثاني المقام في أرض صاحبي البلاغ. وفي الوقت ذاته، ذكر بأن البلدية منحت استثناءين يمكنان من بناء بيتين أسريين في المنطقة المتاخمة لقطعة أرض صاحبي البلاغ، وأقرتهما حكومة المقاطعة.

2-11 وبرسالة مؤرخة 12 حزيران/يونيه 1986، أبلغ أحد مساعدي الحاكم صاحبي البلاغ بتسوية مقترحة، يتعهد بموجبها صاحبا البلاغ بسحب طعنهما في رفض الاستثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، مقابل إلغاء البلدية لقرارها بعدم منح ذلك الاستثناء، وإصدار قرار في صالحهما، وتقديم ذلك القرار إلى حكومة المقاطعة للموافقة عليه. وتبعاً لذلك، سحب صاحبا البلاغ طعنهما في 4 تموز/يوليه 1986؛ وألغت البلدية، بدورها، قرارها المؤرخ 7 أيار/مايو 1985 وقدمت إلى حكومة المقاطعة قراراً مؤرخاً 21 أيار/مايو 1986، يمنح بمقتضاه المجلس البلدي استثناء بموجب "قانون العفو".

2-12 وفي 13 كانون الثاني/يناير 1987، أعلمت حكومة المقاطعة صاحبي البلاغ أن طلبهما الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق مرفوض باعتباره أمراً مقضياً به. ووافقت بلدية إلسبيثين على ذلك في 4 شباط/فبراير 1987. وطعن صاحبا البلاغ في ذلك القرار في 18 شباط/فبراير 1987.

2-13 وفي 6 شباط/فبراير 1987، أمر عمدة إلسبيثين صاحبي البلاغ بهدم مخزن الحبوب والسقيفة بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 1987. وطعن صاحبا البلاغ في ذلك القرار بتاريخ 17 شباط/فبراير 1987. وفي 6 أيار/مايو 1987، ألغت البلدية أمر الهدم الذي أصدره العمدة، نظراً إلى أن طعن صاحبي البلاغ في أمر الهدم المؤرخ 17 تموز/يوليه 1974 فيما يتعلق بالسقيفة لا يزال قيد النظر. وبوجود قرارين يتعلقان بالموضوع ذاته، وجب إلغاء الأمر الثاني بالهدم، في انتظار البت في الأمر الأول بالهدم. وفي 11 أيار/مايو 1987، رفض المجلس البلدي طعن صاحبي البلاغ في أمر الهدم الصادر عام 1974 وطلب من صاحبي البلاغ إزالة السقيفة بحلول 31 كانون الأول/ديسمبر 1987. وجرى تمديد ذلك الموعد النهائي مراراً.

2-14 وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، ألغت حكومة مقاطعة سالزبورغ القرار الذي اتخذته البلدية في 4 شباط/فبراير 1987 ورفضت فيه منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، نظراً إلى أن البلدية لم تتناول الأسس الموضوعية لطلب صاحبي البلاغ. وأمرت حكومة المقاطعة البلدية بالمبادرة إلى اتخاذ إجراءات لتحديد مدى إمكانية منح استثناء وتمكين صاحبي البلاغ من الاطلاع على ملف الإجراءات بداية من عام 1966.

2-15 وفي 25 آذار/مارس 1991، رفضت بلدية إلسبيثين مجدداً طلب صاحبي البلاغ الحصول على استثناء، بعد تمكينهما من التعليق على رأي خبير في قضايا التقسيم إلى مناطق. وفي 3 حزيران/يونيه 1991، قامت حكومة المقاطعة، استجابة لطعن تقدم به صاحبا البلاغ، بإلغاء قرار البلدية، معتبرة أن رأي الخبير لم يتضمن سوى بيانات عامة. ووجهت البلدية للحصول على رأي خبير آخر لتحديد ما إذا كان مبنيا صاحبي البلاغ يخالفان أنظمة التقسيم إلى مناطق المحلية، وتم ذلك في 15 كانون الثاني/يناير 1993.

2-16 وفي 22 شباط/فبراير 1993، رفضت البلدية مجدداً منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق. وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 1993، رفضت حكومة المقاطعة طعن صاحبي البلاغ في ذلك القرار، على أساس قانون التقسيم إلى مناطق الجديد للمقاطعة (1992)، الذي لم يعد يتضمن استثناءات من أنظمة التقسيم إلى مناطق.

2-17 وبقرار مؤرخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، رفضت المحكمة الدستورية النظر في شكوى صاحبي البلاغ، المؤرخة 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، ضد قرار حكومة المقاطعة الصادر في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1993 وأحالت القضية إلى المحكمة الإدارية. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 1995، نقضت المحكمة الإدارية القرار، واعتبرت أن دراسة طلبات الاستثناءات من أنظمة التقسيم إلى مناطق يجب أن تتم ليس على أساس قانون التقسيم إلى مناطق لعام 1992، بل على أساس الأنظمة النافذة عند حدوث الوقائع.

2-18 وفي غضون ذلك، أمرت بلدية إلسبيثين، في 12 شباط/فبراير 1994، صاحبي البلاغ بهدم بيتهما المعدّ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بحلول 30 أيلول/سبتمبر 1994. ورفضت حكومة المقاطعة طعن صاحبي البلاغ في ذلك القرار في 4 كانون الأول/ديسمبر 1995، وفي 5 كانون الثاني/يناير 1996، أكدت قرارها السابق بعدم منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق. وفي 29 أيلول/سبتمبر 1998 رفضت المحكمة الدستورية الشكاوى التي قدمها صاحبا البلاغ في 15 كانون الثاني/يناير 1996 ضد تلك القرارات، والتي يدعيان فيها انتهاك حقوقهما في استصدار قرار من محكمة مختصة، والمساواة أمام القانون، وحرمة ملكيتهما. وأحيلت القضية إلى المحكمة الإدارية، التي رفضت الشكاوى في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

2-19 وفي 25 أيلول/سبتمبر 2001، بعد أن رفضت الهيئة الإدارية الإقليمية لمقاطعة سالزبورغ – أومغيبونغ طلبهما تمديد الموعد النهائي لترتيب طرائق هدم بنائهما، قدم صاحبا البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ادّعيا فيه انتهاك حقهما في الملكية (المادة 1من البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية الأوروبية). وفي الوقت ذاته، تقدما بطلب للحصول على تدابير مؤقتة للحيلولة دون الهدم الوشيك لبنائهما. وفي 26 أيلول/سبتمبر 2001، سجلت المحكمة الأوروبية طلب صاحبي البلاغ ولكنها رفضت التماسهما الحصول على تدابير مؤقتة، وفي 29 كانون الثاني/يناير 2002، أعلنت أن الطلب غير مقبول، بسبب تقديمه بعد مرور أكثر من 6 شهور على تاريخ القرار المحلي النهائي، أي قرار المحكمة الإدارية المؤرخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 (2) .

الشكوى

3-1 يزعم صاحبا البلاغ أن حقوقهما بموجب الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد قد انتهكت، نظراً إلى أن الإجراءات لم تكن "منصفة" ولا "علنية" ولم تتم دون تأخير، وأشرفت عليها سلطات أساءت باستمرار وعمداً إلى موقفهما الإجرائي وميزت ضدهما. وبالإشارة إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يدعي صاحبا البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 14، تنطبق على الإجراءات المتعلقة بطلبهما الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، إضافة إلى طعونهما في أوامر الهدم، نظراً إلى أن تلك الإجراءات حددت حقوقهما والتزاماتهما في دعوى قضائية.

3-2 ويزعم صاحبا البلاغ أن حقهما في المساواة أمام القضاء بموجب الفقرة 1 من المادة 14، قد انتهك بسبب سوء تطبيق القوانين، وعدم اتخاذ قرارات بشأن العرائض والطعون التي تقدما بها، وعدم العناية بملفهما في جميع مراحل الإجراءات. وتبعاً لذلك، لم يُبلغا إطلاقا بطلب المالك السابق الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، أو رفض طلبه، رغم أن السلطات كانت على علم بما يجري من نقل للملكية. ولم يُبلغا بعدم موافقة حكومة المقاطعة على طلبهما الحصول على استثناء، بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر 1969، حتى شباط/فبراير 1982. وبالمثل، فإن طعنهما في قرار الهدم الصادر عن العمدة بتاريخ 17 تموز/يوليه 1974 لم يعالج خلال 13 عاماً ثم اتخذ قرار مفاجئ ضد صاحبي البلاغ في أيار/مايو 1987. ولفترة زهاء 20 عاماً، لم تنظر السلطات في فحوى طلب صاحبي البلاغ، ورفضته مراراً وتكراراً بصفته أمراً مقضياً به. وعندما اتخذ قرار بشأن أسس الطلب الموضوعية في نهاية المطاف عام 1991، لم تعالج البلدية القضايا ذات الصلة مجددا واكتفت بالاستناد إلى اعتبارات عامة. بل إن حكومة المقاطعة وجدت في قرارها المؤرخ في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1993 قانوناً جديداً ينطبق على قضية صاحبي البلاغ .

3-3 ويعتبر صاحبا البلاغ أن السلطات والمحاكم الإدارية على السواء لم تعقد جلسات علنية، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 14. وانتهك حقهما في أن تكون قضيتهما محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، نظراً إلى أن السلطات أثبتت بتصرفها أنها ستتخذ قراراً ضد صاحبي البلاغ، بصرف النظر عن الوقائع المعروضة عليها (3) .

3-4 ويدعي صاحبا البلاغ انتهاك حقهما في إجراءات دون تأخير، وهو جزء لا يتجزأ من حقهما في أن ينظرا في قضيتهما بشكل منصف وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 14 (4) ، نظراً إلى أن الإجراءات المتعلقة بطلبهما الحصول على استثناء دامت أكثر من 30 عاماً، رغم بساطة القضية، التي لم تكن تتطلب سوى قدر قليل من بحث الوقائع والتحليل القانوني. وحيث إن هذه المدة لا مبرر لها ظاهريا، فإن على الدولة الطرف أن تثبت أن أجهزتها لم تكن مسؤولة عن ذلك التأخير. وفي حين بذل صاحبا البلاغ العناية الواجبة في جميع مراحل الإجراءات وقدما جميع البيانات المطلوبة خلال مواعيد نهائية قصيرة، لم تبلغهمـا السلطات بحالة الإجراءات لفترة ناهزت 15 عاماً (بين عامي 1967 و1982)، ولم تتخذ قراراً واحداً يصمد أمام أبسط تدقيق خلال الطعن فيه لفترة 24 عاماً (من عام 1969 إلى عام 1993) ولم تتخذ أي إقرار في مناسبتين لزهاء 13 عاماً. ولم تحرك المحكمتان الإدارية والدستورية ساكناً لفترات طويلة من الزمن قبل نقض قرار حكومة المقاطعة في تشرين الأول/أكتوبر 1995 (بعد 11 شهراً) أو رفض الشكاوى الدستورية التي تقدم بها صاحبا البلاغ في تشرين الثاني/نوفمبر 1994 (بعد سنة) وفي أيلول/سبتمبر 1998 (بعد سنتين وتسعة شهور). ويعتبر صاحبا البلاغ أن طعنهما المستمر في قرارات تتضمن أخطاء واضحة لا يمكن أن يؤخّذ عليهما.

3-5 ويزعم صاحبا البلاغ أن رفض طلبهما الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، إلى جانب عدم بت السلطات في الأسس الموضوعية للقضية لفترة عقود، أو معالجة طعونهما، والأخطاء الإجرائية في قراراتها، وتطبيق قانون التقسيم إلى مناطق المحلي لعام 1992 بأثر رجعي، تشكل تعسفاً وتمييزاً ضدهما، انتهاكاً للمادة 26 من العهد، مقارنة بجارهما، السيد فلان، الذي حصل على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق وعلى ترخيص بناء عام 1977، لبناء بيت أسري يبعد زهاء 70 متراً عن قطعة أرض صاحبي البلاغ.

3-6 وقدم صاحبا البلاغ أدلة إثبات مستندية (من صور ورسوم تخطيطية) توضح أنه خلافا للبيتين الأسريين المجاورين، المشيَّدين من الخشب والطوب وبهما سقوف حديثة مفرطة الحجم والذين يبرزان للعيان على بعد أميال، نظراً إلى وجودهما في مرج مرتفع لا تحدّه أشجار تخفيهما، فإن مخزن الحبوب والسقيفة يحجبهما خطّ أشجار ولا يمكن مشاهدتهما إلا بدخول قطعة الأرض. ولا يمكن للمتجولين في مسار التجوال الذي يعبر ملكية صاحبي البلاغ إلا أن يشاهدوا جزءاً صغيراً من مخزن الحبوب، وهو بناء عتيق يعود إلى عام 1757، رُمِّم بأكمله باستعمال الخشب الذي تختص به مقاطعة سالزبورغ. وعليه، فإن مخزن الحبوب والسقيفة لا ينالان من أنظمة التقسيم إلى مناطق التي تمنع إقامة هياكل سكنية في المناطق الريفية للحفاظ على جمال المناظر الطبيعية. ورغم أن البناءين المجاورين يقعان أيضاً في قطعتي أرض مصنَّفتين على أنهما "ريفيتان"، فإن بلدية إلسبيثن، منحت مالكَيْهما استثناءً من أنظمة التقسيم إلى مناطق بموافقة صريحة من حكومة مقاطعة سالزبورغ.

3-7 ويدفع صاحبا البلاغ بأن طلبهما المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا يتصل بالموضوع ذاته، إذ إنه يقتصر على ادعاء انتهاك لحقهما في الملكية، وهو حق لا يحظى في حد ذاته بحماية العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 اعترضت الدولة الطرف في 28 أيار/مايو 2002، على مقبولية البلاغ، استنادا إلى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، وإلى أن الأحداث المشار إليها في الشكوى قد وقعت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى النمسا في 10 آذار/مارس 1988، وكذلك إلى الاختصاص الزماني.

4-2 وتعتبر الدولة الطرف أن الموضوع ذاته قيد نظر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وتؤكد أن اكتفاء صاحبي البلاغ في دعواهما أمام المحكمة الأوروبية بادعاء انتهاك حقهما في الملكية، وفقاً لما تنص عليه المادة 1 من البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا يمنع المحكمة من أن تنظر أيضاً بحكم اختصاصها في انتهاكات المادتين 6 (الحق في محاكمة منصفة) و14 (حظر التمييز) من الاتفاقية الأوروبية. ونظراً إلى أنه بإمكان المحكمة الأوروبية تبعاً لذلك أن تنظر في الوقائع على نحو يتسق مع مبدأيْ المحاكمة المنصفة والتساوي في المعاملة الواردين في المادتين 14 و26 من العهد، فإن ادعاء صاحبي البلاغ المقدم إلى المحكمة الأوروبية يتصل بنفس الحقوق الموضوعية التي يشملها البلاغ المسجل لدى اللجنة.

4-3 وبالإشارة إلى الأحكام السابقة للجنة ( 5 ) ، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني، نظراً إلى أنه يتعلق بقرارات وفترات زمنية سابقة لبدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف في 10 آذار/مارس 1988. ويسري ذلك بصورة خاصة على ادعاء التمييز في المعاملة بين صاحبي البلاغ والسيد فلان، الذي حصل على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق عام 1977، وادعاء عدم بت الدولة الطرف خلال فترة زمنية معقولة في التماس صاحبي البلاغ المؤرخ 18 أيلول/سبتمبر 1969 للحصول على استثناء من تلك الأنظمة (رُفض في 1 شباط/فبراير 1982) وكذلك في طعنهما المؤرخ 30 تموز/يوليه 1974 في أمر الهدم الذي أصدره العمدة في 17 تموز/يوليه 1974 (أُلغي في 11 أيار/مايو 1987).

المعلومات والتعليقات الإضافية التي قدمها صاحبا البلاغ رداً على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 التمس صاحبا البلاغ، في 12 حزيران/يونيه 2002، من اللجنة إصدار التماس تدابير مؤقتة، بموجب المادة 86 من نظامها الداخلي، تطلب فيه إلى الدولة الطرف إيقاف إجراءات تنفيذ أمر الهدم. وأخبرا اللجنة أن الهيئة الإدارية الإقليمية لمقاطعة سالزبورغ أومغيبونغ رفضت في 23 أيار/مايو 2002 عريضتهما بوقف تنفيذ الإجراءات حتى إصدار اللجنة قراراً نهائياً، وفي الوقت نفسه أمرتهم بتحويل مبلغ 447.67 4 يورو بحلول 1 آب/أغسطس 2002 لتنفيذ أمر الهدم، وأنه ليس للطعن في ذلك القرار أثر إيقافي.

5-2 ويدفع صاحبا البلاغ بأن تنفيذ أمر الهدم سيسبب لهما أضراراً يتعذّر جبرها، نظراً إلى أن هدم مخزنَيْ الحبوب العتيقين اللذين يتعذر تعويضهما، وقد رمماهما، وقاما بصيانتهما وتجهيزهما خلال الثلاثين سنة الماضية، لا يمكن أن يعوَّضا بثمن وسيؤدي ذلك إلى مزيد من الانتهاكات لحقوقهما بموجب المادتين 7 و17 من العهد. وفي رسالة مؤرخة 9 أيلول/سبتمبر 2002، أخبرت اللجنة صاحبي البلاغ أنه لن يتم اتخاذ تدابير مؤقتة في حالتهما.

5-3 ولاحظ صاحبا البلاغ، في 18 أيلول/سبتمبر 2002، أن المحكمة الأوروبية لم تعد تنظر في الأمر، بعد أن أعلنت أن طلبهما غير مقبول بسبب عدم الامتثال لقاعدة الستة شهور بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2002. ونظراً إلى الطبيعة الشكلية البحتة لقاعدة الستة شهور، لم تتمكن المحكمة من النظر في جوهر الادعاء (6) . وعليه، فإن تحفظ النمسا على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تنطبق، نظراً إلى أن القضية ذاتها لم تنظر فيها المحكمة الأوروبية إطلاقا، بالمعنى الوارد في تلك الفقرة.

5-4 ويرفض صاحبا البلاغ ادعاء الدولة الطرف بأن بلاغهما غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني. ذلك أن القرارات التي حددت في نهاية المطاف موقفهما القانوني وشكلت انتهاكاً لحقوقهما بموجب العهد، ولا سيما قرارات المحكمتين الدستورية والإدارية، قد اتخذت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى النمسا (7) . وإضافة إلى ذلك، فقد أكدت اللجنة مراراً وتكراراً اختصاصها بالنظر في الادعاءات الخاصة بانتهاكات العهد، لأنها بالرغم من وقوعها قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ، فإنها مستمرة أو لها آثار تشكل في حد ذاتها انتهاكات بعد ذلك التاريخ. و ينسحب ذلك بصورة خاصة على القضايا التي تؤكد فيها القرارات الإدارية والقضائية وضعاً معيناً لأصحاب البلاغات يؤثر في حقوقهم عقب دخول البروتوكول حيز التنفيذ (8) . وفضلاً عن ذلك، فإن من اختصاص اللجنة تحديد ما إذا كانت انتهاكات للعهد قد حدثت عقب دخوله حيز التنفيذ كنتيجة لأفعال أو حالات إغفال تتصل باستمرار تطبيق القوانين أو القرارات التي تؤثر على حقوق أصحاب البلاغات (9) .

حجج الدولة الطرف الإضافية بشأن المقبولية وملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية

6-1 أبدت الدولة الطرف في 18 أيلول/سبتمبر 2002 تعليقات إضافية على المقبولية وتبعاً لذلك على الأسس الموضوعية. وتذكر مجدداً أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني، نظراً إلى أنه يتصل بأحداث وقعت قبل 10 آذار/مارس 1988. وفيما يتعلق بشكوى صاحبي البلاغ بشأن انتهاك المادة 14 من العهد، يجب أن يُرفض البلاغ على أساس الاختصاص الموضوعي، نظراً إلى أنه لم يكن لصاحبي البلاغ "الحق" إطلاقاً في إقامة مبنى على قطعة أرضهما، وهو أمر كان بالإمكان حسمه في دعوى قضائية، نظراً إلى أن ذلك البناء كان محظوراً تماماً بموجب أنظمة التقسيم إلى مناطق. وتبعاً لذلك، فإن إجراءات إزالة المباني التي أُقيمت بصفة غير مشروعة يجب ألا تدخل في نطاق المادة 14. وإلا فإن التحايل، عن طريق أنشطة البناء غير المشروعة، على إجراءات منح استثناء ستؤدي إلى تحسين وضعهما القانوني.

6-2 وفيما يتعلق بالفترة الزمنية التي استغرقتها الإجراءات، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية، إذ كان بإمكانهما ادعاء حدوث تأخير إجرائي بتقديم التماس لتحويل الاختصاص ( Devolutionsantrag )، وهو الإجراء الذي يمكِّن الأفراد من رفع دعوى أمام سلطة مختصة أعلى درجة ما لم تُتخذ قرارات خلال فترة ستة شهور، أو بتقديم شكوى من عدم اتخاذ الإدارة قرارا في الوقت المناسـب (Säumnisbeschwerde) إلى المحكمة الإدارية، للإسراع في الإجراءات. واستناداً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن تلك الشكاوى تمثل "سبل انتصاف فعالة" في القضايا التي يُدّعى فيها وجود تأخير في الإجراءات لا موجب لـه (10) . وعلاوة على ذلك، فإن عدم تعجيل صاحبي البلاغ بالإجراءات بالاعتراض على عدم فعالية السلطات يوحي بأن تأجيل قرار الإزالة النهائي هو في صالحهما.

6-3 كما تعترض الدولة الطرف على وصف صاحبي البلاغ ب‍ "الضحيتين" على أساس أنهما أقاما مبنيين على أرضهما، رغم إدراكهما إدراكاً تاماً أن أي بناء يشيد على الأراضي الزراعية يتطلب استثناءً من أنظمة التقسيم إلى مناطق. ولم يتقدما بطلب استثناء إلا عندما أُمرا بوقف بناء مخزن الحبوب الأول. وحيث إن الإسراع في الإجراءات كان سيؤدي فقط إلى تعجيل توقيع جزاءات عليهما بسبب سلوكهما غير المشروع، فإن صاحبي البلاغ لم يتعرضا إلى أي سوء نتيجة الفترة الزمنية التي استغرقتها الإجراءات.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بأن أي سلطة من السلطات لا تشكل محاكم تماماً بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وأنه لم تعقد جلسات علنية في هذه القضية، تتمسك الدولة الطرف بتحفظها على المادة 14 من العهد، الذي كان يهدف إلى الإبقاء على "التنظيم النمساوي للسلطات الإدارية خاضعاً للمراقبة القضائية للمحكمة الإدارية والمحكمة الدستورية". كما تفتقر تلك الادعاءات إلى الدليل الكافي على ضوء السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية التي تنص على ما يلي: (أ) لا يلزم الحق في محاكمة عادلة الدول الأطراف على استصدار قرار بشأن الحقوق المدنية من محاكم في جميع مراحل الإجراءات (11) ؛ و(ب) المحكمة الإدارية هي محكمة بالمعنى الوارد في المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية (12) ؛ و(ج) إن عدم عقد جلسة لسماع الدعوى لا ينتهك الحق في محاكمة عادلة، إذا لم تستفد الأطراف المدعية من إمكانية طلب عقد جلسة (المادة 39 من قانون المحكمة الإدارية النمساوية)، مما يشكل تنازلاً عن حقهما في عقد جلسة لسماع الدعوى (13) .

6-5 وفيما يتعلق بمزاعم صاحبي البلاغ انتهاك حقهما في محاكمة منصفة وفي المساواة أمام المحاكم، تشير الدولة الطرف إلى الأحكام السابقة للجنة التي تفيد بأن محاكم الدول الأطراف عامة هي المختصة بتقييم الوقائع في قضية ما وتفسير التشريعات الوطنية، ما لم يكن ذلك التقييم أو التفسير تعسفيا بشكل جلي أو يشكل إنكاراً للعدالة. ونظراً إلى أن العيوب التي يُدّعى وجودها في الإجراءات، لا تشكل على أية حال تعسفاً جلياً أو إنكاراً للعدالة، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بسبب افتقاره إلى الدليل. وينسحب ذلك أيضاً على ادعاء صاحبي البلاغ أن السلطات المعنية لم تكن محايدة، وهو ادعاء لم يبرر.

6-6 وتبعاً لذلك وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تدفع الدولة الطرف بأن الفترة التي استغرقتها الإجراءات يبررها تعقد القضية، وسلوك السلطات وفقاً للأصول فضلاً عن سلوك صاحبي البلاغ. وعليه، فإن الإجراءات المؤثرة في التخطيط الإقليمي كثيراً ما تكون شديدة التعقيد نظراً إلى تعدد المصالح التي تمسها، مثل الحاجة إلى حماية البيئة، وضمان تماشي الكثافة السكانية مع القدرة الاستيعابية لمنطقة معينة على الصعيدين الاقتصادي والبيئي، وتوفير المتطلبات الأساسية لتحقيق تنمية مستدامة للاقتصاد، والهياكل الأساسية والإسكان، وتأمين زراعة وحراجة سليمتين. وفي حين التزمت السلطات بواجباتها لإجراء جولات عديدة من الإجراءات بهدف البت في طلبات وطعون صاحبي البلاغ، فإن هذين الأخيرين لم يتحملا مسؤوليتهما الإجرائية لمقاومة حالات التأخير بجميع الوسائل الإجرائية (14) ، مثل طلب تحويل الاختصاص المذكور آنفاً أو الشكوى من عدم فعالية الإدارة.

6-7 وفيما يتعلق بما زُعم من حالات تأخير مفرط في الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية والمحكمة الدستورية، تدفع الدولة الطرف بأنه كان بإمكان صاحبي البلاغ التوجه إلى كلتا المحكمتين في الوقت نفسه بدل القيام بذلك على التوالي بغية تفادي ضياع الوقت. وإضافة إلى ذلك، كان على المحكمة الدستورية خلال الفترة بين عامي 1994 و1996 أن تولي عنايتها للنظر في زهاء 000 5 قضية في مجال قانون الأجانب، نتجت أساساً عن الأزمة في البلقان. وواجهت المحكمة عامي 1996 و1997 عددا هائلا من الدعاوى تألف مما يربو على 000 11 شكوى تتعلق بالحد الأدنى لضرائب الشركات. والعمل المتراكم المؤقت الناتج عن الزيادة المفاجئة في عبء عمل المحكمة لا يمكن أن يُعزى إلى الدولة الطرف، بالنظر إلى اتخاذ إجراء علاجي عاجل، حُدِّدت فيه أولوية النظر في القضايا العالقة على أساس أهميتها. (15)

6-8 وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يمكن مقارنة حالة صاحبي البلاغ بوضع جاريهما، اللذين تقدما بطلب للحصول على تصريح قبل تشييد البناءين على أرضيهما. وفضلاً عن ذلك، فإن البناءين أقيما للسكن الدائم وليس لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وشيِّدا في منطقة متاخمة لمزارع قائمة. ونظراً إلى الصلة المكانية ببناءات المزارع القائمة، فقد كان البناءان مكشوفين بصفة أقل من بيت قضاء عطلة نهاية الأسبوع الذي أقامه صاحبا البلاغ، والذي لم تكن لـه أية صلة بالبناءات القائمة.

6-9 وبذلك يكون زعم صاحبي البلاغ بموجب المادة 26 من العهد بلا أساس، حتى وإن تشابهت الحالات، نظراً لعدم وجود حق "للمساواة في الظلم". واستناداً إلى السوابق القضائية للمحكمة الدستورية، فإنه لا يجوز الطعن في شرعية قرار تتخذه سلطة ما على أساس عدم جزاء تلك السلطة سوء تصرف مشابه في قضايا مماثلة، وإلا، فإن أي قانون سيكون غير قابل للتطبيق باستمرار، وسيتعرض مبدأ سيادة القانون للخطر، كلما كان على سلطة ما أن تصدر قراراً لصالح المتقدم بالشكوى رغم مخالفته للقانون. ولا يمكن أن يكون ذلك هو المقصود بمبدأ المساواة الوارد في المادة 26 من العهد.

6-10 وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأن "أنظمة العفو المطبقة على البناءات المخالفة للقانون" التي أشار إليها صاحبا البلاغ كانت مجرد إعلان نوايا صادر عن الحكومة الإقليمية لسالزبورغ بهدف إصلاح النواقص التي تشوب أنظمة التقسيم إلى مناطق والتمكين من النظر في القضايا الفردية بهدف البت (أ) فيما إذا كان بناء قد أُنشئ بنيّة سليمة؛ أو (ب) ما إذا كان بناء قد أُنشئ في فترة لم تكن توجد فيها أنظمة التقسيم إلى مناطق؛ أو (ج) ما إذا كان بناء قد أُنشئ بهدف التحايل على الأحكام القانونية الجاري العمل بها. ونظراً إلى أن صاحبي البلاغ، لم يتصرّفا بنية سليمة وأقاما بناءيهما عمداً انتهاكاً لأنظمة التقسيم إلى مناطق القائمة، فإن رفض منحهما تصريحاً بأثر رجعي لا يمكن اعتباره عملاً تعسفيا ينتهك المادة 26. وفضلاً عن ذلك، فإن وجود البناءين لفترة 30 عاماً لا يمكن أن يؤدي إلى "تقادم" حالة غير قانونية.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

7-1 يعترض صاحبا البلاغ، في رسالة مؤرخة 24 تموز/يوليه 2003، على ادعاء الدولة الطرف بأنهما أقاما المبنيين بالمخالفة للقوانين، متحايلين بذلك على إجراءات منح تصريح بناء. بل، اكتفيا بنقل مخزن حبوب عتيق من قطعة أرض مجاورة إلى أرضهما، بعد أن سعيا للحصول على موافقة عمدة إلسبيثن، وظنا بالتالي أن بإمكانهما تشييد البناء بصفة قانونية. ومن الناحية الشكلية، كان الإجراء قانونياً تماماً وقتئذ، نظراً إلى أنه قد سبق منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق لصاحب أرضهما السابق، رغم عدم علمهما بذلك.

7-2 ويؤكد صاحبا البلاغ من جديد أن بلاغهما مقبول من حيث الاختصاص الزماني ، وإضافة إلى ذلك من حيث الاختصاص الموضوعي ، نظراً إلى أن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد [بالنص الإنكليزي]، لا تتضمن نعت "مدني"، مما يجعلها تغطي نطاقاً أوسع من نطاق الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية. وحيث إن قضيتهما تتعلق بمسألة تحديد ما إذا كان يمكن الحفاظ على بناء قائم أو ما إذا كان ينبغي هدمه، فإنها تتصل مباشرة "بالحقوق" بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 14. ولا تتسق حجة الدولة الطرف القائلة إن منح ترخيص للبناء على أرض صاحبي البلاغ، بموجب استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، "محظور تماماً"، مع منح المجلس البلدي لإلسبيثن ذلك الاستثناء تحديداً لمالكي الأرض السابقين، لأن من المفترض أن المجلس اعتبر ذلك الاستثناء قانونياً. ونظراً لأن توصل السلطات الإدارية والمحاكم إلى نتيجة نهائية قد استغرق أكثر من 35 عاماً، فلا يمكن الادعاء بوجود أي درجة من الوضوح في هذا الصدد.

7-3 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية، يدفع صاحبا البلاغ بأنهما لم يكونا مطالَبَيْن باتباع، أو حتى تعجيل، مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي إلى نتيجة قانونية مضرة بمصالحهما وحقوقهما في الملكية (16) ، مثل هدم بناءيهما .

7-4 ويؤكد صاحبا البلاغ من جديد أنهما ضحيتا انتهاك الفقرة 1 من المادة 14، التي تنص على حماية حق الفرد في أن تكون قضيته محل نظر محكمة خلال فترة معقولة؛ وتجعل الإجراءات المطولة المتضرّرَيْن في وضع ومركز الضحية، وبخاصة إذا ما استمرت ما لا يقل عن 35 عاماً.

7-5 ويدفع صاحبا البلاغ بأن طول فترة الإجراءات لا يرجع إلى سلوكهما. ونظراً لعدم وجود أي التزام بمتابعة القضية بنشاط، فإن ما كان مطلوباً منهما، فعلاه، هو مجرد الامتثال للقواعد الإجرائية، والرد على الاستفسارات الرسمية والقيام بعمليات الطعن بالعناية الواجبة. وعلى النقيض من ذلك، لم تضمن الدولة الطرف استكمال الإجراءات التي بادرت بها سلطاتها وفقاً للفقرة 1 من المادة 14.

7-6 ويذكر صاحبا البلاغ، أنه من جملة ادعاءاتهما بشأن حالات التأخير الكثيرة في الإجراءات، اكتفت الدولة الطرف بالاعتراض على الادعاءات المتصلة بإجراءات الدعوى المرفوعة أمام المحكمتين الدستورية والإدارية. ويرفض صاحبا البلاغ محاولة الدولة الطرف تبرير حالات التأخير بادعائها أن القضية معقدة، وهو أمر لا يؤيده ملف القضية، الذي يتضمن وثائق وقرارات صدرت خلال 35 عاماً ولم تتجاوز ملف حفظ واحد، ولا الجهد الطفيف المطلوب لتقييم الوقائع والقانون، ولا أدلة الإثبات النادرة ولا الإسهام الهامشي للخبراء. وبالمثل، لم تُقِم الدولة الطرف الدليل على أن زيادة عبء العمل المتراكم لدى المحكمة الدستورية الذي تسبّب فيه حسب زعمها العدد الهائل من دعاوى اللجوء والضريبة الدنيا للشركات قد نالت من سير عمل المحكمة إلى درجة تبرر حالات التأخير الكبير محل الشكوى .

7-7 ويدفع صاحبا البلاغ، دعماً لادعائهما بموجب المادة 26، بأن الدولة الطرف قد ذكرت زورا (أ) أن البيتين اللذين أقامهما جيران صاحبي البلاغ بيتان للإقامة الدائمة؛ و(ب) أن ذينك البيتين شُيِّدا لصالح أطفال المزارعين؛ و(ج) أن البناءين المجاورين غير مكشوفين بنفس درجة مخزن حبوب صاحبي البلاغ، رغم أدلة الإثبات المستندية التي تفيد أن العكس هو الصواب. وفي حين أن مخزن الحبوب، وهو بناء تقليدي أقيم بجوار تلك المباني منذ القرن الثامن عشر، لا يبرز للعيان فعلياً حتى يدخل الزائر ملكية صاحبي البلاغ، فإن البناءين الآخرين ضخمان ومهيبان يمكن أن يشاهدا من بعيد .

7-8 ورداً على حجة الدولة الطرف بعدم وجود "مساواة في الظلم"، يجادل صاحبا البلاغ بأن المادة 26 تحكم أي سلوك رسمي ينظمه القانون، سواء كان إيجابياً أو سلبياً بالنسبة إلى الفرد.

الملاحظات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف وتعليقات صاحبي البلاغ عليها

8-1 جددت الدولة الطرف، في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2003، ذكر حججها التي تقدمت بها في أيار/مايو 2002. وشددت بصفة خاصة على أن صاحبي البلاغ لم يحصلا على ترخيص إطلاقا بموجب قانون التخطيط الإقليمي، نظراً إلى أن سلطة الإشراف لم توافق في قرارها المؤرخ 31 أيار/مايو 1967على القرار الذي أصدره المجلس البلدي في 13 نيسان/أبريل 1967. ولا يمكن لموافقة شفوية من العمدة أن تحل محل الترخيص المطلوب بموجب قانون التقسيم إلى مناطق الخاص بالمقاطعة.

8-2 وتدفع الدولة الطرف مسألة ما إذا كانت الإجراءات موجهة ضد صاحب بلاغ لا صلة لها بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ولذلك، اعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه يجب حتى على متهم في قضية جنائية أن يستفيد من سبل الانتصاف القانونية للإسراع في الإجراءات بغية استنفاد سبل الانتصاف المحلية في القضايا التي يزعم فيها فرد انتهاك حقه في أن تكون قضيته ما محل نظر محكمة دون تأخير (17) . وعلى أي حال، فإن هذا الحق لم ينتهك في هذه القضية، نظراً لسلوك صاحبي البلاغ الذي انعكس سلباً عليهما، أي طلبهما تعليق الإجراءات خلال فترة غيابهما التي استمرت أربعة شهور عام 1987.

8-3 وتؤكد الدولة الطرف مجدداً أنه انطلاقا من التشابه البعيد المدى بين الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية والفقرة 1 من المادة 14 من العهد، فإن هذه الفقرة الأخيرة لا تنطبق على قضية صاحبي البلاغ. وفضلاً عن ذلك، لم يكن لصاحبي البلاغ الحق في بناء مبنى على قطعة أرضهما. ونظراً لعدم وجود ذلك الحق، فإن الإجراءات الراهنة لا تتصل ب‍ "الفصل في الحقوق" بالمعنى الوارد في المادة 14 من العهد.

8-4 وتصر الدولة الطرف على أن عبء العمل المتراكم لدى المحكمة الدستورية قد زاد زيادة كبيرة في الفترة بين عامي 1994 و1996، حيث تجمعت 000 5 قضية تتصل بالأجانب فقط و122 11شكوى تتعلق بإشعارات الدفع المسبق لضرائب الشركات.

9-1 ورد صاحبا البلاغ، في 8 كانون الأول/ديسمبر 2003، بأن طلبهما تأجيل بت حكومة المقاطعة في طعنهما ضد رفض البلدية في 4 شباط/فبراير 1987 منحهما الاستثناء المطلوب من أنظمة التقسيم إلى مناطق على أساس أنه أمر مقضي به يبيّن فقط التزامهما بالمشاركة مشاركة كاملة في الإجراءات. ورغم أنهما عادا من عطلتهما في تشرين الثاني/نوفمبر 1987، لم تتخذ حكومة المقاطعة قراراً بشأن طعنهما قبل 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

9-2 وفيما يتعلق بطول مدة الإجراءات يعتبر صاحبا البلاغ أنه من الملائم اتباع النهج التقليدي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (18) بعدم مطالبة الأفراد بالتعاون النشط مع سلطات الإدعاء. وحتى إن اختارت اللجنة السوابق القضائية الأخيرة للمحكمة، التي تطلب من المتقدمين بشكاوى الاستفادة من سبل الانتصاف القانونية لرفع شكاوى بشأن فرط طول الإجراءات في القضايا الجنائية أيضاً، فإن هذا الشرط لم تطبقه المحكمة الأوروبية حتى الآن سوى على القضايا التي تشمل سلسلة واحدة من الإجراءات التي يتوافر في إطارها سبيل للتعجيل لكن أصحاب الشكوى لم يلجأوا إليه (19) . وعليه، فإنه يجب التمييز بين هذا البلاغ وهذه القضايا نظراً إلى أنه يتضمن العديد من إجراءات مراجعة الأحكام الإدارية والقضائية.

9-3 وفضلاً عن ذلك، يدفع صاحبا البلاغ بأن فعالية تلك السبل تتوقف على ما إذا كان لها أثر هام في طول الفترة التي تستغرقها الإجراءات بأكملها وما إذا كانت تلك السبل متوفرة طوال فترة الإجراءات. غير أن سبل الانتصاف للإسراع بالإجراءات لم تكن متوفرة لصاحبي البلاغ خلال الفترة من 8 تشرين الأول/أكتوبر 1969 إلى 1 شباط/فبراير 1982، لأنهما كانا يجهلان أن إجراءات الموافقة على الاستثناء الذي منحته البلدية كانت قيد نظر حكومة المقاطعة. وتبعاً لذلك، أدت المفاوضات التي جرت للتوصل إلى تسوية ودية إلى اتفاق عام 1986، الذي أنهته حكومة المقاطعة من جانب واحد بسحب موافقتها.

9-4 ويدفع صاحبا البلاغ بأنه لا يوجد سبيل انتصاف للإسراع في الدعاوى التي تنظر فيها المحكمتان الدستورية والإدارية. ولذلك فإن الجزء من البلاغ الذي يتصل بالتأخير في إجراءات المحكمتين، والتي بلغت خمس سنوات وتسعة شهور، مقبول على أي حال (20) .

9-5 ويؤكد صاحبا البلاغ مجدداً أن زيادة عبء العمل لدى المحكمة الدستورية لم تكن كبيرة، نظراً إلى أن جميع الشكاوى التي تتصل بالضريبة الدنيا للشركات وعددها 000 11 قد أزيلت من قائمة الدعاوى بإصدار حكم واحد يقع في 22 صفحة. وفي حين كان تصنيف آلاف العرائض وتسجيلها وحفظها عبئاً بالقطع على قلم المحكمة، فإنه لم يؤثر إطلاقا في عمليات الفصل في الدعاوى.

9-6 وأخيراً، يدفع صاحبا البلاغ بأن السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية قد حددت بشكل واضح لا لبس فيه أن الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية تنطبق على الدعاوى المتعلقة بتراخيص البناء وأوامر الهدم (21) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10-1 قبل النظر في الادعاءات الواردة في بلاغ، لا بد للجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من النظام الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

10-2 وبصرف النظر عما إذا كانت الدولة الطرف قد تمسكت بتحفظها على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فإن اللجنة تذكِّر بأنه عندما تستند المحكمة الأوروبية في إعلان عدم المقبولية إلى الأسس الإجرائية فقط، وليس إلى أسباب تشمل مراعاة الأسس الموضوعية للقضية، لا تعتبر المسألة ذاتها قد "درست" بالمعنى الوارد في التحفظ النمساوي على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (22) . وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية أعلنت أن ادعاء صاحبي البلاغ غير مقبول بسبب عدم احترامه لقاعدة الستة شهور (الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية)، وأن هذا الشرط الإجرائي غير منصوص عليه في البروتوكول الاختياري. وحيث إن القضية ذاتها لا "تنظر" فيها المحكمة الأوروبية، تخلص اللجنة إلى أنه لا يوجد سبب يحول دون نظرها في هذا البلاغ بموجب التحفظ النمساوي على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-3 وتحيط اللجنة علماً باعتراض الدولة الطرف التي تؤكد أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني ، نظراً إلى أنه يتصل بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى النمسا في 10 آذار/مارس 1988. وتذكِّر بأنه لا يمكنها النظر في انتهاكات للعهد يدعى حدوثها قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى دولة طرف، ما لم تستمر تلك الانتهاكات بعد ذلك التاريخ أو ما لم تتواصل آثارها التي تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد (23) . وتلاحظ أن فترة التأخير التي دامت 13 عاماً في إعلام صاحبي البلاغ بقرار حكومة المقاطعة المؤرخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 1969، والذي رفضت فيه قرار البلدية بالاستجابة إلى طلبهما الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، والتأخير في البت في طعن صاحبي البلاغ المؤرخ 30 تموز/يوليه 1974 ضد أمر العمدة بالهدم المؤرخ 17 تموز/يوليه 1974، كليهما بتاريخ سابق لدخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى الدولة الطرف. ولا تعتبر اللجنة أن الانتهاكات التي يدعى وقوعها قد استمرت بعد 10 آذار/مارس 1988 تحدث آثاراً تشكل في حد ذاتها انتهاكاً لحقوق صاحبي البلاغ بموجب العهد. وعليه فإن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق بحالات التأخير المشار إليها أعلاه.

10-4 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن المعاملة التمييزية المزعومة التي تعرض لها صاحبا البلاغ سبقت أيضاً تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى النمسا، تلاحظ اللجنة أنه في الوقت الذي منح فيه السيد فلان فعلاً استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق وتصريح بناء، عام 1977، فإن طلب صاحبي البلاغ الحصول على تصريحين مماثلين قد رفضتهما في نهاية المطاف حكومة المقاطعة في 5 كانون الثاني/يناير 1996، ورفضت المحكمة الإدارية طعنهما في ذلك القرار في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

10-5 غير أن اللجنة تعتبر أن صاحبي البلاغ لم يثبتا، لأغراض المقبولية، أن المعاملة التمييزية التي يدعيان أنهما تعرضا لها كانت مبنية على الأسس الواردة في المادة 26. وبالمثل، فإنهما لم يبرهنا، لأغراض المقبولية، على أن الأسباب التي قدمتها حكومة المقاطعة والمحكمة الإدارية لرفض طلبهما الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق كانت تعسفية. وتخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10-6 وفيما يتعلق بزعم صاحبي البلاغ أن عدم السماح لهما بالإدلاء بأقوالهما طوال فترة الإجراءات انتهك حقهما في أن تكون قضيتهما محل نظر منصف وعلني بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأنه كان بإمكان صاحبي البلاغ أن يطلبا الإدلاء بأقوالهما أمام المحكمة الإدارية وأنهما بعدم قيامهما بذلك تنازلا عن حقهما في ذلك. وتلاحظ أيضاً أن صاحبي البلاغ لم يدحضا تلك الحجة في جوهرها وأنه كان يمثلهما محامٍ طوال فترة نظر المحكمة الإدارية في الدعوى. لذلك تعتبر اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يثبتا، لأغراض المقبولية، أن حقهما في أن تكون قضيتهما محل نظر منصف وعلني قد انتُهك. ولذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10-7 وفيما يتعلق بزعم صاحبي البلاغ انتهاك حقوقهما بموجب الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد، نظراً إلى أن السلطات المعنية لا تُعتَبر محاكم مستقلة حيادية بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 14، وأنها أضرت بهما عمداً، وطبقت بأثر رجعي قانون التقسيم إلى مناطق للمقاطعة لعام 1992 على وقائع حدثت قبل عام 1992، تلاحظ اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 14، لا تلزم الدول الأطراف بضمان إصدار المحاكم قرارات في جميع مراحل الطعن. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن رفض حكومة المقاطعة المؤرخ 4 تشرين الأول/أكتوبر 1993، منح استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق قد نقضته في وقت لاحق المحكمة الإدارية. وتخلص اللجنة إلى أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول أيضا بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري، بسبب عدم إقامة الدليل.

10-8 وفيما يتعلق ببقية الادعاءات، وهي ادعاء تأخير النظر في الطعن في قرار البلدية المؤرخ 4 شباط/فبراير 1987، وتأخير نظر المحكمتين الدستورية والإدارية في الدعوى، وفيما يتعلق بطول مدة الإجراءات بأكملها، يجب على اللجنة أن تتناول اعتراض الدولة الطرف على وصف صاحبي البلاغ بأنهما "ضحيتان"، وانطباق الفقرة 1 من المادة 14 على وقائع القضية، ومسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

10-9 واللجنة مقتنعة بان صاحبي البلاغ قد أقاما الدليل الكافي، لأغراض المقبولية، على أن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد تنطبق على الإجراءات المتعلقة بتراخيص البناء وأوامر الهدم، وأنهما يعتبران ضحيتي انتهاك حقوقهما، بموجب المادة 14، في أن تكون قضيتهما محل نظر محكمة دون تأخير لا مبرر له.

10-10 وفيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير اللجنة إلى أن صاحبي البلاغ أثاراً قضية التأخير في النظر في شكواهما المؤرخة 15 كانون الثاني/يناير 1996 في المحكمة الدستورية التي أحالتها إلى المحكمة الإدارية. ولم تبين الدولة الطرف أنه كان بإمكان صاحبي البلاغ أن يستفيدا من أية سبل انتصاف إضافية للطعن في القرار النهائي الصادر عن المحكمة الإدارية. وفضلاً عن ذلك، لم تفند الدولة الطرف حجة صاحبي البلاغ بعدم وجود سبل انتصاف تمكنهما من الإسراع في الإجراءات قيد نظر المحكمتين الدستورية والإدارية. ولذلك، فإن اللجنة مقتنعة بأن صاحبي البلاغ قد استنفدا سبل الانتصاف المحلية، وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

10-11 وتخلص اللجنة إلى أن البلاغ مقبول فيما يتعلق بطول الفترة التي استغرقها النظر في طعن صاحبي البلاغ في قرار البلدية المؤرخ 4 شباط/فبراير 1987 وفيما يتعلق بالإجراءات قيد نظر المحكمتين الدستورية والإدارية، وإلى أن تأخير الإجراءات ككل يثير مسائل تغطيها الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتنتقل اللجنة إلى النظر في هذه الادعاءات من زاوية أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

11-1 تذكِّر اللجنة، في البداية، بأن مفهوم "الدعوى المدنية" الوارد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد يستند إلى طبيعة الحق والالتزامات موضوع الدعوى أكثر من استناده إلى وضع الأطراف (24) . وتلاحظ اللجنة أن الإجراءات المتعلقة بطلب صاحبي البلاغ الحصول على استثناء من أنظمة التقسيم إلى مناطق، فضلاً عن أوامر هدم بناءيهما، تتصل بتحديد حقوقهما والتزاماتهما في دعوى مدنية، وبخاصة حقهما في عدم التدخل غير المشروع في حياتهما الخاصة وبيتهما، وحقهما ومصالحهما المتعلقة بملكيتهما، والتزامهما بالامتثال لأوامر الهدم. وتبعاً لذلك فإن الفقرة 1 من المادة 14 تنطبق على هذه الإجراءات.

11-2 كما تذكِّر اللجنة بأن حق الفرد في أن تكون قضيته محل نظر منصف بموجب الفقرة 1 من المادة 14، يستتبع عدداً من المتطلبات، بما في ذلك شرط النظر في الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم الوطنية دون تأخير (25) . والقضية المعروضة على اللجنة تتعلق بالتالي بتحديد ما إذا كان التأخير الذي يشكو منه صاحبا البلاغ قد انتهك هذا الشرط، في حدود حدوثه أو استمراره بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى الدولة الطرف .

11-3 وفيما يتعلق بادعاء التأخير في النظر في طعن صاحبي البلاغ المؤرخ 18 شباط/فبراير 1987، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ نفسهما طلبا تأجيل إصدار القرار حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1987. ورغم أن الأمر تطلب بعد ذلك من محكمة المقاطعة سنتين أخريين لنقض القرار المطعون فيه، منها 20 شهراً في الفترة التي تلت دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، فإن اللجنة تعتبر أن صاحبي البلاغ لم يثبتا أن هذا التأخير غير معقول، ويعتبر انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14، مع مراعاة: (أ) أن التأخير لم يضر بموقفهما القانوني؛ و(ب) أن صاحبي البلاغ اختارا عدم اللجوء إلى سبل الانتصاف المتوفرة للإسراع في الإجراءات؛ و(ج) أن نتيجة إجراءات الطعن كانت لصالحهما.

11-4 وفيما يتعلق بادعاء تأخير إجراءات الدعوى أمام المحكمة الدستورية (من 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 إلى 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 ومن 15 كانون الثاني/يناير 1996 إلى 29 أيلول/سبتمبر 1998)، تلاحظ اللجنة أنه في حين جرى النظر في المجموعة الأولى من هذه الإجراءات دون تأخير، فقد تكون المجموعة الثانية قد تجاوزت الفترة العادية للإجراءات مما أدى إلى رد الشكوى وإحالتها إلى محكمة أخرى. غير أن التأخير الثاني، في نظر اللجنة، ليس طويلاً بحيث يشكل، في الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الدستورية في مسألة تتصل بالملكية، انتهاكاً لمبدإ الإنصاف الوارد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

11-5 وفيما يتعلق بادعاء التأخير في إجراءات الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الإدارية (من 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 إلى 12 تشرين الأول/أكتوبر 1995 ومن 29 أيلول/سبتمبر 1998 إلى 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999)، لاحظت اللجنة حجة الدولة الطرف غير المعترض عليها ومفادها أنه كان بإمكان صاحبي البلاغ أن يتقدما بشكواهما إلى كل من المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية في آن واحد، لتفادي ضياع الوقت. وعلى ضوء تعقد القضية محل الشكوى، وكذلك تحليل المحكمة القانوني المفصل في قراريها المؤرخين 12 تشرين الأول/أكتوبر 1995 و3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، لا تعتبر اللجنة أن حالات التأخير موضوع الشكوى تشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

11-6 وتلاحظ اللجنة أن الفترة التي استغرقتها الإجراءات بأكملها، ابتداء من تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة إلى النمسا (10 آذار/مارس 1988) وانتهاء بتاريخ الحكم النهائي للمحكمة الإدارية (3 تشرين الثاني/نوفمبر 1999)، بلغ مجموعها أحد عشر عاماً وثمانية شهور. وفي تقدير معقولية هذا التأخير، استندت اللجنة إلى الاعتبارات التالية: (أ) طول فترة كل مرحلة من مراحل الدعوى (26) ؛ و(ب) أن الأثر الإيقافي للإجراءات المتصلة بأوامر الهدم كان لصالح الموقف القانوني لصاحبي البلاغ، وليس ضدهما؛ و(ج) أن صاحبي البلاغ لم يستفيدا من إمكانات الإسراع في الإجراءات الإدارية أو تقديم شكاوى متزامنة؛ و(د) التعقد الشديد للقضية؛ و(ه‍) أنه خلال تلك الفترة، نقضت حكومة المقاطعة مرتين، والمحكمة الإدارية مرة واحدة، قرارات سلبية صدرت بشأن الطعن الذي تقدم به صاحبا البلاغ. وتعتبر اللجنة أن هذه العوامل ترجح أية آثار سلبية يمكن أن يكون الغموض القانوني خلال الإجراءات الممتدة قد سببها لصاحبي البلاغ. وتخلص إلى أنه بالنظر إلى جميع حيثيات القضية، فإن حقهما في أن تكون قضيتهما محل نظر محكمة دون تأخير لم ينتهك.

12- وعملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الوقائع المعروضة أمامها لا تكشف عن وقوع أي انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري للعهد بالنسبة إلى الدولة الطرف في 10 كانون الأول/ديسمبر 1978 و10 آذار/مارس 1988 على التوالي.

وعند التصديق على العهد، أبدت الدولة الطرف تحفظاً، يرد في الأجزاء ذات الصلة منه ما يلي: "[...] 2- وستطبق المادتان 9 و41 من العهد شريطة أن تظل اللوائح القانونية، التي تنظم الإجراءات والتدابير المتعلقة بالحرمان من الحرية كما هو منصوص عليه في قوانين الإجراءات الإدارية وفي قانون الجرائم المالية مسموحا بها في إطار المراجعة القضائي ة التي تقوم به ا المحكمة الإدارية الاتحادية أو المحكمة الدستورية الاتحادية وفقاً لما ينص عليه الدستور الاتحادي النمساوي. 3 ‑ [...]. 4- وستطبق المادة 14 من العهد بشرط عدم المساس بالمبادئ التي تحكم علنية المحاكمات، كما حددت في المادة 90 من القانون الدستوري الاتحادي المعدل في 1929 ، [...]."

وعقب التصديق على البروتوكول الاختياري تقدمت الدولة الطرف بالتحفظات التالية بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري: "علماً بأنه وفقاً ل أحكام المادة 5 ( 2 ) من البروتوكول، لا يجوز للجنة المنصوص عليها في المادة 28 من العهد أ ن تنظر في أي بلاغ مقدم من أحد الأفراد ما لم تتحقق من أن المسألة ذاتها لم تعرض على اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ".

(2) انظر حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بشأن مقبولية الادعاء رقم 01/74262 (فرنس وماريا ديزل ضد النمسا) ، 29 كانون الثاني/يناير 2002.

(3) يشير صاحبا البلاغ إلى البلاغ رقم 387/1989، كارتونين ضد فنلندا، الآراء المعتمدة في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1992، الفقرة 7-2.

(4) يُشار إلى البلاغ رقم 207/1968، إيف مورايل ضد فرنسا ، الآراء المعتمدة في 28 تموز/يوليه 1989، الفقرة 9-3.

(5) تشير الدولة الطرف إلى البلاغ رقم 490/1992، أ. س ول. س. ضد أستراليا ، قرار بشأن المقبولية مؤرخ 30 آذار/مارس 1993؛ والبلاغ رقم 646/1995، لييونارد دجون لندن ضد أستراليا ، قرار بشأن المقبولية مؤرخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998؛ والبلاغ رقم 754/1997، أ. ضد نيوزيلندا، الآراء المعتمدة في 15 تموز/يوليه 1999.

(6) يشير صاحبا البلاغ إلى البلاغ رقم 158/1983، و. ف. ضد النرويج ، القرار الصادر بشأن المقبولية المؤرخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 1984، الفقرة 5-2؛ والبلاغ رقم 441/1990، روبرت كازانوفاس ضد فرنسا ، الآراء المعتمدة في 19 تموز/يوليه 1994، الفقرة 5-1.

(7) يشار إلى البلاغ رقم 72/1980، ك. ل. ضد الدانمرك ، القرار الصادر بشأن المقبولية المؤرخ 31 تموز/يوليه 1980؛ والبلاغ رقم 75/1980، دويليو فانالي ضد إيطاليا ، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1983 .

(8) يشير صاحبا البلاغ إلى البلاغ رقم 24/1977، ساندرا لوفليس ضد كندا، الآراء المعتمدة في 30 تموز/يوليه 1981.

(9) يشار إلى البلاغ رقم 196/1985، إبراهيم غايي وآخرون ضد فرنسا، الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 1989، الفقرة 5-3.

(10) يشار إلى الادعاء رقم 29800/96، بازيك ضد النمسا ، والادعاء رقم 30160/96، بلاّنيش ضد النمسا .

(11) تشير الدولة الطرف إلى الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية في 23 حزيران/يونيه 1981، في قضية لي كونت، وفان لويفن ودي مايري ضد بلجيكا ، Series A 43, at para. 51.

(12) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الحكم الصادر في 21 أيلول/سبتمبر 1993، زومتوبال ضد النمسا ، Series A 268-A, at paras. 31 et seq.

(13) المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الحكم الصادر في 25 نيسان/أبريل 1997، بوجر ضد النمسا ، الادعاء رقم 16717/90، في الفقرات 59 وما يليها.

(14) تشير الدولة الطرف إلـى حكم المحكمـة الأوروبية الصـادر فـي 7 تموز/يوليه 1989، Uni ó n Alimentaria Sanders ضد إسبانيا ، الادعاء رقم 11681/85، الفقرة 35.

(15) يشار إلى الحكم الصادر عن المحكمة الأوروبية في 25 حزيران/يونيه 1987، باغيتا ضد إيطاليا ، الادعاء رقم 10256/83، الفقرة 23، فضلاً عن تقرير اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1983، الادعاء رقم 9132/80، الفقرة 125.

(16) وبالقياس، يشير صاحبا البلاغ إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية إيكل ضد ألمانيا ، الحكم الصادر في 23 حزيران/يونيه 1982، Series A, No. 51, at para. 82؛ وقضية كوريليانو ضد إيطاليا، الحكم الصادر في 10 كانون الأول/ديسمبر 1982، Series A, No. 57, at para. 42؛ وقضية دوبرتان ضد فرنسا، الحكم الصادر فـي 28 كانون الثاني/يناير 1993، Series A, No. 256-D, at para. 44؛ وقضية فرانشيسكو لومباردو ضـد إيطاليـا، الحكم الصادر فـي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، Series A, No. 249-B, at para. 23.

(17) تشير الدولة الطرف إلى الإدعاء رقم 29800/96، بازيك ضد النمسا ؛ والإدعاء رقم 30160/96، بالانيش ضد النمسا؛ والإدعاء رقم 37323/97، تاليرز ضد النمسا؛ والإدعاء رقم 57652/00 لور فورم ضد النمسا .

(18) يشير صاحبا البلاغ إلى قرار المحكمة الأوروبية الصادر في 23 حزيران/يونيه 1982، إيكل ضد ألمانيا، الإدعاء رقم 8130/78، Series A, No. 51, at para. 82.

(19) يشار هنا، في جملة أمور، إلى الإدعاء رقم 23459/94، هولسينغر ضد النمسا (رقم 1)؛ والإدعاء رقم 30160/96، بالانيش ضد النمسا؛ والإدعاء رقم 37323/97، تاليرز ضد النمسا .

(20) يشير صاحبا البلاغ إلى القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية في 6 حزيران/يونيه 2002 بشأن الإدعاء رقم 42032/98، فيدمان ضد النمسا .

(21) يشار هنا على التوالي إلى الإدعاء رقم 74159/01، إيغر ضد النمسا ، القرار المعتمد في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2003، وإلى الحكم الصادر عن المحكمة في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1995، في قضية براين ضد المملكة المتحدة ، Series A, No. 335-A, at para. 31.

(22) انظر البلاغ رقم 716/1996، باوجر ضد النمسا، الآراء المعتمدة في 25 آذار/مارس 1999، الفقرة 6-4.

(23) انظر البلاغ رقم 520/1992، كونوي وكونوي ضد هنغاريا ، القرار المتعلق بالمقبولية المعتمد في 7 نيسان/أبريل 1994، الفقرة 6-4؛ والبلاغ رقم 24/1977، ساندرا لوفليس ضد كندا ، الآراء المعتمدة في 30 تموز/يوليه 1981، الفقرة 7-3.

(24) انظر البلاغ رقم 207/1986، إيف مورايل ضد فرنسا ، الآراء المعتمدة في 28 تموز/يوليه 1989، الفقرة 9-3.

(25) انظر البلاغ رقم 441/1990، روبير كازانوفاس ضد فرنسا ، الفقرة 7-3؛ والبلاغ رقم 238/1987، فلوريسميلو بولانيوس ضد إكوادور ، الفقرة 8-4؛ والبلاغ رقم 207/1986، إيف مورايل ضد فرنسا ، الفقرة 9-3.

(26) انظر الفقرات من 11-4 إلى 11-6 أعلاه.

دال دال- البلاغ رقم 1069/2002، بختياري ضد أستراليا (الآراء التي اعتمدت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2004، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيد علي أقصر بختياري والسيدة رقية بختياري (يمثلهما المحامي نيكولاس بويندر)

الأشخاص المدعين أنهم ضحايا : صاحبا البلاغ وأبناؤهما الخمسة المضر ومنتظر ونقينه وسمينه وأمينة بختياري

الدولة الطرف : أستراليـا

تاريخ تقديم البلاغ : 25 آذار/مارس 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1069/2002 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد بختياري وآخرين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 أصحاب البلاغ، الذي قدم للمرة الأولى في 25 آذار/مارس 2002، هم علي أقصر بختياري، ويدعي أنه مواطن أفغاني ولد في 1 كانون الثاني/يناير 1957، وزوجته رقية بختياري، وتدعي أنها مواطنة أفغانية ولدت في عام 1968، وأبناؤهم الخمسة المضر حسين، ومنتظر مهدي، ونقينا زهرة، وسمينا زهرة، وأمينة زهرة، ويدعي أنهم مواطنون أفغان ولدوا في الأعوام 1989 و1991 و1993 و1995 و1998 على التوالي. وفي تاريخ تقديم البلاغ، كان السيد بختياري مقيماً في سيدني بأستراليا بينما كانت السيدة بختياري وأبناؤها محتجزين في مركز احتجاز المهاجرين في ووميرا، في جنوب أستراليا. ويدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك استراليا للمادة 7؛ والفقرتين 1 و4 من المادة 9؛ والمادة 17؛ والفقرة 1 من المادة 23؛ والفقرة 1 من المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وأصحاب البلاغ يمثلهم محامٍ.

1-2 وفي 27 آذار/مارس 2002، طلبت اللجنة، من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف أن تمتنع عن ترحيل السيدة بختياري وأبنائها، إلى أن تتمكن اللجنة من النظر في ادعاءاتهم بموجب العهد، في حالة رفض وزير الهجرة لطلبهم إليه في تشرين الأول/أكتوبر 2001 بأن يمارس سلطته التقديرية للسماح لهم بالبقاء في أستراليا. وبعد رفض الوزير وإشعار اللجنة بأن السيدة بختياري وأبناءها قد لجأوا إلى المحكمة العليا بأستراليا، عدل المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة طلبه بالامتناع عن الترحيل، في 13 أيار/مايو 2002، لجعله مشروطاً برفض المحكمة العليا الموافقة على الطلب المقدم.

الوقائع كما عُرضت على اللجنة

2-1 في آذار/مارس 1998، غادر السيد بختياري أفغانستان متجهاً إلى باكستان ثم لحقت به زوجته وأبناؤهما الخمسة وشقيق السيدة بختياري. وبدلاً من تهريب السيد بختياري إلى ألمانيا كما فهم، تم تهريبه بواسطة مهرب مجهول الهوية إلى أستراليا عن طريق إندونيسيا، مما أفقده الاتصال بزوجته وأبنائه وشقيق زوجته. ووصل إلى أستراليا بصورة غير قانونية على ظهر سفينة في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1999. ولدى وصوله، احتُجز في مركز احتجاز المهاجرين بميناء هدلاند. وفي 29 أيار/مايو 2000، تقدم بطلب للحصول على تأشيرة حماية. وفي 3 آب/أغسطس 2000، مُنح تأشيرة حماية على أساس جنسيته الأفغانية وانتمائه إلى عرق الهازارا.

2-2 وبدون علم السيد بختياري فيما يبدو، قام المهرب نفسه بتهريب السيدة بختياري وأبنائها وشقيقها فيما بعد إلى أستراليا التي بلغوها بحراً بصورة غير قانونية في 1 كانون الثاني/يناير 2001 وتم اقتيادهم إلى مركز احتجاز المهاجرين في ووميرا. وفي 21 شباط/فبراير 2001، تقدموا بطلب للحصول على تأشيرة حماية، رفضه نائب وزير الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة والسكان الأصليين (الوزير) في 22 أيار/مايو 2001 استناداً إلى ما أظهره تحليل اللغة من أنها باكستانية وليست أفغانية كما تدعي وإلى عدم قدرتها على إعطاء إجابة كافية عن أسئلة متعلقة بأفغانستان. وفي 26 تموز/يوليه 2001، رفضت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين طلبهم بإعادة النظر في قرار الرفض. وأقرت محكمة المراجعة بأن السيدة بختياري تنتمي إلى عرق الهازارا لكنها لم تقتنع بأنها مواطنة أفغانية، وقررت أن مصداقيتها "ضعيفة للغاية" وأن شهادتها "غير مقنعة" و"متناقضة".

2-3 وبعد تموز/يوليه 2001، علم السيد بختياري من شخص من الهازارا كان محتجزاً في مركز احتجاز ووميرا وأُفرج عنه بأن زوجته وأبناءه قد وصلوا إلى أستراليا وأنهم محتجزون في ووميرا. وفي 6 آب/أغسطس 2001، قامت إدارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة والسكان الأصليين (الإدارة)، كإجراء متبع في حالات رفض الاستئناف المرفوع أمام محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، بدراسة القضية في ضوء المبادئ التوجيهية للمصلحة العامة وهي المبادئ التي وضعها الوزير (1) ، وتشمل مراعاة الالتزامات الدولية، بما في ذلك العهد. وتقرر أن السيدة بختياري وأبناءها لا يستوفون معيار تطبيق المبادئ التوجيهية. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2001، تقدمت السيدة بختياري إلى الوزير بطلب يدعوه إلى استخدام سلطته التقديرية بموجب المادة 417 من قانون الهجرة للاستعاضة عن القرار الذي أصدرته محكمة مراجعة قضايا اللاجئين بقرار أكثر تسامحاً، توخياً للمصلحة العامة وعلى أساس الصلة الأسرية بالسيد بختياري.

2-4 وفي حادثة وقعت في 26 كانون الثاني/يناير 2002 وتناولتها التقارير على نطاق واسع، تعمد شقيق السيدة بختياري إصابة نفسه في مركز ووميرا لجذب الانتباه إلى حالة السيدة بختياري وأبنائها. وفي 25 آذار/مارس 2002، قدم هذا البلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

2-5 وفي 2 نيسان/أبريل 2002، رفض الوزير ممارسة سلطته التقديرية لصالح السيدة بختياري. وفي 8 نيسان/أبريل 2002، قُدم طلب إلى المحكمة العليا بأستراليا في إطار اختصاصها الدستوري الأصلي بمراجعة قرارات موظفي الحكومة. وطعن الطلب في ` 1 ` قرار محكمة مراجعة قضايا اللاجئين على أساس أنه كان ينبغي أن تعلم بوجود السيد بختياري وحصوله على تأشيرة حماية، و ` 2 ` قرار الوزير بموجب المادة 417 من قانون الهجرة. وكان الغرض من الطلب هو موافقة الوزير على منح تأشيرة للسيدة بختياري وأبنائها استناداً إلى التأشيرة التي سبق منحها للسيد بختياري.

2-6 وبعد تلقي معلومات تفيد بأن السيد بختياري سمكري وكهربائي من كويتا في باكستان وليس مزارعاً أفغانياً كما ادعى، أرسلت إدارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة والسكان الأصليين (الإدارة)، في 12 نيسان/أبريل، إخطاراً إلى السيد بختياري تعلنه فيه بنية النظر في إلغاء تأشيرته وتمنحه فرصة للرد على الادعاءات. وفي 26 نيسان/أبريل 2002، تقدمت السيدة بختياري بطلب آخر إلى الوزير بموجب المادة 417 من قانون الهجرة، لكنها أُبلغت بأن هذه المسائل لا تحال عادة إلى الوزير إذا كانت هناك خصومة جارية.

2-7 وفي 11 حزيران/يونيه 2002، منحت المحكمة العليا أمراً مؤقتاً فيما يتعلق بطلب السيدة بختياري وأبنائها، مقررة أن هناك قضية يمكن الدفاع عنها. وفي 27 حزيران/يونيه 2002، هرب نحو 30 محتجزاً، من بينهم أكبر أبناء السيدة بختياري، وهما المضر ومنتظر، من مركز احتجاز ووميرا. وفي 16 تموز/يوليه 2002، قدمت السيدة بختياري من جديد طلباً إلى الوزير بموجب المادة 417 من قانون الهجرة، ولكن أُبلغت من جديد أن هذه المسائل لا تحال عادة إلى الوزير عندما تكون هناك خصومة جارية. وفي 18 تموز/يوليه 2002، سلّم الصبيان نفسيهما للقنصلية البريطانية بملبورن بأستراليا وطلبا اللجوء. ورُفض طلبهما وأعيدا إلى مركز احتجاز ووميرا.

2-8 وفي 2 آب/أغسطس 2002، قُدم طلب إلى محكمة الأسرة في أديلايد باسم المضر ومنتظر، التماساً لأوامر ضد الوزير بموجب المادة 67ZC من قانون الأسرة لعام 1975 (2) للإفراج عن الصبيين وإخضاعهما لفحص يجريه أخصائي في علم النفس.

2-9 ورداً على الإجراءات القانونية التي اتخذها السيد بختياري لإرغام الإدارة على إعطائه تفاصيل عن ادعاء حصوله على التأشيرة بالاحتيال، أبلغته الإدارة في 30 آب/أغسطس 2002، بالمعلومات الجديدة التي حصلت عليها فيما يتعلق بهويته وجنسيته، بما في ذلك طلب تقدم به للحصول على بطاقة هوية باكستانية في عام 1975، ووثائق لتسجيل الأسرة مؤرخة في عام 1973 وعام 1982 وتحدد مكان ميلاده ومواطنته وإقامته الدائمة كباكستاني. وأشارت الرسالة أيضاً إلى تحقيقات صحفية منشورة في صحف أسترالية رئيسية وتفيد بعدم تمكن الصحفيين من العثور على أي شخص يعرفه في المنطقة الأفغانية التي يدعي أنه أتى منها، أو على أي دليل آخر يثبت أنه كان يعيش فيها. وفي 20 أيلول/سبتمبر 2002، رد السيد بختياري على هذه المسائل.

2-10 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2002، رفضت محكمة الأسرة (داو J) الطلب المقدم إليها، مقررة أنه ليس من اختصاصها إصدار أوامر بشأن أطفال محتجزين في مراكز احتجاز المهاجرين. وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 2002، أُلغيت تأشيرة الحماية الممنوحة للسيد بختياري وتم اقتياده إلى مركز احتجاز المهاجرين في فيلاوود في سيدني. وفي اليوم نفسه قدم طلباً بإعادة النظر في هذا القرار إلى محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، بالإضافة إلى طلب قدمه إلى إدارة التأشيرات المؤقتة ملتمساً الإفراج عنه إلى حين بت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين في قضيته. وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 2002، رفض نائب للوزير طلب التأشيرة المؤقتة. وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2002، أيدت محكمة مراجعة قضايا الهجرة قرار رفض منح التأشيرة المؤقتة.

2-11 وفي أعقاب الأضرار التي أصابت ووميرا في أوائل كانون الثاني/يناير 2003، تم نقل السيدة بختياري وأبنائها إلى مركز احتجاز المهاجرين المخصص حديثاً في باكستر، بالقرب من ميناء أوغستا. وبعد رفض الطعن الذي رفعه السيد بختياري إلى المحكمة الاتحادية ضد نقله، تم النقل في 13 كانون الثاني/يناير 2003 من فيلاوود إلى مركز احتجاز باكستر لكي ينضم إلى زوجته وأبنائه.

2-12 وفي 4 شباط/فبراير 2003، رفضت المحكمة العليا، بأغلبية خمسة قضاة ضد اثنين، طلب السيدة بختياري وأبنائها الحصول على تأشيرة حماية استناداً إلى مركز السيد بختياري. وقررت المحكمة أن الوزير ليس ملزماً بإصدار قرار جديد، وأن إلغاء قراره لن يخدم أي هدف، وأن هذا القرار لا يشوبه على أي حال أي إخلال بالشرعية أو بطلان أو خطأ يتصل بالاختصاص. كما أن قرار محكمة مراجعة قضايا اللاجئين بشأن استئنافهم لا يشوبه أي خطأ متعلق بالاختصاص.

2-13 وفي 4 آذار/مارس 2003، أقرت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين قرار إلغاء تأشيرة الحماية الممنوحة للسيد بختياري. وفي 22 أيار/مايو 2003، رفضت المحكمة الاتحادية (سلواي) طلب صاحب البلاغ بإعادة النظر في حكم محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، مقررة أن حكمها واضح من الأدلة. ورفع استئنافاً ضد هذا القرار أمام المحكمة الاتحادية بكامل هيئتها.

2-14 وفي 19 حزيران/يونيه 2003، حكمت محكمة الأسرة المجتمعة بكامل هيئتها، بالأغلبية، بأن اختصاصها يسمح بإصدار أوامر ضد الوزير، بما في ذلك الإفراج عن المحتجزين، إن كان ذلك في مصلحة الطفل الفضلى. وبناء على ذلك أحيلت القضية للنظر على وجه السرعة للبت فيما ينبغي إصداره من أوامر تلائم ظروف الأطفال. وفي 8 تموز/يوليه 2003، سمحت محكمة الأسرة بكامل هيئتها للوزير بالاستئناف أمام المحكمة العليا، لكنها رفضت طلب الوزير وقف أمر إعادة النظر على وجه السرعة. وفي 5 آب/أغسطس 2003، رفضت محكمة الأسرة (ستريكلاند) طلباً بالإفراج المؤقت أي بإطلاق سراح الأطفال قبل المحاكمة التي سيجري فيها البت في الأوامر النهائية المحققة لمصالح الأطفال الفضلى. وفي 25 آب/أغسطس 2003، أجازت محكمة الأسرة بكامل هيئتها استئنافاً وأمرت بالإفراج عن جميع الأطفال دون تأخير إلى أن يتم البت في الطلب الأخير. وأُطلق سراح الأطفال في اليوم نفسه وأقاموا منذ ذلك الحين في رعاية أشخاص في أديلايد.

2-15 وفي 30 أيلول/سبتمبر و1 تشرين الأول/أكتوبر 2003، نظرت المحكمة العليا في استئناف الوزير ضد حكم محكمة الأسرة بكامل هيئتها الذي قررت فيه أنها مختصة بإصدار أوامر لصالح الأطفال المحتجزين في مراكز احتجاز المهاجرين وأرجأت المحكمة النطق بالحكم.

الشكوى

3-1 يحتج أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف تنتهك المادة 7 انتهاكاً فعلياً أو محتملاً. ويذكرون أنه قد بات واضحاً أن محكمة مراجعة قضايا اللاجئين قد أخطأت فيما خلصت إليه من أن السيدة بختياري وأبناءها ليسوا مواطنين أفغان، ويؤكدون أنهم في حالة عودتهم إلى باكستان، سيرسلون إلى أفغانستان. ويخشون التعرض في أفغانستان للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويتمسكون بالتعليق العام رقم 20 الذي اعتمدته اللجنة فيما يتعلق بالمادة 7، بالإضافة إلى الآراء السابقة للجنة (3) في القول بأن الدولة الطرف ستتحمل مسؤولية انتهاك المادة 7 إذا ما تعرضت السيدة بختياري وأبناؤها في أفغانستان للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كأمر لا بد منه ومتوقع، كنتيجة مباشرة أو غير مباشرة لترحيلهم إلى أفغانستان.

3-2 ويحتج أصحاب البلاغ أيضاً بأن طول فترة احتجاز السيدة بختياري وأبنائها يشكل انتهاكاً للفقرتين 1 و4 من المادة 9 من العهد. ويشيرون إلى أن المادة 189(1) من قانون الهجرة تقضي بإلقاء القبض على غير المواطنين المخالفين للقانون (مثل أصحاب البلاغ) عند وصولهم. ولا يجوز الإفراج عنهم تحت أي ظرف إلا نقلهم أو منحهم إذناً، ولا ينص القانون على مراجعة إدارية أو قضائية للاحتجاز. ولم يقدم أي مبرر لاحتجازهم. ومن ثم فبتطبيق المبادئ التي حددتها اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا (4) يعتبر أصحاب البلاغ احتجازهم مخالفاً للعهد ويطلبون تعويضاً مناسباً.

3-3 ويدعي أصحاب البلاغ أن ترحيل السيدة بختياري وأبنائها سيشكل انتهاكاً للمادة 17 والفقرة 1 من المادة 23. ويقارن أصحاب البلاغ هذه الأحكام بالمادتين المقابلتين (12 و8) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ويعتبرون أن العهد أقوى تعبيراً عن هذه الحقوق وأقل تقييداً لها. وبناء على ذلك، فإن حق الفرد في احترام الحياة الأسرية يفوق أي حق من حقوق الدولة في التدخل، وبذلك تقل أهمية "الموازنة" و"هامش التقدير" اللذين يميزان أحكام الهيئات الأوروبية في القضايا الناشئة بموجب العهد. وعلى هذا الأساس، يدعو أصحاب البلاغ اللجنة إلى اتباع نهج المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من زاوية التقييد في مواجهة من يسعون إلى دخول دولة وتأسيس أسرة فيها، وإبداء مزيد من التسامح في مواجهة غير المواطنين من أفراد الأسر الموجودة فعلاً في دولة من الدول (5) .

3-4 ومن ناحية العهد، يشكل ترحيل السيدة بختياري وأبنائها، وفصلهم عن السيد بختياري، "تدخلاً" في شؤون الأسرة. ولئن كان التدخل مشروعاً، فإنه ينبغي أيضاً أن يكون، وفقاً للتعليق العام رقم 16 الذي اعتمدته اللجة بشأن المادة 17، معقولاً في الظرف المحدد للقضية. ويرى أصحاب البلاغ أن إعادة السيدة بختياري وأبنائها إلى أفغانستان في الوقت الذي لا يستطيع فيه السيد بختياري، وهو من الهازارا، العودة بأمان إلى ذلك البلد بسبب عدم استقرار الأحوال، ستشكل إجراءً تعسفياً.

3-5 وأخيراً يدعي أصحاب البلاغ وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 24، وهي الفقرة التي ينبغي تفسيرها في ضوء اتفاقية حقوق الطفل. ولم يقدم مبرر لإطالة فترة احتجاز الأطفال، مما يشكل انتهاكاً "واضحاً" للمادة 24. ولم يول اعتبار لتحديد ما إذا كان من مصلحتهم الفضلى قضاء ما يزيد على العام في مركز احتجاز معزول أم إطلاق سراحهم؛ فقد استخدم الاحتجاز كحل أول وليس كحل أخير. والقول بأن إيداع الأطفال مع السيدة بختياري يخدم مصالحهم الفضلى لا يشكل إجابة شافية نظراً لعدم تقديم أي مبرر لاحتجازها المطول ولعدم وجود سبب يمنع الإفراج عنها مع أبنائها إلى حين البت في طلب لجوئهم. وعلى أي الأحوال، كان ينبغي بمجرد العلم بأن السيد بختياري قد مُنح إذناً وبأنه يقيم في سيدني، إطلاق سراح الأطفال ووضعهم في رعايته.

3-6 وفيما يتعلق بمسائل المقبولية، يشير أصحاب البلاغ إلى أن السيدة بختياري وأبناءها الذين كان باستطاعتهم اللجوء إلى المحكمة الاتحادية طلباً للمراجعة القضائية لحكم محكمة مراجعة قضايا اللاجئين الذي أيد رفض منحهم تأشيرة الحماية، لم يفعلوا ذلك لعدم وجود خطأ قانوني محدد يمكن أن يبرر المطالبة بنقض حكم محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، عدم جدوى هذا الطلب بالتالي. وقد بنت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين حكمها على خطأ في الوقائع وهو أن السيدة بختياري وأبناءها ليسوا مواطنين أفغان. وهذا خطأ بيِّن، من وجهة نظر أصحاب البلاغ، لأن المحكمة كانت تجهل أن السيد بختياري كان قد أقنع سلطات الهجرة بالدولة الطرف، عندما تقدم بطلب تأشيرة الحماية، بأنه مواطن أفغاني من حقه الحماية. غير أن من الثابت بموجب قانون الدولة الطرف أن الخطأ في تقرير الوقائع غير قابل لإعادة نظر المحاكم (6) . وعلى أي الأحوال، لم يتضح الخطأ في الوقائع إلا بعد انقضاء مهلة اللجوء إلى المحكمة الاتحادية وهي 28 يوماً غير قابلة للتمديد.

3-7 ويحتج أصحاب البلاغ بأنه كان في استطاعتهم الاستئناف أمام المحكمة العليا بموجب اختصاصها الأصلي بإعادة النظر في قرارات المسؤولين الحكوميين، غير أن احتمالات نجاح هذه الدعوى قد تلاشت مع بدء نفاذ القانون المعدل بشأن الهجرة (المراجعة القضائية) لعام 2001، في 27 أيلول/سبتمبر 2001، وهو القانون الذي ينص على أن أحكام محكمة مراجعة قضايا اللاجئين نهائية وقاطعة ولا يجوز الطعن فيها أو استئنافها أو مراجعتها أو الشك في سلامتها في أي محكمة. (وفيما يتعلق بهذه المسألة، ذكر محامي أصحاب البلاغ في رسالة تالية مؤرخة 9 نيسان/أبريل 2002 أنه لم يكن على علم بإمكانية إحالة قضية قابلة للنقاش أمام المحكمة العليا، وهذا ما فعله لاحقاً بعد تلقي معلومات قانونية إضافية من مصادر أخرى. ونظراً لجدة المسألة، كان هناك "تشكك كبير" في ذلك الوقت في نجاح الطلب). أما فيما يتعلق بحق الوزير في ممارسة سلطته التقديرية بموجب المادة 417 من قانون الهجرة، فإن الرد بالرفض غير قابل للاستئناف أو إعادة النظر في أي محكمة.

3-8 ويذكر أصحاب البلاغ أن المسألة نفسها لم تعرض للنظر بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

مسألة طلب تدابير الحماية المؤقتة لاحقاً

4-1 في 8 أيار/مايو 2002، قدم أصحاب البلاغ إلى اللجنة تقريراً أعده أخصائي نفسي بتاريخ 2 كانون الأول/ديسمبر 2001، وتقريراً أعدته إدارة الخدمات الإنسانية بجنوب أستراليا بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2002، وتقريراً أعده أخصائي الشباب بإدارة الإصلاحيات الأسترالية بتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2002. وخلصت هذه التقارير إلى أن الاحتجاز المستمر يسبب اكتئاباً شديداً للأطفال وللصبيين المضر ومنتظر. وأشارت التقارير إلى حالات لإيذاء النفس، ومنها حالات قام فيها الصبيان بضم شفاههما بغرز (قام المضر بذلك مرتين)، وشرط أذرعهما (قام المضر أيضاً بحفر كلمة "الحرية" على ساعده)، والإضراب عن الطعام والتصرف بطرق غريبة، بما في ذلك رسم صور تنم عن الاضطراب النفسي. وبالإضافة إلى ذلك، شهد الأطفال السيدة بختياري وقد خُيِّطت شفتاها. وبناء على ذلك، أوصت إدارة الخدمات الإنسانية بقوة بفحص ل لسيدة بختياري والأطفال خارج مركز احتجاز ووميرا.

4-2 وعملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، طلبت اللجنة عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، في 13 أيار/مايو 2002، أن تبلغها الدولة الطرف خلال فترة أقصاها 30 يوماً بالتدابير التي اتخذتها استناداً إلى التقييم الذي أجراه خبراؤها الذين رأوا أن حوادث إيذاء النفس التي تعرض لها اثنان على الأقل من الأطفال، تجعل من الضروري إخضاع السيدة بختياري وأبنائها لفحص مستمر خارج مركز احتجاز ووميرا، لضمان عدم تكرارها.

4-3 وفي رسالة مؤرخة 18 حزيران/يونيه 2002، ردت الدولة الطرف على طلب اللجنة. وأشارت الدولة الطرف إلى أن الأسرة تخضع لمتابعة دقيقة، وأنه قد تم وضع خطط للرعاية الفردية ومعالجة الحالة وأن هذه الخطط تُنقح بانتظام. وتشير الدولة الطرف إلى أن مستوى الرعاية الصحية المتاح في مركز ووميرا "مرتفع للغاية"، وأن تلك الرعاية تشمل المتابعة المستمرة من طبيب ممارس عام وممرضات، ومنهن ممرضة في الطب النفسي، بالإضافة إلى توافر الأخصائيين النفسيين والمستشارين وأطباء الأسنان ووجود أخصائي بصر. وتتوافر مجموعة من المرافق الترويحية والتعليمية للمساعدة في حماية الصحة العقلية وتعزيز نماء الأفراد.

4-4 أما فيما يتعلق بمسألة الإفراج عن المحتجزين، فلا ترى الدولة الطرف أن هذا التصرف مناسب. وأشارت إلى أن حالة الأسرة تخضع لدراسة مفصلة وأن الوزير والإدارة على علم بظروفها. وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى أن إجراءاتها القضائية أكدت أنه ليس عليها التزامات بحماية السيدة بختياري وأبنائها. وبالإضافة إلى ذلك، بحث الوزير شخصياً القضية في ضوء جملة أمور منها التزامات الدولة الطرف بما فيها العهد، وقرر أن الاستعاضة عن الحكم الصادر بحكم أكثر عطفاً لن يخدم المصلحة العامة. وبالإضافة إلى ذلك، كان إلغاء تأشيرة السيد بختياري، التي يدعى حصوله عليها بالاحتيال، محل دراسة ورئي بالتالي أنه ليس من المناسب الإفراج عن السيدة ب ختياري وأبنائها في ذلك الوقت.

4-5 وفي رسالة مؤرخة 8 تموز/يوليه 2002، رد أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بناء على طلب اللجنة، ورفضوا ادعاء الدولة الطرف فيما يتعلق بمستوى الرعاية الطبية المقدمة. وأشاروا في هذا الصدد إلى الأدلة المقدمة إلى التحقيق الوطني الجاري (في ذلك الوقت) بشأن حالة الأطفال في مراكز احتجاز المهاجرين وهو التحقيق الذي أجرته لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والذي انتقدت فيه مجموعة متنوعة من إدارات الدولة بشدة مستوى الخدمات الصحية والموظفين المتوافرين، ويشمل ذلك ما يخص احتياجات الصحة العقلية والنمو العقلي، والأسنان والتغذية. وكانت هناك انتقادات كثيرة للمرافق التعليمية، بدءاً بمستوى ما قبل المدرسة، وهي المرافق التي تقل خدماتها كثيراً عن الخدمات المقدمة إلى الأطفال الأستراليين، ولندرة فرص التمتع ببرامج ترويحية (7) .

4-6 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أنه ينبغي عدم الإفراج عن السيدة بختياري وأبنائها نظراً لتأكيد هيئاتها القضائية لعدم وجود التزامات بالحماية، أشار أصحاب البلاغ إلى أن شرط عدم احتجاز أي شخص بصورة تعسفية لا يتوقف على وجود التزام بتوفير الحماية، بل يتوقف على ما إذا كانت هناك أسس سليمة تبرر الاحتجاز. وعلى أي الأحوال، لا تزال هناك إجراءات قانونية للطعن في قرار عدم منح تأشيرة الحماية. وفضلاً عن ذلك، يقضي مبدأ لمْ شمل الأسرة بإطلاق سراحهم للانضمام إلى السيد بختياري الذي مُنح تأشيرة حماية باعتباره عائلهم. أما فيما يتعلق بإجراء إلغاء تأشيرة السيد بختياري على أساس الادعاء بأنه باكستاني وبأنه قد أجري تحليل لغوي للهجته، فقد ذكر المحامي أن الدولة الطرف قد رفضت طلبات متكررة بالاطلاع على الادعاءات والتحليل وأن هناك محاولة للحصول على هذه المعلومات بالإجراءات القانونية. وأضاف أن تحليلاً لغوياً أجراه خبير بتكليف منه، وأقوال الأشخاص الذين يعرفونه في أفغانستان، جميعها تؤكد شهادته الأصلية.

4-7 وفي رسالة مؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 2002، قدم أصحاب البلاغ إلى اللجنة تقريراً تقييمياً مؤرخاً 9 آب/أغسطس 2002، لإدارة الخدمات الإنسانية (خدمات الأسرة والشباب). وقد أعد التقييم بناء على طلب إدارة الهجرة وشؤون الثقافات المتعددة والسكان الأصليين بغية التوصية بأنسب حالة معيشية للأسرة. وأوصى التقرير، فيما أوصى، بإطلاق سراح السيدة بختياري وأبنائها لتلافي زيادة الإضرار الاجتماعي والعاطفي بالأطفال، وبخاصة الصبيان. وأوضح التقرير أن الحل المثالي يقوم على منحهم تأشيرة مؤقتة، لكن إطلاق سراحهم كوحدة أسرية كاملة مع تمكينهم من الإقامة في مسكن سيشكل خطوة إيجابية أيضاً. وإذا ما تقرر بقاء الأسرة في الاحتجاز، ينبغي نقلها إلى مركز احتجاز فيلاوود في سيدني لتيسير اتصالها ب السيد بختياري . وبالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أنه ينبغي زيادة الموارد الصحية والتعليمية والترويحية المتاحة وتحسين الاستفادة منها كما ينبغي الحرص على حماية الأطفال ووقايتهم من مصادر الخطر والصدمات النفسية داخل المركز. وقد عُرض هذا التقرير للمناقشة في برلمان جنوب أستراليا حيث طلب رئيس الوزراء إلى الحكومة الاتحادية الاستجابة إلى التوصيات والعمل بها.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في رسالة مؤرخة 7 تشرين الأول/أكتوبر 2002، تعترض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية على حد سواء. وتدفع الدولة الطرف أولاً بأنه ينبغي رفض البلاغ برمته لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن الدعوى التي رفعها أصحاب البلاغ أمام المحكمة العليا والتي يمكن أن تسفر عن إنصاف كامل، ما زالت قيد النظر. وبالإضافة إلى ذلك، تحتج الدولة الطرف فيما يتعلق بالمادة 9 بأن طلب المثول أمام المحكمة بموجب القانون الدستوري لعام 1901 يوفر وسيلة للحكم القضائي الفعال على مدى شرعية أي احتجاز، إداري أو غير إداري.

5-2 أما فيما يتعلق بالادعاءات المتصلة بالمادة 7، فتحتج الدولة الطرف بأنه ينبغي عدم قبول هذا الجزء من البلاغ لافتقاره إلى الأدلة الكافية. إذ يؤكد أصحاب البلاغ، دون إبداء أسباب، أنهم إذا ما تم ترحيلهم إلى باكستان سيرسلون إلى أفغانستان ويواجهون معاملة تتنافى مع أحكام المادة 7.

5-3 وأولاً، تشير الدولة الطرف إلى أن الجهة التي أصدرت القرار الأول ومحكمة مراجعة قضايا اللاجئين قد قررتا أن السيدة بختياري وأبناءها ليسوا من أفغانستان. ولاحظت الجهة التي أصدرت القرار الأصلي أن السيدة بختياري لا تعرف اسم العملة الأفغانية ولا اسم أي من البلدات أو القرى الكبيرة المحيطة بقريتها، ولا أي من أسماء الأقاليم المحيطة بمسكنها أو التي مرت عبرها أثناء خروجها من البلد أو اسم أي نهر أو جبل يقع بالقرب من قريتها. وقد راعت الجهة المصدرة للقرار بشكل واضح، في استدلالاتها السلبية المتعلقة بصحة أقوالها، سنها ومستوى تعليمها ونوع جنسها وخبرتها الحياتية لتحديد مستوى المعرفة التي يتوقع تمتعها بها، مع التسليم بالقيود التي تعاني منها كإمرأة في بلد مسلم. وأشارت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين أيضاً فيما أشارت، إلى أن نتائج التحليل اللغوي أظهرت لهجة باكستانية مميزة وأنها لم تتمكن من ذكر اسم العملة الأفغانية ولا سنوات التقويم الأفغاني التي ولد فيها أبناؤها. ورغم عدم تمكنها من تقديم أي معلومات إلى الجهة التي أصدرت القرار الأصلي فيما يتعلق بطريق سفرها من أفغانستان، فإن روايتها أثناء مثولها أمام محكمة مراجعة قضايا اللاجئين قد "تطورت بشكل ملحوظ" على حد تعبير هذه المحكمة التي أكدت أنها تدربت خلال الشهور السابقة.

5-4 وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى التمسك بنهجها إزاء الحصول على الجنسية بالغش في قضية ج. م. ضد جامايكا (8) التي قامت فيها الدولة الطرف، رداً على ادعاء رفضها منح جواز سفر، بتقديم معلومات تفيد بأن صاحب البلاغ لم يكن جامايكياً أو يحمل جواز سفر جامايكياً في أي وقت من الأوقات؛ وفضلاً عن ذلك، فإنه لم يتمكن من تقديم أبسط المعلومات عن جامايكا رغم ادعائه بأنه قد عاش فيها قبل أن يفقد جواز سفره. وخلصت اللجنة بناء على ذلك إلى أنه لم يثبت أنه مواطن جامايكي ومن ثم لم يقدم أدلة تؤيد ادعاءاته بانتهاكات العهد. وفي هذه القضية، قررت جهتان من الجهات التي أصدرت أحكاماً أن السيدة بختياري وأبناءها ليسوا مواطنين أفغان ولم يقدم أصحاب البلاغ أدلة مخالفة جديدة؛ ومن ثم لا يوجد أساس يستند إليه الادعاء بأنهم سيرسلون إلى أفغانستان في حالة عودتهم إلى باكستان.

5-5 وثانياً، حتى لو كان أصحاب البلاغ من أفغانستان، فإنهم لم يؤكدوا بالأدلة، لأغراض المقبولية، أنهم سيتعرضون للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. فعبء إثبات خطر التعرض لهذه المعاملة يقع على عاتق أصحاب البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أنه وفقاً لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تتراوح نسبة المناطق المأمونة من أفغانستان بالنسبة للعائدين ما بين 70 و80 في المائة ولا يوجد ما يوحي بأن أسرة بختياري لن تكون في هذه المناطق المأمونة. كما تؤكد المفوضية حدوث تغيير إيجابي كبير في حالة الهزارا حيث تراجع التمييز ضدهم كثيراً. وبناء على ذلك، فإن الادعاءات المتصلة بالمادة 7 لا تستند إلى أدلة كافية.

5-6 وتحتج الدولة الطرف، فيما يتعلق بالادعاءات المتصلة بالمادة 7، بأنه ينبغي رفض هذه الادعاءات لعدم وجود "شكوى فعلية". ففي قضية أ. ر. س. ضد كندا (9) على سبيل المثال، اعتبرت اللجنة بلاغاً من البلاغات غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري على أساس أنه افتراضي فحسب. أما في هذه القضية، فنظراً لأن السيدة بختياري وأبناءها قد باشروا دعوى أمام المحكمة العليا وأمام محكمة الأسرة، فلم يُنظر فيما إذا كانوا سيرحلون من أستراليا والجهة التي سيذهبون إليها إن تم ذلك. ولن تُحسم هاتان المسألتان قبل ظهور نتائج الإجراءات القضائية التي لم يُفصل فيها بعد. ولهذا فإن الادعاءات المتصلة بالعودة إلى أفغانستان وما يترتب عليها من انتهاك للمادة 7 هي ادعاءات افتراضية وغير مقبولة.

5-7 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تحتج الدولة الطرف بأنه لم يتم الكشف عن وقوع انتهاك للعهد. وفيما يخص الادعاءات في إطار المادة 7، تحيل الدولة الطرف إلى الحجج التي قدمتها بشأن المقبولية، مشيرة إلى أنه وقد ثبت أن السيدة بختياري وأبناءها ليسوا مواطنين أفغان، لا يوجد دليل على أنهم سيرسلون إلى أفغانستان من باكستان، ومن باب أولى على أنهم معرضون، كنتيجة محتومة ومتوقعة، لخطر محدد أو حقيقي للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في أفغانستان.

5-8 وفيما يتعلق بالادعاء المتصل بالفقرة 1 من المادة 9، ترى الدولة الطرف أن الاحتجاز أمر مقبول في جميع الأحوال ولا يزال مبرراً بالنظر إلى العناصر المحددة لحالة الأسرة. فالسيدة بختياري وأبناؤها وصلوا بصورة غير قانونية وكان لا بد من احتجازهم بموجب قانون الهجرة. وبناء على ذلك، كان من المناسب أن يظل الأطفال مع أمهم أثناء الاحتجاز، بدلاً من إسكانهم وفقاً لترتيبات بديلة. والغرض من احتجاز الأشخاص الذين يدخلون بصورة غير قانونية هو ضمان القدرة على معالجة طلبات الحماية، والسماح بإجراء عمليات الفحص الخاصة بالهوية والأمن والشخصية والصحة، وضمان إمكانية الترحيل في حالة رفض طلبات الحماية. وتعكس هذه الأغراض حق الدولة الطرف السيادي بموجب القانون الدولي في وضع ضوابط لقبول غير المواطنين ومن ثم فإن الاحتجاز ليس مجحفاً ولا في غير محله ولا باطلاً؛ بل إنه يتناسب مع الغايات المحددة.

5-9 وتؤكد الدولة الطرف أن الأفراد يحصلون أثناء احتجازهم على المشورة القانونية المجانية لطلب تأشيرات الحماية وأنه قد تم استثمار موارد ضخمة لتعجيل معالجة الطلبات وتقصير مدة الاحتجاز بالتالي. وفي هذه القضية، كانت معالجة المطالبات فورية: فالطلب الذي قدمته السيدة بختياري في 21 شباط/فبراير 2001 رفضته الجهة التي أصدرت القرار الأصلي في 22 أيار/مايو 2001. وأُبلغت السيدة بختياري بحكم محكمة مراجعة قضايا اللاجئين المتعلق باستئنافها في 26 تموز/يوليه 2001. وعلى إثر ذلك، رفض الوزير طلبها منه بأن يمارس سلطته التقديرية بموجب المادة 417 من قانون الهجرة. وهذا القانون يقضي الآن بأن ترحل السيدة بختياري بأسرع ما "يمكن في حدود المعقول". ولكن نظراً لأن أصحاب البلاغ قدموا التماساً إلى الوزير ثم شرعوا في إجراء قانوني، فقد أُرجئت الإجراءات المتبعة في حالة الإبعاد إلى حين انتهاء الإجراء القانوني.

5-10 وترفض الدولة الطرف الادعاء بأنه كان ينبغي إطلاق سراح الأطفال ووضعهم في رعاية والدهم. ففي تاريخ الرسائل كانت تأشيرته معرضة للإلغاء بسبب الغش، أي لأنه باكستاني، وكانت الإدارة تنظر في رده على المعلومات المقدمة ضده. ويعني إلغاء التأشيرة وضعه في مركز احتجاز المهاجرين وبالتالي لم يكن من المناسب إطلاق سراح الأطفال ووضعهم في رعايته.

5-11 وفيما يتعلق بالادعاء المقدم في إطار الفقرة 4 من المادة 9، تلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة كانت قد خلصت في قضية أ. ضد أستراليا إلى أن من حق من يتعرض للاحتجاز التعسفي الذي يتنافى مع أحكام الفقرة 1 من المادة 9 الرجوع إلى محكمة لكي تفصل في أمر احتجازه. ومع ذلك، تؤكد الدولة الطرف من جديد موقفها تجاه آراء اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا وهي أنه لا يوجد في العهد ما يشير إلى أن كلمة "قانوني" تعني "قانوني من زاوية القانون الدولي" أو "غير تعسفي". وكلمة قانوني المستخدمة في أجزاء أخرى من العهد تشير بوضوح إلى القانون الوطني (المواد 9(1) و17(2) و18(3) و22(2)). ولا توحي التعليقات العامة للجنة ولا المداولات التحضيرية ( Travaux péparatoires ) للعهد بهذا المفهوم على الإطلاق. ولو كان المقصود أن يتجاوز معنى الفقرة 4 من المادة 9 نطاق القانون الوطني لكان من السهل على واضعي العهد إضافة كلمة "تعسفي" أو "انتهاكاً للعهد". وكان من المتوقع على الأقل أن ينعكس هذا التفسير الواسع في الجدال والنقاش السابقين للاتفاق على النص، لكن المداولات ( Travaux ) تُظهر أن هذا النص "لم يثر قدراً كبيراً من النقاش". وفي هذه القضية يمنح اللجوء إلى المثول الشخصي أمام المحكمة العليا، وربما بدعم من المساعدة القانونية، أصحاب البلاغ الحق في الطعن في قانونية احتجازهم، وفقاً للفقرة 4 من المادة 9. ورغم عدم استفادتهم بهذا الحق، فلا يجوز القول بأنهم قد حُرموا من اللجوء إليه.

5-12 أما فيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23، فتحتج الدولة الطرف، أولاً، بأن "التدخل" يعني الإجراءات التي تؤدي حتماً إلى الفصل بين أعضاء الأسرة الواحدة. وفي هذا الصدد، تعتبر الدولة الطرف أن الرأي الفردي لأربعة من أعضاء اللجنة في قضية فيناتا ضد استراليا (10) يعكس بشكل سليم الرأي السائد في القانون الدولي حينما ذكروا أنه: "ليس من المؤكد أن تصرفات الدولة الطرف التي تؤدي إلى تغييرات في الحياة الأسرية المستقرة منذ مدة طويلة تنطوي على تدخل في شؤون الأسرة، عندما لا يوجد ما يحول دون الإبقاء على وحدة الأسرة". وفي هذه القضية، يحق للسيد بختياري الرحيل مع زوجته وأطفاله وستيسر لـه ترتيبات السفر إذا لزم الأمر. وإذا ما اختار البقاء، فإن هذا هو قراره الشخصي وليس قرار الدولة الطرف. ولهذا ترفض الدولة الطرف القول بأنها، بإنفاذها لقوانينها الخاصة بالهجرة، تتدخل في وحدة الأسرة في هذه القضية.

5-13 وعلى أي حال، لا يعتبر أي تدخل تعسفياً. وترفض الدولة الطرف وصف قوانينها المتعلقة بترحيل غير المواطنين الموجودين بصورة غير قانونية بالقوانين التعفسية. ، فالقانون الدولي، لا يمنح الأجانب الحق في الدخول والعيش والانتقال بحرية ولا الحق في عدم طردهم (11) . وتعتبر الدولة الطرف أن القوانين معقولة لاستنادها إلى مبادئ سياسة عامة سليمة ومتفقة مع موقف الدولة الطرف كدولة ذات سيادة ومع التزاماتها الدولية، بما في ذلك التزاماتها بموجب العهد. والقوانين قابلة للتنبؤ بها لأن المعلومات المتعلقة بها متاحة على نطاق واسع كما أنها تطبق بشكل متسق ودون تمييز. وإذا طُبقت هذه القوانين على السيدة بختياري وأبنائها يكون المنتظر والمتوقع، كما شُرح لهم، هو استنفاد عمليات المطالبة والاستئناف المتاحة التي تولي اعتباراً كبيراً لظروفهم الفردية ولالتزامات الدولة الطرف بعدم الإعادة القسرية .

5-14 وفيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 23، تشير الدولة الطرف إلى تكييف نوفاك القانوني لهذا الالتزام الذي يتطلب عقد الزواج وإنشاء الأسرة باعتبارهما من المؤسسات الخاصة الخاضعة للقانون الخاص وحمايتهما من تدخل الدولة ومن تدخل الأشخاص العاديين (12) . وهناك نظام اتحادي شامل لقانون الأسرة، تكمله قوانين صارمة لحماية الطفل في الولايات والأقاليم وتدعمه الدولة والإدارات الإقليمية والوحدات المتخصصة مع خدمات الشرطة. وتطبق هذه القوانين على الأشخاص المحتجزين في مراكز احتجاز الهجرة (إلا في الحالات التي تتعارض مع القوانين الاتحادية). ووضعت الدولة البرامج والسياسات الرامية إلى مساندة الأسر في مراكز احتجاز المهاجرين، بتحديد المعايير المناسبة لمقدمي الخدمات إلى هذه الأسر. ويوفر الموظفون الطبيون بمن فيهم، الممرضات والاستشاريون وموظفو الرعاية الاجتماعية؛ الدعم والمساعدة للآباء في العناية بأطفالهم والوفاء بمسؤولياتهم الأبوية. كما توفر وكالات رعاية الطفل التابعة للدولة التدريب على مهارات الرعاية الأبوية اللازمة. ولهذا ترفض الدولة الطرف القول بأنها لم تقم بحماية الأسرة كمؤسسة؛ فقد وضعت قوانين وممارسات وسياسات ترمي إلى حماية ودعم الأسر، بما فيها الأسر المحتجزة في مراكز احتجاز المهاجرين.

5-15 وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 24، ترفض الدولة الطرف مبدئياً تفسير هذا النص على غرار اتفاقية حقوق الطفل. وقد أشارت اللجنة إلى أنها ليست مختصة بالنظر في الادعاءات المتصلة بانتهاكات صكوك أخرى (13) وأنها ينبغي أن تقصر بحثها على التزامات العهد. ومن الواضح على أي حال أن الفقرة 1 من المادة 24 تختلف في طبيعتها عن الحقوق والالتزامات المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، نظراً لأنها على حد وصف نوفاك واجب شامل لضمان حماية جميع الأطفال الخاضعين لولاية الدولة الطرف (14) ، سواء عن طريق دعم الأسرة أو دعم المرافق الخاصة بالأطفال أو بغير ذلك من التدابير. فالالتزام ليس كاملاً لأنه يقتصر على تدابير الحماية التي يقتضيها وضع الطفل باعتباره قاصراً.

5-16 وتحتج الدولة الطرف بأنه قد تم الوفاء بهذا الالتزام فيما يتعلق بأطفال بختياري. وتشير إلى المعلومات المتصلة بمستوى الخدمات الطبية والتعليمية والترويحية والتي أوجزتها في ردها على طلب اللجنة للمعلومات وفقاً للمادة 86 من نظامها الداخلي (15) . وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع موظفي مراكز الاحتجاز ملزمون بإبلاغ السلطات المحلية المختصة بحماية الطفل إن شعروا أن طفلاً معرض للأذى؛ وفيما يتعلق بمرفق ووميرا، وضع ترتيب في هذا الصدد بين الإدارة وإدارة الخدمات الإنسانية بجنوب أستراليا في 6 كانون الأول/ديسمبر 2001.

5-17 وفي نطاق احتجاز المهاجرين، تقع مسؤولية الإشراف على الأطفال، كما هو الحال عموماً في الدولة الطرف، على عاتق الأبوين، ولهذا فرغم أنه يمكن تقديم إقرارات عامة بشأن الخدمات والمرافق المتاحة، لا يحتفظ عادة بسجلات للخدمات. غير أن هناك تدابير حماية خاصة قد طُبقت استجابة للشاغل الخاص بسلامة أفراد أسرة بختياري. وكُلف ضابط تحديداً بمراقبة مشاركة الأطفال في الأنشطة التعليمية والترويحية والتعاون مع السيدة بختياري في تشجيعهم على ذلك. وتشير السجلات إلى مواظبة الصبيين الأكبر سناً على الذهاب إلى المدرسة، واستخدامهم لمرافق الحواسيب، ولعبهم لكرة القدم بانتظام والتحاقهم بفصول التمرينات الرياضية. وهما يشاركان في الزيارات المنتظمة لحمام السباحة ويستمتعان بمشاهدة التليفزيون، وقد شارك منتظر بدور نشط في تعليم الأطفال الآخرين ركوب الدراجة. وفيما يتعلق بالأطفال الآخرين، تواظب الفتيات اللاتي بلغن سن الدراسة على الذهاب إلى المدرسة وتشاركن في الأنشطة الترويحية، بما في ذلك الحياكة مع والدتهن.

5-18 واستجابة للشواغل المتعلقة بالأسرة، طلبت الإدارة من السلطات المحلية المختصة برعاية الطفل (تحت إشراف إدارة الخدمات الإنسانية بجنوب أستراليا) دراسة حالة الأسرة داخل المركز. ولم تتعاون الأسرة مع دراسة آب/أغسطس 2002 ولم تسمح السيدة بختياري للسلطات بالتحدث إلى إبنيها الأكبر سناً مما أضر بالدراسة. وأجرى أخصائي نفسي مستقل دراسة في 2 و3 أيلول/سبتمبر 2002 وقدم توصيات تقوم الإدارة بدراستها حالياً.

5-19 وتحتج الدولة الطرف بأنها نظرت فيما إذا كان ينبغي بقاء الأطفال في الاحتجاز. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2001، عندما تقدمت السيدة بختياري بطلب إلى الوزير بموجب المادة 417 من قانون الهجرة، كان معروفاً أن السيد بختياري موجود في المجتمع. غير أنه كانت هناك أيضاً معلومات توحي بأنه قد حصل على التأشيرة بالغش. وقد نظر الوزير في هذه العوامل جميعها عند اتخاذ قراره بعدم الاستعاضة عن قرار محكمة مراجعة قضايا اللاجئين بقرار أكثر تسامحاً. وأشارت الدولة الطرف إلى أنه رئى في ضوء التفكير في إلغاء تأشيرة السيد بختياري أنه، ليس من الملائم إطلاق سراح الأطفال ووضعهم تحت رعايته.

5-20 وتشير الدولة الطرف، في ختام رسالتها، إلى أن هناك جهوداً قد بُذلت لضمان تمتع السيدة بختياري وأبنائها بأقصى قدر من الراحة. وفي آب/أغسطس 2002، عُرض عليهم الانتقال إلى مركز باكستر الجديد بعد أن ذكروا أن مركز ووميرا معزول وبالغ القسوة للأطفال. ويشتمل مركز باكستر على مجمع أسري، وعلى مرافق للتعليم العالي في مدرسة بُنيت لهذا الغرض. وحتى تاريخ تقديم الرسالة، كانوا قد رفضوا الانتقال رغم المناقشات المطولة التي أجروها مع الموظفين، وفضلوا البقاء في مركز ووميرا. غير أن خيار النقل لا يزال مطروحاً.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في رسالة مؤرخة 31 آذار/مارس 2003، رد أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف وأشاروا إلى أنه لم يعد أمام السيدة بختياري وأبنائها الثلاثة الأصغر سناً أي خيارات قانونية أخرى تسمح لهم بالبقاء في أستراليا، نظراً لرفض المحكمة العليا لطلبهم، وأن احتجازهم سيستمر إلى أن يتم ترحيلهم. وذكروا أن كسب الابنين المضر ومنتظر لدعواهم أمام محكمة الأسرة قد يؤدي إلى إطلاق سراحهم. والأمل الوحيد لبقاء السيد بختياري في الدولة الطرف هو استجابة المحكمة الاتحادية لطلبه بإسقاط إقرار محكمة مراجعة قضايا اللاجئين لإلغاء تأشيرته.

6-2 ورداً على ملاحظات الدولة الطرف، يحتج أصحاب البلاغ بأن احتجاز السيد بختياري لمدة تسعة أشهر إلى حين منحه التأشيرة يشكل انتهاكاً للفقرتين 1 و4 من المادة 9. وهو ينفي أي ادعاء فيما يتعلق باحتجازه الحالي إلى حين ترحيله. وقد ظلت السيدة بختياري وأبناؤها (حتى تاريخ التعليقات)، محتجزين لمدة عامين وأربعة شهور، مما يشكل انتهاكاً للفقرتين 1 و4 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 24. واللجوء إلى وسيلة المثول أمام المحكمة لن يجدي بما أن الاحتجاز كان ولا يزال مشروعاً بموجب قوانين الدولة الطرف ومن ثم فإن فشل هذه الوسيلة محتوم. أما فيما يتعلق بالأطفال، فإن الحكم الذي ستصدره محكمة الأسرة قريباً لا يقلل من ادعاءاتهم بوقوع انتهاكات حتى الآن.

6-3 ويؤكد أصحاب البلاغ "الإدانة العامة" لمحاولات الدولة الطرف تبرير احتجازها الإلزامي لجميع الأشخاص القادمين بدون إذن (16) . ولم يُقدم أي تبرير للاحتجاز المطول للسيدة بختياري وأبنائها، ولا صلة لما تحمله الأسرة من جنسية فعلية أو مزعومة بهذه القضية. ولا فرق بين هذه القضية من الناحية الفعلية وبين آراء اللجنة في قضية أ. ضد أستراليا و س. ضد أستراليا (17) والفرق، إن وجد، هو أن احتجاز الأطفال يزيد من خطورة الانتهاكات.

6-4 أما فيما يتعلق بالتئام شمل الأسرة حالياً في احتجاز يُدعى (أنه غير قانوني) وبتوقع أن يشمل أي إبعاد الأسرة بكاملها، فإن الادعاء بأن إبعاد السيدة بختياري وأطفالها سيشكل انتهاكاً للمادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 لم يعد قائماً الآن.

المعلومات الإضافية المقدمة من الأطراف

7-1 في 7 أيار/مايو 2003، قدم أصحاب البلاغ إلى اللجنة رسالة مؤرخة 28 نيسان/أبريل 2003 موجهة من الوكيل العام الأسترالي إلى رئيس محكمة الأسرة يطلعها فيها على التطورات. وعلى وجه الخصوص، نظراً لعدم وجود إجراءات قانونية لم يبت فيها بشأن السيدة بختياري وأبنائها، يعتبر الوزير نفسه مُلزماً، بموجب الـمادة 198(6) من قانون الهجرة بإبعادهم بأسرع ما "يمكن في حدود المعقول" وهناك جهود تبذل لتأمين الوثائق اللازمة التي تسمح بإبعادهم. ونظراً لأن السيد بختياري كان قد تقدم بطلب لم يبت فيه لإعادة النظر في إلغاء تأشيرته (رُفض بعد ذلك) وبطلب آخر لم يبت فيه بعد للحصول على تأشيرة حماية دائمة (ولا يشمل الطلب السيدة بختياري أو الأطفال)، فإن الالتزام بإبعاده لم ينشأ بعد وإبعاده ليس وشيكاً.

7-2 واعتبر أصحاب البلاغ أن إبعاد السيدة بختيـاري وأبنائهـا في هذه الظروف سيشكل انتهاكاً للمادتين 7 و17 وللفقرة 1 من المادة 23 والمادة 24 من العهد. وبناء على ذلك، أرسلت اللجنة، في 8 أيار/مايو 2003، عن طريق مقررها الخاص وعملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي، تذكيراً وتجديداً لطلبها الداعي إلى عدم طرد السيدة بختياري وأبنائها، إلى حين بت اللجنة في الحالة.

7-3 وفي 22 تموز/يوليه 2003، قدمت الدولة الطرف، في أثناء الدورة الثامنة والسبعين للجنة، معلومات إضافية تفيد اللجنة بأن السيدة بختياري وبناتها الثلاث يقمن حالياً في مشروع إسكان ووميرا، وهو مرفق أنشئ لتلبية الاحتياجات الخاصة للنساء والأطفال. ويشكل مسكنهن وحدة من ثماني وحدات سكنية نمطية أنشئت في بلدة ووميرا، وتعتبرها الإدارة مكاناً بديلاً للاحتجاز. ويجوز للسيدة بختياري وبناتها الثلاث مغادرة المنزل على أن يتم ذلك تحت حراسة موظفي مركز الاحتجاز. ولا يزال السيد بختياري وولداه في مركز الاستقبال والتجهيز الخاص بالهجرة في باكستر. وقد تخطى الولدان حد السن الأدنى لإيداعهم في مشروع الإسكان نظراً ل‍ "الحساسيات الثقافية والأمن". ويحق للسيد بختياري زيارة زوجته وبناته في مشروع الإسكان مرتين أسبوعياً.

7-4 وفي رسالة مؤرخة 8 تشرين الأول/أكتوبر 2003، رد أصحاب البلاغ على المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف، وأطلعوا اللجنة على آخر التطورات المتعلقة بسير الدعاوى في محكمة الأسرة والمحكمة العليا، فيما يتعلق بالأطفال، وفي المحكمة الاتحادية فيما يتعلق بالسيد بختياري. وذكروا أنه في حالة صدور حكم ضدهم في الاستئناف المرفوع أمام المحكمة العليا، فستجري إعادة الأطفال إلى الاحتجاز. وأشاروا إلى أن السيدة بختياري لا تزال في مركز احتجاز المهاجرين، وإن كانت موجودة حالياً في مستشفى أدلايد بانتظار ولادة طفلها. ولا يزال السيد بختياري في مركز باكستر. وإذا ما تقرر ترحيل السيدة بختياري وأبنائها قريباً، فسوف ينفصلون عنه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد، تشير اللجنة إلى ممارستها المتبعة وهي البت في مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، في حالة وجود نزاع حولها، عند نظرها في البلاغ، لأسباب ليس أقلها أن أي بلاغ تستنفد سبل الانتصاف المحلية المتصلة به بعد تقديمه يمكن إعادة تقديمه فوراً إلى اللجنة إذا ما كان ذلك هو السبب في عدم قبوله. وعلى هذا الأساس، تلاحظ اللجنة أن الدعوى التي رفعتها السيدة بختياري وأبناؤها أمام المحكمة العليا قد انتهت، في الفترة الفاصلة، بحكم ضدهم. أما فيما يتعلق بسبيل الانتصاف المقترح والمتمثل في أمر المثول أمام المحكمة، فتلاحظ اللجنة، كما حدث سابقاً، أنه بالنظر إلى أن قانون الدولة الطرف يقضي بالاحتجاز الملزم للأشخاص الذين يصلون إلى البلد بصورة غير قانونية، فإن طلب المثول أمام المحكمة لا يفيد إلا في تحديد إذا ما كان الأفراد تنطبق عليهم فعلاً تلك الصفة (غير المشكوك فيها)، وليس تحديد ما إذا كان احتجاز الأفراد يستند إلى مبرر. وبناء على ذلك، لم يثبت أن سبيل الانتصاف المقترح هو سبيل فعال، لأغراض البروتوكول الاختياري. ولذا فليس هناك ما يمنع اللجنة بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من النظر في البلاغ.

8-3 أما فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن إبعاد السيدة بختياري وأبنائها افتراضي وأنه لا توجد بالتالي "شكوى فعلية" لأغراض البروتوكول الاختياري، فتلاحظ اللجنة أنه أياً كان الموقف في التاريخ الذي قدمت فيه الدولة الطرف معلوماتها، فإن المعلومات الحديثة تفيد بأن الدولة الطرف تعتبر نفسها ملزمة بإبعاد السيدة بختياري وأبنائها بأسرع ما "يمكن في حدود المعقول" وأنها تتخذ إجراءات لتحقيق ذلك. وبناء على ذلك، لم تعد الادعاءات المستندة إلى احتمال إبعاد السيدة بختياري وأبنائها غير مقبولة بزعم أنها افتراضية.

8-4 وبالإشارة إلى الإدعاء بأن السيدة بختياري وأبنائها يخشون التعرض لمعاملة مخالفة للمادة 7 من العهد في حالة إبعادهم إلى أفغانستان، تلاحظ اللجنة أنه نظراً لعدم إبعاد أصحاب البلاغ من أستراليا، فإن المسألة المعروضة على اللجنة هي تحديد ما إذا كان هذا الإبعاد، في حالة تنفيذه في الوقت الحاضر، سيرتب خطراً حقيقياً بالتعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 7. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن سلطات الدولة الطرف قررت كمسألة مفروغ منها، في الإجراءات التي تمت حتى الآن، أن أصحاب البلاغ ليسوا أفغاناً، ومن ثم فلا خوف من إعادة الدولة الطرف لهم إلى ذلك البلد. ولم يثبت أصحاب البلاغ من جهة أخرى أنه في حالة إعادتهم إلى أي بلد آخر، مثل باكستان، سيتعرضون لإرسالهم إلى أفغانستان حيث يخشون التعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 7. ولم يقدم أصحاب البلاغ أدلة تثبت أنهم في حالة عودتهم إلى أفغانستان، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، سيواجهون، كنتيجة محتومة ومتوقعة، معاملة تتنافى مع المادة 7. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الإدعاء بأن السيدة بختياري وأبنائها سيواجهون معاملة تتنافى مع المادة 7، في حالة إعادة الدولة الطرف لهم في الوقت الحاضر، لم يُدعم بالأدلة أمام اللجنة، لأغراض المقبولية، وغير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-5 أما فيما يتعلق بالادعاءات المقدمة في إطار المادتين 17 و23 والمستندة إلى تفكيك وحدة الأسرة، فتلاحظ اللجنة أنه رغم سحب هذه الادعاءات على أساس أن ضم السيد بختياري إلى أسرته سيؤدي إلى معالجة حالتهم كحالة واحدة، فإن أحدث المعلومات تشير إلى أن الدولة الطرف تتخذ الإجراءات لإبعاد السيدة بختياري وأبنائها، بينما لا تزال الدعوى المتعلقة بالسيد بختياري قيد النظر. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لا تزال قائمة، وتعتبرها مع بقية الادعاءات مدعمة بأدلة كافية لأغراض المقبولية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الأطراف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وفيما يتعلق بادعاءات الاحتجاز التعسفي، بالمخالفة للفقرة 1 من المادة 9، تذكر اللجنة بآرائها السابقة وهي أنه لتجنب وصف الاحتجاز بأنه تعسفي، ينبغي ألا يتجاوز هذا الاحتجاز الفترة التي يكون بوسع الدولة الطرف تقديم مبرر مناسب بشأنها (18) . وفي هذه القضية، وصل السيد بختياري على ظهر سفينة، بدون مرافقين، حاملاً وثيقة هوية مشكوك فيها ومدعياً أنه أتى من دولة تعاني من اضطرابات أهلية. وفي ضوء هذه العوامل ونظراً لأنه قد منح تأشيرة حماية وأطلق سراحه بعد شهرين من تقديمه للطلب (بعد سبعة شهور تقريباً من وصوله)، ورغم إقرار اللجنة بأن طول فترة الاحتجاز الأولى قد يكون غير مستصوب، فإنه ليس بوسعها أن تخلص إلى أن هذا الاحتجاز كان تعسفياً أيضاً ومخالفاً للفقرة 1 من المادة 9. وفي ضوء هذه النتيجة، ليس هناك ما يدعو اللجنة إلى النظر في الادعاء المقدم بموجب الفقرة 4 من المادة 9 فيما يتعلق بالسيد بختياري. وتلاحظ اللجنة أن الفترة الثانية لاحتجاز السيد بختياري، التي استمرت منذ توقيفه قصد ترحيله في 5 كانون الأول/ديسمبر 2002 حتى الوقت الحاضر، قد تثير مسائل مماثلة بموجب المادة 9، لكنها لا تضيف رأياً أخر في هذا الشأن نظراً لعدم ورود حجج من أيٍ من الطرفين.

9-3 وفيما يخص السيدة بختياري وأبناءها، تلاحظ اللجنة أن السيدة بختياري قد احتجزت في مركز احتجاز المهاجرين لمدة سنتين وعشرة شهور، وأنها لا تزال محتجزة، بينما ظل الأطفال في مركز احتجاز المهاجرين لمدة سنتين وثمانية شهور إلى أن أفرج عنهم بأوامر مؤقتة من محكمة الأسرة. وأياً كان المبرر الذي قد يستند إليه احتجاز أول لأغراض التحقق من الهوية ومسائل أخرى، فإن الدولة الطرف لم تثبت، من وجهة نظر اللجنة، أن احتجازهم لهذه الفترة الطويلة لـه ما يبرره. ومع مراعاة تشكيل أسرة بختياري بصورة خاصة، لم تثبت الدولة الطرف أنه لا يمكن باتباع تدابير أخرى، أقل تدخلاً، تحقيق نفس هدف الالتزام بسياساتها الخاصة بالهجرة، وذلك على سبيل المثال بفرض التزامات بالحضور أو الضمانات أو الشروط الأخرى التي تراعى فيها الظروف الخاصة للأسرة. وبناءً على ذلك، فإن استمرار احتجاز السيدة بختياري وأبنائها في مركز احتجاز المهاجرين للفترة المذكورة أعلاه، بدون مبرر مناسب، كان تعسفياً ومخالفاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

9-4 أما فيما يتعلق بالادعاء المقدم في إطار الفقرة 4 من المادة 9 بشأن فترة الاحتجاز هذه، فتشير اللجنة إلى مناقشتها السابقة للمقبولية، وتلاحظ أن المراجعة التي يمكن أن تجريها المحكمة فيما يخص السيدة بختياري ستقتصر على مجرد تقرير رسمي لما إذا كان ينطبق عليها وصف"غير مواطن" لا يحمل إذن دخول. وتلاحظ اللجنة أنه لا يجوز لمحكمة محلية أن تمارس سلطتها التقديرية لمراجعة المبررات المقدمة لاحتجازها من الناحية الموضوعية. وتعتبر اللجنة أن عدم وجود وسيلة قضائية للطعن في احتجاز كان أو أصبح مخالفاً للفقرة 1 من المادة 9 يشكل انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 9.

9-5 وفيما يخص الأطفال، تلاحظ اللجنة أنه حتى صدور حكم محكمة الأسرة بكامل هيئتها في 19 حزيران/يونيه 2003، وهو الحكم الذي قررت فيه أن من اختصاصها بموجب قانون رفاه الطفل أن تأمر بإخلاء سبيل الأطفال المحتجزين في مركز احتجاز المهاجرين، كان الأطفال في نفس وضع والدتهم، وأنهم عانوا لنفس السبب من انتهاك حقوقهم المنصوص عليها في الفقرة 4 من المادة 9. وتعتبر اللجنة أن سماح أهلية المحكمة لأن تأمر بالإفراج عن طفل إذا ما رأت أن ذلك يحقق مصالحه الفضلى، وهو ما حدث بعد ذلك (وإن كان بصفة مؤقتة) تشكل مراجعة كافية للمبرر الموضوعي للاحتجاز عملاً بأحكام الفقرة 4 من المادة 9 من العهد. وبناءً على ذلك، فإن انتهاك الفقرة 4 من المادة 9 فيما يتعلق بالأطفال قد انتهى بإعلان محكمة الأسرة بأنها مختصة بإصدار هذه الأوامر.

9-6 وبالنسبة للادعاء المقدم بموجب المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23، تلاحظ اللجنة أن فصل زوجة وأطفال عند وصولهم إلى دولة من الدول عن زوج مقيم إقامة قانونية في الدولة قد يثير مسائل بموجب المادتين 17 و23 من العهد. غير أنه في هذه القضية، تحتج الدولة الطرف بأنه في تاريخ تقديم السيدة بختياري لطلبها إلى الوزير بموجب المادة 417 من قانون الهجرة، كانت هناك معلومات قد وردت إليها فعلاً بشأن حصول السيد بختياري على تأشيرة بالغش. ونظراً لأنه ليس من الواضح ما إذا كان توجيه نظر سلطات الدولة الطرف إلى صلة القرابة القائمة قد تم قبل ذلك التاريخ، فليس بوسع اللجنة أن تعتبر قرار الدولة الطرف بأنه ليس من المناسب جمع شمل الأسرة في تلك المرحلة قراراً تعسفياً. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعتزم حالياً إبعاد السيدة بختياري وأبنائها بأسرع ما "يمكن تحقيقه في حدود المعقول"، بينما لا تنوي أن تفعل ذلك فيما يتعلق بالسيد بختياري، الذي لم يبت بعد في دعواه المحلية. ومع مراعاة الظروف المحددة للقضية، أي عدد وأعمار الأطفال، بمن فيهم طفل حديث الولادة، والتجارب المسببة للصدمات العصبية التي عانت منها السيدة بختياري وأطفالها أثناء احتجازهم لفترة طويلة في مركز احتجاز المهاجرين بما يخالف المادة 9 من العهد، والصعوبات التي يحتمل أن تواجهها السيدة بختياري وأبناؤها في حالة إعادتهم إلى باكستان بدون السيد بختياري، وعدم تقديم الدولة الطرف لأسباب تبرر الإبعاد في هذه الظروف، ترى اللجنة أن إبعاد السيدة بختياري وأبنائها دون انتظار الحكم النهائي في دعوى السيد بختياري سيشكل تدخلاً تعسفياً في شؤون أسرة أصحاب البلاغ وانتهاكاً للفقرة 1 من المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

9-7 وفيما يتعلق بالادعاء المتصل بالمادة 24، ترى اللجنة أن المبدأ الذي يقضي بإيلاء الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى في جميع القرارات التي تمسه، يشكل جزءاً لا يتجزأ من حق كل طفل في أن تتخذ أسرته والمجتمع والدولة تدابير الحماية التي يتطلبها وضعه كقاصر، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 24 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الأطفال في هذه القضية قد عانوا من مساوئ الاحتجاز المستمرة الموثقة والتي يمكن إثباتها، وبخاصة الولدان الأكبر سناً، حتى تاريخ الإفراج عنهما في 25 آب/أغسطس 2003، وأن هذا الاحتجاز كان تعسفياً ومخالفاً للفقرة 1 من المادة 9 من العهد. وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة أن التدابير التي اتخذتها الدولة الطرف لم تكن، حتى إعلان محكمة الأسرة بكامل هيئتها أن اختصاصها يشمل رفاه الأطفال، تستند إلى منطلق المصالح الفضلى للأطفال، ومن ثم كشفت عن انتهاك للفقرة 1 من المادة 24 من العهد أي انتهاك حق الأطفال في تدابير الحماية التي يتطلبها وضعهم كقصّر حتى ذلك التاريخ.

10- وعملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الحقائق كما بدت لها تكشف عن انتهاك أستراليـا للفقرتـين 1 و4 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 24، وربما الفقرة 1 من المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

11- والدولة الطرف ملزمة، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ. أما فيما يتعلق بانتهاك الفقرتين 1 و4 من المادة 9، وهو الانتهاك المستمر حتى الآن فيما يتعلق بالسيدة بختياري، فينبغي أن تفرج عنها الدولة الطرف وأن تدفع لها التعويض المناسب. أما بالنسبة لانتهاكات المادتين 9 و24 التي عانى منها الأطفال في الماضي، والتي انتهت بالإفراج عنهم في 25 آب/أغسطس 2003، فإن الدولة الطرف ملزمة بدفع تعويض مناسب للأطفال. وينبغي أن تمتنع الدولة الطرف أيضاً عن ترحيل السيدة بختياري وأبنائها في الوقت الذي يتابع فيه السيد بختياري دعواه المحلية، إذ إن أي إجراء تتخذه الدولة الطرف سيسفر عن انتهاكات للفقرة 1 من المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

12- وبالنظر إلى أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، وفقاً للمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبل انتصاف فعالة وواجبة النفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، ترجو اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويرجى كذلك أن تقوم الدولة الطرف بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المبادئ التوجيهية التي قدمها أصحاب البلاغ على أن عوامل "المصلحة العامة" قد تنشأ في عدد من الحالات، بما في ذلك الحالات التي توجد فيها أسباب قوية لتعرض الشخص لخطر كبير على سلامته أو على حقوق الإنسان الخاصة به أو على كرامته عند عودته إلى بلده الأصلي، أو الحالات التي قد تستدعي مراعاة التزامات الدولة الطرف بموجب العهد أو اتفاقية حقوق الطفل أو اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، أو عندما تكون للتشريعات آثار مجحفة أو غير معقولة وإن لم تكن مقصودة.

(2) تنص المادة 67ZC على ما يلي:

"(1) بالإضافة إلى اختصاص المحكمة الذي ينص عليه هذا الباب فيما يتعلق بالأطفال، تختص المحكمة أيضاً بإصدار الأوامر المتعلقة برعاية الأطفال.

(2) عند البت في مسألة إصدار أمر بشأن طفل بموجب الفقرة (أ)، يجب أن تولي المحكمة الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى."

(3) قضية أ. ر. ج. ضد أستراليا رقم 692/1996، الآراء المعتمدة في 11 آب/أغسطس 1997، وقضية ت. ضد أستراليا رقم 706/1996، الآراء المعتمدة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1997.

(4) القضية رقم 506/1993، الآراء المعتمدة في 4 آذار/مارس 1993.

(5) يشير أصحاب البلاغ إلى Lambert, H.: "The European Court of Human Rights and the Right of Refugees and Other Persons in Need of Protection to Family Reunion", (1999) 11 (3) International Journal of Refugee Law 427.

(6) Waterford v. Commonwealth (1987) 163 CLR 54.

(7) تتوافر هذه الرسائل في الموقع الشبكي www.hreoc.gov.au/human_rights/children_detention/index.html .

(8) القضية رقم 165/1984، المقرر المعتمد في 26 آذار/مارس 1986.

(9) القضية رقم 91/1981، المقرر المعتمد في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1981.

(10) القضية رقم 930/2000، الآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2001.

(11)C Tiburcio: "The Human Rights of Aliens under International and Comparative Law", International Studies in Human Rights, Vol. 65 (Nijhoff, 2001), at 20.

(12)Nowak, M.: UN Convenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary. (NP Engel, Kehl, 1993), at 402.

(13) تشير الدولة الطرف إلى قضية ك. ل. ضد الدانمرك ، القضية رقم 59/1979، المقرر المعتمد في 26 آذار/مارس 1980.

(14)Nowak, op.cit., at 426.

(15) انظر الفقرة 4-3 أعلاه .

(16) يشير أصحاب البلاغ إلى تقرير للجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بعنوان "القادمون عبر البحار: احتجاز القادمين بدون إذن"، ويمكن الاطلاع على هذا التقرير على الموقع الشبكي www.hreoc.gov.au/pdf/human_rights/asylum_seekers/h5.2.2.pdf..

(17) القضية رقم 900/1999، الآراء المعتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

(18) أ. ضد أستراليا و ج. ضد أستراليا ، المرجع نفسه.

التذييل

رأي فردي لعضو اللجنة السير نايجل رودلي (رأي مخالف جزئياً)

استناداً إلى الأسباب التي ذكرتها في رأيي المستقل في قضية س. ضد أستراليا (القضية رقم 900/1999)، والآراء المعتمدة في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002)، أتفق مع اللجنة فيما توصلت إليه من استنتاج بشأن انتهاك الفقرة 1 من المادة 9، إلا أنني أختلف معها في ما خلصت إليه بشأن انتهاك الفقرة 4 من المادة 9.

(توقيع): السير نايجل رودلي

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

هاء هاء- البلاغ رقم 1080/2002 ، نيكولاس ضد أستراليا (الآراء التي اعتمدت في 19 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : ديفيد مايكل نيكولاس (ممثلا بمحاميه، السيد جون بودغوريليك)

الشخص المدَّعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أ سترالي ــ ا

تاريخ تقديم البلاغ : 24 نيسان/أبريل 2002 ( تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 19 آذار/مارس ‏2004‏ ،

وقد اختتمت النظر في البلاغ 1080/2002، المقدم إليها باسم السيد ديفيد مايكل نيكولاس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ و الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

ال آراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحب البلاغ، المؤرخ 24 نيسان/أبريل 2002، هو ديفيد نيكولاس، المولود في سنة 1941 والذي يقضي حاليا في سجن بورت فيليب عقوبـة بالسجن. وهو يدّعي أنه ضحية انتهاك من قِبل أ ستراليا للفقرة 1 من المادة 15 من العهد. ويزعم أيضا، بدون تحديد مواد العهد، أن العلاج الطبي الذي يقدم له وهو رهن الاحتجاز يقصُر عن المعايير ال واجبـة . ويمثِّل صاحب البلاغ محام. وقد بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1980 وفي 25 كانون الأول/ديسمبر، على التوالي.

الوقائع كما عرضت على اللجنة

2-1 في 23 أيلول/سبتمبر 1994 قام موظفان من موظفي إنفاذ القانون أحدهما تايلندي والآخر أ سترالي بعملية " استيراد محكومة " لكمية كبيرة (يمكن الاتجار بها) من الهيروين. فقد سافر محقق تايلندي في جرائم المخدرات ومعه أحد أفراد الشرطة الاتحادية ا لأ سترالية من بانكوك، بتايلند، إلى ملبورن ب أ ستراليا، لتوريد هيروين كان قد طُلب من أ ستراليا. وبعد الوصول، أجرى المحقق التايلندي، عاملا مع الشرطي الاتحادي ا لأ سترالي، مجموعة متنوعة من المكالمات الهاتفية لتدبير عملية تسليم المخدرات، التي كان صاحب البلاغ وصديق له قد حصلا عليهـا بالطريقـة الواجبـة.

2-2 وفي 24 أيلول/سبتمبر 1994، ألقي القبض على صاحب البلاغ وصديقه بعد عملية تسليم المخدرات بفترة وجيزة، ووُجهت إليهما تهم بارتكاب مجموعة من الجرائم الاتحادية بمقتضى قانون الجمارك، فضلا عن ارتكاب جرائم تتعلق بالدولة. وكان أحد أركـان الجرائم الاتحادية أن المخدرات جُلبت إلى أ ستراليا " انتهاكا ل‍ [قانون الجمارك الاتحادي] " (1) . وفي نيسان/أبريل 1995 أصدرت المحكمة العليا ا لأ سترالية قرارها في قضية ر يـ دجواي ضد الملكة (2) ، وهي لا علاقة لها بالموضوع وتتعلق بجلب مخدرات في سنة 1989، حيث رأت المحكمة وجوب استبعاد أدلة الاستيراد عندما تكون ناجمة عن سلوك غير قانوني من جانب موظفين من موظفي إنفاذ القانون.

2-3 وقد استُدع ـ ي صاحب البلاغ إلى المحكمة في تشرين الأول/أكتوبر 1995، ثم استُدعي في آذار/مارس 1996 ، واحتج أمام المحكمة في المرتين بأنه غير مذنب فيما يتعلق بجميع التهم الموجهة إليه. ولم يكن هناك اعتراض على أن موظف ـ ي إنفاذ القانون جلبوا المخدرات إلى أ ستراليا انتهاكا لقانون الجمارك .

2-4 وفي أيار/مايو 1996، وفي جلسة استماع عُقدت قبل المحاكمة، التمس صاحب البلاغ استصدار وقف دائم للدعوى القضائية المتعلقة بالجرائم الاتحادية، على أساس أن موظ فـي إنفاذ القانون ارتكب و ا جريمة بجلب المخدرات (كما هو الحال في قضية ر ي دجواي ضد الملكة ). وفي 27 أيار/مايو 1996، مُنح الوقف، ولكن مع ترك الجرائم المتعلقة بالدولة كما هي.

2-5 وفي 8 تموز/يوليه 1996 بدأ نفاذ قانون سنة 1996 الاتحادي بشأن تعديل الجرائم ( العمليات المحكومة )، الذي صدر استجابة لقرار المحكمة العليا في قضية ريدجواي ضد الملكة. وقد تضمن البند 15 عاشرا (3) من القانون توجيها إلى المحاكم بأن تصرف النظر عن سلوك سلطات إنفاذ القانون غير الشرعي السابق بخصوص جلب المخدرات. وفي 5 آب/أ غسطس 1996، تقدم مدير النيابات العامة بطلب لإبطال أمر الوقف. وطعن صاحب البلاغ، بدوره، في دستورية البند 15 عاشرا من القانون. وفي 2 شباط/فبراير 1998، أقرت المحكمة العليا، بأغلبية 5 من قضاتها مقابل اثنين، صحة التشريع المعد ِّ ل دستوريا وكذلك صحة رفع وقف المقاضاة في حالة صاحب البلاغ. ومن ثم أحيل الأمر مرة أخرى إلى محكمة المقاطعة لإجراء مزيد من النظر فيه.

2-6 ونتيجة لذلك، رفعت محكمة المقاطعة في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1998 أمر الوقف وأصدرت توجيها بمحاكمة صاحب البلاغ. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، أُدين صاحب البلاغ بتهمة حيازة كمية من الهيروين يمكن الاتجار بها وكذلك بتهمـة محاولة حيازة كمية تجارية من الهيروين. وأصدرت المحكمة حكما عليه بالسجن لمدة 10 سنوات بناء على التهمة الأولى وحكما بالسجن لمدة 15 سنة في الوقت نفسه بناء على التهمة الثانية. وبذلك كان مجموع العقوبة الفعلية هو السجن لمدة 15 سنة مع احتمال إطلاق السراح تحت المراقبة بعد انقضاء 10 سنوات. وفي 7 نيسان/أبريل 2000، رفضت محكمة فكتوريا للاستئناف استئناف صاحب البلاغ لهذه الإدانة، ولكنها خففت العقوبة إلى السجن لمدة 12 سنة مع احتمال إطلاق السراح تحت المراقبة بعد انقضاء 8 سنوات. وفي 16 شباط/فبراير 2001، رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن خاص لكي يستأنف الحكم.

الشكوى

3-1 يشكو صاحب البلاغ من أنه ضحية تطبيق قانون جنائي بأثر رجعي، وهو أمر لا يجـوز، وذلك انتهاكا للفقرة 1 من المادة 15 من العهد. فلولا تطبيق ذلك القانون بالأثر الرجعي لاستمر في التمتع بمفعول وقـفٍ دائـمٍ في صالحه. فقد كان مفعول هذا القانون هو إصـدار توجيه ل لمحاكم، على نحو ألحق أضرارا بصاحب البلاغ، بأن تصرف النظر عن حقيقة سابقة كانت في قضية ريدجواي ضد الملكة حاسمة في اتخاذ قرار باستبعاد الأدلة. ويشير صاحب البلاغ إلى أن السلوك غير القانوني ذا الصلة في قضية ريدجواي ضد الملكة كان مطابقا، من حيث جميع الأغراض العملية، لسلوكه اللاحق. ومما يُفاقم الانتهاك أن ركنـا محوريا من أركـان الجريمة التي أُدين بسببها كان، أثناء محاكمته بعد سحب الوقف، السلوك ال جنائـي من جانب سلطات إنفاذ القانون.

3-2 ويشير صاحب البلاغ إلى فق ـ ه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي مفاده عدم إمكانية تطبيق قانون بأثر رجعي على نحو يلحق الضر ر بمتهــم (4) . كذلك رأت المحاكم الوطنية عدم جواز إزالة دفاع كان متاحا وقت ارتكاب الجريمة، سواء من ق ـِـ بل المحاكم أو من ق ـِـ بل تشريعات، بعد تاريخ عمل جنائـي (5) . و على العكس من ذلك تقتصر الحجة المضادة لرجعية أثر القانون الجنائي في القانون الأسترالي على مسائل المضمون، ولا تمتد إلى المسائل الإجرائية، ومن بينها مسائل قانون الإثبات.

3-3 ومن ثم يحتج صاحب البلاغ بأن حظر الق ــ وانين الجنائي ـ ة ذات الأثر الرجعي لا يشمل فحسب فرض مسؤولية جنائية عن سلوك أسبق خاضع للمسؤولية على هذا النحو، أو تشديد تلك المسؤولية أو إعادة تعريفها، بل يشمل أيضا القوانين التي تعدل القواعد الثبوتية اللازمة لصدور إدانة. وإلى جانب فئات القوانين هذه ثمة شرطان جوهريان هما وجود يقين في القانون ووجوب عدم حرمان متهم من الاستفادة من قانون كان يحق له من قبل أن يستفيد منه. وهذان العنصران ضروريان لضمان الحماية الكافية للفرد من المقاضاة والإدانة التعسفيتين، وأي حرمان من ذلك من شأنه أن يكون خرقا للفقرة 1 من المادة 15 من العهد.

3-4 ونتيجة ل ما هو مذكور آنفا، يطلب صاحب البلاغ أن تطلب اللجنة إلى أستراليا توفير سبيل انتصاف فعال ل ـ ه من ا لانتهاك الذي عانى منه، على أن يشمل ذلك الانتصاف إطلاق سراحه فورا، وتعويضه عن الانتهاك الذي عانى منه، واتخاذ خطوات لكفالة عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

3-5 ويزعم صاحب البلاغ أيضا، دون أن يثير أي مواد في العهد، أنه عانى أثناء سجنه (4 سنوات عن ـد تقديمه البلاغ) من مشاكل صحية خطيرة: كان من بينها الإصابة بالتهاب بكتي ـ ري في بطانة القلب (في صمام من صمامات القلب كان معيبا أيضا) وإزالة تكيُّس عنكبوتي ناجم عن تضخم البروستاتا مما تطلب الحرص في علاجه لتجنب حدوث مزيد من الإصابات البكتي ـ رية. وحيث إن أول إصابة له بالتهاب بطانة القلب حدثت في الوحدة الطبية في سجن كورت فيليب، فإنه يقول إن رغبته في ألا يعالج هناك لها ما يسوغها.

3-6 أما فيما يتعلق بمقبولية البلاغ، فإنه يقول إن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له بدرجة معقولة قد است ـُـ نفدت، ويشير إلى أن مبادئ المادة 15 لا توجد لها حماية دستورية ولا حماية من القانون العام في الدول ـ ة الطرف. ويقول إن التقدم بأي طلب إلى " لج ـ نة حقوق الإنسان و تكافـؤ الفرص " سيكون عقيما وغير فعال لأن هذه اللجنة لا يمكن أن توفر إغاثة ملزمة في حالة انتهاك؛ بل يمكن فحسب أن تقدم توصيات غير ملزمة. ويقول صاحب البلاغ إن أي تطبيـق لانتصاف محلي، كبديل لذلك، من شأنه أن يطول بلا داع. ويؤكد أيضا أن هذه المسألة لم تعرض على بساط البحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن م قبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تطعن الدولة الطرف، في العريضتين المقدمتين منها بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 ، في مقبولية البلاغ وفي أسسه الموضوعية ، على التوالي. وفيما يتعلق بتوضيح وقائع القضية، تشير الدولة الطرف إلى أن " العملية المحكومة " التي جرت في حالة صاحب البلاغ حدثت فعلا، وكذلك الممارسة التي كانت متبعة آن ـ ذاك، وفقا لأحكام اتفاق وزاري صادر في سنة 1987 بشأن هذه العمليات ووفقا لمبادئ توجيهية تفصيلية خاصة بالشرطة الاتحادية ا لأ سترالية. وقبل حدوث عملية من هذا القبيل تطلب إدارة الجمارك من الشرطة الاتحادية إعفاء موظفي إنفاذ القانون من عملية التمحيص الجمركي والتفصيلي. وك ان مفهوما، وقتئ ـ ذ، أن هذا النهج لـ ن يع ـ ر ِّ ض للخطر مقاضاة من ي ـُـ دعى أنهم يتجرون بالمخدرات باعتبار أن أدلة من هذا القبيل على جلب مخدرات جلبا غير قانوني اعتُبرت أدلة مقبولة في ولايات قضائية أخرى تطبق القانون العام.

4-2 وتقول الدولة الطرف إن البلاغ غير مقبول بحكم طبيعة القضية. كما تقول إن المعنى البسيط للفقرة 1 من المادة 15 ه و س د الطريق على القوانين التي تسعى إلى جعل أفعال ، لم تكن تشكل جرائم وقت ارتكابها ، أفعالا جنائيـة بأثر رجعي. إلا أن صاحب البلاغ أُدين، بحسب تفسير المحكمة العليا للحالة، بارتكاب جريمة جنائية بمقتضى البند 233 (1) (ب) من قانون الجمارك ، وهو نص كان موجودا وقت إلقاء القبض عليه ومحاكمته.

4-3 وتقول الدولة الطرف إن ما يتضمنـه البند 15 عاشرا من التشريع المُعدِّل لا يشكل جريمة جنائية، بحيث يفرض تبعة على أي سلوك. إذ لا يمكن اتهام أو إدانة أي شخص بأي جريمة بمقتضى ذلك البند، كما أنه لا يغير أي ركـن من أركـان جريمة جنائية؛ بل هو، بالأحرى، قانون إجرائي ينظم عملية إدارة المحاكمات. وتشير الدولة الطرف إلى إذعان اللجنة للمحاكم الوطنية بشأن المسائل المتعلقة بالتفسير السليم للقانون المحلي (6) ، وتقول إن اللجنة إذا كانت تقبل (وهو أمر حـريّ بهـا أن تفعله) توضيح المحكمة العليا للقانون المعد ِّ ل باعتباره قانونا إجرائيا لا يخوض في أركـان أي جريمة، فلن يـثـور أي خـلاف في إطـار الفقرة 1 من المادة 15.

4-4 وترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ بأن الفقرة 1 من المادة 15 تمتد إلى ما يتجاوز فرض حظر على القوانين الجنائية الرجعية الأثر بحيث تشمل أي ــ ة قوانين تنطبق بأث ــ ر رجعي على نحو يكون في غير صالح متهم أو ي ـؤدي إلى الإضـرار بــه. وهي تقول إن هذا التفسير لا يؤيده المعنى العادي لنص المادة، الذي يحظر القوانين التي تسعى إلى جعل الأفعال أو التقصيرات جنائية بأثر رجعي (أي تسعى إلى جعلها تقع تحت طائلة العقاب بموجب القانون)، متى كانت تلك الأفعال أو التقصيرات غير جنائية وقت ارتكابها. ولا تؤيد رأي صاحب البلاغ أيضا الأعمال التحضيرية للعهد، التي تشير إلى أن أهداف ومقاصد هذا النص ه ـي حظر امتداد القانون الجنائي بحكم القياس، وحظر النص بأثر رجعي على جرائم جنائية، وكفالة ذِكر الجرائم الجنائية بوضوح في القانون (7) . كذلك أشارت اللجنة الأوروبية تحديدا ، في قضية كوكيناكس ضد اليونان التي استشهد بها صاحب البلاغ ، إلى " القانون الجنائي " ، لا إلى أي قانون، باعتبار أنه مشمول بالمادة 7 من الاتفاقية الأوروبية بشأن حقوق الإنسان عندما ذكرت أن " تطبيق القانوني الجنائي بأثر رجعي حيثما كان ذلك يسبب إضرارا للمتهم " محظور. ولما كان القانون المعد ِّ ل في القضية الحالية لا يرقى إلى مستوى قانون جنائي من هذا القبيل، فإن قضية صاحب البلاغ ليست محلا للخلاف في إطـار الفقرة 1 من المادة 15.

4-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية تشير الدولة الطرف إلى الحجج المذكورة أعلاه فيما يتعلق بمقبولية القضية، وبخاصة أن ” الجريمة الجنائية “ ذات الصلة ظلت في جميع الأوقات هي مـا يرد في أحكام البند 233 (1) (ب) ، التي لم تتغير ، من أحكام قانون الجمارك ، وتمضي قدما بطروحاتها التي مفادها عدم حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 15 من العهد. وتزعم الدولة الطرف أن التشريع المعد ِّ ل، باعتباره قانونا إجرائيا، كان له تأثير فحسب على مقبولية أدلة معينة في محا كمـة صاحب البلاغ.

4-6 وتقول الدولة الطرف أيضا إن القرار المتخذ فـي قضية ريدجواي ضد الملكة لم يُوجد أي " دفاع " أو يعترف بأي " دفاع " ؛ بل كان يتعلق، بالأحرى، بممارسة السلطة التقديرية لمحكمة لا ستبعاد أشكال معينة من الأدلة استنادا إلى أسس تتعلق بالسياسة العامة. وممارسة السلطة التقديرية لمحكمة لاستبعاد أدلة معينة هي ممارسة قد تؤثر في نتيجة مقاضاة، ولكن القاعدة الثبوتية لا تماثـل " الدفـاع "، فالأخيـر هو مسألة قانون أو حقيقة تزيل، إذا ثب تت ، المسؤولية عن متهم. ويستتبع ذلك أنه إذا لم يقدم الحكم ال صـادر في قضية ر ي دجواي ضد الملكة دفاعا أو إذا لم يعترف بدفاع، فإن التشريع المعد ِّ ل لم يُزل أو يغي ِّر وجود أي دفاع.

4-7 وتشير الدولة الطرف أيضا إلى أن المحاكم تحتفظ، بعد صدور التشريع المعد ِّ ل، بسلطة تقديرية لاستبعاد الأدلة التي من شأنها أن تكون غير منصفة لمتهم أو ل سيـر ال محاكمة. وتشير أيضا إلى أن المحكمة العليا رفضت فكرة أن التشريع المعد ِّ ل موجه إلى صاحب البلاغ، مع ملاحظة كبير القضاة في حكمه أن التشريع المعد ِّ ل لم يوجه المحكمة إلى اعتبار أي شخص بعينه مذنبا أو بريئا، وأن مفعول ذلك التشريع هو مجرد زيادة مقدار الأدلة المتاحة للمحكمة.

4-8 أما فيما يتعلق بدواعي قلق صاحب البلاغ الصحية، فإن الدولة الطرف تطعن في صلة هذه المسائل بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 15. وتلاحظ الدولة الطرف أن إدارة الصحة في المؤسسات الإصلاحية في سانت فنسنت، التي تقدم رعاية طبية أولية وثانوية مستفيضة لسجن تورت فيليب، تتيح، في جملة ما تتيحه، توافر طاقم طبي وطاقم تمريض على مدار 24 ساعة، وعن بـرًا للمرضى الداخليين يضم 20 سري ــ را في السجن، ومراف ــ ق إن ع ـ اش (بما في ذلك إ عادة انتظـام ضربات القلب)، وزيارات مرتين أسبوعيا يقوم بها طبيب مستشار، وسهولة توافر إمكانية النقل في حالة حدوث مشاكل قلبية كبرى إلى مستشفى سانت فنسنت (وهو مستشفى يوجد في عنبر للمرضى الداخليين يضم 10 أ سـِـرَّة مصممة لأغراض محددة). وهذه الخدمات الصحية تستوفي جميع المعايير ا لأ سترالية، وتفند الدولة الطرف أي إيحاء بأن صاحب البلاغ يحصل على رعاية أقل من الرعاية القصوى وعلى علاج مهني أقل من أقصـى علاج ممكــن.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 برسالة مؤرخة 28 آذار/مارس 2003 طعن صاحب البلاغ في العر ي ض تيـن المقدمتين من الدولة الطرف. وردا على دعوة الدولة الطرف للجنة أن ترجع إلى تقييم المحكمة الدولية للقانون المحلي، يقول صاحب البلاغ ’ 1 ‘ إن سلطات المحكمة يقيدها القانون ا لأ سترالي الذي لا يتسق مع العهد، ’2‘ إن المحكمة العليا تناولت مسألة التفسير الدستوري ولم تتناول المسائل المندرجة في إطار العهد والمعروضة حاليا على اللجنة، ’3‘ إن صاحب البلاغ لا يدعي أن القانون المحلي كان تطبيقه غير صحيح، كما في قضية ماروفيدو ضد السوي د (8) ، وإنما يقول إن القانون المحلي لا يتسق مع العهد.

5-2 ويقول صاحب البلاغ إنه لا توجد مخالفة بموجب العهد بناء على المعنى البسيط للفقرة 1 من المادة 15. فبسبب سلوك الشرطة غير القانوني، لا يمكن أن يكون هناك رُكْن أساسي من أركان ارتكاب جريمة ( " فعل أو تقصير " بحسب معنى المادة)، وذلك استنادا إلى القانون الجنائي المنطبق وقت ارتكاب الجريمة، ومن ثم فإن سلوكه لم يشكل ولا يمكن أن يشكل عملا جنائيـا وقت ارتكاب الجريمة المزعومة وأن الفقرة 1 من المادة 15 تنطبق هنا.

5-3 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف، على العكس من عرائضه هو، لم تستند إلى أي قانون دولي لتأييد تفسيرها الضيق للفقرة 1 من المادة 15 على أنها تنطبق على الجريمة الموصو فـ ة في البند 233 باء ، فقط لا غير، من قانون الجمارك . ويشدد صاحب البلاغ على أن الهيئة التشريعية لو مُنعت من سن قوانين جنائية بأثر رجعي فإنها يجب أن تُمنع أيضا من التوصل إلى نفس النتيجة عمليا بالاستناد إلى القوانين الجنائية التي توصف بأنها " إجرائية " .

5-4 ويرى صاحب البلاغ أن من " المصطنع " ، بالنظر إلى التأثير الفعلي للتشريع المعد ِّ ل على صاحب البلاغ وتجاهلا ً للقصد التشريعي وراء ذلك التشريع، إنكار وجود مفعول جنائي بأثر رجعي في ظروف تلعب فيها أدلة على وجود ركن أساسي من أركان الجريمة، كانت ستصبح غير مقبولة لولا ذلك، دورا ً . وهذه الحجة تُعل ـِـي من شأن الشكل أكثر من المضمون - وهو أمر لا يجوز - لأن التشريع المعدل إذا نُظر إليه من أي زاوية - وحتى م ع تجاهل الأفعال غير القانونية من جانب موظفي الدولة الطرف قد غي ـَّـر قانونا جنائيا على نحو يسبب إضرارا للمتهم (سواء بتعديل القانون فيما يتعلق بأركان الجريمة أو بمحاولة إضفاء الشرعية على سلوك من جانب الشرطة هو سلوك غير قانوني لولا ذلك).

5-5 ويقول صاحب البلاغ إن ضمانات العهد ينبغي تطبيقها تطبيقا صارما في ضوء النتائج الخطيرة التي تترتب على ا لفرد وفي ضوء احتمالات التعسف. ولأن خطورة أي جريمة في هذا الصـدد والعقوبة الملازمة لها تحددهما بموجب القانون ا لأ سترالي كمية المخدرات المعنية، فإن موظفي الدولة القائمين " بعمليات محكومة " يمكن أن يحددوا سلفا الجرائم المحتملة ونطاق العقوبات المتعلقة بها باستيراد مقادير محددة . وهذا أمر هام بالذات في قضية صاحب البلاغ، بالنظر إلى صدور عقوبة مشددة عليه هي عقوبة السجن لمدة 12 سنة، وهي عقوبة من الواضح أن كميات المخدرات التي تدور حولها القضية كان لها تأثير في إصدار هذه العقوبة، بالرغم من عدم وجود أي دليل على إجرائه اتصالات أو صدور أي طلبات منه لجلـْـب المخـدرات.

5-6 أما فيما يتعلق بالمسائل الصحية، فإن صاحب البلاغ يذكر أنه أكمل مؤخرا علاجا إشعاعيا لإصابته بسرطان بروستاتا متوسط الدرجة، وأنه ينتظر نتائج ذلك العلاج. وإذا كانت النتائج إيجابية فستُجرى ل ـ ه عملية فت ــ اق واستئصال خصية منتفخة.

5-7 وقدمت الدولة الطرف، في عريضة لاحقة بتاريخ 6 آب/أغسطس 2003، بعض التعليقات الإضافية على عرائض صاحب البلاغ. وقد استُلمت هذه العريضة الجديدة في نفس اليوم الذي كانت اللجنة تناقش فيه، خلال دورتها الثامنة والسبعين، آراءها في القضية. وقد أرجأت النظر في القضية لكي تتيح لصاحب البلاغ فرصة للرد على العريضة الجديدة المقدمة من الدولة الطرف. ولم ترد من صاحب البلاغ أي تعليقات أخرى.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ا دعاء يرد في بلاغ يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من النظام الداخلي، أ ن تقرر ما إذا كانت الشكوى مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد استوثقت اللجنة من أن موضوع الشكوى لا يجري بحثه في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 أما فيما يتعلق بمسائل مستوى الرعاية الطبية المقدمة لصاحب البلاغ، فإن اللجنة ترى، آخذة في اعتبارها ردود الدولة الطرف على النقاط التي طرحها صاحب البلاغ، أن صاحب البلاغ لم يقدم، لأغراض المقبولية، أسانيد لادعائه بأن طبيعة العلاج الطبي الذي يقدم له تمثل مخالفة بمقتضى العهد. وبناء على ذلك فإن هذا الجانب من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وبخصوص الحجج المتعلقة باستنفاد سبل الانتصاف المحلية التي أتيحت لصاحب البلاغ، ترى اللجنة أنها ليست بحاجة إلى الخوض أكثر من ذلك في هذه المسائل بالنظر إلى عدم تذرع الدولة الطرف بأي أساس من هذا القبيل لعدم المقبولية.

6-5 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف التي مفادها أن البلاغ يخرج عن نطاق الفقرة 1 من البند 15 من العهد، عند تفسيره تفسيرا صحيحا، ومن ثم فإنه غير مقبول بحكم طبيعته ، ترى اللجنة أن هذه الحجة تثير أسئلة معقدة تتعلق بالوقائع والقانون من الأنسب معالجتها في مرحلة دراسة الأسس الموضوعية للبلاغ.

6-6 تعلن اللجنة، لعدم وجود أي عقبات أخرى تحول دون مقبولية الادعاء الوارد في إطار الفقرة 1 من المادة 15 من العهد، أن هذا الجزء من البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للادعاء.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وقبل النظر في الأسس الموضوعية لادعاء صاحب البلاغ في إطار الفقرة 1 من المادة 15 من العهد، تلاحـظ اللجنـة أن المسألة المعروضة عليها ليست ما إذا كانت حيازة صاحب البلاغ لكمية من الهيروين كان من الجائز أو كان يمكن من الجائز بموجب العهد أن تكون موضوع إدانة جنائية في إطار الولاية القضائية للدولة الطرف. فالبلاغ المعروض على اللجنة وجميع الحجج المقدمة من الطرفين يقتصران على مسألة ما إذا كانت إدانة صاحب البلاغ بمقتضى قانون الجمارك الاتحادي، أي إدانته بجريمة كانت تتعلق بجلب كمية من الهيروين إلى أستراليا، كانت إدانة مطابقة للحكم المذكور الوارد في العهد. ولاحظت اللجنة أن صاحب البلاغ كان متهما، فيما يبدو، ببعض الجرائم المتعلقة بالدولة ولكن لم يكن لديها معلومات عما إذا كانت هذه التهم تتعلق بنفس كمية الهيروين وما إذا كان صاحب البلاغ قد أدين بهذه التهم.

7-3 وفيما يتعلق بالادعاء الوارد في إطار الفقرة 1 من المادة 15، تلاحظ اللجنة أن القانون المنطبق وقت ارتكاب الأفعال المعنية، وهو ما أيدته بعد ذلك المحكمة العليا في قضية ريدجواي ضد الملكة ، هو أن الدليـل على ركن واحد من أركان الجرائم التي اتـُّـهم صاحب البلاغ بارتكابها، أي شرط أن تكون المواد المحظورة التي كانت بحوزته قد " جُلبت إلى أستراليا انتهاكا لقانون الجمارك" ، كان غير مقبول نتيجة لسلوك الشرطة غير القانوني. ونتيجة لذلك، صدر أمر بوقف مقاضاة صاحب البلاغ، مما كان يشكل عقبة دائمة أمام سيـر الدعوى الجنائية ضد صاحب البلاغ بناء على القانون المنطبق (وقتئذ). إلا أن التشريع الذي صدر لاحقا أوعز باعتبار دليل سلوك الشرطة غير القانوني مقبولا من المحاكم. ومن ثم فإن المسألتين اللتين تنشـآن هما، أولا، ما إذا كان رفع وقف المقاضاة وإدانة صاحب البلاغ الناجمة عن قبول أدلة كانت غير مقبولة سابقا يشكلان تجريما بأثر رجعي لسلوك لم يكن إجراميا وقت ارتكابه، مما يشكل انتهاكا للفقرة 1 من المادة 15 من العهد. ثانيا، حتى في حالة عدم تطبيق رجعية الأثر، ينشأ تساؤل عما إذا كان صاحب البلاغ قد أدين بارتكاب جريمة لم تكن أركانها، في حقيقة الأمر، موجودة جميعها في حالة صاحب البلاغ، وأن الإدانة كانت بذلك تشكـل انتهاكا لمبدأ لا جريمة إلا بموجب القانون ، وهو مبدأ تحميه الفقرة 1 من المادة 15.

7-4 وفيما يتعلق بالسؤال الأول ترى اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 15 واضحة من حيث أحكامهـا بمعنى أن الجريمة التي يدان بها شخص يجب أن تكون جريمة وقت ارتكاب الأفعال المعنية. وفي الحالة الراهنة، أدين صاحب البلاغ بجرائم بموجب البند 233 باء من قانون الجمارك ، الذي ظلت أحكامه دون أي تغيير جوهري طيلة الفترة ذات الصلة بدءا من وقـت ارتكاب السلوك الجنائـي وحتـى وقـت المحاكمة والإدانة. وترى اللجنة، والحالة هذه، ومع احتمال أن يكون الإجراء الذي طُبق على صاحب البلاغ مثار خلاف بموجب أحكام أخرى من أحكام العهد لم يتذرع بها صاحب البلاغ، أنها لا تستطيع لهذا السبب أن تستنتج أن حظر تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 15 من العهد قد انتُهك في هذه الحالة.

7-5 وفيما يتعلق بالمسألة الثانية، ترى اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 15 تقتضي أن يشكل أي " فعل أو تقصير " يدان بسبـبـه فـرد " جريمة جنائية ". ومسألة ما إذا كان فعل أو تقصير معيـن يــؤدي إلى إدانـة بارتكاب جريـمـة جنائيـة ليست مسألة يمكن البت فيها في المطلق؛ بـل لا يمكن الرد على هذا السؤال إلا بعد محاكمة تُستنتج بعدها الأدلة التي تبين أن أركان الجريمة قد ثبتت بالمستوى اللازم. وفي حالة عدم إمكانية إثبات وجود ركن ضروري من أركان الجريمة، على النحو الموصوف في القانون الوطني (أو الدولي)، إثباتا صحيحا، فإن ما يستتبعـه ذلك هو أن إدانـة شخص بارتكاب الفعل أو التقصير المعني من شأنها أن تشكل انتهاكا لمبدأ "لا جريمة إلا بموجب القانون"، ولمبـدأ "اليقين القانوني"، الذي تنص عليه الفقرة 1 من المادة 15.

7-6 وفي هذه القضية تلاحظ اللجنة أنه لم يكن ممكنا، بمقتضى قانون الدولة الطرف بحسب تفسيره تفسيرا يـُعتد بـه في قضية ريدجواي ضد الملكـة وبتطبيقه بعد ذلك على صاحب البلاغ، إدانة صاحب البلاغ بارتكاب الفعل المعني، لأن الأدلة ذات الصلة المتعلقة بجلب الشرطة للمخدرات جلبا غير قانوني هي أدلة غير مقبولة في المحكمة. وكان مفعول التفسير القاطع للقانون المحلي، في الوقت الذي أُوقفت فيه مقاضاة صاحب البلاغ، هو أن ركن الجريمة بمقتضى البند 233 باء من قانون الجمارك وهو أن المخدرات جُلبت بطريقة غير قانونية، لم يتسن إثباته بالنظر إلى أنه على الرغم من استناد عملية جلب المخدرات إلى اتفاق وزاري بين سلطات الدولة الطرف يعفي استيراد الشرطة للمخدرات من عملية التمحيص الجمركي، لم تحدث إزالة لعدم قانونيته ومن ثم كانت الأدلة المعنية غير مقبولة.

7-7 وبينما ترى اللجنة أن التغييرات في النظام الداخلي والأدلة التي يكون تاريخها لاحقا لتاريخ ارتكاب فعـل جنائـي مزعوم قد تكون، في ظل ظروف معينة، وجيهة في تحديد انطباق المادة 15، وبخاصة إذا كانت هذه التغييرات تؤثر في طبيعة جريمة، فإنها تلاحظ عدم وجود ملابسات من هذا القبيل في قضية صاحب البلاغ. وفيما يتعلق بقضيته، تلاحظ اللجنة أن التشريع المعدِّل لم يُزِل عدم القانونية، السابق، لسلوك الشرطة المتمثل في جلب المخدرات. بل أوعز القانون، بالأحرى، بأن تتجاهل المحاكم، للأغراض الثبوتية المتعلقة بالبت في مقبولية الأدلة، عدم قانونية سلوك الشرطة. ومن ثم فإن سلوك الشرطة كان غير قانوني، وقت جلب المخدرات، وظل كذلك منذ ذلك الحين، وهي حقيقة لم تتغير بعدم وجود أي مقاضاة للموظفين الضالعين في السلوك غير القانوني. وترى اللجنة أن جميع أركان الجريمة المعنية كانت موجودة وقت ارتكاب الجريمة وأن كل ركن منها قد أثبتته أدلة مقبولة بالقواعد المنطبقة وقت إدانة صاحب البلاغ. ويستتبع ذلك أن صاحب البلاغ أدين وفقا لقانون منطبق بوضوح، ومن ثم لا يوجد انتهاك لمبدأ "لا جريمة إلا بموجب القانون" الذي تحميه الفقرة 1 من المادة 15.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وعملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الحقائق المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 15 من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) ينص البند 233 باء (1) (ج) من قانون الجمارك على ما يلي:

"يـُـدان بارتكاب جريمة أي شخص يكون:

(ج) بحوزته، بدون عذر معقول (يقع عبء إثباته عليه)، أي واردات محظورة ينطبق عليها هذا البنـد تـُـجلب إلى أستراليا انتهاكا لهذا القانون ...".

(2) (1995) 184 CLR 19 (محكمة أستراليا العليا).

(3) يقضـي النص الكامل للبند 15 عاشرا من القانون، في مضمونه، بـما يلي:

"عند البت، لأغراض المقاضاة على ارتكاب جريمة بمقتضى البند 233 باء من قانون الجمارك الصادر سنة 1901 أو على ارتكاب جريمة مرتبطة بذلك، فيما إذا كان ينبغي قبول الأدلة على أن جلب المخدرات إلى أستراليا كان مخالفـًـا لقانون الجمارك الصادر سنة 1901، يـُـصرف النظر عن كون موظف من موظفي إنفاذ القانون هو الذي ارتكب جريمة باستيراد المخدرات، أو بالمساعدة في استيرادها أو بالتحريض على ذلك الاستيراد أو بتقديم المشورة بشأنه أو بشراء المخدرات أو باهتمامه عن علم باستيرادها، إذا كان:

(أ) موظف إنفاذ القانون يتصرف، عند ارتكابه الجريمة، في سياق أداء واجبه لأغراض القيام بعملية محكومة [معفاة حسب الأصول] ...".

(4) إيسـيـر وآخرون ضد تركيا (Applns..29295/95 and 29363/95؛ الحكم الصادر بتاريخ 27 شباط/فبراير 2001، وقضية كوكيناكيـس ضد اليونان (السلسلة ألف رقم 260/ألف، 22)؛ الحكم الصادر بتاريخ 25 أيار/مايو 1993.

(5) قضية كرينغ ضد ميزوري (107 US 221)، وقضية دوبـرت ضد فلوريدا (432 US 282)، وقضية بــوي ضـد كولومبيا (378 US 347) (المحكمة العليا للولايات المتحدة).

(6) قضية ماروفيدو ضد السويد ، البلاغ رقم 58/1979، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1981.

(7) تشير الدولة الطرف إلى المداولات التي جرت في اللجنة الثالثة (1960)، حيث " كان ممثلون كثيرون يؤيدون النص المقدم من لجنة حقوق الإنسان. ويجسد مشروع المادة مبدأ " لا جريمة إلا بموجب القانون "، ويحظـر تطبيق القانون الجنائي بأثر رجعي. وأشير إلى عدم إمكانية وجود جرائم غير تلك المحددة بموجب القانون، سواء كان قانونا وطنيا أو دوليا . م. بوسويت: دليل الأعمال التحضيرية للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، 1987، الصفحة 323.

(8) المرجع السابق ذكره.

واو واو - البلاغ رقم 1090/2002، راميكا ضد نيوزيلندا (الآراء التي اعتمدت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003)، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من: السيد تاي وايريكي راميكا وآخرون (يمثلهم المحامي طوني إيليس)

الشخص المدعي أنه ضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 9 آذار/مارس 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ 1090/2002 الذي قدمه إليها السيد تاي وايريكي راميكا وآخرون بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ المؤرخ 9 آذار/مارس 2002 هم السادة تاي وايريكي راميكا، وأنطوني جيمس هاريس وتاي رانغي تاراوا، وكلهم مواطنون نيوزيلنديون محتجزون حالياً بسبب أحكام جنائية صدرت في حقهم. ويدعون أنهم ضحايا انتهاك نيوزيلندا للمادة 7، والفقرتين 1 و4 من المادة 9، والفقرتين 1 و3 من المادة 10، والفقرة 2 من المادة 14 من العهد. ويمثلهم محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

قضية السيد راميكا

2-1 في 29 آذار/مارس 1996، أدانت المحكمة العليا في نابيير السيد راميكا بتهمة الاغتصاب مرتين، وبتهمة السطو المقترن بظرف مشدد، وبتهمة الاعتداء بنية الاغتصاب، وبتهمة هتك العرض. وأشارت التقارير السابقة للحكم والتقارير الطبية النفسية التي قدمت إلى المحكمة، فيما أشارت، إلى الجرائم الجنسية التي سبق أن اقترفها صاحب البلاغ، ونزوعه إلى ارتكاب جرائم جنسية، وعدم ندمه على أفعاله، واستخدامه العنف، واستنتجت أن احتمال العودة إلى اقتراف جرائم جنسية تبلغ 20 في المائة.

2-2 وفيما يتعلق بتهمة الاغتصاب الأولى، فقد حكم عليه بالحبس الوقائي (أي الاحتجاز لمدة غير محددة إلى أن يخلي سبيله مجلس الإفراج المشروط) بموجب المادة 75 من قانون العدالة الجنائية لعام 1985 (1) بموازاة 14 عاماً من السجن بخصوص تهمة الاغتصاب الثانية، وسنتين من السجن بشأن السطو المقترن بظرف مشدد وسنتين من السجن بالنسبة للاعتداء بنية الاغتصاب. وقد أدين وأفرج عنه بخصوص التهمة المتبقية، تهمة هتك العرض، ذلك أن القاضي الذي أصدر الحكم وجد أنها تدخل ضمن المسائل الأخرى التي قضي فيها. واستأنف الحكم المتعلق بالحبس الوقائي إذ من الواضح أنه مفرط ولا محل لـه في نظر صاحب البلاغ، كما استأنف الحكم بالسجن لمدة 14 سنة بتهمة الاغتصاب إذ اعتبره مفرطاً للغاية.

2-3 وفي 18 حزيران/يونيه 1997، رفضت محكمة الاستئناف طلب الاستئناف، إذ رأت أن القاضي الذي أصدر الحكم كان مخولاً بأن يبت، بناء على القرائن، في وجود "احتمال كبير" أن يعود السيد راميكا إلى اقتراف جرائم بعدوانية وعنف بعد الإفراج عنه، وأنه كان هناك "خطر كبير محتمل" يجب حماية المجتمع منه. ودعمت المحكمة استنتاجها بالإشارة إلى أن السيد راميكا استخدم سكيناً مراراً فضلاً عن العنف في الجرائم الجنسية التي ارتكبها، وأنه احتجز ضحيته لمدة طويلة في كل حالة. ورأت أيضاً، فيما يتعلق بالحكم بتهمة الاغتصاب، أن الحكم الذي أصدره القاضي بالسجن مدة 14 عاماً يقع "تماماً ضمن" السلطة التقديرية التي يتمتع بها القاضي الذي أصدر الحكم.

قضية السيد هاريس

2-4 في 12 أيار/مايو 2000، أدانت المحكمة العليا في أوكلاند السيد هاريس على أساس اعترافه بارتكاب 11 جريمة جنسية على مدى 3 أشهر في حق فتى كان قد بلغ عمره 12 سنة خلال الفترة المعنية. وكانت تلك الجرائم تشمل تهمتين بالاعتداء الجنسي تضمنتا اتصالاً جنسياً بالفم وتسع تهم بهتك العرض أو التحريض على أعمال مخلة بالعرض بخصوص فتى دون 12 عاماً. وقد سبق أن أدين بتهمتين تتعلقان باتصال جنسي غير مشروع مع ذكر دون 16 عاماً، وتهمة بالاعتداء على ذكر دون 12 عاماً، وفي كل الحالات كان الضحية فتى يبلغ من العمر 11 سنة. وقد حكم عليه في قضيتي الاتصال الجنسي بالسجن لمدة ست سنوات، وأربع سنوات بالنسبة لسائر التهم.

2-5 وطلب الوكيل العام للتاج الإذن باستئناف الحكم على أساس أنه كان على المحكمة أن تقضي بالحبس الوقائي، أو على الأقل بالحكم بالسجن لمدة محددة أطول. وفي 27 حزيران/يونيه 2000، وافقت محكمة الاستئناف على هذا الطلب وقضت بالحبس الوقائي عن كل تهمة بدلاً من الأحكام السابقة. وأشارت المحكمة إلى الإنذار بعواقب وخيمة الذي وجهته المحكمة التي أدانت صاحب البلاغ بسبب الجرائم التي ارتكبها سابقاً، وعدم تحسن سلوكه كما يشهد على ذلك استمراره في جنوحه الجنسي عندما كان في السجن، وغدره بطفل وضع فيه الثقة بارتكابه جرمه، وعدم اكتراثه لإنذارات الشرطة بالابتعاد عن أي اتصال غير مشروع مع الطفل الضحية، والتقرير الطبي النفسي المستفيض الذي ينعته بأنه شاذ ويميل جنسياً إلى الأطفال، بالإضافة إلى أنه يميل إلى الفتيان المشرفين على المراهقة، وعوامل الخطر التي ورد تحليلها في التقرير. وإذا كانت المحكمة ترى أن القضية تستحق أن يُحكم فيها بما "لا يقل" عن سبع سنوات ونصف السنة مدةً محددة، فقد استنتجت من ملابسات القضية محل النظر أنه لا توجد مدة محددة ملائمة تسمح بحماية الناس حماية كافية، وأن الحبس الوقائي، الذي يقترن بالرقابة المستمرة بعد الإفراج وبإمكان السجن مجدداً، هو الحكم المناسب.

قضية السيد تاراوا

2-6 في 2 تموز/يوليه 1999، أدين السيد تاراوا بتهمة الاغتصاب، وتهمتين بارتكاب اعتداء جنسي في شكل علاقات جنسية غير مشروعة، وهتك للعرض، وسطو، وتهمتين بسطو مقترن بظرف مشدد، وتهمتين بالاختطاف، مع التواطؤ بعد الوقائع، وثلاث تهم بالسلب المقترن بظرف مشدد، والابتزاز مع التهديد، والدخول إلى مبنى بصفة غير مشروعة. وقد ارتكب في السابق جرائم متعددة في ثلاث قضايا، منها الدخول إلى مساكن بصفة غير مشروعة وارتكابه أعمال عنف ذات طابع جنسي، بما فيها عمليتا اغتصاب. وارتكب في وقت لاحق المزيد من أعمال السطو والاعتداء. واستنتج القاضي الذي أصدر الحكم وجود نمط دائم من السلوك الإجرامي الذي يتسم بالتخطيط والتنفيذ بروح من المهنية؛ ومما عزز هذا الاستنتاج أنه ارتكب بعض الجرائم أثناء الفترة التي أفرج فيها عنه بكفالة. وبعد أن أخذ القاضي في الحسبان طبيعة الجرائم وخطورتها ومدتها، وطبيعة الضحايا، والاستجابة لجهود إعادة التأهيل السابقة، والفترة التي مرت منذ آخر جريمة ارتكبت، والإجراءات المتخذة لتجنب ارتكاب جرائم مجددا، و(عدم) تحمل المسؤولية، والتقرير السابق لإصدار الحكم، والتقرير الطبي النفسي والتقويم النفساني الذي خلص إلى وجود احتمال كبير للعودة إلى ارتكاب جرائم أخرى فضلاً عن عوامل الخطر ذات الصلة، حَكم عليه بالحبس الوقائي بشأن التهم الثلاث بالاعتداء الجنسي وشجعه على اللجوء إلى خدمات المحاماة وإعادة التأهيل المتاحة في السجن. وتزامن ذلك مع الحكم عليه بالسجن لمدة 4 سنوات بتهمة السطو المقترن بظرف مشدد، و6 سنوات بتهمة الاختطاف، و3 سنوات بتهمة الابتزاز مع التهديد، و3 سنوات بتهمة السطو المقترن بظرف مشدد والسلب المقترن بظرف مشدد، و18 شهراً بتهمة السطو مع التواطؤ بعد الواقعة، و6 سنوات بتهمة الاختطاف مجدداً، و5 سنوات بتهمة السلب مجدداً مقترناً بظرف مشدد، و6 أشهر بتهمة هتك العرض، و9 أشهر بتهمة الدخول إلى أماكن بصفة غير مشروعة.

2-7 وفي 20 تموز/يوليه 2000، درست محكمة الاستئناف طلب الاستئناف على أساس الملاحظات الخطية لصاحب البلاغ فنظرت في نمط الملابسات في كل مجموعة من الجرائم ورأت، مراعيةً خلفية مقدم الاستئناف ككل، وفشل جهود إعادة التأهيل، وتقريري ما قبل صدور الحكم الطبي النفسي والنفساني، أن استنتاج وجود خطر كبير يتطلب حماية الناس كان مفتوحاً أمام القاضي الذي أصدر الحكم والذي قوَّم تقويماً صحيحاً البدائل المتاحة عن الحكم بالسجن لمدة محددة.

2-8 وفي 19 أيلول/سبتمبر 2001، رفضت اللجنة القضائية التابعة للمجلس الخاص، الطلبات الثلاثة التي قدمها أصحاب البلاغ والتي تلتمس ترخيصاً خاصاً بالاستئناف.

الشكوى

3-1 يشتكي أصحاب البلاغ أولاً من أن الحكم الصادر في القضية الرئيسية ر. ضد ليتش (2) "Leitch"، حيث وضعت محكمة الاستئناف بكامل هيئتها المبادئ الواجبة التطبيق في أحكام الحبس الوقائي، كان حكماً خاطئاً. ويحتجون بأن هذا الحكم لا يقدم أي توجيه سديد بشأن الكيفية التي يمكن بها للمحاكم أن تحدد وجود "خطر كبير" في جريمة قد تقع في المستقبل. ويرون أنه ينبغي إثبات هذا العنصر في المستوى الجنائي للإثبات، بحيث لا يدع مجالاً للشك، على النحو الذي تطبقه المحاكم الكندية في سياق الحبس الوقائي. ويحتجون أيضاً بأن العنـاصر المبينة في المادة 75(2) من قانون العدالة الجنائي مفرطة في الغموض والتعسف (3) . ويدفعون فضلاً عن ذلك بأن الحكم الصادر في قضية ليتش يحلل خطأً ما هو "ملائم لحماية الناس" ويناقض خطأً السابقة القضائية التي تقضي ب‍"معيار الملاذ الأخير". ويحتجون بأن المحكمة لم تحلل الأدلة في تلك القضية بأن الحبس الوقائي لا يتوافق مع العهد.

3-2 ويحتج أصحاب البلاغ ثانياً بأن من التعسف فرض حكم تقديري على أساس قرائن توحي بوجود خطر في المستقبل، ما دام استنتاج من ذلك القبيل لا يمكن أن يفي بالمعيارين القانونيين المتمثلين في "الخطر الكبير بالعود إلى الإجرام" أو ما هو "ملائم لحماية الناس" في كل حالة على حده. وأشاروا إلى عدة كتّاب يسترعون الانتباه إلى صعوبة توقع حدوث سلوك إجرامي في المستقبل والركون إلى فئات وأنماط إحصائية (4) . وعلى أية حال، فهم يحتجون، بموجب الوقائع، بأن أياً منها لا يفي بالمعيارين القانونيين المتمثلين في "الخطر الكبير" أو أن الحبس الوقائي "ملائم لحماية الناس".

3-3 ويدفع أصحاب البلاغ ثالثاً بأنهم أدينوا دون أن تراعي المحكمة التي أصدرت الحكم أو محكمة الاستئناف قضايا ` 1 ` الاحتجاز التعسفي ، عملاً بالفقرتين 1 و3 من المادة 10 من العهد والمادة 9 والفقرة 5 من المادة 23 من شرعة الحقوق النيوزيلندية لعام 1990، والميثاق الأعظم، أو شرعة الحقوق لعام 1689 (Imp.)؛ ` 2 ` افتراض البراءة ، عملاً بالمادتين 9 و/أو الفقـرة 2 من المادة 14 من العهد أو كليهما، على النحو الذي فسرته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان؛ ` 3 ` (الغياب المزعوم) لإعادة نظر دورية (كافية) في الحكم بالسجن لمدة غير محددة، عملاً بالفقرة 4 من المادة 9 من العهـد؛ ` 4 ` العقوبة القاسية أو غير المعهودة أو اللاإنسانية أو المهينة عملاً بالمادة 7 من العهد أو شرعة الحقوق لعام 1689 .

3-4 وفيما يتعلق بقضية الاحتجاز التعسفي، يدفع أصحاب البلاغ بأن هناك إعادة النظر دورياً في خطورتهم في المستقبل غير كافية، وبأنهم أدينوا في الواقع على أساس ما قد يقومون به عند الإفراج عنهم، عوضاً عما فعلوه في الحقيقة. ويحيل أصحاب البلاغ إلى السابقة القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (5) والكتابات الأكاديمية (6) دعماً للمقولة التي تذهب إلى أن من حق المحتجَز أن يضطلع جهاز قضائي مستقل بمسألة تمديد أو مواصلة احتجازه الذي فُرض لأغراض وقائية أو حمائية. ويلاحظ أصحاب البلاغ أنه لا توجد إمكانية في إطار آلية الدولة الطرف للإفراج إلا بعد مضي عشرة أعوام وقد ينظر مجلس الإفراج المشروط في القضية. وبشأن افتراض البراءة، يحتج أصحاب البلاغ بأنه ينبغي النظر إلى الحـبس الوقائـي علـى أنه عقوبة على جرائم لم ترتكب بعد، وربما لن ترتكب أبداً، وفي ذلك انتهاك للفقرة 2 من المادة 14.

3-5 وبخصوص القضيتين المذكورتين آنفاً، يحيل أصحاب البلاغ أيضاً إلى الشواغل التي أعربت عنها اللجنة بعد أن نظرت في التقرير الدوري الثالث للدولة الطرف المتعلق بانسجام آلية الحبس الوقائي مع المادتين 9 و14 (7) .

3-6 وفيما يتعلق بالقضايا التي تدخل في إطار المادتين 7 و10، يدفع أصحاب البلاغ بأن المعاملة المحتملة للمجرمين المدانين في قضايا جنسية معاملة ترمي إلى تقليص خطرهم ليست متاحة إلا قُبيل انقضاء فترة السنوات العشر بسبب فترة الإفراج المشروط التي تدوم 10 سنوات والمنطبقة على الأحكام التي صدرت بحقهم. ويبدو أيضاً أنهم يعترضون عموماً على فترة السنوات العشر للإفراج المشروط. فذلك، في رأيهم، لا يسمح بمعاملة الأشخاص الذين يحكم عليهم بتلك الأحكام معاملة إنسانية وتحترم كرامتهم، كما تنص الفقرة 1 من المادة 10، ولا يراعي الهدف الأساسي من الإصلاح وإعادة التأهيل الاجتماعي الذي تنص عليه الفقرة 3 من المادة 10، كما أنه يرقى إلى عقوبة صارمة قاسية وغير معهودة ومهينة وغير متكافئة، وهو ما يتعارض مع المادة 7.

3-7 ويقدم أصحاب البلاغ عدة شكاوى تخص حالة كل واحد منهم. فالسيد راميكا يحتج بأنه لم يكن للمحكمة أن تقبل أن ترقى نسبة 20 في المائة من احتمال العودة إلى مرتبة ارتكاب الجريمة إلى خطر كبير بمفهوم التشريع، وأن فرض عقوبة بالسجن لمدة محددة بالتزامن مع عقوبة بالسجن لمدة غير محددة خطأٌ من حيث المبدأ. وفي حالة السيد تاراوا، ادُّعي أن حرمانه من المساعدة القانونية في الاستئناف الذي قدمه (والذي نجم عنه أن السيد تاراوا أعد بنفسه مستندات الاستئناف) كان خطأ. وفي الختام، يحتج السيد هاريس بأن من الواضح أن الحكم الذي صدر في حقه كان مفرطاً، وأن محكمة الاستئناف اعتبرت، خطأً، أن إمكانية العود إلى الإجرام، أي احتمال إعادة سجن مجرم أفرج عنه قبل أن يقضي عقوبة السجن كاملة، لكنه ارتكب جريمة أخرى، ليقضي ما تبقى من العقوبة، تمثل عاملاً يؤيد الحكم بالحبس الوقائي.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 تُنازع الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 19 شباط/فبراير 2003 مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، واصفةً منذ البداية السمات العامة لآلية الحبس الوقائي. وتلاحظ أن هذا النوع من الحبس يفرض سوى على الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 21 سنة فما فوق بعد أن يدانوا في محاكمة يتمتعون فيها بحقوقهم الكاملة في محاكمة عادلة وحقهم في الاستئناف بشأن بعض الجرائم المعينة (8) . وتُفرض العقوبة على أفعال سابقة شديدة الخطورة حيث تكون هي العقوبة المناسبة والمكافئة لطبيعة تلك الجريمة. ويبحث ذلك التقويم في سياق ماضي المجرم والمعلومات الأخرى عنه، بما في ذلك احتمال ارتكابه جرائم مستقبلاً.

4-2 وقد ينشأ الحكم في حالتين اثنتين: الأولى عندما يكون الشخص قد أدين بسبب ارتكابه جرائم محددة مشابهة خطيرة (ذات طابع جنسي أساساً)، وعاود ارتكابها. وهذا الحكم قائم منذ نحو 100 عام ويفرض عادة بعد أن يوجه آخر إنذار من القاضي الذي يصدر الحكم ضد مجرم سبق أن حكم عليه بالسجن لمدة محددة. وفي الحالة الثانية، التي جاءت نتيجة تعديل عام 1993، يمكن الحكم على الشخص بالحبس الوقائي بتهمة الاعتداء الجنسي بصفة مستقلة عن الجرائم السابقة. بيد أن المتهم، في هذه الحالة، يتمتع بضمانات إضافية: فعلى المحكمة أن تلتمس تقريراً طبياً نفسياً وتقتنع بوجود خطر كبير بالعود إلى ارتكاب الجرائم بعد الإفراج.

4-3 وتدرَج الضمانات في مرحلتي فرض العقوبة وتنفيذ العقوبة. والمحكمة الوحيدة التي يمكنها فرض العقوبة هي أعلى محكمة في السلطة القضائية الأصلية، وهي المحكمة العليا. ويُسمح بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف، ويمارِس هذا الحق معظم المحكوم عليهم بالحبس الوقائي. ولا يقتضي العقوبة سوى جرائم محددة. وعملياً تُلتمس التقارير الطبية النفسية دائماً. وتنظر المحاكم فيما إذا كان الحكم بالسجن لمدة محددة يكفي لتحقيق أغراض الحماية. ومتى فرضت المحكمة العليا عقوبة الحبس الوقائي، بعد النظر في وقائع القضية كاملة، جاز لمحكمة الاستئناف أن تستعيض عنه بعقوبة السجن لمدة محددة (كما هي الحال في قضية ر. ضد ليتش ). وطبقاً للمعايير المبينة في قضية ليتش ، على المحكمة التي تصدر الحكم أن تنظر فيما يلي: طبيعة الجرائم وخطورتها ومدتها، وفئات الضحايا وأثر الجرائم عليهم، واستجابة المجرم لجهود إعادة التأهيل السابقة، والوقت المنقضي منذ الجرائم السابقة ذات الصلة والإجراءات المتخذة لتلافي العود إلى الإجرام، وتحمل المسؤولية والندم على ما أصاب الضحايا، والميل إلى الإجرام (مع مراعاة تقويم الخبراء لذلك الميل)، والنتائج المتوقعة للعلاج التأهيلي المتاح. وحتى عند الوفاء بالمعايير القانونية، فإن الحكم يظل تقديرياً لا إلزامياً.

4-4 وفيما يتعلق بمرحلة تنفيذ العقوبة، هناك عموماً فترة دنيا من 10 سنوات لا يجوز فيها الإفراج المشروط، رهناً بالسلطة التقديرية لمجلس مستقل للإفراج المشروط ينظر في القضية قبل تلك المرحلة (المادة 97(5)). والمجلس ملزم بعدئذ بإعادة النظر في الاحتجاز مرة كل سنة على الأقل. ويحق للمجلس الإفراج عن السجين حسب ما يراه (المادة 97(2)). ويمكن للمجلس إجراء إعادة النظر هذه بصورة أكثر تواتراً متى اقتضى ذلك أو طلبه السجين ووافق عليه المجلس (المادة 97(3)). ويجوز إعادة النظر في قرارات مجلس الإفراج المشروط نفسها أمام المحكمة العليا.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف أن الحبس الوقائي ليس حكراً على نيوزيلندا بأي حال، وأنه إذا كانت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لم يعرض عليها حتى الآن بلاغات بشأن هذه القضية، فإن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد قضت في عدة قضايا متصلة بهذا الموضوع. ففي قضية ف. " V " ضد المملكة المتحدة (9) حكمت المحكمة بأن "الاحتجاز حسب رغبة صاحبة الجلالة" ليس تعسفياً ولا لاإنسانياً ولا مهيناً. وأشارت الدولة الطرف المدعى عليها إلى أن حكماً من ذلك القبيل يسمح بالنظر في الظروف الخاصة بكل مجرم وعدم الإفراج عنه إلا بعد التأكد من أنه لا يمثل خطراً على الناس. وبالمثل، رأت المحكمة، في قضية ت. ضد المملكة المتحدة ( 10) ، أن من واجب الدول أن تتخذ تدابير لحماية الناس من الجرائم التي يستعمل فيها العنف، وأن الاتفاقية لا تمنع الدول من الحكم على شخص بعقوبة السجن لمدة غير محددة متى اعتُبر ذلك ضرورياً لحماية الناس.

4-6 وتؤكد الدولة الطرف أن لها السلطة التقديرية للجوء إلى عقوبات من قبيل الحبس الوقائي، في حين تعترف بضرورة تقييد هذه العقوبات ورصدها بدقة، مع توفير آليات ملائمة لإعادة النظر للتأكد من أن استمرار الاحتجاز مسوَّغ وضروري. وتعترف المحكمة الأوروبية بأنه عندما ينتقل الغرض من الاحتجاز من العقوبة إلى الاحتجاز بهدف الوقاية، قد يصبح الاحتجاز غير شرعي متى لم تتوافر نظم مناسبة لتمديد فترات الاحتجاز في تلك المرحلة. كما يجب إعادة النظر دورياً في هذه المسألة أمام هيئة مخوَّلة حسب الأصول بتحديد جواز استمرار الاحتجاز. وتدفع الدولة الطرف بأن مجلس الإفراج المشروط يتصف بكل هذه الصفات: فهو مستقل ويرأسه قاض سابق في المحكمة العليا ويتبع إجراء مكرساً ويتمتع بصلاحيات كاملة للإفراج عن المسجونين. كما ينظر في كل قضية مرة كل سنة على الأقل بعد مرور عشر سنوات، بل ربما قبل ذلك وبصفة أكثر تواتراً. وفضلاً عن ذلك، يظل أمر الإحضار معمولاً به.

4-7 وفي الوقت الذي تعتبر الدولة الطرف أن النظام الذي حُكم في إطاره على أصحاب البلاغ يتوافق تماماً مع العهد، تلاحظ دخول تعديل عليه إذ قُلصت فترة الاحتجاز دون إعادة نظر من عشرة أعوام إلى خمسة أعوام، وعلى المحكمة التي تصدر الحكم أن تحدد الفترة التي لا يكون فيها السجين مؤهلاً للإفراج المشروط بحسب كل حالة على حده.

4-8 وفيما يتعلق بالمقبولية، تدفع الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ ليسوا ضحايا بمفهوم البروتوكول الاختياري، بخصوص جانب الدعوى المتعلق بالفترة غير القابلة لإعادة النظر. وفضلاً عن ذلك، لم يستنفد أحد أصحاب البلاغ سبل الانتصاف المحلية. وفي حين أن أصحاب البلاغ يقضون فترات سجنهم حالياً، فإن الدولة الطرف تلاحظ أنهم لم يقضوا بعد فترات السجن التي كانوا سيقضونها لو حُكم عليهم بالسجن لمدة محددة ( 11) . وعلى العكس من ذلك، فهم يقضون حالياً الجزء الرادع العادي من الحكم الصادر في حقهم، ولم يبدأ بعد الجزء الوقائي. وبالنسبة للسيد راميكا والسيد تاراوا، فإن أي حكم بمدة محددة لن يقل عن 10 سنوات بصفتها فترة غير قابلة لإعادة النظر (عند بدء عملية إعادة النظر الإلزامية السنوية). وما داموا لم يقضوا الفترة الدنيا الضرورية، عن جرائمهم فإنهم ليسوا "ضحايا" بعد بخصوص الدعاوى المتعلقة بالاحتجاز الوقائي.

4-9 وفي حالة السيد هاريس، تلاحظ الدولة الطرف أنه وإن كان لم يُحكم عليه سوى بالسجن لمدة أقل من 10 سنوات، فإنها تؤكد بأنه لم يبلغ بعد مرحلة سريان الجانب الوقائي من الاحتجاز. هذا فضلاً عن أن بإمكان مجلس الإفراج المشروط في تلك المرحلة أن ينظر في قضيته؛ فإن هو رفض (مما قد يجعل منه "ضحية" الحبس الوقائي) أمكن للمحاكم إعادة النظر فيها. وبناء عليه، فليس من أصحاب البلاغ من هو ضحية حالياً ل‍ "ضرر فعلي" بمفهوم البروتوكول الاختياري ناشئ من أي خاصية من خصائص نظام الحبس الوقائي المشتكى منه. وتحتج الدولة الطرف باجتهاد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قضية أ. ر. س." A.R.S " ضد كندا (12) ، حيث رأت اللجنة أن الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ والمتعلقة بنظام الرقابة الإلزامية، الذي لم يكن ينطبق عليه، غير مقبولة على هذا الأساس.

4-10 وفيما يتعلق بالسيد تاراوا، فإن الدولة الطرف تؤكد أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. ففي 10 كانون الأول/ديسمبر 2001، دخل قانون الجرائم (الاستئناف الجنائي) المعدّل لعام 2001 حيز النفاذ، مما منح صاحب البلاغ حق تقديم طلب بإعادة النظر في الحكم بالكامل. وفي حين أنه لا بد من الحصول على ترخيص، فإن محكمة الاستئناف قد أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن الطلبات من ذلك القبيل التي يقدمها أشخاص مثل السيد تاراوا تقبل تلقائياً ( 13) . ويسمح الوضع الحالي للسيد تاراوا بأن يعاد النظر في الحكم الصادر في حقه، إن رغب في ذلك؛ لكنه لم يقدم طلباً بهذا الشأن حتى الآن. وبالتالي، فإن دعواه غير مقبولة بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-11 وتدفع الدولة الطرف بشأن حيثيات القضية بأن جميع دعاوى أصحاب البلاغ لا أساس لها. فبخصوص الدعاوى المقدمة في إطار المادة 9، تدفع الدولة الطرف بأنها قادرة على تبرير استمرار الحبس لأن الحكم إنما فرض بصفته عقوبة ورداً على جرائم ثبت وقوعها، ولأنه لما كان العنصر الوقائي يحظى بتركيز متزايد، فإن آليات إعادة النظر المناسبة (على النحو الموصوف أعلاه) تتوافر في نفس الوقت. لكن هذه العقوبة تبقى أولاً وقبل كل شيء عقوبة شبيهة بالسجن المؤبد عندما يقضى به بناء على سلطة تقديرية.

4-12 وتدفع الدولة الطرف بأن العديد من الأدباء يقرون بوجود عوامل وخصائص تزيد من احتمال عودة شخص من الأشخاص إلى الإجرام؛ ويعد الميل الجنسي إلى الأطفال مثالاً على ذلك، حيث إن من المعترف به عموماً أن احتمال عودة الأشخاص المصابين بهذا الميل إلى ارتكاب أفعال إجرامية ضد الأطفال أكبر بكثير ممن سواهم. وتستعمل العديد من النماذج الاكتوارية في المساعدة على التنبؤ بالمخاطر، وهي تسند مقياساً ترتفع القيم الواردة فيه بحسب العوامل النموذجية التي تبلغ بين عشرة عوامل واثني عشر عاملاً وجيهاً مثل الجرائم السابقة والاعتلالات العقلية الأساسية والنجاح السابق في إعادة التأهيل وما شابه ذلك. لكن السؤال الرئيسي هو أين يقع الحد الفاصل. ويجري العمل بأنواع من هذه النماذج في جميع أنحاء العالم، وقد ساهمت نيوزيلندا فيها. ومن المعترف به عموماً أن التنبؤ بالمخاطر استناداً إلى الجمع بين النماذج الاكتوارية والفحوص السريرية يعطي أفضل النتائج. وتؤكد الدولة الطرف بالتالي أنه لا توجد كتابات تدعم الرأي القائل إن التنبؤ بارتكاب أعمال إجرامية في المستقبل في مجموعة محدودة من الجرائم هو من التعسف بحيث لا يمكن أن ينطوي الحكم على عنصر وقائي.

4-13 وفيما يتعلق بالمزاعم القائلة إن المحاكم لم تأخذ في الحسبان المعايير والاجتهادات الدولية، تدفع الدولة الطرف بأنه إذا كانت الاعتراضات على التوافق مع العهد غير صحيحة، فإنه لا يمكن انتقاد المحاكم على أساس أنها لم تأخذ في الاعتبار حالات عدم التوافق المزعومة. وتكمن مهمة المحاكم في تفسير القانون وتطبيقه، مع مراعاة الالتزامات الدولية عند عدم الوضوح أو الالتباس. ففي قضية ليتش ، انتقد أصحاب البلاغ المحكمة لأنها لم تعالج هذه المسائل، لكن لما كان مستأنف الدعوى قد نجح في دعواه والحكم بالحبس الوقائي قد نُقض، فمن غير الضروري تناول القضايا الدولية ذات النطاق الأوسع. وبعد أن قدم محامي أصحاب البلاغ هذا البلاغ، تطرق إلى أدلة مشابهة أمام محكمة الاستئناف كما هي الحال في قضية ر. ضد ديتمر (14) . فقد لاحظت المحكمة في تلك القضية أن المحكمة التي نظرت في قضية ليتش ، من زاوية التزامات الدولة الطرف، قد حكمت لصالح ملاحظات التاج على القضايا المتعلقة بالعهد، ولفتت الانتباه إلى أن العلاقة بين النظام الجديد والعهد قد بُحثت في اللجنة البرلمانية للعدالة والشؤون الانتخابية وقضت بأنها متوافقة.

4-14 ورداً على انتقادات أصحاب البلاغ لحكم محكمة الاستئناف في قضية ليتش ، تحيل الدولة الطرف إلى اجتهاد اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الثابت ومؤداه أن قضايا القانون المحلي، وتطبيقه على وقائع بعينها، هي قضايا من اختصاصات المحاكم المحلية (15) . وتشير إلى أن القضايا المعنية، مثل "الخطورة" أمور تتعلق بالواقع أكثر من أي شيء وتندرج ضمن نطاق أحكام بعينها في القانون المحلي. وقد نوقشت هذه المسائل نقاشاً شاملاً على جميع مستويات النظام القضائي المحلي. وفيما يتعلق بتفسير المحكمة الذي يذهب إلى أن بعض المفاهيم من قبيل "لا يدع مجالاً للشك" غير قادرة على توضيح معنى "الملاءمة"، تؤكد الدولة الطرف أن هذا المصطلح فُسر دائماً على هذا النحو. وإذا كان أصحاب البلاغ يوحون بأن العهد يفرض معياراً "لا يدع مجالاً للشك"، فإن الدولة الطرف تدفع بأن ذلك يتعلق ب الجريمة ، متى ثبت أن الإدانة لا تدع مجالاً للشك. وهو ليس مفهوماً مناسباً في تحديد الحكم المناسب، وهو ما كان يعتبر دائماً أنه مجال للتقويم والتقدير القضائي.

4-15 وفيما يتعلق باعتراض أصحاب البلاغ على تفسير المحكمة لمفهوم "المواءمة"، تلاحظ الدولة الطرف أنه يبدو وكأنهم يدفعون بأن الحد الذي وُضع ليس مرتفعاً بما يكفي. فهي ترى أن ذلك أمر يتعلق أكثر ما يتعلق بالاعتراض على تطبيق معيار على وقائع بعينها، وأن للقاضي الذي يصدر الحكم الحرية التامة في أن يستنتج أن هذا الحكم ملائم، وأن على المحاكم الأعلى درجة الموافقة عليه. أما نهج محكمة الاستئناف القائل إن عبارة "ملائم" تحمل معنى تشريعياً عادياً فكان نهجاً تقليدياً، وسردها المستفيض لمجموع العوامل التي ينبغي للمحكمة التي تصدر الحكم أن تراعيها قبل فرض الحبس الوقائي (16) كان ملائماً.

4-16 وفيما يتعلق بالحق في افتراض البراءة، تؤكد الدولة الطرف أنه لا يوجد أي انتهاك لأن أصحاب البلاغ لم يدانوا بأي تهمة جنائية إضافية. فلا توجد أي تهم أو ادعاءات جديدة يمكن أن يرتبط بها افتراض البراءة. فقد حُكم عليهم بالحبس الوقائي بسبب إدانتهم بارتكاب جرائم مقترنة بظرف مشدد من خلال محاكمة احترمت مبدأ افترض البراءة احتراماً كاملاً ووفت بالعديد من الشروط الأخرى. ومن هذا المنطلق، فإن المسألة المطروحة لا تتعلق بما إذا كان القانون يسمح بأن يراعي الحكم الحاجة إلى حماية المجتمع استناداً إلى الجرائم السابقة (وتؤكد الدولة الطرف أنه يسمح)، وإنما إذا كانت آليات إعادة النظر المتاحة تكفي لتمكين إجراء تقويم صحيح لضرورة استمرار الاحتجاز إذا كان السجين قد قضى فترة السجن الدنيا المناسبة.

4-17 وبالنسبة للانتهاك المزعوم للفقرتين 1 و3 من المادة 10 المتعلق بدروس إعادة التأهيل وتوقيتها، تلاحظ الدولة الطرف أن الانتهاك المزعوم في هذه القضية يظل دون ما اعتبرته اللجنة عادة انتهاكاً لتلك الأحكام (17) . وتؤكد أن العديد من الدروس متاحة للسجناء، رجالاً ونساءً، وكلها ترمي إلى تحسين مهاراتهم وثقافتهم لمساعدتهم على التأهُّل مجدداً ومن ثم تقلُّص احتمال العودة إلى الإجرام. وبعض تلك الدروس موجه إلى مرتكبي الجرائم الجنسية وتهدف إلى مساعدة السجين على تعلم كيفية التصرف في المجتمع، وتجنب الأوضاع المحفوفة بالمخاطر وبالتالي تقليل احتمال العودة إلى الإجرام. والقاعدة هي أن يتابع السجين تلك الدروس قبيل الإفراج عنه، لأن الهدف منها هو إعداد السجين للعيش في المجتمع. ومن ثم، فإنها تكون أفعل في هذه المرحلة. وهذه الدروس لا علاقة لها بالحصول على خدمات طبية نفسية أو خدمات نفسانية أو علاج من ذلك القبيل، ولا بالدروس العامة المتاحة طوال مدة السجن. وتشك الدولة الطرف فيما إذا كان أصحاب البلاغ قد أثبتوا أنهم تضرروا شخصياً لأنهم لم يحددوا أي دروس أخذوا أو أي علاج تلقوا أو أي أوجه قصور وجدت في ذلك.

السيد راميكا

4-18 تؤكد الدولة الطرف، فيما يخص كل قضية على حده، على أن جميع التهم الخطيرة المتعددة الموجهة إلى السيد راميكا نجمت عن حادث واحد. فقد كان يعرف أين تعيش الضحية، وقرر أن يغتصبها، ودخل عنوة إلى بيتها مرتدياً قناعاً، وأخذ سكيناً من الضحية وسامَها سوء العذاب لمدة أربع ساعات، واغتصبها مرتين، وارتكب جرائم أخرى. وكأي شخص أدين بارتكاب اعتداء جنسي، كان السيد راميكا مؤهلاً للسجن الوقائي بعد الحصول على تقويم طبي نفسي، واقتناع القاضي الذي يصدر الحكم بوجود خطر كبير من ارتكاب جريمة مشددة عقب الإفراج، وأن يكون الحبس الوقائي ضرورياً لحماية الناس. وحتى إذا كان القاضي الذي يصدر الحكم مقتنعاً بذلك، تظل لديه سلطة تقديرية لفرض ذلك الحكم أو عدمه. وقد حدد التقويم الطبي النفسي نسبة الخطر بـدقة، على غير المعتاد (20 في المائة)، والمعتاد أن يوصف الخطر بأنه "كبير" أو "كبير جداً". وتشدد الدولة الطرف على أنه لم يُبت في مسألة الخطر الكبير على أساس هذا الرقم. ولكن القاضي رأى أن السيد راميكا يستحق الحبس الوقائي بعد أن حلل التقرير واستدلالاته وكذلك العوامل الأساسية، فضلاً عن الظروف التي حدثت فيها جرائم السيد راميكا الماضية والحاضرة. ووافقت محكمة الاستئناف فأشارت، فيما أشارت، إلى القرائن المتعددة الواردة في التقرير الطبي النفسي، والتشابه مع جرائم سابقة استُعمل فيها سكين وتعرضت فيها الضحية لاحتجاز طويل، والعوامل المقلقة في الجريمة محل النظر.

4-19 وفيما يتعلق بالحكم بالسجن لمدة محددة هي 14 عاماً بالنسبة للاغتصاب الثاني، الذي فُرض بالتزامن مع الحكم بالحبس الوقائي، ترى الدولة الطرف أن من الصعب إيجاد ما يُعترض عليه في هذه المسألة. ومن المهم التمييز بين مختلف الجرائم المرتكبة، خاصة بالنسبة للمجتمع ومن حيث الرمزية، حتى وإن تزامنت العقوبتان. ثم إن الحكم بعقوبات متعددة لمدة محددة يمكن أن يساعد مجلس الإفراج المشروط على تحديد خطورة الجرائم الأخرى المرتكبة في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة الأولى.

4-20 وبخصوص الفترة التي لا يكون فيها مؤهلاً للإفراج المشروط، تؤكد الدولة الطرف أنه كان سيقضي 9 سنوات و4 أشهر في السجن عن هذا الحكم وحده، وفقاً للتشريعات المحلية، وتبعاً للحكم بالسجن مدة 14 سنة بالنسبة للاغتصاب الثاني. وإذا أضفنا العقوبة على الجرائم الأخرى، فمما لا ريب فيه أنه لا مفر من الحكم عليه بالسجن لمدة محددة لا تقل عن 10 أعوام. وبالتالي، كان صاحب البلاغ سيقضي فترة السنوات العشر التي لا تخضع لإعادة النظر في إطار الحبس الوقائي وإن كان لم يُقض بهذا الحكم، مما يعني أن هذه الدعوى ليست غير مقبولة فحسب، بل لا أساس لها أيضاً، لأنه كان سيعاد النظر سنوياً في احتجاز صاحب البلاغ.

السيد تاراوا

4-21 فيما يتعلق بالسيد تاراوا، تلاحظ الدولة الطرف أنه أقر بارتكابه خمس جنايات مستقلة أفضت إلى خمس عشرة تهمة، أهمها، من وجهة نظر الحبس الوقائي، اغتصاب ارتكبه بعد أن دخل عنوة إلى بيت إحدى السيدات. وقد تعرضت هذه السيدة بعد ذلك لأنواع أخرى من العنف الجنسي، واختطفت وأرغمت على الذهاب إلى آلة لسحب مبلغ من المال لفائدة المعتدي. وتشمل الجنايات الأخرى الدخول عنوة إلى أحد البيوت (وتهديد الزوجين المقيمين في المكان بمسدس والاعتداء على أحدهما قبل أن يلوذا بالفرار)، والسطو على منزل، والاعتداء وسلب أموال عجوز تبلغ من العمر 76 سنة، والسطو على بيت في مزرعة (مع تهديد المرأة التي تسكنه بسكين وإجبارها على نزع ثيابها وتقييدها قبل أن تتمكن من الفرار).

4-22 وراعى القاضي الذي أصدر الحكم الجرائم التي ارتكبها السيد تاراوا سابقاً، حيث دخل مرتين عنوة إلى بيت تقطنه امرأة. ففي المرة الأولى، أرغمها على التجرد من ثيابها مهدداً إياها بسكين لكنها تمكنت من الهرب. وفي المرة الثانية، اغتُصبت الضحية مرتين. واعتبر القاضي أن الجريمة محل النظر تكرار لسابقتها، لكن مع المزيد من المؤشرات على الاحتراف. وتبع ذلك ارتكاب جريمة أخرى، وإفراج بكفالة، والجرائم الثلاث الأخيرة التي ارتكبها إبان فترة الإفراج بكفالة، اثنتان منها عبارة عن سرقة والثالثة في شكل سطو على بيت في نفس الظروف التي استُهدفت فيها امرأة ولذات الأسباب الجنسية.

4-23 وأمام المحكمة العليا أشار عالم نفساني وطبيب نفساني، كلّ من جانبه، إلى وجود احتمال كبير للعود إلى الإجرام، ورأَيا أن حظوظ نجاح جهود إعادة التأهيل تتوقف على تغيُّر في شخص لم يُبد حتى الآن رغبة كبيرة في تحسين سلوكه. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يشكل خطراً كبيراً للغاية، وخاصة على النساء، ولم يختلف الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف عن الحكم الذي قضت به المحكمة العليا.

4-24 وفيما يتعلق بالفترة التي لا يكون فيها السجين مؤهلاً للإفراج المشروط، أشار القاضي إلى أنه ربما كان سيحكم بالسجن لمدة تتراوح بين 15 و16 سنة بتهمة الاغتصاب لولا أنه فرض الحبس الوقائي، مما كان سيجعله يقضي ما لا يقل عن 10 سنوات قبل أن يكون مؤهلاً للإفراج المشروط بموجب قوانين الإفراج المشروط المحلية. وبناء عليه، فإن الفترة غير القابلة لإعادة النظر هي نفسها الفترة التي يقضيها في السجن كما أنه لم يحكم عليه بالحبس الوقائي؛ وكما أن البلاغ غير مقبول، فكذلك لا يمكن تقديم دعوى بموجب العهد.

4-25 أما قضية المساعدة القانونية فحالة خاصة بالسيد تاراوا. ففي ذلك الوقت، كان استئنافه للحكم قد تَحدد في إطار نظام لتقديم طلبات خطية من جانب واحد، حيث بتت محكمة الاستئناف فيما إذا كان يجوز للمستأنفين تلقي مساعدة قانونية لأغراض الاستئناف. ولما قضت المحكمة بأن الاستئناف لم يقم على أسس موضوعية، وأنه لا ينبغي بالتالي تقديم تلك المساعدة، وقعت في معضلة البت في حالة المستأنفين المحتجزين الذين لا يستطيعون المثول أمام القضاء وليس لديهم محام. وبناء عليه، وضعت المحكمة نظاماً للبت في تلك الاستئنافات خطياً بإعطاء المستأنفين فرصة تقديم طلبات خطية. ورأى المجلس الخاص ( 18) لاحقاً أن هذا النظام غير قانوني لأنه لا يستند إلى أي أساس شرعي، وتعترف الدولة بالتالي بأن السيد تاراوا حرم من المساعدة القانونية ظلماً. وأسند تشريع تصحيحي منذئذ مهمة البت في المساعدة القانونية إلى هيئة مستقلة، وهو يتضمن ضمانات إضافية بخصوص الاستئناف الخطي. وفي نفس الوقت، نص التشريع على أنه يحق لكل من بُت في استئنافه بطريقة غير قانونية أن يستأنف مجدداً، لكن صاحب البلاغ المعني لم يفعل ذلك. وترى الدولة الطرف أن خيار تقديم طلب استئناف جديد يكفي لجبر الضرر محل الدعوى.

السيد هاريس

4-26 تلاحظ الدولة الطرف، في حالة صاحب البلاغ هذا، أنه أدين في 11 تهمة بارتكاب جرائم جنسية على أحد الفتيان. وحكم عليه القاضي بالسجن لمدة محددة قدرها ست سنوات. واستأنف التاج الحكم معلِّلاً ذلك بأنه كان ينبغي فرض عقوبة بالحبس الوقائي، وإلا فإن الحكم بالسجن لمدة محددة من الواضح أنه لا يكفي، ووافقته في ذلك محكمة الاستئناف. وأشارت الدولة الطرف إلى أن ذلك يقدم مثالاً لحالة الحبس الوقائي المعتادة - فصاحب البلاغ سبق أن أدين بارتكابه جرائم جنسية ذهب أطفال ضحيتها، وقضى مدة في السجن بسبب ذلك، وحُذر في حكم سابق من احتمال فرض الحبس الوقائي عليه إذا ارتكب جريمة مجدداً.

4-27 وفي الحالة موضع النظر، تودَّد صاحب البلاغ لأحد الفتيان وأغراه بالقيام بأعمال جنسية مختلفة. ونبهته الشرطة إلى أن يبتعد عن الفتى بعد أن حامت حوله الشكوك، لكن صاحب البلاغ لم يَقْو على مقاومة الاتصال به، رغم التحذيرات، وارتكب جرائم إضافية. وأكد التقرير الطبي النفسي أنه يميل جنسياً إلى الأطفال الذكور ويميل ميلاً خاصاً إلى الفتيان المشرفين على المراهقة. ولم تفلح معه الجهود السابقة في مجال إعادة التأهيل، بما فيها البرنامج المتخصص والموجه الذي أعدته الدولة الطرف للمجرمين الذين يرتكبون جرائم جنسية. ولما كان ذلك ميله، استمر في ارتكاب جرائمه رغم التحذيرات ومعرفته بأن الشرطة ترقبه. وفي ظل هذه الظروف، رأت محكمة الاستئناف أن الحكم عليه بالسجن لمدة محددة لا يكفي لحماية الناس وأن الحبس الوقائي أضحى ضرورياً.

4-28 ورداً على حجة صاحب البلاغ بأن الحكم الذي صدر في حقه مفرط بشكل واضح، تؤكد الدولة الطرف أن استنتاج محكمة الاستئناف، الذي أيده المجلس الخاص، كان مشروعاً، ذلك أن صاحب البلاغ يمثل خطراً كبيراً على الناس، وأن السجن لمدة محددة يفضي إلى الإفراج عنه مما لا يسمح بحماية الناس حماية كافية. ومتى تمكن صاحب البلاغ من تغيير سلوكه، أُفرج عنه مع توفير الضمانات المناسبة؛ لكن حتى ذلك الحين، ينبغي عدم تعريض المجتمع، ولا سيما الفتيان، لسلوكه الضاري.

4-29 وفيما يتعلق بأهليته لإعادة النظر في سجنه، تلاحظ الدولة الطرف أن محكمة الاستئناف كانت ستحكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف باعتبارها عقوبة ملائمة لولا ضرورة حماية الناس. وبخلاف السيد تاراوا، يستطيع صاحب البلاغ نظرياً الدفع بأنه نتيجة للحبس الوقائي يخضع لفترة لا يفرج فيها عنه إفراجاً مشروطاً أطول مما لو حكم عليه بالسجن لمدة محددة. بيد أن الدولة الطرف تؤكد أنه متى بلغ صاحب البلاغ المرحلة التي يتأهل فيها للإفراج المشروط في إطار الحكم بالسجن لمدة محددة، جاز له تقديم طلب بالإفراج لدى مجلس الإفراج المشروط (الذي يتمتع بسلطة تقديرية للنظر في الطلبات قبل انقضاء 10 سنوات على الحبس الوقائي). ولا يمكن لصاحب البلاغ أن يدعي أنه ضحية الفترة التي لا يجوز فيها الإفراج المشروط إلا إذا رفض مجلس الإفراج المشروط الشكوى، مع العلم أن هذا الرفض يخضع هو نفسه لإعادة النظر القضائية.

تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 رد أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف فدفعوا بأن العهد غير مطبق مباشرة في القانون المحلي، وأنه لم يُحتجّ بالعهد في قضية ر. ضد ليتش المرجعية إلا شكلياً. ويرون أن المشورة التي قدمتها سلطات الدولة الطرف إلى البرلمان، والتي تقوِّم مدى توافق التعديلات المقترحة على التشريعات الخاصة بالحبس الوقائي مع العهد، لا تخلو من مصلحة ذاتية.

5-2 ويلاحظ أصحاب البلاغ أنه قد وُضعت "عتبة" معينة لكل فترة على حده تمثل مدة العقوبة التي لا يجوز فيها الإفراج في حالتين قضت فيها المحكمة الأوروبية، هما ف. ضد المملكة المتحدة ( 19) و ت. ضد المملكة المتحدة ( 20) . ولم يُثَر الجانب الوقائي لزيادة مدة السجن إلا لاحقاً. ويؤكد أصحاب البلاغ أنهم لا يعترضون على قانونية السجن الوقائي في حد ذاته، وإنما كان ينبغي وضع "عتبة" بحسب كل حالة على حده، ثم إعادة النظر فيها دورياً. وفي حالات أصحاب البلاغ، تنطبق فترة العشر سنوات الشاملة التي لا يجوز فيها الإفراج المشروط عنهم جميعاً قبل أن تبدأ إعادة النظر. ويدفعون بأنه لم يحدُث أن استعمل مجلس الإفراج المشروط سلطته التقديرية لإعادة النظر في دعوى من الدعاوى قبل انقضاء عشر سنوات؛ وبالتالي فإن هذه الإمكانية مضلِّلة. كما يزعمون أن أمر الإحضار وطلبات إعادة النظر القضائية كانت ستبوء بالفشل على أرجح تقدير، وفي كل الأحوال كانت سبل الانتصاف هذه لن تثار إلا بعد انقضاء الفترة التي لا يجوز فيها الإفراج المشروط.

5-3 وفيما يتعلق بتقويم "الخطر" المحتمل الذي يمثله أصحاب البلاغ، فهم يستدلون بدراسات وكتابات أكاديمية تشير إلى وجود عيوب وعدم دقة في الطرائق المعهودة المستعملة في حساب التنبؤ بالمخاطر. ويجادلون بقولهم إن التقويمات الطبية النفسية التي أجريت في كل حالة من حالاتهم لم تكن كافية، وإن المحاكم كانت مستعدة للاعتماد عليها، ومن ثم أصبح سجنهم تعسفياً، وأشاروا إلى السوابق القضائية المحلية في كندا بشأن نظام الحبس الوقائي الذي يقول، حسب رأيهم، إنه يجب إثبات وجود "الخطر" بما لا يدع مجالاً للشك، والإخطار به قبل جلسة الاستماع بأسبوع، ويجب الاستماع لطبيبين نفسانيين، وإعادة النظر في "الخطر" كل ثلاث سنوات ثم كل سنتين.

5-4 وفيما يتعلق بتقديم دروس في السجن، يوضح أصحاب البلاغ أنهم لا يشيرون سوى إلى عدم توفير دروس تتعلق ب‍ "الخطر" الذي يمثلونه إلا قبيل الإفراج عنهم. لذلك فهم يدعون أنه لا مجال لأن يأتي يوم، في فترة سجنهم، يُعتبرون فيه أنهم لم يعودوا يمثلون "خطراً"، وهو يوم ينبغي أن يأتي في أقرب وقت ممكن. ويرون أن ذلك يمثل معاملة قاسية وغير معهودة، تفتقد الحس الإنساني ولا يتماشى مع مفهوم إعادة التأهيل. وفضلاً عن ذلك، قد تتأثر سلباً طلبات الإفراج المشروط التي قدموها سابقاً بسبب عدم تلقيهم العلاج.

5-5 وفيما يتعلق بمقبولية قضية السيد تاراوا بشأن مسألة إمكانات الاستئناف، فقد احتُج بأن الاستئناف الجديد لا يصبح ممكناً إلا نتيجة للحكم الذي أصدرته مؤخراً محكمة الاستئناف في قضية ر. ضد سميث (21) بعد تقديم البلاغ. وعلى أية حال، فلن يكون له جدوى لأن استئنافاً قُدم مؤخراً ضد الحبس الوقائي قد رُفض في قضية أخرى (22) .

5-6 وبخصوص السيد راميكا وقضيته المتعلقة بالجمع بين عقوبة السجن لمدة محددة والحبس الوقائي، يرفض صاحب البلاغ الدليل الذي قدمته الدولة الطرف ومؤداه أن الاعتراض على هذه الممارسة لا يستند إلى أي أساس. ويشير في هذا الصدد، على سبيل القياس، إلى الممارسة الجنائية الإنكليزية التي تعتبر أن الجمع بين عقوبة السجن لمدة محددة والسجن مدى الحياة خطأ.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، قبل أن تدرس شكوى مقدمة في بلاغ من البلاغات، أن تحدد ما إذا كان ذلك البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفيما يتعلق بما إذا كان بإمكان أصحاب البلاغ الادعاء بأنهم ضحايا انتهاك للعهد بخصوص الحبس الوقائي، بما أنهم لم يقضوا بعد المدة التي كان لا بد من أن يقضوها ليتأهلوا للإفراج المشروط في إطار عقوبة السجن لمدة محددة الواجبة التطبيق على الجرائم التي ارتكبوها، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ، وقد فرضت عليهم تلك العقوبة وشرعوا في قضائها، سيخضعون فعلاً لنظام الحبس الوقائي بعد أن يقضوا 10 أعوام من العقوبة المفروضة عليهم. وعليه، فلا مفر أساساً من تعرضهم للنظام الخاص، بعد انقضاء مدة كافية من الزمن، ولن يكون بوسعهم الاعتراض على فرض عقوبة الحبس الوقائي في ذلك الحين. وقد يتباين هذا الوضع مع الوضع في قضية أ. ر. س." A.R.S " ضد كندا (23) ، حيث إن التطبيق في المستقبل لنظام الإشراف الإلزامي على السجين صاحب الشأن يتوقف جزئياً على الأقل على سلوكه حتى ذلك الحين، ويعتمد بالتالي على تخمينات باطلة في مرحلة مبكرة من مدة السجن المحكوم عليه بقضائها. وبناء عليه، فإن اللجنة لا تعتبر من غير الملائم احتجاج أصحاب البلاغ على توافق العقوبة المفروضة عليهم مع العهد في مرحلة مبكرة، بدلاً من انقضاء 10 سنوات على سجنهم. ومن ثم، فإن البلاغ ليس مرفوضاً بحجة عدم وجود ضحايا لانتهاك للعهد.

6-3 وفيما يتعلق بقضية السيد تاراوا، تلاحظ اللجنة أنه، بعد العيوب الموجودة في النظام السابق لإيداع طلبات الاستئناف خطياً بعد أن أصبح جلياً أن السيد تاراوا لم يحصل على مساعدة قانونية، اعتمدت الدولة الطرف قانون الجرائم (الاستئناف الجنائي) المعدّل لعام 2001 الذي يسمح للمتضررين، ومنهم السيد تاراوا، بتقديم طلبات إعادة النظر في الاستئنافات التي رفضت (ففي حالة السيد تاراوا، رفضت محكمة الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ في 20 تموز/يوليه 2000 ضد الإدانة والحكم اللذين صـدرا في حقه في 2 تموز/يوليه 1999). وربما سمح ذلك الاستئناف بالاعتراض على ملاءمة فرض عقوبة الحبس الوقائي، من منظور القانون المحلي، بسبب الوقائع الخاصة بحالته، بمعزل عن أحكام استئناف العقوبة المطبقة على وقائع في حالات أخرى. وبناء عليه، تلاحظ اللجنة أن السيد تاراوا لم يستنفد سبيلاً من سبل الانتصاف المحلية متاحاً لـه للاعتراض على الحكم الصادر في حقه وقت تقديم البلاغ. وبالتالي، فإن دعاواه المتعلقة بفرض حبس وقائي والدعاوى اللاحقة غير مقبولة في إطار الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وفيما يتصل بالدعوى الثانوية المتعلقة بحرمانه من المساعدة القانونية، تلاحظ اللجنة أن هذه الدعوى، لنفس الأسباب، لا أساس لها قبل تقديم البلاغ لأن صاحب البلاغ تمكن من تقديم استئناف مع تقويم جديد للمساعدة القانونية؛ وعليه، فإن هذه الدعوى غير مقبولة في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بالدعوى القائلة إن بعض دروس إعادة التأهيل لم تكن متاحة في السجن لأصحاب البلاغ، خلافاً لما تنص عليه المادتان 7 و10 من العهد، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يحددوا بالتفصيل الدروس التي يزعمون أن من حقهم تلقيها في مرحلة مبكرة من سجنهم، وأن الدولة الطرف لاحظت أن جميع الدروس الاعتيادية متاحة طوال مدة السجن، في حين أن بعض الدروس المعدة خصيصاً لما بعد الإفراج تتاح قبل الإفراج بحيث تقدم في الوقت المناسب. وترى اللجنة بالتالي، من حيث المقبولية، أن أصحاب البلاغ لم يتمكنوا من إثبات أن توقيت الدروس المتاحة في السجن ومحتواها يسمحان بتقديم دعاوى في إطار المادتين 7 و10 من العهد.

6-5 وفيما يتعلق بما إذا كان فرض عقوبة الحبس الوقائي في حالة السيد هاريس والسيد راميكا ("صاحبي البلاغ الآخرَين") يتوافق مع العهد، تـرى اللجنة أن هذه الدعوى دعمت بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، في إطار المادة 7، والفقرتين 1 و4 من المادة 9، والفقرتين 1 و3 من المادة 10، والفقرة 2 من المادة 14 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية ( حالة السيد راميكا وحالة السيد هاريس )

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الأطراف، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة منذ البداية أن السيد هاريس كان سيفرض عليه السجن لمدة محددة، حسب محكمة الاستئناف، "لا يقل عن" سبع سنوات ونصف السنة عقاباً على ما ارتكبه من جرائم. وبناء عليه، فإن السيد هاريس سيقضي سنتين ونصف السنة سجناً، لأغراض وقائية، قبل انقضاء الفترة التي لا يكون فيها مؤهلاً للإفراج المشروط. ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تثبت وجود أي حالة استعمل فيها مجلس الإفراج المشروط سلطاته الاستثنائية لإعادة النظر تلقائياً في استمرار احتجاز السجين قبل انقضاء الفترة التي لا يكون فيها مؤهلاً للإفراج المشروط، ترى اللجنة أنه، في حين أن احتجاز السيد هاريس في فترة السنتين ونصف السنة هذه يستند إلى قانون الدولة الطرف وليس تعسفياً، فإن عجزه عن الاعتراض على وجود مبرر موضوعي، في ذلك الوقت، بالنسبة لتلك الفترة، لاستمرار احتجازه لأسباب وقائية، ينتهك حقه المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 9 من العهد في اللجوء إلى "محكمة" لتبت في "قانونية" احتجازه طيلة تلك الفترة.

7-3 وفيما يخص قضية توافق أحكام الحبس الوقائي مع العهد بالنسبة لصاحبي البلاغ الآخرين، السيدين راميكا وهاريس، فبمجرد انقضاء فترة العشر سنوات التي لا يجوز فيها الإفراج المشروط، تلاحظ اللجنة أنه بعد مضي فترة السنوات العشر، هناك إعادة نظر سنوية إلزامية يجريها مجلس الإفراج المشروط المستقل الذي يملك سلطة الحكم بالإفراج عن السجناء متى لم يوجد خطر كبير على الناس، وأن قرارات المجلس تخضع لإعادة النظر القانونية. وترى اللجنة أنه يجب تبرير احتجاز صاحبي البلاغ الآخرين لأغراض وقائية، أي لحماية الناس، متى قضَيا عقوبة السجن لمدة معينة، لأسباب قاهرة، يتعين أن تعيد النظر فيها هيئة قضائية، وتنطبق وتظل تنطبق متى استمر الاحتجاز لتلك الأغراض. ويجب ضمان التقيد بالمطلب القاضي بعدم التعسف في استمرار ذلك الاحتجاز بواسطة مراجعة دورية منتظمة لكل حالة من طرف هيئة مستقلة، بغية البت في استمرار الاحتجاز لأغراض حماية الناس. وترى اللجنة أن صاحبي البلاغ الآخرين لم يستطيعا إثبات أن إعادة النظر السنوية الإلزامية في مجلس الإفراج المشروط الذي تخضع قراراته لإعادة النظر في المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف لا تكفي للوفاء بهذا المعيار. وبناء عليه، لم يثبت صاحبا البلاغ الآخران في الوقت الحالي أن عقوبة السجن التي بدأوا قضاءها ترتقي إلى درجة الاحتجاز التعسفي ، وهو ما يتعارض مع المادة 9، متى بدأ الجانب الوقائي من العقوبات المفروضة عليهما.

7-4 وفيما يتعلق بقدرة مجلس الإفراج المشروط على التصرف تصرفاً قضائياً في شكل "محكمة" ويبت في قانونية استمرار الاحتجاز في إطار الفقرة 4 من المادة 9 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ الآخرين لم يقدما أي أسباب تدل على أن المجلس، على النحو الذي شكله به قانون الدولة الطرف، ينبغي النظر إليه على أنه ليس مستقلاً بما يكفي أو نزيهاً أو تعوزه الإجراءات لتلك الأغراض. كما تلاحظ أن قرار المجلس يخضع لإعادة نظر قانونية من قبل المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف. وترى أنه من حيث المبدأ، يُستتبع من إمكانية الحبس الوقائي لأغراض الحماية، دائماً مع افتراض وجود الضمانات اللازمة والتمتع بها فعلياً، أن الاحتجاز لهذا الغرض لا يتعارض مع مبدأ افتراض البراءة، رهناً بألا يكون صاحبا البلاغ الآخران عرضة لأي تهمة، مما قد يفرض انطباق الفقرة 2 من المادة 14 من العهد (24) . ولما كان الاحتجاز في حالة صاحبي البلاغ الآخرين لأغراض الحماية غير تعسفي، بموجب المادة 9، ولم يُشار إلى أي ضرر يتجاوز ما يسببه الاحتجاز من آثار عادة، ترى اللجنة أيضاً أن صاحبي البلاغ الآخرين لم يقدما أي دعوى إضافية بموجب الفقرة 1 من المادة 10، وأن عقوبة الحبس الوقائي في حقهم تنتهك حقوقهم كسجناء في أن يعامَلوا بما تستحق كرامتهم الإنسانية من احترام.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 4 من المادة 9 من العهد في حق السيد هاريس.

9- وعلى الدولة الطرف أن توفر للسيد هاريس، بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، إمكانية الاستفادة من سبيل انتصاف فعال، بما فيه التمكن من الاعتراض على تبرير استمرار احتجازه هذا لأغراض الحماية بمجرد انقضاء فترة العقوبة التي تبلغ مدتها سبع سنوات ونصف السنة. كما أن الدولة الطرف ملزمة بتجنب القيام بانتهاكات مشابهة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة الطرف مدعوة إلى تعميم آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المواد 75 و77 و89 من قانون العدالة الجنائية على ما يلي:

الحكم بالحبس الوقائي

"(1) تنطبق هذه المادة على أي شخص يقل عمره عن 21 سنة وتَصدُق عليه إحدى الحالتين:

(أ) إذا أدين بسبب انتهاكه للمادة 128(1) [الاعتداء الجنسي] من قانون الجنايات لعام 1961؛

(ب) إذا أدين بارتكاب جريمة مقترنة بظرف مشدد بعد أن أدين، في مناسبة واحدة على الأقل منذ أن بلغ سن 17 عاماً، بارتكاب جريمة مقترنة بظرف مشدد.

(2) رهناً بالأحكام الواردة في هذه المادة، يحق للمحكمة العليا أن تصدر حكماً بالحبس الوقائي متى اقتنعت بأن من الملائم، لأغراض حماية الناس، سجن المجرم الذي تنطبق عليه هذه المادة لمدة طويلة ...

(3 ألف) لا يجوز للمحكمة أن تصدر حكماً بالحبس الوقائي على المجرم الذي تنطبق عليه الفقرة (1)(أ) من هذه المادة إلا أن تكون قد قامت بما يلي:

(ج) حصلت أولاً على تقرير طبي نفسي عن المجرم؛

(د) اقتنعت بوجود احتمال كبير أن يقترف بعد الإفراج عنه جريمة مقترنة بظرف مشدد، واضعة في الاعتبار التقرير الطبي النفسي المشار إليه وغيره من التقارير ذات الصلة بالموضوع".

الحبس الوقائي لمدة غير محددة

"يُسجن المجرم الذي حكم عليه بالحبس الوقائي حتى يُفرج عنه بتوجيه من مجلس الإفراج المشروط طبقاً لهذا القانون".

الإفراج المشروط بناء على السلطة التقديرية

"(1) رهنـاً بالفقرة (2) من هذه المادة، يكون المجرم المحكوم عليه لمدة غير محددة مؤهلاً للإفراج عنه بشروط بعد انقضاء 10 أعوام على ذلك الحكم".

(2)[1998] 1 NZLR 420.

(3) انظر الحاشية 1 أعلاه .

(4) كوبلي "Cobley": Sex Offenders: Law, Policy and Practice (Jordans, Bristol, 2000)، ص. 196؛Brown &  Pratt: Dangerous Offenders, Punishment & Social Order (Routledge, London, 2000)، ص 82 و93 (من النص الإنكليزي).

(5) يشير أصحاب البلاغ إلى قضية فان دروغنبوك " Van Droogenboeck " ضد بلجيكا (1982) 4 EHRR 443 (الاحتجاز الإداري "رهن تصرف الحكومة" لمدة سنتين بتهمة السرقة) وقضية ويكس "Weeks" ضد المملكة المتحدة (1988) 10 EHRR 293 (الحكم بالسجن المؤبد بناء على السلطة التقديرية بتهمة السلب المسلح مع الإفراج بترخيص متى لم يوجد تهديد).

(6) يشـير أصحاب البلاغ إلى هاريس "Harris" وأوبويل " O’Boyle" وواربريك "Warbrick": Law of the European Convention on Human Rights (Butterworth’s, London, 1995)، الصفحــات 108-109 و146 و151-152 و154، و Wachenfeld "The Human Rights of the Mentally Ill in Europe under the European Convention on Human Rights", Nordic Journal of International Law 60 (1991)، الصفحتان 174-175 (من النص الإنكليزي).

(7)CCPR/C/79/Add.47; A/50/40، الفقرتان 179 و186 (3 تشرين الأول/أكتوبر 1995).

(8) الجرائم هي: ` 1 ` عندما ترتكب ضد طفل دون عمر 16 سنة، وزنى المحارم (المادة 130 من قانون الجرائم لعام 1961)، وعلاقات جنسية مع فتاة تحت الرعاية أو الحماية (المادة 131)، وعلاقات جنسية مع فتاة دون عمر 12 سنة (المادة 132)، وهتك عرض فتاة دون عمر 12 سنة (المادة 133)، وعلاقات جنسية أو هتك عرض فتاة يتراوح عمرها بين 12 و16 سنة (المادة 134)، وهتك عرض فتى دون عمر 12 سنة (المادة 140)، وهتك عرض فتى يتراوح عمره بين 12 و16 سنة (المادة 140 ألف)، وهتك عرض رجل أو فتى (المادة 141)، الإتيان أو محاولة الإتيان من دبر شخص دون عمر 16 سنة أو يعاني نقصاً عقلياً حاداً (المادة 142)؛ ` 2 ` الاعتداء الجنسي (المادة 128)، محاولة الاعتداء الجنسي (المادة 129)، الإلزام بارتكاب فاحشة مع حيوان (المادة 142 ألف)، محاولة القتل (المادة 173)، الإصابة بجروح عمداً (المادة 188)، القيام بأعمال بقصد الإصابة بجروح بالغة (المادة 189(1))، التسبب في جروح أو إصابات بالغة ( المادة 191)، إلقاء حمض بغرض الإصابة بجروح أو للتشويه (المادة 199).

(9)(1999) 30 EHRR 121.

(10) الطلب 24724/94.

(11) انظر أدناه الفقرات 4-20 (السيد راميكا)، و4-24 (السيد تاراوا)، و4-30 (السيد هاريس).

( 12) القضية رقم 91/1981، قرار اعتمد في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1981. انظـر أيضاً قضية ت. ضد المملكة المتحدة ، مرجع سابق.

(13) ر. ضد سميثCA 315/96، 19 كانون الأول/ديسمبر 2002.

(14)CA258/01، حكم صادر في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

(15) تحيل الدولة الطرف على سبيل المثال إلى قضية أ. ضد نيوزيلندا رقم 754/1997، آراء اعتمدت في 15 تموز/يوليه 1999، الفقرة 7-3.

(16) انظر الفقرة 4-3 أعلاه.

(17) انظر على سبيل المثال قضية هيل ضد إسبانيا رقم 526/1993، آراء اعتمدت في 2 نيسان/أبريل 1997.

(18) R v Taito (2002) 6 HRNZ 539.

(19) المرجع السابق.

( 20) المرجع نفسه.

(21) المرجع السابق.

(22) R v Dittmer ، المرجع السابق.

(23) المرجع السابق.

(24) انظر أيضاً الفقرة 6-5 من Wilson v The Philippines Case No 868/1999, Views adopted on 30 October 2003.

التذييل

رأي فردي أبداه أعضاء اللجنة السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة كريستين شانيه والسيد غليليه - أهانهانزو والسيد هيبوليتو سولاري – يريغوين (رأي مخالف جزئياً)

إن اللجنة، إذ تعلن في الفقرة 7-2 من قرارها أن احتجاز السيد هاريس يستند إلى القانون المطبق في الدولة الطرف وأنه ليس تعسفياً، تقرر شيئاً ولا تثبته.

إننا نرى أن التعسف الذي ينطوي عليه هذا الاحتجاز، وإن كان الاحتجاز شرعياً، يكمن في تقدير احتمال ارتكاب جريمة مجدداً. والأساس العلمي الذي يقوم عليه هذا التقدير غير سليم، إذ كيف يمكن لأحد أن يفترض جدياً أن "احتمال" عودة شخص ما إلى الإجرام "يبلغ 20 في المائة" بالضبط؟

وفي نظرنا، فإن احتجازاً وقائياً يستند إلى توقع مبني على أساس معايير غامضة يتعارض مع الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

وأياً كانت المراقبة لدى النظر في مسألة الإفراج المشروط لمنع انتهاك الفقرة 4 من المادة 9 من العهد، فإن مبدأ الاحتجاز نفسه القائم حصراً على الخطورة المحتملة هو الذي نعترض عليه، خاصة أن احتجازاً من هذا القبيل غالباً ما يكون بديلاً لعقوبة السجن، ويصبح مجرد امتداد لها، تجنباً للقول إنه امتداد "فيه تكلف".

وفي حين أن التدابير من ذلك القبيل غالباً ما توسَم بأنها تحفظية، فإنها تمثل عقوبات في واقع الأمر، وهذا التحول في طبيعتها الأصلية يمثل طريقة للتحايل على أحكام المادتين 14 و15 من العهد.

وبالنسبة للمدعى عليه، لا يمكن توقع الاحتجاز الوقائي الذي يُقضى به في تلك الحالات: فقد تكون مدته غير محددة. ثم إن الركون إلى توقع الخطر يساوي الاستعاضة عن افتراض البراءة بافتراض الجُرم.

والمفارقة أن شخصاً يُعتقد أن يكون خطيراً وهو لم يرتكب جريمة بعد ويُعتبر أنه قادر على ارتكابها يحظى بحماية أقل من مجرم فعلي.

إن وضعاً من هذا القبيل خليق أن يفضي إلى انعدام السلامة القانونية وإغراء كبير للقضاة الذين قد يرغبون في التهرب من القيود التي تفرضها المادتان 14 و15 من العهد.

(توقيع): برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

(توقيع): كريستين شانيه

(توقيع): موريس غليليه – أهانهانزو

(توقيع): هيبوليتو سولاري - يريغوين

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد فالتر كالين (رأي مخالف جزئياً)

تستنتج اللجنة في الفقرة 7-2 من آرائها أن السيد هاريس سيقضي سنتين ونصف السنة في السجن لأغراض وقائية قبل أن يلجأ إلى مجلس الإفراج المشروط بعد انقضاء عشر سنوات في السجن وأن حرمانه من اللجوء إلى "محكمة" أثناء تلك الفترة يرقى إلى درجة انتهاك لحقه بموجب الفقرة 4 من المادة 9 من العهد. وهذا الاستنتاج يتأسس على افتراض أن السيد هاريس كان سيخضع لحكم بالسجن لمدة محددة، حسب محكمة الاستئناف، "لا تقل" عن سبع سنوات ونصف السنة بسبب الجرائم التي ارتكبها. وفي حين أن محكمة الاستئناف لاحظت أن القضية خليقة أن تستدعي عقوبة لمدة محددة "لا تقل" عن سبع سنوات ونصف السنة، فإنها لم تفرض هذه العقوبة المحددة وإنما استعاضت عنها بالسجن الوقائي من البدء. ويجب أن تكون الأحكام بالسجن لمدة محددة متناسبة مع خطورة الجريمة ومستوى الذنب، وتخدم أغراضاً متعددة، بما فيها العقاب وإعادة التأهيل والوقاية. وعلى العكس من ذلك، وعلى النحو المنصوص عليه سابقاً في المادة 75 من القانون الجنائي لعام 1985 في الدولة الطرف، فإن الحبس الوقائي لا ينطوي على أي عنصر وقائي، لكنه يخدم فقط غرض حماية الناس من شخص اقتنعت المحكمة ب‍ "وجود خطر كبير بأن يرتكب جريمة مشددة بعد الإفراج عنه". ومع أن ما يستدعي فرض الحبس الوقائي إنما هو ارتكاب جريمة خطيرة، فإنه لا يُفرض على ما قد فعله الشخص المعني في الماضي وإنما لكونه شخصاً خطيراً ربما ارتكب جرائم في المستقبل. وفي حين أن الحبس الوقائي بغرض حماية الناس من المجرمين الخطرين غير محرم في حد ذاته في إطار العهد، ولا يمكن تجنب فرضه أحياناً، فإنه يجب أن يخضع لأشد الضمانات الإجرائية صرامة، على النحو المنصوص عليه في المادة 9 من العهد، بما في ذلك إمكان إعادة محكمة من المحاكم النظر دورياً في استمرار قانونية ذلك الحبس. إن إعادة النظر هذه ضرورية لأن لكل إنسان القدرة على التغير والتحسن، أي أن تتقلص خطورته بمرور الوقت (لأنه جاهد نفسه أو تلقى علاجاً ناجعاً، أو لأنه أصابه اعتلال قلص قدرته البدنية على ارتكاب صنف مشدد من الجرائم). وفي الحالة محل النظر، لم يحكم على السيد هاريس بقضاء مدة محددة في السجن ترمي إلى عقابه على سلوكه الماضي، لكنه لم يحتجز سوى لحماية الناس. وبناء عليه، أخلص إلى أنه حقه في "الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاحتجاز غير قانوني)" (الفقرة 4 من المادة 9) لم ينتهك فحسب أثناء السنتين والنصف سنة الماضيتين من أصل السنوات العشر الأولى من الحبس الوقائي، وإنما أيضاً أثناء تلك الفترة الأصلية برمتها. ولنفس الأسباب، أرى أن الحبس طوال نفس فترة العشر سنوات الأصلية قبل أن يعيد مجلس الإفراج المشروط النظر في القضية ينتهك أيضاً الفقرة 4 من المادة 9 بالنسبة للسيد راميكا.

(توقيع): فالتر كالين

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد راجسومر لالاه (رأي مخالف)

لا يمكنني للأسف الانضمام إلى استنتاج أغلبية أعضاء اللجنة أنه لم يحدث أي انتهاك للعهد سوى في حالة السيد هاريس حيث وُجد انتهاك للفقرة 4 من المادة 9 من العهد (الفقرة 7-2 من آراء اللجنة). كما أني لا أوافق، للأسباب المشروحة في الفقرة 2 من هذا الرأي المنفصل، على أنه كان ينبغي للجنة ألا تعلن عن قبول البلاغ إلا فيما يتعلق بالمادة 7 والفقرتين 1 و4 من المادة 9 والفقرتين 1 و3 من المادة 10 والفقرة 2 من المادة 14 من العهد (الفقرة 6-5 من الآراء)، وليس المادة 14 والفقرة 1 من المادة 15.

وصحيح أنه قد يبدو من الفقرة 1 من الآراء أن أصحاب البلاغ أشاروا إلى أحكام بعينها في العهد. بيد أنه بموجب البروتوكول الاختياري، يكفي أن يثبت أصحاب البلاغ الوقائع ويقدموا ملاحظات وأدلة دعماً لشكاواهم بحيث تتمكن الدولة الطرف من النظر فيها. والواقع أن العديد من أصحاب البلاغات فعلوا ذلك فيما مضى. ويعود للجنة النظر والبت في الأحكام الواردة في العهد المناسبة أو غير المناسبة، في ضوء جميع المعلومات المقدمة من أصحاب البلاغ والدولة الطرف. وعلى أية حال، قد يكون من الضروري، لدى النظر في تطبيق أو تفسير أحكام بعينها في العهد، النظر أيضاً في الآثار التي تحدثها أحكام أخرى في العهد، رهناً دائماً بأن كلا الطرفين قد أتيحت أمامهما فرصة دراسة الوقائع أو الملاحظات أو الأدلة المحددة المقدمة من الطرف الآخر.

وتشمل شكوى أصحاب البلاغ عدداً من القضايا. وأهمها، في رأيي، تأكيدهم أن حبسهم لأغراض وقائية لا يتماشى مع العهد، ولا سيما لأنهم أدينوا وعوقبوا فعلاً على ما قد يفعلوه بعد الإفراج عنهم، وليس على ما ارتكبوه بالفعل، أي أنهم عوقبوا على جرائم لم ترتكب، وقد لا ترتكب أبداً. وتقتضي هذه الشكوى في اعتقادي النظر في تطبيق المادة 14 وأيضاً الفقرة 1 من المادة 15 من العهد.

ومع كامل الاحترام، فيبدو أن أغلبية أعضاء اللجنة افترضوا بكل بساطة أن "الحبس الوقائي" المنصوص عليه صراحة في القانون النيوزيلندي بصفته "إدانة" أو عقوبة على بعض الجرائم شرعي بموجب المادة 9 من العهد. ومما لا شك فيه أن الحكم الوارد في الجملة الثانية من الفقرة 1 من المادة 9 من العهد يترك للدول الطرف البت في الأسس والإجراءات التي يحق بموجبها حرمان شخص من حريته.

وقد أشارت اللجنة في عام 1982 في تعليقها العام رقم 8 فيما يتعلق بالمادة 9 من العهد إلى أن الفقرة 1 من هذه المادة تنطبق على جميع أنواع الحرمان من الحرية، سواء في القضايا الجنائية أو في حالات أخرى من قبيل الاعتلال العقلي والتشرد وإدمان المخدرات والأغراض التربوية ومراقبة الهجرة، وغير ذلك. بيد أن كلاًّ من الأسس والإجراءات المطلوب أن ينص عليها القانون في إطار الفقرة 1 من المادة 9، يجب أن يتوافق مع حقوق أخرى معترف بها في العهد.

ومن البديهي بالتالي أنه متى كان أحد الأسس المعتمد عليها ضرب من السلوك، وقع في ظروف محددة، تحول إلى جريمة وعاقب عليه القانون بالحرمان من الحرية، لم يكن واجباً أن تمتثل الجريمة المحددة وحدها للضمانات المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 15 من العهد، بل أيضاً العقوبة المفروضة بشأنها. وأرى أن الفقرة 1 من المادة 15 تتميز بميزتين مهمتين، بين ميزات أخرى. الأولى أن الجريمة تتعلق بالأفعال الماضية فقط. والثانية أن العقوبة على تلك الجريمة لا يمكن أن تتعلق إلا بتلك الأفعال الماضية لا غير. فلا يمكن أن تشمل مثلاً اعتلالاً نفسياً محتملاً قد يوجد وقد لا يوجد في المجرم بعد عشر سنوات مثلاً وقد تفضي أو لا تفضي بمجرم قضى الجزء العقابي من الحكم الذي صدر في حقه إلى احتمال حبسه مرة أخرى. كما أن محاكمة من يرتكبون هذه الجرائم ومعاقبتهم يجب أن تتوافر فيها شروط المحاكمة العادلة التي تتضمنها المادة 14 من العهد.

ومما لا شك فيه أن الاغتصاب جريمة خطيرة والاعتداء على النساء يستلزم من الدولة الطرف اعتماد جميع التدابير الملائمة لمعالجة هذه المشكلة، بما فيها العقوبة، التي تفي بالضمانات المنصوص عليها ف المادتين 14 و15 من العهد، والإصلاح وإعادة التأهيل الاجتماعي للمجرمين، وهي تدابير تلزمها بها الفقرة 3 من المادة 10 من العهد. كما أنه لا يوجد ما يمنع دولة طرفاً من اعتماد تدابير تهدف إلى الإشراف على سلوك المجرمين السابقين، بعد الإفراج عنهم، ورصده بفعالية، إدارياً أو بواسطة الشرطة، في ظل ظروف توجد فيها أسس معقولة وقوية يُخشى معها من عودتهم إلى الإجرام.

وحسب المعلومات التي قدمها أصحاب البلاغ والدولة الطرف، قد يبدو الآن أن الحد الأدنى لمدة الحبس الوقائي قد حدده القانون بمدة 10 سنوات وقُلص إلى 5 سنوات، لكنه لا يخضع لحد أقصى. وبالتالي، فإن هذا الحد الأقصى للحبس الوقائي قد ألغي من اختصاصات المحاكم وأحيل على مجلس الإفراج المشروط، مما نجم عنه أنْ حُظر على المحاكم قانوناً الحكم بالسجن لمدة محددة. وترى الدولة الطرف أن الحد الأدنى المحدّد قانوناً بمدة 10 سنوات هو الجزء العقابي من الحكم، مع العلم أن مجلس الإفراج المشروط يختص بالبت دورياً في مدة الحكم، لأن هذا الحكم يتخذ طابعاً وقائياً من حيث المبدأ دون تحديد حد أقصى. وهذا في حد ذاته يثير بوضوح مسألة خطيرة تتمثل في التناسب.

وأنوه بأن المواد المعروضة على اللجنة تشير إلى أن الاحتجاز بعد ما يسمى فترة العقاب يستمر في السجن. وبالتالي، يصبح الجزءان "العقابي" و"الوقائي" من الإدانة، متميزان في الواقع، دون أن يكون بينهما فرق. ومتى جردنا الواقع من الشكليات القانونية التي يُدّعى أنها تمنح المحاكم سلطة إصدار الأحكام، تجلت الحقيقة القائلة إن جزءاً من العقوبة فقط هو الذي تقضي فيه المحاكم، من حيث المضمون ومن حيث الممارسة (إضافة إلى أن هذا الجزء ذاته يتعلق بحد أدنى منصوص عليه قانوناً وليس للمحاكم بشأنه أي تحكم أو سلطة تقديرية). أما باقي العقوبة فيترك لجهاز إداري، دون مراعاة للضمانات المنصوص عليها في المادة 14. وبالطبع، لا مجال للاعتراض على التدابير القانونية التي تسمح بالإفراج المبكر، لكن تمكين جهاز إداري من أن يبت في الواقع في مدة العقوبة التي تتجاوز الحد الأدنى فقضية أخرى.

وقد خلصت إلى الاستنتاجات التالية:

` 1 ` في حين أن من المشروع النظر في السلوك الماضي، حسناً أو سيئاً، بصفته عاملاً وجيهاً في تحديد العقوبة، فإن انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 15 من العهد قد حصل، لأن هذه المادة لا تسمح إلا بالتجريم والعقاب، بمقتضى القانون، على أفعال وقعت وليس على أفعال يُخشى أن تقع في المستقبل.

` 2 ` انتهكت أيضاً الفقرة 1 من المادة 15 لأن القانون لا ينص على حق المحكمة فرض عقوبة لمدة محددة.

` 3 ` انتهكت الفقرة 1 من المادة 14 لأن إجراء محاكمة عادلة يشترط أن تتمتع المحكمة التي تقضي في القضية بسلطة فرض عقوبة محددة وليس عقوبة لفترة دنيا يحددها القانون. ثم إن قانون الدولة الطرف يفوض هذه السلطة لجهاز إداري يملك تحديد طول مدة العقوبة في زمن ما في المستقبل، دون مراعاة الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 من العهد.

` 4 ` انتهكت أيضاً الفقرة 2 من المادة 14 لأن تقويم ما قد يحدث بعد مرور 10 سنوات أو أكثر، حتى قبل ظهور منافع العلاج والإصلاح وإعادة التأهيل الاجتماعي المطلوبة في إطار الفقرة 3 من المادة 10 من العهد، لا يمكنه بأي حال من الأحوال الوفاء بمعايير عبء الإثبات المطلوبة. وفي هذا الصدد، فإن كانت تراعى في تحديد العقوبة، فإن الإدانات السابقة المتعلقة بسلوك إجرامي مضى يجب إثباتها بما لا يدع مجالاً للشك متى كانت تلك الإدانات موضع اعتراض من الشخص المتهم.

` 5 ` وليس صحيحاً بالتالي الخلوص إلى أن انتهاك الفقرة 4 من المادة 9 من العهد لا ينطبق في ضوء النهج الوارد أعلاه. فإن كان ولا بد من وجود انتهاك للمادة 9، فإنها الفقرة 1 من هذه المادة لأن الدولة الطرف لم تفسره في ضوء أحكام أخرى من العهد واجبة التطبيق، ولا سيما المادتين 14 و15 من العهد. لكنه سبق أن استُنتج وجود انتهاك لهاتين المادتين أو الأحكام ذات الصلة الوارد فيها.

(توقيع) : راجسومر لالاه

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضوا اللجنة السيد شيرير والسيد رومان فيروشيفسكي، وانضم إليه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو (رأي مخالف جزئياً)

إننا نرى أن أسباب تقرير أن الدولة الطرف لم تنتهك العهد بخصوص عقوبة الحبس الوقائي المفروضة على السيد راميكا، والتي نوافق عليها، تنطبق بالقدر نفسه على السيد هاريس. والأساس الذي يقوم عليه التمييز بين حالتي صاحبي البلاغ الآخرين الذي اتبعته اللجنة هو أن العقوبة لمدة محددة في حالة السيد راميكا، وهي أربع عشرة سنة، قد فرضت على جريمة واحدة يتعين قضاؤها بالتزامن مع عقوبة الحبس الوقائي المفروض في جريمة أخرى. أما في حالة السيد هاريس، فإن العقوبة كانت ستحدد بسبع سنوات ونصف السنة، إن كانت محكمة الاستئناف لم تقرر أن الحبس الوقائي له ما يبرره لحماية المجتمع، مما يوجد فجوة من سنتين ونصف السنة بين انقضاء تلك العقوبة المحتملة ونهاية الفترة التي لا يكون فيها السجين مؤهلاً للإفراج المشروط في إطار الحبس الوقائي (وهي عشر سنوات).

ولم يقدم صاحب البلاغ نفسه أي دليل أمام اللجنة يقوم على فترة "فجوة" فعلية أو افتراضية لا يعاد فيها النظر في القضية.

وليس مناسباً، في رأينا، تقسيم الحبس الوقائي لمدة غير محددة إلى جزأين، أحدها عقابي والآخر وقائي. وبخلاف العقوبات لمدد محددة، التي تقوم على الأغراض التقليدية للسجن - معاقبة وإصلاح الجاني وردعه وغيره بحيث لا يرتكب جرائم أخرى، وتعويض الضحية وحماية المجتمع- فإن عقوبات الحبس الوقائي ترمي فقط إلى حماية المجتمع من تصرفات خطيرة في المستقبل يتصرفها مجرم تبين أن العقوبات لمدة محددة لم تبلغ الأهداف المتوخاة منها.

وبموجب قانون الدولة الطرف المطبق على أصحاب البلاغ، يدوم الحبس الوقائي عشر سنوات قبل أن يعيد مجلس الإفراج المشروط النظر فيه (مع العلم أن قراراته تخضع لإعادة النظر القضائية). ونتيجة لتعديل أدخل مؤخراً على ذلك القانون، قُلصت الفترة التي لا يجوز فيها إعادة النظر في القضية إلى خمس سنوات. بل إنه حتى الفترة الأطول لا يمكن اعتبارها تعسفية أو غير معقولة في ضوء الظروف التي تحكم فرض عقوبة من ذلك القبيل. ونحن نرى أن قانون الدولة الطرف في مجال الحبس الوقائي لا يمكن النظر إليه على أنه يتعارض مع العهد. وبصفة خاصة، لا يمكن تفسير الفقرة 4 من المادة 9 من العهد بحيث تعطي الحق في إعادة نظر قضائية في عقوبة عدداً غير محدود من المرات.

(توقيع): إيفان شيرير

(توقيع): رومان فيروشيفسكي

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو (رأي مخالف جزئياً)

إنني اتفق تماماً مع رأي السيدين شيرير وفيروشيفسكي. وفضلاً عن ذلك، أود أن أضيف التالي:

يبدو أن غالبية الآراء ترى أن هناك انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 9، في حالة السيد هاريس بشأن الفرضية القائلة بأن فترة الحبس بموجب قانون نيوزيلندا الجديد ذي الصلة، ينبغي أن تنقسم إلى جزء يتعلق بالاحتجاز التأديبي، وهو يتألف من فترة زمنية معينة أو محددة (فترة عدم إخلاء سبيل مشروط)، وجزء يتعلق بالاحتجاز الوقائي، الذي يتألف من فترة زمنية غير محددة أو غير معينة. وفي رأيي، فإن هذه الفرضية تعتبر مصطنعة وغير قانونية.

ففي العديد من الدول الأطراف في العهد، غالباً ما تحكم المحاكم المحلية على أي مذنب بالحبس لفترة زمنية مرنة (مثل من 5 إلى 10 سنوات)، بحيث يجب عليه أن يظل محبوساً لأقصر فترة زمنية (5 سنوات)، ويمكن الإفراج عنه قبل الفترة الزمنية الأطول (10 سنوات) رهناً بظروف تحسّنه أو إصلاحه. وجوهرياً، فإن هذا الحكم بالحبس لفترة مرنة من الزمن يمكن مقارنته بنظام الاحتجاز الوقائي بموجب قانون نيوزيلندا الجديد.

وربما أعطت عبارة "الاحتجاز الوقائي" شعوراً بأنه احتجاز ذو طابع إداري أساساً مقارنة بالاحتجاز ذي الطبيعة القضائية. ومع هذا، ينبغي أن تنظر اللجنة ليس في الاسم ولكن في جوهر أي قانون لدولة طرف عند تحديد طابعه القانوني. وبعبارة أخرى، فإذا ما رأت اللجنة أن الحكمَ بالحبس لفترة زمنية مرنة يتطابق مع العهد، فليس هناك أي سبب يمنعها من أن تفعل نفس الشيء حيال الاحتجاز الوقائي بموجب قانون نيوزيلندا الجديد. وفي الواقع، إن الفقرة 2 من المادة 31 من العهد، تقتضي أن تمثل اللجنة "النظم القانونية الأساسية" في العالم.

(توقيع) : نيسوكي أندو

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

زاي زاي - البلاغ رقم 1096/2002، كوربانوفا ضد طاجيكستان الآراء التي اعتمدت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيدة سافارمو كوربانوفا (لا يمثلها محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : ابن صاحبة البلاغ عبد العلي عصمتوفيتش كوربانوف

الدولة الطرف: طاجيكستان

تاريخ تقديم البلاغ: 16 تموز/يوليه 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1096/2002 المقدم إليها من السيدة سافارمو كوربانوفا بالنيابة عن ابنها عبد العلي عصمتوفيتش كوربانوف، في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ هي السيدة سافارمو كوربانوفا وهي مواطنة من طاجيكستان مولودة في سنة 1929. وتقدم البلاغ بالنيابة عن ابنها عبد العلي عصمتوفيتش كوربانوف وهو أيضا مواطن من طاجيكستان، ولد في سنة 1960، وحكمت عليه الدائرة العسكرية التابعة للمحكمة العليا في طاجيكستان بعقوبة الإعدام في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001. وهو مودع حاليا في مركز الاحتجاز رقم 1 الواقع في دوشانبي انتظاراً لتنفيذ الحكم. وتزعم صاحبة البلاغ أن ابنها ضحية انتهاك طاجيكستان (1) للمواد 6 و7 و9 و10 وكذلك الفقرة 1 والفقرتين الفرعيتين 3(أ) و(ز) والفقرة 5 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما يبدو أن البلاغ يثير مسائل ذات صلة بالفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد، مع أنه لم يجر الاحتجاج بهذا الحكم بصفة مباشرة. ولا يمثل صاحبة البلاغ محام.

1-2 وفي 16 تموز/يوليه 2002 طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة وعملا بالمادة 86 من نظامها الداخلي، عدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر على السيد كوربانوف فيما لا تزال قضيته معروضة على اللجنة من الدولة الطرف. ولم ترد من الدولة الطرف أي إجابة في هذا الصدد.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تزعم صاحبة البلاغ أن السيد كوربانوف قصد مخفر الشرطة في 5 أيار/مايو 2001 للإدلاء بأقواله كشاهد وأنه احتُجز لمدة سبعة أيام في مبنى إدارة التحقيقات الجنائية التابعة لوزارة الداخلية حيث تدعي صاحبة البلاغ أنه تعرّض للتعذيب. وفي 12 أيار/مايو 2001، وُجهت إليه رسمياً تهمة جنائية بالاحتيال، وصدر أمر بالقبض عليه ونُقل إلى أحد مراكز الاحتجاز لأغراض التحقيق. وأجبر على توقيع إقرار برفضه مساعدة محام.

2-2 وفي 9 حزيران/يونيه 2001، فُتح تحقيق جنائي بشأن قتل ثلاثة أشخاص هم فيروز وفايز أشوروف ود. أورتيكوف في دوشانبي في 29 نيسان/أبريل 2001. وبالإضافة إلى تهمة الاحتيال الأولى، وجهت إلى ابن صاحبة البلاغ في 30 تموز/يوليه 2001 تهمة القتل العمد وحيازة أسلحة نارية بصورة غير مشروعة (2) . وتزعم صاحبة البلاغ أن ابنها قد أُرغم على كتابة اعترافاته تحت الإكراه بعد أن تعرّض للتعذيب؛ وتقول إنها لاحظت خلال زياراتها لابنها وجود ندوب على عنقه ورأسه وكسور في ضلوعه. وتضيف أن أحد القائمين بالتعذيب - وهو المحقق راخيموف - قد اتهم في آب/أغسطس 2001 بتلقي رشاوي وبالتعسف في استعمال السلطة في 13 حالة أخرى تتصل أيضا باللجوء إلى التعذيب؛ وحكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة خمس سنوات وستة أشهر.

2-3 وانتهى هذا التحقيق في 4 آب/أغسطس 2001، وأحيلت القضية إلى المحكمة. وفي 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، حكمت الدائرة العسكرية التابعة للمحكمة العليا على ابن صاحبة البلاغ بالإعدام (مع مصادرة ممتلكاته). وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2001 أكدت المحكمة العليا الحكم عقب إجراءات استئناف استثنائية.

2-4 وقدمت صاحبة البلاغ إلى اللجنة الحكم الذي أصدرته الدائرة العسكرية التابعة للمحكمة العليا في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 باللغة الطاجيكستانية؛ وقدمت في ما بعد ترجمة غير رسمية لهذا الحكم بالإنكليزية. ولا يتضمن الحكم بياناً عن وقائع سير الدعوى للقضية موضوع المحاكمة ولا محرراً من سجل المحاكمة الفعلية. ويبدأ بسرد الوقائع كما أقرتها المحكمة، ثم ينتقل إلى أقوال المتهمين الثلاثة وبعض الشهود، ويتطرق في النهاية للمسائل المتعلقة بالإدانة وإصدار الحكم. ولا يتبدى من هذا الحكم كيفية تشكيل الدائرة العسكرية التابعة للمحكمة العليا، أي ما إذا كان أحد قضاتها أو البعض منهم موظفين عسكريين. غير أن من الواضح أن السيد كوربانوف قد حوكم مع شخص يدعى إسمويل وآخر يدعى نزمدينوف وهو مقدم يعمل في خدمة وزارة الأمن الوطني. وتفيد الوقائع التي أقرتها المحكمة أن السيد كوربانوف قد قام في 29 نيسان/أبريل 2001 بقتل ثلاثة أشخاص كانوا في سيارة أحد الضحايا مستخدماً في ذلك مسدساً غير مرخص. ثم قام بإخفاء الجثث بدفنها على مقربة من مرآب السيارات وترك المسدس لدى السيد إسمويل، بعد أن أبلغه بأنه قد قتل ثلاثة أشخاص. وفي 8 أيار/مايو 2001، سلم السيد إسمويل المسدس إلى السيد نزمدينوف الذي لم يقم بدوره بتسليمه للسلطات، وعُثر على المسدس في شقة السيد نزمدينوف في 12 حزيران/يونيه 2001.

2-5 ويفيد ذات الحكم أن السيد كوربانوف قد اعترف بارتكابه لجرائم القتل وأقر بأنه قام بدفن ثيابه واللوحة التي تحمل رقم رخصة سيارته مع الجثث. ولم يشهد أي من المتهمين معه أو الشهود الذين استمعت المحكمة لأقوالهم أنهم رأوا كوربانوف وهو يرتكب عمليات القتل. وشهد أحد الشهود، وهو السيد حميد أنه علم في 5 أيار/مايو 2001 أن كوربانوف قد اعتقل بتهمة الاحتيال وأنه قاد في ما بعد المحققين إلى الموقع الذي كان يبني فيه مرآبا للسيارات. ويشير الحكم إلى ما قاله حميد بأنه "كان حاضرا عند انتشال الجثث الثلاث من حفرة في المرآب وتبين لـه أن القاتل هو كوربانوف". وشهد آخر وهو السيد ميزروبوف أنه كان موجوداً يوم 5 أيار/مايو 2001 عند اقتياد كوربانوف لتسليمه إلى السلطات. كما كان موجوداً يوم 8 أو 9 حزيران/يونيه 2001 عند العثور على جثث الضحايا الثلاث وعلى "ثياب كوربانوف"، واللوحة التي تحمل رقم رخصة السيارة. ويشير الحكم إلى وجود أدلة من المقذوفات تشير إلى أن المسدس الذي عثر عليه في 12 حزيران/يونيه 2001 في شقة السيد نزمدينوف لـه صلة بالجريمة. غير أن الحكم لا يأتي على ذكر أي أدلة للطب الشرعي تبرهن على وجود صلة تربط بين السيد كوربانوف والثياب التي عُثر عليها مع الجثث، وأقوال المدعى عليهم الثلاثة هي وحدها التي تربط بين السيد كوربانوف والسلاح.

2-6 وفي نهاية المحاكمة صدر الحكم على السيد كوربانوف بالإعدام ومصادرة ممتلكاته، في حين حكم على كل من السيد إسمويل والسيد نزمدينوف بالسجن لمدة أربع سنوات، لصلتهما بسلاح الجريمة، وبعد ذلك مباشرة قضت نفس المحكمة بالعفو عنهما وإطلاق سراحهما.

الشكوى

3-1 تزعم صاحبة البلاغ أن ابنها قد احتجز لمدة سبعة أيام دون صدور أمر بالقبض عليه، وأنه لم يتمكن أثناء هذه الفترة من رؤية أسرته أو الاستعانة بمحام. وترى صاحبة البلاغ أن إلقاء القبض على ابنها واحتجازه بصفة غير شرعية لمدة أسبوع دون إبلاغه سريعا بالتهم الموجهة إليه يشكل انتهاكا للفقرتين 1 و2 من المادة 9 من العهد.

3-2 ويُدعى انتهاك المادة 7 والفقرة الفرعية 3(ز) من المادة 14 من العهد، إذ يُزعم أن السيد كوربانوف قد تعرض أثناء التحقيق للتعذيب والضرب بالركلات والعصي والخنق والتعذيب بالكهرباء لحمله على الاعتراف. وخلال المواجهة التي جرت قبل المحاكمة مع والد أحد الضحايا - وهو السيد أورتيكوف - تعرض ابن صاحبة البلاغ للضرب على يدي هذا الأخير بحضور المحققين.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، لأن إجراءات المحكمة كانت متحيزة. وتزعم أن هذه الإجراءات لم تكن منصفة من البداية، إذ إن أسر الضحايا مارست ضغوطاً على القضاة. وقوبلت كل طلبات الدفاع بالرفض.

3-4 وتزعم صاحبة البلاغ أنها طلبت عند توجيه تهمة القتل إلى ابنها، أن يُعين له محام بصفة تلقائية، نظرا إلى وضعها المالي، إلا أنها أُخطرت أن القانون لا يتيح تلك الإمكانية.

3-5 كما تزعم صاحبة البلاغ أن ملف القضية يفيد أن ابنها قد ساعده محام ابتداءً من 20 حزيران/يونيه 2001، والحال أنها لم تقم بالاتفاق مع محام للدفاع عنه إلا في شهر تموز/يوليه 2001. وتضيف أن المحامي لم يقم بزيارة ابنها سوى مرتين أو ثلاثا أثناء التحقيق، وكان ذلك دوما بحضور محقق. وبعد المحاكمة لم يتمكن ابنها من رؤية المحامي والاستعانة بخدماته. وتفيد صاحبة البلاغ أن المحامي لم يتمكن من استئناف الحكم لنقضه. ولم تتح لابنها فرصة الاطلاع على حكم المحكمة إذ إنه لم يُزود بمترجم. وقام السيد كوربانوف بنفسه بإعداد طعن بالنقض، ورُفض هذا الطعن لأن الموعد المحدد للطعن كان قد انقضى. ورُفض طعن صاحبة البلاغ في الحكم بدعوى أنها ليست طرفا في الدعوى الجنائية. وباءت إجراءات الطعن الاستثنائية التي اتخذها ابنها بنفسه مستعينا بمحاميه بالفشل؛ وتقول صاحبة البلاغ إن هذه الإجراءات لا توفر سبيلاً فعالاً للحماية القانونية. ويُدعى أن الفقرة 5 من المادة 14 من العهد قد انتهكت لأن ابن صاحبة البلاغ قد حرم من حقه في الطعن.

3-6 ولم يستفد ابن صاحبة البلاغ خلال التحقيق من مساعدة مترجم كما لم يوفر لـه مترجم مؤهل خلال المحاكمة، بالرغم من أنه من الناطقين بالروسية في حين أن بعض وثائق المحكمة مكتوبة بالطاجيكستانية. ويُزعم أن في ذلك انتهاك للفقرة الفرعية 3(و) من المادة 14 من العهد.

3-7 ويقال إن ابن صاحبة البلاغ محتجز في ظروف لا إنسانية. فالزنزانات لا يتوفر فيها الماء؛ وتوجد المراحيض في ركن من الزنزانات إلا أنه يتعذر استعمالها لعدم وجود الماء. وفي الشتاء، تكون الزنزانات شديدة البرودة، أما في الصيف فهي شديدة الحرارة. والتهوية محدودة لصغر حجم الزنزانات والنوافذ. وتجتاح الحشرات هذه الزنزانات بسبب انعدام النظافة. ولا يسمح للسجناء بمغادرتها إلا لنصف ساعة في اليوم كي يتمشوا. ويُزعم أن هذه الظروف تنطوي على انتهاك للمادة 10 من العهد.

3-8 وأخيرا، تدعي صاحبة البلاغ أن حق ابنها في الحياة المشمول بالحماية بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 6 من العهد قد انتهك، لأن انتهاكات المادة 14 قد أسفرت عن إصدار محكمة غير مختصة لحكم إعدام غير شرعي وجائر في حقه.

ملاحظات الدولة الطرف على جواز القبول والأسس الموضوعية

4-1 تلاحظ الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 16 أيلول/سبتمبر 2002 أنه وفقاً للمعلومات الواردة من اللجنة الحكومية المعنية بتنفيذ التزامات طاجيكستان في مجال حقوق الإنسان، أصدرت الدائرة العسكرية للمحكمة العليا في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 حكماً بإعدام السيد كوربانوف. وبدأت الإجراءات الجنائية المتخذة ضد ابن صاحبة البلاغ في 12 أيار/مايو 2001. وصدر أمر بالقبض عليه في نفس اليوم ووقع إقراراً بخط اليد بأنه ليس في حاجة إلى تمثيل قانوني أثناء التحقيق الأولي.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن السيد كوربانوف قد قام في 29 نيسان/أبريل 2001 بقتل ثلاثة أشخاص، وأن تحقيقاً جنائياً قد فتح بهذا الشأن في 9 حزيران/يونيه 2001. وتنوه الدولة الطرف بأن السيد كوربانوف قد أقر بذنبه في اعتراف خطي وكامل، وشرح ملابسات وقوع الجريمة بحضور محام هو السيد نيزوموف. وترى الدولة الطرف أن ما تدعيه صاحبة البلاغ من استخدام أساليب تحقيق غير شرعية ضد ابنها، بما في ذلك العنف والتعذيب، ينبغي اعتباره ادعاءات غير مدعومة بالأدلة، إذ إن السيد كوربانوف لم يذكر هذه الادعاءات لا أثناء التحقيق ولا أمام المحكمة.

4-3 كما ترفض الدولة الطرف ما تدعيه صاحبة البلاغ من عدم تزويد ابنها بمترجم أثناء التحقيق وخلال إجراءات المحاكمة، باعتباره ادعاء غير مدعوم بالأدلة. ذلك أن السيد كوربانوف طاجيكستاني، وأعلن لدى اطلاعه على ملف القضية بعد انتهاء التحقيق، أنه ليس في حاجة إلى مترجم. وجرت المحاكمة بحضور محام وبمشاركة مترجم.

4-4 وأخيراً، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا أشارت إلى أن ابن صاحبة البلاغ لم يطعن في استئنافه بالنقض في حكم المحكمة ولا في أفعال المحكمة أو المحققين، بل طلب تخفيف الحكم الصادر بالإعدام إلى الحكم بالسجن لمدة طويلة. وتخلص الدولة الطرف استناداً إلى بحثها للقضية إلى عدم حدوث انتهاك للعهد.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في رسائل مؤرخة 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 و13 كانون الثاني/يناير و27 آذار/مارس و21 تموز/يوليه 2003، قدمت صاحبة البلاغ معلومات إضافية. عادت إلى تأكيد أن ابنها قد ألقي القبض عليه في 5 أيار/مايو 2001 في حدود الساعة 3 بعد الظهر عندما قصد مخفر الشرطة طوعاً للإدلاء بأقواله كشاهد. وفي 7 أيار/مايو قدمت صاحبة البلاغ شكوى خطية إلى مكتب النائب العام؛ وفي ذات اليوم توجه موظفون من ذلك المكتب إلى وزارة الداخلية للاستفسار عن مكان وجود ابنها لكنهم لم يستطيعوا العثور عليه، إذ كان قد تعرض للضرب وكان مغطى بالدماء فأخفي في مكتب مغلق بحضور الشرطي الذي ضربه.

5-2 وتشير صاحبة البلاغ إلى أن ملاحظات الدولة الطرف تضمنت نسخاً من أوراق محضر التحقيق، خصصت فيها خانة لبيان الحاجة إلى الترجمة، ذكر فيها أن السيد كوربانوف لا يحتاج إلى ترجمة وأنه سيدلي بأقواله بالروسية. وترى صاحبة البلاغ أن في ذلك دليلاً على أن الروسية هي لغة ابنها الأم. وجرى التحقيق بالروسية. إلا أن بعض الإجراءات، من قبيل مواجهة الشهود واستجوابهم، تمت بالطاجيكستانية؛ ورغم التماس ابنها للترجمة، فقد رفض المحقق توفيرها له، معللاً بأن السيد كوربانوف مواطن طاجيكستاني يفترض أنه يتقن اللغة الطاجيكستانية. وقد جرت المحاكمة أيضاً بالطاجيكستانية. ووفرت الترجمة في بعض الجلسات، إلا أن صاحبة البلاغ تزعم أن المترجم لم يكن مؤهلاً، وكان من الصعب فهمه في أحيان كثيرة.

5-3 وفي ما يتعلق بصحة اعترافات ابنها، تذكر صاحبة البلاغ أن ابنها لا ينفي صحة توقيعه على أوراق المحضر، لكنه يدعي أنه وقع تلك الأوراق تحت التعذيب. وتكرر صاحبة البلاغ أن ابنها يحمل آثار التعذيب على جسده، وأن الدولة الطرف أُحيطت علماً بذلك في مناسبات عدة.

5-4 ولما كان السيد كوربانوف لم يزود بخدمات محام إلا في 23 تموز/يوليه 2001، فقد تمت جميع الإجراءات خلال هذه الفترة (بما في ذلك الاستجوابات) دون أي تمثيل قانوني الأمر الذي يسر تعذيب ابنها الذي لم يستطع الشكوى لأسباب من بينها أنه لم يكن يعرف إلى من يتقدم بشكواه.

5-5 وتكرر صاحبة البلاغ أن ابنها، لم يبلغ سريعاً عند إلقاء القبض عليه بالأسباب الداعية إلى ذلك، كما أنه لم يبلغ بعد ذلك بالعقوبة المحتمل أن يتعرض لها على الجريمة المنسوبة إليه.

5-6 وفي الفترة ما بين 5 و12 أيار/مايو، كان ابن صاحبة البلاغ محتجزاً في مبنى إدارة التحقيقات الجنائية ومُنع من تلقي الطعام والأصناف المرسلة إليه.

5-7 وفي ما يتعلق بما تدعيه الدولة الطرف من أن السيد كوربانوف طاجيكستاني يفترض أنه يتقن اللغة الطاجيكستانية، تقول صاحبة البلاغ إن ابنها لا يحوز سوى معرفة سطحية بالطاجيكستانية لأن تعليمه كان بالروسية فضلاً عن أنه أقام في روسيا مدة طويلة. ولا يسعه فهم المصطلحات القانونية والعبارات الطاجيكستانية الفصيحة. ولذلك لم يتسن له فهم التهم المنسوبة إليه أو الحكم الصادر ضده خلال المحاكمة.

5-8 وتقر صاحبة البلاغ بعدم تقديم شكوى محددة بشأن استخدام التعذيب، لكنها تؤكد أن هذا الادعاء قد أثير في المحكمة وأبلغ به أيضاً العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية. ومن ثم تعتقد صاحبة البلاغ أن السلطات كانت تعلم حق العلم بالادعاءات المتصلة بما تعرض له ابنها من تعذيب. ومع ذلك لم يجر أي تحقيق بهذا الشأن.

5-9 وتكرر صاحبة البلاغ أن التحقيق في قضية ابنها اتسم ب رمته بالتحيز وعدم الموضوعية. ذلك أن ملف الدعوى كان في الأصل يتضمن شكوى تتعلق بالاحتيال قدمتها زوجة رجل يدعى حيدر كوميلوف؛ إلا أن المحققين حذفوا كل إشارة إلى ذلك الشخص في مرحلة لاحقة، وصاروا يسمونه "حيدر المجهول". وترى صاحبة البلاغ أن المحققين أزاحوا بذلك شاهداً هاماً محتملاً من الإجراءات.

5-10 وتفيد صاحبة البلاغ في رسالتها المؤرخة 21 تموز/يوليه 2003 أن حالة ابنها النفسية قد تدهورت تدهوراً شديداً بسبب ما يثيره لديه توقع إعدامه من كدر وهم.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

قرار بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتأكدت اللجنة من أن نفس المسألة لا يجري بحثها بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة الفرعية 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفي ما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تحيط اللجنة علما بأن ابن صاحبة البلاغ، بالرغم من أنه لم يتمكن من إقامة دعوى استئناف عادية بعد إدانته، فقد كانت قضيته محل استعراض من خلال استئناف المحكمة العليا لها، وأن الدولة الطرف لم تعترض على جواز قبول البلاغ على هذا الأساس. وبالتالي ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ استوفت شروط الفقرة الفرعية 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفي ما يتعلق بما تدعيه صاحبة البلاغ وفقاً للفقرة 1 من المادة 14 من أن المحاكمة كانت متحيزة بسبب الضغط الذي فرضه الحاضرون، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تؤيد هذا الادعاء بالأدلة لأغراض المقبولية، ومن ثم، لا يجوز قبول هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفي ما يتعلق بما تزعمه صاحبة البلاغ من أن ابنها حرم من مساعدة محام خلال التحقيق الذي سبق المحاكمة وأن مساعدة محاميه لـه في المراحل التالية ظلت محدودة، تلاحظ الدولة الطرف أن هذين الادعاءين يمكن أن يثيرا مسائل في إطار الفقرتين الفرعيتين 3(ب) و(د) من المادة 14، وتذكر بأحكامها القضائية بأنه من الضروري في القضايا التي تنطوي على حكم بالإعدام على وجه الخصوص أن تتاح للمتهم مساعدة قانونية فعالة من جانب محام في جميع مراحل الإجراءات (3) . غير أن المحكمة تلاحظ أن ابن صاحبة البلاغ قد استعان بمحام خاص اعتباراً من 23 تموز/يوليه 2001، بما في ذلك فترة المحاكمة الفعلية وإجراء الاستئناف الاستثنائي، كما أن صاحبة البلاغ لم تقدم أي تاريخ لما يدعى عملية مواجهة الشهود واستجوابهم التي تجري في إطار التحقيق السابق للمحاكمة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أنه بالرغم من أن ابن صاحبة البلاغ ربما يكون قد اشتبه في ارتكابه جرائم القتل منذ اكتشاف الجثث، فإنه لم يخطر بالاشتباه فيه إلا يوم 11 حزيران/يونيه 2001، واتهم بصفة رسمية بارتكاب جرائم القتل في 30 تموز/يوليه 2001، أي عندما كان يحظى بالفعل بمساعدة محام. مع أنه سيتعين على اللجنة بموجب الفقرة 2 من المادة 9 والفقرة الفرعية 3(أ) من المادة 14 أن تتناول تصرف سلطات الدولة الطرف من حيث الأسس الموضوعية، فإنها ترى في ظل هذه الظروف أنه لم يجر دعم أي مسألة في إطار الفقرتين الفرعيتين 3(ب) و(د) من المادة 14 بالأدلة لأغراض المقبولية.

6-6 وبالمثل، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تدعم بالأدلة لأغراض المقبولية حدوث انتهاك للفقرة الفرعية 3(و) من المادة 14 بسبب القيود المفروضة على الترجمة التي أتيحت لابنها ورداءة نوعيتها. واللجنة إذ تحيط علماً بوجه خاص، بأنه يبدو من الحكم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 حضور مترجم، تخلص إلى أنه لا يجوز قبول هذا الادعاء بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وفي ما يتعلق بما تدعيه صاحبة البلاغ من أن ابنها قد حرم من حق الطعن، تلاحظ الدولة الطرف أن السيد كوربانوف كان ممثلاً بمحام خاص ولم يطلب الطعن في الحكم بالنقض بصورة عادية. والسبب في ذلك غير واضح، لكن الأمر آل إلى تعذر استعراض قرار إدانة السيد كوربانوف إلا عن طريق الاستئناف الاستثنائي. وفي ظل هذه الظروف الخاصة، ترى اللجنة أنه بالرغم من أن الاستعراض ربما يكون محدوداً بقدر أكبر من إجراءات الاستثناء العادية، وأن صاحبة البلاغ لم تقم، لأغراض المقبولية، بتأييد ادعاءها بالأدلة كما تقتضي الفقرة 5 من المادة 14. وبناء عليه لا يجوز قبول هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-8 وترى اللجنة أن بقية ادعاءات صاحبة البلاغ مؤيدة بالأدلة بما يكفي لأغراض المقبولية، وتنتقل إلى النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقا لما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وأحاطت اللجنة علما بما تزعمه صاحبة البلاغ من أن ابنها اعتقل يوم السبت (5 أيار/مايو 2001) واحتجز لمدة سبعة أيام دون توجيه تهمة إليه. وتقدم صاحبة البلاغ لدعم ادعائها نسخة من سجل الشرطة الذي يتضمن محضراً فُتح في 7 أيار/مايو 2001 في ما يتعلق بالقبض على ابنها بدعوى الاحتيال. وفي نفس اليوم قدمت صاحبة البلاغ شكوى إلى مكتب النائب العام بشأن احتجاز ابنها الذي تدعي أنه غير شرعي. وإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة استناداً إلى الحكم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 عن الدائرة العسكرية للمحكمة العليا أن صاحب البلاغ احتجز في 5 أيار/مايو 2001. ولا تنفي الدولة هذه المعلومة بادعائها إصدار أمر اعتقال في 12 أيار/مايو 2001. وفي غياب أي تفسيرات أخرى من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قد احتجز لمدة سبعة أيام دون أمر اعتقال ودون المثول أمام قاض. وتخلص اللجنة إلى أن حقوقه بموجب الفقرتين 2 و3 من المادة 9 من العهد قد انتهكت.

7-3 وعلاوة على ذلك، تبين الوثائق التي قدمتها الدولة الطرف أن السيد كوربانوف قد أبلغ في 11 حزيران/يونيه 2001، بعد احتجازه في 5 أيار/مايو 2001 لأسباب أخرى، بالاشتباه في ارتكابه لجرائم القتل التي وقعت في 29 نيسان/أبريل 2001، ولم توجه إليه تهمة ارتكابها إلا في 30 تموز/يوليه 2001. وخلال احتجازه اعتبارا من 5 أيار/مايو 2001 فصاعداً، لم يحظ بمساعدة محام إلا في الأسبوع الأخير ابتداء من 23 تموز/يوليه 2001. وترى اللجنة أن التأخير في إبلاغ المحتجز بالتهم المنسوبة إليه وتأمين المساعدة القانونية لـه قد أثرا على إمكانيات دفاع السيد كوربانوف عن نفسه على نحو يشكل انتهاكاً للفقرة الفرعية 3(أ) من المادة 14 من العهد.

7-4 وأحاطت اللجنة علما بما قدمته صاحبة البلاغ من وصف مفصل للضرب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة التي تعرض لها ابنها. كما حددت صاحبة البلاغ أسماء بعض الأفراد الذين يُدعى ضلوع هم في إساءة معاملة ابنها. وفي المقابل، اقتصر رد الدولة الطرف على أن هذه الادعاءات لم ترد أثناء التحقيق ولا في المحكمة. وتذكر اللجنة (4) بأن عبء الإثبات، لا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة بالنظر إلى أن صاحب البلاغ والدولة الطرف لا يتساويان دائماً في الوصول إلى الأدلة وأن الدولة الطرف كثيراً ما يتسنى لها وحدها الاطلاع على المعلومات ذات الصلة. وإضافة إلى ذلك فإن مجرد عدم ورود ادعاء بالتعرض للتعذيب في إجراءات الاستئناف المحلية لا يمكن أن يؤخذ في حد ذاته لغير صالح الضحية المزعومة، إذا تبين كما هو الحال في هذه القضية أن هذا الادعاء قد ذكر بالفعل خلال المحاكمة لكنه لم يسجل ولم يتم البت فيه. وفي ضوء التفاصيل التي قدمتها صاحبة البلاغ بشأن سوء المعاملة المزعومة وعدم توفر سجل المحاكمة، وفي غياب أي تفسيرات إضافية من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن من الواجب إيلاء مزاعم صاحبة البلاغ ما تستحق من اهتمام. واللجنة تلاحظ بوجه خاص أن الدولة الطرف لم تحقق في مزاعم صاحبة البلاغ، التي أحيطت سلطات الدولة الطرف علما بها، ترى أن الوقائع كما عرضت عليها تكشف عن انتهاك للمادة 7 من العهد.

7-5 وفي ضوء ذلك الاستنتاج وكون إدانة صاحب البلاغ قامت على اعتراف منتزع بالإكراه، تخلص اللجنة أيضاً إلى حدوث انتهاك للفقرة الفرعية 3(ز) من المادة 14 من العهد.

7-6 وفي ما يتعلق بما تدعيه صاحبة البلاغ من أن حقوق ابنها المكفولة في الفقرة 1 من المادة 14 قد انتهكت من خلال إصدار محكمة غير متخصصة حكمها عليه بالإعدام، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تتناول هذا الادعاء ولم تقدم أي تفسير بشأن سبب تولي الدائرة العسكرية للمحكمة العليا محاكمة المتهم في الدرجة الأولى، وفي غياب أي معلومات من الدولة الطرف تبرر إحالة القضية إلى محكمة عسكرية، ترى اللجنة أن المحاكمة وحكم الإعدام الصادر ضد ابن صاحبة البلاغ وهو مدني، لا يستوفيان مقتضيات الفقرة 1 من المادة 14.

7-7 وتذكر اللجنة (5) بأن فرض عقوبة الإعدام في ختام محاكمة لم تُحترم فيها أحكام العهد يشكل انتهاكا للمادة 6 من العهد. وفي هذه القضية، ينطوي إصدار حكم الإعدام على انتهاك للحق في محاكمة عادلة على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من العهد، ومن ثم يعد خرقاً للمادة 6.

7-8 ولم تقدم الدولة الطرف أي تفسيرات للرد على ما تدعيه صاحبة البلاغ بالتفصيل من أن ظروف احتجاز ابنها بعد الإدانة تنطوي على خرق للمادة 10 من العهد. وفي غياب أي تفسيرات من الدولة الطرف، ينبغي إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ ما تستحق من اهتمام، وقد جاء فيها أن زنزانة ابنها غير مزودة بالمياه وتتسم بالبرد القارس في الشتاء والحر الشديد في الصيف، وتنقصها التهوية وتعبث فيها الحشرات وأنه لا يسمح لابنها بمغادرة زنزانته إلا لنصف ساعة في اليوم. واللجنة إذ تشير إلى القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء، تخلص إلى أن الظروف كما ورد وصفها تعد انتهاكاً لحقوق الابن المكفولة في الفقرة 1 من المادة 10.

8- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق السيد كوربانوف بموجب أحكام المادة 7 والفقرتين 2 و3 من المادة 9 والمادة 10 والفقرة 1 والفقرتين الفرعيتين 3(أ) و(ز) من المادة 14، والمادة 6 من العهد.

9- ويحق لابن صاحبة البلاغ وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، أن يتاح لـه سبيل انتصاف فعال يشمل التعويض أو أن يمنح فرصة لإقامة دعوى جديدة أمام محكمة عادية مع الحصول على جميع الضمانات الواردة في المادة 14، أو أن يُطلق سراحه إذا لم يكن ذلك ممكناً، والدولة الطرف ملزمة باتخاذ تدابير كي تمنع تكرار انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

10- واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف عندما أصبحت طرفا في البروتوكول الاختياري قد اعترفت، باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حال ثبوت وقوع انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ هذه الآراء. وتطلب أيضاً من الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البرتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لطاجيكستان في 4 نيسان/أبريل 1999.

(2) يتبين من الوثائق التي قدمتها الدولة الطرف في ما بعد أن ابن صاحبة البلاغ قد أبلغ في بادئ الأمر في 11 حزيران/يونيه 2001 بالاشتباه في ارتكابه جرائم القتل.

(3) انظر على سبيل المثال قضية آلييف ضد أوكرانيا ، البلاغ 781/1997، و روبنسن ضد جامايكا ، البلاغ رقم 223/1987، و براون ضد جامايكا ، البلاغ رقم 775/1997.

(4) انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 161/1983، روبيو ضد كولومبيا .

(5) انظر قضية كونروي ليفي ضد جامايكا ، البلاغ رقم 719/1996 و كلارنس مارشال ضد جامايكا ، البلاغ رقم 730/1996.

حاء حاء - البلاغ رقم 1117/2002، خوميدوفا ضد طاجيكستان (الآراء التي اعتمدت في 29 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثم ا نون) *

المقدم من: السيدة ساودات خوميدوفا (لا يمثلها محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: السيد باخروم خوميدوف (نجل مقدمة البلاغ)

الدولة الطرف: طاجيكستان

تاريخ البلاغ الأولي: 17 أيلول/سبتمبر 2002 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 29 تموز/يوليه 2004،

قد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1117/2002 المقدم إلى اللجنة نيابة عن السيد باخروم خوميدوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الخطية التي أتاحتها لها مقدمة البلاغ،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 مقدمة البلاغ المؤرخ في 17 أيلول/سبتمبر 2002 هي السيد سودات خوميدوفا من مواطني طاجيكستان. وهي تقدم البلاغ نيابة عن نجلها باخروم خوميدوف المواطن الطاجيكي المولود في عام 1968، والمحتجز حالياً رهن الإعدام في دوشنبي بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية العليا حكماً بإعدامه في 12 أيلول/سبتمبر 2001. وتدعي مقدمة البلاغ أن نجلها وقع ضحية انتهاكات طاجيكستان للفقرتين 1 و2 من المادة 6؛ والمادتين 7 و9؛ والفقرات 1 و3(ب) و(ز) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويبدو أن البلاغ يثير أيضاً قضايا بموجب الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد، وإن لم يُحتج بهذا الحكم مباشرة. ومقدمة البلاغ لا يمثلها محام.

1-2 وفي 27 أيلول/سبتمبر 2002، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، من الدولة الطرف عدم تنفيذ حكم الإعدام على السيد خوميدوف أثناء نظر اللجنة في قضيته. ولم يرد رد من الدولة الطرف على هذا الطلب (1) .

الوقائع كما عرضتها مقدمة البلاغ

2-1 في مساء يوم 26 إلى 27 شباط/فبراير 2000، قُتل السيد والسيدة بيرنوزاروف بالرصاص في منزلهما. وفي 25 أيار/مايو 2000، اعتُقل نجل مقدمة البلاغ بالقرب من بيت والدته في دوشينبي، دون شرح أسباب اعتقاله. ويُقال إن رجال الشرطة قد ساعدهم أصدقاء وأقارب السيد والسيدة بيرنوزاروف في هذا الأمر.

2-2 ولم يتم إبلاغ أسرة السيد خوميدوف بأمر اعتقاله. وحاول أقاربه دون جدوى معرفة مكانه؛ وكل ما علموه بعد عشرة أيام (2) أن الشرطة قد اعتقلته لصلته بحادث القتل. وقد وجهت تهمة القتل إلى السيد خوميدوف بعد مرور شهر من اعتقاله.

2-3 ويُدعى أن السيد خوميدوف قد احتُجز لمدة أربعة أشهر في ثلاثة مراكز مختلفة للشرطة، إذ أرادت الشرطة حمله على الاعتراف بارتكاب جرائم أخرى عديدة. ويُدعى أن ظروف الاحتجاز في هذه المرافق غير مناسبة كلية لقضاء فترات احتجاز طويلة. ولم يتمكن أي أقارب من رؤيته حتى نُقل إلى مركز التحقيقات في تشرين الأول/أكتوبر 2000. وكانت الزيارات تتم دائماً في وجود المحققين أو العاملين بمركز الحجز.

2-4 وبعد الاعتقال لم يُعهد لمحام بالدفاع عن نجل مقدمة البلاغ؛ ولم يتم إبلاغه بحقه في أن يمثله محام. وبعد مرور شهرين كاملين تم توفير محام لـه اختاره المحققون. ووفقاً لمقدمة البلاغ، كان هذا المحامي غير كفؤ وعمل لصالح الادعاء ودون اطلاع الأسرة على التقدّم المحرز في التحقيق. وكانت المشاورات بين المحامي ونجل مقدمة البلاغ تتم دائماً في حضور المحققين.

2-5 وتجادل مقدمة البلاغ بأن نجلها عُذِّب بالصدمات الكهربائية وتعرض للضرب على مدار التحقيق، وأُرغم على توقيع اعترافات خطية أعدها المحققون سلفاً؛ وأن غالبية الاعترافات وُقِّعت في غياب محام. وتورد مقدمة البلاغ أسماء موظفي الادعاء الذين تدعي أنهم عذبوا نجلها. وتدعي أن نجلها ضُرب بالعُصِي وأن أجزاء من جسده تعرضت لصدمات كهربائية بقضيب معدني مما أصاب رأسه وضلوعه بجراح. كما تؤكد أن نجلها أراها أصابعه الملتوية من جراء التعذيب .

2-6 وقد اتُهم السيد خوميدوف بأنه عضو في عصابة إجرامية يرأسها شخص يُدعى ن. أ. متخصصة في السرقة. ووُجهت إلى نجل مقدمة البلاغ تُهمة ارتكاب عشرة حوادث سرقة ويُدعى أنه كان العضو الوحيد في العصابة الذي جرت محاكمته (قُتل خمسة آخرون من أفراد العصابة المشتبه بهم على يد الشرطة في أيار/مايو 2000)؛ كما اتُهم بالاعتداء على سائق سيارة وسرقة سيارته؛ واتُهم كذلك بحيازة وتخزين أسلحة نارية بطريقة غير مشروعة والمشاركة في هجوم على قوات حكومية، ومحاولة نسف منزل مفتش شرطة. كما مورس ضغط نفسي على السيد خوميدوف لأن أسرة السيد والسيدة بيرنوزاروف، بتأييد من الشرطة، أشعلت النار في منزله وأرغمت زوجته وأطفاله على مغادرته، في حين يُدعى أن الشرطة صادرت سيارته وأثاث منزله. وتم تدمير طاحون والده والاستيلاء على ماشيته؛ وتعرض والده للضرب بمؤخرة بندقية. ويُدعى أن الشرطة أبقت السيد خوميدوف على علم بهذه الحوادث لممارسة ضغط إضافي عليه.

2-7 كما تدعي مقدمة البلاغ أن معظم إجراءات التحقيق جرت في غياب المحامي، مما يجعل الأدلة المتحصلة غير قانونية وغير مقبولة.

2-8 ويُدعى أن س. ك. قاضي المحكمة العليا كان يمارس عمله بطريقة تؤكد اتهامه للسيد خوميدوف. فكانت طلبات محامي السيد خوميدوف تُرفض، وخاصة حين يُطالب باستدعاء شهود جُدد، وحين يطلب شهادة خبير طبي لتوضيح ما إذا كانت إصابات السيد خوميدوف هي نتيجة ما تعرض لـه من تعذيب. وكانت الشاهدة الوحيدة للجريمة هي ابنة الجيران البالغة من العمر خمس سنوات، وكانت الوحيدة التي تعرّفت على السيد خوميدوف باعتباره المذنب. ووفقاً لمقدمة البلاغ، فقد جاءت شهادة الطفلة نتيجة "الإعداد" الذي خضعت لـه من قبل الشرطة. وفيما يتعلق بالرواية المتصلة بسرقة سيارة، تدعي مقدمة البلاغ أن شهود العيان لم يتمكنوا من التعرف على نجلها أثناء عرض المشتبه بهم وفي المحكمة .

2-9 وفي 12 أيلول/سبتمبر 2001، أعلنت المحكمة العليا أن السيد خوميدوف مذنب بارتكاب جميع الجرائم الموجهة إليه وأصدرت عليه حكماً بالإعدام. ووفقاً لمقدمة البلاغ، فقد فُرضت عقوبة الإعدام على نجلها لأن القاضي كان يخشى أن تضطهدها أسرة الضحيتين. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، وبعد الاستئناف، أيد المجمع الجنائي للمحكمة العليا الحكم الصادر. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2002، رفض رئيس طاجيكستان منح عفو خاص لنجلها.

2-10 وتضيف مقدمة البلاغ أن نجلها ذكر لها أن عدة محققين قاموا بزيارته في آب/أغسطس 2002 في عنبر الإعدام وطلبوا منه الاعتراف بجرائم أخرى لم يتم العثور على مرتكبيها وترجع إلى 4-5 أعوام، من بينها قتل بعض أعضاء البرلمان. ومن الواضح أنه قيل لـه إنه بالنظر إلى صدور حكم بإعدامه، فإن الاعتراف بارتكاب جريمة أو أكثر لن يُغيّر من الأمر شيئاً.

2-11 وفي 26 كانون الثاني/يناير 2004، طلبت مقدمة البلاغ من اللجنة أن تُعيد تأكيد طلبها باتخاذ تدابير مؤقتة للحماية، إذ تلقت معلومات غير رسمية تُفيد بأن إعدام نجلها من المقرر أن يتم في أوائل شباط/فبراير.

2-12 وفي 31 آذار/مارس 2004، أبلغت مقدمة البلاغ اللجنة أنها التقت بنجلها في 27 آذار/مارس وأنه وجدته في حالة صحية ونفسية سيئة. فقد كان بالغ العصبية يصرخ أثناء اللقاء قائلاً إنه لم يعد يمكنه الحياة في ظل هذا القلق وأنه يفضل إعدامه. وقد هدد بالانتحار. ووفقاً لما ذكرته، فقد كان يُعاني أيضاً من مشاكل التهاب الجلد (حك مستمر) ومن "ورم" في الحلق ومشاكل صحية أخرى، لكنه لا يتلقى أي علاج أو فحص طبي.

2-13 وكررت مقدمة البلاغ أن المحققين طلبوا من ابنها الاعتراف بارتكاب جرائم أخرى. وتدعي أن نجلها تعرض للضرب من المحققين، إذ أظهر لها آثار الضرب على جسده والخدوش في وجهه. ولم تقدم شكوى إلى السلطات في هذا الصدد، إذ تخشى أن يزداد إيذاؤه أو أن يتم إعدامه.

الشكوى

3-1 تدعي مقدمة البلاغ أن حقوق نجلها بموجب المادة 7 من العهد قد انتُهكت، إذ تعرض للضرب والتعذيب في الحجز.

3-2 ويُقال إن الفقرتين 1 و2 من المادة 9 قد انتُهكت، إذ تم احتجاز السيد خوميدوف بطريقة غير قانونية لفترة طويلة من الزمن دون توجيه أي اتهامات إليه.

3-3 ويُقال إن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت، إذ لم تُراع المحكمة التزامها بالحيدة والاستقلال. وفي هذا السياق، فإن ادعاء مقدمة البلاغ بأن القاضي رفض، بضغط من أقارب الضحيتين، الأمر بإجراء فحص طبي للتأكد مما إذا كانت إصابات السيد خوميدوف هي نتيجة التعذيب، أو رفض استدعاء شهود لصالحه، ربما يُثير قضايا بموجب الفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد رغم عدم الاحتكام إليها تحديداً.

3-4 وتدعي مقدمة البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 3(ب) من المادة 14، إذ لم يُسمح لنجلها بوقت كافٍ لإعداد دفاعه ولأنه لم يُمنح من الوقت ومن التسهيلات ما يُمكّنه من الالتقاء بمحاميه.

3-5 ويُقال إن الفقرة 3(ز) من المادة 14 قد انتُهكت لإكراه السيد خوميدوف على الشهادة ضد نفسه.

3-6 وأخيراً تدعي مقدمة البلاغ أن حق نجلها في الحياة قد انتُهك بموجب الفقرتين 1 و2 من المادة 6 من العهد، إذ صدر عليه حكم بالإعدام بعد محاكمة لم تستوف الضمانات الواردة في المادة 14 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4- في 18 أيلول/سبتمبر 2002، و2 كانون الأول/ديسمبر 2003، و28 كانون الثاني/يناير 2004 و14 نيسان/أبريل 2004، طُلب إلى الدولة الطرف أن تقدم إلى اللجنة معلومات عن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أن هذه المعلومات لم ترد بعد. وتأسف اللجنة إذ إن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تتعلق بجوهر ادعاءات مقدمة البلاغ. وتذكِّر بأنه من المنصوص عليه ضمناً في البروتوكول الاختياري أن تتيح الدول الأطراف للجنة كل ما في حوزتها من معلومات. وفي ظل عدم تلقي رد من الدولة الطرف، يجب إعطاء الثقل الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ على قدر إثبات هذه الادعاءات بالبراهين المناسبة (2) .

قرار اللجنة بشأن المقبولية

5-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل أن تنظر في أي شكوى ترد في أحد البلاغات، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وتلاحظ اللجنة أنه لا يجري النظر في المسألة ذاتها في إطار أي إجراء دولي آخر، وأن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. ولم يرد أي اعتراض من الدولة الطرف على هذا الاستنتاج. وعليه فقد تم تلبية الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

5-3 وترى اللجنة أن ادعاءات مقدمة البلاغ قد تم إثباتها ببراهين كافية لأغراض المقبولية، إذ يبدو أنها تثير قضايا بموجب المواد 6 و7 و9 والفقرات 1 و3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14 من العهد. وعليه فإنها تنتقل إلى النظر في الادعاءات بناء على الوقائع الموضوعية.

النظر في الوقائع الموضوعية

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أُتيحت لها، وفقاً لما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-2 وتحيط اللجنة علماً بالوصف التفصيلي لمقدمة البلاغ لوقائع التعذيب التي تعرّض لها نجلها لحمله على الاعتراف بالجرم. وحددت بالاسم العديد من الأفراد المدعى مشاركتهم في الأحداث السابقة. وفي هذه الظروف، وفي غياب أي تفسيرات من الدولة الطرف في هذا الصدد، يجب منح الثقل الواجب لادعاءاتها. وبالنظر إلى أن مقدمة البلاغ وفّرت معلومات مفصّلة عن أشكال محددة من التعذيب البدني والنفسي الذي لحق بنجلها أثناء احتجازه السابق على المحاكمة (انظر الفقرتين 2-5 و2-6)، تعتبر اللجنة أن الوقائع المقدمة تكشف عن انتهاك للمادة 7 من العهد.

6-3 وتدعي مقدمة البلاغ أن نجلها احتُجز لمدة شهر لم يبلَّغ خلاله بالاتهامات الموجهة إليه، وأن احتجاز نجلها كان غير قانوني إذ لم يعرض مباشرة على قاض أو أي مسؤول آخر يأذن لـه القانون بممارسة سلطة قضائية لاستعراض قانونية احتجازه. وفي غياب أي ملاحظات من الدولة الطرف، يجب منح الثقل الواجب لادعاءات مقدمة البلاغ. وعليه، تعتبر اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرتين 1 و2 من المادة 9 من العهد.

6-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات مقدمة البلاغ أن نجلها لم يمثله محام إلا بعد شهر من اتهامه بارتكاب جرائم عديدة، وأن جميع اللقاءات بينه وبين المحامي الذي خصص لـه بعد ذلك من قبل جهات التحقيق كانت تعقد في حضور المحققين انتهاكاً للفقرة 3(ب) من المادة 14. وتشير اللجنة إلى ما ورد في رسائل مقدمة البلاغ بشأن توقيت وظروف المساعدة المقدمة من محام إلى نجلها قبل المحاكمة، الأمر الذي أضر بإمكانات نجلها في إعداد دفاعه. وفي ظل عدم وجود أي تفسيرات من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق السيد خوميدوف بموجب الفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد.

6-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء مقدمة البلاغ بأن محاكمة السيد خوميدوف غير عادلة، إذ لم تف المحكمة بالتزامها الحيدة والاستقلالية (انظر الفقرتين 2-8 و2-9 أعلاه. كما تحيط علماً بما ذكرته مقدمة البلاغ بأن محامي نجلها طلب من المحكمة استدعاء شهود لصالحه، وأن يفحصه طبيب لتقييم الإصابات التي لحقت به نتيجة ما تعرض لـه من تعذيب لحمله على الاعتراف بالجرم. وقد رفض القاضي طلبه دون أي أسباب. وفي غياب أي معلومات من الدولة الطرف بشأن هذا الادعاء، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للفقرات 1 و3(ه‍) و(ز) من المادة 14 من العهد.

6-6 وفيما يتعلق بادعاء مقدمة البلاغ بانتهاك حق نجلها في الحياة بموجب المادة 6 من العهد، تذكّر اللجنة بفقهها القضائي الثابت (3) بأن فرض عقوبة الإعدام بعد محاكمة لا تحترم أحكام العهد يشكل انتهاكاً للمادة 6 من العهد في حالة تعذر الاستئناف ضد الحكم. وفي هذه القضية، صدر الحكم بالإعدام انتهاكاً للحق في محاكمة عادلة على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من العهد، مما يشكل بالتالي خرقاً للمادة 6 أيضاً.

7- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 7؛ وللفقرتين 1 و2 من المادة 9، والفقرات 1 و3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14، مقترنة بما ورد في المادة 6 من العهد.

8- ووفقاً للفقرة3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد خوميدوف بما يتضمن تخفيف الحكم الصادر ضده بالإعدام، وتعويضه وتوفير محاكمة جديدة لـه بكافة الضمانات الواردة في المادة 14، أو الإفراج عنه في حالة تعذر ذلك. والدولة الطرف ملزمة باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة مستقبلاً.

9- إن الدولة الطرف، وقد أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، إذ تضع في اعتبارها أنها اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل توفير سبيل فعال ونافذ للانتصاف لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها في حالة وقوع انتهاك لهم، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عما اتُخذ من تدابير إعمالاً لآراء اللجنة. كما أن الدولة الطرف مطالَبة بنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) إن اللجنة على علم بما أعلنه رئيس طاجيكستان في 30 نيسان/أبريل 2004 بأن وقفاً لتنفيذ أحكام الإعدام سيصدر قريباً؛ ومن الواضح عدم تنفيذ أي حكم بالإعدام منذ هذا التاريخ. وفي 2 حزيران/يونيه 2004، اعتمد مجلس النواب في البرلمان قانون "تعليق تطبيق عقوبة الإعدام"، وفي 8 تموز/يوليه 2004 صادق مجلس الشيوخ على هذا القانون. إلا أنه يتعين أن يوقع رئيس الجمهورية على القانون حتى يبدأ نفاذه.

(2) انظر ج. غ. أ. ديرغارت وآخرون ضد ناميبيا ، القضية رقم 760/1997، الفقرة 10-2 من الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 2000.

(3) انظر كونروي ليفي ضد جامايكا ، البلاغ رقم 719/1996، و كلارنس مارشال ضد جامايكا ، البلاغ رقم 730/1996.

طاء طاء - البلاغ رقم 1136/2002، بورزوف ضد إستونيا (الآراء التي اعتمدت في 26 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السيد فيياتسيسلاف بورزوف (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: إستونيا

تاريخ تقديم البلاغ: 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 26 تموز/يوليه 2004،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 1136/2002 الذي قدمه إليها السيد فيياتسيسلاف بورزوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو السيد فيياتسيسلاف بورزوف، الذي ولد في كورغانينسك، روسيا، في 9 آب/أغسطس 1942، والذي يقيم حالياً في إستونيا ويدعي أنه عديم الجنسية. ويزعم أنه ضحية انتهاك إستونيا للمادة 26 من العهد. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 خلال الفترة الممتدة من عام 1962 إلى عام 1967، التحق صاحب البلاغ بالكلية البحرية العليا في سيفاستوبول لدراسة الهندسة الكهروكيميائية العسكرية. وبعد التخرج، عمل في كامشاتكا حتى عام 1976 وبعد ذلك في تالين كرئيس مصنع حربي حتى عام 1986. وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1986، سُرح من الخدمة برتبة نقيب بسبب المرض. وعمل منذ عام 1988 كرئيس قسم في شركة خاصة، وهو متزوج من امرأة متجنسة بالجنسية الإستونية. وفي عام 1991، حصلت إستونيا على الاستقلال.

2-2 وفي 28 شباط/فبراير 1994، قدم صاحب البلاغ طلباً للحصول على الجنسية الإستونية. وفي عام 1994، بدأ نفاذ اتفاق بين إستونيا والاتحاد الروسي بشأن انسحاب القوات المتمركزة على أراضي إستونيا (معاهدة عام 1994). وفي عام 1995، حصل صاحب البلاغ على تصريح بالإقامة في إستونيا عملاً بأحكام القانون الخاص بالأجانب للأشخاص الذين استوطنوا في إستونيا قبل عام 1990. وفي عام 1996، بدأ سريان اتفاق بين إستونيا والاتحاد الروسي بشأن "تنظيم مسائل الضمانات الاجتماعية لضباط القوات المسلحة التابعة للاتحاد الروسي المتقاعدين في أراضي جمهورية إستونيا" (معاهدة عام 1996). وعملاً بأحكام معاهدة عام 1996، كان صاحب البلاغ يتلقى معاشه من الاتحاد الروسي. وإثر فترات التأخير الناتجة عن نقص مواد الأرشيف، رفضت الحكومة الإستونية، في 29 أيلول/سبتمبر 1998، بالقرار رقم 931-k، طلب صاحب البلاغ. واستند الرفض إلى المادة 8 من قانون الجنسية لعام 1938، وإلى المادة 32 من قانون الجنسية لعام 1995 التي تنص على عدم منح الجنسية لضابط عسكري محترف في القوات المسلحة التابعة لبلد أجنبي عزل من الخدمة أو تقاعد منها.

2-3 وفي 23 نيسان/أبريل 1999، رفضت المحكمة المحلية في تالين (القسم الإداري) استئناف صاحب البلاغ قرار رفض الطلب، مؤكدة أنه حتى إذا كان قانون عام 1938 (الذين ينطبق على حالة صاحب البلاغ) لم يتضمن الاستثناء المحدد الوارد في المادة 32 من قانون عام 1995، فإن لدى الحكومة سلطات تخولها رفض الطلب. وفي 7 حزيران/يونيه 1999، أجازت محكمة الاستئناف في تالين لصاحب البلاغ استئناف حكم المحكمة المحلية وأعلنت أن رفض الحكومة طلب صاحب البلاغ غير قانوني. فقد اعتبرت المحكمة أن الحكومة لم تتذرع إلا بحكم عام من أحكام القانون بدلا من عرض الأسباب الفردية التي رفض طلب صاحب البلاغ على أساسها، وأنها لم تقدم من ثم أسباباً كافية تبرر بها قرار الرفض، ولم تتح بذلك إمكانية للتحقق مما إذا كانت حقوق صاحب البلاغ في المساواة قد انتهكت.

2-4 وفي 22 أيلول/سبتمبر 1999، وبعد إعادة النظر في القضية، رفضت الحكومة مرة أخرى طلب صاحب البلاغ، بموجب المرسوم رقم 1001-k، لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وقد أخذ القرار صراحة في الاعتبار سن صاحب البلاغ، وفترة تدريبه من عام 1962 إلى عام 1967، ومدة خدمته في القوات المسلحة التابعة "لبلد أجنبي" من 1967 إلى 1986، وكونه قد عُين في عام 1986 في قوات الاحتياطي كنقيب، وأنه تقاعد من الجيش بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من معاهدة عام 1996، التي كان يتلقى بموجبها معاشه من الاتحاد الروسي.

2-5 وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 2000، رفضت المحكمة الإدارية في تالين، في أول درجة، استئناف صاحب البلاغ قرار الرفض الجديد لمنحه الجنسية. وخلصت إلى أن السبب في عدم منح صاحب البلاغ الجنسية لم يرجع إلى أنه قد تصرف بالفعل تصرفاً مناهضاً لدولة إستونيا وأمنها نظراً إلى ظروفه الشخصية. بل لأنه كان، للأسباب المذكورة، في مركز يسمح له بالتصرف بما يضر بالأمن القومي الإستوني. وفي 25 كانون الثاني/يناير 2001، رفضت محكمة الاستئناف في تالين استئناف صاحب البلاغ. وارتأت أن قانون الجنسية، كما تم تعديله في عام 1999، هو الذي ينطبق على هذه القضية، وخلصت إلى أن الحكومة قد توصلت، على النحو المناسب، إلى الاستنتاج الذي يفيد بأنه يمكن، للأسباب الوارد ذكرها، رفض منح صاحب البلاغ الجنسية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وأفادت بأن ليس هناك ما يدعو إلى إقامة دعوى على أساس أن صاحب البلاغ يمثل خطراً فردياً محدداً لأنه لم يتهم بالقيام بأية أنشطة فعلية ضد دولة إستونيا وأمنها.

2-6 وأقام صاحب البلاغ دعوى أخرى بالنقض أمام المحكمة العليا مؤكداً أن القانون الذي ينطبق على قضيته هو بالفعل قانون عام 1938 وأن قرار الحكومة برفض منحه الجنسية لم يتضمن مبررات كافية لأنه اكتفى بالإشارة إلى القانون وذكر الظروف القائمة بالفعل. وفي رأيه أن هذه الظروف لم تثبت أنه يمثل خطراً على الأمن القومي. وأكد أيضا أن المحكمة الأدنى درجة لم تبت في ما إذا كان الرفض قائماً بالفعل على أساس تمييزي بسبب انتمائه إلى فئة اجتماعية بعينها، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 12 من الدستور. وفي 21 آذار/مارس 2001، رفضت هيئة انتقاء دعاوى الاستئناف التابعة للمحكمة العليا الإذن لصاحب البلاغ بالاستئناف.

الشكوى

3-1 يصرح صاحب البلاغ بأنه كان ضحية للتمييز القائم على أساس الأصل الاجتماعي، وهو ما يتنافى والمادة 26 من العهد. ويؤكد أن المادة 21(1) من قانون الجنسية (1) تقيد الحقوق بدون أسباب معقولة وأسباب لها ما يبررها على أساس وضع الشخص أو أصله الاجتماعي. ويحاج بأن القانون يفترض أن جميع الأجانب الذين خدموا في القوات المسلحة يمثلون خطراً على الأمن القومي الإستوني، بصرف النظر عن خصائص الخدمة أو التدريب المعني بالأمر. ويجادل بأن ليس هناك دليل على أن المتقاعدين من الجيش بوجه عام، وصاحب البلاغ بوجه خاص، يمثلون خطراً من هذا النوع. وبالفعل، يشير صاحب البلاغ إلى أنه تم تمديد تصريحه بالإقامة لمدة خمس سنوات بدلاً من إلغائه لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ويؤكد أيضاً أن رفض منحه الجنسية لهذه الأسباب أمر يتعارض مع مبدأ مزعوم من مبادئ القانون الدولي يقضي بأنه لا يجوز اعتبار أن شخصاً قد أدى خدمات في قوات عسكرية أجنبية إذا كان، قبل حصوله على الجنسية، قد أدى خدمات في القوات المسلحة التابعة لبلد هو من مواطنيها.

3-2 ويؤكد صاحب البلاغ أن الطابع التمييزي للقانون مثبت بالمادة 21(2) من قانون الجنسية لعام 1995 التي تنص على أنه يجوز منح الجنسية الإستونية "لشخص تقاعد من القوات المسلحة التابعة لدولة أجنبية إذا كان متزوجاً منذ فترة لا تقل عن خمس سنوات من شخص اكتسب الجنسية بالميلاد" ]لا بالتجنس[ وإذا لم يحل الزواج. ويصرح بأن ليس هناك سبب معقول يبرر أن الزواج من إستوني بالميلاد كفيل بأن يقلل أو يزيل الخطر على الأمن القومي. وعليه، يعتبر أنه ضحية أيضاً لتمييز قائم على أساس وضع زوجته المدني.

3-3 ويذكر صاحب البلاغ أنه بسبب هذا المركز القانوني، هناك نحو 000 200 شخص يمثلون 15 في المائة من السكان يقيمون في الدولة الطرف بصفة دائمة ولكنهم لا يزالون عديمي الجنسية. ونتيجة لانتهاك المادة 26، يلتمس صاحب البلاغ تعويضاً عن الأضرار المادية وغير المادية فضلاً عن تكاليف الشكوى ونفقاتها.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، بملاحظاتها المؤرخة 30 حزيران/يونيه 2003، على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ففيما يتعلق بالمقبولية، تجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، وأن البلاغ لا يتمشى مع أحكام العهد فضلاً عن أن ليس له، بكل وضوح، أي أساس من الصحة. أما فيما يتعلق بأسسه الموضوعية، فتجادل الدولة الطرف بأن الوقائع لا تكشف عن أن العهد قد انتهك.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي طلب إلى المحكمة الإدارية لاتخاذ إجراءات لإعادة النظر في الدستور بغية الاعتراض على دستورية قانون الجنسية. وتشير الدولة الطرف في هذا الصدد إلى قرار مؤرخ 5 آذار/مارس 2001 أعلنت فيه غرفة مراجعة الدستور، رداً على استشارة من المحكمة الدستورية، عن أن بعض أحكام القانون الخاص بالأجانب، التي رفض بموجبها منح مقدم الطلب تصريحاً بالإقامة، غير دستورية. وبالإشارة إلى حكم المحكمة العليا المؤرخ 10 أيار/مايو 1996 والمتعلق باتفاقية حقوق الطفل، تسترعى الدولة الطرف الانتباه، علاوة على ذلك، إلى أن المحكمة العليا تمارس سلطتها التي تخولها إلغاء أي تشريع وطني لا يتمشى والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.

4-3 وتصرح الدولة الطرف بأن المساواة أمام القانون والحماية من التمييز بما أنهما حقان يحميهما الدستور والعهد، فإن الطعن بعدم الدستورية كان سيشكل وسيلة انتصاف متاحة وفعالة. وفي ضوء حكم القضاء الأخير الصادر عن المحكمة العليا، تعتبر الدولة الطرف أنه كانت هناك فرص معقولة لنجاح طلب كهذا، وأنه كان ينبغي تقديمه.

4-4 وبالإضافة إلى ذلك، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يلتمس وسيلة انتصاف لدى المستشار القانوني للتحقق من أن القانون المعترض عليه لا يتمشى مع الدستور أو مع العهد. ولدى المستشار القانوني اختصاص لاقتراح إعادة النظر في تشريع يعتبره غير دستوري، أو القيام، في حالة عدم اتخاذ أي إجراء تشريعي، بتوجيه طلب بهذا الشأن إلى المحكمة العليا. وقد استجابت المحكمة العليا لطلبات كهذه "في غالبية الحالات". ومن ثم، إذا اعتبر صاحب البلاغ أنه غير قادر على الطعن بمفرده بعدم دستورية القانون، فكان يتعين عليه أن يطلب إلى المستشار القانوني اتخاذ هذه الخطوة.

4-5 وعلى أي حال، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثر أمام المحاكم المحلية ادعاء التمييز القائم على أساس وضع زوجته، وينبغي من ثم رفض هذا الادعاء لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4-6 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ غير مقبول لأنه لا يتمشى مع أحكام العهد. وتسترعي الانتباه إلى أن الحق في الجنسية، ناهيك عن الحق في جنسية خاصة، غير وارد في العهد، وأن القانون الدولي لا يفرض أي التزام بمنح الجنسية بدون شروط لشخص يقيم بصفة دائمة في البلد. بل أن لجميع الدول، بموجب القانون الدولي، الحق في تعيين الشخص الذي يمكن أن يحصـل علـى الجنسيـة والطريقـة التي يمكنه بها الحصول عليها. وبذلك، يكون من حق الدولة ومن واجبها أيضاً حماية سكانها، لا سيما لاعتبارات تتعلـق بالأمن القومي. وتشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة في قضية ف. م. ر.ب. ضد كندا (2) الذي أفادت فيه اللجنة بأن طرد أجنبي لا يشكل انتهاكاً للمادة 18 أو للمادة 19 وبأن ليس لها أن تختبر تقييم دولة ذات سيادة للوضع الأمني للأجنبي. وعليه، تؤكد الدولة الطرف أن رفض منح الجنسية لأسباب تتعلق بالأمن القومي لا يمس ولا يجوز أن يمس حق من حقوق صاحب البلاغ بموجب العهد. ومن ثم، فإن الشكوى غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي مع أحكام العهد.

4-7 وللأسباب الوارد ذكرها أدناه بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، تؤكد الدولة الطرف أيضاً أن ليس للبلاغ بكل وضوح أي أساس من الصحة لأنه لم يتم الكشف عن أن العهد قد انتهك.

4-8 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للشكوى المقدمة بموجب المادة 26، تشير الدولة الطرف إلى أحكام القضاء التي أسستها اللجنة ومفادها أن أوجه التفرقة في المعاملة ليست جميعها تمييزية؛ بل أن أوجه التفرقة التي لها ما يبررها على أسس معقولة وموضوعية تتمشى مع المادة 26. وتؤكد الدولة الطرف أن القانون يحظر، لأسباب تاريخية، منح الجنسية لأشخاص خدموا كأفراد مهنيين في القوات المسلحة التابعة لبلد أجنبي، وأنه ينبغي النظر إليه أيضاً في ضوء المعاهدة المبرمة مع الاتحاد الروسي بشأن مركز وحقوق ضباط الجيش السابقين.

4-9 وتفيد الدولة الطرف بأن قوات الاتحاد الروسي قد انسحبت في 31 آب/أغسطس 1994 عملاً بمعاهدة عام 1994. وأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمتقاعدين من الجيش تخضع لمعاهدة منفصلة أبرمت عام 1996 ويحصل بموجبها المتقاعدون من الجيش وأفراد أسرهم على تصريح بالإقامة في إستونيا بتقديم طلب فردي وعلى أساس القوائم التي يقدمها الاتحاد الروسي. وبموجب هذا الاتفاق، استصدر لصاحب البلاغ تصريح بالإقامة يخوله حق البقاء في إستونيا بعد انسحاب القوات الروسية. على أن هذا الاتفاق لا يشترط من إستونيا منح الجنسية لأشخاص خدموا كأفراد مهنيين في القوات المسلحة التابعة لبلد أجنبي. وبما أن وضع صاحب البلاغ يخضع لمعاهدة منفصلة، فتؤكد الدولة الطرف أن العهد لا ينطبق عليه.

4-10 وتحاج الدولة الطرف بأن القيد المفروض على منح الجنسية ضروري لأسباب تتعلق بالأمن القومي والنظام العام. وأنه ضروري أيضاً في مجتمع ديمقراطي لحماية سيادة الدولة، ويتناسب والهدف المنصوص عليه في القانون. وفي القرار الذي رفض فيه طلب صاحب البلاغ، بررت الحكومة قرارها بطريقة معقولة لأسباب كانت في نظر الدولة الطرف وجيهة وكافية. وقد روعي أيضاً عند اعتماد القانون المعني بالأمر أن أفراد القوات المسلحة السابقين يمكن أن يعرضوا، في ظروف معينة، دولة إستونيا للخطر من الداخل. وينطبق ذلك بشكل خاص على الأشخاص الذين عينوا في قوات الاحتياطي لأنهم على علم تام بظروف إستونيا ويمكن استدعائهم للخدمة في القوات التابعة لبلد أجنبي.

4-11 وتشدد الدولة الطرف على أن السبب في عدم منح صاحب البلاغ الجنسية لم يرجع إلى أصله الاجتماعي بل إلى اعتبارات أمنية محددة. وفيما يتعلق بحكم القانون الذي يجيز منح الجنسية لزوج إستوني بالميلاد، تحاج الدولة الطرف بأن هذا الحكم غير ذي صلة بالحالة الراهنة لأن طلب صاحب البلاغ رفض لأسباب تتعلق بالأمن القومي فقط. فحتى إذا كان صاحب البلاغ متزوجاً من إستونية بالميلاد، لتعين بالمثل على الحكومة إجراء نفس التقييم المتعلق بالأمن القومي قبل منحه الجنسية. وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى الرجوع، بالنسبة للوقائع والأدلة، إلى تقييم الحكومة للخطر الذي يمثله صاحب البلاغ على الأمن القومي وتأكيد المحاكم له.

4-12 وبذلك، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد تلقى نفس المعاملة التي حظي بها أشخاص آخرون أدوا خدمات مهنية في القوات المسلحة التابعة لبلد أجنبي لأن القانون لا ينص على منح الجنسية لهؤلاء الأشخاص. وبما أنه لم تحدث أية تفرقة على أساس مركز زوجته (اتخذ القرار بناء على أسباب تتعلق بالأمن القومي)، فلم يخضع صاحب البلاغ للتمييز على أساس الوضع الاجتماعي أو الأسري. وتجادل الدولة الطرف بأن رفض طلب منح الجنسية الذي صدر بموجب القانون لم يكن تعسفياً ولم تترتب عليه آثار سلبية بالنسبة لصاحب البلاغ بدليل أنه لا يزال يعيش في إستونيا مع أسرته بتصريح بالإقامة. وينبغي كذلك التغاضي عن الادعاء الآخر المتعلق بحدوث انتهاك للحقوق على نطاق واسع في حالات أخرى باعتبار أنه يشكل دعوى حسبة actio popularis .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 برسالة مؤرخة 27 آب/أغسطس 2003، رد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف. وفي البداية، يصرح بأن الشكوى التي قدمها لم تكن قائمة على أحكام الاستثناء الواردة في قانون الجنسية بشأن أزواج الأشخاص الإستونيين بالميلاد. بل أنه يعترض على المادة 21(1) من قانون الجنسية التي يرى أنها مخالفة للعهد لكونها لا تستند إلى أي سند معقول وموضوعي وأنها لا تتناسب مع هدف مشروع ولا تسعي إلى تحقيقه. وفي جميع الإجراءات التي اتخذها على الصعيد المحلي، أثار بدون جدوى مسألة اتسام هذا الحكم بطابع تمييزي مزعوم. ويؤكد صاحب البلاغ أن رفض المحاكم ادعاءاته المتعلقة بالتمييز يبين أنه لم يحظ بحماية القانون المتساوية وأن ليس لديه سبيل انتصاف فعال.

5-2 أما فيما يتعلق بإمكانية اللجوء إلى المستشار القانوني، فيفيد صاحب البلاغ بأن المستشار قد نصحه باتخاذ إجراءات قضائية. وبما أن صاحب البلاغ كان يود الاعتراض على حكم محدد يعنيه، فلم تكن المسألة تتعلق بتشريع ذي انطباق عام يدخل ضمن اختصاص المستشار. هذا ويتعين على المستشار القانوني رفض الطلبات في الحالات التي تخضع فيها قضية أو كانت تخضع فيها لإجراءات قضائية.

5-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يؤكد صاحب البلاغ، بالإشارة إلى أحكام القضاء التي أسستها اللجنة، أن ضمانات الحماية المنصوص عليها في المادة 26 تنطبق على جميع الإجراءات التشريعية التي تتخذها الدولة الطرف، بما في ذلك قانون الجنسية. ويجادل بأنه كان ضحية انتهاك حقه في المساواة أمام القانون لأن عدداً (غير محدد) من الأشخاص في إستونيا قد حصلوا على الجنسية الإستونية رغم أنهم أدوا خدمات سابقاً في القوات المسلحة التابعة لدولة أجنبية (بما فيها اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية آنذاك). ومن ثم، فإن رفض منحه الجنسية إنما هو رفض تعسفي وغير موضوعي وينتهك ضمان تطبيق القانون تطبيقا متساوياً.

5-4 ويفيد صاحب البلاغ بأنه لا يزال عديم الجنسية بسبب رفض منحه الجنسية، في حين أن المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن لكل فرد حق التمتع بجنسية وعلى أنه لا يجوز حرمانه منها تعسفاً. وفي هذا الصدد، يحاج بأن المادة 26 تفرض هي الأخرى على الدولة الطرف واجباً إيجابياً بمعالجة التمييز الذي خضع لـه صاحب البلاغ وكثيرون غيره ممن وفدوا إلى إستونيا بعد عام 1940 ولم يتجاوز مركزهم حتى الآن مركز المقيمين الدائمين.

5-5 ويدحض صاحب البلاغ الحجة التي تفيد بأن رفض منحه الجنسية مرتين يرجع لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ففي المرة الأولى، رُفض طلبه وطلب 35 شخصاً آخر لمجرد انتسابهم إلى القوات المسلحة السابقة التي كانت تابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وفي المرة الثانية، تم التوصل إلى النتيجة المتعلقة بالأمن القومي بناء على العناصر الشخصية المذكورة أعلاه. وفي رأي صاحب البلاغ أن ذلك يتنافى وتشريعات أخرى، بدليل أنه تم تمديد تصريحه بالإقامة لمدة خمس سنوات أخرى، في حين أن القانون الخاص بالأجانب يقضي بعدم إصدار أو تمديد تصريح بالإقامة إذا كان الشخص يمثل خطراً على الأمن القومي، وبوجوب إبعاده. ويؤكد صاحب البلاغ أنه لا يستوفي أياً من الشروط التي يصفها القانون الخاص بالأجانب بأنها تهدد أمن الدولة.

5-6 وخلافاً لذلك، يؤكد صاحب البلاغ على أنه لم يمثل قط ولا يمثل حالياً أي خطر من هذا النوع. ويصف نفسه بأنه عديم الجنسية وكهربائي متقاعد وليس لـه سجل جنائي ولم يحاكم قط. وبما أنه عديم الجنسية، فلا يجوز، فضلاً عن ذلك، استدعائه للخدمة في القوات المسلحة التابعة لدولة أجنبية. وليست هناك دواع اجتماعية ملحة تبرر رفض منحه الجنسية، ولا توجد من ثم أسباب وجيهة وكافية تبرر معاملته معاملة تمييزية.

5-7 ويسترعي صاحب البلاغ الانتباه أيضاً إلى أن معاهدة عام 1996 تكفل للأفراد ممن تم تسريحهم من الجيش (ما عدا أولئك الذين يمثلون خطراً على الأمن القومي) الإقامة في إستونيا (المادة 21(1))، وإلى أن إستونيا قد تعهدت بأن تكفل لهؤلاء الأشخاص الحقوق والحريات وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون الدولي (المادة 6). ويشير صاحب البلاغ إلى أنه خلافاً لما ذكرته الدولة الطرف، فإنه لم يحصل على تصريحه بالإقامة عملاً بمعاهدة عام 1996، بل حصل عليه في أول الأمر في عام 1995 بموجب المادة 20(2) من القانون الخاص بالأجانب بوصفه أجنبياً استوطن في إستونيا قبل تموز/يوليه 1990 وحصل على مركز المقيم الدائم فيها.

5-8 ويحاج صاحب البلاغ أيضاً بأن لا معاهدة عام 1994 ولا معاهدة عام 1996 تتناول المسائل المتعلقة بجنسية أو انعدام جنسية الملاك العسكري السابق. ومن ثم، فإن هاتين المعاهدتين لا تتعلقان بالشكوى الراهنة المرفوعة بموجب العهد. ويرفض صاحب البلاغ أيضاً أن الأسباب التاريخية يمكن أن تبرر التمييز الذي يدعى أنه خضع له. ويشير إلى أنه أصبح رغماً عنه شخصاً عديم الجنسية بعد انحلال اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وإلى أن الدولة الطرف التي عاش فيها فترة طويلة قد رفضت منحه الجنسية باستمرار. ويتساءل من ثم عما إذا كان سيظل عديم الجنسية بقية حياته.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة من أنه لا يجري بحث هذه المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين لأغراض الفقرة 2(1) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ للتمييز القائم على أساس الوضع أو الأصل الاجتماعي لزوجته، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثر هذه المسألة في أي وقت أمام المحاكم المحلية. ومن ثم، ينبغي الإعلان عن عدم قبول هذا الادعاء بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

6-4 أما فيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن الشكوى المتعلقة بانتهاك المادة 26 غير مقبولة هي الأخرى لأنه كان بالإمكان التماس وسائل تظلم دستورية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد أكد باستمرار أمام المحاكم المحلية وحتى أمام المحكمة العليا أن رفض طلبه للحصول على الجنسية لأسباب تتعلق بالأمن القومي يشكل انتهاكاً لضمانات المساواة المنصوص عليها في الدستور الإستوني. وفي ضوء رفض المحاكم لهذه الحجج، تعتبر اللجنة أن الدولة الطرف لم تبين فرص النجاح التي كان يمكن أن تكلل بها وسيلة انتصاف كهذه. وفضلاً عن ذلك، تلاحظ اللجنة، فيما يتعلق باللجوء إلى المستشار القانوني، أن وسيلة الانتصاف هذه لم تعد متاحة لصاحب البلاغ لكونه قد أقام دعاوى أمام المحاكم المحلية. ومن ثم، فإن هذا الادعاء غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

6-5 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن العهد لا ينطبق لأسباب موضوعية لأن إستونيا أبرمت، بعد تصديقها على العهد، معاهدة عام 1994 مع الاتحاد الروسي بشأن منح تصاريح الإقامة في إستونيا للمتقاعدين العسكريين الروس السابقين. على أنها ترى، وفقاً للمبادئ العامة المنصوص عليها في قانون المعاهدات، والواردة في المادتين 30 و41 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، أن بدء نفاذ معاهدة ثنائية لاحقاً لا يحدد نطاق انطباق العهد.

6-6 أما فيما يتعلق بالحجج الأخرى التي قدمتها الدولة الطرف، فتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطالب بحقه في الجنسية كحق قائم بذاته، بل زعم أن رفض منحه الجنسية لأسباب تتعلق بالأمن القومي ينتهك حقوقه في عدم التمييز والمساواة أمام القانون. ويندرج هذا الادعاء ضمن نطاق المادة 26 وقد تم إثباته بما فيه الكفاية، في نظر اللجنة، لأغراض المقبولية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وانتقالاً إلى مضمون الادعاء المقبول بموجب المادة 26، تشير اللجنة إلى أحكام قضائها التي تفيد بأنه يجوز حرمان شخص من حقه في المساواة أمام القانون إذا طبق عليه حكم قانوني بطريقة تعسفية، أي إذا طبق القانون على حساب الشخص ولم يكن قائماً على أسس معقولة وموضوعية. وفي الحالة الراهنة، تذرعت الدولة الطرف بالأمن القومي، وهو سبب منصوص عليه في القانون، لرفض منح الجنسية لصاحب البلاغ في ضوء ظروفه الشخصية.

7-3 ومع تسليم اللجنة بأن العهد يجيز صراحة، في ظروف معينة، التذرع باعتبارات الأمن القومي لتبرير اتخاذ إجراءات معينة من جانب دولة طرف، فإنها تشدد على أن تذرع دولة طرف بالأمن القومي لا يستبعد، تلقائياً، حـق اللجنـة في دراسة القضية دراسة وافية. لذلك، لا ينبغي فهم قرار اللجنـة في الظـروف الخاصة المتعلقة بقضية ف. م. ر. ب. (4) على أن اللجنة تتخلى بنفسها عن حق القيام، عند الاقتضاء، بدراسة الأهمية الواجب إعطاؤها لحجة تتعلق بالأمن القومي. ومع أنه لا يجوز للجنة أن تعتمد على ما لدولة طرف من سلطة تقديرية مطلقة تخولها حق تحديد ما إذا كانت هناك أسباب تتعلق بالأمن القومي في حالة بعينها، فإنها تسَلم بأن دورها في دراسة هذه الاعتبارات ومدى صلتها سيتوقف على ملابسات القضية والحكم ذي الصلة المنصوص عليه في العهد. وفي حين أن المواد 19 و21 و22 من العهد تؤسس معيار الضرورة فيما يتعلق بالقيود القائمة على أساس الأمن القومي، فإن المعايير الواجبة التطبيق بموجب المادة 26 تتسم بطابع أعم إذ إنها تشترط وجود مبررات معقولة وموضوعية وهدفاً مشروعاً فيما يتعلق بأوجه التفرقة ذات الصلة بالخصائص الفردية الوارد ذكرها في المادة 26، بما في ذلك "أية حالة أخرى". وتوافق اللجنة على أن اعتبارات الأمن القومي قد تحقق هدفاً مشروعاً لدى ممارسة دولة طرف لسيادتها بمنح الجنسية، على الأقل في الحالات التي تتذرع فيها دولة حديثة الاستقلال باهتمامات الأمن القومي ذات الصلة بوضعها السابق.

7-4 وفي الحالة الراهنة، استنتجت الدولة الطرف أن منح الجنسية لصاحب البلاغ من شأنه أن يثير مسائل تتعلق بالأمن القومي بشكل عام بسبب مدة ومستوى التدريب العسكري الذي تلقاه ورتبته وسنوات خدمته في القوات المسلحة التي كانت تابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وقتذاك. وتلاحظ اللجنة أن لدى صاحب البلاغ تصريحاً بالإقامة صادراً عن الدولة الطرف وأنه لا يزال يعيش في إستونيا ويتلقى معاشه فيها. ومع علم اللجنة بأن عدم حصول صاحب البلاغ على الجنسية الإستونية سيؤثر على تمتعه ببعض الحقوق المنصوص عليها في العهد، لا سيما تلك المنصوص عليها في المادة 25، فإنها تلاحظ أن ليس في العهد ولا في القانون الدولي عموماً معايير محددة لمنح الجنسية عن طريق التجنس، وأن صاحب البلاغ قد حصل بالفعل على حق إعادة النظر في قرار رفض طلبه للحصول على الجنسية من جانب المحاكم القائمة في الدولة الطرف. وإذ تلاحظ، فضلاً عن ذلك، أن دور محاكم الدولة الطرف في استعراض الأحكام الإدارية، بما فيها تلك المتخذة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، يؤهلها لإجراء استعراض موضوعي بالفعل، فإنها تستخلص أن صاحب البلاغ لم يثبت أن القرار الذي اتخذته الدولة الطرف بشأنه لم يكن قائماً على أسس معقولة وموضوعية. وعليه، فإن اللجنة لا تستطيع، في ظل الظروف الخاصة بهذه القضية، أن تستنتج أن المادة 25 من العهد قد انتهكت.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن أن المادة 26 من العهد قد انتهكت.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 21 (1) أساساً على ما يلي:

المادة 21- رفض منح الجنسية الإستونية أو إعادتها

(1) لا يجوز منح الجنسية الإستونية أو إعادتها لشخص:

...

(2) لا يحترم النظام الدستوري وقوانين إستونيا؛

(3) تصرف تصرفاً مناهضاً لدولة إستونيا وأمنها؛

(4) ارتكب جريمة جنائية وعوقب عليها بالسجن لمدة تزيد على عام ولم تنقض مدة العقوبة الجنائية أو أدين عدة مرات بإجراءات جنائية لارتكابه جرائم جنائية عمداً؛

(5) كان موظفاً أو هو موظف حالياً من جانب دوائر مخابرات أو دوائر أمن أجنبية؛

(6) قدم خدمات كفرد مهني من أفراد القوات المسلحة التابعة لدولة أجنبية أو عُين في قوات الاحتياطي التابعة لها أو تقاعد منها، ولا تمنح الجنسية الإستونية أو تعاد لزوج أو زوجة دخل إستونيا بسبب إيفاد فرد من القوات المسلحة إليها للخدمة أو الانضمام إلى قوات الاحتياطي أو للتقاعد.

(2) القضية رقم 236/1987، المقرر المعتمد في 18 تموز/يوليه 1988.

(3) انظر كافانا ضد آيرلندا (رقم 1)، القضية رقم 819/1998، اعتمدت الآراء في 4 نيسان/أبريل 2001.

(4) المرجع نفسه.

ياء ياء البلاغ رقم 1160/2003، غ. بوهل وآخرون ضد النمسا (الآراء التي اعتمدت في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: السيد والسيدة غودفريد وإنغريد بوهل؛ والسيد فولفغانغ مايير؛ والسيد فرانز والمان (يمثلهم المحامي السيد ألكسندر ه‍. إ. موراوا)

الشخص المدعي أنه ضحية: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: النمسا

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيلول/سبتمبر 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 9 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ 1160/2003 الذي قُدم إليها بالنيابة عن السيد والسيدة غودفريد وإنغريد بوهل؛ والسيد فولفغانغ مايير؛ والسيد فرانز والمان، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم غودفريد بوهل (صاحب البلاغ الأول) وزوجته إنغريد بوهل (صاحبة البلاغ الثانية)، وفولفغانغ مايير (صاحب البلاغ الثالث)، وفرانز والمان (صاحب البلاغ الرابع)، وكلهم مواطنون نمساويون، وهم يدعون أنهم ضحايا انتهاك النمسا (1) المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد)، وكذلك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد بالنسبة إلى صاحب البلاغ الرابع. ويمثلهم محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 يملك صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية أرضاً تبلغ مساحتها نحو 600 1 متر مربع ويقيمان فيها، وهي تقع في بلدية آيغن ((Aigen (جزء من بلدية سالزبورغ). وكان صاحب البلاغ الثالث يملك قطعة أرض تبلغ مساحتها زهاء 300 2 متر مربع، وتقع هي الأخرى في آيغن وتتاخم قطعة الأرض التي يملكها صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية. وفي 15 حزيران/يونيه 1998، اشترى صاحب البلاغ الرابع القطعة التي كان يملكها صاحب البلاغ الثالث من إحدى الشركات التي تملكتها في مزاد علني. ويجب على صاحب البلاغ الرابع بموجب العقد تعويض صاحب البلاغ الثالث عن أي نفقات مقترنة بتلك القطعة لأنه هو الذي يملكها حالياً ويسكن فيها.

2-2 وقد صُنفت قطعتا الأرض كلتاهما بأنهما "منطقتان ريفيتان"، وفقاً لقانون تقسيم بلدية سالزبورغ إلى مناطق الذي يقسم العقارات الواقعة في بلدية سالزبورغ إلى "أراضي بناء" و"مناطق مرور/نقل" و"مناطق ريفية".

2-3 وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1998، أعلمت بلدية سالزبورغ صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية وصاحب البلاغ الثالث بتقييم أولي للآثار المالية لبناء شبكة مجاري مياه في منطقة سكنية متاخمة لقطعتي الأرض اللتين يملكون، تم في عام 1997، وأتاحت لهم فرصة التعليق عليه.

2-4 وقد جاء في المادة 11 من قانون مساهمات مالكي العقارات في مقاطعة سالزبورغ (1976) الذي ينظم المساهمات المالية التي يقدمها مالكو العقارات في بعض الخدمات العامة في بلدية سالزبورغ، أن على من يملكون قِطع أراضٍ متاخمة لشبكة مجاري مياه أقيمت حديثاً أن يساهموا في تكاليف البناء؛ وتُحسب المساهمة على أساس معادلة تستند إلى مساحة قطعة الأرض بالمتر المربع يُطرح منها "طول" مجرّد. وينظم مساهمات مالكي العقارات في جميع بلديات مقاطعة سالزبورغ "قانون المقاطعة بشأن مساهمات مالكي العقارات في بناء الشبكات البلدية لمجاري المياه في جميع بلديات مقاطعة سالزبورغ باستثناء مدينة سالزبورغ" (1962). وينص هذا القانون على أنه يجب على مالكي العقارات التي تُصرّف منها المياه المستعملة في شبكة المجاري أن يدفعوا مساهمات في شبكات مجاري المياه المنشأة حديثاً، وهي تحسب على أساس معادلة تربط تكاليف البناء بالمساحة المعدة للسكن في المنازل المبنية على قطع الأرض. ويُضرب عدد "النقاط"، التي تحسب على أساس المساحة المعدة للسكن (بالمتر المربع)، بالمبلغ المتعين دفعه عن كل نقطة للوصول إلى المساهمة التي يجب على كل مالك عقار دفعها.

2-5 وقد حاجج أصحاب البلاغ، في ملاحظاتهم على التقييم الأولي، بقولهم إن حساب مساهماتهم المزمع إجراؤه على أساس طول قطعة الأرض يكتسي طابعاً تمييزياً مقارنة بحساب مساهمات مالكي قطع الأرض الكائنة في المناطق المصنفة بوصفها "أرض بناء" لأنه يتغاضى عن الوضع الخاص لقطع الأرض في المناطق الريفية التي تزيد مساحتها بكثير عن متوسط مساحة قطع الأرض في المناطق المصنفة بوصفها "أرض بناء". وقد كانت طريقة الحساب المطبقة في سائر بلديات مقاطعة سالزبورغ تقوم على المساحة المتاحة للسكن بدلاً من معيار الطول المجرد بحيث تأخذ تلك الظروف الخاصة بعين الاعتبار. وقال أصحاب البلاغ أيضاً إن المرافق القائمة لتصريف المياه المستعملة كافية.

2-6 وفي 22 شباط/فبراير 1999، أصدرت بلدية مدينة سالزبورغ أمرين إداريين يقتضيان أن يدفع صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية 494.20 193 شلناً نمساوياً (061.77 14 يورو)، وأن يدفع صاحب البلاغ الثالث مبلغ 838.70 262 شلناً نمساوياً (101.23 19 يورو)، عملاً بالمادة 11 من قانون مساهمة مالكي العقارات. ورفضت اعتراض صاحب البلاغ الثالث على معاملته كطرف في الإجراءات رغم أنه لم يعد مالك قطعة الأرض، محتجاً بأنه يجب اعتبار المالك المسجل في وقت بناء شبكة مجاري المياه الطرف الملزم بالمساهمة.

2-7 وفي 11 آذار/مارس 1999، استأنف صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية وصاحب البلاغ الثالث القرارات لدى لجنة الاستئناف في مسائل البناء التابعة لبلدية سالزبورغ. وجددوا التأكيد على أن معيار الطول المستعمل في حساب مساهماتهم غير متناسب وغير صحيح نظراً إلى أنه لا يجوز تشييد أي مبانٍ جديدة على قطع أرض تقع في "مناطق ريفية"، وذلك عملاً بقانون التقسيم إلى مناطق الصادر في عام 1998. ففي حين أن من حق مالكي قطع الأرض المصنفة بوصفها "أرض بناء" هدم المباني القائمة وبناء أخرى أجَدّ وأوسع، فإنه لا يجوز لأصحاب البلاغ، إن هم قرروا هدم مساكنهم الحالية، سوى استعمال قطع أرضهم كمراعٍ.

2-8 وفي 28 أيار/مايو و2 تموز/يوليه 1999، رفضت لجنة الاستئنافات طلبات الاستئناف ملاحِظةً أنه يجب معاملة قطع الأرض المصنفة بوصفها "أرض بناء" نفس معاملة قطع الأرض المصنفة "ريفية" والتي مُنحت رخصة بناء خاصة، في ظل الصيغ السابقة لقانون التقسيم إلى مناطق وذلك من أجل المساواة في المعاملة.

2-9 وفي 29 حزيران/يونيه و13 تموز/يوليه 1999، قدم صاحب البلاغ الأول وصاحبة البلاغ الثانية وصاحب البلاغ الثالث شكاوى إلى المحكمة الدستورية مدّعين أن عدم التفريق بين قطع الأرض "الريفية" وقطع الأرض المعدة "للبناء"، في إطار "قانون مساهمات مالكي العقارات"، ينتهك حقهم في المساواة أمام القانون ومبدأ سيادة القانون، أي الحق في عدم الخضوع سوى لقوانين دقيقة بما فيه الكفاية. وقد جادلوا، بصفة خاصة، بأن الإبقاء على معيار الطول لا يأخذ في الحسبان ما طرأ على قانون التقسيم من تغيرات، وهو القانون الذي يحظر بناء المساكن وغيرها من المباني علـى قطع الأرض المصنفة "ريفية" حظراً قاطعاً منذ 1 كانون الثاني/يناير 1993، في حين أن استثناءات من القيود المفروضة على تقسيم المناطق كانت تمنح بسهولة قبل ذلك التاريخ. وفي 10 حزيران/يونيه 2002، رفضت المحكمة الدستورية شكاوى أصحاب البلاغ لأن حظوظ ربح القضية كانت شبه منعدمة.

2-10 وفي 14 آب/أغسطس 2002، قدم أصحاب البلاغ شكوى أخرى إلى المحكمة الإدارية يطلبون إليها إلغاء القرارات الإدارية المعترَض عليها والتي صدرت في 22 شباط/فبراير 1999 وتعليق تنفيذ تلك القرارات إلى أن يُبتّ في شكاواهم. وقد رفضت المحكمة، في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2002، طلب تعليق التنفيذ هذا. وكانت الإجراءات الرئيسية لا تزال معلقة لدى المحكمة الإدارية في وقت تقديم الرسالة الأولى.

الشكوى

3-1 يزعم أصحاب البلاغ أن حقوقهم التي تكفلها المادة 26 من العهد قد انتُهكت، مدّعين وجود تمييز بسبب التفريق بين مالكي العقارات في بلدية سالزبورغ ومالكي العقارات في غيرها من الأماكن في مقاطعة سالزبورغ، وبسبب عدم التفريق بين مالكي قطع الأرض المصنفة "ريفية" ومالكي تلك القطع المصنفة بوصفها "أرض بناء" داخل بلدية مدينة سالزبورغ بشأن دفع المساهمات.

3-2 ويحاجج أصحاب البلاغ بأن التفريق بين مالكي العقارات في مدينة سالزبورغ ومن يقيمون في أماكن أخرى من مقاطعة سالزبورغ لا يقوم مبدئياً على معيار موضوعي ومعقول، كما أنه ليس متناسباً. وعليه، فإن البلديات المحيطة بسالزبورغ تشمل قدراً مماثِلاً، بل وقدراً أكبر أحياناً من المناطق المخصّصة للسكن مقارنة بالمدينة نفسها، في حين أن بعض مناطق المدينة، بما فيها قطع الأرض التي يملكها أصحاب البلاغ، أكثر "ريفية" من تلك الكائنة في بلديات ومدن أخرى مجاورة. ولا يمكن بالتالي تبرير عدم مساواة مالكي العقارات في مدينة سالزبورغ في المعاملة مقارنة بمالكي العقارات في أماكن أخرى (2) ممن كان ينطبق عليهم قانون عام 1962 الذي كان يصب أكثر في مصلحتهم. فقد كان هذا القانون لا يفرض مساهمات إلا على مالكي العقارات الذين يصرِّفون المياه المستعملة في المجاري، وكان يحسب مساهماتهم على أساس المعيار المعقول المتمثل في المساحة المعدة للسكن. فلهذا التفريق أضرار بعيدة الأمد لأن مساهمات أصحاب البلاغ في بناء شبكة المجاري تبلغ ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة أضعاف المساهمات المفروضة على سكان بلدية كوبل (Koppl) على سبيل المثال، دون وجود أي دليل على أن بناء شبكات مجاري المياه في مدينة سالزبورغ يكلف ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة أضعاف تكلفته في مناطق أخرى من مقاطعة سالزبورغ.

3-3 ويؤكد أصحاب البلاغ أن المادة 26 من العهد تقتضي التعامل مع الظروف المتفاوتة موضوعياً تعاملاً مختلفاً. وإن عدم التفريق، قصداً أو بدون قصد (3) ، بين مالكي قطع أرض مصنفة بوصفها "ريفية" ومالكي قطع أرض مصنفة بوصفها "أرض بناء" داخل بلدية مدينة سالزبورغ يعتبر تمييزاً لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي طرأت بموجب قانون عام 1992 الخاص بالتقسيم إلى مناطق والذي يحظر حظراً باتاً البناء على قطع أرض مصنفة بوصفها "ريفية"، في حين يجوز لمالكي قطع الأرض المصنفة بوصفها "أرض بناء" أن يبنوا مساكن جديدة أو أن يستبدلوا القديم منها بكل حرية كما يجوز لهم إعمار أراضيهم وتقسيمها وبناء مجموعة مـن المرافق السكنية بل وحتـى التجـارية. ثم إن قانون مساهمات مالكـي العقارات (1976)، بتأسيسه تقييم المساهمات على معيار مساحة قطعة الأرض فحسب، يحابي مالكي قطع الأرض المعدة "للبناء"، التي يمكن أن يقطنها عدد كبير من السكان الذين يستعملون شبكات مجاري المياه المنشأة حديثاً، على حساب مالكي قطع الأرض "الريفية"، التي لا يقطنها عادة سوى عدد قليل من الأشخاص الذين يعيشون في مساكن فردية والذين يجب أن يدفعوا نفس المساهمات وربما مساهمات أعلى لبناء شبكات مجاري المياه حسب مساحة قطعة الأرض. وفي غياب أي مبرر موضوعي ومعقول، وجب اعتبار عدم التفريق في قانون عام 1976 "إغفالاً ملائماً" (4) لتكييف أحكامه مع قانون التقسيم إلى مناطق الصادر في عام 1992.

3-4 ويقول أصحاب البلاغ إن المسألة ذاتها لا تُبحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وهم يدعون أنهم استنفدوا سبل الانتصاف المحلية، رغم الإجراءات المعلقة لدى المحكمة الإدارية، لأن هذه المحكمة لم يكن بإمكانها تصحيح الانتهاكات المزعومة للمادة 26 من العهد لأنها ملزمة بتطبيق القوانين المعمول بها وهي ليست مختصة في إعادة النظر في مدى دستوريتها وصحتها من الناحية القانونية. وحتى لو افترضنا أن المحكمة الإدارية سمحت لأصحاب البلاغ برفع دعوى رسمية لدى المحكمة الدستورية للنظر في مدى دستورية قانون مساهمات مالكي العقارات، فإن استبعاد إمكانية قيام المحكمة الدستورية بإبطال حكمها السابق في نفس القضية يجعل هذا السبيل من سبل الانتصاف عديم الجدوى.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وتعليقات أصحاب البلاغ عليها

4-1 اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ في 23 أيار/مايو 2003 محتجة بأنه غير مقبول بموجب المادة 1، والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى صاحب البلاغ الرابع.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ الرابع لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية وأنه لا يمكنه الادعاء بأنه تضرر مباشرة من انتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد لأنه لم يُطلب إليه قط دفع مساهمة لبناء شبكة مجاري مياه وكان فقط ملزماً بموجب عقد بتسديد مبلغ من المال لصاحب البلاغ الثالث. فصاحب البلاغ الذي يحتج أساساً بحقوق صاحب بلاغ آخر لا يحق لـه تقديم بلاغ وذلك طبقاً لسوابق اللجنة (5) . ونظراً لانعدام الأهلية القانونية لرفع دعوى، فإن بلاغ صاحب البلاغ الرابع هو بمثابة دعوى حسبة موجهة ضد النظام القانوني النمساوي في حد ذاته.

4-3 أما بالنسبة إلى أصحاب البلاغ الثلاثة الآخرين، تبلغ الدولة الطرف اللجنة بأن المحكمة الإدارية ردَّت شكواهم في 28 نيسان/أبريل 2003.

5-1 وقد رفض صاحب البلاغ الرابع، في تعليقاته المؤرخة 11 حزيران/يونيه 2003، ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية وعدل بلاغه بحيث ادعى أيضاً حدوث انتهاك لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

5-2 ويؤكد صاحب البلاغ الرابع أنه تضرر مباشرة من فرض مساهمات مالكي العقارات لأن الالتزامات الضريبية في مجال العقارات وما يتصل بها من رسوم ومساهمات "تقترن" بأي قطعة أرض. وهكذا، فإذا لم يدفع صاحب البلاغ الثالث المساهمات لبناء شبكة مجاري المياه، فإن السلطات العامة ستشرع في إنفاذ تدابير ضد قطعة الأرض نفسها التي يملكها صاحب البلاغ الرابع حالياً.

5-3 ويحاجج صاحب البلاغ الرابع بأنه مُنع قانوناً من استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن بلدية سالزبورغ رفضت سعيه لأن يُستمع لـه، بدلاً من صاحب البلاغ الثالث، في الإجراءات المتعلقة بتقييم مساهمات مالكي العقارات، على أساس أنه "من المستحيل إصدار قرارات تقتضي مباشرة من المالك الحالي دفع مساهمات مالكي العقارات"، نظراً إلى أن "موعد استحقاق دفع المساهمات (بناء خط مجاري المياه الرئيسي في الحالة قيد النظر) هو أمر حاسم في وجوب دفع المساهمات" (6) .

5-4 ويدعي صاحب البلاغ الرابع أن استبعاده من الإجراءات المتعلقة بتقييم مساهمات مالكي العقارات قد حرمه من حق الاعتراض على واجب دفع تلك المساهمات، وكذلك المبلغ المستحق، مما ينتهك الفقرة 1 من المادة 14. فإجراءات القانون الخاص ضد صاحب البلاغ الثالث لم تكن لتسمح لـه بالقيام، مباشرة وبصورة مستقلة، بالاعتراض على وجود تلك المستحقات أو مقدارها أو كليهما. وتنطبق الفقرة 1 من المادة 14 على مطالبته النقدية التي تنطوي على واجب دفع مساهمات مالكي العقارات.

الملاحظات الإضافية التي أبدتها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 أبدت الدولة الطرف في 6 آب/أغسطس 2003 ملاحظات إضافية بشأن المقبولية، كما علقت على الأسس الموضوعية للبلاغ. فقد اعترضت على المقبولية على أساس عدم وجود حجج كافية وانعدام الأهلية القانونية لرفع دعوى (في حالة صاحب البلاغ الثالث وصاحب البلاغ الرابع)، وكذا الاختصاص الموضوعي (في حالة صاحب البلاغ الرابع). وبالتالي فهي تنفي حدوث انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26.

6-2 وتؤكد الدولة الطرف، بشأن المقبولية، أنه ليس هناك أي أثر في الملفات الإدارية على أي طلب من صاحب البلاغ للانضمام إلى الإجراءات المتعلقة بتقييم مساهمات مالكي العقارات. ولم يحدد صاحب البلاغ الرابع في رسالته المؤرخة 11 حزيران/يونيه 2003 متى دفع أي مساهمات، إن كان دفعها، وما إذا كانت السلطات قد أمرته بأن يفعل ذلك.

6-3 وتحاجج الدولة الطرف بأن أمر الدفع الذي وجهته إلى صاحب البلاغ الثالث لم ينتقل إلى صاحب البلاغ الرابع بمقتضى القانون بعد تغير ملكية قطعة الأرض لأنه لم تحدث خلافة شاملة. ومع أن حق حجز قد فُرض على قطعة الأرض التي يملكها صاحب البلاغ الثالث، عملاً بالفقرة 6 من المادة 1 من قانون مساهمات مالكي العقارات، فإن هذا الحق قد حُول إلى أعلى عرض للشراء [ناتج التنفيذ] أثناء البيع الإجباري لقطعة الأرض، بحيث أن صاحب البلاغ الرابع اشترى القطعة دون أن يكون أي حق حجز مفروضاً عليها. وإن مجرد شعور صاحب البلاغ الرابع بأنه مضطر، نتيجة لعقد البيع، لدفع المساهمات في بناء شبكة مجاري المياه، وكذا تعويض التكاليف لمدينة سالزبورغ بناء على حكم المحكمة الإدارية الصادر في 28 نيسان/أبريل 2003، لا يعني أنه كان ملزَماً قانوناً بفعل ذلك في غياب نص صريح يفرض ذلك في عقد البيع أو في الحكم الصادر في 12 حزيران/يونيه 1998 بشأن توزيع المبلغ الذي يمثل أعلى عرض.

6-4 وتؤكد الدولة الطرف أنه إذا رأت اللجنة، كاحتمال بديل، أن البلاغ مقبول بالنسبة إلى صاحب البلاغ الرابع، فعليها بالضرورة أن تعتبره غير مقبول بالنسبة إلى صاحب البلاغ الثالث لأن صاحب البلاغ الرابع سيكون ملزماً في هذه الحالة، بموجب العقد، بتحمل التزامات صاحب البلاغ الثالث ومهما يكن من أمر، فإن صاحبَ البلاغ الثالث يفتقد الأهلية القانونية لرفع دعوى لأن واجب السداد قد أوفى به صاحب البلاغ الرابع في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2002 عن طريق دفع المبلغ المفروض.

6-5 وتؤكد الدولة الطرف أن دعوى صاحب البلاغ الرابع في إطار الفقرة 1 من المادة 14 غير مقبولة بموجب الاختصاص الموضوعي لأن إجراءات تحديد الضرائب والرسوم لا تندرج، بذاتها، في نطاقُ تلك المادة.

6-6 وتؤكد الدولة الطرف، بخصوص الأسس الموضوعية للبلاغ، أن "النظام المزدوج" الذي يفرض على مالكي العقارات في مدينة سالزبورغ نظاماً قانونياً مختلفاً عن النظام المطبق على المالكين في أماكن أخرى في مقاطعة سالزبورغ يعود إلى القرن التاسع عشر عندما كانت مجاري المياه تتمثل في شبكات رئيسية بُنيت في منطقة مدينة سالزبورغ المكتظة والتي كانت الفضلات السائلة تُصرّف بواسطتها لتصبّ في النهر. ويقع بناء منشآت تصريف المياه المستعملة وإدارتها ضمن اختصاص البلديات. ففي البلديات الواقعة خارج مدينة سالزبورغ، بنيت أول منشآت لمعالجة المياه المستعملة في مطلع الستينات من القرن الماضي. وبموجب قانون عام 1962، كان على مالكي العقارات دفع تكاليف تلك التدابير المتعلقة بالبنى التحتية، لكن فقط لبناء شبكات المجاري وتوسيعها لتستفيد منها قطع الأرض. وهذا الوضع يختلف عما هي عليه الحال في مدينة سالزبورغ، حيث لا يُطلب إلى مالكي العقارات المساهمة سلفاً في تكاليف منشآت معالجة المياه التي تضاف بدلاً من ذلك إلى الرسوم الدورية الإجبارية المفروضة على استعمالهم شبكة المجاري.

6-7 وتحاجج الدولة الطرف بأن أحكام قانون عام 1962، المنطبقة على المناطق الريفية، لا يمكن تطبيقها على مدينة سالزبورغ. وبصفة خاصة، فإن اشتراط أن يكون بناء المجاري الجديدة المؤلف من شبكة ومنشأة لمعالجة الميـاه مشروعاً له طاقة وقدرة استيعاب معيّنتان، وأن يكون مستجمع المياه للشبكة المعنية معروفاً، وأن يتم تقييم جميع قطع الأرض التي توجد أو لا توجد فيها مساكن تقييما يستند إلى الشروط التقنية لصرف المياه، هو اشتراط لن يكون ملائماً لمدينة سالزبورغ التي تتطور بسرعة، حيث تبنى ملحقات بالمباني القائمة وتشيّد بنايات إضافية على نحو أكثر تواتراً مما هي عليه الحال في بقية مناطق المقاطعة، مما يتطلب وجود شبكة مجارٍ تواكب هذه التطورات المتسارعة، وهذا يؤدي دائماً إلى تزايد تكاليف البناء باطراد.

6-8 وفيما يتعلق بعدم التفريق بين مالكي الأراضي المصنفة بوصفها "ريفية" ومالكي الأراضي المصنفة بوصفها "أرض بناء" داخل مدينة سالزبورغ، تؤكد الدولة الطرف أن المساهمات في تكاليف بناء شبكة المجاري مرتبطة بقطع الأرض المصنفة بوصفها "موقع بناء"، بصرف النظر عما إذا كان موقع البناء كائناً على "أرض بناء" أو "أرض خضراء". ويتوقف اعتبار قطعة الأرض "موقع بناء" على الطلب المقدم من مالك الأرض في الإجراءات المتعلقة بإعلانها موقع بناء. وكان بإمكان أصحاب البلاغ تقديم طلب بأن يكون جزء فقط من أراضيهم مصنفاً بوصفه "موقع بناء"، مما كان سيترتب عليه دفع مساهمات أقل.

6-9 وقد نفت الدولة الطرف أن يكون البناء على "أرض خضراء" محظوراً حظراً قاطعاًً. فتوسيع المساكن الحالية مسموح به ضمن الحدود المنصوص عليها في قانون التخطيط الإقليمي الصادر في عام 1998. وإن مالكي مواقع بناء على قطع الأرض المصنفة بوصفها "ريفية" كانوا سيحظون بمعاملة تفضيلية لا مبرّر لها لو يفرض عليهم دفع أي مساهمات، أو دفع مساهمات أقل في بناء شبكات المجاري مقارنة بما يدفعه مالكو مواقع بناء كائنة في "أرض بناء". وعدا عن ذلك، فقد بنيت بالفعل مساكن على قطع الأرض التي يملكها أصحاب البلاغ.

6-10 وفي الختام، تؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية قد نظرت في هذه القضية في مناسبات مختلفة دون أن تجد أي انتهاك لمبدأ المساواة. وخلصت إلى القول إن القرارات والأحكام الصادرة في القضية الحالية والتي تقوم على قانون مساهمات مالكي العقارات كانت مبررة بالاستناد إلى معايير معقولة وموضوعية وإنه لم يحدث أي انتهاك للمادة 26 والفقرة 1 من المادة 14.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 علق أصحاب البلاغ، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2003، على رسالة الدولة الطرف المؤرخة 6 آب/أغسطس 2003 محتجين بأنه ينبغي اعتبار صاحب البلاغ الثالث وصاحب البلاغ الرابع ضحيتين أيضاً وبأن فرض أوامر الدفع ينتهك حقوقهم بموجب المادة 26 وكذلك، فيما يتعلق بصاحب البلاغ الرابع، بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

7-2 وأكد أصحاب البلاغ مجدداً أن ادعاء الدولة الطرف أنه ينبغي رفض أن يكون صاحب البلاغ الثالث أو صاحب البلاغ الرابع ضحية يعني ضمناً أنه يمكن اعتبار كِلا من صاحبي البلاغ ضحية بذاته. فصاحب البلاغ الثالث طرف في الإجراءات ومصنف بصفته أحد الملتمسين في الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية في 10 حزيران/يونيه 2002. وسواء أَسدَّد لـه صاحب البلاغ الرابع في النهاية المساهمات والرسوم القانونية أم لا، فلا أهمية لذلك بالنسبة لأهليته القانونية لرفع دعوى. وكان جلياً من الملفات أن صاحب البلاغ الرابع طلب المشاركة في الإجراءات المتعلقة بالتقييم بصفته طرفاً لأن القرار الإداري المعترَض عليه قد تناول قضية أهليته، لكن هذا الطلب رُفض. كما كان لـه مصلحة إجرائية ونقدية في نتائج التقييم لأن سند بيع قطعة الأرض الذي وُقع ونُفذ في 15 حزيران/يونيه 1998، طبقاً للممارسة القانونية النمساوية، ينص صراحة على أن "الضرائب والمساهمات" تنتقل إلى المشتري. وفي غياب أي استثناء واجب التطبيق، كان حق الحجز على الأرض المشتراة سيقتضي من صاحب البلاغ الرابع دفع المساهمة بقطع النظر عما إذا كان التملك يرقى إلى خلافة شاملة. وبالتالي، فإن لكلا صاحبي البلاغ الأهلية القانونية لرفع دعوى، باعتبار أن شروط المقبولية ينبغي أن تطبق بقدر من المرونة (7) .

7-3 ويحاجج أصحاب البلاغ بأنه رغم المقتضيات المختلفة التي كانت تبرر وجود "نظام مزدوج" لحساب مساهمات مالكي العقارات ينطبق على تحديث عملية معالجة المياه المستعملة في المدينة وفي سائر مناطق مقاطعة سالزبورغ في الستينات، فإن تلك الاختلافات لم تعد قائمة في نهاية التسعينات عندما أصبحت 90 في المائة من المنازل والمحلات التجارية في كل من مدينة ومقاطعة سالزبورغ مرتبطة بشبكات المجاري البلدية. وتبين الإحصاءات (8) المتصلة بالموضوع أن نمو السكان وزيادة عمليات البناء في المناطق السكنية هما أسرع في بلديات أخرى تابعة لمقاطعة سالزبورغ، ولا سيما في المناطق المتسارعة النمو المجاورة للمدينة. فكان على الدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها في ضوء هذه التغيرات الوقائعية (9) . أما الحجة القائلة إن شبكات المجاري، خارج المدينة، يمكن أن تُبنى بالاستناد إلى بيانات أكثر استقراراً فلم تعد منطبقة ولا تؤيدها الإحصاءات أو الاستقصاءات أو الخرائط أو خطط التقسيم الواردة في رسالة الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ.

7-4 وينفي أصحاب البلاغ أن يكون تطبيق قانون مساهمات مالكي العقارات في مصلحتهم ما دام لا يُطلب إليهم المساهمة في تكاليف بناء منشآت جديدة لتصريف مياه المجاري التي تموَّل، بدلاً، من ذلك، بواسطة رسوم الاستعمال الدورية. إذ لا تزال لوائح المدينة تفرض عليهم دفع مساهمات تتراوح بين ثلاثة وأربعة أضعاف ما عليه الحال في مناطق أخرى من المقاطعة، إذا كان الحساب يقوم على المساحة المخصصة للسكن في المنازل الحالية أو التي لا تزال قيد البناء على قطعة الأرض، وهو المعيار الوحيد المعقول والموضوعي، وهو يشير إلى عدد الأشخاص الذين يقيمون على قطعة الأرض ويستعملون شبكة تصريف المياه.

7-5 وفيما يتعلق بعدم التفريق بين مالكي العقارات داخل مدينة سالزبورغ، يؤكد أصحاب البلاغ أن المسألة ليست معرفة ما إذا كان بإمكانهم تحديد حقوقهم في الملكية بالتماس إعلان جزء من قطع أراضيهم "مواقع بناء" بغرض تقليص قيمة مساهماتهم بصفتهم مالكين، بل ما إذا كانت طريقة الحساب المطبقة تفرق، بصورة معقولة أو غير معقولة، بين مالكي الأراضي المصنفة بوصفها "ريفية" ومالكي الأراضي المصنفة بوصفها "أرض بناء". ففي حين أن هذا الإعلان كان سيسمح بخفض مبلغ مساهماتهم، فإنه لم يكن ليغير طريقة حسابها، وهي الطريقة التي كانت أساساً للانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد.

7-6 وأكد أصحاب البلاغ في الختام أن المادة 24 من قانون التقسيم إلى مناطق تفرض، استثناءً، قيوداً صارمة على بناء ملحقات ومبانٍ جديدة في المناطق "الريفية" لأن هذه الإنشاءات الجديدة لا يجوز أن تغير مساحة المباني القائمة ومظهرها. كما أن قصر المساحة السكنية على 250 متراً مربعاً لكل طابق يجعل من أي توسيع لمبانيهم أمراً مستحيلاً عملياً. وفي حين يقبل أصحاب البلاغ بالهدف التشريعي المتمثل في الحفاظ على الطبيعة، فإنهم يشيرون إلى أن قانون مساهمات مالكي العقارات لا يراعي بشكل كافٍ حالات مثل حالاتهم، حيث إن أراضيهم واسعة بوجه خاص، ومع ذلك فهي تخضع لقيود تحول دون إجراء عمليات بناء إضافية وبالتالي زيادة استعمال شبكات ومنشآت المجاري.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في أحد البلاغات، أن تبت طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف، غير المعترَض عليها، ومؤداها أن صاحب البلاغ الرابع دفع المبلغ المستحق إلى صاحب البلاغ الثالث بموجب قرار بلدية سالزبورغ الصادر في 22 شباط/فبراير 1999، كما دفع التكاليف القانونية المستحقة لمدينة سالزبورغ بموجب حكم المحكمة الإدارية الصادر في 28 نيسان/أبريل 2003. وتلاحظ اللجنة أن دعوى صاحب البلاغ الثالث بموجب المادة 26 من العهد أصبحت لاغية نظراً إلى أداء التزاماته المالية. وبالتالي، فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى صاحب البلاغ الثالث.

8-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة إن صاحب البلاغ الرابع لا يعتبر ضحية لأنه لم يكن ملزماً قانوناً بدفع مساهمات مالكي العقارات المفروضة على صاحب البلاغ الثالث، في غياب نص صريح على ذلك في عقد البيع أو في القرار بشأن توزيع المبلغ الذي يمثل أعلى عرض والمؤرخ 12 حزيران/يونيه 1998. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ الرابع لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنه لم يُعثر على أي أثر في الملفات الإدارية لأي طلب للانضمام إلى الإجراءات المتعلقة بتقييم مساهمات مالكي العقارات. وتحيط اللجنة علماً في الختام باعتراض صاحب البلاغ الرابع ومؤداه أنه كان ملزماً قانوناً بسداد المستحقات لصاحب البلاغ الثالث وأنه مُنع من استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن بلدية سالزبورغ رفضت، في قرارها الصادر في 22 شباط/فبراير 1999، اعتباره طرفاً في الإجراءات المتعلقة بتقييم المساهمات.

8-4 وفيما يتعلق بأهلية صاحب البلاغ الرابع القانونية لرفع دعوى بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري، تلاحظ اللجنة أن سند بيع قطعة الأرض الذي حررّه كاتب عدل في 16 حزيران/يونيه 1998 ينص على أن حق الانتفاع والمزايا، وأي تبعة وضرائب ومساهمات، فضلاً عن التملك، قد انتقل إلى المشتري، وهو صاحب البلاغ الرابع (10) . وبصرف النظر عن وجود حق حجز على قطعة الأرض المتملَّكة، فإن اللجنة مقتنعة بالتالي بأن صاحب البلاغ الرابع أقام الدليل، لأغراض المقبولية، على أنه تضرر مباشرة من فرض مساهمات مالكي العقارات التي كانت مفروضة أصلاً على صاحب البلاغ الثالث وسددها صاحب البلاغ الرابع وفاءً بالتزاماته التعاقدية بموجب عقد البيع.

8-5 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تقتضي من أصحاب البلاغات سوى استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تصف أي سبيل من سبل الانتصاف القانونية التي كانت متاحة لصاحب البلاغ الرابع، بعد أن رفضت بلدية سالزبورغ طلبه الانضمام إلى الإجراءات المتعلقة بتقييم المساهمات بصفته طرفاً.

8-6 بيد أن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ الرابع لم يقم الدليل على ادعائه بأن هذا الرفض يرتقي إلى حرمانه من حقه في المساواة في اللجوء إلى المحاكم، مما ينتهك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

8-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 26 من العهد، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ قدموا أدلة كافية على دعواهم لأغراض المقبولية. وبالتالي فإن البلاغ يعتبر مقبولاً بقدر ما يبدو أنه يثير قضايا في إطار المادة 26 من العهد وبخصوص أصحاب البلاغ الأول والثانية والرابع.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة في الأسس الموضوعية للبلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الأطراف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وقد بدأت اللجنة بالإشارة إلى أن تخويل صلاحيات بناء منشآت صرف المياه المستعملة وإدارتها إلى المقاطعات والبلديات النمساوية، لا يعفي الدولة الطرف، عملاً بالمادة 50 من العهد، من التزاماتهـا بموجب العهد (11) . وبناء عليه، يمكن اعتبار الدولة الطرف مسؤولة بالنظر إلى القرارات المعترَض عليها التي اتخذتها بلدية سالزبورغ استناداً إلى تشريعات المقاطعة والتي أكدتها المحاكم النمساوية أيضاً.

9-3 والمسألة المطروحة على اللجنة هي ما إذا كان التشريع الخاص بالمساهمات المالية لمالكي العقارات في بلدية سالزبورغ في بناء شبكات مياه مجاري البلدية ينتهك المادة 26 من العهد لأنه أولاً لا يفرق بين قطع الأرض ذات الطبيعة الحضرية المصنفة بوصفها "أرض بناء" وقطع الأرض "الريفية" التي توجد فيها مواقع بناء، ولأنه ثانياً يعتبر مساحة قطع الأرض (المسماة "طول") أساساً لحساب المساهمات بدلاً من ربطها بالمساحة السكنية كما هي الحال في جميع البلديات الأخرى التابعة لمقاطعة سالزبورغ.

9-4 وتذكّر اللجنة بأن التمييز في المساواة في الحماية التي يوفرها القانون محظورة بموجب المادة 26 أياً كانت أسبابه، سواء أكان هذا التمييز بسبب العرق أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر (12) . وتلاحظ اللجنة أن تمييزاً غير مباشر ربما ينجم عن عدم التعامل مع أوضاع مختلفة تعاملاً مختلفاً، إذا ما أضرت النتائج السلبية لعدم التعامل ذلك بأشخاص بعينهم بسبب العرق ، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر (13) . ومع أن اللجنة لا تستبعد أن تكون "الإقامة" "وضعاً" يحظر التمييز على أساسه، فإنها تلاحظ أن عدم التفريق المزعوم بين قطع الأرض "الحضرية" وقطع الأرض "الريفية" لا يرتبط بمكان إقامة بعينه داخل بلدية سالزبورغ لكنه يتوقف على تصنيف هذه الأراضي في منطقة معينة. كما تحيط اللجنة علماً بالشرح الذي قدمته الدولة الطرف ومفاده أن مبلغ المساهمات في حالة قطع الأرض "الريفية" يتوقف على تلك المساحة من قطعة الأرض التي سعى مالك الأرض إلى تصنيفها كمنطقة يمكن تشييد مبنى عليها. وخلصت اللجنة إلى أن عدم التفريق بين قطع الأرض "الحضرية" المصنفة بوصفها "أرض بناء" وقطع الأرض "ريفية" التي توجد فيها مواقع بناء ليس تمييزياً على أي أساس من الأسس المشار إليها في المادة 26 من العهد ولا هو تعسفي.

9-5 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ أن المعاملة المختلفة لمالكي العقارات في مدينة سالزبورغ ومالكي العقارات في أماكن أخرى من مقاطعة سالزبورغ، بخصوص حساب مساهماتهم في بناء شبكات مجار جديدة ل‍قطع أرضهم، لا تقوم على معايير موضوعية ومعقولة، كما تقتضي المادة 26 من العهد، ترى اللجنة أن حجة أصحاب البلاغ المتعلقة بالزيادات السريعة المتصورة في نمو السكان ووتيرة البناء في مناطق أخرى في مقاطعة سالزبورغ لا تستبعد إمكانية أن تكون تكاليف بناء شبكة المجاري في بلدية سالزبورغ الأشد اكتظاظاً بالسكان أعلى منها في سائر مناطق المقاطعة، كما تدعي الدولة الطرف.

9-6 وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ يسلّمون بأن مساهماتهم ستظل تتراوح بين ثلاثة وأربعة أضعاف ما عليه الحال في مناطق أخرى من المقاطعة، حتى ولو كان الحساب قائماً على أساس المساحة المعدة للسكن في المنزل الكائن في قطعة الأرض. ولا يمكن بالتالي استخلاص أن اختلاف مستويات المساهمات داخل مدينة سالزبورغ وخارجها قد نجم حصراً عن اختلاف طريقة الحساب المطبقة في إطار قانون مساهمات مالكي العقارات في مقاطعة سالزبورغ الصادر في عام 1976 وقانون عام 1962 المطبق على البلديات الأخرى في مقاطعة سالزبورغ. وترى اللجنة من ثم أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا أن معاملتهم المختلفة لم تكن قائمة على معايير موضوعية ومعقولة.

9-7 كما ترى اللجنة أنه ليس في قرارَي "لجنة الاستئناف في مسائل البناء" التابعة لبلدية سالزبورغ، الصادرين في 28 أيار/مايو و2 تموز/يوليه 1999، أو في حكم المحكمة الإدارية الصادر في 28 نيسان/أبريل 2003، ما يدل على أن تطبيق هاتين الهيئتين القضائيتين للأحكـام ذات الصلة الواردة في قانون مساهمات مالكي العقارات (1976) كان قائماً على اعتبارات تعسفية واضحة.

9-8 إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عــن حدوث انتهاك للمادة 26 من العهد.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1978 و10 آذار/مارس 1988 على التوالي.

(2) يؤكد أصحاب البلاغ أن الأغلبية الساحقة من المقاطعات والبلديات في النمسا تطبق معيار "المساحة المعدة للسكن" أو معايير أخرى ذات صلة كأساس لحساب مساهمات مالكي العقارات، وقدموا عدة أمثلة على ذلك.

(3) يشير أصحاب البلاغ إلى البلاغ رقم 516/1992، ألينا سيمونيك ضد الجمهورية التشيكية ، الآراء المعتمدة في 19 تموز/يوليه 1995، الفقرة 11-7.

(4) يشير المحامي إلى الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية لاركوس ضد قبرص في 18 شباط/فبراير 1999.

(5) تحيل الدولة الطرف إلى البلاغ رقم 737/1997 بشأن قضية ميشيل لاماغنا ضد أستراليا ، قرار بشأن المقبولية صدر في 7 نيسان/أبريل 1999.

(6) قرار أصدرته بلدية سالزبورغ في 22 شباط/فبراير 1999 ووجهته إلى صاحب البلاغ الثالث، ص 3.

(7) يشير أصحاب البلاغ إلى سوابق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في جملة قضايا منها في قضية ستوغمولر ضد النمسا ، الحكم الصادر في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1969، Series A, No. 9، الفقرة 11، وقضية رينغيسن ضد النمسا، الحكم الصادر في 16 تموز/يوليه 1971، Series A, No. 13، الفقرتان 89 و92.

(8) ترد في البلاغ إحصاءات مفصلة.

(9) يشير أصحاب البلاغ، قياساً، إلى سوابق اللجنة القاضية بوجوب تفسير العهد في ضوء تغير المعايير والتصورات الاجتماعية. انظر البلاغ رقم 172/1984، س و م بروكس ( S.W.M. Broeks ) ضد هولندا ، آراء معتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987، الفقرة 14؛ والبلاغ رقم 182/1984، زوان-دو فريس ( Zwaan-de Vries ) ضد هولندا ، آراء معتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987، الفقرة 14.

(10) انظر سند بيع قطعة الأرض الذي حررّه السيد ج. س.، كاتب العدل، في 16 حزيران/يونيه 1999، الملف رقم 14526/98، ص 4.

(11) انظر على سبيل المثال البلاغين رقم 298/1988 ورقم 299/1988، ليندغرن وآخرون ضد السويد و ليندكويست وآخرون ضد السويد ، آراء معتمدة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1990، الفقرة 10-4.

(12) البلاغ رقم 196/1983، غوييي ضد فرنسا ، آراء اعتمدت في 3 نيسان/أبريل 1989، الفقرة 9-4.

(13) انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 998/2001، ألثامر ( Althammer ) ضد النمسا ، آراء معتمدة في 8 آب/أغسطس 2003، الفقرة 10-2.

كاف كاف - البلاغ رقم 1167/2003، راميل رايوس ضد الفلبين (الآراء التي اعتمدت في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: راميل رايوس (يمثله محام، مجموعة المساعدة القانونية المجانية)

الشخص المدعي أنه الضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ: 24 آذار/مارس 2003 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تموز/يوليه 2004،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1167/2003 الذي قُدِّم إليها بالنيابة عن السيد راميل رايوس بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ السيد راميل راموس هو مواطن فلبيني محتجز حالياً في سجن نيو بيليبيد في مدينة مونتنلوبا بانتظار تنفيذ حكم الإعدام. ويدعي أنه ضحية لانتهاك المادة 5، والفقرتين 1 و2 من المادة 6، والمادة 7، والفقرتين 1 و2 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرات 1 و2 و3(أ) و(ب) و(ز) والفقرة 5 من المادة 14 من العهد. ويمثله محام من مجموعة المساعدة القانونية المجانية. وقد أصبح العهد نافذ المفعول بالنسبة للدولة الطرف في 23 كانون الثاني/يناير 1987، والبروتوكول الاختياري في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

1-2 وفي 24 آذار/مارس 2003، طلبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى الدولة الطرف، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي، عدم تنفيذ الحكم بإعدام صاحب البلاغ أثناء فترة عرض قضيته على اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 حضر صاحب البلاغ إلى منزل خالته في 9 نيسان/أبريل 1997حوالي الساعة 00/19. وكان مخموراً عندما قابلته خارج المنزل. وكان أبناء خالته خارج المنزل وفي حالة سكر أيضا. وأثناء وجودهم، انتابته حالة من الهيجان وحطّم العديد من المقاعد الموجودة خارج المنزل. وخوفاً من اعتداء صاحب البلاغ على أبنائها، غادرت الخالة منزلها بحثاً عن مساعدة فقابلت ابن عمها، وهو رجل شرطة، ووافق بطلب منها على أخذه إلى سجن البلدية ليبقى إلى أن يفيق من حالة السكر.

2-2 وفي 10 نيسان/أبريل 1997، رفض رجال الشرطة السماح لصاحب البلاغ بمغادرة السجن، وذلك دون أن يكون لديهم أمر توقيف وفقاً لما تقتضيه الفقرة 3(1) من المادة الثالثة في دستور الفلبين. وأخبروه بأنهم يبحثون عن شخص طويل الشعر يشتبه في ارتكابه جريمة قتل، وأنه مشتبه به.

2-3 وفي 11 نيسان/أبريل 1997، وبعد احتجازه لمدة يومين، أُجبر صاحب البلاغ على توقيع اعتراف خارج نطاق القضاء أقرّ فيه بأنه أقدم على اغتصاب وقتل المدعوّة ميبلين غازنا (1) . ووفقاً لصاحب البلاغ، فقد أجبره أحد ر جال الشرطة على توقيع الاعتراف تحت تهديد السلاح، وعندما رفض في بداية الأمر، تم ضربه بالبندقية على ظهره. ولم يمنح فرصة لقراءة الاعتراف قبل توقيعه.

2-4 وقد حضر محام - لم يختره صاحب البلاغ – "لمساعدته على تقديم اعتراف كتابي". ولم يكن لديه محام قبل الاعتراف. وبالنسبة للمحاكمة، كان لدى صاحب البلاغ محام آخر لم يتمكن من الاتصال به إلا لدقائق معدودة كل يوم خلال الإجراءات القضائية للمحاكمة.

2-5 وفي 29 نيسان/أبريل 1998، وجدت المحكمة الإقليمية في مدينة كاغايان دو أورو أن صاحب البلاغ مذنب بارتكاب "جريمة مركبة هي الاغتصاب والقتل". وحُكم عليه بالإعدام بحقنه بمادة قاتلة وبدفع تعويض بمبلغ 000.00 100 بيزو فلبيني إلى ورثة القتيلة الأحياء.

2-6 وفي 7 شباط/فبراير 2001، أكدت المحكمة العليا، بموجب إجراء المراجعة التلقائية، عقوبة الإعدام، ولكنها رفعت مبلغ التعويض بموجب المسؤولية القانونية المدنية لصاحب البلاغ إلى 000.00 145 بيزو فلبيني. وفي 6 أيلول/سبتمبر 2001، أصبح هذا الحكم نهائيا وقابلا للتنفيذ.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن المادتين 5 و6 قد انتهكتا، نظراً إلى أن الدولة الطرف أعادت بموجب القانون رقم 7659، العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام بالصعق الكهربائي اعتباراً من 13 كانون الأول/ديسمبر 1993. ويدعي أن المادة 6 بالرغم من أنها لا تطالب جميع الدول الأطراف بإلغاء عقوبة الإعدام، فإن الواضح من قراءة فقرتيها 1 و2 معاً، أنه لا يجوز لأي دولة طرف ألغت عقوبة الإعدام أن تعيد العمل بها مرة أخرى. ويدعي أن "التفسير الشامل" لأحكام العهد الذي يجيز إعادة العمل بهذه العقوبة سيكون منافياً للفقرة 2 من المادة 5. وبالإضافة إلى ذلك، يدعي أن البرتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والتوجه المتنامي على نطاق عالمي في هذا الصدد، ومبادئ العدالة الدولية الواردة في النظم الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، والمحكمة الجنائية الدولية، تقتضي تفسير المادة 6 بطريقة تمنع الدول الأطراف من إعادة العمل بعقوبة الإعدام.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرتين 1 و2 من المادة 6 قد انتهكتا، لأن الدولة الطرف، بتوسع نطاق عقوبة الإعدام لتشمل جرائم مثل الاختطاف، والجرائم المتعلقة بالمخدرات، والاغتصاب، والرشوة المقترنة بظروف مشددة إنما تنتهك التزامها بقصر هذه العقوبة على "أخطر الجرائم". وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى تعليق اللجنة العام على المادة 6، الذي أعربت فيه عن رأيها للإفادة بوجوب تفسير عبارة "أخطر الجرائم" تفسيراً حصرياًً "ليعني أن عقوبة الإعدام ينبغي أن تكون إجراءا استثنائي ا تماماً". كما يشير إلى قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1984/50 بشأن "الضمانات التي تكفل حماية حقوق وحريات الذين يواجهون عقوبة الإعدام"، الذي يفسر العبارة "أخطر الجرائم" بأنها تتعدى الجرائم المتعمدة التي تترتب عليها نتائج قاتلة أو غير ذلك من النتائج البالغة الخطورة.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة 7 ستكون قد انتُهِكت في حالة تنفيذ حكم الإعدام، نظراً إلى أن الإجراء الوارد في الوثيقة EP 200الصادرة عن مكتب الإصلاحيات بموجب القانون الجمهوري 8177، ينص على أن السجين المحكوم عليه بالإعدام يجب ألا يتم إخطاره بتاريخ تنفيذ العقوبة إلا فجر يوم التنفيذ نفسه؛ وأن تنفيذ الإعدام يجب أن يتم خلال 8 ساعات بعد الإخطار. ولا توجد ترتيبات لإخطار أسرة المحكوم عليه أو ترتيبات تمكنه من مقابلة أسرته. ويُزعم أن هذا الأمر يساوي التعذيب النفسي. ويُسمح للمحكوم عليه فقط بأن يقابل رجل دين أو محامياً، ويجب أن تتم هذه المقابلة عبر حاجز شبكي مع تسجيل ما يدور أثناء اللقاء.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 10 قد انتهكت، إذ يعتبر أن الإجراء سابق الذكر ينتهك الكرامة ا لمتأصلة في الشخص الإنساني.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرتين 1 و2 من المادة 9، والفقرة 3(أ) من المادة 14 قد انتهكت ، نظراً إلى أنه حُرِم من حريته بدون أمر توقيف، وأنه لا توجد محاضر خطية توضح أن رجال الشرطة أبلغوه أثناء اعتقاله بأسباب الاعتقال وحقه في التزام الصمت وحقه في انتداب محام له.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 14 قد انتهكت لعدم وجود محاضر تبين أن رجال الشرطة قد أبلغوه، لحظة اعتقاله، بأسباب الاعتقال وبحقه في التزام الصمت وحقه في الحصول على محام يختاره بنفسه. وبالإضافة إلى ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه لم يُمنح حق الحصول على محام يختاره بنفسه، ولم يحصل على مساعدة من المحامي المعين من قِبل الشرطة إلا في اليوم الثاني لاعتقاله.

3-7 كما يدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 2 من المادة 14 قد انتهكت ، محتجاً يحتج في ذلك بأن المحكمة الإقليمية عندما أدانته بالجرائم المنسوبة إليه فهي لم توافق على الاعتراف الذي انتزع منه خارج نطاق القضاء فحسب، بل اعتمدت عليه في حكمها. وبالرغم من أن المحكمة العليا في الفلبين قد رفضت الاعتراف عند إجراء المراجعة التلقائية فإنها أكدت مع ذلك الحكم الصادر عن محكمة الموضوع على أساس الأدلة الظرفية. ووفقاً لصاحب البلاغ، فإن الاعتماد على الأدلة الظرفية "حوّل عبء الإثبات بدون وجه حق من الإدعاء إلى المتهم".

3-8 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 3(أ) من المادة 14 قد انتهكت، لأنه لم يُبلغ بأسباب الاتهامات الموجهة إليه.

3-9 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 3 (ب) من المادة 14 قد انتهكت ، لأنه لم ي ُ عط من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه ، أو الاتصال بمحام لإعداد محاكمته، وأنه لم يتمكن من استشارة المحامي إلا لدقائق معدودة كل يوم من أيام المحاكمة. كما يدعي أن الفقرة 3(ز) من المادة 14 قد انتهكت لأنه أجبر على توقيع اعتراف.

3-10 ويدعي صاحب البلاغ أن الفقرة 5 من المادة 14 قد انتهكت ، نظراً إلى أن المحكمة العليا لم تعر الاعتبار الواجب للشهادة التي أدلت بها أثناء المحاكمة الطبيبة أنجليتا أنوبيا التي ذكرت " احتمال أن تكون الطفلة قد اغتُصِبت " ، بدلاً من التأكيد بوضوح، بناءً على تشريح الجثة، أنها اغتُصبت. كما يدعي أن المحكمة العليا تقاعست عن النظر في قرائن موجودة في المحاضر الرسمية تتجه، حسب زعمه، إلى تبرئة المتهم. وتقصير المحكمة العليا في ذلك قد حرم صاحب البلاغ من حق استعراض الحكم الصادر ضده، كما تقضي بذلك الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. ويشرح صاحب البلاغ قائلاً إن من غير المعهود قيام قضاة المحكمة العليا، خلال عملية المراجعة التلقائية، بالاستماع إلى شهادة أي من الشهود، بل اعتمادهم، كما فعلوا في حالته، على الشهادات التي أُدلي بها أثناء المحاكمة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 تعترض الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 2003 على المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ. وفيما يتعلق بالمقبولية بشكل عام، تزعم أن جميع ادعاءات صاحب البلاغ لا تستند إلى أدلة وأنها " مجردة من أي أساس موضوعي " . وبالنسبة للادعاء المتصل بالمادة 9، تحتج بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. كما تدعي أن أخذه إلى سجن البلدية لم يكن في البداية بسبب الجريمة التي اتهم ثم أُدين بها، وإنما لأسباب تتعلق بسلوكه غير القويم. ولقد وضع خلف القضبان لمنعه من إيذاء نفسه أو الآخرين إلى حين الإفاقة من حالة السكر. ولم يُسمح لـه بمغادرة السجن في صباح اليوم التالي بسبب شكوى قُدّمت ضده في هذه الأثناء ب‍ " الاغتصاب والقتل " . وتدعي أن صاحب البلاغ لم يثر أمام ال محكمة موضوع ادعاء وجود خطأ في عملية الاعتقال، ولهذا السبب لم يكن لـه ما يستند إليه لإثارة هذه القضية أمام اللجنة: بموجب القانون المحلي، ينبغي إثارة أي اعتراض أو شائبة أو مخالفة للأصول فيما يتعلق بعملية اعتقال قبل أن يعترف المتهم بأنه مذنب أو غير مذنب عند توجيه الاتهام إليه.

4-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية وبالفقرة 2 من المادة 6، ترى الدولة الطرف أن الحجة المقدمة معيارية وخارجة عن نطاق عمل اللجنة. وتدعي أنها حجة تتعلق فقط بالحكمة من وراء إنزال عقوبة الإعدام للمعاقبة على جرائم معينة، بينما يبقى تحديد الجرائم التي ينطبق عليها هذا الوصف مسألة تُترك لتقدير الجهات المحلية. ووفقاً للدولة الطرف، فإن العهد لا يقيّد حق الدولة الطرف في تحديد حكمة قانون ما يفرض عقوبة الإعدام. وتجادل الدولة الطرف بأن دستوريّة القانون المتعلق بعقوبة الإعدام هو شأن يخص الدولة الطرف نفسها، وتذكّر بأن محكمتها العليا قد أيدت دستوريّة هذا القانون موضوع الخلاف (2) . كما تجادل بأن ليس من اختصاص اللجنة تفسير دستور دولة طرف من أجل تحديد مدى التزام هذه الدولة الطرف بأحكام العهد.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن عقوبة الإعدام لا ينحصر تطبيقها على " أخطر الجرائم " ، تلاحظ الدولة الطرف أن الدول لديها مجال واسع لتفسير هذا الحكم بناءً على القيم الثقافية ومقتضيات الضرورة التي تراها وغيرها من العوامل، لأن مفهوم " أخطر الجرائم " غير معرَّف في العهد تعريفاً أكثر صراحة. وبالنسبة للخلاف المتعلق بوجوب تفسير المادة 6 بحيث تمنع الدول الأطراف من إعادة العمل بعقوبة الإعدام بمقتضى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد، تزعم الدولة الطرف أن هذا الادعاء خال من أي أساس نظراً إلى أنها لم توقع هذا البروتوكول أو تصادق عليه.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء أن عدم تحديد موعد تنفيذ عقوبة الإعدام وإخطار صاحب البلاغ به مقدماً يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادتين 7 و10، تزعم الدولة الطرف، أن المادة 15 المقروءة مع المادة 1 من القانون الجمهوري رقم 8177، تقضي بأن تنفيذ عقوبة الإعدام يجب " ألا يتم قبل عام وألا يتجاوز 18 شهراً بعد أن يصبح الحكم نهائياً وقابلاً للتنفيذ، ودون أن يؤثر ذلك على ممارسة الرئيس في جميع الأوقات لصلاحياته في منح العفو الرئاسي " . وعليه، يمنح السجناء الذين ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام مدة تصل إلى 18 شهراً من الوقت الذي يصبح فيه الحكم نهائياً وقابلاً للتنفيذ، ويمكنهم خلال هذه الفترة السعي للحصول على عفو رئاسي وترتيب شؤونهم المادية والروحية. وتعترض الدولة الطرف على ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا يستطيع توديع أسرته بعد إخطاره بتنفيذ الحكم، إذ بموجب المادة 16 من القانون الجمهوري رقم 8177، يمكن للسجين المحكوم عليه بالإعدام أن يحصل بقدر ما هو ممكن، خلال الفترة بين الإخطار والتنفيذ، على المساعدة التي يطلبها مثل، مقابلة رجل دين يمثل الديانة التي يعتنقها أو محاميه أو أفراد أسرته و/أو الشركاء في مجال العمل.

4-5 وترفض الدولة الطرف ادعاءات انتهاك الفقرتين 1 و2 من المادة 9. وتشير إلى الحجج التي ساقتها سالفاً بشأن المقبولية وتدعي أنها حتى إذا اعترفت بعدم قانونية الاعتقال، فإن هذا الأمر لن يكون كافياً بموجب القانون المحلي للتخلي عن حكم صدر عن محكمة بعد محاكمة خالية من الأخطاء.

4-6 وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 لكونها لا تقوم على أي أساس. فصاحب البلاغ قد حصل على مساعدة محام خلال إعداد اعترافاته. وقد حذره محاميه من أن الاعتراف، عند الإدلاء به، يمكن أن يستخدم ضده في محكمة، وأن الجريمة التي اتُهم بها يعاقب عليها بالإعدام. وعقب هذه النصيحة، تمسك صاحب البلاغ برغبته في الإدلاء باعتراف. ولم يعترض على النصيحة المقدمة، وعليه، يعتبر القانون المحلي أن الاعتراف تم بطوعه واختياره. ووفقاً للدولة الطرف، كان بمقدور صاحب البلاغ طلب محام آخر إذا كان لديه اعتراض على المحامي الذي وفرته الدولة.

4-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ عدم وجود محضر رسمي يبيّن أنه قد أُطلع، قبل الإدلاء باعترافه، على حقه في التزام الصمت وفي أن يمثله محام كفؤ ومستقل يختاره بنفسه، تدعي الدولة الطرف أن القانون المحلي ينص على " أن الإجراءات الدستورية بشأن التحقيقات خلال فترة الاحتجاز لا تنطبق على إفادة يُدلى بها تلقائياً، دون أن تطلب من خلال تحقيقات تجريها السلطات، بل تتم بطريقة معتادة حيث يعترف المتهم شفهياً بأنه قد ارتكب الجرم " (3) . على أية حال، تدعي الدولة الطرف أن المحكمة العليا لم تعتمد في تأكيدها إدانة صاحب البلاغ على الاعتراف الذي أدلى به، نظراً لثبوت جريمته بالأدلة الاستنتاجية.

4-8 أما فيما يتعلق باعتماد ال محكمة العليا على الأدلة الاستنتاجية في تأكيد إدانة صاحب البلاغ، فتوضح الدولة الطرف الظروف التي تقبل فيها المحاكم المحلية مثل هذه الأدلة، وتشير إلى أن طبيعة الجريمة في حالات الاغتصاب التي تفضي إلى القتل، تستدعي أن يكون الدليل ضد المتهم استنتاجياً بشكل عام. وترى الدولة الطرف، في القضية الراهنة، أن الأدلة في مجملها تشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن صاحب البلاغ مذنب. كما تزعم أن " ادعاء انتهاك حقوق المتهم الدستورية في إطار التحقيقات خلال الاحتجاز لا تكون هامة وجوهرية إلا في الحالات التي يتم فيها انتزاع إقرار أو اعتراف من المتهم خارج إطار القضاء ويصبح الأساس لإدانته " (4) .

4-9 وفيما يتعلق بادعاء عدم مصداقية الشهادات التي أدلى بها الشهود، تزعم الدولة الطرف أنه قد ثبت بما فيه الكفاية خلال المحاكمة أن الشهود لم تكن لديهم أية دوافع سيئة تجعلهم يقدمون على توريط صاحب البلاغ والشهادة عليه زوراً، كما أن القوانين المحلية للدولة الطرف تعطي وزنا كبيرا للنتائج الوقائعية التي تتوصل إليها المحاكمة على أساس تقييمها لمصداقية الشهود تكون هذه النتائج حاسمة إذا لم تكن تعسفية (5) .

4-10 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 5 من المادة 14، تدعي الدولة الطرف أن تقييم الشهود هو في الأساس مهمة محكمة الموضوع . وليس من اختصاصات المحكمة العليا دراسة القضايا الوقائعية، كما لا يطلب منها أن تقوم من جديد بالنظر في الأدلة الشفهية والمستندية أو مطابقتها. ووفقاً للدولة الطرف، فإن محكمة الموضوع هي أفضل جهة لتقييم مصداقية الشهود والإفادات التي أدلوا بها، نظراً للفرصة الفريدة التي تتاح لها لملاحظة الشهود. كما تشدد على موقف المحكمة في قضية صاحب البلاغ بأن شهود الإدعاء لم تكن لديهم دوافع لتوريطه أو الشهادة عليه زوراً.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يؤكد صاحب البلاغ في مذكرته المؤرخة 28 شباط/فبراير 2004 ادعاءاته السابقة. وفيما يتعلق بقاعدة أن المتهم يجب أن يعترض على الشوائب التي صاحبت اعتقاله قبل الاعتراف بأنه مذنب أو غير مذنب عندما يوجه إليه الاتهام، يدعي صاحب البلاغ أنه لم يُطلع على هذه القاعدة عند اعتقاله أو خلال فترة احتجازه أو من قِبل محكمة الموضوع، وأن هذه القاعدة نفسها تتعارض مع حقه في الحرية.

5-2 وفيما يتعلق بحجة الدول الطرف أنه حتى إذا كان الاعتقال غير قانوني فإن ذلك لا يكفي لإلغاء حكم صدر بعد محاكمة خالية من العيوب، يعترض صاحب البلاغ على مسألة أن المحاكمة كانت خالية من العيوب. ويشير إلى ما يلي لدعم ادعائه: أن المحكمة العليا، خلافاً لمحكمة الموضوع، اختارت عدم الاعتماد على الاعتراف الذي أُخذ منه خارج نطاق القضاء؛ وأن الدليل الذي قدمته الطبيبة إلى المحكمة يدعي فقط احتمال أن تكون الضحية قد تعرضت إلى الاغتصاب؛ وأن المحكمة العليا في الفلبين سبق وأن حكمت في عدد من القضايا بأن حرمان المتهم في قضية جنائية من حقه في الحرية بطريقة مخالفة للقانون يجعل محكمة الموضوع " غير مختصة قضائياً " بالنسبة للشخص المعني.

5-3 أما فيما يتعلق بالاعتراف الذي أدلى به خارج نطاق القضاء، فيصرح صاحب البلاغ بأن الاعتراف عبارة عن إفادة معهودة مشفوعة بقسم تعدها الشرطة في الفلبين، وليس نتيجة لإفادة تلقائية كما أكدت الدولة الطرف ذلك.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في البلاغات، يجب أن تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، بمقتضى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وبالنسبة للادعاءات التي تقيد بأن عدم توفر المحاضر المتعلقة بظروف اعتقال صاحب البلاغ وعدم منحه الفرصة لاختيار محاميه بعد الاعتقال يشكلان انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لا تثير قضايا بموجب المادة 14 بل بموجب المادة 9. وبالتالي، تعتبر هذه الادعاءات غير مقبولة بحكم طبيعتها وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية ادعاء انتهاك المادة 9 من العهد بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وتحتج بأن صاحب البلاغ كان يجب أن يثير ادعاء وجود عيب قانوني في عملية الاعتقال قبل أن يوجه إليه الاتهام. ويبدو من دراسة الإجراءات القضائية للمحكمة أن صاحب البلاغ لم يقدّم أي ادعاء للسلطات المحلية بأن عملية اعتقاله كانت مشوبة بعيب قانوني، وتعتبر اللجنة من ثم أن ليس لها أن تنظر في هذه المسألة في المرحلة الراهنة. وتلاحظ اللجنة أن نفس الظروف تنطبق على ادعاء صاحب البلاغ أن الفقرة 3(أ) (الفقرة 3-5) من المادة 14 قد انتهكت - عدم إطلاعه على التهم الموجهة ضده. وعليه، فإن هذه الادعاءات غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم ينجح في توضيح كيف أن اعتماد المحكمة العليا على الأدلة الاستنتاجية لتأكيد الإدانة الصادرة عن محكمة الموضوع يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب هذا الحكم أو أي حكم آخر من أحكام العهد، وعليه، تعتبر هذا الجزء من الادعاء غير مقبول لعدم وجود أدلة، وذلك بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 3(ز) من المادة 14، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ نفسه قد اعترف بأن المحامي ساعده على إعداد الاعتراف، وأنه لم يتمكن من إثبات أنه أُرغم على توقيع اعتراف. وبالإضافة إلى ذلك، لا شك أن المحكمة العليا لم تعتمد على الاعتراف الذي أدلى به صاحب البلاغ عندما أكدت الحكم الصادر بحقه. وعليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 5 من المادة 14 بسبب الطريقة التي فسرت بها المحكمة العليا الأدلة التي قدمها الشهود، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يطلب إلى اللجنة في المقام الأول النظر في تقييم الوقائع والأدلة المتعلقة بقضيته. وتشير اللجنة مرة أخرى إلى أحكام قضاتها التي تفيد بأن محاكم الدولة الطرف هي أفضل الجهات التي تستطيع أن تقرر تقييم الوقائع والأدلة، ما لم يتضح جلياً أنه كان تعسفياً أو وصل إلى حد إساءة تطبيق أحكام العدالة. وبما أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل يوضح أن قرارات محاكم الاستئناف كانت تعسفية بشكل واضح أو تساوي إساءة تطبيق أحكام العدالة، ترى اللجنة أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري نظرا لعدم إثباته، لأغراض المقبولية.

6-8 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 5 من العهد، ترى اللجنة أن هذا الحكم من أحكام العهد لا ينشئ أي حق فردي مستقل. وعليه، فإن الادعاء لا يتمشى مع العهد وغير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-9 ولا ترى اللجنة وجود سبب آخر لاعتبار أن الادعاءات المتبقية التي قدمها صاحب البلاغ غير مقبولة، وتشرع من ثم في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بالمادة 6، والفقرة 2 من المادة 5 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 تلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ بأن المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، قد انتهكتا لأنه لن يخطر بتنفيذ الإعدام إلا فجر يوم التنفيذ، وأنه سيتم إعدامه من ثم خلال 8 ساعات ولن يجد وقتا كافيا لتوديع أفراد أسرته وترتيب شؤونه الشخصية. كما تلاحظ تأكيد الدولة الطرف على أن تنفيذ عقوبة الإعدام يجب " ألا يتم قبل عام وألا يتجاوز 18 شهراً بعد أن يصبح الحكم نهائياً وقابلاً للتنفيذ، ودون أن يؤثر ذلك على ممارسة الرئيس في جميع الأوقات لصلاحياته في منح العفو الرئاسي " (6) . وتستشف اللجنة من التشريع أن صاحب البلاغ سيتبقى له عام على الأقل أو 18 شهراً على الأكثر، عقب استنفاد جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأن بإمكانه خلال هذه الفترة اتخاذ الترتيبات لمقابلة أفراد أسرته قبل إخطاره بتاريخ تنفيذ عقوبة الإعدام. كما تلاحظ أنه سيتبقى لـه، بموجب المادة 16 من القانون الجمهوري رقم 8177 (7) ، حوالي 8 ساعات بعد إخطاره بتاريخ تنفيذ العقوبة يمكنه استغلالها لاستكمال أية مسائل شخصية ومقابلة أفراد أسرته. وتؤكد اللجنة مرة أخرى أحكام قضاتها السابقة بأن إصدار أمر تنفيذ الإعدام يسبب بالضرورة توتراً بالغاً للشخص المعني، وترى أن الدولة الطرف ينبغي أن تحاول التقليل من هذا التوتر إلى أقصى حد ممكن (8) . ومع ذلك، وبناءً على المعلومات المتاحة، لا ترى اللجنة أن تحديد تنفيذ عقوبة الإعدام في غضون 8 ساعات بعد إخطار المحكوم عليه سيشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 7 والفقرة 1 من المادة 1، إذا وضعنا في الاعتبار أنه حصل على مدة سنة على الأقل بعد استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية وقبل إخطاره، لكي يرتب شؤونه الشخصية ويقابل أفراد أسرته.

7-2 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب الفقرة 2 من المادة 6 من العهد،، وردا على حجة الدولة الطرف بأن مهمة اللجنة ليست تقييم دستوريّة قانون معمول به في الدولة الطرف، تلاحظ اللجنة أن مهمتها هي تحديد مدى اتساق الادعاء المقدم لها مع العهد (9) . وتلاحظ اللجنة بناءً على الأحكام الصادرة عن كل من محكمة الموضوع الإقليمية والمحكمة العليا، أن صاحب البلاغ أُدين بجريمة مركبة هي الاغتصاب والقتل التي يُعاقب عليها بموجب المادة 335 من قانون العقوبات المنقّح بموجب التعديل الذي أدخل عليه بالقرار الجمهوري رقم 7659 الذي ينص على " أن يكون الإعدام هو عقوبة القتل غير المتعمد الذي يقع بسبب الاغتصاب". وعلى هذا الأساس صدر حكم الإعدام تلقائياً بتطبيق المادة 335 من قانون العقوبات المنقح، حسبما تم تعديله. وتشير اللجنة إلى أحكام قضاتها بأن فرض عقوبة الإعدام تلقائياً وبصورة إلزامية يشكل حرماناً تعسفياً من الحق في الحياة وانتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد، وذلك في الحالات التي يتم فيها فرض عقوبة الإعدام دون اعتبار لظروف المتهم الشخصية أو ملابسات الجريمة المحددة (10) . وينتج عن فرض عقوبة الإعدام تلقائياً في حالة صاحب البلاغ بموجب المادة 335 من قانون العقوبات المنقح، حسبما تم تعديله، انتهاك لحقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

7-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 3(ب) من المادة 14، ومفاده أن صاحب البلاغ لم يمنح الوقت الكاف ي لإعداد دفاعه والاتصال بمحام، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على هذا الادعاء. ونظرا إلى أن صاحب البلاغ قد منح لحظات معدودة في كل يوم للاتصال بالمحامي خلال فترة المحاكمة، ترى اللجنة أن ذلك يشكل انتهاكا للفقرة 3(ب) من المادة 14 من العهد. وبما أن تأ ك يد الحكم على صاحب البلاغ بالإعدام جاء بعد انتهاء الإجراءات القضائية التي لم تف بمطلب المحاكمة العادلة الذي تنص عليه المادة 14 من العهد، يجب استنتاج أن حق صاحب البلاغ قد انتهك بموجب المادة 6 .

8- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 وللفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك تخفيف حكم الإعدام. كما أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ يوضع في الاعتبار أن الدولة الطرف، بانضمامها كطرف إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لكافة الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها وبإتاحة سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإن اللجنة ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات عُثِر على جثتها مساء يوم 9 نيسان/أبريل 1997 على مقربة من بالنغاساغ.

(2) بيبول ضد إشيغاري (GR No. 117472، الحكم الصادر في 7 شباط/فبراير 1997).

(3) ألفاريز ضد محكمة الاستئناف359 SCRA 544[2001].

(4) بيبول ضد أمستوزو ، 361 SCRA 184 [2001].

(5) بيبول ضد كاستييو ، 289 SCRA 213 [1998].

(6) المادة 1 من القانون الجمهوري رقم 8177.

(7) المادة 16 من القانون الجمهوري رقم 8117 – "....خلال الفترة الواقعة بين الإخطار والتنفيذ، يجب أن يجد السجين، قدر الإمكان، المساعدة التي يطلبها مثل أن يحضر قس أو رجل دين من الديانة التي يعتنقها اللحظات الأخيرة من حياته، وأن يطلب المشورة من محاميه، أو لكي يقوم بإعداد وصيته أو الالتقاء بأفراد عائلته أو الأشخاص الذين يتولون إدارة أعماله أو إدارة أملاكه أو رعاية أحفاده." ومع ذلك، قدم المحامي في 8 آذار/مارس 2004 نص الوثيقة EP200 التي تنص على أن السجين المحكوم عليه بالإعدام يسمح له فقط بمقابلة قس أو محام وليس أفراد عائلته.

(8) برات ومورغن ضد جامايكا ، القضيتان رقما 210/1986 و225/1687، اعتمدت الآراء في 6 نيسان/أبريل 1989.

(9) كاربو ضد الفلبين ، القضية رقم 1077/2002، اعتمدت الآراء في 28 آذار/مارس 2003.

(10) ثومبسون ضد فنسنت وجزر غرينادين ، القضية رقم 806/1998، اعتمدت الآراء في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000؛ و كنيدي ضد ترينيداد وتوباغو، القضية رقم 845/1998، اعتمدت الآراء في 26 آذار/مارس 2002.

التذييل

رأي فردي أبداه عضو اللجنة السيد نيسوكي أندو

أشير إلى الرأي الفردي الذي أبديته في قضية كاربو ضد الفلبين : البلاغ رقم 1077/2002.

(توقيع): نيسوكي أندو

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي أبدته عضوة اللجنة السيدة كريستين شانيه

أكرر موقفي فيما يتعلق بالسجناء الذين ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام وفق ما عبرت عنه في الرأي الفردي الذي أدليت به بشأن البلاغين رقمي 270/1988 و271/1988 ( باريت ضد جامايكا و استكليف ضد جامايكا )، الآراء المؤرخة 30 آذار/مارس 1992.

(توقيع): السيدة كريستين شانيه

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

المرفق العاشر - قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بإعلان عدم مقبولية البلاغات المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - البلاغ رقم 697/1996، أبونتي غوسمان ضد كولومبيا ( القرار الذي اعتمد في 5 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: ألفونسو أبونتي غوسمان (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ وزوجته وأطفاله

الدولة الطرف: كولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ: 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ الذي قُدم بتاريخ 7 شباط/فبراير 1996هو ألفونسو أبونتي غوسمان، وهو مواطن كولومبي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد قَدم الطلب أيضاً بالنيابة عن زوجته، ماتيلد لانداسابال لوبيس، وأطفاله وليام ألفونسو وريكاردو وكلارا ميلينا وفيكتور أدولفو أبونتي لانداسابال. ويزعم أن كولومبيا ارتكبت انتهاكات للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولم يُحتجّ بأي مواد محددة، لكن المواد موضع النظر هي المادة 6، الفقرة 1؛ والمادة 9، الفقرة 1؛ والمادتان 12، و17، والمادة 23، الفقرة 1، من العهد. ولا يمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في عام 1993، كان صاحب البلاغ شاهداً في محاكمة في إباغي بكولومبيا في قضية تتعلق بجريمة ابتزاز واختطاف. وقال إنه شهد في إطار تشريع خاص يحمي الشهود وأنه كان ينبغي بالتالي عدم الإعلان عن هويته. بيد أنه توصل في 2 تشرين الثاني/نوفمبر ببرقية باسمه في بيته من منسق وحدة مكافحة الابتزاز والاختطاف التابعة للنيابة العامة تتضمن أمراً بتقديم المزيد من البيانات عن العصابة التي قامت بالاختطاف. ويدعي أن النيابة العامة هي التي كشفت عن هويته منتهكة بذلك التشريع الخاص بحماية الشهود مما يعرض حياته وحياة أسرته للخطر.

2-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه تلقى تهديدات عن طريق رسائل ومكالمات مجهولة. وكان مكتب حماية الضحايا والشهود قد منحه الحماية في إيباغي ووفر له حراسة قضائية من 6 أيلول/سبتمبر 1993 إلى 28 نيسان/أبريل 1994. وساعده في وقت لاحق على الحصول على تأشيرات لتمكينه وأسرته من السفر إلى الولايات المتحدة، وقد فعلوا ذلك في 28 نيسان/أبريل 1994 مغادرين بوغوتا إلى ميامي.

2-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه وأسرته غادروا بوغوتا محميين بالتشريع الآنف الذكر مع التزام قطعته السلطات الكولومبية بإمدادهم بوسائل العيش في الولايات المتحدة. غير أنه يدعي أنه لم يتلق دعماً مالياً من السلطات منذ مدة طويلة رغم طلباته المتكررة، سواء عن طريق القنصلية الكولومبية في ميامي أو مباشرة من النيابة العامة.

2-4 ويدعي صاحب البلاغ أن سلطات بلده حرمته من تلك المساعدة متذرعة بأنه غادر كولومبيا طوعاً وقائلة إنه إذا كان يرغب في تلقي المساعدة في إطار التشريع الخاص بحماية الشهود فإن عليه أن يعود إلى كولومبيا.

2-5 وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 1995، منحت الولايات المتحدة صاحب البلاغ وأسرته اللجوء وصاحبَ البلاغ رخصة عمل.

2-6 ورفع صـاحب البلاغ دعوى حماية لاسترداد حقوقه وتوفير الحماية. وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1996، رفضت محكمة كونديناماركا الإدارية دعواه.

2-7 واستأنف السيد أبونتي الحكم لدى الأمانة العامة لمجلس الدولة التي ألغت حكم محكمة كونديناماركا الإدارية في 20 شباط/فبراير 1997 وقضت بدلاً من ذلك بحماية حقوق صاحب البلاغ؛ وأمرت النيابةَ العامة بتوفير حماية كاملة ومساعدة اجتماعية لأسرة السيد أبونتي لانداسابال، بما في ذلك أن يعاد إليه ما أنفق على نفسه وعلى أسرته من أجل مغادرة البلد وتكاليف النقل وإعالة الأسرة بحسب ما كانت تفرضه الظروف. وطلبت النيابة العامة إلى المحكمة الدستورية إعادة النظر في هذا الحكم.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحب البلاغ أن الأحداث الموصوفة ترقى إلى انتهاكات لحقوقه التي يكفلها العهد، أي حقه في الحياة والسلامة الشخصية وحقه في حياة أسرية. ويدعي أنه نتيجة عدم حفاظ الدولة الطرف على سرية هويته بصفته شاهداً، تلقى تهديدات بالموت أرغمته وأسرته على مغادرة كولومبيا؛ وأنه في الولايات المتحدة لم يكن لديه أي وسائل للعيش. ويدعي أن السلطات، بدلاً من إجراء تحقيق عاجل في الحادث، فعلت كل ما كان ممكناً للتغطية عليه وأنه لم يعاقَب أي من موظفي المكتب الذين كشفوا عن هويته. كما يدعي أنه لم يحصل على أي تعويض.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك حقه في العمل بسبب مغادرته كولومبيا تاركاً تجارته.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تُحاجج الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 بأنه ينبغي إعلان البلاغ غير مقبول لأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد.

4-2 وتعترف الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان الشاهد الرئيسي في قضية ابتزاز واختطاف في مدينته إيباغي. غير أنها تقول إنه بموجب القرار رقم 0-663 الصادر في عام 1993 بشأن برنامج حماية الشهود والمهدَّدين ومساعدتهم، كان ينبغي إعادة توطين صاحب البلاغ داخل كولومبيا قبل أن يُسمح له بالتوطّن خارج البلد. ورفض صاحب البلاغ إعادة التوطين داخلياً وبالتالي لم يكن ممكناً توطينه في الولايات المتحدة على نفقة السلطات الكولومبية. كما تدعي الدولة الطرف أن السيد أبونتي قرر طوعاً السفر إلى الخارج واكتفى بطلب المساعدة على الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة وتذكرة له. وتدعي الدولة الطرف أنها لم تبلغ قط سفارة الولايات المتحدة في بوغوتا بأن صاحب البلاغ سيسافر بناء على طلب مكتب حماية الضحايا والشهود وعلى نفقته. كما تقول إن صاحب البلاغ أعرب في رسالة موجهة إلى النائب العام عن أمله في تلقي دعم من أفراد أسرته في ميامي .

4-3 وأنكرت الدولة الطرف أن تكون قد تخلفت عن ضمان حياة أسرة أبونتي وأمنها لأن الوثيقة التي تشير إلى هوية صاحب البلاغ مجرد وثيقة داخلية وبالتالي لا تعرض حياته للخطر. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ نفسَه عرض حياته للخطر لأنه لم يتوخ الحذر عندما قدم مجموعة من الشكاوى لهيئات وطنية ودولية.

4-4 وأفادت الدولة الطرف في تعليقات إضافية مؤرخة 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 أنه تبين لشعبة الرصد القضائي في قرارها المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 1995 أن رئيس مكتب حماية الضحايا والشهود لم يقصر في واجبه لأنه لا يوجد دليل على علم أي طرف خارجي بالبرقية الموجهة إلى صاحب البلاغ، وبالتالي لم تكن البرقية تمثل تهديداً لأسرة أبونتي. وأضافت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ سبق أن تلقى تهديدات في ذلك الحين، حسب ما جاء في الوثائق المقدمة، وهذا ما دفعه إلى أن يلتمس حماية المكتب.

4-5 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة في تعليقاتها المؤرخة 15 تشرين الأول/أكتوبر 1997 بأن مجلس الدولة قرر إعالة صاحب البلاغ وأسرته في الولايات المتحدة ودفع نفقات سفرهم. وأشارت إلى أنها طلبت إلى المحكمة الدستورية إعادة النظر في القضية وأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد بالتالي.

تعليقات صاحب البلاغ على المقبولية

5- أبلغ صاحب البلاغ اللجنة في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1997 بأن مجلس الدولة ألغى في 26 شباط/فبراير 1997 الحكم الصادر عن محكمة كونديناماركا الإدارية بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 1996 والقاضي بحرمانه من المساعدة المالية. وهو يدعي أنه رفع دعوى لتنفيذ الحكم، لكن لما لم ينفَّذ، أمرت محكمة كونديناماركا الإدارية النيابة العامة في 17 تموز/يوليه 1997 بالامتثال للحكم. وفي 22 تموز/يوليه 1997، اتصل به مكتب برنامج الحماية والمساعدة بواسطة القنصلية الكولومبية في ميامي لتحويل أول دفعة وإعلامه بأن الإجراء سيستمر في المستقبل.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ في 18 آذار/مارس 1998.

6-2 وأحاطت علماً بطلب الدولة الطرف ومفاده أنه ينبغي إعلان البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفيما يتعلق بالادعاء الخاص بالحق في الحياة، لاحظت اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ رفع دعاوى عدة للاستيضاح بشأن الجهة المسؤولة عن إفشاء هويته، مما اضطره، فيما ادعى، إلى الفرار من بلده. ورأت أنه في ظل هذه الظروف يجب استنتاج أن السيد أبونتي دأب على اتباع سبل الانتصاف الرامية إلى تثبيت وضعه واستيضاحه. وبعد مضي ثلاث سنوات على الأحداث التي تسببت في تقديم البلاغ، لم تحدد هوية المسؤولين عن الحادث أو لم يعاقبوا. واستنتجت اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية، والحالة هذه، قد "أطيل أمدها بصفة غير معقولة" بمفهوم الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

6-3 وفيما يتعلق بمزاعم صاحب البلاغ في إطـار الفقرة 1 من المادة 6؛ والفقرة 1 من المادة 9؛ والمادتين 12 و17 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، رأت اللجنة أنها دُعمت بحجج كافية لأغراض المقبولية وأنه ينبغي بالتالي النظر فيها بناء على أسسها الموضوعية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية ورد صاحب البلاغ

7-1 أكدت الدولة الطرف مجدداً في رسالة خطية مؤرخة 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 أن النيابة العامة أمرت بأن يُدفع إلى صاحب البلاغ مبلغ 000 4 دولار شهرياً امتثالاً لتوجيهات الدولة الطرف الصادرة في 26 شباط/فبراير 1997. كما قالت إن المبلغ حدد على أساس أحادي وذاتي لأن صاحب البلاغ لم يسمح لـه قط بدراسة المسألة.

7-2 وفيما يتعلق بانتهاك سرية هوية صاحب البلاغ الذي زعم أن ذلك عرض حياته للخطر، أفادت الدولة الطرف أن تحقيقاً تأديبياً قد أجري ضد الموظف الذي سماه السيد أبونتي وأغلقت شعبة الرصد القضائي ملفّه نهائياً في 13 شباط/فبراير 1996. وقالت الدولة الطرف إن صاحب البلاغ قدم منذئذ طلبات واستئنافات متعددة لكنها كانت غير مقبولة لأن الملف قد أغلق ولم تَبق أي جوانب جوهرية في النـزاع يجب معالجتها.

7-3 وأفادت الدولة الطرف أن الأشخاص الذين شهد صاحب البلاغ ضدهم والذين ادعى أنهم هددوه حُكم عليهم بالبراءة؛ ولم تُفد بالتالي مساعدة صاحب البلاغ بشيء، وتعتقد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتلق أي تهديدات. كما أن الأشخاص الذين ثبت أنهم مذنبون ليسوا هم الذين شهد ضدهم صاحب البلاغ.

7-4 واعتبرت الدولة الطرف أن السيد أبونتي ربما كان يستغل الوضع الأصلي (التهديدات المزعومة) للبقاء في الولايات المتحدة وأنه كان يأمل صدور قرار في صالحه بحيث تمدد سلطات الولايات المتحدة تأشيرته. كما ذكّرت بأنها اقترحت أن يعود صاحب البلاغ وعرضت عليه وضعه ضمن برنامج حماية الشهود في تلك الحالة.

7-5 وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 1999، حولت الدولة الطرف إلى اللجنة نسخة من قرار الحماية الذي أصدرته محكمة كونديناماركا الإدارية. وفي 10 أيار/مايو 1999، رأت المحكمة أن الظروف التي سمحت بدفع المبلغ المالي إلى صاحب البلاغ قد تغيرت، وبالتالي فإن قرار النيابة العامة إيقاف الدفع مشروع تماماً. ولم تعثر الشعبة التابعة للمحكمة التي أصدرت القرار على أي دليل على أن حياة السيد أبونتي لا تزال معرضة للخطر؛ ومن ثم، لم تمدد النيابة العامة المساعدة والنفقة بموجب برنامج الحماية إلى ما لا نهاية. وقالت المحكمة إن قرار مجلس الدولة الذي يحمي حقوق صاحب البلاغ أثبت بجلاء أنه لا ينبغي تقديم المساعدة المالية إلا إذا اقتضت الظروف ذلك، وأنه إذا تغيرت هذه الظروف ذلك فلا يمكن اعتبار قرار النيابة العامة إيقاف دفع المبلغ المعني بمثابة عدم امتثال.

7-6 وتحاجج الدولة الطرف بأن التحقيق الذي أجرته النيابة العامة أثبت أنه في الوقت الذي كان فيه أعضاء وحدة التحقيق التقني يحرسون صاحب البلاغ، لم تحدث أي تهديدات أكيدة ضد حياته أو حياة أسرته، وأن صاحب البلاغ في كل الأحوال رفض السماح بالتنصت على هاتفه.

7-7 وفي رسالة خطية مؤرخة 2 آب/أغسطس 1999، أبلغ صاحب البلاغ اللجنة بأنه تلقى من النيابة العامة مبلغ 000 4 دولار شهرياً على مدى سبعة أشهر بين أيلول/سبتمبر 1997 ونيسان/أبريل 1998؛ وتوقف إرسال المبلغ بعد سبعة أشهر فرفع دعوى ضد النيابة لكي تنفذ الأمر بالإعالة الذي أصدره مجلس الدولة. كما طلب بأن تدفع نفقات الإعالة بأثر رجعي وأنه ينبغي دفع تعويضات له للضرر والأذى الذي أصابه من جراء "الخطأ القضائي" الذي ارتكبته النيابة العامة لعدم حفاظها على هوية صاحب البلاغ سرية. ففي رسالة مؤرخة 24 آذار/مارس 2003، أفاد صاحب البلاغ أن محكمة كونديناماركا الإدارية رفضت دعاواه في 12 كانون الأول/ديسمبر 2002.

7-8 ويدعي صاحب البلاغ أنه اضطر إلى تلقي علاج طبي نفسي بسبب انتهاك حقوقه.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ الحالي في ضوء كافة المعلومات التي أتاحها الطرفان لها وفق ما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 ومع أن مقبولية البلاغ قد فُرغ من النظر فيها، فإن المادة 93-5 من النظام الداخلي للجنة تسمح بإعادة النظر في قرار اللجنة بشأن المقبولية بعد دراسة الأسس الموضوعية. وتحيط اللجنة علماً إذن بحجة الدولة الطرف القائلة إن الموظف الذي تحدث عنه السيد أبونتي يخضع لتحقيق تأديبي قد أغلقت شعبة الرصد القضائي ملفه نهائياً في 13 شباط/فبراير 1996. وتلاحظ اللجنة أن محكمة كونديناماركا الإدارية رأت في 10 أيار/مايو 1999 أن قرار النيابة العامة التوقف عن دفع النفقة إلى صاحب البلاغ لا يمكن اعتباره بمثابة عدم امتثال لأنه لا يوجد ما يثبت أن أسرة أبونتي لا تزال معرضة للخطر. وهذا ما دفع بالنيابة العامة إلى وقف الدعم والنفقة بموجب برنامج الحماية والمساعدة. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل يثبت العكس. كما تلاحظ أن السيد أبونتي لم يكن ممنوعاً من العمل في الولايات المتحدة. ولما كانت تلك المسائل هي التي كانت أساس الشكاوى التي قدمها صاحب البلاغ، ونظراً إلى أنها لم تعد وجيهة، فإن اللجنة ترى أن البلاغ غير مدعوم بحجج كافية لأغراض المقبولية بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- وبناء عليه تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

باء - البلاغ رقم 842/1998، رومانوف ضد أوكرانيا (القرار الذي اعتمد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من: السيد سيرجاي رومانوف (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: أوكرانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 11 آب/أغسطس 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ هو السيد سيرجاي نيكولايوفيتش رومانوف، روسي الجنسية من مواليد 1976 ويقيم في أوكرانيا. وهو يدعي أنه كان ضحية انتهاك أوكرانيا للمواد 2(1) و(3) (أ) و7 و9(1) و14(1) و(2) و(5) من العهد. ولا يمثله محام.

1-2 بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لأوكرانيا في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1991.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ، في أواخر عام 1995، في حاجة ماسة إلى المال فدبَّر خطة يستولي بها على مال السيد ماكسيمينكو. وقد كان هذا الأخير أحد معارف شابة كان صاحب البلاغ يقيم برفقتها، وتدعى الآنسة بودليسنايا (1) . وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1995، قامت هذه الأخيرة بزيارة شقة ماكسيمينكو ووضعت مخدراً في شرابه اسمه الكلوفيلين. وسرعان ما استسلم ماكسيمينكو للنوم فاتصلت بوديليسنايا هاتفيا بصاحب البلاغ وأدخلته إلى الشقة. وحاول صاحب البلاغ فتح أحد الصناديق بكسر القفل مستعينا في ذلك بفأس وجده في الشقة. وفجأة استيقظ ماكسيمينكو، فغلب الخوف على صاحب البلاغ مما جعله يضربه بالفأس، ويوقعه أرضاً. فهب صاحب البلاغ وبوديليسنايا بنهب كل ما يوجد في الشقة من ممتلكات. وقد صمد ماكسيمينكو للضربة ولم يمت، إلا أن صاحب البلاغ اعتقل وعُرض على المحكمة للنظر في قضيته. وهو يدعي أنه لم يكن في أي وقت من الأوقات ينوي قتل ماكسيمينكو.

2-2 وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996، أصدرت محكمة مدينة كييف حكماً ضد صاحب البلاغ لارتكابه أربع جرائم بموجب القانون الجنائي الأوكراني. وأدانته المحكمة بمحاولة القتل، والسرقة المقترنة بظروف مشدّدة، ومحاولة السرقة، وتحريض قاصر على ارتكاب جريمة؛ وحكمت عليه بالسجن لمدة 15 عاماً وبمصادرة جميع ممتلكاته الشخصية. وفيما يتعلق بجريمة محاولة القتل، خلُصت المحكمة إلى أن جرعة الكلوفيلين التي قدمت للضحية كانت تشكل خطراً على حياته، وإلى أن صاحب البلاغ كان ينوي قتل الضحية عندما ضربه بالفأس. وبالنظر في الواقعة الأخيرة، خلُصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ قد وجَّه عدة ضربات إلى رأس الضحية، مما تسبب في إصابته بإصابات خطيرة، وإلى أن هذه الضربات وُجِّهت لـه وهو غائب عن وعيه إثر تناوله المخدر. وقد طعن صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا في قرار إدانته بمحاولة القتل. ورفضت المحكمة العليا هذا الطعن في 10 تموز/يوليه 1997.

2-3 ويدعي صاحب البلاغ أن ما قُدم من أدلة، بما في ذلك الدليل المادي والطبي المتعلق بالإصابات التي حاقت بالضحية، والدليل النفسي المتعلق بمعنويات صاحب البلاغ، لا يدعم إدانته بمحاولة القتل. وبناء عليه، لم يكن على المحكمة أن تأخذ بقول بودليسنايا فيما يتعلق بمعنويات صاحب البلاغ عندما ضرب الضحية. كما يدعي أن بودليسنايا أصيبت بالهستيريا بعدما قدمت المخدر للضحية، وبأن جل معرفتها بما وقع من أحداث خلال الضرب بالفأس كان صاحب البلاغ نفسه هو من رواه لها. ويدعي أن بودليسنايا، وفي أية حال من الأحوال، لم تكن لتغير شهادتها فيما يتعلق بنية صاحب البلاغ بقتل ماكسيمينكو. ويدعي أنها لم تصرح بما صرحت به إلا لأنه قيل لها أن صاحب البلاغ مهدد بالحكم عليه بعقوبة الإعدام، وبأنها قد تتعرض لذات العقوبة إن هي لم تتعاون. وقد تم النظر في المحكمة الابتدائية الأولى وفي محكمة الاستئناف في الشهادة الجديدة لبودليسنايا وتم رفضها بعد ذلك لأن ما قالته كان بأمر من صاحب البلاغ.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه أدين خطأ بمحاولة القتل، لأنه لم يكن يعلم أن الكلوفيلين الذي تناوله الضحية كان يشكل خطراً على الحياة، ولأنه لم يكن على وعي بما يقوم به عندما ضرب الضحية في رأسه. ويعترض على ما خلصت إليه المحاكم فيما يتعلق بوجود قرائن، لا سيما الاعتماد على شهادة شريكته، ويصرح بأنه لم يحصل على محاكمة عادلة. ويدعي أن المحكمة لم تفترض بأنه بريء حتى تتم إدانته. كما يدعي أن الحجج التي قدمها بشأن القرائن ذات الصلة، وبشأن الأحداث التي وقعت بالفعل في شقة ماكسيمينكو، لم تنظر فيها المحكمة العليا في أوكرانيا، وبأن حقه في استعراض إدانته من طرف محكمة أعلى درجة، كما ينص على ذلك القانون، قد انتهك. ويدعي أن الدولة الطرف، ونظراً للظروف والملابسات السابقة، قد انتهكت المواد 2 و7 و9 و14 من العهد. غير أنه لا يربط بين أحداث معينة وملموسة قامت بها الدولة الطرف وما زُعم من انتهاكات محددة للعهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه تم اختراق العديد من الأحكام الخاصة بالإجراءات الجنائية في القانون الأوكراني أثناء محاكمته وأثناء استئنافه على الحكم الصادر ضده، لا سيما فيما يتعلق بإساءة تناول ما قدمه من حجج ومن أدلة ذات الصلة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في رسالة مؤرخة 27 آذار/مارس 1999، تدعي الدولة الطرف أن شكوى صاحب البلاغ لا أساس لها، وبأنها، بالتالي، غير مقبولة. وتقول إن إدانة صاحب البلاغ تم الاستناد فيها على شهادته شخصيا، وعلى شهادة شريكته وعلى أقوال العديد من الشهود غيرهما، فضلاً على الأدلة الشرعية وغيرها من الأدلة.

4-2 وفي رسالة مؤرخة 1 حزيران/يونيه 1999، رفضت الدولة الطرف الأسس الموضوعية التي قامت عليها شكوى صاحب البلاغ. وكررت قولها بأن ادعاءات صاحب البلاغ، فيما يتعلق بكونه لم يكن ينوي قتل الضحية، قد نظرت فيها المحاكم الأوكرانية تماماً، بموجب القانون المطبق، ورفضتها.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يدعي صاحب البلاغ، في تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 24 آب/أغسطس 1999، أن الدولة الطرف أهملت، عند النظر في قضيته، الأخذ بالحجج المتعلقة بالأدلة القائمة. ويكرر مرة أخرى ادعاءاته السابقة، والمتعلقة بكونه أدين بدون وجه حق. ويدعي أن رد الدولة الطرف يشير إلى قرارات المحاكم، إلا أن هذه القرارات لا تعكس ما وقع بالفعل من أحداث، كما أنها قرارات غير عادلة. ويقول إن الدولة الطرف تجاهلت رسائله المتعلقة بادعائه ارتكاب المحكمة التي تنظر في قضيته انتهاكات إجرائية، وإخفاق المحكمة العليا الأوكرانية في النظر، كما يجب، في جميع الحجج التي قدمها، ويقول إن المحكمة، بإخفاقها في النظر في هذه الحجج، قد انتهكت قوانين الإجراءات الجنائية في أوكرانيا.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أية ادعاءات ترد في البلاغات، أن تبت، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد أم لا.

6-2 وتأكدت اللجنة، لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست معروضة بالفعل على نظر هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 2 و7 و9 من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم المعلومات الكافية لدعم ادعاءاته بالأدلة وتعلن، بناءً عليه، بأن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرتين (1) و(2) من المادة 14، ترى اللجنة أن فحوى الادعاءات ترتبط في جوهرها بتقييم الوقائع والأدلة خلال سير الإجراءات في المحاكم الأوكرانية. وتُذكِّر اللجنة بسوابقها القضائية وتكرر أنه ليس لها عموماً، بل لمحاكم الدول الأطراف، أن تستعرض أو تقيِّم الأدلة القائمة ضد المتهم، إلا إذا تأكد لها أن تقدير عناصر الأدلة كان تقديراً تعسفياً بصورة واضحة أو أنه بمثابة إنكار للعدالة (2) . ولا تشير العناصر المادية المعروضة أمام اللجنة إلى أن سير الإجراءات القضائية في قضية صاحب البلاغ قد شابها القصور. وبناء عليه، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرتين (1) و(2) من المادة 14 غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بحق صاحب البلاغ في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في إدانته والحكم عليه، عملاً بمقتضيات القانون، كما هو منصوص عليه في الفقرة (5) من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن أي إجراء من إجراءات الاستئناف يستلزم، حسب السوابق القضائية للجنة، استعراضاً تاماً للإدانة والحكم، كما يستلزم النظر على النحو الواجب في القضية في محكمة الدرجة الأولى. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن القانون الأوكراني، وبالنظر في العناصر المادية المعروضة، يقتضي من محكمة الاستئناف النظر في جميع الأدلة والحجج القائمة ذات الصلة بالقضية. ويبدو من الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا الأوكرانية كذلك بأنها نظرت بالفعل في الحجج التي قدمها صاحب البلاغ، لا سيما فيما يتعلق بدليل شريكته، وبأنها نظرت في رواية صاحب البلاغ للوقائع. وقد خَلُصت المحكمة العليا، بعدما استعرضت قرار محكمة الدرجة الأولى، إلى عدم وجود أية أسس لقبول الاستئناف. وترى اللجنة، في ضوء ما سبق، أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءاته بموجب الفقرة (5) من المادة 14، وبأن ادعاءاته، بالتالي، غير مقبولة عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) كانت الآنسة بودليسنايا قاصراً آنذاك.

(2) انظر، على سبيل المثال، البلاغ رقم 790/1997، شيبان ضد الاتحاد الروسي ، الآراء المعتمدة في 24 تموز/يوليه 1997.

جيم - البلاغ رقم 870/1999، ه‍. س. ضد اليونان (القرار الذي اعتمد في 27 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من: ه‍. س . (لا يمثلها محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: ب. س.

الدولة الطرف: اليونان (1)

تاريخ تقديم البلاغ الأول: 23 آذار/مارس 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ هي ه‍. س . ، وهي امرأة بولندية تقيم في اليونان. وتدّعي أن ابنها ب. س.، وهو مواطن بولندي ولد في عام 1979، وقع ضحية انتهاك اليونان لأحكام غير محددة من العهد. ولا يمثلها محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تدّعي صاحبة البلاغ أن ابنها وعدة رجال آخرين، تعرضوا، في 28 شباط/فبراير 1999، للتفتيش من قبل رجال الشرطة بمحطة للحافلات. ولم يعثر رجال الشرطة على شيء لدى ابنها، غير أنهم عثروا على 15 غراماً من الحشيش كان يحملها أحد الرجال الآخرين. ونُقِلوا جميعهم تواً إلى مركز شرطة مينيدي في أثينا.

2-2 وفي 1 آذار/مارس 1999، قضت المحكمة الابتدائية بأثينا بسجن كل منهم لفترة 30 يوماً أو بدفع غرامة قدرها 000 110 دراخمة. وتؤكد صاحبة البلاغ أن ابنها بقي في السجن لمدة 18 يوماً على الرغم من تسديد مبلغ الغرامة على الفور. وتضيف أن ابنها لم يحصل في أي طور من أطوار القضية على خدمات محام أو مترجم كما أنه لم يحصل على الدواء لعلاج صرعه.

2-3 وفي رسالة أخرى بتاريخ 6 حزيران/يونيه 1999، ورداً على أسئلة موجهة من أمانة اللجنة، أعلنت صاحبة البلاغ أنها اتصلت بوزارة الداخلية وبإدارة الشرطة في أثينا وبالنائب العام للاستعلام عن حالة ابنها غير أنها أُخبرت بأنه لا يمكن التخفيف من حكم إدانته. وتلاحظ أن ابنها أُبعد فيما بعد من اليونان دون أن تُقدَّم أية أسباب تبرر إبعاده، كما أن الإبعاد لم تأذن به المحكمة. وتعلن أنها لم تتلق، على الرغم من طلباتها، أي نسخة من الأمر بالإبعاد وأن ابنها الذي كان يبلغ 20 عاماً وقت إبعاده يظل منفصلاً عن والديه وليس له قريب يعيش معه في بولندا.

الشكوى

3-1 تشتكي صاحبة البلاغ من انتهاك حق ابنها في الحصول على خدمات محام وحقه في الحصول على خدمات مترجم وعلى العلاج الطبي أثناء الفترة التي قضاها في الاحتجاز، وتدّعي أنه أُبعد من اليونان بدون وجه حق. ولا تحتج صاحبة البلاغ بأية مواد من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 في مذكرة بتاريخ 2 شباط/فبراير 2001، أكدت الدولة الطرف أن ابن صاحبة البلاغ دخل الأراضي اليونانية في 9 كانون الأول/ديسمبر 1995 بمقتضى تأشيرة تخول لـه البقاء في البلد لفترة 3 شهور فقط، غير أنه لم يغادر البلد عند انقضاء فترة صلاحية التأشيرة. وفي تاريخ غير محدد، حصل على "شهادة" تفيد إيداعه طلب للحصول على رخصة إقامة لفترة محددة مكَّنته من المكوث في اليونان ريثما تنظر السلطات المختصة في طلبه الكامل للحصول على رخصة إقامة لفترة محددة.

4-2 وفي 28 شباط/فبراير 1999، أوقف ابن صاحبة البلاغ رفقة 3 أشخاص آخرين بتهمتي شراء وحيازة مخدرات. وفي 1 آذار/مارس 1999، قضت محكمة أثينا الابتدائية بإدانة الأشخاص الأربعة وحكمت عليهم بعقوبة السجن لمدة 30 يوماً، إلا أنها أبدلت عقوبة السجن بغرامة مالية قدرها 500 1 دراخمة عن كل يوم سجن.

4-3 وعقب إدانة ابن صاحبة البلاغ، رفض رئيس فرع الشرطة والأمن والنظام ("رئيس الفرع") الطلب المقدم للحصول على رخصة إقامة لفترة محددة، الذي ظل قيد الدراسة حتى ذلك التاريخ، على أساس أن ابن صاحبة البلاغ كان يشكل خطراً على النظام والأمن العامين. ثم صدر أمر بطرده تضمن منعه من الدخول من جديد إلى اليونان لفترة 5 أعوام. وقرر رئيس الفرع، الذي يتمتع بصلاحية الإذن بحبس أي أجنبي ريثما يتم إبعاده إذا اعتُبِر أنه يشكل خطراً يهدد النظام العام، أن يظل ابن صاحبة البلاغ محتجزاً ريثما يتم إبعاده. وفي 18 آذار/مارس 1999 طُرِد إلى بولندا.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول باعتبار أن ابن صاحبة البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المتاحة محلياً، ولأن صاحبة البلاغ لم تقدم ما يثبت صحة ادعاءاتها. كما تؤكد أن ابن صاحبة البلاغ لم يرفع أي استئناف لا ضد قرار احتجازه قبل إبعاده ولا ضد قرار طرده، على الرغم من أنه كان على علم بقيام تلك الحقوق. وينص القانون اليوناني على أنه يمكن للأجانب الذين يصدر بشأنهم قرار بالإبعاد رفع استئناف إلى الوزير المكلف بالنظام العام ثم إلى مجلس الدولة الذي يُعتبر الهيئة العليا للقضاء الإداري في اليونان. وفضلاً عن ذلك، يجوز للوزير المكلف بالنظام العام أن يراجع قرار احتجاز أي أجنبي ريثما يتم إبعاده. إلا أن ابن صاحبة البلاغ اختار ألاّ يلجأ إلى أي من سبل الانتصاف هذه.

4-5 وتؤكد الدولة الطرف أن ابن صاحبة البلاغ أخبر بهذه الحقوق، وتشدد على أن الأجانب الذين يُحتجزون ريثما يتم إبعادهم يحصلون على نشرة إعلامية محررة بلغات مختلفة، منها البولندية، لغته الأم. وتصف هذه النشرة بالتفصيل الحقوق التي يتمتع بها الأجانب أثناء فترة الاحتجاز، بما في ذلك الحق في توكيل محام والطعن في قرار الإبعاد والتماس المساعدة الطبية. وتلاحظ الدولة الطرف أن ابن صاحبة البلاغ يتكلم اللغة اليونانية ولم يكن بالتالي في حاجة إلى خدمات مترجم فوري.

4-6 كما تؤكد الدولة الطرف أن ابن صاحبة البلاغ لم يطلب الحصول على مساعدة محام. وبالرغم من ذلك، فقد تَكفَّل محام بالدفاع عنه أثناء الإجراءات أمام محكمة أثينا الابتدائية فيما يتصل بالتهم المتعلقة بالمخدرات. أما عن الادعاءات المتعلقة بصحة ابن صاحبة البلاغ، تلاحظ الدولة الطرف أنه يحق للأجانب الذين يمكثون رهن الاحتجاز ريثما يتم إبعادهم أن يطلبوا فحصاً طبياً يجريه طبيب تابع للشرطة أو طبيب خاص. وبما أن ابن صاحبة البلاغ لم تظهر عليه أعراض مرض ولم يشر إلى السلطات بأنه يعاني من الصرع ولم يطلب من ناحية أخرى الحصول على رعاية طبية أو أدوية، فهو لم يتلق أي مساعدة طبية.

4-7 وفيما يتعلق بتأثير إبعاد ابن صاحبة البلاغ على أسرته، تلاحظ الدولة الطرف أنه كان قد بلغ السادسة عشرة من العمر عند وصوله إلى اليونان وأنه لم يقض زمن إبعاده سوى أربع سنوات في البلد لم يحصل أثناءها على حق الإقامة، وأن والديه، المقيمين في اليونان، لم يحصلا على الجنسية اليونانية. كما أنه لم يكن متزوجاً وليس لـه أطفال في اليونان، ولم تكن هنالك عقبات ظاهرة قانونية كانت أم من طبيعة أخرى تحول دونه ودون تكيفه مع الحياة في بولندا حيث عاش حتى بلوغه سن السادسة عشرة. ولقد راعت السلطات اليونانية كل هذه المسائل.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 علقت صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف في رسالة غير مؤرخة أعلنت فيها أنها لم تتلق أي تفسير من السلطات اليونانية بشأن الأسباب الكامنة وراء قرار طرد ابنها من اليونان. وأعلنت أنها جلبت ابنها من بولندا في عام 1995 عقب علمها بعلاج جديد لداء الصرع كان متاحاً في اليونان وأن حالة ابنها الصحية تحسنت بفضل العلاج الذي تلقاه بعد انتظار دام سنتين. وأشارت إلى أن ابنها انقطع عن هذا العلاج بسبب طرده إلى بولندا.

5-2 وتزعم صاحبة البلاغ، دون أن تقدم أية تفاصيل أخرى، أن ضباط الشرطة الذين أوقفوا ابنها كانوا "سكارى" وأن ابنها تعرض للعنصرية والتمييز من قبل ضباط الشرطة في مركز الشرطة في مينيدي.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتحققت اللجنة حسبما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست موضع نظر في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وأحاطت اللجنة علماً بما جاء في ملاحظات الدولة الطرف من أن ابن صاحبة البلاغ لم يرفع أي استئناف ضد قرار احتجازه أو الأمر بإبعاده. وقدمت الدولة الطرف معلومات محددة ومفصلة فيما يتعلق بسبل الانتصاف القانونية المتاحة التي كان بإمكان ابن صاحبة البلاغ أن يطعن من خلالها في قراري احتجازه وإبعاده، وكذلك فيما يتعلق بإطْلاعه على هذه الحقوق. ولم تنازع صاحبة البلاغ أياً من هذه المعلومات، كما أنها لم تبين كيف منُعت أو كيف مُنع ابنها من اللجوء إلى سبل الانتصاف المحلية. وفي هذه الظروف، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن سبل الانتصاف المحلية استُنفدت. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء عليه تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحبة البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختياري قيد التنفيذ فيما يتعلق باليونان في 25 آب/أغسطس 1997.

دال - البلاغ رقم 874/1999، كوزنتسوف ضد الاتحاد الروسي (القرار الذي اعتمد في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيد يوري فلاديميروفيتش كوزنتسوف (يمثله المحامي، السيد أليكسندر ج. مانوف)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ : 16 أيار/مايو 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2003،

تعتمد القرار التالي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ هو السيد يوري كوزنتسوف، وهو مواطن روسي من مواليد عام 1964، وقد كان، أثناء تقديم البلاغ، محتجزاً في إيكاتيرينبورغ (روسيا). وهو يدعي أنه كان ضحية انتهاكات الاتحاد الروسي (1) للفقرة 3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ يعمل ك سائق شاحنة لدى شركة تملكها الدولة في مدينة كشكانارا (روسيا). وفي عشية 6 أيلول/سبتمبر 1990، كان بصحبة زميل لـه يدعى السيد فومكين يحتسيان مشروباً في شاحنة صاحب البلاغ الواقفة في الباحة المخصصة لموقف السيارات في الشركة. وفي تلك الليلة، قاد صاحب البلاغ شاحنته بصحبة زميله ليشتريا المزيد من المشروب الكحولي؛ والتقيا بشخص آخر يدعى أليكسييف وعادا معاً إلى باحة الشركة، حيث واصلوا الشرب. وبعد اندلاع نقاش بين صاحب البلاغ وأليكسييف، غادر هذا الأخير الشاحنة؛ ثم قاد صاحب البلاغ شاحنته إلى خارج باحة الشركة لينقل فومكين. ولما لم يكن في حوزته أية وثائق سفر، لم يسمح لـه أحد الحراس بمغادرة الساحة. فأوقف شاحنته إلى جانب المخرج تاركاً فومكين لينام بداخلها، وقصد منزله سيراً على الأقدام.

2-2 وفي الصباح، أحيط صاحب البلاغ علماً بأن أحداً دهس أليكسييف في باحة الشركة وأرداه قتيلاً. وأعرب صاحب البلاغ عن شكوكه في ما إذا كان هو وفومكين من دهسا أليكسييف، إلا أن فومكين طمأنه بقوله إنه من المستحيل أن يكونا هما من قاما بذلك.

2-3 وألقي القبض فيما بعد على صاحب البلاغ في تاريخ غير محدد. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1991، أصدرت محكمة مدينة كاشاكانارا حكماً ببراءته. وإثر طلب لاستئناف الحكم مقدم من أرملة أليكسييف والمدعي العام، أصدرت المحكمة الإقليمية في سفيردلوفسك، في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، حكما بإلغاء قرار محكمة مدينة كاشاكانارا وعُرضت القضية لإعادة النظر فيها من جديد. وفي 17 شباط/فبراير 1992، خلصت محكمة مدينة كاشكانارا إلى أن إدانة صاحب البلاغ غير مبنية على أدلة. وفي 20 شباط/فبراير 1992، ألغت المحكمة الإقليمية في سفيردلوفسك هذا الحكم مجدداً، وأعلنت أنه حكم غير قانوني ولا أساس لـه من الصحة، وطلبت إلى هذه المحكمة إعادة النظر في القضية، ولكن بتشكيلة مختلفة. وفي 19 آب/أغسطس 1992، أدانت محكمة مدينة نيزهين - تورينسكي (منطقة سفيردلوفسك) صاحب البلاغ لاستعماله شاحنة بها عطل فني أدى إلى مقتل أليكسييف (الفقرة 2 من المادة 211 من القانون الجنائي)، وحكمت عليه بالسجن مدة 4 سنوات وبمنعه من قيادة أية مركبة. وأقرت المحكمة الإقليمية في سفيردلوفسك هذا الحكم في 23 كانون الأول/ديسمبر 1992، كما أقرته المحكمة العليا في 26 شباط/فبراير 1993.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ بأنه لم يكن مُمثَّلا بمحام خلال التحقيق معه، على الرغم من أنه طلب ذلك. وأثناء استجواب السيد فومكين في 16 نيسان/أبريل 1991، ادعى صاحب البلاغ أنه خضع للضغط والتهديد والضرب، لإجباره على الاعتراف؛ كما أن فومكين، الذي كان تحت الضغط أيضا، قد حث صاحب البلاغ على الموافقة على روايته للوقائع حتى يتفادى أن توَجَّه لـه تهمة القتل. ويدعي كذلك أن محكمة مدينة نيزهين - تورينسكي ، وخلال نظرها في قضيته، لم تستدعِ حوالي 20 شخصاً كانوا ليشهدوا ببراءته. وتشكل كل الوقائع السابقة، في نظر صاحب البلاغ، إخلالاً بأحكام ا لفقرة 3(ب) و(ه‍) و(ز) من المادة 14 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف

4- تجادل الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، بأن ليس للجنة أسباب لها ما يبررها للنظر في البلاغ، لأن المحكمة العليا قد نظرت في هذه القضية في ثلاث مناسبات، وأولت الاهتمام البالغ لادعاء صاحب البلاغ بأنه أدين على أساس حجة غير سليمة وبأن حقه في الاستعانة بمحامٍ قد انتهك. وتشير الدولة الطرف إلى أنها لم يتبين لها حدوث أي إخلال بقانون الإجراءات الجنائية خلال التحقيقات والإجراءات القضائية. ولم تجد المحكمة العليا أي سبب لنقض قرارات المحاكم ذات الصلة. وتضيف الدولة الطرف أنه صدر أمر بالإفراج المشروط عن صاحب البلاغ في 23 آب/أغسطس 1996.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يقول المحامي، في رسالة مؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 2001، إن الدولة الطرف أهملت ظروفاً لها دلالتها في القضية: إذ لم يتم استدعاء ما يزيد عن 20 شاهداً - ادعوا استعدادهم لتقديم "ضمانات ببراءة السيد كوزنتسوف" - للإدلاء بشهاداتهم في المحكمة؛ كما أن فومكين ما انفك ينكر مشاركة صاحب البلاغ في الجريمة طيلة ثمانية أشهر، ولم يغير إفادته إلا بعدما ألقي عليه القبض، بعد ما ادُّعي عن تعرضه للتهديد؛ كما تَعرَّض صاحب البلاغ للضغط والتهديد والضرب لإجباره على الاعتراف.

5-2 ويكرر المحامي قوله إن صاحب البلاغ لم يوافق على رواية فومكين إلا لأن المحقق وعده بإطلاق سراحه؛ كما أن صاحب البلاغ، وبمبادرة من المحقق، كتب رسالة إلى زوجته ولكنه تركها بين يدي المحقق، يعترف فيها بذنبه. ويُذكّر المحامي بأن صاحب البلاغ لم يكن ممثَّلا أثناء التحقيق.

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ يجوز النظر فيه بموجب أحكام البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر لدى أية هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي، وأن سبل الانتصاف المحلية قد استنفذت. وعليه فإن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

6-3 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ، بموجب الفقرة 3(ز) من المادة 14، بأنه تعرض للتهديد والضرب خلال التحقيق معه لإجباره على الاعتراف. ونظراً لعدم تقديم صاحب البلاغ أية معلومات أخرى ذات صلة أو أية تفصيلات أخرى تدعم ادعاءه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة التي تدعم شكواه، تحقيقاً لأغراض مقبولية هذا الجزء من البلاغ، وبالتالي فإن هذا الجزء لا يجوز النظر فيه بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ، بموجب الفقرة 3(ب) من المادة 14، بأنه لم يُتَح لـه الاستعانة بمحام على الرغم من طلبه ذلك. وترى أن هذا الادعاء متصل بالفترة التي سبقت الاحتجاز، حيث قضت المحكمة مرتين ببراءته. ولم يقدم صاحب البلاغ أية معلومات عما ترتب على عدم وجود محام ينوب عنه في تلك الفترة، أي قبل أن يصبح البروتوكول الاختياري نافذاً في الدولة الطرف، من آثار في محاكمته الثالثة في نيسان/أبريل 1992، الأمر الذي يشكل، إذا ما تم إثباته، وإخلالاً بالفقرة 3(ب) من المادة 14. وبالتالي ترى اللجنة أن النظر في هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالادعاء الآخر لصاحب البلاغ بموجب الفقرة 3(ه‍) من المادة 14، بأن محكمة مدينـة نيزهين - تورينسكي لم تستدعِ ما يزيد عن 20 شخصاً ليشهدوا لصالحه، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعي، في قضيته المعروضة على اللجنة، أنه طلب إلى أولئك الأشخاص الشهادة لصالحه، أو أن المحكمة رفضت الاستماع إليهم، أو أن الدولة الطرف منعتهم من الشهادة. وبناء عليه، لا يندرج هذا البلاغ في نطاق الفقرة 3(ه‍) من المادة 3، ومن ثم فهو غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المواد 1 و2 و3 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) أصبح العهد نافذاً في الدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976، وأصبح البروتوكول الملحق بالعهد نافذاً في 1 كانون الثاني/يناير 1992.

هاء - البلاغ رقم 901/1999، لينغ ضد أستراليا (القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيدة ديبورا جوي لينغ (يمثلها محام هو السيد غافان غريفيث)

الأشخاص المدَّعين أنهم ضحايا : السيدة ديبورا جوي لينغ، وجيسيكا جوي سيرجيون، وصمويل كولن جون سيرجيون

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 9 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ المؤرخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 هي السيدة ديب و را جوي لينغ (السيدة لينغ). وهي تقدم هذا البلاغ بال أصالة عن نفسها وبالنيابة عن طفليها جيس ي كا جوي سيرجيون وصمويل جوي سيرجيون. وتدعي أنها ضحية لانتهاكات من جانب أستراليا (1) للفقرة 3 من المادة 2 ، والمادة 7، والفقرة 1 من المادة 14، والمادة 17، والفقرة 1 من المادة 23 والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد)؛ وأن ابنتها جيس ي كا ضحية لانتهاكات ل لفقرة 3 من المادة 2 ، والمادة 7، والفقرتين 1 و4 من الماد ة 12 والفقرة 1 من المادة 14 ، والمادة 17، والفقرة 1 من المادة 23، والفقرة 1 من المادة 24؛ وأن ابنها صمويل ضحية لانتهاكات ل لفقرة 3 من المادة 2 ، والمادة 7، والفقرة 1 من الماد ة 17 ، والفقرة 1 من المادة 23 ، والفقرة 1 من المادة 24 من العهد. ويمثلهم محام.

1-2 وفي 10 كانون الأول/ديسمبر 1999، رفض المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته صاحبة البلاغ.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تزوجت السيدة ل ي نغ من السيد لانس لين سيرجيون في 30 آذار /مارس 1991. وو ُ لِدت جيس ي كا في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهي تحمل الجنسيتين الأسترالية و الأمريكية. وقد انهار هذا الزواج ، و في 12 آذار/مارس 1994 سافرت السيدة لينغ وجيس ي كا إلى أستراليا بموافقة السيد سيرجيون، حيث بقيتا حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1994. وعادتا إلى الولايات المتحدة بطلب من السيد سيرجيون الذي كان قد أصيب في هذه الأثناء بنوبة قلبية.

2-2 و في 12 كانون الثاني/يناير 1995، غادرت السيد ة لينغ منزل الزوجية في الولايات المتحدة الأمريكية واتجهت إلى أ ستراليا بصحبة جيس ي كا دون علم السيد سيرجيون. و في 17 كانون الثاني/يناير 1995، رفع المذكور دعوى للطلاق إلى المحكمة الكلية ل ولاية جورجيا . وفي 27 شباط/فبراير 1995 ، أمرت المحكمة الكلية بإعادة ج ي س ي كا إلى ولاية جورجيا في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي نيسان/أبريل وأيار /مايو 1995، نظرت المحكمة الكلية لجورجيا في طلب جزئي من السيد سيرجيون للحصول على حكم شرطي بالطلاق في غياب السيدة لينغ، وأمرت ب فسخ الزواج. ومنحت المحكمة الأب " حق الحضانة الدائمة الحصرية" لج ي س ي كا دون منح السيدة لينغ حق الزيارة إلى حين صدور أمر آخر من محكمة ذات اختصاص قضائي.

2-3 وفي 5 حزيران/يونيه 1995 ، قدم السيد سيرجيون طلبا ً إلى السلطات المركزية ل لولايات المتحدة بموجب اتفاقية لاهاي المتعلقة ب الجوانب المدنية ل لاختطاف الدولي ل لأطفال (اتفاقية لاهاي). وأُحيل ذلك الطلب إلى السلطات المركزية الأسترالية التي رفعت دعوى في محكمة الأسرة في 28 حزيران/يونيه تلتمس إصدار أمر يسمح للسيد سيرجيون بترحيل جيس ي كا من أستراليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وكان من المقرر النظر في الطلب المقدم إلى السلطات المركزية في 5 أيلول/سبتمبر 1995، إلا أن تواريخ الجلسات أُلغيت وأُجلت الإجراءات القضائية. وفي 22 أيلول/سبتمبر 1995، ولد في أستراليا الطفل صمويل ابن السيدة لينغ والسيد سيرجيون.

2-4 ونظر القاضي أوريان في محكمة الأسرة الأسترالية في الطلب يومي 2 و5 شباط/فبراير 1996. وفي 20 شباط/فبراير 1996 ، أمر بإعادة ج ي س ي كا إلى والدها في الولايات المتحدة. وقدمت السيدة لينغ استئنافاً إلى محكمة الأسرة بكامل هيئتها تطلب فيه نظر المحكمة في أدلة جديدة. ونُظر في الاستئناف يومي 3 و4 تموز/يوليه 1996. ورفضت المحكمة بكامل هيئتها قبول الأدلة الجديدة، فرفضت بذلك الاستئناف في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1996.

2-5 وعقب رفض الاستئناف، اختفت السيدة لينغ مع طفليها . وأمكن العثور عليهم في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1998 وجرى احتجازهم.

2-6 وفي 9 نيسان/أبريل 1998، قدمت السيدة لينغ طلبا ً للسماح لها بالاستئناف أمام المحكمة الع ا لي ة في أستراليا. ورفضت المحكمة الع الية الطلب في 7 آب/أغسطس 1998 نظراً إلى أن السيدة لينغ لم تقدم الاستئناف قبل انقضاء المهلة القانونية.

2-7 و ثم عادت السيدة لينغ إلى محكمة الأسرة بكامل هيئتها وطلبت إعادة النظر في القضية. وفي يومي 27 و28 آب/أغسطس ويوم 14 أيلول /سبتمبر، نظرت محكمة الأسرة بكامل هيئتها المعاد تشكيلها لتضم خمسة قضاة في طلب إعادة النظر في القضية ، ورفضت الطلب في 9 شباط /فبراير 1999 بأغلبية ثلاثة أصوات مقابل صوتين.

2-8 وعند هذا الحد، بقي للسيدة لينغ خياران فقط ؛ (أ) السعي إلى الاستئناف مرة أخرى أمام المحكمة الع الية ، أو (ب) أن تقدم طلباً إلى محكمة الأسرة وأن تطلب إصدار شهادة من المحكمة تمكنها من الاستئناف أمام المحكمة الع الية . وكانت محكمة الأسرة قد أصدرت ثلاث شهادات فقط من هذا النوع منذ عام 1975؛ ولا تصدر هذه الشهادة إلا إذا كانت القضية تتعلق بمسألة قانونية هامة أو كانت موضع اهتمام عام. وفي 24 نيسان /أبريل 1999، أصدرت محكمة الأسرة شهادة تسمح لصاحبة البلاغ بالاستئناف مرة أخرى أمام المحكمة الع الية ، على أساس أن محكمة الأسرة بكامل هيئتها ينبغي أن تعيد النظر في قرارها لكي يجري البت في الطلب وفقا ً للقانون المناسب والقابل للتطبيق. وحتى هذه المرحلة، لم تُعرض مساعدة قانونية على السيدة لينغ . بيد أنها حصلت على قدر محدود من المساعدة القانونية فيما يتعلق ب الاستئناف أمام المحكمة العالية . وبدأت المحكمة الع الية النظر في الاستئناف في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1999، وفي اليوم الأخير الذي صادف 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، رفضت المحكمة الاستئناف دون إبداء الأسباب. ولذلك، تدعي السيدة لينغ أن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت .

2-9 وكانت السيدة لينغ تبعث ب رسائل وصور ل لطفلين ومعلومات أخرى إلى والدهما في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1994. و هي تدع ي أنه لم يبد اهتماما ً بالطفلين ولم ي قدم أي إسهام مالي في إعالتهما و لم يزرهما في أستراليا ولم يكن على اتصال هاتفي بهما على مر السنين .

الشكوى

3-1 تدعي السيدة لينغ عدم توفر سب ي ل انتصاف مناسبة وفعالة لها ويشكل ذلك انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، نظراً إلى أن العهد غير مدمج في القانون المحلي الأسترالي بطريقة تمكنها من إنفاذ هذه الحقوق . وت ؤكد أن العهد ليس جزءا ً من القانون الأسترالي، ومن ثمّ ف ليس ل ـ ه تأثير قانوني على حقوق وواجبات الأفراد (2) . وبالرغم من أن صاحبة البلاغ أثارت مسائل بموجب العهد في الاستئناف الذي قدمته إلى المحكمة العليا، فإن ه لم يجر إبلاغها ب الأسباب التي رأتها المحكمة فيما يتعلق بهذا الجانب من الاستئناف.

3-2 وتدعي السيدة لينغ أن أخذ ابنتها جيسيكا قسراً ، والتي كان يحتمل ألا تراها لسنوات عديدة، هو انتهاك لحقوقها بموجب المادة 7. فليس لها أو لابنها حق الدخول إلى الولايات المتحدة، كما أن ه لا توجد أي إمكانية، بالنظر إلى الأوامر الحالية الصادرة عن المحكمة ، لقيامها ب زيارة جيسيكا حتى إذا تمكنا من الدخول إلى الولايات المتحدة . وليس للسيدة لينغ أية وسيلة للسير في أي إجراء قضائي آخر. و هي تدعي أن فصل والدة عن طفل ت ها الصغيرة بهذه الطريقة هو بمثابة معاملة قاسية بما يشكل انتهاكاً للمادة 7.

3-3 وتدعي السيدة لينغ أنها لم تحصل على محاكمة عادلة، و هو ما يشكل انتهاكاً للمادة 14، أولاً من حيث أن محكمة الأسرة لم تطبق القانون الصحيح في قرارها بنزع ابنتها جيسيكا من حضانتها . وفي الطلب الذي قدمته إلى محكمة الأسرة في عام 1998 لإعادة النظر في الحكم الصادر في الاستئناف الأول، أقرّ القضاة بأغلبية ثلاثة أن محكمة الاستئناف الأولى لم تطبق القانون الصحيح، و مع ذلك فقد رفضوا إعادة النظر في المسألة. وعلى مستوى المحكمة الع الية ، اتفقت جميع الأطراف على أن القاضي الابتدائي ومحكمة الأسرة التي انعقدت بكامل هيئتها في المرة الأولى لم يطبقا القانون الصحيح. ومع ذلك، رفضت المحكمة العالية في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 النظر في الاستئناف دون إبداء الأسباب.

3-4 وثانياً، ت ؤكد السيدة لينغ أن المحكمة الع الية لم تبد الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ قرارها ، وهو ما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 . وبالرغم من أن قرار المحكمة الع الية يعني ضمناً أن أمر ترحيل جيسيكا نافذ في الحال، أشارت المحكمة الع الية إلى أن الأسباب المعللة لقرارها ستُقدم لاحقاً، مما جعل السيدة لينغ لا تعرف أسباب عدم نجاح الاستئناف قبل عودة جيسيكا إلى الولايات المتحدة .

3-5 كما يُدعى، نظرا ً إلى ال تأخ ي ر ات في معالجة الإجراءات القضائية المتعلقة بجيسيكا، أن أي تدخل في شؤون أسرة صاحبة البلاغ لا يمكن اعتباره معقولاً بمقتضى المادة 17، إذا قِيس بحجم الضرر والتبعات التي لا يمكن تداركها بالنسبة إلى هذه ا لأسرة.

3-6 وتدعي السيدة لينغ أن إبعاد جيسيكا عن أسرتها يفسد تمتعها بحياة أسرية، و هو ما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 23، لا سيما وأن إيجاد حل للقضية قد تأخر بشدة.

3-7 و هي تحتج أخيراً بأن حقوقها بمقتضى المادة 26 قد انتُهكت، إذ بينما دُفعت مصاريف المحكمة في أستراليا التي يتحملها الوالد عملاً باتفاقية لاهاي، لم تقدم لصاحبة ال بلاغ مساعدة مناظرة. وهذا أمر خطير بشكل خاص، بالنظر إلى أن حكم الطلاق قد منح الأب ال حق في جميع الممتلكات الزوجية.

3-8 ويُدعى، بالنيابة عن جيسيكا، أن ه لا يوجد أمامها سبيل انتصاف فعالة ، بما يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 2، وذلك نظراً إلى أن العهد غير مدمج في القانون المحلي الأسترالي بطريقة تمكنها من الدفاع عن حقوقها التي يكفلها العهد . و هي تؤكد أن العهد ليس ل ـ ه تأثير قانوني على حقوق وواجبات الأفراد أو الحكومات، وتشير في هذا السياق إلى قضية تبت فيها محكمة أسترالية وإلى مرافعة المدعي العام في مداولات المحكمة الع الية المتعلقة بالقضية الراهنة (3) . كما أن جيسيكا لم تتمكن من تقديم أي ملاحظات أو حجج بخصوص مصالحها. وبالرغم من أن محكمة الأسرة قد عينت ممثلا ً مستقلا ً ينوب عنها، فإنه لم يتمكن من أداء دور نشط في الإجراءات القضائية لأنه لم يتمكن من المشاركة في ال جلسة المستقلة للمحكمة الخاصة بجيسيكا .

3-9 ويُدعى أن جيسيكا ست عاني من أضرار نفسية بالغة في حالة إبعادها عن الأسرة الوحيدة التي تعرفها و التي هي مصدر سعادتها العاطفية والمادية والاجتماعية، فضلاً عن إبعادها عن أصدقائها في المدرسة . وأن إعادتها إلى والدها، الذي لم ي ؤد أي دور فعال في حياتها، أو إلى مكان لا توجد فيه ترتيبات فورية لرعايتها أو دراستها، هي بمثابة معاملة قاسية ، بما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد .

3-10 وبما أن جيسيكا موجودة في أستراليا بصورة مشروعة، فلديها حق البقاء في هذا البلد بموجب الفقرتين 1 و4 من المادة 12. وسيكون هذا الحق قد انتُهِك إذا أُعيدت إلى الولايات المتحدة.

3-11 ويُدعى أن جيسيكا قد حُرمت من محاكمة عادلة ، بما يشكل انتهاكاً للمادة 14. فقد حُرمت أولاً من حق المشاركة في الإجراءات القضائية المتعلقة بحقوقها، ومن حق الطعن في قرار ترحيلها من أستراليا. كما أن عدم إمكانية البت في مصالحها بصورة منفصلة ومستقلة عن مصالح والدتها قد أثّر إلى حد كبير على إمكانية النظر في الأسس الموضوعية لقضيتها. فعلى سبيل المثال، فعندما رفض قضاة محكمة الأسرة بكامل هيئتها للمرة الثانية إعادة النظر في القضية، واعتبروا أن غياب الأم و سلوكها هما العاملان الحاسمان ضد إعادة النظر في القضية، لم يُنظر بصورة مستقلة في مصلحة جيسيكا في إعادة النظر هذه .

3-12 ثانياً، لم تحصل جيسيكا على محاكمة عادلة نظراً إلى أن قاضي محكمة الأسرة لم يطبق القانون الصحيح عندما قرر إعادتها. ويشير المحامي إلى اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على وجوب عدم فصل الطفل عن والديه ما لم يتقرر وفقا ً للقوانين والإجراءات المعمول بها أن هذا الفصل ضروري لصون مصالح الطفل الفضلى. وعندما رفضت المحكمة الع الية الاستئناف الأخير الذي قدمته والدة جيسيكا، لم يتم إبلاغهما ب أسباب اتخاذ هذا القرار.

3-13 إن ال إبعاد المقترح ل جيسيكا عن والدتها وأخيها قسراً هو بمثابة تدخل تعسفي في شؤون أسرتها وم نزل ها، ويشكل ذلك انتهاكاً للمادة 17 من العهد. ويشير المحامي إلى آراء اللجنة الصادرة في قضية تون ي ن ضد أستراليا (4) . و يُدفع بأن التأخيرات في ا لإجراءات القضائية المتعلقة بترحيل جيسيكا، تستتبع أن أي تدخل في شؤون أسرتها لا يمكن اعتباره م عقولاً ً إذا قِيس بحجم الضرر والتبعات التي لا يمكن تداركها بالنسبة إلى أسرتها. ويُدعى أن ه لا توجد أي سبل قانونية أمام جيسيكا لالتماس الحماية من هذا التدخل.

3-14 وأخيراً، يُدّعى بالنيابة عن جيسيكا، أن تطبيق اتفاقية لاهاي في هذه القضية لم يعالج ال مصالح الفضلى للطفلة بالطريقة المناسبة، و هو بمثابة انتهاك ل لفقرة 1 من المادة 23 ، والفقرة 1 من المادة 24 من العهد. فإبعاد جيسيكا عن أسرتها ي ضعف حقها في التمتع بحياة أسرية، نظراً إلى أن تطبيق اتفاقية لاهاي بشكل صارم يؤثر سلباً على مصلحتها عندما لا يجري هذا التطبيق والترحيل على وجه السرعة – أي في غضون عام على الأقل. ويُحتجّ أيضاً بأن منع والدتها وشقيقها من الوصول إليها في حالة ترحيلها سيشكل انتهاكاً للفقرة 2 من المادة 10 من اتفاقية حقوق الطفل، والفقرة 1 من المادة 24 من العهد.

3-15 وفيما يتعلق بحقوق صمويل، ي ُحتج ب أن الدولة الطرف لم تقم، على نحو يشكل انتهاكاً ل لفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 3 من المادة 2، بإتاحة سبيل انتصاف فعالة لـه للدفاع عن حقوقه بموجب العهد، نظراً إلى أن العهد ليس ل ـ ه انطباق في القانون الأسترالي . وبالإضافة إلى ذلك، فإ نه لم يتمكن من المشاركة في الإجراءات التي لها تأثير على مصالحه من حيث أنه كان يحتمل فصله عن أخته بشكل دائم. و ليس لـه وضع مستقل في الإجراءات القانونية.

3-16 ويُدعى أيضا ً أن حقوق صمويل بموجب المادة 7 س تُنتهك، نظراً إلى أن إبعاد أخته عن الأسرة س يفصم الصلة القوية بين الطفلين و س يسبب ل ـ ه معاناة نفسية .

3-17 و إن إبعاد جيسيكا الوشيك عن أسرتها هو بمثابة تدخل تعسفي في الشؤون ا لأسر ي ة والمنزلية ل صمويل، وذلك يتعارض مع المادة 17.

3-18 ويُدعى أن إبعاد جيسيكا عن أسرتها سي فسد تمتع صمويل بالحياة الأسرية ، لأنه لا يملك حق الدخول إلى الولايات المتحدة وا لبقاء بها، أو حق زيارة أخته، و هو ما يشكل ا نتهاكاً للمادتين 23 و24 في هذا الصدد . وي ؤكد المحامي أنه ينبغي للجنة، عند البت في حقوق طفل من الأطفال، أن تضع في الاعتبار المادة 3 من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على أن ه في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى. ورأى أن الدول الطرف قد انتهكت الفقرة 1 من المادة 24 من العهد بعدم قيامها ب اتخاذ أي خطوات تمكّن صمويل من حماية حقوقه.

آراء الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف آراءها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 8 شباط/فبراير 2001. و هي تؤكد أن البلاغ غير مقبول وينبغي أن ترفضه اللجنة دون النظر في أسسه الموضوعية. وإذا رأت اللجنة غير ذلك واعتبرت الادعاءات مقبولة؛ ت ؤكد الدولة الطرف أن ه ينبغي رفض هذه الادعاءات باعتبار أنها لا أساس لها من الصحة .

4-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادة 2، ت ؤكد الدولة الطرف عدم وجود انتهاكات لمواد أخرى من العهد، وبالتالي لا تثور أي مسألة حدوث انتهاك بموجب المادة 2 من العهد. و بناء عليه، ينبغي رفض هذا الجانب من البلاغ لعدم المقبولية. وعلى أية حال، توفر أستراليا فعلاً سبل انتصاف فعالة فيما يتعلق بانتهاكات الحقوق الواردة في العهد. فأحكام المعاهدات الدولية التي تصبح أستراليا طرفا ً فيها لا تصبح جزءا ً من القوانين المحلية فقط ب حكم قبول أستراليا رسمياً للمعاهدة. وهذا المبدأ القائم منذ زمن طويل في القانون الأسترالي اعترفت به المحكمة الع الية في قضية وزير الهجرة والشؤون الإثنية ضد تيو ه . وت ؤكد أستراليا وجود سبل انتصاف كافية متاحة تمكّن ا لسيدة لينغ وابنتها جيسيكا وابنها صمويل من ا لدفاع عن حقوقهم المكفولة بموجب العهد.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادة 7 بأن إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة ستؤدي إلى إبعادها قسراً عن والدتها وأخيها مما ي سبب لها معاناة نفسية، ت ؤكد الدولة الطرف أن هذه الادعاءات غير مقبولة من حيث الموضوع، نظرا ً إلى عدم وجود أي دليل على تسبب أستراليا في حدوث أي معاناة نفسية من هذا القبيل .

4-4 أولاً، ت عمل أستراليا على تحقيق هدف مشروع يتمثل في إعادة طفلة مختطفة إلى بلد إقامتها المعتادة وفقا ً لاتفاقية لاهاي، وترك مسألة البت في حضانتها لل محكمة ال مختصة ذات ال صلة. وقد أمرت محكمة الأسرة السيدة لينغ بالعودة إلى الولايات المتحدة بوصفها مكان المحكمة المناسب ة ل لبت في مسألة حضانة جيسيكا. وكانت تلك محاولة صادقة بذلتها أستراليا لمنح جيسيكا ال فرصة لجمع شملها مع والدها والبت نهائياً في مسألة الحضانة . ولا يمكن تفسير الإجراءات التي تقوم بها دولة في سبيل الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي على أنها دليل على المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

4-5 ثانياً، من الخطأ ا فتراض أن عودة جيسيكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ستؤدي إلى إبعادها الدائم بشكل قطعي عن أستراليا وعن السيدة لينغ و عن صمويل. فهنالك إمكانية لأن تعاد جيسيكا إلى والدها، ولكن هذه مسألة تقررها محاكم الولايات المتحدة . ولا يوجد دليل على أن أستراليا تسببت في حدوث معاملة قاسية أو لا إنسانية، بما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

4-6 ثالثاً، تدعي السيدة لينغ أنها وابنها صمويل قد لا يُسمح لهما بالدخول إلى الولايات المتحدة وا لبقاء بها. وت ؤكد الدولة الطرف أن هذا الأمر لا صلة ل ـ ه بإثبات تسبب أستراليا في حدوث معاملة قاسية أو متعمد ة، بما يشكل انتهاكا ً للمادة 7 من العهد. وعلى أية حال، سعت محكمة الأسرة بكامل هيئتها إلى ضمان السماح للسيدة لينغ وطفليها بدخول الولايات المتحدة وا لبقاء بها، وذلك عندما أمرت بأن ي ؤيد السيد سيرجيون طلب تأشيرة دخول السيدة لينغ، وأن يمتنع عن مقاضاتها بتهمة اختطاف جيسيكا.

4-7 وبالإضافة إلى ذلك، وب ينما تسلّم أستراليا بأن السيدة لينغ وجيسيكا وصمويل قد يعانون من درجة ما من الإجهاد النفسي بسبب السفر إلى خارج البلاد أو بسبب إجراءات المحاكم في الولايات المتحدة، فإن أ ي إجهاد من هذا ال قبيل لن يصل إلى حدة المعاناة المطلوبة للقول بحدوث انتهاك للمادة 7. ولذلك، تؤكد أستراليا أن الادعاء بحدوث خرق ل لمادة 7 ينبغي اعتباره غير مقبول لعدم اتساقه مع المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-8 و إذ لم يحدث ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن ه ينبغي رفض الادعاءات باعتبار أنها بلا أساس من الصحة، نظراً إلى أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أي دليل على قيام أستراليا بمثل هذه المعاملة، أو أن هذه المعاملة تبلغ الحد الأدنى من القسوة التي تجعلها تشكل انتهاكاً للمادة 7.

4-9 وفيما يتعلق بادعاء السيدة لينغ بموجب المادة 7، ت ؤكد الدولة الطرف أن هذه المسائل لا ي زال يتعين البت فيها ولذلك لا يمكن التأكيد على نحو معقول أنها تبيّن أن صاحبة البلاغ قد تعرضت أو ستتعرض لأي معاملة من هذا القبيل . وبالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة هي التي ست بت في هذه المسائل، ولا يمكن اعتبارها معاملة متعمّدة من جانب أستراليا. وعلى أية حال، ليس ثمة دليل ي شير إلى أن السيدة لينغ لن تتمكن من دخول الولايات المتحدة أو ا لبقاء بها . ف الولايات المتحدة قامت مؤخراً بتوسيع نطاق فئة تأشيرات الدخول المشمولة بالعفو المشروط من أجل المصلحة العامة لكي ت شمل حالات الاختطاف، للسماح للوالد المختطِف أو الوالدة المختطِفة بدخول الولايات المتحدة والبقاء بها حتى يتمكن من المشاركة في إجراءات المحكمة.

4-10 وفيما يتعلق بجيسيكا، ت ؤكد الدولة أنها لا تنوي الإضرار بها بأي شكل كان ب إعادتها إلى الولايات المتحدة. و لذلك فإن الإجراءات التي تقوم بها أستراليا لا يمكن أن تشكل نوعاً من المعاملة التي تندرج تحت المادة 7 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن محكمة الأسرة بكامل هيئتها قد نظرت فيما إذا كان ترحيل جيسيكا إلى الولايات المتحدة ينطوي على مخاطر شديدة تتمثل في احتمال تعرضها لأضرار بدنية أو نفسية، أو يمكن أن يجعلها في وضع لا تستطيع تحمله. ونظرت المحكمة في تقرير أعده طبيب نفساني للأطفال بشأن هذه النقطة، ووجدت أن فصل جيسيكا ب شكل مفاجئ ودائم عن والدتها ، كما يُدَّعى، سيصيبها بشيء من ا لكرب، ولكنها يمكن أن تتكيف مع التغيير و مع راعيها الجديد.

4-11 وأخيراً، يُؤكَّد أن ادعاء صمويل بأنه سيُفصل قسراً عن أخته يفتق ر إلى الأسس الموضوعية، وذلك للأسباب التي وردت فيما يتعلق بمقبولية الإدعاء.

4-12 وترفض الدولة الطرف ا دعاء جيسيكا بموجب المادة 12 باعتبار أنه غير مقبول عملاً با لمادة 1 من البروتوكول الاختياري، نظراً إلى عدم اتساقه مع مطالب حماية الأسرة وتوفير حماية خاصة للأطفال التي وردت في العهد (المادة 23(1) والمادة 24 (1) من العهد ). و هي تؤكد أن ا دعاء جيسيكا يفسر المادة 12 (1) من العهد تفسيراً خاطئاً على أنها ت عني ضمناً ح قها في البقاء في أستراليا. بيد أن الدولة الطرف تفهم أن المادة 12 (1) من العهد تُعنى بالحق في التنقل والإقامة داخل أستراليا. ولذلك فإن ا دعاء جيسيكا لا يثير أي قضية بموجب العهد، ولا ي ثبت أي إدعاء بموجب المادة 12.

4-13 وت ؤكد الدولة الطرف أن اللجنة إذا وجدت أدلة كافية تبيّن أن أستراليا قد قيّدت الحقوق الواردة في المادة 12 (1) من العهد، فإن مثل هذا التقييد ي ندرج ضمن القيود التي تجيزها المادة 12 (3) . فعودة جيسيكا ضرورية من أجل الحفاظ على النظام العام المتمثل في منع اختطاف الأطفال وتنظيم ترتيبات إعادتهم. كما أن عودة جيسيكا إلى الولايات المتحدة هي في مصلحة حماية الأسرة وتتسق مع المادة 23 (1) من العهد.

4-14 و فضلاً عن ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن ادعاء جيسيكا ب وقوع خرق ل لمادة 12 (4) ليس ل ـ ه أس ا س موضوعي، نظراً إلى أ ن الدولة الطرف يُحظر عليها حرمان جيسيكا من حقها في دخول أستراليا. وقد نظرت محكمة الأسرة بكامل هيئتها فيما إذا كان لجيسيكا حق البقاء في أستراليا. وقر ر ت المحكمة أن لجيسيكا هذا الحق ولكن يتعين الموازنة بينه وبين حقوق أخرى. كما أن حكم محكمة الأسرة بكامل هيئتها المؤرخ 9 شباط/فبراير 1998 قد وجد أن إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة تطبيقاً لمعاهدة لاهاي لا يمس حقها ، كمواطنة أسترالية ، في العيش في أستراليا. وعلى أية حال، لم يقدّم أي سبب لتعليل أن حقها الأساسي في العيش في أستراليا أهم أو أجدر بالحماية على أي نحو من حقها الأساسي في ألا ت رحَّل من الولايات المتحدة بطريقة غير مشروعة .

4-15 وفيما يتعلق ب الادعاء القائل بإخفاق المحاكم الأسترالية في البت بصورة منصفة ووفقاً للقوانين الصحيحة في مسألة إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة ، تؤكد الدولة الطرف أن محكمة الأسرة بكامل هيئتها قد اعتبرت، في الاستئناف المؤرخ 14 أيلول /سبتمبر 1998، أن المحكمة ا لأدنى لم تطبق القوانين ال صحيحة ولكن ذلك لم يؤثر في نتيجة القضية. واستُعرِض هذا القرار بعد ذلك في جلسة أخرى ل محكمة الأسرة بكامل هيئتها والمحكمة الع الية . وت ؤكد الدولة الطرف أنه إذا تطلب بلاغ السيدة لينغ أن تقوم اللجنة بتقييم جوهر قرار المحكمة الع الية بدلاً من النظر في جوانبه الإجرائية، فذلك يتطلب أن تتجاوز اللجنة المهام المسندة إليها بموجب البروتوكول الاختياري، و لذلك فإن الادعاءات المقدمة بموجب المادة 14 لا ت تفق مع العهد. و هي تشير في هذا الصدد إلى قرار اللجنة في قضية م ا ر و فيدو ضد السويد (5) . و فضلاً عن ذلك، فإنها تؤكد أن أصحاب البلاغ لم يقدموا الأدلة الكافية لإثبات وقوع انتهاك لهذه المادة من العهد، و إلا ف في حال قررت اللجنة مقبولية البلاغ، يكون هذا الإدعاء بلا أساس موضوعي.

4-16 وت ؤكد الدولة الطرف أن ادعاء جيسيكا ب أنها ضحية لانتهاك الفقرة 1 من المادة 14، بسبب عدم حصولها على تمثيل مستقل في إجراءات المحكمة هو ادعاء غير مقبول لأنها لم تثر مسألة منصوص عليها في العهد، بالنظر إلى أنها ليست ضحية لانتهاك وقع للعهد. وت ؤكد الدولة الطرف أن ه بينما قُدم طلب إ لى محكمة الأسرة لتحديد ممثل ينوب عن جيسيكا فإن الطلب لم يقدم أسباباً كافية تعلل السبب في أن إيجاد تمثيل مستقل سيكون في مصلحتها، على أن يُؤخذ في الحسبان أن المحاكم الأسترالية ترى أن لمصالح الطفل الأهمية العظمى. أما إذا اعتُبر البلاغ مقبولاً، فينبغي رفضه على أنه بلا أساس من الصحة.

4-17 وأخيراً، وفيما يتعلق بالادعاء المقدم بموجب الفقرة 1 من المادة 14 ومفاده أن المحكمة الع الية لم تبيّن الأسباب، ت ؤكد الدولة الطرف أن الأسباب التي يرتكز عليها قرار المحكمة العالية قد نُشِرت في 13 نيسان/أبريل 2000؛ وعليه، فإن هذا الادعاء لا يقوم على دليل.

4-18 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة هو، ب موجب المادة 17، تدخل تعسفي من جانب أستراليا في الشؤون الأسرية والمنزلية، ت ؤكد الدولة الطرف أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة على وقوع انتهاك، و هكذا ، فإنهم لم يثيروا مسألة تندرج ضمن نص هذه المادة . وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم لم يبينوا كيف تأثر وا تأثراً مباشراً بما ادُعي من عدم توفر حماية قانونية، و لذلك فإنه لا يجوز اعتبارهم ضحايا لانتهاك وقع للعهد.

4-19 وإذا وجدت اللجنة أن الادعاء الوارد بموجب المادة 17 مقبول، فإن الدولة الطرف ترى أنه بدون أسس موضوعية، نظراً إلى أن جيسيكا تُعاد إلى الولايات المتحدة وفقاً للالتزامات الدولية الواقعة على أستراليا بموجب اتفاقية لاهاي لكي يجري البت في قضية حضانتها في المحاكم المختصة في الولايات المتحدة. وتبعاً لذلك، فإن التدخل يجيء وفقاً للقانون وليس تعسفياً.

4-20 وتؤكد الدولة الطرف أن الادعاء بأن إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة تشكل انتهاكاً للالتزام بحماية الأسرة بموجب من المادة 23(1)، هو أمر يتعارض مع هذا الحكم من أحكام العهد. وهي تشير إلى ديباجة اتفاقية لاهاي، حيث تؤكد الدول الموقعة أنها "على اقتناع راسخ بأن مصالح الطفل لها الأهمية العظمى في المسائل المتعلقة بحضانته" وأن اتفاقية لاهاي قد وُضعت " لحماية الأطفال دولياً من الآثار الضارة المترتبة على ترحيلهم أو الاحتفاظ بهم بطريقة غير قانونية ...". وحقيقة أن أستراليا طرف في هذه الاتفاقية هي دليل كاف على التزامها بحماية الأسرة، والتزامها فعلاً بحماية الأطفال.

4-21 وتضيف الدولة الطرف أن المادة 23(1) تقتضي أن تقوم أستراليا بحماية الأسرة على أنها مؤسسة، وأن السيدة لينغ وجيسيكا وصمويل لم يقدموا أي دليل يثبت الادعاء بأن أستراليا قد انتهكت هذا الالتزام. وترى أن ادعاء أصحاب البلاغ بأن طلبات إعادة الطفل تكون متأخرة إذا قُدمت بعد عام هو ادعاء خاطئ. وعلى أية حال، فإن طلب إعادة جيسيكا قدّم في غضون سنة واحدة. وتؤكد الدولة الطرف أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا أنهم ضحايا لأي خرق للمادة 23(1) من العهد، وأن إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة من أجل الإجراءات المتعلقة بحضانتها سيأخذ في الاعتبار حقوق كل فرد من أفراد الأسرة.

4-22 وبخصوص الأسس الموضوعية للبلاغ، تؤكد الدولة الطرف أن قرار المحاكم بإعادة جيسيكا يحمي مصالح فرادى أفراد الأسرة ومصلحة المجتمع ككل في حماية الأسر. وقد حددت محكمة الأسرة بكامل هيئتها أن مصالح جيسيكا حظيت بالأهمية العظمى، على الرغم من تصرفات السيدة لينغ المخالفة للقانون. كما أن والد جيسيكا يدخل ضمن تعريف الأسرة بموجب المادة 23(1)؛ وإعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة للبت في ما إذا كان بوسعها الوصول إلى والدها هو سعي نشط من جانب أستراليا للاعتراف بحق جيسيكا في التمتع بحياة أسرية.

4-23 وفيما يتعلق بادعاء جيسيكا وصمويل المقدَّم بموجب المادة 24(1) من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن الهدف من الإجراءات القضائية التي بوشرت في أستراليا بموجب اتفاقية لاهاي كان تحديد المحفل المناسب للنظر في القضية وليس مسألتي حضانة جيسيكا والوصول إليها. وهي تذكر من جديد أن المبدأ الذي تقوم عليه هذه الاتفاقية هو المصالح الفضلى للطفل. وبالإضافة إلى ذلك، فكون محكمة الولايات المتحدة قد تمنح والد جيسيكا حق حضانتها ليس دليلاً على حدوث انتهاك المادة 24(1) من العهد. وفيما يتعلق بالجلسات الخاصة باختطاف الطفلة، قررت محكمة الأسرة بكامل هيئتها أن المصلحة الفضلى لطفل مختطف هي إعادته إلى بلد إقامته المعتاد وترك محاكم ذلك البلد تبت في قضية حضانة الطفل والوصول إليه. وإذا رأت اللجنة هذا الادعاء مقبولاً، فإن الدولة الطرف ترى أنه لا يستند إلى أساس من الصحة.

4-24 وتوضح الدولة الطرف أن ادعاء السيدة لينغ بموجب المادة 26 غير مقبول من حيث الموضوع لثلاثة أسباب؛ أولاً، فإنها ليس لها ادعاء بموجب المادة 1 من العهد لأنها لم تقدم الدليل على أنها قد عانت من التمييز من الناحية المالية؛ وثانياً، فإنها لم تقدّم أدلة لإثبات ادعائها؛ وثالثاً، إذا حدث أن اقتنعت اللجنة بأن صاحبة البلاغ أثبتت أنها عوملت بطريقة تختلف عن معاملة والد جيسيكا استناداً إلى أحد الأسباب المحظورة في المادة 26، فإن الدولة الطرف تؤكد أنه لم يجر إثبات فرضية أن هذا الاختلاف في المعاملة لم يكن معقولاً وموضوعيا، وأن الهدف منه لم يكن تحقيق غاية مشروعة بموجب العهد.

4-25 وفي هذا الصدد، تؤكد الدولة الطرف أن السيدة لينغ حصلت على مساعدة قانونية ومالية من السلطات الأسترالية فيما يتعلق بالإجراءات القضائية التي بوشرت في أستراليا بموجب اتفاقية لاهاي. فقد مُنحت مساعدة قانونية من لجنة المساعدة القانونية في ولاية نيو ساوث ويلز بخصوص الجلسة الأصلية المتعلقة بتطبيق اتفاقية لاهاي المعقودة في عام 1996، وخلال الإجراءات القضائية التي بوشرت في عام 1999 أمام محكمة الأسرة بكامل هيئتها. ومُنحت أيضاً مساعدة مالية بخصوص الاستئناف المقدم منها فيما بعد إلى المحكمة العالية. ولم يطلب منها دفع أي مساهمة مالية في تكاليف هذه الإجراءات القضائية؛ كما أن المحامي قد وافق على تمثيل السيدة لينغ في هذه الإجراءات القضائية بلا مقابل، بالرغم من تقديم المساعدة القانونية. وبالإضافة إلى ذلك، أمرت محكمة الأسرة لأستراليا بكامل هيئتها في 9 نيسان/أبريل 1998 أن يدفع والد جيسيكا تكاليف عودة السيدة لينغ وجيسيكا وصمويل إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وإذا رأت اللجنة هذا الادعاء مقبولاً، فإن الدولة الطرف تؤكد أنه ينبغي أن يُرفض لأنه لا يستند إلى أساس من الصحة.

تعليقات صاحبة البلاغ

5-1 يؤكد المحامي في رده المؤرخ 23 نيسان/أبريل 2001 على مذكرة الدولة الطرف أن هذه الأخيرة قد أخطأت عندما ذكرت أن المحاكم الأسترالية قد رأت أن مصالح جيسيكا لها الأهمية العظمى. فتطبيق اتفاقية لاهاي والتشريع المتعلق بتنفيذها يوضحان أن المصالح الفضلى للطفلة لم تؤخذ في الاعتبار. وعلاوة على ذلك، فإنه يؤكد أن افتراض الدولة الطرف بأن حضانة جيسيكا في المستقبل ستحددها بصورة نهائية محكمة من محاكم الولايات المتحدة هو افتراض يفتقر إلى أي أساس، نظراً إلى وجود أوامر نهائية من محكمة أمريكية تمنح والد جيسيكا حق الحضانة الدائمة، دون أي حق للأم في زيارتها.

5-2 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن المادة 2 لا تشكل حقاً مستقلاً، يذكر المحامي أن الفقه القانوني للجنة قد يُعكس في أي وقت، وذلك في ضوء الحجج الأخرى المتعلقة بالنظر في قضية أخرى، وأن الفقه القانوني الحديث للجنة يكشف عن حدوث تحول في تنفيذ الفقرة 3 من المادة 2 من العهد في اتجاه منح الأفراد حقا مستقلا. وعلاوة على ذلك، ونظراً إلى الظروف القائمة وهي أن أستراليا ليس لديها شرعة حقوق أو أحكام موحدة دستورية أو قانونية أو متعلقة بالقانون العام توفر الحماية بما يتسق مع العهد، فإن هذا الأمر بترك أصحاب البلاغ بدون سبل انتصاف فعالة تصون حقوقهم.

5-3 وفيما يتعلق بالادعاء المقدّم بموجب المادة 7 من العهد، يؤكد المحامي أن المسألة البارزة هي ما إذا كانت معاملة معينة تكون دولة طرف مسؤولة عنها، ذات أثر يجعلها قاسية. وترى صاحبة البلاغ أن فصل جيسيكا قسراً عن أسرتها يشكل معاملة قاسية لأن لـه أثر يتمثل في إلحاق معاناة كبيرة بجيسيكا وأسرتها. وفضلاً عن ذلك، فإن مسألة ما إذا كانت المعاملة التي يتعرض لها طفل ما هي معاملة قاسية إنما تتطلب تقييم الظروف الخاصة بالطفل، وفي هذا الصدد، يكفي مجرد التهديد بمثل هذه المعاملة.

5-4 كما يؤكد المحامي أنه في حالة عدم تحقيق أهداف اتفاقية لاهاي فيما يتعلق بإعادة الطفل على وجه السرعة، فإن تطبيق هذا الإجراء بصورة صارمة غير مرنة قد يكون شديد الوطأة وغير عادل في بعض الظروف. وفي القضية الراهنة، استغرق الأمر 13 شهراً بين ترحيل الطفلة بطريقة غير مشروعة وصدور أول قرار من محكمة أسترالية، وبعد مضي ست سنوات ما زال الحل النهائي للقضية معلقاً.

5-5 وعلاوة على ذلك، يشير تقرير الطبيب النفساني الذي قدمته صاحبة البلاغ إلى أن جيسيكا لديها حساسية شديدة إزاء التغيير وتعاني من الأرق والكوابيس نتيجة لفصلها عن أسرتها بصورة مؤقتة من قِبل الشرطة في عام 1998. ولم تطعن الدولة الطرف في هذا الدليل. كما لاحظ تقرير آخر أُعد لمحكمة الأسرة عندما كانت جسيكا في سن الثانية أن " فصلها بصورة مفاجئة ودائمة عن والدتها سيرافقه شعورها بالرفض والكرب الشديد..."، ويؤكد المحامي أن الكرب النفسي قد يشكل معاملة قاسية.

5-6 وفيما يتعلق بحق الدولة الطرف المقدمة بموجب المادة 12 من العهد ومفادها أن جيسيكا لها الحق كطفلة وكفرد داخل أسرة في جمع شملها مع والدها، يؤكد المحامي أن أي ادعاء يتعلق بالحياة الأسرية يجب أن يكون واقعياً وليس افتراضاً، كما هو الأمر في حالة جيسيكا.

5-7 ويكرر المحامي الادعاء القائل بحدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14. فرد الدولة الطرف بأن النتيجة كانت ستكون هي نفسها حتى إذا طُبق القانون المناسب لا يمثل وجهة نظر محكمة الأسرة بكامل هيئتها عندما انعقدت للمرة الثانية، وإنما يمثل وجهة نظر أحد القضاة. وعلاوة على ذلك، فإن وجهات نظر كبير القضاة وقاض آخر في تلك المحكمة ترى أن النتيجة ربما ما كانت لتكون هي نفسها إذا طُبق القانون السليم.

5-8 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة بأنه ليس من دور اللجنة استعراض الوقائع، يقر المحامي بالفقه القانوني المستقر للجنة، ولكنه يدفع بأن عدم تطبيق القانون الصحيح وعدم تصحيح الخطأ يجعلان قرار ترحيل جيسيكا " تعسفياً بشكل واضح " . وهو يضيف أن حق أصحاب البلاغ في محاكمة عادلة يتضمن الحق في إبلاغهم بالأسباب وقت صدور الأوامر.

5-9 وفيما يتعلق بالادعاء المقدم بموجب المادة 17، يؤكد المحامي أن التدخل في الشؤون المنزلية في هذه القضية، هو التدخل في الترتيبات الأسرية لأصحاب البلاغ وحياتهم المنزلية، بما في ذلك التدخل في شؤون الأسرة الممتدة.

5-10 وفيما يتعلق بالادعاء المقدم بموجب المادة 23 من العهد، يلاحظ المحامي أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان قد رأت دائماً أن المادة 8 من الاتفاقية تشمل حق الوالد أو الوالدة في أن تُتخذ تدابير لكي يجتمع شمله أو شملها مع الطفل، وأن يقع على عاتق السلطات الوطنية التزام اتخاذ مثل هذه الإجراءات. وفي قضية جيسيكا، لا توجد روابط أسرية بين الأب والطفلة، والأسرة الوحيدة التي تحتاج إلى الحماية هي جيسيكا وصمويل والسيدة لينغ، فضلاً عن أسرتهم الممتدة في أستراليا.

5-11 وفيما يتعلق بادعاء التمييز ضد السيدة لينغ، يؤكد المحامي أن السيد سيرجيون مثلته السلطات المركزية، بينما حصلت هي فقط على منحة غطت جزءا يسيرا من التكاليف الكلية.

الملاحظات التكميلية المقدمة من الدولة الطرف وصاحبة البلاغ

6-1 في 3 أيلول/سبتمبر 2001، قدمت الدولة الطرف المزيد من التعليقات. ففيما يتعلق بدفع المحامي بعدم وجود أساس وقائعي لتأكيد أستراليا أن المحاكم الأمريكية قد تمنح السيدة لينغ حق حضانة جيسيكا والوصول إليها، تؤكد الدولة الطرف أنه يجوز بموجب قوانين ولاية جورجيا الطعن في أمر الحضانة الصادر لصالح السيد سيرجيون، ويمكن بعد ذلك أن تغيره المحكمة إذا حدث تغيير مادي في ظروف القضية.

6-2 وبالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بادعاء أصحاب الطلب أن أستراليا ليست لديها أحكام قانونية أو في القانون العام لتوفير الحماية بما يتسق مع أحكام العهد، تؤكد الدولة الطرف أن التشريع والقانون العام على السواء يحميان الحقوق الواردة في العهد. فعلى سبيل المثال، وبموجب قانون لجنة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص لعام 1986 (اللجنة)، فإن لهذه اللجنة سلطة التحقيق في ادعاءات وقوع انتهاكات من جانب الكومنولث للحقوق الواردة في العهد

6-3 وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، قدّم المحامي مزيداً من التعليقات والملاحظات مفادها أن اللجنة المذكورة آنفاً لا توفر سبل انتصاف فعالة، نظراً إلى أن سلطتها الوحيدة هي إعداد تقرير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وتقديمه إلى الحكومة. وليس بمقدور اللجنة أن تصدر قرارات قابلة للإنفاذ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

7-2 وتحققت اللجنة، من أنه لا يجري بحث المسألة نفسها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية لأغراض الفقرة 2(1) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-3 وفيما يتعلق بالادعاءات التي قدمتها صاحبة البلاغ بالنيابة عن ابنتها جيسيكا، تلاحظ اللجنة أن جيسيكا كانت تبلغ من العمر أربعة عشر شهراً وقت ترحيلها من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني أن عمرها عشر سنوات ونصف السنة وقت اعتماد قرار اللجنة. وبالرغم من الممارسة المتبعة لدى اللجنة ومفادها أن يقوم الوالد الذي لـه الحضانة، أو في هذه القضية، الذي ليس لـه الحضانة، بتمثيل طفله أو طفلها بموجب إجراءات البروتوكول الاختياري دون الحاجة إلى تفويض صريح، تشير اللجنة إلى أنه يقع دائماً على عاتق صاحب البلاغ أن يثبت أن أية ادعاءات تُقدّم بالنيابة عن الطفل تمثل مصلحته الفضلى. وفي القضية الراهنة، كان لصاحبة البلاغ الفرصة لكي تثير خلال الإجراءات التي بوشرت أمام المحاكم الوطنية أية أوجه قلق تتصل بالحقوق الواردة في العهد. وبينما تأخذ اللجنة بموقف مفاده أن تطبيق اتفاقية لاهاي لا يستبعد بأي حال من الأحوال انطباق العهد، فهي ترى أن صاحبة البلاغ لم تُقم الدليل، لأغراض إثبات المقبولية، على أن تطبيق أحكام اتفاقية لاهاي هو بمثابة انتهاك لحقوق جيسيكا بموجب العهد. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-4 وفيما يتعلق بالانتهاكات المدعاة لحقوق صاحبة البلاغ نفسها، تلاحظ اللجنة أن الوضع الراهن، بما في ذلك تأثيره السلبي المحتمل على تمتع صاحبة البلاغ بالحقوق الواردة في العهد، هو نتيجة لقرارها هي باختطاف ابنتها جيسيكا في أوائل عام 1995 من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أستراليا، ورفضها بعد ذلك السماح بتنفيذ اتفاقية لاهاي من أجل جعل المحاكم المختصة تبت في حضانة الوالدين وحق الوصول إلى جيسيكا. وفي ضوء هذه الاعتبارات، ترى اللجنة أنه لم يُقم الدليل على هذا الجزء من البلاغ لأغراض المقبولية، وبالتالي فهو غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-5 وفيما يتعلق بالجزء المتبقي من البلاغ، المتصل بادعاءات صاحبة البلاغ المقدمة بالنيابة عن ابنها صمويل الذي ولِد في أيلول/سبتمبر 1995 في أستراليا، تلاحظ اللجنة أن تمتع صمويل بحقوقه لا تحكمه اتفاقية لاهاي. وإذ تلاحظ اللجنة أيضاً أن قرارات محاكم الولايات المتحدة قد تؤثر على إمكانيات بقاء صمويل على اتصال بشقيقته جيسيكا، فإنها ترى في ضوء استنتاجاتها الواردة أعلاه، أن صاحبة البلاغ لم تثبت، لأغراض المقبولية، أي ادعاء بأن مثل هذا التأثير سيكون بمثابة انتهاك للعهد. وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8- ولذلك تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أنه سيجري إبلاغ الدولة الطرف وصاحبة البلاغ بهذا القرار.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى أستراليا في 25 أيلول/سبتمبر 1991.

(2) قضية وزير الهجرة والشؤون الإثنية ضد تيو ه، (1995) Minister for Immigration and Ethnic Affairs v. Teoh (1995) 183 CLR 273, at page 287 of supporting documentation.

(3) قضية وزير الهجرة والشؤون الإثنية ضد تيو ه، و قضية دي. جي. إل ضد السلطات المركزية، Minister for Immigration and Ethnic Affairs v. Teoh, and DJL v. The Central Authority, in the High Court proceedings of 7 October 1999, paragraph 48-50.

(4) البلاغ رقم 488/1992، ال آراء ا لمعتمدة في 31 آذار/مارس 1994، الفقرة 6-4 .

(5) البلاغ رقم 58/1979، الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1981، الفقرة 10-1.

التذييل

رأي فردي أبداه عضوا اللجنة السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيد فالتر كالين (رأي مخالف)

أعلنت أغلبية أعضاء اللجنة عدم مقبولية البلاغ بالنسبة إلى جميع الضحايا المدَّعين. وفي حين أننا نوافق على عدم المقبولية بشأن قرار البلاغ فيما يتعلق بصاحبة البلاغ وابنها، فإن رأينا مخالف فيما يتعلق بابنتها جيسيكا. وفي الفقرة 7-3 من الآراء التي اعتمدتها اللجنة، ترى الأغلبية أن صاحبة البلاغ لم تتمكن من إقامة الدليل، لأغراض المقبولية، على أن تطبيق اتفاقية لاهاي المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال (اتفاقية لاهاي) يعد انتهاكاً لحقوق جيسيكا بموجب في العهد. ويبدو أن هذا الرأي يرتكز على افتراض أن تطبيق اتفاقية لاهاي يحقق المصلحة الفضلى للطفلة، ولذلك فإنه يتفق تلقائياً مع أحكام العهد. ونحن نتفق مع هذا الرأي من حيث المبدأ، ولكننا نخالفه فيما يتعلق بتطبيقه في ظروف القضية الحالية.

فالغرض من اتفاقية لاهاي هو " ضمان أن يجري على وجه السرعة إعادة الأطفال الذين رُحِّلوا بطريقة مخالفة للقانون " (المادة 1) إلى البلد الذي اختطفوا منه، من أجل جمع شملهم مع الوالد الذي مُنح الحضانة بمفرده، أو لتمكين المحاكم في ذلك البلد من البت دون تأخير في مسألة الحضانة إذا كانت هذه المسألة محل نزاع. وهكذا، فإن الاتفاقية ترتكز على فكرة أن مصلحة الطفل الفضلى هي في إعادته إلى ذلك البلد. ويصدق هذا بالتأكيد إذا نُفذت إعادة الطفل خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً بعد أخذه بطريقة مخالفة للقانون، ولكن قد لا يكون ذلك هو الحال بعد مرور وقت طويل على ذلك. وتقر اتفاقية لاهاي بذلك بسماحها للدول بعدم إعادة الطفل في حالات من بينها إذا كان الطفل قد قضى خارج البلاد فترة زمنية طويلة واستقر به الحال هنالك، وإذا كانت الإعادة قد تسبب له ضرراً شديداً وتعرضه لمخاطر شديدة،، أو إذا كان الطفل يعارض العودة وقد بلغ من العمر والنضج ما يؤهله لاتخاذ مثل هذا القرار (المادتان 12 و13). وفي حين أنه لم يتعين على اللجنة بحث مسألة تطبيق أستراليا للاتفاقية، تجدر الإشارة إلى أن هذه المعاهدة تقبل بأن إعادة الطفل قد لا تؤدي دائماً إلى صون حقوقه ومصلحته الفضلى .

وفي القضية الحالية، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان إقرار المحاكم المختصة في أستراليا لقرار إعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية يشكل انتهاكاً لحقوقها بموجب العهد، ولا سيما تلك الحقوق الواردة في المواد 17 و23 و24 من العهد. وبما أن الطفلة لم تُعد بعد، فإن الفترة الزمنية المعتبرة هنا يجب أن تكون هي فترة نظر اللجنة في القضية، أي أن الأوضاع الحالية هي العامل الحاسم.

وفي هذا الصدد، نلاحظ أن جيسيكا تبلغ من العمر 11 عاماً تقريباً وهي تعارض بوضوح العودة المتصوّرة إلى والدها. فقد أمضت كل حياتها في أستراليا ما عدا الشهور الأربعة الأولى بعد ولادتها بالإضافة إلى ثلاثة شهور أخرى بعد عيد ميلادها الأول. وعندما كان عمرها ثلاث سنوات تقريباً، رفضت محكمة الأسرة بكامل هيئتها في أستراليا الاستئناف الذي قدمته والدتها في هذه القضية. ومنذ ذلك الحين، مرت ثماني سنوات تقريباً دون النظر بشكل كامل في مسألة ما إذا كانت الظروف المذكورة في المادتين 12 و13 من اتفاقية لاهاي تنطبق على قضيتها. وهذا يثير تساؤلات جدية بموجب العهد، ولا سيما التساؤلات التالية: هل حق جيسيكا في أن تعيش حياة أسرية مع والدتها وشقيقها يمكن أن يطغى عليه حق والدها البعيد الذي مُنح منذ أكثر من عقد الحضانة الدائمة بمفرده دون منح والدتها حق الزيارة؟ وهل إجبارها على العيش مع رجل يُرجح أن تخاصمه في المحاكم ولا تعرفه إلا بوصفه الشخص الذي أراد أن يفصلها عن والدتها وشقيقها هو أمر ينسجم مع حقها في الحصول على تدابير الحماية هذه التي تقتضيها حالتها كطفلة قاصرة؟ وهذان السؤالان، ومعهما أسئلة مماثلة، لهما من الجدية ما يكفي لتبرير إجراء فحص دقيق للأسس الموضوعية للبلاغ. ولذلك فإننا نعلن أن البلاغ مقبول بالنسبة إلى ادعاء جيسيكا بأنها ضحية لانتهاك للمواد 17 و23 و24 من العهد.

(توقيع): السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي

(توقيع): السيد فالتر كالين

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي صادر عن عضو اللجنة السيد مارتن شاينين (رأي موافق)

بالرغم من أنني انضممت إلى الأغلبية فيما رأيته من عدم مقبولية البلاغ نظراً إلى عدم توفر الأدلة بخصوص الأشخاص الثلاثة الذين يُدعى أنهم ضحايا، فإنني أشعر بالحاجة إلى إبداء أسباب إضافية فيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بالنيابة عن جيسيكا جوي سيرجيون، التي تبلغ سن العاشرة الآن.

أولاً، أود أن أوضح منذ البداية أنني لا أرى مشكلة في النهج الذي اتبعته اللجنة إذ استمدت من المادة 2 من البروتوكول الاختياري شرطاً للمقبولية قوامه إثبات أي ادعاءات بوقوع انتهاك للعهد. فالإشارة في المادة 2 من البروتوكول الاختياري إلى " ادعاء " بوقوع انتهاك يجب فهمها على أنها تشير إلى ادعاء تثبته الوقائع والحجج القانونية ذات الصلة.

ثانياً، عندما وجدت اللجنة أن السيدة لينغ لم تتمكن من إثبات الادعاءات التي قدمتها بالنيابة عن جيسيكا، فإنني أعلق أهمية كبيرة على المادة 19 من اتفاقية لاهاي المتعلقة بالاختطاف الدولي للأطفال التي تنص على أن القرار الذي يُتخذ عملاً بالاتفاقية لإعادة الطفل " يجب عدم اعتباره بتاً في الأسس الموضوعية لأي قضية حضانة " . وكما يتضح من الفقرة 2-2 من قرار اللجنة، فإن القرار الحالي لمحكمة الولايات المتحدة الصادر في أيار/مايو 1995 والذي يمنح السيد سيرجيون الحضانة بمفرده لجيسيكا دون منح السيدة لينغ حق الزيارة قد صدر مشفوعاً بعبارة " إلى حين صدور أمر آخر عن محكمة ذات اختصاص قضائي " . ومن ثمّ، فإن القضية المعروضة أمام اللجنة لا تتعلق بإعادة جيسيكا إلى حضانة السيد سيرجيون بمفرده دون منح السيدة لينغ أي حق في زيارتها. فالنتيجة التي كان سيتمخض عنها تطبيق اتفاقية لاهاي في عام 1996، ولا تزال حتى الوقت الراهن، هي فقط أنه يتعين إعادة جيسيكا إلى محاكم الولايات المتحدة ذات الاختصاص القضائي الفعال لكي يمكن أن تبت في جميع المسائل المتعلقة بحضانة الطفلة وحق الوصول إليها. وقد أشارت الدولة الطرف إلى ذلك في الفقرات 4-4 و4- 5 و4-19 و4-23 و6-1 من قرار اللجنة. ولم يُقم الدليل، لأغراض المقبولية، على أن تطبيق هذا المبدأ هو بمثابة انتهاك حقوق جيسيكا المكفولة بموجب العهد. وهذا هو السبب الرئيسي الذي يجعلني أرى عدم مقبولية الادعاء المقدّم بالنيابة عن جيسيكا. وينبغي اعتبار ما سيلي أسباباً تكميلية.

وكما هو مبين في الفقرة 7-3 من قرار اللجنة، فإن ممارستها الثابتة مؤداها أن أي من الوالدين يحق لـه تمثيل طفله القاصر في الإجراءات المتعلقة بالبروتوكول الاختياري دون الحاجة إلى تفويض كتابي. وهذا النهج يعني أيضاً أن أيّا من الأبوين، سواء كانت لـه الحضانة أم لا، لـه حق تقديم بلاغ نيابة عن الطفل مدعياً حدوث انتهاكات لحقوق طفله. وبينما يعني هذا النهج أن أياً من الوالدين لـه دائماً صفة رسمية لرفع قضية نيابة عن طفله، فإن من حق اللجنة تقييم ما إذا كان الوالد الذي لـه أو ليس لـه الحضانة قد أفلح في إثبات أنه يمثل الإرادة الحرة للطفل ومصلحته الفضلى. ولهذا السبب، سيكون الأفضل دائماً أن تتمكن اللجنة من تلقي رسائ ل تتضمن تفويضاً من الطفل أو معرفة رأيه بوسيلة تعبير أخرى عندما يكون الطفل قد بلغ من العمر ما يجعل رأيه يؤخذ بعين الاعتبار. وفي القضية الحالية، فإن جيسيكا تقترب من العمر الذي يجعل كثيراً من الولايات القضائية تعلق أهمية قانونية على إرادة الطفل المعبر عنها بحرية. ولكي أتوصل إلى تقديري بأن السيدة لينغ قد فشلت في إثبات الادعاءات المقدمة بالنيابة عن جيسيكا، لأغراض المقبولية، رأيت أن مما لـه شيء من الدلالة أن اللجنة لم تتلق رسالة تفويض من جيسيكا أو لم تتعرف على رأيها بواسطة وسيلة تعبير أخرى حرة ومباشرة.

ومع ذلك، فأنا أعلق أهمية أكبر على حقيقة أن الإجراءات ذات الصلة بالبروتوكول الاختياري تكون دائما بين طرفين، مثل فرد أو أكثر ودولة طرف في البروتوكول الاختياري. ويتعلق مطلب تقديم الأدلة بادعاءات صاحبة البلاغ وليس فقط بمسألة ما إذا كانت حقوق الطفل قد انتُهكت. وقد يتضح فعلاً أن جيسيكا وقعت ضحية لانتهاكات من جانب أستراليا لحقوقها بموجب العهد. وقد تكون تلك الانتهاكات ناتجة عن قرارات المحاكم الأسترالية بشأن هذه القضية، أو عن عدم تنفيذ تلك القرارات، أو عن احتمال تنفيذ هذه القرارات مستقبلاً بإعادة جيسيكا إلى الولايات المتحدة. والادعاء الذي قدمته السيدة لينغ بالنيابة عن جيسيكا يتصل، على الأقل في المقام الأول، بالخيار الثالث من هذه الخيارات. وسيكون جزءاً من واجبها إثبات هذا الادعاء لكي تبرهن للجنة على أن تنفيذ قرارات المحكمة المتخذة منذ عدة سنوات هو الآن أمر محتمل جداً أو على الأقل هو احتمال واقعي وليس مجرد ظنون. وعند تناول اللجنة لمسألة ما إذا كان قد جرى إثبات هذا الادعاء، فهي بحاجة إلى أن تضع في اعتبارها أيضا السيناريو البديل المتمثل في أن يدعي أحد الوالدين حدوث انتهاك لحقوق الإنسان للطفل المختطف بسبب عدم تنفيذ قرارات صادرة عن محاكم دولة طرف تقضي بإعادة الطفل إلى الولاية القضائية للبلد الذي أُخذ منه. وبينما لا يوجد حل عام لمثل هذه الادعاءات المتضاربة المتعلقة بحقوق الإنسان، فإن هذا الوضع المتمثل في احتمال وجود ادعاءات متضاربة إنما يؤثر على تطبيق مطلب الإثبات باعتباره أحد شروط المقبولية.

(توقيع): السيد مارتن شاينين

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

واو - البلاغ رقم 961/2000، إيفِريت ضد إسبانيا (القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيد رولاند إيفِريت (يمثله المحامي السيد بِرتيلي غالفيز)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 15 كانون الأول/ديسمبر 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 9 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- البلاغ المؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 2000، المستكمل في 1 شباط/فبراير 2001، مقدم من السيد رونالد إيفريت، وهو مواطن بريطاني تم ترحيله من إسبانيا إلى المملكة المتحدة في 29 حزيران/يونيه 2001. وهو يدعي أنه ضحية انتهاكات إسبانيا للفقرة 1 من المادة 9؛ وللفقرتين 1 و3(ب) من المادة 14؛ وللفقرة 1 من المادة 23 من العهد. ويمثله محامٍ.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 وصل صاحب البلاغ إسبانيا قادماً من المملكة المتحدة في عام 1983 ليستقر وزوجته في ماربيا. وفي 5 تموز/يوليه 2000، اعتقلته الشرطة تنفيذاً لطلبٍ بتسليمه كانت المملكة المتحدة قد وجهته بناءً على ادعاء بوقوع عملية سرقة في لندن في عام 1983 وبتورطه في الاتجار بالمخدرات.

2-2 وتقدم صاحب البلاغ بطلب للإفراج المؤقت. بيد أنه في 8 تموز/يوليه 2000، حكمت محكمة الصلح رقم 6 بأن يبقى رهن الاحتجاز المؤقت. فاستأنف لدى المحكمة ذاتها مدعياً أنه رجل مريض يبلغ سبعين عاماً من العمر وأنه لم يكن في مقدوره الفرار من العدالة لعدم امتلاكه أي وثائق تثبت هويته الشخصية. وقد رفضت المحكمة استئنافه بموجب حكمٍ صادرٍ في 20 تموز/يوليه 2000. فاستأنف صاحب البلاغ لدى الشعبة الجنائية الأولى في المحكمة العليا، لكن طلبه لقي الرفض في 10 تشرين الأول/أكتوبر2000. كما تقدم إلى المحكمة الدستورية بطلبٍ لإنفاذ الحقوق الدستورية، لكنه رُفض في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2000.

2-3 وقد أقر تسليم صاحب البلاغ بموجب قرارٍ صدر عن الشعبة الجنائية الأولى في 20 شباط/فبراير 2001. فتقدم صاحب البلاغ باستئنافٍ يطلب فيه إعادة النظر في المسألة، لكنه رُفض في 18 أيار/مايو 2001. ثم تقدم إلى المحكمة الدستورية بطلبٍ لإنفاذ الحقوق الدستورية، بيد أن استئنافه لقي الرفض في 22 حزيران/يونيه 2001.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 من العهد. ويؤكد أن التبرير الوحيد للاحتجاز المؤقت، وفقاً لحكم المحكمة الدستورية 128/1995، هو منع الشخص موضوع طلب التسليم من الفرار. ويعتقد صاحب البلاغ أن احتجازه خلال عملية البت في التسليم لم يكن جائزاً باعتباره لم يكن يمتلك أي وثائق تثبت هويته الشخصية لفترةٍ تفوق 14 عاماً بعدما امتنعت المملكة المتحدة عن تجديد جواز سفره ورفضت السلطات الإسبانية إضفاء صبغةٍ شرعية على إقامته، مما يدل على عدم وجود أي احتمال لهروبه. كما يعتقد أنه كان ينبغي الأخذ في الحسبان أن زوجته التي تبلغ أيضاً السبعين عاماً كانت مريضة جداً. ويقول إن كلاً من محكمة الصلح رقم 6 والشعبة الجنائية الأولى للمحكمة العليا لم ترد على حجة محاميه بأن أمر هروبه لم يكن ممكناً. كما يرى صاحب البلاغ أنه كان من الممكن تطبيق التدابير المتاحة بمقتضى الفقرة 3 من المادة 8 من قانون تسليم المطلوبين المشروط لمنعه من الفرار، لكن ذلك لم يحدث.

3-2 ويدَّعي صاحب البلاغ في رسائله الخطية المؤرخة 1 شباط/فبراير و5 آذار/مارس و17 نيسان/أبريل 2001 حدوث انتهاكات للفقرتين 1 و3(ب) من المادة 14 مستنداً في ذلك، حسب اعتقاده، إلى حرمانه من ممارسته الحق في محاكمة نزيهة ومن إعداد دفاعه إعداداً صحيحاً. كما يدَّعي أنه مُنع من الاطلاع على ملف التسليم؛ وأنه لم يبلَّغ إلا بالتهم المتعلقة بالسرقة، ولم يعلم بالتهم المتعلقة بالتواطؤ في استيراد المخدرات إلى المملكة المتحدة إلا عندما مثل أمام المحكمة للإفادة بأقواله، وهذا ما يدل على أنه قد حرم من فرصة إعداد دفاعه. ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك لحقوقه بموجب المادة 14، لأن العقوبة المخصصة لهذا الجرم لا تتجاوز سنة سجنٍ واحدة، وهذا يعني أن الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين والفقرة 1 من المادة 2 من قانون التسليم المشروط لا تجيزان هذا التسليم. كما يدَّعي أن المملكة المتحدة لم تطلب تسليمه إلا بسبب "التواطؤ للتهرب بالتدليس من الحظر المفروض على استيراد المخدرات".

3-3 ويعتقد صاحب البلاغ أن حقوقه بمقتضى الفقرة 3(ج) من المادة 14 قد انتُهكت كذلك عندما استغرقت الإجراءات فترة زمنية طويلة دون مبررٍ وأُخل باحترام القيود الزمنية التي حددتها الاتفاقية الأوروبية بشأن تسليم المجرمين. ويشير إلى أن [الاعتقال]، وفقاً للفقرة 4 من المادة 16 من الاتفاقية، "... لا يتجاوز، بأي حالٍ من الأحوال، 40 يوماً اعتباراً من تاريخ بدايته"، إلا أنه أمضى في السجن مدة زادت عن سبعة أشهر.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 قد حدث بحجة أن المحكمة قد منحت السلطات البريطانية مهلة ثلاثين يوماً لتقديم معلوماتٍ إضافية، وهذا ما أخر كثيراً صدور الحكم بالتسليم. ويعتبر أن إجراء الدولة الطرف المتمثل في مطالبة المملكة المتحدة بأن تقدم المزيد من المعلومات بشأن عملية السرقة قد بلغ حد الاتهام وجاء مخالفاً للأصول، إذ من المعروف أن مدة التقادم تسري على هذه الجريمة.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 23 بحجة أن تسليمه يعني أن يدع زوجته بمفردها في المستشفى، وهو أمر ينتهك حقه في حياةٍ أسرية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والوقائع الموضوعية

4-1 تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة ، في مذكراتها الخطية المؤرخة 15 كانون الثاني/يناير 2001 و19 حزيران/يونيه 2001 و31 تموز/يوليه 2003، أن تعتبر البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتجادل بأن صاحب البلاغ قال في رسالةٍ وجهها إلى المحكمة الإسبانية إن شكواه قد قدمت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

4-2 وتدَّعي الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري، وتقول إن صاحب البلاغ قد حُرم من حريته عملاً بالإجراء المنصوص عليه في قانون التسليم المشروط (رقم 4/1985)، ووفقاً لأحكام المعاهدات والاتفاقات ذات الصلة. وتضيف الدولة الطرف أن اعتقاله قد نفذ بموجب أوامر احتجاز دولية (1) ، للادعاء بتورطه في جرائم خطيرة ارتكبت داخل المملكة المتحدة وصدر الأمر بحقه بناءً على أحكام قضائية استندت إلى مبررات وجيهة. وتدَّعي الدولة الطرف أنها أتاحت لصاحب البلاغ كل الفرص التي تسمح لـه بممارسة جميع حقوقه في الاستعانة بمحامٍ، إذ أعادت أعلى المحاكم الإسبانية نظرها في ادعاءاته كافة.

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن احتجاز صاحب البلاغ وحرمانه من حريته لم يكن لأجل محاكمته على أي جرم، إنما لتسليمه، وهو إجراء تعتقد الدولة الطرف أنه يتجاوز نطاق المادة 14 من العهد. وتبين أنه ليس من الضروري أن يفي التظلم المتمثل في إعادة النظر المتاح بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من قانون التسليم المشروط بمطلب عقد جلسة استماع ثانية أمام محكمة أعلى في القضايا الجنائية وفقاً لما تنص عليه الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، إنما يمثل بالأحرى تظلماً لا يوقف تنفيذ الحكم ويقدم ضمانات إضافية يمكن للمحكمة بموجبها أن تعيد النظر في قرارها بالتشاور مع عدد أكبر من القضاة.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه كان ينبغي عدم احتجازه احتجازاً مؤقتاً لأن أمر فراره كان مستحيلاً، تؤكد الدولة الطرف أن هذا القرار كان قد اتخذ بذريعة احتمال هربه واستناداً إلى اعتبارات أخرى جرت مناقشتها على النحو الواجب ونصت عليها أحكام صدرت عن المحاكم. كما تقول، وفقاً للأمر الصادر في 8 تموز/يوليه 2000، إن أوراق صاحب البلاغ غير النظامية لا صلة لها بقرار حرمانه من الحرية؛ وأنه ينبغي أيضاً الأخذ في الحسبان تأكيد حكمين قضائيين متتاليين لهذا القرار. وتجادل الدولة الطرف بأنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يعبر حدود الدول الأوروبية، بموجب المادة 2 من اتفاق شينغن، دون أن يقدم أية أوراق. كما تدعي أن أوراق التسليم تذكر أن صاحب البلاغ قد هرب من القضاء البريطاني مستخدماً جواز سفرٍ مزوراً، وهي واقعة من الوقائع التي أشير إليها في حكم الشعبة الجنائية المؤرخ 16 شباط/فبراير 2001. وتضيف الدولة الطرف إنه لا يصح القول بأن صاحب البلاغ لا يملك على الإطلاق أوراقاً تثبت هويته الشخصية: فالسجلات تبين أن جواز سفره قد تمت مصادرته، فضلاً عن توكيل رسمي أُسند إلى محاميه ولم يجد صاحب البلاغ آنئذٍ أي صعوبة في إثبات هويته. وتعاود الدولة الطرف القول بأن المحاكم قدمت رداً منطقياً على كل ادعاءٍ من ادعاءات صاحب البلاغ.

4-5 وتؤكد الدولة الطرف أنه، وفقاً للمادة 8 من قانون التسليم المشروط، تسري القواعد المتعلقة بالاحتجاز المؤقت بمجرد إحضار المحتجز للمثول أمام المحكمة بعد انقضاء 24 ساعة على احتجازه، وشريطة أن يقدم طلب التسليم على النحو الواجب، وهي الحالة في هذه القضية، خلال فترة الأربعين يوماً التالية. وتدعي الدولة الطرف أن الفترات الزمنية التي حسبها صاحب البلاغ كأساسٍ لادعاءاته بانتهاك حقه في أن يحاكم دون تأخير لا مبرر لـه هي فترات غير صحيحة، فالقانون لا ينص سوى على قيود زمنية لتوجه الاتهامات ويحدد الفترة الزمنية القصوى السابقة لعقد جلسات المحاكمة، لكنه لا يلغي إجراءات مثل طلبات تقديم معلومات تكميلية أو طلبات أخرى قد تستوجبها الطعون أو التظلمات التي لجأ إليها صاحب البلاغ شخصياً. وعلاوةً على ذلك، فقد طلبت المحكمة بكل الحيدة معلوماتٍ إضافية للتأكد من واقعةٍ هامة تتصل بمدة تقادم إحدى الجريمتين اللتين طُلب تسليمه بسببها.

4-6 وتعتقد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد اشتكى إلى المحكمة العليا في 2 نيسان/أبريل 2001 متهماً رئيس الشعبة الجنائية للمحكمة العليا والعديد من القضاة الآخرين بالإخلال بالثقة العامة فيما يتعلق بقضيته؛ وقدم رسالة أخرى في 19 نيسان/أبريل 2001 يعترض فيها على القضاة الذين يشكلون كامل هيئة محكمة الشعبة الجنائية التي كان يتعين عليها أن تنظر في أحد طلبات الاستئناف التي قدمها، وذلك بحجة " عدا ئهم المكشوف". وتضيف الدولة الطرف أن المدعي العام لم يوافق على هذا الطعن الذي وصفه "بالطائش، باعتباره يشكل إساءة واضحة في تطبيق الإجراء القضائي وقانون الإجراءات". بيد أن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا رفضت الطعون في النهاية. ووجدت أن صاحب البلاغ لم يقدم "أي حججٍ للاعتقاد بأن التأخير [جاء] نتيجة خطة متعمدة". وتضيف الدولة الطرف بأنه وفقاً لفقه المحكمة العليا وسوابقها القضائية، فإنه لابد للاستماع إلى أي طعن يقدم بموجب الفقرة 9 من المادة 219 أن تقدم الشكوى ضد القاضي قبل بدء إجراءات المحاكمة، وأن يرتكز الطعن إلى ادعاءات بحدوث مخالفات أو أخطاء حقيقية؛ وعلاوة على ذلك، فقد كان يتعين قبول الشكوى، لكن الأمر كان مغايراً لذلك. وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يتمكن، في هذه الحالة، من إثبات هذا التحيز المدعى وأن المحكمة الدستورية وكامل هيئة محكمة الشعبة الجنائية للمحكمة العليا قد أصدرا حكمهما على ادعائه بانتهاك حقه في محاكمة نزيهة، وقد شكل هذا الادعاء محاولةً من جانب صاحب البلاغ لتأخير عملية تسليمه.

4-7 وتفيد الدولة الطرف بأن المحكمة العليا قد حكمت، في قرارها الصادر في 20 شباط/فبراير 2001، بأن تسليمه إلى المملكة المتحدة (أ) لا يمكن أن ينفذ بسبب جريمة السرقة تطبيقاً لمدة التقادم؛ و(ب) يمكن أن ينفذ عندما يتعلق الأمر بارتكابه جرائم الاتجار بالمخدرات. ورداً على ادعاء صاحب البلاغ بأنه لا يمكن تنفيذ التسليم لأن هذه الجريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدةٍ تقل عن سنةٍ واحدة، تؤكد الدولة الطرف أن التواطؤ في الاتجار بالحشيش، بمقتضى أحكام مواد القانون الجنائي التي يستشهد بها صاحب البلاغ، يعاقب عليه بالسجن لمدةٍ تتراوح بين ستة أشهر وسنة في حالة تخفيض العقوبة درجة واحدة، أو بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر في حالة تخفيضها درجتين؛ غير أن الجريمة قد انطوت أيضاً على التواطؤ في عملية تهريب لمادة الكوكايين، وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدةٍ تتراوح بين ثلاث وتسع سنوات. وعليه، فإن صاحب البلاغ غير محقٍ في الادعاء بعدم توفر الحد الأدنى للعقاب الذي يستوجب تسليمه.

4-8 وترى الدولة الطرف أن الادعاء بحدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 23 هو ادعاء غير مقبول لأنه لم يكن موثقاً بالأدلة على النحو الواجب. وتجادل بأن صاحب البلاغ قد أخبر الشعبة الجنائية للمحكمة العليا بأن زوجته دخلت المستشفى في المملكة المتحدة. وتشير أيضاً إلى أنه رغم أن الحرمان من الحرية قد يؤثر على العلاقات الشخصية في بعض جوانبها، فإن هذا الأمر لا يشكل في حد ذاته انتهاكاً لأي حكم من أحكام العهد. كما تقول إنه رغم أن الفحص الطبي الذي خضع له صاحب البلاغ قد أظهر وجود مشاكل صحية شتى مردها إلى السن، فقد رأت أيضاً أن "نتيجة التشخيص هي من حيث المبدأ وفي الوقت الحالي جيدة ولا توجد حاجة إلى تدخل طبي أو إلى علاج في المستشفى".

4-9 وتذكِّر الدولة الطرف اللجنة بأن المادة 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية تلزم الدول بأن تقدم أكبر قدر من المساعدة القانونية المتبادلة فيما يتعلق بجرائم من هذا القبيل وأن تسهل تواجد الأشخاص المحتجزين.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 يعترض صاحب البلاغ، في رسائله الخطية المؤرخة في 5 آذار/مارس و16 نيسان/أبريل و10 آب/أغسطس 2001، على ملاحظات الدولة الطرف: فيدعي أنه ليس صحيحاً أن قضيته كانت قد قدمت إلى إجراء دولي آخر للتسوية، وأنه لم يهرب من المملكة المتحدة بجواز سفرٍ مزور عندما غادر لندن في أواخر ربيع عام 1983 ودخل جبل طارق بجواز سفره الخاصٍ به. وبالإضافة إلى ذلك، وباعتبار أنه غير قادرٍ على إثبات هويته، فإنه لن يجرؤ أبداً على تغيير مكان إقامته.

5-2 ويدعي صاحب البلاغ أن حرية حركة الأشخاص داخل الجماعة الأوروبية لا تعني انتفاء أي التزام بالاحتفاظ بأوراق نظامية لإثبات الهوية الشخصية. ويبين أن التوكيل الرسمي الذي أشارت إليه الدولة الطرف قد منح في عام 1986 عندما كان جواز السفر البريطاني ساري المفعول.

5-3 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف لم تذكر أنه خضع لعملية جراحية لاستئصال ورمٍ في الغدة النخامية وأنه كان عليه دخول مصحة السجن. كما أن الدولة الطرف لم تتطرق إلى حالة زوجته الصحية: إذ إنها تعاني من التهاب مزمن في القناة الهضمية، مما يعنى أنها تحتاج مع تقدم السن إلى رعاية وعناية مستمرة. وكان صاحب البلاغ يقوم برعايتها، لكن توقفه عن تقديم هذه الرعاية بسبب اعتقاله اضطرها إلى دخول المستشفى.

5-4 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أنه ينبغي عدم تسليمه وفقاً للفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين والفقرة 1 من المادة 2 من قانون التسليم المشروط ويدعي أنه كان قد اتهم أولاً ب‍ "التواطؤ للتهرب بالتدليس من الحظر المفروض على استيراد المخدرات"، وبما أن العقاب المفروض على من يرتكب هذه الجريمة هو السجن لمدةٍ تقل عن سنةٍ واحدة، فقد جرى تغيير التهمة الأصلية ليتهم بأنه استورد في مناسباتٍ عديدة كميات كبيرة من الحشيش من إسبانيا إلى المملكة المتحدة. وفي هذا الصدد، يدعي صاحب البلاغ أنه قد احتُّجز لمدة ثلاثة أسابيع بعد التاريخ المسموح به، وقد عزا ذلك بلا ريب إلى أن الدولة الطرف كانت تحاول ضمان أن يتولى القضية قاضٍ مستعد لتحقيق رغباتها.

5-5 ويكرر صاحب البلاغ ادعاءه بأن الحد الأقصى للعقوبة بشأن التواطؤ في تهريب الحشيش، وفقاً للمادتين 368 و373 وللفقرة 2 من المادة 701 من القانون الجنائي الإسباني، هو السجن لفترةٍ تتراوح بين ستة أشهر وأقل من سنة بيومٍ واحد، وعليه ينبغي عدم تنفيذ عملية التسليم. ويضيف أنه كان قد انسحب من خطةٍ لاستيراد الكوكايين كما ورد في التقرير الذي استند إليه طلب التسليم.

5-6 ويعاود صاحب البلاغ القول بأنه لم يحصل على محاكمةٍ نزيهة، وهذا ما برر اعتراضه على القضاة الذين يبتون في قضيته. ويدعي أن المادة 219-4 من قانون (تنظيم) الجهاز القضائي تُلزم بانسحاب القضاة الذين قدمت ضدهم "شكاوى أو طعون من أي طرف من الأطراف"، لكن طعنه رفض بحجة أنه كان ينبغي على المحكمة أن تبت أولاً في مقبولية الشكوى. كما يشير إلى أن القضاة الذين اعترض عليهم هم أعضاء في هيئة المحكمة الكاملة التي تبت في الاستئناف، وعليه فإنهم لم يتمكنوا من النظر فيه بطريقةٍ محايدة.

5-7 ويقول صاحب البلاغ إن إجراءات التسليم، وفقاً لأحكام المحكمة الدستورية الصادرة في 11/1983 و131/1994 و141/1998، تعد محاكمات حقيقية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، إن كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتؤكد الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ المعني غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بما أن السيد إيفِريِت قد ذكر في رسالة موجهة إلى المحكمة الإسبانية أن شكواه كانت قد قدمت إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. غير أن صاحب البلاغ ينفي ذلك. وقد لاحظت اللجنة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد ارتأت في حزيران/يونيه 1990 أن الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ ضد المملكة المتحدة غير مقبولة. ومن ثم، فقد تيقنت من أن المسألة ذاتها لم تُعرض على إجراءٍ دولي آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية. وعليه، فإنه ما من عائق يحول دون النظر في هذه الشكوى بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 ويدعي صاحب البلاغ أن انتهاكاً لحقه بموجب الفقرة 1 من المادة 9 قد حدث بحجة أن احتجازه المؤقت أثناء فترة إجراءات التسليم كان غير مبرر، ذلك لأن احتمال هروبه لم يكن وارداً. وفي ذلك الصدد، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري، إذ إن صاحب البلاغ قد حرم من حريته وفقاً للإجراء الذي ينص عليه قانون التسليم المشروط (رقم 4/1985) وللمعاهدات والاتفاقات الدولية ذات الصلة. وتضيف الدولة الطرف أن قرارها قد استند إلى أوامر دولية بالاحتجاز (2) كانت قد صدرت بناءً على تورط صاحب البلاغ في ارتكاب جرائم خطيرة على أراضي الدولة التي تطلب تسليمه. كما تؤكد أن عملية الاحتجاز كانت موضوع قرارات قضائية قامت على مبررات وجيهة وأقرت بوجود احتمال بالهرب. وتلاحظ اللجنة أن التدابير المتاحة بموجب الفقرة 3 من المادة 8 من قانون التسليم المشروط قد تطبق وفقاً لتقدير الدولة الطرف، كما أن صاحب البلاغ، حسبما تشير الدولة الطرف، قد استفاد مما أُتيح لـه من سبل انتصاف محلية نظرت كلها في شكواه. وترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ ليس موثقاً بالأدلة على النحو الواجب ومن ثم، فإنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وبالإشارة إلى سوابق قانونية عالجتها اللجنة فيما مضى، تعتبر اللجنة أنه رغم أن العهد لا يستوجب أن تكتسي إجراءات التسليم طابعاً قضائياً، فإن عملية تسليم كهذه لا تخرج عن نطاق حماية العهد. بل على النقيض من ذلك، فإن أحكاماً عديدة، ومنها المواد 6 و7 و9 و13 هي أحكام تسري بالضرورة في حالة التسليم. وفي القضايا التي يكون فيها الجهاز القضائي معنياً على وجه التحديد باتخاذ قرار بشأن التسليم، وهو حال القضية الراهنة، يتعين عليه احترام مبادئ الحيدة والإنصاف والمساواة، كما تنص الفقرة 1 من المادة 14 ومثلما تتجلى أيضاً في المادة 13 من العهد. ومع ذلك، فإن اللجنة ترى أن النظر في أي طلب تسليم لا يرقى إلى حد إقرار تهمة جنائية بموجب فحوى المادة 14 حتى إذا ارتأت المحكمة ذلك. وعليه، فإن ادعاءات صاحب البلاغ تلك التي تتعلق بأحكام محددة واردة في الفقرتين 2 و3 من المادة 14 هي ادعاءات تتنافى بحكم طبيعتها والأحكام المشار إليها، وبالتالي فإنها غير مقبولة عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري. أما فيما يتعلق بالادعاء المتبقي من الشكوى والمقدم بمقتضى المادة 14، أي الإخلال بالحيدة، فإن اللجنة تعتبر أن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة اللازمة لتحقيق أغراض المقبولية، لذلك يعد هذا الجزء من بلاغه غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري بصرف النظر عما إذا كانت المسألة قد عولجت بمقتضى المادة 13 أو المادة 14 من العهد.

6-5 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 23 من العهد، فإن اللجنة تحيط علماً بجدل الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأنه لم يكن مدعماً بالأدلة على النحو الواجب؛ وكما تشير إليه بحق، فإنه رغم احتمال أن يؤثر الحرمان من الحرية إلى حدٍ ما على العلاقات الشخصية، لا ينطوي ذلك في حد ذاته على حدوث انتهاك للعهد. وترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مثبت بأدلة تكفي لتحقيق أغراض المقبولية بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي أن المملكة المتحدة قد طالبت بتسليمه على أساس إدعاء بالتواطؤ للتهرب بالتدليس من الحظر المفروض على استيراد المخدرات، وأن التهمة الأولية التي ارتأتها الدولة الطرف كانت استيراده كميات من الحشيش، وهو فعل يعاقب القانون عليه بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة واحدة، ولذلك ليس من المناسب تسليمه . ومن رأي اللجنة أن صحة عملية التسليم المقررة إلى المملكة المتحدة، التي يمكن الاعتراض عليها في ضوء الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية الأوروبية لتسليم المجرمين وقانون التسليم المشروط، تخرج عن نطاق أي حكمٍ محدد من أحكام العهد. ولهذا السبب، تعتبر اللجنة هذا الجزء من البلاغ غير مقبول "بحكم طبيعته".

7- وعليه، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ والدولة الطرف.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يبدو أن الدولة الطرف تشير إلى طلبٍ بالاحتجاز المؤقت وفقاً لأحكام المعاهدات الدولية ذات الصلة.

(2) يبدو أن الدولة الطرف تشير إلى طلب اعتقال مؤقت وفقاً لأحكام المعاهدات الدولية ذات الصلة.

زاي - البلاغ رقم 970/2001، فاليري ي. فابريكان ضد كندا (القرار الذي اعتمد في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيد فاليري ي. فابريكان (صاحب البلاغ لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ البلاغ : 3 نيسان/أبريل 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2003

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد فاليري ي. فابريكان، وهو مواطن كندي يقضي عقوبة السجن المؤبد منذ عام 1993 لارتكابه أربع جرائم قتل في سجن أرشامبولت الفيدرالي الواقع في سانت آن دي بلانت بكيبيك. ويزعم أنه ضحية انتهاك كندا للمواد 6 و7 و10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في أيار/مايو 1998، تعرض صاحب البلاغ لنوبةٍ قلبية. وقد ظهر من التصوير الإشعاعي للقلب والأوعية الدموية وجود انسداد في شرايينه - يكاد يكون كلياً في اثنين منها - وبين كما زعم ضرورة التدخل الجراحي. ويقول. صاحب البلاغ إن علاج حالته لا يتوفر في كيبيك، لكنه متاح في بريتيش كولومبيا (1) . ويدعي أنه اتصل بطبيبٍ هناك أبدى استعداده لإجراء العملية لكن سلطات السجن رفضت نقله إلى تلك المنطقة. ويقول إنه قدم العديد من الشكاوى الداخلية كان مصيرها.

2-2 وفي 23 آب/أغسطس 1999، قدم صاحب البلاغ التماساً يطلب فيه من المحكمة الفيدرالية إصدار أمرٍ إلزامي بأن توفر لـه الرعاية الطبية العاجلة. وفي 14 أيلول/سبتمبر 1999، رفضت المحكمة هذا الطلب. وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، يدعي صاحب البلاغ أن جميع الدعاوى القضائية التي أقامها قد أوقفت في محكمة فيدرالية (لم يحددها). وطعن في القرار الذي صدر في شهر أيلول/سبتمبر أمام المحكمة الفيدرالية، لكنه أوقف إجراءاته في 14 شباط/فبراير 2000.

2-3 وفي 23 شباط/فبراير 2000، وفي ضوء ما يزعمه من تدهور حالته الصحية، توجه صاحب البلاغ إلى محكمة كيبيك العليا يلتمس منها الإغاثة العاجلة محتجاً بالميثاق الكندي للحقوق والحريات الأساسية. وفي 29 شباط/فبراير 2000، رفضت المحكمة التماسه بحجة أن الحكم الصادر ضده نهائي. وفي 16 حزيران/يونيه 2000، رفضت محكمة الاستئناف التماس صاحب البلاغ لعدم اختصاص المحكمة العليا بالبت فيه. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ بأن تأذن لـه بالطعن.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن تقصير الدولة الطرف في توفير العلاج الطبي المتاح واللازم لـه يهدد حقه في الحياة بموجب المادة 6؛ كما يدعي أن هذا البلاغ يطرح أيضاً مسائل بمقتضى المادتين 7 و10 من العهد.

رسالة الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في مذكرةٍ شفوية مؤرخة 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، قدمت الدولة الطرف رسالتها بشأن جواز قبول البلاغ وأسسه الموضوعية. وتدفع بأن البلاغ غير مقبول لعدم إثباته بالأدلة ولمنافاته أحكام العهد.

4-2 وبصدد الوقائع، تزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ تعرض لنوبةٍ قلبية في عام 1991، أي قبل إيداعه السجن، ثم أُجري لـه ما يُعرف بعملية رأبٍ للأوعية الدموية. وفي أيار/مايو 1998، أُصيب "باحتشاءٍ في عضلة القلب". وقد عالجه طبيبٌ متخصصٌ في أمراض القلب نصح بأن تجرى لصاحب البلاغ عملية قسطرة. بيد أن صاحب البلاغ رفض إجراء هذه العملية لـه وأصر على أن تجري عملية رأب الأوعية الدموية. وخلال الفترة من 15 أيار/مايو 1998 حتى تاريخ تقديم هذا البلاغ، شخَّص ما لا يقل عن اثني عشر طبيباً كندياً متخصصاً في أمراض القلب حالة صاحب البلاغ، وخلصوا جميعاً إلى أن عملية رأب الأوعية الدموية لا تناسب حالته الصحية، وبأن معالجته ينبغي أن تتم إما بجراحة قسطرة وإما بالأدوية. ورغم هذا التوافق الساحق في الآراء، فإن صاحب البلاغ لم يوافق على رأي الاختصاصيين وأصر على أن تجرى لـه عملية رأبٍ للأوعية الدموية. وهو يعالج في الوقت الراهن بالأدوية. وتقول الدولة الطرف إنها بذلت كل ما في وسعها كي توفر لـه كل ما يحتاج إليه من رعايةٍ ضرورية ومناسبة.

4-3 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد رفع قضايا عديدة ضد دائرة المؤسسات الإصلاحية في كندا عن طريق الجهاز القانوني الكندي، وضد موظفيها والأطباء المتعاقدين معها من الباطن والأطباء المشرفين على علاجه، ملتمساً فيها أن تصدر أي محكمة أو أي لجنة تأديبية للأطباء أمراً يقضي بنقله أو إحالته إلى بريتيش كولومبيا حيث يمكن، على حد زعمه، أن تجرى لـه عملية لرأب الأوعية الدموية التي يطالب بها، أو بمعاقبتهم لعدم قيامهم بذلك. وفي عام 2001 (لم يذكر التاريخ)، طلب المدعي العام، في قضية المدعي العام في كندا ضد ف. فابريكان، من محكمة كيبيك العليا أن تصدر أمراً زجرياً يحظر على صاحب البلاغ تقديم أي شكاوى أُخرى إلى الهيئات التأديبية المختصة ضد أي ممرضة أو طبيب أو محام يتعامل معه. غير أنه حتى تاريخ تقديم الدولة الطرف لردها لم تكن المحكمة قد أصدرت بعد أي قرار في هذا الشأن.

4-4 وبصدد المقبولية، تقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يعين أي انتهاكاتٍ محددة للعهد. ويطلب من اللجنة في رسالته المؤرخة 3 نيسان/أبريل 2000، أن تقدم لـه "المساعدة" ليتمكن من إجراء عملية رأب الأوعية الدموية. ويزعم أن حرمانه من هذا العلاج تحديداً يعني الحكم عليه فعلياً "بالإعدام". ويقدم صاحب البلاغ، كأدلة لدعم طلبه "بالمساعدة"، رسائل الأطباء الأمريكيين الثلاثة، الذين أكدوا دون فحصه إمكانية إجراء هذه العملية لـه. وتقول الدولة الطرف إنه لم يشر إلى آراء أكثر من اثني عشر أخصائياً كندياً الذين أسدوا إليه النصح بأن عملية رأب الأوعية الدموية لا تلائم حالته الصحية، وبأن الأدوية أو القسطرة ستكونان أكثر نفعاً لـه. وعلاوةً على ذلك، فإنه لم يتمكن من إقناع المحاكم التي رفضت طلب المساعدة ذاته بأن يخضع لعملية رأب الأوعية الدموية، ومن إقناع الهيئة التأديبية الطبية الإقليمية التي قررت أن ما تلقاه من رعاية ومشورة طبيتين كان وفقاً لأفضل المعايير المهنية.

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ في حقيقة الأمر يطلب من اللجنة أن تحدد ماهية هذه المسألة الطبية، أي ما إذا كان ينبغي لـه إجراء عملية رأبٍ للأوعية الدموية عوضاً عن اتباعه طرق علاجٍ طبية أخرى. ويطلب من اللجنة أن تختار بين الآراء الطبية المتضاربة التي أبداها العديد من الأطباء ذوي الخبرة، وبأن تؤيد موقف الأطباء الذين قدموا آراءً توافق على العلاج الذي يفضله صاحب البلاغ.

4-6 وبالإضافة إلى ذلك، تقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ لم يزعم وجود أي صلة بين طلبه بأن يجري عملية لرأب الأوعية الدموية واحتمال حدوث أي انتهاك للعهد. فهي لم تحرمه من العلاج الطبي، بل الواقع أن صاحب البلاغ هو الذي رفض مراراً العلاج الذي نُصح به. وليس في العهد أي حكمٍ يمكن تفسيره بأنه يكفل لصاحب البلاغ علاجاً طبياً من اختياره. وتقول الدولة الطرف إن شكوى صاحب البلاغ ليست موثقة بالأدلة الكافية وعليه ينبغي للجنة أن تعلن البلاغ غير مقبول لافتقاره مقومات "الشكوى" التي يحملها مضمون المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري.

4-7 وتزعم الدولة الطرف أيضاً أن مطالب صاحب البلاغ تتعارض بحكم طبيعتها مع أحكام العهد، وذلك بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وتقول إن طلب أي سجينٍ بالحصول على علاجٍ طبي من اختياره، خاصةً عندما يخالف أغلبية الآراء الطبية المعارضة لهذا العلاج، ليس "بحقٍ" "ينص" عليه العهد.

4-8 وبخصوص الأسس الموضوعية، تقول الدولة الطرف إنه بالرغم من أن صاحب البلاغ لم يحدد حقوق العهد التي يدعي انتهاكها، فإنها تفترض أن يقيَّم ادعائه على أنه بمثابة انتهاكٍ مزعوم للمادة 7 و/أو للمادة 10 من العهد. وتزعم الدولة الطرف أنه ما من طبيبٍ من الأطباء الذين تمت استشارتهم في كندا على استعدادٍ بأن ينصح صاحب البلاغ بعملية رأب الأوعية الدموية أو أن يجريها لـه، لسببٍ بسيطٍ هو أن هذه العملية ليست في صالح صاحب البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، تقول الدولة الطرف إن هذه الحالة ليست بحالة حرمانٍ من العلاج الطبي؛ إنما هي حالة تتصرف فيها الدولة الطرف خدمة لمصلحة صاحب البلاغ الفضلى، وتوفر لـه العلاج الذي نصح به اختصاصيون عديدون في أمراض القلب.

4-9 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يعوِّل على أقوال ثلاثة جرَّاحين أمريكيين ادعوا إمكانية إجراء عملية لرأب الأوعية الدموية لصاحب البلاغ تأييداً لرأيه بأن هذه العملية هي أفضل خيارٍ لحالته. وقد بنى أولئك الجرَّاحين آراءهم على مجرد نسخةٍ من رسم إشعاعي للأوعية، دون أن تتسنى لهم فرصة فحصه. وأكد صاحب البلاغ أن أحد الأطباء الكنديين، ويدعى الدكتور هيلتون من جامعة بريتيش كولومبيا، قد أبدى استعداده أن يجري لـه عملية رأبٍ للأوعية الدموية. ويعتقد صاحب البلاغ أن العقبة الوحيدة التي تحول دون إجراء هذه العملية لـه هي عدم موافقة دائرة المؤسسات الإصلاحية في كندا على نقله من كيبيك إلى بريتيش كولومبيا ليتلقى العلاج فيها. وتقول الدولة الطرف إنه يتبين من استعراض المراسلات أن الدكتور هيلتون ينصح بإجراء عمليةٍ جراحية وليس عملية رأبٍ للأوعية الدموية - لكنه يرغب في إجراء فحصٍ لصاحب البلاغ في عيادته حتى يقرر الخيارات المتاحة لتوفير أفضل علاج لحالته. وتعتقد الدولة الطرف أن الدكتور هيلتون لا يرى أن رأب الأوعية الدموية سيخدم مصالحه الفضلى.

4-10 وتقول الدولة الطرف إن صاحب البلاغ طالب مراراً بأن يُنقل إلى سجن ويليامز الرئيسي، وهو أقرب سجنٍ فيدرالي إلى فيكتوريا، في بريتيش كولومبيا. بيد أن المؤسسة رفضت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1999الطلب الذي تلقته من صاحب البلاغ للأسباب التالية: (أ) رفض صاحب البلاغ دون سبب مقنعٍ أن يتلقى العلاج في معهد مونتريال لأمراض القلب (وهو من المرافق الطبية المتقدمة في كندا وفي العالم)؛ و(ب) واقع أن الدكتور هيلتون قد نصحه مراراً بعدم اتباع ذلك العلاج الذي اعتبره علاجاً غير مجدٍ على المدى البعيد؛ و(ج) بعد المسافة بين سجن ويليامز الرئيسي وأقرب مستشفى؛ والإجهاد البدني الذي سيصاب به إثر عملية نقله المقترحة. وقد رفض في 23 أيار/مايو 2000 الطلب الذي تقدم به لاحقاً بأن يُنقل طوعاً وبأن يسمح لـه بالتغيب تحت الحراسة لفترةٍ مؤقتة ولأسبابٍ مرضية عُزي هذا أساساً لأنه لا يختلف عن طلبه السابق.

4-11 وتشير الدولة الطرف إلى أن الاستنتاجات التي خلص إليها المجلس الطبي التأديبي بعد دراسته لشكوى صاحب البلاغ ضد أطبائه لم تجد أي شائبة في العلاج الموفر لصاحب البلاغ كما تشير إلى شهادة أحد خبراء أمراض القلب الذي رأى أن صاحب البلاغ قد تلقى باستمرار الرعاية والمشورة الطبية وفقاً لأسمى المعايير المهنية.

4-12 وفي النهاية، تزعم الدولة الطرف أن عدم موافقة صاحب البلاغ على آراء الاختصاصيين لا يشكل معاملةً لا إنسانية لصاحب البلاغ أو مساساً بكرامته الأصيلة يمكن أن يندرج في إطار المادة 7 أو الفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في 2 آب/أغسطس 2002، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على رسالة الدولة الطرف. ويقول فيها إنه لم يحدد مواد العهد التي يزعم انتهاكها لاعتقاده أن الأمر سيكون واضحاً، ألا هو انتهاك المادة 6 من العهد بسبب حرمانه من الرعاية الطبية الأمر الذي يهدد حياته، وكذلك انتهاك المادتين 7 و10. وذكر أنه رفض أن تجرى لـه جراحة القسطرة لأن الذين نصحوا بها ليسوا بجراحين ولأنه كان قد حصل على رأي اثنين من الجراحين المتخصصين في جراحة القلب في كيبيك لم ينصحوا بهذه العملية. واتهم كلاً من الجهاز القضائي و"الكوادر المهنية" في كندا بالفساد.

5-2 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لا يطلب من اللجنة أن تصدر حكماً طبياً تقرر بموجبه ما إذا كان العلاج ملائماً لصحته، لكنه يقول إنه لو كان لديه طبيباً ليجري لـه العملية ويحوز موارد مالية تمكنه من دفع نفقاتها، لتمتع بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطنون العاديون في الحصول على هذا العلاج الطبي الذي يراه أكثر أنواع العلاج ملاءمةً لصحته. ويعتقد صاحب البلاغ أن احتمال أن تكون هذه العملية شديدة الخطورة هو أمر يقرره المريض والطبيب الذي أبدى استعداده لإجرائها.

5-3 وبالإضافة إلى ذلك، يفيد صاحب البلاغ عن آخر تطورات حالته، فذكر أنه نُقل في 12 كانون الأول/ديسمبر 2001 إلى بريتيش كولومبيا حيث أُجريت لـه عملية رأبٍ للأوعية الدموية في 7 كانون الثاني/يناير 2002. كما أُجريت لـه العملية ذاتها في 19 تموز/يوليه 2002. ويزعم أن إجراء العملية لـه في آخر المطاف يبرهن على أن شكواه ضد كندا صحيحة. ويضيف أنه على استعدادٍ لأن يسحب شكواه إذا وجدت لـه الدولة الطرف طبيباً يفتح لـه بقية الشرايين الثلاثة المسدودة (يبدو أن عملية رأب الأوعية الدموية لم تفلح سوى في فتح شريانٍ واحدٍ) أو يسرت لـه إمكانية الاتصال بهذا الطبيب المختص متى لزم الأمر، وإذا قبلت بأن تسمح للسجناء أنفسهم وليس لأطبائهم أن يقرروا الإجراء الطبي الذي يخضعون إليه.

رسالة الدولة الطرف التكميلية الأولى وتعليقات صاحب البلاغ عليها

6-1 في 19 آذار/مارس 2002، أكدت الدولة الطرف أنه عملاً بمشورة اختصاصيٍ آخر أُجريت العملية لصاحب البلاغ في 7 كانون الثاني/يناير 2002. وقد قال هذا الاختصاصي إنه "سيكون من المهم أن يعاد رأب الأوعية الدموية في حالة [صاحب البلاغ] للحصول على إجاباتٍ على تساؤلات المريض فضلاً عن تساؤلات أولئك الأطباء المعالجين لحالته. ومع أن العلاج الطبي التقليدي غالباً ما يكون فعالاً في السيطرة على الذبحة الصدرية، فإنه لا يبدو ملائماً للسيطرة على نقص كمية الدم في هذه الحالة، لهذا فإن احتمال تعرض المريض للوفاة حقيقي". وقال في ختام تقريره "إنني أنصح بإجراء عملية رأبٍ للأوعية الدموية بقصد توسيعها، إذا تطلب الأمر ذلك، ويُفضل إجراؤها خلال فترةٍ زمنية متوسطة الأجل (أي في غضون بضعة أسابيع)." وبناءً على هذه التوصية نُقل صاحب البلاغ إلى بريتيش كولومبيا. ولما انتهى العلاج في 14 كانون الثاني/يناير 2002، ذكر الدكتور هيلتون وهو الطبيب الجراح الذي أجرى لـه العملية في تقريره الكتابي ما يلي: "... أعتقد أنه بات الآن في أمان". فصدرت في 22 كانون الثاني/يناير 2002 الموافقة على عودة صاحب البلاغ إلى كيبيك.

6-2 وتقول الدولة الطرف إنه بما أن صاحب البلاغ قد تلقى الآن العلاج الذي شكل أساس بلاغه، فقد تم بذلك تدارك أي تعارضٍ مزعومٍ مع العهد، ولم يعد بإمكان صاحب البلاغ أن يزعم أنه ضحية أي انتهاكٍ لحقوقه التي ينص عليها العهد. وعليه، فإن المسائل المطروحة أصبحت مسائل خلافية وينبغي إعلان أن البلاغ غير مقبول بمقتضى المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري. وبخلاف ذلك، تدفع الدولة الطرف بأنه إذا اعتبرت اللجنة البلاغ مقبولاً بأنها قد وفرت سبيل انتصافٍ فعالٍ لأي انتهاكٍ من الانتهاكات المزعومة للعهد.

6-3 وينكر صاحب البلاغ، في رده المؤرخ 13 أيار/مايو 2002، أن ادعاءه خلافي ويزعم أن الطبيب الذي أجرى لـه العملية يعتقد أن رأب الأوعية الدموية كان سيتكلل بمزيدٍ من النجاح لو أنها أُجريت لـه قبل ذلك بثلاث سنوات.

رسالة الدولة الطرف التكميلية الثانية وتعليقات صاحب البلاغ عليها

7- تجيب الدولة الطرف، في رسالةٍ أخرى مؤرخة 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، على طلب صاحب البلاغ بأن تجرى لـه عمليةٍ أخرى لرأب الأوعية الدموية وفتح بقية الشرايين الثلاثة المسدودة وعلى طلبه بأن يسمح للسجناء وليس لأطبائهم أن يقرروا الإجراء الطبي الذي يتعرضون لـه، وبصدد المسألة الأخيرة، تدفع الدولة الطرف بأن الأمر التوجيهي رقم 803 الصادر من مأمور مصلحة السجون يجيز للسجناء رفض الموافقة على العلاج الموصى به، لكنه لا يجيز لهم الحصول على علاجٍ طبي من اختيارهم، لا سيما عندما يتعارض هذا الاختيار مع المشورة التي أسداها الأطباء المسؤولين عن رعايتهم. وتؤكد مجدداً أن طلب أي سجينٍ بأن يتلقى العلاج الطبي الذي يختاره ليس بحقٍ ينص عليه العهد، وبالتالي فإن هذا الطلب يتنافى مع أحكامه. أما فيما يتعلق بالمسألة الأولى، فإن الدولة الطرف تدفع بأن صاحب البلاغ قد أجريت لـه بالفعل في 19 تموز/يوليه 2002 عملية أخرى لرأب الأوعية الدموية وتصويرٍ إشعاعي للقلب والأوعية. وفي ظل هذه الظروف، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول وفقاً للمادتين 1و2 من البروتوكول الاختياري.

8- وفي 24 كانون الثاني/يناير 2003، أكد صاحب البلاغ من جديد أن ادعاءه ليس خلافياً، فبالرغم من أنه تعرض منذ كانون الثاني/يناير 2002 لعمليتين (2) لرأبٍ الأوعية الدموية، فإن ذلك لم يشفيه - فمرض قلبه يزداد تدهوراً وسيكون من الضروري أن يخضع لعمليات أخرى لرأب الأوعية الدموية. ويدعي أن جميع الأطباء المختصين بأمراض القلب العاملين في مستشفى "Cité de la Santé" يرفضون استقباله حالياً ما لم يُجلب إلى قسم الحالات الطارئة. ويزعم أنهم بذلك يعاقبونه على تقديمه الشكاوى ضد أطباء السجن. كما يزعم أنه عند كتابة هذا البلاغ في حاجةٍ إلى عمليةً أخرى لرأب الأوعية الدموية يتعين إجراؤها في بريتيش كولومبيا، لكن أطباء السجن لا يزالون ثانية يرفضون نقله إلى هناك. ويدعي أن حياته لا تزال في خطر وبأن سلطات السجن ترفض توفير الرعاية الطبية لـه.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 قبل النظر في أي ادعاءٍ يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

9-2 وفيما يتعلق بشرط استنفاد جميع سبل الانتصاف، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في جواز قبول البلاغ بناءً على هذه الحجة.

9-3- وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأنه حُرم من العلاج الطبي عندما مُنع من الانتقال إلى بريتيش كولومبيا حتى تُجرى لـه عملية جراحية تُعرف باسم "رأب الأوعية الدموية". وتلاحظ أن نقل صاحب البلاغ إلى بريتيش كولومبيا ثلاث مراتٍ بهدف إجراء هذه العملية هي حقيقةً تزعم الدولة الطرف أنها تجعل البلاغ خلافياً. ويدعي صاحب البلاغ في تعليقاته الختامية إلى اللجنة أنه في حاجةٍ على عمليةٍ ثانية لرأب الأوعية الدموية وبأنه سيحتاج في المستقبل إلى تلقي هذا العلاج بانتظام. وتلاحظ اللجنة، دون أن تنظر في مسألة ما إذا كان لأي محتجزٍ الحق في أن يختار أو يرفض علاجاً طبياً محدداً، أن الدولة الطرف تظل على كل حال مسؤولة عن حياة وسلامة محتجزيها، وبأنها قامت في ثلاث مناسباتٍ سابقة على الأقل بنقل صاحب البلاغ إلى بريتيش كولومبيا لإجراء العملية الجراحية التي طلبها. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة عدم تقديم معلومات كافية تفيد بأن السلطات لم تقم في أي يوم بتحديد العلاج الأنجع وفقاً للمعايير الطبية المهنية. ومن ثم ترى اللجنة بناءً على المعلومات المقدمة أن صاحب البلاغ قد قصر في تقديم الحجج التي تفي بأغراض مقبولية ادعائه بأن الدولة الطرف قد انتهكت أي مادة من مواد العهد. وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10- وبناء على ذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ والدولة الطرف.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يقدم صاحب البلاغ رسائل من ثلاثة أطباء جرَّاحين يزعمون فيها أنهم بعد أن اطلعوا على سجله الطبي يستطيعون معالجته بعملية جراحية، ورسالة من طبيبٍ آخر تحمل رأياً مخالفاً.

(2) لم يذكر صاحب البلاغ التواريخ.

حاء - البلاغ رقم 977/2001، براندسما ضد هولندا (القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : ر. ب. س. و. م. براندسما (يمثله محام، السيد م. و. س. فيتيريس)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 30 تشرين الأول/أكتوبر 2000 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 977 / 2001 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالنيابة عن السيد ر. ب. س. و. م. براندسما بموجب البروتوكول الاختياري الملحق ب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الخطية التي قدمها إليها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد ر. ب. س. و. م. براندسما، وهو مواطن هولندي وُلد في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1961. ويدعي أنه وقع ضحية لانتهاك هولندا للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثّله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في عام 1998، كان صاحـب البلاغ يعمل موظفاً مدنياً في وزارة المالية وفي جامعة لايدن. وتقاضى مبلغ 166 9 غيلدر كمدفوعات إضافية عن الإجازة فضلا عن راتبه المعتاد خلال الإجازات الذي بلغ ما مجموعه 894 11 غيلدر. ولقد خضعت مدفوعات الإجازة هذه بالكامل لضريبة الدخل وِفقا للقوانين واللوائح الهولندية.

2-2 ويقول صاحب البلاغ إن معظم العمال في هولندا يتلقون، كما هو الحال بالنسبة لـه، مدفوعات إجازتهم مباشرة من أرباب عملهم. غير أنهم يحصلون في بعض القطاعات الصناعية، لا سيما في قطاع البناء، على قسائم الإجازات. ويتعلق الأمر باستحقاقات يمكن تحصيلها نقداً، أثناء الإجازات، لدى مؤسسة تُموَّل من اشتراكات أرباب العمل. وتـُفرض ضريبة على قيمة هذه القسائم في الوقت ذاته الذي تُفرض فيه على الراتب الشهري أو الأسبوعي، مع أن العمال يتلقون مدفوعاتهم الحقيقية في مرحلة لاحقة.

2-3 وخلال الفترة التي سبقت الإصلاح الضريبي في عام 1990، ظهرت بعض التعقيدات الفنية في حساب الضرائب المفروضة على الدخل مما أدى إلى فرض ضريبة على قسائم الإجازات فاق معدلها الضريبة المفروضة على مدفوعات الإجازات العادية. وبغية التعويض عن هذا العيب، خضعت قسائم الإجازات لضريبة فُرضت على نسبة مئوية فقط من قيمتها العادية (75 في المائة في عام 1950، و50 في المائة في عام 1953، و60 في المائة في عام 1969). وقيل إن خبراء الضرائب انتقدوا هذا النظام إذ ادعوا أن تخفيض قيمة القسائم يعطي الامتياز للعمال الذين يتلقون مدفوعات الإجازات من خلال القسائم.

2-4 وفي عام 1986، أوصت لجنة من الخبراء (لجنة أورت) الحكومة بتبسيط النظام الضريبي. ويعمل هذا النظام الجديد على إلغاء المعدل الضريبي المرتفع المفروض على مدفوعات الإجازات التي تُمنح في شكل قسيمة، وأوصت اللجنة، بالتالي، بفرض ضريبة على القسائم بنسبة 100 في المائة. بيد أن المجلس الاجتماعي والاقتصادي، وهو هيئة استشارية دائمة لدى الحكومة، رأى أن هذه المسألة من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع النفقات بالنسبة لأرباب العمل وإلى تخفيض الأجور الصافية بالنسبة للعمال، ومن شأن الأطراف المعنية، بالتالي، أن تعترض عليها. وعملاً بهذه المشورة، وبعد استشارة مؤسسة العمالة، وهي المنتدى الاستشاري الرسمي الذي يجمع منظمات أرباب العمل والعمال، عُرض مشروع إصلاح ضريبي يهدف إلى القضاء على ما تنطوي عليه قسائم الإجازات من عيب ضريبي مع الرفع في الوقت ذاته من قيمة هذه القسائم إلى 75 في المائة. ووافق البرلمان على هذا الاقتراح وأصبح فعالاً في 1 كانون الثاني/يناير 1990.

2-5 وفي عام 1996، اقتُرح المزيد من الإصلاحات الضريبية. وبعد إجراء مشاورات مع منظمات أرباب العمل والعمال صدرت قوانين جديدة، وبدأ العمل بها في 1 كانون الثاني/يناير 1999، وتهدف إلى إلغاء تقييم قسائم الإجازات تدريجيا. ومنذ عام 1999 فصاعداً، سترتفع قيمتها سنويا بنسبة 2.5 في المائة، لتصل، في عام 2005، إلى 92.5 في المائة. واعتباراً من عام 2006، اقتُرح فرض ضريبة على القسائم حسب قيمتها الحقيقية (وقدرت بحوالي 97.5 في المائة نظراً للاختلاف الحاصل بين لحظة فرض الضريبة على القسائم ولحظة تحصيلها الحقيقي).

الشكوى

3-1 يشكو صاحب البلاغ من أنه وقع ضحية لانتهاك المادة 26 من العهد، لأنه أجبر على دفع ضرائب تفوق نسبتها 100 في المائة من مدفوعات إجازاته في عام 1998 في حين أن العمال الذين تلقوا مدفوعات إجازاتهم عن طريق القسائم فُرضت عليهم ضريبة بنسبة 75 في المائة من مدفوعاتهم.

3-2 ويقول صاحب البلاغ إنه لم يعترض على تقييم الضرائب ولا استنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد، في ضوء الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 16 حزيران/يونيه 1999 في قضية مماثلة، حيث قررت المحكمة أن الاختلاف في فرض الضريبة لا يشكل تمييزا غير مشروع. ويرى صاحب البلاغ أن نهج وسبل الانتصاف المحلية لن تكون لها بالتالي أي فرصة للنجاح.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه وعلى الرغم من عدم تطابق مدفوعات إجازاته مع مدفوعات الإجازات التي تُمنح في شكل قسائم، فإن الحالتين متشابهتان لدرجة لا يمكن فيها تبرير عدم المساواة في المعاملة. كما يدعي أنه بعد الإصلاح الضريبي في عام 1990، لم يعد ثمة أي تمييز في هذا الصدد بين نظامي مدفوعات الإجازات. فالتمييز الوحيد في هذا الشأن هو الذي يوجد بين لحظة فرض الضريبة ولحظة التحصيل في حالة قسائم الإجازات، غير أن نسبة هذا الاختلاف لا تقدر إلا بحوالي 2 في المائة وهو ما لا يبرر وجود اختلاف في المدفوعات الخاضعة للضريبة بنسبة 25 في المائة.

3-4 ويلاحظ صاحب البلاغ كذلك أن معظم فئة دافعي الضرائب المؤهلين لتلقي قسائم الإجازات من الرجال، كما يؤكد أن النظام الحالي يبلغ حد التمييز غير المباشر على أساس الجنس وذاك ما تحظره المادة 26.

3-5 وفيما يتعلق باعتراض أرباب العمل والعمال في القطاعات التي تُستخدم فيها قسائم الإجازات على فرض ضريبة كاملة، فإن صاحب البلاغ يدعي أن هذا الاعتراض قد يكون تفسيراً للتأخر في المساواة في المعاملة، إلا أنه لا يُقدم أي تبرير للاستمرار في معاملة فئة صغيرة من دافعي الضرائب معاملة تفضيلية. ويقول إن التدابير التي يدعمها المجتمع على نطاق واسع قد تكون مع ذلك تمييزية، وبالتالي، قد تنتهك العهد. أما فيما يتعلق بصحة الحجج التي يسوقها الشركاء الاجتماعيون، فإن صاحب البلاغ يدعي أن إلغاء امتياز ما يؤدي بالضرورة إلى تضرر الأشخاص، الذين اعتادوا على الاستفادة من هذا الامتياز، من الناحية المالية. وبناء على ذلك، لا يجوز استخدام هذه الحجة للحفاظ على الامتيازات.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن إلغاء الامتياز تدريجياً لا يمكن تبريره لأن الدولة الطرف مقيّدة بالتزام غير مشروط يفرض عليها ضمان الحقوق الموضوعية المنصوص عليها في العهد. وعلى الرغم من أن بعض التغيير التدريجي الذي طرأ بعد عام 1990 يمكن قبوله، فلا يمكن تبرير الاختلاف في الضرائب الذي ظل قائماً في عام 1998، أي بعد مرور ثماني سنوات على إلغاء الاختلاف القائم بين النظامين في تحديد الأساس الضريبي.

3-7 وإذا كان على اللجنة أن تقرر أن قسائم الإجازات والمدفوعات العادية عن الإجازات هي مدفوعات غير متشابهة ولا تقتضي معاملة متساوية، فإن صاحب البلاغ يدعي أن الاختلاف في الأساس الضريبي بنسبة 25 في المائة هو اختلاف غير متكافئ البتة فيما يتصل بالاختلاف الزمني الحقيقي بين لحظتي فرض الضرائب، مما يعد بالتالي نوعاً من التمييز.

3-8 واستناداً إلى ما سبق، يلتمس صاحب البلاغ من اللجنة أن تقرر أنه وقع ضحية للتمييز في قضيته وبأنه يستحق، على نحو رجعي، منحه المعاملة التفضيلية التي يتمتع بها غيره، وبأن يُعوّض عن الضريبة الإضافية التي دفعها.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 أشارت الدولة الطرف، في رسالة مؤرخة 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، إلى قضية مماثلة رفعها محامي صاحب البلاغ بالنيابة عن موكّل آخر إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قررت عدم جواز قبولها في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2000. وترى الدولة الطرف أن ادعاءات التمييز الواردة في تلك القضية هي الادعاءات ذاتها الواردة في القضية الحالية. فقد أشار صاحب البلاغ، بالفعل، إلى الحكم الصادر عن المحكمة العليا في هذه القضية كمبرر لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتتفق الدولة الطرف معه في هذا السياق على أنه من المعقول، بالنسبة لصاحب البلاغ، أن يتوقع أن سبل الانتصاف المحلية لن تعطيه أي إنصاف.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى رسالة، مؤرخة 7 أيلول/سبتمبر 2000، وجهها قلم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى المحامي يشرح فيها العقبات التي تحول دون قبول هذه القضية، ويحيل فيها إلى مجموعة السوابق القضائية التي تستند إليها المحكمة والتي تنص على أن الدول الأطراف تتمتع بهامش واسع من السلطة التقديرية لتنفيذ السياسات الاجتماعية والاقتصادية، حيث ترى بموجب هذه السلطة متى تشكل الاختلافات الموجودة في حالات شبيهة أخرى تبريراً لمعاملة مختلفة في القانون وإلى أي مدى يمكن لهذه الاختلافات أن تبرر ذلك. وخلُصت المحكمة في القرار الذي أعلنت بموجبه عدم قبول القضية إلى أن المسائل موضوع التظلم لا تكشف عن أي شيء يوحي بحدوث انتهاك للحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية.

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أنها لم تبد تحفظاً على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بالنسبة للمسائل التي اتخذت المحكمة الأوروبية قراراً بشأنها لأنه كان يُعتقد أن انتشار هذه التحفظات على نطاق واسع من شأنه أن يقوّض النظام العالمي لحماية حقوق الإنسان الفردية. وتلتمس الدولة الطرف من اللجنة، مع ذلك، أن تتفادى الاعتراض على أوامر هيئات الإشراف الدولية وأن تشاطر، بالتالي، استنتاجات المحكمة الأوروبية التي خلصت فيها إلى عدم وجود أي انتهاك لمبدأ عدم التمييز. وفي هذا الصدد، تدعي الدولة الطرف أن الاختلاف في النطاق بين المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية والمادة 26 من العهد لا دور لـه في القضية الحالية، بما أن نطاق المادة 14 والمادة 1 من البروتوكول الأول مجتمعتين يمكن مقارنته بنطاق المادة 26 من العهد.

4-4 وفيما يتعلق بوقائع القضية، تُوضح الدولة الطرف بأن من المتعارف عليه، في قطاع البناء وفي القطاعات المرتبطة به، ألا يتقاضى العمال أجوراً عندما يكونون في عطلة. إلا أنهم يحصلون بدل ذلك على قسائم الإجازات من مختلف أرباب عملهم عن كل يوم عمل اشتغلوا فيه، ويصرفون هذه القسائم نقداً لدى صندوق مركزي في فترة الإجازة. وفي هولندا، يحصل حوالي 000 330 عامل على قسائم الإجازات، من أصل مجموع العمال البالغ عددهم حوالي خمسة ملايين عامل ممن لهم الحق في شكل من أشكال الاستحقاقات خلال الإجازات. ومن ثم، فإن صاحب البلاغ يوجد في الموقف ذاته الذي يوجد فيه حوالي 93.4 في المائة من مجموع العمال المؤهلين للحصول على استحقاقات الإجازة.

4-5 وتوضح الدولة الطرف أن الاختلاف في المعاملة ينبع من ضرورة الحيلولة دون وجود حالة تُفرض فيها على الأشخاص الذين حصلوا على قسائم الإجازات، ضرائب أعلى من تلك التي فُرضت على الأشخاص الذين حصلوا على مدفوعات الإجازات. وتوضح كذلك أن تقدير قيمة قسائم الإجازات قد ارتفع، بعد تبسيط النظام الضريبي في عام 1990، ليصل إلى 75 في المائة. وعلى الرغم من أنه اقتُرِح في البداية أن ترتفع هذه القيمة إلى 100 في المائة، إلا أن شعوراً ساد بأن من شأن هذه المسألة أن تجعل العمال المعنيين يواجهون انخفاضا مفاجئا وجوهرياً في الدخل. وبعد إجراء مشاورات، تم الاتفاق على معدل 75 في المائة كحل وسط مؤقت. وأسفرت مشاورات أخرى في نهاية المطاف عن الاتفاق على إلغاء المعدل الخاص تدريجياً اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 2006.

4-6 وبالنسبة للأسس الموضوعية للبلاغ، تشير الدولة الطرف إلى استنتاجات المحكمة التي خلصت فيها إلى أن مدفوعات الإجازات وقسائم الإجازات هما حالتان غير متساويتان بحكم الواقع والقانون. وأشارت المحكمة العليا، في الحكم الذي أصدرته في 16 حزيران/يونيه 1999، إلى أن المسألة المطعون في صحتها ليست هي وجود اختلافات وإنما هي وزن هذه الاختلافات. وخلصت، من ثم، إلى أن المعاملة غير المتساوية تستند إلى مبرر موضوعي ومعقول بما أن الحكومة كانت لها أسباب قاهرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تدفعها إلى عدم رفع معدل القسائم فوراً ليصل إلى قيمتها السوقية. وتوضح الدولة الطرف أن المحكمة العليا تدرس صراحة القضايا على ضوء اتفاقيات دولية، بما في ذلك العهد.

4-7 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن ثمة اعتبارات اجتماعية واقتصادية وسياسية هامة لها أولوية على مختلف الأنظمة الضريبية المفروضة على مدفوعات الإجازات وعلى قسائم الإجازات. وتعترف بضرورة القضاء على الاختلاف في المعاملة، إلا أنها تؤكد على ضرورة توخي الحذر عند القيام بذلك. وترى أن حرمان أشخاص فجأة من حقوق لم تكن موضوع نزاع فيما مضى، باسم مبدأ المساواة أمام القانون، مسألة يمكن أن تتعارض مع حقوق أخرى للإنسان، لا سيما الحق في حماية الملكية. وتدعي الدولة الطرف أن هذه المسألة تنطبق أكثر في القضية الحالية بما أن الأشخاص الذين يحصلون على قسائم الإجازات ينتمون، خلافاً لصاحب البلاغ، إلى فئة الرواتب الدنيا.

4-8 وتستنتج الدولة الطرف أن البلاغ (أ) لا ينطوي على حالات متساوية، (ب) ولا ينطوي على معاملة غير متناسبة واضحة لحالات غير متساوية يمكن تصنيفها بأنها انتهاك للمادة 26 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 يعلق صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2002، على رسالة الدولة الطرف. ويوافق على أن القضية التي فصلت فيها المحكمة الأوروبية تشبه إلى حد كبير البلاغ الحالي. إلا أنه يدعي أن قرارات المحكمة الأوروبية التي تفسّر الاتفاقية الأوروبية لا يمكن أن تكون قطعية عند تفسير العهد، لأنهما معاهدتان مختلفتان تنضوي تحتهما دول أطراف مختلفة ولهما آليات إشراف مختلفة.

5-2 ويشير صاحب البلاغ، بالإضافة إلى ذلك، إلى أن المحكمة الأوروبية تترك للدول الأطراف هامشاً واسعاً من التقدير في القضايا الضريبية. ويدعي صاحب البلاغ أن تطبيق هذا النهج على المادة 26 من العهد من شأنه أن يقوض الطابع الأساسي والعام لمبدأ عدم التمييز. فالاختبار المناسب، بموجب المادة 26، هو اختبار ما إذا كان معيار التمييز معقولاً وموضوعياً.

5-3 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن الاعتبارات السياسية لا يمكن النظر إليها، في حد ذاتها، كمبرر معقول وموضوعي للتمييز بين حالات متطابقة لا تنطوي في حد ذاتها على هدف معقول ومشروع. ويرى صاحب البلاغ أن الإقرار بمثل هذه الاعتبارات كمبرر بموجب المادة 26 من شأنه أن يُفرغ شرط عدم التمييز من فحواه إلى حد كبير.

5-4 ويشير صاحب البلاغ إلى رسالته الأصلية ويؤكد من جديد على أن التفرقة القائمة في القضية الحالية تقوم على أساس التمييز. ويطعن في استنتاجات المحكمة العليا، التي استشهدت بها الدولة الطرف، والتي خلُصت فيها المحكمة إلى أن قسائم الإجازات ومدفوعات الإجازات لا يمكن اعتبارها حالتين متطابقتين. ويشير، في هذا الصدد، إلى الاقتراح الأولي الذي قدمته الحكومة في عام 1990 لفرض ضريبة على القسائم بمعدل 100 في المائة. ويرى صاحب البلاغ أن المحكمة العليا تركت للسلطات العامة هامشاً أكثر من اللازم للتقدير لكي تقرر في مسألة ما إذا كان هناك أي مبرر لمعاملة حالة مشابهة جداً بشكل مختلف. ويدعي صاحب البلاغ أنه حتى لو كان هناك اختلاف وجيه بين قسائم الإجازات ومدفوعات الإجازات، فإن هذا الاختلاف أقل بكثير من أن يبرر إعفاءً بنسبة 25 في المائة من قسائم الإجازات، مما يجعل هذا الاختلاف في المعاملة مسألة غير متناسبة، وبالتالي، تمييزية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي أنه وقع ضحية لانتهاك هولندا للمادة 26 نظراً لاختلاف المعاملة في فرض ضرائب على مدفوعات الإجازات بينه وبين العمال الآخرين الذين يحصلون على مدفوعات من خلال القسائم. وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحاكم في هولندا قررت أن الاختلاف في المعاملة يقوم على اختلافات واقعية وقانونية في كلا النظامين من المدفوعات. ويقوم ادعاء صاحب البلاغ على تقييمٍ مغاير لهذه الاختلافات.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بالأسباب التي عرضتها الدولة الطرف فيما يتعلق بالدافع الذي جعلها ترفع من تقييم قسائم الإجازات على نحو تدريجي. وترى أن صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض البت في المقبولية، ادعاءه بأنه تعرض، بصفته شخصاً يتلقى مدفوعات على الإجازة، شأنه في ذلك شأن غالبية العمال في الدولة الطرف، للتمييز مقارنة مع الأقلية الصغرى من العمال الذين يتلقون، نظراً لطبيعة عملهم، قسائم على الإجازات التي لا تزال الضريبة المفروضة عليها أقل إلى حد ما من الضريبة المفروضة على مدفوعات الإجازات. ومن ثم، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بشأن التمييز غير المباشر (الفقرة 3-4 أعلاه)، فإن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ ليس بامرأة وأنه لا يمكن، بالتالي، اعتباره ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري. وبناء على ذلك، لا يجوز قبول هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

7- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم قبول البلاغ بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

طاء - البلاغ رقم 990/2001، ايرشيك ضد النمسا (القرار الذي اعتمد في 19 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيد آرثر ايرشيك (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ وإبناه لوكاس وستيفان ايرشيك

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ البلاغ : 12 كانون الأول/ديسمبر 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 19 آذار /مارس 2003،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم آرثر ايرشيك (" صاحب البلاغ ")، ولد في 4 كانون الثاني/يناير 1963، وابناه لوكاس وستيفان ايرشيك، ولدا في 11 شباط /فبراير 1994، و16 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، على التوالي؛ وهم من مواطني النمسا. ويدعي صاحب البلاغ أنه هو وابنيه ضحايا انتهاك النمسا (1) لأحكام المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد) وهو يقدم هذا البلاغ بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن ولديه؛ وهو لا يمثله محام.

الوقائع

2-1 طالب صاحب البلاغ، وهو خبير استشاري في شؤون الضرائب، في نماذج تقدير الضريبة عن السنوات 1996 و1997 و1998، بتخفيض في الضريبة المفروضة على دخله حيث لم تستقطع (بالكامل) التزامات الإعالة الخاصة بطفليه من الأساس الضريبي لدخله.

2-2 وقد ارتكن، في اتخاذ هذا الإجراء، إلى قرار مرجعي أصدرته المحكمة الدستورية النمساوية في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1997، وفيه أعلنت المحكمة، بعد أن درست بحكم وظيفتها مدى دستورية بعض أحكام قانون ضريبة الدخل (Einkommenssteuergesetz) وقانون الضرائب الخاصة بالأسرة (Familienbesteuerungsgesetz)، أن هذه الأحكام مخالفة للدستور بقدر ما لا تسمح لدافعي الضرائب ذوي التزامات الإعالة الخاصة بأطفالهم باستقطاع نصف هذه النفقات على الأقل من الأساس الضريبي لدخولهم. وارتأت المحكمة أن الاستحقاقات المباشرة الخاصة بالأطفال والتخفيضات الخاصة بإعالة الأطفال الموجودة في النمسا تقصر عن تعويض العبء الإضافي الواقع على الآباء مع الالتزامات بدفع الإعالة لأطفالهم. وكون هذه النفقات التي تنتزع من ميزانياتهم الشخصية، تشكل جزءاً من الأساس الضريبي (باستثناء التخفيضات الضريبية المذكورة أعلاه) فإنها تضع الأباء في وضع خاسر بالمقارنة مع الأشخاص غير المطالبين بدفع إعالة.

2-3 وبمقتضى الفقرة 5 (2) من المادة 140 من قانون الدستور الاتحادي النمساوي (Bundes-Verfassungsgesetz)، قضت المحكمة بأن إعلان عدم الدستورية سوف يسري اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 1999، وذلك لكي يمنح المشرع وقتاً كافياً لتعديل القانون. ووفقاً لما يسمى " التشريع حسب السوابق القضائية "(Anlassfallregelung)؛ ظل التشريع القديم سارياً على جميع القضايا المرفوعة قبل ذلك التاريخ، باستثناء " السابقتين " اللتين كانتـا السبب في عرض الإجراءات أمام المحكمة الدستورية (الفقرة 7 (3) من المادة 140، من قانون الدستور الاتحادي). وفي تلكما القضيتين السابقتين اللتين تخصان السنتين الضريبيتين 1993 و1994، على التوالي، أُلغيت التقديرات الضريبية المطعون فيها.

2-4 وكانت دعاوى صاحب البلاغ للاستئناف ضد كشوف التقديرات الضريبية عن السنوات 1996 و1997 و1998 والتي رفضت فيها مطالباته بالتخفيضات الضريبية، قد ردتها المديرية الإقليمية للموارد المالية في فيينا ومقاطعة شمال النمسا وبورغنلاند (Finanzlandesdirektion für Wien, Niederösterreich und Burgenland) وبالمثل، ردت المحكمة الدستورية في 8 حزيران /يونيه 1999، شكاوى صاحب البلاغ ضد قرارين من هذه القرارات (بخصوص التقديرات الضريبية عن السنتين 1996 و 1997)، زاعماً في شكواه حدوث انتهاكات لحقوقه التي يكفلها الدستور في المساواة أمام القانون وفي ضمان الملكية، وكان رد الدعوى لنقص الاحتمالات المعقولة للنجاح. وفيما يتعلق بالتقدير الضريبي عن سنة 1998، لم يتقدم صاحب البلاغ بشكوى إلى المحكمة الدستورية.

2-5 وفي يوم 11 آذار /مارس 2000، تقدم صاحب البلاغ، بالأصالة عن نفسه وليس باسم طفليه، بطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، زاعماً فيه حدوث انتهاكات لحقوقه بمقتضى المواد 6 و8 و12 و13 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وبمقتضى الفقرة 1 من المادة 1 من البروتوكول رقم 1، مقروءة مع الاقتران بالمادة 14 من الاتفاقية. وأعلنت المحكمة، بمقتضى القرار الصادر في 11 أيلول /سبتمبر 2000 ، أن الطلب المقدم غير مقبول بمقتضى الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية، مقررة أن الموضوع المعروض أمامها " لم يظهر للعيان أي انتهاك للحقوق والحريات المبينة في الاتفاقية أو في البروتوكولين الملحقين بها ".

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك أحكام المادة 26 من العهد، إذ إن استمرار سريان الأحكام الملغاة الخاصة بقانون ضريبة الدخل وقانون الضرائب الخاصة بالأسرة على التقديرات الضريبية الخاصة به عن السنوات 1996 و1997 و1998 بما يرقى إلى مستوى التمييز، مع افتراض أن هذا التشريع لم يعد سارياً على قضايا السوابق التي أدت إلى نشوء الإجراءات القانونية أمام المحكمة الدستورية، مما أفضى إلى إلغاء الأحكام المذكورة. ويدعي صاحب البلاغ أن ولديه هما أيضاً ضحيتان لانتهاك أحكام المادة 26، إذ إن إنكار حقه في استقطاع نفقاته الخاصة بإعالتهما من الأساس الضريبي على دخله قلل بالفعل من دخله الصافي، وبالتالي قلل من استحقاقات الإعالة الخاصة بطفليه، والتي كانت تحتسب على أساس نسبة مئوية معينة من صافي دخله.

3-2 ويرى صاحب البلاغ أن المعاملة التفضيلية لقضايا السوابق تعتبر تعسفية، في غياب أية معايير معقولة وموضوعية تبرر تطبيق أحكام أقل من أن ينظر فيها بعين الرضى أو القبول على حالته وكل الحالات الأخرى التي لا تستفيد من تشريع قضايا السوابق. فهذا التشريع يتسم بالتمييز فيما يتعلق بجميع الآباء المضطرين إلى دفع مبالغ إعالة لأطفالهم، والذين لم تكن شكاواهم ضمن أولى الشكاوى قيد النظر أمام المحكمة الدستورية، رغم أن عبأهم المالي كان مماثلاً لعبء مقدمي الدعاوى في قضايا السوابق. وبدلاً من الاستدراك بالإصلاح، يطالب صاحب البلاغ بتعويض قدره 413 255 شلناً نمساوياً، استناداً إلى التقديرات المرفقة بالبلاغ.

3-3 زيادة على ذلك، يعرض صاحب البلاغ أن الأحكام الملغاة في قانون ضريبة الدخل والقانون الخاص بالضرائب المفروضة على الأسرة لم يعدلها المشرع بالشكل الوافي بالغرض، حيث عمل فحسب على إعادة سن التشريع نفسه اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 1999، فيما عدا العمل على زيادة الاستقطاعات الخاصة بالإعالة على نحو لا يذكر.

3-4 ويزعم صاحب البلاغ أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة. ورغم أنه كان بوسعه أن يتقدم بطلب استئناف إلى المحكمة الإدارية، بعد أن رفضت المحكمة الدستورية قبول شكاواه فيما يتعلق بالسنتين الماليتين 1996 و1997، فإن حق الانتصاف هذا كان باطلاً لأغراض التذرع بمبدأ المساواة، إذ إن المحكمة الإدارية ليست مختصة لإعادة النظر في دستورية القوانين الإدارية، بيد أنها مختصة فحسب بمدى ملاءمتها لقانون عدالة جزئية. وفيما يتعلق بالتقدير الضريبي عن سنة 1998، فإن أي شكوى أخرى تقدم إلى المحكمة الدستورية ستكون عديمة الجدوى في ضوء رفض تلك المحكمة قبول شكاوى مماثلة بخصوص التقديرات الضريبية عن السنتين 1996 و1997.

3-5 ويذكر صاحب البلاغ أن الموضوع المذكور ليس ولم يكن موضع دراسة بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، إذ إن رفض التماسه من جانب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، معلنة عدم قبوله لكونه قائماً بوضوح على أسس واهية، لم يكن مستنداً إلى دراسة الأسس الموضوعية لشكواه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 اعترضت الدولة الطرف، في مذكرتها الشفوية المؤرخة 17 أيلول /سبتمبر 2001، على مقبولية البلاغ، متذرعة بتحفظها على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ويتمثل مفعول التحفظ في استبعاد اختصاص اللجنة للنظر في البلاغ، حيث أن الموضوع المذكور قامت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بدراسته من قبل.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن انطباق تحفظها لا يعوقه كون المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت عدم قبول التماس صاحب البلاغ بمقتضى الفقرة 4 من المادة 45 من الاتفاقية الأوروبية، لأن صياغة قرار المحكمة (" [...] لا يفصح عن ظهور أي انتهاك للحقوق والحريات المبينة في الاتفاقية أو في بروتوكوليها" ) تشير بجلاء إلى أن المحكمة درست " الجو انب البعيدة الأثر للأسس الموضوعية في ضوء الفقرة 3 من المادة 35 من الاتفاقية ".

4-3 ورغم أن التحفظ لا يشير صراحة إلى المحكمة الأوروبية بل يشير إلى المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن الدولة الطرف تعرض أن التحفظ ينطبق أيضاً على الحالات حيثما تكون المحكمة قد درست الموضوع نفسه، إذ إن المحكمة قد تولت المهام التي تخلت عنها المفوضية حتى الآن، نتيجة لإعادة تنظيم الأجهزة التابعة لمجلس أوروبا.

4-4 وبقدر ما يعرض صاحب البلاغ عريضته بالنيابة عن طفليه، تتذرع الدولة الطرف بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، زاعمة أنه قد أخفق في أن يثير في الإجراءات المحلية انتهاكات الحقوق الدستورية لطفليه أو حقوقهما بمقتضى أحكام العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 أجاب صاحب البلاغ في الرسالة المؤرخة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 رداً على ما عرضته الدولة الطرف، طاعناً في انطباق تحفظ الدولة الطرف على قضيته. ويدعي صاحب البلاغ أن الموضوع المذكور لم تدرسه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إذ إن المحكمة رفضت قبول التماسه لأسباب شكلية صرفة، دون تناول موضوع حقوقه الادعائية. وبالتالي ليست هناك تبعة في إخضاع قرار المحكمة الأوروبية لتعيد اللجنة النظر فيه، أو تبعة في الحيد عن السوابق القضائية لهاتين الهيئتين.

5-2 وكانت أسباب قرار المحكمة، حيث أعلنت عدم قبول التماس صاحب البلاغ بمقتضى الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية، مقيدة بصيغة نمطية لا يمكن منها الاستيقان من الاعتبارات التي حملت المحكمة إلى الاستنتاج بأن الحقوق الادعائية لصاحب البلاغ كانت بشكل واضح واهية الأساس. وزيادة على ذلك، يشكل هذا الاستنتاج " استعمالا ً تعسفيا ً" لسلطة المحكمة بمقتضى الفقرة 4 من المادة 35، حيث إنه يتعارض مع السوابق القضائية للجنة ومفادها أنه تبعاً لقرار أي محكمة وطنية بإبطال قانون، وهو بهذا ينتهك الاتفاقية الأوروبية، فيجب إلغاء هذا القانون دون إبطاء، بل لا يجوز تطبيقه على الحالات التي تكون قد نشأت قبل تاريخ الإبطال. ويخلص صاحب البلاغ إلى نتيجة مفادها أن التماسه في ضوء هذه السوابق القضائية، كان لا بد وأن يعالج باعتباره " مستندا ً إلى أسس بشكل واضح" ، بدلا ً من مستند بشكل واضح إلى أسس واهية.

5-3 ووفقاً لما يذكره صاحب البلاغ، فإن رفض الالتماس استناداً إلى أسس إجرائية صرفة لا يمكن اعتباره دراسة لمطلبه، في سياق فحوى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، مقروءة بالاقتران مع التحفظ النمساوي. ومن ناحية أخرى، فإن كل رفض على أسس شكلية من جانب المحكمة الأوروبية سوف يستلزم بالضرورة قراراً مماثلاً من اللجنة، مما ينجم عنه فعلاً عدم توافر اختصاصها القانوني لدراسة القضية حسب أسسها الموضوعية. وفي حالة مماثلة (4) ، قررت اللجنة تبعاً لذلك أن المفوضية الأوروبية لم " تدرس " التماساً، عندما أعلنت عدم قبوله استناداً إلى أسباب إجرائية.

5-4 ويدعي صاحب البلاغ أن اعتبار رفض التماس ما على أساس أنه يستند بشكل واضح إلى أسس واهية بمثابة " دراسة للموضوع المذكور "، سوف يفضي إلى نتائج تعسفية، متوقفاً ذلك على أي من الأسس المستند إليها في عدم المقبولية المبينة في المادة 35 من الاتفاقية، تختار المحكمة الاستناد إليه في نتيجة مداولاتها، في الحالات التي قد ينطبق فيها أكثر من أساس.

5-5 وفيما يتعلق بطفلي صاحب البلاغ، فإنه يدعي أنه لم تتوفر لهما سبل الانتصاف المحلية لأغراض تتعلق بالطعن في كشوف التقديرات الضريبية، التي وجهت إليه على سبيل الحصر وفي غياب التطبيق المباشر للعهد في النمسا، وكذلك غياب التشريع اللازم للتنفيذ، استبعد طفلاه من الاحتكام إلى حقوقهما بمقتضى أحكام العهد أمام المحاكم والسلطات النمساوية. ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أنه لم يكن يتصرف بالنيابة عن ولديه عندما قدم التماسه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وبناء عليه، لم يكن التحفظ النمساوي ينطبق، حسب السياق المنطقي بقدر ما يتصل البلاغ بحقوق طفليه بمقتضى أحكام المادة 26 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية للبلاغ

6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 16 كانون الثاني/يناير 2002، تعليقات إضافية بشأن مقبولية البلاغ، وفي هذه المرة بشأن الأسس الموضوعية. وتذكر الدولة الطرف من جديد أن رفض قبول المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التماس صاحب البلاغ، بمقتضى الفقرة 4 من المادة 35 من الاتفاقية، كان يقتضي إجراء دراسة، ولو على وجه الاستعجال فحسب، للأسس الموضوعية للشكوى. وفيما يختص بطفلي صاحب البلاغ، تدعي الدولة الطرف أن أي انتهاك لحقوقه بمقتضى أحكام العهد، من خلال التقديرات الضريبية المطعون فيها " لا تثير سوى أفعالا ً منعكسة لا إرادية تعتبر غير ذات صلة قانونا ً في القضية الحالية ".

6-2 والشيء البديل، لو تعلن اللجنة قبول البلاغ، فإن الدولة الطرف تطعن بشكل تبعي في الأسس الموضوعية للبلاغ، مدعية ما يلي: (1) أن تقدير الدخل الخاضع للضريبة يقع خارج نطاق العهد، (2) أن استمرار تطبق التشريع القديم على قضايا ليست لها سوابق قضائية تبررها الحاجة الموضوعية لمنح المشرع وقتاً كافياً لتعديل الحكام الملغاة، (3) أن صاحب البلاغ نفسه قد أخفق في تقديم استئناف أمام المحكمة الدستورية في الوقت المطلوب، وذلك لكي يستفيد من أثر السوابق القضائية، (4) أن صاحب البلاغ لم يوفق في بلوغ النطاق الكامل لادعائه، حتى لو ألغيت الأحكام القانونية ذات الصلة بأثر فوري، مع افتراض أن الأساس الضريبي لدخل صاحب البلاغ عن سنتي 1996 و1997 كان لا يزال يتعين احتسابه وفقاً للتشريع القديم.

تعليقات صاحب البلاغ على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7-1 كرر صاحب البلاغ، في الرسالة المؤرخة 15 نيسان /أبريل 2003، رداً على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف، الآراء التي ذكرها في عريضته السابقة، وطعن في الرأي الذي أبدته الدولة الطرف بأن تقدير الدخل الخاضع للضريبة يقع خارج نطاق المادة 26 من أحكام العهد. فإذا كانت اللجنة قد وجدت حساباً يتسم بالتمييز في تقدير المبلغ الإجمالي بمقتضى قانون المعاشات النمساوي بما يخل بأحكام المادة 26، فعندئذ يجب أن تشمل هذه المادة بالأحرى التمييز في تحديد الأساس الضريبي على دخل أي فرد.

المسائل والإجراءات أمام اللجنة

8-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، عملاً بأحكام المادة 87 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول وفقاً للبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأن شكاواه الأخرى المقدمة إلى المحكمة الإدارية بالنمسا (بخصوص التقديرات الضريبية عن سنتي 1996 و1997)، وشكواه كذلك إلى المحكمة الدستورية النمساوية (بخصوص التقدير الضريبي عن سنة 1998)، كانت في حالته عديمة الجدوى، حيث أن المحكمة الإدارية لم تكن مختصة بإعادة النظر في ملاءمة القوانين المطعون فيها مع المبدأ الدستوري للمساواة، ونظراً لأن المحكمة الدستورية كانت قد فصلت من قبل في القضية نفسها أساساً بمقتضى قرارها المؤرخ 8 حزيران /يونيه 1999، برفض قبول دعاوى صاحب البلاغ بسبب الافتقار إلى احتمالات النجاح المعقولة. ولم تطعن الدولة الطرف في هذه الحجة. ولهذا فإن اللجنة تخلص إلى أن مقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 95 من البروتوكول الاختياري استوفيت، بقدر ما يزعم صاحب البلاغ من انتهاك حقوقه بمقتضى أحكام المادة 26 من العهد.

8-3 وفيما يتعلق برأي الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول بمقتضى الفقرة 2(ب) من المادة 5، مقروءة بالاقتران مع التحفظ النمساوي على تلك المادة، تحيط اللجنة علما بأن التماس صاحب البلاغ المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إنما يتصل بنفس الحقائق والمسائل مثل البلاغ الماثل قيد النظر أمام اللجنة؛ والاختلاف الوحيد هو أن صاحب البلاغ لم يتقدم بدعواه نيابة عن ولديه إلى المحكمة الأوروبية. وفي حين يعتبر نطاق المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية مختلفا عن نطاق المادة 26 من العهد، مع افتراض أن تطبيق المادة الأخيرة لا يقتصر على سائر الحقوق المكفولة في العهد، فإن حقوق الملكية تحميها المادة 1 من البروتوكول رقم 1 الملحق بالاتفاقية الأوروبية، ولهذا لا تنشأ مسألة مستقلة بمقتضى أحكام المادة 26 من العهد. ووفقاً لذلك، ترى اللجنة أنها تحيط علماً " بالموضوع المذكور " مثلما كانت المحكمة الأوروبية على علم بذلك، بقدر ما يعرض صاحب البلاغ عريضته بالأصالة عن نفسه.

8-4 وفيما يختص بالتساؤل عما إذا كانت المحكمة الأوروبية قد " درست " الموضوع، تذكر اللجنة بسوابقها القضائية حيث إن أجهزة ستراسبورغ استندت في رأيها الخاص بعدم المقبولية، ليس لأسباب إجرائية (5) فحسب، بل أيضا لأسباب تتضمن دراسة محدودة للأسس الموضوعية للقضية، فإن الموضوع المذكور قد " دُرس " في سياق فحوى التحفظات المعنية على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (6) . فهذه السوابق القضائية ترى في القضية الراهنة أن المحكمة الأوروبية مضت إلى ما يتجاوز دراسة معايير المقبولية بشكل إجرائي صرف، مقررة أن التماس صاحب البلاغ " [لم] يظهر أي انتهاك للحقوق والحريات المبينة في الاتفاقية أو في البروتوكولين الملحقين بها" (7) . وتلاحظ اللجنة أن تحفظ الدولة الطرف لا يمكن إنكاره ببساطة لمجرد أن هذا التفكير يعكس ببساطة صيغة نمطية، لا يمكن منه الاستيقان بشأن أي من الاعتبارات قام عليه استنتاج المحكمة بأن التطبيق كان يستند بجلاء إلى أسس واهية.

8-5 وفيما يتعلق برأي صاحب البلاغ بأن قرار المحكمة الأوروبية يتعارض مع السوابق القضائية للمفوضية السابقة، تحيط اللجنة علماً بأنها لا يتوفر لها إجراء إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لإعادة النظر في قرارات وأحكام المحكمة الأوروبية.

8-6 ووفقاً لذلك، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول بمقتضى أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بقدر ما يتصل بادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه بمقتضى أحكام المادة 26 من العهد قد انتهكت، حيث أن الموضوع المذكور سبق أن درسته المحكمة الأوروبية.

8-7 وبقدر ما يعرض صاحب البلاغ في العريضة بالنيابة عن طفليه، تحيط اللجنة علماً بأن اعتراض الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثر إمكانية انتهاك حقوقهما الدستورية أو حقوقهما بمقتضى أحكام العهد أمام المحاكم النمساوية، ولهذا فإنه أخفق في استنفاد سبل الانتصاف المحلية بالنيابة عنهما. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحب البلاغ بأنه لم تتوفر لولديه سبل انتصاف قانوني للطعن في كشوف تقدير الضرائب عليه عن السنوات 1996 و1997 و1998، وأن العهد لم يكن منطبقاً بشكل مباشر بمقتضى القانون النمساوي. وترى اللجنة من ناحية أخرى أن الأمر لا يستلزم دراسة مسألة ما إذا كانت سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت، وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق بولدي صاحب البلاغ، لأن صاحب البلاغ قد أخفق في أن يثبت بالأدلة. لأغراض المقبولية، حدوث أية آثار ضارة ألحقتها كشوف تقدير الضرائب مباشرة أو غير مباشرة على استحقاقات إعالة طفليه، بما يرقى إلى درجة انتهاك حقوقهما بمقتضى أحكام المادة 26 من العهد. ولهذا تخلص اللجنة إلى استنتاج بأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى أحكام المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، والفقرة الأخيرة بصيغتها المعدلة بتحفظ الدولة الطرف؛

(ب) إبلاغ هذا القرار للدولة الطرف ولأصحاب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ على التوالي في 10 كانون الأول/ديسمبر 1978 و10 آذار /مارس 1988. وأدرجت الدولة الطرف، لدى التصديق على البروتوكول الاختياري، التحفظ التالي: " على أن يكون من المفهوم أنه بالإضافة إلى أحكام المادة 5(2) من البروتوكول، لا يجوز للجنة المنصوص عليها في المادة 28 من العهد أن تنظر في أي بلاغ مقدم من فرد ما لم يُستيقن بأن نفس الموضوع لم تدرسه المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".

(2) تنص الفقرة 5 من المادة 140، في الأجزاء ذات الصلة منها على ما يلي: " يدخل الإلغاء حيز النفاذ في اليوم الذي ينشر فيه [قرار المحكمة الدستورية في نشرة الوقائع الرسمية للقانون الاتحادي] إذا لم تحدد المحكمة موعدا ً نهائيا ً للإلغاء. ولا يجوز أن يتجاوز هذا الموعد المحدد 18 شهراً" .

(3) تنص الفقرة 7 من المادة 140، في الأجزاء ذات الصلة منها على ما يلي: " إذا ما ألغي قانون على أسس من مخالفته للدستور [...] ، تلتزم جميع المحاكم والسلطات الإدارية بقرار المحكمة الدستورية. بيد أن القانون يظل سارياً على جميع القضايا المرفوعة قبل الإلغاء، باستثناء قضية السوابق، ما لم تقرر المحكمة في حكمها ما هو خلاف ذلك. فإذا حددت المحكمة، في حكمها الخاص بالإلغاء، موعداً نهائياً وفقاً للفقرة 5، يسري القانون على جميع القضايا الناشئة قبل انقضاء هذا الموعد النهائي، باستثناء قضية السوابق المماثلة".

(4) البلاغ رقم 716/1996، ديميتر بوغر ضد النمسا ، الآراء المعتمدة يوم 25 آذار /مارس 1999، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/65/D/716/1996، 30 نيسان /أبريل 1999، في الفقرة 6-4.

(5) انظر البلاغ رقم 716/1996، ديتمار بوغر ضد النمسا ، في الفقرة 10-2.

(6) انظر البلاغ رقم 121/1982، أ. م ضد الدانمرك ، قرار بشأن المقبولية اعتمد في 23 تموز /يوليه 1982، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/16/D/121/1982، في الفقرة 6؛ البلاغ رقم 744/1997، لندرهولم ضد كرواتيا، قرار بشأن المقبولية اعتمد في 23 تموز /يوليه 1999، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/66/D/744/1997، في الفقرة 4-2.

(7) انظر البلاغ رقم 744/1997، في الفقرتين 3 و4-2.

ياء - البلاغ رقم 999/2001 ، ديختل وآخرون ضد النمسا (القرار الذي اعتمد في 7 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيد فريدريخ ديختل وآخرون (يمثلهم المحامي السيد أليكسندر ه‍‍‍. أ. موراوا)

الأشخاص المدعين أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : النمسا

تاريخ تقديم البلاغ : 14 تموز/يوليه 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 7 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم السيد فريدريخ ديختل وخمسة مواطنون نمساويون آخرون يقيمون في النمسا (1) . وهم يدعون أنهم ضحايا انتهاك النمسا للمادة 26 من العهد. ويمثل أصحاب البلاغ محام. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى النمسا في 10 آذار/مارس 1988.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 أصحاب البلاغ هم موظفون متقاعدون من مجلس التأمين الاجتماعي في سالسبورغ. ويبين المحامي أنهم يتقاضون استحقاقاتهم التقاعدية بموجب المخططات ذات الصلة من لائحة الخدمة الخاصة بموظفي مجلس التأمين الاجتماعي.

2-2 وحتى 31 كانون الأول/ديسمبر 1993، كانت استحقاقات التقاعد تعدل عملاً بالمادة 87(3) من اللائحة وفقاً للزيادات الجديدة في مرتبات الموظفين العاملين. وفي 1 كانون الثاني/يناير 1994 بدأ نفاذ تعديل يربط تعديل المعاشات التقاعدية في المستقبل بالمعامل السنوي الساري على المدفوعات من الصندوق العام للمعاشات التقاعدية. فأقام بعض الموظفين المتقاعدين عندئذ دعوى ضد هذا التعديل خسروها أمام المحاكم النمساوية. وعرضت القضية على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بوصفها القضية رقم 803/1998، التهامر وآخرون ضد النمسا ، وأعلنت اللجنة عدم مقبوليتها في 21 آذار/مارس 2002.

2-3 وفي تموز/يوليه 1998 قضت المحكمة العليا النمساوية في قضيتين بشأن موظفي المصارف بأن تعديل قواعد حساب عوامل تعديل استحقاقات التقاعد بأثر رجعي هو تعديل غير قانوني. وفي وقت لاحق رفع أصحاب البلاغ في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 دعوى يلتمسون فيها حكماً بأن تعديل اللائحة لعام 1994 كان تعديلاً غير قانوني، كما يلتمسون أمراً يوجه إلى مجلس التأمين الاجتماعي الإقليمي في سالسبورغ بدفع استحقاقات التقاعد تبعاً لذلك. ورفضت المحكمة المحلية مطالبة أصحاب البلاغ في 17 حزيران/يونيه 1999. ورفضت محكمة الاستئناف في 19 كانون الثاني/يناير 2000 الاستئناف الذي تقدم به أصحاب البلاغ. ورفضت المحكمة العليا طلباً آخر للمراجعة في أيلول/سبتمبر 2000. وعليه فقد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية.

الشكوى

3- يشير المحامي إلى الحجج التي قدمها في القضية رقم 803/1998 ويدعي أن حق أصحاب البلاغ في المساواة أمام القانون قد انتهك.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

4-1 في رسالة مؤرخة في 25 كانون الثاني/يناير 2002، تعلق الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ أن الوقائع والحجج المقدمة من المحامي هي ذاتها الواردة في القضية رقم 803/1998. وتبين أن أحد أصحاب البلاغ الحالي متقاعدة كانت أيضاً من أصحاب القضية رقم 803/1998. وتحاج الدولة الطرف بأن البلاغ في حالة هذه المتقاعدة بعينها غير مقبول لانتهاك مبدأ "عدم جواز المحاكمة على الجريمة ذاتها مرتين".

4-2 أما بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، فتحيل الدولة الطرف اللجنة إلى ملاحظاتها في القضية رقم 803/1998.

تعليقات أصحاب البلاغ

5-1 يعلق المحامي على ملاحظات الدولة الطرف في رسالة مؤرخة في 3 آذار/مارس 2002. ورداً على اعتراض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ بالنسبة للمتقاعدة من أصحاب البلاغ، يلاحظ المحامي أن البلاغ الحالي يثير قضايا تتعلق بالوقائع والقانون مماثلة للقضايا المثارة في البلاغ رقم 803/1998، وأنه يود من اللجنة إما أن تدمج البلاغين أو تبت في كليهما في نفس اليوم. ويوضح المحامي كذلك أن المتقاعدة من أصحاب البلاغ استنفدت مجموعتين من الإجراءات المحلية (إحداهما وردت في القضية رقم 803/1998 والأخرى وردت في القضية الحالية) وأن المحاكم المحلية أجازت قبولهما.

5-2 وفي رسالة مؤرخة في 25 آذار/مارس 2003، يبلغ المحامي اللجنة بأن الفرع الأول من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلن عدم مقبولية طلب أصحاب البلاغ الأصليين.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي مطالبة مشمولة في بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كانت القضية مقبولة أو غير مقبولة عملاً بالبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن القضايا المعروضة عليها مماثلة للقضايا الواردة في القضية رقم 803/1998، والتي أعلنت اللجنة عدم مقبوليتها في 21 آذار/مارس 2002 (2) . وفي ذلك القرار، رأت اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة، لأغراض المقبولية، على أن التغيير الجاري في حساب استحقاقاتهم التقاعدية كان تمييزياً أو أنه ربما يدخل في نطاق المادة 26 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ الحالي يعتمدون كلياً على الحجج المقدمة في البلاغ رقم 803/1998. وعليه فإن البلاغ الحالي غير مقبول كذلك بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختيار ي .

7- وبناء عليه تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) قُدم البلاغ في البداية من اثني عشر مواطناً نمساوياً. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، سحب ستة منهم قضيتهم المعروضة على اللجنة بغية مواصلة طلبهم المعروض على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

(2) انظر الفقرة 6-1 من قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن البلاغ رقم 803/1998. الوثيقة CCPR/C/74/D/803/1998 المؤرخة في 21 آذار/مارس 2002.

كاف - البلاغ رقم 1003/2001، ب. ل. ضد ألمانيا (القرار الذي اعتمد في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : ب. ل. (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 10 آذار/مارس 1999 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو ب. ل.، وهو مواطنٌ أيرلندي، ويقول إنه يقدم هذا البلاغ أيضاً باسم أولاده الثلاثة هم ر. ج. ل. ود. م. ل. وت.ب. ل. الحائزيـن على جنسيةٍ مزدوجة (آيرلنـدية وألمانيـة)، والمولـودين في 23 أيار/مايو 1948 (ر. ج. ل.)، وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1986 (د. م. ل.)، وفي 27 حزيران/يونيه 1990 (ت. ب. ل.). ويزعم صاحب البلاغ أنه هو وأولاده ضحايا انتهاك ألمانيا (1) للفقرة 1 من المادة 14 وللفقرة 4 من المادة 23 وبأن أولاده ضحايا انتهاك الفقرة 1 من المادة 24 من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ("العهد").

1-2 وقررت اللجنة من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، في 7 شباط/فبراير 2002، أن تنظر في مقبولية البلاغ والأسس الموضوعية للبلاغ كل على حدة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، غادرت زوجة صاحب البلاغ منزل الأسـرة مصطحبةً معها أولادهما الثلاثـة. وبموجب أمرٍ مؤقت صادر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 منحتها محكمة راتينجن المحليـة (Amtsgericht Ratingen)، الحق دون سواها في تحديد إقامة الأطفال، ومنحتها بموجب القرار الصادر في 19 آذار/مارس 1996 دون سواها الحق في حضانـة الأولاد بصفةٍ أوليـة خلال فتـرة انفصال الزوجـين. وفي 21 حزيران/يونيه 1996 أو نحو ذلك، رفضت محكمـة دوسلدورف الإقليمية العليا (Oberlandesgericht Dusseldorf) دعوى التي أقامها صاحب البلاغ بشأن القرار الصادر في 19 آذار/مارس 1996. ورفضت المحكمة الدستورية الفيدرالية Bundesverfassungsgericht)) في 2نيسان/أبريل 1997، الشكوى الدستورية التي تقدم بها صاحب البلاغ للطعن في قرارات المحاكم الابتدائية. وفي 28 نيسان/أبريل 1997، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أعلنت أنه غير مقبول في 19 كانون الثاني/يناير 1998.

2-2 وأعلنت محكمة راتينجن المحلية طلاق الزوجين في حكمٍ أصدرته في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998. ومنحت الأم الحق في حضانة الأطفال حيث رأت أن الأم في وضعٍ أفضل من الأب يؤمن لهم الرفاه. واستندت في استنتاجاتها إلى جلسةٍ استمعت فيها إلى آراء الأولاد الثلاثة، أعرب فيها كلٌ منهم عن تفضيله البقاء مع والدته. ورفضت المحكمة حجة صاحب البلاغ بأن الأم قد حرضت الأطفال واستمالتهم لصالحها قبل إحضارهم إلى جلسة الاستماع، حيث وجدت أن علاقتهم بوالدتهم أقوى منها بصاحب البلاغ، وهو أمر مفهوم حيث إن الأطفال كانوا يقيمون مع والدتهم طيلة فترة الانفصال. كما أن القرار بمنح الحق في الحضانة للأم دون سواها من شأنه أن يمكن الأطفال من مواصلة التعليم في مدارسهم ومن البقاء في الوسط الذي ألِفوه. أما فيما يتعلق بحقوق الزيارة، فقد منحت المحكمة صاحب البلاغ الحق في زيارة أولاده مرتين في الشهر أثناء عطلة نهاية الأسبوع وفي أن يقضي معهم عدة أسابيع خلال العطلة الدراسية.

2-3 وفي دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1998 طلب من محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا إلغاء حكم المحكمة المحلية ومنحه الحق في الحضانة. وزعم أن الأم تهمل الأطفال وأنها كثيرة التغيب عنهم ونادراً ما تعد لهم الطعام، ولا تؤمن لهم الرعاية الصحية وتهمل نظافتهم البدنية الصحية. ويدعى أن الأطفال تبدو عليهم علامات الإيذاء البدني. وأكد صاحب البلاغ مجدداً أن الأم مارست الضغط على الأطفال وتلاعبت بأقوالهم التي أدلوا بها أمام المحاكم. وطلب من المحكمة أن تمنحه الحق في زياراتٍ مطولة كحلٍ بديلٍ إذا رفضت منحه الحق في الحضانة.

2-4 رفضت المحكمة الإقليمية العليا استئناف صاحب البلاغ بموجب قرارٍ أصدرته في 1 آذار/مارس 1999 دون أن تحدد موعد عقد جلسة استماعٍ أخرى للأطفال. ورأت أن الأب ليس في وضعٍ أفضل من الأم لضمان رفاه الأطفال. وعلى خلاف الأم لم يتعاون صاحب البلاغ مع مكتب رعاية شؤون الأطفال في راتينجن. وعلاوةً على ذلك، فإن منح الأم دون سواها الحق في الحضانة كان ضرورياً لضمان الاستمرارية في حياة الأطفال كما أنه يترافق مع ما أبدوه من رغبةٍ في البقاء مع والدتهم. كما أيدت الحكم الذي أصدرته المحكمة المحلية بشأن الحق في الزيارة حتى تجنبهم التعرض لمزيد من عدم الاستقرار.

2-5 وفي 4 نيسان/أبريل 1999، أرسل صاحب البلاغ عن طريق الفاكس إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية شكوى دستورية دون أن يرفق بها نسخاً من قرارات المحاكم الابتدائية التي طعن فيها. وذكر في أعلى الصفحة الأولى من الفاكس "فاكس عاجل [...] (بدون مرفقات)". وبرسالةٍ مؤرخة 7 نيسان/أبريل 1999 أخطرت المحكمة الدستورية الفيدرالية صاحب البلاغ أنه للوفاء بالمهلة الزمنية المحددة بشهرٍ واحدٍ لتقديم أي شكوى دستورية، يجب على مقدم الشكوى ألا يقتصر على تقديم الشكوى، بل يجب عليه أيضاً أن يدعمها بالأدلة وأن يرسلها في غضون الفترة المحددة بشهرٍ واحدٍ عقب تاريخ صدور القرار النهائي من جانب المحكمة الابتدائية. ويقتضي ذلك تقديم جميع الوثائق ذات الصلة، ولاسيما قرارات المحكمة، قبل نهاية هذه الفترة، حتى في الحالات التي تُقدم فيها الشكوى على أساسٍ أولي لأغراض الوفاء بالموعد النهائي لتقديم الشكاوي. وقد أخطر صاحب البلاغ بأن شكواه لا تستوفي هذه الشروط، نظراً لعدم إرفاق الحكمين الصادرين في 1آذار/مارس 1999 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998 بالفاكس المرسل في 4 نيسان/أبريل 1999. وبالتالي تعذر على المحكمة النظر في ما إذا كانت هذه القرارات قد انتهكت حق صاحب البلاغ المكفول دستورياً في الحصول على الحماية من المحاكم. أما فيما يتعلق بالشكوى الدستورية التي قدمها صاحب البلاغ باسم أولاده، فإن الرسالة أثارت شكوكاً في ما إذا كان مخولاً بتمثيلهم باعتباره والداً لم بمنح حق الحضانة. وخلصت المحكمة إلى أن الوقت كان متأخراً جداً لاستكمال الشكوى، فقد انتهت في 6 نيسان/أبريل 1999 (2) مهلة الشهر الواحد عقب تاريخ صدور قرار محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا، في 5 آذار/مارس 1999.

2-6 وفي 9 نيسان/أبريل 1999، تلقت المحكمة الدستورية الفيدرالية بواسطة البريد شكوى من صاحب البلاغ، مؤرخة في 4نيسان/أبريل 1999، لكنها مُهرت بختمٍ بريديٍ بتاريخ 6 نيسان/أبريل 1999، وتضمنت هذه المرة نسخاً من قرارات المحكمة ذات الصلة. وفي رسالةٍ مؤرخة 14 نيسان/أبريل 1999، أخطر صاحب البلاغ مرة ثانية بأن مهلة الشهر الواحد لإيداع الشكوى الدستورية قد انتهت في 6 نيسان/أبريل 1999، وبأنه لم يقم بدعم شكواه بالأدلة قبل ذلك التاريخ.

2-7 وفي 16 آذار/مارس 2000، تقدم صاحب البلاغ بطلبٍ إلى محكمة راتينجن المحلية يلتمس فيه نقل حضانة الأولاد إليه. وطلب من المحكمة أن تصدر أمراً مؤقتاً بهذا المفاد، مدعياً أن الأم لا تقوم باستمرار بتوفير الرعاية اللازمة للأطفال، وهو ما يتبدى من أدائهم المدرسي الضعيف وكذلك حالتهم الصحية المؤسفة. وطلب صاحب البلاغ من المحكمة أن تعين وصياً قانونياً (Verfahrensbertreuer) لتمثيل مصالح أطفاله أثناء الإجراءات القانونية وأن تحدد تاريخاً لعقد جلسة استماعٍ أخرى للأطفال، الذين أبدوا على حد زعمه تفضيلهم العيش معه.

2-8 وفي 14 حزيران/يونيه 2000، طعن صاحب البلاغ في القاضية المختصة بدعوى انحيازها على حد زعمهم مدعياً بأنها وصفت الحجج التي ساقها لعقد جلسة سماعٍ أخرى للأطفال بأنها " محض ترهات" تُعزى إلى أنه يعيش في عالمٍ وهمي. وقد أعلنت محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا في 12 تموز/يوليه 2000 أن التماسه استبدال القاضية بقاضٍ آخر بلا سند، إذ إنه يحق للقضاة في الأمور التي تتعلق بقانون الأسرة، أن يعربوا عن آرائهم للأطراف ماداموا يرحبون دائماً بالحجج الجديدة والترتيبات الأفضل.

2-9 ورفضت محكمة راتينجن المحلية، بموجب قرارٍ أصدرته في 28 أيلول/سبتمبر 2000، التماس صاحب البلاغ بنقل الحضانة إليه، حيث رأت أن التوترات المتواصلة بين الزوجين السابقين هي السبب الرئيسي للمشاكل التي يواجهها الأطفال في المدرسة. وقد صعَّد صاحب البلاغ هو نفسه هذه التوترات وفاقمها برفضه التعاون مع السلطات المعنية بشؤون الشباب، فضلاً عن انتقاده المستمر للأم. وبما أن الأطفال كانوا قد أكدوا مرة أخرى رغبتهم في البقاء مع أمهم خلال جلسة سماع ثانية عقدتها المحكمة، فإنها لا ترى أن هناك أي سببٍ يدعوها إلى إعادة النظر في قرارها السابق الذي يقضي بمنح الأم دون سواها الحق في الحضانة. وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2000 رفضت محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ بشأن هذا القرار. ولم تقدم أي شكوى دستورية فيما يتعلق بهذه الإجراءات أو أي إجراءاتٍ لاحقة.

2-10 وفي 24 أيار/مايو 2001، قام صاحب البلاغ، ساعياً إلى سبيل انتصافٍ خارج نطاق القضاء في هذا الأمر، بتقديم التماسٍ إلى لجنة الالتماسات في البرلمان الألماني الفيدرالي، كما قدم في 8 أيلول/سبتمبر 2001 التماساً آخر إلى وزير الشباب والأسرة والمرأة والصحة في ولاية نورثرهاين - ويستفاليا، لكن مساعيه قد باءت في كل مرةٍ بالفشل.

الشكوى

3-1 في ما يخص الشكوى التي قدمها بموجب الفقرة 1 من المادة 14، يزعم صاحب البلاغ، أن المحاكم قد رفضت مراراً الطلبات التي قدمها ملتمساً سماع آراء الأطفال وتغاضت عن الأدلة التي ساقها عن إهمال (إن لم يكن إيذاء) الأم لأطفالها. ويزعم أن طول المدة المفرطة التي استغرقتها الإجراءات قد أفضى إلى المزيد من التدهور في حالتهم البدنيـة والنفسية. وإضافةً إلى ذلك، فإن تطبيق مبدأ الاختصاص الحر (Freie Gerichtsbarkeit) قد سمح لمحاكم الأسرة بعدم تطبيق القواعد الإجرائية التي تعتبر ملزمة لجميع الهيئات المختصة الأخرى، ومن ثم يسمح للقضاة بسلطةٍ تقديرية واسعة في تقييم الأدلة وتعريف "مصالح الطفل الفضلى".

3-2 ويزعم صاحب البلاغ أن منح زوجته السابقة دون سواها الحق في الحضانة قد أهدر حقه إلى درجة أنه منع من الاتصال بطبيب الأطفال أو معلميهم. وبالنظر إلى عدم وجود أي تمييزٍ في قانون الأسرة الألماني بين الحضانة والوصاية القانونية، فإن صاحب البلاغ لم يستطع المشاركة في اتخاذ أي قرارٍ هامٍ يتعلق بأولاده. وبالتالي، فقد تمكنت الزوجة من منح الجنسية لأولادها في ألمانيا حتى دون إخطاره بذلك. ويعتبر صاحب البلاغ أن هذا الوضع يشكل انتهاكاً للحق في المساواة بين الزوجين المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 23 من العهد.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ أن عدم تمكن المحاكم والسلطات الألمانية من وضع حدٍ لإهمال الأم لأطفالها، الذي تفاوت بين عدم توفير الرعاية الصحية والتعليمية لهم وحالات الإيذاء، يشكل إنكاراً لحقهم في أن توفر لهم الدولة الحماية اللازمة، وانتهاكاً للفقرة 4 من المادة 23 وللفقرة 1 من المادة 24 من العهد.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه هو وأولاده قد استنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية، إذ إن محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا بوصفها أعلى محكمة مسؤولة قد رفضت، كلاً من الاستئنافين الذين تقدم بهما في 1 آذار/مارس 1999 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2000 على التوالي. ويزعم أن أي شكوى دستورية تُقدم إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية لا تعد سبيل انتصافٍ فعالٍ في الأمور المتعلقة بقانون الأسرة، فهذه المحكمة ترفض بانتظام الشكاوى المقدمة من قرارات الحضانة التي تتخذها المحاكم الابتدائية، حيث إنها ليست مختصة بالبت في مثل هذه الأمور المتعلقة بقانون الأسرة.

3-5 ويلاحظ صاحب البلاغ أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة ولم يجر دراستها في إطار أي إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين، حيث أن الطلب الذي تقدم به إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أعلنت عدم قبول البلاغ في 19 كانون الثاني/يناير 1998، قد تناول قرار المحاكم الألمانية الذي يقضي بمنح زوجته السابقة دون سواها الحق الأولي في حضانة الأطفال خلال فترة الانفصال، ومن ثم تناول الإجراءات التي اختلفت اختلافاً كلياً عن القرار النهائي المتعلق بالحضانة ورفض طلبه بنقل الحضانة إليه، الذي شكل موضوع بلاغه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

رسالة الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 قدمت الدولة الطرف في مذكرةٍ شفوية مؤرخة 4 تشرين الأول/أكتوبر 2001 (3) ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. واعترضت على قبول البلاغ لأن صاحب البلاغ لم يستنفد كافة سبل الانتصاف المتاحة له.

4-2 وتزعم الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى دستورية لدى المحكمة الدستورية الفيدرالية بخصوص القرارات التي أصدرتها محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا في 1 آذار/مارس 1999 خلال المهلة الزمنية المحددة بشهرٍ واحدٍ عقب تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وفقاً لما تقتضيه الفقرة (1) (4) من المادة 93 من القانون الخاص بالمحكمة الدستورية الفيدرالية (Bundesverfassungsgerichtsgesetz) . ولم يكن إرسال صاحب البلاغ شكواه في 6 نيسان/أبريل 1999 - وهو اليوم الأخير من مهلة الشهر الواحد - أمراً يفي بالغرض، ذلك أنه يجب أن تصل أي شكوى إلى المحكمة قبل نهاية الفترة القانونية؛ لكن شكوى صاحب البلاغ لم تصل إلى المحكمة إلا في 9 نيسان/أبريل 1999 وبالتالي لم تسجل.

4-3 وبما أن صاحب البلاغ يمتلك جهاز فاكس، فإن الوفاء بالمهلة الزمنية المحددة لم يكن يتوقف على الخدمة البريدية. ومن ثم فقد كان بإمكانه أن يرسل شكواه ببساطة بواسطة الفاكس في 5 أو 6 نيسان/أبريل 1999 إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية.

4-4 وبالإضافة إلى ذلك، فإن أمين سجل المحكمة قد أخطر صاحب البلاغ في رسالته المؤرخة 14 نيسان/أبريل 1999 بأنه إذا كان يرغب في أن يبت القاضي في مسألة جواز قبول الشكوى فليس عليه إلا أن يخطر المحكمة بذلك. غير أن صاحب البلاغ فضل عدم انتهاز هذه الفرصة.

4-5 وفي الختام، تزعم الدولة الطرف خلافاً لقول صاحب البلاغ أنه لا يمكن الحكم مسبقاً على أي شكوى دستورية بأنها سبيل انتصافٍ عديم الجدوى.

تعليقات صاحب البلاغ

5- أجاب صاحب البلاغ في رسالةٍ مؤرخة 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 على ملاحظات الدولة الطرف بشان المقبولية، وقدم معلوماتٍ إضافية في رسالةٍ مؤرخة 18 شباط/فبراير 2002. وزعم أن الدولة الطرف تسعى إلى التنصل من مسؤولياتها باستغلال نقطةٍ شكلية بحتة (وهي عدم إرفاقه لقرارات المحكمة ذات الصلة بالشكوى التي أُرسلت عن طريق الفاكس في 4 نيسان/أبريل 1999)، على الرغم مما بذله من جهودٍ حثيثة لاستنفاد جميع سبل الانتصاف المتاحة لـه بمقتضى القانون الألماني. وبالإضافة إلى الشكوى الدستورية التي تقدم بها في 4 نيسان/أبريل 1999، والتي وصلت المحكمة الدستورية الفيدرالية عن طريق الفاكس في اليوم ذاته، فإنه قدم شكويين مماثلتين رفضتهما المحكمة الدستورية في 2 نيسان/أبريل 1997 (انظر الفقرة 2-1) وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1997.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغٍ ما، أن تبت وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وأكدت اللجنة، فيما يتعلق بالقرارات المطعون فيها (5) ، أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب إجراءٍ آخر من إجراءات التحقق أو التسوية الدوليين تحقيقاً لأغراض الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتشير في هذا الصدد إلى أن الطلب الذي قدمه صاحب البلاغ إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان تناول مسائل غير المسائل المعروضة على اللجنة، أي الحكمان الصادران في 19 آذار/مارس 1996 وفي 21 حزيران/يونيه 1996، وبموجبهما منحت الأم حقاً مؤقتاً في الحضانة خلال فترة الانفصال (انظر الفقرة 2-1).

6-3 وقد أحاطت اللجنة علماً بالحجج التي قدمها الطرفان فيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وأخذت علماً على وجه الخصوص بملاحظة الدولة الطرف وهي أنه للوفاء بالمهلة الزمنية المحددة بشهرٍ واحدٍ عقب تاريخ صدور القرار النهائي من جانب المحاكم الابتدائية، يجب أن ترسل أي شكوى دستورية إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية قبل نهاية هذه المهلة، وأن يُرفق بها جميع الوثائق ذات الصلة، ولاسيما قرارات المحكمة المطعون فيها، لإثبات صحة هذه الشكوى ولتمكين المحكمة الدستورية من النظر فيما إذا كانت الحقوق الدستورية الواردة في الشكوى قد انتُهكت أم لا. وأحاطت علماً بحجة صاحب البلاغ وهي أنه بذل جهوداً حثيثة لاستنفاد سبل الانتصاف تمثلت في تقديمه ثلاث شكاوى دستورية ذات صلة بالموضوع نفسه، وذلك رغم الادعاء بعدم جدوى سبيل الانتصاف هذا في الأمور المتعلقة قانون الأسرة.

6-4 والمسألة المعروضة أمام اللجنة هي ما إذا كان صاحب البلاغ ملزماً، لأغراض استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بتقديم شكوى دستورية للطعن في القرارين اللذين أصدرتهما محكمة راتينجن المحلية في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997 وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر2000، فضلاً عن القرارين اللذين أصدرتهما محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا في 1 آذار/مارس 1999 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2000، وإذا كان الأمر كذلك، فهل التمس سبيل الانتصاف هذا وفقاً للشروط الإجرائية التي ينص عليها القانون.

6-5 وتلاحظ اللجنة أنه يتعين على أصحاب البلاغات بالإضافة إلى الطعون القضائية والإدارية العادية، أن يستفيدوا من جميع سبل الانتصاف القضائية الأخرى، بما فيها الشكاوى الدستورية، كي يستوفوا شرط استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، بقدر ما تبدو سبل الانتصاف هذه فعالة في القضية المحددة ومتاحة لصاحب البلاغ بحكم الواقع (6) . كما تلاحظ اللجنة أن الشكويين الدستوريتين اللتين قدمهما صاحب البلاغ في 29 تموز/يوليه 1996 وفي 15 تموز/يوليه 1997، ورفضتهما المحكمة الدستورية في 2 نيسان/أبريل 1997 وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1997، على التوالي، تتعلقان بإجراءاتٍ قانونية تختلف عن القرار النهائي بمنح الزوجة السابقة الحق في الحضانة، الذي كان موضوع الشكوى التي أُرسلت عن طريق الفاكس إلى المحكمة الدستورية في 4 نيسان/أبريل 1999. ومن ثم، فإن رفض هذه الشكاوى الدستورية لا ينطوي على أي حكمٍ مسبق على آفاق نجاح الشكوى الأخيرة. وعلاوةً على ذلك، فإن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يستطع إثبات ادعائه بأن أي شكوى دستورية تعتبر عموماً بلا جدوى في الأمور المتعلقة بقانون الأسرة. وتخلص اللجنة إلى أنه كان ينبغي لصاحب البلاغ، كي يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لـه، أن يستفيد من إمكانية تقديم شكوى دستورية للطعن في القرارات التي أصدرتها المحاكم الألمانية والتي منحت زوجته السابقة الحق النهائي في الحضانة ورفضت طلباته اللاحقة بنقل الحضانة إليه. ولا يمكن بحكم الواقع اعتبار هذه الشكوى سبيل انتصافٍ غير مجدٍ في الظروف المحددة لهذه القضية.

6-6 وفيما يتعلق بما إذا كان صاحب البلاغ قد التمس سبيل الانتصاف هذا وفقاً للشروط الإجرائية التي ينص عليها القانون، تلاحظ اللجنة أنه لم يقدم نسخاً من القرارات التي أصدرتها محكمة راتينجن المحلية في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1998 ومحكمة دوسلدورف الإقليمية العليا في 1 آذار/مارس 1999 (بمنح الأم الحق في الحضانة بعد الطلاق)، وذلك عندما أرسل شكواه عن طريق الفاكس إلى المحكمة الدستورية الفيدرالية في 4 نيسان/أبريل 1999. ولم تصل هذه الوثائق إلى المحكمة إلا في 9 نيسان/أبريل 1999، أي بعد انقضاء المهلة القانونية المحددة بشهرٍ واحدٍ التي تنتهي في 6 نيسان/أبريل 1999. أما القول بأن صاحب البلاغ لم يكن في هذه المرحلة ممثلاً بمحامٍ وربما لم يكن على علم بهذا الشرط فلا يمكن اعتباره مبرراً لعدم امتثاله للشروط الإجرائية الواردة في الفقرة (1) من المادة 93 من القانون الخاص بالمحكمة الدستورية الفيدرالية (7) .

6-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن رفض محكمة راتينجن المحلية طلبه بنقل الحضانة إليه في 28 تموز/يوليه 2000 ورفض محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا هذا الطلب في 7 كانون الأول/ديسمبر 2000 يعتبران بمثابة انتهاك لحقوقه وحقوق أولاده بموجب الفقرة 1 من المادة 14 والفقرة 4 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يُقدم أي شكوى دستورية للطعن بهذه القرارات.

6-8 وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد كافة سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

7- وبناءً على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من الفقرة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ ، وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أصبح كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري نافذين في الدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، على التوالي.

(2) لا جدال في أن يوم 5 نيسان/أبريل 1999، كان عطلة رسمية في ألمانيا.

(3) أُحيل البلاغ إلى الدولة الطرف في 7 آب/أغسطس 2001، بموجب المادة 91 من النظام الداخلي للجنة، بعد أن تلقت اللجنة رسائل إضافية عديدة من صاحب البلاغ.

(4) تنص الفقرة (1) من المادة 93 من القانون الخاص بالمحكمة الدستورية الفيدرالية، في الجزء ذي الصلة، على "وجوب أن تقدم الشكوى الدستورية وأن تدعم بالأدلة في غضون مهلةٍ مدتها شهراً واحداً".

(5) لا يتعلق البلاغ إلا بالقرارين اللذين أصدرتهما محكمة راتينجن المحلية في 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997 وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 2000، فضلاً عن القرارين اللذين أصدرتهما محكمة دوسلدورف الإقليمية العليا في 1 آذار/مارس 1999 وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2000. انظر الفقرة 3-6.

(6) البلاغ رقم 433/1990، أ. ب. أ. ضد إسبانيا ، القرار بشأن المقبولية المؤرخ 25 آذار/مارس 1994، الوارد في الوثيقة CCPR/C/50/D/433/1990 الصادرة عن الأمم المتحدة في 28 آذار/مارس 1994، الفقرة 6-2.

(7) انظر المرجع نفسه .

لام - البلاغ رقم 1008/2001، هويوس ضد إسبانيا (القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : إيزابيل هويوس مارتينيز دي إيروخو (يمثلها السيد خوسيه لويس مازون كوستا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 4 أيلول/سبتمبر 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 آذار/مارس 2004،

وقد انتهت من نظرها في البلاغ 1008/2001 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من إيزابيل هويوس مارتينيز دي إيروخو عملاً بالبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وأخذت في الاعتبار كافة المعلومات الخطية المقدمة إليها من صاحبة البلاغ ومن الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ المؤرخ 4 أيلول/سبتمبر 2001، هي إيزابيل هويوس مارتينيز دي إيروخو، وهي مواطنة إسبانية تدعي أنها ضحية انتهاك إسبانيا للمواد 3 و17 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبة البلاغ محامٍ. ولقد دخل البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في إسبانيا بتاريخ 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 صاحبة البلاغ هي الابنة البكر للسيد ألفونسو دي هويوس إي سانتشيز المتوفى في 15 تموز/يوليه 1995. وقد رفعت بعد وفاة والدها طلباً إلى الملك بشأن خلافة ما كان لـه من جاه وألقاب، بما في ذلك دوقية المودوفار ديل ريو مع لقب نبيلة إسبانيا ( Dukedom of Almod ó var del R í o, with the rank of Grandee of Spain). وتؤكد صاحبة البلاغ أنها قدمت طلباً رسمياً لكي يدون في السجل حقها الأكبر في خلافة اللقب المشار إليه.

2-2 وكان شقيق صاحبة البلاغ وهو إيزيدورو هويوس إي مارتينيز دي إيروخو، قد منح بموجب أمر نشر في الجريدة الرسمية (Boletin Oficial del Estado) بتاريخ 21 حزيران/يونيه 1996، حق خلافة أبيه في حمل لقب دوق المودوفار ديل ريو.

2-3 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها، على الرغم من أنها أحق بحمل هذا اللقب بوصفها الابنة البكر، فقد وافقت على التخلي عن اللقب بموجب اتفاق تم بينها وبين اخوتها بشأن توزيع ألقاب النبالة التي كان يحملها والدها. وتؤكد صاحبة البلاغ أنه عندما تم ذلك، كان المعيار الذي أقرته محكمة التمييز العليا بموجب حكمها الصادر في 20 حزيران/يونيه 1987 الذي أعلنت فيه أن أسبقية الذكور في خلافة ألقاب النبالة هو فعل تمييزي ومخالف للدستور، نافذاً. لكن المحكمة الدستورية ألغت ذلك القرار بموجب حكم أصدرته في 3 تموز/يوليه 1948؛ وقضت بأن أسبقية الذكور في ترتيب خلافة الألقاب المنصوص عليه في القانونين الصادرين في 4 أيار/مايو 1984 و11 تشرين الأول/أكتوبر 1820، لا تعتبر تمييزية ولا مخالفة للدستور، لأن المادة 14 من الدستور الإسباني التي تكفل المساواة أمام القانون لا تسري في هذه الحال بسبب الطابع التاريخي والرمزي لنظام الألقاب (1) . وتذكر صاحبة البلاغ أن ذلك دفع اخوتها إلى إقامة دعوى قانونية لتجريدها من ألقابها.

2-4 وبالتالي، رفعت صاحبة البلاغ، في شهر حزيران/يونيه 1999، دعوى قانونية ضد أخيها إيزيدورو أمام محكمة الدرجة الأولى رقم 6 في ماخاداهوندا، مؤكدة أحقيتها في حمل اللقب.

2-5 ورفضت محكمة ماخاداهوندا الدعوى في حكم أصدرته بتاريخ 11 أيار/مايو 2000 بناء على الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية في 3 تموز/يوليه 1997. غير أن القاضية قالت، إنها تتعاطف مع موقف صاحبة البلاغ ولكن لا يمكن لها أن تحيد عن تفسير المحكمة الدستورية لقوانين وأحكام النظام القانوني.

2-6 وتؤكد صاحبة البلاغ أن الفقرة 2 من المادة 38 من القانون المنظم للمحكمة الدستورية تنص على أنه "لا يجوز في الأحكام الصادرة برفض دعاوى الطعن في دستورية أمور معينة وفي النـزاعات القائمة دفاعاً عن الاستقلال الذاتي المحلي، استئناف هذه الأحكام باللجوء إلى أي من هذين السبيلين، على أساس وقوع نفس الانتهاك لنفس المبدأ الدستوري". وبالتالي ترى صاحبة البلاغ، أنه بناءً على الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 3 تموز/يوليه 1997، لم يعد أمامها أي سبيل انتصاف فعال. ومع ذلك فقد قامت برفع دعوى استئناف أمام المحكمة العليا للمقاطعة.

2-7 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة بتاريخ 15 نيسان/أبريل 2002 بأن المحكمة العليا للمقاطعة قد أصدرت في 23 كانون الثاني/يناير 2002 حكمها في دعوى الاستئناف التي رفعتها صاحبة البلاغ أمامها، وبأن صاحبة البلاغ قد قدمت بعد ذلك طلباً أمام محكمة التمييز العليا بإعادة النظر في الحكم، وبأن محكمة التمييز العليا لم تبت في الطلب حتى الآن.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 التي تكفل أن الناس جميعاً سواء أمام القانون وتحظر أي تمييز لأي سبب من الأسباب ومنها الجنس. وتؤكد صاحبة البلاغ أن القانون الذي ينظم الأمور ذات الصلة بتوارث ألقاب النبالة يتحامل عليها لمجرد أنها امرأة، فقد مُنِح اللقب لشقيقها الأصغر سناً على أساس أسبقية الذكور. وترى صاحبة البلاغ أن توارث الألقاب ينظم بموجب أحكام القانون وأن القاضية في محكمة الدرجة الأولى لم تطبق المادة 26 من العهد بسبب التزامها القاطع بوجوب قيام المحاكم والقضاة بتطبيق الأحكام القضائية التي تصدرها المحكمة الدستورية على النحو المنصوص عليه في القانون الإسباني.

3-2 وتذكِّر صاحبة البلاغ اللجنة بأنها أشارت في التعليق العام رقم 18 المتعلق بالحق في عدم التمييز إلى: "أنه إذا كانت المادة 2 تقصر نطاق الحقوق التي يتعين حمايتها من التمييز على تلك المنصوص عليها في العهد، فإن المادة 26 لا تعين هذه الحدود" ، وأن اللجنة "ترى ... أن المادة 26 ليست ترديداً وحسب للضمانة المنصوص عليها من قبل في المادة 2؛ وإنما هي تنص في صلبها على حق مستقل. فهي تحظر التمييز أمام القانون أو بحكم الواقع، في أي ميدان تنظمه أو تحميه سلطات عامة" . وتقول صاحبة البلاغ إن المادة 26 تشير بالتالي إلى الالتزامات المفروضة على الدول فيما يتعلق بقوانينها وبتطبيق تلك القوانين، وبناء على ذلك يجب على الدولة الطرف عند اعتماد أي قانون، أن تعمل على ضمان مطابقة ذلك القانون لأحكام المادة 26 والتحقق من أن محتواه لا ينطوي على تمييز. وتزعم صاحبة البلاغ أن منح اللقب لشقيقها الأصغر سناً وهي الابنة البكر يشكل انتهاكاً غير مقبول لمبدأ المساواة بين الرجال والنساء.

3-3 وتؤكد صاحبة البلاغ أن المادة 3 من العهد بالاقتران بالمادة 26 قد انتُهِكت أيضاً، إذ يقع على الدول الأطراف الالتزام بكفالة المساواة في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية للرجال والنساء. وتدعي كذلك أنه يمكن ربط ما سبق ذكره بالمادة 17 من العهد، إذ إن لقب النبالة يعتبر في رأيها مكوناً من مكونات الحياة الخاصة بالمجموعة الأسرية ويشكل جزءاً منها. وتذكِّر في هذا الصدد بأن اللجنة ذكرت في تعليقها العام رقم 28 بشأن المادة 3 من العهد: "أن عدم تمتع النساء في جميع أنحاء العالم بحقوقهن على أساس من المساواة هو أمر ضارب الجذور في التقاليد والتاريخ والثقافة ...". وتلاحظ أيضاً أن اللجنة أقرت في الفقرة 4 من نفس التعليق أن "المادتين 2 و3 [تخولان] الدول الأطراف اتخاذ جميع الخطوات اللازمة، بما في ذلك حظر التمييز بسبب الجنس، لوضع حد للتصرفات التمييزية، في القطاعين العام والخاص على السواء، التي تعوق التساوي في التمتع بحقوق الإنسان" .

3-4 وفي رسالة خطية مؤرخة في 28 آب/أغسطس 2001، تعلِّق صاحبة البلاغ على الآثار المترتبة على التمييز الذي تدعي أنها ضحيته. وترى أن حرمانها بسبب جنسها من حمل لقب النبالة، حتى وإن لم تكن لـه أي قيمة مالية، هو أمر يحط بكرامتها كامرأة ويتطلب بالإضافة إلى ذلك تسخير الوقت والجهد - بما في ذلك الجهد المالي – لحماية حقها في عدم التعرض للتمييز. وتدعي أنها حرمت من حق إدراج اسمها بوصفها دوقة المودوفار ديل ريو في القائمة الرسمية لحملة ألقاب النبالة التي تنشرها وزارة العدل تحت عنوان " Gu í a de Grandezas y T í tulos del Reino " (دليل النبلاء والألقاب في المملكة).

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تذكر الدولة الطرف في رسالتها الخطية المؤرخة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ وفقاً للمادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتؤكد الدولة الطرف أنه ما زالت لصاحبة البلاغ دعوى استئناف معلقة أمام المحكمة العليا لمقاطعة مدريد، وأن النظر في تلك الدعوى لم يتأخر بصورة تتجاوز الحدود المعقولة.

4-2 وتقول الدولة الطرف أيضاً إنه لا يمكن تأكيد الادعاء بوقوع انتهاك للعهد على أساس انتهاك العهد نفسه والبروتوكول الاختياري ولا على أساس انتهاك القانون المحلي. وتسترعي الانتباه إلى أن الإجراءات القضائية ودعاوى الاستئناف المتتالية التي يحتمل رفعها تنظم بموجب النظام القانوني الإسباني. ذلك أنه يجوز بعد أن تصدر محكمة الدرجة الأولى حكمها، الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا للمقاطعة التي يمكن الطعن في قرارها أيضاً أمام محكمة التمييز العليا؛ ويجوز إذا رئي أن بعض الحقوق الأساسية قد انتُهِكت إقامة دعوى بإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) لدى المحكمة الدستورية. وتقول الدولة الطرف " إن رفع وإقامة دعوى استئناف لمجرد كسب الوقت ريثما تعرب اللجنة عن آرائها بشأن هذه القضية، والقيام في آن واحد بتقديم بلاغ إلى اللجنة التي ستوفر التعليقات التي تبديها في هذا الصدد أساساً وجيهاً لدعوى الاستئناف، هو بمثابة طلب بأن تتدخل اللجنة بصورة غير مقبولة في شؤون محكمة محلية، وهو أمر يندرج ضمن اختصاص المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين".

4-3 وتؤكد الدولة الطرف أن نساء أُخريات رفعن نفس الموضوع إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أعلنت عدم جواز قبول هذه الطلبات بحكم طبيعتها، ليس للسبب الذي ساقته صاحبة البلاغ بل لأنها خلصت إلى نتيجة مفادها أن حمل لقب النبالة يندرج خارج نطاق الحق في خصوصية الحياة الشخصية والحياة الأسرية.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ لم يقدم أي أدلة تثبت وقوع أي انتهاك للمادة 26، حيث إن لقب النبالة هو مجرد لقب شرفي يخلو من أي مضمون قانوني أو مادي. وتقول الدولة الطرف إنه لو كان لاستخدام أي لقب أي أهمية مادية، أي إذا كان حقاً من حقوق الإنسان، لتوارثه جميع الأطفال بدون تمييز على أساس وراثة الابن الأكبر أو الجنس، كما هو الحال في وراثة أملاك المتوفى وفقاً لقواعد الأيلولة التي ينظمها القانون المدني. وتضيف الدولة الطرف أن إضفاء مضمون مادي على الألقاب سيكون مخالفاً للدستور إذ سيكون تعبيراً عن "أبشع أشكال التمييز وهو التمييز على أساس المولد الذي حال طوال عصور مديدة دون إعمال مبدأ أن البشر يولدون أحراراً ومتساويين في الكرامة والحقوق". وتزعم الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ لم تدع احتمال وجود عدم مساواة أمام القانون أو وقوع انتهاك للمادتين 3 و17 من العهد. وبناءً عليه، تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ بحكم الاختصاص الموضوعي وعملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وتكرر الدولة الطرف في رسالتها الخطية المؤرخة 7 آذار/مارس 2002 ما ساقته من حجج بشأن عدم جواز قبول البلاغ، وتؤكد فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، أن صاحبة البلاغ تدعي وجود "تمييز ضد النساء في ترتيب توارث ألقا ب النبالة " ، وهو ما يشكل دعوى حسبة على أساس الصالح العام. وفي هذا الصدد، تقول الدولة الطرف إن النظام المنصوص عليه في العهد والبروتوكول الاختياري يقتضي أن تكون الضحية قد تعرضت لانتهاك محدد.

4-6 وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أن صاحبة البلاغ التي تحمل ألقاب "مركيزة هويوس ومركيزة المودوفار ديل ريو، ومركيزة إيساسي، ونبيلة إسبانيا"، ورثت عن أبيها لقبين من هذه الألقاب، وتنازلت عن دوقية المودوفار ديل ريو لصالح شقيقها إيزيدورو. وتضيف الدولة الطرف أن هذا التنازل "الشخصي والطوعي البحت" (2) دفع شقيقها إلى رفع طلب لخلافة أبيه في حمل اللقب (3) .

4-7 وتذكِّر الدولة الطرف بأنه عندما منح لقب النبالة موضع البحث إلى دوق المود و فار د ي ل ريو الأول في عام 1780، لم يكن الرجال والنساء آنذاك يعتبرون متساوين في الكرامة والحقوق. وتشير إلى أن النبالة مؤسسة تاريخية تعرف بعدم المساواة في المرتبة والحقوق حسب "مشيئة الرب" بحكم المولد.

4-8 وترى الدولة الطرف أن لقب النبالة ليس ملكاً ولكنه مجرد شرف يمكن الاستفادة منه ولكن لا يمتلكه أحد. وبالتالي، يُتوارث اللقب بموجب قانون النسب ولا يخضع لقانون الأيلولة، إذ إن حامل اللقب لا يرثه عن حامل اللقب الأخير المتوفى بل يرثه عن حامل اللقب الأول وهو الشخص الذي حصل على هذا الشرف. وتذكر الدولة الطرف كذلك، أن استخدام اللقب ليس حقاً من حقوق الإنسان كما أنه ليس جزءاً من تركة الشخص المتوفى ولا تسري عليه الأحكام المتعلقة بالأيلولة الواردة في القانون المدني.

4-9 وتؤكد الدولة الطرف أن استخدام لقب النبالة لا يمكن أن يعتبر جزءاً من الحق في الخصوصية والحياة الخاصة، إذ إن الانتماء إلى أسرة ما يتم عن طريق الاسم واسم العائلة على النحو المنصوص عليه في المادة 53 من قانون السجل المدني الإسباني وفي الاتفاقات الدولية. وأي رأي مخالف لذلك سيثير عدداً من التساؤلات من قبيل ما إذا كان الأشخاص الذين لا يحملون الألقاب ليست لهم هوية أسرية، أو ما إذا كان الأقارب في أسرة نبيلة الذين لم يرثوا اللقب لا يعتبرون من أعضاء هذه الأسرة. وترى الدولة الطرف أن إدراج مسألة استخدام اللقب في حق الإنسان في خصوصية الحياة الشخصية والحياة الأسرية سيكون مخالفاً لمبدأ المساواة بين البشر ومنافياً لعالمية حقوق الإنسان.

4-10 وتشير الدولة الطرف إلى أن قواعد توارث لقب النبالة موضع البحث تنطوي على ثلاثة عناصر للتمييز يقوم أولها على أساس المولد، إذ لا يمكن أن يرث اللقب إلا مَن كان ينحدر من السلالة؛ والعنصر الثاني هو في ترتيب الولادة القائم على أساس الاعتقاد السالف بأن دم البكر أنقى وأفضل؛ وأخيراً يشكل نوع الجنس عنصراً ثالثاً من عناصر التمييز. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ تقبل أول عنصرين من عناصر التمييز بل إنها تستند في بعض مزاعمها إليهما لكنها ترفض العنصر الثالث.

4-11 وتؤكد الدولة الطرف أن الدستور الإسباني يسمح بمواصلة استخدام أ لق ا ب النبالة إلا إنه يعتبرها مجرد رمز يخلو من أي مضمون قانوني أو مادي، وتستشهد برأي المحكمة الدستورية ومؤداه أنه لو كان استخدام اللقب يعني "وجود اختلاف قانوني في المضمون المادي لكان من اللازم تطبيق القيم الاجتماعية والقانونية المكرسة في الدستور على مؤسسة النبالة" . وتقول الدولة الطرف إنه بالرغم من التسليم باستمرار وجود مؤسسة تاريخية تمييزية لكنها تخلو من أي مضمون مادي فليس هناك ما يدعو إلى تحديثها بتطبيق المبادئ الدستورية (4) . ولم تصدر محكمة التمييز العليا سوى 11 حكماً - لم تعتمد بالإجماع - تخرج عن النظرية القديمة التي تقوم عليها القواعد التاريخية المطبقة على توارث الألقاب، أثيرت نتيجة لها مسألة الدستورية، وقد فصلت المحكمة الدستورية في الأمر بموجب حكمها الصادر بتاريخ 3 تموز/يوليه 1997. وتؤكد الدولة الطرف أن احترام القواعد التاريخية للمؤسسات أمر تعترف به الأمم المتحدة والدول الأوروبية السبع التي تقبل مؤسسة النبالة بقواعدها التاريخية، لأنها لا تنطوي على أي وجه من أوجه عدم مساواة أمام القانون، إذ إن القانون لا يعترف بوجود أي مضمون قانوني أو مادي في ألقاب النبالة. وبالتالي ليس هناك أي انتهاك للمادة 26من العهد.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 تكرر صاحبة البلاغ في رسالتها الخطية المؤرخة في 21 كانون الثاني/يناير 2002 قولها بأنه لا جدوى في القضية المعروضة على اللجنة، من رفع دعوى أخرى أمام المحاكم المحلية، إذ إن الفقرة 2 من المادة 38 والفقرة 2 من المادة 40 من القانون المنظم للمحكمة الدستورية تحظران إعادة النظر في دستورية النظام القانوني الإسباني فيما تتعلق بتوارث ألقاب النبالة. وهذا هو السبب الذي دفع قاضية محكمة الدرجة الأولى في مخاداهوندا إلى القول إنه على الرغم من تعاطفها الشخصي مع قضية صاحبة البلاغ، فليس أمامها أي خيار سوى أن ترفض الدعوى على أساس الموقف الذي اتخذته المحكمة الدستورية الإسبانية في ذلك الصدد. وتؤكد صاحبة البلاغ أنها داومت على اللجوء إلى سبل التظلم المحلية لتفادي إعلان القضية أمر مقضي به، مما يحول دون أن يكون للآراء التي يمكن أن تقدمها اللجنة ضد الدولة الطرف أي فعالية. وتقول صاحبة البلاغ إنه لو افترضنا أن اللجنة حكمت لصالحها قبل أن تنتهي محكمة التمييز العليا مثلاً من النظر في الطلب المرفوع إليها بإعادة النظر قضائياً في الدعوى، لأمكن لصاحبة البلاغ أن تقدم القرار كدليل لـه من القوة ما يسمح بالعودة إلى الحكم القضائي السابق الذي يقضي بالمساواة بين الرجال والنساء في خلافة ألقاب النبالة، وتحصل بالتالي، على جبر فعلي للضرر الذي لحق بحقها الأساسي في عدم التمييز ضدها، أي استعادة لقب النبالة. وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن الضحية ليست ملزمة، وفقاً للأحكام القضائية التي يتكرر ذكرها الصادرة عن اللجنة باللجوء إلى سبل انتصاف غير فعالة.

5-2 وتدعي صاحبة البلاغ أن الأساس الذي استشهدت به الدولة الطرف لعدم جواز القبول فيما يخص الفقرة 2(أ) من المادة 5، أساس غير صحيح إذ إنها لم تكن طرفاً في الدعاوى التي أقامتها أربع نساء إسبانيات إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن خلافة ألقاب النبالة. وتذكِّر بالقرار الذي اتخذته اللجنة في قضية أنطونيو سانشيز لوبيز ضد إسبانيا (5) ومؤداه أن مفهوم "المسألة ذاتها" ينبغي أن يفسر على أنه يشير إلى نفس الشكوى ونفس الشخص.

5-3 وتدعي صاحبة البلاغ أنها بالفعل ضحية، وأنها ترفع إلى اللجنة قضية تتعلق بانتهاك محدد، وأن الدعوى ليست دعوى حسية على أساس الصالح العام كما تزعم الدولة الطرف، إذ إنها قد تعرضت شخصياً للتمييز على أساس الجنس. وتؤكد صاحبة البلاغ مرة أخرى أن هناك انتهاكاً للمادة 3 من العهد بالاقتران بالمادتين 26 و17 إذ إن جنس الشخص يشكل عنصراً من عناصر حياته الخاصة، ومعاملته بصورة غير ملائمة لمجرد انتمائه لجنس الإناث يشكل، بغض النظر عن طبيعة التمييز، تعدياً على خصوصيات الفرد. وتقول كذلك إن لقب النبالة هو في حد ذاته من المعالم المميزة للأسرة، وهو متوارث عن أجدادها، وبالتالي لا يمكن حرمانها من الحماية التي تكفلها لها أيضاً المادة 3 اقتراناً بالمادة 17 من العهد. وتضيف أنه لا يمكن أن يؤثر الاستنتاج الذي خلصت إليه المحكمة الأوروبية في أي تفسير قد تقدمه اللجنة.

5-4 وتؤكد صاحبة البلاغ أن القانون الإسباني الذي ينظم شؤون وخلافة ألقاب النبالة، يحافظ على التقاليد السابقة القائمة على التحيز الجنسي والتمييز ضد المرأة. والقانون ليس قديم العهد فحسب بل ويتنافى صراحةً أيضاً مع المادتين 26 و3 من العهد بالاقتران بالمادة 17. وتزعم صاحبة البلاغ أنه عندما تصدق أي دولة على العهد يقع عليها الالتزام بموجب أحكام المادة 2 باعتماد الإصلاحات القانونية اللازمة لضمان تنفيذ العهد بأكمله وبدون أي استثناءات.

5-5 وتكرر صاحبة البلاغ في رسالة خطية إضافية مؤرخة في 12 حزيران/يونيه 2002، التعليقات التي قدمتها بشأن مقبولية شكواها، وتشدد على وجوب استنفاد سبل الانتصاف شريطة أن تكون تلك السبل فعالة حقاً. وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تتفادى التعليق على هذه النقطة لأنها ترى أن الطعن وطلب المراجعة القضائية سيكونان فعالين. وترى صاحبة البلاغ أن هذين السبيلين للانتصاف لن يكونا فعالين إلاَّ إذا وضعا في الاعتبار احتمال أن تعرب اللجنة عن آراء لصالحها. وتسترسل قائلة إن البت في طلبات المراجعة القضائية يستغرق مدة طويلة للغاية قد تصل إلى سبعة أعوام.

5-6 وبالإشارة إلى الألقاب التي تقول الدولة الطرف إنها تحملها، تؤكد صاحبة البلاغ أن أحد الألقاب الثلاثة هو لقب زوجها وأن اللقبين الآخرين اللذين كان يحملهما والدها كانا موضع دعاوى قضائية أقامها اخوتها على أساس أسبقية الذكور. وتضيف أن المستند الموثق الذي تشير إليه الدولة الطرف عفا عليه الزمن الآن ولم يستخدمه خصمها في الإجراءات القضائية. وتزعم صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تعتزم الطعن في وقائع النقاش الذي جرى محلياً باستخدام مستندات مهملة لم يقدمها إلى المحكمة المحلية الشخص الذي كان لـه الحق أو تتاح لـه إمكانية القيام بذلك.

5-7 وبصدد الحجج المختلفة التي ساقتها الدولة الطرف بشأن نظام ألقاب النبالة قالت صاحبة البلاغ إن موضوع النقاش يجب أن يقتصر على التحقق مما إذا كانت أسبقية الذكور، المطبقة باعتبارها الحجة الوحيدة والحصرية في قضية صاحبة البلاغ تتوافق أو لا تتوافق مع أحكام العهد. وترى أن الدولة الطرف تسعى إلى إدخال عناصر جديدة لم تكن مشمولة في الإجراءات القضائية المحلية وتؤكد أن الامتيازات التي أشارت إليها الدولة الطرف والتي كانت ملازمة للَّقب من قبل، لم يعد لها وجود الآن.

5-8 والإشارة إلى الحجة التي تسوقها الدولة الطرف بأن اللقب يخلو من أي مضمون قانوني أو مادي تقول صاحبة البلاغ، إن للَّقب موضع البحث وجود قانوني إذ إن الدولة تصدر مُستَنداً بشأنه وتنشره في صك رسمي. وتؤكد صاحبة البلاغ أن مسألة الألقاب تنظم بموجب المادة 1 من القانون الصادر في 4 أيار/مايو 1948، والمادة 5 من المرسوم الصادر في 4 حزيران/يونيه 1948 الذي يستند إلى القانـون السابـق ذكـره، والمادة 13 من القانون الصادر في عام 1820 (Ley Desvinculadota)، والقانونان رقم 8 و9 من الباب السابع عشر مـن "Novisima Recopilacion" التي تشير إلى "Leyes de Partidas y de Toro" وإلى الجزء الثاني من الباب الخامس عشر من القانون رقم 2. وتقول صاحبة البلاغ إن لقب النبالة لـه وجود مادي إذ إنه مجسد في حكم أصدرته الهيئة التنفيذية. واللقب بالإضافة إلى ذلك يعتبر، رمزاً تسدد عنه ضرائب ويحمل على رفع دعاوى عديدة أمام المحاكم. وتقول إن العنصر "غير المادي" في اللقب يبرر، في نظر الدولة الطرف، التمييز ضد المرأة في خلافة الألقاب، لكنه لا يأخذ في الاعتبار قيمته الرمزية والعاطفية؛ وتشدد على أن أسبقية الذكور تعتبر إهانة لكرامة المرأة وكانت في حالتها الخاصة سبباً في انزعاجها وطعناً لعزة نفسها.

5-9 وترى صاحبة البلاغ أن الحجج التي ساقتها الدولة الطرف تظهر التغير الكبير الذي طرأ على مفهوم ألقاب النبالة الذي جُرِّد من جوانب تتنافى وقيم الدولة الدستورية، باستثناء ما يتعلق بالتمييز ضد المرأة. وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تحاول تجريد ألقاب النبالة مما كانت عليه وما كانت تمثله في الماضي وليس ما هي عليه اليوم في المجتمع الإسباني.

5-10 وفيما يتعلق بقول الدولة الطرف إن استخدام لقب نبالة لا يعتبر حقاً من حقوق الإنسان، تدعي صاحبة البلاغ ، أن المادة 26 تنص على المساواة بين الجميع أمام القانون، وأن الدولة الطرف تنتهك هذه المادة عندما تقوم، من جهة، بإضفاء طابع قانوني على توارث الألقاب، وتميز ضد النساء من الجهة الأخرى. وتقول في هذا الصدد إن عدم وجود أي قيمة مالية للألقاب أمر غير مهم لأن تلك الألقاب لها قيمة عاطفية كبيرة لحامليها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن لقب دوقية المودوفار ديل ريو هو جزء لا يتجزأ من الحياة الخاصة لأسرة هويوس التي تنحدر منها، وأنه حتى وإن كانت بعض الأصول الأسرية لا تنتقل كجزء لا يتجزأ من الإرث الإجمالي لأنها غير قابلة للتجزئة أو لأن قيمتها المالية بخسة، فيجب أن تحظى تلك الأصول بالحماية من أي تدخل تعسفي. وتذكر صاحبة البلاغ أنها تستحق بالتالي الحصول على الحماية المنصوص عليها في المادة 3 بالاقتران بالمادة 17 من العهد.

5-11 وتؤكد صاحبة البلاغ أن القول بأن ألقاب النبالة تنطوي على تمييز بحكم المولد غير صحيح لأن هذا الرأي من شأنه أن يعتبر أن الوراثة كمفهوم عام تنطوي على تمييز، كما أن ادعاء التمييز بدعوى حق البكر غير صحيح أيضاً إذ إن ذلك يخالف المبدأ المنصوص عليه في القانون الروماني وهو " الأولوية بالأسبقية "، وفضلاً عن ذلك فإن الادعاء يخص حالة غير الحالة المطروحة في البلاغ. وتضيف صاحبة البلاغ أن مراعاة حق البكر لدى منح أصل متوارث متفرد كلقب نبالة ، هو معيار لا يفضي إلى عدم مساواة مجحفة بالنظر إلى الطبيعة غير القابلة للتجزئة والعاطفية لذلك الأصل.

5-12 وفيما يتعلق بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف بخصوص القواعد التي تنظم بموجبها ألقاب النبالة في بلدان أوروبية أخرى، تزعم صاحبة البلاغ أن الألقاب في تلك البلدان لا تحظى بأي اعتراف قانوني رسمي كما هو الحال في إسبانيا، وبالتالي فإن أي خلاف قد ينشأ في دول أخرى سيكون مختلفاً عن الخلاف المثار في القضية الراهنة. فالأمر لا يتعلق بالاعتراف بألقاب النبالة بل مجرد جانب واحد من ذلك الاعتراف الوارد بالفعل في الأحكام التشريعية الإسبانية، وهو التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالخلافة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في أي بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي أن يعتبر البلاغ الذي قدمته صاحبة البلاغ غير مقبول استناداً إلى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه في حين أن الشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تتعلق بادعاء ممارسة التمييز في توارث ألقاب النبالة، فهي لا تخص نفس الشخص. وبناء عليه، ترى اللجنة أن قضية صاحبة ا لبلاغ ليست محل نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

6-3 وتصر الدولة الطرف على وجوب إعلان عدم مقبولية البلاغ مؤكدة أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد. وتلاحظ اللجنة، دون الدخول في الدوافع التي دفعت صاحبة البلاغ على إقامة دعوى قانونية أخرى بعد القرار الصادر عن محكمة الدرجة الأولى، أن أي إقامة دعوى جديدة بشأن قضيتها أمام المحاكم المحلية ستكون عديمة الجدوى، إذ إن الفقرة 2 من المادة 38 والفقرة 2 من المادة 40 من القانون الخاص بتنظيم شؤون المحكمة الدستورية بالاقتران بالحكم الصادر عن المحكمة الدستورية في 3 تموز/يوليه 1997، لا تسمح بإعادة النظر في دستورية النظام القانوني الإسباني الذي يحكم توارث ألقا ب النبالة. وتذكِّر اللجنة بالرأي الذي أبدته والذي كثيراً ما يستشهد به ومفاده أنه لاستنفاد سبل الانتصاف لا بد من وجود إمكانية لنجاحها (6) .

6-4 وتزعم الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ تحاول إقامة دعوى حسبة على أساس الصالح العام؛ لكن اللجنة تلاحظ، أن صاحبة البلاغ تدعي وقوع انتهاك للمادة 26 بالاقتران بالمادتين 3 و17 من العهد، وتدعي أنها حرمت من الأسبقية فيما يتعلق بحقها في توارث لقب دوقة المودوفار ديل ريو لأنها امرأة، وهو أمر يشكل، في رأيها، تمييزاً وانتهاكاً لحقها في الحياة الأسرية. وتقيم صاحبة البلاغ صلة بين شكواها وقرار المحكمة الدستورية الصادر في 3 حزيران/يونيه 1997 الذي يرسي أسبقية الذكور في توارث ألقاب النبالة . ومن ثم تخلص اللجنة إلى أن البلاغ المقدم من السيدة هويوس إي مارتينيز دي إيروخو لـه صلة بوضعها الخاص.

6-5 وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من قول الدولة الطرف إن ألقاب النبالة المتوارثة ليس لها أي أثر قانوني أو مادي، فقد اعترفت بها قوانين وسلطات الدولة الطرف، بما في ذلك سلطاتها القضائية. واللجنة إذ تذكِّر بمجموعة سوابقها القضائية (7) ، تكرر أن المادة 26 من العهد هي حكم مستقل يحظر كافة أشكال التمييز في أي مجال من المجالات التي تنظمها أي دولة طرف في العهد. ولكن اللجنة ترى أنه لا يمكن الاستشهاد بالمادة 26 للمطالبة بألقاب نبالة متوارثة ذلك أنها مؤسسة تقع بحكم طابعها الحصري وغير القابل للتجزئة، خارج نطاق القيم المكرسة في مبادئ المساواة أمام القانون وعدم التمييز المشمولين بالحماية بموجب المادة 26. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن بلاغ صاحبة لبلاغ لا يتوافق بحكم طبيعته مع أحكام العهد، وهو بالتالي غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري .

7- وبناء على ذلك تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري ؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف و صاحبة البلاغ ومحاميها بهذا القرار.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) كان صوتان فرديان من ثلاثة قضاة يخالفان ما ورد في الحكم؛ إذ اعتبر القاضيان أنه كان ينبغي إعلان أن ذاك الحكم غير دستوري.

(2) أشير في الوثيقة التي صدق عليها كاتب العدل أن صاحبة البلاغ قد تنازلت عن حقها في المطالبة باللقب " تعبيراً عن محبتها تجاه شقيقها إيزيدورو ".

(3) أرفقت الدولة الطرف نسخة من الوثيقة التي صدق عليها كاتب العدل بتاريخ 17 أيار/مايو 1996، وسجل فيها تنازل صاحبة البلاغ عن حقها في المطالبة بحمل اللقب.

(4) تشير الدولة الطرف إلى قضية رفضت فيها المحكمة الدستورية طلباً بإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) قدمه شخص كان يسعى لحمل لقب دون قبول شرط التزوج بشخص آخر ينتمي إلى أسرة نبلاء.

(5) القضية رقم 777/1997، الفقرة 6-2 من القرار الصادر في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

(6) غوميز فاسكيز ضد إسبانيا البلاغ رقم 701/1996، الفقرة 6-2؛ جوزيف سيمين ضد إسبانيا البلاغ رقم 986/2001، الفقرة 8-2.

(7) انظر على سبيل المثال الآراء المقدمة بشأن البلاغ رقم 182/1984 (زوان دي فريز ضد هولندا) الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

التذييل

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد رافائيل ريفاس بوسادا (مخالف)

1- قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جلستها المعقودة في 30 آذار/مارس 2004 إعلان البلاغ رقم 1008/2001 غير مقبول عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري. واللجنة إذ تذكِّر بأن مجموعة سوابقها القضائية قد دأبت على اعتبار أن المادة 26 من العهد حكم مستقل يحظر أي تمييز في أي مجال من المجالات التي تنظمها الدولة الطرف، فهي تذكر في الفقرة 6-5 من قرارها "أنه لا يمكن الاستشهاد بالمادة 26 كأساس للمطالبة بحق في لقب نبالة متوارث، وهو نظام يندرج بسبب طابعه الحصري وغير القابل للتجزئة، خارج نطاق القيم المكرسة في مبدأي المساواة أمام القانون وعدم التمييز المشمولين بالحماية بموجب المادة 26". وتخلص اللجنة، بناء على ذلك إلى أن شكوى صاحبة البلاغ تتنافى، بحكم طبيعتها، مع ما ورد في العهد، وأنها بالتالي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري .

2- وتدعي صاحبة البلاغ في شكواها أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 مشيرة إلى أن هذه المادة تنص على أن الناس جميعاً سواء أمام القانون وأنها تحظر أي شكل من أشكال التمييز بما في ذلك التمييز على أساس الجنس. وتتصل مطالبتها بالمعاملة التمييزية التي عانت منها بسبب نوع جنسها. وبناء عليه، كان ينبغي للجنة أن تقتصر على النظر في هذا العنصر الأساسي من الشكوى وعدم الخوض، في ما يتعلق بمسألة المقبولية، في أمور أخرى تتعلق بنظام الألقاب الوراثية.

3- إن مطالبة صاحبة البلاغ بأن يعترف بها كوريثة للقب النبالة، تقوم على أساس القانون الإسباني وليست نزوة. وقد أصدرت محكمة التمييز العليا حكماً في 20 حزيران/يونيه 1987 أعلنت فيه أن هذا القانون مخالف للدستور لأنه يمنح الأفضلية للذكور في توارث ألقاب النبالة ، أي لأنه يميز على أساس الجنس. لكن المحكمة الدستورية رأت، في وقت لاحق أي في 3 تموز/يوليه 1997 أن أسبقية الذكور في ترتيب توارث ألقاب النبالة على النحو المنصوص عليه في القانون الصادر في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1820 وفي القانون الصادر في 4 أيار/مايو 1948 ليست تمييزية ولا مخالفة للدستور. وبما أن القرارات التي تصدر عن المحكمة الدستورية تعتبر ملزمة في إسبانيا، فقد أقِّر من جديد التمييز القانوني على أساس الجنس في المسائل ذات الصلة بتوارث ألقاب النبالة .

4- ومن الواضح أن اللجنة عندما قررت أن البلاغ غير مقبول على أساس عدم اتساق مفترض بين مطالبة صاحبة البلاغ و"القيم الأساسية" (كما ورد في النص) الوارد في المبادئ المشمولة بالحماية بموجب المادة 26، قد حكمت بأكثر مما طلب، أي أنها في مسألة لم تطرحها صاحبة البلاغ. فقد اقتصرت صاحبة البلاغ على الشكوى من تمييز الدولة الطرف ضدها على أساس الجنس؛ والتمييز في القضية المعروضة علينا واضح، وكان ينبغي للجنة أن تتخذ قراراً بقبول البلاغ على أساس العناصر المعروضة بوضوح فيه.

5- وبالإضافة إلى الحكم بأكثر مما طلب، أخفقت اللجنة في أن تضع في الاعتبار سمة بارزة من سمات القضية. فالمادة 26 تنص على أنه "يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب". وعلى الرغم من ذلك، فإن القانون في إسبانيا لا يحظر التمييز على أساس الجنس في القضايا المتصلة بتوارث ألقاب النبالة، بل إنه يقتضيه إيجابياً. وليس هناك في رأيي أي شك في أن هذا الحكم يتنافى مع المادة 26 من العهد.

6- وللأسباب المبينة أعلاه أرى أنه كان ينبغي للجنة أن تخلص إلى أن البلاغ رقم 1008/2001 مقبول لأنه يثير مسائل تندرج في إطار المادة 26، لا أن تعلن أنه يتنافى، بحكم طبيعته، مع أحكام العهد.

(توقيع) : رافائيل ريفاس بوسادا

16 نيسان/أبريل 2004

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة، السيد هيبوليتو سولاري – يريغوين (مخالف)

أود الإعراب عن الآراء المخالفة التالية فيما يتعلق بالبلاغ قيد النظر.

البلاغ مقبول

تحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أن قواعد توارث ألقاب النبالة تنطوي، في رأيها، على ثلاثة عناصر للتمييز: ينص العنصر الأول على أنه لا يجوز إلا للمنحدرين من نفس الأصل توارث اللقب؛ ويكرس العنصر الثاني حق البكر؛ ويتعلق العنصر الثالث بالجنس. وفي الوقت ذاته، تحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحبة البلاغ وهي أن الدولة الطرف تسعى إلى إضافة عناصر جديدة في الإجراءات القضائية المحلية؛ وأن حق البكر لا يعتبر تمييزاً ولكنه يستند إلى طبيعة اللقب غير القابل للتجزئة، وأنه يشكل، فضلا عن ذلك إدعاءً غير ذلك المقدم في البلاغ الحالي؛ وأخيراً أن موضوع النقاش يجب أن يقتصر على تأكيد ما إذا كانت أسبقية الذكور التي تشكل الحجة الوحيدة والحصرية في قضية صاحبة البلاغ، تتوافق أو لا تتوافق مع أحكام العهد. وفي هذا البلاغ تلاحظ اللجنة أن شخصين تصل بينهما رابطة الأخوة يتنازعان على لقب وأن الشكوى تتعلق فقط بالتمييز على أساس الجنس.

وتلاحظ اللجنة، لأغراض المقبولية، أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية لإثبات ادعاء تعرضها للتمييز بسبب جنسها، الأمر الذي قد يثير مسائل تندرج في إطار المواد 3 و17 و26 من العهد. وترى اللجنة بناءً عليه أن البلاغ مقبول، وتباشر النظر في أسسه الموضوعية عملاً بالفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

إن أسباب القرار أو مبررات اتخاذ القرار في ما يخص الأسس الموضوعية يقتصر على تحديد ما إذا كانت صاحبة البلاغ قد تعرضت أم لم تتعرض للتمييز بسبب جنسها وهو ما يعتبر انتهاكاً للمادة 26 من العهد. ولا يجوز للجنة أن تدرج في قراراتها مسائل لم تعرض عليها، لأنها لو قامت بذلك تكون قد تجاوزت سلطتها باتخاذ قرارات أكثر مما طلب منها. وبناءً عليه، تمتنع اللجنة عن النظر في شكل الحكومة (ملكية برلمانية) الذي اعتمدته الدولة الطرف في المادة 3 من دستورها، وفي طبيعة ونطاق ألقاب النبالة لأن هذه المسائل تخرج عن موضوع البلاغ قيد النظر؛ لكن اللجنة تلاحظ أن هذه الألقاب تنظم بموجب القانون وتخضع للقواعد التي تحددها السلطات على أعلى المستويات وتحظى بحمايتها حيث إن الملك نفسه هو الذي يمنح هذه الألقاب وهو رئيس الدولة بموجب الدستور الإسباني (المادة 56) والشخص الوحيد المخول بمنح ألقاب الشرف هذه وفقاً للقانون (المادة 62(و)).

وستكون اللجنة قد تخلت إلى حد مثير للقلق عما كلفت به من مسؤوليات محددة إن هي تناولت المسألة بصورة مجردة كي تستثني من نطاق العهد، بأسلوب دعوى الحسبة، قطاعات أو مؤسسات في المجتمع أيا ما كانت، عوضاً عن دراسة الوضع في كل حالة على حدة تقدم إليها للنظر في احتمال انطوائها على انتهاك محدد (المادة 41 من العهد والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). فإذا اعتمدت اللجنة إجراء من هذا القبيل تكون قد منحت نوعاً من الحصانة يسمح بعدم تناول حالات يحتمل أن يكون قد وقع فيها تمييز محظور بموجب المادة 26 من العهد، لأن الأفراد الذين ينتمون إلى هذه القطاعات أو المؤسسات المستثناة سيحرمون من الحماية.

ولا ينبغي للجنة في الحالة المحددة لهذا البلاغ أن تصدر قراراً عاماً يناهض نظام توارث ألقاب النبالة في الدولة الطرف والقانون الذي ينظم شؤونه، بهدف استثنائه من أحكام العهد، وخصوصاً من نطاق المادة 26 بدعوى عدم التوافق بحكم طبيعته، لأن ذلك يعني أن تغض اللجنة الطرف عن مسألة التمييز القائم على أساس الجنس المطروحة في الشكوى. ولاحظت اللجنة أيضاً أن الحق في المساواة أمام القانون وفي الحماية المتساوية بموجب القانون بدون أي تمييز ليس ضمنياً بل إنه حق معترف به ومشمول بالحماية صراحة بموجب المادة 26 من العهد بنطاقها الواسع الذي أضفته عليها اللجنة سواء من خلال تعليقاتها على القواعد أو من خلال مجموعة قراراتها ومقرراتها السابقة. ويرتكز هذا النطاق، بالإضافة إلى ذلك، إلى وضوح النص الذي لا يسمح بأي تفسير حصري.

وفضلاً عن الاعتراف بالحق في عدم التمييز على أساس الجنس، تقتضي المادة 26 من الدول الأطراف التحقق من أن قوانينها تحظر أي شكل من أشكال التمييز في هذا الصدد وتكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز. أما القانون الإسباني الخاص بألقاب النبالة فهو لا يعترف بالحق في عدم التمييز على أساس الجنس ولا يوفر أي ضمان بالتمتع بذلك الحق فحسب، وإنما يفرض أيضاً التمييز قانوناً ضد النساء، في انتهاك صارخ لأحكام المادة 26 من العهد.

ولقد ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 18 بشأن عدم التمييز ما يلي:

• "إذا كانت المادة 2 تقصر نطاق الحقوق التي يتعين حمايتها من التمييز على تلك المنصوص عليها في العهد، فإن المادة 26 لا تعين هذه الحدود. وبعبارة أخرى، فإن المادة 26 تنص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في الحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون تمييز، وأنه يتعين أن تكفل القوانين لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة من التمييز لأي من الأسباب المذكورة. وترى اللجنة أن المادة 26 ليست ترديداً وحسب للضمان المنصوص عليه من قبل في المادة 2؛ وإنما هي تنص في صلبها على حق مستقل. فهي تحظر التمييز أمام القانون أو في الواقع في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة. ولذا فإن المادة 26 تتعلق بالالتزامات المفروضة على الدول الأطراف فيما يتعلق بتشريعاتها وبتطبيق هذه التشريعات. ومن ثم، عندما تعتمد دولة طرف تشريعاً معيناً يجب أن يكون هذا التشريع متمشياً مع متطلبات المادة 26 بمعنى ألا يكون محتواه تمييزياً".

وفي الوقت ذاته، ذكرت اللجنة في تعليقها العام رقم 28 بشأن المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، ما يلي:

• "إن عدم تمتع النساء في جميع أنحاء العالم بحقوقهن على أساس من المساواة هو أمر ضارب الجذور في التقاليد والتاريخ والثقافة، بما في ذلك في المواقف الدينية. وتتجلى المرتبة الدنيا التي تحتلها المرأة في بعض البلدان من ارتفاع حالات اختيار جنس المولود قبل الولادة وإجهاض الأجنة من الإناث. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن عدم استخدام العادات التقليدية أو التاريخية أو الدينية أو الثقافية لتبرير انتهاكات حق المرأة في المساواة أمام القانون والتمتع على أساس من المساواة بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد".

وبخصوص حظر التمييز ضد النساء الوارد في المادة 26، لا يستبعد في التعليق العام المذكور من نطاق تطبيقه أي مجال أو ميدان كما يتجلى من البيانات التالية الواردة في الفقرة 31:

• "يقتضي الحق في المساواة أمام القانون وعدم الخضوع لأي تمييز، الذي تكفل المادة 26 حمايته، أن تتخذ الدول إجراءات ضد التمييز من خلال الهيئات العامة والخاصة في جميع الميادين".

• "وينبغي للدول الأطراف أن تستعرض تشريعاتها وممارساتها وأن تبادر بتنفيذ جميع التدابير الضرورية للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الميادين".

والموقف الواضح والصريح الذي اتخذته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لصالح المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء والذي يقتضي من الدول الأطراف أن تعدل تشريعاتها وممارساتها، ينبغي ألا يعتبر أمراً مفاجئاً لأي هيئة منشأة بموجب معاهدة من معاهدات الأمم المتحدة، إذ إن ميثاق المنظمة الموقع عليه في سان فرانسيسكو في 26 حزيران/يونيه 1945، يؤكد من جديد في ديباجته الإيمان بالمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء كأحد الأهداف الأساسية للمنظمة. ولكن التاريخ علمنا أنه بالرغم من الجهود التي يقتضيها الاعتراف بالحقوق، فإن أصعب المهام، هي مهمة إعمال هذه الحقوق، وأنه ينبغي اتخاذ تدابير متواصلة لضمان إنفاذها الفعلي.

وفي القضية قيد النظر منح اللقب المتنازع عليه Ilustr í sima Se ñ ora Jefa de Armas de Titulos" Nobiliarios " لشقيق صاحبة البلاغ الأصغر سناً، إيزدورو دي هويوس إي مارتينز دي إيروخو، باسم جلالة الملك، بعد سداد الضرائب الواجبة دون المساس بأطراف ثالثة أحق" (الأمر 11489 الصادر في 30 نيسان/أبريل 1995). وقامت إيزابيل دي هويوس إي مارتينز دي إيروخو إيماناً منها بأنها الأحق بحمل اللقب برفع دعوى قانونية ضد شقيقها إيزيدورو أمام محكمة الدرجة الأولى في ماخاداهوندا التي رفضت دعواها على أساس السوابق القضائية الملزمة للمحكمة الدستورية بحكم أصدرته في 3 تموز/يوليه 1997 لم تتوافق عليه الآراء قضى بأغلبية الأصوات بأن تفضيل القانون الرجال على النساء لدى تساوي النسب والقرابة في الترتيب الاعتيادي لوراثة لقب النبالة بعد وفاة حامله ليس تمييزياً ولا يعتبر انتهاكاً للمادة 14 من الدستور الإسباني الصادر في 27 كانون الأول/ديسمبر 1978 التي ما زالت نافذة "إذ إنها تنص على أن الحقوق التاريخية سارية". وتنص المادة المذكورة أعلاه من الدستور على أن جميع الإسبان متساوون أمام القانون.

ولقد أشارت نفس القاضية التي حكمت ضد صاحبة البلاغ إلى أن الأحكام القضائية التي أصدرتها محكمة التمييز العليا بشأن المساواة بين الجنسين في الشؤون المتصلة بألقاب النبالة على مدى عقد من الزمن (من عام 1986 إلى عام 1997)، والتي تجاهلتها المحكمة الدستورية في وقت لاحق، كانت "أكثر ميلاً إلى مواكبة الواقع الاجتماعي للعصر الذي نعيش فيه والذي تشاركه هذه المحكمة". وأضافت بقولها "إنها تتعاطف مع موقف صاحبة البلاغ" وتشجعها هي وغيرها من النساء النبيلات المولد اللواتي يميز ضدهن على "الاستمرار في رفع دعاوى للدفاع عن حقوقهن والاستفادة من كل إمكانية متاحة لهن بغية تعديل موقف المحكمة الدستورية بل والفوز بتعديل التشريعات بشأن هذا الموضوع". وأعفت القاضية صاحبة البلاغ من دفع تكاليف المحكمة اعترافاً "بأن [لها] حقاً مشروعاً في إقامة دعوى ومناقشة المسألة المتنازع عليها التي ربما لم تناقش جميع جوانبها حتى الآن" كما ذكر في الحكم الذي أصدرته.

وبالرغم من أن حمل ألقاب النبالة ليس حقاً من حقوق الإنسان المشمولة بالحماية بموجب العهد، حسبما تؤكد الدولة الطرف وهو قول صحيح، فيجب ألاَّ تحيد تشريعات الدول الأطراف عن أحكام المادة 26، وكما ذكرت اللجنة في مجموعة سوابقها القضائية، فإن وجود تفاوت في المعاملة بناءً على أسباب تقع في نطاق المادة 26، ومن بينها الجنس، لا يعتبر تمييزاً محظوراً شريطة أن يكون قائماً على معايير معقولة وموضوعية. بيد أن إقرار تفوق الرجال على النساء مما يعني فعلياً القول بأن النساء أدنى مرتبة من الرجال في الأمور ذات الصلة بتوارث ألقاب النبالة التي يجري تنظيمها بموجب القانون الإسباني ويتم تنفيذها عن طريق المحاكم الإسبانية، لا يعتبر خروجاً على هذه المعايير فحسب بل هو نقيضها تماماً. وفي حين أنه يجوز للدول أن تكفل الحماية القانونية لتقاليدها وأنظمتها التاريخية، فيجب عليها أن تقوم بذلك طبقاً للشروط التي تقتضيها المادة 26 من العهد.

وترى اللجنة أن الدولة الطرف بإصدارها لقرار، بصورة قانونية، بمنح لقب شرفي معين للرجال بصفة رئيسية وللنساء بصورة استثنائية فقط، قد اتخذت موقفاً تمييزياً تجاه النساء المنحدرات من أسر نبيلة، لا يمكن تبريره استناداً إلى تقاليد تاريخية أو حقوق تاريخية أو أي أسباب أخرى. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن حظر التمييز على أساس الجنس على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد، قد انتهِك في قضية صاحبة البلاغ. حيث إن الأمر كذلك، فليس من الضروري النظر فيما إذا كان هناك انتهاك للمادة 17 بالاقتران بالمادة 3 من العهد.

واللجنة المعنية بحقوق الإنسان إذ تتخذ قرارها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك للمادة 26 من العهد فيما يتعلق بإيزابيل هويوس إي مارتينيز دي إيروخو .

(توقيع) : هيبوليتو سولاري - يريغوين

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة، السيدة روث ويدجوود

دأبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لدى استعراضها للتقارير القطرية وكذلك في آرائها المقدمة بشأن البلاغات الفردية على مناصرة حقوق المرأة في المساواة في التمتع بحماية القانون، حتى في الظروف التي يستدعي فيها هذا الوفاء بهذا الالتزام إدخال تعديلات كبيرة على الممارسات المحلية. لذا فإن ما يدعو إلى الانزعاج أن نرى اللجنة ترفض بهذا الأسلوب الاعتباطي بلاغ إيزابيل هويوس مارتينيز دي إيروخو.

وينظم توزيع الألقاب الأسرية في إسبانيا بموجب القانون العام. وتنشر القرارات المتخذة بشأن خلافة لقب شرفي أو لقب نبالة في الجريدة الرسمية (Boletin Oficial del Estado) بوصفها إجراءات رسمية اتخذتها الدولة. والترتيب الوراثي مسألة تتعلق بأفضلية يمنحها الحامل الفعلي للقب، بل تتعلق بالأحرى، بحرمان الخلف من الإناث من أي حق قانوني بالمطالبة بحمل اللقب بحكم السن، وفقاً للأفضلية الممنوحة للذكور وبغض النظر عن رغبات السلف الذي يحمل اللقب. وتبدو مثل هذه القاعدة القانونية، انظر القانون الصادر في 4 حزيران/يونيه 1948، وكأنها فعل تمييزي علني.

والأسباب التي ساقتها اللجنة لرفض بلاغ السيدة هويوس مارتينيز دي إيروخو عندما طالبت بوراثة لقب دوقية المودوفار ديل ريو، لا يمكن أن تكون مصدر ارتياح للدولة الطرف. فاللجنة لدى رفض تظلم صاحبة البلاغ بوضفه غير مقبول بحكم طبيعته، ذكرت أن ألقاب النبالة الوراثية تشكل "مؤسسة ... تندرج خارج نطاق القيم الأساسية المكرسة في مبدأي المساواة أمام القانون وعدم التمييز المشمولين بالحماية بموجب المادة 26". ويمكن أن تُفسَّر هذه العبارة الغامضة بأنها تعني أن استمرار الألقاب الوراثية يتنافى في حد ذاته مع العهد. والأمل معقود على أن يولى في مجموعة الأحكام القضائية التي تصدرها اللجنة في المستقبل الاهتمام الواجب للرغبة التي أبدتها بلدان عديدة في الحفاظ على ذكرى أفراد وأسر كانت لهم مكانة كبيرة في بناء الوطن.

ويمكن مواءمة استخدام الألقاب بصورة تأخذ في الاعتبار حق المرأة في المساواة أمام القانون. فحتى في إطار التقاليد الخاصة بالألقاب قد يبرر تغير الوقائع تغيير القواعد التمييزية. ففي عصر الجيوش الوطنية على سبيل المثال لم يعد من المفترض أن يكون حامل اللقب قادراً على خوض المعارك في ساحة الحرب. (قد يوحي مثال جان دارك بالطبع، بوجود مجموعة واسعة النطاق من الإشارات المرجعية كذلك).

واعترفت إسبانيا عند انضمامها إلى معاهدات حقوق الإنسان الحديثة بالصعوبات المواجهة في تطبيق أسبقية الذكور بصورة تلقائية. ولقد صدقت إسبانيا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 27 تموز/يوليه 1977. ووافقت إسبانيا أيضاً على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1983. وقدمت إسبانيا لدى انضمامها إلى الاتفاقية الأخيرة تحفظاً واحداً، وهو تحفظ لـه أهمية في هذا المقام. فقد ذكرت إسبانيا أن الاتفاقية يجب ألا تمس الأحكام الدستورية المتعلقة بتوارث العرش في إسبانيا. ولم يصحب هذه الحماية الوحيدة المطلوبة لخلافة العرش أي تحفظ آخر شبيه يتعلق بالألقاب الأدنى مرتبة.

ولم تقدم إسبانيا أي تحفظ مماثل بخصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1977. ومع ذلك فإن قواعد الممارسة الحميدة توصي بضرورة منح إسبانيا، الحق في إبداء نفس التحفظ لدى تطبيق العهد، حسب التفسير الأخير المقدم من اللجنة بشأن المادة 26 بوصفها ضمان مستقل للمساواة في توفير الحماية بموجب القانون. ولكن إسبانيا لم تحاول، في نهاية المطاف حتى في هذا التحفظ، إقرار أي حماية خاصة لمواصلة التمييز على أساس الجنس في توزيع الألقاب الأرستقراطية الأخرى.

ولا عجب في أن ترى أي دولة طرف أن وراثة العرش تشكل مسألة فريدة في نوعها، دون أن تعتزم الاستمرار في توسيع نطاق الممارسة المتبعة وهي إدراج النساء في المركز الأخير من التسلسل الوراثي. ولقد ذكَّرنا ملك إسبانيا الحالي في الواقع بأن نظاماً فريداً وتقليدياً مثل نظام الملكية يمكن أن يعدل بما يتوافق مع معايير المساواة. واقترح الملك خوان كارلوس في الآونة الأخيرة تعديل قواعد وراثة العرش الإسباني. وعرض أن يخلف ابنه البكر بعد انتهاء ملكه، مولوده البكر بغض النظر عما إذا كان ذكراً أو أنثى. وفي عهد تولت فيه نساء عديدات منصب رئاسة الدولة فإن هذا الاقتراح جدير بالثناء ولا خلاف عليه.

ولقد أشارت محكمة التمييز العليا لإسبانيا في حكمها الصادر في 20 حزيران/يونيه 1987، مؤيدة حق الإناث في توارث الألقاب غير الملكية على قدم المساواة مع الذكور، إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كما أشارت إلى المادة 14 من الدستور الإسباني الصادر في عام 1978. وقد تود إسبانيا في مداولاتها المقبلة الإشارة إلى التعليق العام رقم 18 للجنة المعنية بحقوق الإنسان الذي ينص على أن المادة 2 من العهد "تحظر التمييز أمام القانون أو في الواقع في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة". ويجب التذكير بأن رفض بلاغ ما لا يشكل، بموجب قواعد اللجنة، سابقة رسمية تطبق على أي بلاغ آخر أو لدى استعراض التقارير القطرية.

ولقد وصفت الدولة الطرف اللقب الوراثي المعني هنا على أنه "مجرد من أي مضمون مادي أو قانوني" وأنه لقب تشريفي بحت (انظر الفقرتين 4-4 و4-8 أعلاه). ومن ثم فإن من المهم ملاحظة حدود القرار الفوري الذي اتخذته اللجنة. ويجب ألا تفسر آراء اللجنة بأنها تكفل الحماية لأي قواعد تمييزية فيما يتعلق بالميراث، حيثما كان الأمر يتعلق بالأملاك المنقولة وغير المنقولة. كما أن هذه الآراء لا تكفل حماية التمييز فيما يتعلق بالوظائف المتوارثة تقليدياً التي قد لا يزال لها في بعض المجتمعات نفوذ كبير في اتخاذ القرارات السياسية أو القضائية. ونحن نقوم بمهمتنا كلجنة مكلفة بالرصد في إطار عهد دولي ولا يمكن لنا أن نبت في قواعد عامة بتجاهل تلك الحقائق المحلية.

(توقيع): روث ويدجوود

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

ميم - البلاغ رقم 1019/2001، باركايزتيغوي ضد إسبانيا (القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيدة مرسيدس كاريون باركايزتيغوي (يمثلها السيد كارلوس تيكسيدور ناشون والسيد خوسيه لويس ماثون كوستا)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 8 آذار/مارس 2001 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 30 آذار/مارس 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحبة البلاغ، المؤرخ 8 آذار/مارس 2001، هي مرسيدس كاريون باركايزتيغوي، وهي مواطنة إسبانية تدعي أنها وقعت ضحية لانتهاك إسبانيا للمواد 3 و17 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلها محام. ولقد أصبح البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد نافذاً في إسبانيا في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 كانت السيدة ماريا دي لا كونسيبسيون باركايزتيغوي (1) ، خالة صاحبة البلاغ، تحمل لقب ماركيز تابالوسوس. وطلبت، بوصية موثقة مؤرخة 20 حزيران/يونيه 1989، أن يخلفها عند وفاتها أخوها إنييغو باركايزتيغوي أوهاغون بصفته حامل اللقب. ولقد وافتها المنية في 4 نيسان/أبريل 1993 دون أن تُنجب ذرية من صلبها.

2-2 وفي شباط/فبراير 1994، رفعت صاحبة البلاغ دعوى قضائية ضد خالها، إنييغو باركايزتيغوي أوهاغون، وابن خالها خفيير باركايزتيغوي ريزولا، مطالبة بلقب النبالة ماركيز تابالوسوس (2) . وأكدت صاحبة البلاغ أنها الأحق بحمل هذا اللقب حيث إنها بحكم التمثيل تحل محل أمها، مرسيدس باركايزتيغوي، التي وافتها المنية في 7 أيلول/سبتمبر 1990 والتي كانت الأخت الصغرى لكونسيبسيون باركايزتيغوي أوهاغون والأخت الكبرى لإنييغو باركايزتيغوي أوهاغون. وتدعي صاحبة البلاغ أيضا أن التنازل عن اللقب لصالح خالها يفترض إجراء تعديل على مسار توارث لقب النبالة ويعدّ انتهاكاً لطبيعة ألقاب النبالة غير القابلة للتصرف.

2-3 ورداً على ذلك، قدم محامي المُدَّعى عليهما حُججاً من بينها أنه بصرف النظر عن مصداقية انتقال اللقب، فإن مبدأ خلافة الذكور يظل المعيار التفضيلي للحصول على لقب ماركيز تابالوسوس، الذي لا تنظمه أي قاعدة عامة وإنما ينظمه قانون محدد، يقوم على الحق الملكي، الذي لا يشكل جزءاً من النظام القانوني.

2-4 وفي حكم مؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، رفضت محكمة مدريد الابتدائية دعوى صاحبة البلاغ، حيث رأت أن الدعوى تتعلق بحالة تتضمن أقرباء من الدرجة الثانية لحامل اللقب الأخير؛ والتزمت المحكمة بالحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية في 3 تموز/يوليه 1997 (3) ، الذي أعلنت بموجبه أن المعايير التفاضلية التاريخية الخاصة بانتقال ألقاب النبالة هي معايير دستورية. وتشتمل هذه المعايير على ما يلي: أولاً درجة قرابة الدم؛ ثانياً نوع الجنس - ويكون للأخلاف الذكور الأسبقية على الإناث، وثالثاً السن. وبخصوص انتقال اللقب، خلصت محكمة مدريد إلى أنه لا يمثل هذا تغييراً في نظام توارث ألقاب النبالة.

2-5 وتدعي صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف، إذ إنه، بموجب الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية والمؤرخ 3 تموز/يوليه 1997 لم يعد أمامها أي سبيل آخر من سبل الانتصاف (4) . بيد أنها قامت في 10 كانون الأول/ديسمبر 1998، بالطعن في القرار أمام المحكمة العليا الوطنية. وتقول في بلاغها إنه بالرغم من أنه يبدو جلياً أن دعوى الطعن بلا جدوى، فإنها قدمتها بهدف الحيلولة دون أن تصبح قضيتها أمراً مقضيا به، وبذلك تضمن حقها في الحصول على سبيل انتصاف فعال، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد. وترى صاحبة البلاغ أنه إذا قررت اللجنة قبول ادعاءاتها، فإن المحكمة العليا الوطنية قد تحكم في نهاية المطاف لصالحها.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن الوقائع التي أحيلت إلى اللجنة لكي تنظر فيها تشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد، حيث إن الأخلاف من الذكور يتمتعون بأفضلية في خلافة ألقاب النبالة على حساب النساء، مما يجعل المرأة في وضع يتميز بعدم المساواة بدون مبرر. وتدعي أن تفضيل الذكور في توارث ألقاب النبالة ليس مجرد تقليد تتبعه مجموعة خاصة، بل هو مفهوم راسخ في القواعد القانونية، وتنظمه القوانين الإسبانية الصادرة في 4 أيار/مايو 1948، و11 تشرين الأول/أكتوبر 1820، وكذلك القانون الوارد تحت العنوان الخامس عشر من الجزء الثانـي(Partidas II.XV.II). وتذكر صاحبة البلاغ اللجنة بأن القرار 884 (د-34) الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي ويوصي فيه الدول بضمان أن يكون للرجل والمرأة اللذين تجمعهما نفس درجة القرابة بشخص متوفى الحق في الحصول على حصص متساوية من التركة، والحق في مرتبة متساوية في ترتيب الورثة . وتؤكد أن التركة في هذه القضية تنطوي على بند محدد، هو لقب النبالة الذي لا يُمكن أن ينتقل إلا إلى شخص واحد، يتم اختياره استناداً إلى مبدأ أسبقية الميلاد. وتدعي صاحبة البلاغ بأنه وإن كانت المادة 2 من العهد تحدّ من نطاق الحماية الواجب توفيرها ضد التمييز في الحقوق المنصوص عليها في العهد ذاته، فإن اللجنة، في تعليقها العام رقم 18، رأت أن المادة 26 لا تعيد تقديم الضمانات الوارد ذكرها في المادة 2 فحسب، وإنما تنص في حد ذاتها على حق مستقل تحظر من خلاله أي تمييز في القانون بل وتحظر، في واقع الأمر، أي تمييز في أي مجال من المجالات التي تنظمها الهيئات العمومية وتحمِّل هذه الهيئات مسؤولية توفير الحماية في هذا الصدد.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ بأن الوقائع تشكل انتهاكاً للمادة 3 من العهد، إلى جانب المادتين 17 و26. وتذكر اللجنة بأنها استرعت الانتباه في تعليقها العام رقم 28 الذي أبدته في آذار/مارس 2000 بشأن المادة 3 إلى أن عدم تمتع المرأة على أساس المساواة بحقوقها أمر ضارب الجذور في العادات والتاريخ والثقافة، بما في ذلك في المواقف الدينية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 تدعي الدولة الطرف، في رسالتها الخطية المؤرخة 14 كانون الأول/ديسمبر 2001، بأن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، حيث إن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد. وتؤكد الدولة الطرف أن الشكوى تنطوي على تناقض، بما أن صاحبة البلاغ تدعي من جهة أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية لأن المحكمة الدستورية بكامل هيئتها قضت بعدم جواز إحالة قضيتها إلى أي محكمة محلية، وتقول من الجهة الأخرى إنها رفعت دعوى استئناف بهدف مراعاة الآراء التي قد تُصدرها اللجنة.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن الدعاوى القضائية ودعاوى الاستئناف المتتالية التي يمكن إقامتها يُنظِّمها النظام القانوني الإسباني. وفي هذه القضية، وبعد الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية، كان من الممكن الطعن في هذا الحكم لدى المحكمة العليا التابعة للمقاطعة، التي يُمكن الطعن في قرارها لدى المحكمة العليا؛ وإذا رئي أن حقاً من الحقوق الأساسية قد انتهك، يمكن تقديم التماس بالحماية إلى المحكمة الدستورية. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ تسعى إلى قيام اللجنة بالتدخل بوصفها هيئة قضائية وسيطة بين الهيئات القضائية القائمة في إسبانيا بموجب القانون الإسباني، مما يشكل انتهاكاً لطبيعتها الفرعية ولشرعية الإجراءات المحلية. وتزعم الدولة الطرف أن إحالة القضية إلى محكمة محلية وإلى اللجنة في ذات الوقت يتنافى مع القانون، وتشير في هذا الصدد إلى المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية، مدعية أن تقديم ذات البلاغ إلى جهتين يعني السعي إلى قيام اللجنة بتدخل لا مبرر لـه في إجراءات محكمة محلية.

4-3 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ لم يثبت بالأدلة وجود أي انتهاك للمادة 26، إذ إن لقب النبالة ما هو إلا لقب شرفي، يخلو من أي مضمون قانوني أو مادي، وفضلاً عن ذلك فإن صاحبة البلاغ لا تدعي أن من المحتمل أن تتعرض لعدم المساواة أمام القانون أو أن هناك انتهاكاً للمادتين 3 و17 من العهد، وبالتالي فإن الدولة الطرف تعترض على قبول البلاغ بحكم طبيعته وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وتشير الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المؤرخ 28 تشرين الأول/أكتوبر 1999، الذي رأت فيه المحكمة أن استعمال ألقاب النبالة لا يدخل في نطاق المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية. وتقول إنه في حين أن اسم صاحبة البلاغ لا يرد في ذلك القرار، فإن القضية تتعلق بالموضوع ذاته، وبالنظر إلى ذلك تطلب إلى اللجنة الحكم بعدم جواز قبول البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-5 وفي رسالة خطية، مؤرخة 15 نيسان/أبريل 2002، تعيد الدولة الطرف التأكيد على الحجج التي قدمتها فيما يتعلق بعدم جواز قبول البلاغ، وفيما يخص الأسس الموضوعية تذكِّر بأنه عندما مُنح لقب النبالة موضع البحث إلى أول ماركيز لتابالوسوس في عام 1775، لم يكن من المتعارف عليه أن المرأة والرجل يولدان متساويان في الكرامة وفي الحقوق. وتدّعي الدولة الطرف أن النبالة مؤسسة تاريخية تعرف بعدم المساواة في المرتبة وفي الحقوق حسب "مشيئة الرب" بحكم الولادة، وترى أن لقب النبالة لا يُعتبر ملكاً، ولكنه مجرد لقب شرفي يمكن الاستفادة منه ولا يمكن لأحد أن يمتلكه. وبناء على ذلك، فإن توارث اللقب بحكم قانون النسب يندرج خارج نطاق قانون الأيلولة، إذ إن حامل اللقب لا يرثه عن حامل اللقب الأخير المتوفى، بل يرثه عن حامل اللقب الأول، وهو الشخص الذي حظي بهذا الشرف، ونتيجة لذلك فإن قواعد التوارث المطبقة لاستخدام هذا اللقب هي تلك القواعد التي كانت سارية في عام 1775.

4-6 وتسترعي الدولة الطرف انتباه اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ لا تحتج على استخدام أخ أصغر منها لقب ماركيز تابالوسوس النبيل، وإنما تحتج على أن يحمله خالها وابن خالها البكر؛ ولا تجادل في أنها ليست الابنة البكر للشخص الذي كان يحمل اللقب من قبل، بل ابنة شقيقة حاملة اللقب المتوفاة، التي كانت في واقع الأمر "البنت البكر الخلف" وفقا لشجرة النسب التي قدمتها صاحبة البلاغ هي ذاتها؛ كما تلاحظ الدولة الطرف أن نوع الجنس لم يمنع حاملة اللقب المتوفاة من أن تحمل هذا اللقب قبل أن يحظى به أخوها الأصغر سناً.

4-7 وتؤكد الدولة الطرف أن قواعد الخلافة الخاصة بحمل لقب النبالة موضع البحث هي ذات القواعد المنصوص عليها في القانون 2 الوارد تحت العنوان الخامس عشر من الجزء الثاني من مدونة القوانين السبعة (المدونة القانونية) لعام 1265، التي تشير إليها جميع القوانين اللاحقة التي تتناول مؤسسة النبالة وانتقال ألقاب النبالة. وترى الدولة الطرف أن هذه القواعد تجسِّد أول عنصر للتمييز بسبب المولد، إذ لا يمكن أن يرث اللقب إلا من كان ينحدر من نفس السلالة؛ والعنصر الثاني من عناصر التمييز هو ترتيب الولادة، ويقوم على أساس الاعتقاد الذي كان سائدا والذي يؤمن بأن دم المولود البكر أنقى وأفضل؛ وأخيراً يشكل نوع الجنس عنصراً ثالثاً من عناصر التمييز. وتدعي الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ تقبل العنصرين الأولين من التمييز، بل وتستند إليهما في بعض مزاعمها، ولكنها لا تقبل العنصر الثالث.

4-8 وتؤكد الدولة الطرف أن الدستور الإسباني يسمح بمواصلة استخدام ألقاب النبالة، إلا أنه يعتبرها مجرد رمز يخلو من أي مضمون قانوني أو مادي، وتستشهد برأي المحكمة الدستورية ومؤداه أنه إذا كان المقصود من استخدام لقب النبالة وجود "اختلاف قانوني في المضمون المادي، لكان من اللازم، تطبيق القيم الاجتماعية والقانونية المكرّسة في الدستور على مؤسسة النبالة"، وتقول إنه بالرغم من التسليم باستمرار وجود مؤسسة تاريخية تمييزية ولكنها تخلو من أي مضمون فليس هناك ما يدعو إلى تحديثها عن طريق تطبيق مبادئ دستورية (5) . وتقول الدولة الطرف إن محكمة التمييز العليا لم تصدر سوى 11 حكماً لم تُعتمد بالإجماع – تخرج عن النظرية القديمة التي تقوم عليها القواعد التاريخية المطبقة على توارث ألقاب النبالة، التي كانت دافعاً في إثارة مسألة الدستورية، وقد فصلت المحكمة الدستورية في الأمر بموجب حكمها الصادر في 3 تموز/يوليه 1997. وتؤكد الدولة الطرف أن احترام القواعد التاريخية للمؤسسات أمر تعترف به الأمم المتحدة والدول الأوروبية السبع التي تقبل مؤسسة النبالة بقواعدها التاريخية، لأنها لا تنطوي على أي وجه من أوجه عدم المساواة أمام القانون، إذ إن القانون لا يعترف بوجود أي مضمون قانوني أو مادي لألقاب النبالة، وبالتالي ليس هناك أي انتهاك للمادة 26 من العهد.

4-9 وتدعي الدولة الطرف أن استخدام لقب النبالة ليس حقاً من حقوق الإنسان، أو حقاً من الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد، ولا يمكن بالتالي اعتباره جزءاً من الحق في الحياة الخاصة، إذ إن الانتماء إلى أسرة مسألة توثق استناداً إلى الاسم واسم العائلة على النحو المنصوص عليه في المادة 53 من قانون السجل المدني الإسباني وفي الاتفاقات الدولية. وأي رأي مخالف لذلك من شأنه أن يثير العديد من التساؤلات من قبيل ما إذا كان للأشخاص الذين لا يحملون ألقاب النبالة ليست لهم هوية أسرية، أو ما إذا كان الأقارب ممن ينتمون إلى أسرة نبيلة الذين لم يرثوا لقب النبالة لا يعتبرون من أعضاء هذه الأسرة. وترى الدولة الطرف أن إدراج مسألة استخدام لقب النبالة في حق الإنسان في خصوصية الحياة الشخصية والحياة الأسرية من شأنه أن يقوِّض مبدأ المساواة بين البشر وسيكون مخالفاً لعالمية حقوق الإنسان.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في رسالة خطية مؤرخة 1 نيسان/أبريل 2002، تؤكد صاحبة البلاغ قولها بأن من غير المجدي، في قضيتها، رفع دعوى أخرى أمام المحاكم المحلية إذ إن الفقرة 2 من المادة 38 والفقرة 2 من المادة 40 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية لا تسمحان إعادة النظر في دستورية النظام القانوني الإسباني فيما يتعلق بتوارث ألقاب النبالة. وتؤكد على أنها داومت اللجوء إلى سبل الانتصاف المحلية لكي تتفادى قضيتها أمراً مقضياً به، مما يحول دون أن يكون للآراء التي يمكن أن تبديها اللجنة ضد الدولة الطرف أي فعالية. وتقول إنه على افتراض أن اللجنة حكمت لصالحها مثلاً قبل أن تنتهي المحكمة العليا من النظر في الطلب المرفوع إليها بإلغاء القرار، يمكنها أن تقدم القرار كدليل لـه من القوة ما يسمح بالعودة إلى الحكم القضائي السابق الذي يقضي بالمساواة بين الرجل والمرأة في خلافة ألقاب النبالة، وتحصل بالتالي على جبر فعلي للضرر الذي لحق بحقها الأساسي في عدم التمييز، أي استعادة لقب النبالة. وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن الضحية غير ملزمة وفقاً للأحكام القضائية السابقة التي يتكرر الاستشهاد بها الصادرة عن اللجنة، باللجوء إلى سبل انتصاف لا جدوى منها.

5-2 وتدّعي صاحبة البلاغ أن الأساس الذي استشهدت به الدولة الطرف لعدم جواز قبول البلاغ فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5، غير صحيح، إذ إنها لم تكن طرفاً في الدعاوى القضائية التي أقامتها أربع نساء إسبانيات تطالبن فيها بخلافة ألقاب النبالة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (6) . وتذكِّر صاحبة البلاغ بالقرار الذي اتخذته اللجنة في قضية أنطونيو سانشيز لوبيز ضد إسبانيا ومؤداه أن مفهوم "المسألة ذاتها" ينبغي أن يفسر على أنه يشير إلى نفس الشكوى ونفس الشخص.

5-3 وتدعي صاحبة البلاغ بأن ثمة انتهاكاً للمادة 3 من العهد، بالاقتران بالمادتين 26 و17، إذ إن جنس أي شخص يشكل عنصراً من عناصر حياته الخاصة وأن معاملته معاملة غير ملائمة لمجرد انتمائه لجنس الإناث يشكل بصرف النظر عن طبيعة التمييز، تعدياً على الحياة الخاصة للفرد. كما تدّعي أن لقب النبالة في حد ذاته يعتبر من المعالم المميزة للأسرة التي تنتمي إليها.

5-4 وفي رسالة خطية أخرى مؤرخة 12 حزيران/يونيه 2002، تكرِّر صاحبـة البلاغ التعليقات التي سبق أن أبدتها بخصوص جواز قبول شكواها، وتدّعي فضلاً عن ذلك أن النظر في دعوى الاستئناف التي أقامتها قد تأخر بدون مبرر، إذ إن خمس سنوات قد انقضت منذ أن أقامتها. أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تؤكد صاحبة البلاغ أن النظام القانوني الإسباني ينظم استخدام ألقاب النبالة وحيازتها والتمتع بها باعتبارها حقاً من الحقوق الفردية الخالصة. وعلى الرغم من أن توارث اللقب يتم فيما يتعلق بمؤسس اللقب، فإن توارث الامتيازات التي تمنحها النبالة لا تنشأ إلا بعد وفاة آخر حامل للقب النبالة، وبالتالي تطبق القوانين السارية آنذاك. وتزعم صاحبة البلاغ أنه على الرغم من أن ألقاب النبالة تُنظم وفقاً لقواعد مدنية خاصة تستند إلى علاقة الدم، أي أنها لا تدخل في إطار القانون المدني الخاص بالأيلولة، فإن ذلك لا يعني أن توارث الألقاب يقع خارج نطاق قانون الأيلولة الخاص بذوي القربى.

5-5 وفيما يخص قواعد توارث ألقاب النبالة التي أشارت إليها الدولة الطرف، تؤكد صاحبة البلاغ أن العديد من المنظرين بل ومجموعة السوابق القضائية التي أصدرتها المحكمة العليا، ترى أن هذه القواعد لا تنطبق على خلافة عرش إسبانيا.

5-6 أما فيما يخص أن استخدام لقب النبالة لا يُعدّ حقاً من حقوق الإنسان، كما تزعم الدولة الطرف، فتدّعي صاحبة البلاغ أن المادة 26 من العهد تنص على المساواة بين الجميع أمام القانون، وأن الدولة الطرف تنتهك هذه المادة حيث إنها تضفي اعترافاً قانونياً على الحق في توارث ألقاب النبالة من جهة، وتمارس تمييزاً ضد المرأة من جهة أخرى، وتقول إن عدم وجود أي قيمة مادية لهذه الألقاب أمر غير مهم لأن هذه الألقاب لها قيمة عاطفية كبيرة لحامليها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن لقب ماركيز تابالوسوس هو جزء لا يتجزأ من الحياة الخاصة لعائلة كاريون باركايزتيغوي، التي تنحدر منها، وأنه حتى وإن كانت بعض الأصول التابعة لأسرتها لا تدخل في التركة لأنها غير قابلة للتجزئة أو لأن قيمتها المادية بخسة، فيجب أن تحظى تلك الأصول بالحماية من أي تدخل تعسفي. وبالتالي فإنها تستحق الحصول على الحماية المنصوص عليها بموجب المادة 3 بالاقتران مع المادة 17، من العهد، بقدر ما تحول أحكام هاتين المادتين دون التمييز في التمتع بالحقوق التي يشملها العهد بالحماية. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن المحكمة العليا خلصت في الفترة ما بين عامي 1986 و1997، إلى أن استبعاد المرأة في مسألة توارث ألقاب النبالة يعد انتهاكاً للمادة 14 من الدستور أي كفالة المساواة أمام القانون، وهي سابقة ألغتها المحكمة الدستورية بالحكم الذي أصدرته في عام 1997.

5-7 وتؤكد صاحبة البلاغ أن إشارة الدولة الطرف إلى أن التمييز بحكم المولد فيما يتعلق بألقاب النبالة غير صحيح، لأن هذا الرأي من شأنه أن يعتبر الوراثة كمفهوم عام ممارسة تمييزية، كما أن ادعاء التمييز فيما يتعلق بالأحفاد غير صحيح هو الآخر، إذ إن هذا الادعاء يشير إلى حالة غير الحالة التي يثيرها البلاغ. وتضيف صاحبة البلاغ أن مراعاة السلالة لدى منح أصل متفرد من الأصول المتوارثة، من قبيل لقب النبالة، يعدّ معياراً لا ينطوي على أي تمييز ضد الرجل أو المرأة، ولا يخلق حالة من عدم المساواة لا مبرر لها، بالنظر إلى الطبيعة غير القابلة للتجزئة والعاطفية بخاصة لذلك الأصل.

5-8 أما فيما يتعلق بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن القواعد التي تنظم بموجبها ألقاب النبالة في بلدان أوروبية أخرى، تزعم صاحبة البلاغ أن هذه الألقاب في تلك البلدان، لا تحظى بأي اعتراف قانوني رسمي كما هو الحال في إسبانيا، وبالتالي فإن أي خلاف قد ينشأ في دول أخرى سيكون مختلفاً عن الخلاف المثار في القضية الحالية. فالمسألة المطروحة لا تتعلق بالاعتراف بألقاب النبالة بل مجرد جانب واحد من ذلك الاعتراف الوارد بالفعل في الأحكام التشريعية في إسبانيا، وهو التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالخلافة. وتدعي صاحبة البلاغ أن الجانب "غير المادي" من اللقب في رأي الدولة الطرف يبرر التمييز ضد المرأة فيما يتعلق بالخلافة، دون مراعاة القيمة الرمزية لهذا اللقب وكذلك قيمته العاطفية الكبيرة، وأن منح الأسبقية للذكر على حساب الأنثى يعد إهانة لكرامة المرأة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي في ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي عدم قبول البلاغ الذي قدمته صاحبة البلاغ استناداً إلى الفقرة 2(أ) من الماد 5 من البروتوكول الاختياري. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه في حين أن الشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تتعلق بادعاء التمييز في توارث ألقاب النبالة، فهي لا تخص الشخص نفسه. وبناء على ذلك، فإن اللجنة ترى أن قضية صاحبة البلاغ ليست محل نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتصر الدولة الطرف على وجوب إعلان عدم مقبولية البلاغ، مؤكدة أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد. ومع ذلك، فإن اللجنة تلاحظ الحجة التي ساقتها صاحبة البلاغ فيما يتعلق بقضيتها وهي أنه لا جدوى من إقامة أي دعوى جديدة أمام المحاكم المحلية، إذ إن الفقرة 2 من المادة 38 والفقرة 2 من المادة 40 من القانون الخاص بتنظيم شؤون المحكمة الدستورية لا تسمحان بإعادة النظر في دستورية النظام القانوني الإسباني الذي يحكم توارث ألقاب النبالة. وبناء على ذلك، تذكِّر اللجنة بالرأي الذي أبدته والذي كثيراً ما يستشهد به ومفاده أنه لاستنفاد سبل الانتصاف لا بد من وجود إمكانية لنجاحها.

6-4 وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من قول الدولة الطرف إن ألقاب النبالة الموروثة ليس لها أي أثر قانوني أو مادي، فإن قوانين الدولة الطرف وهيئاتها، بما فيها الهيئات القضائية، تعترف بها. وتكرر اللجنة مذكِّرة بمجموعة سوابقها القضائية (7) ، أن المادة 26 من العهد هي حكم مستقل يحظر كافة أشكال التمييز في أي مجال من المجالات التي تنظمها أي دولة طرف في العهد. بيد أن اللجنة ترى أنه لا يمكن الاستشهاد بالمادة 26 للمطالبة بألقاب نبالة متوارثة ذلك أنها مؤسسة تندرج بحكم طابعها الحصري وغير القابل للتجزئة خارج نطاق القيم المكرَّسة في مبادئ المساواة أمام القانون ومبادئ عدم التمييز المشمولة بالحماية بموجب المادة 26. وبناء عليه تخلص اللجنة إلى أن البلاغ لا يتوافق بحكم الاختصاص الموضوعي مع أحكام العهد، وهو بالتالي غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ الدولة الطرف وصاحبة البلاغ ومحاميها بهذا القرار.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) كونسيبسيون باركايزتيغوي أوهاغون هي الابنة البكر لخوسيه باركايزتيغوي إي مانسو، الماركيز الثالث لتابالوسوس. أما ماريا مرسيدس باركايزتيغوي أوهاغون، والدة صاحبة البلاغ، فهي ابنته الثانية والأخت الكبرى لإنييغو باركايزتيغوي أوهاغون. واستناداً إلى أقوال صاحبة البلاغ، فقد تنازل إينييغو عن اللقب لصالح ابنه، خفيير باركايزتيغوي أوهاغون.

(2) تروي صاحبة البلاغ بأنها سألت ابن خالها عن السبب الذي دفع خالها إلى التنازل عن لقبه لصالحه.

(3) دفع هذا الحكم المحكمة العليا إلى تعديل أحكامها التي حادت عن السابقة التاريخية فيما يخص المساواة بين الرجل والمرأة.

(4) تنص الفقرة 2 من المادة 38 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية على أن "الأحكام التي ترفض الطعن في مسائل تتعلق بالدستورية وفي النزاعات الخاصة بالدفاع عن الاستقلالية المحلية قد لا يجوز أن تكون محل أي طعن آخر في ذات المسألة باللجوء إلى أي سبيل من السبيلين استناداً إلى ذات الانتهاك لذات القاعدة الدستورية".

(5) تستشهد الدولة الطرف بقضية رفضت فيها المحكمة الدستورية دعوى استئناف بالحماية رفعها شخص يلتمس من خلالها وراثة لقب النبالة، إلا أنه لم يقبل الشرط القاضي بأن يكون متزوجاً من شخص من النبلاء.

(6) القضية رقم 777/1997، القرار المؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، الفقرة 6-2.

(7) انظر على سبيل المثال الآراء المتعلقة بالبلاغ رقم 182/1984 (زوان دي فريس ضد هولاندا). الآراء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

التذييل

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد رافائيل ريفاس بوسادا (مخالف)

1- قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في جلستها المعقودة في 30 آذار/مارس 2004 إعلان البلاغ رقم 1019/2001 غير مقبول عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري. واللجنة إذ تذكِّر بأن مجموعة سوابقها القضائية قد دأبت على اعتبار أن المادة 26 من العهد حكم مستقل يحظر أي تمييز في أي مجال من المجالات التي تنظمها الدولة الطرف، فهي تذكر في الفقرة 6-4 من قرارها "أنه لا يمكن الاستشهاد بالمادة 26 كأساس للمطالبة بحق في لقب نبالة متوارث، وهو نظام يندرج بسبب طابعه الحصري وغير القابل للتجزئة، خارج نطاق القيم المكرسة في مبدأي المساواة أمام القانون وعدم التمييز المشمولين بالحماية بموجب المادة 26". وتخلص اللجنة بناء على ذلك إلى أن شكوى صاحبة البلاغ تتنافى، بحكم طبيعتها، مع ما ورد في العهد، وأنها بالتالي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري .

2- وتدعي صاحبة البلاغ في شكواها أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 مشيرة إلى أن الأحفاد الذكور يتمتعون بأفضلية خلافة ألقاب النبالة على حساب النساء مما يجعل المرأة في وضع يتميز بعدم المساواة دون مبرر. وبالتالي فإن مطالبتها تتعلق بالمعاملة التمييزية التي عانت منها بسبب نوع جنسها وبناء عليه، ينبغي للجنة أن تقتصر على النظر في هذا العنصر الأساسي من الشكوى وعدم الخوض، فيما يتعلق بمسألة المقبولية، في أمور أخرى تتعلق بنظام الألقاب الوراثية.

3- إن مطالبة صاحبة البلاغ بأن يعترف بها كوريثة للقب نبالة، تقوم على أساس القانون الإسباني وليست نزوة. وقد أصدرت محكمة التمييز العليا حكماً في 20 حزيران/يونيه 1987 أعلنت فيه أن هذا القانون مخالف للدستور لأنه يمنح الأفضلية للذكور في توارث ألقاب النبالة ، أي لأنه يميز على أساس الجنس. لكن المحكمة الدستورية رأت في وقت لاحق، أي في 3 تموز/يوليه 1997 أن أسبقية الذكور في ترتيب توارث ألقاب النبالة على النحو المنصوص عليه في القانون الصادر في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1820 وفي القانون الصادر في 4 أيار/مايو 1948 ليست تمييزية ولا مخالفة للدستور. وبما أن القرارات التي تصدر عن المحكمة الدستورية تعتبر ملزمة في إسبانيا، فقد أُقر من جديد التمييز القانوني على أساس الجنس في المسائل ذات الصلة بتوارث ألقاب النبالة .

4- ومن الواضح أن اللجنة عندما قررت أن البلاغ غير مقبول على أساس عدم اتساق مفترض بين مطالبة صاحبة البلاغ و"القيم الأساسية" (هكذا ورد في النص) الواردة في المبادئ المشمولة بالحماية بموجب المادة 26، قد حكمت بأكثر مما طلب أي أنها بتت في مسألة لم تطرحها صاحبة البلاغ. فقد اقتصرت صاحبة البلاغ على الشكوى من تمييز الدولة الطرف ضدها على أساس الجنس؛ والتمييز في القضية المعروضة علينا واضح، وكان ينبغي للجنة أن تتخذ قراراً بقبول البلاغ على أساس العناصر المعروضة بوضوح فيه.

5- وبالإضافة إلى الحكم بأكثر مما طُلب، أخفقت اللجنة في أن تضع في الاعتبار سمة بارزة من سمات القضية. فالمادة 26 تنص على أنه "يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب". وعلى الرغم من ذلك، فإن القانون في إسبانيا لا يحظر التمييز على أساس الجنس في القضايا المتصلة بتوارث ألقاب النبالة، بل إنه يقتضيه إيجابياً. وليس هناك في رأيي أي شك في أن هذا الحكم يتنافى مع المادة 26 من العهد.

6- وللأسباب المبينة أعلاه أرى أنه كان ينبغي للجنة أن تخلص إلى أن البلاغ رقم 1019/2001 مقبول لأنه يثير مسائل تندرج في إطار المادة 26، لا أن تعلن أنه يتنافى، بحكم الاختصاص الموضوعي، مع أحكام العهد.

(توقيع): رافائيل ريفاس بوسادا

16 نيسان/أبريل 2004

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة، السيد هيبوليتو سولاري – يريغوين (مخالف)

أود الإعراب عن الآراء المخالفة التالية فيما يتعلق بالبلاغ قيد النظر.

البلاغ مقبول

تحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أن قواعد توارث ألقاب النبالة تنطوي، في رأيها، على ثلاثة عناصر للتمييز: ينص العنصر الأول على أنه لا يجوز إلا للمنحدرين من نفس الأصل توارث اللقب؛ ويكرس العنصر الثاني حق البكر؛ ويتعلق العنصر الثالث بالجنس. وفي الوقت ذاته، تحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحبة البلاغ وهي أن الدولة الطرف تشير إلى إضافة ادعاءات مختلفة عن المذكورة في البلاغ؛ وأن حق البكر يستند إلى طبيعة اللقب غير القابل للتجزئة، ولا يشكل تمييزاً لأنه لا يفضل الرجال مقارنة بالنساء؛ وأخيراً أن المسألة المطروحة للنقاش لا تتعلق بالاعتراف بألقاب النبالة، بل بمجرد جانب واحد من ذلك الاعتراف وهو التمييز ضد المرأة، إذ إن التشريع الإسباني والحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية يؤيدان منح الأسبقية للذكور على حساب الإناث وهو ما يعد إهانة لكرامة المرأة. وتلاحظ اللجنة أنه يجري التنازع في هذا البلاغ على لقب بين أقرباء من الدرجة الثانية، هما صاحبة البلاغ بصفتها ممثلة لأمها المتوفاة، والأخ الأصغر لأمها وأن الادعاء يقتصر على التمييز على أساس نوع الجنس.

وتلاحظ اللجنة، لأغراض المقبولية أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية لإثبات ادعاء تعرضها للتمييز بسبب جنسها، الأمر الذي قد يثير مسائل تندرج في إطار المواد 3 و17 و26 من العهد. وترى اللجنة بناءً عليه أن البلاغ مقبول، وتباشر النظر في أسسه الموضوعية عملاً بالفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

إن أسباب القرار أو مبررات اتخاذ القرار فيما يخص الأسس الموضوعية يقتصر على ما إذا كانت صاحبة البلاغ قد تعرضت أم لم تتعرض للتمييز بسبب جنسها وهو ما يُعتبر انتهاكاً للمادة 26 من العهد. ولا يجوز للجنة أن تُدرج في قراراتها مسائل لم تعرض عليها، لأنها لو قامت بذلك تكون قد تجاوزت سلطتها باتخاذ قرارات أكثر مما طُلب منها. وبناءً عليه، تمتنع اللجنة عن النظر في شكل الحكومة (ملكية برلمانية) الذي اعتمدته الدولة الطرف في المادة 3 من دستورها، وفي طبيعة ونطاق ألقاب النبالة لأن هذه المسائل تخرج عن موضوع البلاغ قيد النظر؛ لكن اللجنة تلاحظ، أن هذه الألقاب تُنظم بموجب القانون وتخضع للقواعد التي تحددها السلطات على أعلى المستويات وتحظى بحمايتها، حيث إن الملك نفسه هو الذي يمنح هذه الألقاب وهو رئيس الدولة بموجب الدستور الإسباني (المادة 56) والشخص الوحيد المخول بمنح ألقاب الشرف هذه وفقاً للقانون (المادة 62(و)).

وستكون اللجنة قد تخلت إلى حد مثير للقلق عما كلفت به من مسؤوليات محددة إن هي تناولت المسألة بصورة مجردة كي تستثني من نطاق العهد، بأسلوب دعوى الحسبة، قطاعات أو مؤسسات في المجتمع أياً ما كانت طبيعتها، عوضاً عن دراسة الوضع في كل حالة على حدة تقدم إليها للنظر في احتمال انطوائها على انتهاك محدد للعهد (المادة 41 من العهد والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). فإذا اعتمدت اللجنة إجراء من هذا القبيل تكون قد منحت نوعاً من الحصانة يسمح بعدم تناول حالات يحتمل أن يكون قد وقع فيها تمييز محظور بموجب المادة 26 من العهد، لأن الأفراد الذين ينتمون إلى هذه القطاعات أو المؤسسات المستثناة سيحرمون من الحماية.

ولا ينبغي للجنة في الحالة المحددة لهذا البلاغ أن تصدر قراراً عاماً يناهض نظام توارث ألقاب النبالة في الدولة الطرف والقانون الذي ينظم شؤونه، بهدف استثنائه من أحكام العهد، وخصوصاً من نطاق المادة 26 بدعوى عدم التوافق بحكم الاختصاص الموضوعي، لأن ذلك يعني أن تغض اللجنة الطرف عن مسألة التمييز القائم على أساس الجنس المطروحة في الشكوى. ولاحظت اللجنة أيضاً أن الحق في المساواة أمام القانون وفي الحماية المتساوية بموجب القانون بدون أي تمييز ليس ضمنياً بل إنه حق معترف به ومشمول بالحماية صراحة بموجب المادة 26 من العهد بنطاقها الواسع الذي أضفته عليها اللجنة سواء من خلال تعليقاتها على القواعد أو من خلال مجموعة قراراتها ومقرراتها السابقة. ويرتكز هذا النطاق، بالإضافة إلى ذلك، إلى وضوح النص الذي لا يسمح بأي تفسير حصري.

وفضلاً عن الاعتراف بالحق في عدم التمييز على أساس الجنس، تقتضي المادة 26 من الدول الأطراف التحقق من أن قوانينها تحظر أي شكل من أشكال التمييز في هذا الصدد وتكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز. أما القانون الإسباني الخاص بألقاب النبالة فهو لا يعترف بالحق في عدم التمييز على أساس الجنس ولا يوفر أي ضمان بالتمتع بذلك الحق فحسب، وإنما يفرض أيضاً التمييز قانوناً ضد النساء، في انتهاك صارخ لأحكام المادة 26 من العهد.

ولقد ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 18 بشأن عدم التمييز ما يلي:

• "إذا كانت المادة 2 تقصر نطاق الحقوق التي يتعين حمايتها من التمييز على تلك المنصوص عليها في العهد، فإن المادة 26 لا تعين هذه الحدود. وبعبارة أخرى، فإن المادة 26 تنص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في الحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون تمييز، وأنه يتعين أن تكفل القوانين لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة من التمييز لأي من الأسباب المذكورة. وترى اللجنة أن المادة 26 ليست ترديداً وحسب للضمان المنصوص عليه من قبل في المادة 2؛ وإنما هي تنص في صلبها على حق مستقل. فهي تحظر التمييز أمام القانون أو في الواقع في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة. ولذا فإن المادة 26 تتعلق بالالتزامات المفروضة على الدول الأطراف فيما يتعلق بتشريعاتها وبتطبيق هذه التشريعات. ومن ثم، عندما تعتمد دولة طرف تشريعاً معيناً يجب أن يكون هذا التشريع متمشياً مع متطلبات المادة 26 بمعنى ألا يكون محتواه تمييزياً".

وفي الوقت ذاته ذكرت اللجنة، في تعليقها العام رقم 28 بشأن المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، ما يلي:

• "إن عدم تمتع النساء في جميع أنحاء العالم بحقوقهن على أساس من المساواة هو أمر ضارب الجذور في التقاليد والتاريخ والثقافة، بما في ذلك في المواقف الدينية. وتتجلى المرتبة الدنيا التي تحتلها المرأة في بعض البلدان من ارتفاع حالات اختيار جنس المولود قبل الولادة وإجهاض الأجنة من الإناث. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن عدم استخدام العادات التقليدية أو التاريخية أو الدينية أو الثقافية لتبرير انتهاكات حق المرأة في المساواة أمام القانون والتمتع على أساس من المساواة بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد".

وبخصوص حظر التمييز ضد النساء الوارد في المادة 26، لا يستبعد في التعليق العام المذكور من نطاق تطبيقه أي مجال أو ميدان كما يتجلى من البيانات التالية الواردة في الفقرة 31:

• "يقتضي الحق في المساواة أمام القانون وعدم الخضوع لأي تمييز، الذي تكفل المادة 26 حمايته، أن تتخذ الدول إجراءات ضد التمييز من خلال الهيئات العامة والخاصة في جميع الميادين".

• "وينبغي للدول الأطراف أن تستعرض تشريعاتها وممارساتها وأن تبادر بتنفيذ جميع التدابير الضرورية للقضاء على التمييز ضد المرأة في جميع الميادين".

والموقف الواضح والصريح الذي اتخذته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لصالح المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء والذي يقتضي من الدول الأطراف أن تعدل تشريعاتها وممارساتها ينبغي ألا يُعتبر أمراً مفاجئاً لأي هيئة منشأة بموجب معاهدة من معاهدات الأمم المتحدة، إذ إن ميثاق المنظمة الموقع عليه في سان فرانسيسكو في 26 حزيران/يونيه 1945، يؤكد من جديد في ديباجته الإيمان بالمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء كأحد الأهداف الأساسية للمنظمة. ولكن التاريخ علمنا أنه بالرغم من الجهود التي يقتضيها الاعتراف بالحقوق، أصعب المهام، هي مهمة إعمال هذه الحقوق، وأنه ينبغي اتخاذ تدابير متواصلة لضمان إنفاذها الفعلي.

وفي البلاغ قيد النظر، قامت ماريا دي لا كوسيبسيون باركايزتيغوي أوهاغون، الحاملة السابقة للقب الماركيز المتنازع عليه، بنقل اللقب المتوارث الذي تحمله إلى أخيها إينيغو، وتلاحظ اللجنة وهي تباشر النظر في مصداقية النقل، أنه عند وفاة ماريا دي لا كوسيبسيون باركايزتيغوي أوهاغون في 4 نيسان/أبريل 1993 دون أن تنجب ذرية من صلبها، كانت صاحبة البلاغ بصفتها ممثلة أمها المتوفاة تستوفي معيار الوريث الأكبر سناً. وقامت إيماناً منها بأنها الأحق بحمل اللقب برفع دعوى قضائية ضد خالها، مطالبة بحقها في حمل لقب النبالة وهو ماركيز تابالوسوس. ورفضت محكمة مدريد الابتدائية رقم 18 دعوى صاحبة البلاغ على أساس السوابق القضائية الملزمة للمحكمة الدستورية بحكم أصدرته في 3 تموز/يوليه 1997 قضى بأغلبية الأصوات بأن تفضيل القانون الرجال على النساء لدى تساوي النسب والقرابة في الترتيب الاعتيادي لتوارث لقب النبالة بعد وفاة حامله ليس تمييزياً ولا يعتبر انتهاكاً للمادة 14 من الدستور الإسباني الصادر في 27 كانون الأول/ديسمبر 1978 التي ما زالت نافذة "إذ إنها تنص على أن الحقوق التاريخية سارية". وتنص المادة المذكورة أعلاه من الدستور على أن جميع الإسبان متساوون أمام القانون.

وبالرغم من حمل ألقاب النبالة ليس حقاً من حقوق الإنسان المشمولة بالحماية بموجب العهد حسبما تؤكد الدولة الطرف، وهو قول صحيح، فيجب ألاَّ تحيد تشريعات الدول الأطراف عن أحكام المادة 26. وكما ذكرت اللجنة في مجموعة سوابقها القضائية، فإن وجود تفاوت في المعاملة بناءً على أسباب تقع في نطاق المادة 26، ومن بينها الجنس، لا يعتبر تمييزاً محظوراً شريطة أن يكون قائماً على معايير معقولة وموضوعية. بيد أن إقرار تفوق الرجال على النساء، مما يعني فعلياً القول بأن النساء أدنى مرتبة من الرجال في الأمور ذات الصلة بتوارث ألقاب النبالة التي يجري تنظيمها بموجب القانون الإسباني ويتم تنفيذها عن طريق المحاكم الإسبانية، لا يعتبر خروجاً على هذه المعايير فحسب بل هو نقيضها تماماً. وفي حين أنه يجوز للدول أن تكفل الحماية القانونية لتقاليدها وأنظمتها التاريخية، فيجب عليها أن تقوم بذلك طبقاً للشروط التي تقتضيها المادة 26 من العهد.

وترى اللجنة أن الدولة الطرف بإصدارها لقرار، بصورة قانونية، بمنح لقب شرفي معين للرجال بصفة رئيسية وللنساء بصورة استثنائية فقط، قد اتخذت موقفاً تمييزياً تجاه النساء المنحدرات من أسر نبيلة، لا يمكن تبريره استناداً إلى تقاليد تاريخية أو حقوق تاريخية أو أي أسباب أخرى. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن حظر التمييز على أساس الجنس على النحو المنصوص عليه في المادة 26 من العهد، قد انتُهك في قضية صاحبة البلاغ. وحيث إن الأمر كذلك، فليس من الضروري النظر فيما إذا كان هناك انتهاك للمادة 17 بالاقتران بالمادة 3 من العهد.

واللجنة المعنية بحقوق الإنسان إذ تتخذ قرارها بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تنطوي على انتهاك للمادة 26 من العهد فيما يتعلق بمرسيدس كاريون باركايزتيغوي.

(توقيع): هيبوليتو سولاري - يريغوين

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة، السيدة روث ويدجوود

دأبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لدى استعراضها للتقارير القطرية وكذلك في آرائها المقدمة بشأن البلاغات الفردية على مناصرة حقوق المرأة في المساواة في التمتع بحماية القانون، حتى في الظروف التي يستدعي فيها هذا الوفاء بهذا الالتزام إدخال تعديلات كبيرة على الممارسات المحلية. لذا فإن ما يدعو إلى الانزعاج أن نرى اللجنة ترفض بهذا الأسلوب الاعتباطي بلاغ مرسيدس كاريون باركايزتيغوي.

ويُنظم توزيع الألقاب الأسرية في إسبانيا بموجب القانون العام. وتنشر القرارات المتخذة بشأن خلافة لقب شرفي أو لقب نبالة في الجريدة الرسمية (Boletin Oficial del Estado) بوصفها إجراءات رسمية اتخذتها الدولة. والترتيب الوراثي مسألة لا تتعلق بأفضلية يمنحها الحامل الفعلي للقب، بل تتعلق بالأحرى بحرمان الخلف من الإناث من أي حق قانوني بالمطالبة بحمل اللقب بحكم السن، وفقاً للأفضلية الممنوحة للذكور وبغض النظر عن رغبات السلف الذي يحمل اللقب. وتبدو مثل هذه القاعدة القانونية، انظر القانون الصادر في 4 حزيران/يونيه 1948، وكأنها فعل تمييزي علني.

والأسباب التي ساقتها اللجنة لرفض بلاغ السيدة هويوس مارتينيز دي إيروخو عندما طالبت بوراثة لقب دوقية المودوفار ديل ريو، لا يمكن أن تكون مصدر ارتياح للدولة الطرف. فاللجنة لدى رفض تظلم صاحبة البلاغ بوصفه غير مقبول بحكم طبيعته، ذكرت أن ألقاب النبالة الوراثية تشكل "مؤسسة ... تندرج خارج نطاق القيم الأساسية المكرسة في مبدأي المساواة أمام القانون وعدم التمييز المشمولين بالحماية بموجب المادة 26". ويمكن أن تُفسَّر هذه العبارة الغامضة بأنها تعني أن استمرار الألقاب الوراثية يتنافى في حد ذاته مع العهد. والأمل معقود على أن يولى في مجموعة الأحكام القضائية التي تصدرها اللجنة في المستقبل الاهتمام الواجب للرغبة التي أبدتها بلدان عديدة في الحفاظ على ذكرى أفراد وأسر كانت لهم مكانة كبيرة في بناء الوطن.

ويمكن مواءمة استخدام الألقاب بصورة تأخذ في الاعتبار حق المرأة في المساواة أمام القانون. فحتى في إطار التقاليد الخاصة بالألقاب قد يبرر تغير الوقائع تغيير القواعد التمييزية. ففي عصر الجيوش الوطنية، على سبيل المثال، لم يعد من المفترض أن يكون حامل اللقب قادراً على خوض المعارك في ساحة الحرب. (قد يوحي مثال جان دارك بالطبع، بوجود مجموعة واسعة النطاق من الإشارات المرجعية كذلك).

واعترفت إسبانيا عند انضمامها إلى معاهدات حقوق الإنسان الحديثة بالصعوبات المواجهة في تطبيق أسبقية الذكور بصورة تلقائية. ولقد صدقت إسبانيا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 27 تموز/يوليه 1977. ووافقت إسبانيا أيضاً على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1983. وقدمت إسبانيا لدى انضمامها إلى الاتفاقية الأخيرة تحفظاً واحداً، وهو تحفظ لـه أهمية في هذا المقام. فقد ذكرت إسبانيا أن الاتفاقية يجب ألا تمس الأحكام الدستورية المتعلقة بتوارث العرش في إسبانيا. ولم يصحب هذه الحماية الوحيدة المطلوبة لخلافة العرش أي تحفظ آخر شبيه يتعلق بالألقاب الأدنى مرتبة.

ولم تقدم إسبانيا أي تحفظ مماثل بخصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1977. ومع ذلك فإن قواعد الممارسة الحميدة توحي بضرورة منح إسبانيا الحق في إبداء نفس التحفظ لدى تطبيق العهد، حسب التفسير الأخير المقدم من اللجنة بشأن المادة 26 بوصفها ضمان مستقل للمساواة في توفير الحماية بموجب القانون. ولكن إسبانيا لم تحاول في نهاية المطاف، حتى في هذا التحفظ، إقرار أي حماية خاصة لمواصلة التمييز على أساس الجنس في توزيع الألقاب الأرستقراطية الأخرى.

ولا عجب في أن ترى أي دولة طرف أن وراثة العرش تشكل مسألة فريدة في نوعها، دون أن تعتزم الاستمرار في توسيع نطاق الممارسة المتبعة وهي إدراج النساء في المركز الأخير من التسلسل الوراثي. ولقد ذكَّرنا ملك إسبانيا الحالي في الواقع بأن نظاماً فريداً وتقليدياً مثل نظام الملكية يمكن أن يُعدل بما يتوافق مع معايير المساواة. واقترح الملك خوان كارلوس في الآونة الأخيرة تعديل قواعد وراثة العرش الإسباني. وعرض أن يخلف ابنه البكر بعد انتهاء ملكه، بغض النظر عما إذا كان ذكراً أو أنثى. وفي عهد تولت فيه نساء عديدات منصب رئاسة الدولة فإن هذا الاقتراح جدير بالثناء ولا خلاف عليه.

ولقد أشارت محكمة التمييز العليا لإسبانيا في حكمها الصادر في 20 حزيران/يونيه 1987، مؤيدة حق الإناث في توارث الألقاب غير الملكية على قدم المساواة مع الذكور، إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كما أشارت إلى المادة 14 من الدستور الإسباني الصادر في عام 1978. وقد تود إسبانيا في مداولاتها المقبلة الإشارة إلى التعليق العام رقم 18 للجنة المعنية بحقوق الإنسان الذي ينص على أن المادة 2 من العهد "تحظر التمييز أمام القانون أو في الواقع في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة". ويجب التذكير بأن رفض بلاغ ما لا يشكل، بموجب قواعد اللجنة، سابقة رسمية تطبق على أي بلاغ آخر أو لدى استعراض التقارير القطرية.

ولقد وصفت الدولة الطرف اللقب الوراثي المعني هنا على أنه "مجرد من أي مضمون مادي أو قانوني" وأنه لقب شرفي بحت (انظر الفقرتين 4-4 و4-8 أعلاه). ومن ثم فإن من المهم ملاحظة حدود القرار الفوري الذي اتخذته اللجنة. ويجب ألا تُفسَّر آراء اللجنة بأنها تكفل الحماية لأي قواعد تمييزية فيما يتعلق بالميراث، حيثما كان الأمر يتعلق بالأملاك المنقولة وغير المنقولة. كما أن هذه الآراء لا تكفل حماية التمييز فيما يتعلق بالوظائف المتوارثة تقليدياً التي قد لا يزال لها في بعض المجتمعات نفوذ كبير في اتخاذ القرارات السياسية أو القضائية. ونحن نقوم بمهمتنا كلجنة مكلفة بالرصد في إطار عهد دولي ولا يمكن لنا أن نبت في قواعد عامة بتجاهل تلك الحقائق المحلية.

(توقيع) : روث ويدجوود

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

نون - البلاغ رقم 1024/2001، سانليس سانليس ضد إسبانيا (القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : مانويلا سانليس سانليس (يمثلها السيد خوسيه لويس ماثون كوستا المحامي)

الشخص المدعي أنه ضحية : رامون سامبيدرو كاميان

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 28 آذار/مارس 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 آذار/مارس 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ، المؤرخ 28 آذار/مارس 2001، هي مانويلا سانليس سانليس، وهي إسبانية الجنسية والوريثة الشرعية للسيد رامون سامبيدرو كاميان، الذي تدعي أنه ضحية انتهاك إسبانيا لأحكام الفقرة 1 من المادة 2 وكذلك المواد 7 و9 و14 و17 و18 و26 من العهد. ويمثلها محامٍ. وقد أصبح البروتوكول الاختياري نافذاً في إسبانيا في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في 23 آب/أغسطس 1968، أُصيب رامون سامبيدرو كاميان، وكان عمره آنذاك 25 سنة، بكسر في الفقرات العنقية نتيجة حادث أدى إلى إصابته بالشلل الرباعي مدى الحياة. وفي 12 تموز/يوليه 1995، رفع دعوى إلى القضاء الولائي أمام قاضي محكمة أول درجة في نويا (لا كورونيا)، يطالب فيها بحق الموت بكرامة. وبالتحديد، طلب الإذن لطبيبه بأن يناوله المواد اللازمة للتخلص من حياته دون أن يتعرَّض للمحاكمة الجنائية وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1995، حكم القاضي برفض الدعوى لأن المادة 143 من قانون العقوبات تعتبر هذا الفعل مساعدة على الانتحار، وهي جريمة عقوبتها السجن لفترة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات.

2-2 ورفع رامون سامبيدرو استئنافاً أمام محكمة استئناف لا كورونيا التي رفضت الاستئناف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، واعتمدت قرار القاضي الابتدائي.

2-3 وفي 16 كانون الأول/ديسمبر 1996، رفع رامون سامبيدرو دعوى انتصاف أمام المحكمة الدستورية مستنداً إلى انتهاك حقوقه في الكرامة والنمو الحر لشخصيته، وفي الحياة والسلامة الجسدية والمعنوية، وكذلك حقه في محاكمة عادلة. وفي 27 كانون الثاني/يناير 1997 أُعلن قبول الطعن، ومُنح السيد سامبيدرو مهلة عشرين يوماً لتقديم مطالبه ابتداءً من 10 آذار/مارس 1997.

2-4 وفي فجر 12 كانون الثاني/يناير 1998، انتحر رامون سامبيدرو بمساعدة شخص أو مجموعة أشخاص مجهولي الهوية. واتخذت الإجراءات لتحريك دعوى جنائية ضد الشخص أو الأشخاص الذين ساعدوه على الموت. غير أنه تقرر أن لا محل لإقامة الدعوى لأنه لم يمكن إثبات المسؤوليات.

2-5 وعُيِّنت صاحبة البلاغ وريثة لرامون سامبيدرو بموجب وصية. وفي 4 أيار/مايو 1998 رفعت دعوى إلى المحكمة الدستورية تطالب فيها بحق مواصلة الإجراءات التي بادرت بها الضحية المزعومة. وقدمت من جديد الطلبات التي أُبديت في دعوى الانتصاف ، مؤكدةً أنه كان ينبغي على محكمة الاستئناف أن تُقر حق السيد سامبيدرو في أن يُرخص لطبيبه المعالج أن يناوله الأدوية اللازمة لمساعدته على الموت بكرامة.

2-6 وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، قررت المحكمة الدستورية حفظ القضية، ولم تعترف بحق المدعية في مواصلة الإجراءات. وأوضحت المحكمة، في جملة دفوعات أخرى، أنه على الرغم من أن النظام القانوني الإسباني يُسلِّم بحق الورثة في خلافة أقربائهم المتوفين في قضايا الحماية المدنية للحق في الكرامة، واحترام الحياة الخاصة الفردية والأسرية واحترام الذكرى، فإن الشروط المادية المتوفرة في قضية رامون سامبيدرو لا تكفي لتبرير خلافة المدعية له في الإجراءات. وعلاوة على ذلك، أوضحت المحكمة أن الحقوق التي تمسكت بها المدعية تختلف بحكم طبيعتها عن الحق في الموت دون مهانة، لأنه حق شخصي للغاية ولا يمكن نقله. وإن المطالبة بهذا الحق إنما كانت تعبيراً عن إرادة تخص الضحية وحدها، التي صارت مطالبتها لاغية منذ وفاتها. وأشارت المحكمة إلى أن هذه النتيجة يدعمها طابع الانتصاف الدستوري، الذي أُنشئ لمعالجة الانتهاكات الملموسة والفعلية للحقوق الأساسية.

2-7 وفي 20 نيسان/أبريل 1999، رفعت صاحبة البلاغ القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على أساس انتهاك حقوق رامون سامبيدرو في الحياة الكريمة والموت الكريم، وفي عدم تدخُّل الدولة في ممارسته لحريته الشخصية، وفي المساواة. وأعلنت المحكمة الأوروبية عدم قبول الدعوى لصفة الشخص المدعي، واعتبرت أن وريثة رامون سامبيدرو ليست لها صفة لاستئناف الإجراءات التي بادر بها مورثها. وفيما يتعلق بالطعن القائم على تجاوز مدة الإجراءات للحدود المعقولة، خلصت المحكمة الأوروبية إلى أنه، حتى بافتراض تمتع المدعية بحق الادعاء بأنها ضحية، فإنه مع مراعاة ظروف هذه القضية لم تستغرق الإجراءات مدة تسمح لها بتقرير حدوث انتهاك للاتفاقية. وبالتالي أعلنت أن هذا الجزء من الدعوى لا يقوم على أساس صحيح.

الشكوى

3-1 أكدت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، بتجريمها لتدخل الطبيب لمساعدة رامون سامبيدرو على الموت، قد ارتكبت انتهاكاً للحق في الحماية من كل تدخل تعسفي في الحياة الخاصة، وفقاً لأحكام المادة 17 من العهد. وبينت أن السيد سامبيدرو، كما شرح في كتابه، لم يطلب القتل الرحيم إلا لنفسه وليس للآخرين، وأن تدخل الدولة في قراره لا مبرر لـه.

3-2 وأكدت صاحبة البلاغ أن "التدخل الجنائي" للدولة في قرار رامون سامبيدرو يشكل انتهاكاًً للحق في عدم الخضوع لعقوبة أو معاملة لا إنسانية أو مهينة، وفقاً للمادة 7 من العهد، بما أن الشلل الرباعي الذي كان يعانيه كانت لـه آثار جسيمة على حياته اليومية. ونظراً لعجزه عن الوقوف، فقد كان يحتاج لمن يساعده ليأكل ويلبس ويلبي كافة احتياجاته، بما فيها أكثر الاحتياجات خصوصية. فالشلل الذي كان يعانيه سبب لـه عذاباً متواصلاً ولا يمكن قهره. ورغم أن عذابه، في هذه الحالة لم يكن نتيجة مباشرة لتدخل إرادي من أحد موظفي الدولة، فقد رأت أن سلوك هيئات الدولة لم يكن دون أثر، بما أن هنالك قاعدة جنائية تحول دون حصول السيد سامبيدرو على المساعدة اللازمة لـه لتحقيق مبتغاه، ألا وهو التخلص من حياته. وأكدت أن الحالة التي أحدثتها تشريعات الدولة الطرف هي ضرب من سوء المعاملة، وأنها أرغمت الضحية على أن تعيش حياة مهينة.

3-3 وأكدت صاحبة البلاغ أن المادة 6 من العهد انتهكت لأن هذا الصك لا يحمي فقط الحياة في بعدها البيولوجي، وفي كافة الظروف، وإنما أيضاً الحياة بكل ما تتضمنه من عزة وكرامة، وذلك على عكس الظروف المهينة التي عاشها السيد سامبيدرو لمدة تزيد على 29 عاماً. كما أكدت أن الحق في الحياة لا ينشأ عنه الالتزام بتحمل الهموم دونما نهاية، وأن ما عاناه رامون سامبيدرو من عذاب لا يتفق وفكرة كرامة البشر ذاتها.

3-4 وأكدت صاحبة البلاغ أن الفقرة 1 من المادة 18 من العهد انتهكت، وبينت أن قرار رامون سامبيدرو كان نابعاً عن حرية فكره وضميره وعن حقه في التعبير عن قناعاته الشخصية عن طريق الممارسات أو الأفعال. ومضت قائلة إن السيد رامون سامبيدرو كان أسيراً لأخلاق لم ي ؤمن بها، فرض ت ها سلطة الدولة، وحُكِمَ عليه بالعذاب بصورة دائمة" .

3-5 وأكدت صاحبة البلاغ أن أحكام المادة 9 من العهد انتهكت، وبينت أن حرية الفرد لا يمكن أن تخضع لتقييدات إلا إذا كانت هذه التقييدات واردة في القانون وفقط إذا تعلق الأمر بتدابير لازمة لحماية الأمن أو النظام أو الصحة أو الأخلاق العامة أو لحماية الحقوق والحريات الأساسية للغير. وإن تدخل الدولة في قرار السيد سامبيدرو لا يستجيب لأي من هذه الشروط. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يُنْظَرَ إلى الحق في الحرية على أنه الحق في القيام بأي فعل لا يمس بحقوق الآخرين. والحال أن الضحية طلبت القتل الرحيم لنفسها وليس للآخرين، وهو ما يجعل تدخل الدولة في غير محله.

3-6 واشتكت صاحبة البلاغ من انتهاك الحق في المساواة في حماية القانون، الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 وفي المادة 26 من العهد. واعتبرت أن هناك تناقضاً بين احترام الدولة لقرار الانتحار وعدم سماحها به للأشخاص المعوقين. فكل شخص معتمد على نفسه وقادر على الحركة يقاسي عذاباً شديداً يمكنه الانتحار دون أن يتعرض للمحاكمة إذا فشل في ذلك، خلافاً للأشخاص الذين يعانون إعاقة إلى حد يمنعهم من التصرف بأنفسهم، كما هو الشأن بالنسبة لرامون سامبيدرو الذي كان، بحكم عجزه التام عن الحركة، سيعرض أي شخص يقبل مساعدته لإجراءات جنائية وهذا يشكل في نظر صاحبة البلاغ تمييزاً أمام القانون. فالدولة، حسب رأيها، بوصفها تجسيداً للمجتمع، يجب أن تبدي تفهماً وأن تتصرف تصرفاً إنسانياً إزاء المرضى الذين صاروا لا يرغبون في العيش ويجب عليها ألا تعاقب الذين يقبلون مساعدتهم على تنفيذ رغبتهم في الموت حتى تتجنب ارتكاب فعل جائر بمعاملتهم معاملة تختلف عن معاملة الأشخاص سليمي البنية الذين يرغبون في الموت.

3-7 وأكدت صاحبة البلاغ أن أحكام المادة 14 من العهد انتهكت لأن المحكمة الدستورية رفضت أن تسلم لها بصفة لاستئناف الدعوى التي باشرها السيد سامبيدرو، وطالبت بتعويض من الدولة عن انتهاكات العهد التي ارتكبت في حق السيد سامبيدرو لما كان على قيد الحياة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 أكدت الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 2 كانون الثاني/يناير 2002 أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام الفقرة 2- أ من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، لأن القضية موضوع البلاغ المعروض على اللجنة هي تحديداً نفس القضية التي رفعتها صاحبة البلاغ أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومضت قائلة إن قرار المحكمة الأوروبية بعدم قبول الدعوى لم يتأسس على اعتبارات شكلية صرفة، وإنما على بحث حقيقي في الأسس الموضوعية للقضية، ذلك أن المحكمة نظرت في طبيعة الحق الذي طالب به السيد سامبيدرو لما كان على قيد الحياة، ألا وهو الحق في الانتحار بمساعدة الغير دون أن تترتب عن ذلك تبعات جنائية.

4-2 ورأت الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ طلبت إلى اللجنة أن تنقض القرار المتعلق بالأسس الموضوعية الذي سبق أن اتخذته هيئة دولية أخرى، وأن تعلن أن حق الفرد في الموت بكرامة أو في مساعدته على الانتحار دون أن تترتب عن ذلك تبعات جنائية، وهو ما طالب به السيد سامبيدرو قبل أن يفارق الحياة بمحض إرادته، ليس حقاً شخصياً بالأساس وغير قابل للنقل، خلافاً للقرار الذي اتخذته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأوضحت الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية لم يمكنها البت في القضية بسبب موت السيد سامبيدرو بإرادته، مما أدى إلى انقضاء إجراءات الانتصاف .

4-3 وذكرت الدولة الطرف أن وريثة رامون سامبيدرو أعلنت أنه "مات عزيز النفس"؛ وعلاوة على ذلك، لم تسجل لا ماضياً ولا حاضراً إجراءات محاكمة أو تهم ضد أي شخص لمساعدته على الانتحار، كما أن الدعوى الجنائية قد حُفِظَت. واعتبرت الدولة الطرف أن الشكوى المقدمة من صاحبة البلاغ لا طائل وراءها بما أنه من المستحيل قانوناً وعلمياً الاعتراف بالحق في الموت لشخص فارق الحياة فعلاً.

4-4 وأكدت الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 30 نيسان/أبريل 2002 أن الدعوى التي رفعتها صاحبة البلاغ هي دعوى للكافة بما أن صاحبة البلاغ لم تطلب الاعتراف بما تدعيه من حق في الموت الكريم لنفسها وإنما لشخص فارق الحياة. ومضت قائلة إن المطالب المقدمة من صاحبة البلاغ تحرف الحقوق المسلم بها في العهد. وبينت أن حكم المحكمة الأوروبية في قضية بريتي ضد المملكة المتحدة (1) ، نص على أن الحق في الحياة لا يمكن، من دون تحريف في الكلام، أن يفسر على أنه يخول حقاً يتعارض معه تعارضاً تاماً، ألا وهو الحق في الموت، إن كان ذلك بمساعدة الغير أو بمساعدة سلطة عامة.

تعليقات صاحبة البلاغ بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 أكدت صاحبة البلاغ في رسالتها المؤرخة 11 تموز/يوليه 2002، أن المحكمة الأوروبية لم تبحث الأسس الموضوعية للقضية، وإنما رفضت، خلافاً لذلك، النظر في الدعوى الأصلية المتعلقة بتدخل الدولة في قرار رامون سامبيدرو في أن يموت موتا هادئاً، لأنها كانت تعتبر أن الدعوى التي رفعتها وريثة السيد سامبيدرو وزوجة أخيه تشكل دعوى للكافة ولهذا السبب رفضت المحكمة الإذن لها بمواصلة الدعوى التي باشرها السيد سامبيدرو، باعتبارها غير مقبولة لصفة الشخص المدّعي .

5-2 واعتبرت صاحبة البلاغ أن المحكمة الأوروبية لم تنظر في الأسس الموضوعية إلا في إطار الشكوى المتعلقة بطول مدة الإجراءات. وفيما يتعلق بادعاءاتها الأخرى، أشارت إلى أنه وفقاً للآراء والقرارات السابقة للجنة (2) ، لا تعد قضية أعلنت المحكمة الأوروبية عدم قبولها شكلاً مسألة "محل دراسة" لأغراض الفقرة 2- أ من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ومضت قائلة إن المحكمة الأوروبية لم تنظر أيضاً في الشكوى المتعلقة بالحق في الحرية.

5-3 وأعلنت صاحبة البلاغ أنها لم ترفع دعوى للكافة لأنها حلّت محل الضحية الذي فارق الحياة دون أن يحصل على تعويض أو أي استجابة فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية. وأضافت أنها حرمت من حقها في مواصلة الدعوى التي رفعها رامون سامبيدرو وهو على قيد الحياة، وذلك بموجب قرار تعسفي للمحكمة الدستورية.

5-4 وأكدت صاحبة البلاغ أن أحكام الفقرة 7 من المادة 9 من قانون الإجراءات المدنية تخول كل وريث الحق في أن يستأنف دعوى رفعها شخص قبل وفاته، وذلك دونما استثناء، إذا قدم للمحكمة مستنداً يثبت صفته وكيل مثلما فعلت هي. وتنص المادة 661 من القانون المدني على أن "الورثة يخلفون المتوفى في كافة حقوقه والتزاماته" بمجرد ثبوت وفاته.

5-5 وتنص المادة 4 من القانون النظامي رقم 1/1982 بوضوح على أن "مباشرة الدعاوى المتعلقة بالحماية المدنية لشرف الشخص المتوفى وحياته الخاصة أو ذاكره هي من اختصاص الشخص الذي عُيِّن في وصيته لهذا الغرض" وفي حالة السيد سامبيدرو، هناك ادعاء بانتهاك الحق في الخصوصية، وهو حق يتصل بالحياة الخاصة.

5-6 وأكدت صاحبة البلاغ أن المحكمة الدستورية تطبّق أحكاماً غير متساوية فيما يتعلق بالترخيص لاستئناف الدعوى بسبب الوفاة، ذلك أن دائرة المحكمة ذاتها التي رفضت منح وريثة رامون سامبيدرو، بموجب قرارها رقم 116/2001 المؤرخ 21 أيار/مايو 2001، الحق في استئناف الإجراءات، منحت حق الخلافة الإجرائية لوريث مدعي توفي أثناء إجراءات الطعن في تدبير يقضي بوقف مُنَاضِل نقابي عن نشاطه. وقد أصدرت الدائرة حكماً بهذا المعنى بالرغم من الطابع "الشخصي للغاية" الذي ميّز القضية.

5-7 وأشارت صاحبة البلاغ إلى أن اللجنة قبلت أن تتولى وريثة المشتكي، الذي توفي أثناء إجراء المحاكمة، الخلافة الإجرائية، بما في ذلك أثناء الفترة التي سبقت نظر اللجنة في الشكوى (3) . وفيما يتعلق بالحكم الصادر في قضية بريتي ضد المملكة المتحدة ، والذي أشارت إليه الدولة الطرف، ذكرت صاحبة البلاغ أن سامبيدرو لم يطلب إلى الدولة الطرف أن تتخذ تدبيراً إيجابياً، وإنما طلب إليها أن تمتنع عن كل فعل، وأن تذره يفعل، أي ألا تتدخل في قراره الموت.

5-8 وأكدت صاحبة البلاغ أن رامون سامبيدرو مات دون أن يُعترف بإرادته الموت بكرامة كحق من حقوق الإنسان. وهذا يشكل، في نظر صاحبة البلاغ، دافعاً كافياً للترخيص لوريثته باستئناف الإجراءات. واستطردت قائلة إنه لم يُمنح أي تعويض عن المعاناة التي تكبّدها.

5-9 وأشارت صاحبة البلاغ إلى حكم أصدرته المحكمة الدستورية الكولومبية في عام 1997 فيما يتعلق بمسألة القتل الرحيم، وأعلنت فيه أن المادة 326 من قانون العقوبات الكولومبي، التي تشير إلى أن القتل بدافع الرحمة ( ("homicidio piadoso" لا يرتب مسؤولية جنائية على الطبيب الذي يساعـد المرضى المشرفين على الموت على إنهاء حياتهم إذا كان الشخص الخاضع لهذا التصرف قد أعرب عن إرادته بحرية. وأقامت المحكمة صلة بين منع معاقبة الانتحار بمساعدة الغير والحق الأساسي في حياة كريمة وكذلك حماية الاستقلال الذاتي الشخصي للفرد (4) . وأكدت صاحبة البلاغ أن الحق يتطور بفضل البحث عن نظام للعدل والسلام، وأن مساعدة شخص يعاني مرضاً عضالا ومؤلماً على الموت، إنما يشكل رد فعل طبيعي نابع من روح التضامن والرأفة الأصيلة في البشر.

5-10 وأكدت صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف فرضت على رامون سامبيدرو بصورة غير مباشرة تحمل العذاب الناجم عن عدم الحركة. وأكدت أنه لا يجوز القبول بأن تفرض دولة القانون هذا العبء على شخص عاجز، وتجعل وجوده خاضعاً لقناعات لم يتبناها. واعتبرت صاحبة البلاغ أن تدخُّل الدولة في حق رامون سامبيدرو في الموت لا يتفق وأحكام العهد الذي ينص في ديباجته على أن كافة الحقوق التي يسلِّم بها العهد تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه.

5-11 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الحق في عدم التعرض للتدخل التعسفي، وفقاً للمادة 17، أكدت صاحبة البلاغ أن المحكمة الأوروبية سلّمت، حتى في قضية بريتي، بأن "الرفض الجنائي" الذي تمارسه الدولة ضد قرار بالموت يتخذه شخص عاجز يعاني إصابات لا برء منها إنما يشكل تدخلاً في الحياة الخاصة لذلك الشخص. وفيما يتعلق بما أضافته المحكمة الأوروبية من أن هذا التدخل يبرره دافع "حماية حقوق الغير"، اعتبرت صاحبة البلاغ أن هذا الدفع مجرد من كل معنى لانعدام عنصر إيذاء الغير باعتبار أن الأسرة نفسها كانت ترغب في مساعدة الشخص الذي اتخذ قرار الموت.

5-12 وأكدت صاحبة البلاغ في رسالتين مؤرختين 22 كانون الثاني/يناير و20 آذار/مارس 2003، أنه خلافاً لما أكدته الدولة الطرف، لم يتمكن السيد سامبيدرو من الموت كما كان يتمناه، وأن وفاته لم تكن هادئة ولا مريحة ولا خالية من الألم. بل على عكس ذلك، تخللها كثير من القلق لأنه اضطر إلى تناول سيانيد البوتاسيوم.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 ورغم ما يبدو من تأكيد الدولة الطرف على أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة الأولى من البرتوكول الاختياري، لأن صاحبة البلاغ ليست "ضحية" بالمعنى الذي تحدده أحكام هذه المادة، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تؤكد أنها تتصرف باسم رامون سامبيدرو كاميان الذي كان حسب رأيها ضحية انتهاك للعهد بسبب رفض سلطات الدولة الترخيص بمساعدته على الانتحار وعدم منحها للطبيب الذي كان بإمكانه مساعدته الحماية من كل إجراءات جنائية. وتعتبر اللجنة أن الشكوى المقدمة بالنيابة عن رامون سامبيدرو كاميان أصبحت لاغية قبل عرض الشكوى المقدمة من صاحبة البلاغ عليها، نتيجة لقرار رامون سامبيدرو كاميان الانتحار في 12 كانون الثاني/يناير 1988 بمساعدة أشخاص آخرين، واتخاذ السلطات لقرار حفظ الدعوى الجنائية المرفوعة ضد الأشخاص المتورطين. وبناء عليه، ترى اللجنة أنه عند تاريخ تقديم البلاغ، في 28 آذار/مارس 2001، لم يكن من الجائز اعتبار رامون سامبيدرو كاميان ضحية انتهاك ما للحقوق المذكورة في العهد، بالمعنى الوارد في المادة الأولى من البروتوكول الاختياري. وبناء عليه، فإن ادعاءاتها غير مقبولة بموجب هذه المادة.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ التي تؤكد أن حقوقها التي تعترف بها أحكام المادة 14 من العهد انتهكت لأنها حرمت من حق مواصلة الإجراءات التي استهلها رامون سامبيدرو كاميان أمام المحكمة الدستورية، تعتبر اللجنة أن صاحبة البلاغ، التي لم تكن طرفاً في إجراء الانتصاف الأصلي أمام هذه المحكمة، لم تثبت بما فيه الكفاية ادعاءها بانتهاك أحكام الفقرة 1 من المادة 14 من العهد لأغراض المقبولية. وعليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفي ضوء الاعتبارات السابق ذكرها، ليس على اللجنة أن تنظر في دفع الدولة الطرف فيما يتعلق بالفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ولا في احتمال وجوب تطبيق الإعلان الصادر عن الدولة الطرف فيما يتعلق بهذه المادة.

7- وعليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحبة البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) القرار 2346/02 المؤرخ 29 نيسان/أبريل 2002.

(2) تشير إلى البلاغين رقم 808/1998، جورج روغل ضد ألمانيا ، ورقم 716/1996، ديتمار باوجر ضد ألمانيا .

(3) انظر البلاغين رقم 164/1984، كروس ضد هولندا، ورقم 774/1997، بروك ضد الجمهورية التشيكية. وتشير صاحبة البلاغ إلى قرار لجنة مناهضة التعذيب فيما يتصل بالبلاغ رقم 14/1994، بن مبارك ضد تونس .

(4) الحكم المؤرخ 20 أيار/مايو 1997. الدفع بعدم الدستورية المقدم من خوسيه إوريبيدس بارا بارا.

سين - البلاغ رقم 1040/2001، رومانز ضد كندا (القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : ستيفن رومانز (يمثله محام هو السيد لورن والدمان)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 13 كانون الأول/ديسمبر 2001 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 9 تموز/يوليه 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ، المؤرخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2001، هو السيد ستيفن رومانز، وهو مواطن جامايكي ولد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1965. ويقيم في كندا بصفة دائمة، ولكنه كان يخضع وقت تقديم هذا البلاغ لأمر بالإبعاد. ويدعي أن إبعاده إلى جامايكا يمثل انتهاك كندا لحقوقه بموجب المواد 6 و7 و10 و23 من العهد. وهو ممثل من جانب محام.

1-2 وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2001، طلبت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، وعملاً بالمادة 86 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف عدم إبعاد صاحب البلاغ إلى جامايكا إلى حين نظرها في القضية.

1-3 وفي 26 أيار/مايو 2003، قرر المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة فصل النظر في مقبولية البلاغ عن النظر في أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 هاجر صاحب البلاغ من جامايكا إلى كندا عام 1967 وكان عمره وقتذاك يقل عن عامين. ووصل إليها كمقيم دائم واحتفظ بهذا الوضع منذ ذلك الحين. وعاش بصفة مستمرة في كندا منذ عام 1967، ما عدا مرة واحدة سافر فيها إلى جامايكا عندما كان عمره اثنا عشر عاماً. وتوجد أسرة صاحب البلاغ بأكملها في كندا أيضاً، بما فيها والدته ووالده وأخواه الاثنان، وقد عاشوا هناك لما يزيد على ثلاثين عاماً. ولم يعد لـه أقارب في جامايكا.

2-2 وفي حزيران/يونيه 1991، أدين صاحب البلاغ بتحطيم منزل واقتحامه عمداً. وفي تموز/يوليه 1992، أدين بالاتجار بمخدرات. وفي كانون الأول/ديسمبر 1992، أدين بحيازة مخدرات للاتجار بها. وبحلول عام 1995، كان قد تم تشخيصه على أنه مصاب بانفصام جنوني مزمن وأنه مدمن مخدرات ويعاني من اضطرابات شخصية. وفي كانون الأول/ديسمبر 1996، أدين بالاعتداء وبالاعتداء المسبب لإصابات جسدية.

2-3 و في 7 تموز/يوليه 1999، وبعد دراسة مسألة إبعاده، أصدر قاض معني بشؤون الهجرة أمراً بإبعاده على أساس هذه الجرائم المرتكبة، وأمر بإبعاد صاحب البلاغ من كندا. وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، رفضت (دائرة الاستئناف) التابعة لهيئة الهجرة واللاجئين الاستئناف الذي طلب فيه عدم ترحيله مراعاة لجميع ملابسات القضية. ووافقت دائرة الاستئناف على أن "السبب المرجح" لارتكابه هذه الجرائم هو إصابته بمرض عقلي، ولكنها خلصت إلى أن هناك "احتمالاً كبيراً جداً" بأن يعاود ارتكاب جرائم وأن هذه الجرائم ستتسم بطابع عنيف. ولم يثبت أنه كان يداوى لعلاجه من المرض العقلي حتى عندما كان محتجزاً وكان يتسنى إعطاؤه الأدوية بانتظام. ووافقت على أن أسرته "ستصاب بصدمة نفسية كبيرة" في حالة إبعاده، ولكنها خلصت إلى أن إبعاده لن يشكل، على الأرجح، محنة شديدة بالنسبة لـه.

2-4 وفي 11 حزيران/يونيه 2001، رفضت (الدائرة التمهيدية) التابعة للمحكمة الاتحادية طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية لقرار دائرة الاستئناف. واعتبرت المحكمة أن إبعاد مقيم دائم أقام في كندا منذ طفولته المبكرة وليست لديه أية إقامة خارج كندا، ومقيم دائم يعاني من مرض عقلي شديد لدرجة أصبح معها عاجزاً عن تسيير أموره في المجتمع، لا يشكل انتهاكاً للعدالة الأساسية يخالف المادة 7 من الميثاق الكندي للحقوق والحريات (1) . ورفضت المحكمة أيضاً الادعاء بأن النتائج التي خلصت إليها دائرة الاستئناف بشأن الوقائع كانت مخالفة بكل وضوح للصواب.

2-5 وفي 18 أيلول/سبتمبر 2001، رفضت محكمة الاستئناف استئناف صاحب البلاغ لحكم المحكمة الاتحادية مؤكدة أن ظروف صاحب البلاغ لم تخوله حقاً مطلقاً في البقاء في كندا. وكانت دائرة الاستئناف قد وازنت على الوجه الصحيح بين المصالح المتضاربة التي تناولت دراستها وأمكنها، بناء على الأدلة، الاستنتاج شرعاً بأن الإبعاد يتفق مع مبادئ العدالة الأساسية. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001، رفض موظف معني بشؤون الهجرة طلب صاحب البلاغ البقاء في كندا لدواع إنسانية ورأفة بوضعه. وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2001، رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن بالاستئناف، مع دفع النفقات.

2-6 ووقت تقديم البلاغ، كان صاحب البلاغ قد باشر في تقديم طلب لإجراء مراجعة قضائية لقرار الموظف المعني بشؤون الهجرة، وكذلك طلب إلى دائرة الاستئناف لإعادة فتح الدعوى بالاستئناف في أمر الإبعاد. على أن أياً من هذه الإجراءات لم يسفر أوتوماتيكياً عن تعليق الأمر بالإبعاد.

الشكوى

3-1 يزعم المحامي أن إبعاد صاحب البلاغ من شأنه أن ينتهك المواد 6 و7 و10 و23 من العهد، مفيداً بأن حق دولة ما في إبعاد شخص من غير مواطنيها ليس حقاً مطلقاً، وإنما حق يخضع لقيود منصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويشير إلى آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قضية ويناتا ضد أستراليا (2) ، وإلى أحكام قضاء لجنة مناهضة التعذيب وفقاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

3-2 وفيما يتعلق بالمواد 6 و7 و10، يزعم المحامي أن صاحب البلاغ لا يتمتع بكل وضوح بأية أهلية عقلية تمكنه من اتخاذ إجراءات بنفسه ورعاية شؤونه، وهو ما سلَمت به دائرة الاستئناف. وأنه خلافاً للمرافق الطبية المتاحة في كندا، فإن إبعاد صاحب البلاغ إلى جامايكا من شأنه أن يضعه في حالة يكاد لا يجد فيها مرافق للعلاج. فقد أفاد مستشفى بالفو في جامايكا بأن إمكانياته لا تسمح لـه بعلاج مرضى تتصف تصرفاتهم بالعنف، وبأنه يتم إيداع هؤلاء الأشخاص في سجون عادية. وهناك أسباب أساسية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب البلاغ سيعرَض لاعتداءات بدنية ونفسية بسبب إصابته بمرض عقلي وحالة السجون في جامايكا. ويزعم المحامي أن لجامايكا تاريخاً طويلاً بسوء معاملة المرضى العقليين يتراوح بين استهداف الشرطة لهم بعنفها العشوائي وبين معاملتهم معاملة لا إنسانية في الإصلاحيات وعدم علاجهم علاجاً تأهيلياً. ولذلك، تخشى أسرته على حياته وسلامته البدنية. ويتذرع المحامي بحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية د. ضد المملكة المتحدة (3) الذي أكد أن طرد شخص ليس مواطناً يعالج من مرض الإيدز إلى بلد لا تتوافر فيه مرافق للرعاية إنما يمثل أمراً يصل إلى حد انتهاك المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية؛ ويؤكد أن الحالة قيد النظر أقوى حتى بالنظر إلى طول مدة إقامة عائلة صاحب البلاغ في كندا واتساع عددها.

3-3 وفيما يتعلق بالمادة 23، يزعم المحامي أن ليست هناك أسباب يمكن أن تبرر تقييد حق صاحب البلاغ في الحياة الأسرية وحقه في حماية الأسرة لـه. وفي رأي المحامي أن صاحب البلاغ لا يمثل خطراً على المجتمع، كما استنتجت دائرة الاستئناف ذلك. فأطول حكم جنائي صدر ضده لم يتجاوز 12 شهراً. وقد صدر حكمان بإدانته ببيع مخدرات لتمويل إدمانه، وثلاثة أحكام بإدانته باعتداءات جنسية أسفرت عن الحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، بينما تعلقت ثمانية أحكام بالإدانة بعدم امتثاله لأوامر المحكمة. وأكثر الأشخاص تضرراً بهذه الجرائم هو صاحب البلاغ نفسه، لا الآخرين. وهو لا يزال في حاجة إلى خطة علاج تسمح لـه بتسيير أموره على النحو الصحيح في المجتمع الكندي، وسيظل في الاحتجاز تحت العلاج النفسي إلى حين الانتهاء منه.

3-4 ومن شأن ترحيل صاحب البلاغ أن يحرم أسرته التي ترعاه رعاية كبيرة من ابن وأخ وأن يكون سبب آساها وفقدانها لـه. ويمثل الحفاظ على روابط أسرية أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للأشخاص الملونين وذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يواجهونها في المجتمع الكندي. وستكون أسرته المستعدة والقادرة على مساندة صاحب البلاغ في كندا عاجزة عن القيام بذلك في جامايكا. وسيكون الإبعاد معادلاً للمنفى نظراً إلى طول مدة إقامته في كندا. ويشير المحامي إلى أحكام القضاء الصادرة عن المحكمة الأوروبية التي تقضي بأنه يجب أن يكون هناك ما يبرر بشكل خاص طرد أشخاص أقاموا فترة طويلة ولهم روابط أسرية قوية (4) . ويجادل بأن إبعاد صاحب البلاغ لا يتناسب مع إصابته بمرض عقلي، وعجزه عن رعاية نفسه، وعدم وجود روابط أسرية أخرى لـه وعدم ارتكابه جرائم خطيرة.

رسائل الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 اعترضت الدولة الطرف، برسائلها المؤرخة 16 أيار/مايو 2002، على مقبولية البلاغ مدعية أنه غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، ولقلة الإثباتات فيما يتعلق بالمادتين 6 و10.

4-2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، ذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يلتمس في الوقت الحاضر وسيلتي انتصاف قد تجيزان لـه البقاء في كندا فيما لو كللتا بالنجاح. أولاً، يجوز لدائرة الاستئناف المستقلة، عند تقديم طلب من جانب مقيم دائم قبل الإبعاد، أن تعيد فتح دعوى بالاستئناف وأن تمارس سلطتها التقديرية بطريقة مختلفة. وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 2001، قدم صاحب البلاغ طلباً لإعادة فتح دعوى بالاستئناف، وقُبل هذا الطلب في 24 كانون الثاني/يناير 2002. ولم يحدد موعد للنظر في دعوى الاستئناف التي أعيد فتحها. وترفع طلبات إجراء مراجعة قضائية لأي قرار معارض، في حالة الإذن بذلك، إلى المحكمة الاتحادية، ثم إلى محكمة الاستئناف والمحكمة العليا. ويمكن في هذه المرحلة تقديم طلبات وقف تنفيذ الإبعاد. ثانياً، فيما يتعلق بإجراءات المراجعة القضائية للقرار المتخذ من جانب الموظف المعني بشؤون الهجرة، فقد أذنت المحكمة الاتحادية، في 20 آذار/مارس 2002، بتقديم طلب لمراجعته قضائياً. وقد تحدد تاريخ 12 حزيران/يونيه 2002 للنظر في الطلب الأساسي المتعلق بإجراء مراجعة قضائية، ويمكن استئناف أي قرار معارض على نحو ما ورد وصفه. ويتمثل القرار الإيجابي في إحالة القضية للبت فيها من جديد.

4-3 وبما أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قد أكدت مراراً وتكراراً أن المراجعة القضائية تشكل وسيلة انتصاف متاحة وفعالة (5) ، فتعتبر الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول.

4-4 ومع أن الدولة الطرف لا تعترف بالانتهاك الظاهري للمادتين 7 و23، وهو الانتهاك الذي رفعت القضايا المتعلقة به أمام المحاكم المحلية الآن، فقد حاجت بأن الادعاءات المقدمة بموجب المادتين 6 و10 ليست مثبتة بأدلة لأغراض المقبولية. إذ لم يقدم صاحب البلاغ أي دليل على أن الوفاة ستكون نتيجة حتمية ومتوقعة بعد عودته إلى جامايكا، في حين أن ادعاءه بتدهور صحته بعد عودته لهو ادعاء افتراضي إلى حد كير. ولم تختلف الادعاءات المقدمة بموجب المادة 6 اختلافاً مادياً عن الادعاءات المقدمة بموجب المادة 7، التي هي الآن قيد الدراسة. وفيما يتعلق بالمادة 10، لم يدع صاحب البلاغ أنه عومل معاملة سيئة في السجون الكندية، في حين أن ادعاءه باحتجازه في سجن جامايكي وإساءة معاملته فيه لهو من محض افتراضه. وقد تم مرة أخرى تجميع هذه الادعاءات أيضاً في إطار القضايا التي تجري دراستها في الوقت الحاضر بموجب المادة 7.

4-5 وبرسالة أخرى مؤرخة 20 آب/أغسطس 2002، أفادت الدولة الطرف بأنه تم النظر في طلب صاحب البلاغ بإجراء مراجعة قضائية لقرار الموظف المعني بشؤون الهجرة، كما كان مقرراً، بينما حدد موعد 6 أيلول/سبتمبر 2002 لنظر دائرة الاستئناف في دعوى استئناف قرار الإبعاد. ويمكن استئناف أي قرار يصدر بشأنهما مع وقف التنفيذ إلى حين دراسة الدعوى بالاستئناف. وعليه، ليس هناك أي خطر بترحيل صاحب البلاغ لعدم صدور أمر نهائي به وأمر قابل للتنفيذ. ومع مراعاة شرط استنفاد وسائل التظلم المحلية قبل تقديم بلاغ، ينبغي الإعلان من ثم عن عدم قبول البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ

5- في 14 آذار/مارس 2003، رد المحامي على رسائل الدولة الطرف المتعلقة بالمقبولية مبيناً أن جميع سبل الانتصاف كانت قد استنفدت وقت تقديم الرسائل: كانت المحكمة العليا قد رفضت طلب إجراء مراجعة قضائية، في وقت لم يكن الموظفون المعنيون بشؤون الهجرة ملزمين بالنظر في الطلب الذي كان وقتذاك قيد الدراسة لمراعاة وضعه لدواع إنسانية وبدافع من الرأفة قبل إبعاده. وبعد صدور التدابير المؤقتة، حصل المحامي على موافقة دائرة الاستئناف بإعادة النظر في قرارها. وأعادت دائرة الاستئناف تأكيد قرارها بعد ذلك في 3 كانون الثاني/يناير 2003 برفض الطلب. وقدم المحامي لاحقاً طلباً لإجراء مراجعة قضائية في المحكمة الاتحادية بشأن هذا القرار، في وقت كان لا يزال يُنتظر فيه صدور حكم محكمة الاستئناف بشأن طلب إجراء مراجعة قضائية للقرار الذي اتخذه الموظف المعني بشؤون الهجرة. ولذلك، طلب المحامي إرجاء البت في مقبولية البلاغ لمدة ثلاثة شهور في انتظار صدور هذين الحكمين.

رسائل إضافية قدمها الطرفان

6-1 برسالة مؤرخة 10 أيلول/سبتمبر 2003، أفادت الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد حصل في 28 أيار/مايو 2003 على إذن بتقديم طلب لإجراء مراجعة قضائية لقرار دائرتي الاستئناف برفض الاستئناف الجديد الذي قدمه صاحب البلاغ. وفي 6 آب/أغسطس 2003، نُظر في هذا الاستئناف الذي تضمن اعتراضاً دستورياً على التشريع ذي الصلة وكان الحكم تحت المداولة. وفي الاستئناف الثاني، لم تنته الإجراءات المتعلقة بإجراء مراجعة قضائية للقرار الذي اتخذه الموظف المعني بشؤون الهجرة. ومن ثم، لم تستنفد مجموعتا الإجراءات المحلية وهو ما يحتم الإعلان عن عدم قبول البلاغ.

6-2 وبرسالة مؤرخة 13 تشرين الأول/أكتوبر 2003، أفادت الدولة الطرف بأن المحكمة الاتحادية كانت قد وافقت، في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2003، على طلب صاحب البلاغ بإجراء مراجعة قضائية للقرار الذي اتخذه الموظف المعني بشؤون الهجرة بشأن طلب بقائه في كندا لدواع إنسانية وبدافع من الرأفة. وعليه، أحيل الطلب إلى موظف هجرة آخر لإعادة النظر فيه. ومن ثم، تحاج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد حتى الآن سبل الانتصاف المحلية وأن الطلب غير مقبول.

6-3 وبرسالة مؤرخة 27 تشرين الأول/أكتوبر 2003، رد صاحب البلاغ مفيداً بأن طلب البقاء لدواع إنسانية ورأفة بوضعه لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً لأن النظر فيه يتطلب عدة سنوات، ولأنه يخضع لتقدير موظف الهجرة وسيُرفض على كلٍ في هذه الحالة بدعوى أن صاحب البلاغ غير مقبول في كندا بسبب أحكام الإدانة الصادرة ضده. وفيما يتعلق بإجراءات المراجعة القضائية الجارية بخصوص رفض دائرة الاستئناف دعوى الاستئناف التي أعيد فتحها، يفيد صاحب البلاغ بأن المحاكم الكندية، على مستوياتها الثلاثة، قد اتخذت بالفعل قراراً "بشأن نفس الوقائع تقريباً" مفاده أن ترحيله يتمشى مع القانون الكندي. وعلى أي حال، فإن الإجراءات القائمة والمتعلقة بالمراجعة القضائية لا تنفذ لوقف الترحيل.

6-4 وبرسالة مؤرخة 3 آذار/مارس 2004، أفادت الدولة الطرف بأن المحكمة الاتحادية قد وافقت، في 29 كانون الأول/ديسمبر 2003، على طلب صاحب البلاغ بإجراء مراجعة قضائية لرفض دائرة الاستئناف دعوى الاستئناف التي أعيد فتحها. وقد تخلت حكومة الدولة الطرف عن حقها في استئناف هذا القرار مما سيسفر عن إحالته إلى دائرة الاستئناف لإعادة البت فيه من جانب هيئة يتم تشكيلها بشكل مختلف. كما أفادت الدولة الطرف بأن طلب صاحب البلاغ البقاء في كندا لدواع إنسانية ورأفة بوضعه لم يبت فيه بعد، ولكلا السببين، يظل البلاغ حتى الآن غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ولم يرد أي تعليق آخر من جانب صاحب البلاغ.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وتشير اللجنة إلى أن دراستها لشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعلية، كما تقضي بذلك الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تبدأ وقت نظرها في البلاغ. وتذكر أن أحدث المعلومات المتاحة أمامها تفيد بأن استئناف صاحب البلاغ قد أحيل إلى دائرة الاستئناف. وأن أي قرار معارض يصدر عن هذه الهيئة سيخضع لمراجعة قضائية في المحاكم. وعليه، فإن البلاغ غير مقبول لأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد.

7-3 وفي ضوء هذا الاستنتاج، تحتاج اللجنة إلى دراسة حجج أخرى تتعلق بقبول البلاغ، منها إلى أي مدى ينبغي اعتبار طلب البقاء في البلد لدواع إنسانية وبدافع من الرأفة سبيل انتصاف ينبغي استنفاده تحقيقاً للأغراض الواردة في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8- ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ والدولة الطرف.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 7 على ما يلي: "يتمتع كل فرد بالحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية وبالحق في أن لا يحرم من تلك الحقوق ما عدا وفقاً لما تقتضيه مبادئ العدالة الأساسية".

(2) القضية رقم 930/2000، الآراء المعتمدة في 16 آب/أغسطس 2001.

(3) الطلب رقم 30240/1996، الحكم الصادر في 2 أيار/مايو 1997.

(4) قضية بلجودي ضد فرنسا ، الطلب رقم 12083/86، الحكم الصادر في 26 آذار/مارس 1992.

(5) انظر مثلاً قضية بادو ضد كندا ، القضية رقم 603/1994، و قضية نارتي ضد كندا ، القضية رقم 604/1994 و قضية آدو ضد كندا ، القضية رقم 654/1995، اعتمدت القرارات في 18 تموز/يوليه 1997.

عين - البلاغ رقم 1045/2002، باروي ضد الفلبين (القرار الذي اعتمد في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيد ألفريدو باروي (يمثله المحامي السيد تيودور تي)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : الفلبين

تاريخ البلاغ : 4 كانون الثاني/يناير 2002 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2003،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ، المؤرخ 4 كانون الثاني/يناير 2002، هو السيد ألفريدو باروي، وهو مواطن فلبيني يزعم أنه وُلد في 19 كانون الثاني/يناير 1984، وكان بالتالي في السابعة عشرة من عمره عندما قدم هذا البلاغ. وكان وقتئذٍ محتجزاً ينتظر تنفيذ حكم الإعدام في سجن بيليبيد الجديد بمدينة مونتينلوبا. ويدعي أنه ضحية انتهاكات الفلبين للمادة 6 من العهد، ولا سيما لفقراتها 2 و5 و6، وللفقرة 3 من المادة 10 وللمـادة 14، ولا سيما لفقرتها 4، وللمادة 26. ويمثله محام.

1-2 وفي 9 كانون الثاني/يناير 2002، طلبت اللجنة، التي تتصرف من خلال المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة وتعمل وفقاً للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، من الدولة الطرف ألا تنفذ حكم الإعدام بحق صاحب البلاغ بينما كانت اللجنة تنظر في قضيته. كما طلب المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة من الدولة الطرف أن تحدد بسرعة عمر صاحب البلاغ وأن تعامله في أثناء ذلك معاملة القاصر، وفقاً لأحكام العهد.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 2 آذار/مارس 1998، تعرضت امرأة للاغتصاب ثلاث مرات. وقد أدين على إثر ذلك صاحب البلاغ وشريكه في الاتهام (بالغ) بعدما وُجهت لهما ثلاثة تهمٍ بالاغتصاب مع استخدام سلاحٍ فتاك، بما يتنافى مع أحكام المادة 266 ألف (1) (1) ، مقترنةً مع المادة 266 باء (2) (2) ، من قانون العقوبات المنقح. ويُزعم أن عمر صاحب البلاغ كان وقت ارتكاب الجريمة يزيد شهراً و14 يوماً عن الرابعة عشر، حيث إنه وُلد في 19 كانون الثاني/يناير 1984 .

2-2 وفي المحاكمة، ذكر محامي الدفاع أن المتهم كان قاصراً وقت ارتكابه الفعل، حيث إنه من مواليد عام 1982. وقد أوعزت المحكمة الابتدائية إلى الوكالات الحكومية المختصة بأن توافيها بدليلٍ عن عمره الحقيقي. فقدمت لها ثلاث وثائق في هذا الشأن، هي شهادة ميلاد ورد فيها التاريخ بأنه 19 كانون الثاني/يناير 1984، وشهادة تسجيلٍ متأخر للميلاد ظهر فيها التاريخ بأنه 19 كانون الثاني/يناير 1981، وسجل من السجلات الدائمة في المدرسة الابتدائية دُوِّن فيه التاريخ بأنه 19 كانون الثاني/يناير 1980. وبعد التمعن في ملامحه، اعتبرت المحكمة الابتدائية أن التاريخ الحقيقي لميلاد صاحب البلاغ هو 19 كانون الثاني/يناير 1980، وهذا التاريخ يجعل سنه يتجاوز الثامنة عشر وقت ارتكاب الجريمة.

2-3 وفي 20 كانون الثاني/يناير 1999، أُدين كل من صاحب البلاغ وشريكه (البالغ) في الاتهام بعدما وُجهت إليهما ثلاث تهمٍ بالاغتصاب مع استخدام سلاحٍ فتاك،ٍ وحُكم عليهما بالإعدام بحقنةٍ قاتلة. وبفرض المحكمة العقوبة القصوى بحقهما، تكون قد اعتبرت أن هناك ظروف مشدِّدة قد توفرت في ارتكاب الجريمة وقت الليل وفي التواطؤ بين المتهمَين، في حين أنه لم تتوفر أي ظروفٍ مخفِّفة. وفي إطار المسؤولية المدنية، حُكم على كلٍ منهما بدفـع غرامةٍ مقـدارها 000 50 بيزو عن كل تهمـة، و000 50 بيزو عن الأذى المعنـوي، و000 50 بيزو عن الأضرار المدنية. وفي 4 كانون الثاني/يناير 2002، قُدم هذا البلاغ إلى اللجنة.

2-4 وفي 9 أيار/مايو 2002، أقرت المحكمة العليا الإدانة لدى المراجعة التلقائية للقرار، لكنها خففت عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد، مستندةً في ذلك إلى عدم كفاية ما زعم وثبت من ظروفٍ مشدِّدة. بل على النقيض من ذلك، فقد أغفلت المحكمة الابتدائية الظروف المخفِّفة المتمثلة في حالة السُكر "العرضية" (أي غير المألوفة). أما فيما يتعلق بكون المتهم قاصراً وقت ارتكابه الفعل، فقد اعتبرت المحكمة أن الشهادة تبين أن أم صاحب البلاغ قد علمته أن يكذب بشأنها، وبالتالي، فنظراً لأن هذا الأمر كان "مدبراً تدبيراً واضحاً"، فإن كونه قاصراً لم يكن مطروحاً.

2-5 ثم قدم صاحب البلاغ التماساً جزئياً يطلب فيه إعادة النظر في الحكم الصادر في 9 أيار/مايو 2002، ويؤكد مجدداً طلبه أن تعتبر المحكمة حداثة سنه ظرفاً مخفِّفاً. وقد استند في طلبه هذا إلى شهادة ميلادٍ دالة على كونه قاصراً، ومصدق عليها رسمياً كنسخة أصلية صادرة عن مكتب السجل المدني العام تبين أن صاحب البلاغ قد وُلد في 19 كانون الثاني/يناير 1984 (مما جعل عمره 14 سنة عندما ارتكب الجريمة).

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أنه كان ضحية انتهاك الفقرة 2 من المادة 6، لوحدها وبالاقتران مع الفقرة 6 على حدٍ سواء. ويبين صاحب البلاغ أنه بعدما ألغى الدستور عقوبة الإعدام في عام 1987، أعاد مجلس النواب في عام1994 عقوبة الإعدام الكهربائي باعتماده قانون الجمهورية رقم 7659. وقد جعل هذا التشريع الاغتصاب باستخدام سلاحٍ فتاك أو من قبل شخصين أو أكثر جريمةً، من ضمن جرائم أخرى، يستحق مرتكبها عقوبة الإعدام (أي أن عقوبة الإعدام هي عقوبة قصوى إنما ليست إلزامية). غير أن طريقة الإعدام تغيرت وأصبحت بحقنة قاتلة، وقد تم فيما بعد توسيع نطاق هذا القانون ليشمل مجموعة مختلفة من الجرائم. وأُعدم حتى عام 2000 سبعة أفراد. وفي عام 2000، قام الرئيس السابق بوقف العمل بهذا القانون مؤقتاً. ولم تتخذ في هذه الفترة أي إجراءاتٍ محدَّدة لإلغاء عقوبة الإعدام أو إعادة النظر فيها. غير أن الرئيسة الحالية ألغت، في عام 2001، وقف العمل بهذا القانون وأعلنت استئناف تنفيذ عقوبات الإعدام. وقد دفع ذلك صاحب البلاغ إلى أن يجادل بأن الفقرة 2 من المادة، بالاقتران مع الفقرة 6، تحظر إعادة فرض عقوبة الإعدام إذا ما أُلغيت. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجريمة التي أُدين صاحب البلاغ بارتكابها ليست من "أشد الجرائم خطورة"، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2 من المادة 6، من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ حدوث إخلال بالفقرة 3 من المادة 10، فبعدما صدرت إدانته، احتُجز ريثما ينفَّذ حكم الإعدام بحقه مع مُدانين آخرين حُكم عليهم بالإعدام، دون إيلاء أي اعتبارٍ لسنه. ولم يُعامل معاملة خاصة باعتباره قاصراً، فقد احتجز مع المجرمين البالغين.

3-3 ويدعي صاحب البـلاغ كذلك حدوث إخلال بالمادة 14، ولا سيما الفقرة 4 منها. إذ لم يُتَح لـه أي إجراء مستقل من شأنه أن يحمي حقوقه ويراعي وضعه القانوني كقاصر. ولم يصدر أي قرار أولي بشأن حداثة سنه، بل عمدت المحكمة الابتدائية إلى تحميل الدفاع عبء إثبات ذلك. ورغم الأدلة التي قدمتها السلطات الحكومية وما أفادت به عن تاريخ ميلاد صاحب البلاغ بأنه وُلد في عام 1981 أو في عام 1984، وكلا التاريخين يبينان أنه كان قاصراً وقت ارتكاب الجريمة، فقد قررت المحكمة الابتدائية تعسفاً أن عام مولده هو 1980، وهذا ما يجعل عمره 18 سنة وقت حدوث الجريمة.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أخيراً حدوث إخلال بالمادة 26، حيث تم تحديد عمره تعسفاً ب‍ 18 سنة، على الرغم من وجود أدلة على أن تاريخ ميلاده عام 1981 وأدلة أخرى على أنه عام 1984. وقد رفضت المحكمة معاملته كقاصرٍ وقد خصته بذلك بقصد تحديد سنة مولده تعسفاً وخلافاً للأدلة المقدمة.

3-5 وناشد صاحب البلاغ اللجنة أن تنتصف لـه بأن تتخذ تدابير مؤقتة لحمايته فتطلب من الدولة الطرف أن تحدد عمره بسرعة وتنقله على الفور إلى السجن الذي يلائمه ويناسب وضعه كقاصر حتى يبلغ سن الرشد. أما عن المسائل المتعلقة بالجوانب الموضوعية للبلاغ، فقد طلب صاحب البلاغ من اللجنة أن تعلن: ` 1 ` أحكام الإعدام الثلاثة التي صدرت بحقه وفرضت على شخصٍ كان قاصراً وقت ارتكابه هذه الجرائم مخالفة لمضمون الفقرة 5 من المادة 6، ` 2 ` وأن احتجازه كقاصر في انتظار حكم الإعدام دون إيلاء الاعتبار لوضعه القانوني هو أمر يتنافى مع مضمون الفقرة 3 من المادة 10، ` 3 ` وأن عدم مراعاة وضعه القانوني كقاصرٍ خلال المحاكمة هو أمر يتعارض مع مضمون الفقرة 4 من المادة 14، ` 4 ` وأن إعادة فرض عقوبة الإعدام والسياسة التي أعلنتها رئيسة الجمهورية بتنفيذ تلك العقوبة هما أمران منافيان للفقرة 2 من المادة 6، مقترنةً بالفقرة 6. وناشد اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف أن تتخذ جميع الإجراءات المناسبة بشأن حكم الإعدام الذي فرض بحقه، بما يتفق مع قوانينها الخاصة بالأحداث الجانحين وبالتزاماتها بموجب العهد.

رسائل الدولة الطرف بشأن جواز النظر في البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 اعترضت الدولة الطرف، في مذكرةٍ شفوية مؤرخة 9 تموز/يوليه 2002، على جواز النظر في البلاغ. فهي تزعم أن طلب صاحب البلاغ استئناف الحكم كان معروضاً على المحكمة العليا في الوقت الذي قدم فيه هذا البلاغ، وهذا ما جعل شكاواه بوجهٍ عام "مبنية على افتراضات وسابقة لأوانها" فاعتُبر النظر في البلاغ غير جائز لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4-2 وإضافةً إلى ذلك، تزعم الدولة الطرف أن قرار المحكمة العليا المؤرخ 9 أيار/مايو 2002 "قد يفضي تماماً إلى اعتبار القضية المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان قضية جدلية لا ترتكز على وقائع ملموسة". وقد قررت المحكمة، لأسبابٍ غير الحداثة المزعومة، أن تخفف الحكم إلى السجن مدى الحياة. لهذا، رأت أنه ينبغي اعتبار الادعاءات المتعلقة بسريان قانون عقوبة الإعدام لاغية. كما رفضت ادعاء الحداثة، بعدما وجدته "مدبراً تدبيراً واضحاً" وناتجاً عن تعليم أمه. وتبين الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم فيما بعد التماساً جزئياً لإعادة النظر بالحكم الصادر في 9 أيار/مايو 2002، مؤكداً من جديد ادعاءه بالحداثة كظرفٍ مخفِّفٍ مميَّز، غير أن هذا الادعاء لا يزال قيد النظر وينبغي رفضه لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 رفض صاحب البلاغ، في رسالةٍ مؤرخة 26 أيار/مايو 2003، الحجج التي ساقتها الدولة الطرف زاعماً أنه بالرغم من أن الالتماس الجزئي الذي قدمه لإعادة النظر في مسالة الحداثة هو قيد النظر، فإن البلاغ لا يزال جائز النظر فيه لأن إقرار المحكمة العليا إدانة صاحب البلاغ وعدم تعاملها معه كقاصر، رغم الأدلة المستندية المقدمة، يدل على عدم استنفاد جميع سبل الانتصاف. ويقول إنه لن يكون لأي سبيل انتصافٍ "معنى" ما لم تبد المحكمة المعنية استعدادها لأن تدرس جميع الخيارات المتاحة. ويعتقد صاحب البلاغ أن استمرار المحكمة العليا اعتزامها مراجعة القضايا التي تستند حصراً إلى الشهادات المقدمة أثناء المحاكمة، حتى في القضايا التي ينشأ عنها منازعات وقائعية جلية، يدل على استنفاد جميع سبل الانتصاف الملائمة. وعليه، فإن تقديم البلاغ لم يكن سابقاً لأوانه وينبغي اعتبار النظر فيها جائزاً.

رسائل تكميلية من الدولة الطرف

6-1 في 16 تموز/يوليه 2003، قدمت الدولة الطرف رسـائل أخرى عن جواز النظر في البلاغ وجوانبه الموضوعية. ففيما يتعلق بجواز النظر فيه، تزعم الدولة الطرف، فضلاً عن حججها السابقة، أن صاحب البلاغ لا يستطيع الادعاء بأنه "ضحية"، وفقاً لأحكام البروتوكول الاختياري، إذ لم يلحق به التطبيق الفعلي للقانون أي ضرر. وبما أن قرار المحكمة العليا المؤرخ 9 أيار/مايو 2002 قد خفف العقوبة المفروضة إلى السجن مدى الحياة، فإن عقوبة الإعدام لن تفرض بحق صاحب البلاغ بصرف النظر عن سنه وقت ارتكاب الجريمة.

6-2 أما فيما يتعلق بالأسس الموضوعية، فإن الدولة الطرف تزعم أن الانتهاكات المزعومة تستند كذلك إلى كون صاحب البلاغ قاصراً. كما تزعم أن حداثة سن صاحب البلاغ هي مسألة لم تثبت صحتها بعد ثبوتاً مقنعاً، وتشير إلى الإفادة التي قدمها مكتب المحامي العام رداً على التماس صاحب البلاغ الجزئي إعادة النظر أمام المحكمة العليا. فقد قال بإيجاز إنه لا يعتبر نفسه "في موقعٍ يخوله البت فيما إذا كانت شهادة الميلاد المرفقة ... صحيحة أم لا"، ويترك المسألة للمحكمة كي تتخذ "القرار السديد". وعلى أية حال، فإن المحكمة العليا قد رفضت فعلاً ادعاء صاحب البلاغ بالحداثة، وهو حكم يظل سارياً حتى يحين الوقت لكي تنقضه.

6-3 وفيما يخص مسألة إعادة فرض عقوبة الإعدام بموجب القرار الجمهوري 7659، تشير الدولة الطرف إلى فتوى محكمتها العليا بأن الدستور ينص على إعادة فرض مجلس النواب لهذه العقوبة، وبأن القانون كان أيضاً "مليئاً بالضمانات الإجرائية والموضوعية التي تكفل تطبيقه الصحيح ليس إلا" (3) . وإضافةً إلى ذلك، فقد اعتبرت المحكمة أن عقوبة الإعدام ليست، في حد ذاتها، عقوبة قاسية، بمفهوم دستور الدولة الطرف. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى الآراء القانونية للجنة التي تفترض أن تطبيق عقوبة الإعـدام لا يشكل في حد ذاته إخلالاً بأحكام العهد (4) .

6-4 وفيما يتعلق بادعاء أنه كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يعامل معاملة القُصَّر، تلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة العليا أحاطت علماً بما خلصت إليه المحاكم الابتدائية عن انحراف صاحب البلاغ وميوله الإجرامية. وتزعم الدولة الطرف أنه ينبغي إعطاء ملاحظات المحكمة الابتدائية ثقلها لكونها أول جهة تبت في أمر صاحب البلاغ لأن اتخاذ أي "إجراءٍ خاص" في حالته، حتى وإن كان قاصراً، "قد يمس مساساً واضحاً بإقامة العدل".

6-5 وفيما يتعلق بمسألة معاملة المحكوم عليهم الأحداث وفصلهم عن المحكوم عليهم الراشدين، تشير الدولة الطرف إلى الأحكام الواردة في قانونها بشأن رعاية الأطفال والشباب (المرسوم الرئاسي رقم 603)، كما فسرتها المحكمة العليا. فبموجب هذا النظام، لا يُدان أي مجرمٍ تجاوز التاسعة ولم يبلغ بعد الخامسة عشرة من العمر، ولكن يودَع مؤسسةٍ للإصلاح الاجتماعي. غير أنه لا يوجد حكم يمكن إصداره مع وقف التنفيذ في الحالة التي لا يكون فيها المجرم قد بلغ بعد الثامنة عشر وقت ارتكابه للجريمة ولم يعد قاصراً وقت المحاكمة والإدانة.

6-6 وفيما يتعلق بما إذا كان سن صاحب البلاغ قد تم البت فيه بصورةٍ تعسفية، فإن الدولة الطرف تشير إلى إفادات صاحب البلاغ المتناقضة أمام المحكمة الابتدائية، حيث كان يقول تارةً إنه كان في السابعة عشرة من العمر وتارةً إن أمه علمته أن يقول إنه في السابعة عشرة من العمر. ونتيجةً لذلك، واستشفافاً من ملامحه، طلبت المحكمة الابتدائية وثائق رسمية نظرت فيها قبل أن تخلص إلى أنه لم يكن قاصراً. وهذا الحكم لم تنقضه المحكمة العليا وسيظل سارياً إلى أن تقرر المحكمة خلاف ذلك.

7-1 ولم ينتهز صاحب البـلاغ الفرصة التي أُتيحت لـه ليقدم المزيد من التعليقـات في إجابتـه على الرسائل التكميلية للدولة الطرف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

بحث جواز النظر في البلاغ

8-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، وقبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغٍ ما، أن تبت فيما إذا كان النظر في البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا سمحت لصاحب البلاغ بعدما قدم بلاغه بأن يقدم الاستئناف، وبدلت عبارة الحكم بالإعدام بعبارة السجن. وفي هذا الصدد، تعتبر اللجنة أن المسائل التي طرحها صاحب البلاغ بشأن الانتهاكات المزعومة للمادة 6 من العهد نتيجة فرض عقوبة الإعدام قد أصبحت في حالته مسائل لا ترتكز إلى وقائع محددة فيما يتعلق بالمادة 1 من البروتوكول الاختياري. وبناءً على ذلك، فإن هذه المسائل المحددة، رغم احتمال صلتها بتقييم اللجنة للادعاءات المتبقية، لا تتطلب من اللجنة مزيداً من الدراسة.

8-3 ورغم هذا الاستنتاج المتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 6، تلاحظ اللجنة أن الحكم على شخصٍ بالإعدام واحتجازه ريثما تنفذ عقوبة الإعدام بحقه في ظروفٍ لم تُحدد فيها نهائياً مسألة حداثة سنه هو أمر يثير مسائل خطيرة بموجب المادتين 10 و14، وربما بموجب المادة 7 من العهد. غير أن اللجنة تلاحظ، فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أن صاحب البلاغ قدم "التماساً جزئياً لإعادة النظر في الحكم"، وهو معروضٌ حالياً على المحكمة العليا، ويسأل فيه المحكمة أن تعيد النظر في معالجة مسالة حداثة سنه في الحكم الذي أصدرته في 9 أيار/مايو 2002. وتبين اللجنة أن موقفها إزاء مسائل استنفاد سبل الانتصاف المحلية يتمثل في أنه من واجبها أن تقيِّم في ظل عدم توافر أي ظروف استثنائية هذا الجانب من البلاغ المسجل أثناء نظرها في القضية. وعليه، فإن اللجنة تعتبر في هذه القضية أن المسائل التي تتناول عمر صاحب البلاغ والسبل التي اتبعتها المحاكم للبت في ذلك، معروضة حاليا،ً بموجب إجراء صاحب البلاغ، على محفلٍ قضائي مخولٍ البت نهائياً في هذه الادعاءات المحددة. ثم إن الأمور التي أُثيرت، بموجب المادتين 10 و14، وربما بموجب المادة 7، بسبب سنِ صاحب البلاغ والطريقة التي سعت بها المحاكم إلى البت في هذه المسألة هي أمور غير مقبولة، ويُعزى ذلك إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

9- وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن النظر في البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُبَلَّغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يُعرِّف هذا الحكم الاغتصاب بأنه فعل يرتكبه "رجل يتواصل جنسياً مع امرأة في أحد الظروف التالية: (أ) عن طريق القوة أو التهديد أو الترهيب؛ ...".

(2) ينص هذا الحكم على أنه: "متى ارتكب فعل الاغتصاب باستخدام سلاحٍ فتاك أو من قبل شخصين أو أكثر، تفرض عقوبة تتراوح بين السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة والإعدام".

(3) قضيـة الشـعب ضد إتِشِغاراي267 SCRA 682 وقضـية إتِشِغاراي ضد وزيـر العـدل297 SCRA 754.

(4) قضية سوارٍس دي غِرّيرو ضد كولومبيا ، المسجلة برقم 45/1979، الآراء المعتمدة في 31 آذار/مارس 1982.

فاء - البلاغ رقم 1074/2002 ، نافارا فيراغوت ضد إسبانيا (القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : إيزابيل فيراغوت باياتش (يمثلها المحام ي السيد خافيير برونا ريفيرتير)

الشخص المدعي أنه ضحية : آرتورو نافارا فيراغوت

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 16 تشرين الأول/أكتوبر 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 آذار/مارس 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ المؤرخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2002 هي إيزابيل فيراغوت باياتش التي تحمل الجنسية الإسبانية، وتدعي انتهاك إسبانيا المادة 7 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يخص ابنها آرتورو نافارا فيراغوت، المتوفى في 27 كانون الأول/ديسمبر 1993. ويمثل صاحبة البلاغ محامٍ. وقد أصبح البروتوكول الاختياري نافذ المفعول بالنسبة لإسبانيا في 25 كانون الثاني/يناير 1985.

الوقائع كما قدمتها صاحبة البلاغ

2-1 في 3 آذار/مارس 1988، خضع آرتورو نافارا فيراغوت البالغ من العمر 27 عاماً، الذي كان يعاني العصاب الهوسي، للعلاج بواسطة الجراحة الإشعاعية على يد الطبيبين إنريكه روبيو غارثيا وبنخامين غيكس ملتشور. وخلال السنوات التالية، أخذ يفقد قدراته الحيوية شيئا فشيئا وبشكل غير قابل للعلاج إلى أن فارق الحياة في 27 كانون الأول/ديسمبر 1993.

2-2 وقدمت صاحبة البلاغ شكوى ضد الطبيبين إلى المحكمة الجنائية رقم 13 في برشلونة، بتهمة ارتكاب خطأ مهني أفضى إلى الموت. وبرأت المحكمة المتهمين، في حكمها الصادر في 14 تموز/يوليه 1997، نظراً لعدم توفر الأدلة التي تثبت يقيناً وقوع الخطأ المهني.

2-3 ورفعت صاحبة البلاغ دعوى استئناف أمام المحكمة الإقليمية في برشلونة. والتمست عقد جلسة علنية لإثبات صحة الطعن الذي تقدمت به والحصول على قرار أفضل. وأصدرت المحكمة الإقليمية حكماً في 27 كانون الثاني/يناير 1998برفض الطعن.

2-4 وقدمت صاحبة البلاغ طلبا للمحكمة الدستورية بإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) مدعية انتهاك الحق في احترام الضمانات الإجرائية والحق في الحياة وفي السلامة الجسدية والمعنوية. ورفضت المحكمة الدستورية هذا الطلب في قرارها الصادر في 13 تموز/يوليه 1998.

2-5 وقدمت صاحبة البلاغ التماسا أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مدعية انتهاك المواد 2 و3 و8 والفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وأعلنت المحكمة الأوروبية عدم مقبولية الالتماس في قرارها الصادر في 27 نيسان/أبريل 2000.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ انتهاك المادة 7 من العهد المتعلقة بتحريم إخضاع أي شخص لتجارب طبية أو علمية. وتؤكد أن العلاج الذي أفضى إلى موت ابنها قدمه الطبيبان على أنه علاج للاضطرابات النفسية، بينما كان يتعلق في واقع الأمر بأسلوب علاج يستخدم في حالة الأورام السرطانية التي تصيب الدماغ. كما تؤكد أن حالة ابنها قد استُخدمت لإجراء تجربة علمية بغية دراسة إمكانية تطبيق أسلوب الجراحة الإشعاعية بواسطة أشعة غاما في حالة مرضى الاضطرابات النفسية.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، مؤكدةً أن المحكمة الإقليمية في برشلونة لم تلبِ طلبها الصريح، أي عقد جلسة محاكمة علنية قبل النطق بالحكم.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تؤكد الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 20 حزيران/يونيه 2002 عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، مشيرةً إلى أن البلاغ المقدم إلى اللجنة يتعلق تحديدا بذات القضية التي قدمها الشخص نفسه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وتضيف أن دراسة المحكمة الأوروبية للمسألة كان هدفها النظر في الدعوى من كافة جوانبها. كما تشير إلى أن اللجنة قد بينت في العديد من المرات أن المقصود بعبارة "المسألة ذاتها"، وفقاً للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، هو أنها تشمل نفس الشكوى التي قدمها نفس الشخص أمام هيئة دولية (1) . وتدعي الدولة الطرف أن استخدام "المسألة ذاتها" مع مصدر شكوى منفصل يفترض التغاضي عن مفهوم وحدة القضية الذي يملي النظر فيها برمتها.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف، وفقاً للمادة 795 من قانون الإجراءات الجنائية، أن عقد جلسة محاكمة علنية للنظر في طلب الاستئناف أمام المحكمة الوطنية لا يعتمد على طلب الأطراف، بل يعود إلى تقدير الهيئة القضائية. ووفقاً للمادة الآنفة الذكر، لا تُعقد جلسة محاكمة علنية "إلا إذا رأت المحكمة ضرورة ذلك لكي تتمكن بشكل سليم من تحقيق قناعة راسخة". وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة لم تر، في حالة صاحبة البلاغ، ضرورة لعقد جلسة محاكمة علنية لأنها سبق أن عُقدت أمام المحكمة الجنائية ، وتضيف من ناحية أخرى أن هذه المسألة وضعتها في الاعتبار المحكمة الأوروبية. كما تؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية أخذت بعين الاعتبار أيضا الحجج التي ساقتها صاحبة البلاغ أمام اللجنة للتبليغ عن انتهاك المادة 7 من العهد، مشيرة في هذا الصدد إلى وجود وثيقة موقعة من قِبل آرتورو نافارا فيراغوت يوافق فيها على العلاج الطبي الذي أجري لـه.

تعليقات صاحبة البلاغ بشأن المقبولية

5-1 تفيد صاحبة البلاغ في رسالتها المؤرخة 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 أن الشكاوى التي قدمتها إلى اللجنة لم تقدَّم إلى هيئات دولية أخرى. وتؤكد أن الوقائع والجوانب القانونية التي تقدمها إلى اللجنة الآن تشكل مسألة متميزة عن تلك التي قدمتها إلى المحكمة الأوروبية، بالرغم من أنها جزء من نفس الدعوى القضائية.

5-2 وتقر صاحبة الدعوى بأن المحكمة الوطنية لم تكن ملزمة قانوناً بعقد جلسات محاكمة علنية للفصل في الطعن الذي قدمته، لكن هذا لا يعني، في نظرها، أن المحكمة لم يكن بمقدورها أن تفعل ذلك، لا سيما أن القانون ينص على إمكانية ذلك. ووفقاً لصاحبة البلاغ، فإن المبادئ التوجيهية للمحاكمة والمتمثلة في الاتساق واحترام الضمانات الإجرائية والحق في الحصول على حكم في القضايا التي يعرضها الأطراف على المحاكم، مشمولة في الفقرة 1 من المادة 14، وتلزم المحكمة على الفصل في التماسها الذي تم تجاهله.

مداولات اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، وذلك قبل النظر في الشكوى المقدمة في إطار البلاغ.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أعلنت في 27 نيسان/أبريل 2000 عدم مقبولية الشكوى، واعتبرتها غير مبررة بوضوح. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية درست الوقائع المعروضة عليها الآن من صاحبة البلاغ، فضلاً عن الإجراءات القضائية التي دُرست في مجملها. وأبدت رأيها تحديداً بشأن مزاعم صاحبة البلاغ بعدم رد المحكمة الوطنية على الطلب الذي قدمته فيما يتصل بعقد جلسة محاكمة علنية. وقد اعتبرت المحكمة أن صاحبة البلاغ لم تثبت أن قضيتها لم تحظ بالاهتمام على قدم المساواة أمام المحاكم الإسبانية. وأخذت في اعتبارها أيضاً أنه وفقاً للحكم الصادر في 14 تموز/يوليه 1997 عن المحكمة الجنائية رقم 13 في برشلونة، فإن آرتورو نافارا فيراغوت قد وقّع على تأذن بالعلاج الذي أجري لـه بواسطة الجراحة الإشعاعية، وأن هذه الوثيقة بيّنت بوضوح الآثار الجانبية المحتملة. ويُستخلص من هذا أن صاحبة البلاغ، بالرغم من رغبتها في أن تنظر اللجنة في القضية من زاوية مختلفة عن زاوية نظر المحكمة الأوروبية، فإن الأمر يتعلق ب‍ "المسألة ذاتها" التي سبق عرضها على نظر هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي وتحليلها في هذا السياق. وتلاحظ اللجنة أنه إذا كانت الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري في غالبية نصوص اللغات الأصلية تقتصر على ذكر الحالة التي تكون فيها المسألة ذاتها قيد الدراسة أمام هيئة دولية أخرى، فإن النص الإسباني، في المقابل، يذكر أيضا الحالات التي تكون فيها هذه الدراسة قد اكتملت. وتتمسك اللجنة بموقفها القاضي بوجوب تفسير الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري في ضوء النصوص الأصلية الأخرى وليس في ضوء النص الإسباني. وتلاحظ مع ذلك أن الإعلان الذي قدمته الدولة الطرف - باللغة الإسبانية - عند التصديق على البروتوكول الاختياري يكرر نفس الأحكام الواردة في النص الإسباني لهذه الفقرة الفرعية. وتلاحظ اللجنة أن من الواضح أن الدولة الطرف أرادت الالتزام بمعنى النص الإسباني للبروتوكول الاختياري، وتخلص إلى أن هذا الإعلان هو بمثابة تحفظ، حيث تم توسيع نطاق الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري بحيث تستهدف البلاغات التي سبق أن نظرت فيها هيئات دولية أخرى. ونتيجة لذلك، يجب إعلان عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري، بصيغتها المعدَّلة في إعلان الدولة الطرف.

7- وعليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البرتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ القرار إلى صاحبة البلاغ، وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) ينطبق ذلك على القرارات التي اعتمدتها اللجنة بشأن البلاغين 808/1998، روغل ضد ألمانيا و744/1997، ليندرهولم ضد كرواتيا.

صاد - البلاغ رقم 1084/2002، بوشاتون ضد فرنسا القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيد ليونل بوشاتون (يمثله السيد آلان لستورنو المحامي)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 11 نيسان/أبريل 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد ليونل بوشاتون، وهو مواطن فرنسي مقيم في سان بول أون شابليه (فرنسا). وهو يدعي أنه ضحية انتهاك فرنسا للفقرات 1 و2 و3(ج) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، بعد تحقيق أجرته الشرطة، قام قاضي التحقيق بمحكمة تونون لي بان بالتحقيق مع صاحب البلاغ بتهمة الكشف عن العورة.

2-2 وقرر قاضي التحقيق، في 11 حزيران/يونيه 1997، إحالة صاحب البلاغ إلى محكمة الجنح على أساس "كشف التحقيق عن أدلة كافية ضد ليونل بوشاتون تثبت أنه قام بالكشف عن عورته، أي السير عارياً، في فاشيريس، في الفترة المنتهية في 21 أيلول/سبتمبر من صيف عام 1996، في مكان ظاهر للجمهور".

2-3 وبموجب قرار أصدره النائب العام في 1 تموز/يوليه 1997، استدعي صاحب البلاغ للمثول أمام محكمة جنح تونون لي بان، على أساس هذه الوقائع.

2-4 وقررت المحكمة، في حكمها الصادر في 17 أيلول/سبتمبر 1997، الإفراج عن صاحب البلاغ للشك في حقيقة الأفعال التي اتُهم بارتكابها.

2-5 وفي 24 أيلول/سبتمبر 1997، استأنف النائب العام هذا الحكم.

2-6 وقررت محكمة استئناف شامبيري، في حكمها الصادر في 30 حزيران/يونيه 1999، إلغاء الحكم وإدانة صاحب البلاغ بالكشف عن عورته، وحكمت عليه بالحبس لمدة ثلاثة شهور مع إيقاف التنفيذ وبحرمانه من الحقوق الوطنية والمدنية والأسرية لمدة خمس سنوات.

2-7 وفي 1 تموز/يوليه 1999، طعن صاحب البلاغ بالنقض في هذا الحكم.

2-8 ورفضت دائرة الجنايات بمحكمة النقض الاستئناف بموجب حكمها الصادر في 13 أيلول/سبتمبر 2000.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه بريء من الأفعال المنسوبة إليه، أي الكشف عن عورته.

3-2 ويشكو صاحب البلاغ من الإجراءات الجنائية التي أدت إلى إدانته ويبدي في هذا الصدد الاعتراضات التالية:

عدم دقة قرار الاتهام: كان قرار الاتهام الذي وجّهته النيابة أمام محكمة تونون لي بان يفتقر إلى الدقة فيما يتعلق بالوقائع المحددة وتاريخها كما يتجلى من العبارات المبهمة وغير المفصلة "خلال الفترة المنتهية في 21 أيلول/سبتمبر من صيف عام 1996" أو "عدة مرات".

عدم الالتزام بمبدأ قرينة البراءة: نظراً لعدم دقة قرار الاتهام، تولى صاحب البلاغ بنفسه تحديد تاريخ الوقائع المنسوبة إليه.

عدم شرعية الإدانة: يرى صاحب البلاغ أن المحاكم الوطنية قد أصدرت أحكاماً بإدانته بالكشف عن عورته دون أن تقدم الدليل على هذه الوقائع.

انتهاك الحقوق المتصلة بالدفاع وقواعد المحاكمة العادلة: لم يتضمن قرار الاتهام الموجّه أمام حكمة استئناف شامبيري إشارة إلى المادة 131-26 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تنص على عقوبة أخرى بالحرمان من الحقوق المدنية والأسرية حتى ولو كانت قد فرضتها المحكمة.

تجاوز الإجراءات الجنائية للمدة المعقولة: استغرقت مرحلة الاستئناف سنة وتسعة شهور وستة أيام ويرى صاحب البلاغ أنها تجاوزت المدة المعقولة لأن الحكم في القضية لم يستغرق سوى شهر و11 يوماً (تمت المرافعة في 19 أيار/مايو 1999 وصدر الحكم في 30 حزيران/يونيه 1999).

3-3 وأخيراً يرى صاحب البلاغ أن هناك انتهاكاً للفقرات 1 و2 و3(ج) من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-4 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد وسائل الانتصاف المحلية ويوضِّح أن القضية لم تُعرض على هيئة دولية أخرى من هيئات التحقيق أو تسوية المنازعات.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 تعترض الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 14 آب/أغسطس 2002، على قبول البلاغ.

4-2 وفيما يتعلق بالشكوى المبنية على تجاوز الإجراءات للمدة المعقولة، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية.

4-3 فأولاً، تذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى طُرق الطعن المنصوص عليها في المادة L 781-1من قانون النظام القضائي. وتقضي هذه المادة بأن تكون "الدولة ملزمة بجبر الضرر الناجم عن سوء أداء القضاء. ولا تنشأ هذه المسؤولية إلا في حالة وقوع خطأ جسيم أو في حالة إنكار العدالة". وتخضع الدعاوى التي يرفعها الأفراد ضد الدولة استناداً إلى هذا النص لاختصاص المحاكم القضائية. وتذكر الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حكمها المؤرخ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، بشأن الالتماسين رقم 44952/98 ورقم 44953/98 المقدمين من السيدة فان دير كار والسيدة ليسور فان فيست، قد أقرت بفعالية الطعن المستند إلى المادة L 781-1 مـن قانـون النظام القضائي وقبلت بالتالي "حجة الحكومة الفرنسـية بأن الطعن المستند إلى المادة L 781-1 من قانون النظام القضـائي، قد أيدته محكمة وطنية دائمة، ويسمح بالتالي بمعالجة الانتهاك الذي يُدّعى وقوعه بعد انتهاء الإجراءات على المستوى الوطني". وتوضح الدولة الطرف أن المحكمة قد أقرت بأن سبيل الانتصاف هذا، بعد صدور حكم محكمة استئناف باريس في 20 كانون الثاني/يناير 1999 والأحكام اللاحقة الصادرة عن محاكم أخرى، يمكن أن يكون مجدياً في الطعن في مدة الإجراءات (الحكمان اللذان أصدرتهما محكمة باريس في 9 حزيران/يونيه و22 أيلول/سبتمبر 1999، في قضيتي QuillichiniوLegrix de la Salle) فيما يتعلق بالدعاوى المدنية، والدعاوى الجنائية (أحكام محكمة استئناف ليون، حكم رابطة الدفاع الحر المؤرخ 27 تشرين الأول/أكتوبر 1999؛ وحكم محكمة إكس آن بروفينس، حكم لاغارد المؤرخ 14 حزيران/يونيه 1999). وفي الحالة المشار إليها، كانت المحكمة الأوروبية تنظر في التماس مستند إلى تجاوز الإجراءات للمدة المعقولة وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تتشابه صياغتها مع صياغة المادة 14 من العهد. ومع إدخال ما يقتضيه اختلاف الحال من تغيير، ترى الدولة الطرف أن هذا الحكم يمكن أن تطبقه أيضاً اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وفي هذه الحالة، تذكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم بلاغه إلى اللجنة في 11 نيسان/أبريل 2002، أي في تاريخ لاحق لصدور حكم محكمة استئناف باريس والأحكام الأخرى الصادرة في فرنسا استناداً إلى المادة L 781-1 من قانون النظام القضـائي، فيما يتعلق بمدة الدعوى. وترى الدولة الطرف بالتالي أنه كان باستطاعة صاحب البلاغ أن يلم بوجود سبيل الانتصاف هذا وبفعاليته.

4-4 وثانياً، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يعرض على محكمة النقض، في مذكرته التفسيرية، الشكوى المتعلقة بتجاوز الإجراءات، زعماً، للمدة المعقولة. وتشير الدولة الطرف إلى الآراء السابقة التي أعلنتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والتي أكدت فيها أن على صاحب البلاغ أن يعرض شكواه أولاً على المحاكم الوطنية. وتشير الدولة الطرف إلى البلاغ رقم 661/1995(ب. تريبوليه ضد فرنسا)، وتذكر بأن اللجنة كانت قد أعلنت عدم قبول الشكوى المبنية على تجاوز التحقيق والإجراءات القضائية المدة المعقولة، لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية، نظراً لأن صاحب البلاغ لم يرفع هذه الشكوى إلى محكمة النقض.

4-5 وفيما يتعلق بالشكاوى المستندة إلى عدم دقة قرار الاتهام، وعدم التقيد بقرينة البراءة، وعدم شرعية الإدانة، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يسعى في الواقع إلى إعادة النظر في إدانته. والواقع أن صاحب البلاغ، حسبما ذكرت الدولة الطرف، قد أشار، تأكيداً لشكاواه، إلى أن القضاة قاموا بقلب عبء الإثبات لإدانته: "لجأ قضاة الاستئناف إلى أسلوب الخلط بدمج تواريخ الوقائع والشهادات، دون تقديم الدليل الموضوعي الذي يمكن التحقق منه عن كل واقعة على حدة". وتذكِّر الدولة الطرف في هذا الصدد بآراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي خلصت فيها إلى أنه لا يجوز لها أن تنظر في الوقائع والأدلة المقدمة إلى المحاكم الوطنية، ما لم يتضح لها أن تقدير المحاكم كان تعسفياً أو أنه يشكل إنكاراً للعدالة. غير أن الدولة الطرف ترى أن حكم محكمة استئناف شامبيري في هذه الحالة يستند إلى حيثيات مفصلة ويثبت أن كل عنصر من عناصر ملف الدعوى قد تم النظر فيه. وترى الدولة الطرف أنه لا يوجد أي مأخذ جدي للمعاملة التعسفية أو إنكار العدالة. وتشير الدولة الطرف إلى أن دائرة الجنايات بمحكمة النقض رأت بنفسها، رداً على وجه النقض الثاني (المتصل بالشكاوى الثلاث المعروضة على اللجنة)، "(...) أن البلاغات التي تقتصر على التشكيك في صحة تقدير القضاة النهائي لموضوع وملابسات القضية، وللأدلة التي تمت مناقشتها حضورياً، غير مقبولة".

4-6 وفيما يتعلق بالشكوى الخاصة بقرار الاتهام الموجّه أمام محكمة استئناف شامبيري، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد وسائل الانتصاف المحلية نظراً لأنه لم يتطرق إلى بطلان قرار الاتهام لا أمام محكمة استئناف شامبيري، ولا أمام محكمة النقض. والواقع، كما أشارت الدولة الطرف، أن صاحب البلاغ لم يتمسك في أي وقت، ولو إجمالاً، أمام المحكمة العليا بوقوع انتهاك لأحكام المادة 14 من العهد، استناداً إلى أن قرار الاتهام الموجّه ضده أمام محكمة الاستئناف قد أغفل الإشارة إلى المادة 131-26 من قانون العقوبات.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 يعترض صاحب البلاغ، في رسالته المؤرخة 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، على الحجج التي قدمتها الدولة الطرف.

5-2 وفيما يتعلق بالشكوى المبنية على تجاوز الإجراءات للمدة المعقولة، يرى صاحب البلاغ أن المادة L 781-1 من قانون النظام القضائي تنشئ في الواقع نظاماً لمسؤولية الدولة بالغ التقييد، بل من المستحيل تطبيقه. ويرى صاحب البلاغ أيضاً أن الحل الذي تبنته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واستشهدت به الدولة الطرف يشكل تغييراً شاملاً في أحكامها. ويوضح صاحب البلاغ أن إلزام صاحب الشكوى بأن يستخدم، قبل أي محاولة للجوء إلى اللجنة، وسيلة الطعن التقييدية وغير الفعالة المنصوص عليها في المادة L 781-1من قانون النظام القضائي، سيؤدي إلى إطالة تعسفية للدعوى المرفوعة أمام القضاة المحليين؛ وإلى حرمان اللجنة من أي رقابة فعالة على الضمان الذي يوفره العهد وفقاً للفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد. وأخيراً، يشير صاحب البلاغ إلى أن حكم المحكمة الأوروبية المذكور آنفاً قد صدر في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، أي في تاريخ لاحق للفترة موضوع الخلاف في هذه القضية ولحكم محكمة النقض المؤرخ 13 أيلول/سبتمبر 2000.

5-3 وفيما يتعلق بالشكاوى المبنية على عدم دقة قرار الاتهام، وعدم الالتزام بقرينة البراءة، وعدم شرعية الإدانة، يرى صاحب البلاغ أن هناك إجماعاً فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية، على أن من حق المتهم أن يحصل على معلومات مفصلة للغاية عن الوقائع المنسوبة إليه والتي يستند إليها الاتهام. ويعتبر صاحب البلاغ أن إدانة شخص لأفعال ارتُكبت في تاريخ غير محدد، كما حدث في هذه الحالة، هي إدانة تعسفية. ونظراً لما يمكن أن يترتب على الإدانة الجنائية من عواقب خطيرة، يؤكد صاحب البلاغ أن من واجب الدول أن تحرص على أن تكون قرارات الاتهام بالغة الدقة. وما لم يحدث ذلك، سيقع على الشخص المقامة عليه الدعوى عبء إثبات عدم تورطه في الوقائع. ويذكر صاحب البلاغ أن قلب عبء الإثبات على هذا النحو يشكل أيضاً تجاوزاً تعسفياً لقرينة البراءة.

5-4 وفيما يتعلق بالشكوى المتصلة بقرار الاتهام المعلَن أمام محكمة استئناف شامبيري، يؤكد صاحب البلاغ أنه لم يقصد الطعن في هذا القرار، بل في الحكم عليه بعقوبة مكمِّلة لم ترد الإشارة إليها في قرار الاتهام الموجَّه ضده أمام محكمة استئناف شامبيري. ويرى صاحب البلاغ أنه ليس مسؤولاً عن إثارة مسألة بطلان قرار الاتهام لعدم إشارته إلى المادة 131-26 من قانون العقوبات، التي تنص على عقوبات أخرى، لأن عدم ورود هذه الإشارة يعني أن محكمة الاستئناف لن تستطيع إعمال هذا النص. ومن ثم يرى صاحب البلاغ أنه لم يكن من مصلحته إثارة مسألة بطلان قرار الاتهام الذي تخلى عن تطبيق نص جزائي ضده. ويذكر صاحب البلاغ أنه عند تلاوة حكم القضاة المحليين، اكتشف أنه قد حُكِم عليه تعسفياً بعقوبة لا ينص عليها قرار الاتهام، مما حرمه من أي إمكانية للدفاع في هذه المسألة.

مداولات اللجنة بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتحققت اللجنة، وفقاً لما تقضي به الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست محل نظر هيئة دولية أخرى من هيئات التحقيق أو تسوية المنازعات.

6-3 وفيما يتعلق بالشكوى المبنية على تجاوز الدعوى للمدة المعقولة، أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي أكدت أن الانتهاك المدَّعى وقوعه لم يكن محل طعن وفقاً للمادة L 781-1من قانون النظام القضائي وأن صاحب البلاغ لم يعرضه على محكمة النقض. كما أحاطت اللجنة علماً بحجج صاحب البلاغ الذي يصف وسيلة الانتصاف المنصوص عليها في المادة L 781-1من قانون النظام القضائي بأنها تقييدية وغير فعالة. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بصورة كافية حجته المعارضة لشرح الدولة الطرف الذي يشير إلى أن المادة L 781-1 من قانون النظام القضائي تنص على وسيلة انتصاف فعالة. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعترض على القول بأن شكواه لم تُعرَض على محكمة النقض. وأخيراً، ترى اللجنة أن الشكوى المتصلة بتجاوز الدعوى للمدة المعقولة لم تدعم بشكل كاف. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وبالنسبة للشكاوى المتعلقة بعدم دقة قرار الاتهام، وعدم الالتزام بقرينة البراءة، وعدم شرعية الإدانة، تذكر اللجنة بآرائها السابقة وهي أن محاكم الدول الأطراف في العهد مسؤولة بصورة عامة عن النظر في الوقائع والأدلة في قضية محددة. ولا يجوز للجنة، عند النظر في ادعاءات متعلقة بانتهاك المادة 14 في هذا المجال، سوى التحقق مما إذا كانت الإدانة تعسفية أو تشكل إنكاراً للعدالة. غير أن المعلومات التي تلقتها اللجنة لا تشير إلى أن تقييم المحاكم للأدلة قد شابته هذه العيوب. وبناء على ذلك، لم يدعم هذا الجزء من البلاغ بشكل كاف، لأغراض المقبولية، ومن ثم فهو غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بالشكوى المتصلة بقرار الاتهام المعلَن أمام محكمة استئناف شامبيري، تلاحظ اللجنة، بعد أن نظرت في الحجج المقدمة من الدولة الطرف ومن صاحب البلاغ، أن صاحب البلاغ لم يتطرق في مذكرته التفسيرية أمام محكمة النقض إلى الانتهاك المدعى وقوعه نتيجة للحكم عليه، في الاستئناف، بعقوبات مكملة رغم عدم نص قرار الاتهام على إشارة إلى المادة 131-26 من قانون العقوبات، وهي المادة التي تنص على هذه العقوبات. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن هذه الشكاوى غير مقبولة بموجب المادة 2، والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-1 وعليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2، والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

قاف - البلاغ رقم 1106/2002، بالاندجيان ضد هنغاريا (القرار الذي اعتمد في 30 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : ريباكا بالاندجيان وأخيها آغاباب بالاندجيان (لا يمثلهما محامٍ)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبا البلاغ

الدولة الطرف : هنغاريا

تاريخ تقديم البلاغ : 21 حزيران/يونيه 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 آذار/مارس 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحبا البلاغ هما السيدة بالاندجيان وشقيقها آغاباب بالاندجيان (1) ، وهما مواطنان هنغاريان بالمولد غير أنهما يحملان الجنسية الأمريكية منذ عام 1966، ويقيمان حالياً في الولايات المتحدة. ويدعيان أنهما ضحيتا انتهاك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثل صاحبي البلاغ محامٍ.

1-2 بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في هنغاريا بتاريخ 7 كانون الأول/ديسمبر 1988.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 أمم النظام الشيوعي السابق، في عام 1952، ممتلكات والد صاحبي البلاغ في بودابست، التي كان يتقاسم ملكيتها مع شقيقه. وخلال العام ذاته، رحلت الأسرة إلى النمسا. وفي عام 1960، توفي والد صاحبي البلاغ، وهو مواطن أرميني/إيراني، وهاجر صاحبا البلاغ إلى الولايات المتحدة.

2-2 وفي عام 1991 اعتمدت السلطات الهنغارية القانون رقم 25 لعام 1991 (يُشار إليه لاحقاً باسم "قانون التعويضات")، وهو القانون الذي يتيح تعويضاً جزئياً عن الممتلكات التي أُممت خلال حكم النظام الشيوعي. واستناداً إلى الفقرة 2 من هذا القانون، يحق للفئات التالية تلقي تعويضات: (1) المواطنون الهنغاريون؛ (2) المواطنون الهنغاريون سابقاً؛ (3) المواطنون الأجانب الذين كانوا يقيمون في هنغاريا بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 1990.

2-3 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 1992 و30 نيسان/أبريل 1993، ردت القنصلية الهنغارية في نيويورك على استفسارات تقدمت بها السيدة بالاندجيان بشأن مستحقاتها من التعويضات ، موضحة لها أنها غير مؤهلة للحصول على تلك التعويضات، نظراً إلى أن والدها لا يشمله قانون التعويضات ، حيث إنه لم يكن يحمل الجنسية الهنغارية عند التأميم .

2-4 وفي 16 آذار/مارس 1993، رفض مكتب بودابست لتسوية الخسائر طلب السيدة بالاندجيان للحصول على تعويضات، بحجّة أن والدها لا يستوفي الشروط الواردة في قانون التعويضات . وفي 29 نيسان/أبريل 1993، قدمت طعناً في ذلك القرار. وفي 2 أيار/مايو 1996، أكد المكتب الوطني لتسوية الخسائر و التعويضات قرار مكتب بوادبست لتسوية الخسائر. وفي 1 نيسان/أبريل 1998، أكدت محكمة مقاطعة بِسْت قرار مكتب بودابست لتسوية الخسائر .

2-5 وفي عام 1994 أو حول ذلك التاريخ، التمست السيدة بالاندجيان مشورة كبير أمناء المحكمة الدستورية، الذي أوضح في رسالة مؤرخة 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 أنه يجب على أي استئناف يُقدم إلى تلك المحكمة أن يطعن في الطابع الدستوري لقانون ما إذا تعذر إيجاد أية وسيلة أخرى من وسائل الانتصاف القانونية المتوفرة وأن طلبها الحصول على مجرد رأي بشأن سؤال قانوني يقع خارج صلاحيات المحكمة. ولم تتخذ السيدة بالاندجيان إجراءات أمام المحكمة الدستورية، حيث تلقت مشورة من محامٍ عام 1990 طلب منها إيداع عربون بمبلغ 000 240 دولار لتقديم ادعاء إلى تلك المحكمة.

2-6 وفي 26 شباط/فبراير 1999، قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على ضوء جميع الوثائق التي كانت بحوزتها، عدم قبول ادعاء تقدمت به السيدة بالاندجيان. وباعتبار أن المسائل المعروضة على المحكمة تدخل ضمن صلاحياتها فإنها خلصت إلى أن هذه المسائل لا تكشف عن أي دلائل على وقوع انتهاك للحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية أو في البروتوكولات الملحقة بها.

الشكوى

3-1 يفيد صاحبا البلاغ أنهما لم يتقدما بادعاء إلى المحكمة الدستورية نظراً إلى أن التكاليف كانت فاحشة. وعلى ضوء ذلك، فإنهما يدعيان أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية.

3-2 ويدعي صاحبا البلاغ أن حقهما في الملكية قد انتُهك، نظراً إلى أن السلطات الهنغارية لم تُعِد لهما ممتلكات والدهما أو تدفع لهما تعويضات عن تأميم ممتلكاته في عام 1952.

3-3 ويدعي صاحبا البلاغ أيضاً أنهما تعرضا للتمييز بسبب عدم حصولهما على تعويضات عن فقدان ممتلكات والدهما نظراً إلى أنه لم يكن مواطناً هنغارياً عند التأميم وبالتالي لم يستوفِ شروط قانون التعويضات لعام 1991.

رد الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 وفي رسالة مؤرخة 8 تشرين الأول/أكتوبر 2002، اعتبرت الدولة الطرف أنه فيما يتعلق بإشارة السيدة بالاندجيان إلى انتهاك حقها في الملكية، فإن هذا الادعاء يقع خارج نطاق العهد وبالتالي فهو غير مقبول بحكم طبيعته، وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري. وفيما يتعلق بادعائها بالتمييز ضدها بشأن دفع تعويضات عن ممتلكات والدها المؤممة، تؤكد الدولة الطرف أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظراً إلى أن السيدة بالاندجيان لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

4-2 وتزعم الدولة الطرف أن ادعاء السيدة بالاندجيان تعرضها للتمييز بموجب قانون التعويضات ، وعدم منحها تعويضاً جزئياً عن فقدان ممتلكات والدها المتوفى، لم يُثر إطلاقا أمام السلطات المحلية المختصة ولا سيما أمام الأجهزة القضائية. وكما تثبت ذلك الوثائق التي وفّرتها، فقد تقدمت بطلب للحصول على التعويضات إلى مكتب بودابست لتسوية الخسائر. ورُفض الطلب بتاريخ 16 آذار/مارس 1993 على أساس أنها غير مؤهلة للحصول على تعويضات نظراً إلى أن "المالك، عند حدوث الضرر، لم يكن يحمل الجنسية الهنغاري ة، كما يقتضي ذلك الفصل 2، 1(ب) من قانون التعويضات ". وحسب الدولة الطرف، فإن آغاباب بالاندجيان هو الوحيد الذي استأنف هذا القرار أمام المكتب الوطني لتسوية الخسائر و التعويضات والتمس في وقت لاحق مراجعة قضائية للقرار. وتؤكد الدولة الطرف أن السيدة بالاندجيان لم تستأنف في ذلك القرار لدى المكتب الوطني لتسوية الخسائر و التعويضات ، ولم تلتمس مراجعة قضائية وفقاً للفصل 10 من قانون التعويضات .

4-3 وتجادل الدولة الطرف بأن السيدة بالاندجيان لم تتقدم بشكوى دستورية كان بإمكانها أن تثير فيها مسألة التمييز المزعوم. وتوضح أن الحق في عدم التعرض للتمييز تضْمنه المادة 70/ألف من دستور هنغاريا، الذي تفسّره المحكمة الدستورية وفقاً للمعاهدات الدولية، بما يشمل أحكام العهد. وتحاجج الدولة الطرف بأنه كان بإمكان السيدة بالاندجيان أن تستفيد من سبيلين من سبل الانتصاف لاختبار الطابع الدستوري للقانون المطعون فيه. أولاً، بافتراض أنها استأنفت قضيتها أمام المكتب الوطني لتسوية الخسائر والتعويضات، لكان بإمكانها أن تقدم شكوى إلى المحكمة الدستورية بموجب الفصل 48 من القانون رقم 32 لعام 1989 (2) . ثانياً، ودون اشتراط استنفاد جميع سبل الانتصاف القانونية الأخرى، كان بإمكانها أن تتقدم بالتماس إلى المحكمة الدستورية تطعن فيه في الطابع الدستوري لقانون التعويضات على أساس التمييز المزعوم. وفي كلتا الحالتين، وإذا ما ثبت لدى المحكمة أن القيود المتعلقة بفئات الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على تعويضات كانت تمييزية، لكان بإمكانها أن تبطل الأحكام القانونية المطعون فيها.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أنه كان بإمكان السيدة بالاندجيان أن تتقدم بدعوى مدنية ضد السلطات الهنغارية بسبب التمييز على أساس الجنسية، استناداً إلى الفصل 76 من القانون المدني والمادة 26 من العهد، التي أُدرجت في التشريعات الهنغارية بموجب المرسوم بقانون رقم 8 لعام 1976 وبالتالي تطبق مباشرة في المحاكم المحلية. ولو فعلت ذلك، لكان بإمكانها تلقي تعويضات ، أو لكان بإمكان المحكمة أن تلتمس من المحكمة الدستورية النظر في الطابع الدستوري لقانون التعويضات.

تعليقات صاحبي البلاغ

5- في 22 كانون الثاني/يناير 2003، كرر صاحبا البلاغ ادعاءاتهما السابقة وأنكرا عدم استنفادهما سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وادّعيا أن تطبيق سبل الانتصاف قد مُدد على نحو غير معقول وأنه مفرط التكاليف، وأن الإدارة القانونية التابعة لمكتب التعويضات أخطرتهما باستحالة تلقي تعويضات في ظل أحكام القانون الحالي. وأكدا أن التماسهما مشورة كبير أمناء المحكمة الدستورية، على النحو الذي قامت به السيدة بالاندجيان ، كان كافياً لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد نظرت أصلاً في وقائع القضية وخلصت إلى "أنها لا تكشف عن أي دلائل على وقوع انتهاك للحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية وفي البروتوكولات الملحقة بها". غير أن اللجنة تذكر أيضاً بأن هذه القضية، التي سبق أن نظرت في وقائعها المحكمة الأوروبية، لا تنظر فيها حالياً أي هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ولذلك لا يمكن اعتبارها غير مقبولة.

6-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بمصادرة ممتلكات والدهما، تلاحظ اللجنة أن الحق في الملكية لا يحميه العهد صراحة. وبالتالي فإن الادعاء بشأن انتهاك حق صاحبي البلاغ في الملكية في حد ذاته غير مقبول بحكم طبيعته، بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتلاحظ اللجنة زعم صاحبي البلاغ أنهما كانا ضحيتي تمييز، انتهاكاً للمادة 26 من العهد، إذ رُفض تعويضهما على أساس أن والدهما المتوفى لم يكن مواطناً هنغاريا عند تأميم ممتلكاته. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه بالرغم من أن كلا صاحبي البلاغ استأنفا على ما يبدو قرارات مكتب بودابست لتسوية الخسائر أمام المكتب الوطني لتسوية الخسائر و التعويضات ، فإنهما لم يثبتا أن أية حجج تتعلق بالتمييز المزعوم قد أثيرت أمام أية محكمة محلية. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم ما يؤيد زعمها أن تكاليف استنفاد سبل الانتصاف المحلية كانت فاحشة. وتبعاً لذلك تقرر اللجنة عدم قبول هذا البلاغ بسبب عدم استنفاد صاحبيه سبل الانتصاف المحلية، بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

7- وعليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 3 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ القرار إلى صاحبة البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يعاني آغاباب بالاندجيان تنكساً عضلياً حاداً يحول دون قدرته على الرؤية أو القراءة أو الكتابة. وقد أذن لشقيقته بتمثيله.

(2) ينص هذا الفصل من القانون على ما يلي: "(أ) يمكن أن يتقدم بشكوى دستورية إلى المحكمة الدستورية كل شخص تعرض لانتهاك الحقوق التي ينص عليها الدستور عند تطبيق حكم غير دستوري واستنفد جميع سبل الانتصاف القانونية الأخرى أو عند عدم توفر تلك السبل لـه".

راء - البلاغ رقم 1115/2002، بيترسن ضد ألمانيا (القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : السيد فيرنر بيترسن (يمثله المحامي السيد جورج ريكس)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 31 كانون الثاني/يناير 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد فيرنر بيترسن، وهو مواطن ألماني ويدّعي أنه ضحية انتهاك ألمانيا (1) للفقرتين 1 و3 من المادة 2 وللمواد 3 و14 و17 و26 من العهد. وهو ممثل بمحام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ هو أب لطفلٍ ولد خارج إطار الزواج في 3 أيار/مايو 1985. وأقام الطفل مع أمه السيدة "باء" ابتداء من أيار/مايو 1980 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 1985. واتفقا على أن يحمل الطفل الاسم العائلي لأمه. وبعد انفصاله عن الأم واصل صاحب البلاغ دفع النفقة وظلّ على اتصال منتظم بابنه حتى خريف عام 1993. وتزوجت الأم بالسيد "كاف" في آب/أغسطس 1993 وحملت الاسم العائلي لزوجها إلى جانب اسمها العائلي، فأصبحت تدعى "باء – كاف".

2-2 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1993، سأل صاحب البلاغ مكتب الشباب عما إذا كانت الأم قد طلبت تغيير اسم العائلة لابنه. وأبلغ برسالة مؤرخة 20 كانون الأول/ديسمبر 1993 أن الأم سألت عن إمكانية القيام بذلك، إلا أنها لم تتقدم بأي طلب في هذا الخصوص حتى ذلك التاريخ. وأحاط الموظف المختص في مكتب الشباب في رسالة وجهها إلى صاحب البلاغ علماً بأن يوافق على تغيير اسم العائلة إذا قدم طلب بهذا الخصوص، وذلك لأن زوج الأم يعيش مع الأم وابنها منذ أكثر من سنة ولأن الطفل يقبله قبولاً تاماً. وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 1993، سجل كل من الأم وزوجها أقوالاً لدى مكتب التسجيل في بريمن مؤداها أنهما يعطيان اسم عائلة (كاف) إلى ابن صاحب البلاغ. كما قدما وثيقة صادرة عن مكتب الشباب في بريمن بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر 1993 باسم الابن (الذي كان يبلغ حينئذ الثامنة من العمر) تفيد بأنه يوافق على تغيير الاسم العائلي الخاص به. وبناءً على ذلك، أبلغ مكتب التسجيل في بريمن مكتب التسجيل في هيلمستِد بهذا الأمر، وعلى إثر ذلك أضاف أمين السجل في مكتب تسجيل هيلمستِد التغيير المتعلق بالاسم العائلي للطفل إلى سجل ميلاده.

2-3 وفي 6 نيسان/أبريل 1994، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة الإدارية في بريمن ضد بلدية بريمن، يدعي فيها أن مكتب الشباب في بريمن لم يستمع إلى رأيه بشأن التغيير المتوخى لاسم ابنه. وفي 19 أيار/مايو 1994، أعلنت المحكمة الإدارية في بريمن أنها ليست مختصة بالنظر في هذه الشكوى وأحالت القضية إلى محكمة براونشفايغ المحلية.

2-4 وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 1994، رفضت محكمة براونشفايغ المحلية مطالبة صاحب البلاغ بتصحيح سجل ميلاد ابنه، في ما يتعلق بتغيير الاسم العائلي. ورأت المحكمة أن التقييد صحيح لأن تغيير الاسم العائلي للطفل جاء وفقاً للمادة 1617 (2) من القانون المدني. واعتبرت أن تطبيق هذه المادة لا يبلغ حد انتهاك الحكم المتعلق بعدم التمييز من الدستور الألماني أو من المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلى وجه الإجمال لا تؤثر المادة 1618 من القانون المدني على المساواة بين الأطفال المولودين خارج إطار الزواج والمولودين خارجه. بل إن المادة 1618 بإتاحتها إمكانية أن يحمل الطفل اسم العائلة ذاته تكفل عدم إفشاء حالة الطفل المولود خارج إطار الزواج للملأ. وفيما يتعلق بالمسائل الإجرائية، لا يمكن الاعتراض بناءً على أسس دستورية على الإجراءات المتبعة لتغيير اسم العائلة التي لم يشارك فيها الأب الطبيعي. وليس هناك على وجه الخصوص أي انتهاك لحقوق صاحب البلاغ كأب طبيعي، حيث إن الابن لم يحمل قط اسم عائلة الأب. وتغيير الاسم العائلي يخدم مصالح الطفل الفضلى. ويزعم صاحب البلاغ أن منح الأب الطبيعي الحق في أن يسمع رأيه أثناء الإجراءات دون إمكانية منع تغيير الاسم العائلي لن يكون له تأثير لأن الأم وزوج الأم سيكون لهما القول الفصل على أية حال.

2-5 وفي 4 كانون الثاني/يناير 1995، رفضت محكمة براونشفايغ الإقليمية دعوى الاستئناف التي أقامها صاحب البلاغ، مؤكدةً على الاستنتاج الذي خلصت إليه المحكمة المحلية وقضت بعدم وجود دلائل على أن الأحكام القانونية التي طبقت في هذه القضية كانت غير دستورية. ولقد خدم تغيير الاسم العائلي مصالح الطفل ورفاهه، التي لها الأسبقية على مصالح الأب الطبيعي.

2-6 وفي 10 آذار/مارس 1995، رفضت المحكمة الإقليمية العليا في براونشفايغ دعوى استئناف أخرى أقامها صاحب البلاغ. وأكدت المحكمة العليا من جديد، مستندة إلى السوابق القضائية للمحكمة الدستورية الفيدرالية، أنه لا يجوز الاعتراض على المادة 1618 بالاستناد إلى أسس دستورية. ولم يستطع صاحب البلاغ الحصول على أي حق من حقوقه كأب طبيعي بسماع أقواله أثناء الإجراءات القضائية المتعلقة بالاسم العائلي لطفله، لأن حقوقه تتعارض مع حقوق الأم وتتعارض على الأخص مع حقوق الطفل الذي تعتبر حمايته الهدف الأسمى لهذا الحكم. ذلك أن مشاركة مكتب الشباب في الإجراءات القضائية كفلت مصالح الطفل. وإذا وافق كل من أم الطفل وزوجها والوصي على تغيير الاسم العائلي للطفل، سيعتبر عموماً أن هذا التغيير يخدم مصالح الطفل الخاصة برفاهه.

2-7 وفي كانون الثاني/يناير 1994، قدم صاحب البلاغ التماساً إلى محكمة بريمن المحلية بأن تصدر قراراً يمنحه الحق في زيارة ابنه، بعد أن تعرض لمشاكل حالت دون ذلك. وفي نيسان/أبريل 1994، منحته المحكمة المحلية هذا الحق بموجب قرار تمهيدي. بيد أن أم الطفل لم تمتثل بعد ذلك للقرار ومنعت هذه الزيارات اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 1994.

2-8 وفي 3 كانون الثاني/يناير 1995، أقام صاحب البلاغ دعوى قانونية ضد الأم أمام محكمة بريمن المحلية، طالب فيها بتعويض عما تكبده من مصاريف السفر نتيجة لرفضها السماح لـه بزيارة ابنه خلال الفترة من 16 تشرين الأول/أكتوبر و13 تشرين الثاني/نوفمبر 1994.

2-9 وفي 5 نيسان/أبريل 1995، رفضت المحكمة بعد جلسة استماع الدعوى التي أقامها صاحب البلاغ. وقضت بأن مطالبته بتعويض لرفض الأم المزعوم زيارته لابنه لا تستند إلى أي أساس قانوني. ولاحظت المحكمة أنه وفقاً للمادة 1711 من القانون المدني، يقوم الشخص الذي يتولى حضانة ورعاية أي طفل ولد خارج إطار الزواج بتحديد الترتيبات الخاصة بزيارة الأب، وأن الأب لا يستطيع أن يطلب زيارات شخصية إلا إذا كان ذلك في صالح الطفل. كما لاحظت أن القرار التمهيدي الذي صدر في نيسان/أبريل 1994 بشأن ترتيبات الزيارة قد صيغ على نحو يبدو كأنه يمنح الطفل الحق في زيارة صاحب البلاغ، وليس على نحو يمنح صاحب البلاغ الحق في زيارة ابنه.

2-10 وفي 17 آب/أغسطس 1995، رفضت المحكمة الدستورية الاتحادية الشكاوى الدستورية التي قدمها صاحب البلاغ ضد القرارات المتخذة في مجموعتي الدعاوى القانونية كلتيهما (تغيير الاسم العائلي لابنه ورفض مطالبته بالتعويض). ورأت أن شروط المقبولية في كلتا الحالتين لم تستوف. واعتبرت المحكمة بوجهٍ خاص أن شكوى صاحب البلاغ من تغيير الاسم العائلي لابنه لم تطرح أي تساؤل ذي أهمية أساسية. وبالإشارة إلى قرارها المؤرخ 7 آذار/مارس 1995 الذي اتخذته بشأن مسألة أخرى (3) ، ذكرت المحكمة أن أب أي طفل مولود خارج إطار الزواج يتمتع بالحق في رعاية وتنشئة الطفل بموجب القانون الأساسي، حتى وإن لم يكن يقيم مع أم الطفل ويشاركها تربيته. ولكنه لا توجد أي إشارةٍ في هذه القضية تدل على أن المحاكم قد أغفلت لدى تفسيرها وتطبيقها للمادة 1618 من القانون المدني الحقوق الأبوية لصاحب البلاغ. أما فيما يتعلق بقرار محكمة بريمن المحلية الصادر في 5 نيسان/أبريل 1995، فقد رأت المحكمة أنه يحق لصاحب البلاغ أن يقدم أي شكوى دستورية يطلب فيها منحه حقه الأبوي في زيارة طفله بموجب دعوى تعويض عن الضرر.

2-11 وفي 8 شباط/فبراير 1996، قدم صاحب البلاغ عريضة دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يزعم فيها أن حقوقه وحقوق ابنه قد انتهكت في إطار المواد 6 و8 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية). وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2001، أعلنت المحكمة الأوروبية عدم قبول عريضة الدعوى (4) للأسباب التالية: (1) أن صاحب البلاغ لا يتمتع بصلاحية التصرف بالنيـابة عن ابنـه؛ (2) أن دعواه تتنافى بحكم طبيعتها مع أحكام الاتفاقية وهي أن الإجراءات المتعلقة بتغيير الاسم العائلي لابنه انطوت على تمييز ضده كأبٍ طبيعي، وهو ما يخالف المادة 14 من الاتفاقية؛ (3) أنه يتبين بجلاء أنها لا تستند إلى أساس سليم إذ إن صاحب البلاغ يزعم (أ) أن تغيير اسم ابنه العائلي يعد انتهاكاً لحقه في احترام الحياة الأسرية بموجب المادة 8 من الاتفاقية؛ (ب) وأن عدم عقد جلسة للاستماع وإصدار إعلان بالقرارات المتخذة أثناء الإجراءات أمام محكمة بريمن الإدارية ومحكمتي براونشفايغ المحلية والإقليمية يمثل انتهاكاً للمادة 6 من الاتفاقية؛ (ج) وأن رفض مطالبته بالتعويض لم يفض إلى عدم إعمال حقوقه المتعلقة بالزيارات فحسب، وإنما أدى أيضاً إلى تعرضه للتمييز، مقارنةً مع آباء أطفالٍ ولدوا في إطار الزواج، مما يمثل انتهاكاً للمادتين 8 و14 من الاتفاقية على حد سواء.

الشكوى

3-1 يزعم صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب الفقرتين 1و3 من المادة 2 والمواد 3 و14 و17 و26 من العهد قد انتهكت، لأن مصالحه كأب طبيعي لم تؤخذ في الاعتبار على النحو الواجب، إذ لم يطلب منه الموافقة على تغيير الاسم العائلي لابنه ولا المشاركة في الإجراءات الخاصة بذلك. ويذكر صراحة أنه لا يقدم هذا البلاغ بالنيابة عن ابنه.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه بالمقارنة مع أي أب لطفل ولد في إطار الزواج لم يتمكن من الاستعانة بأي سلطة حكومية لتبرير تغيير الاسم العائلي للطفل لسبب وجيه يتعلق برفاه الطفل. ويعتقد أنه تعرض للتمييز بالمقارنة مع أي أم أو أب لطفل مولود في إطار الزواج يتعين بموجب القانون الخاص بتغيير الأسماء العائلية الاستماع إليه لدى النظر في الدعاوى القانونية المقامة في هذا الخصوص. وعلاوة على ذلك فإنه خلافاً لأب طفل وُلد في إطار الزواج، لم يُتح لـه أي سبيل فعال للوصول إلى المحاكم حتى يعترض على قرار الوصي والأم وزوجها بشأن تغيير الاسم العائلي لعدم وجود أسباب وجيهة تستوجب هذا التغيير أو لتعارضه مع مصالح الطفل أو لعدم الاستماع إليه أثناء الإجراءات الخاصة بتغيير الاسم.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ أن تغيير الاسم العائلي لابنه لا يخدم أي غرضٍ مشروع، إذ إن رفاه الطفل يقتضي عموماً استمرارية الاسم كوسيلة لتحديد هوية الشخص. كذلك فإن التستر على ولادة غير شرعية بتغيير الاسم لا يعتبر غرضاً مشروعاً. وعلاوةً على ذلك، فإن تمثيل الوصي للطفل لا يضمن على نحو كافٍ مصالح الطفل، إذ إن مكتب الشباب لا يستمع بانتظام إلا للأم وزوجها وليس للطفل نفسه.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن قرار محكمة بريمن المحلية الصادر في 5 نيسان/أبريل 1995 ينتهك حقوقه بموجب المواد 2 و3 و17 و26 من العهد، لأنه لم يكفل لـه الحق في زيارة ابنه. ويضيف قائلاً إنه من حق أب الطفل المولود في إطار الزواج أن يحصل على تعويض إذا ما رفضت الأم الامتثال لحقه في الزيارة.

3-5 ويزعم صاحب البلاغ أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم "تنظر" في قرارها بشأن عدم المقبولية المؤرخ 6 كانون الأول/ديسمبر 2001 في ادعاءاته في إطار المعنى المقصود من تحفظ الدولة الطرف على الفقـرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وإذا كان هناك اختلاف جوهري بين أحكام العهد وأحكام الاتفاقية الأوروبية الواجبة التطبيق، وإذا كانت المحكمة الأوروبية قد أعلنت عدم جواز قبول أي مسألة من حيث الموضوع، يعتبر أن هذه المسألة لم "ينظر فيها" في إطار المعنى المقصود من التحفظ الألماني، وفقاً للقرارين اللذين اتخذتهما اللجنة في قضيتي روغل ضد ألمانيا (5) وكزانوفاز ضد فرنسا (6) .

3-6 وفيما يتعلق بمزاعمه بمقتضى المادة 26 من العهد، يدعي صاحب البلاغ أن المحكمة الأوروبية اعتبرت أن تغيير الاسم العائلي لابنه وعدم منحه أي تعويض عن تكاليف السفر التي تكبدها لا يؤثران تأثيراً مباشراً على حقه في الحياة الأسرية (المادة 8 من الاتفاقية)، وبالتالي فليس هناك أي مجال لتطبيق المادة 14 التي يمكن تطبيقها فقط عندما يتعلق الأمر بالحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية. وعلى خلاف المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية، تعتبر المادة 26 حكماً قائماً بذاته، يمكن الاحتكام إليها بمعزل عن الحقوق الأخرى المتضمنة في العهد. وفي ضوء الاختلاف الجوهري بين الحكمين، لم يمنع التحفظ الألماني اللجنة من أن تنظر في مزاعم صاحب البلاغ بالاستناد إلى المادة 26 من العهد.

3-7 ويقول صاحب البلاغ فيما يخص مزاعمه بموجب المادة 17 من العهد إن الاستنتاج الذي توصلت إليه المحكمة الأوروبية بأن حقه في احترام حياته الأسرية لم يتأثر بتغيير الاسم العائلي لابنه ولا برفض مطالبته بالتعويض يوضح أن المحكمة رأت أن مزاعمه تندرج خارج نطاق المادة 8 من الاتفاقية، وبالتالي لم تنظر فيها على ضوء فحوى التحفظ الألماني. وعلاوةً على ذلك، فإن المحكمة لم تنظر في ادعائه بموجب المادة 14 من الاتفاقية بأنه بالمقارنة مع آباء أطفال مولودين في إطار الزواج لم تتح لـه إمكانية الوصول إلى المحاكم كي يعترض على تغيير الاسم لأنه لا يخدم مصلحة الطفل أو على عدم الاستماع إليه أثناء الإجراءات ذات الصلة.

3-8 وبصدد تحفظ الدولة الطرف على الشرط الزمني، يزعم صاحب البلاغ أن تغيير الاسم العائلي لابنه يعود تاريخه إلى 30 كانون الأول/ديسمبر 1993، عندما سجل كل من الأم وزوجها أقوالهما في مكتب التسجيل في بريمن، الذي قام بعدئذ بإبلاغ مكتب التسجيل في هيلمستاد حيث قام أمين السجل بإضافة التغيير على اسم الطفل إلى شهادة ميلاده. وكانت دعوى التعويض المعروضة على محكمة بريمن المحلية تتعلق بنفقات السفر التي تكبدها يومي 16 تشرين الأول/أكتوبر و13 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 نظراً لرفض الأم السماح لـه بزيارة ابنه. وقد وقعت هذه الأحداث بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993.

3-9 ويزعم صاحب البلاغ أن تحفظ ألمانيا بشأن المادة 26 من العهد يتنافى مع مضمون وهدف البروتوكول الاختياري، إن لم يكن مع العهد ذاته، إذ إنه يسعى إلى تقييد التزامات الدولة الطرف بمقتضى المادة 26 على نحو لا يتسق وتفسير اللجنة لهذا الحكم بوصفه مبدأً قائماً بذاته من مبادئ المساواة (7) . وبالإشارة إلى تعليق اللجنة العام رقم 24 (8) ، وإلى قرار المحكمة في قضية كيندي ضد ترينيداد وتوباغو (9) ، فضلاً عن الفقرة 1(د) من المادة 2 والمادة 19 من اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات، يزعم صاحب البلاغ أنه لا يجوز إبداء أي تحفظ على التزام أساسي يقتضيه العهد باللجوء إلى البروتوكول الاختياري وسيلةً لذلك. ويشير إلى أن اللجنة كانت قد أعربت عن أسفها إزاء تحفظ الدولة الطرف في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع الذي قدمته ألمانيا.

3-10 ويزعم صاحب البلاغ أن اللجنة مختصة بالبت في ما إذا كان أي تحفظ يتوافق مع مضمون العهد ومقصده، وأن الأثر المترتب على أي استنتاج بأن تحفظ ألمانيا يتنافى مع مضمون ومقصد البروتوكول الاختياري هو أن التحفظ سيكون قابلاً عموماً للفصل، بمعنى أن العهد يكون نافذاً بالنسبة للدولة الطرف دون أن تستفيد من التحفظ (10) . وهو يعتقد أن الدولة الطرف ليست لها مصلحة مشروعة في التمسك بتحفظها، بعد أن وقعت (11) على البروتوكول رقم 12 الملحق بالاتفاقية الأوروبية الذي يتضمن حظراً عاماً للتمييز. ويخلص صاحب البلاغ إلى أن التحفظ باطل ولا يمنع اللجنة من النظر في ادعاءاته بموجب المادة 26.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2002، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ ومؤداها أنه غير مقبول من حيث الموضوع بسبب التحفظ الألماني، وكذلك لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نظرت من قبل في المسألة ذاتها.

4-2 وتقول الدولة الطرف إن الاحتكام المنعزل إلى المادتين 3 و26 من العهد يتعارض مع صيغة المادة 3 والتحفظ الألماني على المادة 26، نظراً للطابع الثانوي لكلتا المادتين. ولما كان صاحب البلاغ يدعي انتهاكاً لهاتين المادتين وحدهما، فيجب اعتبار أن بلاغه يتنافى بحكم طبيعته مع أحكام العهد. ويسعى صاحب البلاغ باستشهاده بهاتين المادتين بمعزل عن المادتين 14 و17 من العهد إلى تحوير مضمون البند (أ) من التحفظ الألماني لأن كلا الادعاءين متماثلان ويرتكزان إلى الحجج ذاتها التي نظرت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وصياغة أي شكوى كأنها ادعاء منفصل بالتمييز يتعلق بالمسألة ذاتها ويرتكز إلى حجج مطابقة لادعاء سبق وأن قدم إلى المحكمة الأوروبية ينبغي ألا يؤثر على تطبيق التحفظ الألماني المستهدف منه منع ازدواجية إجراءات المراقبة الدولية وتعارض القرارات المتخذة بموجب هذه الإجراءات وتقديم المتظلمين ما يناسبهم من الشكاوى.

4-3 وتضيف الدولة الطرف قائلة إن المحكمة الأوروبية قد "نظرت في" المسألة ذاتها، إذ إن قرارها بأن شكاوى صاحب البلاغ غير مقبولة من حيث الموضوع أو أنه يتبين بوضوح أنها لا تستند إلى أسس سليمة في كلتا الحالتين يعني ضمناً أنه جرى النظر على نحو مقتضب في وقائع شكواه. ولأن القرار الذي أصدرته اللجنة في قضية كزانوفاز ضد فرنسا يجب أن يختلف عن قرارها في هذه القضية، إذ إن نطاق الحماية الذي توفره المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية يختلف في جوهره عن مضمون المادة 14 من العهد إزاء المسألة التي تم البت في تلك القضية. ولذلك فإن إعلان المحكمة الأوروبية أن الشكوى غير مقبولة من حيث الموضوع لا يعتبر أمراً حاسماً كي تخلص اللجنة إلى أن المحكمة لم "تنظر في" المسألة ذاتها. بل إن الشرط الإضافي بوجود درجة مماثلة من حماية حقوق الإنسان محل البحث لم يستوف في قضية كزانوفاز. بيد أن صاحب البلاغ في هذه القضية لم يتمكن من تبيان أي اختلاف جوهري بين حقوق العهد التي احتكم إليها ونظيراتها في الاتفاقية الأوروبية.

4-4 وبصدد الادعاءات المحددة لصاحب البلاغ، تقول الدولة الطرف إن المحكمة الأوروبية قد نظرت فيما إذا كان تغيير الاسم العائلي لابنه قد أثر على حقه في احترام الحياة الأسرية بموجب المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية؛ كما نظرت في الشروط المسبقة الأساسية في المادة 14 من الاتفاقية، وتوصلت إلى نتيجة سلبية في كلتا الحالتين. ونتيجة لذلك لا يجوز للجنة النظر في ادعاءين متطابقين قدماً بموجب المادة 17، بقراءتها بالاقتران بالمادة 26 من العهد، في حالة عدم وجود اختلاف جوهري مع المادتين 8 و14 من الاتفاقية الأوروبية.

4-5 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14، بقراءتها بالاقتران بالمادة 26 ومؤداها أن الإجراءات القضائية المتعلقة بتغيير الاسم العائلي كانت جائرة لابنه، وأنه كأب لطفل ولد خارج إطار الزواج لم تتح له أي فرصة للاعتراض على تغيير الاسم، تقول الدولة الطرف إن المحكمة الأوروبية قد أعلنت هذه الشكاوى غير مقبولة لأنها لا تستند بوضوح إلى أسس سليمة، وذلك بعد أن قامت ببحث شامل لوقائع الدعاوى المقدمة بمقتضى المادتين 6 و8 من الاتفاقية الأوروبية. وكذلك فإن اللجنة ليست مختصة بالنظر في المسألة ذاتها بحكم التحفظ الألماني.

4-6 وأما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 17 بقراءتها بالاقتران بالمادة 26 من العهد ومفادها أن رفض المحكمة تعويضه عن الخسائر التي تكبدها في نفقات السفر يشكل تمييزاً ضده بالمقارنة مع آباء الأطفال المولودين في إطار الزواج وبأنها لم تكفل له الحق في زيارة ابنه، تقول الدولة الطرف إن المحكمة الأوروبية رأت أن هذه الشكوى تعتبر في المقام الأول مسألة مالية تندرج خارج نطاق الحماية المنصوص عليها في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية.

تعليقات صاحب البلاغ

5-1 في 20 شباط/فبراير 2003، أكد صاحب البلاغ من جديد أن البلاغ مقبول للأسباب المبينة في رسالته الأولى. ويؤكد أن المحكمة الأوروبية لم تنظر في ادعاءاته المستقلة المتعلقة بالتمييز ولا يمكن أن تكون قامت بذلك وفقاً للقوانين المعتمدة من السوابق القضائية (12) . ومن ثم، فإن اللجنة لم تستبعد من النظر في هذه الادعاءات على أساس تحفظ الدولة الطرف على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-2 ويعتقد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تتناول حجته بأن التحفظ الألماني على المادة 26 من العهد يتنافى مع مضمون ومقصد العهد وبالتالي فهو قابل للفصل. ويقول إن الدولة الطرف تشير في تقريرها الدوري الخامس (13) المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أنها ستقوم باستعراض هذا الجزء من التحفظ ما إن تستكمل عملية التصديق على البروتوكول رقم 12 الملحق بالاتفاقية الأوروبية الذي يتضمن حظراً عاماً للتمييز. ويرى صاحب البلاغ أن هذا يؤيد رأيه بأنه لا توجد أي مصلحة مشروعة للدولة الطرف في أن تتمسك بتحفظها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد احتجت بتحفظها على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري مستبعدة اختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات "التي سبق وأن نُظر فيها ضمن إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية". وتعرب اللجنة عن ارتياحها لأن نظر المحكمة الأوروبية في هذا القضية يشكل دراسة لها من جانب إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية في إطار معنى الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتنوه اللجنة بضرورة أن يُقرأ البند (أ) من تحفظ الدولة الطرف على الفقرة 2(أ) من المادة 5 في ضوء نص ذلك الحكم. وبناءً على ذلك تكون المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد نظرت فعلاً في بلاغ ما إذا كانت الدعوى التي تنظرها تلك المحكمة تخص "المسالة ذاتها". وتذكِّر اللجنة بقراراتها السابقة التي تقضي بأن تتعلق "المسألة ذاتها" التي تندرج في إطار مضمون الفقرة 2(أ) من المادة 5 بصاحب البلاغ نفسه وبالوقائع ذاتها وبالحقوق الأساسية عينها (14) . وتنوه بأن البلاغ رقم 31180/96 الذي قدمه صاحب البلاغ ذاته إلى المحكمة الأوروبية قد ارتكز إلى الحقائق ذاتها وكان يتعلق جزئياً على الأقل بنفس الحقوق الأساسية المشار إليها في هذا البلاغ، وذلك لأن المادتين 6 و8 من الاتفاقية الأوروبية تماثلان في نطاقها ومضمونها المادتين 14 و17 من العهد.

6-4 وبعد أن انتهت إلى أن تحفظ الدولة الطرف بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ينطبق على الحالة، يتعين عليها أن تنظر في ادعاء صاحب البلاغ أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم "تنظر في" المسألة ذاتها في إطار فحوى تحفظ الدولة الطرف. وتذكِّر بقرارها وهو أنه إذا لم تستند أجهزة محكمة ستراسبورغ في إعلان عدم المقبولية إلى أسسٍ إجرائية فحسب (15) ، وإنما إلى أسبابٍ تشمل بعض الدراسة لوقائع القضية، عندئذ تكون المسألة ذاتها قد "بحثت" ضمن إطار فحوى التحفظات ذات الصلة على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (16) .

6-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن تغيير الاسم العائلي لابنه ورفض مطالبته بالتعويض ينتهكان حقه في الحياة الأسرية بمقتضى المادة 17، مقترنةً بحقوقه الإجرائية بموجب المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية قد أعلنت الشكوى المناظرة غير مقبولة لأنها لا تستند بوضوح إلى أسسٍ سليمة، بمقتضى الفقرتين 3 و4 من المادة 35 من الاتفاقية الأوروبية. وقد بنت المحكمة حكمها هذا على أساس أن الطفل لم يحمل قط اسم عائلة صاحب البلاغ، وبالتالي فإن ذلك لم يشكل مطلقاً أي دلالة خارجية على وجود علاقة بين صاحب البلاغ وابنه. وبصدد المطالبة بالتعويض، قضت المحكمة بأن الموضوع يتعلق في المقام الأول بمسألة مالية، الأمر الذي لم يمكنه من الحصول على حكم بزيارة طفله أو إنفاذ هذا الحكم. وبناءً على ذلك، فإن رفض المطالبة بالتعويض لم يؤثر على حق صاحب البلاغ احترام الحياة الأسرية. وتخلص اللجنة إلى أن المحكمة الأوروبية، عندما نظرت في شكاوى صاحب البلاغ المقدمة بموجب المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية، ذهبت إلى ما هو أبعد من دراسة لمعايير إجرائية محضة للمقبولية. وينطبق ذلك أيضاً على الشكاوى التي قدمها بموجب المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية التي تتعلق بضرورة عقد جلسة عامة للنظر في الدعوى وإعلان الأحكام التي أصدرتها محكمتا براونشفايغ المحلية والإقليمية على الملأ ومن ثم فهي تتعلق بجوانب من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية التي تماثل من حيث المضمون والنطاق المادة 14 من العهد. وبالتالي، فإن هذا الجزء من البلاغ قد سبق "بحثه" في إطار فحوى تحفظ الدولة الطرف.

6-6 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد بأنه تعرض للتمييز بالمقارنة مع أم الطفل أو آباء الأطفال المولودين في إطار الزواج، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الأوروبية قد أعلنت عدم قبول شكاوى مماثلة قدمها صاحب البلاغ من حيث الموضوع، إذ لم يكن هناك أي مجال لتطبيق المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية، ولأن حقه في احترام حياته الأسرية لم يتأثر بالقرارات التي اتخذت بشأن تغيير الاسم فضلاً عن الدعوى القانونية المتعلقة بالتعويض. وتذكِّر اللجنة بقرارها (17) بأنه إذا كانت الحقوق التي يحتج بها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تختلف في جوهرها عما يناظرها من حقوق في العهد، فإن أي مسألة أعلن عدم جواز قبولها من حيث الموضوع تعتبر مسألة لم "تبحث" بالمعنى المقصود من التحفظات على الفقرة 2 (أ) من المادة 5، بحيث يستبعد اختصاص اللجنة من النظر فيها.

6-7 وتذكِّر اللجنة بأن الحق المستقل في المساواة وعدم التمييز الوارد في المادة 26 من العهد ينص على توفير قدر أكبر من الحماية يتجاوز ما يوفره الحق الثانوي في عدم التمييز الوارد في المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية (18) . وتنوه بأنه نظراً لعدم تقديم أي ادعاء مستقل بموجب الاتفاقية أو بروتوكولاتها ذات الصلة، لم تتمكن المحكمة الأوروبية من البت فيما إذا كانت حقوق صاحب البلاغ الثانوية قد انتهكت أم لا. وبالتالي لم تنظر المحكمة الأوروبية في ادعاءات صاحب البلاغ في ما يخص المادة 26 من العهد. ومن ثم، فإن اللجنة ليست مستبعدة بحكم التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف على الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من النظر في هذا الجزء من البلاغ.

6-8 وتشير اللجنة إلى أنه ليس كل تمايز تنص عليه قوانين أي دولة طرف يبلغ حد التمييز بالمعنى المقصود من المادة 26، ولكنها تقتصر على أوجه التمايز التي لا تستند إلى معايير موضوعية ومعقولة. ولم يثبت صاحب البلاغ، لأغراض المقبولية، أن الأسباب التي دعت إلى إدراج المادة 1618 في القانون المدني الألماني (الفقرة 2-4 أعلاه) لم تكن موضوعية ومعقولة. وبالمثل، فإن صاحب البلاغ لم يثبت أن رفض تعويضه عن نفقات السفر التي تكبدها يبلغ حد التمييز وفقاً لمضمون المادة 26. وبناءً على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

6-9 وفي ظل هذه الظروف، ليست هناك ضرورة لقيام اللجنة بتناول مسألة جواز التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف على البروتوكول الاختياري بشأن المادة 26 وسريانه عليه.

6-10 أما في ما يخص ادعاء صاحب البلاغ بأنه حرم من الوصول إلى المحاكم الألمانية، مما يشكل انتهاكاً للمادة 14 من العهد، لأنه على خلاف الآباء الآخرين لأطفال ولدوا في إطار الزواج، لم يتمكن من الاعتراض على القرار بتغيير الاسم العائلي لابنه، ولا المطالبة بالتعويض عن عدم احترام الأم لحقه في زيارة ابنه، فتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قد منح إمكانية الوصول إلى المحاكم الألمانية في ما يخص المسألتين على السواء، لكن هذه المحاكم رفضت ادعاءاته. وترى اللجنة أنه لم يقدم ما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، التي تثبت أن شكاواه تطرح مسائل تندرج في إطار الفقرة 1 من المادة 14 من العهد يمكن طرحها بصورةٍ منفصلة عن المادة 26 ولا تتصل بمسائل سبق أن "نظرت" فيها المحكمة الأوروبية (19) بالمعنى المقصود من تحفظ الدولة الطرف.

7- وبالتالي، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار للدولة الطرف ولصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ في الدولة الطرف في 17 آذار/مارس و25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، على التوالي. وأودعت الدولة الطرف عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، التحفظ التالي: "تبدي جمهورية ألمانيا الاتحادية تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 مفاده أن اختصاص اللجنة لا يسري على البلاغات (أ) التي سبق أن نُظر فيها بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين، أو (ب) التي وجه من خلالها توبيخ رسمي على انتهاك للحقوق تعود أحداثه إلى ما قبل دخول البروتوكول حيز النفاذ في جمهورية ألمانيا الاتحادية، أو (ج) التي وجه من خلالها توبيخ رسمي على انتهاكٍ لأحكام المادة 26 من [العهد المذكور] متى وبقدر ما تعلق الانتهاك الذي صدر التوبيخ لأجله بحقوقٍ غير تلك التي تكفلها أحكام العهد المذكور آنفاً".

(2) عملاً بالمادة 1617 من القانون المدني الألماني النافذ فعلياً في الوقت الحالي، يحصل الطفل المولود خارج إطار الزواج على اسم العائلة التي كانت تحمله الأم عند مولد الطفل. ولا يؤثر أي تغيير لاحق لاسم الأم العائلي نتيجة لزواجها على الاسم العائلي للطفل.

وتنص المادة 1618 من القانون ذاته على أنه يمكن لأم أي طفل ولد خارج إطار الزواج ولزوجها أن يعلنا أمام أمين السجل بأنه ينبغي للطفل الذي منح اسماً عائلياً وفقاً للمادة 1617 ولم يتزوج بعد أن يحمل اسم عائلتها في المستقبل. وبالمثل، يستطيع أب الطفل أن يعلن أمام أمين السجل أنه ينبغي للطفل أن يحمل اسمه. ويتعين على الأم والطفل أن يتفقا على تغيير الاسم العائلي إذا ما كان الأب يرغب في أن يمنح الطفل اسمه العائلي.

(3) قرارات المحكمة الدستورية (BVerfGE)، المجلد 92، رقم 12، الصفحة 158.

(4) انظر "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" (الجزء الثالث)، القرار المتعلق بمقبولية الطلب رقم 31180/90 ( فيرنر بيترسن ضد ألمانيا )، 6 كانون الأول/ديسمبر 2001.

(5) البلاغ رقم 808/1998.

(6) البلاغ رقم 441/1990.

(7) يشير صاحب البلاغ إلى البلاغ رقم 182/1984، زوان دي فريس ضد هولندا .

(8) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة الثانية والخمسون (1994) للجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 24: المسائل المتعلقة بالتحفظات المودعة عند التصديق أو الانضمام إلى العهد أو إلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين به، أو فيما يتعلق بالإعلانات التي تصدر في إطار الفقرة 13 من المادة 41 من العهد.

(9) البلاغ رقم 845/1998، الفقرة 6.

(10) يشير صاحب البلاغ إلى الفقرة 18 من التعليق العام 24، وإلى القرار بشأن مقبولية اللجنة للبلاغ رقم 845/1998، كيندي ضد ترينيداد وتوباغو .

(11) وقعت ألمانيا على البروتوكول رقم 12 الملحق بالاتفاقية الأوروبية في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، لكنها لم تصدق عليه إلى الآن. انظر الموقع الشبكي لمكتب المعاهدات في مجلس أوروبا: http://conventions.coe.int(تم الاطلاع عليه في 22 كانون الأول/ديسمبر 2003).

(12) يشير صاحب البلاغ إلى البلاغ رقم 965/2000، كاراكورت ضد النمسا، الفقرة 7-4.

(13) انظر التقرير الدوري الخامس المقدم من ألمانيا، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/DEU/2002/5 الصادرة في 4 كانون الأول/ديسمبر 2002، الفقرة 372.

(14) انظر مثلاً البلاغ رقم 998/2001 ، ألثامر ضد النمسا ، الفقرة 8-4.

(15) انظر مثلاً البلاغ رقم 716/1996، بوجر ضد النمسا، الفقرة 6-4.

(16) انظر مثلاً البلاغ رقم 121/1982، أ. م. ضد الدانمرك ، الفقرة 6؛ البلاغ رقم 744/1997، ليندرهولم ضد كرواتيا ، الفقرة 4-2.

(17) انظر البلاغ رقم 441/1990، كزانوفاز ضد فرنسا - الفقرة 5-1.

(18) انظر البلاغ 998/2001، ألثامر ضد النمسا ، الفقرة 8-4.

(19) انظر الفقرة 6-5 أعلاه.

شين - البلاغ رقم 1138/2002، آرنتس ضد ألمانيا (القرار الذي اعتمد في 24 آذار/مارس 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : بول آرنتس (متوفى)؛ وتوماس وداغمار رودر (يمثلهم وليم ك. فالش)

الشخص المدعي أنه الضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 26 أيلول/سبتمبر 2002 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 آذار/مارس 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم بول آرنتس (الطرف الأول في البلاغ) وتوماس رودر (الطرف الثاني في البلاغ) وزوجته داغمار رودر (الطرف الثالث في البلاغ)، وهم جميعا مواطنون ألمان وأعضاء في "كنيسة السينتولوجيا". ويدعون أنهم ضحايا انتهاك ألمانيا (1) للمواد 2 و18 و19 و22 و25 و26 و27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محام . وقد توفي السيد آرنتس في شباط/فبراير 2004.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991، اعتمد الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وهو أحد أهم حزبين سياسيين في ألمانيا، القرار جيم - 47 في مؤتمر الحزب الوطني، الذي أعلن أن الانتماء إلى السينتولوجيا لا "يتوافق مع العضوية في الاتحاد الديمقراطي المسيحي". ولا يزال هذا القرار ساري المفعول.

2-2 وفي رسالة مؤرخة 22 أيلول/سبتمبر 1994، طلب رئيس الفرع البلدي للاتحاد الديمقراطي المسيحي في مشرنيخ (شمال الراين - فستفاليا) بتأييد لاحق من وزير العمل الاتحادي وزعيم الحزب المحلي في ولاية شمال الراين - فستفاليا، من الطرف الأول في البلاغ، وهو عضو قديم في الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أن ينسحب من الحزب على الفور بتوقيع إعلان استقالة، مبينا أنه قد علم ب انتمائه إلى السينتولوجيا. وعندما رفض الطرف الأول في البلاغ توقيع الإعلان، قرر مجلس الحزب في مقاطعة أوسكيرشن، في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1994، بدء إجراءات استبعاده، ومن ثم تجريده من حقوقه كعضو في الحزب إلى حين إصدار المحاكم الحزبية قراراً نهائياً بشأنه.

2-3 وبرسالة مؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 1994، أعلم رئيس المحكمة الحزبية في مقاطعة أوسكيرشن الطرف الأول في البلاغ بأن المجلس قد قرر طرده من الحزب بسبب انتمائه إلى السينتولوجيا وبأنه طلب من محكمة الحزب في المقاطعة البت في الأمر بعد منحه فرصة الدفاع عن موقفه. وبعد عقد جلسة في 2 كانون الأول/ديسمبر 1994، أعلمت المحكمة الحزبية في المقاطعة الطرف الأول في البلاغ في 6 كانون الأول/ديسمبر 1994 بأنها أكدت قرار مجلس المقاطعة القاضي بطرده من الحزب. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 1995، رفضت المحكمة الحزبية في ولاية شمال الراين - فستفاليا طعنه الأول. ثم رفضت المحكمة الحزبية الاتحادية في 18 كانون الأول/ديسمبر 1996 طعنه الثاني.

2-4 وفي إطار إجراءات منفصلة، طُرد أيضا الطرف الثاني، وهو عضو قديم في الحزب ورئيس أسبق لمجلسه البلدي في فيتسلار ميته (هيس)، وكذلك الطرف الثالث في البلاغ، وقد كانت هي الأخرى من أعضاء الحزب الديمقراطي المسيحي طيلة أعوام، وذلك بموجب قرار صادر في 29 كانون الثاني/يناير 1992عن رابطة الحزب في مقاطعة لاهن - ديل. وقد سبق قرارَ الطرد شن حملة ضد عضوية الطرف الثاني، آلت إلى تنظيم تجمع شعبي حضره قرابة 000 1 شخص، في 1 كانون الثاني/يناير 1992، حيث يُدعى أن سمعة الطرف الثاني وشرفه المهني كطبيب أسنان قد تعرضا للتشويه بسبب انتمائه إلى كنيسة السينتولوجيا.

2-5 وفي 16 تموز/يوليه 1994، أعلنت محكمة الحزب في مقاطعة هيس الوسطى أن قرار طرد الطرفين الثاني والثالث من الحزب مطابق للأحكام ذات الصلة من النظام الأساسي للحزب. وقد رُفض طعن الطرفين أمام المحكمة الحزبية في ولاية هيس والمحكمة الحزبية الاتحادية في بون على التوالي في 26 كانون الثاني/يناير 1996 و24 أيلول/سبتمبر 1996.

3-1 وفي 9 تموز/يوليه 1997، رفضت محكمة بون المحلية الدعوى القانونية التي أقامها أصحاب البلاغ ضد قرارات المحكمة الحزبية الاتحادية، بحجة أن هذه القرارات قائمة على تحقيق موضوعي في الوقائع، ومتوافقة مع القانون، ومطابقة للقواعد الإجرائية المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب. وبخصوص الأسس الموضوعية للشكوى، اكتفت المحكمة بالنظر في ما إذا كانت هذه القرارات تنطوي على تعسف، على أساس مبدأ استقلالية الأحزاب المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 21 (2) من القانون الأساسي.

3-2 واعتبرت المحكمة أن قرارات المحكمة الحزبية الاتحادية ليست تعسفية، بما أن أصحاب البلاغ قد أخلوا بأحكام القرار جيم - 47، التي توضح مبدأ من مبادئ الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بالاستناد إلى الفقرة 4 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية. ولم يكن القرار في حد ذاته تعسفيا أو متعارضا مع التزام الحزب بتنظيم داخلي ديمقراطي، وفقا للفقرة 1 من المادة 21 من القانون الأساسي، لأن العديد من منشورات السينتولوجيا، ولا سيما أفكار مؤسسها رون هابرد تشير بموضوعية إلى وجود تعارض مع مبادئ الحزب القائمة على حرية تنمية الذات والتسامح وحماية الفئات الاجتماعية المحرومة. ويمكن، فضلا عن ذلك، إسناد هذه الأيديولوجيا بصفة شخصية إلى أصحاب البلاغ، على أساس تبنيهم لمبادئ هذا التنظيم وأهمية مساهماتهم المالية فيه.

3-3 ورغم أن الحزب ملزم باحترام حقوق أصحاب البلاغ الأساسية في حرية التعبير والحرية الدينية، بموجب التزامه بتنظيم داخلي ديمقراطي، فإن تقييد هذه الحقوق مبرَّر بضرورة حماية استقلالية الأحزاب السياسية وسلامة أدائها، علما أنه لا يسعها تمثيل جميع التيارات السياسية والأيديولوجية، ويحق لها، من ثم، استبعاد المعارضين من صفوفها. وإذ أخذت المحكمة في اعتبارها أن أصحاب البلاغ قد أساءوا بقدر كبير إلى صورة الحزب، وساهموا على هذا النحو في تقليص الدعم الانتخابي الذي يحظى به على الصعيد الداخلي، فقد رأت أن قرار طردهم لم يكن مجحفا، باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تتيح إعادة توحيد الحزب، بينما يبقى أصحاب البلاغ أحرارا في تأسيس حزب جديد. ورأت المحكمة أخيرا أنه لا يمكن لأصحاب البلاغ الاحتجاج بحقوقهم بموجب الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إزاء الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لأنه غير ملزم بهذه المعاهدات بوصفه جمعية خاصة.

3-4 وبمقتضى الحكم الصادر في 10 شباط/فبراير 1998، رفضت محكمة استئناف كولونيا طعن أصحاب البلاغ، إذ تبنت تبرير محكمة بون المحلية وكررت أن من واجب الأحزاب السياسية، طبقا للفقرة 1 من المادة 21 من القانون الأساسي، أن توازن بين حقها في الاستقلالية وحقوق أعضائها المتعارضة. واستنتجت المحكمة، علاوة على ذلك، أن من حق الأحزاب السياسية أن تعتمد قرارات بشأن تعارض عضويتها مع عضوية موازية في منظمة أخرى، كيما تتميز عن الأحزاب المنافسة أو غيرها من الجمعيات الرامية إلى تحقيق أهداف مختلفة، ما لم تنطو هذه القرارات على تعسف. إلا أن المحكمة لم تعتبر أن هناك تعسفاً في القرار جيم - 47 وحكم المحكمة الحزبية الاتحادية بأن تعاليم السينتولوجيا منافية لمبادئ الحزب الأساسية.

3-5 وأكدت المحكمة أن أصحاب البلاغ قد أخلوا بمبادئ الاتحاد الديمقراطي المسيحي، كما أشير إليه في القرار جيم - 47، لا بسبب معتقداتهم فحسب، بل من خلال مظاهر هذه المعتقدات، كما تتجلى في انتمائهم إلى السينتولوجيا وتبنيهم لمبادئ هذه المنظمة، وحصول الطرف الأول في البلاغ على مركز "النقي" في السينتولوجيا، والهبات المالية الكبيرة التي قدمها الطرفان الثاني والثالث إلى المنظمة.

3-6 وقد قُدم مبدأ استقلالية الحزب ومصلحته المكفولة في الدستور في العمل بشكل سليم على حقوق أصحاب البلاغ الدستورية في حماية الكرامة، وحرية التنمية الذاتية، وحرية الدين والوجدان والمعتقد، وحرية التعبير، وحرية التجمع، مقترنة بمبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في الدستور وعلى شرط اعتماد الأحزاب السياسية تنظيما داخليا ديمقراطيا. ولا يمكن لحقوق أصحاب البلاغ بموجب الاتفاقية الأوروبية والعهد، اللذين أدمجا في القانون المحلي، أن تتيح مستوى أعلى من الحماية.

3-7 ورأت المحكمة أن من حق حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، حفاظا على وحدته ومصداقيته، أن يطرد أصحاب البلاغ الذين مارسوا حقوقهم الدستورية على نحو مناف لمبادئ الحزب وأهدافه، مما قد يُضعف مصداقيته وقدرته على الإقناع. واستنتجت المحكمة أن أصحاب البلاغ قد أضروا بصورة الاتحاد الديمقراطي المسيحي على نحو خطير وأن طردهم يستند إلى الفقرة 4 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية، وأنه، علاوة على ذلك، يتناسب مع الهدف المنشود.

3-8 ورفضت المحكمة الدستورية الاتحادية في 28 آذار/مارس 2002 شكوى أصحاب البلاغ لغياب الأسس الموضوعية بشكل واضح. ورأت المحكمة أن محاكم الدرجات الأدنى كانت على حق إذ اكتفت بالنظر في مسألة ما إذا كان طرد أصحاب البلاغ من الحزب طردا تعسفيا أو إذا كان ينطوي على انتهاك للحقوق الأساسية، ذلك أن مبدأ استقلالية الأحزاب السياسية يقضي بامتناع المحاكم الوطنية عن تفسير وتطبيق نظم الأحزاب أو قراراتها.

3-9 وكانت المحكمة على اقتناع بأن محاكم الدرجات الأدنى قد أقامت توازنا مناسبا بين استقلالية الحزب المكفولة في الدستور وحقوق أصحاب البلاغ الدستورية. وأشارت، بوجه خاص، إلى أن حقوق أصحاب البلاغ في حرية الرأي وفي المشاركة السياسية قد قُيدت تقييدا مشروعاً بموجب القرار جيم - 47، الذي يطبق التقييد القانوني الوارد في الفقرة 4 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية. كذلك، اعتبرت المحكمة أن قرار محاكم الدرجات الأدنى القاضي بتقديم استقلالية الحزب على حق أصحاب البلاغ في حرية الدين والوجدان والمعتقد لا ينطوي على تعسف.

الشكوى

4-1 يدّعي أصحاب البلاغ حدوث انتهاكات لحقوقهم بموجب الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 18 و19 و22 و25 و26 و27 من العهد، نتيجة طردهم من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بسبب انتمائهم إلى السينتولوجيا، ونتيجة لتأييد المحاكم الألمانية لهذه الإجراءات في قراراتها. ويرى أصحاب البلاغ أنهم حُرموا من حقهم في المشاركة في الشؤون السياسية التي تخص مجتمعاتهم المحلية، إذ تحمي المادة 25 من العهد حق "كل مواطن"، مما يعني أنه "لا يجوز التمييز بين المواطنين في هذه الحقوق بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب" (4) . ويُعد طردهم من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تقييدا غير معقول لهذا الحق، إذ لا تشير المادة 25 إلى حق استقلالية الأحزاب.

4-2 ويذكّر أصحاب البلاغ بتفسير اللجنة الذي مفاده أن الحق في حرية تكوين الجمعيات المكفول في المادة 22 من العهد عنصر أساسي مكمل للحقوق المكفولة في المادة 25، إذ تسهم الأحزاب السياسية والعضوية في الأحزاب إسهاما كبيرا في تسيير الشؤون العامة وفي العملية الانتخابية. وقد قُيد هذا الحق، إضافة إلى حق أصحاب البلاغ في حرية التعبير وفقا للفقرة 2 من المادة 19 من العهد، تقييدا تعسفيا بطردهم من الحزب، نظراً لأن المحكمة الدستورية الاتحادية لم تحظر السينتولوجيا، ولا توجد دعاوى جنائية ضد أجهزتها ولم يسبق لأي منها أن أدين بأي جرم في ألمانيا. وبناء عليه، تُعتبر أنشطة أصحاب البلاغ كأعضاء في السينتولوجيا أنشطة مشروعة تماماً، ومطابقة بالفعل لمعايير سلوك الاتحاد الديمقراطي المسيحي.

4-3 ويدفع أصحاب البلاغ بأن قرار استبعادهم من الحزب، الذي أيدته المحاكم الألمانية، ينطوي أيضا على انتهاك لحقوقهم بموجب المادة 18 من العهد، التي يجب تفسيرها بمعناها الواسع بحيث تشمل حرية التفكير في جميع الشؤون والاقتناع الشخصي والالتزام بدين أو معتقد (5) . وترى اللجنة أن الحق في حرية الدين أو المعتقد لا ينحصر في الأديان التقليدية، وإنما يحمي أيضا الديانات والمعتقدات حديثة النشأة وديانات ومعتقدات الأقليات. ويشير أصحاب البلاغ إلى تعاليم مؤسس السينتولوجيا رون هابرد، ويبينون أن صيغة الإعلان التي يطلب فيها الحزب منهم الانسحاب من السينتولوجيا لتفادي الإقصاء من الحزب كانت بمثابة تقييد، على أساس الدين أو المعتقد، لحقهم بموجب المادة 25 في المشاركة في الشؤون العامة ومن ثم شكلت إجراء قسرياً لحملهم على التخلي عن معتقداتهم، وهو ما ينطوي على انتهاك للفقرة 2 من المادة 18 من العهد.

4-4 ويشير أصحاب البلاغ، قياساً، إلى الملاحظات الختامية التي أبدتها اللجنة على تقرير ألمانيا الدوري الرابع، حيث أعربت عن انشغالها لأن "العضوية في بعض الطوائف الدينية يمكن، في حد ذاتها، أن تؤدي في بعض ولايات الدولة الطرف إلى حرمان بعض الأفراد من حقهم في تقلد الوظائف الحكومية، وهو ما يؤدي في بعض الظروف إلى انتهاك الحقوق التي تضمنها المادتان 18 و25 من العهد" (6) .

4-5 ويدعي أصحاب البلاغ أن طردهم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي يُعد تمييزاً بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 والمادة 26 من العهد، إذ لم تُستهدف أي طائفة دينية أخرى بالاستبعاد. ويذكرون علاوة على ذلك أن الحزب مسخ الحقائق بشكل سافر في وثيقة شرح الموقف التي أصدرها عام 1992 لتبرير اعتماد القرار جيم-47، إذ وصف السينتولوجيا بأنها معادية للديمقراطية وبرامج التكافل الاجتماعي، والواقع أن السينتولوجيا تسعى إلى ترويج هذه القيم.

4-6 ويدعي أصحاب البلاغ أن استبعادهم من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قد ألحق بهم ضرراً شخصياً واقتصادياً جسيماً. فقد رفضت إدارة مقاطعة أوسكيرشن منح الطرف الأول في البلاغ رخصة تجارية لأنه عضو في السينتولوجيا، وبالتالي "غير جدير بالثقة"، بينما ألغى مصرفه حسابه التجاري دون بيان الأسباب. ونتيجة لما لحق تجارته من ضرر، اضطر إلى بيع شركته لابنه الذي لم يكن عضواً في السينتولوجيا. أما فيما يتعلق بالطرف الثاني في البلاغ، فقد أساءت الحملة العامة التي استهدفته إساءة بالغة لعيادته كطبيب أسنان، كما وسمها مكتب العمل الاتحادي بعلامة "S"، حيث اعتبرها خطأ "شركة تابعة للسينتولوجيا".

4-7 ويدعي أصحاب البلاغ أنهم استنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولية أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 طعنت الدولة الطرف، بمذكرة شفوية مؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2003، في مقبولية البلاغ، وادعت أنه غير مقبول من حيث الاختصاص الزماني، في ضوء التحفظ الألماني على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بما أن الانتهاكات التي يدعيها أصحاب البلاغ تتصل بأحداث وقعت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993.

5-2 ورغم أن قراري المحكمتين الحزبيتين المحليتين المؤيدين لطرد أصحاب البلاغ من الحزب، قد صدرا على التوالي في شهري تموز/يوليه وكانون الأول/ديسمبر 1994، فقد استندا إلى القرار جيم-47 الذي كان مؤتمر الحزب الوطني قد اعتمده في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991. وتدعي الدولة الطرف، وفقاً للتحفظ الذي أبدته، أن التاريخ الفاصل في تحديد انطباق البروتوكول الاختياري ليس تاريخ حدوث الانتهاك المزعوم في حد ذاته وإنما تاريخ نشأته "أي أسبابه المادية أو ربما أيضاً أسبابه غير المباشرة". ويتجلى ذلك في مقارنة صيغة التحفظ الألماني بغيره من صيغ التحفظات التي قدمتها دول أطراف أخرى في البروتوكول الاختياري كفرنسا ومالطا وسلوفينيا، التي أشارت بوضوح إلى الانتهاكات الناجمة عن أفعال أو أوجه تقصير أو تطورات أو أحداث وقعت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في هذه الدول، أو عن قرارات ذات صلة. وإضافة إلى ذلك، ركزت ادعاءات أصحاب البلاغ بالأساس على القرار جيم-47، مع عدم إبداء أي اعتراضات إضافية بخصوص فرادى القرارات المتعلقة باستبعادهم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، التي كانت مجرد تطبيق لذلك القرار.

5-3 وتدعي الدولة الطرف أيضاً أن البلاغ غير مقبول بحكم طبيعته بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري، إذ لم يعالج انتهاكات ارتكبتها دولة طرف، كما تدعي أنه لا يمكن اعتبارها مسؤولة عن طرد أعضاء من أحزاب سياسية، باعتبار هذه الأحزاب هيئات حرة التنظيم تخضع للقانون الخاص. وتدعي الدولة الطرف، مشيرة إلى أحكام اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان سابقاً (7) ، أن الاستثناء الوحيد من هذا الاعتراض هو إخلالها بما عليها من واجب حماية حقوق أصحاب البلاغ المكفولة في العهد من تدخل طرف ثالث على نحو غير شرعي. غير أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا حدوث انتهاك من هذا القبيل. وتزعم الدولة الطرف، بوجه خاص، أنها وفت بالتزامها وفقاً للمادة 25 بحماية حق أصحاب البلاغ في المشاركة في إدارة الشؤون العامة، من خلال سنّ الفقرة 4 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية، التي تقيد بشكل ملحوظ استقلالية الأحزاب السياسية في طرد الأعضاء. ولم تُقيد حقوق أصحاب البلاغ المكفولة في المادة 25 تقييداً مجحفاً بطردهم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، باعتبار أن المحاكم الألمانية قد نظرت فيما إذا كانت الشروط المبينة في الفقرة 4 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية مستوفاة، علاوة على إمكانية قيام أصحاب البلاغ بتشكيل حزب جديد.

5-4 وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أن ادعاء أصحاب البلاغ المتصل بالمادة 18 من العهد غير مقبول بحكم طبيعته، لأن "منظمة السينتولوجيا" لا يمكن اعتبارها طائفة دينية أو فلسفية، بل منظمة تهدف إلى تحقيق أرباح اقتصادية واكتساب نفوذ.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

6-1 في 7 نيسان/أبريل 2003، رد أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ، وأكدوا أن البلاغ مقبول من حيث الاختصاص الزماني والاختصاص الشخصي والاختصاص الموضوعي. ويحتجون بأن ادعاءاتهم تتصل بأحداث وقعت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في عام 1993، ويقصدون بذلك طردهم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ولا تتصل باعتماد القرار جيم-47 في عام 1991، الذي لم يُطبق لأغراض اتخاذ إجراءات الاستبعاد ضدهم إلا في عام 1994. وعلاوة على ذلك، يدعي أصحاب البلاغ، استناداً إلى أحكام اللجنة، أن اعتماد ذلك القرار ترتبت عليه في جميع الأحوال آثار مستمرة، تسببت في طردهم من الحزب في عام 1994.

6-2 ويؤكد أصحاب البلاغ أن الانتهاكات المدعى وقوعها تُعزى إلى الدولة الطرف لأنها (1) أخلت بالتزامها بأن تكفل وتحمي حقوق أصحاب البلاغ بموجب العهد؛ و(2) تدخلت في هذه الحقوق من خلال تصريحات وأفعال رسمية شجعت، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، على طرد أصحاب البلاغ من الحزب؛ و(3) مسؤولة عن عدم توصل المحاكم الألمانية إلى تفسير سليم لمدى حقوق أصحاب البلاغ والتزامات الدولة الطرف، بموجب العهد.

6-3 ويزعم أصحاب البلاغ، بوجه خاص، أن إخلال الدولة الطرف بواجبها المتمثل في حماية حقوقهم بموجب العهد، بعدم اتخاذ أي تدابير فعالة للحيلولة دون استبعادهم من الحزب، يشكل تقصيراً من جانب الدولة الطرف. فقد كان من واجب الدولة الطرف، وفقاً لتفسير اللجنة للمادة 25 من العهد، أن تتخذ خطوات فعلية تكفل احترام الحزب، في إدارته الداخلية، ممارسة أصحاب البلاغ بحرية لحقوقهم المنصوص عليها في الأحكام الواجبة التطبيق من المادة 25. كذلك، كان على الدولة الطرف، بمقتضى المواد 18 و19 و22، أن تعتمد تدابير إيجابية وفعالة من أجل حماية أصحاب البلاغ من التعرض للتمييز على يد أشخاص أو منظمات كالاتحاد الديمقراطي الوطني، إما بحكم الصلة الوثيقة بين هذه الحقوق وحق المشاركة في إدارة الشؤون العامة المكفول في المادة 25، أو على أساس انطباق مبدأ عدم التمييز الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 والمادة 26 من العهد انطباقاً عاماً. ويخلص أصحاب البلاغ إلى أنه رغم حرية التصرف الواسعة التي تحظى بها الدولة الطرف فيما يتعلق بتنفيذ هذه الالتزامات، فإن اعتماد تشريع عام تجسد في قانون الأحزاب السياسية، الذي لم ينص على منع التمييز على أساس الدين أو المعتقد، لا يتيح للدولة الطرف الوفاء بتلك الالتزامات.

6-4 وبالإضافة إلى ذلك، يزعم أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف قد دعمت وشجعت اعتماد الاتحاد الديمقراطي المسيحي للقرار جيم-47 من خلال تصريحات وأفعال عديدة يدعى أنها نمّت عن تحامل على السينتولوجيا، كرسالة وزير العمل الاتحادي التي يدعم فيها قرار استبعاد الطرف الأول في البلاغ من الحزب، أو من خلال تصريحات مضللة ومنشورات رسمية تتعلق بالسينتولوجيا.

6-5 ويرى أصحاب البلاغ أن إعادة نظر المحاكم الألمانية بشكل محدود في قرارات هيئات تحكيم الحزب لم يكفل احترام حقوقهم بموجب العهد. وعلى هذا النحو، من الواضح أنه، لئن كان يمكن تقييد المظاهر الدينية أو المعتقدات، وكذلك الحق في حرية التعبير، يحظى الحق "الأساسي" في اعتناق معتقدات أو آراء بحماية غير مشروطة ولا يمكن تقييده. وبما أن الحزب لم يُقدم، أثناء الإجراءات المحلية، دليلاً يُثبت إدلاء أصحاب البلاغ بأي تصريحات أو قيامهم بأي أنشطة تنطوي على خرق للقانون أو لمعايير سلوك الحزب، فقد أخلت المحاكم الألمانية بتنفيذ هذه المبادئ، مما استتبع مسؤولية الدولة الطرف بموجب العهد، لأنها مبادئ تنطبق على جميع أجهزة الدولة بما في ذلك الجهاز القضائي.

6-6 ويشدد أصحاب البلاغ على ضرورة فصل قضيتهم عن قرار اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية كنيسة السينتولوجيا ضد ألمانيا (الشكوى رقم 34614/97)، حيث لم تستنفد الجهة المدعية جميع سبل الانتصاف المحلية ولم تتمكن من إثبات تلقيها تعليمات محددة من أعضائها للتصرف بالنيابة عنهم. ومع تسليم أصحاب البلاغ بأن اللجنة رأت أنه لا يسعها النظر في شكاوى تتعلق بانتهاكات ارتكبها أشخاص عاديون، بما في ذلك الأحزاب السياسية، فإنهم يشددون على أن الشكوى لم تشمل أي قرارات صادرة في إطار دعوى محلية وأن بعض الحقوق، ولا سيما حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة، غير مكفولة في الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

6-7 ويعترض أصحاب البلاغ على ما ادعته الدولة الطرف من أن باستطاعتهم تأسيس حزب جديد، مشيرين إلى أن الدولة تقترح حلاً مشابهاً في جل الحالات التي تنطوي على تمييز، كإنشاء شركة خاصة في قضايا الفصل من العمل أو مدرسة خاصة في قضايا عدم القبول في مدرسة ما، لأسباب محظورة تقوم على التمييز. غير أن ما يريده أصحاب البلاغ ليس الانضمام إلى حزب آخر يمثل معتقداتهم الشخصية، واللاسياسية بطبيعة الحال، وإنما التمتع بحقهم في الانضمام إلى الحزب السياسي الذي يختارونه والمشاركة فيه على قدم المساواة مع غيرهم من المواطنين الألمان.

6-8 وأخيراً، يكرر أصحاب البلاغ أن اللجنة بيّنت أن المادة 18 من العهد تنطبق أيضاً على المجموعات الدينية حديثة النشأة وعلى ديانات الأقليات، التي يمكن أن تثير عداء طائفة دينية غالبة. وبالإضافة إلى ذلك، اعترفت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان بكنيسة السينتولوجيا كطائفة دينية يحق لها رفع دعاوى بصفتها الشخصية وبالنيابة عن أعضائها، وفقاً للفقرة 1 من المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية. كما اعتُرف بالسينتولوجيا كدين في عدة بلدان، وكطائفة دينية أو فلسفية في قرارات قضائية وإدارية كثيرة بما في ذلك قرارات صادرة عن محاكم ألمانية. كذلك، أقرت المحكمة الدستورية الاتحادية أن طرد أصحاب البلاغ من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي متوافق مع الفقرة 1 من المادة 4 (8) من القانون الأساسي: "ويصح ذلك أيضاً عندما يُفترض، لمصلحة المدعين، أن كنيسة السينتولوجيا تشكل في جميع الأحوال جماعة فلسفية [...]".

7- وفي 15 آذار/مارس 2004، أعلم محامي الطرف الأول في البلاغ، وهو السيد بول آرنتس، اللجنة بوفاة موكله في 11 شباط/فبراير 2004. غير أنه أوصى صراحة بمتابعة البلاغ بعد مماته. ويقدم المحامي وثيقة بتوقيع الورثة تخوله "الاستمرار، بعلمنا وموافقتنا، في عرض البلاغ الجاري النظر فيه نيابة عن زوجنا ووالدنا الراحل السيد بول آرنتس أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة". وعلاوة على إرادة المتوفى الصريحة، يُعلن ورثته اهتمامهم بالسعي إلى رد الاعتبار والترضية المنصفة، ذلك أن الأسرة برمتها قد عانت من مناخ الشك والتعصب الذي ساد بين سكان قريتهم جراء طرد الطرف الأول في البلاغ من الحزب. ويؤكد المحامي أيضاً، مشيراً إلى آراء اللجنة بشأن قضية هنري ودوغلاس ضد جامايكا (9) ، أن التوكيل العام الأصلي الذي تلقاه للتصرف نيابة عن الطرف الأول في البلاغ يخوله الاستمرار في تمثيله في هذه الإجراءات.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وأحاطت اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ وبطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ، نظراً لأن الأحداث التي اشتكى منها أصحاب البلاغ نشأت عن قيام المؤتمر الوطني للاتحاد الديمقراطي المسيحي باعتماد القرار جيم-47 في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991، قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى ألمانيا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، ولأن اللجنة لا تملك من ثم صلاحية النظر في البلاغ بموجب التحفظ الألماني على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يتأثروا بالقرار جيم-47 بصفة شخصية ومباشرة إلا عندما طبق هذا القرار عليهم شخصياً من خلال قرارات طردهم من الحزب في عام 1994. وترى اللجنة أنه لا يمكن رد الانتهاكات التي يدعي أصحاب البلاغ حدوثها إلى اعتماد قرار يقضي عموماً بأن العضوية في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تتعارض مع الانتماء إلى السينتولوجيا، بل يتعين ربطها بالأفعال الملموسة التي يدعى إخلالها بحقوق أصحاب البلاغ المكفولة في العهد. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن تحفظ الدولة الطرف لا ينطبق في هذه الحالة لأن الانتهاكات المدعى وقوعها قد نشأت عن أحداث وقعت بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى ألمانيا.

8-4 وتحيط اللجنة علماً بأن ورثة السيد آرنتس قد أكدوا اهتمامهم بالسعي إلى رد الاعتبار وإلى ترضية منصفة للطرف الأول المتوفى ولأنفسهم، وتستنتج أنهم يتمتعون بالأهلية القانونية لاستئناف بلاغ الطرف الأول، وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري.

8-5 وبخصوص ما ادعته الدولة الطرف من أنها غير مسؤولة عن طرد أصحاب البلاغ من الحزب، نظراً لأن ذلك تم بناء على قرار لم يصدر عن أحد أجهزتها بل عن جمعية خاصة، تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة، وفقاً للفقرة 1 من المادة 2 من العهد، باحترام وأيضاً بكفالة كل الحقوق ا لمعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في أراضيها والخاضعين لولايتها دون أي نوع من التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. وحيثما كان القانون المحلي يُنظم الأحزاب السياسية، كما هو الحال في هذه القضية، وجب تطبيق هذا القانون دون تحفظ. ومن ثم يجب على الدول الأطراف حماية ممارسة كل الديانات والمعتقدات من الانتهاك (10) وضمان احترام الأحزاب السياسية، في إدارتها الداخلية، للأحكام الواجبة التطبيق من المادة 25 من العهد (11) .

8-6 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ قدموا بعض الإشارات إلى ما تكبدوه عموماً من عناء جراء انتمائهم إلى كنيسة السينتولوجيا، وإلى مسؤولية الدولة الطرف عن كفالة حقوقهم بموجب العهد، غير أن ادعاءاتهم الفعلية أمام اللجنة لا تتعلق سوى بطردهم من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، علماً أنهم قد استنفدوا في هذا الصدد جميع سبل الانتصاف المحلية بالمعنى الوارد في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وليس على اللجنة، من ثم، أن تعالج المسألة الأوسع المتمثلة في تحديد التدابير التشريعية والإدارية التي ينبغي لدولة طرف أن تتخذها كي تكفل لجميع المواطنين ممارسة حقهم في المشاركة السياسية ممارسة فعلية وفقاً للمادة 25 من العهد. وتتعلق المسألة المعروضة على اللجنة بتحديد ما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت حقوق أصحاب البلاغ المكفولة في العهد من خلال تقديم المحاكم لمبدأ استقلالية الأحزاب على رغبتهم في الانتماء إلى حزب سياسي رفضهم بسبب انتمائهم إلى منظمة أخرى ذات طابع أيديولوجي. وتذكّر اللجنة بأحكامها الثابتة مبينة أنها ليست محكمة عليا مختصة بإعادة النظر في تقرير الوقائع أو في تطبيق التشريع الوطني، ما لم يثبت أن الدعوى المرفوعة أمام المحاكم المحلية انطوت على تعسف أو على إنكار للعدالة. وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا، لأغراض المقبولية، أن سلوك محاكم الدولة الطرف قد انطوى على تعسف أو إنكار للعدالة. وبناء عليه، لا يجوز قبول البلاغ وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 على التوالي. ولدى تصديق الدولة الطرف على البروتوكول الاختياري، أدخلت عليه تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 ينص على أن: "جمهورية ألمانيا الاتحادية تبدي تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 مفاده أن اختصاص اللجنة لا يسري على البلاغات:

(أ) التي سبق أن نُظر فيها بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين؛ أو

(ب) التي يتم من خلالها التوبيخ على انتهاك للحقوق تعود أحداثه إلى ما قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لجمهورية ألمانيا الاتحادية؛ أو

(ج) التي يتم من خلالها التوبيخ على انتهاك لأحكام المادة 26 من [العهد المذكور] إذا ما كان وبقدر ما كان الانتهاك الذي تم التوبيخ بشأنه يتعلق بحقوق غير الحقوق التي تكفلها أحكام العهد المذكور آنفاً" .

(2) تنص الفقرة 2 من المادة 21 من القانون الأساسي على أن: "تساهم الأحزاب السياسية في تشكيل إرادة الشعب السياسية. ويجوز إنشاؤها بحرية. ويجب أن يتطابق تنظيمها الداخلي مع المبادئ الديمقراطية. وينبغي لها إعلان أصولها فضلا عن مصادر أموالها وكيفية استخدامها".

(3) تنص الفقرتان 4 و5 من المادة 10 من قانون الأحزاب السياسية على أنه: "(4) لا يجوز طرد عضو من الحزب إلا إذا تعمد الإخلال بالنظام الداخلي أو القوانين على نحو يتنافى ومبادئ الحزب أو نظامه، ويسيء بشكل خطير إلى سمعته. (5) تتولى هيئة التحكيم المختصة وفقا لقانون إجراءات التحكيم البت في طرد العضو من الحزب. ويُمنح حق الطعن أمام محكمة من درجة أعلى. وتُقدّم أسباب القرارات خطيا. وفي الحالات المستعجلة والخطيرة التي تستوجب اتخاذ إجراءات فورية، يجوز للجنة الحزب التنفيذية أو لرابطة محلية منع عضو من ممارسة حقوقه في انتظار صدور قرار هيئة التحكيم".

(4) يستشهد أصحاب البلاغ بتعليق اللجنة العام رقم 25، الفقرة 3.

(5) يحيل أصحاب البلاغ إلى تعليق اللجنة العام رقم 22، الفقرة 1.

(6) الملاحظات الختامية على تقرير ألمانيا الدوري الرابع، الوثيقة CCPR/C/79/Add.73، الفقرة 16.

(7) انظر قرار اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان المؤرخ 7 نيسان/أبريل 1997، الشكوى رقم 34614/1997، كنيسة السينتولوجيا ضد ألمانيا .

(8) تنص الفقرة 1 من المادة 4 من القانون الأساسي على أنه: "لا يجوز انتهاك حرية الدين والوجدان، وحرية اعتناق مذهب ديني أو فلسفي".

(9) انظر البلاغ رقم 571/1994، هنري ودوغلاس ضد جامايكا ، آراء معتمدة في 25 تموز/يوليه 1996، الفقرة 6-2.

(10) انظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة 48(1993)، التعليق العام رقم 22، الفقرة 9.

(11) انظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الدورة 57(1996)، التعليق العام رقم 25، الفقرة 26.

تاء - البلاغ رقم 1179/2003، نغامبي ضد فرنسا (القرار الذي اعتمد في 9 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : بنجامين نغامبي وماري - لويز نيبول (لا يمثلهما محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب ا البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 18 شباط/فبراير 2003 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 9 تموز/يوليه 2004،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبا البلاغ هما السيد بنجامين نغامبي من أصل كاميروني ولـه مركز لاجئ في فرنسا، والسيدة ماري - لويز نيبول التي تحمل الجنسية الكاميرونية وتقيم في دُوالا بالكاميرون. ويدعي صاحبا البلاغ أنهما ضحيتان لانتهاك فرنسا للمادتين 17 و23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولا يمثلهما محام.

1-2 في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2003، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، الفصل بين النظر في مقبولية البلاغ والنظر في أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 يقول السيد ب. نغامبي إنه تزوج السيدة م . - ل. نيبول في 15 كانون الثاني/يناير 1983 بالكاميرون. وبعد انخراطه في النشاط السياسي، قبضت عليه الشرطة مرتين وهرب من الكاميرون في عام 1993. وتقدم بطلب للحصول على مركز لاجئ في فرنسا في عام 1994.

2-2 في 8 آذار/مارس 1995، وافقت السلطات الفرنسية على منح السيد ب. نغامبي مركز لاجئ؛ وفي 16 أيار/مايو 1995، أصدرت سجلاً من سجلات الأحوال المدنية تعترف فيه بزواجه من السيدة م. ب. نيبول.

2-3 غير أن ال قنصل ال عام الفرنسي في دوالا، بالكاميرون، رفض، في قرار مؤرخ في 19 أيلول/سبتمبر 1999، طلبا من السيدة م. - ل. نيبول للحصول على تأشيرة دخول لجمع شمل الأسرة إذ أشارت السلطات الكاميرونية إلى أن شهادة زواج صاحبي البلاغ لم تكن صحيحة. ويقول القرار إن الرفض لا يمثل تدخلاً مفرطاً في الحق في الاستمتاع بالحياة الخاصة وبحياة أسرية بسبب الظروف المشار إليها أعلاه وكون السيدة م. - ل. نيبول والسيد ب. نغامبي لم تكن لهما في واقع الأمر حياة زوجية؛ فهذا الأخير كانت لـه في الواقع علاقة بالسيدة م. ك. التي رزق بطفل منها.

2-4 وفي 23 أيار/مايو 2001، وفي قرار صدر بشأن طعن السيدة م. ل. نيبول بقرار القنصل العام الفرنسي، خلص مجلس الدولة إلى أن شهادة الزواج التي قدمها صاحبا البلاغ كانت مزورة وكون هذا الأمر عُرف بعد ما اعترفت السلطات الفرنسية بشهادة زواج صاحبي البلاغ يمثل مبرراً قانونياً لرفض منح السيدة م. - ل. نيبول تأشيرة دخول. وانتهى المجلس إلى أن القرار الصادر في 19 أيلول/سبتمبر 1999 لم يكن تدخلاً مفرطاً في حق الطرف في أن تحترم حياتها الخاصة والأسرية وفق ما تكفله المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية بما أن صاحبي البلاغ لم يكونا يعيشان معاً كزوجين.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحبا البلاغ على أن قرار مجلس الدولة يمثل انتهاكاً جسيماً لحقهما في حياة خاصة وأسرية وأن هذا يعتبر خرقاً للمادة 17 وللفقرتين 1 و3 من المادة 23 من العهد. وهما يدّعيان أن الدولة الطرف قد تدخلت في حياتهما الخاصة والعاطفية بالتحقيق في علاقة السيد ن. نغامبي خارج إطار الزواج وبإطلاع السيدة م. - ل. نيبول عليها.

3-2 ويصر صاحبا البلاغ كذلك على أن السلطات الفرنسية قد حاولت إجبار السيد ب. نغامبي على الزواج من السيدة م. ك. منتهكة بذلك الفقرة 2 من المادة 23 من العهد.

3-3 يقول صاحبا البلاغ إنهما قد استنفدا سبل الانتصاف المحلية وإن هذه القضية لا تبحث في إطار إجراء آخر للتحقيق أو التسوية الدوليين.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ في ملاحظاتها المؤرخة 24 تموز/يوليه 2003.

4-2 أولاً، تقدم الدولة الطرف التوضيحات التالية بشأن الوقائع. في 7 آذار/مارس 1994، قدم السيد ب. نغامبي طلباً للحصول على مركز لاجئ في فرنسا. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 1994، رفض طلبه من قبل المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية. وبتت لجنة البت في طعون اللاجئين في الطعن الذي تقدم به صاحب البلاغ في 8 آذار/مارس 1995، ومنحته مركز لاجئ.

4-3 و في 23 آب/أغسطس 1995، سجل المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية زواج السيد ب. نغامبي بالسيدة م. - ل. نيبول، بناء على تصريحات أدلى بها السيد ب. نغامبي تبين فيما بعد أنها كاذبة، وأصدر شهادة زواج وسجلاً من سجلات الأحوال المدنية الأسرية.

4-4 و في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 19 96، ولدت في فرنسا أدلين، وهي ابنة السيد ب. نغامبي والسيدة م. ك.

4-5 وفي 7 كانون الثاني/يناير 1998، قدمت السيدة م. - ل. نيبول طلباً للحصول على تأشيرة إقامة طويلة للدخول إلى فرنسا مدعية أنها زوجة السيد ب. نغامبي.

4-6 و في 2 آذار/مارس 1998، أخطرت وزارة الخارجية الفرنسية السيد ب. نغامبي بأن "قرانه بالسيدة م. ك." نجم عنه إنهاء حياته الزوجية مع السيدة م. - ل. نيبول. وفي ظل هذه الظروف، "لم يعد إجراء جمع شمل الأسرة قابلاً للتنفيذ".

4-7 وفي 20 آذار/مارس 1998، قدم السيد ب. نغامبي طلباً إلى المحكمة الإدارية في باريس لإلغاء القرار الصادر في 2 آذار/مارس 1998.

4-8 و في 30 آذار/مارس 1998، كتب رئيس بلدية دوالا، في الكاميرون، إلى القنصل العام الفرنسي في دوالا قائلا ً إن شهادة الزواج رقم 117/83 (وهو الرقم الذي كانت تحمله شهادة الزواج التي قدمها صاحبا البلاغ في إطار طلبهما جمع شمل الأسرة) كانت في واقع الأمر تتعلق بزواج السيد فرانسوا يونكو والسيدة مارسلين ياكام. وبناء عليه، فإن شهادة الزواج التي قدمها صاحبا البلاغ كانت مزورة.

4-9 وفي 3 نيسان/أبريل 1998، أرسل القنصل العام الفرنسي تلك الرسالة إلى المكتب الفرنس ي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية . وفي 11 أيار/مايو 1998، أبلغت القنصلية أيضاً المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية بأن شهادات ميلاد كل من السيدة م. - ل. نيبول وابني صاحبي البلاغ المزعومين، فرانك نغامبي وإيمانويل نغامبي، كانت مزورة وأكدت أن شهادة زواج صاحبي البلاغ كانت مزورة.

4-10 و في 4 حزيران/يوني ه 1999، أبطلت المحكمة الإدارية في باريس قرار وزارة الخارجية الصادر في 2 آذار/مارس 1998 بوصفه يتجاوز حدود اختصاصها.

4-11 و في 19 أيلول/سبتمبر 1999، رفض القنصل العام طلب التأشيرة الذي قدمته السيدة م. - ل. نيبول. وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 1999، قدم السيد ب. نغامبي طلباً إلى المحكمة الإدارية في باريس لإنفاذ الحكم الصادر عن نفس المحكمة في 4 حزيران/يونيه 1999. وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، قدمت السيدة م. - ل. نيبول طلباً إلى مجلس الدولة لإلغاء قرار رفض منح التأشيرة المتخذ في 19 أيلول/سبتمبر 1999.

4-12 وفي 23 أيار/مايو 2001، رفض مجلس الدولة طلب السيدة م. ل. نيبول. واعتبر المجلس أن القنصل العام الفرنسي في دوالا كان قد اعتمد في اتخاذ قراره على المستندات التي قدمتها بلدية دوالا وعلى كون الشهادة التي قدمتها السيدة م. - ل. نيبول لإثبات زواجها من السيد ب. نغامبي مزورة من جهة وعلى عدم وجود حياة زوجية بين صاحبي البلاغ من جهة أخرى.

4-13 وأخيراً ، و بغية مساعدة اللجنة في تكوين آرائها بشأن السيد ب. نغامبي وعلاقاته الأسرية، رأت الدولة الطرف أنه من المفيد تقديم المعلومات التالية.

4-14 بناء على الأمر الصادر في 17 كانون الثاني/يناير 2000، سحبت المحكمة المحلية في باريس وصاية الآنسة صوفي نغامبي إينونو من وصيها السيد ب. نغامبي. وجاء في الأمر أن: "صوفي نغامبي إينونو، التي ولدت في يوم 17 شباط/فبراير 1970 في بيرتوا بالكاميرون (...) تعاني من إعاقة بالغة بسبب تثلث صبغي وهي عالة تماماً على غيرها؛ يحبسها وصيها في غرفة نوم (...) حيث تترك بمفردها وتطعَم مرة واحدة في اليوم في أفضل الأحوال". وأمرت المحكمة السيد بنجامين نغامبي بأن يقدم بياناً إلى الممثل القانوني الجديد وبالتحديد أنه "على بنجامين نغامبي أن يقدم بياناً كاملاً بتصرفه في مبلغ 193 35 فرنكاً فرنسياً تلقته في 16 أيلول/سبتمبر 1999 صوفي نغامبي إينونو كمتأخرات على إعانة الإعاقة".

4-15 وعلاوة على ذلك، قال رئيس شرطة باريس ، عند تبليغه أمر المحكمة المحلية في باريس إلى مدير المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية في 23 أيار/مايو 2000، "أود أن أوجه انتباهك فيما يتصل بأعمال قام بها السيد نغامبي إلى كونه مسؤولاً، على ما يبدو، عن وصول عدد من طالبي اللجوء وعدد من الأطفال الذين يحملون الجنسية الكاميرونية أيضاً إلى فرنسا والذين دخلوا فرنسا بجوازات سفر مزورة من جمهورية أفريقيا الوسطى والذين حصل بشأنهم على أمر بالوصاية من المحكمة المحلية في دوالا (...)".

4- 16 ثانياً، تؤكد الدولة الطرف أن الادعاءات بانتهاك المادتين 17 و23 من العهد غير مقبولة. وتحاج الدولة الطرف في المقام الأول بأن البلاغ المقدم من صاحبيه منافٍ، بحكم طبيعته، لأحكام المادة 23 من العهد.

4-17 تذكر الدولة الطرف بأنه لم يثبت أن صاحبي البلاغ متزوج ا ن. فهما على أية حال لم يقدما أي دليل يثبت هذا الأمر. بل على العكس، وكما تشهد على ذلك بلدية دوالا في رسالتها المؤرخة 30 آذار/مارس 1998، فإن شهادة الزواج التي قدمها صاحبا البلاغ إلى السلطات الفرنسية كانت مزورة.

4-18 فضلاً عن ذلك، غادر السيد ب. نغامبي الكاميرون في أيار/مايو 1993، حسب المعلومات التي أدلى بها للجنة البت في طعون اللاجئين، ويعيش في فرنسا منذ 17 شباط/فبراير 1994 على أقل تقدير، وهو التاريخ الذي صدر فيه تصريح إقامة لـه في بوبينيي بفرنسا. وبناء عليه، فإنه لا يحق للسيد ب. نغامبي الادعاء بأن لـه علاقة زوجية مع السيدة م. - ل. نيبول التي تعيش في الكاميرون. وأخيراً، كان السيد ب. نغامبي ولا يزال يعيش مع السيدة م. ك. التي رزق منها بطفلة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 اسمها أدلين.

4-19 لذا فإن صاحبي البلاغ، حسب رأي الدولة الطرف، لا يكوِّنان "أسرة" بالمعنى المحدد في المادة 23 من العهد ولا يحق لهما بذلك طلب حماية المجتمع والدولة (الفقرة 1 من المادة 23)، وهي لا تنطبق على حالتهما.

4-20 وتتمسك الدولة الطرف أيضاً بالقول إن الفقرتين 2 و3 من المادة 23 لا تنطبقان على وضع صاحبي البلاغ. فالواقع أن "حقهما في الزواج وفي بناء أسرة" لم يكن موضع جدال أبداً. وبعكس ما يدعيه صاحبا البلاغ، لم تقم السلطات الفرنسية بممارسة أي ضغط على أي من صاحبي البلاغ ولا على السيدة م. ك. لحث الأخيرة على الزواج بالسيد ب. نغامبي. وما هذه، بالنسبة للدولة الطرف، إلا ادعاءات من صاحبي البلاغ اللذين لم يقدما أي دليل مستندي لدعم شكواهما. وعلاوة على ذلك، ولكي تنطبق الفقرتان 2 و3 من المادة 23 على هذه الحالة، سيكون على صاحبي البلاغ إثبات أن مشاريعهما للزواج كانت قد أحبطت إما لأنهما مُنعا من الزواج أو لأنهما، على العكس، أُجبرا عليه. وتستنتج الدولة الطرف أن هذه القضية تخلو من أي عامل من هذا القبيل. فالواقع أن السلطات الفرنسية لم تنازع في رغبتهما في الزواج وإنما في حقيقة زواجهما.

4-21 و أخيراً ، ترى الدولة الطرف أن الفقرة 4 من المادة 23 غير قابلة للتطبيق بما أنها تتعلق ب‍ "أزواج" بينما لم يبرهن صاحبا البلاغ على أنهما متزوجان.

4-22 وثانويا، تؤكد الدولة الطرف، بناءً على ما تقدم ذكره، على أن صاحبي البلاغ ليسا ضحيتين لانتهاكات المادة 23.

4-23 وتوضح الدولة الطرف بعدئذ أن الادعاء بانتهاك المادة 17 من العهد غير مقبول بما أن صاحبي البلاغ ليسا ضحيتين في واقع الأمر. وتذكر الدولة الطرف بأن السيدة م. - ل. نيبول قدمت طلباً للحصول على تأشيرة إقامة طويلة للدخول إلى فرنسا على أساس جمع شمل الأسرة. وبالتالي، فإنه كان من المنطقي تماماً، حسب رأي الدولة الطرف، أن تتحقق السلطات الفرنسية من أن الطلب قد قدم بالفعل من قبل زوجة السيد ب. نغامبي. وكانت التحقيقات التي أجرتها السلطات الفرنسية نتيجة لطلب السيدة م. - ل. نيبول. لذا، فإن طلب التأشيرة هو ما أدى إلى "تدخل" السلطات الفرنسية المزعوم في حياتها الخاصة والأسرية. وفي ظل هذه الظروف، ترى الدولة الطرف أن تدخل السلطات الفرنسية، الذي كان نتيجة طبيعية لطلب جمع شمل الأسرة الذي قدمه صاحبا البلاغ، لا يمكن أن يكون قد نجم عنه أي ضرر ولو طفيف لهما. فهما سعيا بنفسيهما إلى هذا التدخل بغية الحصول على تأشيرة للسيدة م. - ل. نيبول.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يتمسك صاحبا البلاغ، في تعليقاتهما المؤرخة 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، بمقبولية بلاغهما.

5-2 ف فيما يتعلق بالمادة 23 من العهد، يكرر صاحبا البلاغ أن شهادة زواجهما التي تحمل رقم 117/83 الصادرة والمصدق عليها من بلدية دوالا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997، تم الاعتراف بها بصفتها تلك في رسالة من وزارة الخارجية بتاريخ 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 وكذلك من قبل المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية. وبالتالي فإنه لا يجوز الشك فيها ولا يمكن أن تبرر رفض منح تأشيرة إقامة طويلة للسيدة نيبول.

5-3 أما فيما يتعلق بوضعهما كضحيتين، فيؤكد صاحبا البلاغ أن عدم عيشهما معا كزوجين هو نتيجة رفض السلطات القنصلية السماح لهما بالعيش معاً في فرنسا.

5-4 وفيما يتعلق بالمادة 17 من العهد، يرى صاحبا البلاغ أن السلطات اعتبرت خطأً وفي وقت لاحق أن شهادة زواجهما مزورة؛ وهما يعتقدان أن رفض منح التأشيرة للسيدة نيبول كان محاولة لتقويض زواجهما. وبشأن علاقة السيد نغامبي بالسيدة م. ك.، يقول صاحب البلاغ إن "تلك العلاقة كانت علاقة عابرة وتعكس أسلوب الحياة المتبع في فرنسا"، وهذا أمر يقع بشكل بحت ضمن حدود الحياة الخاصة وبوصفه كذلك فإنه لا يمكن خلطه بتعدد الزوجات ولا ينبغي أن يؤثر على طلبه لجمع شمل الأسرة. وأخيراً، يتمسك صاحبا البلاغ بالقول إن موقف السلطات الفرنسية يعادل الضغط عليهما وتخويفهما.

5-5 وبالنسبة للمعلومات الجانبية التي قدمتها الدولة العضو بشأن نزع وصايته على قريبته السيدة صوفي نغامبي إينونو، يؤكد صاحب البلاغ أن الأمر مبالغ فيه ويدعي أن القضية تدل على اضطهاده من قبل السلطات القضائية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتحققت اللجنة حسبما تقتضي الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار إجراء آخر للتحقيق أو التسوية الدولي ين .

6-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 23 من العهد، سجلت اللجنة حجج كل من صاحبي البلاغ والدولة الطرف. ورغم أن صحة "شهادة زواج" صاحبي البلاغ لم تكن موضع شك في أول الأمر لا من المكتب الفرنسي لحماية الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية ولا من وزارة الخارجية في رسالة مؤرخة في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997، فإن شهادة الزواج رقم 117/83 المؤرخة في 15 كانون الثاني/يناير 1983 والتي تزعم أنها صادرة عن بلدية دوالا، قد جزمت البلدية بعدم صحتها في 30 آذار/مارس 1998 واعتد القنصل العام الفرنسي في دوالا بهذا الخبر في 19 أيلول/سبتمبر 1999 بوصفه سبباً لرفض طلب السيدة نيبول للحصول على تأشيرة. وعلاوة على ذلك، جزم القنصل العام الفرنسي أيضاً بعدم صحة شهادتي الميلاد اللتين قدمتهما السيدة نيبول لتوثيق العلاقة الأسرية بين ولدي صاحبي البلاغ المزعومين، فرانك نغامبي وإيمانويل نغامبي، وصحة شهادة ميلادها هي.

6-4 تكفل المادة 23 من العهد حماية الحياة الأسرية بما في ذلك الاهتمام بجمع شمل الأسرة. وتذكّر اللجنة بأن مصطلح "الأسرة" يجب أن يُفهم، لأغراض العهد، بمعناه العام ليشمل جميع من يكوِّنون أسرة بالمعنى المفهوم في المجتمع المعني. إن غياب روابط الزواج الرسمية لا يمنع من حماية تلك الأسرة بالضرورة، أياً كانت الحال، خاصةً إذا كانت ثمة ممارسة محلية للمعاشرة دون زواج شرعي أو للزواج العرفي. كما أن الحق في حماية الحياة الأسرية لا يتغير بالضرورة بفعل المسافة الجغرافية أو الخيانة الزوجية أو انعدام العلاقات الزوجية. ولكن، يجب أولاً أن يكون ثمة رابط أسري يستوجب الحماية. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما للسلطات الفرنسية مستندات يُفترَض أنها تثبت العلاقة الأسرية ولكن السلطات الفرنسية جزمت بكون تلك المستندات مختلَقة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبي البلاغ لم يدحضا تلك الاستنتاجات بشكل قوي ومؤثر وهو ما أعطى السلطات الفرنسية أساساً كافياً لرفض طلبات صاحبي البلاغ للحصول على تأشيرات إقامة طويلة ولجمع شمل الأسرة. وترى اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يقيما البرهان على ادعائهما انتهاكَ السلطات الفرنسية الحق في حماية الحياة الأسرية.

6-5 وفيما يتعلق بخرق المادة 17 من العهد، أي التدخل في الحياة الخاصة والأسرية، تلاحظ اللجنة أن التحقيقات التي أجرتها السلطات الفرنسية بشأن وضع السيدة نيبول وعلاقاتها الأسرية أعقبت طلبها الخاص بالحصول على تأشيرة لجمع شمل الأسرة وكان يجب أن تشمل بالضرورة اعتبارات تتعلق بالحياة الخاصة والأسرية لصاحبي البلاغ. وتعتبر اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يبرهنا على أن تلك التحقيقات بلغت حد التدخل التعسفي وغير القانوني في حياتهما الخاصة والأسرية. كما لم يقدم صاحبا البلاغ ما يثبت ادعاءاتهما بقيام السلطات الفرنسية بالضغط عليهما وتخويفهما بهدف تقويض زواجهما المزعوم.

7-1 ومن ثم، ترى اللجنة أن الشكاوى غير مقبولة بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتقرر اللجنة بناء ًعليه :

(أ) أن البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ صاحب ي البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

ثاء - البلاغ رقم 1191/‏2003، هروسكا ضد الجمهورية التشيكية (القرار الذي اعتمد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003، الدورة التاسعة والسبعون) *

المقدم من : السيدة إليزابيث هروسكا (لا يمثلها محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : الجمهورية التشيكية

تاريخ تقديم البلاغ : 31 آذار/مارس 2003 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2003

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ هي إليزابيث هروسكا. وتدعي أنها ضحية انتهاك الجمهورية التشيكية لحقوقها بموجب المواد 2 و5 و18 و19 و26 من العهد (1) . وهي ليست ممثلة بمحام.

الوقائع كما تم عرضها

2-1 في 3 آذار/مارس 2001، أصدرت الإدارة الحكومية للضمان الاجتماعي، بمكتب براغ، قراراً بشأن حساب إعانات العجز المستحقة لصاحبة البلاغ .

2-2 وفي 13 نيسان/أبريل 2001، طعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار أمام المحكمة الإقليمية في برنو وطلبت إعادة النظر فيه ليشمل فترة تأمين إضافية لحساب إعانات العجز المستحقة لها. وأكدت المحكمة الإقليمية في برنو، بالحكم الذي أصدرته في 12 أيلول/سبتمبر 2002، قرار إدارة الضمان الاجتماعي، واعتبرت أن دعوى صاحبة البلاغ غير قائمة على أساس منطقي.

2-3 ورفعت صاحبة البلاغ دعوى استئناف أمام المحكمة العليا في أولوموك في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2002 مدعية أن حكم المحكمة الإقليمية قد انتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والفقرة 1 من المادة 95 من الدستور التشيكي.

2-4 وفي 16 كانون الأول/ديسمبر 2002، أوقفت المحكمة العليا الإجراءات وأبلغت صاحبة البلاغ بأنها لم تعد مختصة بالنظر في هذه القضايا نتيجة لتعديل القانون وأنه سيتعين عليها رفع دعواها أمام المحكمة الإدارية العليا. وأُبلغت أيضاً بأن أصحاب الشكاوى الذين يقيمون دعاواهم أمام المحكمة الإدارية العليا يجب أن يمثلهم إما محام أو ممثل أتمّ على الأقل مرحلة تعليم عالٍ في مجال الحقوق.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن المواد 2 و5 و18 و19 و26 من العهد قد انتهكت بسب التمييز الذي مورس ضدها لعدم إلمامها بالقانون الذي لم تدرسه في أية كلية حقوق تشيكية؛ ولأنه لم تتح لها سبل انتصاف من الأحكام التعسفية الصادرة عن محاكم أدنى درجة؛ ولأنه ليس لها حق النظر في قضايا قانونية أو بسط آرائها أو استنتاجاتها أو اعتراضاتها القانونية بنفسها؛ ولأنها حرمت من الحق في اعتناق آراء بدون مضايقة بصدد أية قضية قانونية ومن حق التعبير عن رأيها في أية محكمة أمام أي قاض؛ ولأن ليس لديها أي علم بالقانون وتريد مع ذلك الدفاع عن نفسها بنفسها في القضايا المدنية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وتذكّر اللجنة بما سبق لها أن أصدرته من قرارات مفادها أنها لا تعتبر أن شرط التمثيل القانوني أمام أعلى هيئة قضائية وطنية غير قائم على معايير موضوعية ومعقولة (2) . ولم تقدم صاحبة البلاغ أية حجة لدعم ادعائها سوى الزعم بأن هذا الشرط تمييزي. ومن ثم، تعتبر اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءها لأغراض المقبولية.

5- وعليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ القرار إلى صاحبة البلاغ، وإلى الدولة الطرف للعلم.

]اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.[

الحواشي

(1) بدأ سريان العهد والبروتوكول الاختياري بالنسبة لتشيكوسلوفاكيا في 23 آذار/مارس 1976 و12 حزيران/يونيه 1991 على التوالي. وفي 22 شباط/فبراير 1993، أودعت الجمهورية التشيكية صك خلافة بصدد كلتا المعاهدتين.

(2) انظر القرار الصادر في القضية رقم 866/1999، القرار المؤرخ 31 آب/أغسطس 2001، مارينا توريغروسا لافوينتيه وآخرون ضد إسبانيا، الفقرة 6-3.

خاء -البلاغ رقم 1214/2003، فلاد ضد ألمانيا (القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : أدريان فلاد (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 3 حزيران/يونيه 2003 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ المؤرخ 3 و10 حزيران/يونيه و22 تموز/يوليه 2003 هو السيد إيفان فلاد، وهو مواطن ألماني ولد في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1962 في كرايفوا/رومانيا. ويزعم أنه هو وأسرته ضحايا لانتهاكات ألمانيا (1) للفقرتين 1و3 من المادة 2 وللفقرة 1 من المادة 14 وللمادتين 16 و17 وللفقرة 1 من المادة 23 وللمادة 26 من العهد. وهو غير ممثل بمحام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 استأجر صاحب البلاغ ابتداء من عام 1995 وحتى عام 2001 شقة من شركة للبناء تدعى GBO وتتخذ من أوفنباخ مقراً لها. وفي عام 1998، توقف صاحب البلاغ عن سداد رسوم أُضيفت إلى الإيجار، مدعياً أن لـه الحق في التوقف عن سداد هذه المبالغ، على أساس أن الشركة لم تقم بالوفاء بالتزامها بالسماح لـه بالاطلاع على الإيصالات التي حسبت بموجبها الرسوم المضافة إلى التكاليف الجارية. وفي 6 أيلول/سبتمبر 1999، عندما وصلت الرسوم المستحقة المتأخرة إلى 52 364 3 ماركاً ألمانياً، ألغت الشركة عقد الإيجار من طرفٍ واحد وحصلت على حكم من المحكمة يقضي بطرد صاحب البلاغ وزوجته، السيدة كريستين فلاد، من الشقة وبسدادهما المبالغ المتأخرة.

2-2 وأمرت محكمة أوفنباخ المحلية بموجب أحكامٍ أصدرتها في 9 أيار/مايو 2000، صاحب البلاغ وزوجته بإخلاء الشقة وبسداد الرسوم المستحقة المتأخرة ودفع التكاليف. ورفضت محكمة دارمستاد الإقليمية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2000 دعاوى الطعن في الأحكام، وطالبتهما بدفع التكاليف. ولم تقدم أي شكوى دستورية بشأن الأحكام الصادرة بالرفض في غضون المهلة المحددة بشهر واحد بعد تاريخ صدور الأحكام في 3 كانون الثاني/يناير 2001.

2-3 وفي 7 كانون الثاني/يناير 2001، وجه صاحب البلاغ تهماً جنائية ضد القضاة أعضاء المحكمة المحلية في أوفنباخ فضلاً عن المحكمة المحلية في دارمستاد، مدعياً أن إساءتهم تفسير وتطبيق القوانين والقواعد ذات الصلة التي تنظم عملية الإيجار التي تتطابق مع قوانين كل من محكمة العدل الفيدرالية والمحكمة الدستورية الاتحادية قد بلغ حد "الخروج على مقتضيات العدالة"، ومهدداً باللجوء إلى أخذ حقه بيده. وفي 10 و29 كانون الثاني/يناير 2001، أعلن النائب العام الاتحادي أنه غير مختص بتناول هذا الأمر. وفي رسالةٍ شخصية مؤرخة 22 كانون الثاني/يناير 2001، نصح أحد كبار المسؤولين في مديرية شرطة منطقة جنوب شرق هيسيا صاحب البلاغ بأن لا يفاقم من وضعه وأن يدرس بعناية تكاليف الشكوى الدستورية وآفاقها.

2-4 وفي 1 آذار/مارس 2001، رفض رئيس المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت مطالبة صاحب البلاغ بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن التكاليف القانونية التي تكبدها وعن النفقات والتكاليف التي دفعها من جيبه بسبب طرده من الشقة، وهي مطالبة استند فيها إلى حجةٍ مفادها أن أحكام المحكمة الإقليمية في دارمستاد قد خرقت القانون بشكل صارخ. وأُخطر صاحب البلاغ بأن منطقة هيسيا ليست مسؤولة عن الأحكام التي تصدرها محاكمها ما لم تشكل إقامة العدل جرماً جنائياً في قضية محددة.

2-5 وفي 27 آذار/مارس 2001، قرر مكتب المدعي العام في دارمستاد عدم التحقيق في الاتهامات التي وجهها صاحب البلاغ، نظراً لعدم وجود أي دليل يثبت ارتكاب القضاة أعضاء المحكمة الإقليمية في دارمستاد أي جرم جنائي. وبالمثل رُفض في 29 آذار/مارس 2001 طلب صاحب البلاغ بالحصول على المساعدة القانونية كي يطعن في القرار الذي أصدره المدعي العام نظراً إلى عدم وجود أي احتمالٍ معقول لنجاح هذا الطعن. كما رُفض طعن أقامه في قرار المدعي العام في 9 تموز/يوليه 2001، ثم رفض طعن آخر رفعه في 4 كانون الثاني/يناير 2002.

2-6 وفي 20 نيسان/أبريل 2001، قدم صاحب البلاغ التماساً إلى كل من وزير العدل الاتحادي والرئيس الاتحادي للتدخل في قضيته. وعندما رُفض كلا الالتماسين، راح صاحب البلاغ يتصرف بطريقةٍ استعراضية مشينة كاشفاً عن عورته أمام وزارة العدل الاتحادية مهدداً مكتب الرئيس الاتحادي بأنه سيضرم النار في جسده. وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2001، اتهمت محكمة برلين - تايرغارتن المحلية صاحب البلاغ بانتهاك حرمة مكان الغير لتسلقه سور مبنى مكتب الرئيس الاتحادي. لكنه على إثر التماس قدمه صاحب البلاغ أوقف تنفيذ الأمر الجزائي بعد أن أمرت المحكمة المحلية بفحص قواه العقلية لتحديد ما إذا كان من الممكن تحميله المسؤولية الجنائية عن هذا الجرم، وأوقفت الإجراءات الجنائية في نهاية المطاف.

2-7 وفي غضون ذلك، أودع صاحب البلاغ شكوى نظامية لدى وزارة العدل في هيسيا تتعلق بالقرار الذي أصدره المدعي العام في 27 آذار/مارس 2001 وقضى بوقف النظر في دعواه. وفي 30 تموز/يوليه 2001، رفض المدعي العام الأول هذه الشكوى. ولم تقبل المحكمة الإقليمية العليا في فرانكفورت دعوى الاستئناف التي أقامها صاحب البلاغ، نظراً لعدم وجود محام يمثله لـه صلاحية إقامة الدعوى والمرافعة أمام تلك المحكمة.

2-8 وصدر الأمر بإلقاء القبض على صاحب البلاغ في 4 آب/أغسطس 2001 لعدم قيامه بتنفيذ أحكام محكمة دارمستاد الإقليمية. وبرسالة بريدية بين الوكالات مؤرخة 8 شباط/فبراير 2002، كلفت محكمة أوفنباخ الإقليمية مديرية الشرطة في أوفنباخ بالقبض على صاحب البلاغ ما لم يكن قد أحيل إلى مصحة مغلقة للأمراض العقلية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2002، قبض على صاحب البلاغ بعد أن ألقى وثائق مختلفة في وجه الرئيس الفيدرالي أثناء زيارته الأخيرة إلى أوفنباخ. ولم تجدِ الالتماسات التي وجهها بعد ذلك، صاحب البلاغ إلى كل من البرلمان الفيدرالي والبرلمان الهيسي، وكذلك إلى المستشار الاتحادي.

2-9 وفي 8 أيلول/سبتمبر 2003، أودع صاحب البلاغ شكوى دستورية ضد القرار الذي أصدره المدعي العام في هيسيا في 1 آب/أغسطس 2003 بعدم قبول طعنٍ آخر بشأن رفض التهم الجنائية التي وجهها إلى قضاة المحكمة المحلية في أوفتباخ وقضاة المحكمة الإقليمية في دارمستاد. وادعى صاحب البلاغ بوجهٍ خاص، أن شرط التمثيل القانوني للطعن في هذا القرار أمام المحكمة يشكل انتهاكاً لحقه الدستوري في الوصول إلى المحاكم. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2003، أبلغ قلم سجل المحكمة الدستورية الاتحادية صاحب البلاغ بأنه سجَّل شكواه بعدما كان قد أبلغه في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2003 بأن الشكوى لن تقبل لانعدام الأدلة ولعدم استنفاد سبل الانتصاف القضائية ولعدم التقيد بالمهلة المحددة لتقديم أي شكوى دستورية.

ا لشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه قد انتهكت بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 والمادتين 16 و17 والفقرة 1 من المادة 23 والمادة 26 من العهد، زاعماً أن النظر في معظم الدعاوى القانونية التي أقامها قد استغرق وقتاً طويلاً دون مبرر، وبأنه لم يجر بحث شكواه جدياً وبأن بريده ومكالماته الهاتفية خضعت للمراقبة وبأن طرد أسرته من الشقة قد خلف آثاراً سلبية على صحته وصحة أفراد أسرته.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه حُرم من الوصول إلى المحاكم ومن استنفاد سبل الانتصاف المحلية، إذ إنه لم يمنح إلا شهراً واحداً من تاريخ صدور أحكام محكمة دارمستاد الإقليمية وهو 3 كانون الثاني/يناير 2001 لإيداع شكوى دستورية بشأنها. ولم يتمكن، خلال هذه الفترة الزمنية من إيجاد محامٍ، ويعود ذلك جزئياً لفترة العطلات التالية للاحتفالات برأس السنة الجديدة. وعلاوةً على ذلك، فقد زعم أنه تلقى تهديداً من الشرطة بقتله بالموت وبوضعه في مصحة للأمراض العقلية فضلاً عن احتجازه رسمياً في مستشفى أوفنباخ الحكومي وفي محكمة أوفنباخ المحلية، على التوالي. كما يزعم صاحب البلاغ أن أياً من المحامين الذين اتصل بهم وقد فاق عددهم 40 محامياً لم يبدِ رغبة في متابعة شكواه بشأن الخروج على مقتضيات العدالة، وبأن هذا يعكس إفلات القضاة الألمان الفعلي من العقاب.

3-3 ويطالب صاحب البلاغ بتعويض عن الأضرار المادية التي تكبدها نتيجة تدهور حالته الصحية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغٍ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وترى اللجنة أنه، حتى على افتراض أن دعاوى صاحب البلاغ كان من الممكن قبولها نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فإنها تعتبر غير مقبولة لأن صاحب البلاغ لم يتضرر شخصياً من أي انتهاك مزعوم لأي حكمٍ من أحكام العهد أو لأنها تندرج خارج نطاق أحكام العهد التي احتج بها، أو لأن دعاواه لم تكن موثقة بالأدلة التي تفي بأغراض المقبولية.

5- وتقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بناءً عليه:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المواد 1 و2 و3 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ صاحب البلاغ بهذا القرار وكذلك الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزءٍ من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) أصبح العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري نافذين في الدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، على التوالي.

ذال - البلاغ رقم 1239/‏2004، ويلسون ضد أستراليا (القرار الذي اعتمد في 1 نيسان/أبريل 2004، الدورة الثمانون) *

المقدم من : جون ويلسون (لا يمثله محام)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 20 آذار/مارس 2003 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 نيسان/أبريل 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ، الذي قدم في أول الأمر بتاريخ 20 آذار/مارس 2003، هو جون ويلسون، وهو مواطن أسترالي وُلد في عام 1942 ويقيم في أستراليا ( 1) . ويدعي أنه وقع ضحية لانتهاك أستراليا للمواد 1 و2 و9 و14 و17 من العهد. ولا يمثّله محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يدعي صاحب البلاغ أنه كان طـرفاً في عدد من الإجـراءات القانونيـة المختلفة التي أقيمت في ولاية نيو ساوث ويلز بصورة غير منصفة والتي حرمته من حقه في أن يحاكم أمام هيئة من المحلفين. ويدعي أن ذلك أدى إلى سجنه غير القانوني وإرغامه على إخلاء مسكنه على نحو غير قانوني، والتشهير به. وهو يدعي كذلك أنه وقع ضحية لما وصفه باستغلال السلطة غير القانوني من جانب قوة أجنبية.

2-2 ويقول صاحب البلاغ إنه اعتقل في 5 أيلول/سبتمبر 1997 ووجهت إليه تهمة ارتكاب جرم بموجب المادة 326 من القانون الخاص بالجرائم في ولاية نيو ساوث ويلز لسنة 1900، الذي يجرِّم كل من يهدد بإلحاق ضرر أو أذى بشاهد في أي دعوى قانونية أو بعضو في هيئة المحلفين أو موظف قضائي (لم يقدّم صاحب البلاغ تفاصيل عن التهم الموجهة إليه ولا عن الملابسات المحيطة بها). وفي 26 أيلول/سبتمبر 1997، مثُل صاحب البلاغ أمام المحكمة المحلية، حيث أصرّ على أن يُحاكم أمام هيئة من المحلّفين، الأمر الذي وافق عليه القاضي الذي ترأس الجلسة.

2-3 وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، مَثُل صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا في مقاطعة نيو ساوث ويلز استجابة لأمر بالاستدعاء أصدره كبير كُتّاب هذه المحكمة، يتهم فيه صاحب البلاغ بإهانة المحكمة. ولم تقدم أي تفاصيل في هذا الخصوص، كما أنه من غير الواضح كيف ترتبط، هذه التهمة أو ما إذا كانت ترتبط بالتهم المنصوص عليها في القانون الخاص بالجرائم. والتمس صاحب البلاغ أن تجري محاكمته فيما يخص إهانة المحكمة أمام هيئة من المحلفين. ولقد رفض رئيس المحكمة هذا الالتماس. وطعن صاحب البلاغ في هذا القرار أمام المحكمة العليا، إلا أنه رفض في جلسة ترأسها قاضٍ واحد في 13 شباط/فبراير 1998، ثم رفضته محكمة الاستئناف في 26 آب/أغسطس 1998. كما رُفض في 16 نيسان/أبريل 1999 طلب آخر تقدم به صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا في أستراليا يلتمس فيه الحصول على إذن خاص بالطعن في قرار المحكمة برفض محاكمته أمام هيئة من المحلفين.

2-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه سُجن بصورة غير قانونية من 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 إلى 28 شباط/فبراير 2000 في مركز سيلفرواتر الإصلاحي في سيدني، بعد أن حوكم أمام المحكمة العليا في نيو ساوث ويلز وأصدرت حكمها بإدانته لإهانة المحكمة. ولم تقدم أي تفاصيل عن الملابسات المحيطة بإدانته. كما يدعي أن طلبه بأن يُحاكم أمام هيئة من المحلفين فيما يتعلق بتهمة إهانة المحكمة الموجّهة إليه قد رفض. وأطلق سراحه في 28 شباط/فبراير 2000 بعد نجاح دعوى استئناف رفعها أمام محكمة الاستئناف. ويدعي صاحب البلاغ أن الملابسات الواردة أعلاه تكشف عن خرق للمادة 9(5) من العهد.

2-5 ويزعم صاحب البلاغ أنه أقام، في 28 كانون الأول/ديسمبر 2000، دعوى قضائية ضد مصرف سانت جورج فيما يخص ادعاءات مفادها أن المصرف قد احتال عليه فيما يتعلق بعقد للحصول على قرض سكني، وذلك بإدراجه لشروط تنطوي على أسعار فائدة متغيرة. ويدعي صاحب البلاغ أن الشكوى التي تقدم بها كانت موجّهة أيضا ضد ولاية نيو ساوث ويلز، لأنها، كما يزعم، "مسؤولة بصورة غير مباشرة" عن قرار سابق أصدره قاض من قضاة المحكمة العليا في ولاية نيو ساوث ويلز. إذ إن هذا القرار وافق على طلب المصرف بحيازة منزل صاحب البلاغ، بسبب عدم قيام هذا الأخير بتسديد قرضه. ولقد ادعى صاحب البلاغ أن القاضي قد وقف حائلاً أمام تحقيق العدالة بعدم السماح لـه بأن يُحاكم أمام هيئة من المحلفين فيما يتعلق بمزاعم المصرف ضده. وفي الدعوى التي رفعها ضد المصرف وضد ولاية نيو ساوث ويلز، زعم صاحب البلاغ أن لـه الحق في أن يُحاكم أمام هيئة من المحلفين إلا أن قاضيا من قضاة المحكمة العليا في ولاية نيو ساوث ويلز رفض منحه هذا الحق، كما أن الطعون في هذا القرار الإجرائي التي رفعها صاحب البلاغ بعد ذلك أمام محكمة الاستئناف التابعة لولاية نيو ساوث ويلز والمحكمة العليا قد رفُضت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 وفي 14 شباط/فبراير 2003 على التوالي.

2-6 ويشير صاحب البلاغ إلى 23 دعوى قانونية رفضت فيها المحكمة المختصة طلبه بأن يُحاكم أمام هيئة من المحلفين، ويدعي أن هذا يكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 2 و14 من العهد.

2-7 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن الدعوى القانونية التي رفعها ضد شركة إعلامية في حزيران/يونيه 1997 للتشهير به والتي لم يوضح ملابساتها، لم تنجح، وأن المحكمة العليا في نيو ساوث ويلز شطبت الدعوى من السجل على الرغم من ادعاء صاحب البلاغ أنه ينبغي أن تقوم هيئة من المحلفين بالنظر في دعواه والبت فيها. وقال إن هذا يُعتبر بمثابة انتهاك للمادة 17 من جانب الدولة الطرف.

2-8 كما يدعي صاحب البلاغ قيام القضاة والبرلمانيين في الدولة الطرف بقسم يمين الولاء للملكة اليزابيث الثانية، وهي ملكة دولة أجنبية يمثل انتهاكاً للمادة 1 من العهد.

2-9 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أن عدم قبول المحاكم في الدولة الطرف الدعوى القانونية التي رفعها ضد المصرف السابق ذكره فيما يتعلق بعقد القرض يشكل انتهاكاً للمادة 26، إذ إنه حرم من حماية القانون مما يزعم أنها ممارسات احتيالية من جانب المصرف.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه لم يُحاكم، في مختلف الإجراءات القانونية التي أشار إليها في بلاغه أمام هيئة من المحلفين، وبأن سير هذه الإجراءات لم يكن منصفاً، مما يشكل انتهاكاً للمادتين 9 و14. ويدعي أيضاً أن السلوك الذي يشكو منه يُعتبر بمثابة انتهاك للمواد 1 و2 و17 و26 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وتحققت اللجنة حسبما تقتضي الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

4-3 وتؤكد اللجنة من جديد على موقفها بأنه لا يحق لأي فرد أن يدعي أنه "ضحية" فيما يتعلق بانتهاكات مزعومة ل حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها ، على النحو المنصوص عليه في المادة 1 من العهد ( 2) . وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 2 و9 و14 و17 و26 من العهد، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات إما أنها تندرج خارج نطاق أحكام هذه المواد أو لم يتم إثباتها بالحجج الكافية لأغراض المقبولية. وتلاحظ اللجنة، بوجه خاص، أن العهد لا يمنح الحق في محاكمة أمام هيئة من المحلفين سواء في الإجراءات المدنية أو الجنائية، بل إن مضمونه الأساسي هو أن تكفل في جميع الإجراءات القضائية، سواء أكانت بواسطة هيئة من المحلفين أم لا، ضمانات بإقامة محاكمة عادلة (3) . وبناء على ذلك، فإن ادعاءات صاحب البلاغ غير مقبولة بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

5- وبناء على ذلك، تقرر اللجنة أن البلاغ غير مقبول. وسيُحال هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) أصبح البروتوكول الاختياري نافذاً في أستراليا في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

(2) انظر، على سبيل المثال، قضية هوم ضد الفلبين رقم 1169/2003، التي اعتُمد قرار بشأنها في 8 آب/أغسطس 2003.

(3) انظر على سبيل المثال قضية كافانا ضد آيرلندا (رقم 1) رقم 818/1998، التي اعتمدت الآراء بشأنها في 4 نيسان/أبريل 2001.

ضاد - البلاغ رقم 1272/2004، بن علي ضد هولندا (القرار الذي اعتمد في 23 تموز/يوليه 2004، الدورة الحادية والثمانون) *

المقدم من : السيدة فاطمة بن علي (يمثلها المحامي السيد ج. ج. ك. فان هارين)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ الأول : 23 حزيران/يونيه 2003 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 23 تموز/يوليه 2004

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحبة البلاغ، المؤرخ في الأصل في 23 حزيران/يونيه 2003، هي فاطمة بن علي، مواطنة مغربية مولودة في المغرب بتاريخ 13 تموز/يوليه 1984. وتدعي صاحبة البلاغ أن قيام هولندا بترحيلها إلى المغرب يعتبر بمثابة انتهاك للمواد 17 و23 و24 من العهد. ويمثل صاحبة البلاغ محامٍ.

1-2 ولقد قررت اللجنة بتاريخ 29 حزيران/يونيه 2004، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، النظر في مقبولية البلاغ والبت في أسسه الموضوعية بصورة منفصلة.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تم في عام 1985 فسخ زواج والدَي صاحبة البلاغ المقيمَين في المغرب. وتركت الأم بيت الأسرة الذي بقيت تعيش فيه صاحبة البلاغ مع والدها. وتزوج والد صاحبة البلاغ مرة أخرى في شهر آب/أغسطس 1989. وكذلك تزوجت والدة صاحبة البلاغ مرة أخرى بين عامي 1989 و1990 وأصبحت تقيم في قرية تبعد 50 كيلومتراً تقريباً عن المكان الذي كانت تعيش فيه صاحبة البلاغ مع جدتها لأبيها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن والدتها تركت أسرتها وانضمت إلى أسرة زوجها الجديد انضماماً تاماً حسب العادات والتقاليد المحلية، وأنها تخلت بالتالي، بحكم الواقع وبحكم القانون، عن رعاية صاحبة البلاغ مبيِّنة في " حكم تسليم الأولاد " أنها أحالت مسؤولية رعاية صاحبة البلاغ على والدها. وانتقل والد صاحبة البلاغ مع زوجته الجديدة إلى هولندا في عام 1990. ولكن يُقال إنه حافظ، مع ذلك، على علاقاته معها وكان يبت في الأمور المتصلة بتعليمها بالتشاور مع جدتها كما كان يوفّر المال لتعليمها ورعايتها. وانتقلت جدة صاحبة البلاغ لأبيها إلى فرنسا في عام 1995، ولكن لم تسمح القوانين الفرنسية السارية لصاحبة البلاغ بالالتحاق بجدتها على حد ما قيل. فسافرت صاحبة البلاغ بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 1995 وحدها للالتحاق بأبيها في هولندا كحل بديل.

2-2 ورفعت صاحبة البلاغ، بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر 1995، طلباً إلى السلطات الهولندية للحصول على رخصة إقامة تسمح لها بالبقاء مع والدها المقيم في هولندا. ورفض وزير العدل الطلب بتاريخ 2 حزيران/يونيه 1997، كما رفض في 18 أيار/مايو 1998، طعنها في صحة القرار السابق.

2-3 ورفضت المحكمة المحلية بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 1999 دعوى الاستئناف التي رفعتها صاحبة البلاغ للطعن في قرار وزير العدل. وبيّنت المحكمة أن القانون المحلي ينص على منح رخصة إقامة للسماح بلمّ شمل الأسر بناء على علاقة أسرية موجودة قبل وصول أحد الوالدين إلى هولندا، وأن هذا الطلب يصبح باطلاً إذا كانت العلاقة الأسرية مقطوعة، كما في حال ضم الطفل بصورة دائمة إلى أسرة أخرى بما يؤدي إلى عدم ممارسة الوالدين لسلطتهم الأبوية أو وفائهم بتكاليف الطفل. وكُلَّما طالت فترة الفراق ازدادت صعوبة قبول الطلب. ورأت المحكمة أن ترك والد صاحبة البلاغ ابنته في عام 1990 لمدة خمس سنوات مع أسرة جدتها لا يمكن أن يعتبر تدبيراً مؤقتاً، كما لا يمكن أن يعتبر أنه كان ينوي منذ البداية إلحاقها به في هولندا. ووجدت المحكمة، على العكس من ذلك، أن قرار إحضار صاحبة البلاغ إلى هولندا كان، على الأرجح، نتيجة انتقال جدتها إلى فرنسا في عام 1995 . ورأت المحكمة، على ضوء جميع تلك الوقائع، أن العلاقة انتهت وانقطعت عندما غادر الأب المغرب.

2-4 ورأت المحكمة، بخصوص دعوى السماح لصاحبة البلاغ بالبقاء في هولندا على الرغم مما سبق بيانه، لأسباب إنسانية ملحّة بما فيه الكفاية، أنه لم يتم إثبات أن صاحبة البلاغ ستتعرض لدرجة غير مقبولة من المشقة في حال عودتها. كما لم يُثبت أنها اندمجت في المجتمع الهولندي وأصبحت غريبة عن المجتمع المغربي إلى حد يجعل إقامتها خارج هولندا غير معقولة ومن "المشقة" ما يستدعي السماح لها بالبقاء. ووجدت المحكمة، لدى تقييم الدعوى وفقاً لمعايير حماية الحياة الأسرية المنصوص عليها في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبالاستناد إلى تقييم الوقائع المدرج أعلاه، أنه لم يقع أي تدخل في الحياة الأسرية. كما رأت أن صاحبة البلاغ لم تتمسك بأي التزام وضعي تعهدت به الدولة للسماح لها بالبقاء في البلد في الظروف المذكورة. ولم يتم إظهار أي عقبة موضوعية تعوق إمكانية استمرار صاحبة البلاغ في التمتع بالحياة الأسرية في المغرب. وخلصت المحكمة، نتيجة ذلك وبعد الموازنة بين العوامل المتضاربة، إلى أنه تم التوصل إلى هذا القرار "بكل اعتدال" وأن القرار لا يتنافى وأي مبدأ عام من مبادئ الإدارة القويمة والسليمة.

2-5 ومنذ ذاك الحين، ما زالت صاحبة البلاغ تعيش في هولندا وجاء أنه لم يتخذ أي إجراء لترحيلها.

الشكوى

3-1 تدّعي صاحبة البلاغ أن ترحيلها إلى المغرب سيكون بمثابة تدخل تعسفي أو غير قانوني في شؤون أسرتها وبيتها، تنافياً وما ورد في المادة 17 من العهد، وأن ذلك ينتهك حقها في التمتع بالحماية الواجبة بوصفها قاصرة، تنافياً وما ورد في المادة 24 من العهد. وكذلك تدّعي صاحبة البلاغ بدون أي تعليل أنه وقع انتهاك للمادة 23 من العهد .

3-2 وتؤكد صاحبة البلاغ أنه لا يوجد في المغرب من يمكن أن يقوم برعايتها. ولا يمكن، على حد قولها، توقع عودة والدها إلى المغرب لرعايتها لأن زوجته تعيش في هولندا منذ عام 1980 ولا ترغب في العودة. وتُبين صاحبة البلاغ أنها التحقت بالمدرسة في هولندا وأنها اندمجت تماماً في المجتمع الهولندي وتتكلم اللغة بطلاقة.

الرسائل المقدمة من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4- تفيد الدولة الطرف في الرسالة المؤرخة 28 حزيران/يونيه 2004 أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وتُبين أن صاحبة البلاغ قامت، بعد تقديم البلاغ، برفع طلب مجدد إلى سلطات الهجرة للحصول على رخصة إقامة. ولقد رُفض هذا الطلب بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2004، ومن ثم، طعنت صاحبة البلاغ في القرار أمام المحكمة المحلية وطلبت إليها في الوقت نفسه أن تتخذ تدبيراً مؤقتاً بعدم طردها ريثما تنهي المحكمة إجراءاتها. ولم يتم حتى الآن تحديد موعد لعقد جلسة الاستماع.

تعليقات صاحبة البلاغ على الرسائل المقدمة من الدولة الطرف

5- أجابت صاحبة البلاغ في رسالة مؤرخة 13 تموز/يوليه 2004 على الرسائل التي قدمتها الدولة الطرف مبينة أنها قدمت طلباً جديداً (وليس طلباً "مجدداً") للحصول على رخصة الإقامة، وأنها طعنت في القرار أمام سلطات الهجرة وليس أمام المحكمة المحلية. وتعترف صاحبة البلاغ بأنها قدمت طلباً باتخاذ تدابير مؤقتة ريثما يتم البت في دعوى الطعن. وتُبين أنه تم استنفاد كافة الإجراءات المحلية فيما يتعلق بالطلب المعني، وأن رفع طلب جديد مشفوع بحجج أخرى لا يغير ذلك. وذُكر في الطلب الجديد أنه، منذ قدومها إلى هولندا في عام 1995 ومنذ اتخاذ المحكمة المحلية قرارها النهائي في عام 1999، لم تجرِ أي محاولة لترحيلها، وأن ترحيلها الآن سيكون بالتالي سياسة "تَشدد". وعليه، تخلص صاحبة البلاغ إلى أنه يجب إعلان البلاغ مقبولاً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بالادعاء الوارد في إطار المادة 24، أن صاحبة البلاغ ما عادت قاصرة الآن وأن ترحيلها في أي وقت لاحق لن يمس، بالتالي، بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في المادة المذكورة، بغض النظر عن الموقف المتخذ في وقت سابق. وعليه، فإن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري بحكم طبيعته، إذ إنه يتنافى وأحكام العهد.

6-3 وتشير اللجنة، فيما يتعلق بالادعاءات الواردة في إطار المادتين 17 و23، إلى مجموعة قراراتها السابقة التي تقضي بأن ترحيل فرد أو أكثر من أفراد الأسرة من الدولة الطرف إلى بلد آخر قد يثير، من حيث المبدأ، مسائل يمكن الطعن فيها في إطار أحكام العهد المشار إليها (1) . وتلاحظ اللجنة، مع ذلك، أن المسائل التي رفعتها صاحبة البلاغ، بإجرائها الشخصي، إلى السلطات في طلبها المجدد، تُعتبَر ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى أي قرار يمكن أن تتخذه اللجنة بصدد هذه الادعاءات، نظراً إلى أن قرار اللجنة سيستند إلى تقييم وضع صاحبة البلاغ وقت اتخاذ القرار. وتشير اللجنة إلى مجموعة قراراتها السابقة التي تقضي بأنه إذا باشر صاحب بلاغ ما إجراءات مجددة أمام السلطات تتعلق بجوهر الادعاء المقدم إلى اللجنة، وجب اعتبار أن صاحب ذاك البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية على النحو المطلوب في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (2) . واستناداً إلى ذلك تعلن اللجنة أن هذا البلاغ غير مقبول.

7- لذلك تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ هذا القرار إلى صاحبة البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انظر، على سبيل المثال، ويناتا ضد أستراليا القضية رقم 930/2000، الآراء المعتمدة بتاريخ 26 تموز/يوليه 2001، وساهيد ضد نيوزيلندا القضية رقم 893/1999، الآراء المعتمدة بتاريخ 28 آذار/مارس 2003 .

(2) انظر باروي ضد الفلبين ، القضية رقم 1045/2002، القرار المعتمد بتاريخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2003، ورومانز ضد كندا ، القضية رقم 1040/2001، القرار المعتمد بتاريخ 9 تموز/يوليه 2004 .

-----