مجلس حقوق الإنسان
الدورة الثانية والعشرون
البند 3 من جدول الأعمال
تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان ، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية
تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، السيد خوان إ. منديس
إضافة
البعثة إلى المغرب * ** ***
موجز |
قام المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بزيارة إلى المغرب من 15 إلى 22 أيلول/سبتمبر 2012. |
وأعرب المقرر الخاص عن تقديره للحكومة على دعوته لزيارة البلد، مما يدل على الاستعداد لفتح أبواب ا لمغرب للتحقيق ا لمستقل والموضوعي في وضع حقوق الإنسان لديه. |
ويرح ّ ب المقرر الخاص بالجهود التي بذلتها السلطات للتعامل مع إرث التجاوزات التي ارتُكبت خلال "سنوات الرصاص"، وذلك عن طريق هيئة الإنصاف والمصالحة، و ي رحب، بصفة عامة، بظهور ثقافة لحقوق الإنسان في المغرب. لكنه يلاحظ أن التعذيب وسوء المعاملة ما زالا يمارسان. ويرى أن المعاملة القاسية لا تزال تُمارس في الحالات الجنائية العادية وأن أعمال التعذيب وسوء المعاملة عند الاعتقال وخلال الاحتجاز تتزايد في الحالات التي يسودها التوتر الشديد، ك التهديد المتصور للأمن الوطني، والإرهاب، والمظاهرات الحاشدة . ورغم أن المحتجزين يُلاقون سوء المعاملة خلال فترة الاحتجاز الأولية، أساساً، فقد سُجِّلت أيضا ً حالات من سوء المعاملة في مراحل لاحقة. |
ويلاحظ المقرر الخاص أيض اً الغياب الواضح للتحقيقات الفورية والمستفيضة في جميع حالات التعذيب وسوء المعاملة، وملاحقة مرتكبيها، وتوفير سبل الانتصاف الفعالة والتعويض، بما في ذلك خدمات تأهيل جميع ضحايا التعذيب وسوء المعاملة. ويشدد، في هذا الصدد، على ضرورة مراجعة نظام الطب الشرعي في المغرب فوراً وإصلاحه لأنه لا يضمن في الوقت الحالي الكشف عن حالات الادعاء بالتعذيب أو سوء المعاملة وتوثيقها وتقييمها من ناحية الطب الشرعي؛ وهذا ما قد يكون، وفقاً للمقرر الخاص، أحد أسباب عدم تطبيق قاعدة الاستثناء فيما يتعلق بالأدلة التي يتم الحصول عليها بالتعذيب. |
ويشير المقرر الخاص إلى أن الظروف في معظم السجون لا تزال مثار قلق بسبب اكتظاظها وبسبب حالات سوء المعاملة والإجراءات التأديبية التعسفية وتردّي الظروف الصحية والأغذية غير الكافية ومحدودية الرعاية الطبية. وهو يرح ّ ب بالجهود التي تبذلها الحكومة لزيادة عدد الزيادات إلى أماكن الاحتجاز، خاصة الجهود التي يبذلها المجلس الوطني لحقوق الإنسان. |
ويدعو المقرر الخاص المجتمع الدولي إلى مساعدة المغرب على مكافحة التعذيب وسوء المعاملة بدعمه مالياً وتقنياً. |
المرفق
[بالعربية والإنكليزية والفرنسية فقط]
تقرير المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية عن زيارته إلى المغرب (من 15 إلى 22 أيلول/ سبتمبر 2012)
المحتويات
الفقـرات الصفحة
أولاً - مقدمة 1-5 4
ثانياً - الإطار القانوني 6-10 5
ألف - على المستوى الدولي 6-7 5
باء - على الصعيد الوطني 8-10 5
ثالثاً - تقييم الوضع 11-67 6
ألف - ممارسة التعذيب وسوء المعاملة 13-25 6
باء - الضمانات والوقاية 26-41 9
جيم - ظروف الاحتجاز 42-76 13
رابعاً - الاستنتاجات والتوصيات 68-98 19
ألف - الاستنتاجات 68-85 19
باء - التوصيات 86-98 21
أولا ً - مقدمة
1- قام المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة السيد خوان إِ. مِنْدِيس، بزيارة إلى المغرب في الفترة من 15 إلى 22 أيلول/سبتمبر 2012 استجابة لدعوة من الحكومة المغربية. وزار أيض اً العيون، بالصحراء الغربية، يومي 17 و18 أيلول/سبتمبر 2012.
2- والتقى المقرر الخاص بوزير الشؤون الخارجية ووزير العدل ووزير الداخلية ووزير الصحة، وبالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومكتب وكيل الملك لدى محكمة النقض. والتقى أيض اً بممثلين عن وزارة الشباب والرياضة، ومديرية الشؤون الجنائية والعفو، والمدعي العام لدى محكمة النقض، والمعهد العالي للقضاء، وممثلين من الإدارة العامة للأمن الوطني، والوزارة المسؤولة عن العلاقات بين البرلمان والمجتمع المدني؛ ومندوبي وموظفي المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأعضائه، والمكاتب الإقليمية لحقوق الإنسان، والأعضاء السابقين في هيئة الإنصاف والمصالحة. كما التقى بممثلين من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وبضحايا التعذيب وذويهم.
3- وفي العيون، بالصحراء الغربية، التقى المقرر الخاص بوالي الإقليم وممثلين من وزارة الصحة ووزارة العدل والحريات، ووزارة الشباب والرياضة، والإدارة العامة للأمن الوطني، والدرك الملكي، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج واللجنة الجهوية لمجلس حقوق الإنسان. كما التقى بممثلين عن السكان الصحراويين وممثلي منظمات المجتمع المدني وبضحايا التعذيب وذويهم. كما التقى بالممثل الخاص للأمين العام، رئيس بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).
4- ويعرب المقرر الخاص عن شكره للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان على تسهيلها لزيارته ويعرب عن تقديره للحكومة على السماح له دون قيد بدخول جميع مرافق الاحتجاز وذلك وفقاً لاختصاصات المقرر الخاص خلال بعثات تقصي الحقائق (التذييل الخامس من الوثيقة (E/CN.4/1998/45).
5- وشاطر المقرر الخاص الحكومة نتائجه الأولية في 22 أيلول/سبتمبر عند اختتام زيارته، وأبدت الحكومة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر تعليقاتها على بيان البعثة الختامي. وقدم المقرر الخاص للحكومة نسخة مسبقة من التقرير في 19 شباط/فبراير 2013، وأدلت الحكومة بتعليقات عليها، أُخِذت بعين الاعتبار قبل وضع الصيغة النهائية للتق رير.
ثانياً- الإطار القانوني
ألف - على المستوى الدولي
6- يعد المغرب طرفاً في معظم معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي تحظر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وبروتوكولها الاختياري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والبروتوكول الملحق بها. وأقر المغرب قانوناً للانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، لكنه لم يودع صك التصديق بعد.
7- وقد وق ّ عت الدولة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي طرف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
باء- على الصعيد الوطني
الأحكام الدستورية والتشريعية
8- ينص الفصل 22 من دستور تموز/يوليه 2011 الجديد على أن لكل شخص الحق في السلامة الجسدية والمعنوية والذي لا ينبغي لأي كان، جهة خاصة أم عامة، أن يمس به مهما كانت الظروف. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة تحط من كرامته، وعلى أن ممارسة التعذيب بكل ضروبه، ومن قِبَل أيّ ٍ كان، جريمة يعاقب عليها القانون. ويرح ّ ب المقرر الخاص بإدراج هذه المبادئ ضمن الدستور وبالاستعداد البين الذي أظهرته السلطات لإعطائها الصدارة.
9- وقد جرّم القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية التعذيب قبل عام 2011. واعتُمِد القانون رقم 04-43 الذي يعدل القانون الجنائي لعام 1962 ويكمله، في 14 شباط/فبراير 2006. ويعرف الفصل 1-231 من القانون الجنائي التعذيبَ بأنه: "كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمد اً موظف عمومي أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه، في حق شخص لتخويفه أو إرغامه أو إرغام شخص آخر على الإدلاء بمعلومات أو بيانات أو اعتراف بهدف معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص آخر، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أي اً كان نوعه. ولا يعتبر تعذيب اً الألم أو العذاب الناتج عن عقوبات قانونية أو المترتب عنها أو الملازم لها " . وتنص المواد من 2-231 إلى 8-231 من القانون الجنائي على عقوبات على أعمال التعذيب، تتضمن أحكاماً بالسجن لمدد تتراوح بين 5 سنوات و30 سنة، وذلك بحسب خطورة الجرم.
10- ويرى المقرر الخاص أن تعريف التعذيب يحتاج إلى المزيد من التعديلات بهدف جعل الجرم متماشياً مع القانون الدولي لحقوق الإنسان. وهو يقر بأن التعريف الوارد في الفصل 1-231 من القانون الجنائي يشمل العناصر الرئيسية الواردة في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لكنه يشير إلى أنها لا تشمل التواطؤ أو الموافقة الصريحة أو الضمنية من قِبل الموظفين الأمنيين أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية. وأحكام هذا الفصل لا تنص على فرض عقوبات على المسؤولين الذين يوافقون على التستر على حالات التعذيب. ورغم أن أشكال التواطؤ من هذا القبيل ربما تناولها القانون المغربي على نحو وافٍ في مواضع أخرى، غير أنه يحبذ ، نظراً لخطورة هذه الممارسة، أن تتدبر هذه القاعدة مسألة ممارسة ا لتع ذيب من قبل أشخاص آخرين وأن تجر ِّ م ها.
ثالثاً- تقييم الوضع
11- يلمس المقرر الخاص ظهور ثقافة لحقوق الإنسان والإرادة السياسية لدى السلطات، خاصة وزارة الشؤون الخارجية والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، بهدف بناء ثقافة مؤسساتية تح ظر وتمنع التعذيب وسوء المعاملة.
12- ويرحب المقرر الخاص بالجهود التي بذلتها آلية العدالة الانتقالية بين عاميْ 2003 و2005، وهيئة الإنصاف والمصالحة، وذلك بهدف التحقيق في الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق والممنهجة لحقوق الإنسان التي حصلت في المغرب بين عامي ْ 1956 و1999 (وهي الفترة التي يطلق عليها المغاربة "سنوات الرصاص" ) بما في ذلك العديد من حالات التعذيب وسوء المعاملة. بيد أنه يشير إلى أن الضحايا وأسر الضحايا لم يحصلوا جميعهم على تعويض وأن التعويضات لم تكن في بعض الحالات، لا موزعة بإنصاف ولا كافية أو فعلية. وعلاوة على ذلك، يشعر المقرر الخاص بالقلق، كما تشعر به لجنة مناهضة التعذيب، لعدم إفلاح عمل اللجنة في كسر حلقة إفلات مرتكبي الانتهاكات التي حصلت خلال هذه الفترة لأحكام الاتفاقية، من العقاب بحكم الواقع، لأنه لم يُلاحق أي منهم قضائياً حتى الآن .
ألف- ممارسة التعذيب وسوء المعاملة
13- تحسن الوضع ميدانياً فيما يتعلق بممارسة التعذيب منذ "سنوات الرصاص". غير أن المقرر الخاص تلقى شهادات لها مصداقيتها تفيد بتعرض المحتجزين لضغط بدني ومعنوي خلال استجوابهم في القضايا الجنائية العادية، لا سيما القضايا ذات الصلة بأمن الدولة. وهذه الشهادات أكدتها بقدر كبير تقارير الطب الشرعي التي بينت أن سوء المعاملة الذي مورس خلال مرحلة الاحتجاز حدث عادة لمدة قصيرة وتمثل أساساً في إصابات بدنية جراء لكمات أو ركل أو صفع، ومن حين إلى آخر جراء لكمات باستعمال أدوات أو السب والتهديد. واشتكى المحتجزون في بعض الحالات من ت عرضهم لتعذيب وسوء معاملة أكثر قساوة، بما في ذلك الفَلَقَة (الضرب على أخمص القدمين) وتعرضهم للصعق الكهربائي في الخصيتين وإدخال أجسام غريبة في المؤخرة والإيهام بالغرق، إلى غير ذلك.
1- حالات تتعلق بالإرهاب أو بتهديدات للأمن الوطني
14- يساور المقرر الخاص قلق بالغ إزاء عدة شهادات على حدوث تعذيب وسوء معاملة في حالات تتصل بمزاعم الإرهاب أو الأخطار المحد ِ قة بالأمن الوطني . ويمكن في هذه الحالات ملاحظة ارتكاب نمط منتظم من أعمال التعذيب وسوء المعاملة خلال الاحتجاز أو عملية الاعتقال.
15- ويبدو ، في مثل هذه الحالات، أن المشتبه فيهم غالباً ما يكونون غير مسجلين رسمياً ويحتجزون لبضعة أسابيع دون محاكمة ودون إشراف قضائي، وأن الأسرة لا تُبلَّغ بالاحتجاز إلى أن يُسلَّم المحتجز إلى الشرطة بهدف توقيع اعترافات. وأُفيد بأن الضحايا يُحالون بعد ذلك، في بعض الحالات، إلى مخفر الشرطة حيث يجري استجواب أولي لهم يُسجَّل بتاريخ الإحالة إلى الشرطة، لتفادي تجاوز الحدود الزمنية لفترة الاحتجاز المفروضة.
16- كما أن قانون مكافحة الإرهاب (رقم 03-03) لعام 2003، يمدد الحدود الزمنية لفترة الاحتجاز إلى 96 ساعة قابلة للتجديد مرتين. وهذا يعني جواز الاحتفاظ بالمحتجزين لفترة قد تصل إلى 12 يوم اً بموافقة خطية من النيابة العامة قبل المثول أمام قاضي التحقيق. وعلاوة على ذلك، لا يمكن الاتصال بمحام إلا بعد السماح بتجديد فترة الاحتجاز بثمان وأربعين ساعة. ومن ثم، يمكن حرمان المشتبه فيهم من إجراء أي اتصال مع العالم الخارجي لمدة ستة أيام قبل السماح لهم بالاتصال بمحام لمدة نصف ساعة، وحتى حينها يكون الاتصال بمراقبة ضابط شرطة (الفقرة 10 من المادة 66 من قانون الإجراءات الجنائية). ويلاحظ المقرر الخاص أن هذه الأحكام التي تقيد تفعيل ضمانات أساسية، من قبيل الاتصال المبكر بمحام، تزيد من احتمالات ممارسة التعذيب زيادة كبيرة.
17- وبحث المقرر الخاص عدداً من الحالات التي حصلت عقب تفجيرات 16 أيار/ مايو 2003 بمدينة الدار البيضاء حيث اعتُقل الآلاف من المشتبه فيهم، غالباً من قبل مسؤولين في الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني أو في أماكن احتجاز مجهولة. كما استمع إلى شهادات مشتبه فيهم بممارسة الإرهاب اعتُقلوا ووضعوا رهن الحبس الانفرادي منذ فترة وجيزة. ويبدو أن التعذيب يمارس حالياً على نطاق واسع للحصول على الاعترافات في حالات تتعلق بالأمن الوطني. ومن هذه الممارسات الضرب بالعصي وخراطيم المياه، والتعليق لفترات طويلة والفلقة (الضرب على أخمص القدمين)، والصفع، خاصة على الأذنين، والركل والتعريض للحرارة الشديدة، والاعتداء الجنسي والتهديد بالاعتداء الجنسي.
18- ويشير المقرر الخاص إلى أنه على الرغم من أن وفدين من البرلمان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أفادا، في أيار/مايو بأنه لا توجد أدلة على وجود مرفق للاحتجاز في مقر الإدارة الوطنية لمراقبة التراب الوطني في تمارة، فإن هناك شهادات تشير إلى وجود أشخاص رهن الحبس الانفرادي في هذا المقر وفي أماكن أخرى. ورغم أن المادة 23 من الدستور تنص صراحة على أن حالات الحبس السري والتعسفي والاختفاء القسري هي جرائم في غاية الخطورة، ف إن المقرر الخاص يساوره قلق بالغ إزاء ممارسات الحبس الانفرادي في الماضي وفي الحاضر.
19- وتبي ّ ن للمقرر الخاص أن المحتجزين المحكوم عليهم لارتكابهم جرائم تتصل بالإرهاب ما زالوا يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة خلال قضاء مدة عقوبتهم. ومعظم هؤلاء السجناء نزلاء في سجن سلا 1 وسجن سلا 2 وفي سجن تولال بمكناس. ووردت تقارير عديدة تفيد بحدوث اعتداءات جنسية وتهديدات بالانتقام في حالة رفع دعاوى، لا سيما بعد الانتفاضة التي حدثت في سجن سلا 2 في 16 أيار/مايو 2011. وفي هذا الصدد، أُفيد أيض اً بأن الحبس الانفرادي يُستخدم كإجراء تأديبي لفترات تتراوح بين عدة أيام وعدة أسابيع.
2- استعمال القوة المفرطة خلال المظاهرات
20- تلقى المقرر الخاص معلومات ذات مصداقية تتعلق باستخدام المسؤولين عن إنفاذ القوانين للقوة المفرطة خلال الاحتجاجات التي نُظِّمت في الرباط وعدة مدن أخرى في شباط/فبراير وآذار/مارس 2011 (التي سُمِّيت بحركة 20 شباط/فبراير) الداعية إلى الإصلاح الدستوري والديمقراطية. وأُفيد بأن قوات الأمن هاجمت المحتجين في عدد من المناسبات مما أدى إلى وفاة شخص واحد على الأقل وإلى وقوع العديد من الجرحى.
21- ووردت إلى المقرر الخاص شهادات مماثلة باستعمال القوة المفرطة خلال المظاهرات، وذلك في سياق ما سُمِّي بأحداث 15 أيار/مايو 2012 التي وقعت في الرباط وفاس وطنجة وتمارة حيث يوجد مركز الاحتجاز السري المزعوم الذي طالب المتظاهرون بإغلاقه. وحصل أيض اً على معلومات تفيد بأن قوات الأمن فر ّ قت بالعنف مظاهرة نُظِّمت في مدينة آسفي في 29 أيار/مايو 2012. وتعرض أحد المحتجين للضرب المبرح على أيدي رجال أمن وتوفي متأثراً بجروحه في 2 حزيران/يونيه 2011.
22- وأوضحت الحكومة أن أغلب المظاهرات المذكورة آنف اً لم يُرخَّص لها ومن ثم كان تفريقها مشروعاً، لكن المقرر الخاص أكد مجدداً أن استعمال القوة المفرطة محظور بموجب القانون الدولي وأن المسؤولين عن إنفاذ القوانين عليهم أن يستخدموا خلال أداء واجبهم، أساليب غير عنيفة قبل اللجوء إلى استعمال القوة والأسلحة النارية. وقد يعتبر الاستعمال المفرط للقوة معاملة قاسية أو لا إ نسانية أو مهينة، بل حتى تعذيباً، بحسب شدة الألم والمعاناة اللذين ينجمان عنه.
23- وعلاوة على ذلك، بحث المقرر الخاص حالات عنف مورِس ضد محتجين بعد الاعتقال، وتضمنت الضرب خلال النقل إلى مخافر الشرطة وخلال الاستجواب والانتزاع بالإكراه لاعترافات استُخدمَت لاحقاً أمام المحاكم للحصول منها على حكم بعقوبة السجن.
3- المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء
24- حصل المقرر الخاص على معلومات عن تعرض مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى للضرب المبرح ولأعمال العنف الجنسي في محاولتهم العبور، كل سنة، من شمال المغرب بحراً أو عبر سبتة ومليلية في طريقهم إلى أوروبا. وحصل المقرر الخاص على أدلة تشير إلى نمط منتظم من سوء المعاملة للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يتضمن الضرب بالعصي والأحجار أو أدوات أخرى، والاعتداء الجنسي أو التهديد بالاعتداء الجنسي وضروب أخرى من سوء المعاملة، مثل القيد بالحبال، والحرق بقداحات السجائر والتبول عليهم. كما سمع بأن الضحايا يُلقى بهم بعد ذلك في أحراج أو أودية أو أنهم يهربون إلى هذه الأماكن ف يتعذر تقديم المساعدة إليهم.
25- ويساور المقرر الخاص أيض اً قلق إزاء معلومات تفيد بطرد غير مشروع وجماعي لمئات المهاجرين إلى الجزائر وموريتانيا حيث يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك تركهم في الخلاء دون الحصول على أية مساعدة، وغالب اً ما يحدث ذلك بالقرب من مدينة وجدة. وأفادت شهادات أخرى بأن مبدأ عدم الإعادة القسرية للأشخاص المهددين بالتعرض للتعذيب لم تتقيد به السلطات المغربية.
باء- الضمانات والوقاية
1- توكيل المحامين
26- تنص المادة 23 من الدستور الجديد على أن الشخص المحتجز يجب أن يحصل في أقرب وقت ممكن على المساعدة القانونية وإمكانية الاتصال بذويه، وذلك طبقاً للقانون. ويتيح قانون الإجراءات الجنائية مقابلة محام عقب الاعتقال خلال ا ل 24 ساعة الأولى لمدة 30 دقيقة وبحضور محقق، وذلك بعد الحصول على ترخيص مكتب المدعي العام. ويمكن للمدعي العام، بطلب من المحقق، أن يؤجل الاتصال بمحام لمدة 12 ساعة إضافية بعد ا ل 24 الأولى من الاحتجاز. وتشير شهادات أدلى بها محامون إلى أنهم، يُمنَعون في الواقع، من الاتصال بموكِّليهم في المهل الزمنية التي يحددها القانون. ويبدو أن المحامين كثيراً ما يلتقون بموكِّليهم في الجلسة الأولى عند المثول أمام القاضي. وبموجب الإجراء الذي ينص عليه قانون مناهضة الإرهاب (رقم 03-03)، يمكن أن يستمر الاحتجاز لدى الشرطة لثلاث فترات متتالية من 96 ساعة ليس للمحامي خلالها أي حق ما عدا مقابلة موكِّله لنصف ساعة، في أحسن الأحوال، خلال منتصف مدة الإثني عشر يوماً هذه. كما أن ثمة خطر اً واضح اً يتمثل في سهولة الإخلال بهذه الشروط، فما بالك بغيرها، وذلك فقط بتأخير تسجيل تاريخ وساعة الاعتقال.
2- انتزاع الأدلة بالتعذيب وعدم إجراء التحقيقات التلقائية
27- تنص المادة 293 من قانون الإجراءات الجنائية على أن الاعتراف مثل أي دليل آخر، يبقى رهناً بسلطة القاضي التقديرية وأن أي اعتراف يُنتزع بالتعذيب غير مقبول. غير أن المقرر الخاص علم ب أن المحاكم والمدعين العامين لا يمتثلون لواجبهم المتمثل في إجراء تحقيق تلقائي كلما توافرت أسس منطقية تدفع إلى الاعتقاد بانتزاع اعتراف باستعمال القوة أو سوء المعاملة، أو أن يأمروا بإجراء فحص طبي فوري ومستقل ( ا نظر الفقرة 8 من الفصل 74 والفقرة 5 من الفصل 135 من قانون الإجراءات الجنائية) إذا اشتبهوا في تعرض محتجز ما لسوء المعاملة. ويبدو أن القضاة مستعدون لقبول اعترافات دون محاولة إثبات الاعترافات بأدلة أخرى حتى وإن تراجع المحتجز عن اعترافاته أمام القاضي وادعى تعرضه للتعذيب. كما تشير شهادات وردت إلى أن العديد من القضايا التي رُفِعت إلى المحاكم قائمة فقط على أساس اعترافات المتهمين، وذلك في غياب أية أدلة مادية مما يهيئ الظروف للتشجيع على تعذيب وسوء معاملة المشتبه فيهم.
3- عدم التحقيق الفعلي في الادعاءات المتصلة بالتعذيب
28- نما إلى علم المقرر الخاص أن القضاة كثيراً ما يعمدون، عندما يحاول المدَّعى عليهم إثبات إصاباتهم الجسدية في المحكمة، إلى الرد على هذه الادعاءات بالتسا ؤ ل عن مصداقية المدّعى عليهم الذين لم يثيروا المسألة في وقت مبكر، وذلك وقت الخروج من الاحتجاز عند الشرطة ومثولهم لأول مرة أمام المدعي العام أو قاضي التحقيق. واستجابة لطلب تقدم به المقرر الخاص، قدمت الحكومة إحصاءات عن عدد التحقيقات ضد موظفي إنفاذ القوانين، بمن فيهم أفراد من الدرك الملكي، والشرطة القضائية والجمارك، خلال الفترة الممتدة من عام 2009 إلى عام 2012. وتشير الأرقام التي قدمتها الحكومة إلى أنه تم خلال الأربع سنوات هذه ، التحقيق ضد 220 موظفا ً من موظفي إنفاذ القوانين لارتكاب أعمال عنف، بما في ذلك ضروب أخرى من إساءة استعمال السلطة . وعلى الرغم من أن الإحصاءات لا تتيح المزيد من الاستنتاجات بسبب قلة المعلومات، فإن المقرر الخاص يلاحظ بقلق أنه لم تجر ملاحقة أو إدانة أي شخص وفقاً للمادة 1-231 من القانون الجنائي. والموظفون الذين جرت ملاحقتهم اتُّهِموا بالضرب والاعتداء وليس بممارسة التعذيب. ولا يزال الموظفون ا ل 220 إما قيد التحقيق أو بُرِّئت ساحتهم. وحُكم على من ثبتت التهمة الموجهة إليهم بعقوبات خفيفة من قبيل دفع غرامة أو وقف مؤقت عن العمل، ولم يصدر الحكم بالعقوبة إلا في حق قلة منهم.
29- ويلاحظ المقرر الخاص الغياب الواضح لصدور الإدانات وفقاً للفصل 1-231 من القانون الجنائي. ويستنتج من ذلك أن عدم فرض تدابير تأديبية فعلية أو رفع عدد كبير من القضايا على مسؤولي الدولة المتهمين بالتعذيب، أدى إلى سيادة شعور بالإفلات من العقاب بالنظر إلى الانتهاكات الأخيرة الجسيمة الواسعة النطاق لحقوق الإنسان التي حدثت بين عامي 1956 و1999.
30- وإضافة إلى ذلك، من الضروري أن يلاحق المغرب الموظفين العموميين الذين يأمرون بالتعذيب أو يتغاضون عنه أو ي سيؤون استعمال سلطتهم العليا إساءة واضحة، بما في ذلك الحالات التي يعلمون فيها بوشك وقوع تعذيب أو أنه في طور الوقوع أو أنه وقع فعلاً.
4- عبء الإثبات والفحوصات الطبية المستقلة
31- عندما تكون الجريمة قيد المحاكمة متعلقة بجريمة تُعاقَب بخمس سنوات سجناً أو أكثر، ف إن قانون الإجراءات الجنائية لا ينص على أي توجيهات بشأن طريقة تعامل المحكمة مع بيانات الشرطة: فهذه البيانات تمثل أدلة مثل باقي الأدلة الأخرى، وتبقى رهناً بسلطة القاضي التقديرية. غير أن قواعد الأدلة تختلف في حالة المخالفات التي تؤدي إلى عقوبة تقل عن خمس سنوات. فبموجب المادة 290 من قانون الإجراءات الجنائية على المحكمة أن تعتبر أن المحضر الذي تعده الشرطة القضائية جديراً بالثقة ما لم يبرهن المدَّعى عليهم على خلاف ذلك. وهذا الافتراض يلقي بعبء إثبات غير منصف على المدَّعى عليه لأنه يتعين عليه أن يطعن في مصداقية محضر حررته الشرطة ويُنسَب إليه محتواه دون وجود أي شاهد، ويعطي المحكمة الأساس لعدم الذهاب إلى أبعد من التحقيق الشكلي في ادعاء المدعى عليه بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، بشرط أن يحمل جسده علام ات واضحة تدل على تعرضه للتعذيب.
32- وفي هذا السياق، يشير المقرر الخاص مع الارتياح، إلى تصريح وزير العدل والحريات في 27 أيلول/سبتمبر 2012، وذلك بعد زيارة المقرر الخاص، حيث أعلن عن استعداده لإطلاق مشروع جديد للتسجيل السمعي البصري لجميع محاضر الشرطة التي تُعَد خلال فترة التحقيق أو الاستجواب. بيد أن المقرر الخاص، ي لاحظ أن هذا الإجراء غير كاف لمنع التعذيب أو سوء المعاملة. وهو يؤكد مجدداً أن الحق في الحصول على خدمات محام خلال جميع مراحل التحقيق، خاصة منذ لحظة الاعتقال، هو إحدى الضمانات ضد التعرض للتعذيب.
33- وتشير الإحصاءات الحكومية إلى أن الأوامر صدرت في عام 2011 بإجراء 33 فحصاً طبياً فقط (أمر المدعي العام بإجراء 20 فحصاً وأمر قضاة التحقيق بإجراء 13 منها) وفي عام 2010، وعلى التوالي، أمر المدعي العام بإجراء 21 فحصاً طبياً وأمر قضاة التحقيق بإجراء 16 فحصاً طبياً). غير أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا العدد القليل من الفحوصات الطبية متصلاً كله بادعاءات التعذيب.
34- وعلاوة على ذلك، فإنه لا يُتَّبع نهج منتظم أو لا يجري تقييم عشوائي للأدلة الطبية الشرعية وقت الاحتجاز والإفراج. و ثمة حاجة ملحة إلى وضع آليات تمكن من ضمان فحص المحتجزين استنادا ً إلى أدلة الطب الشرعي فحصا ً جيداً ونزيها ً ومستقلا ً ، وليس بناءً فقط على طلب من الشرطة أو السلطة القانونية.
35- وقد استعرض المقرر الخاص عينة من الشهادات الطبية وهو يلاحظ بقلق أن أغلبية التقييمات الطبية التي جرت لأغراض الطب الشرعي لم يجرها خبراء في الطب الشرعي، بل أجراها أخصائيو التشخيص السريري أُدرجَت أسماؤهم ضمن قائمة "الخبراء". ولم يحصل هؤلاء الأشخاص على أي تدريب معين أو مؤهلات في الطب الشرعي. وأما نوعية التقارير الطبية التي أُعِدت بعد ادعاءات بالتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة فإنها بالغة السوء، ولا تستوفي أدنى المعايير الدولية لتقييم أدلة الطب الشرعي المتعلقة بالضحايا وغير مقبولة كأدلة من أدلة الطب الشرعي. ولم يحصل لا موظفو العناية الصحية بالسجون ولا أخصائيو التحليل السريري الذين يعملون بوصفهم "خبراء" لصالح المحكمة على تدريب في مجال تقييم حالات التعذيب وسوء المعاملة وتفسيرها وتوثيقها.
36- ويشير المقرر الخاص إلى أن هذا قد يكون أحد أسباب عدم تطبيق قاعدة استثناء الأدلة التي يتم الحصول عليها بالتعذيب. وحتى في الحالات التي يأمر فيها مدع ٍ عام أو قاض ٍ بإجراء فحص طبي، فإن رداءة نوعية التقارير الطبية وتقارير الطب الشرعي لا تسعف المدعين العامين والقضاة في عملية اتخاذهم للقرار. ومن ثم، يبقى الاعتراف أو التصريح بالسجل، ولا يُبذَل أي مجهود لإجراء التحقيق وملاحقة الجناة ومعاقبتهم.
5- رصد أماكن الاحتجاز وتفتيشها
37- وُضعت مخافر الشرطة، بموجب القانون ، تحت المراقبة الفعلية لمكتب المدعي العام. وأكد المسؤولون عن مخافر الشرطة التي زارها المقرر الخاص قيام المدعي العام بزيارات منتظمة لها. لكن لم ترد أية إحصاءات عن وتيرة مثل هذه الزيارات.
38- وتنص المادة 249 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجب على رئيس الغرفة الجنائية أو ممثله زيارة السجون مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر للاطلاع على وضع السجناء رهن الحبس الوقائي ومبررات احتجازهم، ويجب تمكينه من تقديم توصيات مباشرة إلى قاضي التحقيق بهذا الخصوص. غير أنه ، وكما جاء في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن شهر تشرين الأول/أكتوبر 2012 لم يزر رئيس الغرفة الجنائية معظمَ المرافق في عام 2011. كما أن الزيارات التي تقوم بها اللجان المذكورة في المادتين 620 و621 من قانون الإجراءات الجنائية تجري على أساس غير منتظم.
39- بيد أن أماكن الاحتجاز تشهد زيارات متزايدة. وي ُ سند قانون إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان للمجلس مهمة محددة لزيارة أماكن الاحتجاز وما إلى ذلك من أماكن الحرمان من الحرية، وذلك للمساعدة على تحسين ظروف الاحتجاز. ودخول المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أماكن الاحتجاز والتقرير الذي يعقب الزيارة، فضلاً عن العمل المضطلع به بهدف التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، خطوات هامة تهدف كلها إلى وضع آلية رصد فعالة في المغرب. غير أن نطاق أنشطة المنظمات غير الحكومية وفقاً للمادة 10 من مرسوم تنفيذ الق انون رقم 23/98، نطاق محدود جدا ً و قبوله مشروط بموافقة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ؛ مما يؤدي إلى الحد من قدرة هذه الجمعيات على أداء دور للنهوض بثقافة حقوق الإنسان داخل السجون ومن القدرة على أن تؤخذ ملاحظاتها وتوصياتها بعين الاعتبار لإدخال تحسينات على النظام الخاص بالسجناء وبيئتهم المادية وإعادة تأهيلهم.
6- التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة
40- عندما صرح المغرب علانية في آذار/مارس 2007 ب أن نيته تتجه إلى التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وأن ذلك يعد من بين أولوياته، لقي الإعلان تأييداً من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمنظمات الوطنية لحقوق الإنسان. وفي 1 و12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، أقر مجلس الحكومة ومجلس الوزراء على التوالي، مشروع قانون الانضمام إلى البروتوكول الاختياري. و ي رحب المقرر الخاص بالضمانات الحكومية للتعجيل بالتصديق على البروتوكول الاختياري، إلا ّ أنه يشير إلى أن صك الانضمام لم يودع بعد.
41- وخلال الزيارة، أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى استعداده للاضطلاع بدور الآلية الوقائية الوطنية المنصوص عليها في المادة 17 من البروتوكول الاختياري، لكنه سيدعم العملية الشاملة للتشاور مع جهات فاعلة أخرى قبل اتخاذ أي قرار.
جيم- ظروف الاحتجاز
42- تقع المسؤولية العامة عن الإصلاحيات في المغرب، وتنفيذ القرارات القضائية والأحكام، منذ عام 2008، على عاتق المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وهي هيئة حكومية تقدم تقارير إلى رئيس الحكومة مباشرة. والصك القانوني الأهم الذي ينظم ظروف السجن ومعاملة السجناء هو قانون السجون (القانون رقم 23/98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية) لعام 1999. ويوجد بالمغرب 73 مرفق احتجاز، منها 3 سجون مركزية خاصة بمدد السجن الطويلة والسجن المؤبد، و58 سجناً محلياً خاصاً بالمحتجزين قبل المحاكمة ولمدد قصيرة.
43- وقد زار المقرر الخاص عدداً من مرافق سلب الحرية ومراكز الاحتجاز في الرباط، والقنيطرة، والصخيرات - تمارة، والدار البيضاء، مثل مراكز الشرطة والدرك الملكي؛ ومرافق الاحتجاز السابق للمحاكمة؛ والسجون، بما فيها قسم المحكوم عليهم بالإعدام، وأقسام الأحداث والنساء؛ ومرفق احتجاز مؤقت للمهاجرين السريين وملتمسي اللجوء؛ وإصلاحية للأحداث؛ ومصحة نفسية. وأشار إلى وجود تأهب واستعداد واضحين لزيارته، ومن ذلك نقل بعض السجناء. وأضاف أنه إذا كان ذلك قد حدّ من قدرته على معاينة تلك الأماكن بعفوية، فإنه يقدر الجهود المثيرة للإعجاب والتي بذلت للاستثمار في تحسين تلك المرافق وتجديدها، الأمر الذي يرجى منه خير كثير.
44- ولاحظ المقرر الخاص حضور عدد كبير من الأطباء والممرضين أثناء تفتيشه مرافق الاحتجاز، لكنه لاحظ أن خدمات الرعاية الطبية المستقلة غير متوفرة. وتعاني المرافق التي زارها نقصاً في معدات التمريض، لا سيما معدات طب الأسنان، التي إما كانت غير كافية أو معدومة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى خدمات الطب النفسي. لكنه لم يجد محتجزين مصابين بأمراض معدية، أي السل، يعيشون بجانب سائر المحتجزين.
45- وأبلغت الحكومة المقرر الخاص بأن ميزانية خدمات التغذية في مرافق الاحتجاز بلغت 331 مليون درهم في عام 2012. وأشار إلى أن ذلك يمثل زيادة في الميزانية بثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2008 (108 ملايين درهم). وأوضحت الحكومة في هذا الإطار أن مسؤولية الرقابة تقع على عاتق مكتب الصحة المحلي. لكنه لا وجود لرقابة مستقلة على كمية الطعام ونوعيته. ويبدو أن السجناء يعتمدون كثيراً على عائلاتهم لتجنب سوء التغذية. وكانت المطابخ نظيفة لكن تجهيزاتها قليلة ولا يُعتنى بها بما يكفي لتقديم وجبات متوازنة وصحية للسجناء.
1- الاكتظاظ
46- أقرت السلطات صراحة بأن الاكتظاظ مشكلة تحتاج إلى حل. وأبلغت الحكومة المقرر الخاص بأن عدد السجناء في البلاد بلغ 054 69 شخصاً في آب/أغسطس 2012 (ويشمل هذا العدد المدانين والمحتجزين قبل المحاكمة، الذين لا يفصلون دائماً عن المدانين؛ وكان من بين جميع السجناء 613 1 امرأة). وتضاربت الأرقام بشأن القدرة الاستيعابية لنظام السجـون. وأبلغت المندوبية العامة المقـرر الخاص بأن تلك القدرة تتراوح بين 000 48 و000 50، الأمر الذي يشير إلى أن نسبة الاكتظاظ تبلغ نحو 38 في المائة، في حين يقدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنها تبلغ 000 37، الأمر الذي يرفع نسبة الاكتظاظ إلى قريب من 86 في المائة، بل إن هذه الأرقام قد تكون دون الحقيقة، لأن النسب تستند إلى عدد الأسرّة المتاحة مقارنة بعدد السجناء الفعلي. ففي بعض السجون، كانت الأسرّة متجاورة إلى حد كان معه الاكتظاظ سيطبع ظروف العيش حتى لو عملت السجون بكامل طاقتها أو دونها بقليل. ويرى المقـرر الخاص أن قسمة السعة الإجمالية للزنزانات الصالحة للسكن على عدد السجناء (054 69) مؤشر أفضل على الاكتظاظ. وقال إنه يدرك أن الرقم سيتراوح بين 1.5 و3 أمتار مكعبة لكل سجين، دون حساب المساحات المشتركة والمراحيض والأدواش.
47- وأكد المقرر الخاص معدل الاكتظاظ المرتفع. ففي المرافق التي زارها، لم تكن المعايير المقبولة عالمياً مستوفاة. فالسجناء يعيشون في زنزانات مكتظة للغاية؛ وكانت في بعض الأحيان بدون أسرّة بسبب كثرة السجناء في كل زنزانة؛ وكانت التهوية في جلّها رديئة. ويؤدي الاكتظاظ بالضرورة إلى انتهاكات جسيمة، مثل الحرمان من خدمات الرعاية الطبية والتغذية والتصحاح والأمن وإعادة التأهيل أو قلة تلك الخدمات.
2- التعذيب وسوء المعاملة في السجون
48- أنكر أغلب الضحايا الذين استُجوبوا في السجون التي زارها المقرر الخاص أنهم عذبوا بأي شكل من الأشكال أو عوملوا معاملة مهينة في السجون. وغالباً ما تشير الادعاءات الواردة إلى عدد قليل من الموظفين الذين يرتكبون تلك الانتهاكات، أي أن معظم موظفي السجون لا يقترفون تلك الانتهاكات.
49- وفي العديد من فحوص الطب الشرعي، كانت عقابيل الإصابات الرضحية على الجسد واضحة وتتطابق مع الادعاءات، لكنها، في جُل الحالات، لم تكن نتيجة تعذيب أو سوء معاملة. بيد أن اتّساق وتماسك روايات العديد من الضحايا ووصفهم، وتطابق الادعاءات مع الآثار الجسدية اللاحقة للرضح، يصدّقان ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة. وكانت أكثر الشهادات ترداداً وأكثرها اتساقاً تتعلق بالسجناء الذين يقضون عقوبات سجن ترتبط بقضايا الإرهاب وأفراد الجماعات الإسلامية، المستهدفين كلهم خاصة، في تلك القضايا. ومما تتسم به تلك الحالات أيضاً أنه لا يحقق في شكاوى السجناء.
50- وقدمت بعض السلطات المعنية بالسجون، نزولاً على طلب المقرر الخاص، معلومات عن تطبيق التدابير العقابية وإجراءاتها. لكن الرقابة على تلك التدابير، لا سيما العقاب بالحبس الانفرادي وآليات الشكوى المنطبقة، تظل غير واضحة. وتشير الشهادات إلى انتشار أسلوب الحبس الانفرادي باعتباره إجراء تأديبياً، وتتراوح مدته من ثلاثة أيام إلى أسابيع عدة (وكثيراً ما يسميه السجناء "الكاشّو" ). وكشفت التحقيقات أن العزل هو الإجراء التأديبي الأول، والوحيد في الغالب، الذي يطبق، دون اللجوء إلى مراحل التأديب الأقل ضرراً والأكثر تدرجاً، مثل الحرمان المؤقت من بعض المزايا.
3- النزلاء المحكوم عليهم بالسجن المؤبّد /بالإعدام
51- أحاط المقرر الخاص علماً بأن إنفاذ عقوبات الإعدام توقف عملياً منذ عام 1993. ورحب بقرارات الحكومة فرض وقف تطبيق عقوبة الإعدام وإعلان نيتها إلغاءها. وأفادت الحكومة بأن الحكم بالإعدام صدر في حق 110 أشخاص حتى آب/أغسطس 2012 (من بينهم امرأتان)، ويقضي 662 سجيناً عقوبة السجن المؤبّد. ويقبع أكثر هؤلاء السجناء في سجن القنيطرة المركزي، الذي زاره المقرر الخاص.
52- ويعاني المحكوم عليهم بالإعدام وبالسجن المؤبّد ظروفاً مادية في السجن شاقة للغاية مقارنة بالسجناء الآخرين. ولاحظ المقرر الخاص أن السجناء يعتمدون عموماً على عائلاتهم للحصول على الغذاء والدواء، وهذان أمران يسببان ضائقة اقتصادية تتضرر منها خاصة عائلات المحكوم عليهم بالسجن المؤبّد أو لمدة طويلة. أضف إلى ذلك أن زيارات العائلات محدودة عملياً نظراً إلى بعد المسافة بين مساكن كثير من العائلات والسجون التي يوجد فيها المحتجزون لمدة طويلة. ويشعر المقرر الخاص بالقلق أيضاً من الظروف الشاقة المفروضة على المحكوم عليهم بالإعدام بسبب حدثٍ وقع منذ سنوات عدة أدى إلى وفاة حارس في سجن القنيطرة المركزي. ولاحظ بالخصوص منع قراءة الكتب والصحف، وممارسة التمارين الرياضية، والتعليم، والعمل وأي نوع من الأنشطة في السجن. ويرى أن العقاب الجماعي مدة طويلة المفروض على كل المحكوم عليهم بالسجن المؤبّد مفرط ويبلغ حد سوء المعاملة الجماعية. وأثناء لقاءات المقرر الخاص بالمحكوم عليهم بالإعدام بانَ له من الاحتجاز إلى أجل غير معلوم والغموض الذي يكتنف إمكانية تطبيق عقوبة الإعدام أن "ظاهرة الحكم بالإعدام" هي في الواقع تهديد خطير لصحة هؤلاء المحتجزين النفسية.
4- الأحداث الجانحون وحماية الأطفال
53- تنص التشريعات الجنائية المغربية المتعلقة بالأحداث على نظام للأحداث يديره نواب عامون وقضاة مدربون تدريباً خاصاً. لكن المقرر الخاص علم بأنه يمكن لأي مدع عام، من الناحية العملية، أن يكون مسؤولاً عن قضية حدث من الأحداث.
54- وتنص المادة 460 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه يجوز لموظف الشرطة القضائية المسؤول عن الأحداث أن يحتجزهم في مكان مخصوص. وفي مركز للشرطة زاره، لم يكن هناك مكان مخصص للأحداث، ولا أفراد شرطة متخصصون في التعاطي مع تلك القضايا. لكن المقرر الخاص لم يتلق، أثناء التفتيش، أي شكوى تتعلق بمعاملة الأحداث.
55- وتشير التقارير إلى أن النيابة العامة قلما تطلب اتخاذ تدابير بديلة للاحتجاز، المنصوص عليها في المواد من 501 إلى 504 من قانون الإجراءات الجنائية. وتشير أيض اً إلى أن الأحداث كثيرا ً ما يظلون قيد الاحتجاز لفترات طويلة قبل إيداعهم في مراكز حماية الطفل.
56- ولاحظ المقرر الخاص، لدى زيارته أحد تلك المراكز، ظروف معيشة لائقة، ومعاملة جيدة عموماً للأحداث، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً. لكن تقارير موثوقة انتهت إلى علمه تحدثت عن العقوبة البدنية (الضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية) على يد موظف محدد. وليس لديه معلومات أخرى عما إذا كانت العقوبة البدنية المبلغ عنها حالة معزولة أم أنها منتشرة في مراكز حماية الطفل. وأثبتت نتائج الفحص الطبي لأحد المحتجزين الأحداث صحة وجود تلك الممارسة. لكن وزارة الشباب والرياضة ذكرت أنها لن تتساهل مع تلك المعاملة وأنها ستحقق في الشكاوى دون تأخير غير مبرر.
5- السجينات
57- تشير التقارير إلى أن إذلال النساء وإهانتهن من الأمور المستشرية أثناء الاحتجاز في مراكز الشرطة وأثناء الفترات التي يقضينها في الإصلاحيات. لكن نسبة تعرضهن للتعذيب أو سوء المعاملة المبلغ عنها أقل بكثير مما يتعرض له المحتجزون من الرجال.
58- وزار المقرر الخاص قسم النساء في سجنين. وأظهرت الزيارة نفس نسبة الاكتظاظ، بل أعلى، مقارنة بأقسام أخرى من السجن، خاصة النقص الواضح في المساحة المخصصة للنساء اللواتي لديهن أطفال؛ لكن أماكن الأطفال كانت مجهزة تجهيزاً جيداً. ومع ذلك لم يتلق أثناء زياراته أي شكوى من معاملة موظفي السجنين وسلوكهم. والظاهر أنها تلبَّى حاجات النساء الأساسية المتعلقة بنظافتهن الشخصية وصحتهن العامة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أطفالهن الذين يعيشون معهن، وهذا مسموح لهم حتى يبلغوا 3 سنوات، وقد تمدد الفترة حتى 5 أعوام.
6- المصحات النفسية
59- يرحب المقرر الخاص بجهود الحكومة لمنع إساءة معاملة المرضى في المصحات النفسية. ويرحب بالخطة الاستراتيجية التي أعدتها وزارة الصحة ومشروع القانون (2012) المعدل للظهير الملكي رقم 1-58-295 المتعلق بحماية الأشخاص في المصحات النفسية، الذي يحظر صراحة جميع أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة في مؤسسات الرعاية الصحية.
60- وتنص المادة 134 من القانون الجنائي على وجوب إيداع من يرتكب جناية أو جنحة نتيجة خلل في قواه العقلية في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية. أما من يرتكب مخالفات بسيطة فيسلّمون إلى سلطة قضائية إذا ثبت أنه لا يتحمل مسؤولية جنائية، الأمر الذي يعفيه من المراقبة الطبية والعلاج اللازم. وتشير التقارير إلى أنه عندما يتقرر إيداع شخص في مصحة نفسية، فإن تنفيذ القرار غالباً ما يستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي يؤدي إلى الإفراط في بقاء المصابين بأمراض نفسية في المصحات.
7- مدينة العيون، بالصحراء الغربية
61- تلقى المقرر الخاص إفادات وشهادات عدة عن الوضع القانوني والسياسي للإقليم، وشكاوى تتعلق بانتهاكات شتى لحقوق الإنسان غير التعذيب وسوء المعاملة. وتلقى أيضاً طلبات عدة لإجراء مقابلات وإفادات خطية عن مسائل من صلاحياته. وتماشياً مع صلاحيات ولايته، لن يتطرق هذا التقرير إلى ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان غير التعذيب أو غيره من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولن يعالج قضايا وضع الصحراء الغربية بوصفها إقليماً لا يحظى بالحكم الذاتي.
62- وفيما يتعلق بالقضايا التي تدخل في نطاق ولايته، لاحظ المقرر الخاص أن التعذيب وسوء المعاملة يُستخدمان وسيلةً لانتزاع الاعترافات، وأن موظفي إنفاذ القانون المغاربة يفرطون في استخدام القوة في حق المحتجين. وتشير الشهادات إلى أن السكان الصحراويين هم تحديداً ضحايا تلك الانتهاكات، وإن لم يكونوا وحدهم من يتعرضون لها.
63- وتلقى المقرر الخاص شكاوى عدة تشير إلى نمط من الإفراط في استخدام القوة عند قمع المظاهرات التي تدعو إلى تقرير مصير السكان الصحراويين. ويُضرَب الموقوفون أثناء نقلهم إلى مراكز الشرطة أو عند وصولهم إليها، ويشتمون، ويجبرون على الإفصاح عن أسماء المحتجين الآخرين. ويعرب المقرر الخاص عن قلقه بشأن الإلقاء بالضحايا في المناطق الريفية بعد المهاجمات. وتشير التقارير إلى أن هذه الممارسات ترمي إلى معاقبة المحتجين وتخويفهم قصد منعهم من دعم المناداة بالاستقلال. ويحدث أن تتسم الاحتجاجات بالعنف أحياناً، ويهاجم المحتجون قوات الأمن. وحتى في تلك الحالات، تتحمل هيئات إنفاذ القانون مسؤولية النظام العام دون الإفراط في العنف. وقد نُظمت مظاهرة من ذلك القبيل أثناء وجود البعثة في مدينة العيون. واندلعت بعض المعارك. ومهما يكن من أمر، فإن قوات مكافحة الشغب تحلت بضبط النفس. وذهب قليل من المتظاهرين إلى المشفى، وتلقوا العلاج، بعد أن مُنعوا منه لأول وهلة، وذلك بعد تدخل فرع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المنطقة، وأفرج عن الجميع دون إصابات خطرة. ويلاحظ المقرر الخاص أنه إذا كانت أساليب حفظ النظام المناسبة طُبقت عندما كان في المدينة، فمن المفترض أنه يمكن للشرطة أن تسلك المسلك نفسه في كل الأحيان، ليس في الصحراء الغربية وحدها، بل في أماكن أخرى.
64- وتشير تقارير أخرى إلى أن قوات الشرطة المغربية تداهم بانتظام المساكن الخاصة لمؤيدي استقلال الصحراء الغربية المزعومين أو المعروفين، وتلجأ، وهي تفعل ذلك، إلى ضرب السكان وإساءة معاملتهم، في جملة أمور.
65- وزار المقرر الخاص سجن العيون، ومشفى مولاي الحسن بن المهدي في العيون، ومركز الدرك في ميناء العيون. وأشار إلى أن قسم النساء في السجن ومصحة الطب النفسي في المشفى، اللذين جرى ترميمهما مؤخراً، ممتازان مقارنة بأقسام السجن الأخرى.
66- وتلقى المقرر الخاص شهادات موثوقة تتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة في سجن العيون، مثل الاغتصاب، والضرب المبرّح، والعزل الذي قد يدوم أسابيع، خاصة السجناء المتهمون بأنشطة مؤيدة للاستقلال. ولاحظ الاكتظاظ الشديد الذي يؤثر سلباً في مستوى النظافة، ونوعية التغذية، والخدمات الصحية، وصحة السجناء العامة. وتلقى أيضاً تقارير عن الحرمان من الرعاية الصحية. وعن الأحداث التي أحاطت بمخيم اكديم ازيك في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، يشعر المقرر الخاص بالقلق لأن 25 مدنياً صحراوياً يحاكمون أمام محكمة عسكرية بسبب دورهم المزعوم في الاشتباكات العنيفة التي جرت في الصحراء الغربية. وتلقى شهادات عن التعذيب وسوء المعاملة، منها الاغتصاب وتدهور الحالة الصحية لبعض المحتجزين بسبب ظروف السجن. وأجِّلت المحاكمة باستمرار دون أن تقدم المحكمة مبررات. وفي 17 شباط/فبراير 2013، أصدرت المحكمة العسكرية حكمها برفض جميع طلبات التحقيق في ادعاءات الاغتصاب التي قدمها المدعى عليهم. ولم تصدر المحكمة حكماً خطياً. ويعرب المقرر الخاص عن قلقه إزاء عدم التحقيق في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز قبل المحاكمة الذي دام زهاء عامين. ويسهم عرض القضية على محكمة عسكرية بدلاً من محكمة مدنية في قلة الشفافية ورفض التحقيق في ادعاءات سوء المعاملة.
67- ولاحظ المقرر الخاص، أثناء زيارته مشفى الطب النفسي في العيون، بالصحراء الغربية، قلة المعدات واللوازم، لكن ظروف عيش المرضى كانت لائقة. وكانت الأدوية متاحة ومخزنة وفق المعايير الدنيا. لكنه لاحظ بقلق أن المشفى لا يعمل فيه إلا طبيب نفسي واحد، مختص ومدرب تدريباً جيداً، لكنه مسؤول عن آلاف الأشخاص، الأمر الذي يُجاوز المعايير المكرسة عالمياً. أضف إلى ذلك نقص الموظفين الطبيين المساعدين.
رابعاً- الاستنتاجات والتوصيات
ألف- الاستنتاجات
68- يرحب المقرر الخاص باعتماد الدستور الجديد في تموز/يوليه 2011، الذي يمثل خطوة مهمة في اتجاه ترسيخ حقوق الإنسان.
69- ويشيد المقرر الخاص بالخطة الاستراتيجية للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان للفترة 2012-2016، ويأمل أن يعزز تنفيذها حظر التعذيب وسوء المعاملة.
70- ويعد إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان تطور اً مؤسسي اً جد إيجابي. وقد يصبح آلية مراقبة فاعلة ووسيط اً بين الدولة ومواطنيها إذا طُبقت توصياته بحسن نية.
71- والأمر الأساس لتطوير ثقافة حقوق الإنسان الناشئة ما بذلته السلطات من جهود، بواسطة هيئ ة الإنصاف والمصالحة، لمعالجة إرث الانتهاكات في "سنوات الرّصاص ". ويرحب المقرر الخاص بالاعتراف بالتعذيب أثناء تلك الفترة، لكنه يأسف لإنكار السلطات العليا استمرار التعذيب.
72- وعندما يتعلق الأمر بأمن الدولة، مثل الإرهاب أو الانتماء إلى حركات إسلامية أو دعم استقلال الصحراء الغربية، لوحظت ممارسة الشرطة التعذيب وسوء المعاملة أثناء التوقيف والاحتجاز، لا سيما، على يد وكلاء إدارة مراقبة التراب الوطني (المخابرات). وقد أرغم كثير من الناس على الاعتراف وأدينوا بالسجن استناد اً إلى تلك الاعترافات. وغالب اً ما تستمر تلك الانتهاكات في حقهم في السجن.
73- وعندما تواجه الشرطة أو غيرها من السلطات أحداث اً في شكل احتجاجات أو تجمعات، يزداد إفراطها في استخدام العنف. وسواء أكانت المظاهرات مرخص اً لها أم لا، يتعين على السلطات أن تمتثل للمعايير الدولية القائمة على مبدأي الضرورة والتناسب في استخدام القوة واحترام الحق في الحياة والسلامة الجسدية.
74- وأعرب المقرر الخاص عن قلقه أيض اً من زيادة العنف المبلغ عنه على أيدي قوات الأمن الممارس على المهاجرين وملتمسي اللجوء، لا سيما في شمال البلاد. ولا تكفي آليات الحماية الوطنية والتحقيقات، ويوجد نقص في المساعدة القانونية والطبية لمن يتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة.
75- و ي عرب المقرر الخاص عن قلقه لأنه رغم الحكم القانوني القاضي بتوفير خدمات المحاماة في الساعات الأربع والعشرين الأولى من التوقيف في الدعاوى الجنائية العادية ، يبدو أنه لا يُلتزم بهذه الفترة كلي اً من الناحية العملية. ويعرب بالخصوص عن قلقه إزاء قانون مكافحة الإرهاب (رقم 03 - 03) الذي ينص على الح بس الاحتياطي لثلاث فترات متلاحقة م كونة من 96 ساعة على أقصى تقدير و لا يُسمح في إبّانها بتوكيل محام، إلا لمدة نصف ساعة، وزيارة تحت الحراسة في من ت صف تلك الفترة.
76- ويلاحظ المقرر الخاص أن نظام القضاء المغربي يعتمد كثير اً على الاعترافات بوصفها أهم دليل لدعم الإدانة، علم اً بأن المادة 293 من قانون الإجراءات الجنائية يحظر قبول أي اعتراف أو تصريح يُنتزع بالإكراه، عمل اً بالقانون الدولي. لكن الشكاوى تشير إلى استخدام موظفي الدولة التعذيب للحصول على أدلة أو اعترافات أثناء المرحلة الأولية من الاستجواب، خاصة في قضايا مكافحة الإرهاب أو الأمن الداخلي.
77- وقُدم إلى المقرر الخاص أمثلة وإحصاءات عن أشخاص بُرّئوا رغم اعترافهم بالجرائم المنسوبة إليهم، لكنه لم يقف على أمثلة ملموسة طبقت فيها المحاكم قاعدة الاستثناء التي يأمر بها القانون الدولي في قضايا التعذيب.
78- ولا يتقيد نظام الطب الشرعي المغربي الراهن بالمعايير الدولية، وهو نظام يخضع المحتجزون بمقتضاه لفحوص طبية شرعية يجريها أطباء غير مدربين خصيص اً على ذلك (أطباء سريريون يعملون "خبراء" لدى المحاكم).
79- ويبدو أن القانون ينص على نظام للشكوى من التعذيب وسوء المعاملة، والتحقيق مع الجناة ومحاكمتهم ومعاقبتهم، باستثناء حالات قليلة جد اً، لكن القانون لا يطبق. وخلص المقرر الخاص إلى أن آليات الشكوى المعمول بها حالي اً ليست فعالة ولا مستقلة. وينبغي قبول ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة في كل مرحلة من مراحل المحاكمة، والمحاكم ملزمة بإجراء تحقيقات، بحكم وظيفتها، حيثما وُجدت أسباب وجيهة تحمل على الاشتباه في ممارسة التعذيب أو سوء المعاملة.
80- ويود المقرر الخاص، من جهة أخرى، أن يعترف بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان وضع آليات لا تفتأ فعاليتها تتزايد لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، مثل التعذيب وسوء المعاملة. وتنطبق هذه الآليات في معظم المناطق، بما فيها الصحراء الغربية؛ وقد وضعت بعد إنشاء فروع إقليمية للمجلس. وينبغي تشجيع تلك الآليات وتحسينها؛ وينبغي للسلطات أن تحترم استنتاجاتها وتنفذ توصياتها. وينبغي، في الوقت نفسه، عدم اعتبارها بدائل لآليات الشكوى المشار إليها في الفقرة أعلاه.
81- ويشكر المقرر الخاص المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج على إحصاءاتها الشاملة التي قدمتها والتي تتعلق بعدد السجناء وإدارة السجون، ومن ذلك مشاريع شتى لتحسين ظروف السَّجن في جميع أنحاء البلاد. لكن زيارة مرافق الاحتجاز بعثت على القلق من استمرار الانزعاج من الظروف السائدة في جل السجون بسبب الاكتظاظ، وسوء المعاملة، والتدابير التأديبية التعسفية، و تردّي الظروف الصحية، وقلة الطعام، وقلة سبل تلقي الرعاية الطبية. ويشير المقرر الخاص بقلق أيضا ً إلى أن سلطات السجون تُغالي في اللجوء إلى الإجراءات التأديبية، مثل الحبس الانفرادي، وأن الإجراءات وآليات الشكوى غير واضحة.
82- ويرحب المقرر الخاص بتمكن المجلس الوطني لحقوق الإنسان من زيارة أي مكان من أماكن الاحتجاز دون عراقيل، وبالتوثيق المتزايد لظروف الاحتجاز. لكنه يعرب عن قلقه من ندرة فرص زيارة المنظمات غير الحكومية أماكن الاحتجاز. أضف إلى ذلك أن استمرار استخدام الحبس الانفرادي في الحالات التي يُتصور فيها تهديد للأمن القومي يطرح تحدي اً على أنشطة الرصد ينبغي الاهتمام به على وجه الاستعجال.
83- ويشعر المقرر الخاص بالقلق من ظروف سجن المحكوم عليهم بالإعدام، التي تبلغ حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
84- وفيما يتعلق بمدينة العيون، بالصحراء الغربية، لاحظ المقرر الخاص ممارسة التعذيب وسوء المعاملة أثناء التوقيف في مراكز الشرطة وفي السجن بالعيون. ولاحظ أيض اً الإفراط في استخدام القوة أثناء المظاهرات المطالبة باستقلال الصحراء الغربية، مثل اختطاف المحتجين المزعومين والإلقاء بهم في الصحراء قصد تخويفهم.
85- واستمع المقرر الخاص أيض اً إلى شهادات تتحدث عن انتهاكات مزعومة ارتكبتها جهات فاعلة غير تابعة للدولة تشجع استقلال الصحراء الغربية. وأعرب عن تعاطفه مع الضحايا، لكنه قال إن تلك الادعاءات خارجة عن نطاق ولايته. وأعرب المقرر الخاص، أخيرا ً ، عن أسفه على مراقبة السلطات ووسائل الإعلام لقاءاته مع المجتمع المدني، وعلى أن آلات التصوير كانت في انتظاره في كل مكان. وفي مدينة العيون، خاصة، أوجد ذلك الوضع مناخا ً أفضى إلى تخويف عدد ممن استجوبهم أثناء زيارته.
باء- التوصيات
86- في ظل التعاون والشراكة، يوصي المقرر الخاص الحكومة، بمساعدة مناسبة من مكونات المجتمع الدولي، بما فيها الأمم المتحدة وغيرها، بأن تتخذ خطوات حاسمة لتنفيذ التوصيات التالية.
87- فيما يتعلق بالتشريعات، يوصي المقرر الخاص حكومة المغرب بما يلي:
(أ) تعديل المادة 231-1 من القانون الجنائي بحيث تشمل تحديد اً تواطؤ موظفي إنفاذ القانون أو غيرهم من الأشخاص الذين يتصرفون بصفة رسمية أو موافقتهم الصريحة أو الضمنية؛
(ب) تعديل المادة 224 من القانون الجنائي بحيث يتوافق تعريف الموظف العمومي مع تعريف موظف الخدمة المدنية أو غيره من الأشخاص الذين يعملون بصفة رسمية، الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
(ج) التأكد من عدم استفادة أي شخص مدان أو محكوم عليه بسبب ارتكابه جريمة التعذيب من أي عفو؛
(د) إدراج حكم محدد في القانون الجنائي ينص على أنه لا يجوز الاحتجاج بصدور أمر من موظف سام أو سلطة عامة لتبرير التعذيب، وتوفير آلية لحماية المرؤوسين الذين يرفضون إطاعة أوامر تعذيب أشخاص محتجزين لديهم؛
( ﻫ ) تعديل قانون مكافحة الإرهاب (03-03) لتقليص مدة الحبس الاحتياطي البالغة 96 يوم اً (والقابلة للتجديد مرتين)؛
(و) مراجعة المادة 290 من قانون الإجراءات الجنائية كي تشمل معايير الاستدلال، التي تحكم الجرائم والتي يُعمل بها أصلا ً ، الجنحَ والمخالفات، بحيث يُتعامل مع جميع بيانات المحاكمات الجنائية التي تعدها الشرطة على أنها دليل واحد في جملة أدلة، دون افتراض صدقها؛
(ز) تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث ينص على أنه متى كان ادعاء بالتعذيب أو سوء المعاملة، كان على الادعاء أن يثبت، دون أي شك معقول، أن كل اعتراف من الاعترافات لم يُنتزع بأساليب غير مشروعة؛
(ح) تعديل المادة 84 من قانون السجون (رقم 23/98) بحيث يخول المديرين الإقليميين سلطة الترخيص لمنظمات المجتمع المدني بزيارة المؤسسة؛ وتعديل المادة 10 من المرسوم التنفيذي للقانون رقم 23/98 بحيث توسع نطاق أنشطة المنظمات غير الحكومية في هذا المجال؛
(ط) تعديل المادة 134 من القانون الجنائي بحيث تنص على إيداع جميع المجرمين المصابين بخلل عقلي في مصحة نفسية، بصرف النظر عن درجة خطورة الجرم.
88- وعن الضمانات والوقاية، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي:
(أ) التأكد من التقيد الصارم بالتسجيل منذ الوهلة الأولى من إلقاء القبض، خاصة في حالات الأمن القومي والمشتبه في ارتكابهم أعمال اً إرهابية؛ والتأكد من المساءلة الجنائية لمديري مراكز الشرطة والمحققين والموظ فين التنفيذيين، بمن فيهم العاملو ن في إدارة مراقبة التراب الوطني (المخابرات)، عن أي احتجاز غير معترف به؛
(ب) التأكد، بواسطة تعديل التشريعات، من أن توكيل المحامين من اختيار المشتبه فيهم مكفول منذ اللحظة الأولى من إلقاء القبض، دون حضور محقق ودون اشتراط إذن من المدعي العام، بما في ذلك قضايا تهديد الأمن القومي والإرهاب. وينبغي منح ذلك الحق قانونا ً ، وتأديب كل موظف يحول دون ذلك؛
(ج) إنهاء ممارسة الحبس الانفرادي والاحتجاز السري، عمل اً بالمادة 23 من الدستور؛
(د) ضمان ألا يكون لبيانات شخص مسلوب الحرية أو اعترافاته، غير تلك المدلى بها بحضور قاض أو بمساعدة محام، أي قوة مقنعة في الإجراءات المتعلقة بذلك الشخص؛
( ﻫ ) التأكد من عدم قبول تقارير الشرطة القضائية المعدة إبّان مرحلة التحقيق في المحاكم حتى يثبت الادعاء صحتها وصلاحيتها القانونية وفقا ً لقانون الإجراءات الجنائية؛
(و) التعجيل بإجراء تحقيقات فورية ونزيهة وشاملة في جميع ادعاءات التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، دون الحاجة إلى شكوى خطية، عمل اً بالمادة 13 من اتفاقية مناهضة التعذيب؛ ووضع إجراءات للتحقيق، بحكم الوظيفة، في أي قضية تعذيب أو سوء معاملة تثار بأي وسيلة من الوسائل، حتى عندما لا يقدم الضحايا شكاوى بالطرق القانونية؛
(ز) إنشاء آلية للتحقيق الجنائي والملاحقة تكون فعالة ومستقلة ولا ترتبط بالهيئة المكلفة بالتحقيق في الدعاوى المقامة على من يدعون أنهم ضحايا وبملاحقتهم؛ وإعمال الحق في الشكوى؛ والتأكد من إتاحة الفرصة أمام المدّعى عليهم الذين يمثلون أولاً أمام الآلية كي يتحدثوا عما يدعونه من تعرضهم للتعذيب أو سوء المعاملة؛
(ح) الاستثمار في الطب النفسي والطب الشرعي، وكذلك في تدريب خبراء الطب الشرعي على تقييم سوء المعاملة والتعذيب، تماشي اً مع المعايير الدولية، مثل بروتوكول اسطنبول؛ وتدعيم قدرات الادعاء والقضاء في مجال الطب الشرعي؛
(ط) التأكد من أن العاملين الطبيين في أماكن الاحتجاز مستقلون تمام اً عن موظفي إنفاذ القانون، ومدربون على بروتوكول اسطنبول؛ والترخيص في الفحوص الطبية المستقلة دون تدخل العاملين في مجال إنفاذ القانون أو المدعين العامين أو حضورهم؛ وضمان تلك الفحوص في الوقت المناسب عند إلقاء القبض أو النقل إلى مكان احتجاز آخر أو عند الطلب؛
(ي) رفع دعاوى قضائية بشأن جميع الحالات التي كشفت عنها هيئة الإنصاف والمصالحة والمتعلقة بانتهاكات "سنوات الرّصاص " (1956-1999)؛
(ك) ضمان تطبيق مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب تطبيق اً تاما ً ، مثل اً على المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، بحيث لا يسلّم الناس إلى أي بلد يحتمل أن يعذبوا فيه؛
(ل) إمداد وزارة الداخلية بكل الدعم اللوجستي والمالي اللازم لتنفيذ مشروع وزير العدل والحريات الداعي إلى تسجيل جميع بيانات الشرطة بالصورة والصوت أثناء التحقيق والاستجواب. وينبغي النظر إلى هذا الأسلوب على أنه يكمل التمثيل القضائي في جميع مراحل الاستجواب؛
(م) إنشاء آليات شكوى مستقلة وفعالة وميسرة في جميع أماكن الاحتجاز بواسطة تركيب خطوط هاتف مباشرة أو صناديق لوضع الشكاوى سراً، وضمان اتصال كل محتجز بالمدعي العام دون عوائق أو مراقبة بناء على الطلب، وعدم الانتقام من الشاكين؛
(ن) اتخاذ تدابير ملموسة لتسريع عملية التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، ثم إنشاء آلية وقاية وطنية فعالة وفق اً للمادة 17 من البروتوكول الاختياري؛ وبدء عملية تشاور يشارك فيها جميع الفاعلين المعنيين بالموضوع، مثل منظمات المجتمع المدني؛
(س) رصد ميزانية لإمداد آلية الوقاية الوطنية بما يكفي من موارد بشرية وغيرها حتى يتسنى لها تفتيش جميع أماكن الاحتجاز بانتظام، وتلقي الشكاوى، ورفع دعاوى ومتابعتها حتى نهايتها؛
(ع) ترسيخ الثقة وتوثيق التعاون بين الدول والمجتمع المدني بحيث تستطيع المنظمات غير الحكومية العمل بمزيد من الفاعلية مع الآليات الوطنية والدولية، والدعوة على أساس حالات موثقة توثيق اً جيدا ً ؛
(ف) تسهيل زيارة منظمات المجتمع المدني الإصلاحيات، وتوطيد الشراكة معها لمساعدتها على أداء دورها في التوعية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، والمساهمة في الارتقاء بمستوى تدريب المشرفين عليها وموظفيها.
89- وعن المظاهرات، يوصي المقرر الخاص الحكومة بأن تتصرف وفق المعايير الدولية، مثل "ال مبادئ ال أساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين "، التي تقوم على مبدأي الضرورة والتناسب المتعلقين بالحق في الحياة والسلامة الجسدية، إضافة إلى منع تعذيب المحتجين أو إساءة معاملتهم، والتحقيق في هاتين الممارستين.
90- وفيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، يوصي المقرر الخاص الحكومة بأن توثق تعاونها مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، ووكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل مفوضية الأمم المتحدة السامية ل شؤون اللاجئين؛ كما يوصيها بما يلي :
(أ) اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث المزيد من أعمال العنف، والتحقيق في التقارير التي تتحدث عن تلك الأعمال في حق المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء من الصحراء الغربية؛
(ب) احترام الحقوق الإنسانية الأساسية للمهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء، وتيسير دخولهم المرافق الصحية وتلقيهم الرعاية الطبية دون خوف من اعتقالهم.
91- أما فيما يتعلق ب الأحداث، ف يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي:
(أ) زيارة مراكز الشرطة بانتظام، مع التركيز خصوص اً على الأحداث الجانحين؛ وعدم حبسهم في سجون عادية وإنما تدعيم هيكلية مراكز حماية الأطفال؛ والتحقيق في جميع شكاوى تعذيبهم أو إساءة معاملتهم، لا سيما الادعاءات المتعلقة بالعقوبة البدنية؛
(ب) تعديل المادة 473 من قانون الإجراءات الجنائية لزيادة العمر الذي يُسمح فيه بسجن الحدث الجانح من 12 إلى 18 عام اً، والتشديد على أن سجن الأحداث الجانحين إجراء استثنائي؛
(ج) توفير خدمات مدعين عامين متخصصين وموظفين في الشرطة القضائية متخصصين في قضايا الجانحين الأحداث.
92- وعن النساء، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي :
(أ) تعزيز حماية السجينات من جميع أشكال العنف الجنساني؛
(ب) تقليص نسبة الاكتظاظ بتنفيذ تدابير بديلة، لا سيما لفائدة النساء والأطفال.
93- وفيما يتعلق بظروف الاحتجاز، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي:
(أ) تقليص نسبة الاكتظاظ تقليص اً شديدا ً ؛
(ب) تخصيص ميزانية كافية لتوفير الرعاية الصحية ، وتحسين نوعية الغذاء، وفصل القُ ص ّر عن البالغين والسجناء الذين لم تصدر بعد في حقهم أحكام عن المدانين؛ وتعزيز وتحسين نظام تطبيق الأحكام الذي يهدف إلى إعادة تأهيل الجناة وإعادة إدماجهم؛ وتوفير فرص تعليمية ومهنية وأنشطة ترفيهية للسجناء؛
(ج) نقل السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وبالسجن المؤبّد إلى مرافق مفتوحة أو شبه مفتوحة؛
(د) فرض المراقبة القضائية على الإصلاحيات؛ وتدعيم سلطات القضاة المكلفين بتنفيذ الأحكام بحيث يستطيعون مراقبة تلك المؤسسات بفعالية، ورصد إنفاذ العقوبات، والتحقيق في صلاحيته؛ وتعزيز حق المتضررين من الإجراءات التأديبية في الاستئناف؛
( ﻫ ) تسهيل الرصد الذي تتولاه اللجان الإقليمية لتحسين الأوضاع في السجون، وإعمال حقوق السجناء، عن طريق الزيارات المنتظمة والفعالة إلى السجون، وتقديم التقارير عن أوضاع السجون والسجناء؛
(و) توفير خدمات طب الأسنان والطب النفسي المناسبة، إضافة إلى التدخلات النفسية، والأخذ بذلك على أنه قاعدة عامة.
94- وعن المصحات النفسية، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي :
(أ) تطبيق أحكام المادتين 3 و4 من المرسوم التنفيذي لقانون السجون (رقم 23/98)، لا سيما ما تعلق بالامتناع عن استخدام العنف في حق السجناء، وحظر الحبس الانفرادي؛
(ب) زيارة النيابة العامة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان المصحات النفسية، عملا ً بالقانون.
95- وعن الإصلاح المؤسسي، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي:
(أ) السعي إلى أن تعلن أعلى السلطات، خاصة المعنية بأنشطة إنفاذ القوانين، بكامل الوضوح أنها لن تتساهل مع ممارسة المرؤوسين التعذيب أو إساءتهم المعاملة، ومساءلة الجناة؛
(ب) إذكاء وعي جميع موظفي إنفاذ القانون بدورهم في منع التعذيب وسوء المعاملة بواسطة التدريب الإلزامي على المعايير الدولية المتعلقة بمنع التعذيب والأحكام المنظمة للتحقيقات في التعذيب وسوء المعاملة وأساليب الاستجواب، واستحداث المزيد من البرامج التدريبية التي ينبغي تقديمها أث ن اء دورات التأهيل المهني للعاملين في مجالي الصحة والقانون بشأن كشف التعذيب والإبلاغ عنه وتوقيه؛
(ج) ا تباع الإدارات المعنية بالصحة في السجون لوزارة الصحة، الأمر الذي يُفترض أن يسهم في تقديم خدمات طبية فائقة الجودة؛
(د) التأكد من جبر ضرر الضحايا وحصولهم على تعويض منصف وكاف، بما في ذلك سُبل رد كامل الاعتبار ما أمكن؛ واستحداث آليات وبرامج، مثل البنى التحتية المناسبة داخل وزارة الصحة، وإعادة تأهيل الضحايا، وتمويل المرافق الطبية والقانونية وغيرها، مثل تلك التي تديرها المنظمات غير الحكومية، التي تقدم خدمات إعادة التأهيل الطبي والنفسي والاجتماعي؛
( ﻫ ) النظر في التمويل الثنائي المباشر لمنظمات المجتمع المدني التي تساعد الضحايا وأسرهم، واستحداث إدارات متخصصة داخل النظام الصحي الوطني. ويُدعى صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب إلى النظر في طلبات المساعدة المقدمة من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال مساعدة ضحايا التعذيب على الحصول على الخدمات الطبية والانتصاف القانوني.
96- ويحث المقرر الخاص الحكومة على أن تمنع بالفعل الأعمال الانتقامية، مثل التخويف، والتدابير التأديبية، وسوء المعاملة، في حق السجناء، وضحايا التعذيب وأفراد أسرهم، والمناضلين وغيرهم ممن تحدثوا إلى المقرر الخاص أثناء زيارته، والتعجيل بالتحقيق في تلك الأعمال ومعاقبة مقترفيها.
97- وفيما يتعلق بمدينة العيون، بالصحراء الغربية، يوصي المقرر الخاص الحكومة بما يلي:
(أ) التحقيق بسرعة في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة أثناء المظاهرات وبعدها وفي سجن العيون؛ ومساءلة الجناة؛ وتعويض الضحايا؛
(ب) إعادة النظر في الولاية القضائية للمحكمة العسكرية في القضايا المدنية في حالة 23 رجل اً صحراوي اً محتجزا ً في "سجن سَلا 1"، ومنع محاكمة محاكم عسكرية مدنيين مبدئيا ً ؛ وإجراء تحقيقات نزيهة وفعالة للتأكد مما حدث حقيقة، وتحديد مسؤولية أفراد الشرطة أو قوات الأمن؛ والتحقيق في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة؛
(ج) استحداث جميع الوسائل الممكنة لتعزيز حماية حقوق الإنسان المعترف بها دولي اً بسبل منها دعوة آليات الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة؛ وتدعيم التعاون مع المجتمع المدني والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؛ وتسهيل حضور المنظمات غير الحكومية الدولية؛
(د) من شأن المنطقة بكاملها أن تستفيد من إنشاء آلية حكومية دولية إقليمية متينة لحقوق الإنسان بوصفها إجراء مهم اً لبناء الثقة قد يساعد على تحسين وضع التقيد بحقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
98- ويطلب المقرر الخاص إلى المجتمع الدولي أن يدعم جهود المغرب الرامية إلى تطبيق التوصيات المذكورة، خاصة إصلاح نظامه القانوني، ووضع إطار للوقاية من التعذيب وسوء المعاملة، وإنشاء آلية وقائية وطنية، وتوفير التدريب المناسب لأفراد الشرطة وموظفي السجون.