الفصل

الصفحة

الخلاصة

أولا - الولاية والأنشطة

ألف - الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

بـــاء - الدورات

جيم - الانتخابات العضوية والحضور

دال - التعهد الرسمي

هــاء - انتخاب أعضاء المكتب

واو - المقرران الخاصان

زاي - المبادئ التوجيهية المنقحة لتقارير الدول الأطراف

حاء - الأفرقة العاملة

طـاء - اجتماع تذكاري بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة والعشرين للعهد

يـــاء - أنشطة الأمم المتحدة الأخرى في مجال حقوق الإنسان

كاف - الاجتماع مع الدول الأخرى

لام - عدم التقيد بمقتضى المادة 4 من العهد

ميم - تعليق عام بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد

نون - الموارد من الموظفين

سين - الدعاية لأعمال اللجنة

عين - الوثائق والمنشورات المتعلقة بأعمال اللجنة

فــاء - الاجتماعات المقبلة للجنة

صاد - اعتماد التقرير

الثاني - أساليب عمل اللجنة بموجب المادة 40 من العهد: التطورات الجديدة

ألف - المقررات الأخيرة بشأن الإجراءات

بـــاء - الملاحظات الختامية

جيم - الصلات بالمعاهدات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان وبالهيئات المنشأة بموجب معاهدات

دال - التعاون مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى

الثالث - تقديم التقارير من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ألف - التقارير المقدمة إلى الأمين العام من آب/أغسطس 2000 إلى تموز/يوليه 2001

بـــاء - التقارير المتأخرة وعدم وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها بموجب المادة 40

الرابع - النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

ترينيداد وتوباغو

الدانمرك

الأرجنتين

غابون

بيرو

فنزويلا

الجمهورية الدومينيكية

أوزبكستان

كرواتيا

الجمهورية العربية السورية

هولندا

الجمهورية التشيكية

موناكو

غواتيمالا

جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية

الخامس - النظر في البلاغات الواردة بموجب البروتوكول الاختياري

ألف - تقدم العمل

بـــاء - تزايد عدد البلاغات المعروضة على اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري

جيم - النهج المتبعة في دراسة البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري

دال - الآراء الفردية

هــاء - استعراض مقررات أعلن فيها قبول بلاغات

واو - القضايا التي نظرت فيها اللجنة

زاي - سبل الانتصاف المطلوبة بموجب آراء اللجنة

السادس - أنشطة المتابعة بموجب البروتوكول الاختياري

المرفقات

الأول - الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفي البروتوكولين الاختياريين والدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد حتى 27 تموز/يوليه 2001

ألف - الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

بـــاء - الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري

جيم - الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري الثاني الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام

دال - الدول التي أصدرت الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 من العهد

الثاني - أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وأعضاء مكتبها، 2000-2001

ألف - أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

بـــاء - أعضاء المكتب

الثالث - ألف - المبادئ التوجيهية الموحدة لتقارير الدول الأطراف التي تقدم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

بـــاء - النظام الداخلي المنقح للجنة المعنية بحقوق الإنسان كما عدل رسميا في الدورة الحادية والسبعين للجنة

الرابع - تقديم تقارير ومعلومات إضافية من جانب الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

الخامس - حالة كل من التقارير التي نظر فيها أثناء الفترة قيد الاستعراض والتقارير التي لا تزال معروضة على اللجنة

السادس - التعليقات العامة التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

التعليق العام رقم 29 [72]

السابع - قائمة بوفود الدول الأطراف التي شاركت في نظر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تقاريرها في الدورات السبعين والحادية والسبعين والثانية والسبعين

الثامن - قائمة الوثائق الصادرة خلال الفترة المستعرضة

التاسع - مقتطفات من مساهمة اللجنة في المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب

العاشر - الآراء التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

1

ألف - البلاغ رقم 547/1993، أبيرانا وآخرون ضد نيوزيلندا (الآراء المعتمدة في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

1

تذييل

23

بـــاء البلاغ رقم 630/1995، مازو ضد الكاميرون (لآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

24

جيم - البلاغ رقم 675/1995، توولا ضد نيوزيلندا (الآراء المعتمدة في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2000، الدورة السبعون)

30

تذييل

45

دال - البلاغ رقم 687/1996، روخاس غارسيا ضد كولومبيا (الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون)

47

تذييل

57

هــاء - البلاغ رقم 727/1996، باراغا ضد كرواتيا (الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون)

59

واو - البلاغ رقم 736/1997، روس ضد كندا (الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

73

تذييل

96

زاي البلاغ رقم 790/1997، شيبان ضد الاتحاد الروسي (الآراء المعتمدة في 24 تموز/ يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

97

حـاء - البلاغ رقم 806/1998، تومسن ضد سنت فنسنت وجزر غرينادين (الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

102

تذييل

112

طـاء - البلاغ رقم 818/1998، سكستوس ضد ترينيداد وتوباغو (الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

124

تذييل

136

يـــاء - البلاغ رقم 819/1998، كافاناخ ضد أيرلندا (الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون)

137

تذييل

155

كاف - البلاغ رقم 821/1998، تشونغوي ضد زامبيا (الآراء المعتمدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

156

لام - البلاغ رقم 833/1998، كارتر ضد فرنسا (الآراء المعتمدة في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

165

ميم - البلاغات أرقام 839/1998 و 840/1998 و 841/1998، مانساراج وآخرون (الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

177

نون - البلاغ رقم 846/1999، نانسن غيلن ضد هولندا (الآراء المعتمدة في 3 نيسان/ أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون)

182

تذييل

190

سين - البلاغ رقم 855/1999، شميتز دي يونغ ضد هولندا (الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

191

عين - البلاغ رقم 857/1999، بلازيك وآخرون ضد الجمهورية التشيكية (الآراء المعتمدة في 12 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

195

ت ذييل

202

فـــاء - البلاغ رقم 858/1999، بوكلي ضد نيوزيلندا (الآراء المعتمدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

203

صاد - البلاغ رقم 869/1999، بيانديونغ وآخرون ضد الفلبين (الآراء المعتمدة في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

211

تذييل

219

قاف - البلاغ رقم 884/1999، إغناتاني ضد لاتفيا (الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

222

راء - البلاغ رقم 930/2000، ويناتا ضد استراليا (الآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

232

تذييل

246

الحادي عشر - قرارات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بإعلان عدم قبول البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

249

ألف - البلاغ رقم 762/1997، جنسن ضد استراليا (القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون)

249

بـــاء - البلاغ رقم 787/1997، غوبين ضد موريشيوس (القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

261

تذييل

266

جيم - البلاغ رقم 791/1997، سينغ ضد نيوزيلندا (القرار المعتمد في 12 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

268

دال - البلاغ رقم 808/1998، روجل ضد ألمانيا (القرار المعتمد في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

285

هــاء - البلاغ رقم 822/1998، فاكومي ضد فرنسا (القرار المعتمد في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

295

واو - البلاغ رقم 831/1998، مايرز ضد فرنسا (القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

301

زاي - البلاغ رقم 832/1998، فالرافنز ضد استراليا (القرار المعتمد في 25 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

307

تذييل

313

حـــاء - البلاغ رقم 834/1998، كيهلر ضد ألمانيا (القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون)

314

طـــاء - البلاغ رقم 866/1999، توريغروسا لافوينتي وآخرون ضد اسبانيا (القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

318

تذييل

325

يـــاء - البلاغ رقم 905/2000، أسنسيو لوبث ضد اسبانيا (القرار المعتمد في 23 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

326

كاف - البلاغ رقم 935/2000، محمود ضد سلوفاكيا (القرار المعتمد في 23 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

330

لام - البلاغ رقم 947/2000، هارت ضد استراليا (القرار المعتمد في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

337

ميــم - البلاغ رقم 948/2000، ديفغان ضد كندا (القرار المعتمد في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2000، الدورة السبعون)

342

نون - البلاغ رقم 949/2000، كيشفجي ضد كندا (القرار المعتمد في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2000، الدورة السبعون)

345

سين - البلاغ رقم 952/2000، بارون وبولمر ضد نيوزيلندا (القرار المعتمد في 22 آذار/ مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون)

349

عين - البلاغ رقم 963/2001، أوبيرغانغ ضد استراليا (القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون)

352

فـــاء - البلاغ رقم 991/2001، السيد نيريمبرغ ضد ألمانيا (القرار المعتمد في 27 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)

356

المرفق العاشر

الآراء التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف- البــلاغ رقـم 547/1993، أبيرانا وآخرون ضــد نيوزيلنـدا

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي آندو، السيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، اللورد كولفيل، السيدة إليزابيث إيفات، السيدة بيلار غيتان دي بومبو، السيد لويس هنكين، السيد إيكارت كلاين، السيد دافيد كريتزمير، السيدة سيسليا مدينا كيروغا، السيد مارتين شاينين، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد رومان ويروزفسكي، السيد ماكسويل يالدن، السيد عبد الله زاخيا.

ويرد في تذييل هذه الوثيقة نص رأي فردي موقع من قبل عضو من أعضاء اللجنة.

(الآراء المعتمدة في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون)*

المقدم من : أبيرانا ماهوئيكا وآخرون (تمثلهم الخدمة القانونية للماوري)

الأشخاص الذين يدعون أنهم ضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ البلاغ : 10 كانون الأول/ديسمبر 1992 (تاريخ الرسالة الأولى)

القرارات السابقة : - القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 91 والذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 14 حزيران/يونيه 1993 (لم يصدر في شكل وثيقة)

-CCPR/C/55/D/547/1993، القرار المتعلق بالقبول والمؤرخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 1995.

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 547/1993 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من قبل أبيرانا ماهوئيكا وآخرين بموجب البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها ، جميع المعلومات الكتابية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم أبيرانا ماهوئيكا و18 فرداً آخر ينتمون إلى الشعب الماوري في نيوزيلندا. ويدعي هؤلاء أنهم ضحايا انتهاكات من قبل نيوزيلندا للمواد 1 و2 و16 و18 و26 و27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محام. وبالنسبة إلى نيوزيلندا بدأ نفاذ العهد في 28 آذار/مارس 1979، وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في 26 آب/أغسطس 1989.

2- في دورتها الخامسة والخمسين نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في قبول البلاغ ورأت أن مقتضيات الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ. غير أن اللجنة أعلنت عدم قبول ادعاءات أصحاب البلاغ المقدمة في إطار المواد 16 و18 و26 لعدم إقامة الدليل، لأغراض القبول، على الادعاء بأن حقوقهم القائمة بموجب هذه المواد قد انتهكت.

3- وعندما أعلنت اللجنة قبول ادعاءات أصحاب البلاغ المتبقية من حيث أنها قد تثير مسائل في إطار المادتين 14(1) و27 مقترنتين بالمادة 1، ذكرت اللجنة أن النظر في جوهر الدعوى وحده يمكّن اللجنة من البت في مسألة صلة المادة 1 بادعاءات أصحاب البلاغ في إطار المادة 27.

4- وفي الرسائل المتعلقة بالقبول علق الطرفان تعليقاً مفصلاً على جوهر الادعاءات المعروضة على اللجنة. وبعد إعلان قبول البلاغ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية لم يعلق عليها أصحاب البلاغ.

الوقائع الأساسية

5-1 يبلغ عدد الشعب الماوري في نيوزيلندا قرابة 000 500 نسمة، ينتمي 70 في المائة منهم إلى إيويّة واحدة أو أكثر من الإيويّات البالغ عددها 81 (1) . وينتمي أصحاب البلاغ إلى سبع إيويات مميزة (اثنتان هما من أكبر الإيويّات وتضمان في مجموعهما أكثر من 000 140 ماوري)، ويدعون أنهم يمثلون هذه الإيويّات. وفي عام 1840، وقع شعب الماوري وسلف حكومة نيوزيلندا، وهو التاج البريطاني، معاهدة وايتانغي التي أكدت حقوق الماوري بما فيها حقهم في تقرير المصير وحقهم في السيطرة على مصائد الأسماك القبلية. وجاء في المادة الثانية من المعاهدة أن التاج يضمن للماوري ما يلي:

“ الحيازة الخالصة والمطلقة كاملة لأراضيهم وغاباتهم ومصائد أسماكهم وغيرها من الممتلكات التي قد تكون في حيازتهم مجتمعين أو فرادى طالما رغبوا في الاحتفاظ بحيازتها ... ” (2) .

لا تنفذ معاهدة وايتانغي في القانون النيوزيلندي إلا بقدر ما يمنحها تشريع برلماني قوة القانون كلياً أو جزئياً. غير أنها تفرض التزامات على التاج ويمكن لهيئة معاهدة وايتانغي أن يحقق في مطالبات تقدم بموجب المعاهدة (3) .

5-2 لم تجر أية محاولة لتحديد نطاق مصائد الأسماك حتى إنشاء نظام إدارة الحصص في الثمانينات. وهذا النظام الذي يشكل الآلية الرئيسية لحفظ موارد مصائد الأسماك في نيوزيلندا وتنظيم الصيد التجاري للسمك في نيوزيلندا يوزع حقوق الملكية الدائمة والقابلة للتحويل في شكل حصص تتعلق بكل نوع من الأنواع التجارية في إطار هذا النظام.

5-3 وقد شهدت صناعة صيد السمك في نيوزيلندا نمواً مثيراً في أوائل الستينات بتوسيع حدود المنطقة الخالصة لمصائد الأسماك إلى تسعة أميال ثم إلى اثني عشر ميلاً. وفي ذلك الوقت، كان بإمكان جميع النيوزيلنديين بمن فيهم الماوري أن يطلبوا ويمنحوا رخصاً للصيد التجاري؛ وكانت أغلبية الصيادين التجاريين من غير الماوري وكان معظم هذه الأغلبية من الصيادين غير المتفرغين. وبحلول أوائل الثمانينات، كانت مصائد الأسماك في المناطق الساحلية مستغلة استغلالاً مفرطاً وفرضت الحكومة وقفاً على إصدار الرخص الجديدة وأخرجت الصيادين غير المتفرغين من هذه الصناعة. وأحدث هذا الإجراء أثراً غير مقصود هو إخراج العديد من الصيادين من أبناء الماوري من الصناعة التجارية. وبما أن الجهود الرامية إلى إدارة مصائد الأسماك التجارية لم تف بالمطلوب فقد عدلت الحكومة في عام 1986 قانون مصائد الأسماك القائم وأنشأت نظام إدارة على أساس الحصص لأغراض الاستخدام والاستغلال التجاريين لمصائد الأسماك في البلد. وينص الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك على ما يلي: "ليس في هذا القانون ما يؤثر على أي حق من حقوق الماوري في صيد الأسماك". وفي عام 1987، قدمت قبائل الماوري طلباً إلى المحكمة العليا في نيوزيلندا تدعي فيه أن تنفيذ نظام الحصص من شأنه أن يؤثر على حقوقها القبلية القائمة بموجب المعاهدة تأثيراً مخالفاً للباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك، وحصلت هذه القبائل على أوامر مؤقتة ضد الحكومة.

5-4 وفي عام 1988، بدأت الحكومة مفاوضات مع الماوري الذين مثلهم أربعة ممثلين. وقد منح ممثلو الماوري ولاية للتفاوض من أجل الحصول على 50 في المائة من جميع مصائد الأسماك التجارية في نيوزيلندا. وفي عام 1989، وافق الماوري، بعد التفاوض وكإجراء مؤقت، على تطبيق قانون عام 1989 لمصائد الأسماك للماوري الذي نص على القيام فوراً بنقل 10 في المائة من جميع الحصص إلى لجنة لمصائد أسماك الماوري تتولى إدارة هذا المورد نيابة عن القبائل. وأتاح ذلك تطبيق نظام الحصص حسب المقرر. ووفقاً لذلك القانون، يمكن للماوري أيضاً أن يطلبوا إدارة مصائد الأسماك في مناطق تتسم عادة بأهمية خاصة لقبيلة أو لفرع من قبيلة سواء كمصدر للغذاء أو لأسباب روحية.

5-5 ورغم أن قانون مصائد أسماك الماوري لعام 1989 كان قد فُهم على أنه ليس إلا تدبيراً مؤقتاً، كانت فرص شراء أية كميات كبيرة من الحصص في السوق فرصاً محدودة. وفي شباط/فبراير 1992، علم الماوري أن شركة سيلوردز، وهي أكبر شركة لصيد الأسماك في أستراليا ونيوزيلندا، يرجح أن تطرح أسهمها على الجمهور للبيع في وقت ما خلال تلك السنة. فاتصل مفاوضو مصائد الأسماك الذين يمثلون الماوري وشركة مصائد أسماك الماوري بالحكومة مقترحين عليها أن تقدم لهم التمويل لشراء شركة سيلوردز كجزء من تسوية لادعاءات تتعلق بمصائد الأسماك بموجب المعاهدة. وفي البداية رفضت الحكومة الاقتراح، ولكنها قررت لاحقاً الدخول في مفاوضات بعد أن صدر في آب/أغسطس 1992 تقرير هيئة وايتانغي عن مصائد الأسماك البحرية لقبيلة نغاي تاهو، هذا التقرير الذي استنتجت الهيئة فيه أن لقبيلة نغاي كاهو، وهي أكبر قبيلة في ساوث آيلند بنيوزيلندا حق تطويري في حصة معقولة من مصائد الأسماك في المياه العميقة. وأدت هذه المفاوضات في 27 آب/أغسطس 1992 إلى التوقيع على مذكرة تفاهم بين الحكومة والمفاوضين عن الماوري.

5-6 وتقضي هذه المذكرة بأن تقدم الحكومة للماوري الأموال المطلوبة لشراء 50 في المائة من أسهم شركة الصيد النيوزيلندية الرئيسية سيلوردز التي تملك 26 في المائة من الحصة التي كانت متوفرة آنئذ. ومقابل ذلك، يسحب الماوري جميع القضايا التي يُنتظر البت فيها ودعم إلغاء الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك وكذلك إلغاء تعديل لقانون معاهدة وايتانغي لعام 1975، وهو تعديل يستبعد من اختصاص هيئة وايتانغي المطالبات المتصلة بصيد الأسماك التجاري. ووافق التاج أيضاً على تخصيص 20 في المائة لشركة مصائد الماوري من الحصة الصادرة للأنواع الجديدة التي تقع في إطار نظام إدارة الحصص، كما وافق التاج على ضمان أن يكون الماوري قادرين على المشاركة في "أية هيئات منشأة بقانون تعنى بسياسات إدارة وتعزيز صيد الأسماك". وإضافة إلى ذلك، وافق التاج، فيما يتعلق بمصائد الأسماك غير التجارية، على منح صلاحية وضع أنظمة بعد التشاور مع الماوري تتضمن اعترافاً وأحكاماً بشأن جمع الغذاء التقليدي وبالعلاقة الخاصة بين الماوري وأماكن جمع الغذاء التقليدية المهمة.

5-7 وطلب المفاوضون عن الماوري تفويضاً من الماوري بالموافقة على الصفقة الموجزة في مذكرة التفاهم. وقد بُحثت مذكرة التفاهم وما تنطوي عليه من آثار في الهوئي (المجلس) الوطني (4) وفي هوِّئيات (جمعيات) 23 ماراي (منطقة مخصصة لممارسة تقاليد الماوري) (5) في جميع أنحاء البلاد. وبيّن المفاوضون عن الماوري في تقريرهم أن 50 إيوّية تضم 681 208 ماورياً أيدت التسوية (6) . وبناء على هذا التقرير، اقتنعت الحكومة بوجود ولاية للموافقة على تسوية، وفي 23 أيلول/سبتمبر 1992 توصلت حكومة نيوزيلندا وممثلو الماوري إلى إبرام صك تسوية. وهذا الصك ينفذ مذكرة التفاهم ولا يتعلق بمصائد الأسماك البحرية فحسب بل أيضاً بجميع مصائد الأسماك في المياه العذبة وفي المياه الداخلية. وعملاً بهذا الصك، تدفع الحكومة إلى قبائل الماوري ما مجموعه 000 000 150 دولار نيوزيلندي لتطوير صناعة صيد السمك لديهم وتمنح الماوري 20 في المائة من الحصة الجديدة للأنواع. ولم تعد حقوق الماوري في الصيد تنفذ من خلال المحاكم وإنما تحكمها أنظمة خاصة بها. وتنص الفقرة 5-1 من الصك على ما يلي:

“ يوافق الماوري على أن سند التسوية هذا والتسوية القائمة على أساسه يلبيان جميع المطالب الحالية والمستقبلية وينهيان ويلغيان جميع حقوق ومصالح صيد السمك التجاري للماوري سواء فيما يتعلق بمصائد الأسماك البحرية أو الساحلية أو الداخلية (بما في ذلك أي جانب تجاري من جوانب حقوق ومصالح صيد السمك التقليدية)، سواء أكانت ناتجة عن تشريع أو قانون عام (بما في ذلك القانون العرفي وحق الشعوب الأصلية) أو معاهدة وايتانغي أو غيرها، وسواء أكانت هذه الحقوق أو المصالح أو لم تكن موضوع توصية أو مقاضاة في المحاكم أو في هيئة وايتانغي ” .

وفيما يلي نص الفقرة 5-2:

“ فيما يتعلق بجميع حقوق ومصالح الماوري في صيد السمك خلاف الحقوق والمصالح في الصيد التجاري، يوافق التاج والماوري على أن وضع تلك الحقوق والمصالح يتغير بحيث لا يعود ينشأ عنها حقوق للماوري أو التزامات على التاج يكون لها أثر قانوني (من شأنه أن يجعل هذه الحقوق والالتزامات قابلة للتنفيذ من خلال إجراءات مدنية أو من خلال الدفاع عنها في إجراءات جنائية أو تنظيمية أو غيرها من الإجراءات). ولن تحصل على اعتراف تشريعي بها. وهذه الحقوق والمصالح لا تلغى بفعل سند التسوية هذا والتسوية القائمة على أساسه. وتظل هذه الحقوق والمصالح تخضع لمبادئ معاهدة وايتانغي وتنشأ عنها عند الاقتضاء التزامات على التاج بموجب المعاهدة. وهذه المسائل يمكن أيضاً أن تكون موضوع طلبات يقدمها الماوري إلى الحكومة أو موضوع مبادرات من الحكومة بالتشاور مع الماوري لوضع سياسات تساعد على الاعتراف بطرق الماوري في الاستعمال والإدارة لدى ممارسة حقوقهم التقليدية ” .

وسجل في السند أن اسم لجنة مصائد أسماك الماوري يغير إلى "لجنة معاهدة وايتانغي لمصائد الأسماك"، كما نص السند على أن تكون هذه اللجنة مسؤولة أمام الماوري وأمام التاج بغية تمكين الماوري من السيطرة سيطرة أفضل على مصائد أسماكهم التي تضمنها معاهدة وايتانغي.

5-8 ووفقاً لأصحاب البلاغ فإن محتويات مذكرة التفاهم لم تُكشف أو تفسر دائماً على نحو كاف للقبائل وفروعها. وبالتالي أثر ذلك جدياً في بعض الحالات في اتخاذ القرار على أساس المعلومات بشأن المقترحات الواردة في مذكرة التفاهم. ويؤكد أصحاب البلاغ أنه فيما أيد بعض أعضاء الهوي صفقة سيلوردز المقترحة، قام عدد كبير من القبائل وفروعها إما بمعارضة الصفقة معارضة تامة أو كانوا مستعدين لدعمها دعماً مشروطاً فقط. ويلاحظ أصحاب البلاغ كذلك أن المفاوضين عن الماوري بذلوا جهوداً لبيان أنه ليست لديهم سلطة تمثيل فرادى القبائل وفروعها ولم يدعوا أن لهم هذه السلطة فيما يتعلق بأي جانب من جوانب صفقة سيلوردز، بما في ذلك إبرام وتوقيع سند التسوية.

5-9 وقع السند 110 موقعين، منهم 8 مفاوضين في موضوع مصائد أسماك الماوري (الممثلون الأربعة والمناوبون عنهم)، واثنان منهم يمثلون منظمات لعموم الماوري (7) ؛ و31 مدعياً في قضايا ضد التاج بشأن حقوق صيد السمك، منهم ممثلو 11 قبيلة؛ و43 موقعاً يمثلون 17 قبيلة؛ و28 موقعاً وقعوا السند في وقت لاحق ويمثلون 9 قبائل. ويلاحظ أصحاب البلاغ أن إحدى الصعوبات في التأكد على وجه الدقة من عدد القبائل التي وقعت على سند التسوية صعوبة تتصل بالتثبت من سلطة التوقيع نيابة عن القبائل، ويدعي أصحاب البلاغ أنه من الواضح أن سلطة التوقيع لم تكن ممنوحة لعدد من الموقعين، أو أن حيازتهم لهذه السلطة كانت موضع شك. ويلاحظ أصحاب البلاغ أن القبائل التي تطالب بموارد رئيسية من موارد مصائد الأسماك التجارية لم تكن من الموقعين.

5-10 في أعقاب التوقيع على سند التسوية أقام أصحاب البلاغ وآخرون دعوى قانونية في المحكمة العليا في نيوزيلندا مطالبين بإصدار أمر مؤقت بمنع الحكومة من تنفيذ السند بتشريع. وحاججوا بجملة أمور من بينها أن إجراءات الحكومة هي بمثابة خرق لقانون حقوق الإنسان لعام 1990 في نيوزيلندا (8) . وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 1992 رفض طلب رفع الدعوى فاستأنف أصحاب البلاغ الدعوى عن طريق تقديم طلب تدخل إلى محكمة الاستئناف. وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 قررت محكمة الاستئناف أنها لا تستطيع منح التعويض المطلوب بحجة أن المحاكم لا تستطيع التدخل في إجراءات برلمانية وبحجة عدم نشوء قضية في إطار قانون حقوق الإنسان في ذلك الوقت.

5-11 وقدمت الدعاوى بعدئذ إلى هيئة وايتانغي التي أصدرت تقريرها في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1992. واستنتج التقرير أن التسوية لم تكن مخالفة للمعاهدة إلا في بعض الجوانب التي يمكن تصحيحها في التشريع المرتقب. وفي هذا الصدد، رأت هيئة وايتانغي أن اقتراح إلغاء و/أو إبطال المصالح القائمة، بموجب المعاهدة، في مصائد الأسماك التجارية وغير التجارية لا يتفق ومعاهدة وايتانغي أو ومسؤوليات الحكومة المالية. وأوصت الهيئة الحكومة بألا يتضمن التشريع حكماً يتعلق بإلغاء المصالح في مصائد الأسماك التجارية وبأن يؤكد التشريع فعلاً تلك المصالح ويعترف بأنها تحققت، وبوجوب أن تخضع الأنظمة والسياسات المتعلقة بمصائد الأسماك للمراجعة في المحاكم في ضوء مبادئ المعاهدة، وبأن تخول المحاكم صلاحية مراعاة التسوية في حالة تقديم دعاوى في المستقبل تؤثر في قوانين تنظيم صيد السمك التجاري.

5-12 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 1992 قدم مشروع قانون تسوية (مطالبات مصائد الأسماك) في إطار معاهدة وايتانغي لعام 1992. وبسبب ضيق الوقت الذي يستغرقه عرض شركة سيلوردز، فإن مشروع القانون لم يحل للاستماع في اللجنة المختارة المختصة، بل قُدم فوراً إلى البرلمان ونوقش فيه. وأصبح مشروع القانون قانوناً في 14 كانون الأول/ديسمبر 1992. وجاء في ديباجة القانون ما يلي:

“ إن تنفيذ السند بواسطة التشريع والعلاقة المستمرة بين التاج والماوري يشكلان تسوية كاملة ونهائية لجميع مطالبات الماوري المتعلقة بحقوق الصيد التجارية ومن شأنهما أن يغيرا وضع حقوق الصيد غير التجاري تغييراً لا تنشأ عنها بموجبه حقوق للماوري أو التزامات على التاج يكون لها أثر قانوني ولكنها تظل خاضعة لمبادئ معاهدة وايتانغي وتنشأ عنها التزامات على التاج بموجب المعاهدة ” .

وينص القانون على جملة أمور منها دفع مبلغ 000 000 150 دولار نيوزيلندي للماوري. وينص القانون أيضاً في بابه 9 على ما يلي: "جميع مطالبات الماوري (الحالية والمستقبلية) بصدد صيد السمك التجاري ... سويت نهائياً بهذا"، ووفقاً لذلك فإن

“ التزامات التاج تجاه الماوري بصدد صيد السمك التجاري هي التزامات باتت بهذا منفذة ومستوفاة ومقضية؛ وليس لأي محكمة أو هيئة اختصاص في التحقيق في صحة هذه المطالبات أو في وجود حقوق ومصالح للماوري في صيد السمك التجاري، أو في تحديد قيمة كمية لهذه الحقوق والمصالح، ... ”

“ تكون بهذا جميع المطالبات (الحالية والمستقبلية التي تتعلق بحقوق ومصالح الماوري أو تستند إليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة في صيد السمك التجاري مسواة ومستوفاة ومقضية على نحو تام ونهائي ” .

وفيما يتعلق بتأثير هذه التسوية في الحقوق والمصالح غير التجارية للماوري في صيد السمك، أُعلن أن هذه الحقوق والمصالح ستظل منشأ لالتزامات تعاهدية على التاج، وأعلن أن أنظمة سوف توضع للاعتراف بالجمع العرفي للغذاء من قبل الماوري وإيراد أحكام في هذا الصدد. أما حقوق أو مصالح الماوري في صيد السمك غير التجاري التي تنشأ عنها هذه المطالبات فلم يعد لها أثر قانوني ووفقاً لذلك لا يمكن إنفاذها بإجراءات مدنية ولا يمكن الدفع بها في أية إجراءات جنائية أو تنظيمية أو غير ذلك من الإجراءات إلا بقدر ما تتضمن الأنظمة أحكاماً بشأن هذه الحقوق أو المصالح. ووفقاً للقانون، غُير اسم لجنة مصائد أسماك الماوري فأصبح لجنة معاهدة وايتانغي لمصائد الأسماك، ووسعت عضويتها فزيد عدد الأعضاء من سبعة أعضاء إلى ثلاثة عشر عضواً. كما وسع نطاق مهامها. وبصفة خاصة، تتولى اللجنة الآن الدور الرئيسي في ضمان مصالح الماوري في مصائد الأسماك التجارية.

5-13 لقد نجح المشروع المشترك لشراء شركة سيلوردز. وبعد التشاور مع الماوري عين أعضاء جدد في لجنة معاهدة وايتانغي لمصائد. ومنذ ذلك الحين، زادت قيمة حصة الماوري في صيد السمك التجاري زيادة سريعة. وفي عام 1996، زاد صافي أصول الشركة فبلغت قيمتها الدفترية 374 مليون دولار. وإضافة إلى حصتها البالغة 50 في المائة في شركة سيلوردز، تسيطر اللجنة الآن أيضاً على شركة مؤانا لمصائد أسماك المحيط الهادئ المحدودة (وهي أكبر شركة صيد سمك داخلي في نيوزيلندا)، وشركة تي واكا هوئيا المحدودة، وشركة المحيط الهادئ للمزارع البحرية المحدودة، وشركة تشاتم للتجهيز المحدودة. وقدمت اللجنة مساعدات ضخمة في شكل تأجير سنوي مخصوم للحصص، وفي شكل منح دراسية تعليمية، ومساعدة للماوري في مساهمتهم في تطوير نظام تقليدي لصيد السمك. وقد وضعت تفاصيل أنظمة صيد السمك التقليدي من قبل التاج بعد التشاور مع الماوري.

الشكوى:

6-1 يدعي أصحاب المطالبة أن قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) يصادر مواردهم في مجال صيد السمك، ويحرمهم من حقهم في تحديد وضعهم السياسي بحرية، ويتدخل في ممارسة حقهم في حرية متابعة تنميتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992 يشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف القائمة بموجب معاهدة وايتانغي. وفي هذا السياق، يدعي أصحاب المطالبة أن حق تقرير المصير بموجب المادة 1 من العهد لا تأثير لـه إلا عندما يكون للشعب مجال للوصول إلى موارده والسيطرة عليها.

6-2 يدعي أصحاب البلاغ إن إجراءات الحكومة تهدد حالياً طريقتهم في الحياة وثقافة قبائلهم على نحو يشكل انتهاكاً للمادة 27 من العهد. ويحاججون بالقول إن صيد السمك هو أحد العناصر الرئيسية في ثقافتهم التقليدية، وإن لهم اليوم مصالح في صيد السمك، ورغبة قوية في إظهار ثقافتهم من خلال صيد السمك إلى أبعد حد ممكن في إطار أراضيهم التقليدية. ويحاججون كذلك بالقول إن ثقافتهم التقليدية تتضمن عناصر تجارية ولا تميز تمييزاً واضحاً بين صيد السمك التجاري وغير التجاري. ويدعون أن التشريع الجديد يلغي حقهم في ممارسة الصيد التقليدي إلا بشكل محدود يحافظ عليه القانون، ويحاججون بالقول إن الجانب التجاري لصيد السمك محرّم عليهم في الوقت الحاضر مقابل نصيب في حصص صيد السمك. وفي هذا الصدد، يشير أصحاب البلاغ إلى آراء اللجنة في البلاغ رقم 167/1984 (أوميناياك ضد كندا) حيث اعترفت اللجنة بأن "الحقوق المحمية بالمادة 27 تتضمن حق الأشخاص كجماعة في المشاركة في أنشطة اقتصادية واجتماعية تشكل جزءاً من ثقافة الجماعة التي ينتمون إليها" (9) .

6-3 ويذكر أصحاب البلاغ أن هيئة وايتانغي قد وجدت أن نظام إدارة الحصص مخالف لمعاهدة وايتانغي لأنه يمنح حيازة خاصة لحقوق الملكية في صيد السمك لغير الماوريين، ويشيرون إلى أن المحكمة العليا ومحكمة الاستئناف في نيوزيلندا قد أصدرتا بضعة قرارات في الفترة بين عامي 1987 و1990 توقف استمرار العمل بنظام إدارة الحصص لأنه "من الممكن المحاججة بوضوح" أن هذا النظام ينتهك على نحو غير مشروع حقوق الماوري في صيد السمك التي يحميها الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك لعام 1983. وبسن قانون معاهدة وايتانغي في عام 1992 لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك)، أصبح نظام إدارة الحصص سارياً لجميع الأغراض. ويذكر أصحاب البلاغ أنه بإلغاء الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك لعام 1983 لم تعد حقوق الماوري في صيد السمك محمية.

6-4 ويزعم بعض أصحاب البلاغ أنه لم توقع باسم قبائلهم أو فروعها أية إعلانات وقف للدعاوى بصدد مطالبات مصائد الأسماك التي كانت تنتظر البت فيها في المحاكم، ويزعم هؤلاء أن هذه الإجراءات كانت قد أوقفت دون موافقة قبائلهم أو فروعها وذلك بموجب الباب 11(2) (زاي) ‘1‘ من قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992. ويقولون إن ذلك يشكل انتهاكاً لحقهم القائم بموجب المادة 14(1) من العهد، وهو الحق في اللجوء إلى المحاكم لتحديد حقوقهم والتزاماتهم من خلال دعوى أمام هذه المحاكم. وفي هذا السياق، يحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن من الواضح أن حقوق الماوري في صيد السمك هي "حقوق والتزامات موضع دعوى قانونية" بحسب مفهوم المادة 14(1) من العهد لأنها حقوق والتزامات في مجال الملكية. وقبل سن قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) في عام 1992، رفع الماوري دعاوى عديدة في المحاكم في موضوع صيد السمك. ويحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن المادة 14(1) من العهد تضمن لهم ولقبائلهم أو فروعها الحق في أن تبت في هذه المنازعات هيئة تمتثل لجميع مقتضيات المادة 14. وفي هذا السياق، يحاجج بالقول إنه بالرغم من أنه لا يزال من الممكن أن تنظر هيئة وايتانغي في حقوق أو مصالح تقليدية تعود للسكان الأصليين في ضوء مبادئ معاهدة وايتانغي، إلا أن صلاحيات هذه الهيئة لا تزال في باب التوصيات فقط.

6-5 ويحاجج أصحاب البلاغ بالقول إنه قبل سن قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) في عام 1992 كان لهم الحق في اللجوء إلى محكمة أو هيئة بالاستناد إلى الباب 88 من قانون مصائد الأسماك لحماية قانونهم العام وتحديد طابعه ونطاقه وإنفاذه وكذلك حقوقهم أو مصالحهم في صيد السمك القائمة بموجب معاهدة وايتانغي. وإلغاء هذا الباب بقانون عام 1992 يشكل مساساً وانتقاصاً من حقهم في جلسة استماع نزيهة وعامة بشأن حقوقهم والتزاماتهم في إطار دعوى قانونية تضمنها المادة 14(1) من العهد لأنه لم يعد يوجد أي إطار قانوني يمكن فيه التقاضي بشأن هذه الحقوق أو المصالح.

ملاحظات الدولة الطرف

7-1 فيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ بموجب المادة 27، تقر الدولة الطرف بأن تمتع الماوري بثقافتهم يشمل الحق في الاشتغال في أنشطة صيد السمك وتقر بأن عليها التزامات إيجابية لضمان الاعتراف بهذه الحقوق. وتحاجج بأن قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك قد حققت ذلك. ووفقاً للدولة الطرف، فإن الحق في العوائد من خلال نظام الحصص ومشاركة الماوري في صفقة شركة سيلوردز يشكلان التجسيد الحديث لمطالبات الماوري في مجال صيد السمك التجاري. ونتيجة قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك هي أن الماوري الذين يشكلون قرابة 15 في المائة من سكان نيوزيلندا باتوا الآن يسيطرون سيطرة فعلية على أكبر أسطول لصيد الأسماك في المياه العميقة في نيوزيلندا، وعلى أكثر من 40 في المائة من حصة نيوزيلندا من صيد السمك. وقانون التسوية هذا هو الأداة التي ضمنت مشاركة الماوري في صناعة صيد السمك التجاري بشروط يحددها الماوري في شركة يمارس فيها الماوري سيطرة فعلية من خلال ملكيتهم للأسهم وممثليهم في مجلس الإدارة. ووفقاً للدولة الطرف، جعل قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك الماوري في وضع غير مسبوق يستطيعون فيه توسيع نطاق وجودهم في السوق من خلال الحصول على مزيد من الحصص والأصول في صيد السمك، وكذلك من خلال التنويع في الصيد والتجهيز والتسويق على الصعيد الدولي. وهذا سبيل تسير فيه بصورة متزايدة لجنة معاهدة وايتانغي لمصائد الأسماك وشركاؤها وقبائل فرادى. ويوفر قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك أيضاً الحماية على نحو محدد لحقوق الماوري في صيد السمك غير التجاري، ووضعت أنظمة قانونية تتضمن أحكاماً تتعلق بجمع الغذاء التقليدي وتضمن الاعتراف بالعلاقة الخاصة بين الماوري والأماكن الهامة لجمع الغذاء التقليدي.

7-2 وإضافة إلى ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن حقوق الأقليات الواردة في المادة 27 ليست بدون حدود. فيجوز أن تخضع هذه الحقوق لأنظمة وقيود أو حدود أخرى معقولة شريطة وجود مبرر معقول وموضوعي لهذه التدابير وشريطة أن تكون متفقة مع أحكام العهد الأخرى ولا تكون بمثابة إنكار لتلك الحقوق. وفي حالة قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك كان على الدولة الطرف عدد من الالتزامات الهامة التي يتعين عليها التوفيق بينها. فقد كان من الضروري الموازنة بين هموم معارضين فرادى وبين التزاماتها إزاء الماوري ككل لضمان التوصل إلى حل للمطالبات المتعلقة بمصائد الأسماك وضرورة وضع تدابير تضمن استدامة هذا المورد.

7-3 وإضافة إلى ذلك، تؤكد الدولة الطرف أنه من الواضح في مذكرة التفاهم وجود فهم مشترك بين الحكومة والمفاوضين عن الماوري بشأن مصائد الأسماك وهو أن التسوية مشروطة بوجود إثبات لولايتهم في التفاوض باسم جميع الماوري. ورهناً بهذا الإثبات، جاء في نص الاقتراح أن شراء شركة سيلوردز يؤدي إلى تسوية جميع حقوق ومصالح الماوري في مصائد الأسماك التجارية في نيوزيلندا، وأن التسوية تشمل سن تشريع يلغي الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك لعام 1983 وجميع التشريعات الأخرى التي تجيز جميع حقوق ومصالح الماوري في مصائد الأسماك، ووقف جميع الدعاوى التي تطالب بحقوقٍ أو مصالح للماوري في صيد السمك التجاري، وتبني الماوري لنظام إدارة الحصص. وتشير الدولة الطرف إلى قرار محكمة الاستئناف في قضية تي رونانغا أو هواريكاوري ريكوهو ضد المدعي العام ، وهو القرار الذي رأت المحكمة فيه أن الاقتراح الذي تم التفاوض عليه بين الحكومة والمفاوضين بشأن مصائد الأسماك للماوري هو اقتراح يتمشى وواجب الحكومة القائم وفقاً لمعاهدة وايتانغي، وأن عدم اغتنام فرصة شراء شركة سيلوردز يكون مخالفاً لذلك الواجب. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى آراء مماثلة أعربت عنها هيئة معاهدة وايتانغي.

7-4 وفيما يتعلق بقول أصحاب البلاغ إن التسوية لم تلق إلا تأييداً محدوداً من الماوري، تشير الدولة الطرف إلى عملية التشاور التي أجراها المفاوضون عن الماوري في أعقاب التوقيع بالأحرف الأولى على مذكرة التفاهم، هذه المشاورات التي على أساسها استنتج المفاوضون عن الماوري ثم التاج وجود ولاية كافية للتفاوض على سند التسوية وتنفيذه. وتشير الدولة الطرف إلى رأي هيئة معاهدة وايتانغي الذي يفيد بأن تقرير المفاوضين عن الماوري يعطي انطباعاً يفيد بوجود ولاية فعلاً للتسوية، شريطة ألا ينتقص من المعاهدة نفسها، وترى أنه في ضوء ذلك التقرير يكون من المعقول أن يعتقد التاج بوجود مبرر لإبرام تلك التسوية. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى رأي هيئة معاهدة وايتانغي "بوجوب استمرار التسوية رغم المساومة الحتمية على الرانغتيراتانغا (10) المستقلة للمعترضين على التسوية ... . إذن، بالاستناد على أن التسوية ترمي إلى الأخذ بسياسة وطنية جديدة لمنفعة القبائل، وإلى استكمال الحقوق بدلاً من إلغائها، وإلى حماية الموقف التقليدي، نرى أن هذه التسوية يمكن تناولها لا على مستوى الإيوية فحسب بل أيضاً على مستوى عموم الإيوّيات حيث لا تكون الموافقة الفعلية من قِبل كل إيويّة شرطاً مسبقاً، وأنه يمكن الاعتماد على توافق عام في الآراء". وتؤكد الدولة الطرف أن مسؤولية إقناع الحكومة بأن الاقتراح لقي دعم الماوري هي مسؤولية المفاوضين، كما تؤكد الحكومة أن عملية اتخاذ القرار داخل الماوري ليست مسألة تعني الحكومة مباشرة فهي لها الحق في أن تعتمد على تقرير المفاوضين. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى قرار اللجنة في قضية الزعيم الأكبر دونالد مارشال وآخرون ضد كندا (11) وهو القرار الذي رفضت فيه اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ادعاء أن لجميع الفئات القبلية حق في المشاركة في المشاورات التي تتعلق بمسائل السكان الأصليين.

7-5 أما فيما يتعلق بانتقاد أصحاب البلاغ لنظام إدارة الحصص، فإن الدولة الطرف تقول إنها أخذت بهذا النظام بدافع الحاجة إلى تدابير فعالة للمحافظة على مصائد الأسماك الساحلية النضيبة. وفي هذا السياق، تحاجج الدولة الطرف بأن من واجبها إزاء جميع النيوزيلنديين المحافظة على الموارد وإدارتها من أجل الأجيال القادمة. وتشير الدولة الطرف إلى أن قرارات هيئة معاهدة وايتانغي ومحكمة الاستئناف، رغم انتقادها للتنفيذ الأولي لنظام إدارة الحصص، سلمت بأن الغرض والقصد من هذا النظام لا يتعارضان بالضرورة مع مبادئ وشروط معاهدة وايتانغي. وتؤكد الدولة الطرف أنه فيما فرض نظام إدارة الحصص نظاماً جديداً غير طبيعة مصالح الماوري في صيد السمك التجاري استند هذا النظام الجديد إلى المقتضيات المعقولة والموضوعية للإدارة المستدامة عموماً.

7-6 وفيما يتعلق بقول اللجنة في إعلان قبول البلاغ أنها لن تتمكن من تحديد صلة المادة 1 بادعاءات أصحاب البلاغ المقدمة بموجب المادة 27 إلا عند تحديد الأساس الموضوعي للقضية، فإن الدولة الطرف تحاجج بأنها ستكون قلقة بالغ القلق إذا ما خرجت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عن الموقف الذي اتخذته الدول الأطراف في العهد واللجنة ذاتها وهو أنه ليس من اختصاص اللجنة النظر في ادعاءات تتعلق بالحقوق الواردة في المادة 1. فهذه الحقوق معترف بها منذ أمد بعيد كحقوق جماعية. وبالتالي فهي تقع خارج نطاق ولاية اللجنة التي تعنى بالنظر في شكاوى الأفراد، ولا تقع في إطار إجراءات البروتوكول الاختياري في حالة أفراد يدعون أنهم يمثلون الماوري لإثارة موضوع انتهاكات مزعومة للحقوق الجماعية المذكورة في المادة 1. وتحاجج الدولة الطرف كذلك بالقول إن الحقوق الواردة في المادة 1 تتعلق بمجموع "شعوب" الدولة وليس بأقليات، سواء أكانت أصلية أم لا، موجودة في حدود دولة ديمقراطية مستقلة. وإضافة إلى ذلك، تعترض الدولة الطرف على صلاحية أصحاب البلاغ في الكلام باسم أغلبية أفراد قبائلهم.

7-7 فيما يتعلق بزعم أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك للمادة 14(1) من العهد، تحاجج الدولة الطرف بأن شكوى أصحاب البلاغ تقوم أساساً على فهم خاطئ وتشكل محاولة لإدخال معنى على المادة لا يتفق وصيغة المادة ولم يكن مقصوداً بها عند صياغة العهد. ووفقاً للدولة الطرف، فإن المادة 14 لا تمنح حقاً عاماً باللجوء إلى المحاكم في حالة عدم وجود حقوق واختصاص معترف بهما في القانون. وبدلاً من ذلك، فإن المادة 14 تنص على معايير إجرائية ينبغي الأخذ بها لضمان الإدارة المناسبة للقضاء. ومقتضيات المادة 14 لا تنشأ في فراغ. وتحاجج الدولة الطرف بالقول إن مستهل المادة يبيّن بوضوح أن ضمان تلك المعايير الإجرائية لا ينشأ إلا عندما يتوقع اللجوء إلى إجراءات جنائية أو مدنية؛ أي عندما يوجد داع قانوني لرفع دعوى في محكمة مختصة. أما الموقف الذي يطرحه أصحاب البلاغ فمن شأنه أن يؤدي إلى استنتاج مفاده أن السلطة التشريعية للدولة لا يمكنها أن تحدد اختصاص محاكمها وأن اللجنة تتخذ قرارات أساسية بشأن المقاضاة على أساس هذه الحقوق في النظم القانونية المحلية، وفي هذا تجاوز كبير للضمانات الواردة في العهد.

7-8 وتضيف الدولة الطرف القول إن شكوى أصحاب البلاغ تسعى إلى إلقاء ظلال الغموض على العنصر الرئيسي في قانون التسوية لعام 1992. وترى الدولة الطرف أن محاججة أصحاب البلاغ بأن هذه التسوية ألغت حقاً في اللجوء إلى المحاكم بشأن مطالبات قائمة قبل التسوية هي محاججة تتجاهل تسوية قانون التسوية لتلك المطالبات بتحويلها إلى حق مضمون في المشاركة في مصائد الأسماك التجارية. وبما أن تلك المطالبات قد سوّيت فإنه لا يمكن حكماً أن يبقى حق في اللجوء إلى المحاكم سعياً إلى توسيع نطاق ذلك الحق. غير أن الدولة الطرف تبين أنه فيما لا يمكن بعد الآن رفع دعاوى بشأن أي مطالبة من المطالبات السابقة للتسوية إلا أن قضايا مصائد الأسماك للماوري لا تزال تقع ضمن اختصاص المحاكم. وأما القرارات التي تتخذها لجنة معاهدة وايتانغي لمصائد الأسماك بشأن توزيع منافع التسوية فتخضع للمراجعة في المحاكم بالطريقة ذاتها التي تخضع بها لهذه المراجعة قرارات أية هيئة أخرى منشأة بقانون. وكذلك فإن الأنظمة المتعلقة بحقوق صيد السمك التقليدي والقرارات المتخذة بموجب هذه الأنظمة تخضع للمراجعة في المحاكم وفي هيئة معاهدة وايتانغي. واللجوء إلى المحاكم لا يزال متاحاً كما يتبين على نحو قاطع من الدعاوى حديثة العهد في محاكم نيوزيلندا، بما في ذلك الدعوى القائمة في محكمة الاستئناف بشأن مدى تمتع الماوري الحضريين غير المنتمين إلى منظمات إيوية بالحق في الاستفادة من قانون التسوية وبشأن توزيع مقترح لمنافع قانون التسوية. وإضافة إلى ذلك، يتمتع الماوري المشتغلون في أنشطة صيد السمك بالحقوق ذاتها تماماً التي يتمتع بها أي نيوزيلندي آخر في اللجوء إلى المحكمة للاعتراض على قرارات الحكومة التي تؤثر على تلك الحقوق أو لطلب الحماية لتلك الحقوق من انتهاك الغير لها.

7-9 وفي الختام تؤكد الدولة الطرف أن قانون تسوية مصائد الأسماك لم يشكل انتهاكاً لحقوق أصحاب البلاغ أو حقوق أي ماوري آخر في إطار العهد. بل على العكس من ذلك، تحاجج الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار قانون التسوية إنجازاً من الإنجازات الإيجابية إلى أبعد حد في السنوات الأخيرة من حيث ضمان الاعتراف بحقوق الماوري وفقاً لمبادئ معاهدة وايتانغي. وتذكر الدولة الطرف أنها ملتزمة بحل وتسوية تظلمات الماوري بطريقة مشرفة ومنصفة. وتسلم بأن هذا النوع من التسوية الذي يتطلب قدراً من المساومة والتساهل من الجانبين لا يرجّح أن يلقى دعماً إجماعياً من الماوري. وفي هذا السياق، تذكر أن قانون التسوية لم يحصل على تأييد إجماعي من غير الماوريين في نيوزيلندا. وقد تبين فعلاً من ردود الفعل العامة في حينه أن نسبة كبيرة من غير الماوريين في نيوزيلندا كانوا معارضين للتسوية ولم يقبلوا بمنح الماوري حقوقاً متميزة في مصائد الأسماك النيوزيلندية. غير أن الدولة الطرف علقت بالقول إنه ليس بوسعها أن تقبل الشلل بسبب عدم وجود توافق في الآراء، مضيفة إلى ذلك قولها إنها لن تستخدم عدم موافقة بعض المعارضين من الماوريين أو غير الماوريين كمبرر لعدم اتخاذ إجراء إيجابي لمعالجة تظلمات الماوري حيث يلقى هذا الإجراء دعماً واضحاً من أغلبية الماوريين المعنيين. ولذلك تحاجج الدولة الطرف بوجوب رفض اللجنة لشكاوى أصحاب البلاغ.

تعليقات أصحاب البلاغ على رد الدولة الطرف:

8-1 يحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن المادة 27 من العهد تقتضي قيام حكومة نيوزيلندا بتقديم أدلة مقنعة ومتينة تثبت ضرورة وتناسب تدخلاتها المتعلقة بحقوق وحريات أصحاب البلاغ وقبائلهم أو فروعها على النحو الذي تضمنه المادة 27. ويحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن الدولة الطرف لم تقدم أية أسباب تفسر أو أية أدلة عملية تثبت أن الأبواب 9 و10 و11 و33 و34 و37 و40 من قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992 "معقولة أو ضرورية" لبلوغ الأهداف التي تضمن الإدارة المناسبة لمصائد الأسماك، بما في ذلك الوفاء بالالتزامات الدولية بحفظ وإدارة الموارد الحية البحرية. ويحاجج أصحاب البلاغ أيضاً بأنه "إذا كانت حكومة نيوزيلندا ترغب في أن تدعي لنفسها سلطة تنظيم مصائد أسماك الماوري دون موافقة أصحاب البلاغ وقبائلهم أو فروعها المعترف لهم بالرانغتيراتنغا والسلطة على مصائد الأسماك تلك ومصالح ملكيتهم فيها بموجب معاهدة وايتانغي، فإن المادة 27 من العهد تقتضي قيام حكومة نيوزيلندا بتقديم أدلة مقنعة ومتينة تثبت ضرورة وتناسب تدخلاتها في حقوق وحريات أصحاب البلاغ وقبائلهم أو فروعها، هذه الحقوق والحريات التي تضمنها المادة 27". ويحاجج أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تقدم أية أدلة من هذا النوع.

8-2 وإضافة إلى ذلك، يحاجج أصحاب البلاغ بالقول إن المادة 27 من العهد تقتضي قيام الدولة الطرف باتخاذ خطوات إيجابية لمساعدة الماوري في التمتع بثقافتهم. ويحاججون بالقول إن الدولة الطرف كانت أبعد ما تكون عن هذا الجانب من جوانب التزاماتها القائمة بموجب المادة 27 من العهد إذ تدخلت تدخلاً خطيراً، بسنها قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992، في تمتع أصحاب البلاغ وقبائلهم أو فروعها بحقوقهم أو حرياتهم القائمة بموجب المادة 27. ويحاجج أصحاب البلاغ أيضاً بالقول إن المادة 27 من العهد تقتضي قيام حكومة نيوزيلندا بتنفيذ معاهدة وايتانغي. ويؤكد أصحاب البلاغ أن صيد السمك يعتبر جانباً أساسياً من جوانب ثقافة الماوري ودينهم. وكتعبير عن هذه العلاقة الوثيقة يشيرون إلى النص التالي في تقرير موريهوينوا عن صيد السمك الذي وضعته هيئة معاهدة وايتانغي (12) .

“ إن فهم مغزى كلمات رئيسية في المعاهدة مثل "تاونغا" و"تينو رانغتيراتانغا" يوجب النظر في كل واحدة منها في سياق القيم الثقافية الماورية. ففي المصطلح الماوري تقابل كلمة "تاونغا" فيما يتعلق بمصائد الأسماك كلمة مورد، ومصدر غذاء، ومهنة، ومصدر سلع لتبادل الهدايا، وهي جزء من علاقة مركبة بين الماوري والأراضي والمياه التي ورثوها عن أجدادهم. وتتضمن تاونغا مصائد الأسماك نظرة تعود إلى الماضي على مدى ألف سنة من التاريخ والأساطير، وتنطوي على المغزى الأسطوري للآلهة والتاينهوا، وللتيبونا والكايتياكي. وتدوم التاونغا من خلال التقلبات في شغل المناطق القبلية وحيازة الموارد طوال فترات زمنية، وتندمج كلها في واحد هو كل الأرض والمياه والسماء والحيوان والنبات والكون نفسه، جسم كلي يشمل العناصر الحية وغير الحية.

وتقتضي هذه التاونغا ممارسات محددة في مجال الموارد والصحة وصيد السمك وحساً بالوصاية الموروثة على الموارد. وعندما يساء استخدام أراضي الأجداد ومصائد الأسماك المجاورة لها من خلال الإفراط في الاستغلال أو بسبب التلوث، تهان التانغاتاهونوا وقيمها. ويشعر بهذه الإهانة الكايتياكي (الأوصياء) في الوقت الحاضر لا كإهانة لهم فحسب ولكن لتيبوناهم في الماضي.

وتاونغا الماوري في مجال مصائد الأسماك له عمق وسعة يتجاوزان المسائل الكمية والمادية لحجم المصيد والإيرادات النقدية. التاونغا تنطوي على إحساس عميق بحفظ البيئة ومسؤولية إزاء المستقبل يؤثران في طريقة تفكيرهم ومواقفهم وسلوكهم إزاء مصائد الأسماك.

وتنطوي توانغا مصائد الأسماك على صلات بين الفرد والقبيلة، وبين السمك ومواقع صيده لا بمعنى صلات الملكية أو "الانتماء" فحسب بل أيضاً بمعنى الصلات الشخصية أو القبلية من حيث الهوية، والدم والنسب، وبمعنى الروح. وهذا يعني أن "إيذاء" البيئة أو مصائد الأسماك يمكن أن يولد إحساساً شخصياً لدى الماوري أو قبيلته بذلك الأذى الذي قد لا يقتصر على الكيان المادي فحسب بل يصيب أيضاً المكانة والعواطف والمانا.

وتاونغا مصائد الأسماك كغيرها من أنواع التاونغا تعتبر مظهراً لتصور ماوري مادي - روحي معقد للحياة وقوى الحياة. وتنطوي التاونغا على منافع اقتصادية ولكنها تمنح أيضاً هوية شخصية وتمثل رمزاً للاستقرار الاجتماعي ومصدراً للقوة العاطفية والروحية.

وهذه النظرة توفر المايوي (الحياة - القوة) التي تضمن استمرار بقاء الإيوية الماورية. ومصائد أسماك الماوري، التي لا تقتصر على نظرة مادية ضيقة إلى مصائد الأسماك، تشمل السمك ومواقع صيد السمك وطرق صيده وبيع هذه الموارد لقاء كسب نقدي؛ ولكن مصائد أسماك الماوري تشمل أيضاً أبعاداً أعمق من ذلك كثيراً في العقل الماوري ” .

8-3 وفي هذا السياق، يشير أصحاب البلاغ إلى التعليق العام الذي أبدته اللجنة على المادة 27 ويحاججون بأن المادة 27 من العهد تحمي على نحو واضح تمتع الماوري بحقوقهم في صيد السمك. ويعترضون على موقف الدولة الطرف القائل إن حق الماوري في القيام بأنشطة في مصائد الأسماك "مضمون" بأحكام قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992 وقانون مصائد أسماك الماوري لعام 1989. بل إن أصحاب البلاغ يزعمون أن هذه الحقوق قد أُسقطت و/أو أُلغيت فعلياً وأن المنافع المقدمة للماوري في إطار هذا التشريع لا تشكل وفاء مشروعاً لهذا الحق. ويحاججون بالقول إن قانون التسوية يفرض تقسيماً مصطنعاً لحقوقهم أو مصالحهم في الصيد في مصائد أسماكهم دون اعتبار للطابع المقدس للعلاقة (الشخصية والقبلية) القائمة بين أصحاب البلاغ وبين مصائد أسماكهم؛ بل إن قانون التسوية يقلل فعلياً من قدرة أصحاب البلاغ وقبائلهم أو فروعها على حماية مصائد أسماكهم للأجيال المقبلة؛ ويسقط و/أو يلغي فعلياً قانونهم العام وحقوقهم أو مصالحهم القائمة بموجب معاهدة وايتانغي؛ ويؤثر على قدرتهم على حصاد وإدارة مصائد أسماكهم وفقاً لعاداتهم وتقاليدهم الثقافية والدينية. ويفرض نظاماً ينقل السلطة التنظيمية لمصائد أسماك الماوري إلى المدير العام لمصائد الأسماك.

8-4 ويحاجج أصحاب البلاغ أيضاً بأن هيئة معاهدة وايتانغي قد عبرت بوضوح عن الرأي القائل إن مقبولية أي "مساومة حتمية بشأن الرانغتيراتانغا المستقلة للمعترضين" تفترض تعديل حكومة نيوزيلندا للتشريع التنفيذي في هذا الصدد وفقاً لتوصيات هيئة معاهدة وايتانغي. ويحاجج أصحاب البلاغ كذلك بالقول إن دعواهم تختلف عن دعوى الزعيم الأكبر دونالد مارشال وآخرون ضد كندا لأن دعوى الزعيم الأكبر لا تتعلق بضرورة الحصول على موافقة جماعة الأقلية على إسقاط و/أو إلغاء حقوقها في الملكية وحرمانها من اللجوء إلى المحاكم لإعمال تلك الحقوق.

8-5 وفيما يتعلق بوقف الإجراءات القانونية في المحكمة، يحاجج خمسة من أصحاب البلاغ بأن إعلانات وقف الإجراءات القانونية الموقعة نيابة عن قبيلتهم لم يوقعها أولئك الذين لديهم صلاحية التوقيع. ويقول خمسة آخرون من أصحاب البلاغ إنه لم يوقَّع أي إعلان وقف للإجراءات القانونية من قِبل قبائلهم.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الأطراف وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن البروتوكول الاختياري ينص على إجراء يستطيع الأفراد بموجبه الادعاء بانتهاك حقوقهم الفردية. وهذه الحقوق مبينة في الجزء الثالث من العهد في المواد من 6 إلى غاية 27 (13) . وكما يتبين من الفقه القانوني للجنة لا يوجد اعتراض على قيام مجموعة من الأفراد، الذين يدعون أنهم تأثروا بالانتهاك مجتمعين، بتقديم بلاغ بشأن انتهاكات مزعومة لهذه الحقوق. وإضافة إلى ذلك، قد تكون أحكام المادة 1 مهمة في تفسير حقوق أخرى يحميها العهد، لا سيما المادة 27 منه.

9-3 وبالتالي فإن المسألة الأولى المعروضة على اللجنة هي مسألة ما إذا كانت حقوق أصحاب البلاغ القائمة بموجب المادة 27 من العهد قد انتهكت بفعل قانون تسوية مصائد الأسماك، كما تظهر هذه التسوية في سند التسوية وفي قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992. ولا نزاع في أن أصحاب البلاغ ينتمون إلى أقلية بمعنى الأقلية الوارد في المادة 27 من العهد؛ ولا نزاع كذلك في أن استخدام مصائد الأسماك والسيطرة عليها يعتبران عنصراً أساسياً من عناصر ثقافتهم. وفي هذا السياق، تذكر اللجنة أنه يجوز أن تقع الأنشطة الاقتصادية في نطاق المادة 27 إذا كانت هذه الأنشطة تشكل عنصراً أساسياً من عناصر ثقافة المجتمع (14) . واعتراف معاهدة وايتانغي بحقوق الماوري في مصائد الأسماك في معاهدة وايتانغي يؤكد أن ممارسة هذه الحقوق تشكل جزءاً مهماً من ثقافة الماوري. غير أن مسألة انسجام قانون عام 1992 مع معاهدة وايتانغي ليست مسألة من المسائل التي تبت فيها اللجنة.

9-4 وحق الفرد في التمتع بثقافته لا يمكن تحديده تحديداً مجرداً بل ينبغي وضعه في سياق. فالمادة 27 خصوصاً لا تقتصر على حماية سبل العيش التقليدية للأقليات بل تتيح أيضاً تكييف هذه السبل بحسب طريقة العيش الحديثة وما تستتبعه من تكنولوجيا. وفي هذه الحالة فإن التشريع الذي سنته الدولة يؤثر بطرق متنوعة في إمكانيات اشتغال الماوري في صيد السمك التجاري وغير التجاري. والمسألة هي مسألة ما إذا كان ذلك يشكل إنكاراً للحقوق. وفي مناسبة سابقة، رأت اللجنة أنه:

“ ومما يمكن فهمه أن دولة من الدول قد تود تشجيع التنمية أو تمكين المؤسسات من ممارسة النشاط الاقتصادي. ولا ينبغي تقييم نطاق حرية الدولة في أن تفعل ذلك على أساس تمتعها بدرجة معينة من السلطة التقديرية بل على أساس الالتزامات التي تعهدت بها في إطار المادة 27 من العهد. وتقتضي المادة 27 ألا يتم حرمان أي فرد من أفراد الأقليات من حقه في التمتع بثقافته. وبالتالي فإن التدابير التي يترتب عليها أثر إنكار هذا الحق لا تكون متسقة مع الالتزامات المحددة بموجب المادة 27. إلا أن التدابير التي تنطوي على أثر معين محدود على طريقة حياة الأشخاص المنتمين إلى أقلية من الأقليات لا تشكل بالضرورة إنكاراً للحق بمقتضى أحكام المادة 27 ” (15) .

9-5 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام على المادة 27 الذي ترى فيه أن التمتع بحق الفرد في ثقافته، خاصة في حالة الشعوب الأصلية، قد يقتضي اتخاذ تدابير قانونية إيجابية من قِبل الدولة الطرف لحمايته وتدابير تضمن مشاركة أفراد مجتمعات الأقليات مشاركة فعلية في القرارات التي تؤثر عليهم (16) . وقد أكدت اللجنة في قانون القضايا لديها في إطار البروتوكول الاختياري أن مقبولية التدابير التي تؤثر في الأنشطة الاقتصادية المهمة ثقافياً للأقلية أو تمسّها تعتمد على ما إذا كان لأفراد هذه الأقلية فرصة للمشاركة في عملية صنع القرار المتصلة بهذه التدابير وعلى ما إذا كانوا سيواصلون الاستفادة من اقتصادهم التقليدي (17) وتسلم اللجنة بأن قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك) لعام 1992 وآلياته تقيد حقوق أصحاب البلاغ في التمتع بثقافتهم.

9-6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أجرت عملية تشاور معقدة بهدف ضمان الحصول على تأييد واسع من الماوري لتسوية ونظام لأنشطة صيد السمك على الصعيد الوطني. وقد استشيرت مجتمعات الماوري ومنظمات الماوري الوطنية وأثرت مقترحاتهم في تصميم ذلك الترتيب. ولم يُسن قانون التسوية إلا في أعقاب صدور تقرير ممثلي الماوري الذي يفيد بوجود دعم كبير في أوساط الماوري لقانون التسوية. فرأى العديد من الماوري أن قانون التسوية يشكل تسوية مقبولة لمطالباتهم. ولاحظت اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ أنهم وغالبية أفراد قبائلهم لم يوافقوا على قانون التسوية وأن حقوقهم كأفراد في أقلية الماوري قد أهملت. وفي حالة وجود تعارض بين حق الأفراد في التمتع بثقافتهم وبين ممارسة أفراد آخرين من الأقلية أو الأقلية ككل لحقوق موازية، يجوز للجنة أن تنظر فيما إذا كان تقييد هذه الحقوق في مصلحة جميع أفراد الأقلية وفيما إذا كان يوجد مبرر معقول وموضوعي لتطبيق هذه القيود على الأفراد الذين يدعون أنهم تأثروا بها تأثراً سلبياً (18) .

9-7 وفيما يتعلق بآثار الاتفاق، تلاحظ اللجنة أن المحاكم قد قضت في وقت سابق للمفاوضات التي أدت إلى قانون التسوية بأن نظام إدارة الحصص ربما انتهك حقوق الماوري لأنه لم يكن للماوري دور فيه عملياً وحُرموا بالتالي من مصائد أسماكهم. وبسن قانون التسوية مُنح الماوري فرصة الحصول على نسبة مئوية كبيرة من الحصص، وبذلك أُعيدت لهم فعلياً حيازة مصائد الأسماك. وفيما يتعلق بمصائد الأسماك التجارية، كان أثر قانون التسوية هو إحلال نظام رقابة جديد محل سلطة الماوري وطرقهم التقليدية في السيطرة المعترف بها في المعاهدة، وفي هذا النظام الجديد الذي لا يشارك الماوري في دور ضمان مصالحهم في مصائد الأسماك فحسب بل يشاركون أيضاً في السيطرة الفعلية عليها. وفيما يتعلق بمصائد الأسماك غير التجارية، لا تزال التزامات التاج بموجب معاهدة وايتانغي قائمة، والأنظمة التي توضع تعترف بالجمع التقليدي للغذاء وتنص على ترتيبات له.

9-8 وفي عملية التشاور أولي انتباه خاص للأهمية الثقافية والدينية لصيد السمك في أوساط الماوري، ومن ذلك ضمان إمكانية مشاركة أفراد الماوري ومجتمعاتهم في أنشطة صيد السمك غير التجارية. ورغم الخشية من أن تثير التسوية وعمليتها الإنقسام في أوساط الماوري، فإن اللجنة تستنج أن الدولة الطرف، باشتراكها في عملية تشاور واسعة قبل سن التشريع بإيدائها اهتماماً محدداً باستدامة أنشطة مصائد الأسماك للماوري، قد اتخذت الخطوات الضرورية لضمان الامتثال للمادة 27 في قانون تسوية مطالبات مصائد الأسماك الذي صدر في تشريع يشمل نظام إدارة الحصص.

9-9 وتؤكد اللجنة أن الدولة الطرف لا تزال ملزمة بالمادة 27 التي تقتضي وجوب إيلاء الاهتمام اللازم للأهمية الثقافية والدينية لصيد السمك في حياة الماوري في تنفيذ قانون معاهدة وايتانغي لتسوية (مطالبات مصائد الأسماك). وبالإشارة إلى قانون الدعاوى السابقة في اللجنة (19) ، تؤكد اللجنة أنه لأغراض الامتثال للمادة 27 ينبغي للتدابير التي تؤثر في الأنشطة الاقتصادية للماوري أن تجري بحيث يظل أصحاب البلاغ يتمتعون بثقافتهم، ويجهرون ويمارسون دينهم مع غيرهم من أفراد فئتهم. ومن واجب الدولة الطرف أن تضع ذلك في اعتبارها لدى تنفيذ قانون التسوية.

9-10 وأما شكاوى أصحاب البلاغ من وقف الدعاوى المعروضة على المحاكم بشأن مطالباتهم المتعلقة بمصائد الأسماك فينبغي النظر إليها في ضوء ما جاء أعلاه. ففيما يعتبر في الأحوال العادية قيام الدولة الطرف عن طريق القانون بوقف دعاوى تنتظر بت المحاكم فيها عملاً مثيراً للاعتراض ويشكل انتهاكاً للحق في اللجوء إلى المحاكم، إلا أنه في الظروف المحددة لهذه القضية حدث وقف الدعاوى ضمن إطار تسوية على صعيد البلد كله لتلك القضايا تحديداً التي تنتظر بت المحاكم فيها والتي أُجل البت فيها انتظاراً لنتيجة المفاوضات. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن وقف دعاوى أصحاب البلاغ المعروضة على القضاء لا يشكل انتهاكاً للمادة 14(1) من العهد.

9-11 فيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ أن قانون التسوية يمنعهم من رفع دعاوى أمام المحاكم بشأن نطاق مصائد أسماكهم، تلاحظ اللجنة أن المادة 14(1) تشمل الحق في اللجوء إلى المحاكم للبت في الحقوق والالتزامات في دعوى قانونية. وفي ظروف معينة قد يمثل تخلف دولة طرف عن إنشاء محكمة مختصة للبت في الحقوق والالتزامات انتهاكاً للمادة 14(1). أما في الدعوى الحالية، فإن قانون التسوية يستبعد اختصاص المحاكم في النظر في صحة مطالبات الماوري المتعلقة بصيد السمك التجاري لأن قانون التسوية يرمي إلى تسوية هذه المطالبات. وفي أية حال، فإن حق الماوري في اللجوء إلى المحاكم لتحقيق مطالباتهم المتعلقة بمصائد الأسماك كان حقاً محدوداً حتى قبل قانون التسوية لعام 1992؛ ولم تكن حقوق الماوري في مصائد الأسماك التجارية قابلة للتنفيذ عن طريق المحاكم إلا بقدر ما نص عليه صراحة الباب 88(2) من قانون مصائد الأسماك وهو أنه ليس في قانون مصائد الأسماك ما يمس حقوق الماوري في صيد السمك. وترى اللجنة أنه سواء اعتُبرت مصالح الماوري في صيد السمك مشمولة بتعريف الدعوى القانونية أم لا، فإن قانون التسوية لعام 1992 قد حلّ بأحكامه المحددة محل وسائل البت في المطالبات التي تنشأ في إطار المعاهدة. إلا أن جوانب أخرى من جوانب الحق في مصائد الأسماك لا تزال تمنح الحق في اللجوء إلى المحاكم، مثلاً بصدد توزيع الحصص وبصدد الأنظمة التي تحكم حقوق صيد السمك العرفية. ولم يقم أصحاب البلاغ الدليل على زعمهم أن سن الإطار التشريعي الجديد قد حال دون لجوئهم إلى المحاكم في أية مسألة من المسائل التي تقع في إطار الفقرة 1 من المادة 14. ونتيجة لذلك، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن وجود انتهاك للفقرة 1 من المادة 14.

10- وبالاستناد إلى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن وقوع خرق لأي من مواد العهد.

[اعتُمدت الآراء بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) كلمة إيوية (Iwi) باللغة الماورية تعني قبيلة تضم عدداً من الهابوات (hapu) أو فروع القبيلة.

(2) يحاجج المحامي بالقول إن النص الماوري يحتوي على ضمانة أوسع نطاقاً مما يبدو من قراءة النص الإنكليزي وحده. ويوضح قائلاً إن أحد الفوارق الأهم في المعنى بين النصين يتصل بالضمانة، فالنص الماوري يتضمن عبارة "te tino rangatiratanga" (السلطة الكاملة) على "taonga" (كل الأشياء المهمة لهم)، بما في ذلك أماكن صيد السمك ومصائد الأسماك. ووفقاً لقول المحامي، توجد ثلاثة عناصر رئيسية في ضمانة rangatiratanga هي: الحماية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والروحية للقاعدة القبلية، والاعتـراف بالمصدر الروحي للتاونغا (taonga)، وكون ممارسة السلطة لا تقتصر على الممتلكات وحدها بل تشمل الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعة الأقارب وفرص حصولهم على موارد القبيلة. ويحاجج أصحاب البلاغ قائلين إن النص الماوري لمعاهدة وايتانغي هو نص حجي.

(3) هيئة معاهدة وايتانغي هي هيئة قانونية متخصصة أُنشئت بموجب قانون معاهدة وايتانغي لعام 1975 ولها وضع لجنة تحقيق مخولة جملة أمور منها التحقيق في بعض الادعاءات المتصلة بمبادئ معاهدة وايتانغي.

(4) هوئي تعني مجلس.

(5) ماراي تعني منطقة مخصصة لممارسة عادات الماوري.

(6) بيَّن التقرير أيضاً أن 15 إيوية تمثل 501 24 ماوري قد اعترضت على التسوية وأن 7 مجموعات إيوية تضم 255 84 ماورياً كانت منقسمة الرأي.

(7) المؤتمر الوطني الماوري هو منظمة غير حكومية تضم ممثلين عما يبلغ 45 إيوية، ومجلس نيوزيلندا الماوري هو هيئة تمثل مجالس إقليمية للماوري في جميع أنحاء نيوزيلندا.

(8) زُعم ارتكاب انتهاكات للباب 13 (حرية التفكير والضمير والدين)، و14 (حرية التعبير)، و20 (حقوق الأقليات)، و27 (الحق في العدالة).

(9) البلاغ رقم 167/1984، آراء اعتمدت في 26 آذار/مارس 1990 ، CCPR/C/38/D/167/1984، الفقرة 32-2.

(10)rangatiratanga تعني القدرة على ممارسة السلطة على الأصول المادية وغير المادية.

(11) البلاغ رقم 205/1986، آراء اعتمدت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، CCPR/C/43/D/205/1986.

(12) هيئة معاهدة وايتانغي Muriwhenua Fishing Report، ص 180-181، الفقرة 10-3-2.

(13) انظر آراء اللجنة في القضية رقم 167/1984 (أوميناياك ضد كندا)، آراء اعتمدت في 26 آذار/مارس 1990، CCPR/C/38/D/167/1984.

(14) انظر عدداً من البلاغات منها آراء اللجنة في قضية كيتوك ضد السويد، البلاغ رقم 197/1985 الذي اعتمد في 27 تموز/يوليه 1988، CCPR/C/33/D/197/1985، الفقرة 9-2. انظر أيضاً آراء اللجنة في قضيتي لانزمان وهما القضية رقم 511/1992 المؤرخة 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994 (CCPR/C/52/D/511/1992) والبلاغ رقم 671/1995 المؤرخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996 (CCPR/C/58/D/671/1995).

(15) آراء اللجنة في القضية رقم 511/1992، لانزمان وآخرون ضد فنلندا، (CCPR/C/52/D/511/1992)، الفقرة 9-4.

(16) التعليق العام رقم 23 الذي اعتمدته اللجنة في أثناء دورتها الخمسين في عام 1994، الفقرة 3-2.

(17) آراء اللجنة في القضية رقم 511/1992، لانزمان وآخرون ضد فنلندا، الفقرتان 9-6 و9-8 (CCPR/C/52/D/511/1992).

(18) انظر آراء اللجنة في القضية رقم 197/1985، كيتوك ضد السويد، التي اعتمدت في 27 تموز/يوليه 1988، (CCPR/C/33/D/197/1995).

(19) آراء اللجنة في القضية رقم 511/1992، لانزمان وآخرون ضد فنلندا، الفقرة 9-8، (CCPR/C/52/D/511/1992).

تذييل

رأي انفرد به السيد مارتن شينين (مخالف لجانب من آراء اللجنة)

إنني أوافق على الاستنتاجات الرئيسية التي توصلت إليها اللجنة في هذه القضية المتصلة بالمادة 27 من العهد. غير أنني أعرب عن مخالفتي لما جاء في الفقرة 9-10 من الآراء. وإنني أرى أن اعتبار تسوية شاملة للمطالبات المتعلقة بمصائد الأسماك تسوية متفقة والمادة 27، على أن تستوفي شروط التشاور الفعلي وضمان استدامة أشكال مهمة ثقافياً من أشكال صيد السمك لدى الماوريين، لا يعفي الدولة الطرف من التزاماتها القائمة بموجب الفقرة 1 من المادة 14. وإنني أرى وقوع انتهاك لحقوق أصحاب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 وذلك:

- بقدر ما أدى التشريع المعني إلى وقف الدعاوى التي أقامها أصحاب البلاغ أنفسهم أو أشخاص يمثلونهم حسب الأصول والتي تنتظر بت المحاكم فيها؛

- وبقدر ما لم يكن هذا الوقف بموافقة أصحاب البلاغ أو أشخاص آخرين أُذن لهم حسب الأصول بسحب الدعوى المعنية؛

- وبقدر ما لم يؤد تنفيذ قانون تسوية (مطالبات مصائد الأسماك) في إطار معاهدة وايتانغي أو تدابير أخرى وضعتها الدولة الطرف لم تؤد إلى جعل أصحاب البلاغ الذين يخضعون لهذا الوقف لم يؤد إلى حصولهم على انتصاف فعال وفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

مارتن شينين [توقيع]

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية، علماً أن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

باء- البلاغ رقم 630/1995، مازو ضد الكاميرون

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاشاندرا ناتوارال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد موريس غلالا آمنهنزو، السيد لويس هنكين، السيد إيكارت كلاين، السيد دافيد كريتسمر، السيد راجسومر لالاه، السيد رافائيل ريفاس بوسادا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتين شاينين، السيد ايفان شيرر، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد باتريك فيلا، السيد ماكسويل يالدين .

(آراء اعتمدتها اللجنة في 26 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون)*

المقدم من : السيد عبداللاي مازو

الشخص الذي يدعي أنه ضحية : مقدم البلاغ

الدولة الطرف : الكاميرون

تاريخ البلاغ : 31 تشرين الأول/أكتوبر 1994 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 26 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 630/1995 الذي قدمه السيد عبداللاي مازو إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها لها مقدم البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- مقدم البلاغ المؤرخ في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1994 هو عبداللاي مازو، مواطن كاميروني مهنته قاضٍ ويعيش حالياً في ياوندي بالكاميرون. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك الكاميرون للفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 والفقرة الفرعية (ج) من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد بدأ نفاذ العهد والبروتوكول الاختياري بالنسبة لكاميرون في 27 أيلول/سبتمبر 1984.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2- على إثر محاولة لقلب نظام الحكم في الكاميرون جرت في نيسان/أبريل 1984 اعتُقل صاحب البلاغ الذي كان في ذلك الوقت قاضياً من الدرجة الثانية يوم 16 نيسان/أبريل 1984. وقد اشتبه في أنه آوى أخاه الذي كان مطلوباً للشرطة على أساس اشتراكه في المحاولة الانقلابية. وقد ثبتت إدانة صاحب البلاغ وحكم عليه من طرف محكمة عسكرية في ياوندي بالسجن لمدة خمس سنوات. ويفيد صاحب البلاغ أن التهم التي وُجهت إليه كانت كاذبة ولم يقدم أي دليل ولم يتم الاستماع إلى أي شاهد أثناء المحاكمة. وقد تمت المحاكمة في جلسـة مغلقة (1) .

2-2 وأثناء وجود صاحب البلاغ رهن الاحتجاز وقّع رئيس الكاميرون على مرسوم مؤرخ 2 حزيران/يونيه 1987 (رقم 87/747) يقضي بعزل صاحب البلاغ من منصبه كأمين عام في وزارة التعليم ورئيس لمجلس إدارة مكتب الرياضة الوطني. ولم يقدم المرسوم أية أسباب للإجراء المتخذ ويفيد صاحب البلاغ أنه صدر على نحو ينتهك المادة 133 من نظام الخدمة المدنية.

2-3 وفي 23 نيسان/أبريل 1990 أُفرج عن صاحب البلاغ من السجن ولكنه وضع تحت الإقامة الجبرية في ياوندي مسقط رأسه في أقصى شمال البلاد. ولم ترفع القيود المفروضة عليه إلا في أواخر نيسان/أبريل 1991 إثر اعتماد قانون العفو العام الصادر في 23 نيسان/أبريل 1991 (رقم 91/002). بيد أن المرسوم الصادر في 2 حزيران/يونيه 1987 كان لا يزال نافذاً في تاريخ إحالة البلاغ ولن يسمح لصاحب البلاغ باستئناف مهام عمله.

2-4 وفي 12 حزيران/يونيه 1991 طلب صاحب البلاغ من الرئيس إعادته إلى منصبه في الخدمة المدنية. وفي 18 تموز/يوليه 1991 تقدم بطلب استئناف إلى وزارة العدل يلتمس فيه إلغاء المرسوم الرئاسي الصادر في 2 حزيران/يونيه 1987. ولما لم يتلق أي رد تقدم في 9 أيلول/سبتمبر 1991 بطلب للانتصاف القضائي لدى القسم الإداري بالمحكمة العليا طالباً اعتبار المرسوم غير قانوني ويجب لذلك إبطاله. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه بالرغم من أن المحكمة العليا قد قضت بانتظام بإبطال مفعول مراسيم من هذا النوع اعتباراً من 31 تشرين الأول/أكتوبر 1991 إلا أن القضية لم تسوّ.

2-5 وفي 4 أيار/مايو 1992، صدر المرسوم رقم 92/091 والمرسوم رقم 92/092 يبينان أحكام الإعادة إلى المنصب والتعويض بالنسبة لمن يشملهم قانون العفو العام.

2-6 وفي 13 أيار/مايو 1992 طلب صاحب البلاغ من وزارة العدل إعادته إلى منصبه. وعملاً بالمرسوم رقم 92/091 أُحيل طلبه إلى اللجنة المسؤولة عن رصد عمليات الإعادة إلى الخدمة المدنية. وفي 12 أيار/مايو 1993 أصدرت هذه اللجنة رأياً يدعم إعادة صاحب البلاغ إلى منصبه في الخدمة المدنية. إلا أن الوزارة، حسب إفادة صاحب البلاغ لم تتخذ أي إجراء بشأن هذا الرأي.

2-7 وفي 22 أيلول/سبتمبر 1992 تقدم صاحب البلاغ بدعوى إلى القسم الإداري التابع للمحكمة العليا للطعن في المرسوم رقم 92/091 والمرسوم رقم 92/092. وفي نظره أن هذين المرسومين ينطويان على مسعى إعاقة التنفيذ الكامل لقانون العفو العام الصادر في 23 نيسان/أبريل 1991 الذي نص، حسب دعواه، على الإعادة التلقائية إلى المنصب. وهذا الطلب بقي عالقاً حتى وقت تقديم هذا البلاغ.

2-8 وبيّن صاحب البلاغ في رسالته الأولى أنه ظل عاطلاً عن العمل منذ الإفراج عنه من السجن. وادعى أنه يتعرض للاضطهاد بسبب آرائه وبسبب أصله العرقي. وأضاف إلى ذلك قائلاً إن الأشخاص الذين أفادوا من قانون العفو العام قد أُعيدوا إلى مناصب عملهم السابقة.

2-9 وذكر صاحب البلاغ أنه في ذلك الوقت وبالنظر لسكوت السلطات القضائية والسياسية لم تكن هناك سُبل إضافية للانتصاف متاحة له.

2-10 بيد أنه منذ تقديم هذا البلاغ تحسنت الحالة بصورة ملحوظة بالنسبة لصاحب البلاغ، وقد أُعيد إلى منصبه في 16 نيسان/أبريل 1998 وفقاً للأمر الصادر عن المحكمة العليا في 30 كانون الثاني/يناير 1997 القاضي بإلغاء المرسوم رقم 87/747 وهو المرسوم الذي قضى بتنحيته عن منصبه.

الشكوى

3- يفيد صاحب البلاغ بأن الوقائع المبينة أعلاه تشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 والفقرة الفرعية (ج) من المادة 25 من العهد. وصاحب البلاغ يطلب من اللجنة حث الدولة الطرف على إعادته إلى الخدمة المدنية بأثر رجعي ومنحه التعويضات جبراً لما لحق به من ضرر.

ملاحظات الدولة الطرف

4- في مذكرة مؤرخة في 13 أيار/مايو 1997 أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن القسم الإداري التابع للمحكمة العليا قد أبطل، بمقتضى أمر صادر في 30 كانون الثاني/يناير 1997 المرسوم رقم 87/747 (القاضي بتنحية صاحب البلاغ عن منصبه).

قرار اللجنة بشأن المقبولية

5-1 نظرت اللجنة في دورتها الثالثة والستين في مقبولية هذا البلاغ.

5-2 ولاحظت اللجنة في ذلك الوقت أن الدولة الطرف لم تكن تنكر مقبولية البلاغ ولكنها أبلغت اللجنة أن المحكمة العليا قد أبطلت المرسوم القاضي بطرد صاحب البلاغ من منصبه. وفي الوقت نفسه لم تبين الدولة الطرف ما إذا كان صاحب البلاغ قد أُعيد إلى منصبه وإذا كان الأمر كذلك بمقتضى أي الشروط وإن لم يكن الأمر كذلك فعلى أي أُسس. ولذلك قررت اللجنة بوجوب النظر في البلاغ بالاستناد إلى أُسسه الموضوعية.

5-3 وتبعاً لذلك قررت اللجنة في 6 تموز/يوليه 1998 بأن البلاغ مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأُسس الموضوعية للبلاغ

6-1 بمقتضى رسالة مؤرخة في 10 آب/أغسطس 2000 أحالت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأُسس الموضوعية للبلاغ.

6-2 وتفيد الدولة الطرف أنه عملاً بقرار المحكمة العليا المؤرخ 30 كانون الثاني/يناير 1997 أُعيد صاحب البلاغ إلى مكان عمله بوصفه قاضياً من الدرجة الثانية في وزارة العدل اعتبارا من 16 تشرين الأول/أكتوبر 1998 واحتُسب مرتبه على أساس رجعي اعتباراً من 1 نيسان/أبريل 1987 وهو التاريخ الذي تم فيه توقيفه عن العمل بغير وجه حق وطرده في وقت لاحق.

ملاحظات صاحب البلاغ على الأُسس الموضوعية للبلاغ

7-1 في رسالة مؤرخة 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 أحال صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف.

7-2 ويؤكد صاحب البلاغ أولاً أنه أُعيد إلى منصبه بالفعل في وزارة العدل وأن الإدارة قد دفعت له عملياً مرتبه بصورة رجعية اعتبارا من تاريخ 1 نيسان/أبريل 1987.

7-3 بيد أن صاحب البلاغ يرى أن الإدارة لم تع الوعي التام أهمية قرار المحكمة العليا الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 1997. وبالنظر إلى أن آثار ذلك القرار كانت رجعية يرى صاحب البلاغ أن من حقه أن يُعاد له الاعتبار المهني، أي أن يُعاد إلى منصبه في الدرجة التي كان سيصلها لو لم يطرد من الخدمة. وبالرغم مما قدمه من طلبات إلى وزارة العدل بهذا المعنى إلا أن صاحب البلاغ لم يحط علماً بأي قرار.

7-4 كما يطلب صاحب البلاغ تعويضاً عما كابده من الأذى إثر طرده من الخدمة.

مداولات اللجنة بشأن الأُسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء المعلومات المقدمة من الأطراف وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وعلمت اللجنة أنه، عملاً بقرار المحكمة العليا الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 1997، أُعيد صاحب البلاغ إلى منصبه ودُفع له مرتبه بأثر رجعي اعتبارا من تاريخ فصله من الخدمة. غير أنه لا يبدو هناك أي شك في أن الدولة الطرف لم تستجب للطلب المتعلق بدفع تعويضات عن الأذى الذي لحق بصاحب البلاغ كما لم تسع لإعادة الاعتبار إليه مهنياً الأمر الذي كان من شأنه أن يُعاد إلى عمله بالرتبة التي كان سيصل إليها لو لم يفصل.

8-3 بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ اختار أن يثير شكواه لدى وزارة العدل بواسطة رسالة ولم يقدم أي دليل يبين أن السلطة القضائية قد طلب منها فعلاً إصدار حكم بشأن مسألة التعويضات. وهذا الجزء من البلاغ لا يتمشى مع مبدأ استنفاد سُبل الانتصاف المحلية كما هي مبينة في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ويجب لذلك اعتباره غير مقبول.

8-4 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت المادة2 والمادة 25 من العهد ترى اللجنة أن إجراءات المحكمة العليا التي أسفرت عن صدور القرار المؤرخ في 30 كانون الثاني/يناير 1997 القاضي بتلبية الطلب المقدم من صاحب البلاغ في بلاغه تأخرت بشكل لا موجب له واستغرقت أكثر من عشر سنوات بعد طرد صاحب البلاغ من عمله ولم تشفع برد الاعتبار لصاحب البلاغ في مهنته وهو أمر يحق له قانوناً الحصول عليه بالنظر لإلغاء القرار الصادر في 30 كانون الثاني/يناير 1997. ولذلك لا يمكن اعتبار تلك الإجراءات سبيلاً مرضياً للانتصاف بالمعنى الوارد في المادتين 2 و25 من العهد.

9- وتبعاً لذلك فإن الدولة الطرف ملزمة بإعادة صاحب البلاغ إلى منصبه مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج بموجب القانون الكاميروني ويجب عليها كفالة عدم حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيلاً للانتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تُعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون تسعين يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. كما أن الدولة مدعوة لنشر آراء اللجنة.

[اعتُمدت بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية كجزء من التقرير.]

الحاشية

(1) ملحوظة من الأمانة: لم يرفق صاحب البلاغ أي مستند له صلة بالمحاكمة الجنائية. ويركز البلاغ بالدرجة الأولى على حقيقة أنه لم يُعد إلى منصبه.

جيم- البلاغ رقم 675/1995، تووالا ضد نيوزيلندا

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر والسيد برافولتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة كريسيتين شانيه واللورد كولفيل والسيدة إليزابيث إيفات والسيدة بيلار غايتان دي بومبو والسيد لويس هنكن والسيد إيكارت كلاين والسيد ديفيد كريتزمير والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد مارتن شاينن والسيد هيبوليتو سولاري ييريغوين والسيد رومان فييروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدن والسيد عبد الله زخيا.

ويرد في تذييل هذه الوثيقة نص رأي شخصي وقعه أعضاء اللجنة السيد عمر والسيد باغواتي والسيدة غايتان دي بومبو والسيد سولاري ييريغوين.

الآراء المعتمدة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد سيمالاي تووالا وآخرون (تمثلهم السيدة أوليندا وودروف)

الشخص المدعى أنه ضحية : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 19 تشرين الأول/أكتوبر 1995 (الرسالة الأولى)

المقررات السابقة : - قرار المقرر الخاص بموجب المادة 91 الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 21 كانون الأول/ديسمبر 1995 (لم يصدر في وثيقة)

-CCPR/C/63/D/675/1995 - قرار بشأن مقبولية البلاغ بتاريخ 10 تموز/ يوليه 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 675/1995 الذي قدمه السيد سيمالاي تووالا وآخرون إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها لها أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- أصحاب البلاغ هم السيد سيمالاي تووالا والسيدة فاياوو تووالا وولدهما بالتبني، إيكا تووالا المولود في 1984، والسيد بيتا فاتا ميسا بيتوو توفايونو والسيدة أنوفالي توفايونو، الذين كانوا جميعهم مقيمين في نيوزيلندا وقـت تقديم البلاغ. ويزعـم أصحـاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك نيوزيلندا للمواد 2(1)، و2(3)، و12(4)، و14(3)، و17، و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتقوم بتمثيلهم السيدة أوليندا وودروف من مكتب نيوزيلندا القانوني "وودروف وكيل".

الوقائع التي عرضها أصحاب البلاغ

2-1 ولد أصحاب البلاغ جميعهم في ساموا الغربية: ولد السيد تووالا في عام 1932، والسيدة تووالا في عام 1934، وولدهما بالتبني، إيكا تووالا، في عام 1984 (1) ، والسيد توفايونو في عام 1934 والسيدة توفايونو في عام 1933. وكانت العائلتان، وقت تقديم البلاغ، تقيمان في نيوزيلندا حيث صدرت بحقهم أوامر إبعاد منذ فترة وجيزة. واضطرت العائلتان إلى الاختباء في نيوزيلندا تفادياً للإبعاد. ويدعي أصحاب البلاغ أنهم مواطنون نيوزيلنديون وأن إجراءات الحكومة النيوزيلندية الرامية إلى إبعادهم من نيوزيلندا تنتهك العهد الدولي المذكور.

2-2 وصل السيد تووالا إلى نيوزيلندا في كانون الثاني/يناير 1979، ومنح تصريح زيارة. وعاد إلى ساموا الغربية في تموز/يوليه 1979. وفي آذار/مارس 1980 أدين بتهمة اغتصاب في ساموا الغربية، وحكم عليه بالسجن سنتين. وقضى تسعة أشهر في السجن ثم أخلي سبيله. ودخل من جديد إلى نيوزيلندا في كانون الأول/ديسمبر 1986، وطلب عدة مرات تصريح إقامة دائمة، ولكن طلباته رفضت. وفي آذار/مارس 1992، صدر بحقه في نيوزيلندا أمر بالإبعاد عملاً بأحكام قانون الهجرة النيوزيلندي لعام 1987 (بصيغته المعدلة). وطعن في هذا الأمر في نيسان/أبريل 1992 محتجاً بأسباب إنسانية. وفي آب/أغسطس 1993، رفضت الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد الطعن الذي قدمه، واضطر إلى الاختباء لكيلا يبعد.

2-3 ووصلت السيدة تووالا مع إيكا إلى نيوزيلندا في حزيران/يونيه 1986 ومنحا تصريح زيارة انتهت مدته في أيلول/سبتمبر 1989. وقدمت عدة مرات طلبات للحصول على إقامة دائمة. ويتمتع سبعة من أولادها الثمانية بحق الإقامة الدائمة في نيوزيلندا وبعضهم يحمل جنسيتها. وصدر بحقها وحق ابنها أمران بالإبعاد في نيسان/أبريل 1992. وطعنت في الأمرين في أيار/مايو 1992 باسمها الخاص ونيابة عن ابنها، محتجة بأسباب إنسانية. وفي آب/أغسطس 1993، رفضت الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد الطعن الذي قدمته. وذكر أن السيدة تووالا أبلغت بأنها لا تستطيع البقاء في نيوزيلندا بسبب إدانة زوجها في ساموا الغربية. واضطرت السيدة تووالا وابنها إلى الاختباء كذلك تجنباً للإبعاد.

2-4 ووصل السيد والسيدة توفايونو إلى نيوزيلندا في أيار/مايو 1993 ومنحا تصريح إقامة صالحاً حتى حزيران/يونيه 1995. ولهم عشرة أولاد، خمسة منهم يقيمون في نيوزيلندا بصورة شرعية. وذكر أنه يحق للسيد والسيدة توفايونو الإقامة في نيوزيلندا في إطار "لم شمل الأسرة" ولكن ذلك رفض لهم بسبب مشاكل صحية مزعومة. وطعن الزوجان في أمر الإبعاد الصادر بحقهما أمام الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ورفض طلبهما في 28 حزيران/يونيه 1996. وعادا إلى ساموا الغربية حيث توفي السيد توفايونو. وبقيت السيدة توفايونو في ساموا الغربية.

2-5 ويدعي أصحاب البلاغ أنهم مواطنون نيوزيلنديون بموجب قرار اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص بشأن قضية ليسا ضد النائب العام لنيوزيلندا [1983] 2A.C.20(2) . ورأى مجلس الملكة الخاص في هذه القضية، أن الأشخاص المولودين في ساموا الغربية بين 13 أيار/مايو 1924 و1 كانون الثاني/يناير 1949 (ونسلهم) مواطنون نيوزيلنديون بمقتضى قانون الجنسية البريطانية ووضع الأجانب (في نيوزيلندا) لعام 1928.

2-6 وذكر أن القرار الذي أصدره مجلس الملكة الخاص بشأن قضية ليسا في تموز/يوليه 1982 أثار رد فعل معارضاً واسع النطاق في نيوزيلندا. وقدر عدد من سيشملهم هذا القرار بحوالي 000 100 شخص من مجموع سكان ساموا البالغ عددهم 000 160 نسمة.

2-7 وكان رد حكومة نيوزيلندا هو التفاوض حول بروتوكول يلحق بمعاهدة الصداقة بين نيوزيلندا وساموا الغربية. وصدق الطرفان على البروتوكول في 13 أيلول/سبتمبر 1982 وفي خلال شهر واحد، أقرت حكومة نيوزيلندا قانون الجنسية (ساموا الغربية) لعام 1982 الذي جعل البروتوكول نافذاً في نيوزيلندا وألغى مفعول القرار المتعلق بقضية "ليسا" ما عدا فيما يخص السيدة ليسا نفسها وعدداً محدوداً جداً من الأشخاص.

الشكوى

3-1 يدعي أصحاب البلاغ أن قانون الجنسية (ساموا الغربية) لعام 1982 أدى إلى حرمان جماعي لحوالي 000 100 ساموي من الجنسية مما يشكل انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 12 والمادة 26 من العهد، ويحرمهم من حقهم المشروع في الجنسية النيوزيلندية.

3-2 ويدعي أصحاب البلاغ أن بروتوكول عام 1982 باطل بموجب المادة 53 من اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات طالما أنه أجاز سن قانون 1982، لأنه ينتهك قاعدة قطعية، إذ يسمح لنيوزيلندا بممارسة التمييز العنصري ضد السامويين.

3-3 ويشير أصحاب البلاغ في هذا السياق إلى بيانات صدرت عن لجنة حقوق الإنسان في نيوزيلندا في عام 1982 جاء فيها أن "لجنة حقوق الإنسان ترى أن مشروع قانون الجنسية (ساموا الغربية) ينطوي على إنكار لحقوق الإنسان الأساسية إذ يسعى إلى حرمان مجموعة محددة من النيوزيلنديين من جنسيتهم لأنهم بولينيزيون من أصل ساموي ... ومشروع القانون بصيغته ينطوي على رواسب عنصرية مؤسفة ... ويبدو هنا أن ثمة خلطاً بين مبدأ حقوق المواطنة والآثار العملية لدخول عدد كبير من الأشخاص من ساموا الغربية ...".

3-4 ويحتج أصحاب البلاغ، فضلاً عن ذلك، بالمناقشات البرلمانية التي سبقت إقرار قانون 1982 دعماً لادعائهم أن للقانون آثاراً ذات صبغة، ويقتبسون من المناقشات المقطع التالي: "لدينا مواطنون كثيرون آخرون يملكون جنسية مزدوجة، ويمكنني القول إن العدد الأكبر منهم من المملكة المتحدة ... أما الأشخاص الذين يشملهم القانون فجلهم من غير البيض" ويضيفون "لفتت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الانتباه إلى المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وينص هذا العهد على ألا يحرم أحد، بصورة تعسفية، من حق الدخول إلى بلده. وسأعجب لو قيل إن نيوزيلندا لا تنتهك هذا الحق حين ترفض السماح لمواطني ساموا الغربية الذين يعتبرون، وكانوا كذلك دائماً، مواطنين نيوزيلنديين بالدخول إلى نيوزيلندا بحرية".

3-5 ويشير أصحاب البلاغ أيضاً إلى بيان رئيس المحكمة العليا في نيوزيلندا، القاضي ريان (3) : "يميز [القانون] تمييزاً واضحاً ضد الأشخاص الذين أعلنت أعلى محكمة في نيوزيلندا أنهم مواطنون نيوزيلنديون". ويشير أصحاب البلاغ أيضاً إلى المناقشة المتعلقة بالتقرير الأولي الذي قدمته نيوزيلندا إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بتاريخ 11 كانون الثاني/يناير 1982، حيث أشار ممثلو الدولة، في قضية ليسا، فيما أشاروا إليه، إلى الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم. ويلاحظون أنه أعلن أن سكان الأراضي الواقعة تحت الانتداب لا يمكن أن يصبحوا مواطنين للدولة التي تدير الانتداب.

3-6 وثمة أواصر وثيقة تربط أصحاب البلاغ بنيوزيلندا حيث للأسرتين عدة أولاد يعيشون في نيوزيلندا. وللسيد والسيدة تووالا ثمانية أولاد يتمتع سبعة منهم بحق الإقامة الدائمة في نيوزيلندا وبعضهم مواطنون نيوزيلنديون. أما السيد والسيدة توفايونو فلهما عشرة أولاد، خمسة منهم يعيشون في نيوزيلندا. وهاتان الأسرتان متماسكتان تماسكاً شديداً. وتدعي المحامية أن حرمان أصحاب البلاغ من الجنسية يشكل انتهاكاً لحقهم في أن يجمع شمل أسرتهم وفقاً لما تنص عليه المادة 17 من العهد.

3-7 وفيما يتعلق بضرورة استنفاد سبل الانتصاف المحلية يدعي أصحاب البلاغ أنه لا يوجد في نيوزيلندا أي سبيل انتصاف لمن تتعدى على حقوقه قوانين تنتهك أو يزعم أنها تنتهك العهد. ولا يمكن لأية محكمة أو هيئة قضائية أخرى في نيوزيلندا أن تعلن بطلان قانون يسنه البرلمان حسب الأصول. ويشير أصحاب البلاغ إلى قانون حقوق الفرد في نيوزيلندا لعام 1990 الذي ينص على التالي: "... لا يجوز لأية محكمة (أ) أن تعتبر أي حكم من أحكام أي تشريع (سواء أقر أو وضع قبل سريان قانون الحقوق هذا أم بعده)، لاغياً أو باطلاً ضمناً أو غير شرعي وغير نافذ بأي شكل من الأشكال، أو (ب) تمتنع عن تطبيق أي من أحكام التشريع لمجرد أنها متعارضة مع بعض أحكام قانون حقوق الفرد هذا". ويؤكد أصحاب البلاغ أن هذه الفقرة فسرت بما يفيد أن أي قانون، سواء صدر قبل إقرار قانون حقوق الفرد لعام 1990 أم بعده، هو فوق هذا القانون. وبما أن هناك إشارات في ديباجة قانون حقوق الفرد إلى "التزام نيوزيلندا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، فإن أي قانون (سواء أسن قبل قانون حقوق الفرد لعام 1990 أم بعده) يحظى بالأولوية على أية حماية يمنحها العهد كما ورد في قانون حقوق الفرد لعام 1990.

3-8 ويدعي أصحاب البلاغ أنه لا توجد أية سبل انتصاف محلية يستنفدها متظلم تضرر بقانون ينتهك العهد، ومن ثم فإن الدولة الطرف انتهكت المادة 2(3) من العهد.

3-9 وإضافة إلى ذلك، يدعي أصحاب البلاغ أن عدم نص قانون الخدمات القانونية في نيوزيلندا لعام 1990 على تقديم مساعدة قانونية لإعداد البلاغات التي تقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أمر يمثل انتهاكاً للمادة 14، الفقرة 3(د) من العهد.

3-10 وفي الختام، يطلب أصحاب البلاغ من اللجنة أن تعتمد تدابير حماية مؤقتة للحيلولة دون وقوع ضرر لا يمكن جبره، وأن تطلب على وجه الخصوص من حكومة نيوزيلندا ألا تتخذ أية خطوات لإبعاد أصحاب البلاغ إلى أن تبت اللجنة في موضوع البلاغ (4) .

تعليقات الدولة الطرف وملاحظات المحامية عليها

4-1 تؤكد الدولة الطرف في رسالة بتاريخ 6 حزيران/يونيه 1996 أن البلاغ بلاغ ينبغي اعتباره غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتدعي أن السيد تووالا وزوجته وابنهما ذكروا أنهم يعتزمون رفع دعوى إلى المحاكم لطلب مراجعة قضائية لأوامر الإبعاد، بينما باشر صاحبا البلاغ الآخران إجراءات قانونية محلية. أما بالنسبة إلى ادعاء أصحاب البلاغ عدم وجود سبل انتصاف محلية متاحة لهم، الأمر الذي اعتبروه انتهاكاً للعهد، فإن الدولة الطرف تؤكد أن السبب في أن أصحاب البلاغ لا يجدون أي سبل انتصاف متاحة فيما يخص شكاواهم يرجع إلى أن هذه الشكاوى لا تقع ضمن نطاق العهد وليس لأن نيوزيلندا لا توفر سبل انتصاف فيما يخص الانتهاكات الممكنة للعهد.

4-2 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الزمان، لأن البروتوكول الاختياري أصبح نافذاً في نيوزيلندا في 26 آب/أغسطس 1989، بينما وقعت الأحداث موضوع شكوى أصحاب البلاغ في عام 1982. وتؤكد أيضاً أن الظروف الوحيدة التي يمكن أن تكسب اللجنة صلاحية النظر في هذه القضية هي وجود آثار مستمرة تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد، وهو ما تنكره الدولة الطرف بصورة قطعية.

4-3 وترى الدولة الطرف كذلك أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع باعتباره مناقضاً لأحكام العهد. أما بالنسبة إلى الادعاءات بموجب الفقرة 4 من المادة 12 من العهد، فإن الدولة الطرف تؤكد أن شكوى أصحاب البلاغ هي في الواقع طعن في عدم منحهم تصريح الإقامة في نيوزلندا وفي الأمر بالإبعاد، ولكن أصحاب البلاغ طعنوا بدلاً من ذلك في قانون عام 1982. وتنفي الدولة الطرف أن يكون أصحاب البلاغ قد حرموا بأي شكل من الأشكال من إمكانية الدخول إلى بلدهم بما أنهم كانوا دائماً مواطنين من ساموا الغربية وليس هناك قيود على دخولهم إليها.

4-4 أما بالنسبة إلى ادعاء انتهاك المادة 17 والحق في الحياة الأسرية فإن الدولة الطرف تلاحظ، في قضية السيد والسيدة تووالا وابنهما، أنها أخذت بالفعل في الاعتبار، الظروف العائلية عند البت في طلب أصحاب البلاغ بالإقامة. ولكن لما كان صاحب الطلب الرئيسي مهاجراً ممنوعاً، فقد رفضت الإقامة للعائلة.

4-5 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الدولة الطرف للفقرة 3 من المادة 14 من العهد بعدم توفير المساعدة القانونية لهم لتقديم شكواهم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، تلاحظ هذه الدولة أن الفقرة 3 من المادة 14 تتعلق بالتهم الجنائية فقط. وعلاوة على ذلك، لا ينص البروتوكول الاختياري أو نظامه الداخلي، على توفير مساعدة قانونية لمقدم بلاغ.

4-6 وفيما يخص ادعاء التعرض للتمييز على أساس العرق انتهاكاً للمادة 26 والفقرة 1 من المادة 2 من العهد، لأن قانون 1982 لا يسري إلا على مواطني ساموا الغربية، تؤكد الدولة الطرف أن القانون سن لإزالة الشذوذ الذي كان موجوداً في تشريع نيوزيلندا والذي كشفه مجلس الملكة الخاص في القرار الصادر بشأن قضية ليسا المتعلق فقط بالأفراد المولودين في ساموا الغربية بين عام 1924 وعام 1949. وتؤكد الدولة الطرف أنه لو وجد مجلس الملكة الخاص أن مجموعة أخرى من الناس لا تربطها صلة حقيقية وفعلية بنيوزيلندا كذلك أعطيت خطأً مركز المواطن النيوزيلندي، لعوملت هذه المجموعة أيضاً بالطريقة نفسها.

5- وتكرر المحامية تأكيد الادعاءات المقدمة في البلاغ الأصلي فيما يتعلق برفض السماح لأصحاب البلاغ بالدخول إلى بلدهم، وبحرمانهم من الجنسية والتمييز ضدهم فيما يخص إمكانية الحصول على تصريح الإقامة وإنكار حقهم في أن يجمع شمل أسرتهم.

قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ:

6-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ خلال دورتها الثالثة والستين.

6-2 وفيما يتعلق بادعاء أصحاب البلاغ أن حقهم بموجب الفقرة 3 من المادة 14 قد انتهك لأن نيوزيلندا لم توفر لهم مساعدة قانونية لتقديم بلاغ إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، لاحظت اللجنة أن المادة 14 تشير إلى الإجراءات القضائية المحلية فقط وأن لا وجود لحكم مستقل في العهد أو في البروتوكول الاختياري يتناول الالتزام بتوفير المساعدة القانونية لأصحاب الشكاوى بموجب البروتوكول الاختياري. ورأت اللجنة في هذه القضية، أنه ليس لمقدمي البلاغ حق يطالبون به بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري ومن ثم فإن هذا الجزء من البلاغ ليس مقبولاً.

6-3 ادعى أصحاب البلاغ، استناداً إلى قرار ليسا، أنهم مواطنون نيوزيلنديون، ومن ثم فإن لهم الحق في الدخول والإقامة بحرية في أراضي نيوزيلندا وذلك على الرغم من قانون عام 1982 الذي جردهم من جنسيتهم النيوزيلندية. وقد سن هذا القانون في عام 1982 بعد تصديق نيوزيلندا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولكن قبل تصديقها على البروتوكول الاختياري في عام 1989. بيد أن اللجنة رأت أنه قد يكون للقانون المعني تأثيرات مستمرة يمكن أن تشكل في حد ذاتها انتهاكاً بموجب الفقرة 4 من المادة 12 من العهد. أما مسألة ما إذا كانت هذه التأثيرات المستمرة تشكل انتهاكاً للعهد أم لا فهي مسألة يجب أن تبحث بالاستناد الى الأسس الموضوعية. لهذا اعتبرت اللجنة أن لا مانع، من حيث الزمان، أن تعلن أن البلاغ مقبول.

6-4 وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البلاغ، بموجب المادتين 17 و26 من العهد، أنه كان لهم الحق في البقاء في نيوزيلندا على الرغم من أوامر الإبعاد والحق في أن يجمع شمل أسرتهم من دون تمييز، أحاطت اللجنة علماً برأي الدولة الطرف التي أكدت أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ولكن لم يبد للجنة أن سبل الانتصاف التي قد تكون ما زالت متاحة لمقدمي البلاغ ستكون فعالة في الحيلولة دون إبعادهم. وعليه يمكن أن تثير هذه الادعاءات قضايا بموجب المادتين 17 و26 وكذلك بموجب المادة 23 من العهد، وينبغي النظر فيها بالاستناد الى الأسس الموضوعية. ويمكن أن تثير أيضاً قضايا بموجب المادة 16 من العهد فيما يخص السيدة تووالا وابنها ايكا تووالا اللذين لم يعاملا كشخصين يتمتعان بالأهلية الكاملة وإنما كتابعين للسيد تووالا الذي اعتبر مهاجراً ممنوعاً بسبب جريمة جنائية ارتكبها في ساموا الغربية، ويجب أن ينظر في هذه القضايا بالاستناد الى الأسس الموضوعية. ولم تجد اللجنة أن ثمة ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وطلبت اللجنة من الدولة الطرف ومن المحامية عن أصحاب البلاغ إخبارها بما إذا كانت سبل الانتصاف المتاحة حالياً لأصحاب البلاغ أو التي كانت متاحة لهم سبلاً يمكن أن توقف إبعادهم.

7- وفي 10 تموز/يوليه 1998، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن البلاغ مقبول إذ يبدو أنه يثير قضايا بموجب الفقرة 4 من المادة 12، والمواد 17 و23 و26 من العهد بالنسبة إلى جميع المشتكين وبموجب المادة 16 من العهد بالنسبة إلى السيدة تووالا وابنها ايكا تووالا.

رسالة الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية وتعليقات أصحاب البلاغ عليها

8-1 تؤكد الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 12 شباط/فبراير 1999، أن شكاوى مقدمي البلاغ تركز على تأكيد أن حكومة نيوزيلندا تصرفت، عند إصدار قانون الجنسية (ساموا الغربية) لعام 1982، بصورة تعسفية وغير سليمة ومخالفة للعهد.

8-2 وتقدم الدولة الطرف معلومات مفصلة تثبت أن ساموا الغربية لم تكن عموماً تعد جزءاً من الأراضي الخاضعة لسيادة صاحبة الجلالة وأن سكان ساموا الغربية لم يكونوا في الفترات المعنية يعتبرون رعايا بريطانيين/أو رعايا نيوزيلنديين على التوالي وإنما كأشخاص لهم وضع خاص آخر يتماشى والطابع الخاص للانتداب والوصاية. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أنه كان يتوقع عند استقلال ساموا الغربية في عام 1962 وبعد ذلك، أن يحمل سكان ساموا الغربية جنسية ساموا الغربية وحدها وألا يمنحوا غيرها، وأن الإجراء التشريعي الذي اتخذته حكومة نيوزيلندا في عام 1982 (بعد التشاور مع حكومة ساموا الغربية والاتفاق معها) لتصحيح نتائج قضية ليسا، كان يستهدف معالجة المشكلة الكبيرة وغير المتوقعة على الإطلاق لازدواجية الجنسية التي نشأت جراء ذلك. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن إجراءاتها في هذا المجال كانت مبنية على معايير معقولة وموضوعية ومطابقة للقانون الدولي العام، ومشروعة في غرضها العام بموجب العهد (بما في ذلك المادة 1 بشأن تقرير المصير)، وأنها لا تشكل بالتالي تمييزاً يحظره العهـد فيما يتعلق بالأشخاص المشمولين بها. وعليه، تؤكد الدولة الطرف أنها لم تنتهك المادتين 26 و2-1 من العهد.

8-3 وفيما يتعلق بالفقرة 4 من المادة 12 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن أصحاب البلاغ ليسوا مواطنين نيوزيلنديين ومن ثم يخضعون قانوناً لأحكام قانون نيوزيلندا بشأن الهجرة لعام 1987 الذي أصدر بموجبه أمر إبعادهم من نيوزيلندا، وأن أصحاب البلاغ يملكون حق الدخول إلى ساموا الغربية وأنهم، بناء على ذلك، لم يحرموا تعسفاً من حقهم في دخول بلدهم انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 12.

8-4 أما بالنسبة إلى تعليقات مقدمي البلاغ واللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي تشير إلى احتمال أن يكون لقانون الجنسية النيوزيلندي لعام 1982 "آثار مستمرة" يمكن أن تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للفقرة 4 من المادة 12 من العهد، فإن الدولة الطرف تتمسك بموقفها مؤكدة أنه لا توجد أي آثار مستمرة ومن ثم يجب اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بحكم الزمن.

8-5 وفيما يتعلق بالمادة 17(1) من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن السيد والسيدة تووالا وإيكا تووالا ليسوا مواطنين نيوزيلنديين ومن ثم يخضعون قانوناً لأحكام قانون الهجرة لعام 1987، وأن السلطات النيوزيلندية، بما في ذلك محكمة استئناف مختصة (سلطة إعادة النظر في أوامر الإبعاد) قيَّمت وضعهم العائلي بعناية ومعقولية وخلصت إلى عدم وجود أسباب كافية لإلغاء أوامر إبعادهم. وتؤكد أن أوامر الإبعاد لم تشكل بالنسبة إلى مقدمي البلاغ تدخلاً تعسفياً أو غير شرعي في شؤون أسرة تووالا يخالف المادة 17(1) من العهد.

8-6 وفيما يخص المادة 2(3) من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا ما أكدوه من أنه لا توجد في نيوزيلندا أي سبل انتصاف محلية يمكن أن يستنفدها من يتعدى على حقوقه قانون ينتهك أو يزعم أنه ينتهك العهد. وتشير الدولة الطرف، في هذا الصدد، إلى مجموعة من القرارات الصادرة عن محاكم نيوزيلندا تم الاحتجاج فيها بالعهد. وتؤكد أن أصحاب البلاغ يخطئون عندما يدعون، معممين، أنه "لا توجد في نيوزيلندا سبل انتصاف متاحة لمن يتعدى على حقوقه قانون ينتهك أو يزعم أنه ينتهك العهد".

8-7 ومهما كانت الظروف، تلاحظ الدولة الطرف كذلك، انه ليس للمشتكين بموجب البروتوكول أن يؤكدوا ما أكدوه تجريداً لأن البروتوكول الاختياري يقضي بأن يبرهن المشتكون على أنهم تضرروا بصورة خاصة وملموسة بسبب انتهاك مادة من العهد، هو في هذه الحالة، غياب سبل انتصاف فعالة. وبما أن أصحاب البلاغ يحاجون فيما يبدو بعدم وجود أي سبيل فعال للتظلم من المادة 6 من قانون الجنسية (ساموا الغربية) لعام 1982 التي تحرم من الجنسية النيوزيلندية فئة مواطني ساموا الغربية المشمولين بها، فإن الدولة الطرف تؤكد أن مسألة غياب سبيل فعال للتظلم من تطبيق هذه المادة لا تدخل في الاعتبار لأن هذا التدبير في حد ذاته لم ينتهك أي مادة من العهد.

8-8 أما فيما يتعلق بطلب اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من حكومة نيوزيلندا ومن المحامية عن أصحاب البلاغ أن تعلماها بما إذا كانت سبل الانتصاف المتاحة حالياً لأصحاب البلاغ أو التي كانت متاحة لهم سبلاً يمكن أن توقف إبعادهم، فإن الدولة الطرف توضح الإجراءات التالية التي تسري بموجب قانون الهجرة لعام 1987 على الأشخاص الذين كانوا موضوع أمر بالإبعاد. وتشمل ما يلي:

• الطعن في الأمر لدى الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد في غضون 42 يوماً من تاريخ تسليم أمر الإبعاد. ويمكن أن يتم هذا الطعن إما على أساس عدم وجود الشخص في نيوزيلندا بصورة غير شرعية، أو على أساس اعتبارات إنسانية استثنائية. ولا يمكن تنفيذ أمر بالإبعاد ما دام النظر في الطعن جارياً.

• لا يمكن الطعن في قرار صادر عن الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد لدى المحكمة العليا إلا فيما بتعلق بالمسائل القانونية، وفي غضون 28 يوماً من إخطار الطرف بقرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ولا يمكن تنفيذ أمر الإبعاد ما دام النظر في هذا الطعن جارياً.

• يجوز للطرف، بعيد المغادرة، أن يستأنف قرار المحكمة العليا لدى محكمة الاستئناف، فيما يتعلق بنقطة قانونية. ويعلق تنفيذ أمر الإبعاد إلى حين البت في هذا الاستئناف.

• يجوز أيضاً لطرف أن يقدم إلى المحكمة العليا طلب مراجعة قضائية لقرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ويمكن تقديم طلب من أجل إنصاف مؤقت لتعليق تنفيذ أمر الإبعاد. وليس ثمة قيد زمني رسمي لهذا الطلب. ويجوز استئناف قرار المحكمة العليا أيضاً لدى محكمة الاستئناف باعتباره خاطئاً من الزاوية القانونية.

• يجوز لطرف أن يطلب أيضاً من وزارة الهجرة توجيهاً خاصاً. وهذا السبيل مفتوح أمام المشتكين حتى لو استنفدت كافة السبل القانونية الأخرى.

8-9 وفيما يتعلق بمدى استفادة أصحاب البلاغ من الإجراءات المذكورة أعلاه، تلاحظ الدولة الطرف أن كلاً من السيد والسيدة تووالا وابنهما ايكا تووالا طعنوا في أمر الإبعاد لدى الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ورفضت هذه الأخيرة طعونهم في 13 آب/أغسطس 1993. وطعن السيد والسيدة توفايونو في أمر الإبعاد لدى الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد ورفضت هذه الهيئة طعونهما في 28 حزيران/يونيه 1996. ولم يطعن أي من أصحاب البلاغ في قرار هذه الهيئة لدى المحكمة العليا كما لم يرفعوا دعوى لمراجعته قضائياً. وفي نيسان/أبريل 1995، أبلغ ممثل الزوجين توفايونو إدارة الهجرة في نيوزيلندا أنه يجري إعداد دعوى للمطالبة بمراجعة قضائية. ولم ترفع أي دعوى من هذا القبيل. وبالمثل، أخطر ممثل الزوجين تووالا إدارة الهجرة بأنهما سيطلبان مراجعة قضائية لقرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ولم تتخذ مثل هذه الإجراءات، فأعيد تفعيل أوامر الإبعاد بحق عائلة تووالا في عـام 1994. ومنـذ صدور قراري الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد، في عامي 1993 و1996، على التوالي، قدمت عائلة تووالا وحدها طلباً إلى وزير الهجرة من أجل توجيه خاص بموجب البند 130 من قانون الهجرة لعام 1987. ويُلتمس في هذا الطلب المؤرخ في 13 كانون الثاني/يناير 1999 إلغاء أوامر الإبعاد الخاصة بأسرة تووالا ومنحها تصريح إقامة ليتسنى لها البقاء بصورة شرعية في نيوزيلندا إلى حين ظهور نتيجة البلاغ الذي قدمته إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

8-10 وفيما يخص تعليق اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (5) الذي ذكرت فيه أن البلاغ قد يثير بالنسبة إلى السيدة تووالا وابنها ايكا، قضايا بموجب المادة 16 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أنه لم ترفع شكوى بموجب المادة 16 من العهد من قبل أصحاب البلاغ أو ممثليهم. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أنه كان لأفراد أسرة تووالا بالتأكيد ولا يزال لهم الحق في أن يعترف بهم كأفراد يتمتعون بالشخصية القانونية، عند الاحتجاج بقانون الهجرة، ولكنهم اختاروا في عام 1987، ومرة أخرى في عام 1989، أن يطلبوا الإقامة الدائمة في نيوزيلندا بصفتهم وحدة أسرية وليس بصفتهم أفراداً ساعين إلى الإفادة من سياسة الحكومة الخاصة بإقامة الأسر وبهذا تنازلوا فعلاً عن ذلك الحق كخيار.

8-11 وتؤكد الدولة الطرف أنه لا يوجد في الإجراءات بموجب قانون الهجرة ونظامها ما يلزم بجمع أفراد أسرة مقدم الطلب في طلب واحد؛ ويمكن عادة إدراج الزوجة والأولاد في طلب واحد لمقدم الطلب الذي يصبح، في هذه الحالة، صاحب الطلب الرئيسي. وبذلك كان من الممكن النظر في الحقوق الخاصة للسيدة تووالا وايكا تووالا باعتبارهما أصحاب طلب رئيسيين لو اختارا تقديم طلبات منفصلة. وتوضح الدولة الطرف أنه في حال تقديم طلب عام، يكون صاحب الطلب الرئيسي هو من تطبق عليه المعايير العادية لسياسة الإقامة، وإن كان على كافة الأشخاص المشمولين بالطلب أن يستوفوا الشروط المتصلة بالسلوك والصحة. وكان السيد تووالا صاحب الطلب الرئيسي في طلب الإقامة الذي شمل السيدة تووالا وايكا تووالا ولكنه لم يستوف الشروط المتصلة بالسلوك. وتؤكد الدولة الطرف أن الخيار الذي تبناه طوعاً أفراد أسرة تووالا بغية الإفادة من مراعاة الظروف العائلية بموجب قوانين الهجرة هو الذي حكم معاملتهم من قبل سلطات الهجرة النيوزيلندية بصفتهم مجموعة. وبهذا لم تنتهك السلطات النيوزيلندية المادة 16 من العهد فيما يخصهم. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك، أن أوامر الإبعاد سلمت بصورة منفصلة إلى السيد تووالا والسيدة تووالا وابنها ايكا على التوالي. وطعن السيد تووالا ثم السيدة تووالا وايكا في هذه الأوامر لدى الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد بصورة منفصلة. وتشير الهيئة في قرارها الصادر في 13 آب/أغسطس 1993 على وجه التحديد، إلى أن قضية السيد تووالا و"قضيتي زوجته وابنهما" "بحثتا بحثاً وافياً".

9-1 وتبين المحامية في تعليقاتها أن النزاع بين نيوزيلندا وأصحاب البلاغ لا يزال قائماً. وتؤكد أن الجزء الأكبر من الرسالة التي قدمتها الدولة الطرف مكرّس للطعن في قرار مجلس الملكة الخاص بشأن قضية ليسا ضد النائب العام لنيوزيلندا .

9-2 وتكرر المحامية الادعاء الأصلي مؤكدة أن أصحاب البلاغ سامويون وأن اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص بينت بوضوح أن نيوزيلندا هي بلد أصحاب البلاغ. وتجادل بأن نيوزيلندا، حين أصدرت قانوناً يحرم أصحاب البلاغ من الجنسية النيوزيلندية، وضعتهم في فئة الأجانب الذين يمكن لحكومة نيوزيلندا طردهم من نيوزيلندا بصورة شرعية. وبناء عليه تؤكد أن أصحاب البلاغ حرموا من حقوقهم بموجب الفقرة 4 من المادة 12 من العهد. وتقول المحامية إن ما تنص عليه الفقرة 4 من المادة 12 هو عدم جواز حرمان الأشخاص من الجنسية بعد منحهم إياها إذا كان الحرمان يعني الحد من حقهم في الدخول إلى موطنهم. وهذا ما فعله برلمان نيوزيلندا للكثير من السامويين، بما في ذلك أصحاب البلاغ.

9-3 وفيما يتعلق بالادعاءات بموجب المواد 17 و23 و26، تكرر المحامية المزاعم الواردة في الرسالة الأصلية أي أن أصحاب البلاغ تعرضوا للتمييز بسبب أصلهم البولينيزي وان الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد لم تول الاعتبار الواجب للظروف العائلية والإنسانية في قضية أصحاب البلاغ.

9-4 أما فيما يخص استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فتعيد المحامية تأكيد ما يلي: لما كانت الحجج التي يسوقها أصحاب البلاغ ضد إبعادهم مبنية على لا شرعية قانون الجنسية (ساموا الغربية) لعام 1982 ولما كانت المراجعة القضائية لقانون غير ممكنة بموجب قوانين نيوزيلندا فإن الانتصاف من خلال المراجعة القضائية غير متاح لأصحاب البلاغ.

إعادة النظر في مقبولية البلاغ

10- تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قدمت معلومات عن الإجراءات المتاحة لأصحاب البلاغ من أجل التماس المراجعة القضائية لقرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد. ويبدو أن أصحاب البلاغ أشاروا إلى أنهم ينوون استخدام هذا الإجراء ولكنهم لم يفعلوا. ولم يذكر أصحاب البلاغ أسباب عدم استخدامهم سبل الانتصاف هذه فيما يخص ادعائهم أن إبعادهم من نيوزيلندا ينتهك حقوقهم بموجب المادتين 17 و23 من العهد ويشكل انتهاكاً للمادة 16 من العهد في حالة السيدة تووالا وابنها ايكا تووالا. وترى اللجنة في هذه الظروف، أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية المتاحة لهم في هذا الشأن. ومن ثم، تعيد النظر في قرارها بشأن مقبولية البلاغ، وفقاً للمادة 93(4) من نظامها الداخلي، وتعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

11-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان طبقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

11-2 وفيما يتعلق بطلب أصحاب البلاغ الدخول إلى نيوزيلندا والبقاء فيها، تلاحظ اللجنة أن هذا الطلب يعتمد على ما إذا كانت نيوزيلندا بموجب الفقرة 4 من المادة 12 من العهد، بلدهم في الوقت الراهن أو في أي وقت من الأوقات، وإذا كانت كذلك فهل حرموا تعسفاً من حقهم في الدخول إلى نيوزيلندا. وتلاحظ اللجنة، في هذا الصدد، أنه لا أحد من أصحاب البلاغ يملك الجنسية النيوزيلندية حالياً وليس لهم الحق فيها بموجب قانون نيوزيلندا. وتلاحظ أيضاً أن أصحاب البلاغ هم جميعاً من مواطني ساموا الغربية وفقاً لقانون الجنسية في ذلك البلد المعمول به منذ عام 1959.

11-3 وتلاحظ اللجنة أن القرار الصادر بشأن قضية ليسا في عام 1982 أدى إلى منح أربعة من أصحاب البلاغ الجنسية النيوزيلندية منذ تاريخ ميلادهم. أما مقدم البلاغ الخامس ايكا تووالا فولد في عام 1984 ولا يبدو أن القرار المتعلق بقضية ليسا يسري عليه. وكان لأصحاب البلاغ الأربعة الذين اكتسبوا الجنسية النيوزيلندية بموجب هذا القرار الحق في الدخول إلى نيوزيلندا بموجب ذلك. وعندما جردهم قانون عام 1982 من الجنسية النيوزيلندية جردهم من حقهم في دخول نيوزيلندا بصفتهم مواطنين. وأصبحت إمكانية دخولهم إلى نيوزيلندا فيما بعد محكومة بقوانين الهجرة النيوزيلندية.

11-4 وتلاحظ اللجنة في تعليقها العام على المادة 12 أن "على الدولة الطرف ألا تقوم، من خلال تجريدها شخص من الجنسية أو من خلال طردها فرد إلى بلد ثالث، بمنع ذلك الشخص تعسفاً من العودة إلى بلده". وترى اللجنة، في هذه الحالة، أن من اللازم النظر في الظروف التي اكتسب فيها أصحاب البلاغ الجنسية النيوزيلندية ثم فقدوها في سياق القضايا التي تنشأ بموجب المادة 12(4).

11-5 وتلاحظ اللجنة أنه لم يكن لأصحاب البلاغ في عام 1982 صلة بنيوزيلندا سواء عن طريق المولد أو الانحدار من مواطن نيوزيلندي، أو من خلال روابط في نيوزيلندا أو إقامة فيها. ولم يكونوا مدركين لحقهم في طلب الجنسية النيوزيلندية في الفترة التي صدر فيها قرار ليسا واكتسبوا الجنسية النيوزيلندية تلقائياً. ويبدو أيضاً أن أصحاب البلاغ لم يزوروا أبداً نيوزيلندا باستثناء السيد تووالا. وجميع هذه الظروف، تجعل من الممكن الدفع بأن نيوزيلندا لم تصبح "بلدهم" بموجب قرار "ليسا". ولكن، مهما كانت الظروف، لا ترى اللجنة أن تجريدهم من الجنسية النيوزيلندية كان تعسفياً. وبالإضافة إلى الظروف المذكورة سابقاً، لم يكن أحد من أصحاب البلاغ في نيوزيلندا في الفترة الممتدة بين تاريخ القرار المتعلق بقضية ليسا وإقرار قانون عام 1982. ولم يكن قد سبق لهم أن قدموا طلباً للحصول على جواز سفر نيوزيلندي أو طالبوا بممارسة أية حقوق بصفتهم مواطنين نيوزيلنديين. لهذا ترى اللجنة أن المادة 12(4) لم تنتهك في قضية أصحاب البلاغ.

11-6 وفيما يتعلق بادعاء أن قانون عام 1982 تمييزي تلاحظ اللجنة أن القانون يسري فقط على السامويين الغربيين الذين لم يكونوا مقيمين في نيوزيلندا وأن أصحاب البلاغ لم يكونوا مقيمين فيها آنذاك ولم تكن لهم روابط بهذا البلد. ولا يوجد أساس للاستنتاج أن تطبيق القانون على أصحاب البلاغ تمييزي ومخالف للمادة 26 من العهد.

12- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك لأية مادة من مواد العهد.

[اعتمدت بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) ذُكر أن إيكا تووالا ابن للسيد والسيدة تووالا بالتبني وله، بصفته خلفاً لهما، جميع ما لهما من حقوق، وأشير إلى قانون التبني النيوزيلندي لعام 1955، المادة 16(2) الذي ينص على ما يلي: "يعتبر المتبنَّى ولد المتبني ويعتبر المتبني والد المتبنَّى كما لو كان قد ولده في إطار زواج قانوني".

(2) حكم صادر في 28 تموز/يوليه 1982.

(3) المرجع الدستوري: بخصوص: الطلب المقدم من الأب يوان نيتو وآخرين [1988] S.P.L.R. 429 إلى 435.

(4) رفضت اللجنة اعتماد هذه التدابير.

(5) انظر الفقرة 6-4 أعلاه.

تذييل

رأي شخصي لأعضاء اللجنة السيد عبد الفتاح عمر والسيد برافولتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة بيلار غايتان دي بومبو والسيد هيبوليتو سولاري ييريغوين

أعاد أغلبية الأعضاء النظر في مقبولية البلاغ ورأوا أنه يجب اعتبار البلاغ غير مقبول بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ونرى أن من الصعب السير في هذا الاتجاه السهل فيما يبدو، لتجنب اتخاذ قرار بشأن جوهر القضية قد يؤدي إلى نتيجة محرجة إلى حد ما. وقد نظرت اللجنة في مسألة المقبولية في مرحلة القبول واعتبرتها مقبولة، في جملة أمور، بموجب المادتين 17 و23. ولا نرى أي سبب يبرر تغيير هذا الرأي. لقد درسنا قضية تافيتا ضد وزارة الهجرة [1994] وكذلك قضية بولي اوفيا ضد الهيئة المعنيـة بإعادة النظر في أوامر الإبعاد [1996] ، ونرى في هاتين الحالتين أن قرار وزير الهجرة في القضية الأولى وقرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد في القضية الثانية كانا موضوع طعن من حيث الجوهر أمام محكمة الاستئناف لأنهما يخرقان الالتزامات الدولية لنيوزيلندا. ولكن التشريع البرلماني لنيوزيلندا هو الذي يقف عقبة في طريق أصحاب البلاغ فيما يتعلق بالادعاء المقدم بموجب المادة 12(4) من العهد في هذه القضية، ومن المشكوك فيه جداً أن يكون لمحكمة الاستئناف صلاحية تجاهل قانون برلماني وإنصاف أصحاب البلاغ. وعلاوة على ذلك، صدر قرار الهيئة المعنية بإعادة النظر في أوامر الإبعاد في آب/أغسطس 1992، ومن المشكوك فيه جداً، أن تكون الالتزامات الدولية آنذاك واجبة النفاذ في المحاكم النيوزيلندية في غياب تشريع محلي. ولم يتضح الموقف إلا بعد البت في قضية تافيتا عام 1994، ولكن الفترة المحددة لتقديم طعن إلى محكمة الاستئناف بموجب المادة 115 ألف كانت قد انقضت في هذا التاريخ. لهذا نرى أن من غير الممكن اعتبار البلاغ غير مقبول على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

ونلاحظ أن السيد والسيدة تووالا ليس لهما في ساموا الغربية أولاد يمكنهم العناية بهما وأن أولادهم الموجودين في نيوزيلندا هم الوحيدون الذين يوفرون لهم الرعاية. وقد عاش أصحاب البلاغ في نيوزيلندا منذ العام 1986 ونسجوا روابط عائلية قوية هناك. ورفض الدولة الطرف جعل إقامة أصحاب البلاغ الثلاثة قانونية يستند بصورة رئيسية إلى الحكم الجنائي الذي صدر بحق السيد تووالا في العام 1980. ولا يتبين من المواد المقدمة إلى اللجنة أن الحياة العائلية لأصحاب البلاغ أعطيت ما تستحقه من وزن. ونرى، في الظروف الخاصة التي تكتنف هذه القضية، أن رفض السماح لأصحاب البلاغ، السيد والسيدة تووالا، بالإقامة في نيوزيلندا مع أولادهما البالغين الذين يتولون وحدهم رعايتهما قرار فيه شطط ويمكن بالتالي أن يشكل تدخلاً تعسفياً في حياتهم العائلية. وبناء على ذلك نرى أن هناك انتهاكاً للمادتين 17 و23 فيما يتعلق بالسيد والسيدة تووالا وابنهما إيكا.

عبد الفتاح عمر [توقيع]

برافولتشاندرا ناتوارلال باغواتي [توقيع]

بيلار غايتان دي بومبو [توقيع]

هيبوليتو سولاري ييريغوين [توقيع]

[حرر بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية كجزء من هذا التقرير.]

دال- البــلاغ رقـم 687/1996، روخـاس غارسيـا ضـد كولومبيا

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التالية أسماؤهم: السيد عبد  الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاشاندرا ناتو ا رالال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد إيكارت كلاين، السيد دافيد كريتسمر، السيد راجسومر لالاه، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد نايجل رودلي، السيد مارتين شينين، السيد إيفان شيرر، السيد هيبوليتو سولاري إيريغوين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد باتريك فيلا، السيد ماكسويل يالدين.

لم يشترك السيد رافائيل ريفاس بوسادا في النظر في القضية، بموجب المادة 85 من النظام الداخلي للجنة.

أرفق بهذه الوثيقة نص رأي فردي لعضوي اللجنة نيسوكي أندو وإيفان أ. شيرر.

الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحاديـة السبعون*

مقدم من : السيد رافائيل أرماندو روخاس غارسيا

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كولومبيا

تاريخ البلاغ: 30 آب/أغسطس 1995 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 نيسان أبريل 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 687/1996 الذي قدمه السيد رافائيل أرماندو روخاس غارسيا إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو رافائيل أرماندو روخاس غارسيا، وهو مواطن كولومبي يكتب باسمه وبالنيابة عن أمه العجوز، وطفليه، وأخيه، وأختيه، وثلاث بنات لأخوته، وخادم. ويدعي أنهم ضحايا لانتهاكات كولومبيا للمادة 7 والفقرة 3(أ) من المادة 14 والفقرتين 1 و2 من المادة 17، والفقرة 3(أ) من المادة 19 والمادة 23 والمادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والوقائع كما قدمت تثير على ما يبدو قضية أيضا بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 في الساعة الثانية من صباح يوم 5 كانون الثاني/يناير 1993، قامت مجموعة من الرجال المسلحين الذين يرتدون ملابس مدنية، والذين يتبعون لمكتب المدعي العام (Cuerpo Técnico de Investigaciòn de la Fiscalía)، بدخول بيت صاحب البلاغ بالقوة من خلال السقف. وقامت المجموعة بتفتيش البيت غرفة غرفة، باثين الرعب في نفوس أفراد أسرة صاحب البلاغ، بمن فيهم الأطفال الصغار، ووجهوا إليهم عبارات نابية. وخلال التفتيش، أطلق أحد المسؤولين طلقة نارية. ثم دخل شخصان آخران المنزل من الباب الأمامي؛ وقام أحدهما بطبع بيان على الآلة الكاتبة وأجبر الرجل البالغ الوحيد في الأسرة (الفارو روخاس) على التوقيع عليه؛ ولم يسمح له بقراءته أو الاحتفاظ بنسخة منه. وعندما سأل الفارو روخاس عما إذا كان من الضروري التصرف بمثل هذه الوحشية، قيل له أن يتكلم مع المدعي العام، كارلوس فريناندو مندوزا. وفي هذه اللحظة أُبلغت الأسرة أن البيت يجري تفتيشه كجزء من التحقيق في مقتل عمدة بوشاليما، واسمه سيرو آلونسو كولمينارس.

2-2 وفي نفـس اليوم، قـدم الفارو روخاس شكوى لدى مكتب النائب العام لمنطقة كوكوتا (Procuraduría Provinical de Cúcuta). بدعوى دخول مسكن الأسرة بغير وجه شرعي بدأت سلطات المنطقة تحقيقا في الشكوى، ولكنه لم يستكمل على النحو الواجب، واكتفى وبحفظها في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1993. ولم يبلغ صاحب البلاغ بوقف التحقيق في شكواه. وقدم شكوى جديدة لـدى الشرطة الإدارية في بوغوتـاProcuraduría General de la Nación,) Procuraduría Delegada de la Policía Judicial y Administrativa). وحفظت الشكوى الجديدة أيضا في 24 حزيران/يونيه 1994، على أساس مبدأ عدم جواز النظر المزدوج في الشكوى، على نحو ما يُدعى. وبعد ذلك قدم صاحب البلاغ دعوى إلى المحكمة الإدارية في كوكوتا بغية الحصول على شكل من أشكال التعويض بسبب مداهمة منزله واستخدام سلاح ناري.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الهجوم العنيف على بيت أسرته أدى إلى إصابة شقيقته المقعدة، فاني إيلينا روخاس غارسيا، بصدمة عصبية شديدة، أثرت على حالتها النفسانية. وماتت بعد ذلك في 8 آب/أغسطس 1993، واعتبر أن عملية التفتيش العنيفة كانت هي السبب غير المباشر لوفاتها. وبالمثل، فإن والدة صاحب البلاغ، التي تبلغ 75 سنة من العمر، لم تتعافى أبدا على نحو كامل من أثر صدمة التفتيش.

3-2 ويقول صاحب البلاغ إن السلطات، بدلا من القيام بتحقيق سريع في المسألة، فعلت كل ما يمكن لتغطية الحادث. ولم تجر قط محاولة لتحديد المسؤولية، سواء مسؤولية السلطات التي أذنت بالمداهمة أم السلطات التي قامت بها، بما في ذلك الضابط الذي أطلق النار في غرفة بها أطفال صغار.

3-3 ويؤكد صاحب البلاغ أن الأحداث التي وصفها تمثل انتهاكات للمادة 7 والفقرة 3(أ) من المادة 14 والفقرتين 1 و2 من المادة 17 والفقرة 3(أ) من المادة 19 والمادة 23 والمادة 24 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف ورد صاحب البلاغ

4-1 في رسالة مؤرخة 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، ذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفذ سبل الانتصاف المحلية، إذ يجري تحقيق يمكن أن يؤدي إلى إجراء تأديبي بحق الضباط الذين داهموا منزل صاحب البلاغ.

4-2 وتحاجج الدولة الطرف أيضا بأن دخول منزل صاحب البلاغ يستوفي الشروط القانونية المنصوص عليها في المادة 343 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فقد تم في حدود القانون. وقد أمر بهذا التفتيش أحد المسؤولين في المحكمة، واسمه ميغيل أنخل فيلاميثار بيثيرا، ونفذ بحضور وكيل نيابة. وفي هذا الصدد، يذكر أن مكتب المدعي العام الوطني (Fiscalia General) طلب من فرع التحقيق الداخلي فيه (veedurís) تقديم جميع المستندات ذات الصلة بالمسؤولية المحتملة للموظفين الذين اشتركوا في المداهمة، كيما يقرر ما إذا كان من الضروري اتخاذ أي إجراء تأديبي. ويشار أيضا إلى تحقيق تأديبي أجراه مكتب التحقيقDirección Seccional del Cuerpo Técnico) de Investigación) وأشار كذلك إلى تحقيق وكيل النيابـة المعني بالشؤون الداخليـة للشرطةProcuraduría) Delegada para la Policía Judicial)، وحفظ التحقيقان.

5- وفي 22 كانون الثاني/يناير 1997، أكد صاحب البلاغ من جديد أن عملية التفتيش كانت غير قانونية لأن المادة 343 من قانون الإجراءات الجنائية لا تنص على القيام بعمليات "شبيهة بالغارات" الليلية، والدخول من الأسقف، وإطلاق النار في الهواء، وما إلى ذلك. وذكر أن وكيل النيابة العسكريةFiscal Delegado ante las) Fuerzas Armadas) لم يكن حاضرا، وأن وكيل النيابة، لم يظهر إلا عند نهاية الأحداث تماما وذلك فقط لتحرير محضر، ولم يمنح شقيق صاحب البلاغ نسخة منه. ويكرر صاحب البلاغ من جديد ذكر الآثار البالغة التي أصابت أسرته، مشيراً إلى أن أسرته قد وصمت بالعار نتيجة لعملية تفتيش المنزل، بوصفهم قتلة العمدة السابق، وأن شقيقته قد ماتت في أعقاب المداهمة، وأن أمه والأطفال ما زالوا يعانون من آثار هذه الصدمة. ويلاحظ صاحب البلاغ أن الإجراءات الإدارية التي بدأت في عام 1993 لم تسفر عن أي نتيجة حتى هذا التاريخ.

6- وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 1997، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بما توصلت إليه في تحقيقها في وضع الإجراءات الإدارية المتعلقة بهذه الدعوى. وذكرت أن مكتب المدعي العام الوطنيFiscalia General de la) Nacíon) طلب معلومات من مكتب التحقيق في كوكوتاDirección Seccional del Cuerpo Técnico de) Investigación) لمعرفة ما إذا كان قد بدأ اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالضابط غابرييل رويس خيمينيث. وتبين أنه لم تُتخذ إجراءات بشأن هذه الدعوى حتى 30 نيسان/أبريل 1997. وكُرِّر هذا الطلب من جديد في حزيران/يونيه وتموز/يوليه وآب/أغسطس 1997، وكانت النتائج سلبية في هذه الحالات كلها. وتؤكد الدولة الطرف أن التحقيقات ما زالت جارية، وبالتالي فإن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفذ.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

7-1 نظرت اللجنة في دورتها الثانية والستين في مقبولية البلاغ وأحاطت علما بطلب الدولة الطرف إليها أن تعلن عدم مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاذ سبل الانتصاف المحلية. ورأت اللجنة أنه في ظروف هذه القضية، لا  بد من الاستنتاج بأن صاحب البلاغ قد بذل جهوداً حثيثة للوصول إلى سبل الانتصاف لكنه لم يوفق في هذه الجهود التي استهدفت تحديد المسؤولية عن مداهمة منزله. وبعد مرور أكثر من خمس سنوات على هذه الأحداث (في اتخاذ القرار بشأن المقبولية) لم تحدد بعد هوية المسؤولين عن هذه الحادثة ولم يوجه اتهام إليهم، ناهيك عن محاكمتهم. وخلصت اللجنة إلى أنه نظرا إلى هذه الظروف، تكون سبل الانتصاف المحلية قد "تطاولت تطاولاً غير معقول" وفقا لمعنى الفقرة 2(ب) من المادة 5، من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 14 والفقرة 3(أ) من المادة 19 والمادة 23 والمادة 24 من العهد، لاحظت اللجنة أن هذه الادعاءات بقيت ذات طبيعة عامة ولم تدعم بمزيد من الأدلة. ولم يرد شيء يشير مثلاً إلى توجيه اتهامات جنائية إلى صاحب البلاغ ولم يبلغ بها فوراً (المادة 14، الفقرة 3(أ)) أو إلى أنه قد حرم من حرية التعبير (المادة 19)، ولم يوصف كيف تدخلت الدولة في حياته الأسرية أو كيف انتهكت حقوق أولاده (المادتان 23 و24).

7-3 وفيما يتعلق بباقي الادعاءات بموجب المادة 7، والفقرتين 1 و2 من المادة 17 من العهد، رأت اللجنة أنها مدعمة بالأدلة على نحو كاف لأغراض المقبولية، وبالتالي يتعين النظر فيها على أساس وقائعها الموضوعية.

ملاحظات الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ

8-1 في رسالة مؤرخة 28 كانون الأول/ديسمبر 1999، تؤكد الدولة الطرف من جديد موقفها بشأن عدم مقبولية الشكوى وتذكر أنه في رأيها، لم يحدث انتهاك لأي من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

8-2 وتلاحـظ الدولـة الطـرف، كمـا فعـل صاحـب البـلاغ، أن مكتب التحقيـق فـي كوكوتا Cuerpo Técnico de Investigación de la Fiscalia, Seccional Cúcuta)) قد أجرى تحقيقاً إدارياً في الحادث الذي وقع في 5 كانون الثاني/يناير 1993 في أثناء مداهمة منزل أسرة روخاس غارسيا، وأنها أمرت في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 بوقف التحقيق لعدم وجود أساس له. وبالإضافة إلى ذلك، صدر بعد التحقيق في هذه الأحداث أمر بإجراء تحقيق ابتدائي في حق غابريل رويث خيمينيث، الشخص الذي أطلق النار في أثناء المداهمة. ووفقـا لوكيل النيابـة للشؤون الداخليـة للشرطة (Procuraduría Delegada)، ليس هناك أي سبب لمواصلة التحقيق الابتدائي، حيث تبين أن مكتب النائب العام قد فتح تحقيقا تأديبيا في هذه الأحداث نفسها واستكمله، وذلك من خلال مدير مكتب التحقيق في كوكوتا(Seccional del Cuerpo Técnico de Investigación de Cúcuta)، وحفظ التحقيق بعد ذلك (انظر الفقرة 2-2).

8-3 وفي رسالة رسمية مؤرخة 10 أيار/مايو 1999، أكد مكتب النائب العام من جديد أن مدير مكتب التحقيق في كوكوتا، الذي فتح التحقيق الأولي التأديبي ضد غابريل رويث خيمينيث، قد قرر حفظ الدعوى إذ تبين له أن الطلق الناري الذي أطلقه خيمينيث لم يكن مقصوداً ولم يكن نتيجة لإهمال أو سوء تصرف من قِبَل المتهم، ومن ثم فليس هناك ما يبرر فتح تحقيق رسمي.

8-4 وفيما يتعلق بالصدمات النفسية التي أصيب بها المقيمون في المنزل من أثر الفزع، تصر الدولة الطرف على أنه يتعين أن يقرر خبير طبي وجود هذه الصدمات خلال التحقيق الإداري الجاري حاليا.

8-5 وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد قدم دعوى أمام المحكمة الإدارية لشمال سانتاندير يطالب فيها بتعويض عن الأضرار التي يدعي أنه تكبدها فيما يتصل بهذه الأحداث.

8-6 ولا تشارك الدولة الطرف اللجنة آراءها، بأنه بعد أكثر من خمس سنوات من وقوع هذه الحادثة، لم يجر تحديد هوية المسؤولين عنها أو اتهامهم. وترى الدولة الطرف أنه من الواضح أن أعضاء مكتب التفتيش في كوكوتا (Cuerpo Técnico de Investigación de la Fiscalia, Seccional Cúcuta) قد قاموا بعملية تفتيش بموجب المادة 343 من قانون الاجراءات الجنائية، التي تنص على ما يلي:

“ التفتيش وإجراءاته وشروطه. عندما توجد أسباب جدية للاعتقاد بأن الشخص الذي صدر أمر بالقبض عليه، أو الأسلحة أو الأدوات أو الأشياء التي استخدمت في ارتكاب جريمة أو التي مصدرها جريمة، يمكن العثور عليهما في مبنى أو سفينة أو طائرة، يجوز لمسؤول في المحكمة أن يصدر أمرا من المحكمة للتفتيش أو المصادرة مع ذكر الأسباب على النحو الواجب.

“ لا يشترط صدور إخطار بأمر المحكمة المشار إليه في الفقرة السابقة ” .

8-7 وبالتالي ترى الدولة الطرف أن المسؤولية عن أي مخالفات تتعلق بأداء واجباتها ينبغي أن تقرر من خلال تحقيقات تقوم بها هيئات الدولة المختصة. وفيما يتعلق بمسؤولية السيد غابريل رويث خيمينيث المزعومة، فقد تبين لمكتب المدعي العام أنها كانت نتيجة لحادث غير مقصود.

8-8 وفيما يتعلق بإشارة اللجنة إلى التطاول غير المعقول في إتاحة سبل الانتصاف المحلية، وفقا لمعنى الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تود الدولة الطرف إبداء التعليقات التالية:

(1) منذ تاريخ وقوع هذا الحادث، لجأ شقيق صاحب البلاغ إلى سبل الانتصاف المنصوص عليها في القانون المحلي وذلك أمام مكتب المدعي العام، من خلال الشرطة الإدارية في بوغوتا، بإصدار أمر في 24 حزيران/يونيه 1994 بحفظ التحقيق، نظرا إلى أن مكتب المدعي العام الوطني، كان قد فتح تحقيقا تأديبيا واستكملـه فيمـا يتعلـق بنفـس الأحـداث، مـن خـلال ضابـط التحقيـق في كوكوتا(Cuerpo Técnico de Investigación de Cúcuta). وتشير الدولة الطرف إلى أن كون سبيل الانتصاف المحلي لم يسفر عن نتيجة لصالح المدعي، لا يعني في حد ذاته أن سبل الانتصاف المحلية الفعالة غير موجودة أو أنها استنفذت. ومن الواضح، في قضية كهذه، أنه إذا كان سبيل الانتصاف غير ملائم، فلا ينبغي استنفاذه، ولكن ينبغي اللجوء إلى إجراء آخر أكثر ملاءمة.

(2) قدم السيد روخاس غارسيا شكوى أخرى ضد الدولة أمام المحكمة الإدارية لشمال سانتاندير، مستخدما بذلك سبيلا آخر للانتصاف؛ وكانت المحكمة على وشك أن تصدر قرارها وقت كتابة هذه الرسالة. ومن ثم فإن سبل الانتصاف هذه لم تتطاول تطاولاً غير معقول، على حدّ تعبير اللجنة، فقد جرى استخدامها على النحو الأكثر ملاءمة وفاعلية، في ظروف هذه القضية. إن ملاءمة سبيل الانتصاف تعني، في إطار النظام القانوني المحلي، أن يكون سبيلاً ملائماً لحماية الوضع القانوني الذي جرى انتهاكه. والهدف من سبيل الانتصاف هو التوصل إلى نتيجة ولا يمكن تفسيره بأن المقصود منه ألا يحدث نتيجة، أو أن يحدث نتيجة منافية للعقل أو غير منطقية على نحو جلي. ولم يكن في نية السلطات المختصة إطالة التحقيقات، ولكن أي تهاون فيها كان سيؤدي بالتأكيد إلى قرارات منافية للعقل أو غير منطقية.

8-9 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن السيد روخاس غارسيا لم يكن قد استنفذ سبل الانتصاف المحلية في الوقت الذي قدم فيه دعواه إلى اللجنة للنظر فيها ومن ثم ينبغي إعلان البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-1 أحيلت إلى صاحب البلاغ ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للحالة، ويدحض صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 14 آذار/مارس 2000، عددا من حجج الدولة. ويكرر، على سبيل المثال، القول إن أسرته التي لم تتعامل قط مع نظام القضاء، وقعت ضحية مداهمة وتعرض أفرادها لسوء المعاملة. ويذكر أن المداهمة قد نفذت على افتراض أنه يمكن العثور على مجرمين في المكان، وعندما عثر على أطفال ومسنين لم يجر إلاّ تعقيد القضية، بدلا من تصحيح الخطأ.

9-2 ووفقا لصاحب البلاغ، لا يجوز تطبيق المادة 343 من قانون الإجراءات الجنائية في حالة تتعلق ببيت أسرة بريئة، دون الامتثال أولا لأهم الأحكام القانونية الأساسية التي تغطي هذه الحالات. إن الدخول بالقوة من السقف، الساعة الثانية صباحا، وإطلاق النار، يمثلان انتهاكات للحق في الحياة والحق في الحياة الأسرية وغيرهما من الحقوق والحريات المكفولة في دستور كولومبيا.

9-3 ويرفض صاحب البلاغ حجة الحكومة القائلة بأنه كلما طال التحقيق، كلما قلت القرارات المنافية للعقل وغير المنطقية. ويؤكد صاحب البلاغ أنه مضى أكثر من سبع سنوات على وقوع هذه الحادثة وما زالت القضية بغير حل.

9-4 ويضيف صاحب البلاغ أن الحالات التعسفية الناجمة عن الاستخدام المفرط للقوة ينبغي أن تعامل تلقائيا معاملة خاصة وأن ينظر فيها وأن يحكم فيها من قِبَل هيئات تحقيق دولية من أجل المحافظة على النزاهة والاجراءات القانونية الواجبة.

9-5 وفي رسالة مؤرخة 10 تموز/يوليه 2000، يذكر صاحب البلاغ أنه فيما يتعلق بدعواه ضد الدولة أمام المحكمة الإدارية لشمال سانتاندير بصدد التعويض عما أسفرت عنه مداهمة منزله، فإن المحكمة رفضت الدعوى، لعدم توفر الأدلة واستنادا إلى تفسير ضيق للمادة 343 من قانون الاجراءات الجنائية. ويذكر أنه قدم استئنافاً لدى مجلس الدولة في بوغوتا.

9-6 ويؤكـد من جديد أيضا، أنه وفقا لشهود عيان، كان فريق التفتيش متجها إلى المنزل رقم 2-36 وليس 2-44 (منزل أسرة روخاس غارسيا). ويشير أيضا إلى أن أرملة ثيرو ألونسو كولمينارس (عمدة بوشاليما، الذي أدى مقتله إلى التحقيق ثم إلى مداهمة منزل أسرة روخاس) قد أكدت له أنها لم تقدم أبدا أي ادعاءات ضدهم. وفيما يتعلق بالرصاصة التي أطلقها غابريل رويث خيمينيث، يدعي أنها لم تكن غير مقصودة وأنها أطلقت في داخل البيت لإجبار المقيمين فيه على العثور على مفاتيح الباب المطل على الشارع. ويذكر أيضا، أنه عندما تبين لهم أن مسؤولة من المسؤولين في مكتب المدعي العام في بامبلونا، هي سيسيليا روخاس غارسيا، تقيم في المنزل، غيَّر المداهمون من سلوكهم، واعتذر بعض منهم قائلين إن خطأ قد وقع.

9-7 وفيما يتعلق بوفاة شقيقته بعد شهور من المداهمة، يدعي صاحب البلاغ أن السلطات لم تبذل الجهود اللازمة لإثبات وجود علاقة سببية بين المداهمة ووفاتها.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الأطراف، على نحو ما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-2 ولاحظت اللجنة ادعاء الدولة الطرف، بأن صاحب البلاغ لم يكن قد استنفذ سبل الانتصاف المحلية وقت تقديم البلاغ إلى اللجنة، وبالتالي كان ينبغي عدم قبول البلاغ. ولاحظت أيضا، أنه وفقا للدولة الطرف، لم يكن في نية السلطات المختصة إطالة التحقيقات، ولكن أي تهاون فيها كان يمكن أن يؤدي إلى قرارات منافية للعقل وغير منطقية. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى ما ذكر في قرارها بشأن مقبولية البلاغ.

10-3 وينبغي للجنة أن تحدد أولا ما إذا كانت الظروف المحيطة تحديداً بمداهمة منزل أسرة روخاس غارسيا (رجال مقنعون يدخلون البيت من السقف في الساعة الثانية صباحا) تمثل انتهاكا للمادة 17 من العهد. وفي رسالة مؤرخة 28 كانون الأول/ديسمبر 1999، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن مداهمة منزل أسرة روخاس غارسيا قد نفذت وفقا لنص القانون، بموجب المادة 343 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا تدخل اللجنة في مسألة قانونية المداهمة؛ ومع ذلك، فهي ترى، وفقا للمادة 17 من العهد، أنه من الضروري لأي تدخل في البيت ألا يكون قانونيا فحسب، بل أن يكون أيضا غير تعسفي. ووفقا لتعليقها العام رقم 16 HRI/GEN/1/Rev.4)، المؤرخ 7 شباط/فبراير 2000) ترى اللجنة أن المقصود بمفهوم التعسفية في المادة 17 هو ضمان أن يكون حتى بالتدخل الذي ينص عليه القانون، تدخلاً متفقا مع أحكام العهد ومراميه وأهدافه، وأن يكون في جميع الحالات، معقولا بالنسبة للظروف المعينة التي يقع فيها. وترى اللجنة أيضا أن حجج الدولة الطرف لا تبرر السلوك الموصوف. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أنه وقع انتهاك للفقرة 1 من المادة 17، بقدر ما كان التدخل في بيت أسرة روخاس غارسيا تدخلاً تعسفياً.

10-4 ونظرا إلى أن اللجنة تبيّنت وقوع انتهاك للمادة 17 من حيث الطابع التعسفي لمداهمة بيت صاحب البلاغ، فإنها لا ترى ضرورة للبت فيما إذا كانت المداهمة تمثل اعتداء على شرف الأسرة وسمعتها.

10-5 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 7 من العهد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدحض ما ذكر بشأن المعاملة التي لقيتها أسرة روخاس غارسيا على يد الشرطة، كما وصفت في الفقرة 2-1 أعلاه. وبالتالي تقرر اللجنة أنه قد وقع في هذه القضية انتهاك للمادة 7 من العهد.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملا بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك من جانب الدولة الطرف للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تجاه أسرة روخاس غارسيا.

12- ووفقـا للفقـرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل فعال للتظلم لرفائيل أ روخاس غارسيا وأسرته، ويجب أن يشمل سبيل التظلم هذا تعويضا. والدولة الطرف ملزمة أيضا باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

13- وأخذ بعين الاعتبار أنه عندما أصبحت الدولة الطرف طرفا في البروتوكول الاختياري، كانت قد اعترفت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وحيث أن الدولة الطرف قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعال عندما يتقرر أن انتهاكا قد حدث، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوما، معلومات بشأن التدابير التي اتخذت لتنفيذ آراء اللجنة. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة من الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والانكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير.]

تذييل

رأي فردي لعضوي اللجنة نيسوكي أندو وإيفان أ. شيرر

نحن نشارك اللجنة في الاستنتاج بأنه قد حدث انتهاك للفقرة 1 من المادة 17، بقدر ما كان هناك تدخل تعسفي في بيت أسرة روخاس غارسيا. غير أننا، لا نستطيع أن نشارك في استنتاجها بأنه قد حدث انتهاك للمادة 7 في هذه القضية (الفقرتان 10-3 و10-5).

ووفقا للجنة (غالبية الآراء)، فإن المعاملة التي لقيتها أسرة روخاس غارسيا على يد الشرطة كما وصفت في الفقرة 2-1، والتي لم تدحضها الدولة الطرف، تمثل انتهاكا للمادة 7. وورد في الفقرة 2-1 أنه في 5 كانون الثاني/يناير 1993، في الساعة الثانية صباحا، دخلت مجموعة من الرجال المسلحين الذين يرتدون ملابس مدنية، والذين يتبعون مكتب المدعي العام، بالقوة بيت صاحب البلاغ من السقف؛ وأن أفراد المجموعة قاموا بتفتيش المكان غرفة غرفة، وبثوا الرعب في نفوس أفراد أسرة صاحب البلاغ، بمن فيهم الأطفال الصغار، ووجهوا إليهم عبارات نابية؛ وأن أحد المسؤولين أطلق طلقة نارية خلال التفتيش.

وكم ــ ا يق ــ ول صاحب البلاغ نفسه، يبدو أن فريق التفتيش قد أخطأ المنزل (رقم 2-44 بـدلا مـن رقم 2-36) وأنه عندما تبين لهم أن واحدة من المسؤولين في مكتب المدعي العام المحلي تقيم في المنزل، اعتذر بعضهم وقالوا إن خطأ قد وقع (الفقرة 9-6). ويقول صاحب البلاغ أيضا إن هذه المداهمة نُفذت على افتراض أنه سيعثر على مجرمين في المكان، ولكن بعد الحادثة، لم يصحح مكتب المدعي العام الخطأ، مما أدى إلى تعقيد الحالة (الفقرة 9-1).

ونرى أنه، لا بد أن الفريق الذي قام بالتفتيش كان يتوقع مقاومة قوية، حتى بالأسلحة النارية، من المنزل لأنه كان يفترض أن قاتل العمدة أو قتلته يختبئون فيه. وهذا يفسر ما وصف في الفقرة 2-1 دخول المنزل بالقوة من السقف في منتصف الليل؛ وما أعقب ذلك من تفتيش البيت غرفة غرفة وربما توجيه عبارات نابية من جانب المفتشين؛ وإطلاق أحدهم طلقة نارية عن غير قصد. وبالتأكيد كان هناك خطأ من جانب مكتب المدعي العام، ولكن من المشكوك فيه أن يمكن وصف سلوك فريق التفتيش على أساس هذا الخطأ بأنه انتهاك للمادة 7.

وفي رأينا، فإن فريق التفتيش كان يتصرف بنية حسنة الى أن تبين له أنه أخطأ الهدف. وتصر الدولة الطرف على أن مداهمة منزل صاحب البلاغ جرت وفقاً للقانون. وتؤكد الدولة الطرف أيضا أن مدير مكتب التحقيق المحلي قد فتح تحقيقا أوليا في إطلاق الطلق الناري وتبين له أن ذلك لم يكن سوء تصرف بل حادثاً (الفقرة 8-3). وفي هذه الظروف نخلص إلى أن فريق التفتيش لم يقصد بث الرعب في نفوس أسرة صاحب البلاغ.

إن المادة 7 تقتضي عادة وجود نية لدى الفاعل فيما يتعلق بالآثار المحتملة لفعله، وعدم وجود هذه النية من شأنه إزالة أو تخفيف عدم قانونية الفعل. وينطبق ذلك على تحقيقات الشرطة، مثل التحقيق المتعلق بهذه القضية. وبالتالي، نرى أنه لم يقع انتهاك للمادة 7 في هذه القضية.

[التوقيع] نيسوكي أندو

[التوقيع] إيفان أ شيرر

[حرر بالإسبانية والانكليزية والفرنسية، علما بأن النص الانكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

هاء- البلاغ رقم 727/1996، باراغا ضد كرواتيا

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي آندو، والسيدة كريستين شانيه، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمير، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافايل ريفاس بوسادا، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شايرر، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين .

الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية السبعون*

المقدم من : السيد دوبروسلاف باراغا

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كرواتيا

تاريخ البلاغ : 16 نيسان/أبريل 1996 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 4 نيسان/أبريل 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 727/1996 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد دوبروسلاف باراغا، بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في الحسبان جميع المعلومات المكتوبة المتاحة لها من جانب صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ في 16 نيسان/أبريل 1996 هو دوبروسلاف باراغا، مواطن كرواتي مقيم في زغرب. وهو يدعي أنه وقع ضحية انتهاكات من قبل كرواتيا لأحكام الفقرة 3 من المادة 2، والفقرتين 1 و5 من المادة 9، والمادة 7، والفقرة 2 من المادة 12، والفقرتين 2 و7 من المادة 14، والفقرتين 1 و2 من المادة 16، والمادتين 25 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وبالنسبة لكرواتيا، أصبح العهد نافذاً في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1991؛ وأصبح البروتوكول الاختياري نافذاً في 12 كانون الثاني/يناير 1996. ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.

الوقائع والادعاءات كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يشير صاحب البلاغ إلى أنه كان طوال حياته من النشطين في مجال حقوق الإنسان، وأنه تعرض للسجن والتعذيب ولمحاكمات سياسية في يوغوسلافيا سابقاً. وفي عام 1990، أعاد صاحب البلاغ تنظيم الحزب الكرواتي للحقوق، الذي كان محظوراً منذ عام 1929. وبعد ذلك، أصبح رئيساً له.

2-2 ووفقاً لما ذكره صاحب البلاغ، فقد قامت دولة كرواتيا الجديدة أيضاً، بعد تفكك يوغوسلافيا السابقة، بإخضاعه للاضطهاد ولتدابير قمعية عديدة، مثل الاحتجاز غير القانوني وتلفيق التهم، وإخضاعه لمحاكمات سياسية، وإصدار أوامر لا مبرر لها بإلقاء القبض عليه، وما إلى ذلك.

2-3 وفي 21 أيلول/سبتمبر 1991، قُتل السيد آنتي براتزيك، نائب رئيس الحزب الكرواتي للحقوق، بعد حضوره لمهرجان سياسي. ويدعي صاحب البلاغ أن الهجوم كان يستهدفه هو أيضاً، وأنه بمحض الصدفة لم يكن في السيارة مع زميله. وفي عام 1993، أُدين أربعة من المسؤولين في وزارة الداخلية بجريمة القتل؛ وقد أفيد بأنه تم إطلاق سراحهم في عام 1995.

2-4 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، ألقي القبض على السيد باراغا بعد أن نصب رجال الشرطة كميناً له ووجهت إليه تهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة. وبقي في الحبس حتى 18 كانون الأول/ديسمبر 1991، عندما صدر أمر بإطلاق سراحه بعد أن خلصت المحكمة العليا إلى عدم وجود أدلة كافية تثبت التهمة الموجهة إليه. ويدعي صاحب البلاغ أنه تم في هذا الصدد انتهاك الفقرتين 1 و5 من المادة 9. كما أنه يدعي بأن رئيس المحكمة العليا قد طُرد من منصبه بعد أن أصدر حكماً لصالحه.

2-5 وفي 1 آذار/مارس 1992، حدث انفجار في مكاتب الحزب الكرواتي للحقوق في فينكوفسكي حيث كان يُتوقع وجود صاحب البلاغ فيها. وقتل العديد من الأشخاص في الانفجار، لكنه لم يتم قط، وفقاً لأقوال صاحب البلاغ إجراء أي تحقيق رسمي في هذا الشأن. وفي 21 نيسان/أبريل 1992، تم استدعاء صاحب البلاغ لأنه وصف رئيس الجمهورية بالديكتاتور. ويدعي السيد باراغا أن هذه الأحداث تشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد، لأن التدابير التي اتخذت ضده كانت تستهدف تقييد حريته في التعبير.

2-6 ويذكر السيد باراغا أنه اتُهم في 2 حزيران/يونيه 1992 بتهمة "حشد أشخاص في جيش بصورة غير قانونية". وهو يدعي أن هذه التهمة استهدفت منعه من المشاركة في حملة انتخابات للبرلمان والترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية. ويرى صاحب البلاغ أن ذلك يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد، لأنه قد مُنع بالفعل من أن يكون مرشحاً في الانتخابات. وفضلاً عن ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه تم التلاعب بالانتخابات.

2-7 وفي 30 أيلول/سبتمبر 1992، رفع المدعي العام دعوى إلى المحكمة الدستورية بهدف الحصول على تصريح لحظر الحزب الكرواتي للحقوق. وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، بدأت محكمة عسكرية في زغرب بإجراء تحقيق ضد الحزب بتهمة التآمر للإطاحة بالحكومة. ويشكل هذا الإجراء، في نظر صاحب البلاغ، انتهاكاً لأحكام الفقرة 7 من المادة 14 إذ يدعي صاحب البلاغ بأنه سبق وأن أبرئ من هذه التهمة في عام 1991. وقد سُحبت منه الحصانة البرلمانية لمدة 13 شهراً. وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أسقطت المحكمة العسكرية التهم الموجهة ضد صاحب البلاغ.

2-8 وبعد أن قام صاحب البلاغ برحلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وصف خلالها رئيس الجمهورية بأنه مستبد، وجهت إليه في 3 حزيران/يونيه 1993 تهمة القذف. وقام البرلمان بتجريد صاحب البلاغ من منصبه كنائب رئيس للجنة البرلمانية المعنية بحقوق الإنسان والحقوق الإثنية. ويدعي صاحب البلاغ أن أحد رجال الشرطة السرية اعترف في أقوال نشرتها إحدى الصحف الأسبوعية في تموز/يوليه 1993 بأنه تلقى أمراً باغتياله.

2-9 وفي 28 أيلول/سبتمبر 1993، ألغت وزارة التسجيلات حق صاحب البلاغ في تمثيل الحزب الكرواتي للحقوق وقامت، وفقاً لما ذكره صاحب البلاغ، بمنح هذا الحق لشخص عميل للحكومة، وبذلك أصبح الحزب الكرواتي للحقوق مجرد امتداد للحزب الحاكم. ورُفضت الشكاوى التي رفعها صاحب البلاغ إلى محكمة أمناء السجل والمحكمة الدستورية.

2-10 وفي تشرين الأول/أكتوبر 1995 شارك صاحب البلاغ في الانتخابات البرلمانية مع حزب جديد، هو "الحزب الكرواتي للحقوق - 1861"، لكنه لم يفلح في إعادة انتخابه. وهو يدعي أنه لم يتمكن من المنافسة بصورة عادلة في الانتخابات وذلك بسبب العقوبات التي فرضت عليه والتي تشكل انتهاكاً لأحكام المادة 25 من العهد. ويدعى صاحب البلاغ أن لجنة الاقتراع قد انتهكت قانون الانتخابات إذ سمحت للحزب الكرواتي للحقوق (الذي كان يترأسه آنذاك شخص عميل للحكومة) بأن يكون ممثلاً في البرلمان على الرغم من أنه لم يحصل على النسبة المطلوبة من مجموع الأصوات وقدرها 5 في المائة. وقدم صاحب البلاغ ورؤساء عشرة أحزاب سياسية أخرى طعناً في هذا القرار أمام المحكمة الدستورية التي رفضته في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1995.

2-11 ويذكر صاحب البلاغ أنه لا يزال يتعرض لاعتداءات. وهو يشير إلى أمر صدر من المحكمة في 31 كانون الثاني/يناير 1995 وتم إقراره في 25 آذار/مارس 1996 بأنه يتعين عليه إخلاء المبنى الذي يوجد فيه مكتبه. وهو يرى أن ذلك الأمر قد صدر لعرقلة أنشطته السياسية. كما يشير إلى أنه تم انتخاب حزبه السياسي كجزء من الحكومة الائتلافية لبلدية زغرب، لكن رئيس الجمهورية لم يوافق على نتائج الانتخابات وأوقف تعيين رئيس البلدية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وتعليقات صاحب البلاغ

3-1 في تعليقات مؤرخة في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1997، تذكر الدولة الطرف أنها أصدرت، عند الانضمام للبروتوكول الاختياري، الإعلان التالي الذي يحد من الاختصاص الزمني للجنة فيما يتعلق بالنظر في البلاغات: "تفسر جمهورية كرواتيا المادة 1 من هذا البروتوكول على أنها تمنح اللجنة صلاحية أن تتلقى وتنظر في البلاغات الواردة من الأفراد الذين يخضعون للولاية القضائية لجمهورية كرواتيا والذين يدعون بأنهم وقعوا ضحية انتهاكات من جانب جمهورية كرواتيا لأي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد والناجمة عن أفعال أو أحداث تقع بعد تاريخ دخول البروتوكول حيز التنفيذ في جمهورية كرواتيا". وترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ تتعلق بصورة شبه حصرية بأحداث وأفعال وقعت في فترة تسبق بكثير تاريخ نفاذ البروتوكول في كرواتيا في 12 كانون الثاني/يناير 1996.

3-2 وترى الدولة الطرف أن الانتهاكات المزعومة لا يمكن أن تعتبر عملية مستمرة بحيث تشكل مجتمعة انتهاكاً منفصلاً ومستمراً لحقوق صاحب البلاغ بموجب العهد. وفضلاً عن ذلك، فقد تم لصالح صاحب البلاغ حسم بعض الإجراءات القضائية التي أشار إليها، مثل الدعاوى المتعلقة بفرض حظر على أنشطة الحزب الكرواتي للحقوق، حيث قرر المدعي العام سحبها. وتشير الدولة الطرف إلى أن كون صاحب البلاغ طرفاً في عدد من الدعاوى التي أقيمت على مدى عدد من السنين لا يثبت أن هذه الدعاوى مترابطة فيما بينها، كما أنه لا يولد الأثر المستمر الذي كان سيترتب على الدعاوى فيما يتعلق بتمتع صاحب البلاغ بحقوقه.

3-3 وتسلّم الدولة الطرف بوجود استثناء من الملاحظات الواردة أعلاه يتمثل في حكم المحكمة الصادر ضد السيد باراغا بإخلاء المبنى الذي كان يشغله مع حزبه، وهو الحكم الذي أُقرّ في 25 آذار/مارس 1996، أي بعد دخول البروتوكول حيز النفاذ في كرواتيا. ومع ذلك تدعي الدولة الطرف أن السيد باراغا لا يدعي حدوث انتهاك للمادة 26 في هذا الصدد بل حدوث انتهاك لحقه في الملكية، وهو حق لا يحميه العهد، ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ يعتبر غير مقبول من حيث الموضوع. وإلى جانب ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن بإمكان المحكمة الدستورية في كرواتيا أن تنظر في مسألة حظر التمييز على أساس الرأي السياسي وحماية الملكية على السواء، وذلك في سياق حماية الحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور. وبما أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى هذا السبيل فيما يتعلق بادعائه، فإنه لم يستنفد بذلك سبل الانتصاف المحلية المتاحة له.

3-4 ولذلك تعتبر الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول وذلك بسبب الاختصاص الزماني من جهة ولعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية من جهة أخرى.

4-1 ويدعي صاحب البلاغ في تعليقاته بأن جميع النتائج القانونية أو غيرها من النتائج المترتبة على الإجراءات التي اتخذتها السلطات الكرواتية ضده، كانت لها آثار مستمرة. وهو يعيد التأكيد على ما يلي:

(أ) لم يتم بصورة نهائية البت في حادثة قتل نائبه السابق والنائب السابق لرئيس الحزب الكرواتي للحقوق، السيد آنتي بارادزك. وحيث أعفي عن مرتكبي الجريمة بعد إجراء محاكمة ثانية لأربعة من أفراد وزارة الداخلية، وفقد القاضي الذي أدانهم بالتآمر وظيفته؛

(ب) لم يُفصل نهائياً في الدعوى التي رفعت ضد صاحب البلاغ والتي أدت إلى إلقاء القبض عليه في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991 ومن ثم إلى إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة، مما يحول دون تمكن صاحب البلاغ من رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عن إلقاء القبض عليه واحتجازه بصورة غير مشروعة؛

(ج) لم يُفصل في الدعوى التي أقيمت ضد صاحب البلاغ في 21 نيسان/أبريل 1992 بتهمة القذف؛

(د) لم يجر قط أي تحقيق عادل وغير متحيز في عملية تفجير مقر حزبه في 1 آذار/مارس 1992 في فنكوفسي؛

(ه‍) لم يجرَ أي تحقيق غير متحيز في التلاعب المدعى به بانتخابات 2 آب/أغسطس 1992؛

(و) لم يُجر قط أي تحقيق في الادعاء بوجود خطة لاغتيال صاحب البلاغ في آذار/مارس 1993 ويزعم صاحب البلاغ أن أعضاء في الحكومة قد تآمروا لوضعها؛

(ز) وأخيراً، وبعد خلع صاحب البلاغ من منصب رئيس الحزب الكرواتي للحقوق، تحول حزبه (السابق) إلى "حزب" تابع للحزب الحاكم.

4-2 ويؤكد صاحب البلاغ أنه وقع ضحية لانتهاك المادة 26، لأنه تعرض للتمييز بسبب آرائه السياسية. وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997، شرعت محكمة إقليم زغرب، بالاستناد إلى المادة 191 من القانون الجنائي لكرواتيا، في إجراءات ضد صاحب البلاغ لقيامه بنشر معلومات كاذبة؛ ويشير صاحب البلاغ إلى احتمال الحكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر إذا أدين بهذه التهمة. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 1997، ألقي القبض على صاحب البلاغ عند الحدود النمساوية، ويُزعم أن ذلك تم بعد أن قدمت وزارة الخارجية الكرواتية إلى السلطات النمساوية معلومات كاذبة عن الغرض من زيارته للنمسا - وظل صاحب البلاغ محتجزاً لمدة 16 ساعة في مخفر نمساوي. وحدثت في السابق واقعة مماثلة عندما زار صاحب البلاغ كندا حيث احتجز لمدة ستة أيام في تورونتو في حزيران/يونيه 1996 وادعى أن ذلك قد وقع لأن حكومة كرواتيا اتهمته بالقيام بأنشطة هدامة.

4-3 ويرفض صاحب البلاغ الحجة التي قدمتها الحكومة بأن الإجراءات القانونية المتعلقة بإخلاء الشقة التي يشغلها الحزب السياسي لصاحب البلاغ كمكتب له وطرده منها لا تمت بأي صلة إلى التمييز على أساس الرأي السياسي. بل يؤكد صاحب البلاغ أن حكم المحكمة الصادر في 25 آذار/مارس 1996 لم يُنفَّذ بسبب ضغوط ما ووجه من ضغط عام عالمي وبسبب تدخل مالك الشقة الذي يحمل جنسية مزدوجة كرواتية وكندية.

4-4 أما فيما يتعلق بإمكانية فصل المحكمة الدستورية في دعاوى التمييز غير المشروع والمصادرة غير القانونية للملكية والانتهاكات لحقوق أساسية أخرى، فيدعي صاحب البلاغ أن المحكمة هي "أداة في يد الأقلية الحاكمة وأن قرارات الرئيس توجمان المتعلقة بمسائل جوهرية" هي قرارات نهائية. ولذلك، فإن سبل الانتصاف الدستورية هذه تعتبر غير فعالة, من ثم فإن صاحب البلاغ يدعي أنه استنفذ سُبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بجميع القضايا والدعاوى المشار إليها أعلاه.

الاعتبارات المتعلقة بقبول البلاغ

5-1 نظرت اللجنة في دورتها الثالثة والستين في مدى مقبولية البلاغ.

5-2 تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف أصدرت لدى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري إعلاناً يقصر اختصاص اللجنة على النظر في الأحداث التي تقع بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في كرواتيا في 12 كانون الثاني/يناير 1996. وتلاحظ اللجنة أن معظم الانتهاكات المزعومة لحقوق السيد باراغا بموجب العهد هي نتيجة لسلسلة من الأفعال والأحداث التي وقعت بين عامي 1991 و1995 ولذلك فإنها تسبق تاريخ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لكرواتيا.

5-3 ومع ذلك ترى اللجنة أن مزاعم صاحب البلاغ بأنه لا يستطيع رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عن تعرضه كما يزعم لاعتقال وحبس غير مشروعين في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، لأنه لم يتم قط البت بصورة رسمية في الإجراءات المتعلقة بذلك، ولأن لم يتم الفصل نهائياً في الدعوى التي أقيمت ضده في 21 نيسان/أبريل 1992 بتهمة القذف، هي مزاعم تتعلق بأحداث لها آثار مستمرة وقد تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. ولذلك ترى اللجنة أن هذه المزاعم مقبولة وينبغي النظر فيها استناداً إلى أسسها الموضوعية.

5-4 وترى اللجنة أنه لا يمكنها، على أساس الاختصاص الزماني وفي ضوء الاعلان الذي صدر عن الدولة الطرف لدى الانضمام إلى البروتوكول الاختياري، النظر في الأجزاء المتبقية من البلاغ لأنها تتعلق بأحداث وقعت قبل 12 كانون الثاني/يناير 1996، ولأن الآثار المستمرة التي يزعم السيد باراغا وجودها لا تشكل، فيما يبدو، وفي حد ذاتها انتهاكا للعهد، كما أنه لا يمكن تفسيرها كتأكيد للانتهاكات السابقة من جانب الدولة الطرف، صراحة أو ضمنا (1) .

5-5 وفيما يتعلق بأمر المحكمة الذي يقتضي أن يخلي صاحب البلاغ الشقة التي كان يستخدمها كمكتب لحزبه السياسي، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن المحكمة الدستورية لها صلاحيات البت في دعاوى مصادرة الممتلكات بصورة غير مشروعة وتعسفية والتمييز غير القانوني. وقد اكتفى صاحب البلاغ بالادعاء بأن سبيل الانتصاف هذا هو سبيل غير فعال حيث ذكر أن المحكمة الدستورية هي "أداة في يد الأقلية الحاكمة". وذكّرت اللجنة بأن مجرد الشك في فعالية سبل الانتصاف المحلية لا يعفي صاحب الشكوى من ضرورة اللجوء إليها؛ ولاحظت اللجنة في هذا السياق إن المحاكم الكرواتية قد حكمت لصالح صاحب البلاغ في السابق فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة الأخرى لحقوقه. وفي ظل هذه الظروف، خلصت اللجنة إلى أن اللجوء إلى المحكمة الدستورية فيما يتعلق بأمر إخلاء الشقة التي استخدمها صاحب البلاغ كمكتب له لا يمكن أن يعتبر بداهة سبيلاً عديم الجدوى. ولذلك فإنه لم يتم في هذا الصدد الوفاء بمقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ، الوارد في الفقرة 4-2 أعلاه، بأنه وقع ضحية انتهاك للمادة 26، فإن اللجنة تعتبر أن هذا الادعاء مقبول وينبغي فحصه استناداً إلى أسسه الموضوعية.

6- ووفقا لذلك، قررت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 24 تموز/يوليه 1998 أن البلاغ جائز القبول فيما يتعلق بإلقاء القبض على صاحب البلاغ وحبسه في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، وبالإجراءات التي اتخذت ضده بتهمة القذف في 21 نيسان/أبريل 1992 وبادعائه بأنه وقع ضحية للتمييز.

المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف ورد صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

7-1 تقدم الدولة الطرف في رسالتها حول الأسس الموضوعية للبلاغ معلومات إضافية بشأن الاجراءات المتعلقة بإلقاء القبض على صاحب البلاغ وحبسه في تشرين الثاني/نوفمبر 1991، وبشأن التهم التي وجهت إليه بالقيام "بنشر معلومات كاذبة" في نيسان/أبريل 1992، وتؤكد على أنه تم الآن الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بجميع هذه التهم.

7-2 وتؤكد الدولة الطرف أنه تم احتجاز السيد باراغا في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، وأن حبسه تم بأمر من قاضي التحقيق بالإشارة إلى النقطتين 2 و3 من الفقرة 2 من المادة 191 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه تم إطلاق سراحه في 18 كانون الأول/ديسمبر 1991 بأمر من محكمة إقليم زغرب.

7-3 وتشير الدولة الطرف إلى أنه في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، قدم مكتب المدعي العام في إقليم زغرب الطلب رقم KT-566/91 للبدء بإجراء تحقيق مع السيد باراغا بتهمة "التمرد المسلح" وتهمة "الحيازة غير المشروعة للأسلحة والمتفجرات"، بموجب أحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 236(و) وأحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 209 على التوالي، من قانون العقوبات الكرواتي، الذي كان معمولا به عندئذ. كما قدم طلب بموجب النقطتين 2 و3 من الفقرة 2 من المادة 191 من قانون الإجراءات الجنائية للتحفظ على صاحب البلاغ.

7-4 ورفض قاضي التحقيق طلب إجراء التحقيق وأحال القضية إلى مجموعة من القضاة الذين قرروا إجراء تحقيق فيما يتعلق بالفقرتين 2 و3 من المادة 209 فقط. ومع ذلك، لم يصدر مكتب المدعي العام للإقليم لائحة الاتهام ولم يطلب من قاضي التحقيق مواصلة التحقيق. ولذلك قام قاضي التحقيق، مرة أخرى، بإحالة الملف إلى مجموعة من ثلاثة قضاة، قرروا في القرار رقم Kv-48/98 المؤرخ في 10 حزيران/يونيه 1998 وقف اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد السيد باراغا، بموجب النقطة 3 من الفقرة 1 من المادة 162 من قانون الإجراءات الجنائية. ووفقا لما ذكرتـه الدولـة الطرف، أُرسل القـرار إلـى السيد باراغا في 17 حزيران/يونيه 1998 واستلمه في 19 حزيران/يونيه 1998.

7-5 وتدعي الدولة الطرف أن إلقاء القبض على السيد باراغا تم بصورة مشروعة بموجب أحكام قانون الإجراءات الجنائية المعمول بها آنذاك وبالتالي فإن جمهورية كرواتيا لم تنتهك أحكام الفقرة 1 من المادة 9 من العهد. وفضلا عن ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أنه نظرا لانتهاء الإجراءات، أصبح بإمكان صاحب البلاغ أن يرفع دعوى إلى المحاكم الكرواتية للحصول على التعويض بموجب الفقرة 5 من المادة 9 من العهد.

7-6 وتؤكد الدولة الطرف أن مكتب المدعي العام للبلدية قد باشر إجراءات في نيسان/أبريل 1992 تتعلق "بنشر معلومات كاذبة"، وذلك بموجب المادة 191 من القانون الجنائي (الفقرة 1 من المادة 197 من القانون السابق)، وعملاً بأحكام الفقرة 1 من المادة 425، بالإشارة إلى النقطة 1 من الفقرة 1 من المادة 260 من قانون الاجراءات الجنائية. (انظر أدناه). وتشير الدولة الطرف إلى أنه نظرا للتعديلات التي أجريت على الأحكام ذات الصلة من قانون العقوبات، ونظرا لمرور الوقت، فإن محكمة بلدية سبليت، التي تلقت لائحة الاتهام من مكتب المدعي العام، قـد رفضت الاتهامات الموجهة ضد السيد باراغا، وذلك في القرار رقم IK-504/92الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 1999.

7-7 وفيما يتعلق بالتمييز المزعوم بسبب آراء صاحب البلاغ السياسية، لا سيما بعد إجراء مقابلات مع صحيفة Novi list اليومية، تؤكد الدولة الطرف أن مكتب المدعي العام لبلدية زغرب قد باشر بموجب أحكام المادة 191 من قانون العقوبات المعمول به آنذاك، إجراءات ضد السيد باراغا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997، بتهمة "نشر معلومات كاذبة"، إلا أن الإجراءات الجنائية قد ألغيت في 26 كانون الثاني/يناير 1998 بعد الانتهاء من التحقيق.

7-8 وتوضح الدولة الطرف أن الذي يرتكب جريمة نشر معلومات كاذبة، بموجب المادة 191 من قانون العقوبات الذي كان سارياً آنذاك، هو "كل شخص ينقل أو ينشر أخباراً أو معلومات يكون على علم بأنها كاذبة، ويحتمل أن تزعج عددا متزايدا من المواطنين وتستهدف التسبب في مثل هذا الإزعاج". ويشار الآن إلى نفس هذا الفعل الجنائي في إطار قانون العقوبات الجديد الذي أصبح نافذاً في كرواتيا منذ الأول من كانون الثاني/يناير 1998، بأنه "نشر إشاعات كاذبة ومثيرة للقلاقل" (المادة 322 من قانون العقوبات)، وهي جريمة يُدان مرتكبها إذا كان "يعلم أن الإشاعات التي يقوم بنشرها هي إشاعات كاذبة وإذا كان غرضه هو إزعاج عدد متزايد من المواطنين وإذا تسبب بالفعل إزعاج عدد متزايد من المواطنين". ولذلك فإن المطلوب أن يكون الأثر مطابقا للنية. ووفقا لما ذكرته الدولة الطرف، ونظرا إلى أن الأمر مختلف في حالة صاحب البلاغ، فقد تم في 26 كانون الثاني/يناير 1998 سحب الاتهامات الجنائية الموجهة ضد السيد باراغا وإنهاء الإجراءات المتخذة ضده.

7-9 وبالنسبة لادعاء صاحب البلاغ بإلقاء القبض عليه واحتجازه عند الحدود النمساوية في 4 كانون الأول/ديسمبر 1997 وعند الحدود الكندية في حزيران/يونيه 1996، وذلك بالاستناد إلى معلومات كاذبة كانت وزارة الخارجية الكرواتية، قد قدمتها بشأن الغرض من سفره، ترفض وزارة الخارجية الكرواتية رفضاً قاطعاً هذه الادعاءات باعتبارها ادعاءات مغرضة ولا أساس لها من الصحة. ووفقاً للدولة الطرف، فقد طلبت السفارة الكرواتية في فيينا وتلقت من السلطات النمساوية تفسيراً رسمياً بشأن احتجاز السيد باراغا وهي تدعي أنها لم تعلم بهذا الاحتجاز إلا من خلال الصحافة النمساوية. وأُبلغت الدولة الطرف بأن السيد باراغا كان قد دخل النمسا كمواطن سلوفييني وأنه ظل محتجزاً إلى أن تم التثبت من وقائع تتعلق بسبب منعه من الدخول إلى النمسا في عام 1995. وأُعلمت الدولة الطرف أيضاً بأن الشكوى التي قدمها السيد باراغا بنفسه ضد احتجازه لا تزال قيد النظر. وتدعي الدولة الطرف أن السيد باراغا لم يبلغ البعثة الدبلوماسية الكرواتية عن هذا الحادث، ولذلك فلم يكن بالإمكان حمايته بموجب الاتفاقيات الدولية.

7-10 وبالمثل، تدعي الدولة الطرف بأنها لم تكن على علم باحتجاز السيد باراغا من قبل مكتب الهجرة الكندي في تورنتو وأنها عرفت بذلك من خلال الصحف وأن القنصل العام لجمهورية كرواتيا في ميسيسوغا قد اتصل، بمجرد علمه بهذا الاحتجاز، بمحامي صاحب البلاغ الذي رفض اطلاعه على أية معلومات. ومن ثم فقد حاول القنصل العام الاتصال بالسيد هنري سيزك، المشرف على مكتب الهجرة الكندي في مطار تورنتو، الذي أعلمه بأن السيد باراغا كان يتنقل بجواز سفر سلوفييني (لأن جوازه الكرواتي لم تكن فيه تأشيرة كندية سارية المفعول) وأنه رفض الحماية القنصلية لأنه رفض التحدث مع القنصل العام.

8-1 ويرفض صاحب البلاغ ما ذكرته الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ ويصفها بأنها "غير صحيحة البتة". ففيما يتعلق بإلقاء القبض عليه واحتجازه في تشرين الثاني/نوفمبر 1991، يدعي صاحب البلاغ أنه ألقي القبض عليه دون تهمة" واحتجز وحبس "بصورة تعسفية وبلا أي أساس على الإطلاق" وذلك لأسباب محض سياسية. ويدعي صاحب البلاغ أن رئيس جمهورية كرواتيا قد مارس ضغوطاً على رئيس المحكمة العليا آنذاك لكي يصدر حكماً "غير قانوني" بحقه وأن رئيس المحكمة العليا قد طُرد من منصبه في كانون الأول/ديسمبر 1991 (2) لأنه رفض القيام بذلك.

8-2 ويؤكد صاحب البلاغ أن قرار المحكمة بإنهاء هذه الإجراءات ضده صدر في 10 حزيران/يونيه 1998. لكنه يذكر أن هذا القرار لم يصدر إلا بعد أن قدم بلاغاً إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وبعد أن قدم إلى محكمة إقليم زغرب "طلباً عاجلاً" لإنهاء الإجراءات. وفضلاً عن ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه كان قد تعرض، على الأقل، في الفترة بين عامي 1991 و1998، للتحقيق الجنائي وأن ذلك قد حرمه من حقوقه المدنية والسياسية "لأن الشخص الخاضع للتحقيق لا يمكنه العمل في وظيفة دائمة ولا يسمح له بالاستفادة من الرعاية الاجتماعية والصحية ولا بتوظيفه".

8-3 وفيما يتعلق بالتهم الموجهة ضد السيد باراغا في نيسان/أبريل 1992 والمتعلقة بالقذف، يسلم صاحب البلاغ بأنه تم إسقاط هذه التهم لكنه يؤكد على أن ذلك استغرق سبع سنوات من تاريخ توجيه التهم ضده.

8-4 وفيما يتعلق بالتهم الموجهة ضد صاحب البلاغ في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997 والمتعلقة بنشر معلومات كاذبة، يؤكد صاحب البلاغ على أنه لم يتم حتى الآن إنهاء هذه الدعاوى على الرغم من ادعاء الدولة الطرف بخلاف ذلك. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لم يتلق أي قرار بشأن إنهاء هذه الدعاوى. ويعيد صاحب البلاغ تأكيد اعتقاده بأن قيام حرس الحدود بتوقيفه في كندا في عام 1996 وفي النمسا في عام 1997 جاء نتيجة معلومات قدمتها السلطات الكرواتية إلى النقاط الحدودية في كلا البلدين تفيد بأن صاحب البلاغ كان متورطاً في أنشطة هدّامة. ويدعي صاحب البلاغ أن كلاً من سلطات الهجرة الكندية والنمساوية قد أعلمته بذلك. وهو يدحض رأي الدولة الطرف بأنها كانت مستعدة لتقديم المساعدة إليه أثناء احتجازه في كندا والنمسا ويدعي بأن السلطات الكرواتية لم تسعَ في كلتا الحالتين لكي يُفرج عنه. ويدعي صاحب البلاغ أنه تقدم بشكوى ضد حكومة كراوتيا، بالاستناد إلى ما يسميه "إساءة استخدام للسلطة" مطالباً بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء احتجازه في كندا والنمسا.

إعادة النظر في قرار القبول والنظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات المقدمة إليها من الطرفين، وذلك وفقاً لما هو منصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وقد تحققت اللجنة، بمقتضى أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين (3) .

9-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بإلقاء القبض عليه وحبسه بصورة غير قانونية في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1991، قررت اللجنة، في قرارها المتعلق بالمقبولية والمؤرخ في 24 تموز/يوليه 1998، قبول البلاغ بقدر تعلقه بالآثار المستمرة للإجراءات الجنائية التي اتخذت ضد صاحب البلاغ آنذاك والتي كانت لا تزال معلقة أثناء تقديم البلاغ. وتذكر اللجنة أنها اتخذت قرارها بشأن قبول البلاغ بالاستناد إلى ما يزعم من استمرار آثار الانتهاكات التي حدثت، على حد ما قيل، قبل نفاذ البروتوكول الاختياري في كرواتيا.

9-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف بأن هذه الإجراءات قد أنهيت في 17 حزيران/يونيه 1998، وبادعائها بأن بإمكان، صاحب البلاغ الآن أن يقدم دعوى للمطالبة بالتعويض أمام المحاكم المحلية. ونظراً لأن هذه المعلومات الجديدة قدمت إلى اللجنة بعد أن اتخذت قرارها بشأن قبول البلاغ، فإن اللجنة تعيد، بموجب أحكام المادة 93(4) من نظامها الداخلي، النظر في قرارها السابق بشأن قبول البلاغ، وتعلن أن الادعاءات المتعلقة بالانتهاك المزعوم للفقرة 5 من المادة 9 هي ادعاءات غير مقبولة لأن صاحب البلاغ لم يستنفد، بموجب أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، سبل الانتصاف المحلية في هذا الصدد، ويتعين على صاحب البلاغ أن يلجأ، فيما يتعلق بهذه الادعاءات، إلى سبل الانتصاف المحلية.

9-5 وتواصل اللجنة دون تأخير النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ فيما يتعلق بدعوتي القذف والتمييز المزعوم.

9-6 وفيما يتعلق بدعوى القذف، أحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأنه تم رفع دعوى ضده لأنه وصف رئيس الجمهورية بالديكتاتور. وعلى الرغم من أن الدولة الطرف لم تنف توجيه التهمة إلى صاحب البلاغ لهذا السبب، فقد أعلمت اللجنة بأن المحكمة قد رفضت في النهاية، في كانون الثاني/يناير 1999، التهم الموجهة ضد صاحب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن قانون العقوبات الكرواتي يتضمن حكماً يمكن بموجبه إقامة مثل هذه الدعاوى التي يمكن أن تؤدي، في حالات محددة إلى فرض قيود تتجاوز ما يُسمح به بموجب أحكام الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. ومع ذلك، ونظراً لأن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات محددة ونظراً لإسقاط التهم الموجهة إلى صاحب البلاغ، فإن اللجنة لا تستطيع أن تخلص إلى أن إقامة الدعوى ضد صاحب البلاغ تمثل في حد ذاتها انتهاكاً لأحكام المادة 19 من العهد.

9-7 وتلاحظ اللجنة أن التهم التي وجهت إلى السيد باراغا في تشرين الثاني/نوفمبر 1991 والتهم المتعلقة بالقذف التي وجهت ضده في نيسان/أبريل 1992 تثير مسألة التأخير الذي لا مبرر له (الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد). وترى اللجنة أن هذه المسألة مقبولة لأنه لم يتم البت في الدعويين إلا بعد مرور سنتين ونصف وثلاث سنوات، على التوالي، على نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أن البت في الدعويين معاً استغرق سبع سنوات، وأن الدولة الطرف، وإن كانت قد قدمت معلومات بشأن سير الإجراءات، فإنها لم تقدم أي تفسير يوضح سبب استغراق الإجراءات المتعلقة بهاتين التهمتين وقتاً طويلاً كهذا، كما أنها لم تقدم أسباباً خاصة لتبرير هذا التأخير. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحاكم "دون تأخير لا مبرر له" وفقاً لمفهوم الفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

9-8 أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه وقع ضحية تمييز بسبب معارضته السياسية للحكومة التي كانت قائمة في كرواتيا آنذاك، تلاحظ اللجنة أن الدعوى التي أقيمت ضده في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997 قد رُفضت بعد أشهر قليلة، أي في 26 كانون الثاني/يناير 1998. وتبعاً لذلك، ونظراً لعدم تقديم أية معلومات أخرى تدعم هذا الادعاء، فإن اللجنة لا ترى أن أي انتهاك قد حدث في هذا الشأن لأي مادة من مواد العهد.

9-9 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بتعرضه للتشهير من قبل السلطات الكرواتية في النمسا وكندا، فإن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف قد أشارت إلى أن صاحب البلاغ لم يُعلم السلطات الكرواتية باحتجازه في هاتين الحالتين وأنه كان يحمل جوازاً سلوفينياً عند دخوله كندا. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم تعليقات أخرى حول هذه النقاط. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تدعم ادعاءه وترى أنه لم يحدث أي انتهاك بهذا الصدد.

10- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب كرواتيا للفقرة 3(ج) من المادة 14.

11- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ يستحق الاستفادة من سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الحصول على تعويض مناسب.

12- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيلاً للانتصاف فعالاً وقابلاً للنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها.

[اعتمدت بالإنكليزية والفرنسية والإسبانية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) انظر الفقرة 4-5 من آراء اللجنة بشأن البلاغ رقم 516/1992 (سيمونيك ضد الجمهورية التشيكية)، المعتمدة في 19 تموز/يوليه 1995.

(2) لا يقدم صاحب البلاغ أية معلومات مفصلة تساعد في دعم ادعائه.

(3) يلاحظ أن صاحب البلاغ قدم بلاغين إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 1999. إلا أن القضايا المطروحة فيهما تختلف عن القضايا المثارة في هذا البلاغ.

واو- البلاغ رقم 736/1997، روس ضد كندا

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاشندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، واللورد كولفيل، والسيدة إليزابيث إيفات، والسيدة بيلار غايتان دي بومبو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد مارتن شاينن، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومان فيروسيفسكي، والسيد عبد الله زاخيا.

وعملاً بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة لم يشترك السيد ماكسويل يالدن في النظر في هذه القضية.

ويرد نص رأي فردي قدمه أحد أعضاء اللجنة مرفقاً بهذه الوثيقة.

الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد مالكولم روس (يمثله السيد دوغلاس ه‍. كرسيتي، المحامي)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 1 أيار/مايو 1996

القرارات السابقة : - قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 91 والمحال إلى الدولة الطرف بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 1997 (لم يصدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ 736/1997 المقدم من مالكولم روس إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عملاً بالبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار كافة المعلومات المقدمة إليها خطياً من صاحب البلاغ ومن الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

ا لآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ مواطن كندي اسمه مالكولم روس. ويدّعي صاحب البلاغ أنه وقع ضحية انتهاك كندا للمادتين 18 و 19 من العهد. ويمثله المحامي، السيد دوغلاس ه‍. كريستي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ يعمل، في الفترة بين شهري أيلول/سبتمبر 1976 وأيلول/سبتمبر 1991، كمعلم يدرس المواد المعدّة لاستدراك التقصير في القراءة في إحدى النواحي المدرسية في منطقة نيو برانزويك. وخلال تلك الفترة، نشر صاحب البلاغ كتباً وكتيبات عديدة وأدلى ببيانات عامة أخرى كما أجرى مقابلة تلفزيونية، وقد أفصح فيها عن آراء جدلية زعم أنها دينية. وتحدث صاحب البلاغ في كتبه عن مسألة الإجهاض وأوجه الخلاف بين الديانة اليهودية والديانة المسيحية، كما تناول الدفاع عن الدين المسيحي. وساعدت التغطية التي وفرتها وسائط الإعلام المحلية لكتبه على نشر أفكاره في المجتمع. ويركز صاحب البلاغ على أن أفكاره لا تخالف القانون الكندي وأنه لم يقاض قط على آرائه. ذلك بالإضافة إلى أنه كان يؤلف كتبه في أوقات فراغه وأن آراءه لم تلعب أي دور في التعليم الذي كان يوفره.

2-2 وجرى الإعراب عن أوجه قلق ترتب عليها إخضاع جهود صاحب البلاغ التعليمية داخل الصف الدراسي للمراقبة اعتباراً من عام 1979 فصاعداً. واشتد الجدال حول صاحب البلاغ، فقام "مجلس التعليم"، نتيجة القلق المعرب عنه علناً، بتوجيه توبيخ إلى صاحب البلاغ بتاريخ 16 آذار/مارس 1988، وبإنذاره بأن مواصلة عرض آرائه علناً قد يدفع إلى اتخاذ إجراءات تأديبية أخرى ضده، بما في ذلك فصله من العمل. ولكن، بالرغم من ذلك، أذن له بمواصلة التدريس، وشطب هذا الإجراء التأديبي من ملفه في أيلول/سبتمبر 1989. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، أجرى صاحب البلاغ مقابلة تلفزيونية فوجه إليه مجلس التعليم توبيخاً آخر بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

2-3 وفي 21 نيسان/أبريل 1988، قام شخص يدعى ديفيد أتيس، وهو أب يهودي أطفاله مسجلون في مدرسة أخرى موجودة في نفس الناحية المدرسية، برفع شكوى إلى لجنة نيو برانزويك لحقوق الإنسان، ادعى فيها أن مجلس التعليم عندما تقاعس عن اتخاذ إجراء ضد صاحب البلاغ صفح عن آرائه المناهضة لليهودية وانتهك الأحكام المنصوص عليها في المادة 5 من قانون حقوق الإنسان الكندي، بتمييزه ضد الطلاب اليهود وطلاب أقليات أخرى. وفي النهاية أدت هذه الشكوى إلى فرض الجزاءات المشار إليها في الفقرة 4-3 أدناه.

الإجراءات والتشريعات المحلية ذات الصلة

3-1 بحكم النظام الاتحادي القائم في كندا ينقسم قانون حقوق الإنسان هناك إلى جزء خاص بالقضاء الاتحادي وجزء خاص بقضاء المقاطعات. فكل مقاطعة وكل قضاء اتحادي وإقليمي يسن تشريعاته الخاصة بحقوق الإنسان. وقد تختلف هذه النظم التشريعية في التفاصيل ولكنها تتفق في الهيكل العام والخطوط الأساسية.

3-2 وتفيد الدولة الطرف بأن قوانين حقوق الإنسان تحمي المواطن الكندي والأشخاص المقيمين في كندا من التمييز في ميادين عديدة، ومن بينها العمل والسكن والخدمات الجماهيرية. ويجوز لأي فرد يرى أنه ضحية تمييز أن يرفع شكوى إلى لجنة حقوق الإنسان المعنية التي تحقق بدورها في الشكوى. وعبء الإثبات هو، بالنسبة إلى المدعي، المعيار المدني القائم على ترجيح الاحتمالات، فلا يطلب إلى المدعي إثبات أن الشخص تعمد التمييز. وللمحكمة المكلفة بالنظر في الشكوى سلطة إصدار مجموعة كبيرة من الأوامر الإصلاحية ولكن لا تتوافر لديها الصلاحية لفرض عقوبات جنائية. وقد يفضل الأفراد الذين تقلقهم بيانات مناهضة لأقليات معينة رفع شكوى إلى إحدى لجان حقوق الإنسان عوضاً عن تقديم الشكوى إلى الشرطة أو بالإضافة إلى هذه الشكوى.

3-3 وقد رفعت الشكوى ضد مجلس التعليم عملاً بالمادة 5 (1) من قانون نيو برونشويك لحقوق الإنسان، ونصها كالآتي:

“ لا يجوز لأي شخص، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بمفرده أو مع شخص آخر، بمحض إرادته أو بناء على تأويل غيره:

(أ) أن يحرم أي فرد أو فئة من الأفراد من أي سكن أو خدمات أو مرافق تكون متاحة لعامة الناس؛

(ب) أو أن يميز ضد أي فرد أو فئة من الأفراد فيما يتعلق بأي سكن أو خدمات أو مرافق متاحة لعامة الناس؛

وذلك على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الأصل القومي أو الأجداد أو مكان المنشأ أو السن أو الإعاقة البدنية أو العقلية أو الحالة الاجتماعية أو الميول الجنسية أو نوع الجنس ” .

3-4 وبين السيد أتيس في شكواه أن مجلس التعليم انتهك المادة 5 عندما أتاح للناس خدمات تربوية تميز بينهم على أساس الدين والأجداد، حيث تقاعس [أعضاء] المجلس عن اتخاذ التدابير اللازمة ضد صاحب البلاغ. والمادة 20(1) من نفس القانون تجيز للجنة حقوق الإنسان تعيين مجلس تحقيق يتألف من شخص واحد أو أكثر للتحقيق في الأمر، إن أخفقت هي في تسوية الموضوع. وعملاً بالمادة 20(6-2) من نفس القانون، أصدر المجلس المكلف بالنظر في الشكوى المرفوعة ضد مجلس التعليم أوامره التي نصها كالآتي:

“ حيثما يجد المجلس بترجيح الاحتمالات بعد إنهاء التحقيق أنه وقع انتهاك لهذا القانون (قانون حقوق الإنسان الكندي) يجوز له أن يأمر أي طرف يثبت انتهاكه للقانون

(أ) بأن يقوم بأي فعل أو أفعال أو يمتنع عن أي فعل أو أفعال امتثالاً للقانون؛

(ب) وبأن يجبر أي ضرر يلحق نتيجة الانتهاك؛

(ج) وأن يرد أي طرف تضرر من جراء الانتهاك إلى المركز الذي كان سيشغله لولا وقوع الانتهاك؛

(د ) و أن يرد إلى الوظيفة أي طرف عزل من منصبه انتهاكاً لهذا القانون؛

(ه‍) وأن يقدم لأي طرف تضرر من جراء الانتهاك التعويض عما يترتب على الانتهاك من تكاليف أو خسائر مالية أو حرمان من استحقاقات بدفع مبلغ يقدره المجلس وفقاً لما يراه عادلاً وملائماً؛

(و) وأن يقدم لأي طرف تضرر من جراء الانتهاك التعويض عن أي معاناة تنجم عن المساس بمشاعره، بما يشمل المعاناة الناجمة عن الطعن في كرامة الفرد أو جرح أحاسيسه أو عزة نفسه، بدفع مبلغ يقدره المجلس وفقاً لما يراه عادلاً وملائماً ” .

3-5 أصبح الميثاق الكندي للحقوق والحريات ("الميثاق") جزءا من دستور كندا منذ عام 1982، وبناء عليه أصبح كل قانون يتنافى وأحكام هذا الميثاق لاغياً وباطلاً بقدر ما يتنافى به والميثاق. ويسري الميثاق على الحكومة الاتحادية وحكومات المقاطعات والأقاليم في كندا فيما يتعلق بكافة الإجراءات التي تتخذها هذه الحكومات سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو إدارية. وتخضع قوانين المقاطعات الخاصة بحقوق الإنسان كما يخضع أي أمر يصدر عملاً بهذه القوانين للاستعراض بموجب الميثاق. ويجوز تقييد حق منصوص عليه في الميثاق في الحالات المبينة في إطار المادة 1 من الميثاق إذا تمكنت الحكومة من إثبات نص القانون على القيود وأن القيود لها ما يبررها في إطار مجتمع حر وديمقراطي. فتنص المادة 1 والمادة 2(أ) و(ب) من الميثاق على ما يلي:

“ 1- يضمن الميثاق الكندي للحقوق والحريات الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه ولا يقيدها إلاَّ في الحدود المعقولة التي ينص عليها القانون والتي يثبت أنها مبررة في إطار مجتمع حر وديمقراطي.

2- يتمتع كل فرد بالحريات الأساسية التالية:

(أ) حرية الوجدان والدين؛

(ب) حرية الفكر والمعتقد والرأي والتعبير، بما في ذلك حرية الصحافة وغيرها من وسائط الإعلام؛... ”

3-6 وتوجد أيضاً آليات تشريعية عديدة أخرى سواء على الصعيد الاتحادي أو على صعيد المقاطعات تتناول التصريحات الحاطة بكرامة فئات معينة من المجتمع الكندي. فعلى سبيل المثال، يحظر القانون الجنائي الدعوة إلى الإبادة الجماعية، والتحريض علناً على الكراهية، والتشجيع العمدي على الكراهية. ويجب الحصول على موافقة النائب العام لمباشرة الإجراءات القضائية ضد من يرتكب هذه الجرائم. أما عبء الإثبات الواقع على التاج فهو إثبات التهمة دون أي شك معقول، ويجب على التاج أن يثبت كافة أركان الجريمة، بما في ذلك توافر شرط القصد الجنائي لدى المتهم.

الدعوى المرفوعة أمام المحاكم المحلية

4-1 أنشئ في 1 أيلول/سبتمبر 1988 مجلس تحقيق خاص بحقوق الإنسان للتحقيق في الشكوى. وفي الفترة من كانون الثاني/يناير 1990 وحتى ربيع عام 1991، عقدت أولى جلسات الاستماع أمام المجلس. وكانت كل الأطراف ممثلة في هذه الجلسات، وتفيد المعلومات الواردة من الدولة الطرف في العهد بأنه أتيحت للأطراف كافة الفرص لتقديم الأدلة والمرافعات. واستغرقت جلسات الاستماع اثنين وعشرين يوماً أدلى خلالها أحد عشر شاهداً بشهادته. ولم يجد المجلس ثمة دليل على قيام صاحب البلاغ بنشاط في الصف المدرسي يبرر تقديم شكوى بالتمييز. ولكن لاحظ مجلس التحقيق أن:

“ ... سلوك المعلم خارج أوقات عمله قد يؤثر في المهام المنوطة به، وهو، بالتالي، يتسم بالأهمية...وثمة عامل هام ينبغي أخذه في الاعتبار لدى البت فيما إذا كان المدعي قد تعرض للتمييز من طرف مالكولم روس ومجلس التعليم، وهو أن المعلمين يعتبرون قدوة يقتدي بها الطلاب سواء كانوا في صف المعلم المعني أو لم يكونوا. فيقوم المعلمون، بالإضافة إلى الدور الذي يؤدونه في توصيل المعلومات، في إطار المناهج الدراسية، إلى الأطفال في الصف، بدور أكبر بكثير بالتأثير الذي يمارسونه على الأطفال بسلوكهم العام في الصف وبسلوكهم خارج العمل. وتأثير الدور الذي يؤديه المعلم كقدوة في نفوس الطلاب يعني أن سلوك المعلم خارج أوقات العمل قد يقع في نطاق علاقة العمل. ولئن كان لا يستصوب تقييد حرية الموظفين في تدبير شؤون حياتهم كما يحلو لهم خارج أوقات العمل، فإن الحق في معاقبة الموظفين على سلوك ما خارج أوقات العمل عندما يثبت أن لهذا السلوك أثراً سلبياً في تسيير أشغال صاحب العمل، حق معترف به تماماً في سوابق قانونية ” .

4-2 وأشار مجلس التحقيق، لدى تقييمه لأنشطة صاحب البلاغ خارج أوقات العمل وما يترتب عليها من أثر، إلى أربعة كتب أو كتيبات منشورة على التوالي تحت عنـوان Web of Deceit، وThe Real Holocaust، وSpectre of Power، وChristianity vs Judeo-Christianity، كمـا أشـار إلى رسالة مؤرخة 22 تشرين الأول/أكتوبر 1986 موجهة إلى ناشر The Miramichi Leader، وإلى مقابلة أجريت مع التلفزيون المحلي في عام 1989. وبين مجلس التحقيق جملة أمور، ومنها:

“ ... لا تردد لديه في استنتاج أنه توجد في المؤلفات والتعليقات التي نشرها مالكوم روس إشارات عديدة تنطوي ظاهرياً على تمييز ضد من يدينون بالدين اليهودي وينحدرون من أجداد يهود. والسعي لوضع قائمة بكل رأي مؤذٍ أو تعليق تمييزي مضمن في مؤلفاته أمر مستحيل لأنها لا تحصى ولأنها تتخلل كل منشوراته. وتشوه هذه التعليقات العقيدة والمعتقدات اليهودية وهي لا تحث المسيحيين المخلصين على التشكيك في صحة المعتقدات والتعاليم اليهودية فحسب بل وعلى النظر إلى من يؤمنون بالدين اليهودي وينحدرون من أجداد يهود باحتقار لأنهم يقوضون الحرية والديمقراطية والقيم والمعتقدات المسيحية. ويعتبر مالكوم روس اليهود على أنهم الأعداء ويناشد جميع المسيحيين الانضمام إلى المعركة.

ولقد اتبع مالكولم روس أسلوباً في مؤلفاته ينطوي على الاستشهاد بأقوال مؤلفين آخرين كانت لهم تعليقات حاطة باليهود واليهودية. وكان مالكولم روس يضيف ما يستشهد به من أقوال حاطة إلى تعليقاته الخاصة بطريقة تدفع إلى الاعتقاد، بصورة منطقية، بأنه يعتبر الآراء المعرب عنها في تلك الأقوال على أنها آراؤه الشخصية. وما انفك مالكولم روس يدعي في كتبه أن العقيدة المسيحية وأسلوب حياة المسيحيين مستهدفان بمؤامرة دولية يترأسها زعماء اليهود.

... ولا يمكن تصنيف مؤلفات مالكولم روس وتعليقاته في إطار المناقشات العلمية مما قد يخرجها من نطاق المادة 5 [من قانون حقوق الإنسان الكندي]. فالمواد لا تعرض بأسلوب يلخص بصورة موضوعية ما يتوصل إليه من نتائج أو خلاصات أو مقترحات. ولئن كانت مؤلفات مالكولم روس قد تطلبت بحوثاً مطولة، فإنه من الواضح أن هدفه الأساسي هو التهجم على مصداقية اليهود ونزاهتهم وكرامتهم ودوافعهم وليس تقديم بحث علمي ” .

4-3 واستمع مجلس التحقيق إلى أدلة قدمها طالبان من الناحية المدرسية بالمنطقة قاما بوصف المجتمع التربوي وصفا مفصلاً. وقدم الطالبان، بين جملة أمور، أدلة على وجود مضايقات متكررة ومستمرة تنطوي على توجيه شتائم مخزية إلى الطلاب اليهود، وحفر صلبان معقوفة على مكاتب الأطفال اليهود، ورسم صلبان معقوفة على السبورات، وتوجيه التهديد إلى الطلاب اليهود عموماً. ولم يجد مجلس التحقيق أي دليل مباشر يثبت أنه كان لسلوك صاحب البلاغ خارج أوقات عمله أثر في الناحية المدرسية، ولكنه بين أنه يصح القول إن مؤلفاته كانت عاملاً حث الطلاب على التصرف أحياناً تصرفاً تمييزياً. وفي النهاية، خلص مجلس التحقيق إلى أن بيانات مالكولم روس العامة ومؤلفاته أسهمت بصورة مستمرة على مر سنوات عديدة في خلق "جو مسموم" في الناحية المدرسية رقم 15، الأمر الذي كان لـه وقع كبير في الخدمات التربوية الموفرة للمدعي وأطفاله". وبناء عليه، قرر مجلس التحقيق أن مجلس التعليم مسؤول تضامنياً عما يصدر عن موظفيه من أفعال تمييزية وأنه انتهك القانون مباشرةً بتقاعسه عن اتخاذ ترتيبات تأديبية ضد صاحب البلاغ في الوقت المناسب وبالشكل المناسب، فيكون قد أيد بالتالي الأنشطة التي كان يضطلع بها صاحب البلاغ خارج أوقات العمل والمؤلفات التي كتبها. وبناء عليه أمر مجلس التحقيق في 28 آب/أغسطس 1991 بما يلي:

“ ... 2) أن يقوم مجلس التعليم بالآتي

(أ) إحالة مالكولم روس فوراً على إجازة بدون راتب لفترة ثمانية عشر شهراً؛

(ب) تعيين مالكولم روس في وظيفة خارج التدريس إذا ... شغرت وظيفة كهذه يكون مالكولم روس مؤهلاً لشغلها في الناحية المدرسية رقم 15...

(ج) إنهاء عقد مالكولم روس بعد انقضاء فترة الأشهر الثمانية عشر للإجازة بدون راتب، إذا لم تعرض عليه ولم يقبل في غضون هذه الفترة أي وظيفة خارج التدريس.

(د) إنهاء عقد مالكولم روس مع مجلس التعليم على الفور إذا قام مالكولم روس في أي وقت من الأوقات خلال فترة الثمانية عشر شهراً من الإجازة بدون راتب، أو قام في أي وقت من الأوقات أثناء شغله لوظيفة خارج التدريس: ‘1‘ بنشر أو بكتابة أي مؤلف بغرض نشره مع الإشارة إلى وجود مؤامرة يهودية أو صهيونية، أو التهجم على أتباع الديانة اليهودية، ‘2‘ أو قام بنشر أو بيع أو توزيع أي من المنشورات التالية بصورة مباشرة أو غـير مباشرة: Web of. Deceit, The Real Holocaust (the attack on unborn children and life itself)، وspectre of Power، وchristianity vs Judeo-Christianity (The battle for truth” .

4-4 وعملاً بهذا الأمر، نقل مجلس التعليم صاحب البلاغ إلى وظيفة أخرى في الناحية المدرسية غير ذات صلة بالتدريس. ورفع صاحب البلاغ دعوى قضائية لإعادة النظر في قضيته وطلب إبطال الأمر وإلغاءه. وفي 31 كانون الأول/ديسمبر 1991، سمح ج. كريغن من محكمة مجلس الملكة الخاص بتنفيذ الأمر جزئياً بعد إلغاء البند 2(د) على أساس أنه خارج نطاق الاختصاص وأنه ينتهك المادة 2 من الميثاق. وفيما يتعلق بالبنود (أ) و(ب) و(ج) من الأمر، رأت المحكمة أنها تقيد حقوق صاحب البلاغ في حرية الدين والتعبير بموجب الميثاق، ولكن يحُتفظ بها تطبيقاً للمادة 1 من الميثاق.

4-5 واستأنف صاحب البلاغ قرار محكمة مجلس الملكة الخاص أمام محكمة الاستئناف في نيو برانزويك. وفي نفس الوقت، رفع السيد أتيس دعوى استئناف مقابلة للطعن في قرار المحكمة بشأن المادة 2(د) من الأمر. وقبلت محكمة الاستئناف دعوى صاحب البلاغ وأبطلت الأمر الصادر عن مجلس التحقيق، ورفضت من ثم دعوى الاستئناف المقابلة. وأقرت المحكمة بحكمها الصادر في 20 كانون الأول/ديسمبر 1993 أن الأمر ينتهك حقوق صاحب البلاغ في إطار المادة 2(أ) و(ب) من الميثاق، إذ يعاقِب صاحب البلاغ على الإعراب عن آرائه الصادقة علناً بمنعه من الاستمرار في التدريس. ورأت المحكمة أنه نظراً إلى أن أنشطة صاحب البلاغ خارج نطاق المدرسة هي التي دفعت إلى رفع دعوى ضده، ونظراً إلى أنه لم يُدّع أبداً أن صاحب البلاغ استغل وظيفته كمعلم لنشر معتقداته الدينية، فإن التدبير الانصافي المأمور به لا يلبي الشروط المنصوص عليها في المادة 1 من الميثاق، إذ لا يمكن اعتباره غرضاً محدداً هو من الإلحاح والأهمية ما يستوجب إلغاء حرية التعبير المضمونة لصاحب البلاغ بموجب الدستور. وكل قرار يخالف ذلك يكون في رأي المحكمة قراراً من شأنه أن يسمح بقمع الآراء التي لا تعتبر شعبية سياسياً في لحظة زمنية معينة. وأعرب أحد القضاة وهو راين ج. أ. عن رأي مخالف مبيناً أنه كان يجب رفض دعوى الاستئناف المرفوعة من صاحب البلاغ وقبول دعوى الاستئناف المقابلة واسترجاع المادة 2(د) من الأمر نتيجة ذلك.

4-6 وطلب السيد أتيس ولجنة حقوق الإنسان الكندية والمؤتمر اليهودي الكندي إذناً باستئناف الدعوى أمام المحكمة العليا لكندا وقبلت المحكمة الدعوى، وألغت حكم محكمة الاستئناف بقرارها الصادر في 3 نيسان/أبريل 1996، واسترجعت البنود 2(أ) و(ب) و(ج) من الأمر. وللتوصل إلى هذا القرار رأت المحكمة العليا، بادئ ذي بدء، أن النتيجة التي خلص إليها مجلس التحقيق بوجود تمييز من طرف مجلس التعليم يتنافى وما ورد في المادة 5 من قانون حقوق الإنسان، كانت مدعومة بالأدلة وخالية من الشوائب. ورأت المحكمة العليا فيما يتعلق بالأدلة المقدمة لإثبات وقوع تمييز من طرف مجلس التعليم عامة وفيما يتعلق بخلق جو مسموم في الناحية المدرسية نتيجة سلوك صاحب البلاغ خاصة:

“ ... أن استدلالاً معقولاً يكفي في هذه القضية لإثبات أن استمرار [صاحب البلاغ] في عمله يضعف الوسط التعليمي عموماً بخلق جو "مسموم" يتميز بعدم المساواة وعدم التسامح. وسلوك [صاحب البلاغ] خارج نطاق العمل يقوض قدرته على أن يكون غير متحيز ويؤثر في الوسط التعليمي الذي يدرس فيه. (الفقرة 49)

... والسبب الذي يجعل من الممكن "التنبؤ إلى حد معقول" بالعلاقة السببية في دعوى الاستئناف المشار إليها، هو التأثير الكبير الذي يمارسه المعلمون على طلابهم، والمنزلة الرفيعة المقدرة لدور المعلم. لذا يجب عزل [صاحب البلاغ] من منصبه التعليمي للتأكد من أنه لن يمارس أي تأثير من هذا القبيل على طلابه ولضمان خلو الخدمات التربوية الموفرة من التمييز ” . (الفقرة 101)

4-7 وكذلك قدمت المحكمة العليا التعليقات التالية بشأن موقف المعلمين الخاص ومسؤولياتهم الخاصة وبشأن أهمية سلوك المعلم خارج أوقات عمله:

“ ... ثمة صلة وثيقة بين المعلمين واستقامة النظام المدرسي. فيشغل المعلمون مناصب ثقة وائتمان تجعلهم يمارسون تأثيراً كبيراً على طلابهم. وسلوك المعلم يؤثر بصورة مباشرة في نظرة المجتمع إلى قدرته على الوفاء بمهام هذه الوظيفة القائمة على الثقة والنفوذ، وفي ثقة المجتمع بنظام المدارس العامة إجمالاً.

... ويجب أن يعتبر المعلمون بسلوكهم وبصفتهم "وسطاء" على أنهم مدافعون عن القيم والمعتقدات والمعارف التي يُسعى لنقلها عن طريق النظام المدرسي. ويقيّم سلوك المعلم على أساس موقفه أكثر مما يقيّم حسب ما إذا كان هذا السلوك قد تم في قاعة الصف أو خارجها. فينظر المجتمع إلى المعلم على أنه الوسيط الذي يوصل الرسالة التربوية، وليس لـه أن يظهر، بحكم مركزه في المجتمع، "بشخصيات متعددة يختارها حسب المناسبات".

... وبإمكاننا أن نتوقع من المعلم، على أساس مركز الثقة والتأثير الذي يشغله، أن يتقيد بالمثل العليا في سلوكه سواء أثناء العمل أو خارجه، وتآكل هذه المثل قد يؤدي إلى فقدان المجتمع لثقته في نظام المدارس العامة. ولا نود أن يعتقد الناس بأننا نشجع على اتباع نهج يخضع حياة المعلم بأكملها لتدقيق مفرط على أساس معايير أخلاقية سلوكية ينوء بها كاهله. فقد يؤدي ذلك إلى انتهاك حقوق المعلم في خصوصيات حياته وانتهاك حرياته الأساسية إلى حد كبير. ولكن أينما أمكن إرجاع الجو "المسموم" في أي نظام مدرسي إلى سلوك يسلكه المعلم خارج أوقات العمل ويحتمل أن يؤدي إلى فقدان الثقة في المعلم وفي النظام بأكمله، عندئذ يكون سلوك المعلم خارج العمل ذا أهمية ” . (الفقرات 43 إلى 45).

4-8 ثانياً، نظرت المحكمة في صلاحية الأمر المطعون فيه عملاً بالدستور الكندي. وفي هذا الصدد، رأت المحكمة، أولاً، أن الأمر أخل بأحكام الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من المادة 2 من الميثاق إذ أنه قيد، بالفعل وعلى التوالي، حرية صاحب البلاغ في ممارسة دينه وحريته في التعبير عن رأيه. وواصلت المحكمة نظرها لتعيين ما إذا كان هذا الإخلال مبرراً في إطار المادة 1 من الميثاق، ووجدت أن الإخلال تم بهدف القضاء على التمييز في الخدمات التربوية المـوفرة إلى الناس وهو غرض "ملح وهام". ووجدت المحكمة، بالإضافة إلى ذلك، أن التدابير (أ) و(ب) و(ج) المفروضة بموجب الأمر تفي بمعايير النسبية، أي أنه توجد صلة منطقية بين التدابير والغرض المنشود وأنه لم يتم المساس بحقوق صاحب البلاغ إلاَّ بأقل حد ممكن، وأن التناسب كان قائماً بين الآثار المترتبة على التدابير والغرض المنشود منها. ووجدت المحكمة أن البند (د) غير مبرر نظراً إلى أنه لم يفرض حداً أدنى من القيود على حقوق صاحب البلاغ الدستورية بل حرمه بصورة دائمة من حرية التعبير .

الشكوى

5-1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه المكرسة في المادتين 18 و19 من العهد انتهكت، بحرمانه من حقه في حرية التعبير عن آرائه الدينية. ويركز محاميه، في هذا الصدد، على شيء اعترفت به المحاكم وهو أن صاحب البلاغ لم يعرب أبداً عن آرائه في الصف وأن سجله كمعلم كان جيداً. ويبين المحامي، بالإضافة إلى ذلك، أنه لا يوجد أي دليل يثبت أن أي طالب من طلاب المدرسة تضرر بمؤلفات صاحب البلاغ أو تأثر بها أو أن صاحب البلاغ قام بأي فعل ينطوي على تمييز. ويشار، في هذا الصدد، إلى أنه لا يوجد في صف صاحب البلاغ أي طالب يهودي.

5-2 ويدفع المحامي بأنه لا توجد صلة منطقية بين الإعراب عن رأي ديني تمييزي (أي القول إن هذا الدين هو الدين الحقيقي وذاك ليس الدين الحقيقي) وفعل قائم على التمييز (أي معاملة الشخص معاملة مختلفة بسبب الدين). ومما يُدفع به، في هذا الصدد، أن الآراء التي أعرب عنها صاحب البلاغ صدرت عن شعور صادق وذات طابع ديني، وهي مناوئة للفلسفة اليهودية نظراً لما يعتقده صاحب البلاغ من أن المصالح الصهيونية تهدد الديانة المسيحية. ويؤكد المحامي أن شرط إخضاع وجدان الموظف ومعتقداته الدينية لتدقيق الدولة أو لضبط صاحب العمل خارج أوقات العمل يجرد مبدأ حرية الدين من أساسه.

5-3 ويدعي المحامي، بالإضافة إلى ذلك، أن آراء صاحب البلاغ وعباراته لا تخالف القانون الكندي الذي يحظر الدعاية للكراهية، وأن صاحب البلاغ لم يقاض قط على الآراء التي أعرب عنها. ويقول المحامي إنه لا مجال للمقارنة بين قضية صاحب البلاغ وقضية ج. ر. ت. و[حزب] و.ج. ضد كندا (1) ، ولكنها تقبل المقارنة مع قضية فوغت ضد ألمانيا (2) التي بتت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ويبين المحامي أن الأمر الصادر جرَّد صاحب البلاغ من حقه في التدريس وهو المهنة التي يرتزق منها.

5-4 ويدفع المحامي أيضاً بأن مجلس التحقيق لو كان يعتقد بوجود شعور مناهض للسامية بين الطلاب في الدائرة المدرسية، لكان من المفترض أن يوصي باتخاذ تدابير تأديبية ضد الطلاب الذين يرتكبون أفعالاً تمييزية من النوع المذكور. ويرفض صاحب البلاغ أن تكون آراؤه عنصرية أكثر مما تكون آراء الملحدين عنصرية أو آراء اليهود أنفسهم. ويبين، بالإضافة إلى ذلك، أن انتقاد اليهودية أو الصهيونية لأسباب دينية لا يمكن موازاته بمناهضة السامية. ويشعر صاحب البلاغ بأنه ضحية التمييز لأنه مقتنع بأن أي معلم ينتقد المسيحية علناً لن يعاقب بالطريقة التي عوقب بها هو.

بيان الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ عليه

6-1 تقدم الدولة الطرف في بيانها المؤرخ 7 أيلول/سبتمبر 1998 ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وبشأن أسسه الموضوعية في آن واحد. وترى الدولة الطرف أنه يجب اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم وجود أدلة تثبت صحة الوقائع ولأنه يتنافى أيضاً وأحكام العهد ذات الصلة. وإذا قررت اللجنة غير ذلك واعتبرت البلاغ مقبولاً، يكون رد الدولة الطرف أنها لم تنتهك المادتين 18 و19 من العهد.

6-2 وتبين الدولة الطرف أنه يجب اعتبار البلاغ غير مقبول لأنه يتنافى وأحكام العهد إذ تقع منشورات صاحب البلاغ في نطاق الفقرة 2 من المادة 20 من العهد، أي أن هذه المنشورات يجب أن تعتبر "دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف". وتُبين الدولة الطرف، في هذا الصدد، أن المحكمة العليا في كندا وجدت أن المنشورات تشوه دين اليهود ومعتقداتهم ولا تحث "المسيحيين المخلصين" على التشكيك في صحة هذه المعتقدات فحسب بل وتحثهم أيضاً على احتقار الدين اليهودي. وتبين، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ يعتبر أن اليهود هم الأعداء ويناشد "المسيحيين" الانضمام إلى الكفاح.

6-3 وتدفع الدولة الطرف بأنه يجب تفسير المواد 18 و19 و20 من العهد بصورة متماسكة، وبأنه لا يمكن، بناء عليه، أن تكون الدولة الطرف قد انتهكت المادتين 18 و19 باتخاذها التدابير اللازمة امتثالاً للمادة 20. ومما يُدفع به أن حرية الدين والتعبير المكرسة في العهد يجب أن تفسر على أنها خالية من أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف. وفي هذا الصدد، تحتج الدولة الطرف، أيضاً بالفقرة 1 من المادة 5 من العهد، وتقول إن تفسير المادتين 18 و19 على أنهما تحميان نشر أفكار مناهضة للسامية مقنعّة بقناع المسيحية ينكر على اليهود حرية ممارسة دينهم ويغرس الرعب في قلوب اليهود والأقليات الدينية الأخرى ويحط من قدر الديانة المسيحية.

6-4 وفيما يتعلق بتفسير المادة 20 وتطبيقها، تشير الدولة الطرف إلى السوابق الفقهية للجنة، ولا سيما في قضية ج. ر. ت. و[حزب] و.ج. ضد كندا (3) . وتلاحظ الدولة الطرف أن محامي صاحب البلاغ يؤكد أن القضية الراهنة تختلف عن قضية ج. ر. ت. و[حزب] و.ج. ضد كندا، نظراً إلى أن السيد روس لم يفصح عن آرائه في مكان العمل؛ وأن آراءه كانت تتسم بطابع ديني؛ وأن منشوراته لا تخالف القانون الكندي. والدولة الطرف، إذ تعترف بوجود اختلافات بين وقائع القضيتين، تدفع أيضاً بوجود أوجه شبه هامة بينهما وأن قاعدة عدم مقبولية البلاغات غير المطابقة لأحكام العهد تسري على كلا البلاغين. فيسترعى الانتباه، أولا،ً إلى أن البلاغين يخصان آراء مناهضة للسامية. وترفض الدولة الطرف رأي المحامي القائل إن آراء صاحب البلاغ تتسم بطابع ديني وتدفع بأن هذه الآراء تدعو إلى مناهضة السامية ولا يمكن عزوها إلى معتقدات دينية أو إلى الدين المسيحي. ويسترعى الانتباه، ثانياً، إلى أن الأوامر التي صدرت بشأن البلاغين استندت إلى تشريعات تتعلق بحقوق الإنسان لا إلى اتهامات معينة تقع في إطار أحكام القانون الجنائي بشأن الدعوة إلى الكراهية. وتقول الدولة الطرف في هذا الصدد إن المحامي على خطأ عندما يدعي أن مؤلفات صاحب البلاغ وبياناته العامة لا تخالف القانون الكندي. وترى الدولة الطرف أن مؤلفات صاحب البلاغ وبياناته تخالف قانون نيو برانزويك لحقوق الإنسان لأنه ثبت أنها قائمة على التمييز وتخلق جواً مسموماً في الناحية المدرسية.

6-5 وتقول الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، إن شكوى صاحب البلاغ المرفوعة في إطار المادة 18 يجب أن تعتبر غير مقبولة لأنها غير مطابقة لأحكام العهد إذ أن آراء صاحب البلاغ "لا تعبر عن معتقدات دينية والمؤكد أنها ليست من معتقدات الدين المسيحي". وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ "تستر بالدين المسيحي للإعراب عن آرائه ولكن آراءه تعرب في الواقع عن الكراهية والريبة إزاء اليهود ودينهم". وكذلك بينت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي أدلة تثبت كيف يمكن عزو الآراء المناهضة للسامية إلى الديانة المسيحية وأنه لا يُتوقع أن يقدم أي أدلة من هذا القبيل. وبالمثل، تؤكد الدولة الطرف أن الآراء التي أعرب عنها صاحب البلاغ ليست آراء دينية لأنه لم ينشرها لغرض التعبد أو لإقامة طقوس دينية أو لممارسة الدين أو لتدريس تعاليم دينية.

6-6 وأخيراً، ففيما يتعلق بمطابقة البلاغ لأحكام العهد، تحتج الدولة الطرف بالفقرتين 2 و4 من المادة 18، وتدعي أن الدول الأطراف ملزمة بموجب هذه الأحكام بالتأكد من أن المعلمين التابعين لنظم التعليم العام المطبقة في هذه الدول يشجعون على احترام كافة الديانات والمعتقدات ويدينون بصورة نشطة كافة أشكال التشيع والتحامل والتعصب. وترى الدولة الطرف أنها لو سمحت لصاحب البلاغ بالاستمرار في التدريس لكانت قد انتهكت بذلك هذه الأحكام، لأنها أي الدولة، كانت ستقيد حقوق الطلاب اليهود في التعبير عن دينهم وفي الشعور بالراحة والثقة بالنفس في نظام المدارس العامة. ويتبين، بناء عليه، أن شكوى صاحب البلاغ المرفوعة في إطار المادة 18 تعتبر غير مقبولة لأنها تتنافى أيضاً وأحكام الفقرتين 2 و4 من المادة 18 من العهد.

6-7 وتقول الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، إن الشكوى المرفوعة في إطار المادة 18 والشكوى المرفوعة في إطار المادة 19 يجب أن تعتبرا غير مقبولتين على أساس أن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة الكافية لتكون الدعوى ظاهرة الوجاهة. والدولة الطرف إذ تحيط علماً بأن صاحب البلاغ لم يقدم إلى اللجنة سوى نسخ مصورة عن المذكرات التي قدمها إلى المحكمة العليا وعن القرارات التي أصدرتها المحاكم، تدفع بأن البلاغ، باستثناء الإصرار بجراءة على أن قرار المحكمة العليا ينتهك حق صاحب البلاغ المنصوص عليه في المادتين 18 و19، لا يقدم أي شواهد محددة تكفي لتبرير المقبولية. ويُدفع، على وجه الخصوص، بأن القرار المستفيض المعلل بدقة الذي اتخذته بالإجماع هيئة المحكمة العليا المؤلفة من تسعة قضاة، لم يرد عليه أي انتقاد مقبول يمكن أن يدعم ادعاءات صاحب البلاغ.

6-8 وفيما يتعلق بوقائع البلاغ، تبين الدولة الطرف، أولاً، أن صاحب البلاغ لم يثبت كيف حدَّ الأمر الصادر عن مجلس التحقيق، كما صدقت عليه المحكمة العليا، حقوق صاحب البلاغ في حرية الدين والتعبير أو ق َ ي َّ دها. و تدفع الدولة الطرف ب أنه يجوز لصاحب البلاغ أن يعبر عن آرائه بحرية إذا عينه مجلس التعليم في وظيفة غير تعليمية أو إذا عمل في مكان آخر.

6-9 فإذا وجدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن حقوق صاحب البلاغ في حرية الدين و/أو التعبير قد ق ُ ي ِّ دت، دفعت الدولة الطرف عندئذ ب أن هذه التقييدات مبررة بموجب الفقرة 3 من المادة 18 والفقرة 3 من المادة 19 على التوالي، نظراً إلى أنها ‘1‘ محددة بنص القانون، و ‘2‘ أنها فرضت لأحد الأغراض المعترف بها، و ‘3‘ أنها ضرورية لتحقيق الغرض المنشود منها. وتبين الدولة الطرف أن التحليل الذي ينبغي أن تجريه اللجنة بهذا الشأن مشابه تماماً لذاك الذي أخذت به المحكمة العليا لكندا عملاً بالمادة 1 من الميثاق، وأنه ينبغي للجنة أن تولي لقرار المحكمة أهمية كبيرة.

6-10 وت ذكر الدولة الطرف، فيما يتعلق بالشرط الذي يستوجب أن يكون كل قيد يفرض منصوصاً عليه في القانون، أنه ثبت أن مؤلفات صاحب البلاغ وبياناته العامة تتسم بطابع تمييزي وأنها خلقت جواً مسموماً انتهاكاً للمادة 5(1) من قانون نيو بر انز ويك لحقوق الإنسان. و تذكر ، بالإضافة إلى ذلك، أن الأمر الصادر عن مجلس التحقيق كان إجراءًً انصافياً إزاء انتهاك المادة 5(1) و أنه صدر بموجب القانون.

6-11 وفيما يتعلق بالشرط الذي يستوجب أن يفرض التقييد لتحقيق غرض من الأغراض المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 18 وفي الفقرة 3 من المادة 19 على التوالي، تقر ر الدولة الطرف أن الأمر صدر لحماية حقوق الآخرين الأساسي ة (4) وحماية الآداب العامة. وفيما يتعلق بالغرض الأول من هذه الأغراض، تشير الدولة الطرف إلى قضية فوريسون ضد فرنس ا (5) وتقر ر أن الأمر صدر على صاحب البلاغ بغرض حماية حرية الدين والتعبير وحماية حق الطائفة اليهودية في المساواة. وتسترعي الدولة الطرف الانتباه إلى أن المحكمة العليا وجدت أن الأمر يحمي حقوق ا لآباء اليهود وحرياتهم الأساسية في أن يستفيد أطفالهم من التعليم كما يحمي حقوق الأطفال اليهود وحرياتهم الأساسية في تلقي التعليم في المدارس العامة بدون التعرض إلى أي تشيع أ و تحامل أ و تعصب. وفيما يتعلق بحماية الآداب العامة، تقر ر الدولة الطرف أن المجتمع الكندي مجتمع متعدد الثقافات وأنه لا بد لصيانة البنيان الأ خلاقي من تحقيق المساواة بين جميع الكنديين بدون أي تمييز قائم على أساس العرق أو الدين أو الجنسية.

6-12 وتبين الدولة الطرف، بالإضافة إلى ذلك، أن كافة القيود التي ينطوي عليها الأمر كانت ضرورية تماما لحماية حقوق السكان اليهود وحرياتهم الأساسية وكذلك لحماية القيم الكندية التي توجب مراعاة المساواة والتنوع (الآداب العامة). وت دفع الدولة الطرف ب أن الأمر كان ضرورياً لضمان توفير ال تعليم لأ طفال الناحية المدرسية في إطار نظام تربوي لا يشوبه التشيع والتحامل والتعصب وت صان فيه القيم الكندية القائمة على المساواة ومراعاة التنوع . وي ُ بيَّن، بالإضافة إلى ذلك، أنه كان لا بد من عزل المعلم عن التعليم لتصحيح الجو المسموم الذي نشأ نتيجة مؤلفاته وبياناته العامة. وفي صدد الموضوع الأخير، تبين الدولة الطرف، على غرار ما خلصت إليه المحكمة العليا، أن المعلمين يشغلون مناصب ثقة وائتمان ولهم تأثير كبير على طلابهم. وي ُدفع، بناء عليه ، بأنه يجب أن يلزم المدرسون بالتقيد بمعايير أرفع في سلوكهم أثناء التدريس وكذلك في الأنشطة التي يضطلعون بها خارج العمل. وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان ، بصفته معل ّما في مدرسة عامة، في مركز يسمح لـه بالتأثير على صغار السن الذين لا يمتلكون المعارف الكافية أو الحصافة اللازمة لوضع الآراء والمعتقدات في السياق الملائم. ذلك بالإضافة إلى أن مجلس التحقيق استمع إلى شهود أفادوا بأن الطلاب اليهود كانوا يشعرون بالخوف وبفقدان الثقة في النفس وبرغبة في الابتعاد عن النظام المدرسي نتيجة البيانات التي ي د لي بها صاحب البلاغ. و قيل إ نه لتسوية هذا الوضع كان لا بد من إصدار الأمر.

6-13 وأخيراً تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يجد أوج ه شبه مع القرار الذي اتخذته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية فوغت ضد ألمان يا (6) ، ولكنها تبين أن ذاك القرار يختلف عن القضية الراهنة من أوجه عديدة تتسم بالأهمية: أولها، أن صاحبة البلاغ في قضية فوغت كانت عضواً نشطاً في حزب سياسي قانوني غرضه المعلن هو تعزيز السلم ومكافحة الفاشية الجديدة. وثانيها، أن طبيعة الحديث المتداول في القضيتين مختلفة تماماً، فالحديث السياسي في قضية فوغت لم يكن ذا طابع تمييزي كما في القضية الراهنة.

7-1 ويكرر صاحب البلاغ في التعليقات التي قدمها بتاريخ 27 نيسان/أبريل 1999 أنه لا يوجد ثمة دليل يثبت أنه عبر في أي وقت من الأوقات عن أي رأي من آرائه في قاعة ال مدرسة . ولا يوجد، بالإضافة إلى ذلك، أي دليل يثبت أنه كان لمعتقداته الخاصة به أي وقع في مكان عمله، بمعنى أن تكون قد خلقت جواً مسموماً. وكل ما فعل ه مجلس التحقيق هو أنه استصوب استباق هذا الوقع.

7-2 وينكر صاحب البلاغ أن تكون مؤلفاته وبياناته العامة قد قوضت القيم الديمقراطية أ و أن تكون مناهضة للسامية . وكذلك ي نكر أن تعتبر بمثابة دعوة إلى الكراهية الدينية تشكل تحريضاً على التمييز والعداوة والعنف. وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف المقدم في إطار المادة 20 من العهد، يبين صاحب البلاغ أنه لا يحاول في أي جزء من مؤلفاته التحريض على الكراهية بل يحاول " الدفاع عن دينه ضد كراهية الغير". ويبين صاحب البلاغ، فيما يتعلق بالمادة 5 من العهد، أنه لم يصرح قط بأي رأي مفاده أنه لا يمكن لليهود ممارسة دينهم بدون قيود . ولكن يبيَّن على العكس أن الدولة الطرف حرمته من الحقوق والحريات المنصوص عليها في العهد عندما حكمت المحكمة العليا بأنه لا يمكن لصاحب البلاغ أن يمارس حقه في حرية الدين وأن يقوم بالتدريس في نفس الوقت.

7-3 و مطروح ، بالإضافة إلى ذلك، أن بيانات صاحب البلاغ تعرب، خلافاً لما تسوقه الدولة الطرف، عن معتقدات دينية بالمعنى المقصود في العهد. ويقول صاحب البلاغ إنه ألف كتبه من أجل " ا لدفاع عن الدين المسيحي والتراث المسيحي ضد من ي ري د الاستهتار بهما، كما ألفها لحث الناس على عبادة الله والإيمان بالثالوث الأقدس كما أ ُ وحي في الدين المسيحي". ويفيد صاحب البلاغ بأن " قراءة مؤلفاته بإمعان ودقة تكشف عن رغبته في العمل مع غيره من المسيحيين على تحقيق غاية المسيحيين الأوائل في تشييد ملكوت المسيح في المجتمع ". ويبين صاحب البلاغ، في هذا الصدد أيضاً، أن المحكمة العليا لكندا أقرت في حكمها أن القضية تخص التعبير عن آراء دينية ووجدت أن أمر مجلس التحقيق ينتهك حق صاحب البلاغ في حرية الدين.

7-4 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يدل على أن الأمر ، الصادر بعزله من وظيفة التعليم والسماح ل ـ ه مع ذلك بالتعبير عن آرائه إذا شغل وظيفة خارج التدريس ، قد أخل بحريته في ممارسة معتقداته الدينية أو بحريته في التعبير عن آرائه، يدعي صاحب البلاغ أنه استلم من صاحب العمل ، في شهر حزيران/يونيه 1996، إشعاراً بالتسريح المؤقت من العمل. ويدعي صاحب البلاغ أن ذلك يعتبر " عقاباً قاسياً يفرض عليه لممارسته حقوقه المضمونة بموجب الدستور في حرية الدين وحرية التعبير" ، كما يفترض أن الإشعار جاء نتيجة الأمر السابق والحكم الصادر عليه من المحكمة العليا، أو أنه يتصل بهما على الأقل. ويُ دّعي ، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ لم يحصل على أي تعويض أو مقابل إنهاء خدمة وأن ال تفسير الوحيد ا لذي قدم له كان إلغاء ال وظيفة . ويبين صاحب البلاغ أنه لم تجر أي مقابلة معه لشغل وظيفة أخرى ولم تعرض عليه أي وظيفة أخرى بالرغم من أن خدمته في الناحية المدرسية كانت تناهز 25 عاماً آنذاك.

بيان آخر مقدم من الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ عليه

8-1 تحيط الدولة الطرف علماً في بيانها الإضافي المقدم في 28 أيلول/سبتمبر 1999 بأن صاحب البلاغ ي قول ب عدم توافر دليل يثبت وجود " جو مسموم" في الدائرة المدرسية نتيجة ما جاء في مؤلفاته وبياناته العامة. واعتراضاً على هذا القول، تشير الدولة الطرف إلى القرار الذي اتخذته المحكمة العليا با لإ جماع، وبصفة أخص إلى النتائج التي خلصت إليها والتي ورد ذكرها في الفقرة 4-7 أعلاه. وتبين الدولة الطرف أن المحكمة العليا استعرضت بإمعان وقائع القضية من حيث التمييز ووجدت أن الأدلة كافية. وبناء عليه، تذكر الدولة الطرف أن أ قوال صاحب ال بلاغ في هذه المسألة يجب أن ترفض.

8-2 وفيما يتعلق بمسألة معرفة ما إذا كان يمكن أو لا يمكن اعتبار آراء صاحب البلاغ بمثابة معتقدات دينية بالمعنى المقصود في العهد، تعترف الدولة الطرف بأن المحكمة العليا لكندا اعتبرت الآراء " معتقدات دينية" بالمعنى المقصود في الميثاق الكندي. ولكن تبين الدولة الطرف أن القانون الكندي حتى وإن كان لا يفرض أي قيود فعلية على ما يشكل في نظره معتقدات دينية بموجب المادة 2 من الميثاق، فهو يحمي، بالرغم من ذلك، من أوجه إساءة استعمال الحق في حرية الدين بفرض شرط التقييد المنصوص عليه في المادة 1. وتدفع الدولة الطرف ب أن هذا النهج هو النهج المتبع في إطار القانون الكندي ولكن يظهر من السوابق الفقهية للجنة المعنية بحقوق الإنسان أن اللجنة تتوخى درجة أكبر م ـ ن التش ـ دد في تفسير المادة 18. وتشير الدول ـ ة الط ـ رف بصف ـ ة خاص ـ ة إ ل ى قضي ـ ة م. أ. ب، وو. أ. ت. و ج-آ. إ. ت. ضد كندا (7) . و بسبب هذا الاختلاف في النهج تبين الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان الشكوى المقدمة في إطار المادة 18 غير مقبولة عملاً بالمادة 3 من البروتوكول الاختياري حتى وإن كانت الأحكام الكندية المشابهة تفسر بصورة مختلفة في القانون المحلي.

8-3 وفيما يتعلق بمركز صاحب البلاغ من الناحية الوظيفية ، تلاحظ الدولة الطرف أنه " موقوف عن العمل منذ عام 1996" ، ولكنها تعترض على أن يكون ذلك " عقاباً قاسياً ي ُ فرض عليه لممارسته حقوقه المضمونة بموجب الدستور في حرية الدين وحرية التعبير" أو أن يكون ذلك متصلاً بأي شكل من الأشكال بالإجراءات المباش َ رة من قبل ضد صاحب البلاغ. و يُذكر أن ضمان عمل صاحب البلاغ لم يتأثر إلاَّ قلي لاً بأمر مجلس التحقيق كما صدقت عليه المحكمة العليا. وي ُذكر أن صاحب البلاغ أحيل بعد صدور الأمر بتاريخ 28 آب/أغسطس 1991 على إجازة بدون راتب لمدة أسبوع واحد فقط في الفترة بين 4  و 10 أيلول/سبتمبر 1991، وأنه عين اعتباراً من 11 أيلول/سبتمبر 1991 في وظيفة بدوام كامل في مكتب الدائرة التعليمية للمساعدة في تطبيق البرامج المخصصة للطلاب " المعرضين لمخاطر ". وتفيد الدولة الطرف بأن هذه الوظيفة التي أنشئت، مبدئياً، لفترة السنة الدراسية 1991-1992 كانت مرهونة بتوافر التمويل على وجه الخصوص، وأنه استمر تمويلها، في الواقع حتى شهر حزيران/يونيه 1996. وما عاد التمويل متوافراً، اعتباراً من 1 آذار/مارس 1996 إثر عملية إعادة تنظيم عام ة ل لنظام المد رسي في نيو بر انز ويك . وأسفر ذلك عن إلغاء مجالس التعليم وتخويل وزير التربية بسلطة إدارة النظام التعليمي، مما أدى إلى خفض عدد وظائف التدريس والوظائف الإدارية في جميع أرجاء المقاطعة .

8-4 وي ُدفع، على أية حال أن وظيفة صاحب البلاغ خارج التدريس كان من المعروف تحديد اً أنها مشمولة ب بنود وشروط الاتفاق الجماعي المبرم بين " مجلس الإدارة " و " اتحاد معلمي نيو بر انز ويك " الذي يجيز لكل موظف أوقف بصورة مؤقتة ع ن العمل أو فصل م ن العمل، أن يقدم شكوى وأن يحصل على تعويض إذا ثبتت الشكوى. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ لم يطلب ذلك التعويض، فإن ه لا يجوز ل ـ ه، الآن، أن يرفع إلى اللجنة ادعاءات غير معللة بأن فقدانه لعمله كان نتيجة الأمر أو نتيجة الحكم الصادر عن المحكمة العليا.

9- ويكرر صاحب البلاغ في بيانه المقدم في 5 كانون الثاني/يناير 2000 الحجج التي ساقها بشأن عدم وجود أدلة مباشرة ؛ ويسترعي الانتباه، مرة أخرى، إلى أن آراءه محل الخلاف لم تدخل قط ضمن ما كان يدرّسه من مواد . ويلاحظ صاحب البلاغ، فيما يتعلق بمركزه الوظيفي ، أن المحكمة العليا صدقت في 3 نيسان/أبريل 1996 على الأمر الصادر ضد مجلس التعليم و كان من المفترض أن تعرض عليه في أعقابه وظيفة خارج التدريس . ويبين صاحب البلاغ أنه لم تعرض عليه أي وظيفة من هذا النوع ولكنه، في الواقع، أوقف عن العمل بتاريخ 1 تموز /يوليه 1996. ويفيد المحامي بأن عدم استلام صاحب البلاغ أي عرض آخر للعمل منذ إيقافه في عام 1996 " يعتبر دليلاً إضافياً على امتهان الحكومة ل ه ".

النظر في مقبولية البلاغ

10-1 قبل النظر في أي شكوى مضمنة في البلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر ، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي ، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو غير مقبول في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

10-2 وتحيط اللجنة علماً بأن الطرفين تناولا وقائع البلاغ ، الأمر الذي يمك ّ ن اللجنة من القيام، عملاً بالفقرة 1 من المادة 94 من نظامها الداخلي، بالنظر في مقبولية القضية وفي أسسها الموضوعية في هذه المرحلة. بيد أن اللجنة لن تبت، عملاً بالفقرة 2 من المادة 94 من النظام الداخلي، في الأسس الموضوعية البلاغ دون النظر من قبل في مدى انطباق أسباب جواز القبول المشار إليها في البروتوكول الاختياري.

10-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن فصله عام 1996 كان ذا الصلة بالأمر الصادر عن المحكمة العليا وأنه جاء بالتالي نتيجة القيود التي فرضت على حقه في حرية التعبير وحرية إظهار دينه، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستفد بسبل التظلم المحلية المتاحة. وبناء عليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

10-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أنه ضحية التمييز، ترى اللجنة أن ادعاءه غير مدعوم بأدلة كافية لغرض القبول وهو بالتالي غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري .

10-5 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف طعنت في مقبولية الجزء الباقي من البلاغ لأسباب عديدة، فتذرعت الدولة، أولاً، بالفقرة 2 من المادة 20 من العهد مدعية أن منشورات صاحب البلاغ يجب أن تعتبر "دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف". وتبين الدولة الطرف، بالإشارة إلى قرار اللجنة في قضية ج. ر. ت. و[حزب] و. ج. ضد كندا، أن البلاغ يجب، من ثم، أن يعتبر غير مقبول في إطار المادة 3 من البروتوكول الاختياري لأنه يتنافى وأحكام العهد.

10-6 واللجنة إذ تحيط علماً بأن هذا النهج اتبع بالفعل في القرار الصادر في قضية ج. ر. ت. و[حزب] و. ج. ضد كندا، ترى، أيضاً، أن القيود المفروضة على حرية التعبير في إطار المادة 20 تسري أيضاً بالضرورة في إطار الفقرة 3 من المادة 19 التي تنص على الشروط اللازمة لتحديد ما إذا كان تقييد حرية التعبير جائزاً أم لا. ولدى تطبيق هذه الأحكام، لا شك أنه من المهم أن يكون القيد ضرورياً في إطار المادة 20. وجواز التقييد، في القضية الراهنة، مسألة ينبغي النظر فيها الأسس الموضوعية للقضية.

10-7 وهكذا تجد اللجنة أن الأسئلة المتصلة بمعرفة ما إذا كانت قيود ما قد فرضت أم لا على حق صاحب البلاغ في إظهار معتقداته الدينية وما إذا كانت هذه القيود جائزة أم لا بموجب الفقرة 3 من المادة 18، أسئلة قبولة.

10-8 كما ذكرت الدولة الطرف أن البلاغ يجب أن يعتبر غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة الكافية لتكون الدعوى ظاهرة الوجاهة. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ اعتمد على قرارات المحاكم المحلية وعلى مذكراته هو إلى المحكمة العليا عوضاً عن تقديم عرض مفصل إلى اللجنة. فيعتقَد، بناء عليه، بأن البلاغ "لا يوفر أي أدلة محددة تكفي لتبرير مقبوليته". ولكن ترى اللجنة، أن صاحب البلاغ عرض ادعاءاته بشأن الانتهاك بصورة واضحة وقدم ما يكفي من المواد لدعم تلك الادعاءات، لغرض إدراك المقبولية. وبناء عليه، تبدأ اللجنة النظر في وقائع ادعاءات صاحب البلاغ بالاعتماد على المعلومات المقدمة لها من الطرفين، على النحو الذي توجبه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الوقائع

11-1 فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ المقدم في إطار المادة 19 من العهد، تلاحظ اللجنة أن المادة 19 من العهد تستوجب لفرض أي قيد على الحق في حرية التعبير أن تلبّى عدة شروط متجمعة في إطار الفقرة 3. والمسألة الأولى المطروحة على اللجنة هي، بناء عليه، مسألة تعيين ما إذا كانت حرية صاحب البلاغ في التعبير عن آرائه قد قيدت أم لم تقيد بالأمر الذي صدر عن مجلس التحقيق بتاريخ 28 آب/أغسطس 1991 بالصيغة التي صدقت عليها المحكمة العليا لكندا. ولقد أحيل صاحب البلاغ، نتيجة هذا الأمر، على إجازة بدون راتب لمدة أسبوع ونقل فيما بعد إلى وظيفة خارج التدريس. واللجنة إذ تحيط علماً بالحجة التي تسوقها الدولة الطرف (انظر الفقرة 6-8 أعلاه) ومؤداها أن حق صاحب البلاغ في حرية التعبير لم يقيد لأن حريته في التعبير عن آرائه كانت مكفولة له لدى شغله وظيفة خارج التدريس أو أي عمل في مكان آخر، لا يمكنها أن توافق على أن عزل صاحب البلاغ من وظيفته كمعلم لا يعتبر، بأثره، تقييداً لحقه في التعبير. ففقدان منصب المعلم يشكل ضرراً كبيراً حتى وإن لم تترتب عليه أي خسارة مالية أو كانت الخسارة المالية طفيفة. ولقد ألحق هذا الضرر بصاحب البلاغ لأنه عبر عن آرائه، ويشكل ذلك، في نظر اللجنة، تقييداً يجب تبريره في إطار الفقرة 3 من المادة 19 امتثالاً لأحكام العهد.

11-2 والمسألة التالية المعروضة على اللجنة هي مسألة معرفة ما إذا كان تقييد حق صاحب البلاغ في حرية التعبير يلبي الشروط المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19، أي أن يكون منصوصاً عليه في القانون وأن يكون متصلاً بأحد الأغراض المبينة في الفقرتين (أ) و(ب) من المادة 3 (احترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة)، كما يجب أن يكون ضرورياً لتحقيق غرض مشروع.

11-3 وفيما يتعلق بالشرط الذي يستوجب أن ينص القانون على التقييد، تلاحظ اللجنة أن الإجراءات التي أفضت إلى عزل صاحب البلاغ من منصب التدريس تمت في إطار قانوني. وقد وجد مجلس التحقيق أن تعليقات صاحب البلاغ خارج أوقات عمله تشوه الدين اليهودي وتؤثر تأثيراً سيئاً في الوسط المدرسي. ورأى مجلس التحقيق أن مجلس التعليم مسؤول تضامنياً عما يصدر عن موظفيه من أفعال تمييزية، وأنه ميز بصورة مباشرة ضد الطلاب اليهود الموجودين في الدائرة المدرسية، انتهاكاً للمادة 5 من قانون نيو برانزويك لحقوق الإنسان، بسبب عدم اتخاذه التدابير التأديبية اللازمة في الوقت المناسب ضد صاحب البلاغ. فأمر مجلس التحقيق مجلس التعليم، بموجب المادة 20(6-2) من القانون نفسه، بإزالة التمييز باتخاذ التدابير المنصوص عليها في الفقرة 4-3 أعلاه. وتمت، بالفعل، تسوية مسألة التمييز على النحو المشار إليه أعلاه بإحالة صاحب البلاغ على إجازة بدون راتب لمدة أسبوع وبنقله إلى منصب خارج التدريس.

11-4 ولا بد للجنة أيضاً، إذ تحيط علماً بالمعايير المبهمة التي انطوت عليها الأحكام المطبقة على صاحب البلاغ في الدعوى المرفوعة ضد مجلس التعليم والتي تأسس عليها عزل صاحب البلاغ من منصبه كمعلم، أن تأخذ في الاعتبار أن المحكمة العليا نظرت في القضية من كافة جوانبها ورأت أنه توجد أسس كافية في القانون المحلي لتبرير البنود التي استرجعتها في الأمر. وتحيط اللجنة علما، أيضاً، بأنه تم الاستماع إلى أقوال صاحب البلاغ في جميع الإجراءات القضائية، وأنه استغل الفرص المتاحة له للطعن في القرارات المتخذة ضده. فلا يجوز أن تقوم اللجنة، في هذه الظروف، بإعادة تقييم النتائج التي خلصت إليها المحكمة العليا في هذه النقطة، وبناء عليه ترى اللجنة أن التقييد المفروض كان مشمولاً بالقانون.

11-5 وتبدأ اللجنة، لدى تقديرها ما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير قد فرضت للأغراض المعترف بها في العهد، بملاحظة (8) أن حقوق أو سمعة الآخرين التي يجوز لحمايتها فرض قيود بموجب المادة 19، قد تكون متصلة بأشخاص آخرين أو بمجتمع بأسره. وكما ُأقر في قضية "فوريسون ضد فرنسا" يجوز فرض قيود على بيانات كفيلة بطبيعتها بإثارة أو تقوية المشاعر المناهضة للسامية، وذلك بغية صون حق الطوائف اليهودية في الحماية من الكراهية الدينية. وتُستمد هذه القيود من المبادئ المنصوص عليها في المادة 20(2) من العهد أيضاً. وتلاحظ اللجنة أن مجلس التحقيق والمحكمة العليا وجدا على حد سواء أن بيانات صاحب البلاغ تنطوي على تمييز ضد الأشخاص المنتمين إلى الديانة اليهودية والأصل اليهودي، وأنها تشوه دين اليهود ومعتقداتهم ولا تحث المسيحيين المخلصين على التشكيك في صحة المعتقدات والتعاليم اليهودية فحسب بل وعلى احتقار المنتمين إلى الديانة اليهودية والمنحدرين من أصل يهودي بوصفهم مسؤولين عن تقويض الحرية والديمقراطية والمعتقدات والقيم المسيحية. وتخلص اللجنة في ضوء النتائج المتوصل إليها فيما يتعلق بطبيعة ووقع البيانات العامة التي أدلى بها صاحب البلاغ، إلى أن القيود المفروضة عليه كانت بغرض حماية "حقوق ...أو سمعة" الأشخاص الذين يدينون بالدين اليهودي، بما في ذلك حقهم في الحصول على التعليم في المدارس العامة دون التعرض إلى التشيع والتحامل والتعصب.

11-6 والمسألة الأخيرة المعروضة على اللجنة تتعلق بمعرفة ما إذا كان القيد الذي يحد من حرية صاحب البلاغ في التعبير ضرورياً لحماية حقوق أو سمعة الأشخاص الذين يدينون بالدين اليهودي. وتذكر اللجنة، في هذه المناسبة، بأن ممارسة الحق في حرية التعبير ينطوي على واجبات ومسؤوليات خاصة. وتتسم هذه الواجبات والمسؤوليات الخاصة بأهمية استثنائية في النظام المدرسي، ولا سيما فيما يتعلق بتعليم الطلاب الصغار في السن. وترى اللجنة أن التأثير الذي يمارسه المدرسون قد يبرر فرض قيود للتأكد من أن النظام المدرسي لا يعطي التعبير عن الآراء التمييزية أي صبغة شرعية. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية على وجه الخصوص، أن المحكمة العليا وجدت من المعقول افتراض وجود صلة سببية بين الكلام الذي عبر عنه صاحب البلاغ "والجو المسموم السائد في المدرسة" والذي عانى منه الأطفال اليهود في الناحية المدرسية. ومن هذا المنطلق يمكن أن يعتبر عزل صاحب البلاغ من منصب التدريس تقييداً ضرورياً لحماية حق الأطفال اليهود وحريتهم في الانتفاع من نظام مدرسي خالٍ من التشيع والتحامل والتعصب. وتلاحظ اللجنة، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ عين في وظيفة خارج التدريس بعد مرور فترة وجيزة على إحالته على إجازة بدون راتب، وأن التقييد، من ثم، لم يتجاوز الحد الضروري للوفاء بغرضه الحمائي. وبناء عليه تخلص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أن الوقائع لا تكشف عن وجود انتهاك للمادة 19.

11-7 وتلاحظ اللجنة، فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 18، أن الإجراءات المتخذة ضد صاحب البلاغ نتيجة الأمر الصادر في آب/أغسطس 1991 عن مجلس حقوق الإنسان المعني بالتحقيق، لم تخص أفكاره أو معتقداته في حد ذاتها، بل كانت تعني إظهاره لتلك المعتقدات في إطار معين. ويجوز إخضاع حرية الفرد في إظهار معتقداته الدينية لقيود ينص عليها القانون وتكون ضرورية لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية؛ وفي القضية الراهنة تعد المسائل المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 18 مماثلة تقريباً للمسائل المنصوص عليها في المادة 19. وبناء عليه، ترى اللجنة أنه لم يقع انتهاك للمادة 18.

12- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، متصرفة في إطار الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن وقوع انتهاك لأي مادة من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) البلاغ رقم 104/1981، اعتمد القرار بعدم مقبولية البلاغ بتاريخ 6 نيسان/أبريل 1983.

(2) القضية رقم 7/1994/454/535، وقد صدر الحكم بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر 1995. وفي هذه القضية دفعت السيدة فوغت، في جملة أمور، بأن فصلها من الخدمة المدنية (كمعلمة مدْرسة) على أساس أنشطتها السياسية كعضو في الحزب الشيوعي الألماني أخل بحقها في حرية التعبير عن رأيها المضمون بموجب المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية. وقد قررت المحكمة، في تلك الظروف، أنه وقع انتهاك للمادة 10.

(3) تخص هذه القضية رسائل مسجلة على شريط يرسلها صاحب البلاغ وحزب سياسي عن طريق الهاتف لتحذير طلاب المكالمة "من أخطار قيام التمويل الدولي واليهودية الدولية بجر العالم إلى الحروب والبطالة والتضخم وانهيار القيم والمبادئ العالمية". وبموجب المادة 3 من قانون حقوق الإنسان، أمرت اللجنة الكندية لحقوق الإنسان صاحب البلاغ والحزب السياسي بالتوقف عن استخدام الهاتف لنشر مثل هذه المواضيع. وقررت "اللجنة المعنية بحقوق الإنسان" أن البلاغ المقدم من الحزب السياسي غير مقبول لعدم تمتع الحزب بمركز قانوني، بينما قررت أن بلاغ صاحب البلاغ غير مقبول لأنه يتنافى وأحكام العهد لأن الرسائل المعممة "تشكل بوضوح دعوة إلى الكراهية العنصرية أو الدينية".

(4) الفقرة 3 من المادة 18 تخص " حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية" بينما تخص الفقرة 3 من المادة 19 " حقوق الآخرين وسمعتهم".

(5) البلاغ رقم 550/1993، الآراء المعتمدة بتاريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1996.

(6) انظر الحاشية رقم 3.

(7) البلاغ رقم 570/1993، اعتمد القرار بعدم مقبولية البلاغ في 8 نيسان/أبريل 1994.

(8) كما فعلت في التعليق العام رقم 10 وفي البلاغ رقم 550/1993، "فوريسون ضد فرنسا"، الآراء المعتمدة بتاريخ تشريق الثاني/نوفمبر 1996.

التذييل

رأي فردي مقدم من هيبوليتو سولاري إيريغوين (مخالف)

أرى أن يكون نص الفقرتين 11-1 و 11-2 من آراء اللجنة كما يلي:

فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للحق الذي تحميه المادة 19 من العهد، تلاحظ اللجنة أن ممارسة الحق في حرية التعبير المشمول بالفقرة 2 من تلك المادة تستتبع واجبات ومسؤوليات يرد بيانها في الفقرة 3. ولا يمكن للجنة أن تقبل، بناء عليه، الادعاء المقدم ومفاده أن الأمر الصادر عن مجلس التحقيق المؤرخ 28 آب/أغسطس 1991، بالصيغة التي أقرتها المحكمة العليا لكندا، قيّد حق صاحب البلاغ في حرية التعبير، نظراً إلى أن الأمر المذكور يتفق والفقرة 3 من المادة 19 من العهد. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن ممارسة حرية التعبير لا يمكن أن تتم بمعزل عن الشروط المنصوص عليها في المادة 20 من العهد، وإلى أن الدولة الطرف تحتج بهذه المادة بالذات لتبرير التدابير التي اتخذتها بخصوص صاحب البلاغ، على النحو المبين في الفقرة 6-3 أعلاه.

ه‍ . سولاري يريغوين [التوقيع]

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

زاي- البلاغ رقم 790/1997، شيبان ضد الاتحاد الروسي

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في هذا البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين .

الآراء المعتمدة في 24 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

مقدم من : السيد سيرجي أناتوليفيتش شيبان وآخرون

(تمثلهم المحامية السيدة إيلينا كوزلوفا)

الأشخاص المدعون أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : الاتحاد الروسي

تارخ البلاغ : 12 آذار/مارس 1997 (تاريخ البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 تموز/يوليه 2001،

وقد انتهت من النظر في البلاغ رقم 790/1997 الذي قُدم إلى اللجنة بالنيابة عن السيد سيرجي أناتوليفيتش شيبان وآخـرون بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من أصحاب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 أصحاب البلاغ المؤرخ 12 آذار/مارس 1997 هم سيرجي أناتوليفيتش شيبان، المولود في 27 شباط/فبراير 1977، والسيد سيرجي أليكساندروفيتش ميشكيتكول، المولود في 20 شباط/فبراير 1977، والسيد فاسيلي إيفانوفيتش فيليبسيفيتش، المولود في 14 نيسان/أبريل 1978، والسيد ستانيسلاف إيغورفيتش تيموخين، المولود في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1978. وهم يدعون أنهم ضحايا انتهاك الاتحاد الروسي للفقرات 1 و2 و3(ه‍) من المادة 14، والفقرة 4 من المادة 14 من العهد. ويؤكدون كذلك على أن طلبهم بإجراء محاكمة أمام هيئة من المحلفين قد رفض، في حين أجريت محاكمة من هذا القبيل لآخرين، مما أدى إلى إثارتهم لقضايا تندرج ضمن إطار المادة 26. وتمثل أصحاب البلاغ محامية.

الخلفية الوقائعية (1)

2-1 أدانت محكمة مدينة موسكو في 17 شباط/فبراير 1995، أصحاب البلاغ لارتكابهم أفعالاً إجرامية في 24 كانون الثاني/يناير 1994، اقترنت بالعنف والتهديدات، وكان منها اغتصاب قاصرة (كان عمرها في ذلك الوقت 13 عاماً)، ولتعاونهم واتفاقهم مسبقاً على ارتكاب هذه الجرائم. وكانت أعمار أصحاب البلاغ جميعاً تتراوح آنذاك بين 15 و16 سنة وكانوا يتلقون العلم في مدرسة داخلية في موسكو عندما وقعت الجرائم التي أدينوا بها. وقد أصدرت محكمة مدينة موسكو حكمها بناء على ما يلي: أدلة قدمتها الضحية؛ وبيانات مدونة قدمها الشهود؛ وبيانات مدونة قدمها أصحاب البلاغ؛ وتقرير الشرطة عن احتجاز أصحاب البلاغ؛ وتقريران من الطبيب الشرعي يثبتان أن الضحية تمت مواقعتها وبأن أصحاب البلاغ كانوا قادرين على مواقعة أنثى.

2-2 وذكرت المحكمة أنها عندما أصدرت الحكم، أخذت في اعتبارها عمر المتهمين ومراجع شخصية كانت في صالح المتهمين. إذ حكم على فيليبسيفيتش بالسجن لمدة ست سنوات في حين أن حكماً صدر بحق الثلاثة الآخرين يقضي بسجن كل واحد منهم لمدة خمس سنوات. وعند الاستئناف عن طريق النقض، أيدت المحكمة العليا قرار محكمة مدينة موسكو وأكدت الأحكام الصادرة. وبعد ذلك، قدّم نائب رئيس المحكمة العليا اعتراضاً على الأحكام الصادرة إلى الهيئة الرئاسية لتلك المحكمة، وذلك عملاً بالقواعد الناظمة لعملية الإشراف على الجهاز القضائي. وفي 10 نيسان/أبريل 1996، خفّفت الهيئة الرئاسية للمحكمة العليا أحكـام السجن إلى أربع سنوات ونصف بحق فيليبسيفيتش وإلى أربع سنوات بحق كل من المتهمين الثلاثة الآخرين.

الشكوى

3-1 يؤكد أصحاب البلاغ أن محكمة مدينة موسكو قد توصلت إلى استنتاجها بطريقة غير عادلة، ذلك لأنها أولت اهتماماً كبيراً لأقوال الضحية. وهم يؤكدون أنه رغم عدم وجود شهود عيان أو أدلة أخرى مباشرة على حدوث الاغتصاب، اعتمد القاضي اعتماداً رئيسياً في استنتاجاته على أقوال الضحية. وطلبت محامية المتهمين إلى المحكمة إجراء كشف طبي نفسي وعقلي على الضحية، لكي تقيّم مدى إمكانية إدراك الضحية وفهمها للوقائع والظروف، إلاّ أنه لم يتم إجراء مثل هذا الكشف الطبي.

3-2 كما طالب المتهمون، أثناء المحاكمة، بإعادة تمثيل وقائع الجريمة، وعرض وصفه لمشهد الجريمة المزعومة، بما في ذلك تقديم الصور والرسوم التوضيحية، التي من شأنها، حسب رأي مقدمي البلاغ، أن تحدد ما إذا كانوا هم الذين قاموا بعملية الاغتصاب المزعومة. غير أن هذه الطلبات قوبلت بالرفض. وقد احتج أصحاب البلاغ على رفض هذه الطلبات معتبرين أن ذلك يشكل خرقاً للفقرات 1 و2 و3(ه‍) من المادة 14 من العهد.

3-3 والوقائع، كما بينها أصحاب البلاغ، قد تدل كذلك على ادعاءات بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 4 من المادة 14 والمادة 26 من العهد. أما فيما يتعلق بالفقرة 4 من المادة 14، فالوقائع التي بينها أصحاب البلاغ تفيد بأن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار عمر المتهمين. وسعى أصحاب البلاغ، في مناسبات عديدة، للاحتكام إلى المادة 20 من الدستور الروسي لعام 1993، الذي ينص على أنه يجوز للمتهم في القضايا التي تخضع لعقوبة الإعدام، أن يحاكم، بناء على طلبه، أمام هيئة من المحلفين.

رد الدولة الطرف

4-1 ترد الدولة الطرف بأن الادعاءات بانتهاك الحقوق الدستورية؛ والادعاء بعدم وجود ما يكفي من الأدلة التي تثبت إدانة أصحاب البلاغ وعدم استكمال التحقيقات والشكليات السابقة للمحاكمة، هي أمور حققت فيها السلطات القضائية المختصة مرات عديدة، لكنها لم تتثبت من صحتها. وتعلن الدولة الطرف أن الادعاء والمتهمين قد تمتعوا بحقوق متساوية أثناء جلسات التحقيق القضائية بأكملها.

4-2 كما تؤكد الدولة الطرف على أنه لم يكن بالإمكان إجراء محاكمة للمتهمين أمام هيئة من المحلفين، بما أن قانونها لم يكن ينص آنذاك على إجراء محاكمة أمام هيئة من المحلفين داخل مدينة موسكو.

4-3 كذلك حصل أصحاب البلاغ على خدمات المحامي منذ لحظة إحضارهم إلى المحكمة، ولقد بيّنت لهم الحقوق الإجرائية التي يتمتعون بها مرات عديدة، بحضور المحامي.

تعليقات أصحاب البلاغ على رد الدولة الطرف

5- يؤكد أصحاب البلاغ مجدداً في تعليقاتهم بشأن رد الدولة الطرف على أن محاكمتهم لم تكن عادلة، ذلك لأنهم منعوا من تجميع الأدلة التي تثبت براءتهم وتقديمها إلى المحكمة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أية ادعاءات في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالقاعدة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن القضية ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر للتحقيق الدولي وبأن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وبالتالي تم استيفاء الشروط التي نصت عليها الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي اعتراضات على مقبولية البلاغ.

6-4 وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البلاغ بانتهاك مبدأ افتراض البراءة (الفقرة 2 من المادة 14 من العهد)، ترى اللجنة أن هذا الادعاء لم يكن موثقاً بالأدلة الكافية لتحقيق أغراض مقبولية البلاغ.

6-5 أما فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للفقرات 1 و3(ه‍) والفقرة 4 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ تتعلق أساساً بتقييم الوقائع والأدلة وكذلك بتنفيذ القانون المحلي. وتشير اللجنة إلى أن تقييم الوقائع في قضية محددة وتفسير التشريعات المحلية هو بوجه عام من اختصاص محاكم الدولة الطرف وليس اللجنة. والمعلومات المعروضة على اللجنة والحجج التي قدمها أصحاب البلاغ لا تدل على أن تقييم المحاكم للوقائع وتفسيرها للقانون كانا متعسفين بشكل واضح، أو أنهما بلغا حد التنصل من العدالة. لهذا، تستنتج اللجنة أن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وترى اللجنة أن الادعاءات الأخرى المقدمة هي ادعاءات مقبولة وتنتقل إلى النظر فيها على أساس الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 على الرغم من عدم إشارة أصحاب البلاغ إلى المادة 26 من العهد، تعتقد اللجنة أنه يتعين عليها أن تنظر على ضوء إفادات أصحاب البلاغ، في مسألة انتهاك هذه المادة.

7-2 والادعاء بالتمييز الذي قدمه أصحاب البلاغ يفيد بأنهم قد حرموا من إجراء محاكمة أمام هيئة من المحلفين، في الوقت الذي أجرت فيه محاكم الدولة الطرف محاكمة أمام هيئة من المحلفين لبعض المتهمين الآخرين. وتلاحظ اللجنة أنه على الرغم من أن العهد لا ينص على أي حكم يؤكد على الحق في إجراء محاكمة أمام هيئة من المحلفين في القضايا الجنائية، وإذا كان هذا الحق يمنح بموجب القانون المحلي للدولة الطرف، وقد منح لبعض الأشخاص المتهمين بارتكاب الجرائم، فإنه يتعين بالتالي منحه على قدم المساواة لمتهمين آخرين يتمتعون بوضع مماثل. وعندما تتقرر حالات تمييزية، يتعين إسنادها إلى أسس موضوعية ومعقولة.

7-3 ويدّعي أصحاب البلاغ بأنه ينبغي أن تجرى لهم محاكمة أمام هيئة من المحلفين، كتلك التي أجريت لجميع المتهمين ممن قد تصدر بحقهم عقوبة الإعدام. إلاّ أن اللجنة تلاحظ في هذه القضية أن أصحاب البلاغ كانوا أحداثاً عندما ارتكبت هذه الجرائم، وبالتالي لا يتعرضون لعقوبة الإعدام وفقاً للتشريعات المحلية.

7-4 والادعاء الآخر باحتمال انتهاك المادة 26 يفيد بأن المحاكمة بحضور هيئة من المحلفين قد أجريت في محاكم توجد في بعض المناطق من البلد وليس في موسكو حيث تمت محاكمة وإدانة أصحاب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أن إجراء محاكمة أمام هيئة من المحلفين بموجب دستور الدولة الطرف هو أمر يخضع للقانون الفيدرالي، إلا أنه لا يوجد أي قانون فيدرالي بشأن هذا الموضوع. وبما أن الدولة الطرف هي اتحاد فيدرالي يسمح بوجود اختلافات بين الوحدات الفيدرالية فيما يتعلق بالمحاكمة أمام هيئة من المحلفين، فإن هذه الاختلافات لا تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 26 (2) . وبما أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أية معلومات عن حالات أجريت فيهـا محاكمات أمـام هيئة من المحلفين وفي قضايا لا يترتب عليها الحكـم بالإعدام في مدينة موسكو، فإنه لا يمكن للجنة أن تستنتج أن الدولـة الطـرف قد انتهكت المادة 26.

8- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك لأية مادة من العهد.

[اعتمد باللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) لا ينص البلاغ على عرض مباشر للوقائع سواء من جانب أصحاب البلاغ أم من المحامية.

(2) ينص الدستور الروسي في مادته 5 على أن المناطق والمدن التي تتمتع بوضع فيدرالي، هي وحدات متساوية ("تابعة") للاتحاد الروسي، لها سلطتها التشريعية الخاصة بها، ويمكنها سن تشريعاتها. (وتسرد المادة 65 وحدات الاتحاد. ومدينة موسكو ومنطقة موسكو هما من الوحدات "التابعة" المتساوية والمستقلة للاتحاد الروسي). انظر كذلك الوثيقة الأساسية HRI/CORE/1/Add.52، 25 تشرين الأول/أكتوبر 1995، الفقرتان 24 و30.

حاء- البلاغ رقم 806/1998، تومسن ضد سنت فنسنت وجزر غرينادين

* اشترك في النظر في هذه الحالة أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، واللورد كولفيل، والسيدة اليزابيث إيفات، والسيدة بيلار غايتان دي بومبو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومو لالاه، والسيدة سيسيليا ميدينا كيروغا، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومن فيروشيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين، والسيد عبد الله زاخيا.

وتُذيَّل هذه الوثيقة بنص رأيين فرديين موقع عليهما من خمسة من أعضاء اللجنة.

الآراء المعتمدة في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد إيفرسلي تومبسون (يمثله السيد سول ليفرويند من مكتب المحاماة "سايمونز ومويرهيد وبيرتون"، لندن)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : سانت فنسنت وجزر غرينادين

تاريخ تقديم البلاغ : 17 شباط/فبراير 1998

القرارات السابقة : القرار الذي أصدره المقرر الخاص بموجب المادتين 86 و91 مجتمعتين والذي أحيل إلى الدولة الطرف في 19 شباط/فبراير 1998 (لم يصدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 806/1998 المقدم من السيد إيفرسلي تومبسون إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في إطار البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو أيفرسلي تومبسون وهو أحد رعايا سانت فنسنت وُلد في 7 تموز/يوليه 1962 ويمثله "سول ليفرويند" من مكتب المحاماة "سايمونز ومويرهيد وبيرتو" بلندن. ويدعي المحامي أن صاحب البلاغ ضحية لانتهاك المواد 6(1) و(4)، و7، و10(1)، و14(1)، و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما قدمها المحامي

2-1 أُلقي القبض على صاحب البلاغ في 19 كانون الأول/ديسمبر 1993 واتُهم بقتل داندريه أوليفيير (D'Andre Olliviere)، وهي طفلة عمرها أربع سنوات كانت قد اختفت في اليوم السابق. وأدانته المحكمة العالية (دائرة الجنايات) بالتهمة الموجهة إليه وحكمت عليه بالإعدام في 21 حزيران/يونيه 1995. ورُفض استئنافه في 15 كانون الثاني/يناير 1996. وأثار المحامي، في الالتماس المقدم منه بالحصول على إذن خاص للاستئناف أمام اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص، خمسة أسباب للاستئناف، تتعلق بمدى مقبولية بيانات اعتراف صاحب البلاغ وبالتوجيهات الصادرة من القاضي إلى هيئة المحلفين. وفي 6 شباط/فبراير 1997، منحت اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص الإذن بالاستئناف وقامت، بعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف المحلية بشأن مسألة واحدة، برفض الاستئناف في 16 شباط/فبراير 1998. وبذلك قيل إن جميع سبل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت.

2-2 وفي المحاكمة، كانت أدلة الادعاء هي أن الطفلة الصغيرة قد اختفت في 18 كانون الأول/ديسمبر 1993 وأن صاحب البلاغ قد شوهد وهو يختفي تحت شجرة بالقرب من منزلها. وقد عُثر عند الشاطئ بالقرب من منزل الأسرة على دماء وشيء من البراز وسروال البنت الداخلي.

2-3 ووفقاً لما ذكره الادعاء، فإن رجال الشرطة ألقوا القبض على صاحب البلاغ في منزله في وقت مبكر من صباح يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 1993. وقد أروه "شبشباً" أحمر عُثر عليه مساء اليوم السابق وقال إنه "شبشبه". واعترف صاحب البلاغ، بعد إحضاره إلى قسم الشرطة، أنه قد اعتدى جنسياً على هذه الطفلة ثم ألقى بها في البحر من الشاطئ. وذهب مع رجال الشرطة ليريهم المكان الذي حدث فيه ذلك. ولدى عودته قدم بياناً يتضمن اعترافه.

2-4 وكانت الأدلة المذكورة أعلاه المقدمة من الشرطة موضع استجواب تمهيدي أثناء المحاكمة. وطعن صاحب البلاغ في أن يكون قد قدم في أي وقت بيانا ما. وشهد بأن رجال الشرطة قد ضربوه في المنزل وفي قسم الشرطة، وأنه قد عُرض لصدمات كهربائية وضُرب ببندقية وجاروف. وقدم والداه أدلة على أنهما قد رأياه في 20 كانون الأول/ديسمبر 1993 وقد تورم وجهه ويداه بشكل سيئ. وبعد الاستجواب التمهيدي قرر القاضي أن البيان المذكور كان إرادياً وقبله ضمن الأدلة. وقام صاحب البلاغ أمام هيئة المحلفين بتقديم أدلة مشمولة بقسم وطعن مرة ثانية في البيان المذكور.

الشكوى

3-1 يدعي المحامي أن توقيع عقوبة الإعدام في حالة صاحب البلاغ يشكل عقوبة قاسية وغير عادية، لأن عقوبة الإعدام في ظل قانون سانت فنسنت هي الحكم الإلزامي الذي يُحكم به في حالة القتل العمد. وهو يشير أيضاً إلى عدم وجود معايير لممارسة سلطة العفو، كما أنه لا تتاح للشخص المدان فرصة تقديم أي تعليقات بشأن أي من المعلومات التي ربما يكون الحاكم العام قد تلقاها في هذا الصدد (1) . ويدفع المحامي في هذا الصدد بأن الحكم بالإعدام ينبغي تخصيصه لأخطر الجرائم وأن الحكم الذي يوقَّع بلا تمييز في كل طائفة من طوائف القتل الذي يستوجب الإعدام لا يحافظ على علاقة متناسبة بين ظروف الجريمة الفعلية والجاني والعقوبة الموقَّعة. ولذلك فإنها تصبح عقوبة قاسية وغير عادية. وقال إنه لذلك يدفع بأنها تشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

3-2 وقيل أيضاً إن ما ذكر أعلاه يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد بالنظر إلى أن الطبيعة الإلزامية لعقوبة الإعدام لا تسمح للقاضي بتوقيع عقوبة أخف توضع في الحسبان فيها أي ظروف مخففة. وفضلاً عن ذلك، وبالنظر إلى أن العقوبة إلزامية، فإن السلطة التقديرية في مرحلة ممارسة حق الرأفة تشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة أمام القانـون.

3-3 ويدعي المحامي كذلك أن الطبيعة الإلزامية لعقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 6(1) و(4).

3-4 ويدعي المحامي أيضاً أن المادة 14(1) قد انتُهكت بسبب أن دستور سانت فنسنت لا يسمح للمدّعِي بالادعاء بأن إعدامه غير دستوري على أساس كونه لا إنسانياً أو مهينا أو قاسياً أو غير عادي. وفضلاً عن ذلك فإنه لا يتيح الحق في الاستماع إليه أو في إجراء محاكمة بشأن مسألة ما إذا كان ينبغي توقيع العقوبة أو تنفيذها.

3-5 ويؤكد المحامي أن الأوضاع التالية السائدة في سجن كنغستون تعد انتهاكات للمادتين 7 و10(1) فيما يتصل بصاحب البلاغ. فهو محتجز في زنزانة مساحتها 8 أقدام في 6 أقدام؛ ويوجد ضوء في زنزانته يظل مضاءً بصورة مستمرة طوال 24 ساعة في اليوم؛ ولا يوجد أي أثاث أو فراش في زنزانته؛ وأمتعته الوحيدة في هذه الزنزانة هي بطانية ودلو للفضلات وكوب؛ ولا توجد تهوية كافية كما لا توجد نافذة في زنزانته؛ أما المرافق الصحية فسيئة وغير كافية إلى أبعد حد؛ كما أن الطعام ذو نوعية رديئة ولا يستساغ وتتألف وجباته من الأرز كل يوم؛ ويُسمح له بممارسة التمارين الرياضية ثلاث مرات في الأسبوع لمدة نصف ساعة في عنبر النوم. ويدعي المحامي أيضاً أن الأوضاع السائدة في السجن تشكل خرقاً لقواعد السجون المحلية في سانت فنسنت وجزر غرينادين. ويدعي المحامي أيضاً أن هذه الأوضاع تزيد من حدة العقوبة المحكوم بها على صاحب البلاغ.

3-6 ويدعي المحامي كذلك أن احتجاز صاحب البلاغ في ظل هذه الأوضاع يجعل تنفيذ عقوبة الإعدام المحكوم بها عليه غير مشروع.

3-7 ويدعي المحامي أيضاً وقوع انتهاك للمادة 14(1) بسبب عدم وجود أي مساعدة قانونية متاحة فيما يتعلق بطلبات الاستئناف الدستورية ولذلك فإن صاحب البلاغ، الذي هو معوز، قد حُرم من حقه في اللجوء إلى المحكمة وهو الحق الذي تكفله المادة 16(1) من الدستور.

طلب اللجنة اتخاذ تدابير حماية مؤقتة

4-1 في 19 شباط/فبراير 1998، قُدم البلاغ إلى الدولة الطرف، مع طلب تقديم معلومات وملاحظات بخصوص كل من مقبولية الدعاوى والأسس الموضوعية التي تقوم عليها، وفقاً للفقرة 2 من المادة 91 من النظام الداخلي للجنة. وطُلب إلى الدولة الطرف أيضاً، بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة، ألا تقوم بتنفيذ عقوبة الإعدام ضد صاحب البلاغ، في الوقت الذي تنظر فيه اللجنة في حالته.

4-2 وفي 16 أيلول/سبتمبر 1999، تلقت اللجنة معلومات مفادها أنه قد صدر أمر بإعدام صاحب البلاغ. وبعد أن أرسلت اللجنة رسالة عاجلة إلى الدولة الطرف تذكّرها فيها بالطلب الموجه بموجب المادة 86 في هذه الحالة، أنهت الدولة الطرف إلى اللجنة أنها ليست على علم بوصول الطلب ولا البلاغ المعني. وعقب تبادل المراسلات بين المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة وممثلي الدولة الطرف، وبعد تقديم دعوى استئناف دستورية إلى المحكمة العليا لسانت فنسنت وجزر غرينادين، وافقت الدولة الطرف على منح صاحب البلاغ فترة وقف تنفيذ من أجل تمكين اللجنة من بحث بلاغه.

ملاحظات الدولة الطرف

5-1 تشير الدولة الطرف، في الملاحظات المقدمة منها في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أن صاحب البلاغ قد التمس جبراً لمظالمه عن طريق دعوى الاستئناف الدستورية، التي رفضتها المحكمة العالية في 24 أيلول/سبتمبر 1999. وقد رفضت المحكمة الإقرارات التي التمسها محامي صاحب البلاغ ومفادها أنه حوكم دون مراعاة الأصول القانونية الواجبة والتمتع بحماية القانون، وأن تنفيذ الحكم بالإعـدام غير دستـوري لأنه يشكل عقوبة لا إنسانية أو مهينة، وأن أوضاع السجن تشكل معاملة لا إنسانية ومهينة، وأن صاحب البلاغ له حق قانوني في أن تقوم اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بالنظر في التماسه. وتؤكد الدولة الطرف أنه حرصاً منها على التعجيل بنظر اللجنة في المسألة، فإنها لن تثير أي اعتراض على مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاد طرق الانتصاف الداخلية.

5-2 وتؤكد الدولة الطرف أن الطبيعة الإلزامية لعقوبة الإعدام مسموح بها بموجب القانون الدولي. وهي تشرح أنه يوجد تمييز في القانون الجنائي في سانت فنسنت وجزر غرينادين بين الأنواع المختلفة للقتل غير المشروع. فأعمال القتل التي هي بمثابة قتل خطأ لا تخضع لعقوبة الإعدام الإلزامية. وتكون عقوبة الإعدام ملزمة فقط في حالة جريمة القتل العمد. فالقتل العمد هو أخطر جريمة يعرفها القانون. ولهذه الأسباب، تؤكد الدولة الطرف أن عقوبة الإعدام، في الحالة الراهنة، قد فُرضت وفقاً للمادة 6(2) من العهد. وتنكر الدولة الطرف أيضاً وقوع انتهاك للمادة 7 في هذا الصدد بالنظر إلى أن قَصر عقوبة الإعدام على أخطر جريمة يعرفها القانون إنما يحافظ على العلاقة المتناسبة بين ظروف الجريمة والعقوبة المقررة. وترفض الدولة الطرف بالمثل ادعاء المحامي بأنه قد حدث تمييز في حدود معنى المادة 26 من العهد.

5-3 وتلاحظ الدولة الطرف أيضا أن صاحب البلاغ قد حصل على محاكمة عادلة وأن محكمة الاستئناف ومجلس الملكة الخاص قد قاما بإعادة النظر في إدانته وتأييدها. وتبعاً لذلك فإن عقوبة الإعدام التي حُكم بها على صاحب البلاغ لا تشكل حرمانا تعسفيا له من حياته بالمعنى المقصود في المادة 6(1) من العهد.

5-4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 6(4) من العهد، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ له الحق في التماس العفو الخاص أو تخفيف العقوبة وأنه يجوز للحاكم العام ممارسة حق الرأفة عملا بالمادتين 65 و66 من الدستور في ضوء المشورة الواردة من اللجنة الاستشارية.

5-5 وفيما يتعلق بأوضاع السجون والمعاملة في السجن، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل على أن أوضاع احتجازه هي بمثابة تعذيب أو معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. كما لا يوجد أي دليل على أنه قد عومل على نحو يشكل انتهاكا للمادة 10(1) من العهد. ووفقا لما تراه الدولة الطرف، فإن العبارات العامة الواردة في البلاغ لا تقيم الدليل على أي خرق محدد للمواد ذات الصلة. وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن هذه المسألة قد نظرت فيها المحكمة العالية عند النظر في دعوى الاستئناف الدستورية، وأن المحكمة قد رفضتها. وتشير الدولة الطرف إلى الفقه القانوني المستمر للجنة وقوامه أن اللجنة ليست لها أهلية إعادة تقييم الوقائع والأدلة التي نظرت فيها المحكمة، وتخلص إلى أنه ينبغي رفض المطالبة المقدمة من صاحب البلاغ. كذلك تشير الدولة الطرف إلى الفقه القانوني للجنة ومفاده أن فترات الاحتجاز المطولة لا يمكن اعتبارها تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة إذا كان كل ما يحدث هو أن الشخص المدان يستفيد من تدابير الإنصاف المتمثلة في الاستئناف.

5-6 وتدفع الدولة الطرف أيضا بأنه حتى لو كان قد حدث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ فيما يتصل بالأوضاع القائمة في السجن، فليس من شأن ذلك أن يجعل تنفيذ الحكم بالإعدام غير مشروع وأن يجعله انتهاكا للمادتين 6 و7 من العهد. وتشير الدولة الطرف في هذا الصدد إلى قرار مجلس الملكة الخاص في قضية توماس وهيلير ضد المُدعي العام لترينيداد وتوباغوThomas and Hilaire v. Attorney General of Trinidad and) (Tobago، الذي رأى فيه مجلس الملكة الخاص أنه حتى لو كانت الأوضاع القائمة في السجن تشكل خرقاً للحقوق الدستورية لمقدمي طلبات الاستئناف، فإن تخفيف الحكم الصادر لن يكون هو العلاج المناسب كما أن حقيقة أن الأوضاع التي احتُجز فيها الرجل المُدان قبل تنفيذ عقوبة الإعدام تشكل خرقاً لحقوقه الدستورية لا يجعل من الحكم المشروع الصادر حكماً غير دستوري.

5-7 وفيما يتعلق بادعاء المحامي بأن حق صاحب البلاغ في الوصول إلى المحكمة الدستورية قد انتُهك، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد قام حقا بتقديم ومتابعة دعوى استئناف دستورية في المحكمة العالية، مثَّله أثناءها المحامي المحلي المتمرس. وقدَّم صاحب البلاغ إشعارا بالاستئناف، بعد أن رُفضت دعوى الاستئناف الدستورية المقدمة منه. وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 1999، قام بسحب استئنافه. وقد مثَّله أثناء هذه الإجراءات المحامي نفسه. وتؤكد الدولة الطرف أن هذا يشكل دليلاً على أنه لم يحدث أي سلوك من جانب الدولة ترتب عليه أثر عملي قوامه حرمان صاحب البلاغ من إمكانية اللجوء إلى المحكمة.

تعليقات المحامي

6-1 يؤكد المحامي في تعليقاته أن الحكم بإعدام صاحب البلاغ يشكل انتهاكاً لأحكام شتى في العهد بسبب أنه حُكم عليه بالإعدام دون أن يقوم القاضي الذي أصدر الحكم ببحث شخصيته أو ظروفه الشخصية أو ظروف الجريمة وإعطائها مفعولاً. ويشير المحامي في هذا الصدد إلى التقرير الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان للبلدان الأمريكية في قضية هيلير ضد ترينيداد وتوباغو (Hilaire v. Trinidad and Tobago)(2) .

6-2 وفيما يتعلق بحق الرأفة، يدفع المحامي بأن وجوب أن يكون الحق في طلب العفو حقاً فعالاً لم يكن موضع تقدير من جانب الدولة الطرف. ففي حالة صاحب البلاغ، فإنه لا يستطيع على نحو فعال أن يقدم حججه من أجل الرأفة وهكذا فإن الحق في طلب الرأفة هو حق نظري وخادع. إذ لا يستطيع صاحب البلاغ أن يشترك في هذه العملية ويقتصر الأمر على إبلاغه بالنتيجة. ووفقا لما ذكره المحامي، فإن هذا يعني أن القرارات المتعلقة بالرأفة تُتخذ على أساس تعسفي. ويلاحظ المحامي في هذا الصدد أن اللجنة الاستشارية لا تُجري مقابلة للسجين أو أسرته. وعلاوة على ذلك، لا تتاح للشخص المُدان أي فرصة للرد على المعلومات المشددة المحتملة التي قد تكون في حوزة اللجنة الاستشارية.

6-3 وفيما يتعلق بالأوضاع في السجن، يقدم المحامي شهادة خطية مصحوبة بقسم حلف عليها صاحب البلاغ ومؤرخة في 30 كانون الأول/ديسمبر 1999. وهو يذكر أن زنزانته في سجن كينغستاون، الذي احتُجز فيه في الفترة من 21 حزيران/يونيه 1995 إلى 10 أيلول/سبتمبر 1999، كانت 8 أقدام في 6 أقدام من حيث الحجم، وأن المواد الوحيدة التي زُوّد بها في زنزانته هي بطانية ودلو للفضلات وإناء صغير للماء ونسخة من الكتاب المقدس. وكان يفترش الأرض. ولم تكن توجد في الزنزانة إضاءة كهربائية ولكن كان يوجد مصباح كهربائي صغير في الممر المجاور للزنزانة كان مضاءً ليل نهار. وهو يقول إنه لم يكن يستطيع القراءة بسبب الإضاءة الضعيفة. وكان يُسمح لـه بأداء التمارين الرياضية ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع في الممر المجاور لزنزانته. ولم يكن يمارس هذه التمرينات في الهواء الطلق ولم يكن أي ضوء شمس يصل إليه. وكان الحراس موجودين بصورة دائمة. أما الغذاء فكان غير مستساغ ولم يقدم إلا بأصناف قليلة (هي بصورة رئيسية الأرز). وأثناء نشوب حريق في 29 تموز/يوليه 1999 نجم عن تمرد بالسجن، كانت الأبواب مغلقة عليه في زنزانته ولم يتمكن من إنقاذ نفسه إلا عندما قام سجناء آخرون باقتحام هذه الزنزانة عن طريق السقف. ولا يُسمح لـه إلا بارتداء ملابس السجن، وهي ملابس خشنة على البشرة. وفي 10 أيلول/سبتمبر 1999، وُضع في زنزانة في سجن فورت شارلوت، وهو سجن يرجع إلى القرن الثامن عشر. أما الزنزانة التي يُحتجز فيها الآن فهي رطبة كما أن الأرضية مبللة. وهو مزود بمرتبة صغيرة. والزنزانة مظلمة ليل نهار، بالنظر إلى أن ضوء المصباح الكهربائي الموجود في الممر لا يصل إلى داخل الزنزانة. ويُسمح له بأداء التمارين يومياً ولكن داخل المبنى ولا يصل إليه أي ضوء شمس. وبسبب أوضاع الرطوبة، فإن ساقيه قد بدأتا في التورم وقد أبلغ ذلك إلى السلطات التي أخذته إلى المستشفى لفحصه في 29 كانون الأول/ديسمبر 1999. وهو يضيف أنه كان من المقرر شنقه في 13 أيلول/سبتمبر 1999 وأنه قد اقتيد من زنزانته إلى المشنقة ولم يتمكن محاميه من الحصول على وقف لتنفيذ الإعدام إلا قبل الوقت المقرر لتنفيذه ب‍ 15 دقيقة. وهو يذكر أن ذلك قد سبب له صدمة واختلالاً.

6-4 وبخصوص حق صاحب البلاغ في اللجوء إلى المحكمة، يؤكد المحامي أن كون صاحب البلاغ كان محظوظاً بما فيه الكفاية لإقناع المحامي لتولي القضية الدستورية التي تولاها مؤخراً مجاناً لا يُعفي الدولة الطرف من التزامها بتقديم مساعدة قانونية فيما يتعلق بدعاوى الاستئناف الدستورية.

النظر في المقبولية

7-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي وقبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

7-2 وتلاحظ اللجنة أنه يبدو من الوقائع المعروضة عليها أن صاحب البلاغ قد قدم دعوى استئناف دستورية أمام المحكمة العالية لسانت فنسنت وجزر غرينادين. ولذلك تنظر اللجنة فيما إذا كان صاحب البلاغ قد قصر، لأغراض تقرير المقبولية، عن أن يثبت ادعاءه بموجب المادة 14(1) من العهد بأن الدولة الطرف قد حرمته من الحق في اللجوء إلى المحكمة في هذا الصدد.

7-3 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد أثبت بما فيه الكفاية، لأغراض تقرير المقبولية، أن الادعاءات المتبقية يمكن أن تثير قضايا في إطار المواد 6 و7 و10 و26 من العهد. ولذلك تنتقل اللجنة دون مزيد من التأخير إلى النظر في الأسس الموضوعية لهذه الادعاءات.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وأكد المحامي أن الطبيعة الإلزامية للحكم بالإعدام وتطبيقها في قضية صاحب البلاغ يشكلان انتهاكاً للمواد 6(1)، و7، و26 من العهد. وقد ردت الدولة الطرف على ذلك بأن الحكم بالإعدام إلزامي فقط في حالة القتل العمد التي هي أشد الجرائم خطورة بموجب القانون، وأن هذا في حد ذاته يعني أنه حكم متناسب. وتلاحظ اللجنة أن فرض عقوبة الإعدام فرضاً إلزامياً بموجب قوانين الدولة الطرف يرتكز فقط على فئة الجرائم التي وجد أن الجاني مذنب بشأنها، دون النظر إلى الظروف الشخصية للمدَّعى عليه أو ظروف الجريمة المعينة, فعقوبة الإعدام إلزامية في جميع حالات " القتل العمد" (أي أفعال العنف المتعمدة التي ينتُج عنها موت الشخص). وترى اللجنة أن من شأن هذا النظام لعقوبة الإعدام الإلزامية أن يحرم صاحب البلاغ من أبسط حقوقه الأساسية، وهو الحق في الحياة، دون النظر فيما إذا كان الشكل الاستثنائي من أشكال العقوبة مناسباً في ظروف قضيته. أما وجود حق يسمح بالتماس العفو الخاص أو تخفيف العقوبة، على النحو الذي تتطلبه الفقرة 4 من المادة 6 من العهد، فإنه لا يؤمن حماية كافية للحق في الحياة، بالنظر إلى أن هذه التدابير التقديرية من جانب السلطة التنفيذية تخضع لطائفة واسعة من الاعتبارات الأخرى بالمقارنة مع الاستعراض القضائي المناسب لجميع جوانب الدعوى الجنائية. وتخلص اللجنة إلى أن تنفيذ عقوبة الإعدام في حالة صاحب البلاغ يشكل حرماناً تعسفياً له من حياته الأمر الذي يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

8-3 ومن رأي اللجنة أن الحجج التي ساقها المحامي والمتصلة بالطبيعية الإلزامية لعقوبة الإعدام، استنادا إلى المواد 6(2)، و7، و14(5)، و26 من العهد، لا تثير قضايا يمكن أن تكون منفصلة عن الاستنتاج الوارد أعلاه المتعلق بحدوث انتهاك للمادة 6(1).

8-4 وقد ادعى صاحب البلاغ أن أوضاع احتجازه تشكل انتهاكاً للمادة 7 والمادة 10(1) من العهد، وأنكرت الدولة الطرف هذا الادعاء بصورة عامة وأشارت إلى الحكم الصادر عن المحكمة العالية الذي رفض ادعاء صاحب البلاغ. وترى اللجنة أنه وإن كان متروكا للمحاكم المحلية للدولة الطرف، من حيث المبدأ، أن تقيِّم الوقائع والأدلة المعروضة في قضية معينة، فإن من شأن اللجنة أن تبحث ما إذا كانت الوقائع كما قررتها المحكمة تشكل انتهاكا للعهد أم لا. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن صاحب البلاغ قد ادعى أمام المحكمة العالية أنه قد حُبس في زنزانة صغيرة وأنه لم يُزوَّد إلا ببطانية ودلو للفضلات وأنه كان ينام على الأرض وأنه كانت توجد إضاءة كهربائية ليل نهار، وأنه كان يُسمح لـه بالخروج من الزنزانة إلى الفناء ساعة واحدة في اليوم. وادعى صاحب البلاغ كذلك أنه لا يصل إليه أي ضوء شمس وأنه محتجز في الوقت الحالي في زنزانة رطبة ومظلمة. ولم تنازع الدولة الطرف في هذه الادعاءات. وتستنتج اللجنة أن أوضاع احتجاز صاحب البلاغ تشكل انتهاكا للمادة 10(1) من العهد. وفيما يتعلق بما يقصده صاحب البلاغ من الادعاء بأن كونه قد اقتيد إلى المشنقة بعد صدور أمر بإعدامه وأنه لم ينقل من أمام المشنقة إلا قبل الوقت المقرر لتنفيذ الإعدام بخمسة عشرة دقيقة إنما يشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، تلاحظ اللجنة أنه ليس في المادة المعروضة عليها ما يشير إلى أن صاحب البلاغ قد أُخرج من المشنقة مباشرة بعد منح وقف التنفيذ. ولذلك تستنتج اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 7 من العهد في هذا الصدد.

9- ومن رأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف في إطار الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 6(1) والمادة 10(1) من العهد.

10- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف واقعة تحت الالتزام بإتاحة سبيل انتصاف فعالة ومناسبة، بما في ذلك تخفيف العقوبة، للسيد تومبسون. كذلك فإن على الدولة الطرف التزاما باتخاذ تدابير لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملا بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك في هذا الصدد، فإنها ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات حول التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر آراء اللجنة.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، ويشكل النص الإنكليزي النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يجوز للحاكم العام، بموجب المادة 65 من الدستور، أن يمارس امتياز منح الرأفة، وفقاً لمشورة الوزير الذي يعمل كرئيس للجنة الاستشارية المعنية بحق الرأفة. وتتألف اللجنة الاستشارية من الرئيس (وهو أحد أعضاء مجلس الوزراء)، والمدعي العام وثلاثة إلى أربعة أعضاء آخرين يعينهم الحاكم العام بناء على مشورة رئيس الوزراء. ومن بين أعضاء اللجنة الثلاثة أو الأربعة يجب أن يكون أحدهم على الأقل وزيراً وأن يكون عضو آخر من الممارسين لمهنة الطب. وقبل أن تبت اللجنة في ممارسة حق الرأفة في أي قضية محكوم فيها بعقوبة الإعدام، فإنه يجب عليه الحصول على تقرير خطي بشأن هذه الحالة من قاضي الموضوع (أو رئيس المحكمة، إذا لم يمكن الحصول على تقرير من قاضي الموضوع) إلى جانب ما يطلبه من أي معلومات أخرى مستمدة من سجل القضية.

(2) تقرير اللجنة رقم 66/99، القضية رقم 11.816، الذي وافقت عليه اللجنة في 21 نيسان/أبريل 1999، والذي لم يُنشر.

التذييل

رأي فردي للورد كولفيل (مخالف)

لا يرتكز قرار الأغلبية إلا على القانون الذي يفرض إصدار حكم إعدام إلزامي على فئة الجرائم - القتل العمد - التي وُجد أن الجاني مذنب بارتكابها، دون اعتبار للظروف الشخصية للمدعى عليه أو ظروف الجريمة المعينة. وقد تم التوصل إلى هذا الاستنتاج دون أي تقدير لأي من مجموعتي الظروف المعنيتين، وهي عملية تخرج عن ولاية اللجنة على أي حال. ولذلك فإن الأغلبية قد أرست رأيها على التناقض بين تعريف القانون العام للقتل العمد، المنطبق في الدولة المعنية، والتدرج في فئات القتل في الولايات القضائية التي ينطبق فيها القانون المدني وكذلك، بحسب القانون، في بعض الدول التي يُستمد فيها القانون الجنائي من القانون العام. وهكذا فإن قرار الأغلبية ليس حالة فريدة خاصة بصاحب البلاغ بل له تطبيق واسع على أساس معمم. وقد أُخذ الآن بهذه النقطة لأول مرة في هذا البلاغ على الرغم من آراء اللجنة بشأن عدة بلاغات سابقة نشأت (في جملة أمور) عن إصدار حكم إعدام إلزامي بسبب القتل العمد؛ إذ لم يُعتمد في هذه المناسبات أي موقف من هذا القبيل.

وعند الخلوص، في هذا البلاغ، إلى استنتاج مفاده أن تنفيذ عقوبة الإعدام في حالة صاحب البلاغ يشكل حرماناً تعسفياً لـه من حياته بما يعد انتهاكا للمادة 6-1 من العهد، فإنه قد تم اختيار نقطة بداية خاطئة. فإن صيغة الفقرة 8-2 من قرار الأغلبية لا تحلل الأحكام المصوغة بعناية التي تتضمنها المادة 6 برمتها. وتنطلق هذه المادة من موقف يُسلَّم فيه بأن عقوبة الإعدام ما زالت حكما متاحا، على الرغم من النصائح الواردة في الفقرة 6 من المادة. ثم تحدد المادة الضمانات التي يرد فيما يلي التعليق عليها:

(أ) لا يجوز حرمان أحد تعسفاً من حقه في الحياة الملازم له. وتذكر الأحكام التالية للمادة المتطلبات التي تمنع الطابع التعسفي ولكنها متطلبات لم تتناولها الأغلبية باستثناء ما يتعلق بالفقرة 4 من المادة التي توجد الآن بشأنها سابقة قانونية يبدو أنها قد أُغفلت (انظر أدناه)؛

(ب) وتؤكد الفقرة 2 من المادة 6 على المثلب الأساسي في منطق المعارضة. فلا نزاع في أن القتل العمد هو جريمة من أشد الجرائم خطورة؛ بيد أن ذلك يخضع لرأي الأغلبية ومفاده أن تعريف القتل العمد في القانون العام يمكن أن يشمل جرائم لا يتعين وصفها على أنها "أشد الجرائم خطورة". والأثر الحتمي لذلك - وإن كان هذا لا يشكل جزءا من قرار الأغلبية بهذه العبارات - هو أنه يجب إعادة تعريف "القتل العمد".

والنقطة الثانية المتعلقة بالمادة 6-2 تؤكد على أنه لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام إلا عملا بحكم نهائي صادر عن محكمة مختصة. وينتج عن ذلك لا محالة أن القانون الفعلي الذي يجبر قاضي الموضوع على إصدار حكم بالإعدام عند إدانة الشخص المعني بالقتل العمد لا يشكل ولا يمكن في حد ذاته أن يشكل مخالفة للمادة 6-1 وهو لا يشكل ذلك يقيناً بسبب تجاهل الظروف الوقائعية والشخصية: فإذا قررت سلطة الادعاء، في قضية قتل، توجيه اتهام بارتكاب القتل العمد، فإنه توجد في الحال عدة سبل تمكّن الدفاع من أن يواجه، في محكمة الموضوع، هذا الاتهام. وهذه السبل تشمل ما يلي:

- الدفاع عن النفس: ما لم يستطع الادعاء إقناع المحكمة بواقعة أن أفعال المدَّعى عليه، التي أدت إلى الوفاة، قد تجاوزت حدود الرد المتناسب، وفق تصوره هو للظروف، على التهديد الذي وُوجه به، فإنه يجب تبرئة المدعى عليه تبرئة كاملة من أي جريمة؛

- إن الظروف الأخرى، التي تكتنف الجريمة والتي تتعلق أساساً بالوضع السائد أو بالحالة الذهنية للمدعى عليه، تمكّن المحكمة التي تبت في الوقائع من أن تستنتج، إذا لم يدحض الادعاء هذه الدفوع (ولا يقع عبء الإثبات أبداً على المدَّعى عليه)، أن تهمة القتل العمد لا يمكن تخفيضها إلى القتل الخطأ الذي لا يحمل معه حكما إلزامياً بالإعدام. ووفقا للنهج الذي اعتمده الدفاع وإلى الأدلة التي قدمها الطرفان، فإن القاضي ملزم بشرح هذه المسائل؛ وإذا لم يتم ذلك وفقا للسوابق القانونية فسيؤدي الإخفاق في هذا الشأن إلى شطب أي إدانة؛

- ولا يلزم إلا ضرب أمثلة على المسائل التي قد يثيرها الدفاع على هذا النحو: فإحدى هذه المسائل هي المسؤولية المخففة للمدَّعى عليه عن أفعاله (التي لا ترقى إلى مستوى الاضطراب الذهني هذا الذي من شأنه أن يؤدي، ليس إلى إدانة، بل إلى إصدار أمر بالعلاج في مستشفى للأمراض النفسية)؛ أو التهييج، الذي وُسِّع نطاقه بقرارات قضائية ليشمل "متلازمة الشريك المضروب"، سواء أن كان قد نتج عن أساس آني أو متراكم للتشديد من جانب الضحية؛

- ونتيجة لذلك، يوضح الحكم الصادر ما إذا كان القتل العمد هو الجريمة الممكنة الوحيدة التي يمكن إدانة المدعى عليه بها. أما المسائل المتعلقة بالقانون والتي قد تقوض إدانة ما عن قتل عمد فيمكن أخذها إلى أعلى محكمة استئناف. وكان طريق الاستئناف هذا هو الذي سلَّم بموجبه القانون بأن العنف أو الإساءة المنزليين المتطاولين يشكلان "استثارة"، مما ينزل القتل العمد، في الحالات المناسبة، منزلة القتل الخطأ.

ولا توج ــ د تعليق ـــ ات في هذه القضية في إطار المادة 6-3 أو 6-5. بيد أن المادة 6-4 قد اكتسبت في الآونة الأخيرة أهمية يبدو أن قرار الأغلبية قد تجاهلها. وقد تمثل الحال دائما في أن الوزير المعني أو الهيئة الاستشارية المعنية مثل مجلس الملكة الخاص يجب أن يشيرا على رئيس الدولة بما إذا كان سيجري في الواقع تنفيذ عقوبة الإعدام. وهذا النظام تقتضيه المادة 6-4 وهو ينط ـــ وي على عدد من الخطوات الأولية: وكما تقول الأغلبية في الفقرة 8-2 فإن هذه التدابير التقديرية من جانب السلطة التنفيذية تخضع لطائفة واسعة من الاعتبارات الأخرى بالمقارنة مع الاستعراض القضائي المناسب لجميع الجوانب في قضية جنائية. وليس هذا بياناً صحيحاً فحسب بل إنه يشكل جوهر ومزية المادة 6-4؛ وهذه العملية على وجه الدقة قائمة في الدولة المعنية.

بيد أن اللجنة القضائية لمجلس الملكة الخاص قد قدم مشورته في قضية " لويس وآخرون ضد المدعي العام لجامايكا وغيره " (Lewis and others v. A.G. of Jamaica & another)، بتاريخ 12 أيلول/سبتمبر 2000. وفي حين أن رأي اللورد سلين الصادر بالأغلبية غير ملزم في أي ولاية قضائية مشمولة بالقانون العام، فإن له من قوة الإقناع ما يجعل من المؤكد إعطاء مفعول لـه. وهو يوضح ذلك في جامايكا بحكم دستورها، ولكن في أماكن أخرى بالمثل:

- إذ يتاح للشخص أو ل لهيئة التي تسدي المشورة بشأن العفو الخاص أو تخفيف العقوبة تقرير خطي من قاضي الموضوع. (ينبغي أن يقال، من باب التعليق على هذه الممارسة، أن قاضي الموضوع يكون قد رأى المدعى عليه والشهود رؤية مباشرة أثناء المحاكمة، وأنه قد أُتيحت له أيضا فرصة الاطلاع على مواد أخرى تتعلق بما يلي:

- ظروف القضية وظروف المد َّ عى عليه التي لم تُستخدم قط في المحاكمة نفسها. وعلى سبيل المثال فإن الأدلة، التي من غير الجائز تقديمها في المحكمة التي تبت في الوقائع، يمكن على سبيل المثال أن تحتوي على كثير من المعلومات الكاشفة).

- تقدَّم إلى السلطة المخولة منح الرأفة "أي معلومات أخرى من هذا القبيل مستمدة من سجل الدعوة أو من مصادر أخرى".

- ومن حيث الممارسة العملية لم يُحرم المتهم المُدان في أي وقت من فرصة تقديم دفوع لتقوم تلك السلطة بالنظر فيها.

والمجال الذي يحقق فيه لويس فتحاً جديداً هو في المشورة القائلة إن الإجراءات المتبعة أثناء النظر في الالتماس المقدم من شخص ما هي إجراءات مفتوحة للمراجعة القضائية. ومن الضروري أن يجري توجيه إشعار إلى الشخص المُدان بالموعد الذي ستقوم فيه السلطة المختصة بمنح الرأفة بالنظر في دعواه. وينبغي أن يكون الإشعار كافياً له أو لمستشاريـه لإعداد دفوع قبل اتخاذ قرار في هذا الشأن. وهكذا فإن لويس يضفي طابعاً رسمياً على حق المدَّعى عليه في تقديم دفوع ويتطلب أن يجري النظر في هذه الدفوع.

والنتيجة الحتمية لهذا التحليل للمادة 6 ككل إلى جانب الحكم القضائي المحتمل إعطاؤه مفعولاً في جميع الولايات القضائية المشمولة بالقانون العام، بما فيها سانت فنسنت وجزر غرينادين، هي أن المسائل ذات الطابع التعسفي لا تعتمد على المحاكمة والحكم الصادر في المحكمة الابتدائية، ناهيك عن أن تعتمد على الطبيعة الإلزامية للحكم الذي يتعين فرضه في حالة الإدانة بالقتل العمد. ولا يوجد ما يشير إلى أن الطابع التعسفي قد وُجد أثناء النظر في إجراءات الاستئناف. ولذلك فإن رأي الأغلبية يجب أن يعتمد على قرار مؤداه أن أحكام المادة 6-4، على النحو الذي تُطبق به في الولايات القضائية المشمولة بالقانون العام، لا بد أنها تنطوي على قرار تعسفي "دون النظر فيما إذا كان هذا الشكل الاستثنائي مــن أشكال العقوبة مناسب في ظل ظروف" الدعوى المعينة (الفقرة 8-2). ومن الجلي أن ذلك غير صحيح، كمسألة ممارسة قائمة منذ أمد طويل والآن كمسألة مشورة مقنعة موجهة من مجلس الملك الخاص؛ فهي لم تعد مجرد مسألة النظر في الأمر بوحي من الضمير من جانب السلطة المعنية بل هي مسألة قابلية قرارها للمراجعة القضائية.

وأي تفسير ينطوي على وجود طابع تعسفي في ضوء إجراءات القانون العامة القائمة لا يمكن إلا أن يعني أن الامتثال الكامل للمادة 6-4 لا يعفي من الوجود المترابط للطابع التعسفي بموجب المادة 6-1. وهذا التضارب الداخلي لا ينبغي تطبيقه على تفسير العهد ولا يمكن إلا أن يكون نتيجة للي عنق كلمات المادة 6 على نحو خاطئ.

وبخصوص وقائع هذه القضية وسير أي إجراءات للرأفة يمكن أن تحدث من الآن، فإنني لا أستطيع الموافقة على أنه قد حدث أي انتهاك للمادة 6-1 من العهد.

اللورد كولفيل [توقيع]

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الأصلي هو النص الإنكليزي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الرأي الفردي للسيد ديفيد كريتسمر، الذي اشترك في التوقيع عليه السيد عبد الفتاح عمر، والسيد ماكسويل يالدين، والسيد عبد الله زاخيا (رأي مخالف)

ألف - السوابق القانونية الماضية

1- إنني أرى أن من المؤسـف له، شأني شأن كثير من زملائي، أن العهد لا يحظر عقوبة الإعدام. بيد أنني لا أرى في ذلك سبباً للخروج عن قواعد التفسير المقبولة عند التعامل مع أحكام العهد المتعلقة بعقوبة الإعدام. ولذلك فإنه ليس بوسعي الموافقة على رأي اللجنة الذي يذهب إلى أنه لما كان حكم الإعدام الصادر بحق صاحب البلاغ إلزامياً، تكون الدولة الطرف قد انتهكت حق صاحب البلاغ، المحمي بموجب الفقرة 1 من المادة 6، في ألا يحرم على نحو تعسفي من حياته، إذا ما أقدمت الدولة الطرف على تنفيذ الحكم الصادر.

2- وأحكام الإعدام الإلزامية في حالة القتل ليست مسألة جديدة تواجه اللجنة. فقد تناولت اللجنة طوال سنوات كثيرة بلاغات واردة من أشخاص محكوم عليهم بالإعدام بموجب تشريعات تجعل الحكم بالإعدام إلزامياً في حالة القتل العمد. (انظر على سبيل المثال البلاغ رقم 719/1996، قضية كونروي ليفي ضد جامايكا؛ والبلاغ رقم 750/1996، قضية سيلبيرت دالي ضد جامايكا؛ والبلاغ رقم 775/1997، قضية كريستوفر براون ضد جامايكا). ولم تعلن اللجنة في أي من هذه الحالات أن الطبيعة الإلزامية للحكم الصادر تنطوي على انتهاك للمادة 6 (أو أي مادة أخرى) من العهد. وفضلاً عن ذلك فإن اللجنة، وهي تفي بمهمتها بموجب المادة 40 من العهد، قد درست - وعلقت - على تقارير عديدة مقدمة من الدول الأطراف تجعل فيها التشريعات الحكم بالإعدام إلزامياً في حالة القتل العمد. وبينما تقصر اللجنة نفسها عادة، عند تناول البلاغات الفردية، على الحجة التي يسوقها أصحاب البلاغات، فإن المبادرة تكون موضوعة في يدي اللجنة نفسها عند دراسة تقارير الدول الأطراف فيما يتعلق بإثارة الحجج بخصوص مدى توافق التشريعات الداخلية مع العهد. ومع ذلك فإن اللجنة لم تعرب قط في ملاحظاتها الختامية عن رأي مفاده أن الحكم الإلزامي بالإعدام في حالة القتل أمر لا يتوافق مع العهد (انظر على سبيل المثال الملاحظات الختامية للجنة بتاريخ 19/1/1997 بشأن التقرير الدوري الثاني لجامايكا، التي لم يرد فيها ذكر لحكم الإعدام الإلزامي).

وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن اللجنة قد ناقشت عقوبة الإعدام في تعليقها العام رقم 6 المتعلق بالمادة 6 من العهد. وهي لم تشر إلى أن أحكام الإعدام الإلزامية تتعارض مع المادة 6.

وليست اللجنة ملزمة بالسوابق القانونية الصادرة عنها. إذ إن لها الحرية في أن تحيد عنها ويتعين عليها أن تفعل ذلك إذا اقتنعت بأن نهجها في الماضي كان خاطئاً. بيد أنه يبدو لي أن اللجنة، إذا أرادت أن تتخذ الدول الأطراف سوابقها مأخذ الجد وأن تسترشد بها لتنفيذ هذا العهد، تصبح عند تغييرها لنهجها مدينة للدول الأطراف ولجميع الأشخاص المهتمين الآخرين بتفسير السبب الذي جعلها تختار القيام بذلك. وإني آسف لأن اللجنة لم تشرح، في آرائها بشأن القضية الحالية، السبب في أنها قررت الخروج عن موقفها السابق بشأن الحكم الإلزامي بالإعدام.

باء - المادة 6 والأحكام الإلزامية الصادرة بالإعدام

3- من المهم عند مناقشة المادة 6 من العهد التمييز بوضوح جلي بين الحكم الإلزامي الصادر بالإعدام وعقوبة الإعدام الإلزامية. فالعهد يميز بوضوح بين إصدار حكم بالإعدام وتنفيذ هذا الحكم. فقيام محكمة قانونية بفرض حكم الإعدام بعد محاكمة استوفت جميع متطلبات المادة 14 من العهد هي شرط ضروري، ولكن ليس كافٍ لتنفيذ عقوبة الإعدام. فالفقرة 4 من المادة 6 تعطي لكل شخص محكوم عليه بالإعدام الحق في التماس العفو الخاص أو تخفيف الحكم المحكوم به عليه. ولذلك فمن الواضح أن العهد يحظر صراحة وجود عقوبة إعدام إلزامية. بيد أن السؤال الذي يثور في هذه الحالة لا يتصل بعقوبة الإعدام الإلزامية أو بفرض جزاء إلزامي بالإعدام بل يتصل بصدور حكم إلزامي بالإعدام. والاختلاف ليس مسألة فذلكة في المعاني. ومما يؤســف له أن اللجنة، في حديثها عن عقوبة الإعدام الإلزامية، قد سببت على غير قصد منها انطباعاً خاطئاً. وأرى أن ذلك قادها إلى أن تسيء بيان المسألة الناشئة. فالمسألة المطروحة ليست هي ما إذا كان يجوز لدولة طرف ما أن تنفّذ عقوبة الإعدام دون اعتبار للظروف الشخصية للجريمة والمدعى عليه، بل ما إذا كان العهد يتطلب إعطاء المحاكم سلطة تقديرية في تقرير ما إذا كان ينبغي فرض الحكم بالإعدام بشأن القتل العمد.

4- وتحمي الفقرة 1 من المادة 6 الحق الأصيل في الحياة لكل فرد من أفراد البشر. وهي تنص على أنه لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً. ولو كانت هذه الفقرة قد جاءت وحيدة، لكان يمكن تقديم حجة قوية جداً مفادها أن عقوبة الإعدام نفسها تشكل انتهاكاً للحق في الحياة. وهذا في الواقع هو النهج الذي سارت عليه المحكمتان الدستوريتان لاثنتين من الدول عند تفسير دستوريهما (انظر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا في قضيــة الدولـة ضد ماكوانيان (State v. Makwanyane [1995] 1 LRC 269)؛ والحكم رقم 23/1999 (23/1990 (X.31) AB) الصادر عن المحكمة الدستورية الهنغارية). ومما يؤسف له أن العهد يمنع اتباع هذا النهج، بالنظر إلى أن المادة 6 تسمح بعقوبة الإعدام في البلدان التي لم تلغها، شريطة الوفاء بالشروط المبينة في الفقرات 2 و4 و5 من هذه المادة وفي أحكام أخرى واردة بالعهد. وعند قراءة المادة 6 من العهد بأكملها، فإن الاستنتاج الذي لا مناص من التوصل إليه لا بد أن يتمثل في أن تنفيذ عقوبة الإعدام لا يمكن اعتباره انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6، شريطة الوفاء بجميع هذه الشروط الصارمة. ولذلك فإن السؤال النهائي في قياس ما إذا كان تنفيذ حكم صادر بالإعدام يشكل انتهاكاً للمادة 6 إنما يدور حول ما إذا كانت الدولة الطرف قد امتثلت حقاً لهذه الشروط.

5- أما الشرط الأول الذي يجب الوفاء به فهو أن الحكم بالإعدام لا يجوز فرضه إلا على أشد الجرائم خطورة وفقاً للقانون النافذ وقت ارتكاب الجريمة. وفي الحالة الراهنة، فإن اللجنة لا تؤسس استنتاجها صراحة على حدوث انتهاك أو خرق لهذا الشرط. بيد أن اللجنة تذكر أن "فرض عقوبة الإعدام فرضاً إلزامياً بموجب قوانين الدولة الطرف يرتكز فقط على فئة الجرائم التي يتبين أن الجانب مذنب فيها" وأن "عقوبة الإعدام إلزامية في جميع حالات القتل العمد". وفي حين أن اللجنة لا تذكر الفقرة 2 من المادة 6 فإنه يبدو أنها، في ظل غياب أي تفسير آخر، لديها شكوك بشأن مدى اتفاق فرض عقوبة الإعدام في حالة القتل العمد (فئة الجرائم التي يكون فيها الحكم بالإعدام إلزامياً في قوانين الدولة الطرف) مع العهد. ولا يسع المرء إلا أن يفترض أن هذه الشكوك ترتكز على الخوف من احتمال أن تكون فئة القتل العمد تشمل جرائم لا تمثل أشد الجرائم خطورة. وأجد أن من المزعج تماماً أن تكون اللجنة على استعداد للإلماع إلى أن حالات القتل العمد قد لا تكون من أشد الجرائم خطورة. وقد ذكرت اللجنة نفسها أن الحق في الحياة هو أسمى الحقوق (انظر التعليق العام رقم 6). ولذلك فإن إزهاق روح شخص آخر عمداً في ظروف تنشئ المسؤولية الجنائية يجب، بحكم طبيعته، اعتباره جريمة من أشد الجرائم خطورة. ويبدو من المواد المعروضة على اللجنة في هذا البلاغ أن الشخص يكون مذنباً بارتكاب جريمة القتل العمد بموجب قانون الدولة الطرف إذا تسبب هذا الشخص في وفاة شخص آخر، مع تعمد الأذى بتفكير مسبق. وقد شرحت الدولة الطرف (وهذا ما لم يتم الطعن فيه) أن جريمة القتل العمد لا تشمل "أعمال القتل التي هي بمثابة قتل خطأ (على سبيل المثال بسبب التهييج أو المسؤولية المخففة)". وفي ظل هذه الظروف، فإن كل حالة قتل عمد، يكون على الشخص فيها مسؤولية جنائية، يجب اعتبارها جريمة من أشد الجرائم خطورة. وهذا لا يعني بطبيعة الحال أنه ينبغي فرض عقوبة الإعدام، ولا أنه ينبغي تنفيذ الحكم الصادر بالإعدام، في حالة فرضه. بيد أنه يعني أن فرض الحكم بالإعدام لا يمكن، في حد ذاته، اعتباره متعارضاً مع العهد.

6- ويجب على المحكمة، عند تحديد ما إذا كان المدَّعى عليه بتهمة القتل العمد عليه مسؤولية جنائية، أن تنظر في شتى الظروف الشخصية للمدعى عليه، فضلاً عن ظروف الفعل المعين الذي يشكل أساس الجريمة. وهذه الظروف، كما بُرهن على ذلك في رأي زميلي اللورد كولفيل، تكون ذات صلة عند تقرير كل من ركن القصد الجنائي والفعل الإجرامي المطلوبين لتقرير المسؤولية الجنائية، فضلاً عن توفر أوجه الدفاع المحتملة ضد المسؤولية الجنائية، مثل الدفاع عن النفس. وتكون هذه الظروف أيضا ذات صلة في تقرير ما إذا كان قد وُجد تهييج أو مسؤولية مخففة وهما أمران يزيلان، بموجب قانون الدولة الطرف، فعل القتل المتعمد من طائفة القتل العمد. وبالنظر إلى أن جميع هذه المسائل تشكل جزءا من عملية تقرير الاتهام الجنائي الموجه ضد المدعى عليه فإنه يجب البت فيها، بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، من جانب محكمة مختصة مستقلة حيادية. ولو أُنكر على المحاكم سلطة البت في أي من هذه المسائل، لا تكون متطلبات المادة 14 قد لُبيت. ووفقا لقرار سابق صادر عن اللجنة فإن هذا يعني، في حالة تنطوي على عقوبة الإعدام، أن تنفيذ الحكم الصادر بالإعدام يشكـل انتهاكاً للمادة 6. ولم يُدفع بأنه لم يجر الامتثال في القضية الحالية للشروط المذكورة أعلاه. وعلى الرغم من ذلك تذكر اللجنة أنه لو قامت الدولة الطرف بتنفيذ عقوبة الإعدام "دون مراعاة الظروف الشخصية للمدعى عليه أو ظروف الجريمة المعينة" لكان ذلك يشكل انتهاكا لحق صاحب البلاغ في ألا يجري حرمانه تعسفيا من حياته (انظر الفقرة 8-2 من آراء اللجنة). وبالنظر إلى أنه لم يُدع أن المحاكم لم تأخذ في الحسبان الظروف الشخصية المتعلقة بالجريمة المعينة ذات الصلة بالمسؤولية الجنائية لصاحب البلاغ عن القتل العمد، فمن الواضح أن اللجنة تشير إلى ظروف أخرى لا  تأثير لها على مسؤولية صاحب البلاغ عن القتل العمد. وفي الواقع فإن الفقرة 4 من المادة 6 من العهد تطلب حقاً أن تراعي الدولة الطرف هذه الظروف قبل تنفيذ عقوبة الإعدام. بيد أنه لا شيء على الإطلاق في العهد يطلب وجوب أن تكون محاكم الدولة الطرف هي الجهاز المحلي الذي يراعي هذه الظروف التي، حسبما ذُكر، لا صلة لها بعملية تقرير الاتهام الجنائي.

7- وفي كثير من المجتمعات، ينص القانون على عقوبة قصوى إذا ارتُكبت جريمة معينة، وتُمنح المحاكم سلطة تقديرية في تقرير الحكم المناسب الذي يُحكم به في قضية معينة. وقد يكون ذلك حقاً هو أفضل نظام لإصدار الأحكام (على الرغم من أن كثيراً من النقاد يدفعون بأنه يسفر لا محالة عن إصدار أحكام متفاوتة أو تمييزية). بيد أنه عند تناول مسألة إصدار الأحكام، كما هو الأمر عند تناول القضايا الأخرى المتعلقة بتفسير العهد، فإن السؤال الذي يجب أن تطرحه اللجنة لا يتمثل فيما إذا كان نظام محدد يبدو هو الأفضل، ولكن ما إذا كان هذا النظام مطلوبا بموجب العهد. ولكن هذا نهج غير مقبول في تفسير العهد، الذي ينطبق في الوقت الحاضر على 144 دولة طرفا، ذات نظم قانونية وثقافات وتقاليد مختلفة.

8- والسؤال الأساسي في هذه الحالة هو ما إذا كان العهد يطلب إعطاء المحاكم سلطة تقديرية في تقرير الحكم المناسب الذي يصدر في كل حالة. ولا يوجد في العهد حكم يشير إلى أن الإجابة على هذا السؤال هي بالإيجاب. وفضلاً عن ذلك فإن الإجابة بالإيجاب، إن وجدت، تعني فيما يبدو أن الأحكام الدنيا في حالة جرائم معينة، مثل الاغتصاب والتعامل في المخدرات (وهو الأمر المقبول في كثير من الولايات القضائية) يتعارض مع العهد. وأجد من الصعب قبول هذا الاستنتاج.

والأحكام الإلزامية الصادرة عن المحاكم (أو الأحكام الدنيا، التي هي أساسا إلزامية) قد تثير حقا قضايا جدية في إطار العهد. فإذا كانت هذه الأحكام لا تتناسب مع الجرائم التي فُرضت بخصوصها، فإن فرضها قد ينطوي على انتهاك للمادة 7 من العهد. وإذا فُرض حكم إلزامي بالإعدام بخصوص جرائم ليست من أشد الجرائم خطورة، تكون الفقرة 2 من المادة 6 من العهد قد انتُهكت. بيد أنه سواء كانت هذه الأحكام مستصوبة أم لا، وإذا احتُرمت جميع أحكام العهد بخصوص العقوبة، فإن كون العقوبة الدنيا أو العقوبة المفروضة بالضبط بخصوص الجريمة تحددها السلطة التشريعية وليس المحكمة لا ينطوي في حد ذاته على انتهاك للعهد. كذلك فإن تنفيذ مثل هذا الحكم الذي تكون قد فرضته محكمة مختصة مستقلة محايدة منشأة بموجب القانون بعد محاكمة تفي بجميع متطلبات المادة 14 لا يمكن اعتباره عملا تعسفيا.

وأدرك جيدا أن الحكم الإلزامي في هذه القضية هو الحكم بالإعدام. وفي الواقع تنطبق قواعد خاصة على الحكم بالإعدام. إذ أنه لا يجوز فرضه إلا على أشد الجرائم خطورة. وفضلا عن ذلك، فإن العهد يطلب صراحة إعطاء الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام الحق في التماس العفو الخاص أو تخفيف العقوبة قبل تنفيذ الحكم. ولا يُعطى حق مواز للأشخاص المحكوم عليهم بأي عقوبة أخرى. بيد أنه لا يوجد في العهد أي حكم يطلب إعطاء المحاكم سلطة تقديرية في إصدار الأحكام في دعاوى عقوبة الإعدام لا يتعين منحها إياها في الدعاوى الأخرى.

وخلاصة القول إنه لا يوجد في العهد أي حكم يقضي بإعطاء المحاكم سلطة تقديرية في تقرير الحكم الذي يصدر بالضبط في دعوى جنائية. وإذا لم يشكل الحكم نفسه انتهاكا للعهد، فإن كونه قد جُعل إلزاميا بموجب التشريع بدلا من أن تقرره المحكمة لا يغير من طبيعته. وفي دعاوى عقوبة الإعدام، إذا فُرض الحكم في حالة جريمة من أشد الجرائم خطورة (وأي حالة قتل عمد هي بطبيعتها جريمة من أشد الجرائم خطورة)، فإنه لا يمكن اعتباره متعارضاً مع العهد. ولا أستطيع القبول بأن تنفيذ عقوبة الإعدام التي فرضتها محكمة وفقا للمادة 6 من العهد بعد محاكمة استوفت جميع متطلبات المادة 14 يمكن اعتباره حرمانا تعسفيا من الحياة.

9- وكما ذُكر أعلاه، فإنه لا يوجد في العهد شيء يقتضي إعطاء المحاكم سلطة تقديرية في إصدار الأحكام في الدعاوى الجنائية. كما أنه لا يوجد أي نص يجعل إصدار الحكم في دعاوى الجرائم التي تستوجب الإعدام أمرا مختلفا على أي نحو. بيد أن هذا لا يعني أنه لا يوجد واجب مفروض على الدول الأطراف بالنظر في الظروف الشخصية للمدعى عليه أو في ظروف الجريمة المعينة قبل تنفيذ حكم بالإعدام. وعلى العكس من ذلك فإن الحكم بالإعدام مختلف عن الأحكام الأخرى من حيث أن الفقرة 4 من المادة 6 تطلب صراحة أن يكون لكل شخص محكوم عليه بالإعدام الحق في التماس العفو الخاص أو تخفيف العقوبة وأنه يجوز في جميع الحالات منح العفو العام أو العفو الخاص أو تخفيف عقوبة الإعدام. ويجب ملاحظة أن الفقرة 4 من المادة 6 تعترف بوجود حق في هذا الصدد. واعتراف العهد بهذا الحق، شأنه في ذلك شأن سائر الحقوق، يفرض التزاما قانونيا على الدول الأطراف باحترامه وضمانه. ولذلك فإن الدول الأطراف ملزمة قانونا بأن تنظر بحسن نية في جميع طلبات الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام بالحصول على العفو الخاص أو تخفيف العقوبة. والدولة الطرف التي لا تقوم بذلك إنما تنتهك حق الشخص المدان بموجب الفقرة 4 من المادة 6، مع كل ما يترتب على انتهاك حق من حقوق العهد من نتائج، بما في ذلك حق الضحية في الحصول على انتصاف فعال.

وتذكر اللجنة أن "وجود حق يسمح بالتماس العفو الخاص أو تخفيف العقوبة لا يؤمن حماية كافية للحق في الحياة، بالنظر إلى أن هذه التدابير التقديرية من جانب السلطة التنفيذية تخضع لطائفة واسعة من الاعتبارات الأخرى بالمقارنة مع الاستعراض القضائي المناسب لجميع جوانب الدعوى الجنائية". وهذا البيان لا يساعد على جعل نهج اللجنة مترابطا. فمن أجل الامتثال لمتطلبات الفقرة 4 من المادة 6، تكون الدولة الطرف ملزمة بأن تنظر بحسن نية في جميع الظروف الشخصية وظروف الجريمة المعينة التي يرغب الشخص المدان في عرضها. ومن الصحيح أيضا أنه يجوز للهيئة التي تتخذ القرار في هذا الشأن في الدولة الطرف أن تضع في الحسبان عوامل أخرى، يمكن اعتبارها وثيقة الصلة بالموضوع في معرض منح العفو الخاص أو تخفيف العقوبة. بيد أنه يجوز للمحكمة التي لها سلطة تقديرية في إصدار الحكم أن تضع في الحسبان أيضا لفيفاً من العوامل خلاف الظروف الشخصية للمدعى عليه أو ظروف الجريمة.

10- ويمكنني الآن أن ألخص فهمي للوضع القانوني فيما يتعلق بأحكام الإعدام الإلزامية في حالة القتل العمد:

(أ) أن مسألة ما إذا كان الحكم بالإعدام متفقا مع العهد أم لا فإنه أمر يعتمد على ما إذا كان قد تم الامتثال للشروط المبينة في المادة 6 ومواد أخرى من العهد، ولا سيما المادة 14.

(ب) أما تنفيذ حكم الإعدام الذي فُرض وفقا لاشتراطات المادة 6 ومواد أخرى من العهد فلا يمكن اعتباره حرمانا تعسفيا من الحياة.

(ج) ليس في العهد ما يقتضي إعطاء المحاكم سلطة تقديرية في إصدار الأحكام. كما لا يوجد فيه أي نص خاص يجعل إصدار الأحكام في دعاوى عقوبة الإعدام أمرا مختلفا عنه في الدعاوى الأخرى.

(د) يطلب العهد صراحة وجوب أن تراعي الدول الأطراف الظروف الخاصة للمدعى عليه أو للجريمة المعينة قبل تنفيذ الحكم بالإعدام. وعلى أي دولة طرف التزام قانوني بأخذ هذه الظروف في الحسبان عند النظر في التماسات العفو الخاص وتخفيف العقوبة. ويجب أن يكون النظر في هذه الالتماسات بحسن نية ووفقا لإجراءات عادلة.

جيم - انتهاك حقوق صاحب البلاغ في القضية الراهنة

11- حتى لو كنتُ قد اتفقت مع اللجنة بشأن المسألة القانونية المطروحة فإنني كنت سأجد من الصعب علي الموافقة على أن حقوق صاحب البلاغ قد انتُهكت في هذه القضية.

وفي سياق بلاغ فردي مقدم بموجب البروتوكول الاختياري، فإن القضية المطروحة ليست هي مدى اتفاق التشريع مع العهد، بل ما إذا كانت حقوق صاحب البلاغ قد انتُهكت. (انظر مثلا قضية فوريسون ضد فرنسا (Faurisson v. France) التي شددت فيها اللجنة على أنها لا تبحث ما إذا كان التشريع الذي أُدين صاحب البلاغ على أساسه متفقا مع المادة 19 من العهد أم لا، بل ما إذا كان حق صاحب البلاغ في حرية التعبير قد انتُهك بفعل إدانته بالوقائع المحددة الواردة في قضيته). وفي القضية الحالية، فإن صاحب البلاغ قد أُدين بجريمة محددة هي: قتل بنت صغيرة. فحتى إذا كانت فئة القتل المحددة بموجب قانون الدولة الطرف قد تشمل بعض الجرائم التي لا تشكل أشد الجرائم خطورة، فإن من الواضح أن الجريمة التي أُدين بها صاحب البلاغ ليست من بين هذه الجرائم. كما أن صاحب البلاغ لم يشر إلى أي ظروف شخصية أو ظروف خاصة بالجريمة كان ينبغي اعتبارها ظروفا مخففة ولكن لم يمكن للمحاكم أن تضعها في الاعتبار.

12- وأخيرا فإنني أود التأكيد على أن العهد يفرض قيودا صارمة على استخدام عقوبة الإعدام، بما في ذلك القيد الوارد في الفقرة 4 من المادة 6. وفي القضية التي بين أيدينا، لم يُنازَع في أن لصاحب البلاغ الحق في طلب عفو خاص أو تخفيف للحكم الصادر بحقه. ويجب أن تقوم لجنة استشارية بالنظر في الطلب المقدم منه وتقديم توصيات إلى الحاكم العام بشأن أي طلب من هذا القبيل. ويجب على الدولة الطرف، بموجب القواعد التي وضعها مجلس الملكة الخاص في قضية نيفيل لويس وآخرين ضد جامايكا (Neville Lewis et al v. Jamaica)، أن تسمح لصاحب البلاغ بتقديم التماس تفصيلي يبين الظروف التي يؤسس عليها طلبه، ويجب السماح له بالاطلاع على المعلومات المعروضة على اللجنة كما أن القرار المتعلق بالعفو الخاص أو تخفيف العقوبة يجب أن يخضع للمراجعة القضائية.

وفي حين أن صاحب البلاغ قد أبدى بعض الملاحظات العامة فيما يتعلق بإجراءات العفو الخاص أو تخفيف العقوبة في الدولة الطرف، فإنه لم يدفع بأنه قدم طلبا للحصول على العفو الخاص أو تخفيف العقوبة قوبل بالرفض. ولذلك فإنه لا يستطيع الادعاء بأنه ضحية لانتهاك الفقرة 4 من المادة 6 من العهد. ومن الواضح أنه لو كان صاحب البلاغ قد قدم طلبا للحصول على العفو الخاص أو تخفيف العقوبة لم يُنظر فيه كما ينبغي على النحو الذي يقضي به العهد والنظام القانوني الداخلي، لكان يحق له الحصول على انتصاف فعال. ولو كان قد رُفض منحه الانتصاف الفعال هذا لكانت أبواب اللجنة ستظل مفتوحة للنظر في بلاغ آخر.

ديفيد كريتسمر [توقيع]

عبد الفتاح عمر [توقيع]

ماكسويل يالدين [توقيع]

عبد الله زاخيا [توقيع]

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الأصلي هو النص الإنكليزي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

طاء- البلاغ رقم 818/1998، سكستوس ضد ترينيداد وتوباغو

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيد ساندي سكستوس (ويمثله السيد شاول لهرفروند المحامي)

الشخص المدعى بأنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ترينيداد وتوباغو

تاريخ البلاغ : 23 نيسان/أبريل 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 818/1998 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من السيد ساندي سكستوس بموجب البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 23 نيسان/أبريل 1997 هو السيد ساندي سكستوس، وهو مواطن من ترينيداد وتوباغو مسجون حالياً في سجن الدولة في ترينيداد. ويدعي أنه ضحية انتهاك ترينيداد وتوباغو للمادة 2، الفقرة 3، والمادة 7 والمادة 9، الفقرة 3، والمادة 10، الفقرة 1، والمادة 14، الفقرات 1 و3(ج) و5 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثله محامٍ.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

2-1 في 21 أيلول/سبتمبر 1988، أُلقي القبض على صاحب البلاغ بتهمة قتل حماته في نفس اليوم. وإلى حين محاكمته في تموز/يوليه 1990، احتُجز صاحب البلاغ في الجناح المخصص للمحبوسين احتياطياً في سجن غولدن غروف بأروكا في زنزانة لا يزيد طولها على 9 أقدام وعرضها على 6 أقدام مع ما بين 7 إلى 11 من النزلاء الآخرين. ولم يُقدَّم له سرير فاضطر إلى النوم على الأرض المغطاة بالاسمنت أو على كراتين وصحف قديمة.

2-2 وبعد فترة تزيد على 22 شهراً، قُدم صاحب البلاغ للمحاكمة في 23 تموز/يوليه 1990 أمام محكمة العدل العليا. وفي 25 تموز/يوليه 1990، أدين صاحب البلاغ بإجماع آراء المحلفين وحُكم عليه بالإعدام نظير تهمة القتل الموجهة إليه. واعتباراً من هذا التاريخ (وإلى حين تخفيف الحكم الصادر بشأنه)، وضع صاحب البلاغ بسجن الدولة في بورت - أوف - سبين (شارع فريدريك) في زنزانة انفرادية لا يزيد طولها على 9 أقدام وعرضها على 6 أقدام، وكانت هذه الزنزانة تحتوي على سرير من الحديد ومرتبة ودكة ومنضدة (1) . ونظراً لعدم وجود مرافق صحية متكاملة، أُعطي لصاحب البلاغ دلو من البلاستيك لاستخدامه كمرحاض. وكانت التهوية بالزنزانة غير مناسبة حيث كانت الفتحة الوحيدة بها هي ثقب صغير للتهوية لا يزيد طوله على 8 بوصات وعرضه على 8 بوصات. ونظراً لعدم وجود ضوء طبيعي فإن الضوء الوحيد الذي كان يتمتع به هو بصيص من الضوء المنبعث من مصباح فلوري كان يضاء 24 ساعة يومياً (ويقع فوق باب الزنزانة من الخارج). ونظراً لإصابته بالتهاب بالمفاصل فإنه كان يغادر الزنزانة للحصول على الطعام وتفريغ دلو الفضلات فقط. ونتيجة لإصابته بمرض في معدته فإنه لا يتناول سوى الخضروات، وعندما كان الطعام خلواً من الخضروات فإنه كان يظل بغير طعام. ولم يتلق صاحب البلاغ رداً من أمين المظالم على الشكوى الكتابية التي وجهها إليه في هذا الشأن.

2-3 وبعد فترة تزيد على أربع سنوات وسبعة أشهر، في 14 آذار/مارس 1995، رفضت محكمة الاستئناف الطلب المقدم من صاحب البلاغ للإذن له بالطعن (2) . وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 1996، رفضت اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص الطلب المقدم من صاحب البلاغ للحصول على إذن خاص للطعن في الإدانة والحكم. وفي كانون الثاني/يناير 1997، خُففت عقوبة الإعدام الصادرة على صاحب البلاغ إلى السجن مدة 75 عاماً.

2-4 واعتباراً من هذا التاريخ، احتُجز صاحب البلاغ في سجن بورت - أوف - سبين في زنزانة لا يزلد طولها على 9 أقدام وعرضها على 6 أقدام مع ما بين 9 إلى 12 من السجناء الآخرين وتعرض لما يؤدي إليه مثل هذا التكدس من مشاكل بين السجناء. وكان بالزنزانة سرير واحد فقط ولذلك فإنه كان ينام على الأرض. وأُعطي له دلو من البلاستيك لاستخدامه كمرحاض وكان يقوم بتفريغه مرة واحدة فقط كل يوم ولذلك كانت الفضلات تفيض منه أحياناً. وكانت التهوية غير كافية وتتم عن طريق نافذة لا يزيد طولها على قدمين وعرضها على قدمين وبها قضبان. ويظل السجين في زنزانته مدة تبلغ في المتوسط 23 ساعة يومياً ولا تُتاح له الفرصة للتعليم أو العمل أو الاطلاع. والمكان المخصص لإعداد الطعام في السجن يبعد نحو مترين عن المكان الذي تُلقى فيه الفضلات ومن الواضح ما يؤدي إليه ذلك من مخاطر صحية. ويكرر صاحب البلاغ في بلاغه أن الطعام الذي يُقدم له لا يتفق مع احتياجاته الغذائية.

الشكوى

3-1 يركز صاحب البلاغ في شكواه على التأخير المفرط المزعوم في الإجراءات القضائية المتعلقة بدعواه وعلى أوضاع الاحتجاز التي تعرض لها في المراحل المختلفة للمحاكمة.

3-2 وفيما يتعلق بالتأخير، يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه المقررة بموجب الفقرة 3 من المادة 9 والفقرة3(ج) من المادة 14 من العهد لمضي فترة تبلغ 22 شهراً قبل تقديمه للمحاكمة. وهذه الفترة هي الفترة من تاريخ إلقاء القبض عليه في 21 أيلول/سبتمبر 1988، وهو نفس التاريخ الذي وقعت فيه الجريمة التي أدين بشأنها، إلى حين البت في محاكمته في 23 تموز/يوليه 1990. ويدعي صاحب البلاغ أنه أجريت تحريات قليلة من جانب الشرطة فيما يتعلق بدعواه.

3-3 ويشير صاحب البلاغ إلى آراء اللجنة في سيليبرتي دي كاساريغو ضد أوروغواي، وميلان سيكيرا ضد أوروغواي، وبنكيني ضد كندا (3) ، حيث اعتبرت فترات مماثلة من التأخير مخالفة للعهد. ويدفع صاحب البلاغ، بالاستناد إلى برات مورغان ضد النائب العام لجامايكا (4) ، بأن الدولة الطرف مسؤولة عن تجنب مثل هذه الفترات من التأخير في نظامها القضائي الجنائي، وأنها لذلك تستحق اللوم في الموضوع قيد البحث. ويدعي صاحب البلاغ أن التأخير يزداد جسامة لعدم احتياج الشرطة إلا إلى قدر ضئيل من التحريات، ووجود شاهد عيان وحيد قدم أدلة مباشرة، ووجود ثلاثة شهود آخرين قدموا أدلة ظرفية. وكان الدليل الوحيد للطب الشرعي الذي عرض أثناء المحاكمة هو تقرير الفحص الذي تم بعد الوفاة والشهادة المتعلقة بتحليل عينة الدم.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك الفقرات 1 و3(ج) و5 من المادة 14 من العهد لمضي فترة غير معقولة تزيد على أربع سنوات وسبعة أشهر قبل نظر محكمة الاستئناف في استئنافه ورفضها الطعن المقدم منه في إدانته. ويشير صاحب البلاغ إلى حالات مختلفة رأت فيها اللجنة أن تأخيراً مماثلاً (ولفترات أقل من ذلك أيضاً) يشكل انتهاكاً للعهد (5) . ويفيد صاحب البلاغ بأنه أجريت اتصالات مختلفة مع مسجل محكمة الاستئناف والنائب العام ووزير الأمن الوطني وأمين المظالم. ويفيد صاحب البلاغ أيضاً بأنه لم يتلق إلى حين النظر في استئنافه النسخ التي طلبها من أقوال الشهود وبيانات الأدلة وتلخيص القاضي المسؤول عن المحاكمة. ويضيف صاحب البلاغ أنه يلزم أن يراعى عند تقدير مدى معقولية التأخير أنه كان محكوماً عليه بالإعدام وأنه كان محتجزاً طوال هذه الفترة في أوضاع غير مقبولة.

3-5 ويتعلق الجزء الثاني من الشكوى بالأوضاع المختلفة للاحتجاز الموصوفة أعلاه والتي تعرّض لها صاحب البلاغ قبل المحاكمة وبعد الإدانة ثم حالياً بعد تخفيف الحكم. ويسترعي صاحب البلاغ النظر إلى أن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان قد أدانت مراراً مثل هذه الأوضاع باعتبارها مخالفة للمعايير الدنيا المقبولة للحماية (6) . ويدعي صاحب البلاغ أن أوضاع الاحتجاز بعد تخفيف الحكم لا تزال مخالفة بصورة واضحة، في جملة أمور، لمجموعة متنوعة من القواعد النموذجية للسجون المحلية وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (7) .

3-6 وبالاستناد إلى التعليقين العامين للجنة رقمي 7 و9 بشأن المادتين 7 و10 (8) ، على التوالي، وعلى مجموعة من البلاغات التي رأت فيها اللجنة أن أوضاع الاحتجاز تشكل انتهاكاً للعهد (9) ، يدعي صاحب البلاغ أن الأوضاع التي تعرض لها في كل مرحلة من مراحل دعواه تشكل انتهاكاً للقواعد النموذجية الدنيا التي لا يجوز انتهاكها لمعاملة السجناء (بصرف النظر عن مستوى التنمية في الدولة الطرف) وبالتالي فقد انتهكت الدولة الطرف المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وبالتحديد، يشير صاحب البلاغ إلى بلاغ إستريلا ضد أوروغواي (10) الذي اعتمدت فيه اللجنة في تأييد المعاملة غير الإنسانية في سجن ليبرتاد جزئياً على "... نظرها في بلاغات أخرى تأكد لها منها ممارسة المعاملة غير الإنسانية في سجن ليبرتاد". وفي بلاغ نيبتون ضد ترينيداد وتوباغو (11) ، رأت اللجنة أن أوضاعاً مماثلة تماماً لأوضاع البلاغ قيد البحث تشكل مخالفة للفقرة 1 من المادة 10 ودعت الدولة لطرف إلى تحسين أوضاع الاحتجاز من أجل تجنب وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. ويؤكد صاحب البلاغ الادعاء المتعلق بانتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 بالإشارة إلى مجموعة متنوعة من السوابق القضائية الدولية التي رأت أن الأوضاع الصارمة بدرجة غير معقولة للاحتجاز تشكل معاملة لا إنسانية (12) .

3-7 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 ومعها الفقرة 3 من المادة 2 لحرمانه من الحق في الوصول إلى المحكمة. ويفيد صاحب البلاغ أن الطعن بعدم الدستورية ليس متاحاً في الموضوع قيد البحث بسبب التكاليف الباهظة لإقامة الدعوى أمام المحكمة العليا من أجل الحصول على الانتصاف الدستوري، وبسبب عدم وجود مساعدة قضائية للطعن بعدم الدستورية والندرة المعروفة تماماً للمحامين الذين يوافقون على تمثيل المدعين بدون أتعاب. ويشير صاحب البلاغ إلى بلاغ شمباني وآخرين ضد جامايكا (13) الذي يفيد بأن الطعن بعدم الدستورية ليس سبيلاً فعالاً للانتصاف إذا كان صاحب البلاغ معسراً ولم توجد مساعدة قضائية. ويستند صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (14) التي أشارت إلى إمكانية توقف فعالية الحق في الوصول إلى المحكمة على توفير المساعدة القضائية للمدعين المعسرين. ويؤكد صاحب البلاغ أن هذا ينطبق خاصة على أحكام الإعدام ويدفع نتيجة لذلك بأن عدم وجود مساعدة قضائية للطعن بعدم الدستورية يشكل في حد ذاته انتهاكاً للعهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في رسالة مؤرخة 6 أيلول/سبتمبر 1999، دفعت الدولة الطرف بعدم مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وقالت فيما يتعلق بالتأخير السابق للمحاكمة وتأخير النظر في الاستئناف بالمخالفة لأحكام الفقرة 3 من المادة 9 والفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 من العهد إن صاحب البلاغ لم يعترض قبل تقديم البلاغ على الفترات الزمنية التي انقضت قبل تقديمه للمحاكمة وإن طبيعة الانتهاك كانت واضحة بقدر لا يمكن معه القول بأنه لم يكن على علم بوجود الانتهاك، على الأقل في تاريخ المحاكمة، ولكنه لم يثر هذا الموضوع أثناء المحاكمة أو في الاستئناف. وترى الدولة الطرف أنه لا ينبغي تشجيع أصحاب البلاغات الذين لا يطالبون بحقوقهم مدداً طويلة على الادعاء أمام اللجنة بعد عدة سنوات بانتهاك حقوقهم. وليس فيما تدعو إليه الدولة الطرف من مطالبة أصحاب البلاغات باللجوء إلى الطعن بعدم الدستورية أو إلى البلاغات التي تقدم إلى اللجنة عند وقوع الانتهاك المزعوم وليس بعد عدة سنوات من وقوعه ما يتنافى مع العقل، ولذلك فإنها ترى أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ.

4-2 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بالتأخير، تدفع الدولة الطرف بأن التأخير في كلتا الفترتين المعنيتين لم يكن غير معقول بالنظر إلى الظروف التي كانت سائدة في الدولة الطرف في السنوات التي أعقبت مباشرة محاولة الانقلاب. لقد فرضت زيادة الإجرام عبئاً كبيراً على المحاكم خلال هذه الفترة وتكدست القضايا نتيجة لذلك. وتسببت الصعوبات التي ووجهت في إعداد ملفات كاملة ودقيقة لمحاكم في الوقت المناسب في تأخير إحالة القضايا إلى المحاكم العادية ومحاكم الاستئناف. وذكرت الدولة الطرف أنها قامت نتيجة لذلك بعدة إصلاحات إجرائية لتجنب مثل هذا التأخير ومن بينها تعيين قضاة جدد في المحاكم الموضوعية ومحاكم الاستئناف. ونتيجة لزيادة الموارد المالية وغيرها من الموارد، بما في ذلك حوسبة الإجراءات، أصبح من الممكن الآن النظر في الاستئناف في غضون سنة واحدة من صدور الحكم بالإدانة. وينبغي للجنة أن تولي الاعتبار اللازم لهذه التحسينات.

4-3 وفيما يتعلق بالأوضاع غير المناسبة للاحتجاز والادعاء بأنها تشكل انتهاكاً للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، تنفي الدولة الطرف أن تكون الأوضاع التي احتجز في ظلها صاحب البلاغ بعد الحكم عليه بالإعدام أو التي يحتجز في ظلّها حالياً تنطوي على ما يشكل انتهاكاً للعهد. وتشير الدولة الطرف إلى ادعاءات مماثلة مقدمة من أشخاص آخرين في نفس السجن رأت فيها المحاكم التابعة لها أن أوضاع الاحتجاز بالسجن مقبولة وتفيد بأن اللجنة رأت أيضاً، عندما عرض عليها الأمر، أنها ليست في وضع يسمح لها في إطار المعلومات المتوفرة لها بالقول بوجود أي انتهاك (16) . ورأى مجلس الملكة الخاص في قضية توماس ضد باتيست أن الأوضاع غير المقبولة في هذه الدعاوى والتي تشكل انتهاكاً لقواعد السجون لا تبلغ مرتبة المعاملة اللاإنسانية وأيدت الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في هذا الشأن. وترى الدولة الطرف أنه يلزم تفضيل الآراء المختلفة لمحاكمها ومجلس الملكة الخاص واللجنة على الادعاءات غير المؤكدة والعامة لصاحب البلاغ.

4-4 وفيما يتعلق بانتهاك الحق في الوصول إلى المحاكم المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14، تنفي الدولة الطرف وقوع انتهاك للحق في الوصول إلى المحاكم عن طريق الطعن بعدم الدستورية لإلغاء الأحكام التي تمس الحريات الأساسية. ولدى 19 من السجناء حالياً طعون دستورية أمام المحاكم، مما يدل على عدم صحة الادعاء بوجود انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 ومخالفته للواقع.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في رسالة مؤرخة 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، أجاب صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف. وقال فيما يتعلق بالدفوع المقدمة بشأن التأخير إن هناك تناقضاً بين إنكار الدولة الطرف لوجود تأخير بدرجة غير معقولة وإشارتها إلى المشاكل العامة التي وجدت في إدارة القضاء الجنائي أثناء الفترة قيد البحث. ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد اعترفت ضمنياً بوجود تأخير غير معقول لأنه لو لم يكن كذلك لما استوجب الأمر قيامها بالتعديلات التي أشارت إليها لتجنبه. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى قرار اللجنة في بلاغ سمارت ضد ترينيداد وتوباغو (18) الذي جاء به أن التأخير الذي يزيد على سنتين من تاريخ القبض إلى تاريخ المحاكمة يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

5-2 ويفيد صاحب البلاغ بأن المسائل المتعلقة بالتأخير لم تعرض على اللجنة في مرحلة أبكر لأن استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم يتحقق إلا عندما رفض مجلس الملكة الخاص الإذن له بالاستئناف في 10 تشرين الأول/أكتوبر 1996. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه لم يكن من المتاح له في جميع الأحوال الحصول على الانتصاف عن طريق الطعن بعدم دستورية الحكم حيث حكم مجلـس الملكة الخاص في قضية د.ب.ب. ضد توكاي (19) بأن دستور ترينيداد وتوباغو، ينص على الحق في محاكمة عادلة ولكنه لا ينص على الحق في محاكمة عاجلة أو الحق في المحاكمة في غضون فترة معقولة.

5-3 وفيما يتعلق بالأوضاع غير المناسبة للاحتجاز المخالفة للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، يفيد صاحب البلاغ بأن مجلس الملكة الخاص أشار في الحكم الذي صدر في قضية توماس ضد باتيست الذي استندت إليه الدولة الطرف إلى أن المجني عليهم في هذه الدعوى كانوا محتجزين في زنزانات ضيقة وذات رائحة كريهة كما أنهم كانوا محرومين من الحركة أو الخروج إلى الهواء الطلق مدداً طويلة. وعند الخروج يكونون مكبلين بالأغلال. ورأى مجلس الملكة الخاص، بأغلبية الآراء، أن هذه الأوضاع تشكل انتهاكاً لقواعد السجون ومخالفة للقانون ولكنها لا تشكل بالضرورة معاملة قاسية ولا إنسانية وذكرت أن تقديرها يعتمد على الأوضاع القائمة داخل السجن وخارجه. وقالت إنه على الرغم من أن هذه الأوضاع "لا يقبلها البتَّة مجتمع متمدن" فإن قضية حقوق الإنسان لن تحل بوضع مثل هذه المعايير الصارمة التي تتم مخالفتها من الكافة.

5-4 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه بينما قبل مجلس الملكة الخاص بأغلبية الآراء تلك المعايير الأقل صرامة على أساس أن بلدان العالم الثالث "تقصر للأسف عن الوفاء بالمعايير التي تشكل الحد الأدنى الممكن قبوله في البلدان الأكثر رخاءً" فقد أصرت اللجنة على ضرورة مراعاة معايير دنيا معينة للسجون في جميع الأحوال بصرف النظر عن مستوى التنمية في البلد (20) . ويؤكد صاحب البلاغ نتيجة لذلك على أن الانتهاك الجوهري للمعايير الدنيا للمعاملة التي لا يجوز النزول إلى ما دونها والمعترف بها بين الدول المتحضرة هو بمثابة المعاملة القاسية واللاإنسانية.

5-5 وفيما يتعلق بالادعاء الذي يخص الحق في الوصول إلى المحاكم، يستند صاحب البلاغ إلى قرار المقبولية الذي اتخذته اللجنة في بلاغ سمارت ضد ترينيداد وتوباغو (21) الذي جاء فيه أنه ما دامت المساعدة القضائية غير متاحة لإمكان الطعن بعدم الدستورية فإن هذا الطعن لا يعتبر سبيلاً فعالاً للانتصاف في الموضوع قيد البحث. وتساءل صاحب البلاغ عن عدد الحالات المتصلة بالطعون ال‍ 19 التي أشارت إليها الدولة الطرف والتي تلقى فيها أصحابها مساعدة قضائية، وذكر أنه يعتقد أن الذي قدم معظمها هم محامون متطوعون (فهذه الطعون لا يتولاها عموماً محامون محليون) (22) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي مطالبات واردة في البلاغ، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مستوفياً لشروط القبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن التأخير، أحاطت اللجنة علماً بالدفع المقدم من الدولة الطرف بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية ’1’ لعدم إثارة مسألة التأخير أمام محكمة الموضوع أو عند الاستئناف، و’2’ لعدم قيام صاحب البلاغ بالطعن لعدم الدستورية. ولم تقدم الدولة الطرف دليلاً على أن إثارة مسألة التأخير أمام محكمة الموضوع أو عند الاستئناف كان سيوفر سبيلاً فعالاً للانتصاف. وفيما يتعلق بالدفع المقدم من الدولة الطرف بأن الطعن بعدم الدستورية كان ولا يزال متاحاً لصاحب البلاغ، تشير اللجنة إلى آرائها السابقة التي مفادها أنه يلزم أن تكون المساعدة القضائية متاحة لإمكان القول بأن الانتصاف كان متاحاً للطالب المعسر. وبينما قدمت الدولة الطرف أرقاماً للدلالة على لجوء سجناء آخرين إلى هذا السبيل من سبل الانتصاف فإنها لم تقدم دليلاً على أنه كان متاحاً بالتحديد لصاحب البلاغ لظروف الإعسار المشار إليها في بلاغه. وفي جميع الأحوال، وفيما يتعلق بادعاء التأخير الذي لا مبرر له، تلاحظ اللجنة أنه وفقاً لتفسير مجلس الملكة الخاص للأحكام الدستورية ذات الصلة، لم يكن هذا السبيل من سبل الانتصاف متاحاً لعدم جواز الطعن بعدم الدستورية بالاستناد إلى التأخير. ولذلك، ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يحول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري دون النظر في هذا البلاغ.

6-3 وفيما يتعلق بالادعاءات المتصلة بالأوضاع غير المناسبة للاحتجاز التي تشكل انتهاكاً للمادتين 7 و10 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ادعاءات محددة وتفصيلية بشأن الأوضاع التي تعرض لها أثناء الاحتجاز. وبدلاً من الرد على كل ادعاء على حدة، أفادت الدولة الطرف فقط بأن صاحب البلاغ لم يقدم دليلاً على هذه الادعاءات. وإزاء ما سلف، ترى اللجنة، لأغراض المقبولية، أن صاحب البلاغ قدم أدلة كافية لهذه الادعاءات.

7-1 وبناء على ما سلف، ترى اللجنة مقبولية البلاغ قيد البحث وتنتقل إلى النظر في جوهر تلك الادعاءات في ضوء المعلومات التي أتاحها لها الطرفان على النحو المطلوب بموجب الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 ففيما يتعلق بالادعاء الذي يخص التأخير غير المعقول خلال الفترة السابقة للمحاكمة، تشير اللجنة إلى آرائها السابقة التي جاء بها أنه "ينبغي محاكمة المتهم في الحالات التي تنطوي على تهم جسيمة مثل القتل العمد أو القتل فقط والتي ترفض فيها المحكمة إخلاء سبيل المتهم بكفالة بأسرع ما يمكن" (23) . وفي الحالة قيد البحث، التي أُلقي فيها القبض على صاحب البلاغ يوم ارتكاب الجريمة والتي اتهم فيها بالقتل العمد ووضع في الحبس الاحتياطي إلى حين محاكمته، والتي كانت الأدلة الوقائعية فيها مباشرة وكان من الواضح أنها في حاجة إلى تحريات قليلة من جانب الشرطة، ترى اللجنة أنه ينبغي تقديم أسباب جوهرية لتبرير التأخير الذي دام 22 شهراً قبل المحاكمة. وأشارت الدولة الطرف إلى المشاكل العامة فقط وإلى عدم الاستقرار الذي حدث بعد محاولة الانقلاب واعترفت بالتأخير الذي نتج عن ذلك. وإزاء ما سلف ترى اللجنة وجود انتهاك للحقوق المقررة لصاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 3(ج) من المادة 14 من العهد.

7-3 وفيما يتعلق بالادعاء بالتأخير الذي يتجاوز أربع سنوات وسبعة أشهر بين الإدانة والحكم في الاستئناف، تشير اللجنة أيضاً إلى آرائها السابقة التي جاء بها أن الحقوق الواردة في الفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 تخول، عند قراءتها معاً، الحق في إعادة النظر في الحكم الصادر من المحكمة بدون تأخير (24) . وفي بلاغ جونسون ضد جامايكا (25) ، ذكرت اللجنة أنه بصرف النظر عن الظروف الاستثنائية فإن التأخير الذي يبلغ أربع سنوات وثلاثة أشهر يعتبر تأخيراً غير معقول. وفي الحالة قيد البحث، أشارت الدولة الطرف مرة أخرى إلى الحالة العامة فقط ووافقت ضمنياً على التأخير المفرط عندما أوضحت أنه يجري حالياً اتخاذ إجراءات تصحيحية لضمان الفصل في الطعون في غضون سنة واحدة. ولذلك، ترى اللجنة وجود انتهاك للفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 من العهد.

7-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن أوضاع الاحتجاز التي تعرَّض لها في المراحل المختلفة لاحتجازه تشكل انتهاكاً للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 من العهد، أحاطت اللجنة علماً بالدفع العام المقدم من الدولة الطرف بأن الأوضاع في سجونها تتفق مع العهد. وإزاء عدم وجود ردود محددة من الدولة الطرف بشأن أوضاع الاحتجاز التي وصفها صاحب البلاغ (26) ، فإنه يتعين على اللجنة أن تولي الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ القائلة بعدم وجود ما يفندها. وفيما يتعلق بما إذا كانت الأوضاع الموصوفة تشكل انتهاكاً للعهد، أحاطت اللجنة علماً بالدفع المقدم من الدولة الطرف والذي مفاده أن محاكمها رأت، في حالات أخرى، أن الأوضاع في السجون مرضية (27) . وترى اللجنة أن النتائج التي انتهت إليها المحاكم في مناسبات أخرى لا تعتبر رداً على الشكاوي المحددة المقدمة من صاحب البلاغ في هذا الشأن. وترى اللجنة، كما ذكرت مراراً فيما يتعلق بادعاءات قُدمت بشأنها دفوع مماثلة (28) أن أوضاع الاحتجاز التي وصفها صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً لحقه في التمتع بمعاملة إنسانية وفي الاحترام الواجب لكرامة الإنسان وتعتبر بالتالي مخالفة للفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وبناء على هذه الاستنتاجات المتعلقة بالفقرة 1 من المادة 10 من العهد، وهي من أحكام العهد التي تعالج بالتحديد حالة الأشخاص الذين يحرمون من حريتهم والتي تشمل فيما يتعلق بهؤلاء الأشخاص العناصر المنصوص عليها عموماً في المادة 7، فإنه ليس هناك ما يدعو إلى النظر بصورة منفصلة في الادعاءات الناشئة بموجب المادة 7.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والفقرتين 3(ج) و5 من المادة 14 من العهد.

9- وبناء على الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، تلتزم الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد سكستوس، بما في ذلك تعويض مناسب. وتلتزم الدولة الطرف أيضاً بتحسين الأوضاع الحالية لاحتجاز صاحب البلاغ أو بإخلاء سبيله.

10- ولكون ترينيداد وتوباغو طرفاً في البروتوكول الاختياري، اعترفت هذه الدولة باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث أم لم يحدث انتهاك للعهد. وأُحيل هذا البلاغ إلى اللجنة للنظر قبل انسحاب ترينيداد وتوباغو من البروتوكول الاختياري الذي أصبح نافذاً اعتباراً من 27 حزيران/يونيه 2000؛ ووفقاً للفقرة 2 من المادة 12 من البروتوكول الاختياري، لا يخل الانسحاب باستمرار انطباق أحكام البروتوكول الاختياري. وعملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل تظلم يكون فعالاً وقابلاً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك. ولذلك، ترغب اللجنة في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتُمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) وصف المحامي لهذه الأوضاع مستقى من الرسائل المتبادلة بينه وبين صاحب البلاغ ومن المعلومات التي تلقاها منه عند زيارته له في السجن في تموز/يوليه 1996.

(2) في التاريخ المذكور، وبعد الاستماع إلى المرافعة، رفضت المحكمة الإذن بالاستئناف وأكدت الإدانة والحكم. وأُعلنت أسباب الحكم (20 صفحة) بعد 10 نيسان/أبريل 1995 بفترة وجيزة.

(3) البلاغات أرقام 56/1979 و6/1977 و27/1978، على التوالي.

(4)[1994] 2 AC 1 (Privy Council).

(5) يشير صاحب البلاغ إلى بنكني ضد كندا (البلاغ رقم 27/1978)، وليتل ضد جامايكا (البلاغ رقم 283/1998)، وبريت ومورغان ضد جامايكا (البلاغان رقم 210/1986 و226/1987)، وكيلي ضد جامايكا (البلاغ رقم 253/1987، ونيبتون ضد ترينيداد وتوباغو (البلاغ رقم 523/1992).

(6) يشير صاحب البلاغ إلى التحليل العام للأوضاع في سجن بورت أوف سبين الموصوفة في كتاب Vivian Stern, Deprived of their Liberty (1990).

(7) يشير صاحب البلاغ أيضاً فيما يتعلق بالأوضاع العامة إلى ما ذكرته وسائط الإعلام في 5 آذار/مارس 1995 على لسان الأمين العام لرابطة العاملين بالسجون من أن الأوضاع الصحية "مؤسفة للغاية وغير مقبولة وتؤدي إلى مخاطر صحية". وقال الأمين العام للجمعية أيضاً إن العمل بالسجون قد أصبح مضنياً بسبب قلة الموارد وانتشار الأمراض المعدية الخطيرة.

(8) استعيض عن هذين التعليقين العامين بعد ذلك بالتعليقين العامين 20 و21، على التوالي.

(9) فالنتيني دي بازانو ضد أوروغواي (البلاغ رقم 5/1977)، وبوفو كاربالال ضد أوروغواي (البلاغ رقم 33/1978)، وسنديك أنتوناشيو ضد أوروغواي (البلاغ رقم 63/1979)، وغوميز دي فواتوريت ضد أوروغواي (البلاغ رقم 109/1981)، ووايت ضد مدغشقر (البلاغ رقم 115/1982)، وبنتو ضد ترينيداد وتوباغو (البلاغ رقم 232/1987، وموكونغ ضد الكاميرون (البلاغ رقم 458/1991).

(10) البلاغ رقم 27/1980.

(11) البلاغ رقم 523/1992. وكان من بين الأوضاع الموصوفة (والتي لم تعترض عليها الدولة الطرف) زنزانة طولها 9 أقدام وعرضها 6 أقدام بها ما بين 6 إلى 9 سجناء، وثلاثة أسرَّة، والإضاءة فيها غير كافية، ورياضة بدنية مدتها نصف ساعة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وطعام غير صالح للأكل.

(12) في المحكمة الأوروبية: قضية Greek Case 12 YB 1 (1969) وقضية Cyprus v. Turkey (Appln. No. 6780/75)؛ وفي المحكمة العليا لزمبابوي: قضية Conjwayo v. Minister of Justice, Legal and Parliamentary Affairs et al. (1992) 2 SA 56, Gubay CJ for the Court.

(13) أُعلنت عدم مقبولية البلاغ رقم 445/1991 في 18 آذار/مارس 1993.

(14) قضية Golder v. United Kingdom [1975] 1 EHRR 524 وقضية Airey v. Ireland [1979] 2 EHRR 305. ويستند صاحب البلاغ إلى آراء اللجنة في كوري ضد جامايكا (البلاغ رقم 377/1989) التي جاء فيها أنه ينبغي توفير المساعدة القضائية لصاحب الطلب المدان، حيثما تقتضي مصلحة العدالة ذلك، لمواصلة النظر في الطعن المقدم منه أمام المحكمة الدستورية بشأن المخالفات التي وقعت في المحاكمة الجنائية.

(15) لا تشير الدولة الطرف إلى أوضاع الاحتجاز في المرحلة السابقة للمحاكمة.

(16) انظر رأي الأغلبية في تشادي ضد ترينيداد وتوباغو (البلاغ رقم 813/1998).

(17)[1999] 3 WLR 249.

(18) البلاغ رقم 672/1995.

(19)[1996] 3 WLR 149.

(20) موكونغ ضد الكاميرون (البلاغ رقم 458/1991). ويؤدي الرأي الفردي للورد شتاين في توماس وهيلر نفس المعنى.

(21) المرجع السابق.

(22) يفيد صاحب البلاغ بأن التمثيل القانوني يكون بالمجان عند قراءة الحكم بالإعدام.

(23) باروزو ضد بنما (البلاغ رقم 473/1991، عند البند 8-5).

(24) لوبوتو ضد زامبيا (البلاغ رقم 390/1990) ونبتون ضد ترينيداد وتوباغو (البلاغ رقم 523/1992).

(25) البلاغ رقم 588/1994.

(26) في قضية تشادي ضد ترينيداد وتوباغو (البلاغ رقم 813/1998) التي تشير إليها الدولة الطرف، قدمت الدولة الطرف فعلاً تفاصيل بشأن الوقائع ورأت اللجنة في نهاية الأمر، بأغلبية الآراء، أنها ليست في وضع يسمح لها بالقول بوجود انتهاك للمادة 10.

(27) تم في هذه القضايا تفسير حكم دستوري شبيه بالمادة 7 مـن العهـد ولذلك ينطبق هذا التفسير على تقييم الادعاءات المقدمة بموجب المادة 7 فقط ولا ينطبـق علـى المعيار المختلف الذي يرد في المادة 10.

(28) انظر، مثلاً، كيلي ضد جامايكا (البلاغ رقم 253/1987) وتيلور ضد جامايكا (البلاغ رقم 707/1996).

تذييل

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، وفقاً للمادة 98 من النظام الداخلي:

أود أن أُعرب عن رأيي الفردي بشأن الفقرة 9 التي أعتقد أنها ينبغي أن تنص على ما يلي:

“ وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تلتزم الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعَّال للسيد سكستوس، بما في ذلك تعويض مناسب. وتلتزم الدولة الطرف أيضاً بإخلاء سبيل صاحب البلاغ ” .

[التوقيع] هيبوليتو سولاري يريغوين

[قدم بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

ياء - البلاغ رقم 819/1998، كافاناخ ضد آيرلندا

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: نيسوكي أندو، برافولاتشاندرا ن. باغواتي، كريستين شانيه، لويس هانكين، إيكارت كلاين، دافيد كريتسمر، راجسومر لالاه، سيسيليا مدينا كيروغا، رافائيل ريغاس بوسادا، نيغل رودلي، مارتن شاينين، إيفان شيرير، هيبوليتو سولاري يريغوين، أحمد توفيق خليل، باتريك فيلا، ماكسويل يالدين.

يرد في مرفق هذه الوثيقة نص رأي فردي وقع عليه خمسة أعضاء في اللجنة.

الآراء المعتمدة في 4 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون*

المقدم من : السيد جوزيف كافاناخ (يمثله السيد مايكل فاريل)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : آيرلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 27 آب/أغسطس 1998 (الرسالة الأولى)

تاريخ القرار المتعلق بالمقبولية واعتماد الآراء : 4 نيسان/أبريل 2001

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 4 نيسان/أبريل 2001،

وقد انتهت من نظرها في البلاغ رقم 819/1998 الذي قدمه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السيد جوزيف كافانا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي قدمها إليها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ في 27 آب/أغسطس 1998 هو السيد جوزيف كافانا، وهو مواطن آيرلندي ولد في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1957. ويدعي صاحب البلاغ انتهاك جمهورية آيرلندا للفقرتين 1 و3(أ) من المادة 2 والفقرتين 1 و3 من المادة 4، والفقرات 1 و2 و3 من المادة 14، والمادة 26 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لآيرلندا في 8 آذار/مارس 1990.

الخلفية

2-1 تنص المادة 38(3) من الدستور الآيرلندي على أن تُنشأ بموجب القانون محاكم خاصة للنظر في الجرائم في الحالات التي قد يتقرر فيها طبقاً للقانون أن المحاكم العادية "غير مناسبة لكفالة إقامة العدل على نحو فعال والحفاظ على الأمن والنظام العام". وفي 26 أيار/مايو 1972، مارست الحكومة سلطتها بإصدار إعلان عملاً بالباب 35(2) من القانون الخاص بالجرائم المرتكبة ضد الدولة لسنة 1939 (القانون) مما أدى إلى إنشاء محكمة جنائية خاصة للفصل في قضايا معينة. وينص في الباب 35(4) و(5) من هذا القانون على أنه إذا اقتنعت الحكومة أو اقتنع البرلمان في أي وقت بأن المحاكم العادية غير مناسبة لكفالة إقامة العدل بفعالية والحفاظ على الأمن والنظام العام، يصدر إعلان أو قرار بالإلغاء على التوالي، لإنهاء نظام المحكمة الجنائية الخاصة. وحتى الآن لم يصدر مثل هذا الإعلان أو القرار بالإلغاء.

2-2 وبموجب الباب 47(1) من هذا القانون، تتمتع المحكمة الجنائية الخاصة بالولاية القضائية على أي "جريمة مقررة" (أي جريمة مدرجة في قائمة) عندما "يرى" النائب العام "أن من المناسب" محاكمة شخص متهم بارتكاب هذه الجريمة أمام محكمة جنائية خاصة بدلاً من المحاكم العادية. وحدد نطاق "الجريمة المقررة" في الأمر الخاص بالجرائم المرتكبة ضد الدولة (الجرائم المقررة) لسنة 1972، بوصفه يشمل الجرائم التي تندرج في القانون الخاص بالتخريب المتعمد لسنة 1861 والقانون الخاص بالمواد المتفجرة لسنة 1883، والقانون الخاص بالأسلحة النارية، 1925-1971 والقانون الخاص بالجرائم المرتكبة ضد الدولة لسنة 1939. وقد أضيفت فئة أخرى من الجرائم بموجب صك تشريعي في وقت لاحق من السنة نفسها، وهي الجرائم الواردة في الباب 7 من القانون الخاص بالتواطؤ وحماية الممتلكات لسنة 1875. كذلك تتمتع المحكمة الجنائية الخاصة باختصاص النظر في الجرائم غير المقررة عندما يؤكد النائب العام، بموجب الباب 47(2) من هذا القانون، أنه يرى المحاكم العادية "غير مناسبة لكفالة إقامة العدل بفعالية فيما يتعلق بمحاكمة شخص ما بتهمة ما". ويمارس مدير الادعاء العام سلطات النائب العام بموجب السلطة المفوضة.

2-3 وعلى النقيض من المحاكم العادية ذات الاختصاص الجنائي التي تعين لها هيئات محلفين، تتألف المحاكم الجنائية الخاصة من ثلاثة قضاة يتخذون القرارات بأغلبية الأصوات. كذلك فإن المحكمة الجنائية الخاصة تستخدم إجراءً يختلف عن الإجراء الذي تستخدمه المحاكم الجنائية العادية، يتضمن أن المتهم لا يستطيع اللجوء إلى إجراءات التحقيق الأولى فيما يتعلق بشهادة بعض الشهود.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

3-1 في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، وقع حادث خطير يبدو أنه نظم بدقة بالغة وقامت فيه عصابة مكونة من سبعة أفراد باحتجاز الرئيس التنفيذي لشركة مصرفية آيرلندية هو وزوجته وأطفاله الثلاثة وجليسة أطفاله والاعتداء عليهم في منزل الأسرة. وبعدئذ حمل المسؤول التنفيذي تحت التهديد باللجوء إلى العنف على سرقة مبلغ كبير جداً من المال من المصرف المعني. ويعترف صاحب البلاغ بأنه تورط في هذا الحادث، لكنه يزعم أنه هو أيضاً قد اختطفته العصابة قبل الحادث وأنه تصرف تحت الإكراه والتهديد باستخدام العنف ضده وضد أسرته.

3-2 وفي 19 تموز/يوليه 1994، ألقي القبض على صاحب البلاغ بسبع تهم تتصل بهذا الحادث؛ وهي الحبس الباطل، والسرقة، وطلب مال باللجوء إلى التهديد، والتواطؤ لطلب المال بالتهديد، وحيازة سلاح ناري بقصد ارتكاب جريمة الحبس الباطل. وكانت ست من هذه التهم تهماً غير مقررة، وكانت التهمة السابعة (حيازة سلاح ناري بقصد ارتكاب جريمة الحبس الباطل) ‘جريمة مقررة‘.

3-3 وفي 20 تموز/يوليه 1994، وجهت إلى صاحب البلاغ مباشرة أمام المحكمة الجنائية الخاصة تهمة ارتكاب جميع الجرائم السبع بأمر من مدير النيابة العامة، بتاريخ 15 تموز/يوليه 1994، عملاً بالباب 47(1) و(2) من القانون، بالنسبة لكل من الجرائم المقررة والجرائم غير المقررة.

3-4 وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، التمس مقدم البلاغ إذناً من المحكمة العليا لطلب مراجعة قضائية لأمر مدير النيابة العامة. ومنحت المحكمة العليا الإذن في اليوم نفسه، وتم النظر في طلبه في حزيران/يونيه 1995. ودفع مقدم البلاغ بأن الجرائم التي اتهم بارتكابها لا تتسم بطابع تخريبي أو شبه عسكري وأن المحاكم العادية تفي بغرض محاكمته. وطعن مقدم البلاغ في إعلان سنة 1972 على أساس أنه لم يعد هناك سند وقائعي يمكن قبوله بشكل معقول للرأي الذي بُني عليه، والتمس إصدار إعلان بهذا المفاد. وطلب أيضاً شطب إقرار مدير النيابة العامة فيما يتعلق بالجرائم غير المقررة بدعوى أن مدير النيابة العامة غير مخول بإقرار إحالة الجرائم غير المقررة إلى المحاكم الجنائية الخاصة للفصل فيها إذا لم تكن لها صلة بالتخريب. وفي هذا الصدد، ادعي أن المزاعم التي قدمها النائب العام إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في دورتها الثامنة والأربعين بأن المحكمة الجنائية الخاصة التي اقتضتها الحملة الجارية المتعلقة بآيرلندا الشمالية أدت إلى توقع مشروع بألا تعرض على المحكمة سوى الجرائم المتصلة بآيرلندا الشمالية. وزعم أيضاً أن القرار بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الخاصة يشكل تمييزاً مجحفاً ضده.

3-5 وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر 1995، رفضت المحكمة العليا جميع حجج صاحب البلاغ. وقررت المحكمة، بناء على تفويض سابق، أن قرارات مدير النيابة العامة لا يجوز مراجعتها في حالة عدم وجود دليل على سوء النية أو على أن مدير النيابة العامة كان متأثراً بدوافع أو سياسة غير مشروعة. ورأت المحكمة أن إقرار الجرائم غير المقررة ذات الطابع غير التخريبي أو شبه العسكري لا يعد أمراً غير مناسب. وخلصت المحكمة إلى أن اتخاذ قرار مناسب وصحيح أمر يمكن تحقيقه بصورة معقولة، وتم تأييد الإقرار. وفيما يخص الهجوم الأساسي على إعلان سنة 1972 نفسه، رأت المحكمة العليا أنه يقتصر على النظر في دستورية الإجراء الذي اتخذته الحكومة في سنة 1972 ولا يمكن للمحكمة أن تعرب عن رأي بشأن التزام الحكومة الراهن بموجب الباب 35(4) بإنهاء النظام الخاص. ورأت المحكمة العليا أنها إذا تجرأت على إلغاء الإعلان فإن ذلك سيكون بمثابة اغتصاب للدور التشريعي في مجال ليس للمحاكم فيه أي دور.

3-6 وفيما يتعلق بالادعاء بأن صاحب البلاغ تعرض لأسلوب محاكمة يختلف عن الأسلوب المتبع مع المتهمين بارتكاب جرائم مماثلة ولكن لم يقرر إحالتهم إلى المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة، رأت المحكمة العليا أن صاحب البلاغ لم يثبت أن هذا الاختلاف في المعاملة أمر يثير الاستياء. وأخيراً رأت المحكمة أنه لا يمكن لأي قول يدلي به ممثل الدولة أمام لجنة دولية أن يغير أثر قانون نافذ أو يقيد تقدير مدير النيابة العامة وفقاً لهذا القانون.

3-7 وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 1995، رفع صاحب البلاغ دعوى استئناف أمام المحكمة العليا. وادعى بصورة خاصة أن إعلان سنة 1972 كان المقصود منه تناول الجرائم التخريبية وأنه لم يكن يقصد قط من إحالة المحكمة الجنائية الخاصة أن تشمل ‘جريمة عادية‘ وذكر أيضاً أن الحكومة كان من واجبها أن تراجع الإعلان وتقوم بإلغائه بمجرد اقتناعها بأن المحاكم العادية فعالة فيما يتعلق بكفالة إقامة العدل على نحو فعال والحفاظ على الأمن والنظام العام.

3-8 وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 1996، رفضت المحكمة العليا دعوى الاستئناف التي رفعها صاحب البلاغ في قرار المحكمة العليا. وذكرت المحكمة العليا أن القرار الذي اتخذته الحكومة في عام 1972 بإصدار إعلان كان قراراً سياسياً في المحل الأول ويفترض أنه يتوافق مع الدستور ولم يطعن في عدم دستوريته. ورأت المحكمة العليا أن كلاً من الحكومة والبرلمان يتعين عليهما بموجب الباب 35 من القانون إلغاء هذا النظام بمجرد اقتناعهما بأن المحاكم العادية أصبحت من جديد كافية لأداء مهامها. وبالرغم من أنه يمكن من حيث المبدأ القيام بمراجعة قانونية لوجود المحكمة الجنائية الخاصة، فقد رأت المحكمة العليا أنه لم يثبت أن الإبقاء على هذا النظام يعتبر انتهاكاً للحقوق الدستورية في ضوء الأدلة التي تثبت أن الحالة أُبقيت قيد الاستعراض وأن الحكومة ما زالت مقتنعة بالحاجة إليه.

3-9 ورأت المحكمة العليا تبعاً للحكم القضائي الذي أصدرته من قبل، في قضية "الشعب" The People (مدير النيابة العامة) ضد كويليغان (1) ، أن القانون يسمح أيضاً بأن تقوم المحكمة الجنائية الخاصة بالفصل في الجرائم غير التخريبية، إذا رأى مدير النيابة العامة أن المحاكم العادية غير مناسبة. ويزعم صاحب البلاغ أنه برفض دعوى الاستئناف يكون قد استنفد كافة سبل الانتصاف المحلية الممكنة في إطار نظام العدالة الآيرلندي فيما يتعلق بهذه المسائل.

3-10 وبعد رفض سلسلة من الطلبات المقدمة للإفراج عنه بكفالة، بدأت في 14 تشرين الأول/أكتوبر 1997 محاكمة صاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية الخاصة. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997، أدين بالسرقة وحيازة سلاح ناري، أي مسدس، بقصد ارتكاب جريمة جنائية خطيرة، وهي الحبس الباطل، وطلب مال بواسطة التهديد بقصد السرقة. وحُكم على صاحب البلاغ بعقوبة السجن لمدة 12 سنة و12 سنة و5 سنوات على التوالي، بتواريخ سابقة تبدأ في نفس التاريخ اعتباراً من 20 تموز/يوليه 1994 (وهو التاريخ الذي أودع فيه صاحب البلاغ في الاحتجاز). وفي 18 أيار/مايو 1999، رفضت محكمة الاستئناف في القضايا الجنائية طلب صاحب البلاغ بالسماح له بالطعن في الحكم الصادر بإدانته.

الشكوى

4-1 يدعى صاحب البلاغ أن قرار مدير النيابة العامة بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الخاصة يشكل انتهاكاً لمبدأي النزاهة والمساواة التامة اللذين تشملهما بالحماية الفقرتان 1 و3 من المادة 14. ويشكو صاحب البلاغ من أنه تعرض لإجحاف شديد بالمقارنة مع أشخاص آخرين اتهموا بجرائم مشابهة أو مساوية للجرائم التي اتهم بها، وعلى خلاف ما حدث له قامت محاكم عادية بمحاكمتهم، واستفادوا بالتالي من مجموعة واسعة من الضمانات الممكنة. ويشدد صاحب البلاغ على أن محاكمته من قبل هيئة محلفين وكذلك إمكانية الاستجواب الأولى لشهود الإثبات، أمران لهما أهمية بالغة. وتقييم مصداقية أقوال عدة من شهود الإثبات هو المسألة الرئيسية في هذه القضية. وبالتالي، يزعم صاحب البلاغ أنه اعتقل بصورة تعسفية وعومل معاملة جائرة فيما يتعلق بحقوقه الإجرائية، حيث إن مدير النيابة العامة لم يعط أي أسباب أو مبررات لقراره.

4-2 ويقر صاحب البلاغ بأن الحق في محاكمة من قبل هيئة محلفين وفي المقام الأول الحق في استجواب شهود الإثبات غير منصوص عليهما صراحة في الفقرة 3 من المادة 14، لكنه يذكر أن متطلبات الفقرة 3 من المادة 14، لا تشير إلا إلى البعض من مقتضيات النزاهة وليس إليها كلها. وذهب إلى أن القصد الواضح من المادة ككل هو تقديم ضمانات هامة تتاح للجميع على قدم المساواة. وبناء على ذلك، يذهب صاحب البلاغ إلى أن هذه الحقوق، التي يذكر أنها ضمانات رئيسية في الولاية القضائية للدولة الطرف، هي حقوق مشمولة أيضاً بحماية المادة 14.

4-3 كذلك يشكو صاحب البلاغ من أن قرار مدير النيابة العامة وفقاً للباب 47 من هذا القانون قد أصدر دون سبب أو مبرر وبذا يشكل انتهاكاً للضمان المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 وهو عقد جلسة علنية. وقد نصت أعلى محكمة في الدولة الطرف وهي المحكمة العليا في قضية هاء ضد مدير النيابات العامة (2) ، بأنه لا يمكن إجبار مدير النيابة العامة على إبداء أسباب اتخاذ القرار، إلا إذا أثبت وجود ظروف استثنائية مثل سوء النية. ويدعي صاحب البلاغ أن قراراً حاسماً يتعلق بمحاكمته وهو اختيار الإجراء والمحفل، قد اتخذ سراً على أساس اعتبارات لم يفصح له أو للجمهور عنها وبالتالي لم تكن عرضة لأي طعن.

4-4 وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن قرار مدير النيابة العامة يعتبر انتهاكاً لافتراض البراءة المشمولة بحماية الفقرة 2 من المادة 14. وهو يرى أن قيام الحكومة الآيرلندية في عام 1972 بإعادة إنشاء المحكمة الجنائية الخاصة يعود إلى تزايد العنف في آيرلندا الشمالية وبغرض عزل هيئات المحلفين بصورة أفضل عن التأثير غير السليم والتدخل الخارجي. ويجادل صاحب البلاغ بأن قرار مدير النيابة العامة ينطوي على تقرير ما إذا كان صاحب البلاغ عضواً في جماعة شبه عسكرية أو تخريبية متورطة في النزاع القائم في آيرلندا الشمالية، أو ينتسب لهذه الجماعة، أو أن من المحتمل أن يحاول هو أو أشخاص مرتبطون به التدخل في هيئة المحلفين أو بخلاف ذلك التأثير عليها إذا تمت محاكمته أمام محكمة عادية. وهو يذكر أيضاً أن احتجازه إلى حين المحاكمة في هذه الظروف ينطوي أيضاً على تقرير يشوبه قدر من إدانته بالجرم.

4-5 وينكر صاحب البلاغ أنه ينتسب أو أنه انتسب في أي وقت من الأوقات لجماعة شبه عسكرية أو تخريبية. ومن ثم فهو يدفع بأن قرار مدير النيابة العامة فيما يتعلق بحالته يعني ضمناً أنه لا بد وأنه كان متورطاً مع العصابة الإجرامية المسؤولة عن حادثة الاختطاف في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، وهو أمر يحتمل أن يتعارض مع قرار هيئة المحلفين أو يؤثر عليه. وينفي صاحب البلاغ اشتراكه في العصابة الإجرامية، وهو ما يعتبره القضية الرئيسية التي يتعين حسمها في المحاكمة وبالتالي لا يمكن لمدير النيابة العامة أن يصدر قراراً بشأنها مقدماً.

4-6 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم توفر له وسيلة انتصاف فعالة، كما تقتضي المادة 2. وفي ظل ملابسات هذه الحالة، اتخذ قرار يثير قضايا واضحة بموجب العهد، ولا يخضع لوسيلة انتصاف قضائي فعال. ومع تقييد المحاكم لنفسها واقتصارها على فحص أسباب استثنائية، يكاد يكون من المستحيل إثباتها، تتمثل في سوء النية، أو دوافع أو اعتبارات غير سليمة من جانب مدير النيابة العامة. ولا يمكن القول بأنه توجد وسيلة انتصاف فعالة. ولأن صاحب البلاغ لا ينازع في وجود مثل هذه الظروف الاستثنائية، لا تتاح له أي وسيلة انتصاف.

4-7 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك مبدأ عدم التمييز بموجب المادة 16، حيث إنه حرم، دون سبب موضوعي، من بعض الضمانات القانونية الهامة التي أتيحت لأشخاص آخرين وجهت إليهم تهمة ارتكاب جرائم مشابهة. وفي هذا الصدد، يجادل صاحب البلاغ بأن إعلان الحكومة الآيرلندية لعام 1972 القاضي بإعادة تأسيس المحكمة الجنائية الخاصة تعتبر تقييداً وفقاً للفقرة 1 من المادة 4، لبعض الحقوق المشمولة بحماية المادة 14 من العهد. ويذكر أن حالة العنف المتزايد في آيرلندا الشمالية الذي أدى إلى قرار الحكومة قد توقفت ولم يعد من الممكن وصفها بأنها حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة. ويذهب صاحب البلاغ إلى أنه لم يعد هناك بالتالي ما يستدعي مواصلة تقييد أجزاء من العهد. والإبقاء على وجود المحكمة الجنائية الخاصة، يشكل انتهاكاً لالتزامات آيرلندا بموجب الفقرة 1 من المادة 4.

4-8 وأخيراً، يزعم صاحب البلاغ أن آيرلندا قد انتهكت أيضاً التزامها بموجب الفقرة 3 من المادة 4. ويدعي أن آيرلندا، بعدم تخليها عن إعلانها لعام 1972، تكون اعتباراً من الآن على الأقل، قد خالفت بحكم الواقع أو بصورة غير رسمية المادة 14 من العهد دون إخطار الدول الأطراف الأخرى في العهد كما يقتضي.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 تقول الدولة الطرف إنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5، من البروتوكول الاختياري نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفي وقت تقديم البلاغ، لم يكن صاحب البلاغ قد رفع دعوى الاستئناف ضد الحكم بإدانته إلى محكمة الاستئناف في القضايا الجنائية. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن جوانب الشكوى الحالية لم ترفع أمام المحاكم المحلية البتة. وتذهب الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يذكر أبداً في المحاكم المحلية أنه لم يحاكم علناً، أو أن حقه الدستوري في افتراض براءته قد انتهك. ومن ثم تدفع الدولة بأن تلك الجوانب غير مقبولة. وفي مرفقات ملاحظاتها، قدمت الدولة الطرف بالفعل قرار سنة 1995 الذي أصـدرته أعلى محاكمها وهي المحكمة العليا، التي قضت بأن قرار مدير النيابة العامة لم ينتهك افتراض البراءة (3) . (وفي تقارير لاحقة، تسلم الدولة الطرف بأن مسألة افتراض البراءة أثيرت على كل من المستويين في إجراءات المراجعة القضائية).

5-2 وتسهب الدولة الطرف أيضاً في دفوعها بأن صاحب البلاغ تمتع بالحماية الكاملة التي يوفرها العهد فيما يتعلق بتوقيفه واحتجازه والتهم الموجهة له ومحاكمته. وتدفع كذلك بأن هناك أجزاءً مختلفة من العهد لا تنطبق على هذه الشكاوى، وبأن الشكاوى لا تتسق مع أحكام العهد، وأن الشكاوى غير مدعمة بأدلة كافية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

6-1 بالإضافة إلى الرد على الحجج التي ساقتها الدولة الطرف بشأن المقبولية وانطباق العهد، يعلق صاحب البلاغ على استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويوضح أنه يباشر استئنافاً ضد الإدانة، وأن هذا الاستئناف لا يتناول سوى الشهادة التي تم الإدلاء بها أثناء المحاكمة والاستنتاجات المستمدة منها. ويقول إن المسائل المثارة فيما يتعلق بإقرار مدير النيابة العامة ومعاملته غير المقسطة وغير المنصفة قد تم التنازع بشأنها بالكامل، قبل محاكمته، في جميع الإجراءات وحتى المحكمة العليا. ورداً على مزاعم الدولة الطرف بأنه لم تجر إثارة مسألة عدم سماع الدعوى علناً وخرق افتراض البراءة أمام المحاكم المحلية، يصرح صاحب البلاغ بأن فحوى هذه المطالبات قد نوقشت بالكامل طوال إجراءات المراجعة القضائية.

تعليقات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 تعلن الدولة الطرف أن دستورها يسمح على نحو محدد بإنشاء محاكم خاصة وفقاً لما ينص عليه القانون. وتلاحظ الدولة الطرف أنه، بعد الأخذ بإجراء يتعلق بالاستعراض والتقييم المنتظم من جانب الحكومة في 14 كانون الثاني/يناير 1997، خلصت استعراضات تراعي آراء الوكالات المختصة في الدولة أجريت في 11 شباط/فبراير 1997، و24 آذار/مارس 1998، و14 نيسان/أبريل 1999، إلى أن استمرار المحكمة الخاصة يعد أمراً ضرورياً ليس بالنظر إلى التهديد المستمر لأمن الدولة الذي تفرضه حالات العنف فحسب، وإنما أيضاً بالنظر إلى التهديد الخاص لإقامة العدل بما في ذلك تخويف هيئة المحلفين، من زيادة العصابات الإجرامية المنظمة والمنعدمة الضمير المتورطة بصورة أساسية في جرائم المخدرات والعنف.

7-2 وتذكر الدولة الطرف بأن نظام المحكمة الجنائية الخاصة يفي بجميع المعايير المنصوص عليها في المادة 14 من العهد. وتلاحظ الدولة الطرف أن المادة 14 لا هي ولا تعليق اللجنة العام بشأن المادة 14، ولا أي معايير دولية أخرى تتطلب المحاكمة من قبل هيئة محلفين أو جلسة أولية يمكن فيها للشهود أن يدلوا بشهادتهم بعد أداء القسم. بل إن ما يقتضي هو بالأحرى مجرد أن تكون المحاكمة نزيهة. وغياب أي أو كلا هذين العنصرين لا يجعل، في حد ذاته، المحاكمة غير عادلة. وفي الكثير من الدول، يمكن أن توجد نظم مختلفة للمحاكمة، ومجرد توافر آليات مختلفة لا يمكن اعتباره في حد ذاته انتهاكاً.

7-3 أما بخصوص زعم صاحب البلاغ بأن عدم قدرته على استجواب الشهود مقدماً بعد أداء القسم تعتبر انتهاكا لضمانات المادة 14 التي تكفلها المحاكمة المنصفة، فإن الدولة الطرف تشدد على أن الأطراف كانت في وضع مماثل، وبالتالي على قدم المساواة في المحاكمة. وعلى أي حال، فإن فائدة مثل هذه المحاكمة الأولية هي مجرد إثارة مسائل محتملة لاستجواب الشهود في المحاكمة وليس لها أي تأثير على المحاكمة نفسها.

7-4 وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بأن حقوقه قد انتهكت من حيث أنه حوكم من قبل محكمة جنائية خاصة على تهم جنائية ‘عادية‘ تسوق الدولة الطرف حجة مفادها أنه يجب حماية إقامة العدل على الوجه الصحيح من التهديدات التي تقوضها، بما في ذلك التهديدات الناشئة عن جماعات تخريبية في المجتمع، وكذلك من الجريمة المنظمة وأخطار تخويف أعضاء هيئات المحلفين. وفي حالة وجود مثل هذا التهديد لنزاهة الإجراء العادي لهيئة المحلفين، على نحو ما أكده مدير النيابة العامة في هذا المقام، فإن هيئة محكمة مكونة من ثلاثة قضاة يتصفون بالنزاهة وأقل عرضة للتأثير الخارجي من شأنها أن تكفل في الواقع حماية أفضل لحقوق المتهمين مقارنة بهيئة محلفين. وتشير الدولة الطرف إلى أن عدم مناسبة المحاكم العادية، التي يجب لمدير النيابة العامة أن يتأكد منها قبل اللجوء إلى المحكمة الجنائية الخاصة، قد تنشأ ليس عن الجرائم ‘السياسية‘ أو ‘التخريبية‘ أو ‘شبه العسكرية‘ وحدها وإنما أيضاً عن "أعمال الإجرام العادية أو العمليات الجيدة التمويل والتنظيم للاتجار بالمخدرات، أو حالات أخرى قد يعتقد فيها أن هيئات المحلفين لأسباب ما تتعلق بالفساد، أو تحت التهديد، أو نظراً لتداخل غير مشروع حالت دون إقامة العدل" (4) . وزعم صاحب البلاغ بأن الجريمة المنسوبة إليه ليست ‘سياسية‘ في حد ذاتها وبالتالي فليس هناك ما يمنع من اللجوء إلى المحكمة الجنائية الخاصة.

7-5 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قد كفلت له أيضاً جميع الحقوق الواردة في الفقرة 3 من المادة 14 من العهد. وهذه الحقوق يتمتع بها جميع الأشخاص أمام المحكمة الجنائية العادية في آيرلندا، ويتمتع بها كذلك الجميع أمام المحكمة الجنائية الخاصة عملاً بالباب 47 من قانون سنة 1939.

7-6 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه لم يحاكم ‘علناً‘ وفقاً لما تكفله الفقرة 1 من المادة 14، لأن مدير النيابة العامة لم يُطلب منه ذلك، وأنه لم يعط أسباباً للقرار الذي يؤكد أن المحاكم العادية غير مناسبة، وتدفع الدولة الطرف بأن الحق في المحاكمة العلنية ينطبق على إجراءات المحكمة، التي تعقد أيضاً في المحكمة الجنائية الخاصة علانية على الملأ في جميع المراحل وعلى جميع المستويات والحق في سماع الدعوى علانية لا يشمل القرارات السابقة للمحاكمة التي يصدرها مدير النيابة العامة. وليس من المستصوب أن يقتضي تبرير القرار الذي يتخذه مدير النيابة العامة أو تفسيره، لأن ذلك من شأنه أن يفتح الباب أمام استفسارات عن معلومات ذات طابع سري لها عواقب أمنية، وأن يبطل الهدف ذاته الذي من أجله أنشئت المحكمة الجنائية الخاصة ولن يكون للمصلحة العامة عموماً.

7-7 وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ بأن من حقه اعتباره بريئاً طبقاً للفقرة 2 من المادة 14 قد انتهك، تؤكد الدولة الطرف أن افتراض البراءة مبدأ رئيسي مكرس في القانون الآيرلندي، الذي يتعين على المحكمة الجنائية الخاصة أن تحترمه وهي تحترمه بالفعل. ويجب الوفاء بعبء الإثبات نفسه في المحاكم الجنائية الخاصة مثلما هو الحال في المحاكم الجنائية العادية، أي ثبوت الجرم بما لا يدع أي مجال معقول للشك. وإذا لم يتم الوفاء بهذا العبء للإثبات يحق لصاحب البلاغ بناء على ذلك الحصول على البراءة.

7-8 وتلاحظ الدولة الطرف أن المتهم قد استطاع الطعن في إحدى التهم المنسوبة إليه في بداية المحاكمة، وتم إبرائه من ثلاث تهم، وحكم عليه بالإدانة في ثلاث تهم أخرى. وبشكل أعم، تلاحظ الدولة الطرف أن من مجموع قدره 152 متهماً حوكموا أمام المحكمة الجنائية الخاصة في الفترة ما بين 1992 و1998، اعترف 48 شخصاً بالتهم الموجهة ضدهم، وأدين 72 شخصاً وحكم ببراءة 15 شخصاً، وصدر حكم بحفظ الدعوى فيما يخص 17 متهماً. وفيما يتعلق بمحاكمة صاحب البلاغ، عرضت المسألة على محكمة الاستئناف في القضايا الجنائية، التي رأت، بناء على جملة الأدلة، أن افتراض البراءة لم ينتهك.

7-9 وتدفع الدولة الطرف بأنه، نظراً لأن هذه العناصر ككل تثبت أن الاجراء الذي طبقته المحكمة الجنائية الخاصة يعتبر إجراءً نزيهاً كما يتوافق مع المادة 14 من العهد، فإن قرار مدير النيابة العامة بمحاكمة صاحب البلاغ أمام هذه المحكمة لا يمكن أن يشكل انتهاكاً للمادة 14.

7-10 أما بخصوص مزاعم صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمعاملة غير المنصفة والتعسفية بما يتعارض مع المادة 26، تدفع الدولة الطرف بأن جميع الأشخاص يلقون نفس المعاملة وفقاً للنظام التشريعي المنصوص عليه في القانون. ويخضع جميع الأشخاص على قدم المساواة لتقييم مدير النيابة العامة بأن المحاكم العادية يمكن أن تكون غير مناسبة لكفالة إقامة العدل بفعالية والحفاظ على الأمن والنظام العام. وبالإضافة إلى ذلك، تمت معاملة صاحب البلاغ مثلما عومل أي شخص آخر قام مدير النيابة العامة باقرار قضيته. وحتى إذا رأت اللجنة أنه تم التمييز بين صاحب البلاغ والأشخاص الآخرين المتهمين بجرائم خطيرة مشابهة أو مناظرة، فإنه يجري تطبيق معايير معقولة وموضوعية في جميع القضايا، أي أنه تم تقييم المحاكم العادية بأنها غير مناسبة في هذه الحالة المحددة.

7-11 وعلى نقيض ما يؤكده صاحب البلاغ، تزعم الدولة الطرف أن سلطات الشرطة فيها ترى أن صاحب البلاع هو عضو في جماعة إجرامية منظمة، وتشير إلى خطورة الجرائم، والطابع المنظم للغاية للعملية الاجرامية، ووحشية الجرائم. وبرغم أن صاحب البلاغ كان مودعاً في الحبس الاحتياطي قبل المحاكمة، فإن احتمال تخويف هيئة المحلفين من جانب أعضاء آخرين في العصابة لم يكن مستبعداً. ولم تقدم أي أدلة توحي بأن التقييم الذي قام به مدير النيابة العامة قد أُجري بسوء نية، أو أدى إليه دافع غير مشروع أو سياسة مغرضة، أو كان بخلاف ذلك تعسفياً.

7-12 وأخيراً، فيما يتعلق بالمزاعم القائلة بأن الدولة الطرف لم توفر وسيلة انتصاف فعالة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان على نحو ما تقتضيه المادة 2، تلاحظ الدولة الطرف أن دستورها يكفل حقوقاً واسعة النطاق للأفراد وأن صاحب البلاغ قد ادعى وقوع عدد من الانتهاكات وجرت متابعتها في المحاكم وحتى مستوى أعلى محكمة في البلد. وقامت المحاكم بالنظر في القضايا التي طرحها أمامها صاحب البلاغ بالكامل، قبلت بعض آراء صاحب البلاغ ورفضت بعضها الآخر.

7-13 وترفض الدولة الطرف أيضاً حجة صاحب البلاغ بوصفها حجة ليست في محلها، ومفادها أنها تخالف العهد بحكم الواقع أو بشكل غير رسمي، وفقاً للمادة 4. وتدفع الدولة الطرف بأن المادة 4 تسمح بعدم التقيد بالعهد في ظروف معينة، ولكن الدولة الطرف لا تحتج بهذا الحق في هذا المقام وهو غير منطبق.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ

8-1 رداً على حجة الدولة الطرف بأنه كان هناك احتمال بتخويف هيئة المحلفين أو الشهود من قبل أعضاء آخرين في العصابة، بما يدعم قرار مدير النيابة العامة بمحاكمة صاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية الخاصة، يذكر صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تفصح في أي وقت من الأوقات عن الأسباب التي من أجلها اتخذ مدير النيابة العامة هذا القرار. وعلاوة على ذلك، لم يحتج مدير النيابة العامة في أي وقت من الأوقات بشأن أي طلب بالإفراج بكفالة بدعوى وجود خطر تخويف من قبل صاحب البلاغ. وعلى أي حال، فإن قيام مدير النيابة العامة بتقرير أن صاحب البلاغ أو أفراد آخرين في العصابة يمكن أن يسلكوا هذا المسلك - إذا كان هذا هو السبب بالفعل لهذا القرار - من شأنه أن يكون حكماً مسبقاً لمدير النيابة العامة على نتيجة المحاكمة. كذلك لم تتح لصاحب البلاغ أي فرصة لتفنيد افتراض مدير النيابة العامة.

8-2 وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان بالفعل عضواً في جماعة اجرامية منظمة، اعترض صاحب البلاغ بشدة على هذا القول، ملاحظاً أن هذه هي المرة الأولى على وجه الاطلاق التي أصدرت فيها الدولة الطرف تأكيداً من هذا القبيل. والواقع، أن الشرطة قد أنكرت عند تقديم طلب بالافراج بكفالة تحديداً وجود صلة من هذا القبيل، ولم يقدم أثناء المحاكمة أي دليل في هذا الشأن غير الدليل على المشاركة في الجرائم نفسها، وعلى أي حال، فإن الدولة الطرف لا تشير إلى ما إذا كان هذا هو السبب الذي أدى إلى اتخاذ قرار مدير النيابة العامة؛ وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا القرار يعتبر حكماً مسبقاً على قضية معروضة على المحكمة.

8-3 وبصدد الملاحظات المحددة التي أبدتها الدولة الطرف على المادة 14، يشير صاحب البلاغ إلى أن ملاحظة اللجنة في تعليقها العام رقم 13، ومفادها أن مقتضيات الفقرة 3 من المادة 14 تمثل ضمانات دنيا، لا تكفي مراعاتها دائماً لتأمين عدالة المحاكمة التي تكفلها الفقرة 1.

8-4 وبخصوص الاستعراضات التي قامت بها الحكومة للمحكمة الجنائية الخاصة في شباط/فبراير 1997، وآذار/مارس 1998 ونيسان/أبريل 1999، يلاحظ صاحب البلاغ أنه لم يعلن عن هذه الاستعراضات، وأنه لم يطلب آراء الجمهور أو المنظمات غير الحكومية أو الهيئات المهنية، وأنه لم تقدم أي معلومات بشأن الجهة التي اضطلعت بالاستعراضات أو الأسباب التفصيلية التي من أجلها قررت الحكومة أن المحكمة ما زالت لازمة. وبناء على ذلك، يذهب صاحب البلاغ إلى أن هذه الاستعراضات تبدو ذات طابع داخلي بحت، ولا تنطوي على أي محتوى مستقل، وبالتالي ليس لها أي قيمة حقيقية باعتبارها احدى الضمانات.

8-5 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن المحكمة لا تزال لازمة، نظراً لعدة أمور منها ازدياد العصابات الإجرامية المحكمة التنظيم التي تتورط في كثير من الأحيان في جرائم المخدرات وجرائم العنف، يذكر صاحب البلاغ أن من الواضح أن إعلان سنة 1972 قد صدر في سياق ‘العنف القائم لأسباب سياسية‘ وأن البيانات المتتالية للحكومة، بما فيها بعض البيانات المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 1980 واللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عام 1993 (5) ، تؤكد ذلك ولا يمكن أن يكون هناك سبب آخر لإنشاء المحكمة. وأي تهديد من العصابات الاجرامية الحديثة يخرج عن نطاق إعلان سنة 1972، وستكون هناك حاجة إلى اصدار إعلان جديد لتناول هذا التهديد. وعلى أي حال، فإن الكثير من القضايا التي تنطوي على اتجار بالمخدرات وعنف من جانب العصابات يجري النظر فيها في المحاكم العادية، ولا يوجد أي سبب واضح لمعالجة قضية صاحب البلاغ على نحو مختلف عن القضايا الأخرى.

8-6 ويرفض صاحب البلاغ زعم الدولة الطرف بأنه لم يتعرض لأي ضرر نتيجة رفض الاستجواب الأولي للشهود، ذلك أن النيابة كانت في الوضع نفسه. ويذكر صاحب البلاغ أن النيابة تمكنت من حرمانه من هذا الحق، وقامت بذلك بعد أن استدعت الشهود ذوي الصلة واستجوبتهم بالفعل، لكن صاحب البلاغ لم يتمكن من حرمان النيابة من هذا الحق المتمثل في اجراء استجواب أولي. وبالتالي، فإن صاحب البلاغ يدفع بعدم وجود تكافؤ في المعاملة.

8-7 وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف بأنه تم إجراء "محاكمة منصفة وعلنية"، يذكر صاحب البلاغ أنه لا يقول إن إجراءات المحاكمة نفسها لم تكن علنية، ولكن أن قرار مدير النيابة العامة الذي يشكل جزءاً متكاملاً وأساسياً من تحديد التهم، لم يكن علنياً. كذلك لم تكن المحاكمة منصفة، لأنه لم يتم توجيه إخطار أو تقديم أسباب، ولم تمنح فرصة للطعن. وقال صاحب البلاغ مستشهداً بقرارات مختلفة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (6) ، تفيد بأنه لا يمكن رفض المراجعة القضائية الفعالة للقرارات رفضاً تاماً بالتذرع بشواغل أمنية إنه لم يكن هناك في حالته أي وسيلة حقيقة للمراجعة المستقلة الفعالة. وقامت المحاكم بحصر ولايتها القضائية حصراً شديداً على النظر في قرارات مدير النيابة العامة.

8-8 أما فيما يتعلق بالحق في افتراض البراءة، فيدفع صاحب البلاغ بأن قرار مدير النيابة العامة بتقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة كان جزءاً من تحديد التهم وأن مدير النيابة العامة ملتزم أيضاً بافتراض براءة صاحب البلاغ. وقرار مدير النيابة العامة ووفقاً لصاحب البلاغ يعين بالفعل أن صاحب البلاغ كان يشارك في منظمة تخريبية أو كان عضواً في العصابة التي نفذت الاختطاف. ويقول صاحب البلاغ إن تقديمه للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة يوحي للمحكمة بأنه يشكل جزءاً من عصابة إجرامية خطيرة، ومن الصعب تصديق أن هذا العامل لم يكن له أي تأثير على النتيجة.

8-9 ورداً على حجج الدولة الطرف بشأن المعاملة المتساوية أمام القانون، يدفع صاحب البلاغ بأن زعم الدولة الطرف بأنه عومل بنفس الطريقة التي عومل بها متهمون آخرون أمام المحاكم الجنائية الخاصة، لا يعني سوى أنه عومل بنفس الطريقة التي عومل بها عدد محدود من المتهمين الآخرين الذين حوكموا أمام المحكمة الجنائية الخاصة ولكن ليس مثل غالبية الأشخاص المتهمين بجرائم مماثلة، الذين حوكموا أمام محاكم عادية. وعلى أية حال، فإن معظم ال‍ 18 شخصاً الآخرين الذين حاكمتهم محاكم خاصة اتهموا بجرائم ذات طابع تخريبي تم تمييزه لينضم إلى هذه المجموعة الصغيرة دون إبداء أسباب وبلا وسائل فعالة للطعن في القرار المتخذ بهذا الشأن.

8-10 وبخصوص ما إذا كان هذا التمييز موضوعياً ومعقولاً ويحقق هدفاً مشروعاً بموجب العهد، يتساءل صاحب البلاغ عما إذا كانت مواصلة استخدام هذه المحكمة أمراً مناسباً في ظل الانخفاض الحاد في عمليات العنف شبه العسكري. وحتى إذا كانت هذه الاجراءات تشكل رداً يتناسب مع النشاط التخريبي، وهو قول لا يوافق عليه صاحب البلاغ، فإن السؤال المطروح هو ما إذا كان ذلك يعتبر رداً مشروعاً على نشاط غير تخريبي. ويقول صاحب البلاغ إنه من المستحيل تحديد ما إذا كان هذا التمييز معقولاً ونظراً لأن معايير مدير النيابة العامة غير معروفة وأنه مسؤول عن المحاكمة.

8-11 أما فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنها لا تعتمد على حقها في عدم التقيد بأحكام العهد بموجب المادة 4، يذكر صاحب البلاغ أنه في حين أن الدولة الطرف لم تعلن أي حالة طوارئ، فقد استحدث إعلان سنة 1972 الذي أنشأ المحكمة الجنائية الخاصة بالفعل تدبيراً لا يصلح إلا في حالة طوارئ، ويذهب صاحب البلاغ إلى أن جواز مثل هذا التدبير - أي تعريض حياة الأمة للخطر - لم يكن قائماً آنذاك وهو غير قائم الآن. وعلى أي حال، فإذا كانت الدولة الطرف تنكر الاعتماد على المادة 4، فلا يمكن لها السعي إلى تبرير سلوكها بموجب الاستثناءات المنصوص عليها في هذه المادة.

المسائل والاجراءات المطروحة على اللجنة

9-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

9-2 ووفقاً لما تقتضيه المادة 5، الفقرة 2(أ)، من البروتوكول الاختياري، تحققت اللجنة من أنه لا يجري النظر في المسألة نفسها في إطار إجراء آخر للتحقيق أو التسوية على المستوى الدولي.

9-3 وفيما يتعلق بزعم الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم تستنفد، تلاحظ اللجنة أن النزاع الذي قام قبل المحاكمة بشأن قرار مدير النيابة العامة تمت متابعته حتى وصل إلى المحكمة العليا. وعلاوة على ذلك فإن دعوى الاستئناف التي أقامها صاحب البلاغ ضد ادانته التي تثير مسألة تأثر المحاكمة بقرار مدير النيابة العامة قد رفضت من قبل محكمة الاستئناف في القضايا الجنائية. وليس من الضروري أن يستخدم مقدم شكوى بخصوص المسائل المذكورة أمام المحاكم المحلية نفس اللغة المستخدمة في العهد، ذلك وسائل الانتصاف المحلية تختلف في شكلها من دولة إلى أخرى. والسؤال المطروح هو بالأحرى ما إذا كانت الاجراءات في مجموعها أثارت حقائق ومسائل معروضة حلياً على اللجنة. وفي ضوء هذه الاجراءات، وأي سلطات أخرى تخولها محاكم الدولة الطرف، وعدم وجود أي اشارة إلى أن هناك وسائل انتصاف اضافية متاحة، ترى اللجنة بناء على ذلك أنه ليس هناك ما يمنع بموجب المادة 5، الفقرة 2(ب)، من البروتوكول الاختياري من النظر في هذا البلاغ.

9-4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 2، ترى اللجنة أن مزاعم صاحب البلاغ في هذا الصدد لا تثير قضايا إضافيـة إلى تلك التي نُظـر فيهـا بموجب مـواد أخرى تم الاحتكام إليها، والتي يجري النظر فيها أدناه، وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 4، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تحاول الاحتكام إلى هذه المادة.

9-5 أما بخصـوص الحجج المتبقيـة للدولـة الطرف بشأن المقبولية، فإن اللجنة ترى أن هذه الحجج ترتبط ارتباطاً تاماً بالمسائل المتعلقة بالأسس الموضوعية للبلاغ ولا يمكن فصلها بشكل ذي مغزى عن الدراسة الكاملة للوقائع والحجج المقدمة. وتخلص اللجنة إلى أن البلاغ مقبول بقدر ما يثير مسائل بموجب المادتين 14 و26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

10-1 يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، من حيث أنه باحالته إلى محكمة جنائية خاصة لم توفر له محاكمة من قبل محلفين والحق في استجواب الشهود في مرحلة أولية، لم تتح له محاكمة منصفة. ويوافق صاحب البلاغ على أن العهد لا يقتضي المحاكمة من هيئة محلفين ولا الاستجواب الأولي للشهود في حد ذاتهما، وأن عدم وجود أي من هذين العنصرين أو كليهما لا يجعل بالضرورة المحاكمة غير منصفة، ولكنه يزعم أن جميع الظروف المحيطة بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الخاصة تجعل المحاكمة غير منصفة. وفي رأي اللجنة أن المحاكمة أمام محاكم غير المحاكم العادية لا تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للحق في محاكمة منصفة ووقائع هذه القضية لا تثبت حدوث انتهاك.

10-2 وادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاك لاقتضاء المساواة أمام الجهات القضائية والمحاكم، الوارد في الفقرة 1 من المادة 14، يتوازى مع زعمه بانتهاك حقه بموجب المادة 26 في المساواة أمام القانون والحماية المتساوية للقانون. وقد أسفر قرار مدير النيابة العامة بتوجيه اتهام لصاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية الخاصة عن مواجهة صاحب البلاغ ولاجراءات محاكمة خارجة عن المألوف أمام محكمة شكلت على نحو غير عادي. وقد أدى هذا التمييز إلى حرمان صاحب البلاغ من اجراءات معينة بموجب القانون المحلي، مما يميز صاحب البلاغ عن آخرين وجهت لهم تهم بجرائم مماثلة في المحاكم العادية. وفي إطار الولاية القضائية للدولة الطرف، تعتبر المحاكمة من قبل هيئة محلفين بصفة خاصة حماية هامة، تتاح بشكل عام للمتهمين. ومن ثم فإن الدولة الطرف مطالبة، بموجب المادة 26، بإثبات أن مثل هذا القرار القاضي بمحاكمة شخص بواسطة اجراءات أخرى يستند إلى أسباب معقولة وموضوعية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن قانون الدولة الطرف، فيما يخص الجرائم المرتكبة ضد الدولة، ينص على عدد من الجرائم المحددة التي يمكن المحاكمة عليها أمام محكمة جنائية خاصة بناء على خيار مدير النيابة العامة. وهو ينص أيضاً على أنه يجوز النظر في أي جريمة أمام المحكمة الجنائية الخاصة إذا رأى مدير النيابة العامة أن المحاكم العادية "ليست مناسبة لكفالة إقامة العدل بفعالية". وتعتبر اللجنة أن الأمر يحتمل النقاش والجدل، حتى إذا افترضنا أنه يمكن قبول نظام جنائي مبتسر بالنسبة لبعض الجرائم الخطيرة طالما أنه منصف، وقد نص البرلمان من خلال التشريع على جرائم خطيرة محددة يتعين أن تندرج في نطاق الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الخاصة في سلطة التقدير غير المشروطة لمدير النيابة العامة، ("يرى من المناسب")، ويذهب إلى حد السماح، مثلما هو الحال في قضية صاحب البلاغ، بأن يحاكم أيضاً على أي جرائم أخرى إذا رأى مدير النيابة العامة أن المحاكم العادية غير مناسبة. ولا يقتضي إبداء أي أسباب للقرارات التي مفادها أن المحكمة الجنائية الخاصة ستكون "ملائمة"، أو أن المحاكم العادية "غير مناسبة"، ولم تقدم إلى اللجنة أسباب هذا القرار في هذه القضية المحددة. وعلاوة على ذلك، فإن المراجعة القضائية لقرارات مدير النيابة العامة مقصورة بالفعل على الظروف الاستثنائية للغاية والتي لا يمكن اثباتها عملياً.

10-3 وترى اللجنة أن الدولة الطرف أخفقت في إثبات أن القرار بمحاكمة صاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية الخاصة يستند إلى أسباب معقولة وموضوعية. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن حق صاحب البلاغ بموجب المادة 26 في المساواة أمام القانون والحماية المتساوية للقانون قد انتهك. وبالنظر إلى هذا الاستنتاج فيما يتعلق بالمادة 26، ليس من الضروري في هذه القضية أن تنظر مسألة انتهاك المساواة "امام الجهات القضائية والمحاكم" الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

10-4 ويزعم صاحب البلاغ بأن حقه في المحاكمة العلنية بموجب الفقرة 1 من المادة 14، قد انتهك من حيث أن مدير النيابة العامة لم يستمع إلى أقواله بشأن القرار بعقد المحكمة الجنائية الخاصة. وترى اللجنة أن الحق في الجلسات العلنية ينطبق على المحاكمة، ولا ينطبق على القرارات السابقة على المحاكمة الصادرة عن المدعين والسلطات الحكومية. ولا مراء في أن محاكمة واستئناف صاحب البلاغ قد أجريا علانية وعلى الملأ. ومن ثم ترى اللجنة أنه لم يكن هناك انتهاك للحق في المحاكمة العلنية. وترى اللجنة أيضاً أن القرار بمحاكمة صاحب البلاغ أمام المحكمة الجنائية الخاصة لا يشكل، في حد ذاته، انتهاكاً لافتراض البراءة الوارد في الفقرة 2 من المادة 14.

11- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تبين وقوع انتهاك للمادة 26 من العهد.

12- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير وسيلة انتصاف فعالة إلى صاحب البلاغ. كذلك فإن الدولة الطرف ملزمة بكفالة عدم حدوث هذه الانتهاكات في المستقبل: إذ ينبغي لها أن تكفل عدم محاكمة الأشخاص أمام المحكمة الجنائية الخاصة إلا إذا قدمت معايير معقولة وموضوعية للقرار المتخذ في هذا الشأن.

13- وإذا وضع في الاعتبار، أن آيرلندا بانضمامها كطرف في البروتوكول، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد وأن الدولة الطرف قد تعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين داخل اقليمها والخاضعين لولايتها القضائية التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر وسيلة انتصاف فعالة وقابلة للانفاذ في حالة اثبات حدوث انتهاك، وتود اللجنة أن تتلقى، في غضون تسعين يوماً، معلومات من حكومة آيرلندا بشأن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مطالبة أيضاً بنشر آراء اللجنة على نطاق واسع.

[اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1)[1986] I.R. 495.

(2)[1994] 2 I.R.589.

(3)O'Leary v Attorney-General [1995] 1 I.R..254.

(4)Supreme Court, People (DPP) v Quilligan [1986] I.R.495, 510.

(5) عند النظر في التقرير الدوري الأول للدولة الطرف، أوضح النائب العام للدولة الطرف اللجنة أن المحكمة الجنائية الخاصة "لازمة لتأمين الحقوق الأساسية للمواطنين وحماية الديمقراطية وسيادة القانون من الحملة الجارية المتعلقة بمشكلة آيرلندا الشمالية". وسجلت الدولة الطرف هذه النقطة نفسها في ملاحظاتها بشأن قضية هولندا ضد آيرلندا Holland v Ireland. (البلاغ 593/1994، الـذي اعتبر غير مقبـول في 25 تشرين الأول/أكتوبر 1996، (CCPR/C/58/D/593/1994.

(6) تينلي ضد المملكة المتحدة (القضية رقم (62/1997/846/1052-3، وشاهال ضد المملكة المتحدة (القضية رقم (70/1995/576/662، وفيت ضد المملكة المتحدة (القضية رقم Appln. No. 29777/96، تم البت فيها في 16 شباط/فبراير 2000).

تذييل

رأي فردي لأعضاء اللجنة لويس هانكين، وراجسومر لالاه، ومدينا كيروغا، وأحمد توفيق خليل وباتريك فيلا

1- بالرغم من أنه يمكن النظر إلى شكوى صاحب البلاغ من منظور المادة 26 التي بموجبها تكون الدولة ملزمة، في سلوكها التشريعي والقضائي والتنفيذي، بكفالة أن كل شخص يلقى معاملة مساوية وبطريقة غير تمييزية، ما لم يكن هناك ما يبرر خلاف ذلك على أساس معايير معقولة وموضوعية، فإننا نرى أنه كان هناك أيضاً انتهاك لمبدأ المساواة المكرس في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

2- وترسخ الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، في جملتها الأولى، مبدأ المساواة في النظام القضائي نفسه. وهذا المبدأ يذهب إلى ما هو أبعد من المبادئ المكرسة في الفقرات الأخرى من المادة 14 التي تنظم نزاهة المحاكمات وثبوت ارتكاب الجرم، والضمانات الاجرائية والاستدلالية، وحقوق الاستئناف والمراجعة، وأخيراً عدم جواز المحاكمة مرتين على نفس الجرم ويضيف إليها. وينتهك مبدأ المساواة عند عدم محاكمة جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب نفس الجرم من قبل محاكم عادية لها اختصاص النظر في الأمر، ولكن تقوم بمحاكمتهم محكمة خاصة وفقاً لتقدير الهيئة التنفيذية. ويظل الأمر كذلك سواء كانت ممارسة السلطة التقديرية للهيئة التنفيذية قابلة أو غير قابلة للمراجعة من جانب المحاكم.

لويس هانكين [توقيع]

راجسومر لالاه [توقيع]

سيسليا مدينا كيروغا [توقيع]

أحمد توفيق خليل [توقيع]

باتريك في لا [توقيع]

[اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

كاف- البلاغ رقم 821/1998، تشونغوي ضد زامبيا

* شارك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي آندو، السيد برافولا شاندرا ناتوارلال باغواتي، اللورد كولفيل، السيدة اليزابيث إيفات، السيدة بيلار غايتان دي بومبو، السيد لويس هنكين، السيد ايكارت كلاين، السيد ديفيد كريتزمير، السيد راجسومر لالاه، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد مارتن شاينن، السيد هيبوليتو سولاري ييريغوين، السيد رومان فييروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدن، السيد عبر الله زاخيا.

الآراء المعتمدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد روجر تشونغوي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : زامبيا

تاريخ البلاغ : 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 (تاريخ البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 821/1998 الذي قدمه السيد روجر تشونغوي إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الكتابية التي قدمها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو روجر تشونغوي، ولد في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1938، وهو مواطن زامبي. ويدعي أنه ضحية لانتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادتين 6 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من قِبل زامبيا، وهو يثير مسألة أمن الشخص، التي يمكن أن يُنظر فيها فيما يتصل بالمادة 9.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يقول صاحب البلاغ، وهو محام ورئيس لتحالف 13 حزباً من أحزاب المعارضة، إنه في بعد ظهر 23 آب/أغسطس 1997، أطلقت الشرطة النار عليه هو والدكتور كينيث كاووندا، الذي كان رئيساً لزامبيا لمدة 27 سنة، وأصيبا بجراح. ويقول صاحب البلاغ إن الحادث وقع في كابوي، وهي مدينة تبعد حوالي 170 كيلومتراً شمال لوساكا، بينما كان هو والدكتور كاووندا في سبيلهما إلى حضور اجتماع سياسي كبير لإعلان البدء في حملة للعصيان المدني. وأرفق ببلاغه تقريرين من منظمة رصد حقوق الإنسان وشبكة البلدان الأفريقية لحقوق الإنسان والتنمية.

2-2 ويقول صاحب البلاغ إن الشرطة أطلقت النار على السيارة التي كان يركبها، وأصابت الرئيس السابق كاووندا بجرح طفيف وأصابت صاحب البلاغ بجراح عرضت حياته للخطر. وفيما بعد وعدت الشرطة بأنها ستقوم بالتحقيق بنفسها في الموضوع. وذُكر أيضاً أن لجنة حقوق الإنسان الزامبية تقوم بالتحقيق في الحادث؛ ولكن لم يسفر أي من هذين التحقيقين عن نتائج.

2-3 وأشار أيضاً إلى تقرير منظمة رصد حقوق الإنسان لشهر أيار/مايو 1998، المجلد 10، رقم 2 (ألف) المعنون "زامبيا ليست نموذجاً للديمقراطية" الذي يشمل 10 صفحات عما تسمى "حادثة إطلاق النار في كابوي" وهو التقرير الذي يؤكد هذه الحادثة بالاستشهاد بأقوال الشهود والتقارير الطبية.

2-4 ويشير التقرير إلى الحادثة على النحو التالي:

“ ... عندما قرر كاووندا ورئيس التحالف روجر شونغوي المغادرة بالسيارة، هاجمت الشرطة السيارة بالغازات المسيلة للدموع وبعد ذلك بالذخيرة الحية، وربما لمحاولة وقف خروجهما. وأفاد شهود عيان أنه لم يوجه أي إنذار قبل سماع طلقات النار. وكان هناك عدد قليل من أفراد الشرطة في ذلك اليوم يحملون أسلحة من طراز AK-47s، وبعض كبار الضباط يحملون مسدسات، وعدد قليل من أفراد الوحدة المتنقلة يحملون أسلحة من طراز G-3s. إلا أن معظم أفراد الشرطة لم يكونوا مزودين سوى بالهراوات والغازات المسيلة للدموع ... ” .

2-5 وفي مقابلة أُشير إليها مع منظمة رصد حقوق الإنسان، قال سائق كاووندا، المدعو نلسن تشيمانغا ما يلي:

“ ... لقد أطلقوا (الشرطة) الغازات المسيلة للدموع على السيارة، وجاء أحدهم إلى السيارة لأني كنت قد فتحت النافذة كيما يخرج الدخان. وعندما خرجنا من الدخان، كان علي أن أنحرف لأتجاوز سيارة شرطة كانت تحاول أن تسد الطريق لمنعنا من الفرار؛ وقبل بلوغنا الدوّار بمسافة قصيرة، كان علي أن أنحرف لتجنب سيارة ثانية كانت تسد الطريق، ثم ثالثة كانت في عرض الطريق. وبعد أن جاوزنا هذه السيارة، سمعت طلقة الرصاص. وفجأة كان روجر تشونغوي ينزف بجانبي. وقدمنــا لـه الإسعاف الأولي في السيارة، ولكن نظراً إلى أنه كان ينزف بكثرة عكست اتجاهي وعدنا إلى مستشفى كابوي العام. ولكن بسبب وجود عدد كبير من رجال الشرطة شبه العسكرية، اتجهت بالسيارة خلف المبنى وغادرنا المكان إلى لوساكا حوالي الساعة 3 صباحاً ” .

2-6 ووصف الرئيس السابق كينيث كاووندا الحادث على النحو التالي:

“ أطلقت شرطة زامبيا رصاصة مست أعلى رأسي. ونفس الرصاصة أصابت الدكتور تشونغوي بجرح أخطر بكثير ...

وعندئذ فتحت الشرطة النيران بالذخيرة الحية ومست الرصاصة رأسي ثم أصابت الدكتور تشونغوي الذي كان جالساً في المقعد الأمامي، تحت أذنه اليسرى. وأصيب أيضاً مساعدي أنطوني مومبي بجرح طفيف من شظية. وكان من المحتمل أن أموت لولا أن حارسي دانكان ماتونغا دفعني جانباً عندما سمع طلقات الرصاص. أما أنا فلم أسمعها ” .

2-7 كان أحد ركاب السيارة هو موانغالا زالوميس، المسؤول القانوني في حزب الاستقلال المتحد، الذي قدم لمنظمة رصد حقوق الإنسان بياناً مكتوباً مؤرخاً 4 أيلول/سبتمبر 1997، ورد فيه ما يلي:

“ ... لقد سدت سيارات الشرطة الطريق أمام السيارة ثلاث مرات في ثلاثة أماكن مختلفة. وعلى بعد حوالي 200 متر من مكاتب الحزب جرى إطلاق النار على السيارة الرئاسية (ملاحظة من السكرتيرة: سيارة الرئيس السابق) وفي نفس الوقت أُطلقت غازات مسيلة للدموع في داخل السيارة لأن النوافذ كانت مفتوحة بسبب إطلاق الغازات المسيلة للدموع قبل ذلك حول قاع السيارة. وكان هناك فوضى شديدة في السيارة بسبب دخان الغاز المسيل للدموع. والشيء التالي الذي رأيناه هو الدماء في كل مكان. وأُصيب الدكتور تشونغوي في خده وكان ينزف بغزارة. وكان جالساً بجانبي أحد موظفي الأمن وكان ينزف بغزارة أيضاً. فقد أصابته الشظايا في ثلاثة أماكن مختلفة ... ” .

2-8 ووفقاً لتقرير منظمة رصد حقوق الإنسان، أنكر الرئيس تشيلوبا في 26 آب/أغسطس 1997 أن عملية إطلاق النار في كابوي كانت مؤامرة اغتيال بإيعاز من الدولة. وقال إن الشرطة الزامبية قد فتحت تحقيقاً في الموضوع وأنه جرى وقف نونغو ساسالي الضابط لذي كان قائداً لأفراد الشرطة في حادثة كابوي. ويشير التقرير إلى إذاعة زامبيا، التي ذكرت أن الرئيس تشيلوبا قال في 28 آب/أغسطس إن الحكومة لن تعتذر عن حادثة إطلاق النار في كابوي لأنها لا يمكن أن تعتبر مسؤولة عنها.

2-9 وورد في التقرير المذكور نقلاً عن صحيفة زامبيا ديلي ميل، أن وزير الداخلية تشيتالو سامبا قال في 31 آب/أغسطس ما يلي:

“ لقد قيل لنا إن الرصاصة أصابت الدكتور كاووندا في رأسه، وأن نفس الرصاصة اخترقت خد الدكتور تشونغوي، وأن نفس الرصاصة أيضاً أصابت الشخص الآخر في رقبته. وبأمانة، كيف يكون ذلك ممكناً، ومن ثم لا يمكن لنا أن نبت في أن الشرطة قد أطلقت النار عليهم ” .

وفضلاً عن ذلك، قال الرئيس تشيلوبا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر ما يلي:

“ هذان الشخصان لم يُطلق عليهما الرصاص. إن سلاحاً من طراز AK-47 لا يمكن أن يحدث جرحاً بسيطاً. فليثبتا أنه قد جرى (إطلاق النار) عليهما ” .

وسلم الرئيس بعد ذلك أن الشرطة أطلقت النار في الهواء بينما كانت تحاول تشتيت مسيرة المعارضة.

2-10 ويقول صاحب البلاغ إنه دخل مستشفى كابوي فوراً بعد حادث إطلاق النار. ويشير تقرير منظمة رصد حقوق الإنسان إلى تقرير طبي من مستشفى كابوي إلى الأمين الدائم، بوزارة الصحة، في لوساكا، ورد فيه ما يلي:

“ تبين من الفحص الموضعي وجود جرح ثقبي على الخد الأيمن يتصل بجرح مفتوح ينزف على الجزء الأعلى من الرقبة ” .

وفضلاً عن ذلك، ورد في تقرير طبي من مستشفى "سانت جون أوف غود" في أستراليا، حيث لجأ صاحب البلاغ، مؤرخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 1997، ما يلي:

“ يمكن رؤية جسم معدني غريب وصغير في النسيج اللين أسفل قاعدة الجمجمة بالقرب من سطح الجلد بما يتفق مع الإصابة سابقاً بالجرح الناجم عن طلق ناري ... ويلاحظ وجود شظية معدنية صغيرة في الأنسجة اللينة في الجانب الخلفي من أعلى المنطقة العنقية بالقرب من سطح الجلد ... ” .

2-11 وورد في تقرير منظمة رصد حقوق الإنسان أنهم قدموا التقارير الطبية والصور وشريط الفيديو الخاص بلجنة حقوق الإنسان إلى الدكتور ريتشارد شيبارد من وحدة الطب الشرعي في مدرسة الطب التابعة لمستشفى سانت جورج بلندن، للحصول على تقييم من خبير. وخلص الدكتور شيبارد إلى ما يلي:

“ من الأدلة التي رأيتها يمكن القول بالتأكيد إن رصاصة أصابت السيارة، وتطايرت منها شظايا في جميع أنحاء السيارة تقريباً، مثل سرب من النحل الهائج. إن الجراح التي أصيب بها كاووندا وتشونغوي ومساعد كاووندا تتفق كلها مع ذلك. إن روجر تشونغوي يعتبر محظوظاً لكونه على قيد الحياة. وكان يمكن أن يموت لو انحرفت إصابة الشظية بوصتين إلى اليسار. إن مسار ثقب الرصاصة يتجه إلى أسفل على نحو طفيف مما يدل على أن الذي أطلق الرصاص كان مرتفعاً ارتفاعاً طفيفاً، من على ظهر سيارة نقل أو من ارتفاع من هذا النوع، ولا تدل الزاوية على أن الطلقة كانت من شجرة أو من أعلى سطح ” .

2-12 وطلبت منظمة مرصد حقوق الإنسان أيضاً رأي خبير متخصص في الأسلحة النارية والقذائف، الدكتور غراهام رنشو، الذي فحص صور ثقب الرصاصة في سيارة كاووندا، وصور خرطوشة رصاص عثر عليها بالقرب من مسرح الحادث في اليوم التالي للتجمع، وصورة رصاصة يدعي حزب الاستقلال المتحد أنه استخرجها من السيارة بعد الحادث. وشرح ما يلي، وفقاً لمنظمة رصد حقوق الإنسان:

“ من الواضح أن رصاصة اخترقت السيارة من الخلف ... والرصاصة تتفق مع الخرطوشة ... وهذه الرصاصة بها ثنايا ملتوية إلى الخلف، مما يدل على أنها اخترقت ثلاث طبقات معدنية، وهذا يتفق مع اختراقها السيارة. وربما لم تنطلق من سلاح روسي من طراز AK 47، ولكن من الأرجح أنها انطلقت من سلاح من طراز G-3 أو من سلاح بلجيكي من طراز FAR ... .

ويتفق ثقب الرصاصة في سيارة كاووندا مع الرصاصة والخرطوشة. وربما أمكن مع هذه المعلومات مضاهاة الرصاصة مع السلاح الذي أطلقها. وفي حين أنه لا يمكن القول إن هذه كانت محاولة اغتيال، إلا أنه يمكن القول بالتأكيد إن جميع الركاب في هذه السيارة محظوظون لكونهم على قيد الحياة. وإذا كانت الرصاصة قد اخترقت نافذة كان يمكن أن تقتل شخصاً على الفور. لقد تباطأت سرعتها وتغير اتجاهها باختراقها المعدن ” .

2-13 وثانياً، خلصت شبكة البلدان الأفريقية لحقوق الإنسان والتنمية في تقريرها الذي قدمه صاحب البلاغ، بشأن التحقيق في حادثة إطلاق النار في كابوي بأن حادثة إطلاق النار قد وقعت فعلاً وأن محكمة دولية ينبغي أن تحقق في محاولة اغتيال الرئيس السابق كينيث كاووندا. ويستند هذا التقرير إلى أقوال شهود، أخذت من أشخاص معنيين مباشرة بالحادث، إن السيارة التي كان يركبها صاحب البلاغ كانت قد غادرت وسط مدينة كابوي. وقبل أن تفعل ذلك، هناك ما يدل على أن قائد الشرطة المحلية أعطى أوامر لرجاله بإطلاق النار على السيارة دون أن يعطي أي تفاصيل فيما يتعلق بالهدف من إطلاق النار؛ ونقلت هذه المعلومات شبكة إذاعة الشرطة. وعند طريق ملتو في ضواحي كابوي، حاولت سيارة شرطة، حدد رقم تسجيلها وسائقها، سد الطريق أمام السيارة. وأفلت سائق السيارة من هذه المحاولة، وهناك أدلة على أن اثنين من رجال الشرطة، كانا جالسين في الجانب الخلفي من سيارة الشرطة، أطلقا النار على السيارة.

2-14 ويدعي صاحب البلاغ أنه في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1997، بينما كان على متن إحدى طائرات الخطوط الجوية البريطانية في هراري، أخبره موظفو المطار والخطوط الجوية أن هناك طائرة لكبار الشخصيات على مُدَرَّج المطار أرسلتها حكومة زامبيا لإحضاره. وقرر عدم العودة إلى زامبيا، وهو منذ هذه الحادثة يقيم في أستراليا. ولن يعود إلى زامبيا، حيث يخشى على حياته.

2-15 ومن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، لا يبدو أنه اتخذ خطوات لاستنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، باستثناء تقديم طلب تعويض إلى المدعي العام لجمهورية زامبيا، ووزارة الشؤون القانونية. وقدم هذا الطلب بعد شهر ونصف تقريباً من حادثة إطلاق النار في كابوي، أي في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1997. ويقول صاحب البلاغ إنه لا تتاح له سبل انتصاف محلية فعالة.

الشكوى

3- يدعي صاحب البلاغ أن حادثة 23 آب/أغسطس 1997 كانت محاولة اغتيال من جانب حكومة زامبيا، وأنها تمثل انتهاكاً للمادة 6 من العهد. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن قضاة زامبيا يخضعون لضغوط أثناء أداء مهامهم، وأن ذلك ينطوي على انتهاك لأحكام المادة 14. وأثار أيضاً مسألة أمن الشخص. وذكر أن تعويضه بمبلغ 2.5 مليون دولار ربما يكون تعويضاً معقولاً.

نظر اللجنة في مقبولية البلاغ

4-1 أحيل البلاغ مع المستندات المرفقة به إلى الدولة الطرف في 3 تموز/يوليه 1998 ولم ترد الدولة الطرف على طلب اللجنة بموجب المادة 91 من النظام الداخلي، بتقديم معلومات وملاحظات فيما يتعلق بجواز قبول البلاغ وجوهر البلاغ، بالرغم من المذكرات العديدة التي أرسلتها إليها، آخرها في 5 آب/أغسطس 1998. وتشير اللجنة إلى أن من المفهوم ضمناً في البروتوكول الاختياري أن الدولة الطرف تضع تحت تصرف اللجنة جميع المعلومات التي لديها وتأسف لعدم تعاون الدولة الطرف فيما يتعلق بهذه الحالة. وفي حالة عدم وجود أي رد من الدولة الطرف، ينبغي إيلاء الاعتبار اللازم لادعاءات صاحب البلاغ طالما أنها مدعمة بالأسانيد.

4-2 وقبل النظر في الادعاءات الواردة في البلاغ، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي أن تبت فيما إذا كان يجوز قبول البلاغ أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-3 وفيمـا يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قال إنه لم تتح له إمكانية اللجوء إلى المحاكم المحلية وأنه لا توجد سبل انتصاف محلية فعالة متاحة له. ولم تعترض الدولة الطرف على هذه الادعاءات أمام اللجنة، ومن ثم ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاء صاحب البلاغ. ومن ثم ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنع النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بحدوث انتهاك للمادة 14من العهد، تلاحظ اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ لا تدعم، لأغراض مقبولية البلاغ، ادعاءه بأنه كان ضحية لانتهاك المادة 14 من العهد. ومن ثم فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-5 ترى اللجنة أنه ينبغي النظر في الادعاءات الباقية لصاحب البلاغ من حيث أسسها الموضوعية. وبناء عليه، ترى اللجنة أن البلاغ مقبول وستمضي، دون إبطاء، في النظر في جوهر ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 6(1) و9(1).

نظر اللجنة في الأسس الموضوعية للبلاغ

5-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذه القضية على أساس المواد التي عرضها عليها الطرفان، على نحو ما هو مطلوب بموجب الفقرة 1من المادة 5من البروتوكول الاختياري.

5-2 وتلاحظ اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 6 تنطوي على التزام على الدولة الطرف بحماية الحق في الحياة لجميع الأشخاص المتواجدين في أراضيها والخاضعين لولايتها. وفي هذه القضية، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تعترض أمام اللجنة على أن الدولة الطرف سمحت باستخدام قوة مهلكة بدون أسباب قانونية، مما كان يمكن أن يؤدي إلى مقتل صاحب البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تتصرف وفقاً لالتزامها بحماية حق صاحب البلاغ في الحياة بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

5-3 وتشير اللجنة إلى اجتهادها الذي مفاده أن المادة 9(1) من العهد تحمي حق الفرد في الأمان على شخصه أيضاً خارج سياق الحرمان الرسمي من الحرية (1) . إن تفسير المادة 9 لا يسمح للدولة الطرف بتجاهل التهديدات ضد الأمن الشخصي للأشخاص غير المعتقلين الخاضعين لولايتها. وفي هذه القضية، يبدو أن أشخاصاً يتصرفون بصفة رسمية في إطار قوات الشرطة الزامبية قد أطلقوا النار على صاحب البلاغ، وجرحوه، وكادوا يقتلونه. ورفضت الدولة الطرف إجراء تحقيقات مستقلة، ولم تنته بعد التحقيقات التي باشرتها شرطة زامبيا، ولم تعلنها بعد، بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من وقوع الحادثة. ولم يتم الشروع في إجراءات جنائية، ويبدو أن دعوى التعويض التي رفعها صاحب البلاغ قد رفضت. وفي ظل هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن حق صاحب البلاغ في الأمان على شخصه، بموجب الفقرة 1من المادة 9 من العهد، قد انتهك.

6- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وقد تصرفت بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع التي أمامها تكشف عن حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 6 من العهد، وللفقرة 1 من المادة 9 منه.

7- وبموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال للسيد تشونغوي واتخاذ التدابير الملائمة لحماية أمنه الشخصي وحياته من أي نوع من التهديد. وتحث اللجنة الدولة الطرف على إجراء تحقيقات مستقلة في حادثة إطلاق النار، وعلى اتخاذ إجراءات جنائية ضد الأشخاص المسؤولين عن إطلاق النار. وإذا أسفرت الإجراءات الجنائية عن أن أشخاصاً يتصرفون بصفتهم الرسمية كانوا مسؤولين عن إطلاق النار وإصابة صاحب البلاغ بجراح، فإن تصحيح الوضع ينبغي أن يشمل منح تعويض للسيد تشونغوي. والدولة الطرف عليها التزام بضمان عدم حدوث انتهاكات مشابهة في المستقبل.

8- ومع مراعاة أن الدولة الطرف إذ أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، تكون قد أقرت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لم يحدث، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها وتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للتنفيذ إذا ثبت حدوث انتهاك، وتود اللجنة الحصول على معلومات من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوماً، عما اتخذته من تدابير في سبيل وضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما يرجى من الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.

[اعتمدت هذه الآراء بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) انظر آراء اللجنة في القضية رقم 195/1985، دلغادو بايس، الفقرة 5-5، المعتمدة في 12 تموز/يوليه 1990، الوثيقة CCPR/C/39/D/195/1985، والقضية رقم 711/1996، كارلوس ديَّس، الفقــرة 8-3، المعتمدة في 20 آذار/مارس 2000، الوثيقة CCPR/C/68/D/711/1996.

لام- البلاغ رقم 833/1998 كارتر ضد فرنسا

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي آندو، واللورد كولفيل، والسيدة إليزابيث إيفات، والسيدة بيلار غايتان دي بومبو، والسيد لويس هينكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد دافيد كريتسمر، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد رومان فيروسيفسكي، والسيد ماكسويل يالدين، والسيد عبد الله زاخيا.

الآراء المعتمدة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيدة سميرة كركر بالنيابة عن زوجها السيد صلاح كركر (يمثله السيد جان دانييل ديشيزيل)

الشخص المدعي بأنه ضحية : السيد صلاح كركر

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ البلاغ : 27 آذار/مارس 1998 (الرسالة الأولى)

المراجع من الوثائق : القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 86/91 والذي أحيل إلى الدولة الطرف في 18 أيلول/سبتمبر 1998 (لم يصدر في شكل وثيقة)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2000

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 833/1998 الذي قدمته السيدة سميرة كركر إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي قدمها إليها كل من صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة هذا البلاغ هي السيدة سميرة كركر. وهي تقدم البلاغ بالنيابة عن زوجها صلاح كركر، وهو مواطن تونسي ولد في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1948، ويقيم في فرنسا منذ عام 1987. وتدعي أن زوجها وقع ضحية انتهاكات فرنسا لحقوقه بموجب العهد. وبعد تقديم الرسالة الأولى، تولى تمثيل صاحبة البلاغ السيد جان دانييل ديشيزيل وهو محام في باريس.

الوقائع

2-1 في عام 1987، فر السيد كركر، وهو أحد المؤسسين لحركة "النهضة"، من تونس حيث كان قد حُكم عليه غيابياً بعقوبة الإعدام. وفي عام 1988، اعترفت السلطات الفرنسية بوضعه كلاجئ سياسي. وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 1993 أمر وزير الداخلية بطرده من الأراضي الفرنسية بصورة عاجلة، للاشتباه بأنه يدعم بصورة نشطة حركة إرهابية. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ الأمر بطرده، وبدلاً من ذلك صدر بحقه أمر بإقامته الجبرية في مقاطعة فينيستير. وفي 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1993، طعن السيد كركر في هذين الأمرين أمام المحكمة الإدارية في باريس. وفي 16 كانون الأول/ديسمبر 1994، رفضت المحكمة استئنافه معتبرة أن الأمرين كانا مشروعين. ورأت المحكمة أنه يبدو، من المعلومات المقدمة إليها أنه كان لدى وزارة الداخلية معلومات تبيّن أن للسيد كركر صلات وثيقة بمنظمات إسلامية تستخدم وسائل عنف، وأنه في ضوء الحالة في فرنسا كان بإمكان الوزير أن يخلص بموجب القانون إلى أن طرد السيد كركر كان لازماً لأسباب تتعلق بالأمن العام. كما أنها اعتبرت أن ما ترتب على ذلك من تدخل في الحياة الأسرية للسيد كركر هو أمر له ما يبرره لأسباب تتعلق بالنظام العـام. ورأت المحكمة أن أمر الإقامة الجبرية الذي أصدره الوزير لإتاحة الفرصة للسيد كركر لكي يجد بلداً ثالثاً مستعداً لقبوله هو أمر مشروع بموجب أحكام المادة 28 من المرسوم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 (1) ، نظراً إلى أن السيد كركر كان لاجئاً سياسياً معترفاً به وبالتالي لا يمكن إعادته إلى تونس. وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 1997، رفض مجلس الدولة استئنافاً آخر قدمه السيد كركر.

2-2 وتنفيذاً للأمرين الصادرين بحق السيد كركر، تم وضعه في فندق في مقاطعة فينيستير، ثم نُقل إلى مقاطعة بريست. ويزعم أنه نُقل بعد ذلك، بسبب ضغوط وسائل الإعلام، إلى سان جوليان في منطقة لوار، ومن هناك إلى كايرس، ثم إلى جنـوب شـرق فرنسـا. وأخيراً، نُقـل في تشرين الأول/أكتوبر 1995، إلى دين لي بـــان (Alpes de Haute Provence)، حيث يقيم منذ ذلك الحين. ووفقاً للأمر الذي يحدد شروط إقامته في دين لي بان، يتعين على السيد كركر أن يراجع مخفر الشرطة مرة في اليوم. وتؤكد صاحبة البلاغ أن زوجها لم يمثل أمام المحاكم فيما يتعلق بما أثير حوله من شبهات.

2-3 وتشير صاحبة البلاغ إلى أنها تعيش في باريس مع أطفالها الستة على بعد 000 1 كيلومتر عن زوجها. وتذكر أنه يصعب عليها الاتصال الشخصي بزوجها. وفي 3 نيسان/أبريل 1998، حُكم على السيد كركر بالسجن لمدة 6 أشهر مع وقف التنفيذ لأنه خرق الأمر بإقامته الإجبارية بعد أن أقام مع أسرته لمدة ثلاثة أسابيع.

الشكوى

3- لم تحتج صاحبة البلاغ بأية مادة من مواد العهد، لكن الوقائع قد تثير، فيما يبدو، مسائل في إطار المادتين 12 و17 وربما في إطار المادتين 9 و13 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تتناول الدولة الطرف في مذكرتها المؤرخة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، كلاً من مقبولية البلاغ والأسس الموضوعية التي يستند إليها.

4-2 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، تذكر الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تقدم ما يبرر أنها مؤهلة لتمثيل زوجها. وتشير الدولة الطرف إلى المادة 90(ب) من النظام الداخلي للجنة التي تنص على أن يقوم الفرد شخصياً أو ممثل ذلك الفرد بتقديم البلاغ، إلا أنه يجوز قبول البلاغ المقدم نيابة عن شخص يُدَّعى أنه ضحية عندما يتضح أن ذلك الشخص غير قادر على تقديم البلاغ بنفسه. وفي هذه الحالة، لم تشر صاحبة البلاغ إلى أية ظروف تبرر عدم قدرة زوجها على تقديم البلاغ شخصياً إلى اللجنة، كما أنها لم تبين أنها قد تلقت تفويضاً بتمثيله. ولذلك ترجو الدولة الطرف من اللجنة أن ترفض البلاغ باعتباره غير مقبول.

4-3 وثانيا، تدعي الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمواد 9 و12 و17 من العهد. وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أن السيد كركر قد طعن في الأمر بالطرد والأمر الأول بالإقامة الجبرية، لكنه لم يطعن في أوامـر الإقامـة الجبرية اللاحقة، لا سيما الأمر الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 1995 والذي يأمره بالإقامة الجبرية في دين لي بان. وتضيف الدولة الطرف أن الاستئناف أمام المحكمة الإدارية هو سبيل متاح وفعال يسمح للقاضي بالتحقق مما إذا كان الأمر بالإقامة الجبرية لا يتدخل أكثر من اللزوم في حقوق الشخص، ولا سيما حقه في الحياة الأسرية.

4-4 ثم تتناول الدولة الطرف مسألة الأسس الموضوعية للبلاغ وتدعي بأنه لم يحدث أي انتهاك للعهد. فأولاً، ترى الدولة الطرف أن المادة 9 من الاتفاقية لا تنطبق على حالة السيد كركر لأنه لم يخضع لأي توقيف أو اعتقال. وفي هذا الصدد، توضح الدولة الطرف أن المحاكم تفرّق بشكل واضح، بموجب القوانين المحلية، بين التدابير المتخذة لاحتجاز شخص في مكان مغلـق، مثل تدابير الاعتقال، وبين التدابير المتخـذة لأمر شخص بالإقامة في أماكن معينة بحيث يسمح له بحرية الحركة ضمن حدود معينة. وفي حالة السيد كركر، فإنه كان أولاً حراً في التنقل داخل مقاطعة فينيستير، وهو الآن، بعد أن أُجبر على الإقامة في دين لي بان، حر في التنقل داخل تلك المقاطعة. وترى الدولة الطرف أن السيد كركر لا يخضع، بالتالي لأي تقييد لحريته ضمن معنى المادة 9 من العهد.

4-5- وتسلم الدولة الطرف بأن الأمر بالإقامة الإجبارية يحد من حرية السيد كركر في التنقل ضمن معنى المادة 12 من العهد. ومع ذلك، تدعي الدولة الطرف بأن هذه القيود جائزة بموجب أحكام الفقرة 3 من المادة 12، لأن القانون ينص عليها (المادة 28 من المرسوم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 بصيغته المعدلة) وضرورية لحماية النظام لعام، حسبما أكدته المحاكم. وتشير الدولة الطرف إلى قرار المحكمة الإدارية في باريس بأنه كان بإمكان وزير الداخلية أن يخلص بموجب القانون إلى أن طرد السيد كركر هو أمر ضروري لأسباب تتعلق بالأمن العام. ونظراً لاستحالة تنفيذ الأمر بالطرد بسبب وضع السيد كركر كلاجئ، فقد تحتم فرض تدبير ما لمراقبة أنشطته. وتخلص الدولة الطرف إلى أن التدابير التي تحد من حرية تنقل السيد كركر قد فرضت بالتالي حفاظاً على مصلحته هو ضمانا لحقوقه كلاجئ سياسي.

4-6 وتدعي الدولة الطرف أن قرارها المتعلق بطرد السيد كركر جاء تمشيا مع مقتضيات المادة 13 من العهد. وتلاحظ في هذا السياق أن الأمر المؤرخ في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1993 قد صدر بموجب القانون (المادة 26 من المرسوم الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 بصيغته المعدلة). وينص القانون على إمكانية إصدار أمر بالطرد دون الحصول على توصية من لجنة من ثلاثة قضاة، وذلك في حالة الضرورة لأسباب تتعلق بأمن الدولة أو الأمن العام. وتحتج الدولة الطرف بالمادة 13 وتدعي بأن دواعي الأمن الوطني القاهرة كانت تسمح لها بألا تتيح للسيد كركر أي إمكانية للاستئناف. ومع ذلك، فقد أُتيحت للسيد كركر في الواقع إمكانية اللجوء إلى المحكمة الإدارية ثم إلى مجلس الدولة للاعتراض على أمر الطرد الصادر بحقه. وقد أكدت المحاكم أن الأمر قد صدر بصورة قانونية. وبالتالي فإن الدولة الطرف ترى أن متطلبات المادة 13 قد استوفيت بالكامل.

4-7 وفيما يتعلق بالمادة 17 من العهد، تدعي الدولة الطرف بأن الأمر بالإقامة الإجبارية لا يمنع أفراد أسرة السيد كركر من أن يكونوا معه. فأفراد أسرته لا يخضعون لأي قيد وهم أحرار في الالتحاق به في دين لي بان. أما انفصال السيد كركر عن أسرته فيعود إلى أن أسرته قد اختارت الإقامة في آيبون، وهي ضاحية من ضواحي باريس، بدلاً من الإقامة في دين لي بان. وفضلاً عن ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أنه باستطاعة السيد كركر زيــارة أسرته في ضواحـي باريس وذلك بموجب تراخيص إدارية تصدر له بصورة منتظمة. كما تدعي الدولة الطرف بأن انفصال أفراد الأسرة، في سياق أوامر الإقامة الجبرية، لا ينتهك بصفة عامة أحكام المادة 17 من العهد. أما فيما يتعلق بالشعور بعدم الأمن الذي يزعم السيد كركر بأنه ينتابه، فإن الدولة الطرف تدفع بأنه لا يمكن تنفيذ الأمر بإبعاد السيد كركر ما دام يتمتع بوضع اللاجئ.

تعليقات المحامي على مذكرة الدولة الطرف

5-1 يعترض المحامي، في تعليقاته على مذكرة الدولة الطرف، على الحجة التي قدمتها الدولة الطرف بوجوب اعتبار البلاغ غير مقبول. ففيما يتعلق بأهلية صاحبة البلاغ لتقديم البلاغ نيابة عن زوجها، يدعي المحامي بأنه لا ريب في أن السيــد كركر ليس في وضع يسمح له بتقديم بلاغه شخصيا. كما يذكر المحامي أن النظام الداخلي للجنة لا يشترط تقديم تفويض صريح للتمثيل كما هو الحال في بعض إجراءات القانون المحلي. ويوضح المحامي أنه نظراً لأن السيد كركر يشعر بعدم الأمن في مكان إقامته، فقد فضَّل ترك الوثائق المتعلقة بقضيته مع زوجته. وفضلا عن ذلك، فإنه بعيد عن محاميه، الأمر الذي يسبب صعوبات في الاتصال. ولهذه الأسباب، وافق السيد كركر على أن تمثله زوجته أمام اللجنة. وأياً كان الحال، فإن المحامي يرفق رسالة من السيد كركر يسجل فيها موافقته الصريحة على قيام زوجته بتمثيله.

5-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأنه لم يتم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، يدفع المحامي بأن السيد كركر قد طعن في مشروعية الأمر بالإقامة الجبرية في دين لي بان، أثناء إجراءات الدعوى الجنائية التي أُقيمت ضده أمام محكمة الدرجة الأولى في بونتوازيه، في نيسان/أبريل 1998. وأثناء نظر هذه الدعوى التي اُتهم فيها السيد كركر بانتهاك الأمر بالإقامة الجبرية، استند السيد كركر في دفاعه إلى الطبيعة غير القانونية لهذا الأمر. وفضلا عن ذلك، قدم السيد كركر إلى محكمة الدرجة الأولى في دين لي بان في أيار/مايو 1996 طعناً في طرائق تنفيذ الأمر بالإقامة الجبرية، لأنه كان يخضع لمراقبة إضافية طوال اليوم من قبل رجال الشرطة. وقد رفضت المحكمة دعواه، كما رفضت محكمة الاستئناف في اكس - آن - بروفانس استئنافه. ويدعي المحامي أيضاً بأنه لا جدوى من الاستمرار في استئناف كل أمر منفصل من أوامر الإقامة الجبرية، لأن الأمر بالإقامة الجبرية مرتبط بأمر الإبعاد ولأنه لم تعد هناك سبل انتصاف أخرى متاحة للطعن في أمر الإبعاد. وفي هذا السياق، يذكر المحامي بأنه بموجب المادة 5(2) (ب) من البروتوكول الاختياري، يجب استنفاد سبل الانتصاف التي تنطوي على فرص النجاح. ويتضح من رفض الطعن في مشروعية الأمر الأول بالإقامة الجبرية أنه لم يكن هناك أي سبيل انتصاف فعال متاح ضد الأوامر اللاحقة التي استندت إلى نفس الأمر بالإبعاد.

5-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يعترض المحامي على حجة الدولة الطرف بأن السيد كركر لم يحرم من حريته ضمن معنى المادة 9 من العهد. ويقول المحامي إن الإقامة الجبرية، شأنها شأن الاحتجاز، تقيد أيضا حرية التنقل. ويذكّر بأن الأمر الأول قد قيّد حرية تنقل السيد كركر ضمن مساحة قدرها 15.6 كيلومتر مربع، وهو يرى أن ذلك يشكل حيزاً مغلقاً يقيد حرية الشخص تقييداً خطيراً. وفي دين لي بان، قُيِّدت حرية تنقل السيد كركر ضمن مساحة قدرها 117.07 كيلومتر مربع، أي ما نسبته 0.02 في المائة من مساحة الأراضي الفرنسية. وفضلا عن ذلك، يشير المحامي إلى أن رجال الشرطة يلاحقون السيد كركر، وهذا يشكل في حد ذاته تعديا على حريته.

5-4 وفيما يتعلق بالمادة 12 من العهد، يسلم المحامي بأن تقييد حرية تنقل السيد كركر قد فرض بموجب القانون، لكنه يعترض على ادعاء الدولة الطرف بأن هذا التقييد كان ضرورياً لأسباب تتعلق بالنظام العام. ويلاحظ أن الدولة الطرف تستند في حجتها إلى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية في باريس بشأن مشروعية الأمر بالإبعاد الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 1993 وكذلك الأمر الأول بالإقامة الجبرية الصادر في نفس التاريخ، ويقول إن استنتاج المحكمة في ذلك الوقت لا يمكن استخدامه لتبرير التقييد الحالي لحرية تنقل السيد كركر ويرى المحامي أن الدولة الطرف قد فشلت في إثبات أن التقييد ضروري الآن لحماية النظام العام. ويؤكد المحامي أن الأمر بالإقامة الجبرية الذي فرض بسبب استحالة تنفيذ الأمر بالإبعاد ليس إلا تدبيراًُ طارئاً بطبيعته ولا يمكن تمديده إلى ما لا نهاية. وفي هذا السياق، يلاحظ المحامي أن المحكمة في باريس قد أدانت في عام 1994 صحيفة "مينوت" لأنها أطلقت على السيد كركر صفة إرهابي نشيط، دون أن تستند في اتهاماتها إلى أدلة تثبت ضلوعه في اعتداءات وقعت في مدينة المنستير وفي محاولة لاغتيال الوزير الأول التونسي. ويرى المحامي أن ذلك يبين أن المحاكم قد رفضت اتهامات الإرهاب الموجهة ضد السيد كركر. ومع ذلك، فإن الدولة الطرف تستند في حجتها إلى هذه الادعاءات لتبرير الأوامر بتقييد حرية حركة تنقل السيد كركر. ويرى المحامي أنه إذا لم تتمكن الدولة الطرف من تقديم الدليل على أن للسيد كركر صلات بالمنظمات الإرهابية، فإن الأمر بالإبعاد ومن ثم الأمر بالإقامة الجبرية يعتبران غير مشروعين. كما يشير المحامي إلى أن الفقرة 3 من المادة 12 تحدد شرطاً آخر لتقييد حرية التنقل، وهو أن يكون تقييد الحرية متمشياً مع الحقوق الأخرى المعترف بها في العهد. وفي هذا السياق، يقول المحامي إن أمر شخص بالإقامة الجبري ة في مكان ريفي يبعد مئات الكيلومترات عن أسرته، مما يقيد حريته في التنقل باستمرار منذ عام 1993، يشكل، بوضوح انتهاكاً لحقوق عديدة معترف بها في العهد، مثل الحق في حريـة التنقل (المادتان 9 و12)، والحق في الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني (المادة 10) والحق في إعادة النظر (المادة 13) والحق في الحياة الأسرية (المادتان 17 و23).

5-5 وفيما يتعلق بالمادة 13 من العهد، يلاحظ المحامي أن هذه المادة لا تسمح بإلغاء إعادة النظر في الأمر بالطرد إلا إذا كانت دواعي الأمن القومي تحتم ذلك. ويذكر المحامي أن الدولة الطرف لم تبين أن هذه الأسباب موجودة، لأنها لم تشر، عند إقامة الدليل، إلا إلى قرار المحكمة الإدارية في باريس وقرار مجلس الدولة، وهما قراران يعترض عليهما السيد كركر. ويؤكد المحامي من جديد أنه يتعين على الدولة الطرف أن تبين للجنة أن إبعاد السيد كركر هو أمر ضروري لحماية النظام العام في الوقت الحاضر. كما يقول المحامي إنه إذا كانت هناك أية ضرورة ملحة في عام 1993، فمن المستبعد أن تكون حالة الضرورة هذه قائمة الآن. ويذكّر في هذا السياق بأن المحاكم الفرنسية لم تصدر قط أي حكم بإدانة السيد كركر بتهمة الإرهاب.

5-6 وفيما يتعلق بالمادة 17 من العهد، يعترض المحامي على حجة الدولة الطرف بأن انفصال السيد كركر عن أسرته هو بسبب اختيار أسرته الإقامة في اوبون. ويلاحظ المحامي أن السيد كركر وأفراد أسرته كانوا يقيمون معاً في اوبون عندما صدر بحقه الأمر بالإبعاد ومن ثم بالإقامة الجبرية. ويذكّر المحامي بأن السيد كركر قد أُمر بالإقامة في خمسة أماكن مختلفة خلال السنتين الأوليين التاليتين لصدور الأمر بإبعاده. ولما كان بإمكان السلطات أن تصدر أمراً جديداً بالإقامة الجبرية في أي وقت من الأوقات بحيث تغير مكان إقامة السيد كركر الذي لا يعرف بالتالي طول المدة التي سيقضيها في كل مكان، فإنه من غير المعقول مطالبة أسرته بتغيير محل إقامتها وتعطيل حياتها الاجتماعية وحياة الأطفال المدرسية في كل وقت تغير فيه السلطات شروط أمر الإقامة الجبرية الصادر بحقه. ويقول المحامي إن السيد كركر لم يحصل على ترخيص للالتحاق بأسرته في باريس إلا مرتين. ويخلص المحامي إلى أنه ليس هناك أي تبرير للتدخل في الحياة الأسرية للسيد كركر.

5-7 وفيما يتعلق بشعور السيد كركر بعدم الأمن، يلاحظ المحامي أن وضع السيد كركر كلاجئ سياسي هو وضع غير دائم ولكن الأخطر من ذلك، في رأي المحامي، هو حالة انعدام الأمن الناجمة عن الأمر بالإقامة الجبرية التي يمكن تغييرها دون إخطار مسبق. ويرى المحامي أن حالة انعدام الأمن الناجمة عن ذلك تشكل تدخلاً تعسفياً في حياة السيد كركر الأسرية. ويذكر المحامي بأن السيد كركر كان قد قدم التماساً إلى وزير الداخلية في مناسبات عديدة، كان آخرها في نيسان/أبريل 1998، دون أن يحصل على أي رد.

5-8 ويرفق المحامي رسالة من السيد كركر تتضمن طعنه في أمر الإبعاد وما تبعه من أمر بالإقامة الجبرية، ويذكر فيها أن الأمرين قد صدرا بحقه لأسباب سياسية. وهو يشتكي من أن التهم الموجهة ضده لم تحدد مطلقاً ومن أنه لم يمثل أمام المحكمة أبداً للنظر في هذه التهم. ويقول إن حركة “ النهضة ” التي يقودها لم تمارس الإرهاب أو تؤيده قط، وهي أكثر الحركات الإسلامية في العالم اعتدالاً. ولذلك فإن الأوامر التي صدرت بحقه هي، على حد قوله، أوامر تعسفية. وفيما يتعلق بشروط الأمر بالإقامة الجبرية، يذكر السيد كركر أن رجال الشرطة كانوا يلاحقونه ليلاً ونهاراً في الفترة من 30 تشرين الأول/أكتوبر 1993 وحتى 25 أيار/مايو 1996. وإنه تم تجديد هذه المراقبة في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1997، أي قبل بضعة أسابيع من زيارة الرئيس التونسي إلى فرنسا ثم انتهت بعد عودة الرئيس إلى تونس. ويرى السيد كركر أن ذلك يبين أن القرارات التي اتخذتها الإدارة الفرنسية في هذا الصدد هي قرارات محض سياسية.

5-9 كما يطعن السيد كركر في نزاهة القرارات التي اتخذتها المحاكم فيما يتعلق بمشروعية الأمر بالإبعاد وما تلاه من أمر بالإقامة الجبرية. ويقول إن الحكومة الفرنسية قدمت للمحاكم وثائق من إدارة الشرطة جُهِّزت لهذا الغرض وهي مستنسخة من ملفات الشرطة التونسية، وتفتقر إلى المصداقية، لكن المحاكم اعتبرتها موثوقة. ويرى السيد كركر أن أحكام المحاكم غير عادلة وأنه تم اعتمادها تحت ضغوط سياسية. فإذا كانت لدى الدولة الطرف أدلة ضده، فكان الأحرى بها أن توجه إليه تهماً وفقاً لذلك، وأن تحيله إلى قاضٍ.

5-10 ويؤكد السيد كركر أن زوجته تصرفت بموافقته عند عرض قضيته على اللجنة. ويقول إن من الواضح أن الأمر بالإقامة الجبرية ينتهك حقه في الحياة الأسرية، لأنه مجبر على العيش في غرفة فندق ولأنه لا يستطيع استئجار مسكن لأسرته. كما يذكر أن سلطات الدولة ترفض دفع تكاليف زيارات أسرته له أثناء العطل. ويذكر أيضاً أنه لا يرغب في أن يفرض على أسرته نفس الحياة التي أجبر على أن يعيشها والتي يشعر فيها بعدم الأمن من خلال اصطحابها معه في كل مكان جديد يقيم فيه. ويقول إنه في صيف عام 1995، عندما كان مقيماً في سان جوليان شابيتوي، استأجرت أسرته مسكناً ريفياً لقضاء أسبوع من العطلة الصيفية بالقرب من الفندق الذي كان يقيم فيه. ومع ذلك، لم يسمح له بقضاء الليل مع أسرته، بل كان ملزماً بأن يكون في الفندق من الساعة العاشرة مساءً حتى الساعة الثامنة صباحاً. ويذكر أيضاً أن أفراداً مسلحين من رجال الشرطة بزي غير رسمي كانوا يلاحقونه في كل مكان.

5-11 ويشتكي السيد كركر من أنه محتجز عملياً، لأنه لا يستطيع أن يسافر أو يعمل أو يعيش مع أسرته بحرية. كما يشتكي من أن مدة احتجازه غير محددة وأنها قد فرضت عليه دون أن تتم إدانته قط من قبل المحاكم الفرنسية.

رسائل أخرى

6-1 رداً على طلب الفريق العامل التابع للجنة، الذي اجتمع قبل انعقاد الدورة التاسعة والستين للجنة في تموز/يوليه 2000، بأن تقدم الدولة الطرف معلومات عن رد الوزير على طلب السيد كركر تعديل الأمر بالإبعاد والأمر بالإقامة الجبرية المؤرخ في 28 نيسان/أبريل 1998، تلاحظ الدولة الطرف أن الوزير لم يرد على الطلب وأن عدم الرد في غضون أربعة شهور من تاريخ تقديم طلب إلى السلطة المختصة يُفسَّر وفقاً لقوانينها الإدارية بأنه رفض للطلب. ويمكن الطعن في هذا الرفض أمام المحاكم الإدارية.

6-2 وفيما يتعلق بسؤال الفريق العامل عن التدابير التي اتخذتها الدولة الطرف لإعادة النظر في حالة السيد كركر بصورة منتظمة وضرورة الاستمرار في تطبيق الأمر الصادر بحقه، تذكِّر الدولة الطرف بأنه يمكن لأي شخص يصدر بحقه أمر بالإبعاد أو بالإقامة الجبرية، أن يطلب من السلطات الإدارية، في أي وقت من الأوقات، تعديل ذلك الأمر. وفي حالة قيام السيد كركر بتقديم مثل هذا الطلب، قد تعيد السلطات النظر في حالته وفي مدى ضرورة مواصلة تطبيق الإجراءات المتخذة بحقه.

6-3 وفيما يتعلق بالأسباب التي تدعو إلى مواصلة تطبيق الأمر بالإقامة الجبرية الصادر بحق السيد كركر، توضح الدولة الطرف أن ذلك الأمر قد صدر لاستحالة تنفيذ الأمر بالإبعاد الصادر بحقه. وترى الدولة الطرف أن الإقامة الجبرية ضرورية لأسباب تتعلق بالنظام العام ولمنع مشاركة السيد كركر في أنشطة خطرة. كما ترى الدولة الطرف أنه لا يمكن إلغاء الأمر نظراً لاستمرار المخاطر التي تثيرها الحركات التي يعتبر السيد كركر مناصراً نشيطاً لها. وتذكِّر الدولة الطرف بأن بإمكان السيد كركر أن يقدم في أي وقت من الأوقات طلباً لإلغاء الأمر بالإقامة الجبرية الصادر بحقه، وأن بإمكانه، في حالة رفض هذا الطلب، أن يستأنف أمام المحاكم الإدارية، وهو ما لم يفعله حتى الآن. وتدعي الدولة الطرف أن بإمكان السيد كركر أن يغادر محل إقامته مؤقتاً عند الضرورة. كما تذكر الدولة الطرف أن السيد كركر حر في مغادرة فرنسا إلى أي بلد آخر يختاره ويقبله.

7 - ويذكر المحامي في تعليقاته أن رسالة الدولة الطرف لا تتضمن أية معلومات جديدة. ويقدم إلى اللجنة نسخاً عن الطلبات التي قدمتها أطراف ثالثة بالنيابة عن السيد كركر وردود وزير الداخلية السلبية عليها. كما يضيف نسخة من ردَّي حاكم مقاطعة Alpes de Haute Provence المؤرخين في 24 آذار/مارس 1999 و22 شباط/فبراير 2000 اللذين رفض فيهما منح السيد كركر ترخيصاً للذهاب إلى أوبون. ويقدم المحامي كذلك مقالات صحفية تبين دعم الجمهور لقضية السيد كركر.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

8-1 قبل النظر في أية مزاعم يتضمنها بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، بموجب المادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب أحكام البروتوكول الاختياري للعهد.

8-2 وقد أحاطت اللجنة علماً باعتراضات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ محتجة بأن مقدمة البلاغ غير مؤهلة لتقديمه. وترى اللجنة أنه ليس هناك أي سبب يدعو إلى التشكيك في أهلية صاحبة البلاغ التي هي زوجة الضحية المزعومة والتي تصرفت بموافقة كاملة من الضحية حسبما أكده منذئذ.

8-3 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن السيد كركر قد استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة له فيما يتصل بأمر الإبعاد الصادر بحقه. ونظراً لكون جميع أوامر الإقامة الجبرية اللاحقة تستند إلى الأمر بالإبعاد وإلى استحالة تنفيذ هذا الأمر الأخير، ولأن المحاكم قد رفضت استئناف السيد كركر ضد أول أمر بالإقامة الجبرية، فإن اللجنة تعتبر أن السيد كركر غير ملزم بالطعن أمام المحاكم في كل أمر جديد بالإقامة الجبرية لأغراض الامتثال لاشتراط المادة 5 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري.

8-4 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك حق السيد كركر في عدم التدخل في حياته الخاصة أو حياته الأسرية بموجب أحكام المادة 17 من العهد، تلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء يقوم على شروط الأمر بالإقامة الجبرية الصادر بحقه. وتلاحظ اللجنة أن السيد كركر طالب بتعديل هذه الشروط في مناسبات عديدة، وأن عدم تلقي أي رد على طلباته، بعد انقضاء أربعة أشهر، يعني بموجب القانون الفرنسي أن هذه الطلبات مرفوضة. وما أوضحته الدولة الطرف ولم تعترض عليه صاحبة البلاغ هو أنه كان بإمكان السيد كركر أن يستأنف ضد هذا الرفض أمام محكمة إدارية مختصة، وهو ما لم يفعله. ولذلك فإن ادعاء صاحبة البلاغ في إطار المادة 17 من العهد يعتبر غير مقبول بموجب أحكام المادة 5 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري.

8-5 وترى اللجنة أن الادعاء في إطار المادة 9 من العهد يعتبر غير مقبول من حيث الموضوع لأن التدابير التي يخضع لها السيد كركر لا تصل إلى درجة حرمانه من حريته على النحو المتوخى في المادة 9 من العهد.

8-6 وترى اللجنة أن البلاغ مقبول بقدر ما يمكن أن يثير من مسائل في إطار المادتين 12 و13 من العهد، ومن ثم فإن اللجنة تشرع بدون تأخير في النظر في أسسه الموضوعية.

9-1 وقد نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ الحالي في ضوء جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها الطرفان على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة أن الأمر بإبعاد السيد كركر قد صدر في تشرين الأول/أكتوبر 1993 لكنه لم يكن من الممكن تنفيذه، مما أدى إلى إخضاع إقامته في فرنسا لقيود تمس حريته في التنقل. وقد احتجت الدولة الطرف بأن القيود التي أُخضع لها صاحب البلاغ ضرورية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وفي هذا الصدد، قدمت الدولة الطرف أدلة إلى المحاكم الوطنية تثبت أن السيد كركر مؤيد نشيط لحركة تدعو إلى العنف. كما ينبغي ملاحظة أن القيود المفروضـة على تنقل السيد كركر تسمح له بالإقامة في منطقة واسعة نسبياً. يضاف إلى ذلك أن المحاكم الوطنية قد نظرت في القيود المفروضة على حرية تنقل السيد كركر واعتبرتها، بعد أن أجرت استعراضاً لجميع الأدلة، ضرورية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ولم يطعن السيد كركر إلا في الحكم الأصلي للمحاكم بشأن هذه المسألة واختار عدم الطعن أمام المحاكم الوطنية في ضرورة إصدار الأوامر المقيدة اللاحقة. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تستنتج أن الدولة الطرف قد أساءت تطبيق القيود المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 12.

9-3 وتلاحظ اللجنة أن المادة 13 من العهد توفر ضمانات إجرائية في حالة الإبعاد. وتلاحظ اللجنة أن وزير الداخلية هو الذي قرر طرد السيد كركر لأسباب عاجلة تتعلق بالأمن العام، وأنه لم يسمح للسيد كركر بالتالي بأن يقـدم أسباباً تمنع إبعـاده قبل صدور الأمر. ومع ذلك فقد أُتيحت له فرصة لإعادة النظر في قضيته من قبل المحكمة الإدارية ومجلس الدولة وكان ممثلاً بمحام في كلا الإجراءين. وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها لا تبين حدوث انتهاك للمادة 13 في هذه القضية.

10 - إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب أحكام الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك لأي من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تنص المادة 28 على ما يلي: “ يجوز بموجب أمر من وزير الداخلية إجبار الأجنبي الذي يصدر بحقه أمر بالطرد أو يتوجب اقتياده إلى الحدود والذي يبرر كونه في وضع يستحيل عليه فيه أن يغادر الإقليم الفرنسي ومن خلال تقديم دليل يثبت أنه لا يستطيع العودة إلى وطنه الأصلي ولا الذهاب إلى أي بلد آخر، ... على الإقامة في الأماكن التي يحددها الوزير، والتي يتعين عليه فيها أن يمثل بصورة دورية أمام مراكز الشرطة والدرك ” .

ميم- البلاغات أرقام 839/1998 و840/1998 و841/1998 مانساراج وآخرون

* اشترك في النظر في هذه البلاغات أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي آندو، السيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد لويس هانكين، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتزمير، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السير نايغل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شيرر، السيد أحمد توفيق خليل، السيد باتريك فيلا، السيد ماكسويل يالدين.

الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون *

المقدمة من : السيد أنطوني ب. مانساراج وآخرون

السيد غبوري تمبا وآخرين

السيد عبد الكريم سيساي وآخرين

الأشخاص المدعون أنهم ضحية : أصحاب البلاغات

الدولة الطرف : سيراليون

تاريخ تقديم البلاغات : 12 و 13 تشرين الأول/أكتوبر 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغات أرقام 839/1998 و840/1998 و841/1998 المقدمة من السيد أنطوني ب. مانساراج وآخرين، والسيد غبوري تامبا وآخرين، والسيد عبد الكريم سيساي وآخرين إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في إطار البروتوكول الاختياري الملحق ب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحها لها أصحاب البلاغات والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 أصحاب البلاغات هم السادة أنطوني مانساراج وغيلبرت ساموت كاندو - بو وخيمالاي إدريسا كيتا (البلاغ رقم 839/1998)، وتمبا غيبوري وألفريد أبو سنكوح (الشهير بزاغالو) وحسن كريم كونته ودانيل كوبينا أندرسون وألفا سابا كامارا وجون أمادو سونيكا كونتا وأبو بكر كمارا (البلاغ رقم 840/1998)، وعبد الكريم سيساي وكولا سامبا ونيلسون ويليامز وبرسفورد ر. أرنستون وبيشير كونتا وفيكتور ل. كنغ وجيم كيلي جالوه وأرنولد ه‍. بانغورا (البلاغ رقم 841/1998). ويمثل أصحاب البلاغات محام.

1-2 وفي 16 تموز/يوليه 2001، قررت اللجنة النظر في هذه البلاغات معاً.

الوقائع كما قدمها أصحاب البلاغات

2-1 كان أصحاب البلاغات (المقدمة في 12 و13 تشرين الأول/أكتوبر 1998) ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بأحد السجون في مدينة فريتاون. وجرى في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1998 تنفيذ الحكم رمياً بالرصاص في 12 من أصحاب البلاغات الذين يبلغ مجموعهم 18 شخصاً هم: غيلبرت ساموت كاندو - بو وخيمالاي إدريسا كيتا وتمبا غيبوري وألفريد أبو سنكوح (الشهير بزاغالو) وحسن كريم كونته ودانيل كوبينا أندرسون وجون أمادو سونيكا كونتا وأبو بكر كمارا وعبد الكريم سيساي وكولا سامبا وفيكتور ل. كنغ وجيم كيلي جالوه.

2-2 وأصحاب البلاغات جميعهم أفراد أو كانوا أفراداً في القوات المسلحة لجمهورية سيراليون. وكانت التهمة الموجهة إليهم، في جملة أمور، هي الخيانة وعدم قمع عملية تمرد، وقامت محكمة عسكرية بمدينة فريتاون بإدانتهم، وحكمت عليهم بالإعدام في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1998 (1) . ولا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة العليا.

2-3 وفي 13 و14 تشرين الأول/أكتوبر 1998، طلب المقرر الخاص التابع للجنة والمعني بالبلاغات الجديدة من حكومة سيراليون، عملاً بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، أن توقف تنفيذ الحكم الصادر على جميع أصحاب البلاغات ما دامت البلاغات قيد نظر اللجنة.

2-4 وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، نظرت اللجنة في عدم استجابة الدولة الطرف للطلب المقدم بموجب المادة 86 وقيامها بإعدام 12 من أصحاب البلاغات. وأعربت اللجنة عن أسفها لعدم امتثال الدولة الطرف للطلب المقدم من اللجنة وقررت مواصلة النظر في البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري (2) .

الشكوى

3-1 يؤكد المحامي أن عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة العسكرية يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

3-2 ويفيد المحامي بأن الحق في الطعن كان موجوداً أصلاً بموجب الباب الرابع من الأمر الملكي المعني بالقوات العسكرية في سيراليون لعام 1961 ولكنه ألغي في عام 1971.

ملاحظات الدولة الطرف

4 - لم تقدم الدولة الطرف معلومات بشأن البلاغات رغم دعوتها مراراً إلى القيام بذلك.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

5-1 تعترف كل دولة طرف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان باستلام ونظر البلاغات المقدمة من الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك أي حق من الحقوق المقررة في العهد (الديباجة والمادة 1). ويعني انضمام الدولة إلى العهد ضمنياً التزامها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية للسماح لها وتمكينها من النظر في هذه البلاغات، ودراستها، وتقديم آرائها إلى كل من الدولة الطرف والأفراد (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). ومما يتعارض مع هذه الالتزامات أن تتخذ الدولة الطرف إجراءات تمنع أو تعطل نظر اللجنة في البلاغات ودراستها والإعراب عن آرائها بشأنها.

5-2 وبصرف النظر عن أي انتهاك للحقوق المقررة بموجب العهد يكون موجهاً إلى الدولة الطرف في البلاغ، ترتكب الدولة الطرف خرقاً جسيماً للالتزامات المقررة بموجب البروتوكول الاختياري إذا قامت بأفعال من شأنها أن تمنع أو تعطل قيام اللجنة بالنظر في البلاغ الذي ينطوي على ادعاء بارتكاب انتهاك للعهد أو تجعل مناقشتها له عديمة الجدوى وآراءها باطلة وغير ذات جدوى. وفيما يتعلق بالبلاغات قيد البحث، يؤكد المحامي حرمان أصحاب البلاغات من الحقوق المقررة لهم بموجب الفقرة 5 من المادة 14 من العهد. وعند إخطار الدولة الطرف بالبلاغات، انتهكت هذه الدولة التزاماتها بموجب البروتوكول بمبادرتها بإعدام الضحايا المزعومة وهم غيلبرت اموت كاندو - بو وخيمالاي إدريسا كيتا وتمبا غيبوري وألفريد أبو سنكوح (الشهير بزاغالو) وحسن كريم كونته ودانيل كوبينا أندرسون وجون أمادو سونيكا كونتا وأبو بكر كمارا وعبد الكريم سيساي وكولا سامبا وفيكتور ل. كنغ وجيم كيلي جالوه قبل استكمال اللجنة نظرها في البلاغات والإعراب عن آرائها. ولا عذر للدولة الطرف في قيامها بذلك بعد الإجراء الذي اتخذته اللجنة بموجب المادة 86 من نظامها الداخلي ومطالبتها الدولة الطرف بالامتناع عن تنفيذ الإعدام.

5-3 والتدابير المؤقتة بموجب المادة 86 من النظام الداخلي للجنة الذي اعتمد وفقاً للمادة 39 من العهد أساسية للدور الذي تؤديه في إطار البروتوكول الاختياري. والاستهانة بهذه المادة، لا سيما بإجراءات لا رجعة فيها مثل إعدام المجني عليهم المزعومين أو إبعادهم عن أوطانهم، يقوض الحماية التي يوفرها العهد عن طريق البروتوكول الاختياري.

5-4 ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغات قيد البحث في ضوء جميع المعلومات المتوفرة لديها من أطراف النزاع، طبقاً لما جاء في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة مع القلق أن الدولة الطرف لم تقدم معلومات لتوضيح المسائل التي أثيرت في البلاغات. وتلاحظ أيضاً أن من الواجب على الدولة ضمنياً بناء على ما جاء في الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن تنظر بحسن نية في جميع الادعاءات المقدمة ضدها وأن تقدم إلى اللجنة جميع المعلومات المتوفرة لديها. ونظراً لعدم تعاون الدولة الطرف مع اللجنة في الموضوع قيد البحث فإنه ينبغي إيلاء الاعتبار اللازم لادعاءات أصحاب البلاغات، بقدر ما هي مؤيدة بأدلة كافية.

5-5 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أنه لا تجري دراسة المسألة ذاتها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيقات أو التسوية الدولية. وأحاطت اللجنة علماً بأن الدولة الطرف لم تدفع بوجود سبل انتصاف محلية لم يستنفدها أصحاب البلاغات ولم تقدم اعتراض على قبول المطالبات. ولذلك، ترى اللجنة بناء على المعلومات المعروضة عليها قبول البلاغات قيد البحث والشروع فوراً في النظر في الأسس الموضوعية.

5-6 فيدّعي أصحاب البلاغات أن الدولة الطرف قد انتهكت الفقرة 5 من المادة 14 من العهد بعدم كفالة الحق في الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية وبوجه خاص في الدعاوى التي يجوز الحكم فيها بالإعدام. ولاحظت اللجنة أن الدولة الطرف لم تؤيد ادعاءات أصحاب البلاغات ولم تنفها وإنما بادرت بإعدام 12 من أصحاب البلاغات بعد إدانتهم بأيام قليلة. ولذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 5 من المادة 14 من العهد، وكذلك المادة 6 التي تحمي الحق في الحياة، فيما يتعلق بجميع أصحاب البلاغات الذين يبلغ عددهم 18 شخصاً. ولقد أوضحت الآراء السابقة للجنة أنه لا يجوز بموجب الفقرة 2 من المادة 6 من العهد توقيع عقوبة الإعدام، في جملة أمور، دون مراعاة جميع الضمانات المتعلقة بالمحاكمة العادلة، بما في ذلك الحق في الطعن.

6-1 وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ل لعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك سيراليون للمادة 6 وللفقرة 5 من المادة 14 من العهد.

6-2 وتكرر اللجنة استنتاجها أن الدولة الطرف بإقدامها على إعدام 12 من أصحاب البلاغات قبل استكمال اللجنة (3) ارتكبت انتهاكاً خطيراً لالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري.

6-3 وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لكل من أنطوني مانساراج وألفا سابا كامارا ونيلسون ويليامز وبلسفورد ر. هالستون وبشير كونتا وأرنولد ه‍. بانغورا سبيلاً فعالاً للانتصاف. فلقد أدين أصحاب البلاغات المذكورين بناء على محاكمة لم توفر لهم فيها ضمانات المحاكمة العادلة. ولذلك، ترى اللجنة أنه ينبغي إخلاء سبيلهم ما لم يستوجب قانون سيراليون محاكمتهم مرة أخرى أمام محكمة توفر لهم جميع الضمانات المطلوبة في المادة 14 من العهد. وترى اللجنة أيضاً أنه ينبغي أن توفر سيراليون للأقارب المباشرين لكل من غيلبرت ساموت كاندو - بو وخيمالاي إدريسا كيتا وتمبا غيبوري وألفريد أبو سنكوح (الشهير بزاغالو) وحسن كريم كونته ودانيل كوبينا أندرسون وجون أمادو سونيكا كونتا وأبو بكر كمارا وعبد الكريم سيساي وكولا سامبا وفيكتور ل. كنغ وجيم كيلي جالوه سبيل انتصاف مناسب يؤدي إلى التعويض.

6-4 وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت عندماً أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري باختصاص اللجنة في البت في حدوث أو عدم حدوث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف عملاً بالمادة 2من العهد، تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) هذه هي المعلومات الوحيدة التي قدمها المحامي بشأن الإدانة.

(2) المجلد الأول، A/54/40، الفصل السادس، الفقرة 420، المرفق العاشر.

(3) بيانديونغ ومورالوس وبولين ضد الفلبين ، (869/1999).

نون- البلاغ رقم 846/1999، نانسن - غيلن ضد هولندا

الآراء المعتمدة في 3 نيسان/أبريل 2001، الدورة الحادية والسبعون*

المقدم من : السيدة جيرترودا هوبيرتينا يانسن - غيلن (يمثلها السيد ب. و. م. زيغرز)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 7 آب/أغسطس 1998 (الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار بشأن

مقبولية البلاغ واعتماد الآراء : 3 نيسان/أبريل 2001

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجوسمير لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد هيبوليتو سولاري إيريغويين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 3 نيسان/أبريل 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ 846/1999 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من طرف السيدة جيرترودا هوبيرتينا يانسن - غيلن عملاً بالبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وأخذت في الاعتبار كافة المعلومات الخطية المقدمة إليها من صاحبة البلاغ ومن الدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء العتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحبة البلاغ المقدم في 7 آب/أغسطس 1997 هي جيرترودا هوبيرتينا يانسن - غيلن ، وهي مواطنة هولندية من مواليد 21 تش رين الثاني/نوفمبر 1940. وتدعي صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك هولندا للمواد 14 و17 و19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلها المحامي السيد ب. و. م. زيغرز.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 كانت صاحبة البلاغ تعمل كمعلمة في مدرسة بودشوب الابتدائية الكاثوليكية الرومانية الواقعة في نيديرفيرت. وكانت موظفة تابعة لجمعية خاصة.

2-2 وبتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر 1989، أعلن مدير النظام العـام للمعاشات التقاعديــة المدنيــة (Algemeen Burgerlijk Pensioenfonds)، وهو نظام تابع للقطاع الخاص، أن صاحبة البلاغ معوّقة بنسبة80 في المائة. واتخذ هذا القرار بناء على تقرير أعده طبيب نفساني في تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

2-3 وطعنت صاحبة البلاغ في القرار ولكن رفضت محكمة لاهاي المحلية دعواها بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 1992. ويتبين من قرار المحكمة أن صاحبة البلاغ كانت خلال الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 1987 وتشرين الأول/أكتوبر 1988 تغيب كثيراً عن عملها لأسباب صحية وأنها انقطعت تماماً عن العمل اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 1988. وبين تقرير الطبيب النفساني أن غيابها عن العمل كان نتيجة نزاع شديد في العمل لم تتمكن من تحمل ضغوطه.

2-4 واستأنفت صاحبة البلاغ دعواها مرة أخرى أمام محكمة الاستئناف المركزية (Centrale Raad van Beroep) وهي أعلى محكمة مختصة بقضايا المعاشات التقاعدية. وقررت صاحبة البلاغ تغيير محاميها في أيلول/سبتمبر 1994. وقدم المحامي الجديد، برسالة مؤرخة 26 أيلول/سبتمبر 1994 استلمتها المحكمة بتاريخ 27 أيلول/سبتمبر 1994، تقريراً نفسانياً يدحض استنتاجات تقرير الخبير الأول. وعقدت جلسة استماع أمام محكمة الاستئناف المركزية في 29 أيلول/سبتمبر 1994 على النحو المقرر. ورفضت محكمة الاستئناف المركزية في حكمها الصادر في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1994 استئناف صاحبة البلاغ. ورأت أنه لا يمكن لها أن تأخذ في الاعتبار تقرير الخبير المقدم من طرف صاحبة البلاغ لأنه قدم بعد فوات الأوان. ويتبين من الحكم الصادر أن المحكمة رأت أن قبول هذه الوثيقة سيعوق بصورة غير مقبولة الطرف المدعى عليه في الدفاع عن نفسه. واستندت المحكمة في قرارها أيضاً إلى أحكام المادة 58:8 من القانون الإداري العام (الجديد).

2-5 وتفيد صاحبة البلاغ بأن القانون الإداري العام دخل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 1994، ولكن لا ينطبق هذا القانون، عملاً بمادته 1 (3)، على قضية صاحبة البلاغ إذ إنها استأنفت دعواها قبل 1 كانون الثاني/يناير 1998 (1) . ولم تحدد الإجراءات الإدارية القديمة أي موعد نهائي لتقديم التقارير. وبناء عليه، كان يجب أن تعتبر [المحكمة] أن التقرير قدم في الوقت المناسب.

2-6 واسترعت صاحبة البلاغ الانتباه بالإضافة إلى ذلك إلى أن المحكمة لم تبلغها عندما استدعتها لحضور جلسة الاستماع بتاريخ 29 أيلول/سبتمبر 1994، بأنه لا يحق لها أن تقدم وثائق جديدة إلاَّ في موعد أقصاه عشرة أيام قبل تاريخ عقد الجلسة. ويُدفع، بالإضافة إلى ذلك، بأن الوثائق المتأخرة تقبل في الممارسة حتى في إطار القانون الجديد ما لم تكن تؤثر تأثيراً كبيراً في حقوق الطرف الآخر.

الشكوى

3-1 تقول صاحبة البلاغ إن عدم أخذ المحكمة تقرير الخبير في الاعتبار ينتهك حقها في تقديم الأدلة، لأنه يمنعها من دحض حجة الطرف الآخر فيما يتعلق بقدرتها على العمل. وتدعي بأن ذلك يشكل انتهاكاً للمادة 14 لأن محاكمتها لم تكن عادلة.

3-2 وكذلك تدعي صاحبة البلاغ وقوع انتهاك للمادة 17 من العهد نظراً لأن القرار الجائر الذي قضى بأنها معاقة بنسبة تتجاوز 80 في المائة وبأنه لا يمكن تعيينها في أي وظيفة، يؤثر في حياتها الخاصة (بدنياً ومعنوياً) كما يؤثر في سمعتها.

3-3 وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن السبب الذي أدى إلى إعلان إصابتها بعوق هو أن مراعاتها لمبادئ الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التقليدية في سلوكها لم يرق لإدارة المدرسة انتهاكاً لما ورد في المادة 18 من العهد.

الرسالتان المقدمتان من الدولة الطرف

4-1 تطعن الدولة الطرف في رسالتها المؤرخة 22 آذار/مارس 1999 في مقبولية البلاغ لأن صاحبة البلاغ لم تتمسك في الإجراءات المحلية، حتى ولو بصورة ضمنية، بالحقوق المنصوص عليها في العهد التي تدعي الآن أنها انتهكت. وترى الدولة الطرف أنه يجب إعلان البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل التظلم المحلية.

4-2 وتقول الدولة الطرف بالإضافة إلى ذلك إن صاحبة البلاغ أخفقت في تقديم أدلة لإثبات شكواها بأن سبب إعلان عدم لياقتها للعمل يتعلق بمعتقداتها الكاثوليكية التقليدية، وإنه يجب إعلان عدم قبول هذا الجزء من بلاغها عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-1 وتوضح الدولة الطرف، في رسالة أخرى مقدمة في 1 أيلول/سبتمبر 1999، أنه أثناء دعوى الاستئناف التي رفعتها صاحبة البلاغ للطعن في قرار صندوق المعاشات التقاعدية بإعلان أنها مصابة بعوق بنسبة تتجاوز 80 في المائة، عُقِدَت جلسة استماع أمام محكمة الاستئناف المركزية (Centrale Raad van Beroep) يوم 29 أيلول/سبتمبر 1994. وفي 26 أيلول/سبتمبر 1994 أبلغ محامي صاحبة البلاغ الحالي المحكمة بأنه حل مكان المحامي السابق وقدم تقريراً نفسانياً إضافياً لدحض التقرير النفساني الذي كان الصندوق قد بنى قراره عليه. ولكن لم تضف المحكمة هذا التقرير إلى ملف القضية لأنه قدم بعد فوات الأوان.

5-2 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ أن قرار المحكمة بعدم إضافة التقرير النفساني إلى ملف القضية حرمها من حقها في أن تحاكم محاكمة عادلة، تذكِّر الدولة الطرف بقرارات ومقررات اللجنة التي تنص على أن استعراض الوقائع والأدلة المقدمة إلى المحاكم المحلية والمقيّمة من جانبها يكون عادة من اختصاص محاكم الدول الأطراف وليس من اختصاص اللجنة. وتعترض الدولة الطرف على الرأي القائل إن عدم أخذ التقرير في الاعتبار يجعل المحاكمة تعسفية بشكل ظاهر أو يعتبر بمثابة خطأ قضائي. وتبين الدولة الطرف في هذا الصدد أن دخول القانون الإداري العام حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 1994 أدى إلى تعديل قانون المرافعات. ولم يحدد القانون القديم مهلة زمنية لتقديم الوثائق ولكن أصبح القانون الجديد ينص الآن على أنه يجوز للأطراف أن تقدم الوثائق في موعد أقصاه عشرة أيام قبل بداية المحاكمة. وعملاً بالقانون الانتقالي، كان القانون القديم ساري المفعول لدى النظر في قضية صاحبة البلاغ.

5-3 وتفيد الدولة الطرف بأن مكتب أمين السجلات في محكمة الاستئناف المركزية استلم رسالة محامي صاحبة البلاغ والوثيقة المرفقة بها يومين فقط قبل موعد الجلسة. ولم يبين المحامي سبب التأخير في تقديم الوثيقة. ونظراً لعدم وجود أي قاعدة محددة، بتت المحكمة في مقبولية الوثيقة المعنية بالاعتماد على مبادئ أصول المحاكمات التي يقضي أحدها بأن تجري المحاكمة بأسلوب لا يعوق بصورة غير مقبولة أحد الأطراف في الدفاع عن قضيته. وخلصت المحكمة إلى أن إضافة وثائق إلى ملف القضية في تلك المرحلة من إجراءات المحاكمة يشكل عائقاً غير مقبول.

5-4 وتبين الدولة الطرف أن أحد المبادئ العامة التي يقوم عليها قانون الإجراءات الإدارية الهولندي، وهو مبدأ لا شك في أن المحامي كان على علم به، يقضي بأنه لا يجوز قبول أي وثيقة في المحاكمات ما لم تتح للطرف الآخر فرصة الاطلاع عليها في غضون فترة زمنية معقولة. وكان بإمكان المحامي أن يطلب تأجيل القضية لإتاحة الوقت اللازم للطرف الآخر وللمحكمة لدراسة الوثيقة. ولكنه اختار غير ذلك، وتعمد، بناء عليه، المجازفة بخطر عدم قبول إضافة ذاك التقرير إلى ملف القضية لأنه قدم متأخراً.

5-5 وترفض الدولة الطرف أن يكون قرار المحكمة قد اتخذ بناء على القانون الجديد. وتفيد الدولة الطرف بأن المحكمة لم تشر إلى القانون الجديد إلا لإيضاح القاعدة العامة المتبعة في أصول المحاكمات والتي تقضي بأن يتاح الوقت اللازم للأطراف كي تستعد للمحاكمة كما يجب. وبناء عليه لم تُنتهَك حقوق صاحبة البلاغ في هذا الصدد.

5-6 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ المقدمة في إطار المادة 17، تبين الدولة الطرف أن استعراض قدرة صاحبة البلاغ على العمل كان إجراء قانونياً بموجب قانون الإحالة على التقاعد، نظراً لأن غياب صاحبة البلاغ كان لأسباب صحية. وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن غيابها كان يعود إلى نزاع في العمل وليس إلى إصابة بمرض، تشير الدولة الطرف إلى التقرير النفساني الذي اعتمد عليه الصندوق في اتخاذ قراره. ويخلص هذا التقرير إلى أن صاحبة البلاغ لم تكن قادرة على تحمل ضغط النزاع في مكان العمل. وترى الدولة الطرف أن قرار الصندوق لم يكن، بناء عليه، يتنافى وأحكام القانون.

5-7 وفيما يتعلق بمسألة تعيين ما إذا كان التدخل المزعوم تعسفياً أم لا، تشير الدولة الطرف إلى حكم محكمة الاستئناف المركزية الذي يقر بأنه يجب إيلاء اهتمام خاص لتفادي الخروج عن الأصول في الحصول على معاشات العجز الصحي في ظروف مثل ظروف صاحبة البلاغ. وخلصت المحكمة إلى أن قرار الصندوق كان قراراً حريصاً. وعلى هذا الأساس، ترى الدولة الطرف أن التدخل لم يكن تعسفياً.

5-8 وكذلك ترفض الدولة الطرف أن يكون إعلان عجز صاحبة البلاغ عن العمل يشكل إساءة لسمعتها بما يخالف القانون. وتذكِّر، في هذا الصدد، بأن القرار كان قانونياً وأنه لم يستند إلى وقائع غير صحيحة. وتبين الدولة الطرف أنه لا يساء إلى سمعة الفرد إلاَّ إذا تم التهجم عليه علناً (2) . كما تبين أن إعلان عدم لياقة صاحبة البلاغ للعمل لم يبلَّغ إلاَّ للأطراف المعنية مباشرة.

5-9 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ المقدمة في إطار المادة 18، تشير الدولة الطرف إلى الملاحظات التي قدمتها بشأن مسألة المقبولية وتبين أن هذه الشكوى غير مدعومة بأي أدلة ثبوتية وأنه لم يقع أي انتهاك.

تعليقات صاحبة البلاغ على رسالتي الدولة الطرف

6-1 يكرر المحامي رأيه في أن عدم قيام المحكمة بإضافة التقرير إلى ملف القضية جعل المحاكمة تعسفية بشكل ظاهر وإنه يعتبر بمثابة خطأ قضائي. ويلاحظ المحامي أن الوثائق قدمت قانوناً في الوقت المحدد، نظراً لأن القانون الإداري القديم كان ساري المفعول. وأن تكون المحكمة قد استلمت الوثائق يومين فقط قبل المحاكمة لا يمكن أن يعتبر بمثابة إعاقة غير مقبولة لسير القضية. ويفيد المحامي بأن الوقت كان كافياً لقراءة التقرير بدقة، وبأن المحكمة مؤهلة، بالإضافة إلى ذلك، لإرجاء المحاكمة، وأنه كان بإمكانها أن تفعل ذلك لو رأت أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة الوثيقة. ويقول المحامي، أيضاً، إن لجوء المحكمة إلى ذكر القانون الجديد لا يمكن أن يعتبر إلاَّ ذريعة لتبرير عدم إضافة التقرير إلى الملف.

6-2 ويصر المحامي على أن غياب صاحبة البلاغ عن العمل كان بسبب نزاع في العمل وليس بسبب المرض. والتقرير الذي لم تسمح المحكمة بإضافته يدحض التقرير الذي اعتمد عليه الصندوق في قراره. وقد أسيء استعمال قانون الإحالة على التقاعد بغية تسوية نزاع في العمل وبالتالي كان التدخل غير قانوني. وبالإضافة إلى ذلك، يبين التقرير النفساني الجديد الذي لم يرفق بملف القضية، أن إعلان عدم لياقة صاحبة البلاغ للعمل كان قائماً على وقائع غير صحيحة. وبناء عليه، أثر الإعلان في خصوصيات صاحبة البلاغ وقوض سلامتها البدنية والمعنوية كما أساء إلى سمعتها. ويبين المحامي في هذا الصدد أنه يمكن للجمهور الاطلاع على هذا الإعلان لأن المحاكمات تجري بصورة علنية في محكمة الاستئناف المركزية.

6-3 ويحتج المحامي بالإضافة إلى ذلك أن الدولة الطرف تسمح بممارسة تمنع أشخاصاً أصحاء من المشاركة في مجال التشغيل الاجتماعي إن كانت لهم معتقدات غير محبذة سياسياً، كالمعتقدات الكاثوليكية الرومانية التقليدية في حالة صاحبة البلاغ. ويفيد المحامي بأن التقرير النفساني الجديد يبين أن صاحبة البلاغ قادرة على التغلب على مصاعب النزاع في العمل وأنها لائقة للعمل. ويبين المحامي أن السبب الوحيد لإعلان عدم لياقتها يعود، بالتالي، إلى أن مراعاتها للمعتقدات الكاثوليكية الرومانية التقليدية في سلوكها لم يكن يروق للإدارة الكاثوليكية الرومانية فأرادت هذه الإدارة التخلص منها. ويدعي المحامي أن السلطات الهولندية تحاول بانتظام قمع التعبير عن تعاليم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التقليدية، وذلك، على سبيل المثال، بمباشرة تحقيقات جنائية ضد الأشخاص العاديين أو القساوسة من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية عندما يدعون علانية لتعاليم دينهم. ويصر المحامي على أنه أسيء استعمال قانون العمل في قضية صاحبة البلاغ لمنعها من إظهار معتقداتها الكاثوليكية الرومانية انتهاكاً للمادة 18 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أنها ضحية انتهاك المادتين 17 و18 من العهد لأن قرار عدم لياقتها للعمل كان خاطئاً، على حد زعمها، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية لإثبات ادعاءاتها لأغراض القبول. وتلاحظ اللجنة أن بيانات صاحبة البلاغ وادعاءاتها المقدمة في هذا الصدد كانت عامة للغاية وأنها لم ترفع هذه المسائل إلى المحاكــم المحلية. وبناء عليه، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول عملاً بالمادتين 2 و5 (2) (ب) من البروتوكول الاختياري.

7-3 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ المقدمة في إطار المادة 14، تلاحظ اللجنة أن كافة سبل التظلم المحلية استنفدت وأنه لا يوجد اعتراض آخر على إعلان قبول الشكوى. وبناء عليه تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مقبول لأنه قد يثير مسائل في إطار المادة 14 من العهد. وتباشر اللجنة، بدون إرجاء، نظرها في حيثيات هذه الشكوى.

8-1 ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كافة المعلومات المقدمة إليها خطياً من الطرفين على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وقد ادعت صاحبة البلاغ أن تقاعس محكمة الاستئناف المركزية عن إضافة التقرير النفساني المقدم من طرف محاميها إلى ملف القضية يومين قبل موعد الجلسة، يشكل انتهاكاً لحقها في أن تحاكم محاكمة عادلة. وأحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن المحكمة وجدت أن قبول التقرير يومين قبل الجلسة كان سيعوق بصورة غير مقبولة الطرف الآخر في سير القضية. ولكن تلاحظ اللجنة مع ذلك أن قانون المرافعات المعمول به في هذه الدعوى لا ينص على موعد نهائي لتقديم الوثائق. وبناء عليه، كان من واجب محكمة الاستئناف التي لم تكن مقيدة بأي قيد زمني قانوني أن تضمن لكل طرف إمكانية الطعن في الأدلة الوثائقية التي قدمها الطرف الثاني أو أعرب عن رغبته في تقديمها، كما كان من واجبها إرجاء المحاكمة إن تطلّب الأمر ذلك. ونظراً لعدم ضمان تكافؤ الفرص بين الأطراف في إمكانية إبراز الأدلة لأغراض المحاكمة، ترى اللجنة أنه وقع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

9 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تبين انتهاك هولندا للفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

10 - وترى اللجنة، عملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، أنه يجب أن يتاح لصاحبة البلاغ سبيل فعال للتظلم.

11 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، لكونها أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان قد حدث أم لم يحدث انتهاك للعهد، وأن الدولة الطرف، عملاً بالمادة 2 من العهد، تعهدت بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل تظلم يكون فعالاً وقابلاً للتنفيذ في حال ثبوت وقوع انتهاك، ترغب في أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 90 يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) تبين محكمة الاستئناف المركزية في مستهل حكمها الصادر في 20 تشرين الأول/أكتوبر 1994 أنه تم النظر في حكم الاستئناف بالاستناد إلى الأحكام القانونية المعمول بها قبل دخول القانون الإداري العام حيز النفاذ.

(2) تورد الدولة الطرف ذكر نوفاك، تعليق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الفقرة 42، الصفحة 306.

تذييل

رأي مستقل، مؤيِّد، مقدم من ديفيد كريتسمر ومارتن شاينين

نحن إذ نوافق على استنتاجات اللجنة على النحو المبين في الفقرة 8-2 من آراء اللجنة بما مفاده أنه وقع انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 في القضية الراهنة، نختلف وإياها في الأسباب التي استدعت اتخاذ هذا القرار.

تبت المحاكم المحلية عادة في قبول الوثائق في الإجراءات القضائية وفي إجراءات تقديمها. وفي حين لم يكن يوجد أي نص في القانون يحدد موعداً نهائياً لتقديم الوثائق عندما كانت قضية صاحبة البلاغ أمام المحاكم المحلية، احتجت الدولة الطرف بأنه لا يجوز، عملاً بالقانون المحلي للإجراءات الإدارية، تقديم أي وثائق في الدعاوى ما لم يمنح الطرف الآخر فرصة للاطلاع عليها في غضون فترة معقولة من الزمن. ولم تطعن صاحبة البلاغ في ذلك. بيد أن الدولة الطرف لم توضح أبداً لماذا لم تتخذ أي تدابير، نظراً لأهمية هذا التقرير الرئيسية بالنسبة إلى قضية صاحبة البلاغ، للسماح للطرف الآخر بالنظر في التقرير عوضاً عن مجرد تجاهله. ونوافق في ظل هذه الظروف الخاصة على أن حق صاحبة البلاغ، المصان بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، في أن تحدَّد حقوقها في دعوى قانونية بإنصاف، قد انتهك.

ديفيد كريتسمر [التوقيع]

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية ، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً بالروسية والعربية والصينية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

سين- البلاغ رقم 855/1999 شميتز - دي - يونغ ضد هولندا

الآراء المعتمدة في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيدة م . شميتز - دي- يونغ (يمثلها المحامي، السيد بول س . ب فاندرهيدن)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1998(الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/ يوليه 2001،

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد هيبولتوسولاري إيريغويين، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

وقد اختتمت نظرها نظرها في هذا البلاغ رقم 855/1999 المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان من طرف السيدة م شميدتز - ده - يونغ، في إطار على ضوء البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبة البلاغ هي السيدة م شميتز - دي - يونغ، مواطنة هولندية، مولودة في 15 شباط/فبراير 1949، تقيم في غولبن، هولندا. وهي تقول إنها ضحية انتهاك للمادة 26، إلى جانب المادتين 3 و5، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلها محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 لكل مواطن هولندي لا يقل عمره عن 65 عاما الحق في بطاقة متقاعد (ما يسمى PAS-65). ولشركاء حياة أصحاب هذه البطاقة حق في الحصول على مثلها على ألا تقل أعمارهم عن 60 عاما. ويدفع الذين يملكون هذه البطاقة تعريفات مخفضة لركوب وسائل النقل العمومي والتمتع بالأنشطة الثقافية وبخدمات المكتبات، ولدخول المتاحف.

2-2 وصاحبة البلاغ متزوجة من ولهلم تيودور شميتز المولود في 4 أيار/مايو 1924. ويملك السيد شميتز بطاقة PAS-65. وقد قدمت في 26 شباط/فبراير 1993 طلبا للحصول على بطاقة شريك رفضته بلدية غولبن في 16 آذار/مارس بدعوى أنها لم تـف بشرط العمر. وقدمت طلبا آخر لإعادة النظر في القرار رفض في 25 أيار/مايو 1993. ورفض مجلس الولاية في 15 آب/أغسطس 1996 الطلب الذي قدمته إليه للطعن في القرار. وبذلك، تكون استنفدت جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3 - تقول صاحبة البلاغ إن عدم منحها بطاقة شريك يشكل تمييزا على أساس العمر. وتشير إلى المنشور الإعلامي للحكومة الذي يبين أن الغرض من البطاقة تعزيز المشاركة الفعالة للمتقاعدين من كبار السن في المجتمع، وأنه بغية تعزيز مشاركتهم هذه، تمنح البطاقة أيضا لشركاء حياة المتقاعدين من كبار السن. ولما كان متوسط الفرق في العمر بين المتقاعدين من كبار السن وشركاء حياتهم يتراوح بين 4 و5 سنوات، تقرر أن جميع الشركاء الذين لا تقل أعمارهم عن 60 سنة، لهم الحق أيضا في بطاقة. وتقول صاحبة البلاغ بأن هذا القيد العمري قيد تعسفي لأن الغرض من بطاقة الشريك لا يبرر قصرها على الشركاء الذين لا تقل أعمارهم عن 60 عاما.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تحيط الدولة الطرف اللجنة علماً في البلاغين اللذين وجهتهما إلى اللجنة في 16 آب/أغسطس 1999 و 29 شباط/فبراير 2000، أن نظام بطاقة الشريك ألغي العمل به ابتداء من 1 أيلول/سبتمبر 1999 بعد أن اتضح للجنة المساواة في المعاملة أن الخطة التي وضعت لفائدة الشركاء تميز على نحو غير مباشر بين الناس على أساس الحالة المدنية. وتدفع الدولة الطرف بأن الأساس الذي بنت عليه صاحبة البلاغ طلبها لم يعد قائما.

4-2 وفيما يتعلق بشكوى صاحبة البلاغ بأنها ضحية تمييز على أساس العمر، توضح الدولة الطرف أن العمر الأدنى لاستيفاء الشروط حدد صراحة بسن 60 عاما. واعتُبر أن تخفيض العمر الأدنى سيتناقض مع أهداف بطاقة المواطنين المسنين التي ترتبط بها أهداف بطاقة الشريك. وتقول الدولة الطرف إن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما بعيدون جدا عن الفئة العمرية المستهدفة للأشخاص الذين أنشئت البطاقة من أجلهم. وتذكّر الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ كان عمرها 44 عاما عندما قدمت طلبا للحصول على بطاقة شريك. وتتمسك الدولة الطرف كذلك بأسباب مالية لقصر بطاقة الشريك على شركاء لا تقل أعمارهم عن 60 عاما.

تعليقات المحامي

5 - يشير المحامي في تعليقاته إلى أن صاحبة البلاغ كانت طوال السنوات السبع الأخيرة ضحية للتمييز وأن إلغاء نظام العمل ببطاقة الشريك في 1 أيلول/سبتمبر 1999 لا يغير شيئا. ويشير المحامي، علاوة على ذلك، إلى أن إلغاء نظام العمل ببطاقة الشريك لا تترتب عليه أي آثار في حالة الذين يحملون الآن هذه البطاقة إذ يمكنهم الاحتفاظ بها ومواصلة استخدامها. ويدفع المحامي بأنه لومنحت صاحبة البلاغ بطاقتها عندما طلبتها، لكان سمح لها الآن بمواصلة استخدامها. ويقول المحامي إنه نظرا للقصد المنشود ببطاقة الشريك، المراد به تشجيع المتقاعد المتزوج على المشاركة الاجتماعية والثقافية، لا يمكن قبول أي قيد على العمر.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي دعوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تبت وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي في مقبولية هذه الدعوى شكلاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، وأن الدولة الطرف لم تثر أي اعتراضات على مقبولية الدعوى. وقد تحققت اللجنة أيضا من أن المسألة نفسها لا ينظر فيها حاليا بموجب إجراء آخر من الإجراءات الدولية للتحقيق أوالتسوية. لذا، تعتبر اللجنة أن البلاغ مقبول وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية.

7-1 ونظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ على ضوء جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها الطرفان على نحوما نصت عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وكانت صاحبة البلاغ ادعت بأنها ضحية تمييز على أساس العمر لأنها، بسبب عمرها الذي كان يبلغ 44 عاماً آنذاك (1993)، لم يكن لها الحق في بطاقة شريك التي لا تمنح سوى للشركاء الذين لا تقل أعمارهم عن 60 عاما. وتذكّر اللجنة بأن التفريق لا يعتبر تمييزاً إذا كان يُسند إلى معايير موضوعية ومعقولة. وترى اللجنة في الحالة المعروضة أمامها الآن إن قصر الحق في مختلف التعريفات المخفضة، على شركاء بلغت أعمارهم 60 عاما لمتقاعدين تزيد أعمارهم على 65 عاما، معيار موضوعي للتفريق، وأن تطبيق هذا التفريق في حالة صاحبة البلاغ لا يتجاوز حدود المعقول.

8 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في إطار الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها لا تنطوي على خرق لأي من مواد العهد.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليرية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو الأصل. ويصدر لاحقاً أيضا بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

عين - البلاغ رقم 857/1999، بلازيك وآخرون ضد الجمهورية التشيكية

الآراء المعتمدة في 12 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون *

المقدم من : السادة ميروسلاف بلازيك وجورج أ. هارتمان وجورج كريزيك

الشخص المدعى أنه ضحية: مقدمو البلاغ

الدولة الطرف : الجمهورية التشيكية

تاريخ تقديم البلاغ : 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997 (الرسالة الأولى)

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمرو، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليلي آهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد ايكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نيغيل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد ايفان شيرار، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

ويرد مرفق هذا نص رأي فردي لعضو اللجنة نيسوكو آندو.

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 12 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 857/1999 الذي قدمه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السادة ميروسلاف بلازيك وجورج أ. هارتمان وجورج كريزيك في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كل المعلومات الكتابية التي أتاحها لها مقدمو البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1 - مقدمو البلاغ (المؤرخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997 و13 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 و29 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 والمراسلات اللاحقة) هم السادة ميروسلاف بلازيك وجورج أ. هارتمان وجورج كريزيك من مواطني تشيكوسلوفاكيا الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة في 1948، وتجنسوا بعد ذلك بجنسية الولايات المتحدة. ويدعون أنهم كانوا ضحايا لانتهاك الجمهورية التشيكية لحقوقهم بمقتضى العهد، وخاصة المادة 26 منه. ولم يمثلهم محامٍ.

الوقائع كما عرضها مقدمو البلاغ

2-1 مقدمو البلاغ متجنسون بجنسية الولايات المتحدة، ولدوا في تشيكوسلوفاكيا وفقدوا الجنسية التشيكية بمقتضى معاهدة التجنس بين الولايات المتحدة وتشيكوسلوفاكيا التي تستبعد ازدواج الجنسية. وقد غادروا تشيكوسلوفاكيا بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة في 1948. وصودرت ممتلكاتهم في تشيكوسلوفاكيا فيما بعد بمقتضى لوائح المصادرة في 1948 و1955 و1959.

2-2 ويذكر السيد ميروسلاف بلازيك أنه حرم من ارثه، الذي يشمل عقارات في براغ وأراض زراعية في بلانا - نود - لوزنيتشي لأنه ليس مواطناً تشيكياً. وقدم صورة من خطاب تلقاه من محاميه في الجمهورية التشيكية يبلغه فيه بأنه لم يستطع تقديم دعوى في الظروف الحالية لأنه لا يستوفي شروط الجنسية التشيكية التي يتطلبها القانون الساري. غير أن عمه، وهو مواطن فرنسي وتشيكي، قدم طلباً باسمه وباسم مقدم البلاغ بشأن ملكية مشتركة في براغ، إلا أن الحكومة فصلت بين الحالتين وأنكرت على مقدم البلاغ نصيبه.

2-3 وولد جورج أ. هارتمان وهو مهندس معماري، في عام 1925 فيما كان يعرف حينئذ باسم الجمهورية التشيكوسلوفاكية، وهاجر إلى الولايات المتحدة في 26 كانون الأول/ديسمبر 1948، وحصل على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة ثم تجنس بجنسية الولايات المتحدة في 2 نيسان/أبريل 1958، وبذا أصبح غير مؤهل لازدواج الجنسية وفقاً لمعاهدة التجنس بين الولايات المتحدة وتشيكوسلوفاكيا في 1928، وحتى كانون الأول/ديسمبر 1948 كان هو وأخوه جان (الذي أصبح فيما بعد مواطناً فرنسياً مع احتفاظه بالجنسية التشيكية) يمتلكان أربع شقق سكنية في براغ ومنزلاً ريفياً في زليزي.

2-4 وبمقتضى حكم صادر في 1 تموز/يوليه 1955 رأت محكمة كلاتوفي الجنائية أن السيد هارتمان قد غادر تشيكوسلوفاكيا بصورة غير مشروعة، وحكم عليه غيابيا، وصودرت ممتلكاته في تشيكوسلوفاكيا رسمياً عقاباً له على جريمة مغادرة تشيكوسلوفاكيا في عام 1948. وبمقتضى القانون 119/1990 الذي اعتمد بعد سقوط الحكومة الشيوعية أبطل تجريم مقدم الشكوى بسبب مغادرته البلاد بصورة غير مشروعة.

2-5 وسعى السيد هارتمان، بطلب قدمه في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1995 إلى استرداد ممتلكاته، لكن طلبه رفض لأنه لا يستوفي شرط الجنسية التشيكية. وحتى يستوفي السيد هارتمان اشتراطات قانون استرداد الملكية سعى إلى الحصول على الجنسية التشيكية طيلة سنوات. ومنذ 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1999 أصبح يحمل جنسيتين هما الجنسية التشيكية وجنسية الولايات المتحدة. وبالرغم من جنسيته التشيكية الحالية لم يستطع استرداد ممتلكاته لأن الفترة المحددة لتقديم طلبات الاسترداد انقضت في عام 1992.

2-6 ويذكر جورج كريزيك أن ممتلكات والديه، وبينها محل لبيع الدراجات بالجملة في براغ، ومزرعة حبوب ومعمل ألبان في أحد ضواحي براغ، وأرض زراعية في سستايوفتشي قد صودرت دون تعويض في عام 1948. وبعد وفاة والديه هرب من تشيكوسلوفاكيا وهاجر إلى الولايات المتحدة، حيث تجنس بجنسيتها في عام 1974. وفي نيسان/أبريل 1991 طالب بممتلكاته بمقتضى القانون رقم 403/1991. إلا أنه أبلغ أنه لكي يحق له الاسترداد ينبغي أن يطلب الجنسية التشيكية، وأن يقيم إقامة دائمة في الجمهورية التشيكية. وبالرغم من ذلك فقد تقدم ثانية بطلب عن طريق محاميه في براغ في عام 1994 دون نتيجة.

2-7 وبمقتضى حكم للمحكمة التشيكية العليا في 1994 ألغي اشتراط الإقامة الدائمة في دعاوى الاسترداد، إلا أن اشتراط الجنسية التشيكية ظل سارياً.

الشكوى

3-1 يدعي مقدمو البلاغ أنهم ضحايا لانتهاك الجمهورية التشيكية لحقوقهم بمقتضى العهد بالنسبة لمصادرة السلطات الشيوعية لممتلكاتهم، والموقف التمييزي لحكومات تشيكوسلوفاكيا الديمقراطية ثم للجمهورية التشيكية في تنفيذ الاسترداد. ويدعون أن الأثر المشترك للقوانين التشيكيـة 119/1990 (في 2 تشرين الأول/أكتوبر 1990) بشأن استرداد الملكية و87/1991 (في 21 شباط/فبراير 1991 ثم عدل فيما بعد) وقانون رد الاعتبار عن غير طريق القضاء 229/1991 (في 21 أيار/ مايو 1991) بشأن الممتلكات الزراعية و182/1993 (في 16 حزيران/يونيه 1993) بشأن إنشاء المحكمة الدستورية إلى جانب الموقف الذي تتخذه الحكومة التشيكية بالنسبة للجنسية التشيكية، كلها تميز ضد المهاجرين التشيك الذين فقدوا الجنسية التشيكية، ويمنعون اليوم من استرداد ممتلكاتهم.

3-2 ويستند مقدمو البلاغ إلى قرار اللجنة بشأن البلاغ رقم 516/1992 (سيمونيك ضد الجمهورية التشيكية) الذي رأت فيه اللجنة أن إنكار حق الاسترداد أو التعويض على مقدمي ذلك البلاغ لأنهم لم يعودوا مواطنين تشيك يمثل انتهاكاً للمادة 26 من العهد، آخذة في الاعتبار أن الدولة الطرف نفسها كانت هي المسؤولة عن رحيل المواطنين، وأنه ليس مما يتفق مع العهد مطالبتهم بالحصول ثانية على الجنسية والعودة للإقامة في البلاد كشرط لاسترداد ممتلكاتهم أو لدفع التعويض المناسب.

3-3 وادعى مقدمو البلاغ أن السلطات التشيكية، لكي تحبط مطالبات المهاجرين التشيك إلى الولايات المتحدة، اعتادت إثارة معاهدة 1928 بين الولايات المتحدة وتشيكوسلوفاكيا التي يشترط على كل من يطلب استعادة الجنسية التشيكية أن يتخلى أولاً عن جنسية الولايات المتحدة. ورغم أن المعاهدة قد نقضت في عام 1997 فإن كسب الجنسية التشيكية فيما بعد لا يؤهل مقدمي البلاغ، في نظر السلطات التشيكية، لإعادة المطالبة بالاسترداد لأن موعد تقديم طلبات الاسترداد قد انقضى.

3-4 ويشير مقدمو البلاغ هنا إلى حالة مواطنين أمريكيين آخرين طلبا من المحاكم التشيكية إصدار حكم بإلغاء اشتراط الجنسية من القانون 87/1991، إلا أن المحكمة التشيكية العليا، أكدت في حكمها US 33/96 أن اشتراط الجنسية دستوري.

3-5 كما يشكو مقدمو البلاغ من أن الدولة الطرف تنكر عليهم عمداً حق الانتصاف، وأنها طبقت نمطاً من التسويف والتغافل يرمي إلى إحباط مطالباتهم، وأن هذا يتناقض مع المادة 2 من العهد.

3-6 ويوضح أحد مقدمي البلاغ، وهو جورج أ. هارتمان، التمييز المدعى به بالإشارة إلى حالة أخيه جان هارتمان، الذي يحمل الجنسيتين التشيكية والفرنسية، والذي تمكن من استرداد النصف المستحق له من الممتلكات في براغ التي صودرت في عام 1948، وذلك بمقتضى حكم صادر في 25 حزيران/يونيه 1991، في حين رفض منح تعويض لمقدم البلاغ لأنه عند تقديم طلبه لم يكن مواطنا تشيكياً.

استنفاد وسائل الانتصاف المحلية

4-1 يدعي مقدمو البلاغ أنه لا توجد في حالاتهم وسائل انتصاف محلية لأنهم غير مؤهلين بمقتضى قانون الاسترداد. وفضلاً عن ذلك فقد تعرضت دستورية هذا القانون للطعن من جانب مطالبين آخرين وأكدته المحكمة الدستورية التشيكية، ويشيرون بوجه خاص إلى النتائج التي توصلت إليها المحكمة الدستورية في القضية US 33/96 (جان دلوهي ضد الجمهورية التشيكية، قرار 4 حزيران/يونيه 1997) الذي يؤكد دستورية اشتراط الجنسية حتى يكون الشخص “ مؤهلاً ” بمقتضى قانون رد الاعتبار رقم 87/1991.

4-2 ويشكو مقدمو البلاغ من أنهم كرسوا منذ عام 1989 كثيراً من الوقت والمال في محاولات عقيمة لاسترداد ممتلكاتهم، سواء بالدخول في الإجراءات القضائية الرسمية أو بتقديم التماسات للوزراء والمسؤولين الحكوميين، بمن فيهم قضاة في المحكمة الدستورية، ومن بين ما استندوا إليه الميثاق التشيكي الخاص بالحقوق والحريات الأساسية.

النظر في جواز القبول وبحث الأسس الموضوعية

5-1 قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الإدعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وقد تحققت اللجنة بأن المسألة نفسها ليست مطروحة ولم يسبق أن طرحت أمام أي محفل دولي آخر للتحقيق أو التسوية.

5-3 وفيما يتعلق بالاشتراط الوارد في الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بأن يستنفد مقدمو البلاغات سبل الانتصاف المحلية تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تنازع حجة مقدمي البلاغ بأنه لا توجد في حالتهم سبل انتصاف محلية متاحة وفعالة، وبوجه خاص أنهم لا يستطيعون المطالبة بالاسترداد نتيجة الشروط المسبقة الواردة في القانون 87/1991. وفي هذا الصدد تلاحظ اللجنة أن مطالبين آخرين قد نازعوا دون جدوى في دستورية القانون المذكور، وأن الآراء السابقة للجنة في حالتي سيمونيك وآدم لم تنفذ، وأنه حتى بعد هذه الشكاوى فقد تمسكت المحكمة الدستورية بدستورية قانون الاسترداد. وفي ظل هذه الظروف تجد اللجنة أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تستبعد نظر اللجنة في بلاغات السادة بلازيك وهارتمان وكريزيك.

5-4 وفيما يتعلق بادعاء مقدمي البلاغ أنهم تعرضوا لمعاملة غير عادلة من جانب الدولة الطرف بالنسبة لمشروع الاسترداد والتعويض الذي بدأ نفاذه بعد نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف تعلن اللجنة مقبولية البلاغ بقدر ما يثير من مسائل بمقتضى المادتين 2 و26 من العهد.

5-5 وبالتالي تبدأ اللجنة النظر في الأسس الموضوعية للدعوى على ضوء المعلومات التي أمامها، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ أنها تلقت معلومات كافية من مقدمي البلاغ لكنها لم تتلق أي رسالة من الدولة الطرف. وفي هذا الصدد تعلن اللجنة أن الدولة الطرف ملزمة بمقتضى الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري بأن تتعاون مع اللجنة، وأن تقدم إيضاحات أو بيانات كتابية توضح المسألة، وأي انتصاف منح، إن وجد.

5-6 وفي غياب أي رسالة من الدولة الطرف يجب على اللجنة أن تعطي الوزن الواجب لرسائل مقدمي البلاغ. كما استعرضت اللجنة آراءها السابقة في الحالة رقـم 516/1993، السيدة ألينا سيمونيك وآخرون ورقـم 586/1994، السيد جوزيف آدم. ويتعين على اللجنة عند تحديد ما إذا كانت شروط الاسترداد أو التعويض تتمشى مع العهد أن تنظر في كل العوامل ذات الصلة، بما فيها الحق الأصلي لمقدمي البلاغ في الممتلكات المعنية. وفي هذه الحالات المحددة تأثر مقدمو البلاغ بالأثر الاستبعادي للاشتراط الوارد في القانون 87/1991 بأن يكون المطالبون من المواطنين التشيك، ومن ثم فإن المسألة المطروحة على اللجنة هي هل اشتراط الجنسية يتمشى مع المادة 26. وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة ثانية أنه ليست كل تفرقة في المعاملة تعتبر تمييزية بمقتضى المادة 26، فالتفرقة التي تتمشى مع أحكام العهد وتستند إلى أسس معقولة لا تعتبر تمييزاً محظوراً بالمعنى الوارد في المادة 26.

5-7 وفي حين أن معيار الجنسية معيار موضوعي فإن على اللجنة أن تقرر في ظروف هذه الحالات ما إذا كان تطبيق هذا المعيار على مقدمي البلاغ معقولاً.

5-8 وتذكّر اللجنة بآرائها في حالتي ألينا سيمونيك ضد الجمهورية التشيكية وجوزيف آدم ضد الجمهورية التشيكية حيث قررت أن المادة 26 قد انتهكت: “ إن مقدمي البلاغات في هذه الحالة وكثيرين آخرين في أوضاع مشابهة قد غادروا تشيكوسلوفاكيا بسبب آرائهم السياسية، وسعوا إلى اللجوء في بلدان أخرى نتيجة الاضطهاد السياسي، حيث استقروا في النهاية في موطن دائم وحصلوا على جنسية جديدة. وإذا أخذ في الاعتبار أن الدولة الطرف نفسها مسؤولة عن مغادرتهم فلن يكون متمشياً مع العهد اشتراط حصولهم على الجنسية التشيكية كشرط لاستردادهم لممتلكاتهم (CCPR/C/57/D/586/1994، الفقرة 12-6). وترى اللجنة أن السابقة التي أرسيت في قضية آدم تنطبق على مقدمي هذا البلاغ. وتضيف اللجنة أنها لا تستطيع أن تتصور اعتبار التمييز على أساس الجنسية تمييزاً معقولاً على ضوء حقيقة أن فقدهم للجنسية التشيكية كان نتيجة لوجودهم في دولة تمكنوا من الحصول على ملجأ فيها.

5-9 وفضلاً عن ذلك، وفيما يتعلق بالحدود الزمنية ففي حين أن اشتراط الحدود قد يكون، بصورة مجردة، موضوعياً وحتى معقولاً فإن اللجنة لا تستطيع أن تقبل هذا الحد الزمني لتقديم طلبات الاسترداد في حالة مقدمي البلاغ، لأنهم كانوا بنص قانوني صريح مستبعدين من نظام الاسترداد منذ البداية.

آراء اللجنة

6 - ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بمقتضى الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 26 بالنسبة السادة بلازيك وهارتمان وكريزيك.

7 - ووفقاً للفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد تلتزم الدولة الطرف بأن توفر لمقدمي البلاغ سبيل انتصاف فعال، يشمل فرصة تقديم طلب جديد للاسترداد أو التعويض. كما تشجع اللجنة الدولة الطرف على مراجعة ممارساتها التشريعية والإدارية لضمان ألا يستتبع القانون أو تطبيقه انتهاكاً للمادة 26 من العهد.

8 - وتذكّر اللجنة، كما فعلت بالنسبة لآرائها السابقة بشأن حالتي ألينا سيمونيك وجوزيف آدم بأن الجمهورية التشيكية، حين أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لكل فرد في أراضيها أو خاضع لولايتها، الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر سبيل انتصاف فعال ويمكن إنفاذه في حالة ثبوت وجود انتهاك.

9 - وبهذا الصدد، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 90 يوماً بعد إحالة هذه الآراء إلى الدولة الطرف، معلومات عن التدابير التي اتخذت لإنفاذ آرائها. كما تطلب من الدولة الطرف أن تترجم آراء اللجنة إلى اللغة التشيكية وتنشرها.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير الحالي.]

تذييل

رأي منفرد لعضو اللجنة نيسوكي أندو

أشير إلى رأيي المنفرد المرفق بآراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في القضية رقم 586/1994: آدم ضد الجمهورية التشيكية.

[التوقيع] نيسوكي آندو

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير الحالي.]

فاء - البلاغ رقم 858/1999، بوكلي ضد نيوزيلندا

الآ راء ا لم عتمد ة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

مقدم من : السيدة مارغريت بوكلي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ : 21 أيلول/سبتمبر 1998 (الرسالة الأولى)

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التالية أسماءهم: السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ن. باغواتي، السيدة كريستين شانيه، اللورد كولفيل، السيدة اليزابيث إيفات، السيدة بيلار جياتان دي بومبو، السيد لويس هانكين، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتسمر، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد مارتين شاينين، السيد هيبوليتو سولاري ايريغوين، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين، السيد عبد الله زاخيا.

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرهـا في البلاغ رقم 858/1999 الذي قدمته السيدة مارغريت بوكلي إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في إطـار البروتوكـول الاختيـاري الملحـق بالعهـد الدولي الخاص بالحقـوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات الكتابية التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1 - صاحبة البلاغ هي مارجريت بوكلي وهي مواطنة بريطانية/نيوزيلندية. وتدعي أنها ضحية لانتهاك نيوزيلندا للمواد 17 و18 و23 و24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولم يمثل صاحبة البلاغ محام.

الوقائع كما قدمتها صاحبة البلاغ

2-1 في عام 1994 صدر حكم بسحب أطفال صاحبة البلاغ الستة من حضانتها (الذين كانت تتراوح أعمارهم في ذلك الوقت ما بين ثماني سنوات وسنة واحدة)، بدعوى عدم قدرتها على رعايتهم على النحو المناسب.

2-2 وفي آب/أغسطس 1997 قدمت صاحبة البلاغ طعناً أمام محكمة الاستئناف في الحكم الذي أصدرته محكمة الأسرة في نيوزيلندا الذي حرمت بموجبه من حقوقها في حضانة أطفالها. وفي 25 شباط/فبراير 1998 أكدت محكمة الاستئناف الحكم الذي أصدرته محكمة الأسرة. ورفض طلب صاحبة البلاغ بالسماح لها بتقديم طعن أمام المجلس الملكي الخاص في الحكم الصادر في شباط/فبراير 1998. وبالرغم من ذلك سافرت السيدة بوكلي إلى المملكة المتحدة واستطاعت الحصول على جلسة للنظر في قضيتها في أيار/مايو 1998 أمام اللجنة القضائية للمجلس الملكي الخاص. ورفض طعنها.

الشكوى

3-1 تزعم صاحبة البلاغ أن إسقاط حقوقها في الوصاية على أطفالها الستة يعتبر انتهاكاً للمادتين 17 و23 من العهد إذ إن ذلك يشكل حسبما تزعم تدخلاً تعسفياً في ممارسة حقوقها كأم. وترى صاحبة البلاغ أنه بغض النظر عن الأوضاع التي كان الأطفال يعيشون فيها معها فإن من حقها كأم أن تعيش مع أطفالها وأنه لا يوجد أي سبب يفصل الأطفال عن حضانتها.

3-2 وتزعم أن السلطات قد تدخلت في شؤون حياتها الخاصة وأبعدت الأطفال عنها لأنها قد اعتنقت المسيحية حديثاً وبالتالي فإن القرار بفصل الأطفال يشكل انتهاكاً للمادة 18.

3-3 وتزعم صاحبة البلاغ كذلك أن المادة 24 من العهد قد انتهكت فيما يتعلق بأطفالها الستة إذ إن فصلهم عنها يحرمهم من حقوقهم للحصول على رعاية أمهم الطبيعية.

ملاحظات الدولة على جواز قبول البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 لاحظت الدولة الطرف في ملاحظاتها بشأن كلاً من جواز قبول وموضوع البلاغ المؤرخ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1999 أن سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت فيما يخص هذه الدعوى.

4-2 غير أنها تدفع بأن البلاغ غير مقبول إذ إن مزاعم صاحبة البلاغ لم تثبتها مستندات فيما يتعلق بالادعاءات بموجب المواد 17 و18 و23 و24 من العهد. وفيما يتعلق بالمادة 24 تدفع الدولــة الطرف بأن صاحبة البلاغ لا تمثل أطفالها كما أنها لم توضح كيف انتهكت حقوقهم.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن مزاعم صاحبة البلاغ غامضة وغير دقيقة. وفيما يتعلق بالمواد 17 و18 و23 تدفع بأن صاحبة البلاغ قد عجزت عن تعيين الانتهاكات المزعومة لتلك المواد بقدر كاف من التفصيل. والصيغة اللغوية العامة التي استخدمتها صاحبة البلاغ لا تكفل قدراً كافياً من التفصيل لتأييد مزاعمها. ولم تقدم أي أدلة داعمة فالشكوى تستند إلى مجرد تأكيدات صاحبة البلاغ. ووفقاً للدولة الطرف توضح الوثائق المقدمة أن العملية التي أقصي بموجبها الأطفال من حضانة الأم قد جرت وفقاً للقانون مع إجراء تقصي قانوني كامل. وبالتالي إن كل الادعاءات بانتهاك الحقوق المنصوص عليها في العقد تعتبر باطلة لعدم وجود أدلة مثبتة كافية.

4-4 وفيما يتعلق بالمزاعم في إطار المادة 24 تدفع الدولة الطرف بأن الشكوى غير مقبولـة بدعـوى أن المادة 24 تمنح حقوقاً لأشخاص غير صاحبة البلاغ نفسها وأن صاحبة البلاغ لا تقدم - سواء قصداً أو فعلاً - بلاغاً بالنيابة عن هؤلاء الأشخاص. وقد عرضت دعوى صاحبة البلاغ من منظورها الخاص وتتصل بانتهاك حقوقها. كما لا يمكن القول بأن البلاغ مقدم بالنيابة عن أطفالها. وفي حين أن المادة 90(1)(ب) تسمح بتقديم بلاغات دون إذن صريح من جانب أي ضحية مزعومة عندما يتضح أنه غير قادر على تقديم البلاغ بنفسه فإن الإجراء يتوخى تقديم بلاغ بالنيابة عن الأطفال أو من منظورهم. وهنا تركز صاحبة البلاغ فقط على حقوقها الخاصـة بدلاً من تقديم شكوى بالنيابة عن الأطفال بدعوى انتهاك حقوقهم على النحو المتوخى بموجب المادة 90(1)(ب). وعلاوة على ذلك فإن صاحبة البلاغ قد عجزت عن تقديم أدلة على النحو الذي تقتضيه المادة تثبت السبب في أنه يستحيل على أطفالها أن يقدموا بأنفسهم الشكوى.

5-1 وبصدد صلب الدعوى تدفع الدولة الطرف بأنه في حين أن البلاغ يحتوي على عدد من الإشارات إلى الدين فإن صاحبة البلاغ قد عجزت عن وصف الطريقة التي انتهكت بها حقوقها الدينية سواء بوجه عام أو بوصف الوقائع المحددة وصفاً جزئياً. وواقع أن أي شخص لديه عقائد دينية لا يمكن أن يعني - دون شيء آخر - أن انتهاك حق آخر يشكل أيضاً انتهاكاً للحق في الحرية الدينية. وبالتالي فإن الدولة الطرف تدفع بأن صاحبة البلاغ قد عجزت عن إظهار كيفية ارتباط المادة 18 بالدعوى وكيف انتهكت هذه المادة.

5-2 وتقول الدولة الطرف إن المادة 23 تعتبر ضماناً مؤسسيا لوحدة “ الأسرة ” بهذا المعنى. وفي حين أن أوجه الحماية من التدخل التعسفي وغير المشروع في شؤون الأسرة على النحو الوارد في المادتين 17 و 23 لها غرض مختلف إذ إنها تقتضي من الدول الاعتراف بالأسرة باعتبارها الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع وأن تمنحها اعترافاً قانونياً مناظراً. وقانون نيوزيلندا يمنح الوحدة الأسرية اعترافاً واسع النطاق وهناك مجموعة شاملة من القوانين المنظمة لحقوق والتزامات الأسر وأفرادها في مجموعة متنوعة من الظروف ابتداء من التعليم إلى المستحقات المالية لإعالة الأطفال وصولاً إلى الآثار المترتبة على الانفصال والطلاق. ولم توضح صاحبة البلاغ بأي حال من الأحوال كيف يقصر قانون نيوزيلندا عن الوفاء بهذا الالتزام المؤسسي العام.

5-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 17 تسلم الدولة الطرف بأن إسقاط حق حضانة الأطفال يمكن أن يشكل تدخلاً؛ غير أنها تدفع بأنه في هذه الدعوى لم تكن الإجراءات غير مشروعة ولا تعسفية وأن الغرض من التدخل مشروع ضمن إطار المعنى المقصود في العهد وخصوصاً بوضع المادة 24 في الاعتبار. وفي هذا الخصوص تدفع الدولة الطرف بأن نقل حضانة الأطفال في حالة صاحبة البلاغ قد جرى بطريقة تتفق اتفاقاً تاماً مع القانون. فأولاً بذلت جهود لمساعدة الأسرة لم تتضمن إقامة إجراءات أمام المحاكم. وعقد الأخصائيون الاجتماعيون اجتماعات غير رسمية مع الأسرة لتناول مصالح الأطفال بما يتفق مع فلسفة الحد الأدنى من التدخل وبهدف توفير الإمكانيات للأسرة. واتفق على تدعيم شبكة دعم الأسرة الأوسع نطاقاً وزيادة نطاق الرعاية الصحية المقدمة واتصالات العمل الاجتماعي مع الأطفال وكفالة المزيد من المعلومات المرتدة المنتظمة. وعندما ثبت عدم كفاية هذه الخطوات في ضوء ازدياد عجز صاحبة البلاغ عن توفير الرعاية لأطفالها عقد مؤتمر جماعي للأسرة ووافق المؤتمر الذي ضم ثمانية من أفراد الأسرة على توصية المحكمة بإصدار إعلان بوضع الأطفال في رعاية أفراد الأسرة. غير أن قدرة صاحبة البلاغ على رعاية أطفالها لم تتحسن للأسف وتأكد القرار بإيداع الأطفال لدى موفري الرعاية بموجب جلسات لإعادة النظر القانونية المنتظمة والطعن الذي قدمته صاحبة البلاغ في قرارات المحكمة(1).

5-4 وتقول الدولة الطرف إن التدخل لم يكن تعسفياً بل إنه أجري مع إيلاء الاعتبار الواجب لما إذا كان فعل الإنفاذ المحدد “ له غرض يبدو مشروعاً على أساس العهد ككل وما إذا كان يمكن التنبؤ به من زاوية حكم القانون وخصوصاً ما إذا كان معقولاً (متناسبا) مقارنة بالغرض المراد تحقيقه ” (2) .

5-5 وتلاحظ الدولة الطرف أنه وفقاً للقانون الخاص بالأطفال والناشئين وأسرهم لسنة 1989 لا يجوز بوجه عام التدخل دون إخطار أو بصورة مفاجئة. ويعقد مؤتمر جماعي للأسرة لمناقشة الخيارات المتاحة قبل أي لجوء لإصدار قرار من المحكمة كما حدث في هذه الحالة. ويرد في المادة 14 من القانون مستوى التدخل الذي يحدد الاختصاص بالنسبة لأي قرار تصدره المحكمة ويتضمن ما يلي:

“ يكون أي طفل أو ناشئ بحاجة إلى رعاية أو حماية إذا (أ) كان الطفل أو الناشئ يتعرض أو من المحتمل أن يتعرض للإيذاء (سواء بدنياً أو عاطفياً أو جنسياً) أو يعامل معاملة سيئة أو يساء إليه أو يتعرض لحرمان شديد؛ أو (ب) كان نمو الطفل أو الناشئ أو صالحه البدني أو العقلي أو العاطفي يتعرض أو من المحتمل أن يتعرض للضرر أو الإهمال وكان هذا الضرر أو الإهمال أو من المحتمل أن يكون شديداً ويمكن تجنبه؛ أو

(و) كان الآباء أو الأوصياء أو الأشخاص الآخرون الذين تعهد إليهم مسؤولية رعاية الطفل أو الناشئ غير مستعدين أو غير قادرين على رعاية الطفل أو الناشئ؛ ” .

5-6 وتذهب الدولة الطرف إلى أنه في حين أن هذه العبارات بصيغتها الراهنة فضفاضة فليس من الممكن التعبير بصيغة أكثر تحديداً أو دقة بالنظر إلى الطابع المتغير للظروف التي يُقصد أن تتناولها. وفي إطار التشريع النيوزيلندي تتاح مجموعة واسعة النطاق من أوجه الحماية الإجرائية قبل إصدار إعلان وكذلك بشأن مختلف آليات الطعن والاستئناف التي تتبعه. وتشمل هذه الإجراءات الحق في المثول أمام المحكمة فيما يتعلق بتطبيق الرعاية والحماية وإجراء عمليات إعادة نظر منتظمة لترتيبات الرعاية ومنح الحق في التقدم بطلب لمراجعة الأوامر الصادرة. وعلاوة على ذلك فإن القانون الخاص بالأطفال والنشء وأسرهم يكفل أن يكون التدخل في شؤون الأسرة متناسباً مع الغايات المراد تحقيقها. ولا يحدث أي تدخل قضائي إلا كملاذ أخير إذا اقتنعت المحكمة أنه من غير العملي أو المناسب توفير الرعاية أو الحماية للطفل أو الناشئ بأي طرق أخرى، ولدى النظر في إصدار أوامر تهتدي المحكمة بمبادئ أن تزود الوحدة الأسرية بالإمكانات التي تسمح لها باتخاذ قرارات مناسبة وأن إبعاد أي طفل أو ناشئ عن أحد والديه هو الملاذ الأخير. ويكون لرفاه ومصالح الطفل أو الناشئ الاعتبار الأول والأسمى.

5-7 وتزعم الدولة الطرف أنه عندما أصدرت المحكمة أول الأمر إعلانها في تشرين الأول/أكتوبر 1992 بأن الأطفال بحاجة إلى رعاية وحماية فإن المحكمة كانت تنفذ في الواقع النتائج التي اتفقت عليها من قبل الأسرة والأخصائيون الاجتماعيون في المؤتمر الجماعي للأسرة. ووضعت أكبر بنتين تحت رعاية جدتهما من جانب الأم ووضعت بنت أخرى في رعاية خالتها وخالها. أما بقية الأطفال فقد أودعوا لدى موفري خدمات يعيشون بالقرب من الأم. واحتفظت صاحبة البلاغ بحقوق الوصاية التي يتعين ممارستها بالاشتراك مع حقوق الوصاية الإضافية التي مُنحت لموفري الرعاية. وقد تغير ذلك الوضع في كانون الأول/ديسمبر 1997 عندما وُضع الأطفال على إثر الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا في 18 آب/أغسطس 1997 تحت الوصاية المنفردة للمدير العام للرعاية الاجتماعية الذي قام بالفعل بإيقاف حقوق صاحبة البلاغ في الوصاية. وعلى الرغم من تعليق الوصاية فإن صاحبة البلاغ مُنحت مع ذلك حقوق الوصول بصورة منتظمة لأطفالها شريطة أن تتلقى مشورة طبية، الأمر الذي امتنعت عن القيام به. وأجريت عملية إعادة نظر منتظمة في حالة الأطفال وفقاً للقانون. وفي 25 شباط/فبراير 1998 رُفض الطعن المقدم من صاحبة البلاغ في الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ قد انتفعت انتفاعاً تاماً بالآليات القائمة لإعادة النظر في حالة أطفالها المذكورة أعلاه. غير أنها عجزت في كل مناسبة عن تقديم أو أن يقدم بالنيابة عنها أي أدلة من شأنها أن تبين أن هناك تغيُّراً كافياً في قدرتها على رعاية أطفالها يبرر عودتهم إلى حضانتها. والواقع أن ثقل الأدلة كان لغير صالحها أي أن عودة الأطفال إلى حضانة صاحبة البلاغ ليس في مصلحة الأطفال الفضلى ومن شأنه أن يعرِّض رفاههم للصدمات ويُلحق بهم الضرر. وقد جرى الاستماع إلى ثمانية عشرة شاهداً في الجلسة الرئيسية لنظر المحكمة العليا في القضية التي عُقدت في آب/أغسطس 1997.

5-8 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحبة البلاغ قد أتيحت لها كل الفرص لمساعدة الأخصائيين والمحكمة على تقييم قدرتها بصورة أفضل على أن تكون حاضنة لأطفالها غير أنها رفضت التعاون في كل مرة. وتدفع الدولة الطرف بأن التدخل كان ضرورياً ومعقولاً وأن الآليات التي تضمن الحماية القائمة قد أكدت تناسب هذه العملية.

6 - وأبلغت صاحبة البلاغ الأمانة أنه لا يوجد لديها أي شيء آخر تضيفه على تعليق الدولة الطرف. وقررت أن حقوقها بموجب العقد قد انتُهكت.

المسائل والإجراءات المطروحة على اللجنة

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وفيما يتعلق باقتضاء استنفاد سبل الانتصاف المحلية تقول الدولة الطرف إنه برفض اللجنة القضائية للمجلس الملكي الخاص لدعوى صاحبة البلاغ تكون جميع سبل الانتصاف المحلية في مفهوم البروتوكول الاختياري قد استُنفدت بالفعل.

7-3 وفيما يخص ادعاء صاحبة البلاغ بأنها تعرضت لانتهاك حقها في حرية اعتناق الدين الذي تكفله المادة 18 من العهد إذ أنها تزعم أن السبب في حرمانها من أطفالها هو أنها قد اعتنقت المسيحية حديثاً، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قد عجزت عن إثبات هذا الادعاء بأدلة كافية لأغراض القبول. ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - وترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ المتبقية مقبولة وتشرع في النظر في موضوع هذه الادعاءات في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان كما تقتضي الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-1 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ بموجب المادة 17 من العهد تلاحظ اللجنة المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف فيما يخص الإجراءات الواسعة النطاق التي اتُّبعت في قضية صاحبة البلاغ. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الوضع يخضع لاستعراض منتظم وأن صاحبة البلاغ قد أتيحت لها الفرصة للحفاظ على حق الوصول إلى أطفالها. وفي ظل الظروف ترى اللجنة أن التدخل في الشؤون الأسرية لصاحبة البلاغ لم يكن غير مشروع أو تعسفياً وبالتالي فإنه لا يمثل انتهاكاً للمادة 17 من العهد.

9-2 وادعت صاحبة البلاغ أيضاً وقوع انتهاك للمادة 23 من العهد. وتدرك اللجنة مدى أهمية ووزن اتخاذ قرار بالفصل بين الأم والأطفال غير أنها تلاحظ أن المعلومات المعروضة عليها توضح أن سلطات ومحاكم الدولة الطرف قد نظرت بكل اهتمام في جميع المعلومات المقدمة إليها واتخذت قراراتها واضعة في اعتبارها مصلحة الأطفال المثلى وأنه لا يوجد أي دليل يثبت أنها أخلَّت بواجباتها لحماية الأسرة كما تقتضي المادة 23.

9-3 وفيما يخص الانتهاك المزعوم للمادة 24 من العهد ترى اللجنة أن الحجج التي قدمتها صاحبة البلاغ وكذلك المعلومات المعروضة عليها لا تثير أي مسائل تفترق عن الاستنتاجات المذكورة أعلاه.

10 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك أي من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيجري في وقت لاحق ترجمته بالروسية والصينية والعربية، وإصداره كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

الحواشي

(1) قامت الدولة الطرف بتقديم نسخ من مختلف قرارات المحكمة في هذه القضية (وهو ملف يحتوي على 255 صفحة من الوثائق الداعمة).

(2) وردت الإشارة إلى تعليق اللجنة العام رقم 16 المؤرخ في 8 نيسان/أبريل 1988 على المادة 24 حيث رئي أن: "المقصود بإدراج مفهوم التعسف هو ضمان أن يكون التدخل الذي يسمح به القانون موافقاً لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون في جميع الحالات معقولاً بالنسبة للظروف المعينة التي يحدث فيها."

صاد - البلاغ رقم 869/1999 بيانديونغ وآخرون ضد الفلبين

الآراء المعتمدة في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد ألكسندر بادييا

والسيد ريكاردو سونغا، (المحاميان)

الأشخاص المدعون بأنهم ضحايا : السيد دانتي بيانديونغ، والسيد خيسوس مورايوس، والسيد آرشي بولان (المتوفون)

الدولة الطرف: الفلبين

تاريخ تقديم البلاغ: 15 حزيران/يونيه 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق ال إ نسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 869/1999 المقدم اليها من السيد ألكسندر بادييا والسيد ريكاردو سونغا في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة،

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التالية أساءهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ن. باغواتي، السيدة كريستين شانيه، اللورد كولفيل، السيدة اليزابيث إيفات، السيدة بيلار جياتان دي بومبو، السيد لويس هانكين، السيد إيكارت كلارين، السيد ديفيد كريتسمر، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد مارتن شاينين، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ماكسويل يالدين، السيد عبد الله زاخيا. ويرد رفق هذا نص رأيين فرديين مخالفين لرأي اللجنة، بتوقيع أربعة أعضاء.

وقد أخذت في اعتبارها كافة المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها مقدما البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 مقدما البلاغ هما ألكسندر بادييو و ريكاردو سونغا. وقد قدما البلاغ بصفتهما محاميين عن السيد دانتي بياندونغ والسيد خيسوس مواريوس والسيد آرشي بولان، الذين ادعوا بأنهم ضحايا انتهاكـات الفلبين للمواد 6 و7 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

1-2 في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، أُدين السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان بتهمتي السرقة والقتل وصدر ضدهم حكم بالإعدام من المحكمة الاقليمية في مدينة كالوكان. ورفضت المحكمة العليا الاستئناف وأيدت الإدانة والعقوبة بموجب حكمها المؤرخ في 19 شباط/فبراير 1997. وفي 3 آذار/مارس 1998 رُفضت التماسات أخرى بإعادة النظر. وبعد أن تقرر تنفيذ حكم الإعدام في 6 نيسان/ابريل 1999، أصدر مكتب الرئيس في 5 نيسان/ابريل 1999 قرارا بتأجيل التنفيذ لمدة ثلاثة شهور. غير أنه لم يصدر أي عفو؛ وفي 15 حزيران/يونيه 1999، قدم المحاميان بلاغا الى اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري.

1-3 وفي 23 حزيران/يونيه 1999 قضت اللجنة من خلال مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة بإحالة البلاغ الى الدولة الطرف وطلبت منها تزويدها بمعلومات وملاحظات فيما يتعلق بكل من مقبولية البلاغ ووقائع الدعوى، عملا بنص الفقرة 2 من المادة 91 من النظام الداخلي للجنة. وطلبت اللجنة كذلك من الدولة الطرف أن تمتنع، طبقا للمادة 86 من النظام الداخلي للجنة، عن تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان طوال الفترة التي تنظر فيها اللجنة في حالتهم.

1-4 وفي 7 تموز/يوليه 1999 أبلغ المحاميان اللجنة بأنه قد صدر أمر بتنفيذ حكم الإعدام في السادة بيانديونغ ومورايس وبولان في 8 تموز/يوليه 1999. وبعد الاتصال بممثل الدولة الطرف لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف أبلغت اللجنة بأنه تقرر المضي في تنفيذ الحكم حسبما كان مقررا على الرغم من الطلب الذي أبدته اللجنة بموجب المادة 86، لأن الدولة الطرف رأت أن السادة بيانديونغ ومورايس وبولان حصلوا على محاكمة عادلة.

1-5 وقدم محاميا السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان طلبا الى المحكمة العليا باستصدار أمر مانع للتنفيذ؛ ورفضت المحكمة الطلب في 8 تموز،يوليه 1999. والتقى المحاميان شخصياً بوزير العدل والتمسا منه عدم تنفيذ حكم الإعدام بالنظر الى الطلب المقدم من اللجنة بعد ظهر يوم 8 تموز/يوليه 1999. غير أن السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان أُعدموا بحُقن مميتة.

1-6 وبموجب قرار مؤرخ في 14 تموز/يوليه 1999، طلبت اللجنة من الدولة الطرف إيضاحات بشأن ظروف تنفيذ حكم الإعدام. وفي 21 تموز/يوليه 1999، عقد المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة ونائب رئيسة اللجنة اجتماعا مع ممثل الدولة الطرف.

الشكوى

2-1 أفاد المحاميان بأنه تم إلقاء القبض على السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان في 27 شباط/فبراير 1994 بناء على شبهات بأنهم اشتركوا، في 21 شباط/فبراير 1994، في سرقة راكبي سيارة "جيب" في مدينة كالوكان؛ وقتل أحد ركاب السيارة، وهو ضابط شرطة، أثناء عملية السرقة. وفي مخفر الشرطة تعرَّض السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان للكمات في بطونهم لإجبارهم على الاعتراف، ولكنهم رفضوا. وعُرض هؤلاء الأشخاص ومعهم آخرون على شهود العيان ولكنهم لم يتعرفوا عليهم بصفتهم السارقين. وبعد ذلك احتجزتهم الشرطة في قاعة لا يوجد فيها سواهم وطلبت من شهود العيان التعرف عليهم. ولم يحضر أي محام لمساعدة المتهمين. وفي المحاكمة أدلى المتهمون بأقوالهم بعد حلف اليمين ولكن القاضي قرر عدم الأخذ بشهاداتهم نظرا لعدم مضاهاتها بشهادات مكملة مستقلة.

2-2 ويشكو المحاميان كذلك من أن عقوبة الإعدام وقعت بدون وجه حق لأن القاضي اعتبر أن هناك ظرفا مشددا لكون الجريمة ارتُكبت بأيدي أكثر من ثلاثة أشخاص مسلحين. ولكن هذا الظرف، طبقا لما ذكره المحاميان، لا يوجد إثبات له بما لا يدع مجالا للشك. وعلاوة على ذلك، أفاد المحاميان بأنه كان ينبغي للقاضي أن يضع في اعتباره الظرف المخفف وهو أن المتهمين الثلاثة، السادة بيانديونغ ومورايس وبولان، سلَّموا أنفسهم للشرطة دون مقاومة.

2-3 ويقول المحاميان أيضا إن شهادات شهود العيان لا تستحق أن يُعتد بها لأن شهود العيان أصدقاء مقربون للمجني عليه وأن وصفهم لمرتكبي الجريمة لا يطابق المظهر الفعلي للسادة بيانديونغ ومورايس وبولان. ويقول المحاميان أيضا إن القاضي أخطأ عندما استبعد من الأدلة مسألة الدفع بغياب المتهمين عن موقع الجريمة، التي ساقها الدفاع.

2-4 وفي الختام، يشكو المحاميان من أن عقوبة الإعدام هي عقوبة غير دستورية في هذه القضية وأنه لا ينبغي توقيعها إلا على أبشع الجرائم.

ملاحظات الدولة الطرف

3-1 في رسالة مؤرخة في 13 تشرين الأول/اكتوبر 1999، ذكرت الدولة الطرف أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت بصدور حكم المحكمة العليا في 3 آذار/مارس 1998 الذي رفضت بموجبه جميع التماسات إعادة النظر. وكان يمكن للمدانين ومحامييهم أن يتقدموا في ذلك التاريخ ببلاغ الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان. ولكنهم لم يفعلوا ذلك بل انهم كتبوا الى رئيس الجمهورية طالبين استخدام الرأفة. وفي 6 نيسان/ابريل 1999، منح الرئيس مهلة 90 يوما ليتسنى فيها النظر في طلب العفو. وعُرض الطلب على اللجنة الرئاسية لإعادة النظر، المؤلفة من وزير العدل والأمين التنفيذي وكبير مستشاري الرئيس. وبعد بحث القضية بتعمق، رأت اللجنة أنه لا يوجد سبب وجيه لتوصي الرئيس بممارسة حقه بهذا الصدد. وفسرت الدولة الطرف ذلك بأن سلطة الرئيس في منح العفو لا يجوز أن تناقض حكم المحكمة العليا أو تعيد النظر فيه. ذلك أن منح العفو يفترض مسبقا أن يكون حكم المحكمة صحيحا وأن ما يفعله الرئيس هو مجرد ممارسة سلطته في العفو. وفي نظر الدولة الطرف أن المدانين، حين لجأوا الى سلطة الرئيس، قد قبلوا حكم المحكمة العليا. وترى الدولة الطرف أنهم، بفعلهم هذا، أصبح من غير الملائم لهم على الإطلاق العودة الى التماس سبيل للانتصاف أمام اللجنة المعنية بحقوق الانسان.

3-2 وقالت الدولة الطرف إن الرئيس كان سيمارس سلطته الدستورية في العفو عن المدانين اذا ثبت أن الفقر هو الذي دفعهم الى ارتكاب الجريمة. وفي رأي الدولة الطرف لا يمكن القول بأن الأمر كان كذلك في الجريمة المدان بها السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان. وبهذا الصدد، أشارت الدولة الطرف الى حكم المحكمة العليا الذي جاء فيه أن إطلاق الرصاص على ضابط الشرطة وهو في السيارة "الجيب" وما أعقبه من سرقة الضابط المصاب وأخيرا إطلاق الرصاص عليه مرة ثانية وهو يستغيث طالبا نقله الى المستشفى هي وقائع تنم عن الوحشية والقسوة وتستحق توقيع عقوبة الإعدام.

3-3 وفيما يتعلق بادعاء التعذيب، ذكرت الدولة الطرف أنه لم يرد ضمن أسباب الاستئناف أمام المحكمة العليا وبالتالي لم تنظر المحكمة في هذه المسألة. وأضافت الدولة الطرف قائلة إن المحكمة العليا تأخذ الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة بجدية شديدة وإنها، لو ثبت ذلك، لكانت قد أبطلت حكم المحكمة الأقل درجة.

3-4 وفيما يتعلق بادعاء عدم توافر المساعدة القانونية، قالت الدولة الطرف إن المتهمين حصلوا على المساعدة القانونية في جميع مراحل الدعوى والاستئناف. وفيما يتعلق بالحق في الحياة قالت الدولة الطرف إن المحكمة العليا حكمت بدستورية عقوبة الإعدام وطريقة التنفيذ.

3-5 وفيما يتعلق بالطلب الموجه من المحاميين الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان بأن تتخذ تدابير مؤقتة على نحو عاجل، قالت الدولة الطرف إن المحاميين لم يريا ضرورة التقدم بطلب الى اللجنة طوال السنة التي كان المدانون فيها ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بعد استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية. وحتى بعد أن قضى الرئيس بمنح مهلة 90 يوما، انتظر المحاميان نهاية تلك المهلة ثم قدما البلاغ الى اللجنة. وترى الدولة الطرف أن هذا التصرف من جانب المحاميين قد وضع النظام القضائي والاجراءات الدستورية في الفلبين موضع الاستهزاء.

3-6 وأكدت الدولة الطرف للجنة التزامها بأحكام العهد وقالت إن تصرفها لم يهدف الى إحباط اللجنة. وبهذا الصدد، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنه، بغية تحسين النظر في القضايا المعروضة على رئيس الجمهورية لطلب العفو، أُنشئ جهاز جديد هو اللجنة الرئاسية للالتزام الضميري المعنية بإعادة النظر في حالات الإعدام المقرر تنفيذها". ويرأس هذه اللجنة الأمين التنفيذي، وأعضاؤها هم: ممثل عن المشتغلين بالعلوم الاجتماعية، ممثل عن منظمة غير حكومية معنية بتنظيم حملات مكافحة الجريمة، وممثلان عن منظمات تابعة للكنيسة. وتضطلع اللجنة بمهمة ذات شقين: إعادة النظر في حالات المحكوم عليهم بالإعدام، مع مراعاة كل من الاعتبارات الانسانية ومقتضيات العدالة الاجتماعية، وتقديم توصية الى رئيس الجمهورية بشأن امكانية ممارسة سلطته في منح مهلة للتنفيذ أو تخفيف العقوبة، أو العفو.

تعليقات المحاميين

4-1 يحتج المحاميان بأن السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان اعتبروا اللجوء الى رئيس الجمهورية بمثابة سبيل انتصاف محلي يلزم استنفاده قبل تقديم بلاغهم الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان. ولذلك، كان من الملائم في رأيهم أن ينتظروا حتى يتضح أن العفو لن يُمنح. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة بأن العفو لم يصدر لأن الدافع وراء الجريمة لم يكن الفقر، رد المحاميان بأن السادة بيانديونع ومورايوس وبولان ظلوا ينفون أنهم ارتكبوا جريمة القتل أصلاً.

4-2 ورداً على حجة الدولة الطرف بأن التعذيب لم يرد كأحد أسباب الاستئناف، قال المحاميان إن السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان شهدوا، بعد حلف اليمين، أنهم تعرضوا لسوء المعاملة وأن المسألة عُرضت على المحكمة العليا بموجب الالتماس الاضافي لإعادة النظر. ورأى المحاميان أن سوء المعاملة كشف عن ضعف أدلة الادعاء لأنه لو كانت الأدلة قوية لما كان هناك داع للتعذيب. وفيما يتعلق بما ذكرته الدولة الطرف من أن المحكمة العليا تأخذ ادعاءات التعذيب بجدية شديدة، قال المحاميان إن الأمر ليس كذلك فيما يبدو، بما أن المحكمة العليا لم تتخذ أي إجراء بصدد القضية قيد النظر.

4-3 وردا على مقولة الدولة الطرف بأنه تم تعيين محام للمتهمين، قال المحاميان إن ذلك حدث عند بدء المحاكمة. ولكن قبل المحاكمة، وفي الوقت الحرج الذي تم فيه عرض المتهمين للتعرف عليهم، لم يكن هناك محام.

4-4 وفيما يتعلق بما ذكرته الدولة الطرف من أن المحكمة العليا قضت بدستورية عقوبة الإعدام وبطريقة تنفيذها، قال المحاميان إن حكم المحكمة العليا يستحق إعادة النظر فيه.

4-5 وفيما يتعلق بالطلب المقدم الى اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة، يؤكد المحاميان أن موكليهم لم يقدموا الطلب الى اللجنة إلا بعد استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، بما فيها التماس العفو. وقال المحاميان أيضا إن من الصعب أن يؤخذ قول الدولة الطرف بأنها ملتزمة بالعهد على محمل الجد بالنظر الى إصرارها الواضح على تنفيذ حكم الإعدام في السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان على الرغم من أن اللجنة طلبت اليها ألا تفعل ذلك.

عدم احترام الدولة الطرف لطلب اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة في اطار المادة 86

5-1 تقر كل دولة طرف في العهد، بانضمامها الى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الانسان في أن تتلقى وتنظر في بلاغات الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك أي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1). وثمة تعهد ضمني في انضمام دولة ما الى البروتوكول هو التعاون مع اللجنة بحسن نية بغية تمكينها من النظر في هذه البلاغات وكذلك، بعد انتهاء النظر فيها، إحالة آرائها الى الدولة الطرف والى مقدم البلاغ (المادة 5(1)، (4)). ويعتبر منافيا لالتزامات أي دولة طرف قيامها باتخاذ اجراءات من شأنها أن تمنع أو تبطل نظر اللجنة في البلاغ والتعبير عن آرائها.

5-2 وبصرف النظر عن أي اتهام بانتهاك العهد يوجه الى دولة طرف بموجب أحد البلاغات، فإن الدولة الطرف تكون قد ارتكبت مخالفات خطيرة لالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري إن هي تصرفت على نحو يمنع أو يبطل نظر اللجنة في بلاغ يدعي بحدوث انتهاك للعهد أو يجعل بحث اللجنة لهذا الأمر أو إبداء آرائها عديم الأثر ولا جدوى منه. وبصدد البلاغ قيد النظر، يدعي مقدمو البلاغ أن الضحايا المزعومين لم يحصلوا على حقوقهم المنصوص عليها في المادتين 6 و 14 من العهد. وبما أن الدولة الطرف قد أحيطت علما بالبلاغ، فإنها تعتبر قد أخلت بالتزامها بموجب البروتوكول حين نفَّذت حكم الإعدام في الضحايا المزعومين قبل أن تنتهي اللجنة من النظر في البلاغ وصياغة آرائها وإبلاغ هذه الآراء. وبصفة خاصة لا يوجد أي عذر على الإطلاق لما فعلته الدولة الطرف بعد أن تصرفت اللجنة بموجب المادة 86 وطلبت من الدولة الطرف الامتناع عن ذلك الفعل.

5-3 وتعرب اللجنة كذلك عن قلقها البالغ إزاء تفسير الدولة الطرف للاجراء الذي اتخذته. ولا تستطيع اللجنة قبول حجة الدولة الطرف بأنه لم يكن من الملائم أن يقدم المحاميان بلاغا الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان بعد تقديم طلب الى رئيس الجمهورية التماسا للعفو وبعد أن رُفض هذا الطلب. ولا يتضمن البروتوكول الاختياري على الإطلاق ما يقيد حق أي شخص يزعم أنه ضحية انتهاك حقوقه المنصوص عليها في العهد من أن يقدم بلاغا بعد رفض طلب الرأفة أو العفو؛ ولا يجوز للدولة الطرف أن تفرض، من جانب واحد، مثل هذا الشرط الذي يقيد كلا من اختصاص اللجنة وحق الشخص الذي يدعي أنه ضحية في أن يقدم بلاغا. وفضلا عن ذلك، فإن الدولة الطرف لم تقدم ما يدل على أن قبولها للطلب الذي وجهته اليها اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة كان سيؤدي الى إعاقة مسار العدالة.

5-4 إن التدابير المؤقتة التي تُتخذ عملا بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة المعتمد وفقا للمادة 39 من العهد ضرورية لاضطلاع اللجنة بدورها في إطار البروتوكول. وأي استهتار بالقاعدة، وبصفة خاصة من خلال تدابير يستحيل علاجها مثل إعدام الشخص الذي يدعي بأنه ضحية أو نفيه خارج البلد، يؤدي الى تقويض حماية الحقوق المنصوص عليها في العهد من خلال البروتوكول الاختياري.

المسائل وال إ جراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الانسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما اذا كان الادعاء مقبولا أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 لاحظت اللجنة أن الدولة الطرف لم تبد أي اعتراض على مقبولية البلاغ. ولا توجد، حسب علم اللجنة، أية عقبة تعترض سبيل مقبولية البلاغ وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع دون إبطاء في النظر في الموضوع.

7-1 وقد نظرت اللجنة المعنية بحقوق الانسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحتها لها الأطراف، حسبما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد ادعى المحاميان أن قيام الشرطة بعرض السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان على شهود العيان لم يتم بطريقة نظامية حيث لم يتعرف عليهم في المرة الأولى أي شاهد؛ وعقب ذلك، نقلتهم الشرطة الى إحدى القاعات ووجهت شهود العيان الى الإشارة اليهم بالتحديد. وقد رفضت المحكمة ادعاءهم بهذا الشأن، الذي لم يؤكده أي شاهد غير ذي مصلحة وموثوق به. وفضلا عن ذلك، اعتبرت المحكمة أن شهود العيان قد تعرفوا على المتهمين داخل قاعة المحاكمة وأن هذا التعرف يكفي. وتشير اللجنة الى قاعدة سبق لها أن أعلنتها وهي أن على المحاكم في الدول الأطراف، وليس على اللجنة، تقييم وقائع وأدلة كل قضية بعينها. وتنطبق هذه القاعدة كذلك على مسائل من قبيل مشروعية ومصداقية عملية التعرف على المتهمين. وعلاوة على ذلك، قضت محكمة الاستئناف، بعد النظر في الحجج القائلة بأن قيام الشرطة بعرض المتهمين على شهود العيان للتعرف عليهم لم يكن نظاميا، بأن التعرف على المتهمين تم على أساس تعرف الشهود عليهم داخل قاعة المحاكمة وأنها اعتبرت عرض الشرطة للمتهمين أمام شهود العيان غير ذي صلة. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لا يوجد أساس للقول بأن التعرف على المتهمين داخل قاعة المحاكمة يتنافى مع حقوقهم المنصوص عليها في المادة 14 من العهد.

7-3 وفيما يتعلق بالادعاءات الأخرى، وهي التعرض لسوء المعاملة أثناء التوقيف والأدلة ضد المتهمين ومصداقية شهود العيان، لاحظت اللجنة أن جميع هذه المسائل عُرضت على المحاكم المحلية، وأنها رفضتها. وتكرر اللجنة الاشارة الى القاعدة السابقة وهي أن على المحاكم في الدول الأطراف، وليس على اللجنة، تقييم وقائع وأدلة كل قضية بعينها وتفسير القوانين المحلية ذات الصلة. ولا توجد لدى اللجنة أية معلومات تفيد بأن أحكام المحاكم كانت تعسفية أو أنها تنافت مع إقامة العدل. وفي ظل هذه الظروف، رأت اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تدل على حدوث انتهاك للعهد بهذا الصدد.

7-4 وأحاطت اللجنة علما بالادعاء المقدم بالنيابة عن السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان أمام المحاكم المحلية بأن الحكم عليهم بالإعدام يعتبر انتهاكا لدستور الفلبين. وفي حين أنه ليس على اللجنة أن تنظر في المسائل المتعلقة بدستورية الأحكام، فإن موضوع الادعاء يطرح فيما يبدو أسئلة مهمة حول الحكم بالإعدام على السادة بيانديونغ ومورايوس وبولان، هي ما اذا كانت الجريمة التي أدينوا بها تعتبر أم لا تعتبر من أخطر الجرائـم كما تنص المادة 6 (2)، وما اذا كان تطبيق عقوبة الإعدام في الفلبين يتمشى مع التزامات الدولة الطرف بموجب المـادة 6 (1) (2) (6) من العهد. غير أن اللجنة ليست، بالنسبة للقضية الحالية، في موقف يسمح لها بمعالجة هذه المسائل بما أنها لم تتلق مذكرات بهذا الشأن لا من المحاميين ولا من الدولة الطرف.

8 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الانسان، عملا بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أنها لا تجد أساسا للقول بحدوث انتهاك لأي مادة من مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتؤكد اللجنة من جديد على ما توصلت اليه من أن الدولة ارتكبت مخالفة خطيرة لالتزاماتها بموجب البروتوكول حين نفذت حكم الإعدام في الأشخاص الذين زعموا أنهم ضحايا، وذلك قبل أن تنهي اللجنة النظر في البلاغ.

]اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيُترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية وسيصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي الى الجمعية العامة.[

تذييل

رأي منفرد للسيدة كريستين شانيه (يختلف جزئيا عن رأي اللجنة)

اختلف في الرأي مع اللجنة فيما يتعلق باستنتاج واحد من استنتاجاتها وهو أنه لم يحدث انتهاك للمادة 14 من العهد.

وأرى أنه ينبغي، في الجرائم التي يعاقَب عليها بالإعدام، اشتراط حضور محام في جميع مراحل الدعوى، بصرف النظر عما اذا كان المتهم قد طلب ذلك أم لم يطلب، وعما اذا كانت المحكمة المختصة قد قبلت التدابير المتخذة في مرحلة التحقيق بوصفها أدلة.

وبما أن الدولة الطرف لم تعين محاميا للمتهمين في مرحلة عرضهم على الشهود للتعرف عليهم، فينبغي القول، في رأيي، بأنه قد حدث انتهاك للمادتين 14-3(ب) و 14-3 (د) و 6.

(توقيع) كريستين شانيه

]حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيُترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية ويصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.[

رأي منفرد للسيدة اليزابث إيفات والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا

(يختلف جزئيا عن رأي اللجنة)

نحن لا نتفق مع اللجنة في الاستنتاج الذي توصلت اليه بشأن الادعاء بأن عملية عرض المتهمين على شهود العيان للتعرف عليهم لم تكن نظامية. وذكر مقدما البلاغ ادعاءات تثير الشك في عدالة الاجراءات وخاصة بالنظر الى أن هذا العرض تم بدون حضور محام. وقد أشارت المحكمة الى تلك الادعاءات ولكنها رفضتها على أساس أنها ليست مضطرة الى الاعتماد على عرض المتهمين على شهود العيان للتعرف عليهم وأن أية مشكلة مرتبطة بهذا العرض قد تم التغلب عليها من خلال تعرف شهود العيان على المتهمين أثناء المحاكمة. بيد أن ما جرى أثناء المحاكمة من تعرف شهود عيان سبق أن عُرض المتهمون عليهم في عملية العرض المدعى بأنها غير نظامية لا يعتبر في حد ذاته تغلبا على مشكلة أوجه القصور التي شابت عملية العرض السابقة. ولم تذكر المحكمة أسبابا أخرى لرفض الادعاءات وبذلك لم تتبدد الشكوك التي أثارها مقدما البلاغ وينبغي أن يقام لها وزن. وفي ظل هذه الظروف، لا تزال هناك أسئلة خطيرة حول عدالة المحاكمة وهي، في رأينا، تساوي انتهاكا للمادة 14(1).

(توقيع) اليزابث إيفات

(توقيع) سيسيليا مدينا كيروغا

]حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيُترجم في وقت لاحق الى الروسية والصينية والعربية وسيصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي الى الجمعية العامة.[

رأي منفرد للسيد مارتن شاينين (مخالف جزئيا لرأي اللجنة)

أوافق على الاستنتاج الرئيسي الذي توصلت اليه اللجنة في الحالة قيد النظر، وهو أن الدولة الطرف أخلَّت بالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري حين نفذت حكم الإعدام في الأشخاص الثلاثة الذين قُدم البلاغ بالنيابة عنهم، على الرغم من أن حالتهم كانت قيد نظر اللجنة، وأن الدولة الطرف أغفلت الطلب المقدم لها حسب الأصول وبموجب المادة 86. واوافق أيضا على الاستنتاج الذي مفاده أن المسائل المتعلقة بإعادة العمل بعقوبة الإعدام بعد إلغائها، وما اذا كانت الجرائم المعنية تعتبر من " أخطر الجرائم" بالمعنى المقصود في الفقرة 2 من المادة 6 هي مسائل لم تدعم بأدلة كافية تعطي للجنة أسبابا للقول بحدوث انتهاك للمادة 6.

وما اختلف في الرأي فيه هو مسألة عدم تعيين محام لمساعدة المتهمين. وفي رأيي أن البلاغ تضمن ما يكفي من ادعاءات مدعمة بالأدلة على أن عدم وجود محام لمساعدة المتهمين الثلاثة قبل بدء المحاكمة الفعلية يشكل انتهاكا للمادة 14 وبالتالي للمادة 6 من العهد. وعلى الرغم من أن هذا الادعاء غير مرتبط بالادعاء المتعلق بالتعرف على اثنين من المتهمين، فإن أهمية الاستعانة بمحام في المراحل الأولى من الدعوى تبدو واضحة في الطريقة التي تعالج بها المحاكم مسألة تعرف الشهود على المتهمين حينما تُعرض عليها هذه المسألة في النهاية.

وحسبما أكدت عليه اللجنة في عدة حالات سابقة، فإن من البديهي أن العهد ينص على وجوب أن تتوافر للشخص الذي يواجه عقوبة الإعدام مساعدة محام في جميع مراحل الدعوى (أنظر، على سبيل المثال، قضية كونروي ليفي ضد جامايكا، البلاغ رقم 179/1996، وقضية كلارنس مارشال ضد جامايكا، البلاغ رقم 730/1996). فقد احتُجز الأشخاص الذين ادعوا بأنهم ضحايا لمدة تتراوح بين 6 و 8 شهور قبل محاكمتهم. وبصرف النظر عن وصف مراحل التحقيق التي تُجرى قبل المحاكمة بأنها قانونية أو غير قانونية، وبصرف النظر عما اذا كان المتهمون قد طلبوا صراحة الاستعانة بمحام، فإنه كان على الدولة الطرف التزام بأن تكفل لهم مساعدة محام خلال تلك الفترة. وعدم استيفاء هذا الالتزام في قضية أدت الى الحكم بالإعدام يشكل انتهاكاً للفقرتين 3(ب) و3 (د) من المادة 14، وبالتالي للمادة 6.

(توقيع) مارتن شاينين

]حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيُترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية وسيصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.[

قاف - البلاغ رقم 884/1999، إغناتاني ضد لاتفيا

الآراء المعتمدة في 25 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من: السيدة أنطونينا إغناتاني

تمثلها المحامية (تاتيانا زدانوك)

الشخص المدعى أنه ضحية: مقدمة البلاغ

الدولة الطرف: لاتفيا

تاريخ تقديم البلاغ: 17 أيار/مايو 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 884/1999 الذي قدمته إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السيدة أنطونينا إغناتاني في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد برافلا تشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايغل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

وقد أخذت في اعتبارها كل المعلومات الكتابية التي أتاحتها مقدمة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 مقدمة هذا البلاغ هي السيدة أنطونينا إغناتاني، وهي مواطنة لاتفية من أصل روسي تعمل مدرسة، ولدت في ريغا في 21 شباط/فبراير 1943. وتدعي أنها كانت ضحية لانتهاكات من جانب لاتفيا للمادتين 2 و25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتمثل مقدمة البلاغ محامية.

1-2 وقد بدأ نفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في لاتفيا في 14 تموز/يوليه 1992، وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في 22 أيلول/سبتمبر 1994.

الوقائع كما عرضتها مقدمة البلاغ

2-1 أثناء الأحداث المعنية كانت السيدة إغناتاني مدرسة في ريغا. وفي عام 1993 مثلت أمام مجلس شهادات لأداء اختبار في اللغة اللاتفية ومنحت بعد ذلك شهادة كفاءة لغوية ذكرت أنها في المستوى الثالث من الكفاءة (أعلى مستوى).

2-2 وفي عام 1997 تقدمت مقدمة الشكوى لانتخابات محلية تجري في 9 آذار/مارس 1997 كمرشحة في قائمة حركة العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق في لاتفيا. وفي 11 شباط/فبراير 1997 حذف اسمها من القائمة بقرار من لجنة ريغا الانتخابية، على أساس رأي أصدره مجلس الدولة للغات مؤداه أنها لا تتمتع بالكفاءة اللازمة في اللغة الرسمية.

2-3 وفي 17 شباط/فبراير 1997 تقدمت صاحبة البلاغ بشكوى إلى محكمة القسم المركزية ضد قرار اللجنة الانتخابية التي اعتبرته غير قانوني، وأحالت المحكمة الدعوى أوتوماتيكياً إلى محكمة دائرة ريغا التي رفضت الدعوى في 25 شباط/فبراير بأثر فوري.

2-4 وفي 4 آذار/مارس 1997 قدمت السيدة إغناتاني التماساً إلى رئيس القسم المدني بمحكمة لاتفيا العليا ضد القرار الصادر في 25 شباط/فبراير. وفي رسالة مؤرخة في 8 نيسان/أبريل 1997، رفضت المحكمة التصرف بناء على الالتماس.

2-5 كما رفعت مقدمة البلاغ دعوى أمام مكتب المدعي العام في 4 آذار/مارس 1997، وبعد دراسة الالتماس قرر مكتب المدعي العام في 22 نيسان/أبريل 1997 أنه ليس هناك أساس للتصرف بناء على الشكوى، وأن القرار المعني قد اتخذ وفقاً للقانون، ولا يمثل انتهاكاً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

2-6 وقدمت الشاكية إلى اللجنة ترجمة للمواد 9 و17 و22 من قانون انتخابات مجالس المدن والمجالس البلدية الصادر في 13 كانون الثاني/يناير 1994. وتعدد المادة 9 من القانون فئات الأشخاص الذين لا يحق لهم التقدم إلى الانتخابات المحلية. ووفقاً للفقرة 7 من المادة 9 لا يجوز لكل من لا يتمتع بالمستوى الأعلى (الثالث) من الكفاءة في لغة الدولة التقدم للانتخابات. وتنص المادة 17 على أنه إذا لم يكن المتقدم للانتخابات خريجاً من مدرسة تكون اللغة اللاتفية هي لغة التعليم فيها فينبغي أن يرفق "بطلب الترشيح" صورة من شهادة كفاءته اللغوية بالمستوى الأعلى (3). وذكرت محامية مقدمة الشكوى أن صورة الشهادة لازمة لكي ينظر مجلس الدولة للغات في صحة صدور الشهادة وليس في سلامتها.

2-7 وطبقاً للمادة 22، فإن لجنة الانتخابات التي تسجل قائمة المرشحين هي وحدها المختصة بتغيير القائمة، وذلك فحسب:

1) بحذف اسم مرشح من القائمة إذا: ...

(ب) انطبقت على المرشح الشروط المشار إليها في المادة 9 من القانون الحالي، ...، وفي الحالات التي تغطيها الفقرة 1(أ)، و(ب)، و(ج) من هذه المادة، يجوز حذف اسم مرشح من القائمة على أساس رأي المؤسسة المعنية أو بقرار من المحكمة.

في حالة مرشح: ...

8 - لا يستوفي الاشتراطات المتعلقة بالمستوى الأعلى (3) من الكفاءة في لغة الدولة، ويجب أن يشهد بهذه الواقعة رأي مجلس الدولة للغات.

2-8 وأخيراً تذكِّر السيدة إغناتاني أنه طبقاً للبيانات الصادرة عن مجلس الدولة للغات وقت جلسة الاستماع تلقى مجلس الشهادات بوزارة التربية شكوى بشأن كفاءتها في اللغة اللاتفية. وتذكر مقدمة البلاغ أن هذه الوزارة هي بالتحديد التي كانت طرفاً في الجدال العلني الذي دار في عام 1996 بشأن إغلاق المدرسة الثانوية رقم 9 في ريغا التي كانت هي مدرسة أولى بها. وكانت هذه المدرسة تقوم بالتعليم باللغة الروسية، وكان لإغلاقها أثر سيئ للغاية على الأقلية الروسية في لاتفيا.

الشكوى

3 - تدعي مقدمة البلاغ أن لاتفيا، بحرمانها من فرصة التقدم للانتخابات المحلية، قد انتهكت المادتين 2 و25 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 تنازع الدولة الطرف، في ملاحظاتها بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2000، في مقبولية البلاغ. وتدعي أن مقدمة البلاغ لم تستنفد وسائل الانتصاف المحلية المتاحة لها.

4-2 وتذكر الدولة الطرف أن مقدمة الشكوى لا تطعن في النتائج التي توصل إليها مجلس الدولة للغات بأن كفاءتها في اللغة اللاتفية لا تبلغ المستوى المطلوب للتقدم للانتخابات (المستوى الثالث)، وإنما فحسب في شرعية قرار اللجنة الانتخابية بحذف اسمها من قائمة المرشحين. وترى الدولة الطرف أن قرارات المحكمة قانونية ومشروعة وتتفق تماماً مع القانون اللاتفي، وخاصة الفقرة 7 من المادة 9 والفقرة 8 من المادة 22 من قانون انتخابات مجالس المدن والمجالس البلدية.

4-3 وترى الدولة الطرف أن أحكام القانون المذكور تتمشى مع اشتراطات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما وردت في تعليق اللجنة المعنية بحقوق الإنسان العام رقم 25 عن المادة 25 الذي يذكر أن "أي اشتراطات تنطبق على ممارسة الحقوق التي تحميها المادة 25 يجب أن تكون قائمة على معيار موضوعي ومعقول". وترى الدولة الطرف أن المشاركة في الشؤون العامة تتطلب مستوى عالياً من الكفاءة في لغة الدولة، وأن مثل هذا الاشتراط معقول ويستند إلى معيار موضوعي بينته اللوائح المتعلقة بشهادات الكفاءة في لغة الدولة. وتذكر الدولة الطرف أنه طبقاً لهذه اللوائح فإن المستوى الثالث من الكفاءة مطلوب لعدة فئات من الأشخاص من بينهم الممثلين المنتخبين. ويبين المستوى الأعلى (المستوى الثالث) كفاءة التحدث بطلاقة باللغة الرسمية، وفهم نصوص تختار عشوائيا، وتحرير نصوص باللغة الرسمية بشأن واجباته الرسمية.

4-4 وتمضي الدولة الطرف قائلة إنه فيما يتعلق بالكفاءة الحقيقية للشاكية في لغة الدولة، فإن هناك معلومات صافية واردة في قرار المحكمة تذكر أنه إذا وجدت شكاوى في الكفاءة في لغة الدولة يجرى امتحان لتحديد ما إذا كانت الكفاءة اللغوية الحقيقية تتمشى مع المستوى المذكور في الشهادة. وفي هذه الحالة الخاصة تدعي الدولة الطرف أن وزارة التعليم والعلوم تلقت شكاوى بشأن كفاءة الشاكية في اللغة اللاتفية، وإن لم تذكر المزيد أو تقدم دليلا.ً وفي 5 شباط/فبراير 1997، أجري امتحان للشاكية بين أن كفاءتها اللغوية لا تستوفي اشتراطات المستوى الثالث. وبالتالي استندت المحكمة إلى دليل مادي (صورة من الامتحان والتصحيحات) قدمه مجلس الدولة للغات تأييداً لنتيجة الامتحان بشأن قدرة السيدة إغناتاني في اللغة اللاتفية.

4-5 وكانت نتيجة الامتحان أساساً لحذف اسم الشاكية من قائمة المرشحين للانتخابات وفقاً للقانون. وأكدت المحكمة العليا ومكتب المدعي العام فيما بعد قانونية هذا التصرف.

4-6 وفيما يتعلق بالتناقض المزعوم بين شهادة مقدمة البلاغ والنتيجة التي توصل إليها مجلس الدولة للغات، أشارت الدولة الطرف إلى أن نتيجة مجلس الدولة للغات لا تتعلق إلا بأهلية المرشحة، ولا تعني بأي حال ابطالاً أوتوماتيكياً للشهادة، أو تصلح أساساً لمراجعة صلاحيتها ما لم ترغب في ذلك حاملة الشهادة.

4-7 وتذكر الدولة الطرف أنه كان بوسع مقدمة البلاغ أن تتخذ تدبيرين آخرين، ففي المقام الأول، كانت السيدة إغناتاني تستطيع أن تطلب امتحاناً لغوياً آخر كما ذكر مجلس الدولة للغات أثناء الجلسة، ويكون الغرض من هذا الامتحان هو التحقق من سلامة الشهادة التي تحملها السيدة إغناتاني. وثانياً، كان بوسع مقدمة البلاغ أن تتخذ تصرفاً قانونياً على أساس التباين بين الشهادة ونتيجة مجلس الدولة للغات بشأن أهليتها الانتخابية، مما كان سيدفع المحكمة إلى إجراء اختبار آخر للتحقق من سلامة الشهادة.

4-8 ولما لم تكن مقدمة البلاغ قد استخدمت أياً من هاتين الامكانيتين، ترى الدولة الطرف أن كل وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد. كما ترفض الدولة الطرف ادعاء التمييز ضد مقدمة الشكوى على أساس معتقداتها السياسية لأن كل الأعضاء الآخرين في نفس القائمة قد قبلوا كمرشحين في الانتخابات.

تعليقات مقدمة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 وفي تعليقات بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2000 تصدت المحامية لحجة الدولة الطرف بأن السيدة إغناتاني لم تطعن في استنتاج مجلس الدولة للغات بعدم تمتعها بأعلى مستوى من الكفاءة في اللغة اللاتفية وإنما طعنت في قانونية قرار اللجنة الانتخابية بحذف اسمها من قائمة المرشحين. وتسلم المحامية بأن السيدة إغناتاني قد طعنت بالتأكيد في قانونية قرار اللجنة الانتخابية لكنها تقرر أن الأساس الوحيد لهذا القرار كان هو استنتاج لجنة الدولة للغات بأن كفاءتها في اللغة اللاتفية لا تستوفي اشتراط المستوى الأعلى. وبالتالي ترى المحامية أن مقدمة الشكوى قد طعنت في قانونية قرار اللجنة بحذف اسمها من قائمة المرشحين للانتخابات، الذي اتخذ على أساس النتيجة التي توصل إليها مجلس الدولة للغات.

5-2 وترى المحامية أن العبارة التي استخدمتها الدولة الطرف - "المستوى الثالث (الأعلى) المطلوب للتقدم للانتخابات" - تحتمل سوء التفسير. وترى المحامية أن قانون الانتخاب اللاتفي لا يشترط أي مستوى خاص من الكفاءة في لغة الدولة للتقدم للانتخابات، وأن اللوائح الخاصة بشهادة الكفاءة في لغة الدولة هي وحدها التي تشير إلى المستويات الثلاثة اللازمة لمختلف المناصب والمهن، وأن شهادة الكفاءة اللغوية التي تبين المستوى الأول والثاني والثالث من الكفاءة في لغة الدولة عامة في نطاقها.

5-3 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن قانون الانتخاب المشار إليه يتفق مع اشتراطات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما وردت في التعليق العام على المادة 25 تذكر المحامية أن الشروط الواردة في الفقرة 7 من المادة 9 والفقرة 8 من المادة 22 من القانون المعني لا تستند إلى المعيار الموضوعي والمعقول الذي اشترطه التعليق العام للجنة المعنية بحقوق الإنسان عن عدم التمييز.

5-4 فطبقاً للفقرة 7 من المادة 9 لا يجوز اختيار من لا تستوفي كفاءتهم في لغة الدولة اشتراطات المستوى الأعلى (المستوى الثالث) مرشحين في انتخابات المجالس المحلية ولا يجوز انتخابهم في هذه المجالس. وطبقاً للفقرة 8 من المادة 22، يجوز حذف اسم مرشح ما من القائمة إذا كانت مهاراته اللغوية لا تستوفي اشتراطات كفاءة المستوى الثالث في لغة الدولة، على أساس رأي مجلس الدولة للغات. وترى المحامية أن هذا الحكم مفتوح، في الممارسة أمام دائرة لا نهاية لها عملياً من سوء التفسير، وأنه يفتح الباب لقرارات تمييزية ومتسقة.

5-5 ثم تناولت المحامية قول الدولة الطرف إن اختباراً لغوياً يجري لأي مرشح في الانتخابات إذا تلقيت شكاوى. فإذا لم تتلق أي شكاوى فإن على مجلس الدولة للغات أن يقدم رأيه في كل مرشح في شكل اعتماد لصورة شهادة المرشح بالكفاءة في اللغة اللاتفية. وتدعي المحامية أن بياناً غير مدعوم بتلقي شكاوى بشأن مرشح ما ونتيجة لاختبار لاحق يجريه ممتحن واحد هو أحد كبار مفتشي الدولة للغات لا يمكن وصفهما بأنهما معيار موضوعي، فالسلطة المطلقة المعطاة للمفتش الكبير لا تتناسب مع الآثار التي يولدها قراره، وهي عدم تأهل مرشح للانتخابات، فمثل هذا الموقف من التحقق من الكفاءة في لغة الدولة يجعل من الممكن عند الحاجة إلغاء تأهيل كل المرشحين الذين يمثلون أقلية ما.

5-6 وتمضي المحامية لتصف الظروف التي أجري فيها الامتحان، فقد كانت السيدة إغناتاني في عملها حين قطع درس في اللغة الألمانية كانت تعطيه للتلاميذ وطلب منها إجراء اختبار تحريري في اللغة اللاتفية. وأجرى الاختبار مفتش بحضور اثنين من الشهود من بين المدرسين العاملين في نفس المدرسة. وترى المحامية أنه في ظل هذه الظروف لا يمكن أن تؤخذ في الاعتبار أخطاء الهجاء وغيرها من الأخطاء التي استند إليها كدليل على قلة كفاءة مقدمة الشكوى.

5-7 وفي المقام الثالث، وبالإشارة إلى إدعاء الدولة الطرف أن المشاركة في الشؤون العامة تتطلب مستوى عالياً من الكفاءة في لغة الدولة، وأن هذا الشرط معقول ويستند إلى معيار موضوعي بينته لوائح شهادة الكفاءة في لغة الدولة تدعي المحامية أن هذا الاشتراط في التقدم إلى الانتخابات المحلية ليس معقولاً، فليست هناك شروط أخرى في المرشحين عموماً، مثل مستوى التعليم أو المهارات المهنية، وترى المحامية أن كون الشرط الوحيد يتعلق بالكفاءة في اللغة اللاتفية يعني عدم احترام الحق في التصويت وفي الانتخاب وعدم ضمانه لكل الأفراد دون تمييز بسبب الحالة اللغوية. وتؤكد المحامية أن اللغة اللاتفية ليست هي لغة الأم بالنسبة لنحو 40 في المائة من سكان لاتفيا.

5-8 وترى المحامية أن هذا الاشتراط لمستوى عال من الكفاءة في اللغة اللاتفية من أجل المشاركة في الانتخابات المحلية ليس قائماً على معيار موضوعي. غير أن هذا لا يعني أن مقدمة البلاغ لا ترى أن المعايير المبينة في لوائح شهادات الكفاءة في لغة الدولة ليست موضوعية، وإنما ببساطة أن هذه المعايير ليست مطبقة في الحكم (الوارد في الفقرة 8 من المادة 22 من القانون) بجواز حذف اسم مرشح من القائمة إذا لم يستوف اشتراط المستوى الأعلى (المستوى الثالث) من الكفاءة في اللغة اللاتفية، وأن هذا أمر يجب أن يشهد به مجلس الدولة للغات. وترى المحامية أنه وفقاً للوائح شهادة الكفاءة في لغة الدولة تشهد بالكفاءة في اللغة لجنة شهادات خاصة تتألف من خمسة من المتخصصين اللغويين على الأقل. وتعرض اللوائح بالتفصيل إجراءات الاختبار والشهادة، مما يكفل موضوعيتها وموثوقيتها. والمستويات الأول والثاني والثالث صالحة لفترة غير محدودة. وطبقاً للمادة 17 من القانون يجب على المرشحين غير الحاصلين على شهادة إنهاء التعليم الثانوي من مدرسة لغة التعليم فيها هي اللغة اللاتفية أن يقدموا صورة من الشهادة بمستواهم الثالث إلى اللجنة الانتخابية. وقد تقدمت صاحبة البلاغ بهذه الشهادة للجنة ريغا الانتخابية. وتدعي المحامية أن رأي مجلس الدولة للغات، استناداً إلى اختبار مخصص أجراه مفتش واحد من إدارة الدولة للتفتيش اللغوي بعد شكاوى مزعومة تلقتها وزارة التعليم، لا يتمشى مع اشتراطات لوائح شهادة الكفاءة في لغة الدولة. وفضلاً عن ذلك، فإن الدولة الطرف تعترف بأن رأي مجلس الدولة للغات لا يتعلق إلا بمسألة الأهلية، ولا يعني بأي حال إبطالاً أوتوماتيكياً للشهادة، أو يمكن أن يستخدم أساساً لمراجعة سلامتها.

5-9 ورابعاً وأخيراً، تتناول المحامية إدعاء الدولة الطرف بأن كل سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد، وتذكر المحامية أن حكم المحكمة الصادر في 25 شباط/فبراير 1997 والذي يؤكد قرار لجنة ريغا الانتخابية الصادر في 11 شباط/فبراير 1997 كان حكماً نهائياً ونافذاً على الفور، وأن الإجراء الخاص المتاح للطعن في مثل هذه القرارات هو في الواقع الإجراء الذي اتخذته مقدمة البلاغ.

5-10 وتمضي المحامية لتقول إن سبل الانتصاف لا ينبغي فحسب أن تكون سليمة وكافية بل ينبغي كذلك أن تجعل من الممكن إعادة إقرار الوضع المعني. وأن وسائل الانتصاف التي استنفدتها مقدمة البلاغ - الإجراء الخاص للطعن في قرار اللجنة الانتخابية - كانت هي الوسيلة الوحيدة التي كان يمكن لها أن تحقق الهدف من الشكوى وهو السماح لمقدمة البلاغ بالتقدم لانتخابات مجلس مدينة ريغا في عام 1997 بإعادة اسمها إلى قائمة المرشحين.

5-11 وترى المحامية أن الدولة الطرف تتناقض مع نفسها حين تقول من ناحية إنها لا يمكن أن توافق على أن وسائل الانتصاف المحلية قد استنفدت لأن أياً من وسيلتي الانتصاف اللتين ذكرتهما للتحقق من سلامة شهادة مقدمة البلاغ لم تستخدم، وتقول من ناحية أخرى إنه طبقاً للبلاغ فإن مقدمته تطعن في قانونية حذف اسمها من قائمة المرشحين وليس في قرار مجلس الدولة للغات بأن كفاءتها في اللغة اللاتفية ليست هي المستوى الثالث المطلوب. وعلى أي حال، فإن أياً من الإجراءين اللذين أشارت لهما الدولة الطرف للتحقق من سلامة شهادة مقدمة البلاغ يستغرق عدة شهور على الأقل، ومن ثم لم يكن ليسمح لمقدمة البلاغ بالتقدم لانتخابات 1997. وفي هذا الصدد، تذكر المحامية أن قرار منع مقدمة البلاغ من التقدم للانتخابات قد اتخذ قبل 26 يوماً من إجراء الانتخابات، وتحول القيود الزمنية دون أي جهد من جانب مقدمة البلاغ لكي تنتفع من أي وسيلة انتصاف قانونية.

مداولات اللجنة بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الإدعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تنازع في مقبولية البلاغ على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، لأن مقدمة البلاغ لم تطعن في النتيجة التي توصل إليها مجلس الدولة للغات بأن معرفتها باللغة ليست بالمستوى المطلوب، وإنما طعنت في قرار اللجنة الانتخابية بحذف اسمها من القائمة. ولا يمكن للجنة أن توافق على حجة الدولة الطرف بأن هذا يبين أن مقدمة الشكوى لم تستنفد وسائل الانتصاف الفعالة لأن مقدمة الشكوى كانت لديها وقتها شهادة تبين معرفتها باللغة الرسمية بالمستوى المطلوب، وهي شهادة لم تطعن فيها حتى الدولة الطرف نفسها.

6-3 وتلاحظ اللجنة كذلك حجة المحامية بأن وسائل الانتصاف التي ذكرتها الدولة الطرف ليست وسائل فعالة، وأن الدولة الطرف لم تثبت أنها فعالة أو تنازع في الواقع حجج الدفاع. كما تأخذ اللجنة في الاعتبار تعليق المحامية بأن وسائل الانتصاف التي عددتها الدولة الطرف تستغرق عدة شهور لكي تصل إلى نتيجة، وأن استنفادها كان معناه ألا تستطيع مقدمة البلاغ دخول الانتخابات. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد أحيطت علماً برد الدفاع لكنها لم تجب عليه. وفي ظل هذه الظروف لا ترى اللجنة أن هناك عائقاً أمام مقبولية البلاغ.

6-4 ومن ثم تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول، وتقرر البدء في النظر في الأسس الموضوعية للدعوى، وفقاً للفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

بحث الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان البلاغ الحالي على ضوء كل المعلومات التي قدمت لها كتابة من الأطراف، وفقاً للفقرة الأولى من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 والمسألة المطروحة أمام اللجنة هي ما إذا كانت حقوق مقدمة البلاغ بمقتضى المادتين 2 و25 قد انتهكت بعدم السماح لها بالتقدم كمرشحة في الانتخابات المحلية التي أجريت في آذار/مارس 1997.

7-3 وتذكر الدولة الطرف أن المشاركة في الشؤون العامة تتطلب مستوى عالياً من الكفاءة في لغة الدولة، ومن هنا فإن اشتراط اللغة في التقدم للترشيح في الانتخابات هو اشتراط معقول وموضوعي. وتلاحظ اللجنة أن المادة 25 تكفل لكل مواطن الحق والفرصة لأن يُنتخب في انتخابات دورية حقيقية دون أي من التمييزات المذكورة في المادة 2، ومن بينها اللغة.

7-4 وتلاحظ اللجنة أنه في هذه الدعوى كان قرار مفتش واحد، اتخذ قبل الانتخابات ببضعة أيام ويتناقض مع شهادة كفاءة لغوية صادرة قبل بضع سنوات لفترة غير محدودة عن مجلس من المتخصصين في اللغة اللاتفية، كافياً لكي تقرر اللجنة الانتخابية حذف اسم مقدمة البلاغ من قائمة المرشحين للانتخابات البلدية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تنازع في صحة الشهادة من حيث علاقتها بمركز مقدمة الشكوى المهني وإنما تجادل على أساس نتائج مراجعة المفتش لمسألة أهلية مقدمة البلاغ. كما تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تنازع حجة المحامية بأن القانون اللاتفي لم ينص على مستويات منفصلة للكفاءة في اللغة الرسمية من أجل التقدم للانتخابات وإنما يطبق المعايير والشهادة المستخدمة في المحافل أخرى. وقد أدت نتيجة المراجعة إلى منع مقدمة الشكوى من ممارسة حقها في المشاركة في الحياة العامة وفقاً للمادة 25 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الاختبار الأول في عام 1993 قد أجري وفقاً للاشتراطات الرسمية، وقام بالتقييم فيه خمسة من الخبراء، في حين أن مراجعة عام 1997 قد أجريت بطريقة مخصصة وقيَّمه فرد واحد. ولا يتمشى إلغاء ترشيح مقدمة البلاغ بناء على مراجعة لا تقوم على معايير موضوعية ولم تثبت الدولة الطرف أنها صحيحة إجرائياً مع التزامات الدولة الطرف بمقتضى المادة 25 من العهد.

7-5 وتستخلص اللجنة أن السيدة إغناتاني قد تعرضت لضرر محدد في منعها من التقدم للانتخابات المحلية في مدينة ريغا في عام 1997 بسبب حذف اسمها من قائمة المرشحين على أساس عدم كفاية إتقانها للغة الرسمية. وتعتبر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن مقدمة البلاغ كانت ضحية لانتهاك المادة 25 بالإضافة إلى المادة 2 من العهد.

8 - ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد تلتزم الدولة الطرف بأن توفر للسيدة إغناتاني وسيلة انتصاف فعالة، كما أنها تلتزم باتخاذ خطوات تمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9 - وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، حين أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان انتهاك للعهد قد وقع أم لا، وأن الدولة الطرف، وفقاً للمادة 2 من العهد، قد تعهدت بأن تكفل لكل الأفراد المقيمين في أراضيها أو الخاضعين لولايتها كل الحقوق التي يعترف بها العهد، وبأن توفر وسيلة انتصاف فعالة عندما يحدد أن انتهاكاً قد وقع، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، خلال 90 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذت لإنفاذ آراء اللجنة، كما تطلب إلى الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وستترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية، وستصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

راء - البلاغ رقم 930/2000، ويناتا ضد أستراليا

الآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من: السيد هنريك ويناتا والسيدة سو لان لي (تمثلهما المحامية آن دونغيو)

الشخص المدعى أنه ضحية: مقدما البلاغ وابنهما باري ويناتا

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ البلاغ: 11 أيار/مايو 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 26 تموز/يوليه 2001،

وقد اختتمت نظرها في البلاغ رقم 930/2000 الذي قدمه إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان السيد هنريك ويناتا والسيدة سو لان لي في إطار البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمرو والسيد نيسوكي أندور، والسيد برافولاشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستيان شانيه، والسيد موريس غليلي أهانهانزو، والسيد لويس هاينكين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد إيكارت كلاين، والسيد دافيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نيغيل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد بارتيك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

ووفقاً للمادة 85 من النظام الداخلي للجنة لم يشارك السيد إيفان شيرار في فحص الدعوى ويرد رفق هذا النص رأي فردي مخالف بتوقيعات أعضاء اللجنة برافولاشاندرا ناتوارلال باغواتي وأحمد توفيق خليل ودافيد كريتسمر وماكسويل يالدين.

وقد أخذت في اعتبارها كل المعلومات الكتابية التي أتاحها مقدم البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- مقدما البلاغ المؤرخ في 4 أيار/مايو 2000 هما هنريك ويناتا المولود في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1954 وسو لان لي المولودة في 8 كانون الأول/ديسمبر 1957، وهما مواطنان إندونيسيان سابقا لكنهما حاليا عديمي الجنسية، كما يتقدمان نيابة عن ابنهما باري ويناتا المولود في 2 حزيران/يونيه 1988 والذي يحمل الجنسية الأسترالية. ويشكو مقدما البلاغ من أن الإبعاد المقترح للأبوين من أستراليا إلى إندونيسيا سيشكل انتهاكا من الدولة الطرف للمادة 17 والفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الأولى من المادة 24 من العهد. ويمثلهما محام.

الوقائع كما عرضت

2-1 في 24 آب/أغسطس 1985 و6 شباط/فبراير 1987 وصل السيد ويناتا والسيدة لي إلى أستراليا بتأشيرة زيارة وتأشيرة دراسة على التوالي. وفي كلتا الحالتين بقي الإثنان في أستراليا بصورة غير قانونية بعد انقضاء أجل التأشيرتين في 9 أيلول/سبتمبر 1985 و30 حزيران/يونيه 1988 على التوالي. وفي أستراليا التقى السيد ويناتا والسيدة لي وبدءا علاقة فعلية شبيهة بالزواج، وأنجبا ولدهما باري ذا الثالثة عشرة سنة في أستراليا في 2 حزيران/يونيه 1988.

2-2 وفي 2 حزيران/يونيه 1988 حصل باري على الجنسية الأسترالية لحكم مولده في هذا البد وإقامته هناك لمدة 10 سنوات. وفي 3 حزيران/يونيه 1998 قدم السيد ويناتا والسيدة لي طلبين مشتركين لتأشيرة حماية إلى إدارة الهجرة وشؤون التعدد الثقافي، واستندا عموما إلى أنهما يواجهان الاضطهاد في إندونيسيا نظرا لعرقهما الصيني وديانتهما الكاثوليكية. وفي 26 حزيران/يونيه 1998 رفض مندوب الوزير منح تأشيرة حماية.

2-3 وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 1998 (1) قدم ممثل السيد ويناتا والسيدة لي في جاكارتا طلبا إلى السفارة الأسترالية للهجرة إلى أستراليا على أساس "الفئة الفرعية 103 تأشيرة والدين". ومن شروط هذه التأشيرة، التي يمنح منها حاليا 500 كل عـام، أن يكـون مقدم الطلب خارج أستراليا حين تمنح التأشيرة. ووفقا للمحامي يمكن توقع أن يواجه السيد ويناتا والسيدة لي تأخيراً قد يبلغ سنوات قبل أن يستطيعا العودة إلى أستراليا بتأشيرة والدين.

2-4 وفي 25 كانون الثاني/يناير 2000 أكدت محكمة مراجعة اللجوء قرار إدارة الهجرة والتعدد الثقافي برفض منح تأشيرة حماية. ووجدت محكمة مراجعـة اللجوء وهي تفحص حقوق مقدمي البلاغ في اللجوء بمقتضى المادة 1 ألف (2) من الاتفاقية الخاصة بحالة اللاجئين (بعد تعديلها) أنه بالرغم من أن السيد ويناتا والسيدة لي قد يكونا فقدا جنسيتهما الإندونيسية لغيابهما عن البلاد هذه الفترة الطويلة فلن تكون هناك صعوبة كبيرة في اكتسابها (2) . كذلك رأت المحكمة، على أساس المعلومات الأخيرة من إندونيسيا، أنه وإن لم يكن من الممكن إغفال إمكانية وقوعهما في نزاع عنصري وديني فإن آفاق إندونيسيا تتحسن، وأي إمكانية للاضطهاد في هذه الحالة الخاصة بعيدة. وبوجه خاص رأت محكمة مراجعة اللجوء أن مهمتها تنحصر في بحث حق اللاجئ في الحصول على تأشيرة حماية ولا تستطيع أن تأخذ في الاعتبار الشواهد الأوسع على حياة الأسرة في أستراليا.

2-5 وعلى أساس المشورة القانونية بأن أي طلب لمراجعة قضائية لقرار محكمة مراجعة اللجوء ليس أمامه أي احتمال للنجاح لم يسع السيد ويناتا والسيدة لي إلى مراجعة القرار، وبانقضاء فترة الطعن الإلزامية وغير القابلة للتمديد وهي 28 يوما من صدور القرار لـم يعد بوسع السيد ويناتا والسيدة لي متابعة هذا المسار.

2-6 وفي 20 آذار/مارس 2000 (3) تقدم السيد ويناتا والسيدة لي إلى وزير الهجرة والتعدد الثقافي بطلب بأن يتدخل لصالحهما على أسس قهرية ولدواعي الرأفة (4) . ويقول الطلب، الذي يستند بين ما يستند إليه المادتين 17 و23 من العهد، إن "هناك ظروف رأفة قوية قد يؤدي عدم التسليم بها إلى ضرر لا علاج لـه ومصاعب مستمرة أمام أسرة أسترالية". وصحب الطلب تقرير نفسي يبلغ صفحتين ونصف صفحة عن مقدمي البلاغ والأثر المحتمل لإبعادهما إلى إندونيسيا (5) . وفي 6 أيار/مايو 2000 قرر الوزير عدم ممارسة سلطته التقديرية (6) .

الشكوى

3-1 يدعي مقدما الشكوى أن إبعادهما إلى إندونيسيا سيمثل انتهاكا لحقوق الأشخاص الثلاثة المدعى بأنهم ضحية بمقتضى المادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 1 من المادة 24.

3-2 وفيما يتعلق بالحماية من التدخل غير القانوني أو التعسفي في شؤون الأسرة، التي تحميها المادة 17، يقول مقدما الشكوى إن العلاقات الفعلية معترف بها في القانون الأسترالي بما فيه لوائح الهجرة، وإنه ليس هناك شك في أن المحاكم الأسترالية ستثق بعلاقتهما، كما أن أستراليا ستعترف بعلاقاتها مع باري "كأسرة". ويدعيان أن من الواضح من تقرير الطبيب النفسي أن هناك حياة أسرية قوية.

3-3 ويدعي مقدما البلاغ أن إبعادا يفصل الوالدين عن ابن معال، هو ما يدعيان أنه سيحدث في هذه الحالة إن بقي باري في أستراليا، يمثل "تدخلا" في الوحدة الأسرية. ومع التسليم بأن إبعاد السيد ويناتا والسيدة لي قانوني في ظل القانون المحلي بمقتضى قانون الهجرة فإنهما يستشهدان بتعليق اللجنة العام رقم 16 ومؤداه أن أي تدخل ينبغي أن يتوافق كذلك مع أحكام العهد وأهدافه ومراميه، وأن يكون معقولا في الظروف المحددة.

3-4 ويدعي مقدما البلاغ أنهما إن أبعدا فإن الوسيلة الوحيدة لتجنب انفصالهما عهن باري هي أن يغادر معهما ويقطن في إندونيسيا. إلا أنهما يدعيان أن باري مندمج تماما في المجتمع الأسترالي، ولا يتحدث الإندونيسية ولا الصينية ، وليست لـه روابط ثقافية بإندونيسيا لأنه عاش على الدوام في أستراليا. ويصف تقرير الطبيب النفسي باري بأنه "طفل صيني أسترالي متعدد الثقافات من غرب سيدني، بكل السمات الفضلى لهذه الثقافة والثقافة الفرعية، وسيضل الطريق تماما ويتعرض لخطر كبير إذا دفع إلى إندونيسيا". وبديل ذلك، فيما يدعي مقدما البلاغ، سيكون تحطيم وحدة الأسرة وترك باري ضائعا في أستراليا إن هو ترك هناك بينما عادا هما إلى إندونيسيا تصرفا ضارا تماما. وفي كلتا الحالتين، كما يقول مقدما البلاغ، سيكون الإبعاد تعسفيا وغير معقول.

3-5 ويشير مقدما البلاغ، في توصلهما إلى هذه النتيجة، إلى أحكام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية التي كان تفسيرها للمادة 8 المشابهة في الاتفاقية الأوروبية ضيقا تماما تجاه من يسعون إلى دخول دولة ما لأغراض "إقامة أسرة" في حين تبنت نهجا أكثر ليبرالية من الأسر الموجودة بالفعل في الدولة، ويحث مقدما البلاغ اللجنة على أن تتخذ موقفا مشابها في حين يؤكدان أن الحق الوارد في المادة 17 من العهد أقوى من المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية من حيث أنه غير خاضع لأي شروط، ومن ثم فإن حق الفرد في الحياة الأسرية سيكون مهيمنا وليس متوازنا مع أي حق للدولة في التدخل في حياة الأسرة.

3-6 وأما عن المادتين 23 و24 فإن مقدمي البلاغ لم يطرحا أي حجج محددة غير ملاحظة أن المادة 23 أقوى في أحكامها من المادة 12 من الاتفاقية الأوروبية، وأن المادة 24 موجهة بالتحديد إلى حماية حقوق الطفل بصفته طفلا وبصفته فردا في أسرة.

ملاحظات الدولة الطرف بالنسبة للمقبولية وبالنسبة للأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 تقول الدولة الطرف إن ادعاءات مقدمي الشكوى غير مقبولة لأنهما لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية، ولعدم تمشيها مع أحكام العهد و(جزئيا) عدم كفاية الأدلة.

4-2 وفيما يتعلق بعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية تذكر الدولة الطرف أنه ما زالت هناك ثلاثة وسائل متاحة وفعالة. فأولا لم يسع مقدمي البلاغ إلى مراجعة قضائية في المحكمة الاتحادية، كما ينص قانون الهجرة، (إلى جانب الطعون التالية الممكنة) لقرار محكمة مراجعة اللجوء الصادر في 25 كانون الثاني/يناير 2000. ورغم أن الوقـت قد انقضى الآن لتقديم مثل هذا الطلب فإن الدولة الطرف تشير إلى قرار اللجنة في قضية ن. س. ضد كندا (7) ومؤداه أن عدم استنفاد وسيلة انتصاف في الموعد المناسب يعني أن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد. وثانيا، يستطيع مقدما البلاغ أن يطلبا، كوسيلة انتصاف دستورية، إعادة نظر قضائية في المحكمة العليا التي ستوجه محكمة مراجعة اللجوء إلى إعادة النظر في المسألة طبقا للقانون إذا ثبت وجود خطأ قانوني. وتشير الدولة الطرف إلى أحكام اللجنة التي تذكر أن مجرد الشك في فعالية وسيلة انتصاف لا يعفي مقدم البلاغ من اتباعها. وفي غياب وجود المشورة القانونية لمقدمي البلاغ بأن طلب المراجعة القضائية ليس أمامه آفاق للنجاح لا يمكن أن يقال إن مقدمي البلاغ قد أثبتا بشكل مقنع أن وسائل الانتصاف هذه لن تكون فعالة.

4-3 وأخيراً، تلاحظ الدولة الطرف أن مقدمي البلاغ قد تقدما بطلب تأشيرة والدين. ورغم أنه سيكون على مقدمي البلاغ أن يغادرا البلد و"يصطفا" مع غيرهم من طالبي التأشيرات فلن يكون عليهما الانتظار لفترة غير محددة. ويمكن لباري أن يعيش مع مقدمي البلاغ في إندونيسيا إلى حين منح التأشيرة أو يستمر في مدرسته في أستراليا.

4-4 وأما عن عدم التمشي مع أحكام العهد فإن الدولة الطرف تقول إن ادعاءات مقدمي البلاغ لا تدخل في نطاق أحكام أي حق يعترف به العهد. وتذكر الدولة الطرف أن العهد يعترف في الفقرة 1 من المادة 12 وفي المادة 13 بحق الدول الأطراف في تنظيم دخول الأجانب إلى أراضيها. وإذا أبعد مقدما البلاغ من أستراليا فسيكون ذلك راجعا إلى أنهما بقيا بصورة غير قانونية في أستراليا بعد انقضاء مدة تأشيراتهما. ولا يكفل العهد لمقدمي البلاغ الحق في البقاء في أستراليا أو تكوين أسرة فيها بعد بقائهما في أستراليا، عن علم، بصورة غير قانونية.

4-5 وأما عن عدم إثبات الادعاءات فإن الدولة الطرف تقول إن مقدمي البلاغ لم يقدما أدلة كافية لتأييد دعاويهما بالنسبة للفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الأولى من المادة 24. وإنما اكتفى مقدما البلاغ بذكر أن الدولة الطرف ستنتهك هذه الأحكام إن أبعدتهما، لكنهما لم يتقدما بأي تفاصيل بشأن هذه الادعاءات. وتذكر الدولة الطرف أن كلا من طبيعة هذه الادعاءات الخاصة وصلة الأدلة المقدمة بها غير واضحة في البلاغ، فالأدلة والحجج المقدمة لا تتعلق إلا بالمادة 17.

4-6 وأما عن الأسس الموضوعية للدعوى في إطار المادة 17 فإن الدولة الطرف تشير في البداية إلى فهمها لنطاق الحق الوارد في هذه المادة. وعلى عكس الأحكام الماثلة في الاتفاقية الأوروبية فإن القيود في المادة 17 ليست قاصرة على القيود "الضرورية" لبلوغ مجموعة محددة من الأهداف وإنما يجب فحسب، بصورة أكثر مرونة أن تكون معقولة وغير تعسفية بالنسبة لأغراض العهد المشروعة. وتشير الدولة الطرف إلى "الأعمال التحضيرية" للعهد التي تبين بوضوح أن الغرض كان هو عدم تقييد الدول الأطراف بلا ضرورة بقائمة من الاستثناءات من المادة 17، ومنحها القدرة على تحديد كيفية إنفاذ المبدأ (8) .

4-7 وتناولت الدولة الطرف الحالة المحددة فقالت إنها وإن لم تكن تعترض على تصنيف مقدمي البلاغ "كأسرة" إلا أن إبعادهما لن يكون "تدخلا" في هذه الأسرة، وفي أي الأحوال لن تكون هذه الخطوة في ظروفها تعسفية أو غير معقولة.

4-8 وأما عن "التدخل" فإن الدولة الطرف تذكر أنه إذا أبعد مقدما البلاغ فلن تتخذ أي خطوات لمنع باري من المغادرة معهما ليعيش في إندونيسيا، حيث يمكن للأسرة أن تواصل العيش معا، وليست هناك شواهد على أنهم لن يستطيعوا العيش كأسرة، ولم تجد محكمة مراجعة الهجرة أي خطر لتعرضهم للاضطهاد. ورغم اعتراف الدولة الطرف بأن في ذلك إساءة لتعليم باري فأنها ترن أن هذا لا يرقى إلى مستوى "تدخل في شؤون الأسرة" (9) . وتقول إن من الشائع أن يرحل الأطفال من كل سن مع والديهم لبلدان جديدة لأسباب شتى.

4-9 وتلاحظ الدولة الطرف أنه لا يوجد أقارب لباري في أستراليا في حين أن لـه عددا كبيرا من الأقارب في إندونيسيا ممن حافظ مقدما البلاغ على الاتصال بهم، ومن شأنهم إثراء حياة باري الأسرية. ومن هنا تذكر الدولة الطرف أن العهد، شأنه شأن الاتفاقية الأوروبية؛ ينبغي أن يفهم لا على أنه يضمن حياة الأسرة في بلد بعينه وإنما يضمن ببساطة الحياة الأسرية الفعلية أينما كان مكانها.

4-10 ومن الناحية الأخرى فإذا بقي باري في أستراليا فستتمكن الأسرة من زيارته، وستبقى على أي حال على اتصال به. وهذا هو وضع كثير من الأطفال في المدارس الداخلية، ولا يعني هذا الانفصال الجسدي أن وحدة الأسرة غير قائمة. وعلى أي حال فإن قرار اختيار أي من هذه الخيارات متروك تماما للوالدين وليس نتيجة تصرف الدولة، ومن ثم لا يرقي إلى أن يكون "تدخلا". وفضلا عن هذا فأيا كان القرار لن تفعل الدولة الطرف شيئا يمنع العلاقات الأسرية من الاستمرار والتطور.

4-11 وتقول الدولة الطرف إنه حتى إذا اعتبر الإبعاد تدخلا فإنه لن يكون عملا تعسفيا. فقد جاء مقدما البلاغ إلى أستراليا بتأشيرات قصيرة الأجل، وكانا يعرفان تماما أنهما مطالبات بمغادرة أستراليا عند انقضاء أجل التأشيرات. وسيكون إبعادهما نتيجة تجاوزهما لآجال تأشيراتهما التي يعلمان أنها لا تتيح لهما سوى إقامة محدودة الأجل، وبقائهما بصورة غير قانونية في أستراليا أكثر من 10 سنوات (10) . والقوانين التي تطلب إبعادهما في هذه الظروف مستقرة ومطبقة عموما. وليس إنفاذ هذه القوانين التي تنظم الإبعاد نزوة أو شيئا غير متوقع، وهو وسيلة معقولة ومناسبة لتحقيق غرض مشروع بمقتضى العهد وهو مراقبة الهجرة.

4-12 وفي هذه الظروف المحددة كان مقدما البلاغ يعرفان عندما ولد باري أنهما يتعرضان لخطر عدم إمكان البقاء في أستراليا وتربية باري فيها. ولم يبين مقدما البلاغ أن هناك عقبات كبيرة أمام إقامة أسرة في إندونيسيا، وسيعاد منحهما الجنسية الإندونيسية إذا طلباها. وقد تلقى مقدما البلاغ تعليمهما في إندونيسيا، وهما يتحدثان ويقرآن ويكتبان باللغة الإندونيسية، وسبق لهما العمل في إندونيسيا، وسيتمكنان من تربية باري في بلد يعرفان لغته وثقافته، وعلى مقربة من أفراد الأسرة الآخرين. ويفهم باري قدرا كبيرا من الإندونيسية المحلية، ومن هنا فسيكون أي حاجز لغوي يواجهه صغيرا، ويمكنه نظرا لصغر سنه التغلب عليه سهولة. كما لن يكون أمرا غير معقول أن يختار مقدما البلاغ بقاءه في أستراليا، إذ سيتمكن من الحفاظ على صلته بوالديه، وسيحصل على كل أشكال الدعم التي تقدم للأطفال المنفصلين عن والديهم.

4-13 ومن الأدلة الأخرى على معقولية الإبعاد أن طلبات مقدمي البلاغ لتأشيرات حماية قد حددت على أساس الوقائع التي قدماها ووفقا للقانون الذي يضع معايير موضوعية ومطبقة عموما، تستند إلى التزامات أستراليا الدولية، وتأكدت عند الطعن. وفي مجرى الوقت سيتم النظر في طلب مقدمي البلاغ تأشيرة والدين وفقا للقانون، ومن المعقول أن ينظر في طلب مقدمي البلاغ مع الطلبات الأخرى المماثلة.

4-14 وتشير الدولة الطرف إلى أحكام اللجنة التي لم تر وجود انتهاك للمادة 17 (أو المادة 23) في حالات الإبعاد حيثما توجد لمقدمي البلاغات أسر في البلد المستقبل (11) . وفضلا عن ذلك فإن من العوامل ذات الوزن الخاص، ما إذا كان الأشخاص المعنيون يتوقعون قانونا استمرار حياة الأسرة في أراضي دولة بعينها. وتدعم القضايا التي نظرتها المحكمة الأوروبية مثل هذا التمييز بين حالات الأسر التي تقيم في دولة ما إقامة قانونية وحالات الأسر التي تقيم إقامة غير قانونية.

4-15 وعلى سبيل المثال وجدت المحكمة الأوروبية في قضية "بوغانم ضد فرنسا" (12) أن إبعاد المدعى يتمشى مع المادة 8 حيث كان مقيما في فرنسا إقامة غير قانونية بالرغم من وجود أسرة له في فرنسا، وبالمثل وجدت المحكمة في ظروف "كروس فاراس ضد السويد" (13) أن طرد المقيمين غير الشرعيين يتمشى مع المادة 8، وفي قضية "بوشيلكا ضد فرنسا" (14) حيث كان المدعي قد عاد إلى فرنسا بصورة غير قانونية بعد إبعاده، وأقام أسرة (بما في ذلك إنجاب طفلة) لم تجد المحكمة انتهاكا للمادة 8 في تجديد إبعاده. وعلى العكس وجدت المحكمة في قضية "بيريهاب ضد هولندا" (15) انتهاكا في إبعاد والد طفل صغير من البلد الذي يعيش فيه الطفل والذي كان الأب قد أقام فيه إقامة قانونية لعدد من السنوات (16) .

4-16 وبالتالي ترى الدولة الطرف أن عنصر إقامة غير مشروعة لأسرة في دولة ما عامل لـه وزن ثقيل لصالح قدرة هذه الدولة على اتخاذ إجراء كان يمكن، لو أن الأسرة تقيم إقامة قانونية في الدولة، أن يكون مضادا للمادة 17. وكما لاحظت المحكمة الأوروبية فإن المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لا تضمن أفضل مكان للعيش (17) ، ولا يستطيع الزوجان اختيار مكان إقامة أسرتهما بمجرد البقاء بصورة غير قانونية في الدولة التي يريدان تكوين أسرة وإنجاب أطفال فيها. ويترتب على ذلك أن مقدمي البلاغ، بإقامتهما غير القانونية في أستراليا وإدراكهما الكامل لخطر أنهما لن يستطيعا البقاء وتكوين أسرة في أستراليا، لا يمكن لهما أن يتوقعا بشكل معقول بقاءهما في أستراليا، وأن إبعادهما ليس تعسفيا مناقضا للمادة 17.

4-17 وأما عـن الفقرة 1 من المادة 23 فإن الدولة الطرف تشير إلى الضمانات المؤسسية التي توفرها هذه المادة (18) ، فهي تقرر أن الأسرة وحدة اجتماعية أساسية، وتعترف صراحة وضمنا بأهميتها، بما في ذلك تمكين الوالدين من طلب تأشيرات تسمح لهما بالعيش مع أطفالهم في أستراليا (كما فعل مقدما البلاغ)، وتتيح للوالدين امتيازات خاصة بالمقارنة بالمهاجرين الآخرين. وينبغي فهم المادة 23، شأنها شأن المادة 17، في مواجهة حق أستراليا بمقتضى القانون الدولي في اتخاذ خطوات معقولة لمراقبة دخول الأجانب وإقامتهم وطردهم. ولما رأت محكمة مراجعة الهجرة أن مقدمي البلاغ ليسا لاجئين، ولا يواجهان إمكانية خطر حقيقي في إندونيسيا (19) ، ولما كان بوسع باري أن يبقى في أستراليا ويواصل تعليمه أو يعود إلى إندونيسيا حسب تقدير مقدمي البلاغ فإن وجود الأسرة لن يتعرض لتهديد أو خطر في حالة العودة.

4-18 وأما عن الفقرة الأولى من المادة 24 فإن الدولة الطرف تشير إلى عدد من التدابير التشريعية والبرامج التي ترمي إلى حماية الأطفال، وتوفير الحماية للأطفال المعرضين للخطر (20) . وليس إبعاد مقدمي البلاغ من أستراليا إجراءً موجهاً ضد باري، والذي يحق له باعتباره مواطناً أستراليا (منذ حزيران/يونيه 1998 فحسب) الإقامة في أستراليا بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه والداه. وسيكون إبعاد مقدمي البلاغ نتيجة لإقامتهما غير القانونية في أستراليا وليس تقصيراً في توفير تدابير الحماية الكافية للأطفال. وحين ولد باري كان مقدما البلاغ يدركان تماماً أنه سيكون عليهما أن يعودا ذات يوم إلى إندونيسيا.

4-19 وترى الدولة الطرف أن إبعاد مقدمي البلاغ لن يكون عجزاً عن توفير الحماية الكافية لباري كقاصر أو إضرار به. وقد وجد كل من مندوب وزارة الهجرة والتعدد الثقافي ومحكمة مراجعة الهجرة أنه ليس هناك سوى خطر ضئيل من أن يواجه مقدما البلاغ اضطهاداً في إندونيسيا، ولم تقدم أدلة توحي بأن باري سيتعرض لخطر اضطهاد أكبر إذا ذهب إلى إندونيسيا مع والديه.

4-20 واستناداً إلى حجج الدولة الطرف في إطار المادة 17 بشأن "التدخل" في شؤون الأسرة تقول الدولة الطرف إنه لا توجد عقبات كبيرة أمام مواصلة باري لحياته الطبيعية في إندونيسيا مع أسرته. وتنازع الدولة الطرف في رأي الطبيب النفسي الذي يقول إنه إذا عاد باري مع والديه "سيضل الطريق تماماً ويتعرض لخطر كبير إذا دفع إلى إندونيسيا". وتقول إنه بالرغم من أن الانقطاع في وتيرة حياة باري قد يجعل الانتقال إلى إندونيسيا صعباً عليه في البداية، فإن سنه وخلفيته المتعددة الثقافات (21) وفهمه للغة الإندونيسية تعني أنه يمكن أن يتكيف سريعاً. ويمكن لباري أن يواصل تعليماً جيداً في إندونيسيا في الصحبة المادية والعاطفية لمقدمي البلاغ (اللذين ولدا وعاشا معظم حياتهما هناك) وغيرهم من أقاربه الوثيقين. وبدلاً من ذلك يمكنه كمواطن أسترالي، إذا اختار ذلك، أن يتمتع بحق تعليمه الثانوي والعالي في أستراليا. ورغم أن هذا يعني الانفصال عن مقدمي البلاغ فإن من الشائع ألا يعيش الأطفال مع والديهم خلال المدرسة العليا وأثناء مستوى التعليم الثالث، ومن الشائع أن يلتحق أطفال وشباب من بلدان جنوب شرق آسيا بالمدارس والجامعات الأسترالية. وسيتمتع كمواطن استرالي بالحماية إلى أكبر حد ممكن بمقتضى القانون الأسترالي، ويحصل على نفس الحماية التي يحصل عليها الأطفال الأستراليون الآخرون الذين يعيشون في أستراليا بدون والديهم.

تعليق مقدما البلاغ على أقوال الدولة الطرف

5-1 بالنسبة لمقبولية البلاغ ينازع مقدما البلاغ في ادعاءات الدولة الطرف بشأن استنفاد سبل الانتصاف المحلية وعدم التمشي مع العهد وعدم كفاية الأدلة.

5-2 ففيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية يقول مقدما البلاغ إن اشتراط استنفاد سبل الانتصاف المحلية يجب أن يعني عرض الشكوى المعنية أمام أجهزة الدولة المتاحة قبل أن تقدم هذه الشكوى إلى اللجنة. وتتعلق سبل الانتصاف التي تدعي الدولة الطرف أنها ما زالت متاحة بعملية اللجوء وتقييماتها للخوف من الاضطهاد، بيد أن الشكوى هنا ليست متعلقة بأي قضايا لجوء وإنما تتعلق بالتدخل في حياة الأسرة نتيجة إبعاد مقدمي البلاغ. وبالتالي يقول مقدما البلاغ إنه لا يمكن اشتراط متابعة دعوى اللجوء حين تتعلق الشكوى بوحدة الأسرة.

5-3 وأما عن الطلب المشترك لتأشيرة الوالدين فإن مقدمي البلاغ يلاحظان أنه سيكون عليهما مغادرة أستراليا انتظاراً لتحديد نتيجة الطلب، وأنه حتى إذا نجح الطلب فسيكون عليهما قضاء عدة سنوات قبل العودة إلى أستراليا. وعلى أي حال فإن إدارة إحصاءات الهجرة تبين أنه لم تصدر تأشيرات والدين على الإطلاق من السلطات في جاكارتا بين 1 أيلول/سبتمبر 2000 و28 شباط/فبراير 2001، وأن متوسط المعدل العالمي لاستصدار مثل هذه التأشيرة يبلغ نحو أربع سنوات، ونظراً للنزاعات السياسية الجارية بشأن هذه التأشيرات فإن هذه المدد، وباعتراف الدولة الطرف نفسها، ستزيد (22) . ويرى مقدما البلاغ أن هذه التعطيلات غير مقبولة وغير معقولة بوضوح.

5-4 وأما عن قول الدولة الطرف إن ادعاءات مقدمي البلاغ لا تتمشى مع أحكام العهد، ولا سيما الفقرة الأولى من المادة 12 والمادة 13، فإن مقدمي البلاغ يشيران إلى تعليق اللجنة العام رقم 15 الذي يقرر أنه وإن كان العهد لا يعترف بحق الأجنبي في دخول أراضي دولة طرف أو الإقامة فيها فإن من حق الأجنبي التمتع بحماية العهد حتى بالنسبة للدخول أو الإقامة حيثما تظهر قضايا احترام حياة الأسرة. ويرى مقدما البلاغ أن المادة 13 لا صلة لها بهذا السياق.

5-5 ويعترض مقدما البلاغ على حجة الدولة الطرف القائلة إن انتهاك الفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الأولى من المادة 24 لم يثبت بدليل. ويذكر مقدما البلاغ أن وقائع الدعوى تتعلق بهذه الأحكام بالإضافة إلى المادة 17، ويقولان إن خرق المادة 17 قد يرقى أيضاً إلى خرق للضمانات المؤسسية الواردة في المادتين 23 و24.

5-6 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للدعوى يعتبر مقدما البلاغ أن أول ما قالته الدولة الطرف هو أنه ليس هناك من سبب يدعو إلى عدم عودة باري إلى إندونيسيا للعيش معهما إن أُبعدا. ويرى مقدما البلاغ أن هذا لا يتسق مع الشواهد النفسية المقدمة إلى الوزير والمرفقة بالبلاغ. كما يدعي مقدما البلاغ، بالنسبة لاقتراح بقاء باري (دون إشراف) في أستراليا انتظاراً لنتيجة طلبهما العودة، إنه اقتراح غير عملي ولا يتفق مع مصالح باري الفضلى، فمقدما البلاغ لا يمتلكان المال اللازم لكي يدرس باري في مدرسة داخلية، وليس هناك أحد يرعاه في غيبابهما.

القضايا والإجراءات أمام اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 أما عن حجج الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم تستنفد فإن اللجنة تلاحظ أن كلا الطعنين المقترحين في قرار محكمة مراجعة الهجرة هما خطوتان أخريان في عملية تحديد اللجوء. غير أن الدعوى المرفوعة أمام اللجنة لا تتعلق بطلب الشاكيين الأصلي للاعتراف بهما كلاجئين، وإنما بادعائهما المنفصل والمتميز السماح لهما بالبقاء في أستراليا على أسس عائلية. ولم توفر الدولة الطرف للجنة أي معلومات عن سبل الانتصاف المتاحة للطعن في قرار الوزير بعدم السماح لهما بالبقاء في أستراليا على هذه الأسس. ولا يمكن اعتبار استخراج تأشيرة الوالدين، التي تتطلب مغادرتهما لأستراليا لفترة زمنية طويلة، وسيلة انتصاف محلية من قرار الوزير. ومن هنا لا يمكن أن تقبل اللجنة حجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

6-3 وأما عن زعم الدولة الطرف أن الادعاءات هي في جوهرها مطالب بالإقامة من جانب أجانب موجودين بصورة غير قانونية وبالتالي لا تتمشى مع العهد فتلاحظ اللجنة أن مقدمي البلاغ لا يدعيان مجرد أن لهما الحق في الإقامة في أستراليا وإنما يدعيان أن الدولة الطرف بإجبارهما على المغادرة تتدخل تدخلاً تعسفياً في حياة أسرتهما. وفي حين ليس من حق الأجانب، بصفتهم هذه، الإقامة في أراضي دولة طرف فإن الدول الأطراف ملزمة باحترام وضمان كل حقوقهم بمقتضى العهد. ويتعلق الادعاء بأن تصرف الدولة الطرف سيكون تدخلاً تعسفياً في حياة أسرة مقدمي البلاغ بانتهاك لحق يضمنه العهد لكل الأشخاص، وقد أيد مقدما البلاغ ادعاءهما تأييداً كافياً لأغراض مقبولية البلاغ، وينبغي أن تبحث أسسه الموضوعية.

6-4 وأما عن قول الدولة الطرف إن الانتهاكات المدعاة للفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الأولى من المادة 24 لم تدعم بأدلة فإن اللجنة ترى أن الوقائع والحجج المقدمة تطرح قضايا متداخلة بين أحكام العهد الثلاثة جميعاً، وترى اللجنة أن من المفيد النظر إلى هذه الأحكام المتداخلة إلى جانب بعضها بعضاً في مرحلة النظر في الأسس الموضوعية، ومن هنا فإنها تجد الشكاوى تحت هذه العناوين مدعومة لأغراض المقبولية.

6-5 وبالتالي تجد اللجنة البلاغ مقبولاً، وتشرع على الفور في النظر إلى أسسه الموضوعية. وقد نظرت اللجنة في البلاغ على أساس المعلومات المتاحة لها من الأطراف وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-1 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 17 تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف القائلة إنه ليس هناك "تدخل" لأن قرار ما إذا كان باري سيصحب والديه إلى إندونيسيا أو يبقى في أستراليا، بما يؤدي في هذه الحالة الأخيرة إلى انفصال مادي، هي مسألة متروكة تماماً للأسرة دون إجبار من جانب الدولة. وتلاحظ اللجنة أنه قد تكون هناك في الواقع حالات يمكن لرفض الدولة الطرف فيها السماح لأحد أفراد الأسرة البقاء في أراضيها أن يتضمن تدخلاً في حياة هذا الفرد الأسرية، إلا أن مجرد أن لأحد أفراد الأسرة الحق في البقاء في أراضي دولة طرف لا يعني بالضرورة أن مطالبة أفراد الأسرة الآخرين بالمغادرة تتضمن مثل هذا التدخل.

7-2 وفي القضية الحالية ترى اللجنة أن قرار الدولة الطرف بإبعاد الوالدين وإجبار الأسرة على الاختيار بين ما إذا كان طفل يبلغ الثالثة عشرة من العمر، وحصل على جنسية الدولة الطرف بعد العيش هناك لمدة 10 سنوات، سيبقى وحده في الدولة الطرف أو يصحب والديه، يعتبر "تدخلاً" في شؤون الأسرة، على الأقل في الظروف التي ستترتب فيها، كما هو الشأن هنا، تغييرات جوهرية في حياة الأسرة المستقرة طويلاً في كلتا الحالتين. ومن ثم تطرح مسألة ما إذا كان هذا التدخل أو لم يكن تعسفياً ومناقضاً للمادة 17 من العهد.

7-3 ومن المؤكد أنه لا اعتراض بموجب العهد على أن دولة طرفاً قد تطلب، بمقتضى قوانينها، إبعاد أشخاص بقوا في أراضيها بعد فترة التصريح، كما أن مولد طفل، أو اكتساب هذا الطفل للجنسية بحكم القانون إما عند مولده أو في وقت لاحق، ليس كافياً بذاته لكي يصبح الإبعاد المقترح لأحد والديه أو كليهما تعسفياً. وبالتالي فإن هناك نطاقاً واسعاً لتنفيذ الدول الأطراف لسياساتها في مجال الهجرة، والمطالبة بمغادرة الأشخاص الموجودين بطريقة غير قانونية. غير أن هذا التقدير ليس مطلقاً غير محدود، وقد تكون ممارسته تعسفية في بعض الظروف. وفي القضية الحالية بقي كلا مقدمي البلاغ في أستراليا أكثر من أربعة عشر عاما، وتربى ابن مقدمي البلاغ في أستراليا منذ مولده قبل 13 عاماً، والتحق بالمدارس الأسترالية كالأطفال العاديين، وأقام الروابط الاجتماعية الكامنة في ذلك. ونظراً لمرور هذه الفترة من الزمن يقع على عاتق الدولة الطرف إثبات وجود عوامل إضافية تبرر إبعاد الوالدين وتتجاوز مجرد إنفاذ قوانينها الخاصة بالهجرة لكي تتفادى صفة التعسف. ومن هنا ترى اللجنة أن إبعاد الدولة الطرف لمقدمي البلاغ، في هذه الظروف الخاصة، سيشكل إن نفذ، تدخلاً تعسفياً في حياة الأسرة، مناقضاً للفقرة الأولى من المادة 17، بالإضافة إلى المادة 23، من العهد بالنسبة لكل المدعى بأنهم ضحية، كما سيشكل بالإضافة إلى ذلك انتهاكاً للفقرة الأولى من المادة 24 بالنسبة لباري ويناتا نتيجة عدم تزويده بتدابير الحماية الضرورية كقاصر.

8 - وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي تعمل بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة 5 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن إبعاد الدولة الطرف لمقدمي البلاغ سيشكل، إن نفذ، انتهاكاً للمادة 17 وللفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الأولى من المادة 24 من العهد.

9 - ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد تلتزم الدولة الطرف بأن توفر لمقدمي البلاغ وسيلة انتصاف فعالة، تشمل الامتناع عن إبعادهما عن أستراليا قبل أن تتاح لهما الفرصة لأن يدرس طلبهما الحصول على تأشيرة والدين مع المراعاة الواجبة للرعاية التي تحتاجها حالة باري ويناتا كقاصر. وتلتزم الدولة الطرف بضمان عدم وقوع انتهاكات للعهد في الأوضاع المشابهة في المستقبل.

10 - ومع مراعاة أن الدولة الطرف، حين أصبحت دولة طرفاً في البروتوكول الاختياري، كما قد اعترفت باختصاص اللجنة في أن تقرر ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أو لم يكن، وأنها قد تعهدت بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لكل من يقيمون في أراضيها ويخضعون لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد بتوفير سبل انتصاف فعالة إذا ثبتت حالة الانتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، خلال 90 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة.

[اعتمدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، وستترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية، وستصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

الحواشي

(1) يؤرخ هذا الحدث، في الترتيب الزمني الذي قدمته الدولة الطرف، بتاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

(2) لم ينازع مقدما البلاغ في أن استعادتهما للجنسية الإندونيسية لا تمثل مشكلة.

(3) يؤرخ هذا الحدث، في الترتيب الزمني الذي قدمته الدولة الطرف، بتاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 1998.

(4) بمقتضى المادة 417 من قانون الهجرة يجوز للوزير أن يستبعد قرار محكمة مراجعة الهجرة بقرار أكثر مواتاة إذا اعتبر ذلك في الصالح العام.

(5) يذكر التقرير الذي قدم للأمانة، بالنسبة لحياة الأسرة في أستراليا ‘1‘ أن باري قد حصل على تربية وتعليم عاديين، وأنه "أقام عدداً من الصداقات الوثيقة إلى حد ما"، وأنه يفهم الإندونيسية لكن من الواضح أنه لا يتحدثها، ‘2‘ أن الأسرة قوية ووثيقة وفق التقاليد الصينية، لكنها ترتبط بعديد من الصداقات متعددة الثقافات من خلال العمل والكنيسة والحياة الاجتماعية. كما يشير التقرير إلى مسائل الهجرة المتصلة بتاريخ الأسرة والتي لا يتابعها البلاغ الحالي.

(6) أبلغ مقدما البلاغ رسمياً بقرار الوزير في 17 أيار/مايو 2000 بعد تاريخ إرسال البلاغ إلى اللجنة في 11 أيار/مايو 2000.

(7) البلاغ 26/1978 الذي أعلن أنه غير مقبول في 28 تموز/يولية 1978.

(8)Bossuyt, Guide to the "Travaux Préparatoires" of the International Covenant on Civil and Political Rights (1987), at 347.

(9) تشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية الأسرة س ضد المملكة المتحدة (قرارات وتقارير اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان 30 (1983)) الذي رأى أنه حقيقة أن الإبعاد قد يمنع الابن من مواصلة تعليمه في المملكة المتحدة لا تشكل تدخلاً في الحق في احترام حياة الأسرة.

(10) لا تشمل السنوات العشر الفترة التي سمح فيها لمقدمي البلاغ بالبقاء في أستراليا أثناء سعيهما لاكتساب الوضع القانوني.

(11) ستيوارت ضد كندا (البلاغ 538/1993) وكانيبا ضد كندا (البلاغ 558/1993).

(12) (1996) 22 EHRR 228.

(13) حكم صادر في 20 آذار/مارس 1991 (القضية 46/1990/237/307).

(14) حكم صادر في 27 كانون الثاني/يناير 1997.

(15) (1988) 11 EHRR 322.

(16) أوضحت الدولة الطرف أنه في هذه القضية على خلاف الظروف الحالية، كان من شأن الإجراء المقترح فصل الوالدين بين بلدين.

(17) أهميت ضد هولندا (الطلب رقم 702 21/93 الحكم الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996).

(18)Nowak, United Nations Covenant on Civil and Political Rights: CCPR Commentary, NP Engel (1993) at 460.

(19) يبين طلب اللجوء، وكذلك الدولة الطرف، أن السيد ويناتا لم يقبض عليه أو يحتجز أو يسجن أو يحقق معه أو تساء معاملته في إندونيسيا، أو أن ممتلكاته قد أتلفت.

(20) الإشارة إلى التقرير الدوري الثالث بمقتضى العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن اللجنة في الفقرات 323-332 و1193.

(21) تشير الدولة الطرف إلى تصنيف تقرير الطبيب النفسي لباري باعتباره "ولداً أستراليا صينياً متعدد الثقافات".

(22) قدم صاحبا البلاغ صورة من بيان لوسائل الإعلام بهذا المعنى صادر عن وزير الهجرة وشؤون التعدد الثقافي.

تذييل

رأي فردي من أعضاء اللجنة برافولاشاندراه ن. باغواتي، وتوفيق خليل وديفيد كريتسمير وماكس يالدن (مختلف مع رأي اللجنة)

1 - ليست المسألة المطروحة في هذا البلاغ هي ما إذا كانت حالة مقدمي البلاغ وابنهما تثير التعاطف، ولا ما إذا كان أعضاء اللجنة يرون أنها ستكون لفتة كريمة من الدولة الطرف أن تسمح لهم بالبقاء في أراضيها، وإنما هي ما إذا كانت الدولة الطرف ملزمة قانوناً بمقتضى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن تمتنع عن مطالبة مقدمي البلاغ بمغادرة أستراليا. ولا نستطيع أن نوافق على رأي اللجنة بأن الإجابة على هذا السؤال هي بالإيجاب.

2 - وتؤسس اللجنة رأيها على ثلاثة مواد في العهـد: الفقـرة الأولى من المادة 17 إلى جانب المادة 23 والمادة 24، ولم يتقدم مقدما البلاغ بأي معلومات عن تدابير الحماية التي يطلب من الدولة الطرف اتخاذها للوفاء بالتزاماتها بمقتضى المادة الأخيرة، فكثير من الأسر في العالم كله تنتقل من بلد إلى آخر، حتى حين يكون أطفالها في سن الدراسة، وموفقين في الاندماج في المدرسة في بلد ما، فهل على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لحماية الأطفال من مثل هذا التصرف من جانب والديهم؟ يبدو لنا أن حكماً قيمياً غامضاً بأن طفلاً ما قد يكون أفضل حالاً إذا أمكن تجنب إجراء ما لا يمثل أساساً كافياً لإثبات ادعاء أن دولة طرف قد عجزت عن توفير إجراءات الحماية التي تقتضيها المادة 24 لهذا الطفل. ومن ثم فإننا نرى أن مقدمي البلاغ لم يقدما أدلة، لأغراض المقبولية، تدعم ادعاءهما انتهاك المادة 24، وبالتالي كان ينبغي اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

3 - وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 17 تخامرنا شكوك جدية فيما إذا كان قرار الدولة الطرف بمطالبة مقدمي البلاغ بمغادرة أراضيها يتضمن تدخلاً في شؤون أسرتهما، فليست هذه حالة سيترتب فيها على قرار الدولة الطرف انفصالاً حتمياً بين أفراد الأسرة، وهو ما يمكن اعتباره بالتأكيد تدخلاً في شؤون الأسرة (22) . غير أن اللجنة تشير إلى "تغييرات جوهرية في حياة الأسرة المستقرة منذ وقت طويل"، وإذا كان هذا التعبير قد ورد في أحكام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية (22) فإن اللجنة لم تبحث ما إذا كان مفهوماً سليماً في إطار المادة 17 من العهد التي تشير إلى التدخل في شؤون الأسرة وليس إلى احترام حياة الأسرة المذكور في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية. وليس من الواضح إطلاقاً أن تصرفات دولة طرف تؤدي إلى تغييرات في حياة الأسرة المستقرة منذ وقت طويل تتضمن تدخلاً في شؤون الأسرة حين لا تكون هناك عقبة أمام المحافظة على وحدة الأسرة. غير أننا لا نرى حاجة إلى التعبير عن رأي نهائي في هذه المسألة في القضية الحالية لأنه حتى إذا كان هناك تدخل في الحياة الأسرية لمقدمي البلاغ ففي رأينا أنه لا أساس للقول بأن قرار الدولة الطرف كان تعسفياً.

4 - ولم تقدم اللجنة أي تأييد أو تدليل على قولها إن الدولة الطرف ملزمة، لتجنب وصف قرارها بالتعسف، بأن تقدم عوامل إضافية إلى جانب مجرد إنفاذها لقوانينها الخاصة بالهجرة. وصحيح أن هناك حالات استثنائية يكون فيها التدخل في شؤون الأسرة من القوة بحيث أن مطالبة أحد أفراد الأسرة الموجود في أراضيها بصورة غير قانونية بالمغادرة تكون غير متناسبة مع مصلحة الدولة في المحافظة على احترام قوانينها الخاصة بالهجرة. وفي هذه الحالات قد يكون من الممكن وصف قرار يطلب من هذا الفرد في الأسرة المغادرة بأنه قرار تعسفي، إلا أننا لا نستطيع أن نقبل أن مجرد واقعة أن الأشخاص الموجودين في أراضي دولة طرف بشكل غير قانوني قد أقاموا حياة أسرية هناك تستتبع أن على الدولة الطرف "إثبات وجود عوامل إضافية تبرر إبعاد الوالدين وتتجاوز مجرد إنفاذ قوانينها الخاصة بالهجرة لكي تتفادى صفة التعسف". فدلالة هذا التفسير الذي أخذت به اللجنة هي أنه إذا تمكن أشخاص موجودون في أراضي دولة طرف بصورة غير قانونية من إقامة أسرة، ونجحوا في الإفلات من كشفهم لفترة طويلة بما يكفي فإنهم في الواقع يكتسبون حق البقاء هناك. ويبدو لنا أن مثل هذا التفسير يتجاهل المعايير السائدة للقانون الدولي، التي تسمح للدول بتنظيم دخول الأجانب وإقامتهم في أراضيها.

5 - وكما سبقت الإشارة فإن قرار الدولة الطرف لا يفرض بأي حال انفصال أفراد الأسرة. وإذا كان صحيحاً أن ابن مقدمي البلاغ سيتعرض لصعوبات في التكيف لو أن مقدمي البلاغ عادا به إلى إندونيسيا فليست هذه الصعوبات كافية لتجعل قرار الدولة الطرف بمطالبة مقدمي البلاغ بمغادرة أراضيها غير متناسبة مع مصلحتها المشروعة في إنفاذ قوانينها الخاصة بالهجرة. ولا يمكن اعتبار مثل هذا القرار تعسفياً، وبالتالي لا تستطيع أن تشارك اللجنة رأيها أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق مقدمي البلاغ وابنهما بمقتضى المادتين 17 و23 من العهد.

6 - وقبل أن نختتم رأينا هذا نود أن نضيف إلى أنه يبدو لنا أن معالجة اللجنة لتعبيري "التدخل في شؤون الأسرة" و"تعسفي" المستخدمين في المادة 17، إلى جانب نفيه لأي معنى واضح لهذين التعبيرين، ستؤدي إلى آثار غير موفقة، فهي في المقام الأول تعاقب الدول الأطراف التي لا تبحث بنشاط عن المهاجرين غير القانونيين لإجبارهم على المغادرة وإنما تفضل الاعتماد على مسؤولية الزوار أنفسهم عن الامتثال للقوانين ولشروط التصريح لهم بالدخول، كما أنها تعاقب الدول الأطراف التي لا تتطلب من كل الأشخاص أن يحملوا وثائق هويتهم لكي يثبتوا وضعهم في كل مرة يتصلون بها بسلطة الدولة، لأن من السهل على الزوار الذين يحملون تأشيرات محدودة المدة أن يبقوا دون أن يكتشفوا في أراضي مثل هذه الدول الأطراف لفترة زمنية طويلة. وثانياً يمكن للنهج الذي اتبعته اللجنة أن يتيح ميزة غير عادلة لمن يتجاهلون اشتراطات الهجرة في بلد طرف، ويفضلون أن يبقوا بصورة غير قانونية في أراضيها بدلاً من اتباع الإجراءات المفتوحة أمام من يريدون الهجرة بمقتضى قوانين الدولة الطرف. وقد تثير هذه الميزة المشكلات بوجه خاص حين تعتمد الدولة الطرف سياسية الهجرة المحدودة، استناداً إلى عدد محدد من المهاجرين في كل عام محدد، لأنها تسمح للمهاجرين المحتملين بأن "يتخطوا الطابور" بالبقاء بصورة غير قانونية في أراضي الدولة الطرف.

(توقيع) برافولاشاندرا ن. باغواتي

(توقيع) أحمد توفيق خليل

(توقيع) ديفيد كريتسمر

(توقيع) ماكس يالدن

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، وستترجم في وقت لاحق إلى الروسية والصينية والعربية، وستصدر كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]

المرفق الحادي عشر

قرارات اللجنة المعنية بحقوق الانسان بإعلان عدم قبول البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

ألف - البلاغ رقم 762/1997، جنسن ضد أستراليا

القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون*

المقدم من: السيد مايكل جنسن

الشخص المدعي أنه ضحية: مقدم البلاغ

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ البلاغ: 2 نيسان/أبريل 1996 (البلاغ الأوّلي)

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد ب. ن. باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين. وطبقاً للمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد إيفان شيرر في فحص القضية.

إن اللجنة المعنية بحقوق ال إ نسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 آذار/مارس 2001،

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1 - مقدم البلاغ، المؤرخ 2 نيسان/أبريل 1996 كبلاغ أوّلي، هو السيد مايكل جنسن الذي يحمل الجنسية الأسترالية، والمولود في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 1947. وهو مسجون حاليا في سجن كارنت فارم في أستراليا الغربية. ويدعي أنه ضحية انتهاك أستراليا للفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 2، والمادة 7، والفقرات 1 و2 و3 من المادة 9، والفقرتين 1 و3 من المادة 10، والفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 15، من العهد. ولا يمثله محام.

الوقائع كما عُرضت

2-1 في 29 آب/أغسطس 1990، أصدرت المحكمة العليا لأستراليا الغربية حكما بإدانة مقدم البلاغ بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على مريضة نفسية كانت تحت رعايته في مستشفى العلاج النفسي بأستراليا الغربية في 1989 (جرائم أستراليا الغربية). وكانت العقوبة هي السجن لمدة تسع سنوات. وكان أقرب تاريخ يمكن أن يكون فيه مقدم البلاغ مؤهلا لإخلاء السبيل المشروط هو 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1994.

2-2 وقد اكتشفت الشرطة، أثناء قيامها بالتحريات والتحقيق في هذه الوقائع، شريط فيديو وصورا فوتوغرافية في منزل مقدم البلاغ تشهد على جرائم أخرى ارتكبها مقدم البلاغ الذي اغتصب طفلة عمرها سبع سنوات وارتكب ضدها أفعالا فاضحة عشر مرات، واعتدى بالفعل الفاضح ثلاث مرات في عام 1985 على أختها البالغة من العمر عشر سنوات (جرائم كوينزلاند). وقال مقدم البلاغ إن والدة الطفلتين كانت على علم بسلوكه في ذلك الوقت، ولكنها لم توجه له اتهاما لأنه نُقل الى أستراليا الغربية.

2-3 وفي 31 تموز/يوليه 1990، وحينما كان مقدم البلاغ محتجزاً رهن البت في الجريمة التي ارتكبها في أستراليا الغربية، شرعت الشرطة في استجوابه بشأن شريط الفيديو والصور الفوتوغرافية في الجريمة المرتكبة في كوينزلاند. وأبلغت الشرطة مقدم البلاغ بمحتوى شريط الفيديو وهوية الضحية كما أبلغته أنها تلقت شكوى بهذا الخصوص. وأثناء الاستجواب، أبلغت الشرطة مقدم البلاغ بأنه سيتم تقديم طلب لتسليمه الى السلطات في كوينزلاند بمجرد الإفراج عنه.

2-4 وفي جلسة متعلقة بتخطيط تنفيذ العقوبات في أستراليا الغربية، عقدت في تشرين الأول/أكتوبر 1990، استفسر مقدم البلاغ عما اذا كانت توجد أية أوامر بتوقيفه في أي ولاية من ولايات أستراليا، وأجيب بالنفي. وفي 6 آذار/مارس 1991، حكمت محكمة بيرث الجزئية على مقدم البلاغ بالحبس لمدة سنة، على أن تُضم الى مدة العقوبة البالغة تسع سنوات والمحكوم بها عليه بسبب أربع جرائم اقتحام عدة مخافر للشرطة في أستراليا الغربية للاستيلاء على أدلة الجرائم التي ارتكبها في كوينزلاند، وهي شريط الفيديو والصور الفوتوغرافية، أو إتلافها.

2-5 وفي أيلول/سبتمبر 1991، وفي جلسة أخرى لتخطيط تنفيذ العقوبات في أستراليا الغربية، استفسر مقدم البلاغ عما اذا كانت توجد أوامر بالقبض عليه في أية ولاية من ولايات أستراليا، فأجيب بالنفي. وفي 14 تشرين الأول/أكتوبر 1992، أطلعته السلطات على نسخة من رسالة مؤرخة في 13 آب/أغسطس 1992 وموجهة من شرطة كوينزلاند الى هيئة السجون في بيرث تفيد بأن أمراً بالقبض قد صدر ضد مقدم البلاغ بتهمة اغتصاب ارتكب في كوينزلاند في عام 1985، كما أفادت الرسالة بأن إجراءات تسليمه ستبدأ بمجرد الإفراج عنه من السجن. ولم يكن أمر إلقاء القبض عليه، الذي أُعد في آب/أغسطس 1992، يحمل أي توقيع؛ وكان هذا خطأ بشرياً ترتب عليه انعدام أثره القانوني.

2-6 وطلب محامي مقدم البلاغ نسخة من أمر إلقاء القبض عليه والتفاصيل الكاملة لجميع التهم الموجهة ضد موكله. وفي كانون الثاني/يناير، صدرت نسخة من الأمر الصحيح بإلقاء القبض على مقدم البلاغ، مؤرخة في 7 كانون الثاني/يناير 1993، بتهمة اغتصاب فتاة قاصر في كوينزلاند في عام 1985. ولم تُذكر في الأمر أية وقائع ظرفية ولم تبيَّن فيه أية جرائم أخرى.

2-7 وفي 5 نيسان/أبريل 1993، قدم مقدم البلاغ التماسا مكتوبا الى السلطات المختصة بشأن نقله الى ولاية كوينزلاند بسبب التهمة الموجهة اليه. وفي 23 آب/أغسطس 1993، بدأ مقدم البلاغ متابعة برنامج لعلاج مرتكبي الجرائم المتصلة بالجنس في أستراليا الغربية. وفي 14 آذار/مارس و15 حزيران/يونيه 1994، وافقت السلطات المختصة في كل من ولاية أستراليا الغربية وولاية كوينزلاند على نقله الى كوينزلاند. وفي 30 حزيران/يونيه 1994، أكمل مقدم البلاغ برنامجه العلاجي.

2-8 وفي 15 أيلول/سبتمبر 1994، أمرت محكمة فريمانتل الجنائية بنقل مقدم البلاغ الى كوينزلاند. وانتهت المهلة القانونية لاعادة النظر في هذا القرار في 29 أيلول/سبتمبر 1994. وفي اليوم التالي، أي في 30 أيلول/سبتمبر 1994، أعلن مقدم البلاغ رسميا عن عزمه سحب طلب نقله من ولاية الى أخرى بسبب التأخير. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 1994، نُقل الى كوينزلاند ثم تم إلقاء القبض عليه عند وصوله ووجهت اليه تهمة اغتصاب فتاة قاصر، و13 تهمة فرعية تتعلق بارتكاب أفعال فاضحة، وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر، مثل مقدم البلاغ أمام محكمة بريسبين بسبب التهم الموجهة اليه في اليوم السابق؛ وأجلت الجلسة الى 1 كانون الأول/ديسمبر 1994 لمحاكمته.

2-9 وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 1994، حوكم مقدم البلاغ أمام محكمة بريسبين على التهم التي وجهت اليه في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1994. وفي 8 أيار/مايو 1995، اعترف مقدم البلاغ أمام محكمة بريسبين الجزئية بارتكاب جريمة الاغتصاب وبارتكابه الفعـل الفاضح 13 مرة في ظروف مشددة. وفي 5 تموز/يوليه 1995، صدر حكم ضده بعقوبة الحبس لمدة خمس سنوات على جريمة الاغتصاب وثمانية عشر شهرا عن كل مرة من المرات الست لارتكاب الفعل الفاضح، وتسعة شهور عن كل مرة من المرات السبع لارتكاب الفعل الفاضح، على أن تُنفَّذ هذه العقوبات في آن واحد. وأصدرت المحكمة الجزئية توصية بأن يصبح مقدم البلاغ مؤهلا للنظر في إخلاء سبيله المشروط بعد انقضاء عامين من الحبس. وبدأ تنفيذ عقوبة السجن فور صدور الحكم.

2-10 وفي 20 تموز/يوليه 1995، قدم مقدم البلاغ طلبا مكتوبا لنقله الى أستراليا الغربية ليكون قريبا من أسرته. ولم يتسن النظر في طلبه بسبب استئناف لم يبت فيه كانت جهة الادعاء قد قدمته لتطعن في العقوبة لجملة أسباب من بينها عدم التناسب الواضح. وفي 2 نيسان/أبريل 1996، قدم بلاغه الى اللجنة المعنية بحقوق الانسان. وفي 11 حزيران/يونيه 1996، رفعت محكمة الاستئناف في كوينزلايند مدة العقوبة الى 11 سنة على تهمة الاغتصاب مع بقاء العقوبات الأخرى على تهم الفعل الفاضح كما هي. وتم تأريخ العقوبة المعدَّلة بحيث تبدأ في 7 تموز/يوليه 1995 وترتب على ذلك أن خمسة أعوام من العقوبات المفروضة أصلا على الجرائم المرتكبة في أستراليا الغربية ستُقضى في الوقت نفسـه. وأوصت المحكمة بأن يبدأ النظر في إخلاء سبيله المشروط بعد 29 آب/ أغسطس 1998.

2-11 وفي 12 حزيران/يونيه 1996، قدم مقدم البلاغ التماسا كتابياً آخر لنقله الى أستراليا الغربية لأسباب تتعلق بحالته الشخصية. وفي 13 آب/أغسطس 1996، بدأ في متابعة البرنامج العلاجي لمرتكبي الجرائم المتصلة بالجنس في كوينزلاند، وأتمه في 7 تشرين الأول/أكتوبر 1997، وحصل على الموافقات اللازمة لنقله من ولاية الى أخرى. وفي 23 نيسان/أبريل 1998، نقل من كوينزلاند الى السجن في أستراليا الغربية.

2-12 وفي 31 تموز/يوليه و18 آب/أغسطس 1998، أجَّل مجلس البت في إخلاء السبيل المشروط النظر في حالة مقدم البلاغ، انتظارا للحصول على مزيد من المعلومات. وفي 11 أيلول/سبتمبر 1998 رفض المجلس إخلاء سبيله المشروط خشية عودته الى ارتكاب نفس الجرائم بسبب ماضيه المعروف بالجرائم المتصلة بالجنس ولأنه لم يستفد إلا بقدر محدود من برامج العلاج. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، وبعد الاطلاع على تقرير آخر عن حالته النفسية، ثم في 8 نيسان/أبريل 1999 و28 نيسان/أبريل 2000، أعاد المجلس المعني بإخلاء السبيل المشروط النظر في طلبه ولكنه رفضه. وفي الوقت الحاضر، لا يزال مقدم البلاغ محتجزا، ومن المقرر أن يعيد المجلس النظر في حالته في نيسان/أبريل 2001.

الشكوى

3-1 يدعي مقدم البلاغ أنه حدث في حالته انتهاك للفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 2 حيث لم توفر له سبل الانتصاف الفعالة ضد الانتهاكات التي ادعى حدوثها؛ وهو يدعي بوجه خاص أن أداءه في البرامج العلاجية لم يقيَّم ويعرض على النحو الواجب مما أدى إلى أن يرفض المجلس طلب إخلاء سبيله المشروط.

3-2 ويدعي مقدم البلاغ أن التأخير في محاكمته على جرائم كوينزلاند انتهك حقوقه المنصوص عليها في الفقرات 1 و2 و3 من المادة 9، والفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 14. ويحتج بأن الشرطة كانت تعلم بالجرائم منذ عام 1990، وأنه بذل محاولات متكررة لمعرفة ما اذا كانت هناك تهم موجهة اليه، وأن أمر إلقاء القبض عليه، بصيغته السليمة، لم يصدر إلا في كانون الثاني/يناير 1993 وعن جريمة واحدة فقط، وأن تهما أخرى يبلغ عددها 13 تهمة أضيفت في تشرين الأول/أكتوبر 1994.

3-3 ويدعي مقدم البلاغ أن نقله الى كوينزلاند تأجل عن عمد لحين اقتراب الموعد الذي كانت حالته ستصبح فيه مؤهلة للنظر في إخلاء السبيل المشروط. وهذا التصرف، مقترنا بواقعة نقله الى كوينزلاند بعد سحب طلب نقله، يعني أن احتجازه في كوينزلاند حتى وقت فرض العقوبة اعتُبر من الناحية القانونية استمرارا لعقوبته المتعلقة بجرائم أستراليا الغربية. وما كان لهذا الأمر أن يحدث لو كان قد أُخلي سبيله بشروط قبل أن توجه اليه تهم ارتكاب جرائم كوينزلاند. وعليه، فإنه يعتبر أن احتجازه قد مُدِّد بتسعة شهور، وهي الفترة بين النقل وبدء قضاء العقوبة على جرائم كوينزلاند. ويرى مقدم البلاغ أن ذلك يشكل احتجازا تعسفيا وفقا للفقرة 1 من المادة 9.

3-4 ويدعي مقدم البلاغ كذلك أن التأخير، أولاً في توجيه التهم اليه، ثم في نقله الى كوينزلاند وعدم إرجاعه الى أستراليا الغربية ليكون قريبا من أسرته بعد محاكمة كوينزلاند مباشرة يعتبر نوعا من أنواع القمع وأنه أدى الى إصابته بصدمات نفسية ومعنوية لا مبرر لها، وشملت الاكتئاب والميل الى الانتحار، الى جانب اصابته بالأرق وسقوط الشعر والتعرُّض للعلاج الكيميائي. ويدعي بأن ذلك يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

3-5 وأفاد مقدم البلاغ بأنه تلقى، أثناء وجوده في السجن، علاجا مكثفا وأن التقارير عن حالته النفسية تبين أنه ليس من المرجح أن يعود الى الإجرام. ويحتج بأن سجنه مرة أخرى، بسبب جرائم وقعت منذ عشر سنوات، بعد أن أصبح مستعدا لإعادة تأهيله وإعادة إدماجه في المجتمع قد أضر بإعادة تأهيله وأدى إلى إحداث ضغط معنوي ونفسي شديد. ويدعي أن ذلك يشكل انتهاكا للفقرة 3 من المادة 10 من العهد.

3-6 وفي الختام، يذكر مقدم البلاغ أنه، نظرا لصدور قانون جديد في كوينزلاند، تم تعديل عقوبة السجن المحكوم بها عليه من 11 سنة مع فترة ثلاث سنوات لا يكون فيها مؤهلا لإخلاء السبيل المشروط الى 8 سنوات وفترة ثمانية شهور لا يكون فيها مؤهلا لإخلاء السبيل المشروط. ويعني هذا أنه لن يكون مؤهلاً للإفراج المشروط قبل نيسان/أبريل 2004 على أقل تقدير، ويدعي أن ذلك يشكل انتهاكا للمادة 15.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 فيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 2، ترى الدولة الطرف أن حقوق الانتصاف هذه هي حقوق تبعية بطبيعتها وتكون واجبة التطبيق عقب انتهاك حق محدد من الحقوق المنصوص عليها في العهد. وبما أن الدولة الطرف لا ترى أنه ثبت حدوث أي انتهاك آخر، فإنها تحتج بأن مقدم البلاغ لم يقدم الدليل على ادعائه بحدوث انتهاك للمادة 2.

4-2 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10، تشير الدولة الطرف الى ما توصلت اليه اللجنة بشأن الاقتراح القائل بأنه يتعين، لوصف العقوبة بأنها تنتهك العهد، أن تكون مهينة أو مزرية أو، على أية حال، أن تترتب عليها عناصر تتجاوز مجرد الحرمان من الحرية. وتحتج الدولة الطرف بأن حرمان مقدم البلاغ من حريته كان بشكل قانوني في جميع المراحل وأن أي معاناة عقلية شعر بها هي أمر تبعي. وتقول الدولة الطرف، على عكس ما يدعي مقدم البلاغ، إن الفحوصات الاكلينيكية المتعلقة باحتجازه في أستراليا الغربية بيّنت أنه لم يكن يعاني إلا من حالات قلق دورية واكتئاب بسيط بين الحين والحين، ولم يتعرض لعلاج كيميائي ولا لسقوط الشعر ولا للأرق ولا لأية صدمات خطيرة نفسية أو معنوية. وبالمثل، وخلال فترة احتجازه في كوينزلاند، أظهر فحص أن المشكلة الطبية الوحيدة لديه هي احتمال الاصابة بالاكتئاب وأنه لا توجد حاجة الى علاج بالأدوية. وبناء على ذلك، تعتبر الدولة الطرف أن هذا الجزء من البلاغ ليس نقطة حاسمة من حيث الحقوق المدعى بها وأنه لم يدعَّم بأدلة كافية. وعليه، ينبغي اعتباره غير مقبول.

4-3 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، تقر الدولة الطرف بأن مفهوم التعسف في الفقرة 1 ينطوي على عناصر من عدم المواءمة وعدم الإنصاف وعدم القابلية للتنبؤ. وتحتج كذلك بأن الحق المنصوص عليه في الفقرة 2 من وجوب إبلاغ الشخص المعني فورا بالتهم الموجهة اليه هو حق يتعلق فقط بمرحلة إلقاء القبض على الشخص. وعلاوة على ذلك، فإن الاشتراط المنصوص عليه في الفقرة 3 من أن الشخص المتهم بجناية والذي تم إلقاء القبض عليه أو احتجازه ينبغي أن يمثل فورا أمام القاضي هو اشتراط يتعلق أيضا بمرحلة توقيف الشخص أو احتجازه بشأن هذه التهم بعينها.

4-4 وتشير الدولة الطرف الى أنه يجوز، بموجب قوانينها، نقل شخص من ولاية الى أخرى لمحاكمته على تهم جنائية وذلك بمجرد الإفراج عنه نهائيا أو إخلاء سبيله بشروط ("التسليم")، أو كبديل لذلك، في أي وقت يطلب فيه السجين نقله ("النقل من ولاية الى أخرى"). وتشير الدولة الطرف الى أنه في تموز/يوليه 1990، تم إبلاغ مقدم البلاغ بأنه سيتم لدى الإفراج عنه، تقديم طلب بتسليمه لمحاكمته على التهم الموجهة اليه في كوينزلايند. ولكن مقدم البلاغ رفض الاجابة عن الأسئلة المتعلقة بجرائمه. وتلاحظ الدولة الطرف أنه لما لم يكن من المقرر النظر في الإفراج المشروط عن مقدم البلاغ قبل تشرين الثاني/نوفمبر 1994 على أقرب تقدير، فإنها لم تعتبر أن ثمة إلحاحا في تنفيذ أمر إلقاء القبض عليه. وتم الحصول على أمر غير سليم في آب/أغسطس 1992، ثم على أمر سليم في كانون الثاني/يناير 1993. وفي تلك المرحلة، في نيسان/أبريل 1993، طلب مقدم البلاغ نقله الى كوينزلاند لمحاكمته على التهم الموجهة اليه. وعقب الحصول على موافقة السلطات المعنية في الولايتين كلتيهما، عقدت احدى المحاكم جلسة للنظر فيما اذا كان ينبغي نقله.

4-5 وتشير الدولة الطرف الى أن قوانينها تنص على أنه يجوز للمحكمة ألا تصدر هذا الأمر بالنقل، بناء على طلب السجين، إذا اقتنعت بأن المضي في إجراءات النقل سيكون قاسيا أو قمعيا أو في غير صالح العدالة. وفي هذه القضية مثَّل محام مقدم البلاغ وكان أمامه خيار التماس اعادة النظر في غضون 14 يوما. وبعد انقضاء تلك الفترة، أصبح حكم المحكمة نهائيا ولم يعد سحب مقدم البلاغ لطلبه بعدها ذا أثر قانوني.

4-6 وتقر الدولة الطرف بأن الأمر الأصلي بإلقاء القبض قد تضمن تهمة واحدة، وأنه تم إلقاء القبض على مقدم البلاغ بتهم أخرى بسيطة عددها 12 تهمة عند وصوله الى كوينزلاند. غير أن الدولة الطرف تفيد بأن من المعتاد إصدار أمر يتعلق بتهمة واحدة وهي، في هذه الحالة، أشد التهم خطورة، بينما يجري النظر في التهم الأخرى على أساس ما قد يظهر من أدلة في غضون ذلك. وقد اطَّلع مقدم البلاغ يوم وصوله الى كوينزلاند في تشرين الأول/أكتوبر 1994 على جميع أوامر التوقيف البالغ عددها 13 أمرا. وفي اليوم التالي مثل أمام المحكمة. وفي كانون الأول/ديسمبر 1994 أُجريت محاكمة أوَلية له. وفي آذار/مارس 1995 أُجريت محاكمة كاملة. وفي الختام، تشير الدولة الطرف الى أنه في قضية مقدم البلاغ كما يحدث في القضايا الأخرى عادة، تُقضى مدة العقوبة الجديدة المحكوم بها في كوينزلاند في نفس الوقت الذي تُقضى فيه مدة العقوبة المحكوم بها أصلا.

4-7 وفيما يتعلق بإخلاء السبيل المشروط، تقول الدولة الطرف إن المجلس المعني بإخلاء السبيل المشروط في أستراليا الغربية لم يتلق على الإطلاق طلبا من مقدم البلاغ لأنه طلب نقله الى ولاية أخرى هي كوينزلاند. وعلى أية حال، فإن الحق في إخلاء السبيل المشروط لا يكون حقا تلقائيا وقت عرض المسألة للنظر فيها، بل يتعين دراسة الحالة بعناية من حيث تحسن سلوك الشخص المعنى ومدى المخاطر التي تحيط بالمجتمع المحلي في حالة إخلاء سبيله بشروط.

4-8 وعلى أساس الوقائع المبينة أعلاه، ترى الدولة الطرف أنه لا يحق لمقدم البلاغ المطالبة بأي شئ يتعلق بأي فقرة من الفقرات الثلاث من المادة 9. وكان من الممكن قانونا أن يظل مقدم البلاغ محتجزا بموجب حكم المحكمة الأصلي حتى 28 آب/أغسطس 2000. ولم يكن ملفه، وقت نقله، معروضا للنظر في إخلاء سبيله المشروط ومن باب أولى لم يكن قد صدر قرار بإخلاء سبيله المشروط؛ وهو لا يستطيع بناء على ذلك أن يدعي بأنه كان محتجزا احتجازا تعسفيا؛ كما أنه لا يوجد أي دليل على حدوث تأخير متعمد في أي مرحلة من المراحل. وبمجرد إلقاء القبض عليه، أُبلغ بالتهم الموجهة اليه ومثل فورا أمام القاضي ثم أجريت محاكمته، حسبما ينص عليه العهد. ولم يعرض مقدم البلاغ أية أدلة على ادعاءاته هذه، ولذلك ينبغي رفضها واعتبارها غير مقبولة.

4-9 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ بأن الغرض الأساسي من علاجه لم يكن الإصلاح وإعادة التأهيل اجتماعيا، تلاحظ الدولة الطرف أن نظام السجون فيها يتوخى تحقيق هذين الهدفين بغية تنمية إرادة السجناء في أن يعيشوا حياتهم ملتزمين بالقانون ومعتمدين على أنفسهم بعد الإفراج عنهم، ومساعدتهم على الاستعداد لهذه الحياة. ومن بين مجموعة واسعة التنوع من البرامج، تهدف برامج علاج مرتكبي الجرائم المرتبطة بالجنس في كل من أستراليا الغربية وكوينزلاند الى إعادة تأهيل أشخاص مثل مقدم البلاغ وعلى التقليل من تواتر ونطاق العودة الى الإجرام. ولم ينجح علاج مقدم البلاغ في إطار برنامج أستراليا الغربية مما أدى الى كونه استكمل، بالوتيرة التي حددها هو، برنامج كوينزلاند قبل نقله مرة أخرى الى أستراليا الغربية. أما امكانية النقل بين الولايات لأسباب اجتماعية، حسبما طلب مقدم البلاغ وحسبما أجيب طلبه، فهو بُعد آخر من أبعاد النظام الذي وُضع من أجل الإصلاح وإعادة التأهيل قدر الإمكان.

4-10 وتشير الدولة الطرف الى أن كلا من محكمة كوينزلاند الجزئية والمحكمة العليا اعتبرتا أن مقدم البلاغ لم ينجح في استكمال برنامج أستراليا الغربية. وفي جميع المراحل التي كانت فيها هذه المسألة مطروحة أمام المحاكم، توافر لمقدم البلاغ ممثل قانوني وتوافرت له فرصة استجواب الشهود. وبناء على ذلك، لا يمكن أن تؤسس على ذلك حجة يُعتد بها لإخلاء السبيل المشروط مبكرا. ومع احترام الدولة الطرف للجنة، فإنها تعتبر أن مسألة اتمام البرنامج العلاجي بنجاح أو بغير ذلك هي مسألة وقائع تخرج عن نطاق دور اللجنة. وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن اشتراط أن يكمل مقدم البلاغ برنامج كوينزلاند بنجاح قبل إعادة نقله الى كوينزلاند هو اشتراط معقول بالنظر الى إخفاقه في البرنامج السابق. وتذكر الدولة الطرف أن تقييم أداء مقدم البلاغ في برنامج كوينزلاند كان سابقا على اجراءات المجلس المعني بإخلاء السبيل المشروط وعلى الاجراءات الأخرى. ولذلك، ترى الدولة الطرف أن مقدم البلاغ لم يعرض الأدلة الكافية لدعم ادعائه بهذا الصدد وينبغي أن يُعتبر الادعاء غير مقبول.

4-11 وفيما يتعلق بادعاءات مقدم البلاغ بأن حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 قد انتهكت، تشير الدولة الطرف الى أن الملاحظات العامة للجنة بشأن المادة 14 تفيد بأن حق الشخص في إبلاغه فورا بالتهم الموجهة اليه يشترط تقديم هذه المعلومة بمجرد أن تحدد السلطات المختصة هذه التهم أي عندما تقرر السلطات المختصة اتخاذ الخطوات الاجرائية ضد المشتبه فيه أو عندما تحدد أنه مشتبه فيه. وقد فسرت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان المسألة بنفس التفسير قائلة بوجوب أن تبدأ اجراءات إنفاذ الحق عند توجيه التهم أو عند إبلاغ الشخص رسميا بأن ثمة ادعاءً بأنه ارتكب جريمة.

4-12 وفيما يتعلق بالفقرة 3(أ) من المادة 14، تحتج الدولة الطرف بأن الوقائع تنم عن بذل جهود معقولة ومناسبة لإبلاغ مقدم البلاغ، في جميع المراحل، بطبيعة وأسباب التهم الموجهة اليه. فقد كان مقدم البلاغ يعلم منذ عام 1990 أن التحريات جارية بشأن الجرائم المرتكبة في كوينزلاند في عام 1985. كما أنه أُبلغ بطبيعة التهم الموجهة اليه عندما أُعلن لأول مرة أنه مشتبه فيه في ارتكاب تلك الجرائم، أي في 7 كانون الثاني/يناير 1993 عندما صدر أمر إلقاء القبض عليه بتهمة واحدة هي الاغتصاب. وكانت هذه هي أخطر الجرائم التي حوكم عليها مقدم البلاغ في وقت لاحق. وبناء على ذلك، تحتج الدولة بأن مقدم البلاغ لم يقدم الأدلة على هذا الادعاء وبالتالي فإنه غير مقبول.

4-13 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ بحدوث انتهاك للفقرة 3(ج) من المادة 14، تكرر الدولة الطرف التذكير بوقائع القضية. وتؤكد على أن مقدم البلاغ رفض التعاون مع الشرطة في التحقيقات التي جرت في عام 1990. وكان أقرب موعد يمكن فيه تسليمه بعد انتهاء مدة العقوبة هو 11 تشرين الأول/نوفمبر 1994، ولكن أمرا صدر في كانون الثاني/يناير 1993. وبعد أن طلب مقدم البلاغ نقله في أيار/مايو 1993، أكمل برنامجا علاجيا، وحصل على الموافقات اللازمة ونُقل في تشرين الأول/أكتوبر 1994. وعقب ذلك مباشرة أٌلقي القبض عليه ووجهت التهم اليه ومثل أمام المحكمة في اليوم التالي. وعلى مدى الأسابيع الستة التالية، عُين له محام لإعداد دفاعه. وفي كانون الأول/ديسمبر 1994، تقررت محاكمته في حزيران/يونيه 1995 ولكنه أقر في أيار/مايو 1995 بأنه مذنب في جميع التهم الموجهة اليه. وفي تموز/يوليه 1995، صدر ضده حكم، على أن يُبت في الاستئناف في تموز/يوليه 1996.

4-14 وتقول الدولة الطرف إن تصرف السلطات كان محددا بالقانون وأنه تم وفقا للقانون ودون أن تشوبه أية مخالفات؛ كما أن تصرفها لم يؤد الى أي تأخير لا لزوم له في محاكمة مقدم البلاغ. وترى الدولة الطرف أن الفترة التي انقضت بين توجيه الاتهام في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1994 وصدور الحكم بالعقوبة في 7 تموز/يوليه 1995، وتشديد العقوبة بعد النظر في الاستئناف في 11 حزيران/يونيه 1996، هي فترة معقولة بالنظر الى ظروف هذا البلاغ.

4-15 وأخيرا، وفيما يتعلق بالمادة 15، تشير الدولة الطرف الى أن التعديلات التي أُدخلت مؤخرا على نظام العقوبات في كوينزلاند هي تعديلات تتعلق بالمستقبل فقط ولا تؤثر على مقدم البلاغ. وبناء على ذلك، يكون قد أخفق في تقديم الأدلة الداعمة لادعائه بشأن المادة 15؛ ومن ثم ينبغي أن يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

رد مقدم البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 فيما يتعلق بالمادة 2، يكرر مقدم البلاغ ادعاءه بأن السلطات أخفت وزيفت عن عمد نتيجة أدائه في إطار البرنامج العلاجي؛ وهو يدعي أنه ترتبت على ذلك قضية.

5-2 وفيما يتعلق بادعائه في إطار المادة 7، يحتج مقدم البلاغ بأنه توجد تقارير مزيفة أدت الى تشديد عقوبته بما يتجاوز الحدود المنصوص عليها. ويذهب مقدم البلاغ الى أنه اذا وُضع ذلك في الاعتبار، علاوة على التأخير في محاكمته، يتضح أن هناك انتهاكا للمادة 7.

5-3 وفيما يتعلق بالمادة 9، يدعي مقدم البلاغ أن أحدا لم يبلغه، في المقابلة التي تمت في عام 1990، بأن تهما ستوجه اليه بعد الإفراج عنه، وإنما قيل له فقط إن الشرطة ستبحث عنه مرة أخرى بعد عشر سنوات. ولم يبلَّغ إلا في عام 1990 بأن التهم المتعلقة بجرائم كوينزلاند لم يبت فيها بعد. ويرى مقدم البلاغ أنه ما كان لشرطة كوينزلاند أن تنتظر عن عمد لمدة سنتين قبل إبلاغ سلطات أستراليا الغربية بالتهم الموجهة اليه. ويدعي مقدم البلاغ أن هذه الاجراءات من جانب الشرطة أدت الى حرمانه من إخلاء السبيل المشروط وبالتالي حرمانه من حريته.

5-4 ويحتج مقدم البلاغ بأنه لا يوجد مبرر للتأخير لفترة تبلغ نحو 5 سنوات بين تحريات الشرطة وتوجيه التهم اليه بشأن جرائم كوينزلاند. ويقول إنه لو كانت التهم قد وُجهت اليه قبل ذلك لاستطاع أن يتصرف حيالها في وقت مبكر أثناء احتجازه. ويمضي مقدم البلاغ في الاعتراض بالتفصيل على العقوبات المفروضة عليه ويخلص الى أنه لو كان ثمة إقرار بنجاحه في البرنامج العلاجي لحصل على إخلاء السبيل المشروط.

5-5 وفيما يتعلق بالمادة 14، يكرر مقدم البلاغ قوله بأنه لم تُذكر في المقابلة التي أجريت عام 1990 أي تهم ولم تورد الشرطة أية إشارة الى أحداث محددة. ويلاحظ أنه تم التأكيد له، قبل عام 1992، على أنه لا توجد أي تهم ضده أو طلبات بتسليمه. ويقول أيضا إن التأخير في انهاء اجراءات النقل الى كوينزلاند أدى الى تعطيل لا لزوم له في البت في التهم الموجهة عن جرائم كوينزلاند.

5-6 ويقبل مقدم البلاغ ما أوردته الدولة الطرف فيما يتعلق بالمادة 15، ويتنازل عن هذا الجزء من ادعائه.

المسائل والاجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الانسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، وطبقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما اذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 فيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ بأن السلطات قد عرَّضته للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاانسانية والمهينة بما يتنافى مع المادة 7، وأنها أساءت معاملته بطرق أخرى بما يتنافى مع الفقرة 1 من المادة 10، تشير اللجنة الى ما سبق لها أن اعتمدته من أن أي ادعاء يقدمه سجين، بموجب هاتين المادتين، يجب أن يدعَّم بعامل إضافي أدى الى تفاقم الحالة بما يتجاوز حدود الأحداث العادية التي تقع أثناء الاحتجاز. وفي الحالة قيد النظر، لم يثبت مقدم البلاغ، لأغراض المقبولية، أنه عومل بأي طريقة تختلف عن المعاملة العادية التي يعامَل بها السجناء. وبناء على ذلك، يعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وفيما يتعلق بادعاءات مقدم البلاغ في إطار الفقرات 1 و2 و3 من المادة 9، ترى اللجنة أن الوقائع تثبت بوضوح أنه بمجرد إلقاء القبض على مقدم البلاغ بسبب جرائم كوينزلاند، تم إبلاغه بالتهم وإحضاره أمام المحكمة بعد فترة معقولة من توقيفه. ولذلك، يُعتبر أن مقدم البلاغ قد أخفق في أن يدعم، لأغراض المقبولية، هذا الجزء من ادعائه؛ وعليه يكون هذا الجزء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ في إطار الفقرة 3 من المادة 10 بأن الغرض الأساسي لنظام السجون في حالته لم يكن الإصلاح وإعادة تأهيله اجتماعيا، تلاحظ اللجنة أنه توجد في الدولة الطرف مجموعة متنوعة من البرامج والآليات التابعة لنظام السجون والموجهة لتحقيق هذه الغاية. وترى اللجنة أن مقدم البلاغ لم ينجح في تقديم الأدلة على أن تقييم الدولة الطرف للتقدم المحرز في مجال إصلاحه وإعادة تأهيله وللنتائج المترتبة على ذلك التقييم يثيران مسائل تتعلق باستيفاء الاشتراطات المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 10. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن مقدم البلاغ لم يقدم، لأغراض المقبولية، الأدلة الداعمة لادعائه بحدوث انتهاك للفقرة 3 من المادة 10، وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بادعاءات مقدم البلاغ في إطار الفقرتين 3(أ) و(ج) من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن قوانين الدولة الطرف تحظر نقل السجين لمحاكمته قبل الإفراج عنه، وهو ما لم يكن من المقرر حدوثه إلا بعد تشرين الثاني/نوفمبر 1994 ما لم يصدر طلب للنقل من ولاية الى أخرى وما لم يصدر أمر من المحكمة بهذا الشأن. وقد تم البت في طلبه طبقا لأمر المحكمة بهذا الشأن وبعد استلام إشعار بشأن أخطر التهم الموجهة اليه في عام 1993. فبمجرد وصوله وُجهت اليه التهمة عن الجريمة الرئيسية والتهم عن الجرائم التبعية، ثم حوكم وصدر حكم بإدانته في غضون الفترة المقررة. وترى اللجنة أن هذه الوقائع لا تدعم، لأغراض المقبولية، الادعاء المتعلق بالمادة 14؛ وعليه، يكون هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يتعلق بادعاء مقدم البلاغ في إطار المادة 2، ترى اللجنة أن مزاعم مقدم البلاغ بهذا الصدد لا تثير مسائل يمكن اضافتها الى المسائل موضع النظر في إطار المواد الأخرى التي سبق الاعتداد بها، وأن هذه الادعاءات لم تدعم بأدلة كافية لأغراض المقبولية.

6-7 وتلاحظ اللجنة، بشأن ادعاء مقدم البلاغ بحدوث انتهاك للمادة 15، أنه قد تنازل في رده على الدولة الطرف عن هذا الجزء من البلاغ؛ وبالتالي فليس مطلوبا من اللجنة النظر فيه (الفقرة 5-6 أعلاه).

7 - وبناء على ما تقدم، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا التقرير الى الدولة الطرف والى مقدم البلاغ.

[اعتُمد بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية، والنص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر بعد ذلك أيضا باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي الى الجمعية العامة.]

باء - البلاغ رقم 787/1997، غوبين ضد موريشيوس

القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من: السيد فيشواديو غوبين

الشخص المدّعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: موريشيوس

تاريخ البلاغ: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 (تاريخ الرسالة الأولى)

* شارك في بحث هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد لويس هانكين، السيد أحمد توفيق خليل، السيد إيكارت كلاين، السيد ديفيد كريتسمر، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد روفائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد إيفان شرر، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد باتريك فيلا والسيد ماكسويل يالدين.

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي:

عملاً بالمادة 84(1)(أ) من النظام الداخلي للجنة، لم يشارك السيد راجسومر لالاه في بحث هذه الحالة.

ترد كتذييل لهذه الوثيقة نص رأي فردي وقّع عليه كل من السيدة كريستين شانيه، والسيد لويس هانكين، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد ماكسويل يالدين، ورأي مخالف مستقل بتوقيع السيد إيكارت كلاين.

قرار بشأن المقبولية

1 - صاحب البلاغ، المؤرخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، هو السيد فيشواديو غوبين، وهو مواطن من موريشيوس، ولد في 22 كانون الثاني/يناير 1945، ويدعي أنه كان ضحية انتهاك موريشيوس للمادة 26 من العهد. ويمثله ابنه، مانيش غوبين.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في أيلول/سبتمبر 1991، رشح صاحب البلاغ نفسه للانتخابات العامة للمجلس التشريعي في موريشيوس. وكان ترتيبه الرابع في دائرته الانتخابية من حيث عدد الأصوات التي فاز بها. ووفقاً لقانون موريشيوس، فإن المرشحين الثلاثة الأُول فقط في دائرته الانتخابية هم الذين انتخبوا بصورة مباشرة، لكّن صاحب البلاغ، يعتبر من ناحية المبدأ، مؤهلاً لشغل أحد المقاعد الإضافية الثمانية التي ليس لها صلة مباشرة بدائرته الانتخابية، بيد أنه يقول إنه لم يمنح هذا المقعد لأنه لم يكن ينتمي إلى "الطائفة المناسبة"، وأن المقعد أعطي لمرشح آخر من الدائرة الانتخابية نفسها كان يليه ترتيباً من حيث عدد الأصوات.

2-2 ويوضح صاحب البلاغ أن النظام الانتخابي للمجلس التشريعي في موريشيوس ينص على وجود 21 دائرة انتخابية. وفي عشرين من هذه الدوائر يُنتخب المرشحون الثلاثة الذين يفوزون بأكبر عدد من الأصوات وفي دائرة انتخابية واحدة، يُنتخب المرشحان الفائزان بأكبر عدد من الأصوات. وعلى هذا النحو يتم انتخاب 62 عضواً من أعضاء المجلس التشريعي بالاقتراع المباشر. وتخصص المقاعد الثمانية المتبقية "لأفضل الخاسرين". ووفقاً للبيان التفسيري الأول لدستور موريشيوس، يتعين على جميع المرشحين تحديد الطائفة (هندوسية، مسلمة، صينية - موريشية أو عامة) التي ينتمون إليها. ولدى تعيين أعضاء المجلس التشريعي الإضافيين الثمانية، تطبق لجنة الإشراف على الانتخابات المادة 5 من البيان التفسيري الأول التي تنص على أنه ينبغي أن ينتمي المرشحون إلى "الطائفة المناسبة". ووفقاً للمادة 5(8) من البيان التفسيري الأول، فإن "الطائفة المناسبة" تعني الطائفة التي يتوافر لديها مرشح لم يفز والتي تضم أكبر عدد من الأفراد (حسب إحصاء عام 1972) بالمقارنة بعدد المقاعد التي شغلتها في المجلس قبل تخصيص المقعد مباشرة.

الشكوى

3 - يدَّعي صاحب البلاغ إن النص الدستوري المعمول به في الدولة الطرف والذي يقضي بأن يكون الانتماء إلى "الطائفة المناسبة" شرطاً لمنح مقعد "أفضل الخاسرين" هو نص تمييزي لأن المعايير التي يتم على أساسها اتخاذ القرار ترتكز على العرق والدين. وبالتالي فإن هذا النص يتناقض مع المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 وجهت الدولة الطرف رسالة مؤرخة في 25 أيار/مايو 1998 أبدت فيها بعض الملاحظات عن مقبولية البلاغ.

4-2 تقول الدولة الطرف أولاً إن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنه لم يستخدم حقه بموجب المادة 17 من الدستور في الاستئناف أمام المحكمة العليا بخصوص قضية تمييز توفّر الحماية منها المادة 16 من دستور الدولة الطرف. وتدعي الدولة الطرف أيضاً، فيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بأنه لا يمكن لأي محكمة قضائية في موريشيوس أن تصدر حكماً مخالفاً للدستور، وهو القانون الذي يجبّ ما عداه في البلاد، أن صاحب البلاغ خمَّن النتيجة المترتبة على هذا الطلب وتشير إلى أنه كان بوسعه الاستئناف أمام اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص حيث إن المسألة تتعلق بتفسير الدستور.

4-3 كما ترى الدولة الطرف أن البلاغ يناقض أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتوضح أن الغرض من إجراء تخصيص المقاعد الإضافية الثمانية هو ضمان التمثيل الكافي لجميع الأقليات في المجلس التشريعي وقد ثبت أنه يشكّل وسيلة فعّالة لمنع التمييز العنصري بالمعنى الذي تنص عليه المادة 26 من العهد. وعليه فإن الغرض المنشود من البلاغ يتعارض مع أحكام العهد لأن عدم وجود هذا النص الدستوري سيؤدي إلى التمييز على أساس العرق، أو الدين، أو الأصل القومي أو الاجتماعي.

4-4 وأخيراً، تحتج الدولة الطرف بأن البلاغ يشكل إساءة لاستعمال الحق في تقديم مثل هذه البلاغات، لأن فترة التأخير الفاصلة بين تاريخ التمييز المدعى وقوعه، في عام 1991، وتاريخ البلاغ، أي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، مبالغ فيها ودون أي مبرر مقبول. وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أن هذا التأخير الكبير يزيل إمكانيات الانتصاف الفعّال.

تعليقات إضافية لصاحب البلاغ

5-1 علق صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، على ملاحظات الدولة الطرف.

5-2 فيما يتعلق بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية يدّعي صاحب البلاغ أولاً بأن تقديم طلب إلى المحكمة العليا بموجب المادة 17 من الدستور، بالطريقة التي تؤيدها الدولة الطرف، سيكون هدفه الطعن في إجراء يتعارض مع المادة 16 من الدستور. على أن المادة 16 لم تنتهك إطلاقا في هذه القضية، بل تم تطبيقها على النحو الصحيح. لكن المسألة التي تطرح هنا هي معرفة ما إذا كانت المادة 16 بحد ذاتها تشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد، وهذا أمر لا ينص عليه في المادة 17 من الدستور. وثانياً، يشير صاحب البلاغ إلى أن المادة 16 من الدستور تتحدث عن انتهاك مبدأ عدم التمييز بموجب "قانون" من القوانين، أي قانون صادر عن البرلمان وليس بموجب الدستور نفسه، مما يعني أنه لا يمكن التمسك بالمادة 16 أمام المحكمة العليا بأي قدر معقول من احتمالات النجاح. وثالثاً، مما لا جدال فيه أن المحكمة العليا لا يمكنها أن تتخذ قراراً يتعارض مع الدستور الذي يشكل القانون الأعلى للبلد. وبالإضافة إلى ذلك، بما أن العهد لم يدرج في القانون الموريشي، فلم يكن بمقدور المحكمة العليا إلاّ أن تسترشد ببعض جوانب العهد. وينطبق الشيء نفسه على اللجنة القضائية التابعة لمجلس الملكة الخاص التي ستطبق القانون الموريشي وتواجه بالتالي نفس الصعوبات التي واجهتها المحكمة العليا.

5-3 وعليه فإنه من الخطأ القول بأنه كان أمام صاحب البلاغ سبيل انتصاف محلي متاح وفعّال في هذه القضية تحديداً. والسلطة الوحيدة المخولة تغيير الدستور في ظل ظروف معينة هي برلمان موريشيوس، الذي لم يجرِ حتى الآن أي تغيير في هذا الاتجاه. وعليه فإنه يتعين أن تتخلى اللجنة في هذه القضية عن شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

5-4 فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن البلاغ يتعارض مع أحكام العهد، يرى صاحب البلاغ أن مسألة الانتخاب ينبغي أن تترك للناخبين وأنه يتعين أن لا تبالغ الدولة في حمايتها. والأهم من ذلك كله، بما أنه يتم تقسيم سكان موريشيوس لغرض الانتخابات إلى "طوائف" أربع وفقاً للدين وللعرق، فإن صاحب البلاغ يرى أن تخصيص المقاعد على أساس العرق والدين غير مقبول ويتناقض أساساً مع المادة 26 من العهد.

5-5 وأخيراً فيما يتعلـق بالتأخر في تقديم البلاغ، يشير صاحب البلاغ إلى أن تأخيراً مدته خمس سنوات هو تأخير لا تراه الدولة الطرف مفرطاً في العديد من الحالات الأخـرى وعليه فإنه يطالب بنفس المعاملة بالنسبة لبلاغه، خصوصاً وأن مكانة العدل في القانون الدولي تستلزم منحه الأسبقية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ من البلاغات، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد أم لا.

6-2 ويدّعي صاحب البلاغ أنه تم انتهاك حقوقه التي تنص عليها المادة 26 بتطبيق ترتيب يجسده الدستور ويتعلق بتقسيم المقاعد البرلمانية وفقاً للانتماءات العرقية. ولم تفند الدولة الطرف نص الدستور على هذا الترتيب وعدم تمتع المحاكم المحلية بسلطة مراجعة الدستور بغية ضمان اتساقه مع العهد. ومن الواضح تماماً في ظل هذه الظروف أن الإجراءات القانونية لن تفيد وأنه لم يتوافر لصاحب البلاغ أي سبيل انتصاف محلي من الانتهاك المدّعى لحقوقه المنصوص عليها في العهد. وعليه فإن اللجنة ترفض طلب الدولة الطرف بإعلان عدم قبول البلاغ لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

6-3 وتدّعي الدولة الطرف أن التأخر في تقديم البلاغ يدعو إلى أن تعتبره اللجنة غير مقبول بوصفه إساءة لاستعمال الحق في تقديم البلاغات بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أنه لا توجد حدود زمنية ثابتة لتقديم البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري وأن مجرد التأخر في تقديمها لا ينطوي بحد ذاته على إساءة لاستعمال الحق في تقديم البلاغات. غير أن اللجنة تتوقع في حالات معينة تقديم تفسير معقول لأي تأخير. وفي هذه الحالة يرجع تاريخ الانتهاك المدعى ارتكابه إلى الانتخابات الدورية التي جرت قبل خمس سنوات من تقديم البلاغ بالنيابة عن الشخص الذي يدَّعي أنه ضحية إلى اللجنة ولم تقدم أي إيضاحات مقنعة لتبرير هذا التأخير. وبالنظر إلى عدم تقديم هذه الإيضاحات ترى اللجنة أن تقديم البلاغ بعد مرور هذه الفترة الزمنية يعتبر إساءة لاستعمال الحق في تقديم البلاغات، مما يجعل البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

7- وعليه تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وصدر بعد ذلك بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

التذييل

رأي فردي لأعضاء اللجنة كريستين شانيه، ولويس هانكين، مارتن شاينين، وإيفان شيرر وماكسويل يالدين (مخالف)

لا يسع الموقعين على هذا الرأي الموافقة على أن فترة الخمس سنوات الفاصلة بين الانتهاك المدَّعى وقوعه وتقديم البلاغ تشكل، بالنظر إلى عدم تقديم صاحب البلاغ لتبرير مقنع، عنصراً أساسياً في إعلان عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

إن البروتوكول لا ينص على أي حدّ زمني لتقديم البلاغات.

ولا يجوز للجنة على هذا النحو أن تدخل حداً زمنياً مانعاً في البروتوكول الاختياري.

هذا، ولم يلحق بالدولة الطرف أي ضرر محدد نتيجة لهذا التأخير.

[توقيع] كريستين شانيه

[توقيع] لويس هانكين

[توقيع] مارتن شاينين

[توقيع] إيفان شيرر

[توقيع] ماكسويل يالدين

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وصدر بعد ذلك بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

رأي فردي لعضو اللجنة إيكارت كلاين (مخالف)

يؤسفني أنني لست في وضع يمكنني من الأخذ برأي الأغلبية حول مسألة إساءة استعمال صاحب البلاغ لحقه في تقديم بلاغ (انظر الفقرة 6-3 من "الآراء"). وأوافق على أن مجرد عدم تحديد البروتوكول الاختياري لفترة زمنية تقدم خلالها البلاغات لا يمنع أساساً تطبيق القاعدة العامة لإساءة استعمال الحقوق. لكن، لكي ننتهي إلى أن هناك إساءة لاستعمال حق من الحقوق (رغم عدم وجود أي حدّ زمني) فلا بد أن تكون انقضت على المسألة فترة زمنية طويلة، وتقدير طول الفترة الزمنية المناسبة لتقديم البلاغات ينبغي أن يتم في ضوء الظروف الخاصة بكل حالة على حدة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي بصورة عامة أن تثبت الدولة الطرف توافر الشروط اللازمة لتطبيق قاعدة إساءة استعمال الحقوق. وفي الحالة قيد البحث، فقد اكتفت الدولة الطرف بمجرد الدفع بطريقة هي أبعد ما تكون عن التحديد بأن التأخير في تقديم البلاغ كان مفرطاً ومفتقراً إلى تبرير معقول (انظر الفقرة 4-4 من الآراء). وبالمثل فإن اللجنة تلقي بعبء الإثبات على صاحب البلاغ. ولكن لا يمكن قبول انتقال عبء الإثبات إلا إذا بلغ التأخير في تقديم البلاغ حداً يتعذر عنده فهمه دون المزيد من الإيضاحات. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن التأخير في هذه الحالة لا يتعدى خمس سنوات، فإنه لا يمكن تصور نقل عبء الإثبات الذي يظل بالتالي متروكاً للدولة الطرف، التي لم تجادل في هذه الحالة على هذا الأساس. ومجرد وقوع الانتهاك أثناء الانتخابيات الدورية ليس كافياً بحد ذاته. وبالتالي فإنني لا أعتقد أنه يمكن النظر إلى التأخير في تقديم هذا البلاغ على أنه يشكل إساءة لاستعمال الحق في تقديم البلاغات وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري.

[توقيع] إيكارت كلاين

[حرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وصدر بعد ذلك بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

جيم - البلاغ رقم 791/1997، سينغ ضد نيوزيلندا

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليلي أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نيجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

القرار المعتمد في 12 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيد موتي سينغ

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ البلاغ : 1 كانون الأول/ديسمبر 1996 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 12 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ المؤرخ 1 كانون الأول/ديسمبر 1996 يدعى موتي سينغ، وهو مواطن نيوزيلندي ولد بجزر فيجي في 13 آذار/مارس 1960 ويقيم الآن بمدينة أوكلاند. ويدّعي أنه ضحية انتهاك نيوزيلندا للمـواد 2 و7 و10 و14، الفقرات 1 و2 و3(د) و(ه‍) و(ز)، و5 و16 و23 و26 من العهد. ولا يمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 22 كانون الأول/ديسمبر 1993، وُجهت إلى صاحب البلاغ 66 تهمة بشأن التهرب الضريبي بموجب قانون ضريبة الدخل لعام 1976. ووُجهت إليه أيضاً تهمة "السرقة بتقديم حسابات مزورة" بموجب المادة 222 من قانون الجنايات لعام 1961 (1) .

2-2 وفي 8 حزيران/يونيه 1995، حوكم صاحب البلاغ أمام محكمة أوتاهوهو المحلية وأُدين في التهم ال‍ 66 المتعلقة بالتهرب الضريبي. وتتعلق الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ بمحاكمته عن تهمة السرقة فقط.

2-3 وقدم صاحب البلاغ طلباً للحصول على مساعدة قضائية بشأن تهمة السرقة ولكن رفض مسجل محكمة أوتاهوهو المحلية في 24 كانون الثاني/يناير 1994 تلبية هذا الطلب. وفي 1 شباط/فبراير 1994، طعن صاحب البلاغ في هذا القرار ومُنح مساعدة قضائية. غير أنه حكم عليه بدفع مبلغ 150 دولاراً نيوزيلندياً للمساهمة في هذه المساعدة.

2-4 وبعد إدانته في التهم المتعلقة بالتهرب، تبين لصاحب البلاغ أنه لا يمكن حصوله على محاكمة عادلة في محكمة أوتاهوهو المحلية فطلب من محاميه أن يلتمس محاكمته أمام محكمة أخرى نظير جريمة السرقة. وطبقاً لما ذكره صاحب البلاغ، اعترضت النيابة على ذلك ولم يتغير مكان المحاكمة (2) . وحوكم صاحب البلاغ أمام محكمة أوتاهوهو المحلية نظير جريمة السرقة وحكمت المحكمة في 6 تموز/يوليه 1995 (بعد محاكمة دامت ثمانية أيام) بإدانته وأوقعت عليه عقوبة الاحتجاز الدوري مدة تسعة أشهر مع رد مبلغ يبلغ قدره 603.33 4 دولار نيوزيلندي.

2-5 وفي 10 آب/أغسطس 1995، طلب صاحب البلاغ مساعدة قضائية للطعن في إدانته وفي العقوبة الموقعة عليه على أساس تحيز القاضية ضده وعدم حصوله على محاكمة عادلة. وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر 1995، أُبلغ صاحب البلاغ بعدم الموافقة على الطلب الذي قدمه للحصول على مساعدة قضائية لأن الأسباب التي يستند إليها في طعنه "ليست جوهرية". وطعن صاحب البلاغ في هذا القرار لكن أحد قضاة محكمة الاستئناف أيد في 31 تشرين الأول/أكتوبر 1995 القرار الصادر بعدم منحه مساعدة قضائية. ومع ذلك، طعن صاحب البلاغ في الحكم الصادر بإدانته وفي العقوبة الموقعة عليه أمام محكمة الاستئناف. ورفضت محكمة الاستئناف في 24 تموز/يوليه 1996 هذا الطعن.

الشكوى

3-1 فيما يلي مضمون الشكوى المقدمة من صاحب البلاغ (3) .

المساعدة القضائية/عدم صلاحية المحامي الذي حضر إجراءات المحاكمة/مكان المحاكمة

3-2 يفيد صاحب البلاغ بأنه تعين عليه على الرغم من حصوله على مساعدة قضائية أن يدفع مبلغ 150 دولاراً نيوزيلندياً للمساهمة في دفاعه. ويدعي صاحب البلاغ أن محاميه الأول كان ضعيف النظر ولم يكن بإمكانه أن يعد دفاعه بوجه مناسب. ولم يكن المحامي الذي انتُدب له بعد ذلك متخصصاً في قانون الضرائب ولكنه كان متخصصاً في القانون الجنائي ولذلك فإنه لم يتمكن من الدفاع عنه بكفاءة. ويشكو صاحب البلاغ أيضاً من عدم تمكينه من اختيار محامٍ متخصص أو من استدعاء شهود خبرة بسبب القيود المالية. ويفيد صاحب البلاغ أيضاً أن محاكمته لم تكن عادلة لعدم الموافقة على الطلب الذي قدمه لتغيير مكان المحاكمة.

إجراءات المحاكمة

3-3 يفيد صاحب البلاغ بأن القاضية ضغطت أثناء محاكمته على محاميه ليدّعي أنه مذنب لأنها ترى أن الأدلة القائمة ضده حاسمة. وعلى الرغم من هذه الضغوط فلقد ادعى أنه غير مذنب.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن القاضية قد أخلت بالتزامها بتوفير محاكمة عادلة لسماحها للنيابة بالجمع بين ست تهم في عريضة اتهام واحدة. ويرى صاحب البلاغ أن عدم الفصل بين هذه التهم قد أساء إلى محاكمته. ويذكر أنه لم يتمكن من طلب الفصل بسبب القيود المالية التي كانت مفروضة عليه وعلى محاميه. غير أن للمحكمة في جميع الأحوال الحق في الفصل بين التهم إذا كان الفصل في صالح العدالة.

3-5 ويفيد صاحب البلاغ بأن موقف القاضية عموماً كان متحيزاً وبأنها أبدت "كراهية عميقة" له ولمحاميه بسبب لونهما. ويدعي صاحب البلاغ أن القاضية منعته من الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً ومنعت محاميه من مناقشة الشاهد الرئيسي للادعاء بصورة فعالة. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن "طريقة الكلام والإيماءات" التي استخدمتها القاضية كان لها بالتأكيد تأثير على المحلفين.

3-6 ويشير صاحب البلاغ كدليل إضافي على تحيز القاضية ضده إلى أسباب الحكم التي جاء بها أنه "تعين على دافع الضرائب أن يتحمل تكاليف محاكمة استغرقت أسبوعين بغير مقتض وكان من الواضح في نظري أن المسائل قيد البحث ليست قابلة للدفاع على الإطلاق". ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى تهديد القاضية باستقطاع المساهمة المقررة للمساعدة القضائية والتي يبلغ قدرها 150 دولاراً نيوزيلندياً من الأتعاب المقررة لمحاميه في حالة عدم قيامه بدفعها.

3-7 ويفيد صاحب البلاغ بأن محاميه أصيب بالإحباط نتيجة لموقف القاضية وأراد أن ينسحب في المراحل النهائية للمحاكمة لكن القاضية رفضت الإذن له بالانسحاب. ويدّعي صاحب البلاغ أنه حُرم نتيجة لذلك من تمثيله بوجه مناسب.

الادعاء

3-8 يعترض صاحب البلاغ على تصرفات ممثل النيابة أثناء المحاكمة. ويذكر أنه بعدما رفض العرض الذي قدمه ممثل الادعاء للاعتراف بأنه مذنب قال ممثل النيابة لمحاميه أنه سيسعى إلى إدانته في التهم الست الموجهة إليه. وطبقاً لصاحب البلاغ، كان الغرض من ذلك هو "التأثير العاطفي" على محاميه لتخويفه وإضعاف معنوياته. ورفضت محكمة الاستئناف الطعن الذي قدمه على هذا الأساس دون استدعاء محاميه السابق لسماع أقواله. ويشكل هذا طبقاً لما يراه صاحب البلاغ انتهاكاً للفقرة 3(ه‍) من المادة 14 من العهد.

3-9 ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى العبارات العاطفية والرنانة التي يدعى أن ممثل النيابة استخدمها في البيان الذي قدمه للمحلفين. ويدعي صاحب البلاغ أن الأسلوب الذي استخدمه ممثل النيابة في مناقشته قد أساء كثيراً إلى موقفه حيث حمله على الإجابة على أسئلة تدينه ذاتياً وقام بسبه أثناء الاستجواب. وأخيراً، حاول ممثل النيابة التأثير على القاضية فيما يتعلق بالعقوبة.

3-10 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن ممثل النيابة قد أخل باتفاق عُقد بينه وبين محاميه. فوفقاً للاتفاق، كان من الواجب على النيابة أن تكتفي بالإشارة إلى التهم الست المتعلقة بالسرقة وأن تغض النظر عن إدانته في التهم ال‍ ‍66 المتعلقة بالتهرب الضريبي. وعندما شرع ممثل النيابة في تقديم الأدلة التي اتُفق على استبعادها اعترض محاميه على ذلك وذكر أنه لا يجوز التعويل عليها لمخالفة ذلك للاتفاق. ورفضت القاضية هذا الاعتراض. ويفيد صاحب البلاغ أن هذا الرفض قد أساء إلى دفاعه. وعندما أثار ذلك أمام محكمة الاستئناف رأت المحكمة أنه لا حق لـه في طعنه لاتساع الاتفاق للمسائل التي عرضها ممثل الادعاء.

سماع الشهود

3-11 يفيد صاحب البلاغ بأنه لم يتمكن من استدعاء شخص يدعى كومار كشاهد للنفي لإبعاد الشخص المذكور من نيوزيلندا في 8 أيار/مايو 1993. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الشاهد كان سينفي الأدلة المقدمة من شهود الإدعاء وكان سيثير شكاً كبيراً حول مصداقية الأقوال التي أدلى بها الشاهد الرئيسي للادعاء. وفي الاستئناف، قدم إفادة كتابية مشفوعة بيمين لكن المحكمة رأت أنه لا يمكن الاعتماد عليها لإلغاء إدانته.

3-12 ويدفع صاحب البلاغ بأن الشاهد الرئيسي للادعاء قد كذب أمام المحكمة ويدعي أن أجهزة إنفاذ القوانين والمحاكمة التابعة للدولة تلجأ كثيراً إلى الأدلة الكاذبة للتوصل إلى الإدانة.

3-13 ويدعي صاحب البلاغ أن شاهداً ثانياً للادعاء يدعى السيد تشاندرا كذب أمام المحكمة عندما أنكر مساعدته له في شؤون الهجرة وأن المحكمة رفضت السماح لمحاميه بتقديم نسخ من الرسائل المتعلقة بشؤون الهجرة الخاصة بهذا الشاهد. ووفقاً لصاحب البلاغ، كانت هذه المستندات ستثير الشك في مصداقية هذا الشاهد ولذلك فقد انتهك القاضي حقه في التمتع بدفاع فعال.

3-14 ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأنه لم يكن من الجائز أن تأخذ المحكمة بأقوال الشاهد الذي توفى قبل بدء المحاكمة. وقال صاحب البلاغ توضيحاً لذلك إن الشاهد كان يعاني من مرض الإيدز وإنه كان مشرفاً على الموت عندما أخذت أقواله. ويدفع صاحب البلاغ بأن الشاهد لم يكن أهلاً للإدلاء بأقواله بدليل أنه لم يتمكن من الحضور في اليوم السابق لاستجوابه. ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأن الإدلاء بالأقوال لم يكن طوعياً. ومع ذلك، سمح القاضي بالاستماع إلى هذه الأقوال بعد المطالبة بالاستماع إليها على سبيل الاستدلال.

التلخيص والحكم

3-15 يدعي صاحب البلاغ أن التلخيص الذي قامت به القاضية للمحلفين كان مجحفاً ومتحيزاً لجانب الإدعاء.

3-16 وفيما يتعلق بالحكم، يدعي صاحب البلاغ أن القاضية وجهت إليه أنواعاً مختلفة من الملاحظات المهينة وأنها أوصت خاصة ممثل الإدعاء بإرسال نسخة من أسباب الحكم إلى نقابة المحاسبين النيوزيلندية والمدير الفرعي للمعهد الوطني للمحاسبين من أجل منعه من مواصلة العمل في مجال المحاسبة. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الإجراء يشكل، نظراً لاعتماد والدته المعوقة في معيشتها عليه، انتهاكاً للمادة 23(1) من العهد. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن العقوبة شديدة وأنه ليس بإمكانه أن يرد المبلغ المشار إليه في الحكم. ويدعي صاحب البلاغ أن العقوبة بالمقارنة بقضايا مماثلة شديدة للغاية وذكر مرة أخرى أن السبب في ذلك هو سواد بشرته. وفي هذا السياق، يدعي صاحب البلاغ أنه يجوز للمتهمين البيض توكيل محامين من ذوي الخبرة بينما يتعين على المتهمين السود الاكتفاء بالمساعدة القضائية التي تقدم لهم مما يحد من الفرص المتاحة لهم للبراءة أو للحكم عليهم بعقوبات بسيطة. ويعتبر هذا في نظره إنكاراً للعدالة.

3-17 ويدعي صاحب البلاغ أن تحيز القاضية ضده يرجع عموماً إلى كراهيتها للمتهمين السود. ويشير في هذا الصدد إلى أحكام عديدة صادرة من نفس القاضية وتدل في رأيه على هذه الكراهية. وفي هذا السياق، يفيد بأن محاميه (الذي كان أسوداً أيضاً) نصحه بتوكيل محامٍ أبيض لإعداد المذكرات المتعلقة بالحكم من أجل الإفلات من عقوبة السجن. ويفيد صاحب البلاغ أيضاً بأن محكمة أوتاهوهو المحلية معروفة ب‍ "سهولة الحكم بالإدانة". ويشكو صاحب البلاغ كذلك من نوعية الجهاز القضائي عموماً في نيوزيلندا.

الاستئناف

3-18 يدعي صاحب البلاغ أن عدم توفير المساعدة القضائية له لتقديم استئنافه يشكل انتهاكاً للعدالة وتمييزاً ضده على أساس العنصر واللون وصفات أخرى. ويطعن صاحب البلاغ في صحة الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف بدليل إلغاء ما يزيد على 52 في المائة من هذه الأحكام في الماضي من جانب مجلس الملكة الخاص ولذلك فإن ما تراه المحكمة من عدم كفاية الأدلة المقدمة للاستئناف ليس صحيحاً بالضرورة. ويدعي أيضاً أن عدم موافقة المحكمة على توفير المساعدة القضائية له على أساس عدم وجود أسباب كافية للطعن يظهر تحيزاً ضده ويشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد. ويدعي أيضاً أنه نظراً لحصوله على مساعدة قضائية عند نظر الدعوى أمام المحكمة المحلية كان "من حقه أن يتوقع" الحصول على مساعدة قضائية لتقديم استئنافه. وقال مشيراً إلى السلطة التقديرية للمسجل في الموافقة أو عدم الموافقة على توفير المساعدة القضائية إن هذا النظام يفتح الباب للتعسف ضد الأقليات السوداء التي هو منها وذلك بعدم الموافقة على توفير المساعدة القضائية لها. وعلاوة على ذلك، تدل عدم موافقة المسجل على منحه مساعدة قضائية على سوء نيته لأنه كان، في جملة أمور، قد "عقد العزم" على الرفض، ومنحه فترة زمنية قصيرة جداً لتقديم مستنداته، واستخدم "نبرة" غير ودية في الرسائل المتبادلة معه. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً عدم النظر طبقاً للأصول في الطلب الذي قدمه لإعادة النظر حيث لم يستغرق الفصل فيه سوى يومين من أيام العمل فقط.

3-19 ويشكو صاحب البلاغ أيضاً من تحيّز رئيس محكمة الاستئناف ومقاطعته له بعنف عندما أخطأ في بيانه مما أثّر على إمكانياته المعنوية عند مناقشة استئنافه. وذكر أن الاستئناف كان عملية شكلية وأن النتيجة كانت محددة من قبل وأن هذا يتبين أيضاً من عدم الموافقة على منحه مساعدة قضائية. كذلك، كان أحد قضاة محكمة الاستئناف قد اشترك في نظر الطعن المقدم منه في تهمة التهرب الضريبي (4) وكان من الواجب عليه أن يكشف عن اشتراكه السابق في هذا الطعن وأن يتنحى عن الاشتراك في محكمة الاستئناف. ويوضح صاحب البلاغ أنه لم يتعرض لهذه المسألة أمام محكمة الاستئناف لخشيته من اتهامه بإهانة هيئة المحكمة. وأضاف أن هذا القاضي معروف "بملاحظاته المهينة عند محاكمة المتهمين من المهاجرين أو السكان الماوري الأصليين". وعموماً، يشكو صاحب البلاغ من أن أغلبية القضاة من البيض وأن هذا يسيء إلى المتهمين السود.

مسائل متنوعة

3-20 يوضح صاحب البلاغ أنه ينفذ العقوبة الموقعة عليه بتقديم نفسه إلى مركز للاحتجاز كل سبت حيث يتم احتجازه خلال فترة تبلغ ثماني ساعات ويتم إلزامه بالعمل اليدوي بصرف النظر عن الأحوال الجوية. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا يشكل انتهاكاً للمادتين 7 و10 من العهد. وفي هذا السياق، يفيد صاحب البلاغ بوجود مرحاض نقال واحد فقط "ذي حفرة" في موقع العمل لما بين 8 و10 من المحتجزين وأن المركز لا يزودهم بالصابون أو المنظفات. ويفيد أيضاً بأن الطعام الذي يقدم للمحتجزين غير كافٍ ومن نوعية رديئة ويعد بطريقة غير صحية. ويفيد كذلك بأنه يتناول فنجاناً واحداً من الشاي في منتصف النهار وشطيرة من الجبن ولحم الخنزير لوجبة الغذاء. ويدّعي أيضاً أنه لا توفر للمحتجزين على الرغم من العمل اليدوي الشاق الذي يقومون به أي معدات أو ملابس واقية وانه يتعين على المحتجزين شراء أحذيتهم الواقية بأنفسهم. ويدّعي أيضاً أنه أصيب بالتهاب جلدي حاد في يديه نتيجة لارتداء القفازات التي يوفرها له السجن والمستعملة من قبل من جانب محتجزين آخرين دون تطهيرها.

3-21 ويدّعي أن والدته ضحية لانتهاك المادة 7 من العهد لتسبب الدولة الطرف بتصرفاتها في إصابتها بالألم والكرب ولعدم قدرته على رعايتها أثناء الساعات الثمانية التي يمضيها في الاحتجاز كل أسبوع.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 تفيد الدولة الطرف بأن جميع ادعاءات صاحب البلاغ غير مقبولة لتعارضها مع العهد أو عدم تأييدها بأدلة كافية أو عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وإذا رأت اللجنة مقبولية أي ادعاء من هذه الادعاءات فإنها تدفع بعدم وجود أدلة كافية لقبوله من الناحية الموضوعية.

4-2 وعموماً، ترى الدولة الطرف أن معظم الادعاءات تتعلق بمسائل تخص المحكمة المحلية وأنها عولجت ورفضت من جانب محكمة الاستئناف. وتشير الدولة الطرف إلى سوابق اللجنة التي تفيد بأن محاكم الاستئناف في الدول الأطراف وليس اللجنة هي المختصة بتقييم الوقائع والأدلة التي تخص قضية معينة ما لم يتبين أن الإجراءات كانت تعسفية بصورة واضحة أو كانت تشكل إنكاراً للعدالة. ولذلك فإن معظم المسائل التي أثيرت في هذا البلاغ تخرج عن نطاق اللجنة.

المساعدة القضائية/عدم كفاءة المحامي الذي حضر إجراءات المحاكمة/مكان المحاكمة

4-3 تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان ممثلاً تمثيلاً فعالاً. وتفيد الدولة الطرف بأن ما يدعيه صاحب البلاغ من أن المسجل قد انتدب له عمداً محامياً فاقد البصر ليس له أساس من الصحة وأن جميع المحامين المنتدبين للمساعدة القضائية يختارون بالدور من القائمة المخصصة لذلك. وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأن مساهمة المتهم في المساعدة القضائية ليست ممارسة غير معتادة وأن المبلغ المقرر لا يشكل عبئاً على صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، تفيد الدولة الطرف بأنه كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطلب إعادة النظر في قرار المسجل بشأن المساهمة ولكنه لم يفعل وبذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الشأن.

4-4 وفيما يتعلق بمكان المحاكمة، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنه لم يطلب من رئيس المحكمة المحلية بموجب المادة 28(د) من قانون المحاكم المحلية والمادة 322(1) من قانون الجنايات لعام 1961 تغيير مكان المحاكمة.

إجراءات المحاكمة

4-5 فيما يتعلق بإجراءات المحاكمة، تدفع الدولة الطرف بأن المسائل التي أثيرت، بما في ذلك الادعاء بتحيز قاضي الموضوع، والادعاء بعدم أحقية القاضي في إثارة إمكانية ادعاء المتهم بأنه مذنب، وقول القاضي بأن الأموال المخصصة للمساعدة القضائية تستعمل بغير حق، عولجت جميعها من جانب محكمة الاستئناف ولم يقدم صاحب البلاغ أدلة كافية على ادعائه. وتحيل الدولة الطرف في هذا الصدد إلى بعض أسباب الحكم الصادر من محكمة الاستئناف (5) . وعلاوة على ذلك، وفيما يتعلق بعدم موافقة المحكمة على انسحاب المحامي، تحيل الدولة الطرف إلى أسباب الحكم الذي صدر من محكمة الاستئناف حيث ذكرت المحكمة أنه يجوز لقاضي الموضوع أن يثني المحامي عن الانسحاب في مثل هذه المرحلة المتأخرة من المحاكمة (بعد مضي عدة أيام على إجراءات المحاكمة) وليس هناك في محاضر المحكمة ما يشير إلى الطلب المقدم من المحامي للانسحاب.

الادعاء

4-6 وفيما يتعلق بمسألة سلوك ممثل الادعاء، تدفع الدولة الطرف بأنه سبق معالجة معظم المسائل التي أثيرت في هذا الشأن من جانب محكمة الاستئناف، وأحالت مرة أخرى إلى الحكم الصادر من هذه المحكمة (6) .

4-7 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للفقرة 3(ج) من المادة 14 لعدم السماح لصاحب البلاغ باستدعاء محاميه السابق لسماع شهادته أمام المحكمة، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. فقد أرسل المسجل على ما يبدو رسالة إلى صاحب البلاغ في 10 تموز/يوليه 1996 لتوضيح الإجراءات الواجبة الاتباع من جانب المحكمة لمناقشة المحامي. ولم يتابع صاحب البلاغ هذه الرسالة. وكان من الواجب عليه في حالة عدم استلامه لها أن يقتفي أثرها هاتفياً ولكنه لم يفعل.

4-8 وبالمثل، وفيما يتعلق بعدم موافقة المحكمة على الفصل بين التهم الواردة في عريضة الاتهام، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. فكان من المتاح له كاعترافه أن يقدم طلباً بذلك إلى محكمة الاستئناف ولكنه لم يفعل. وتدفع الدولة الطرف الانتهاك المزعوم للاتفاق المعقود بين ممثل الادعاء والمحامي بأنه سبق معالجة هذه المسألة بالكامل من جانب محكمة الاستئناف وأن هذه المحكمة رفضت الطعن المقدم في هذا الشأن(7).

سماع الشهود

4-9 وفيما يتعلق بسماع الشهود تدفع الدولة الطرف بأنه تم الفصل في جميع المسائل التي أثيرت في هذا الشأن من جانب محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف وأحالت إلى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في هذا الشأن (8) . وفيما يتعلق بكذب أحد الشهود أمام المحكمة، ذكرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتعرض لهذه المسألة أمام محكمة الاستئناف ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الشأن.

التلخيص والحكم

4-10 تعترض الدولة الطرف على ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالتلخيص الذي قدمته رئيسة المحكمة للمحلفين. وفيما يتعلق بالحكم وتكليف النيابة بإبلاغ نقابة المحاسبين النيوزيلندية بالإدانة، تفيد الدولة الطرف بأن هذا الإجراء ليس ممارسة غير مألوفة. وترى الدولة الطرف أنه إجراء حكيم ومعقول، خاصة وقد تبين من وقائع الدعوى أن من المحتمل أن يعود صاحب البلاغ إلى مثل هذه التصرفات.

4-11 وفيما يتعلق بمسألة التمييز العنصري، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يتعرض لهذه المسألة في أي وقت من الأوقات أمام محكمة الاستئناف وأنه لم يستنفد لذلك سبل الانتصاف المحلية ولم يؤيد هذا الادعاء بالأدلة. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن موضوع المبالغة المزعومة للعقوبة قد أثير أمام محكمة الاستئناف ورفضت المحكمة هذا الطعن.

الاستئناف

4-12 وفيما يتعلق بمسألة عدم الموافقة على الطلب المقدم للحصول على مساعدة قضائية للاستئناف، تعترض الدولة الطرف على جميع الادعاءات المقدمة من صاحب البلاغ في هذا الشأن. وبالتحديد، وفيما يتعلق بالادعاء بأن القرار كان مجحفاً، تصف الدولة الطرف بالتفصيل الإجراءات التي اتبعت للنظر في هذا الطلب من جانب المسجل ثم من جانب أربعة من القضاة التابعين لمحكمة الاستئناف. وفيما يتعلق بسوء النية المزعوم للمسجل، تفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم ما يدل على صحة هذا الادعاء. وبالإضافة إلى ذلك، رفضت محكمة الاستئناف هذا الطلب وذكرت لدى النظر في الأسس الموضوعية أن "الأسس التي يقوم عليها الاستئناف ليست كافية لتبريره وكانت موضعاً للبحث من جانب ثلاثة من القضاة في محكمة الاستئناف".

4-13 وتدفع الدولة الطرف بأنها قد استوفت الالتزامات التي تقع على عاتقها بموجب الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد بناء على ما يلي:

(أ) أن الذي قام بالتقييم هم أربعة من القضاة المستقلين التابعين لمحكمة الاستئناف وأنه قد تبين لهم أن مصالح العدالة لا تستوجب حصول صاحب البلاغ على مساعدة قضائية لاستئنافه؛

(ب) أنه تبين من هذا التقييم الأوّلي أن الاستئناف لا يقوم على أسس جوهرية؛

(ج) أن العقوبة الموقعة من المحكمة المحلية موضوع الاستئناف ليست على درجة كبيرة من الجسامة: فلم توقع عقوبة السجن (واقتصرت على الاحتجاز الدوري لفترة معتدلة)؛ ورغم الحكم على صاحب البلاغ برد جزء من المبلغ الذي استولى عليه بغير حق، لم توقع عليه أي غرامة مالية إضافية؛

(د) كان صاحب البلاغ مؤهلاً بما فيه الكفاية لإعداد ومناقشة دعواه أمام محكمة الاستئناف. وقد أشادت هذه المحكمة "بمذكراته الدقيقة والشاملة والمفيدة وبالبيانات الشفوية المسؤولة المكملة لها".

4-14 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحب البلاغ لم يكن في حاجة إلى موارد مالية لتقديم استئنافه وأنه قام بتوكيل محام لتمثيله وعمل هذا المحامي وفقاً لتعليماته في الفترة من 24 تشرين الأول/أكتوبر 1995 إلى منتصف حزيران/يونيه 1996 أي في معظم الفترة الواقعة بين إيداع العريضة الأولى لاستئنافه في منتصف آب/أغسطس 1995 والنظر في استئنافه في 23 تموز/يوليه 1996.

4-15 وفيما يتعلق بالدفع الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن عدم جواز اشتراك القاضي الذي بحث الطعن المقدم في التهم المتعلقة بالتهرب الضريبي في القرار الذي صدر بشأن المساعدة القضائية، تفيد الدولة الطرف بأنه لا يتوفر لديها سوى عدد قليل من قضاة الاستئناف وبأنه لا يمكن تجنب هذا الوضع في جميع الأحيان. وإذا اتخذ القاضي قراره بناء على حكم سابق فإنه سيكون مخالفاً ليمين القضاء. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أنه كان من المتاح لصاحب البلاغ أن يطعن في اشتراك هذا القاضي عند الشروع في نظر موضوع المساعدة القضائية. ويصعب طبقاً للدولة الطرف الموافقة على ما ذكره صاحب البلاغ من أنه كان يخشى اتهامه بإهانة هيئة المحكمة لأن هذه المسألة ما كانت ستثار من الأصل. ولذلك لم يستنفد صاحب البلاغ سبل الانتصاف المحلية في هذا الشأن.

4-16 ورداً على ما يدعيه صاحب البلاغ من أن الحكم "كان محدداً من قبل"، تفيد الدولة الطرف بأنه كرست ساعات عديدة للنظر في هذه القضية وبأن الحكم الذي صدر من محكمة الاستئناف والذي يرد في 20 صفحة هو حكم شامل ومفصل للغاية.

مسائل متنوعة

4-17 وفيما يتعلق بمسألة أوضاع الاحتجاز، توضح الدولة الطرف بتفصيل مستفيض النظام القائم. فلما كانت الجزيرة التي يتم بها الاحتجاز من المحميات ولا توجد بها التجهيزات اللازمة لإقامة مراحيض دائمة، كان من الواجب توفير مرفق بديل. والمرحاض الحالي الذي يستوفي متطلبات مجلس المدينة مسيَّج تماماً وله قاعدة مناسبة كما يُستخدم الجير في "الحفرة" للتخلص من الروائح الكريهة. وهذه ممارسة معتادة في مثل هذا النوع من المراحيض.

4-18 وتنفي الدولة الطرف عدم توفير الصابون والمنظفات وتفيد بأن كل فرد يتلقى منشفة أيضاً. وجميع هذه الأدوات تخضع للفحص أسبوعياً ويتم استكمالها عند الاقتضاء. ويزود المحتجز المسؤول عن إعداد الطعام بقفازات خاصة لتجهيز الطعام ينبغي أن يرتديها كلما قام بتجهيزه. ويراقب المشرف على فريق العمل ذلك بدقة. وتقدم الدولة الطرف وصفاً تفصيلياً لحصة الطعام التي توفرها لكل محتجز وتنفي عدم كفاية هذه الحصة. وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأن صاحب البلاغ لم يطلب في أي وقت من الأوقات الحصول على طعام خاص يتفق مع معتقداته الدينية أو الإثنية، على الرغم من إمكان قيامه بذلك.

4-19 وتنفي الدولة الطرف أن جميع المهام كانت تنطوي على أشغال مرهقة. وفيما يتعلق بالسلامة، يقوم مأمور الاحتجاز التحفظي بتفتيش مواقع العمل قبل إرسال أي فريق عمل إليها. وتسير عملية التفتيش وفقاً لمبادئ توجيهية خاصة بالصحة والسلامة. وإذا تبين الاحتياج إلى معدات/ملابس واقية، يزود المشرف على فريق العمل بهذه المعدات. ولا تحتاج جميع المواقع إلى ملابس واقية. وتنفي الدولة الطرف مطالبة المحتجزين بشراء الملابس الواقية وتفيد بأنها يتم توفيرها عن طريق مركز الاحتجاز. وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأنها توفر الأحذية للمحتجزين الذين لا يملكون الموارد اللازمة لشرائها وأنها لا تمانع في استخدام القفازات الخاصة إذا أرادوا ذلك. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يخطر أي موظف من موظفي المركز بإصابته بالتهاب جلدي ولم يقدم شهادة مرضية بذلك. ولم يتلق أي موظف شكاوي شفوية أو كتابية من صاحب البلاغ في هذا الشأن.

4-20 وفيما يتعلق بالادعاء بانتهاك المواد 7 و10 و23 من العهد في حق والدة صاحب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأنه كان على والدة صاحب البلاغ أن تشكو من هذا الانتهاك بنفسها. ومن ناحية أخرى، وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تفيد الدولة الطرف بأن فترة بقاء صاحب البلاغ في المركز لا تزيد على 8 إلى 10 ساعات أسبوعياً وأنه يتلقى هو ووالدته إعانة من الدولة بشأن مرضها.

الردود التي قدمها صاحب البلاغ على رسالة الدولة الطرف

5-1 يكرر صاحب البلاغ في رده الأسانيد التي قدمها في رسالته الأولى. ودفع صاحب البلاغ فيما يتعلق بما ذكرته الدولة الطرف من أنه ليس من اختصاص اللجنة أن تقوم بتقييم الوقائع والأدلة بأنه يجوز، بل يلزم، أن يعاد النظر في الممارسة السابقة للجنة في هذا الشأن، وأكد أن محاكمته كانت في جميع الأحوال تحكمية ومجحفة. وفي هذا السياق، يدعي صاحب البلاغ أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف "غير موضوعي" ولا يقدم أسباباً قانونية مؤيدة للنتائج. ويكرر صاحب البلاغ أنه لم يتمتع بدفاع مناسب وأن المحامي المنتدب لم يكن مكافئاً لممثل النيابة.

5-2 وفيما يتعلق باعتراض الدولة الطرف بأنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية بشأن عدد كبير من الانتهاكات، أجاب صاحب البلاغ بأن محاميه هو المسؤول عن ذلك وبأنه لا ينبغي أن يتحمل تبعة الخطأ الذي ارتكبه محاميه. كذلك، ورداً على نفس الاعتراض الذي أعربت عنه الدولة الطرف فيما يتعلق بالمسائل المتصلة بالاستئناف، أفاد صاحب البلاغ بأنه ما كان باستطاعته العلم بسبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنه لم يكن ممثلاً بمحامٍ في هذه المرحلة.

5-3 ويعترض صاحب البلاغ على تفسير الدولة الطرف لنظام انتداب المحامين بالدور من القائمة (9) . ويدفع صاحب البلاغ فيما يتعلق بمسألة تغيير مكان المحاكمة بأن هذا الأمر من اختصاص القاضي وأن سبيل الانتصاف المشار إليه "ليس متاحاً وبفرض إتاحته فإنه ليس مجديا"ً.

5-4 وذكر صاحب البلاغ أنه خُصصت ثلاث ساعات فقط للنظر في طعنه وأن هذا الوقت ليس كافياً لإثبات تمتعه بمحاكمة عادلة. ويؤكد صاحب البلاغ أنه أيد ادعاءاته المتعلقة بالتمييز بالإشارة إلى أربع محاكمات مختلفة كانت القاضية التي قامت بمحاكمته رئيسة للمحكمة فيها وبدرت منها تصرفات يستفاد منها تحاملها على المتهمين. وذكر أن سبيل الانتصاف المحلي الذي تدعي الدولة الطرف أنه كان متاحاً له لم يكن متاحاً ولا فعالاً ولا كافياً.

5-5 ويكرر صاحب البلاغ ادعاءه بشأن التلخيص والحكم ويقدم معلومات بشأن بعض المحاكمات المحلية التي يدعي أنها مماثلة لمحاكمته والتي حكم فيها على المتهمين بعقوبات أخف من عقوبته. وذكر فيما يتعلق بمسألة القرار الذي اتخذته رئيسة المحكمة بإبلاغ نقابته المهنية بإدانته أن الدولة الطرف لم تقدم أمثلة لحالات حدث فيها ذلك من قبل ولذلك فإنها لم تقدم دليلاً على صحة ادعاءاتها في هذا الشأن.

5-6 ويرفض صاحب البلاغ التوضيحات المقدمة من الدولة الطرف لعدم الموافقة على حصوله على مساعدة قضائية ويدعي أنها لم تقدم دليلاً على قيام أربعة من القضاة التابعين لمحكمة الاستئناف بالنظر في طلبه. ويؤكد صاحب البلاغ أن السبب في عدم الموافقة على توفير المساعدة القضائية لـه هو التكاليف اللازمة للاستئناف. وفي رأيه أن النظر في التكاليف اللازمة للاستئناف كشرط مسبق لتوفير المساعدة "مخالف للقانون" وانتهاك واضح للفقرتين 3(د) و5 من المادة 14.

5-7 ويعترض صاحب البلاغ على التوضيحات المقدمة من الدولة الطرف بشأن أوضاع الاحتجاز. ويفيد بأنه اشتكى مع محتجزين آخرين في مناسبات كثيرة من قلة الطعام ولكن لم يتخذ أي إجراء في هذا الشأن. ويفيد أيضاً بأنه وجه نظر الحراس شفوياً وفي أحيان كثيرة كتابياً إلى معتقداته الدينية وعدم تناوله لحوم البقر. غير أنهم استمروا في تقديمها لـه في واجباته الغذائية (10) . ويدعي أيضاً أنه وجه نظر الحراس إلى إصابته بالتهاب جلدي وأنه قدم لهم شهادات طبية في هذا الشأن (11) . وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أنه عوقب نظير أمور بسيطة مثل تبادل الحديث مع محتجزين آخرين، وأنه "وضعت قلنسوة على رأسه، وأجبر على الوقوف مدة عشر ساعات، وتعرض للسب بعبارات ذات محمل عنصري" (12) .

5-8 ويسلم صاحب البلاغ بحصوله على إعانة اجتماعية ولكنه ذكر أنه لم يبدأ حصوله عليها إلا بعد فقدان العمل الذي كان يمارسه بدون تفرغ بسبب الإدانة. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا لا يعفي الدولة الطرف من مسؤولية حماية أسرته.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء وارد في البلاغ، ينبغي للجنة المعنية بحقوق الإنسان عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي أن تقرر ما إذا كان البلاغ مستوفياً لشروط القبول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد أم لا.

6-2 ففيما يتعلق بالمساهمة التي يتعين على صاحب البلاغ أن يدفعها لتمثيله بمحامٍ عند محاكمته أمام المحكمة المحلية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يلتمس إعادة النظر في القرار الذي اتخذه المسجل في هذا الشأن ولذلك فإنها ترى أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-3 كذلك، وفيما يتعلق بمكان المحاكمة، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطلب من قاضي المحكمة المحلية تغيير مكان المحاكمة ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 3(ج) من المادة 14 لعدم السماح لصاحب البلاغ باستدعاء محاميه السابق للإدلاء بشهادته أمام محكمة الاستئناف، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يتبع الإجراءات اللازمة للسماح باستدعاء محاميه للإدلاء بشهادته ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وفيما يتعلق بمسألة عدم موافقة المحكمة على الفصل بين التهم الواردة في عريضة الاتهام، اعترف نفس صاحب البلاغ بأنه لم يطلب من المحكمة القيام بهذا الفصل ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وفيما يتعلق بالادعاء بكذب أحد الشهود أثناء المحاكمة، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يعرض هذه المسألة على محكمة الاستئناف ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك للمادة 26 من العهد بناء على لون صاحب البلاغ، تلاحظ المحكمة أن صاحب البلاغ لم يثر هذه المسألة في أي وقت من الأوقات أمام محكمة الاستئناف ولذلك فإنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وبناء على ذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-8 وفيما يتعلق بضم محكمة الاستئناف لأحد القضاة الذين سبق لهم النظر في الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ بشأن تهمة التهرب الضريبي، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يطعن في اشتراك هذا القاضي أثناء المحاكمة ولذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-9 وفيما يتعلق بادعاء عدم كفاءة الدفاع الذي كان يمثل صاحب البلاغ أثناء محاكمته أمام المحكمة المحلية وبالتالي انتهاك الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد، ترى اللجنة أن مجرد ضعف نظر المحامي الأول وعدم تخصص المحامي الثاني في القضايا الضريبية ليس سبباً كافياً للقول بعدم كفاءتهما بالمعنى المقصود في العهد. ولذلك ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات كافية لتأييد ادعائه فيما يتصل بالمقبولية. ولذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-10 وفيما يتعلق بادعاء أن عدم الموافقة على منح صاحب البلاغ مساعدة قضائية لاستئناف الحكم الصادر ضده يشكل انتهاكاً للفقرتين 3(د) و5 من المادة 14 من العهد، تلاحظ اللجنة أن الطلب المقدم من صاحب البلاغ كان موضعاً للبحث من جانب المسجل ثم من جانب أربعة من القضاة في محكمة الاستئناف وكانت نتيجة البحث أن مصالح العدالة لا تتطلب توفير مساعدة قضائية لـه. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية لإثبات العكس فيما يتصل بالمقبولية، ولذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من العهد.

6-11 وتلاحظ اللجنة أن بقية الادعاءات المقدمة من صاحب البلاغ في إطار المادة 14 من العهد تتعلق أساساً بتقييم الوقائع والأدلة فضلاً عن تنفيذ القانون الداخلي. وتشير اللجنة إلى أن المحاكم الوطنية عموماً، وليس اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، هي المسؤولة عن تقييم الوقائع الخاصة بقضية معينة وتفسير القانون الداخلي. وليس في المعلومات المعروضة على اللجنة والأسانيد المقدمة من صاحب البلاغ ما يدل على أن تقييم المحكمة للوقائع وتفسيرها للقانون كان تحكمياً بالفعل أو يشكل إنكاراً للعدالة. ولذلك، تكون هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

6-12 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 من العهد والأضرار التي لحقت بوالدة صاحبة البلاغ نتيجة لاحتجازه، تلاحظ اللجنة أن للأفراد الذين يدعون انتهاك حقوقهم فقط بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري الحق في تقديم بلاغات إلى اللجنة. وعلاوة على ذلك، وبغض النظر عن عدم قيام والدة صاحب البلاغ بتقديم بلاغ في هذا الشأن، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية لادعائه فيما يتصل بالمقبولية. ولذلك يكون هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-13 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادتين 7 و10 من العهد الذي عانى منه صاحب البلاغ نتيجة للظروف التي أحاطت بعمله الأسبوعي الذي يستغرق ثماني ساعات، ترى اللجنة أن المعلومات المقدمة ليست كافية لإثبات ادعاء بموجب المادتين 7 و10 مـن العهد. وهذا صحيح أيضاً بالنسبة للادعاءات الإضافية المشار إليها في الفقرة 5-7 أعلاه التي قدمها صاحب البلاغ في مرحلة لاحقة. ولذلك فإن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن هذا البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إرسال هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وصدر في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) اتهم صاحب البلاغ حسبما تبين للجنة بتقديم بيانات ضريبية كاذبة بالنيابة عن عملائه الذين كان معظمهم من أصدقائه وأقربائه وبالاحتفاظ بعد ذلك بالمبالغ المستردة من الضرائب في حساب مصرفي باسمه وباسم أحد أقاربه خلاف الأقارب أعلاه. وذكر صاحب البلاغ أنه أودع المبالغ في هذا الحساب لمساعدة قريبه على مستلزمات الهجرة. وذكر بالإضافة إلى ذلك أنه تولى الإجراءات المتعلقة بالهجرة لعدد كبير من عملائه وأنه استقطع أتعابه من المبالغ المستردة من الضرائب.

(2) لا يوجد في المستندات المقدمة من صاحب البلاغ ما يدل على طلب تغيير مكان المحاكمة أو اعتراض النيابة على هذا الطلب.

(3) لم يربط صاحب البلاغ دائماً في رسالته الأولى الانتهاكات التي يدعيها بمواد محددة من العهد. ويعترف صاحب البلاغ في رده على رسالة الدولة الطرف بذلك ويدعي أن الانتهاكات التي يدعيها في بلاغه تتعلق بالمواد 2 و7 و10 و14 و23 و26 من العهد.

(4) رفض الطعن الذي قدمه في هذا الشأن.

(5) جاء بالأسباب مثلاً "لا ترى المحكمة ما يؤيد هذا الدفع. فليس من النادر أن يثير القاضي إمكانية ادعاء المتهم بأنه مذنب. ولا يشير التعليق الذي يتصل باستخدام الأموال المعتمدة للمساعدة القضائية بالضرورة إلى التحيز. والأمر بالمثل فيما يتعلق بأي أمر يصدر بشأن مساهمة صاحب الطعن في هذه المساعدة ويهدف منها فيما يبدو كما ذكر صاحب الطعن لمحاميه إلى ضمان سداد المبلغ المطلوب".

(6) لاحظت محكمة الاستئناف ما يلي: "وذكر صاحب الطعن أن ممثل النيابة قد تصرف بوجه غير لائق في أمور متعددة ... . فيدعي صاحب الطعن أن السيد تشاند قد ابلغه بأنه عندما عرض عليه ممثل النيابة التنازل عن التهم الواردة في البندين 2 و5 إذا اعترف صاحب الطعن بأنه مذنب في بقية التهم ورفض صاحب الطعن ذلك، قال له ممثل النيابة عندئذ إنه "سيسعـى إلى إدانته ". فبصـرف النظر عما يتصف به ذلك من كونه شهادة نقلية، فإنه يصعب القول بأن الحديث المتبادل بين النيابة والدفاع قد بلغ في هذه الحالة مرتبة سوء السلوك"

(7) تستند الدولة الطرف إلى المقطع التالي من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف: "... ولا توافق المحكمة على هذا الدفع. فكان لممثل النيابة بموجب الاتفاق الحق في مطالبة الشهود بأي "دليل يتعلق بالدخل الذي يتصل بالحسابات المشار إليها في عريضة الاتهام". وما دامت الأدلة متعلقة بالدخل، فإنها تدخل في نطاق الاتفاق. والأدلة التي يعترض عليها صاحب الطعن الآن من الأدلة التي تدخل في نطاق هذه الفئة".

(8) من بين هذه الملاحظات ما يلي: ".... غير أن هناك قدراً كبيراً من الشك فيما يتعلق بمصداقية السيد كومار. فحضوره للإدلاء بشهادته أمام المحكمة كان سيؤدي إلى مواجهته بما جاء في أقوال السيد هدسون. وكان سيضطر عندئذ للاعتراف بأنه كذب على السيد هدسون. وحتى إذا قبلت المحكمة تفسيره لهذا الكذب، فإن الشك سيظل قائماً بشأن مصداقية الشهادة التي وردت في إفادته الكتابية المشفوعة بيمين. وفي حالة قبول ما جاء في هذه الإفادة، فإنه ليس مبرراً كافياً، في رأي المحكمة، لإلغاء إدانته في التهمة رقم 2 المتعلقة بالسيد بوني، وبالأحرى إدانته في التهم الأخرى.

(9) قدم صاحب البلاغ إفادة كتابية مشفوعة بيمين من السيد تشارما (محاميه السابق) في هذا الشأن.

(10) قدم صاحب البلاغ نسخاً من الشكاوي الكتابية المذكورة.

(11) لم تقدم مستندات كتابية في هذا الشأن.

(12) لم يذكر هذا الادعاء في الرسالة الأولى ولم يقدم صاحب البلاغ معلومات أخرى بشأن هذه النقطة في الرسالة اللاحقة.

دال - البلاغ رقم 808/1998، روجل ضد ألمانيا

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في دراسة هذا البلاغ: السيد نيسوكي آندو والسيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة كريستين شانيه واللورد كولفيل والسيدة إليزابيث إيفات والسيد لويس هانكين والسيد ديفيد كريتسمر والسيد راجسومر لالاه والسيد مارتن شاينين والسيد هيبوليتو سولاري يريغويَن والسيد رومان فيروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدين. ولم يشارك السيد إيكارت كلاين في دراسة القضية بموجب أحكام المادة 85 من النظام الداخلي للجنة.

القرار المعتمد في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد جورج روجل (يمثله السيد جورج ريكس)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ هو السيد جورج روجل، وهو مواطن ألماني ولد في 30 أيار/مايو 1950. ويقدم البلاغ أصالة عن نفسه ونيابة عن ابنته نيكول ، وهي أيضاً مواطنة ألمانية ولدت في 7 نيسان/أبريل 1985. ويمثله محام هو السيد جورج ريكس. وهو يدعي أنه وابنته ضحيتا انتهاكات الدولة الطرف لأحكام الفقرة 1 من المادة 14، والفقرتين 1 و2 من المادة 17، والفقرتين 1 و4 من المادة 23، والفقرتين 1 و2 من المادة 24.

1-2 دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 17 آذار/مارس 1974، كما دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993. ولدى انضمام الدولة الطرف إلى البروتوكول الاختياري، سجلت تحفظاً عليه ينص على أن: "جمهورية ألمانيا الاتحادية تبدي تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 مفاده أن اختصاص اللجنة لا يسري على البلاغات (أ) التي سبق أن نُظر فيها بمقتضى إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدوليين، أو (ب) التي يتم من خلالها التأنيب على انتهاك للحقوق تعود أحداثه إلى ما قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لجمهورية ألمانيا الاتحادية، أو (ج) التي يتم من خلالها التأنيب على انتهاك لأحكام المادة 26 من [العهد المذكور] إذا ما كان وبقدر ما كان الانتهاك الذي تم التأنيب بشأنه يتعلق بحقوق غير الحقوق التي تكفلها أحكام العهد المذكور آنفاً".

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 بعد انحلال زواج صاحب البلاغ، تزوجت زوجته السابقة من جديد بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر 1989. وكان قد سبق لها أن نالت حق حضانة الإبنة المولودة من زواجها بصاحب البلاغ، وهي محور هذا البلاغ. وتقدمت زوجة صاحب البلاغ السابقة بطلب في 16 أيلول/سبتمبر 1991 إلى إدارة بلدية تشام، بتغيير لقب الابنة من لقب صاحب البلاغ إلى اللقب الجديد الذي تحمله زوجة صاحب البلاغ السابقة. وقد لبي هذا الطلب في 9 آذار/مارس 1992.

2-2 وفي 23 تموز/يوليه 1992، رفض الطعن الإداري الذي قدمه صاحب البلاغ إلى الحكومة المحلية لمنطقة بالاتينات العليا. كما رَفَضَت كل من محكمة ريجنزبرك الإدارية ومحكمة الاستئناف الإدارية في بافاريا والمحكمة الإدارية الاتحادية طعون أخرى قدمها صاحب البلاغ في 7 كانون الأول/ديسمبر 1992 و30 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 و27 حزيران/يونيه 1994. كما رُفض الالتماس الدستوري الذي قدمه بعد ذلك صاحب البلاغ إلى المحكمة الدستورية الاتحادية التي قررت عدم قبول الدعوى في 9 كانون الأول/ديسمبر 1994.

2-3 وبعد استنفاد الإجراءات القانونية المحلية، قدّم صاحب البلاغ في 26 أيار/مايو 1995 طلباً بشأن الحقائق والمسائل ذاتها إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 25 آب/أغسطس 1995، سُجلت الشكوى برقم الملف 28319/95. وخلصت اللجنة الأوروبية، في قرار اتخذته بأغلبية الأصوات في 20 أيار/مايو 1998، إلى أن الطلب "لا يستند إلى أي أساس سليم"، وأنه بالتالي، غير مقبول.

2-4 وأُحيلَ هذا البلاغ إلى الدولة الطرف في 26 شباط/فبراير 1998. ووردت الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ في 24 نيسان/أبريل 1998، كما وردت تعليقات المحامي على هذه الملاحظات في 3 آب/أغسطس 1998. وقدم المحامي تعليقاً إضافياً في 7 حزيران/يونيه 2000، علقت الدولة الطرف عليه في 26 أيلول/سبتمبر 2000.

الشكوى

3-1 يَدَّعي صاحب البلاغ أن تغيير لقب ابنته رسمياً باستبدال اللقب الجديد الذي تحمله زوجته السابقة به، وإقرار كل محاكم الدولة الطرف بجميع درجاتها بتغيير الاسم، إضافة إلى جملة من أوجه الخلل الإجرائية التي يدَّعي أنها اعترت تلك الدعاوى القضائية (بما في ذلك عدم إعلان الحكم في إحدى الحالات) هي أمور تشكل انتهاكاً لحقوق صاحب البلاغ والإبنة على حد سواء بموجب أحكام الفقرة 1 من المادة 14، والفقرتين 1 و2 من المادة 17، والفقرتين 1 و4 من المادة 23، والفقرتين 1 و2 من المادة 24.

المعلومات والملاحظات التي قدمها المحامي بشأن مقبولية البلاغ

4-1 إن رسالة صاحب البلاغ الأصلية، إضافة إلى تقديم سرد شامل للوقائع والحجج بشأن الأسس الموضوعية، تشكل مجموعة منوعة من الحجج بشأن مقبولية الحالة. ويؤكد صاحب البلاغ بادئ ذي بدء أن البلاغ غير مستثنى بموجب الفقرة (أ) من التحفظ الذي قدمته الدولة الطرف عند انضمامها على الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، والذي يستبعد اختصاص اللجنة في النظر في بلاغ سبق أن تم النظر فيه بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

4-2 ويقدم صاحب البلاغ حجتين بشأن هذا التحفظ. فهو يتمسك بقرار اللجنة في قضية كازانوفاس ضد فرنسا (1) ، حيث خلصت اللجنة إلى أن تلك القضية التي قررت اللجنة الأوروبية عدم قبولها من حيث الموضوع، لم "ينظر فيها بحيث يمنع ذلك لجنة حقوق الإنسان من النظر فيها بناء على تحفظ مشابه جداً قدمته تلك الدولة الطرف. وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة نيابة عن الطفلة، يحتج صاحب البلاغ بأنه نظراً لأن اللجنة الأوروبية قد رفضت الاعتراف بالأهلية القانونية لصاحب البلاغ في تقديم شكوى نيابة عن الطفلة، فلا مجال للادعاء بأن هذا الجانب من الشكوى قد بحث. كما أن النظر في حالة الوالد لا يمنع، بناءً على التحفظ، دراسة منفصلة لحالة الابنة، نظراً لاختلاف الشكاوى باختلاف الأشخاص.

4-3 وحجة صاحب البلاغ الثانية هي أن الفقرة (ب) من تحفظ الدولة الطرف لا تمنع اللجنة من النظر في البلاغ. ويؤكد صاحب البلاغ أن الإجراءات القانونية العادية لم تنته وتغيير الاسم لم يصبح نافذاً قانوناً إلا بتسلم حكم المحكمة الإدارية الاتحادية في 8 تموز/يوليه 1994. وحينذاك، كان البروتوكول الاختياري نافذاً بالنسبة للدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، فإن حكم المحكمة الدستورية الاتحادية في 9 كانون الأول/ديسمبر 1994، برفض الطعن الدستوري يشكل انتهاكاً جديداً.

4-4 ثانياً ، يؤكد صاحب البلاغ على كل حال بأن مبدأ "الآثار المستمرة" ، الذي بموجبه يمكن للجنة أن تنظر في انتهاكات العهد التي وقعت قبل دخول البروتوكول حيز النفاذ إذا كانت هناك آثار مستمرة يشعر بها الأشخاص الذين يُدّعى بأنهم ضحايا، هو مبدأ قابل للتطبيق في هذه القضية. فضعف الصلة بين الوالد والابنة مستمر طالما ظل تغيير الاسم ساريا. ويستشهد صاحب البلاغ بهذا الخصوص بآراء اللجنة في قضية أ وأ ك. ضد هنغاريا (2) و قضية سيمونك ضد تشيكوسلوفاكيا (3) ، التي أيدها تعليق اللجنة العام رقم 24 المؤرخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1994. ويؤكد صاحب البلاغ أن تفسير تحفظ الدولة الطرف على أنه يستبعد الانتهاكات ذات الآثار المستمرة سيكون منافياً لروح البروتوكول الاختياري وغرضه.

4-5 وثالثاً ، يؤكد صاحب البلاغ أنه لا توجد أسباب لعدم قبول البلاغ المتعلق باسم الابنة والمقدم نيابة عنها على أساس صفة الشخص المعني لمجرد عدم تمتع الوالد بحق الحضانة. ويستشهد صاحب البلاغ بآراء اللجنة في قضية ب.س. ضد الدانمارك (4) تأييدا لمقولة أنه يجوز للآباء غير المتمتعين بحق الحضانة أن يقدموا بلاغاً نيابة عن أبنائهم. ويحتج صاحب البلاغ بأنه من الواضح أن الابنة غير قادرة على تقديم بلاغ بنفسها، في حين أن من الواضح أن المصالح المستقلة للأم ذاتها لا تحدوها على القيام بذلك. ولذلك يُدّعى بأن العلاقة بين الوالد والابنة كافية لدعم أهليته لتقديم البلاغ نيابة عن ابنته.

المعلومات والملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5-1 إن الحجة الأولى للدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ هي أن الفقرة (أ) من تحفظ الدولة الطرف تمنع اللجنة من دراسة البلاغ. وتحتج الدولة الطرف بأن "النظر"، بالمعنى المتضمن في تحفظ الدولة الطرف، قد أُجرِيَ عندما أعلنت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان في 20 أيار/مايو 1996 عدم قبول الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ في 26 أيار/مايو 1995. وتحتج الدولة الطرف بأن من الخطأ وصف رد الشكوى بأنه قرار بعدم قبولها من حيث الموضوع. فخلافاً لحالة كازانوفاس ، التي خلصت فيها اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى هذه النتيجة على أساس أن الحقوق التي تقر بها الاتفاقية الأوروبية لا تشمل الوقائع موضوع البحث، انطلقت اللجنة في هذه الحالة من الافتراض بأن أحكام الاتفاقية الأوروبية التي يرى صاحب البلاغ أنه قد أُخِلَّ بها واجبة التطبيق.

5-2 وبموجب المادة 8 من الاتفاقية، التي تقابل عموماً المادة 17 من العهد، لم تنطلق اللجنة من الافتراض بوجوب التطبيق فحسب بل أيضاً من الإخلال بذلك الحق، قبل أن تخلص إلى أن الإخلال له ما يبرره. وتحتج الدولة الطرف بأن أحكام الاتفاقية الأوروبية التي يدعي صاحب البلاغ بأنه قد أُخِلَّ بها، هي مطابقة في معظمها لأحكام العهد المحتج بها الآن. وأجرت اللجنة دراسة كاملة ووافية وشاملة لكامل ملابسات القضية قبل أن تخلص إلى افتقار الشكوى إلى أساس سليم.

5-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن سبباً هاماً لهذا الجزء من تحفظها هو لاجتناب ازدواج إجراءات الاستعراض الدولي التي قد تفضي إلى نتائج متضاربة. كما أنه من مصلحة الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أن تكون قادرة على العمل بشكل فعال لمنع مقدمي البلاغات من ‘مطاردة المحافل‘. ويصدق هذا بصورة خاصة حينما يتم النظر بشكل مستفيض في وقائع الحالة بموجب إجراء دولي، كما هي الحال في هذه القضية.

5-4 وهذا النهج في السعي لاجتناب تكرار اهتمام مختلف الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بشكاوى متطابقة ليس نهجاً تقييدياً تتخذه بوجه خاص الدولة الطرف، بل هو نهج يقال إنه يكاد يصبح اعتيادياً في الاتفاقات الدولية. وتستشهد الدولة الطرف بأحكام مماثلة جداً بهذا الخصوص في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وفي مشروع البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (آنذاك).

5-5 وفيما يتعلق بحجج المحامي بشأن عدم قبول البلاغ من حيث الأساس الزمني، تؤكد الدولة الطرف بأن الحدث الحاسم هو إخطار إدارة بلدية تشام بتاريخ 9 آذار/مارس 1992 بشأن تغيير الاسم، وبإقرار الحكومة المحلية لمنطقة بالاتين العليا لذلك بتاريخ 23 تموز/يوليه 1992. ويسبق هذان التاريخان دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ لدى الدولة الطرف. وتشير الدولة الطرف إلى أن قانونها الإداري يخضع إجراءها الإداري الأخير، أي الإخطار الصادر بتاريخ 23 تموز/يوليه 1992، لإجراءات المراجعة القضائية.

5-6 ويتماشى هذا مع التحفظ الذي سجلته الدولة الطرف نصاً وقصداً على حد سواء، والذي يستبعد الانتهاكات التي يكون "سببها أحداث" سابقة لدخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، إضافة إلى الانتهاكات التي وقعت قبل بدء النفاذ هذا. وتستشهد الدولة الطرف بآراء اللجنة في قضية ك. وس.ف. ضد ألمانيا (5) باعتبارها متماشية مع ذلك النهج.

5-7 كما تعتبر الدولة الطرف البلاغ غير مقبول فيما يتعلق بالابنة، وذلك لسببين. أولاً، يقال إنه غير مقبول نظراً لصفة الشخص المعني، كما قررت اللجنة الأوروبية، لافتقار الوالد غير الممنوح حق الحضانة لصلاحية اتخاذ هذه الإجراءات. وترى الدولة الطرف أنه لا يبدو أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تطبق معايير مختلفة عن تلك التي تطبقها اللجنة الأوروبية بهذا الخصوص. وتحتج بأن الاعتراف بالأهلية القانونية في هذه الحالة معناه تجاهل إرادة الوالدة الممنوحة حق الحضانة. كما ترى الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد لأنه لم يتم التقدم إلى محاكم الدولة الطرف في أي وقت للنظر في مسألة انتهاك حقوق الابنة، وليس حقوق الوالد. ولحدوث ذلك، كان يتعين على الابنة نفسها أن ترفع دعوى قضائية، وهذا ما لم يحدث لأسباب واضحة.

رد المحامي على المعلومات والملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

6-1 يرفض صاحب البلاغ، برسالته المؤرخة 3 آب/أغسطس 1998، آراء الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ.

6-2 وفيما يتعلق بالإدعاء بأن آلية أخرى قد سبق لها أن نظرت في البلاغ، يؤيد صاحب البلاغ تفسيراً تقييدياً للتحفظ، مشيراً إلى أن قرار اللجنة الأوروبية كان يقتصر على مسألة مقبولية البلاغ ولم يكن بشأن الأسس الموضوعية. وبالرجوع في احتجاجه إلى ملاحظة عامة أبدتها اللجنة في قضية كازانوفاس وهي أن الحقوق الواردة في الاتفاقية الأوروبية "تختلف من حيث الجوهر" عن الحقوق المنصوص عليها في العهد، يرفض صاحب البلاغ وصف الدولة الطرف للمجموعتين من الحقوق المحتج بهما في هذه القضية بأنهما "متطابقتان في معظمهما". ويلاحظ أن المادتين 23 و24 المحتج بهما لا توجد ضمانات مناظرة لهما في الاتفاقية الأوروبية. وفيما يتعلق بالمادة 17، يؤكد أن المادة 8 المقابلة لها في الاتفاقية الأوروبية مصاغة صياغة أكثر تقييداً. وعلاوة على ذلك، وفيما يخص انتهاك المادة 14(1) المدعى وقوعه بسبب عدم إعلان حكم الاستئناف فلا يمكن القول إنه تم "النظر" في هذا الجانب، نظراً لأن اللجنة الأوروبية قد وجدت أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد.

6-3 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بشأن عدم قبول البلاغ من حيث الإطار الزمني، يؤكد صاحب البلاغ مجددا أن تاريخ وقوع الانتهاك موضع البحث هو الواقع القانوني لتغيير الاسم الذي اتخذ شكل الإعلان الصادر بتاريخ 8 تموز/يوليه 1994 بشأن حكم المحكمة الإدارية الاتحادية المؤرخ 27 حزيران/يونيه 1994 الذي يرفض السماح بالاستئناف، ولذا فلا يستثنى من حيث الأساس الزمني بموجب الجزء الثاني من تحفظ الدولة الطرف. ولم يصبح تغيير الاسم نافذاً إلا في ذلك التاريخ.

6-4 وعلى أي حال، كان حكم المحكمة الإدارية الاتحادية ثم حكم المحكمة الدستورية الاتحادية يشكلان انتهاكاً آخر لأحكام العهد لتأييدهما للانتهاك الأصلي. كما يرى صاحب البلاغ أن تأكيد الانتهاك الأصلي المدعى وقوعه يخلق أثراً مستمراً تختص اللجنة بالنظر فيه. كما أن لتغيير الاسم نفسه آثار مستمرة في الحاضر والمستقبل على الوالد والابنة على حد سواء. ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف لا تفند وجود هذه الآثار المستمرة. كما يحتج صاحب البلاغ بأن هذا الجزء من تحفظ الدولة الطرف يتنافى مع موضوع البروتوكول الاختياري وهدفه.

6-5 وأخيراً، يحتج صاحب البلاغ بأن له أهلية لتقديم البلاغ نيابة عن الابنة، مستشهداً بآراء اللجنة في قضية ب.س. ضد الدانمارك (6) و قضية سانتاكانا ضد إسبانيا (7) تأييدا لحجته. وبهذا القدر على الأقل، تتبع اللجنة نهجاً أوسع من نهج اللجنة الأوروبية. وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يصرح صاحب البلاغ بأن المحاكم المحلية قد أخذت حقوق الابنة ومصالحها بعين الاعتبار، وأن الابنة كانت قانوناً طرفاً في الدعاوى القضائية المرفوعة أمام المحكمة من خلال والدتها. فليس من الضرورة أن تكون الابنة نفسها قد رفعت الدعاوى.

المعلومات والملاحظات الإضافية المقدمة بشأن مسألة مقبولية البلاغ

7 - برسالة أخرى مؤرخة 7 حزيران/يونيه 2000، يواصل صاحب البلاغ عرض الحجج بشأن مقبولية البلاغ من حيث الإطار الزمني. ويحتج بأنه وفقاً للقانون المحلي، فإن الحد الزمني الفاصل هو المرافعة الشفهية أمام محكمة الاستئناف الأخيرة، حيث جعلت السلطات نفاذ قرارها مشروطاً بعدم جواز الطعن فيه قانوناً بعد ذلك. وتلاحظ الدولة الطرف، برسالة مؤرخة في 26 أيلول/سبتمبر 2000، عدم وجود ما يشير في هذه القضية إلى أن القرار الأصلي كان مشروطاً في هذا الصدد، وعلى هذا، فإن القاعدة العامة للقانون الإداري الذي أشارت إليه الدولة الطرف أساساً، أي أن القرار الإداري الأصلي كان هو الحد الزمني الفاصل، تظل واجبة التطبيق.

حجج صاحب البلاغ بشأن الأسس الموضوعية

8-1 يقدم صاحب البلاغ معلومات مفصلة عما يدعيه من انتهاك لحقوقه بموجب المواد 14 و17 و23 والتي ليس من الضروري عرضها بإفاضة للأسباب المعروضة بالتفصيل أدناه بشأن المقبولية. وفيما يتعلق بما يدعيه من انتهاكات لحقوق الابنة يُصرّح صاحب البلاغ، بموجب المادتين 17 و23، بأن تغيير الاسم قد أحدث اضطرابا في حياتها الأسرية وأثر في الرابطة القائمة بينها وبين أبيها ولم يثبت أنه كان ضرورياً ويخدم مصالح الطفلة على أكمل وجه.

8-2 وفيما يخص حقوق الابنة بموجب المادتين 14 و24، يذكر صاحب البلاغ أن المحاكم لم تستمع إلى الابنة في أي وقت أثناء الإجراءات القضائية، فيما يتعلق بمسائل تمسها بشكل واضح، وأنه لم يكن هناك من يمثلها بشكل قانوني ومستقل في ظروف كانت لوالدتها فيها، باعتبارها الوصي القانون عليها، مصالحها المتميزة والمستقلة في هذا الشأن. لذا، يُدّعى أن حقوق الابنة في المحاكمة العادلة والحماية الخاصة كطفلة قد انتُهِكَت بسبب هذه الثغرات الإجرائية في الإجراءات القضائية. وبهذا الخصوص، يستشهد صاحب البلاغ بآراء اللجنة في قضية غاليتشيو ضد الأرجنتين (8) التي رأت فيها اللجنة أن عدم وجود تمثيل كاف لطفل في الإجراءات القضائية ذات الصلة يشكل خرقاً لأحكام المادة 24.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

9-1 قبل النظر في أية ادعاءات واردة في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، البت فيما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب أحكام البروتوكول الاختياري للعهد.

9-2 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بوقوع انتهاكات لحقوقه بموجب أحكام المواد 14 و17 و23، تلاحظ اللجنة أن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت بتاريخ 20 أيار/مايو 1996 شكوى صاحب البلاغ بشأن الوقائع والمسائل ذاتها المعروضة على اللجنة. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن الدولة الطرف، حينما انضمت إلى البروتوكول الاختياري، أبدت تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري مفاده أنه ليس من اختصاص اللجنة النظر في البلاغات التي سبق دراستها بموجب إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

9-3 وتلاحظ اللجنة أن اللجنة الأوروبية انطلقت من الافتراض بأن أحكام الاتفاقية الأوروبية، التي رأى صاحب البلاغ أنها قد انتُهِكَت، كانت واجبة التطبيق، كما أجرت دراسة كاملة للوقائع والمسائل المطروحة في القضية. وفي نهاية المطاف، وجدت اللجنة، إثر النظر في جميع ملابسات القضية بشكل كامل وشامل، أن الإخلال بحق صاحب البلاغ في التمتع بحياة أسرية كان له ما يبرره وأعلنت بالتالي عدم قبول ادعائه لعدم استناده إلى أسس سليمة كما ظهر. وفيما يتعلق بادعاءات عدم إنصاف الإجراءات القضائية، وجدت اللجنة أنه، باستثناء انتهاك ادعى وقوعه بسبب عدم قيام محكمة الاستئناف الإدارية في بافاريا بإعلان حكمها، ليس هناك ما يدعو إلى الحكم بأن الدعاوى القضائية كانت غير منصفة عند النظر فيها إجمالاً.

9-4 وفيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ بأن أحكام الاتفاقية الأوروبية تختلف عن أحكام العهد المحتج بها الآن، فإن الاختلاف في صياغة الأحكام لا يكفي وحده للحكم بأن اللجنة الأوروبية "لم تنظر" في مسألة مثارة الآن بموجب حق من حقوق العهد. فلا بد من إثبات وجود فرق أساسي في الأحكام الواجبة التطبيق في هذه القضية. وفي هذه الحالة، فإن أحكام المواد 6 و8 و14 من الاتفاقية الأوروبية، كما تفسرها اللجنة الأوروبية، قريبة بما فيه الكفاية من أحكام المادتين 14 و17 من العهد المحتج بها الآن بحيث يمكن القول إنه "تم النظر في" المسائل ذات الصلة. ولا يغير هذا الاستنتاج التمسك الإضافي بالمادة 23 من العهد أمام اللجنة، ذلك لأن أية مسائل مطروحة بموجب هذه المادة قد عُولجت في جوهرها لدى نظر اللجنة الأوروبية في هذه القضية في وقت سابق.

9-5 ومن ثم، يتعين التمييز بين هذا البلاغ و قضية كازانوفاس ضد فرنسا (9) التي يعتمد عليها صاحب البلاغ إلى حد كبير، لأن اللجنة الأوروبية رأت في تلك القضية أن نطاق تطبيق أحكام الاتفاقية الأوروبية لا يشمل وقائع تلك القضية. وبالتالي، فإن آلية دولية أخرى قد "نظرت في" هذا البلاغ فيما يتعلق بحقوق صاحب البلاغ في التمتع بأسرة وحقه في محاكمة منصفة (باستثناء الادعاء المتعلق بإعلان الحكم). ولذا فإن الفقرة (أ) من تحفظ الدولة الطرف بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري واجبة التطبيق، ولا يجوز للجنة دراسة هذه الجوانب من البلاغ.

9-6 وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ بوقوع انتهاك للمادة 14(1) بسبب عدم قيام المحكمة الإدارية في بافاريا بإعلان حكمها، تلاحظ اللجنة أن اللجنة الأوروبية رفضت هذا الجانب على أساس عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، ولا سيما أن هذا الجانب لم يُطرح أمام المحكمة الدستورية الاتحادية. وعلى ذلك، فلم "يُنظَر في" هذا الجزء من البلاغ من قبل آلية دولية أخرى لكي يُستبعَد النظر فيها بمقتضى تحفظ الدولة الطرف. ولكن، ولنفس الأسباب التي ذكرتها اللجنة الأوروبية، ترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم تستنفد بهذا الخصوص. وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-7 وبخصوص ما ادعاه صاحب البلاغ من حدوث انتهاكـات لحقوق الابنة بموجب أحكام المواد 14 و17 و23 و24، تلاحظ اللجنة أن اللجنة الأوروبية أعلنت عدم أهلية صاحب البلاغ لتقديم شكوى نيابة عن ابنته. وعليه، فلا يمكن القول إن اللجنة الأوروبية قد "نظرت" في جانب الشكوى المتعلق بالابنة بما يمنع اللجنة من دراسة القضية من وجهة نظر الابنة.

9-8 وتلاحظ اللجنة أنه، وفقاً لآرائها السابقة، فإن عدم تمتع الوالد بحق الحضانة لا يحرمه بالضرورة من الأهلية القانونية الكافية لرفع شكوى نيابة عن طفله. ولكن فيما يتعلق بما يدعي وقوعه من انتهاكات لحقوق الابنة بموجب المواد 14 و17 و23 و24، ترى اللجنة أن لا حجج صاحب البلاغ ولا المواد المقدمة تثبت، لأغراض مقبولية البلاغ، الآثار الضارة بالابنة والتي يدَّعى أنها تشكل انتهاكات لتلك المواد. وتلاحظ اللجنة بهذا الخصوص، أنه على الرغم من بلوغ الابنة الخامسة عشرة من العمر وقت ورود آخر رسالة من صاحب البلاغ، فليس ثمة ما يشير إلى تأييد الابنة لأي استنتاج بأن حقوقها قد انتُهِكَت. وعليه، ترى اللجنة أن هذا الجانب من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9-9 وفي ضوء النتائج السالفة الذكر التي خلصت إليها اللجنة، ليست هناك ضرورة لنظر اللجنة في بقية الحجج التي قدمها صاحب البلاغ وردت عليها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ.

10- وعليه، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يُبلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر لاحقاً أيضاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) البـلاغ رقـم 441/1990، الـذي أُعلـن قبولـه في 7 تموز/يوليه 1993 (CCPR/C/48/D/441/1990).

(2) البـلاغ رقـم 520/1992، الـذي أُعلـن عدم قبولـه في 7 نيسان/أبريل 1994 (CCPR/C/50/D/520/1994).

(3) البلاغ رقم 516/1992، الذي أُعلن قبوله في 22 تموز/يوليه 1994 (CCPR/C/51/D/516/1992).

(4) البـلاغ رقـم 397/1990، الـذي أُعلـن عدم قبولـه في 22 تموز/يوليه 1992 (CCPR/C/45/D/397/1990).

(5) البـلاغ رقـم 568/1993، الـذي أُعلـن عدم قبولـه في 8 نيسان/أبريل 1994 (CCPR/C/50/D/568/1993).

(6) البـلاغ رقـم 397/1990، الـذي أُعلـن عدم قبولـه في 22 تموز/يوليه 1992 (CCPR/C/45/D/397/1990).

(7) البـلاغ رقم 417/1990، الذي أُعلن قبوله في 25 آذار/مارس 1992، انظر آراء اللجنة الصادرة في 15تموز/يوليه 1994 (CCPR/C/51/D/417/1990).

(8) البـلاغ رقم 440/1990، الآراء التي اعتُمِدَت في 3 نيسان/أبريل 1995 (CCPR/C/53/D/400/1990).

(9) البلاغ رقم 441/1990، الذي أُعلن قبوله في 7 تموز/يوليه 1993 (CCPR/C/48/D/441/1990).

هاء - البلاغ رقم 822/1998، فاكومي ضد فرنسا

القرار المعتمد في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد ماتيو فاكومي و28 شخصاً آخرين

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في النظر في هذا البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر والسيد برافلاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة إليزابيث إيفات، والسيدة بيلار غيتان دي بومبو والسيد لويس هانكين والسيد إيكارت كلاين والسيد ديفيد كريتسمر والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد مارتن شاينين والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين والسيد رومن فيروشيفسكي والسيد ماكسويل يالدين والسيد عبد الله زاخيا.

(يمثلهم السيد غوستاف تيهيو، محام في نوميا، ومكتب محاماة رو ولانغ وشيمول وكانيزار، في مونبيلييه)

الأشخاص المدَّعى أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ البلاغ : 11 آذار/مارس 1998

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000

تعتمد القرار التالي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم السيد فاكومي و28 شخصا آخر ويدعون أنهم يملكون بحكم النظام العقاري أو القانون العرفي أراضٍ بجزيرة الصنوبر (l'île des Pins) في كاليدونيا الجديدة. ويؤكدون أنه ضحايا لانتهاكات المواد 17(1)، و18، و23(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بسبب المساس بحياتهم الخاصة والعائلية، وكذلك بحقهم في إظهار دينهم أو معتقدهم بحرية عن طريق إقامة الشعائر. ويشترك في تمثيل أصحاب البلاغ ، السيد تيهيو، وهو محام في نوميا، ومكتب رو وشيمول وكانيزار، الموجود في مونبيلييه.

الوقائع والإجراءات المستمدة من بيانات مقدمي البلاغ والمستندات المقدمة

2-1 ينتمي أصحاب البلاغ إلى قبيلة تووتيه التي تقيم في محمية تأسست عام 1887 في أورو بجزيرة الصنوبر في جنوب كاليدونيا الجديدة، وتُمارس فيها حقوق عرفية. وجون أورو مقسم إلى أملاك عشيرية. ووفقاً للتقليد يتعين على ممثل كل عشيرة أن يستشير كل واحد من أفراد العشيرة ويحصل على موافقته قبل أن يتخذ قراراً بشأن استخدام الأرض.

2-2 ويدعي أصحاب البلاغ أن لهم حقوقاً عرفية في قطع أرض بنت فيها شركة مساهمة اسمها شركة ماجينين مجمعاً فندقياً. وافتتح هذا المجمع وبدأ العمل فيه منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1998.

2-3 وشارك ممثلو قبيلة تووتيه، باستثناء أصحاب البلاغ، في مشروع بناء المجمع من خلال شركة ماجينين، المنشأة في 1994 خصيصاً لهذا الغرض. وكان ممثلو قبيلة تووتيه ومحافظة الجنوب في كاليدونيا الجديدة قد اتفقوا على أن توفر هذه الأخيرة الأموال اللازمة، بحيث تحصل القبيلة، في شكل قرض، على الأسهم اللازمة لامتلاك 66 في المائة من رأسمال الشركة المالكة للمجمع المزمع بناؤه، ويظل الجزء المتبقي من رأس المال ملكاً لشركة الفنادق بنوميا. وعلاوة على ذلك، يمنح ممثلو القبيلة هذه الشركة حق الانتفاع لمدة 25 سنة بالأرض اللازمة للبناء والتي تبلغ مساحتها 5 هكتارات و37 آرا. ويدعي أصحاب البلاغ، الذين لم يشاركوا في هذا الاتفاق أن لهم حقوقاً في قطع الأرض الموضوعة تحت تصرف الشركة.

2-4 وبدأت أشغال البناء فور حصول شركة ماجينين على رخصة بناء، أصدرتها لها جمعية محافظة الجنوب في 30 آب/أغسطس 1996، وابتداء من شهر كانون الأول/ديسمبر 1996، تلقت المحكمة الإدارية بنوميا عدة التماسات من ملاك أراضٍ متاخمة يريدون أن تُلغى رخصة البناء. وفي حكم صدر في 1 نيسان/أبريل 1997 ألغت المحكمة رخصة البناء معللة ذلك بأن أحكام المادة 8 من قرار جمعية المحافظة رقم 24 المؤرخ 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989 تنص على تقديم طلب بشأن كل مشروع يتعلق ببناء سكني أو مجموعة مبان سكنية أو غير سكنية من أجل الحصول على إذن بالشروط التي تحددها جمعيات المحافظات وليس على رخصة بناء. وعلاوة على ذلك حكمت المحكمة على الشركة بأن تدفع لمجموع الملتمسين مبلغاً قدره 000 100 فرنك من فرنكات منطقة المحيط الهادئ الفرنسية.

2-5 واستأنفت شركة ماجينين هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف بنوميا في 16 نيسان/ أبريل 1997. وفي 24 نيسان/أبريل 1997، قدم أصحاب البلاغ إلى قاضي الأمور المستعجلة طلب غرامة. وفي 21 أيار/مايو رفض القاضي هذا الطلب. وفي 4 حزيران/يونيه 1997، استأنف الملتمسون حكم قاضي الأمور المستعجلة.

2-6 وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997، أصدرت محكمة الاستئناف بنوميا حكماً ألغى قرار قاضي الأمور المستعجلة الصادر في 21 أيار/مايو 1997 وأمرت بتنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية في 1 نيسان/أبريل 1997، مع فرض غرامة. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 1997، أصدرت جمعية محافظة الجنوب قراراً يقضي بمنح شركة ماجينين رخصة لبناء مجموعة من المباني. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 1997، طلب السيد فاكومي وعدد آخر من الأشخاص من المحكمة الإدارية في نوميا البت في وقف التنفيذ، وكذلك في إلغاء الحكم الصادر في 17 تشرين الأول/أكتوبر 1997. وفي 16 شباط/فبراير 1998، ألغت المحكمة الإدارية في نوميا القرار الذي يرخص البناء، لعدم استشارة عدد من السلطات المحلية قبل إصدار ترخيص البناء. وفي 3 نيسان/أبريل 1998، استأنفت محافظة الجنوب حكم محكمة نوميا الإدارية الصادر في 16 شباط/فبراير 1998، لدى محكمة الاستئناف الإدارية في باريس.

2-7 وفي 26 شباط/فبراير 1998 أصدرت محافظة الجنوب رخصة بناء جديدة لشركة ماجينين. وفي 23 آذار/مارس 1998 طلب أصحاب البلاغ إلى محكمة نوميا الإدارية إلغاء الرخصة والأمر بوقف تنفيذ الرخصة الصادرة في 26 شباط/فبراير 1998. ومن جملة ما احتج به أصحاب البلاغ أن بناء المجمع الفندقي ينتهك حقهم في أن تحترم حياتهم الخاصة (المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) وحياتهم الأسرية (المادة 23 من نفس العهد). وفي 4 حزيران/يونيه 1998 رفضت محكمة نوميا الإدارية الاستئناف المقدم في 23 آذار/مارس 1998 وسمحت بمواصلة البناء. ورأت المحكمة أن البناء لا ينتهك حقوق أصحاب البلاغ المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إذ لم يثبت أن المجمع الفندقي كان سيبنى في المكان الذي توجد فيه مقابر أسلاف القبيلة بالإضافة إلى أن ممثليها وافقوا على البناء. وفي 4 آب/أغسطس 1998 رفع أصحاب البلاغ دعوى أمام محكمة الاستئناف الإدارية بباريس طالبين إلغاء الحكم الصادر في 4 حزيران/يونيه 1998.

الشكوى

3-1 يدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا لانتهاك المواد 17(1) و23(1) و18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 واحتجوا بادئ ذي بدء بالمادة 86 من النظام الداخلي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، آملين أن تنفذ تدابير الحماية المؤقتة، بغية تفادي تعرضهم لضرر لا يمكن جبره (1) . وهم يدعون بالفعل أن الموقع الذي يجري فيه البناء يمثل مكاناً هاماً في تاريخهم وثقافتهم وحياتهم.

3-3 أما فيما يتعلق بانتهاكات الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فرَّق أصحاب البلاغ بين أمرين.

3-4 أولاً، يعتبر أصحاب البلاغ أنفسهم ضحايا لانتهاك المادتين 17(1) و23 من العهد. ويوضحون في هذا الصدد أن جون أورو يحوي تراثاً طبيعياً وتاريخياً وثقافياً هاماً. ويوجد في هذا الموقع مقابر أسلافهم وفيه أيضاً نشأت أساطير، تشكل جزءاً من تراث جزيرة الصنوبر وذاكرتها الجماعية.

3-5 وذكر أصحاب البلاغ بالقرار المؤرخ 29 تموز/يوليه 1997 الذي اتخذته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن القضية 549/1993، هوبو وبيسير ضد فرنسا (2) المتعلقة ببناء مجمع فندقي في مواقع توجد بها مقابر الأسلاف. ولهذا رأت اللجنة أن ذلك الأمر يشكل تدخلاً في الحياة العائلية والخاصة لأصحاب البلاغ، وخلصت إلى وجود انتهاك للمادتين 17(1) و23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويذكّر أصحاب البلاغ بأن الأمر في هذه الحالة يتعلق أيضاً ببناء مجمع فندقي للمجموعة نفسها.

3-6 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 18(1) من العهد، يرى أصحاب البلاغ أن البناء على المواقع التي توجد بها مقابر الأسلاف ينتهك حقهم في حرية الفكر والوجدان والدين. وفي هذا الصدد، يدَّعى أن أصحاب البلاغ، مثلهم في ذلك مثل الميلانيزيين بشكل عام، يعيشون في إطار طبيعي، يستند إلى شبكة صلات تربطهم بآبائهم وأسرهم وأمواتهم. ويمثل إجلال الموتى شعائر دينية وتقليدية، متأصلة في أسلوب حياتهم، وفي معتقداتهم وثقافتهم.

3-7 وفي هذا السياق، يرى أصحاب البلاغ أن تدمير الموقع المقدس يشكل انتهاكاً لحقهم في حرية إظهار دينهم أو معتقدهم بالتعبد وإقامة الشعائر.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 أرسلت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن البلاغ رقم 822/1998، في 4 كانون الأول/ديسمبر 1998. وهي ترى أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتوجه الدولة الطرف النظر إلى الدعاوى التي رفعها أصحاب البلاغ بعد تقديم البلاغ إلى اللجنة في 11 آذار/مارس 1998. وفي 23 آذار/مارس 1998، رفع أصحاب البلاغ دعوى استئناف ضد ترخيص محافظة الجنوب الصادر في 26 شباط/فبراير 1998. وعلاوة على ذلك، رفع أصحاب البلاغ في 4 آب/أغسطس 1998 استئنافاً أمام محكمة الاستئناف الإدارية بباريس ضد حكم المحكمة الإدارية في نوميا الصادر في 4 حزيران/يونيه 1998 وما زال هذا الاستئناف قيد النظر.

4-2 وتحاج الدولة الطرف أيضاً بأنه لا يمكن اعتبار أن الإجراءات تجاوزت المهلة المعقولة. ففي أقل من سنتين صدر بشأن هذه القضية قرار من قاضي الأمور المستعجلة من محكمة أول درجة في نوميا، وحكم من محكمة الاستئناف في نوميا، وثلاثة أحكام من المحكمة الإدارية في نوميا.

4-3 أخيراً، تعترض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ، لأن مقدمي البلاغ لم يرفعوا قط إلى المحاكم الفرنسية شكاوى بشأن ما يدعونه من انتهاك للمواد 17(1) و18(1) و23(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مما يتعارض مع مقتضيات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

رد أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 رد محامو مقدمي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بمذكرة مؤرخة 8 نيسان/أبريل 1999 وأوضحوا فيها أن الفندق كان قد بني وافتتح بالفعل، وبذلك ثبت الضرر الذي لحق بالضحايا. وبما أن جميع الطعون المقدمة لوقف هذا التعرض للحيازة لم تكن فعالة ولم تجد نفعاً، فإن انتهاك المواد المحتج بها أمر بات مؤكداً.

5-2 ورداً على الحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومفادها أن وسائل الانتصاف المحلية لم تستنفد، يقول أصحاب البلاغ إنهم مقتنعون بأن هذه الطعون لم تكن فعالة ومجدية لوقف هذا التعرض للحيازة؛ فكلما صدر قرار بوقف الأشغال كانت هذه المؤسسة تحصل في الحال على ترخيص جديد من جمعية المحافظة وتواصل الأشغال. وهكذا لم يستطع مقدمو البلاغ وقف أشغال البناء غير القانونية.

5-3 ويرى أصحاب البلاغ أن عدم التقيد بالحكم الذي يقضي بوقف الأشغال مع دفع غرامة، واستمرار الشركة في أشغال البناء غير القانونية بدعم من رئيس جمعية المحافظة، أمر يشكل انتهاكاً جسيماً لحق كل فرد في سبيل انتصاف فعال. وتكرار هذه الأفعال غير المشروعة وتساهل سلطات الدولة في هذا الصدد يشكلان ممارستين يظل وجود سبل قانونية غير مجدٍ وغير فعال في مكافحتهما.

5-4 وفيما يتعلق بما ادعته الحكومة، من أن مقدمي البلاغ لم يحتجوا بانتهاكات حقوقهم الأساسية وحرياتهم، يأسف أصحاب البلاغ لسوء نية الدولة الطرف، إذ كرر المحامون وأشاروا مرات عديدة إلى انتهاكات العهد وصكوك دولية أخرى.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان الإدعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وتلاحظ اللجنة، بعد النظر في الوثائق المقدمة أنه لا يمكن إثبات ادعاءات الدولة الطرف، أن مقدمي البلاغ لم يدعوا أمام المحاكم القضائية أو الإدارية أن هذه الأشغال تنتهك حرمة حياتهم الخاصة، وحريتهم الوجدانية والدينية وحياتهم العائلية. والواقع أنه ثبت أن محامي مقدمي البلاغ ساقوا هذه الحجج، لا سيما في استئنافهم ضد منح رخصة البناء في 26 شباط/فبراير 1998 وأن حكم محكمة نوميا المؤرخ في 4 حزيران/يونيه 1998 أخذها بعين الاعتبار.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية البلاغ لأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد بما أن أصحاب البلاغ لم ينتظروا نتيجة استئنافهم.

6-4 وفيما يخص ما قاله أصحاب البلاغ من أن سبل الانتصاف المحلية غير فعالة، لأن الفندق بُني بالفعل ولأن السلطات لم تحترم الأحكام القضائية الصادرة لصالح مقدمي البلاغ، تلاحظ اللجنة أنه بعد صدور حكم محكمة الاستئناف في نوميا بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1997، الذي قضى بوقف الأشغال وبغرامة، بسبب عدم وجود رخصة إدارية صالحة، قامت السلطات بإصدار هذه الرخصة فأصبحت بذلك مواصلة الأشغال أمراً قانونياً. وبناء عليه، يتضح أن أحكام القضاء لصالح مقدمي البلاغ استندت إلى حد كبير إلى مقتضيات نظام البناء، وأنه لا يوجد ما يشير إلى أن السلطات لم تحترم أحكام المحاكم.

6-5 وفيما يتعلق بتأكيدات الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد لأن أصحاب البلاغ لم ينتظروا نتيجة استئنافهم وكذلك الحجة المضادة التي قدمها أصحاب البلاغ مؤكدين أن سبيل الانتصاف أمام المحكمة الإدارية للاستئناف بباريس، وأمام مجلس الدولة إذا اقتضى الأمر، لن يكون فعالاً، لا يمكن للجنة أن تقبل الحجة التي ساقها المحامي قائلاً إن المحاكم لن تتمكن من ضمان سبيل انتصاف فعال لأن البناء قد تم. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من الفقرة 5 من البروتوكول الاختياري.

7- ولذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يرسل هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى ممثل أصحاب البلاغ؛

(ج) أنه يجوز لها أن تعيد النظر في هذا القرار، طبقاً للفقرة 2 من المادة 92 من نظامها الداخلي، إذا تلقت من أصحاب البلاغ أو باسمهم طلباً مكتوباً يتضمن معلومات يتضح منها أن أسباب عدم المقبولية لم تعد قائمة.

[اعتمد القرار بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر القرار فيما بعد بالروسية والصينية والعربية أيضاً كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) رفض مقرر اللجنة الخاص المعني بالبلاغات الجديدة هذا الالتماس باسمها.

(2)CCPR/C/60/D/549/1993/Rev.1، الآراء التي اعتمدتها اللجنة في 29 تموز/ يوليه 1997.

واو - البلاغ رقم 831/1998، مايرز ضد فرنسا

القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسيد نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرر، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

المقدم من : السيد مايكل مايرز (يمثله السيد رولاند هوفر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ : 11 شباط/فبراير 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2001

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق المقبولية

1- صاحب البلاغ مواطن فرنسي يدعى مايكل مايرز ويقيم بمدينة بلفورت. ويتهم صاحب البلاغ السلطات الفرنسية بانتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 أتم صاحب البلاغ فترة تعيين تحت الاختبار في الشرطة الوطنية الفرنسية في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1987 إلى 1 كانون الثاني/يناير 1990. وفي نهاية الفترة، لم يثبَّت في وظيفته وصدر في 27 كانون الأول/ديسمبر 1989 قرار من وزير الداخلية بفصله.

2-2 وطعن صاحب البلاغ في هذا القرار أمام محكمة فرساي الإدارية وحكمت المحكمة في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991، أي بعد عامين من صدور القرار موضوع الطعن، بإلغاء القرار الصادر بعدم تثبيته. ونظراً إلى تباطؤ الإدارة في الامتثال لهذا الحكم، لجأ صاحب البلاغ إلى إدارة الشكاوى بمجلس الدولة لإعادته إلى وظيفته. وبناء على طلب هذه الإدارة، قرر وزير الداخلية في 17 نيسان/أبريل 1992 إعادة صاحب البلاغ إلى وظيفته بأثر رجعي اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 1990.

2-3 وفي نفس الوقت، طعن وزير الداخلية في 23 آذار/مارس 1992 في الحكم الذي صدر من محكمة فرساي الإدارية أمام مجلس الدولة ونتيجة لخطإ في العنوان لم يعلم صاحب البلاغ بهذا الطعن وبأسبابه إلا في يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1992 عن طريق بلدية بلفورت. ولجأ صاحب البلاغ عندئذ إلى محام قام بإيداع ملاحظات الدفاع على الطعن بمجلس الدولة في 20 تموز/يوليه 1993.

2-4 ولعدم ورود معلومات على الرغم من مضي مدة طويلة، توجه صاحب البلاغ في 3 تموز/يوليه 1995 إلى الفرع المختص بمجلس الدولة للسؤال عن مصير الطعن. وأبلغه مجلس الدولة برسالة مؤرخة 21 آب/أغسطس 1995 بانتهاء دراسة ملف القضية وبأن المقرر أودع تقريره فعلاً ولكن لم تحدد بعد جلسة للفصل في الطعن.

2-5 وعقدت "على ما يبدو" الجلسة المذكورة في 11 كانون الأول/ديسمبر 1996 ولكن لم يتمكن صاحب البلاغ من الحضور لعدم إخطاره بانعقادها. وحكم مجلس الدولة بإلغاء الحكم الصادر من محكمة فرساي الإدارية وبقبول طلبات الإدارة. وأُعلن الطرفان بالحكم في 14 كانون الثاني/يناير 1997.

2-6 ويفيد صاحب البلاغ بأن الإجراءات أمام محكمة أول درجة استغرقت فترة تبلغ عامين وهي فترة غير معقولة في نظره بالنسبة لقضية تتعلق بإعادة موظف إلى عمله. واستغرقت الإجراءات أمام مجلس الدولة، من تاريخ تقديم الطعن إلى تاريخ الإعلان بالحكم، فترة تبلغ 4 سنوات وعشرة أشهر، وهذه أيضاً فترة غير معقولة. وبذلك، دامت الإجراءات المتعلقة بهذه الدعوى نحو سبع سنوات.

الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ

3-1 يدَّعي صاحب البلاغ أن الفترة التي استغرقها نظر الأجهزة القضائية الإدارية في قضيته غير معقولة، سواء فيما يتعلق بمجموع الإجراءات أو بالإجراءات التي تمت أمام مجلس الدولة فقط. ويشكل هذا في نظره انتهاكاً واضحاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3-2 ويرى صاحب البلاغ أن هذه الفترة غير معقولة أيضاً لعدم اتسام قضيته بصعوبة معينة ولعدم قيامه بوضع عقبات لحسن سير الإجراءات ويفيد بأن قضيته كانت جاهزة للنظر منذ إيداع استنتاجاته بمجلس الدولة في تموز/يوليه 1993.

3-3 ويفيد صاحب البلاغ بأن قانون المحاكم الإدارية يحدد أجلاً يبلغ ستين يوماً لإيداع المذكرات المقابلة من الطرفين، ولم تلتزم الإدارة بهذا الأجل إلا نادراً. وقد أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الدولة الطرف مراراً لعدم الالتزام بهذا الأجل (قضية فاليه ضد فرنسا، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، 26 نيسان/أبريل 1994؛ وقضية كاراكايا ضد فرنسا، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، 8 شباط/فبراير 1996).

3-4 وفيما يتعلق بالآثار المترتبة على تأخير الإجراءات، يفيد صاحب البلاغ بأنه عاد بعد الحكم الصادر من مجلس الدولة إلى الحالة التي كان عليها قبل ذلك بخمس سنوات. ولذلك، وعلى الرغم من عدم اعتراضه على اعتبار الراتب الذي حصل عليه طوال هذه السنوات مستحقاً بموجب "قاعدة الخدمة الفعلية" فإنه يخشى من مطالبته برد التعويض الذي حصل عليه عن مدة الإجراءات أمام محكمة أول درجة التي لم يكن عاملاً فيها.

3-5 ومن ناحية أخرى، يفيد صاحب البلاغ بأنه تعرض منذ إعادته إلى وظيفته لمشاكل مستمرة مع رؤسائه وانتهى الأمر في 4 نيسان/أبريل 1996 بطرده بسبب رفضه الخضوع لاختبارات نفسية مختلفة لم يكن هناك في نظره مدعاة لها. وفي نفس الوقت، شرع صاحب البلاغ في اتخاذ بعض الإجراءات الهامة (مثل الطعن لإساءة استعمال السلطة، وإجراءات المطالبة بالتعويض، وإجراءات أمام نقابة الأطباء، ...) لم يكن سيشرع فيها لو أن مجلس الدولة كان قد قصل في قضيته في موعد مناسب.

3-6 ويبلغ مجموع الضرر الذي لحق بصاحب البلاغ نتيجة لتأخير الإجراءات طبقاً لتقديره نحو ثلاثة ملايين من الفرنكات الفرنسية (أي نحو 000 428 دولار من دولارات الولايات المتحدة).

3-7 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، يفيد صاحب البلاغ بأنه لم يتمكن من اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لأنها ترى أن الدعاوى التأديبية للموظفين الدائمين تخرج عن نطاق "الالتزامات ذات الطابع المدني" بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

3-8 وبالعكس، وفيما يتعلق بمبدأ المقبولية أمام اللجنة، يشير صاحب البلاغ بالتحديد إلى سابقة اللجنة في قضية كازانوفاس (كازانوفاس ضد فرنسا، 441/1990، 19 تموز/يوليه 1994) التي رأت فيها اللجنة أن الإجراء المتعلق بالطرد من العمل يشكل انتهاكاً للحقوق المدنية بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويطالب صاحب البلاغ بتطبيق هذه السابقة على حالته.

معلومات وملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 ترى الدولة الطرف أنه ينبغي للجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ لعدم دخوله في نطاق الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

4-2 فأولاً، لا يشكل عدم التثبيت بعد فترة اختبار إجراءً تأديبياً وبالتالي فإنه لا يشكل بأي حال من الأحوال اتهاماً جنائياً. وتميز الدولة الطرف في هذا الشأن بين الإجراءات التأديبية التي قد تتخذ أثناء فترة الاختبار أو بعد انتهائها والقرار الذي يصدر في نهاية الدورة برفض التثبيت لأسباب تتعلق بالكفاءة المهنية للمرشح، وهو ما حدث مع صاحب البلاغ. ويعلق القانون نتائج هامة على الإجراءات التأديبية من بينها تسبيب الأحكام والاطلاع على الأوراق خلافاً لما يحدث بالنسبة للقرار الصادر بعدم التثبيت مما يؤكد انعدام الطابع التأديبي لهذا القرار.

4-3 ومن ناحية أخرى، وبينما تؤيد الدولة الطرف سابقة اللجنة في قضية كازانوفاس المشار إليها أعلاه، فإنها ترى أنها لا تنطبق على الموضوع قيد البحث. فالنزاع يتعلق رغم أهميته بالنسبة لصاحب البلاغ من الناحية المالية بمرحلة من الحياة الوظيفية للموظفين تكون فيها السلطة التقديرية للإدارة واسعة للغاية وتقتصر فيها رقابة القضاء على الخطأ الفادح في التقدير.

4-4 وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تفيد بأن النزاعات المتعلقة بالتعيين والعمل وإنهاء النشاط الوظيفي لا تدخل في نطاق الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان إلا فيما يتصل بجوانبها المالية، في أضيق الحدود.

4-5 ويتبين من الاطلاع على الفقرة 1 من المادة 14 من العهد أن صياغتها مماثلة لصياغة المادة 6 أعلاه. ولما كان النزاع قيد البحث يتعلق بعدم تثبيت صاحب البلاغ وكان من الواجب تحقيق الاتساق بين تفسير الصكوك القانونية فإن الدولة الطرف ترى أنه من المرغوب فيه أن تقرر اللجنة عدم مقبولية البلاغ لعدم دخوله في نطاق الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

4-6 وفيما يتعلق بنقطة فرعية تخص صحة البلاغ، تفيد الدولة الطرف بأنه لا يجوز لصاحب البلاغ أن يدعي أنه ضحية لأن الفترة التي استغرقتها الإجراءات أمام مجلس الدولة لم تخل بحقوقه. فلقد ألغى الحكم الأولي الذي صدر من محكمة فيرساي الإدارية القرار الصادر بعدم تثبيته ونتج عن ذلك استمراره في ممارسة نشاطه وحصوله بصورة عادية على راتبه كمقابل لخدماته الفعلية.

رد صاحب البلاغ على الملاحظات المقدمة من الدولة الطرف

5-1 يوجه صاحب البلاغ النظر إلى سابقة اللجنة في قضية كازانوفاس حيث قررت اللجنة أن طرد الموظف يشكل انتهاكاً للحقوق المدنية بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد.

5-2 ويرى صاحب البلاغ أنه ينبغي تطبيق هذه السابقة على البلاغ قيد البحث. فكان موضوع الطعن في قضية كازانوفاس هو فقدان العمل وما ترتب على ذلك من آثار مالية. وبالمثل، يؤدي عدم تثبيت الموظف المؤقت إلى عدم تعيينه بصفة نهائية وإلى آثار مالية مماثلة. ويشكل هذا انتهاكاً لحق من الحقوق المدنية، والجانب الرئيسي لهذا الحق هو طابعه المالي.

5-3 كذلك، يفيد صاحب البلاغ بأن الأمر لا يتعلق بالطعن في قرار عدم التثبيت ولكن بالمدة التي استغرقتها الإجراءات، ويدخل هذا بالتأكيد في نطاق المادة 14 من العهد.

5-4 وفيما يتعلق بصحة البلاغ، يؤكد صاحب البلاغ الضرر المـادي والمعنـوي الذي لحق به نتيجة للفترة غير المعقولة التي استغرقتهـا الإجراءات. وكان مصير الإجـراءات التي اتخذهـا عنـد صـدور الحكم الأولي من المحكمة الإدارية بعد صـدور حكم مجلس الدولة هو الحفظ. ولو علم في الوقت المناسب بالطعـن الذي قدمته الإدارة وأصدر مجلس الدولة حكمه في موعد مناسب لكان قد تجنب التكاليف التي تكبدها بشأن هذه الإجراءات.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

6-1 قبل النظر في أي مطالبـات واردة في البـلاغ، ينبغـي للجنـة المعنية بحقوق الإنسان عملاً بالمادة 87 من نظامها الداخلي أن تقرر ما إذا كان البلاغ مستوفياً لشـروط القبـول بموجب البروتوكول الاختياري للعهد أم لا.

6-2 وقد أحاطت اللجنة علماً بالملاحظات التي أعربت عنها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ من حيث الموضوع وبالأسانيد التي قدمتها هذه الدولة وصاحب البلاغ بشأن سريان سابقة قضية كازانوفاس على الموضوع قيد البحث.

6-3 غير أن اللجنة ترى، بصرف النظر عن نطاق تطبيق الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، ومع الإعراب عن قلقها إلى حد ما للفترة التي استغرقتها الإجراءات، أن صاحب البلاغ لم يقدم في الحالة قيد البحث دليلاً كافياً على أن الفترة التي استغرقتها الإجـراءات المتعلقة بقرار عدم تثبيته في 23 كانون الأول/ديسمبر 1989 أمام المحاكم الإدارية الفرنسية سببت له ضرراً حقيقياً، حيث إنه قد تلقى تعويضات عن الفترة السابقة لإعادته إلى عمله في عام 1992 من ناحية، واستمـر مـن ناحية أخرى في ممارسة نشاطه والحصول على راتبه إلى حين طرده في عام 1996.

7- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

- عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

- إرسال هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد باللغة الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر بعد ذلك أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

زاي - البلاغ رقم 832/1998، فالرافنز ضد أستراليا

* اشترك في النظر في هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيد موريس غليلي أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمير، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايغل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

القرار المعتمد في 25 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : ف (حُجب الاسم)

الشخص المدعى أنه ضحية : ابن صاحبة البلاغ، ك (حُجب الاسم)

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ تقديم البلاغ : 22 تموز/يوليه 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي :

يرد في تذييل الوثيقة نص رأي فردي موقع عليه من أحد أعضاء اللجنة.

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبة البلاغ هي "ف" (حُجب الاسم)، التي تقدم بلاغاً مؤرخاً 22 تموز/يوليه 1998 بالنيابة عن ابنها "ك" (حجب الاسم)، المولود في 10 تموز/يوليه 1979. وهي تدعي أن ابنها ضحية لانتهاكات أستراليا للمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عُرضت

2-1 في الفترة من 24 شباط/فبراير إلى 2 آذار/مارس 1993 ثم من الفترة من 12 إلى 18 آذار/مارس 993، أُوقف ابن صاحبة البلاغ عن الدراسة مع توصية باستبعاده من الصف الثامن من مدرسة ميامي الثانوية التابعة للولاية (Miami State High School). وشملت أسباب وقفه عن الدراسة الوقاحة الفجة والعصيان المتعمد والمستمر والسلوك الاستفزازي المتعمد الذي سلبياً أثر سلبياً على الموظفين والطلاب تأثيراًً.

2-2 وفي الفترة من 21 نيسان/أبريل 1993 إلى 15 كانون الأول/ديسمبر 1993، التحق ابن صاحبة البلاغ بمركز باريت للمراهقين (Barrett Adolescent Centre)، وهو منشأة للإقامة لفترات قصيرة مخصصة للمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً ممن يعانون من اضطرابات شعورية وسلوكية ونفسية. وخلال هذه الفترة، شُخص طبياً على أنه يعاني من اختلال التحدي الاعتراضي الذي له أسباب متعددة. ورُئي في التشخيص أن حالة ابن صاحبة البلاغ قد أثرت بصورة مباشرة على سلوكه في الماضي ومن المحتمل أن تؤثر على سلوكه في المستقبل. وأوضح التشخيص أيضاً أن باستطاعة ابن صاحبة البلاغ التحكم في سلوكه وأنه يمكن تحسينه باتباع استراتيجيات مناسبة بشأن التحكم في السلوك.

2-3 وفي أوائـل عام 1994، اقتُرح قيـد ابن صاحبـة البلاغ في مدرسـة ميريماك الثانوية التابعة للولاية(Merrimac State High School)، وهي مدرسة قريبة من منزله ومزودة بوحدة في موقع المدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة. بيد أن إدارة المدرسة، بالاشتراك مع الإدارة التعليمية للولاية، اقترحت أن تقوم صاحبة البلاغ هي ومدير المدرسة، في ضوء تجربة ابن صاحبة البلاغ في الماضي، بالتوقيع على عقد للتحكم في السلوك يتم التفاوض عليه بين الطرفين قبل قيده بالمدرسة. وعادة ما يحدد مثل هذا العقد الأدوار والمسؤوليات التي يقبل بها كل طرف لتيسير عودة الطفل إلى المدرسة في إطار العمل من أجل تحقيق السلوك المقبول. وبعد وضع مجموعة متنوعة من مشاريع العقود، أنهت صاحبة البلاغ المناقشات. وطلبت تمكين ابنها من العودة إلى المدرسة وعدم مطالبته بالتحكم في سلوكه.

2-4 وفي 11 نيسان/أبريل 1994، قدمت شكوى إلى مفوضية حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص ("المفوضية") يدَّعى فيها وقوع تمييز ضد ابن صاحبة البلاغ بسبب عجزه. وبعد اجتماع للتوفيق عُقد في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 وأعربت فيه صاحبة البلاغ عن قلقها من أن ابنها لم يتم تعليمه، عُرضت عليه إمكانية إعادة القيد في الصف الحادي عشر مع وضع برنامج تعليمي مصمم حسب احتياجاته. ورَفضت قبول هذا العرض على أساس أن تضرر ابنها من تجاربه في هذه المدرسة يبلغ حداً يتعذر معه عودته إليها.

2-5 وفي 20 أيار/مايو 1997، خلصت مفوضة التمييز على أساس العجز التابعة للمفوضية إلى أنه لا توجد أدلة تثبت أن اشتراط توقيع ابن صاحبة البلاغ على اتفاق سابق للقيد يشكل تمييزاً غير مشروع. ولم تجد المفوضة أي تمييز مباشر فيما اشترط عليه من التوقيع على اتفاق بسبب سلوكه وحالات وقفه سابقاً عن الدراسة، شأنه شأن الطلبة الآخرين الذين يعانون من مشاكل سلوكية، وليس بسبب عجزه. ولم يثبت أيضاً وجود تمييز غير مباشر لأنه قد رُئي بناءً على الأدلة أن ابن صاحبة البلاغ قادر على تحقيق الأهداف الموضوعة والقبول بالسلطة والتحكم في سلوكه. وكانت الأهداف السلوكية المحددة موضوعة حسب احتياجاته تدريجية، وكان من المنتظر أن يجري تدريب موظفي المدرسة تدريباً محدداً للتصدي للصعوبات التي يواجهها ابن صاحبة البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، وُجد أن العقد معقول وغير تمييزي. وفي 4 آب/أغسطس 1997، أكد رئيس المفوضية هذا القرار ورفض الشكوى.

الشكوى

3-1 تقدم صاحبة البلاغ سلسلة من الادعاءات تتركز حول ادعاء بوقوع التمييز بسبب العجز مما يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد. وهي تدّعي ابتداءً أن المفوضية المذكورة لم تضع في الاعتبار، عند دراسة ادعائها المتعلق بالتمييز، إعلان حقوق الطفل وإعلان حقوق المعوقين والدستور الأسترالي ولم تطبق أياً منها. وقيل أيضاً إن اللجنة لم تحاول الحصول على أدلة مناسبة واعتمدت على المعلومات والمواد المقدمة من السلطات التعليمية دون سواها.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ التمييز ضد ابنها على أساس العجز من حيث أنه قد اشتُرط عليه الامتثال لشرط من شروط القيد (العقد السابق للقيد) ليس مطلوباً من الطلاب الخالين غير المعوقين. وعلاوة على ذلك، قيل إن شروط العقد المقترح غير معقولة. وقيل بصورة خاصة إن اشتراطاً يرمي إلى أن يعمل ابنها على تصحيح سلوكه هو اشتراط غير مناسب بالنظر إلى أن طبيعة عجز ابنها هي اختلال عضوي بالمخ لا يوجد علاج له. وأخيراً، تدفع صاحبة البلاغ بأن الاشتراط المتعلق بتوقيع مثل هذا العقد يشكل خرقاً جوهرياً للقانون الداخلي ولإعلان حقوق الطفل وللإعلان الخاص بحقوق المعوقين.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأساسه الموضوعة ورد صاحبة البلاغ

4-1 تحتج الدولة الطرف، فيما يتعلق بمقبولية البلاغ، بأن صاحبة البلاغ تفتقر إلى أهلية تقديم البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أن ابن صاحبة البلاغ كان عمره 18 عاماً وقت تقديم البلاغ، وأنه كان ينبغي، نظراً لعدم وجود ظروف استثنائية، أن يقوم ابن صاحبة البلاغ إما بتقديم البلاغ بنفسه أو أن يأذن صراحة لأمه بتقديم البلاغ بوصفها ممثلته. ويقال إن البلاغ غير مقبول بالتالي لصفة الشخص الذي قدمه ولعدم وجود أي إذن أو ظروف استثنائية من هذا القبيل.

4-2 وتحتج الدولة الطرف أيضاً بأن سبل الانتصاف المحلية المتاحة لم تُستنفد. فهي تدفع بأنه كان يمكن لصاحبة البلاغ أن تلتمس من المحكمة الاتحادية إجراء مراجعة قضائية لقرار المفوضية. وإذا لم يكن هذا القرار مبرراً على أساس الأدلة المتاحة أو إذا كانت قد حدثت ممارسة غير سليمة للسلطة، كان يمكن للمحكمة أن تنقض هذا القرار أو أن تحيله من أجل إعادة النظر فيه أو أن تعلن حقوق الأطراف. وتبعاً لذلك، يذكر أن البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن الادعاءات التي تشير إلى قرار المفوضية هي ادعاءات تخرج عن اختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وغير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وهي تدفع أيضاً بأنه لم تُقدَّم أي أدلة على أن القانون الساري في الحالة الراهنة قد فُسر أو طُبق بصورة تعسفية أو أنه بمثابة إنكار للعدالة. وعلاوة على ذلك، يشير الفقـه الثابت للجنة المعنية بحقوق الإنسان، إلى أن تفسير التشريعات المحلية هو أساساً مسألة متروكة لمحاكم وسلطات الدولة الطرف.

4-4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءها، وتورد في هذا الصدد حججها بشأن الأسس الموضوعية. أما فيما يتعلق بالإجراء الذي اتبعته المفوضية، فإن الدولة الطرف تلاحظ أن المفوضية قد بحثت جميع المعلومات التي وضعها أمامها كلا الطرفين، وأنه لم يكن عليها التزام بالتماس المزيد من المعلومات. وتلاحظ الدولة الطرف أن الإعلانات التي أشارت إليها صاحبة البلاغ غير ملزمة لها مباشرة وأنها على أية حال لا تتصل على نحو حصري بتفسير ما لمعنى المادة 26.

4-5 وفيما يتعلق بجوهر الادعاءات المتعلقة بالتمييز، تحتج الدولة الطرف بأن الأطفال الذين يظهرون مشاكل سلوكية، سواء كانوا معوقين أم لا، ملزمون بالتوقيع على عقود بشأن التحكم في السلوك. وهذه العقود، التي تحتوي على عناصر يمكن تحقيقها بالنسبة لجميع الأطراف، ليست أداة نادرة لتناول مجموعة واسعة من المشاكل السلوكية. وهي جزء من إطار واستراتيجية السياسة الرسمية للسلطات التعليمية فيما يتعلق بالتحكم في السلوك كما هي جزء من المسؤولية التشريعية المباشرة لمديري المدارس فيما يتعلق بحسن النظام والانضباط في المدرسة وضمان زيادة فرص تعلّم جميع الطلاب إلى أقصى حد. وهذه العقود مفيدة لمساندة الطلاب "المعرضين للخطر" بضمان إيجاد فهم مشترك للتوقعات والمسؤوليات في مجال تحقيق التغيرات السلوكية المطلوبة لإبقاء الطالب في المدرسة. وتوضح الدولة الطرف، وهي تشير إلى مجموعة متنوعة من الدراسات النفسية العملية، أن هذه العقود فعالة بوصفها وثيقة موضوعة بصورة تعاونية تنشئ التزاماً أعلى من جانب جميع الأطراف بالوفاء بالأهداف الموضوعة. وتبعاً لذلك، لم تُطبَّق على ابن صاحبة البلاغ تفرقة تعد تمييزاً.

4-6 وعلى أية حال، تحتج الدولة الطرف بأن أي تفرقة في هذا الصدد إنما كانت ترتكز على معايير موضوعية ومعقولة، يُعمل بها تحقيقاً لهدف مشروع في إطار العهد، أي بلوغ الأوضاع التعليمية المثلى لابن صاحبة البلاغ وغيره. وتدفع الدولة الطرف بأن أحكام العقد المقترح، إذا نُظر إلى كل منها على حدة وإذا نُظر إليها مجتمعة، هي أحكام عادلة وواقعية وقابلة للتحقيق. وهي ترتكز على المعايير الموضوعية للمشاكل السلوكية لابن صاحبة البلاغ وتعكس السلوك المتوقع والمسؤوليات المتوقعة للابن ووالدته والمدرسة والسلطة التعليمية.

4-7 وتدفع الدولة الطرف، على وجه التحديد، بأنه بالاستناد إلى التقييم الذي أجراه الخبراء وكما تبين للمفوضية المعنية، كان بمقدور ابن صاحبة البلاغ أن يتحكم في سلوكه. وسلّم هذا العقد بأن المطلوب هو عملية مستمرة، ونص على "أن يعمل على التحكم في سلوكه" لا غير. أما عناصر العقد المتعلقة بصاحبة البلاغ فقد طلبت منها أن تقبل بالمسؤولية عن ابنها أثناء عدم وجوده في فصول الدراسة وأن تقبل بإجراءات المدرسة وأن تدعمها في برنامجها المتعلق بالتحكم في السلوك. وكان ذلك يرمي إلى إشراك صاحبة البلاغ في علاقة بناءة مع المدرسة وهو أمر يتسق مع المسؤوليات المتوقعة من كل والدين.

4-8 وخلاصة القول، تحتج الدولة الطرف بأنه كان من المتوقع من ابن صاحبة البلاغ وضع عقد بالتعاون مع الآخرين، وذلك بسبب مشاكله السلوكية وليس بسبب أي عجز، كخطوة في اتجاه تحسين البيئة التعليمية الخاصة به وبغيره. وتضمن العقد المقترح شروطاً معقولة وقابلة للتحقيق، وترتكز على تقييم فردي من جانب الخبراء لابن صاحبة البلاغ وتقييم نفسي عملي لأداة التحكم في السلوك هذه بوجه عام. وتبعاً لذلك، تحتج الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحبة البلاغ بحدوث خرق لأحكام العهد هي ادعاءات لا تستند إلى دليل وبأنه لم يحدث أي خرق لأحكام العهد.

5-1 وترفض صاحبة البلاغ أقوال الدولة الطرف، و ترد بأقوال وقائعية تفصيلية بخصوص السلوك الذي أدى أصلاً إلى الوقف عن الدراسة، والحالة الطبية لابنها. وهي تكرر حجتها القائلة بأن حالته غير قابلة للعلاج وأنه معوق. وتؤكد، فيما يتعلق بحجج الدولة الطرف بخصوص أهليتها، أن ابنها لا يستطيع أن يقدم مطالبته بنفسه. وتدفع، دون تقديم أي مستندات، بأن ابنها قد كلفها بتقديم البلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي إدعاء وارد في بلاغ، أن تقرر، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ لم يدعم بالأدلة الكافية لأغراض تقرير مقبوليته، تلاحظ اللجنة أن البلاغ يرتكز على تقييم حالة ابن صاحبة البلاغ من حيث الوقائع والأدلة وتقييم قدرته على التحكم في سلوكه وعلى تحسينه. وقد قامت مفوضية حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بتقييم هذين الأمرين والظروف الأخرى عندما خلصت إلى أن ابن صاحبة البلاغ قد لقي نفس المعاملة التي تلقاها من هم في حالة مماثلة، على أساس سلوكه السابق وسلوكه المتوقع في المستقبل، وأن العقد كان معقولاً في ظل هذه الظروف وأنه لم يعان من التمييز. وفي ضوء استنتاجات تلك المفوضية، تخلص اللجنة إلى أن صاحبة البلاغ لم تبرهن على أن العقد المطلوب لم يرتكز على أسس معقولة وموضوعية، وترى بالتالي أن صاحبة البلاغ قد أخفقت في إثبات ادعاءاتها لأغراض تقرير مقبولية البلاغ. وتبعاً لذلك، فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحبة البلاغ تفتقر إلى أهلية تقديم البلاغ، ولكنها ترى أيضاً انه قد يوجد في هذه الحالة ما يدعو إلى الشك في قدرة ابنها على منح إذن رسمي. بيد أن من غير الضروري، في ضوء استنتاجات اللجنة الواردة أعلاه، معالجة هذه النقطة أو أي حجة متبقية أخرى مقدمة بشأن المقبولية.

7- ولذلك تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تبلِّغ صاحبة البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

[اعتُمد بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر أيضاً في وقت لاحق بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

تذييل

رأي فردي مقدم من عضو اللجنة السيد عبد الفتاح عمر

لا أوافق على الحجة التي قبلتها اللجنة بشأن عدم مقبولية هذا البلاغ. إذ كان ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول على أسس أخرى تشكل شرطاً مسبقاً للنظر فيه، ألا وهي افتقار الأم (السيدة "ف") لسلطة تمثيل ابنها ("ك").

1- فقد كان "ك" في سن الرشد بالفعل عندما قُدِّم البلاغ إلى اللجنة في عام 1998؛

2- كما أن السيدة "ف" لم تحصل على توكيل من ابنها البالغ لهذا الغرض.

3- وعلى الرغم من أنه يبدو أن "ك" لديه مشاكل سلوكية فلا يوجد أي مستند من سلطة مختصة يثبت أنه يعاني من إعاقة أو عجز قانوني؛

4- على أي حال فإن تأكيد الأم بأن ابنها معوّق لا يكفي لكي تمثله على الوجه الصحيح أمام اللجنة.

[توقيع] السيد عبد الفتاح عمر

[حُرر بالأسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. ويصدر فيما بعد بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

حاء - البلاغ رقم 834/1998، كيهلر ضد ألمانيا

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في دراسة هذا البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر، السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة كريستين شانيه، السيد لويس هانكين، السيد ديفيد كريتسمر، السيد راجسومر لالاه، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد رفائيل ريفاس بوسادا، السير نايجل رودلي، السيد مارتن شاينين، السيد ايفان شيرر، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين، السيد أحمد توفيق، السيد باتريك فيللا، السيد ماكسويل يالدين.

القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون*

المقدم من : السيد فالديمار كيهلر

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 5 أيار/مايو 1998 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 آذار/مارس 2001

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 5 أيار/مايو 1998 اسمه فالديمار كيهلر وهو مواطن ألماني. ويدعي أنه ضحية انتهاكات جمهورية ألمانيا الاتحادية لعدد من أحكام العهد. ولا يمثله محام.

1-2 دخل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 23 آذار/مارس 1976 والبروتوكول الاختياري في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993. ولدى انضمام الدولة الطرف إلى البروتوكول الاختياري أدخلت عليه تحفظاً جاء فيه التالي: "إن جمهورية ألمانيا الاتحادية تبدي تحفظاً بشأن الفقرة 2(أ) من المادة 5 مفاده أن اختصاص اللجنة لا يسري على البلاغات (أ) التي سبق أن نظر فيها بمقتضى إجراء آخر من اجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية".

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 ولدت ابنتا صاحب البلاغ سونيا ونينا في 30 كانون الأول/ديسمبر 1981 وفي 20 شباط/فبراير 1983 على التوالي من زواجه بأنيتا كيهلر. وبعد أن أصيب صاحب البلاغ بعجز طويل الأجل جراء حادث ومرض، انفصل الزوجان فتركت الزوجة وابنتاها سكن الزوجية في 29 أيار/مايو 1995.

2-2 وفي أمر مؤقت مؤرخ 12 حزيران/يونيه 1995 منحت المحكمة (الأسرية) المحلية في ديبورغ الأم الحق في تحديد مكان إقامة الابنتين في أثناء فترة الانفصال. وفي 28 حزيران/ يونيه 1995، أحالت المحكمة الدعوى إلى المحكمة المحلية في توتلينغن بعد جلسة استماع شفوية إذ إن صاحب البلاغ سبق له أن طلب من هذه المحكمة منحه الحضانة. وفي 7 آب/أغسطس 1995، وبعد أن أبدت الابنتان رغبتهما في البقاء مع أمهما أيدت محكمة توتلينغن الترتيب المؤقت الذي أقرته محكمة ديبورغ بشأن الحق في تحديد مكان الإقامة.

2-3 وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 1995، وبعد إدلاء صاحب البلاغ ببيانات تفيد بأن البنتين لم تعربا عن رغبتهما بدون ضغوط، أمرت محكمة توتلينغن بإجراء فحص طبي نفسي للبنتين. وفي مقابلات عديدة أجريت على انفراد مع البنتين والوالدين وفي فحوص الطب النفسي تبين أن رغبة البنتين حقيقية. ووفقاً لذلك، ثبتت محكمة توتلينغن في 21 شباط/ فبراير 1996 منح الحضانة للأم. ومنح صاحب البلاغ الحق في زيارة البنتين بعطلة نهاية اسبوع واحدة في كل شهر وكذلك في الأعياد. وفي 20 أيلول/سبتمبر 1996 رفضت محكمة شتوتغارت الاقليمية العليا استئناف صاحب البلاغ ضد ذلك القرار. وفي 5 حزيران/ يونيه 1997 أمرت محكمة ديبورغ صاحب البلاغ بدفع إعالة للبنتين وأمهما.

2-4 وفي 18 تموز/يوليه 1997، كتب صاحب البلاغ إلى محكمة توتلينغن يطلب إنفاذ ترتيبات الزيارة. وذكر القاضي أنه ليس بوسع المحكمة إنفاذ الحكم لأن ابنتي صاحب البلاغ لا تريدان الآن رؤيته. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1997، رفضت محكمة ديبورغ طلبا من صاحب البلاغ بنقل حضانة البنتين وفرض غرامة على الأم في أعقاب محاولة فاشلة لزيارة البنتين.

2-5 وفي 20 كانون الثاني/يناير 1998، عدّلت المحكمة الاقليمية العليا في فرانكفورت أَمْ مَيْنْ ترتيبات الحضانة فزادت زيارات صاحب البلاغ بحيث يزور البنتين كل يومي سبت في الشهر من الساعة 00/11 إلى الساعة 00/17. وأمرت المحكمة بامتثال الطرفين لهذا الترتيب تحت طائلة الغرامة المالية. وفي 25 آذار/مارس 1998، رفضت المحكمة الدستورية الاتحادية شكوى دستورية من صاحب البلاغ.

2-6 وفي 25 أيار/مايو 1998، أعلنت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم قبول شكوى صاحب البلاغ التي قدمت في 1 أيلول/سبتمبر 1996 وسجلت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1997 في الملف رقم No.38012/97، إذ وجدت أن الطلب لم يكشف عن أي مظهر لانتهاك الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية الأوروبية أو في بروتوكولاتها.

الشكوى

3- ادعى صاحب البلاغ وقوع انتهاكات لحقوقه وحقوق ابنتيه يتوقع أن تثير أساساً مسائل في إطار المادتين 23 و24 من العهد. وفي البداية ركز على المحاججة بأن حرمان الأم له من زيارة ابنتيه يشكل حالة خطف للأطفال وبأن تواطؤ الدولة يتجسد في عدم إنفاذها لترتيبات الزيارة وفي عدم توجيه اتهامات جنائية لزوجته السابقة. ومنذ وقت قريب أخذ صاحب البلاغ يحاجج بأن ترتيبات الزيارة تشكل تعذيباً له لأنها تتطلب منه، وهو الذي يعاني من حالة حجز خطير، السفر مسافات طويلة لزيارة ابنتيه.

معلومات وملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 ترى الدولة الطرف أنه من الواضح أنه جرى النظر فعلاً في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ولذلك فإن اختصاص اللجنة يُستبعد بموجب الفقرة (أ) من تحفظ الدولة الطرف.

4-2 وتحاجج الدولة الطرف كذلك بوجود شكوك كثيرة حول ما إذا كانت جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت. وبما أن المحكمة الدستورية الاتحادية لم تبين أسس رفض الطلب، ونظراً إلى أن صاحب البلاغ لم يزود اللجنة بطلبه المقدم إلى المحكمة، فإن عدم قبول المحكمة الدستورية الاتحادية طلبه الفصل في القضية ليس في حد ذاته كافياً لإثبات استنفاد سبل الانتصاف المحلية في هذه الدعوى المتعددة الجوانب والمتطاولة.

4-3 وترى الدولة الطرف أيضاً أن في البلاغ نقصاً خطيراً من حيث المواد المحالة والإفادات المقدمة التي لا تحدد أي سبب موضوعي للطلب، وترجو الدولة الطرف أن يُطلب من صاحب البلاغ تقديم مزيد من الايضاحات. وعلى وجه التحديد، تحاجج الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يبين القرارات المحلية التي يطعن فيها ولا يذكر الناحية (النواحي) التي وقع فيها انتهاك للعهد.

رد صاحب البلاغ على المعلومات والملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5- رداً على المواد المقدمة من الدولة الطرف، يورد صاحب البلاغ عدة تعليقات على القانون وفقه القانون بشأن الأسرة في ألمانيا، ومراسلات مع أعضاء في البرلمان وآخرين، ومناقشة عامة لقضايا خطف الأطفال عبر الحدود الدولية في ألمانيا وبلدان أخرى، ووصفاً لحالته الصحية وتاريخها، وادعاءات متكررة بشأن سلوك زوجته وأشخاص آخرين معنيين بقضاياه.

المسائل والاجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أية ادعاءات ترد في البلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، البت فيما إذا كان يجوز النظر فيه بموجب أحكام البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 تلاحظ اللجنة محاججة الدولة الطرف بأن الفقرة (أ) من تحفظها الذي أودعته لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري تستبعد اختصاص اللجنة في النظر في البلاغ لأنه سبق أن نظر في المسألة ذاتها في إطار إجراء آخر من اجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وفي هذا الصدد، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أعلنت في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1997 عدم قبول شكوى صاحب البلاغ، معتبرة أن الطلب لم يكشف أي مظهر لانتهاك الحقوق والحريات الواردة في الاتفاقية الأوروبية أو في بروتوكولاتها. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ لم يزود اللجنة بطلبه الذي قدمه إلى اللجنة الأوروبية، وإلى عدم وجود أي سرد للوقائع أو تعليل في قرار اللجنة الأوروبية، وإلى سعة نطاق أحكام الاتفاقية التي تتناول هذه المسائل، فإنه ليس في حوزة اللجنة معلومات كافية للبت في مسألة انطباق تحفظ الدولة الطرف في حالة هذا البلاغ.

6-3 ومـع ذلك، فإن اللجنة ترى، بصدد مختلف ادعاءات صاحب البلاغ الواردة أساساً في إطار المادتين 23 و24 من العهد، أن صاحب البلاغ قصّر عن تقديم الأدلة التي تثبت ادعاءاته لأغراض قبول بلاغه، ولذلك تعلن عدم قبول ادعاءاته بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ولذلك فإن من غير الضروري في هذه الظروف أن تتناول اللجنة بقية الحجج التي أثارتها الدولة الطرف بشأن القبول.

7- وعليه، تقرر اللجنة:

(أ) عدم قبول البلاغ عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري.

(ب) أن يُبلغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

[اعتمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وتصدر أيضاً لاحقا بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا تقرير.]

طاء - البـلاغ رقم 866/1999، توريغروسا لافوينتي وآخرون ضد إسبانيا

القرار المعتمد في 16 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيدة مارينا توري غ روسا لافو ي نتي وآخرون

(يمثلهم السيد خوسيه لويس ماسون كوستا)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ البلاغ : 13 حزيران/يونيه 1997 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في دراسة هذا البلاغ: السيد عبد الفتاح عمر والسيد نيسوكي أندو والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي والسيدة كريستين شانيه والسيد لويس هانكين والسيد إيكارت كلاين والسيد ديفيد كريتسمير والسيد راجسومر لالاه والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد رافائيل ريغاس بوسادا والسير نايجل رودلي والسيد مارتن شاينين والسيد ايفان شيرير والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين والسيد أحمد توفيق خليل والسيد باتريك فيلا والسيد ماكسويل يالدين.

وقد اجتمعت في 16 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي:

ويرد في تذييل هذه الوثيقة نص لرأي فردي قدمه أحد أعضاء اللجنة.

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم السيدة ماريا توري غ روسا لافو ي نتي و21 شخصاً آخر، وجميعهم مواطنون إسبان مقيمون في إسبانيا. ويدعون أنهم ضحايا انتهاكات إسبانيا لحقوقهم بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 والمادة 25(ج) والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثلهم محام.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2-1 في عام 1991، أعلنت وزارة العدل عن مسابقة لشغل وظائف شاغرة بالسلك الإداري لوزارة العدل. وكانت بنود الإعلان تنص على أن تقوم محكمة مدريد الأولى، متى تمت الاختبارات التحريرية، بنشر قائمة مؤقتة بأسماء طالبي الوظائف الذين نجحوا في الاختبار. وتصبح هذه القائمة نهائية ما أن يتم تصويب ما قد تشتمل عليه من أخطاء وقائعية، بعد منح مهلة 10 أيام لتقديم الشكاوى. وفسرت المحكمة مصطلح "الأخطاء الوقائعية" على أنها تعني الأخطاء في البيانات الشخصية لطالبي الوظائف أو في حساب الدرجات.

2-2 وفي 21 أيلول/سبتمبر 1992، نشرت القائمة النهائية بعد حذف 131 اسماً من أسماء المشتركين في المسابقة، ومنهم أصحاب البلاغ، من القائمة المؤقتة. وطلب الأشخاص المعنيون تفسيراً من وزارة العدل التي أجابت بأن سبب التعديلات يرجع إلى أن أول تصحيح محوسب لورقات الامتحان قد اعتبر أي اجابة بمدخل مزدوج أو مدخل تم محوه بشكل خاطئ غير سليمة لكن المحكمة قررت، في عملية تصحيح ثانية، اعتبارها سليمة.

2-3 ويدعي أصحاب البلاغ أن تصحيح ورقات الامتحان لم يتم حسب الأصول من النواحي التالية:

(أ) أجرت محكمة مدريد الأولى مراجعة رسمية، مفترضة خطأً أن "الخطأ الوقائعي" يمكن أن يشمل مسائل من قبيل ما يلي: ‘1‘ ما إذا كانت الإجابات المزدوجة المدخل صحيحة؛ ‘2‘ ما إذا كان استخدام ممحاة مشروعاً؛ ‘3‘ ما إذا كان ينبغي اعتبار المداخل التي تم محوها بشكل خاطئ سليمة؛

(ب) استخدمت المحكمة المستنسخات وليس الأصول، للنظر في الشكاوى المتعلقة بالقائمة المؤقتة، مما جعل من الصعب تحديد ما إذا كان مدخل ما قد تم محو تماماً؛

(ج) لم يمنح لأصحاب البلاغ فرصة الطعن في تعديل المحكمة للقواعد؛

(د) انتهكت قواعد الإعلان الرسمي للمسابقة عندما استبعد 131 شخصاً من طالبي اللجوء الذين كانوا مسجلين في القائمة المؤقتة؛

(ه‍) لم يكن للمحكمة الأولى اختصاص في مراجعة نتائج الامتحان لأن سلطتها كانت تقتصر على تصحيح الأخطاء الوقائعية؛

(و) كان ينبغي التغاضي عن السؤال 47 في الامتحان التحريري لعدم اشتمال الردود المقترحة على أي رد سليم. وكان السؤال 54 بلا مضمون بسبب صياغته؛

(ز) قررت المحكمة اختيار طالب وظيفة لم يتبع التوجيهات المتعلقة بكيفية الرد على الأسئلة. وهذا القرار يرتب انتهاكاً للحق في تكافؤ فرص الحصول على المناصب العامة ويشكل مخالفة للقواعد تتنافى مع الحق الأساسي المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 23 من الدستور.

2-4 ويدعي أصحاب البلاغ أن القائمة المؤقتة لم تكن تتضمن أخطاء وقائعية وأن المحكمة قامت بتصحيح الامتحان مرة ثانية دون اتباع القواعد المعلنة، ودون سماع الأشخاص المعنيين مما يشكل مخالفة لقرارها الخاص بتحويل القائمة المؤقتة إلى قائمة نهائية ما لم تكتشف المحاكم المشرفة خطأ ما. وتنص الأحكام المتكررة للمحكمة العليا على أنه ينبغي أن يكون الخطأ الوقائعي واضحاً وقاطعاً وغير قابل للجدل، وألا يكون مسألة خاضعة للرأي أو لتفسير القواعد القانونية الواجبة التطبيق. وأعلنت المحكمة العليا أيضاً أن الإعلان الرسمي الخاص بمسابقة والمحدد لشروط اجرائها هو القاعدة الملزمة المنظمة لتلك المسابقة.

2-5 وقدم أصحاب البلاغ طلباً بإعادة النظر لم يبت فيه حتى 11 آذار/مارس 1993. وفي غضون ذلك، قاموا برفع طعن إداري أمام المحكمة العليا الوطنية. ورفضت المحكمة العليا، في حكم صادر في 8 شباط/فبراير 1996، ومرفق بالبلاغ نسخة منه، ادعاءات أصحاب البلاغ، مستندة في حكمها إلى الاختصاص الذي منحه الإعلان الرسمي للمحكمة الأولى وموجهة الانتباه إلى أحكام سابقة صدرت في نفس الاتجاه.

2-6 وأخيراً، رفع أصحاب البلاغ دعوى لانفاذ الحقوق الدستورية أمام المحكمة الدستورية التي حكمت بعدم قبول الدعوى في 16 كانون الأول/ديسمبر 1996 على أساس أنه خلافاً لادعاءات أصحاب البلاغ، لم يتبين وقوع انتهاك للفقرة 2 من المادة 23 من الدستور أو للحق في الحماية القانونية الفعالة بموجب المادة 24 من الدستور.

الشكوى

3-1 يدعي المحامي أن الوقائع التي سبق وصفها تتنافى مع الأحكام التالية من العهد:

- المادة 25(ج)، التي تعترف بحق جميع المواطنين في أن تتاح لهم، على قدم المساواة عموماً، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلدهم، بما أن عملية الاختيار التي شاركوا فيها كانت تعسفية بشكل واضح.

- الفقرة 3(أ) من المادة 2 التي تعترف بحق أي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في العهد في أن يتاح له سبيل فعال للتظلم. ونتيجة للنظام الحالي لمراجعة شرعية الامتحانات والمسابقات والفترات الطويلة الفاصلة بين رفع الطعن في حكم وإصدار المحكمة لحكمها، يصبح الحق في سبيل انتصاف في مواجهة المسابقات والامتحانات المخالفة للأصول حبراً على ورق لأن أي محكمة تأخذ في اعتبارها المدلول العملي لحكمها وتأثير الإنصاف الإداري في الحالات التي يكون قد مر فيها عدة أعوام على وقوع الأحداث (أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام في هذه الحالة) ويكون عدد كبير من المرشحين الذين حصلوا على مناصبهم عن طريق الامتحان قد استقرت أحوالهم الشخصية والأسرية بحكم الواقع.

- الفقرة 1 من المادة 14، لأن المحكمة العليا الوطنية قد استندت في حكمها إلى أن الشروط المبينة في الإعلان ليست ملزمة، وهذا غير مقبول من زاوية التطبيق العادي للقواعد القانونية ومن ثم يتنافى مع الحق في الأسس المعقولة للحكم القضائي. وفضلاً عن ذلك، لم يستجب الحكم للشكوى المتعلقة بتصحيح ورقات اختبار المرشح المشار إليه في الفقرة 2-3(ز) أعلاه. أما فيما يتعلق بالشكوى من تضمن ورقات الاختبار لسؤال بلا مضمون لم يتم حذفه فيما بعد، فيؤكد الحكم بأن فقه المحكمة العليا يقر تقييم المحكمة المشرفة للأسئلة والأجوبة. وهذه الحجة تشكل إنكاراً للعدالة.

- ويعتبر أصحاب البلاغ أن حرمانهم في دعوى إنفاذ الحقوق الدستورية المرفوعة أمام المحكمة الدستورية من فرصة المثول أمام القاضي بدون الاستعانة بمحامٍ (1) مخالف للفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد، بما أن الفقرة 1 من المادة 81 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية يسمح للمحامي، وليس للشخص العادي، بتمثيل نفسه أو بالمثول أمام القاضي بدون محامٍ، ومن ثم يعفي المحامي من المراسلات الخاصة الباهظة الثمن. وهذا الفرق في المعاملة يتسبب في انعدام المساواة بصورة غير مقبولة من وجهة نظر العهد.

3-2 ويطلب أصحاب البلاغ الاعتراف بحقهم في الحصول على إنصاف بسبب المخالفات التي وقعت في عملية الاختيار وفي الإجراءات القضائية اللاحقة على حد سواء.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 في رسالة مؤرخة 22 حزيران/يونيه 1999، تطعن الدولة الطرف في مقبولية هذا البلاغ استناداً إلى المادة 3 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وفيما يتعلق بالانتهاك المدعى وقوعه للمادة 25(ج)، تذكر أن أصحاب البلاغ لم يعانوا من أي حرمان من المساواة في تقلد المناصب العامة. وتشير إلى أن شكواهم تنصب على الإجراءات التي يصفونها بأنها "تعسفية وظالمة". وتؤكد انعدام الصلة بين خصائص الإجراءات القضائية والمادة 25(ج) من العهد.

4-2 وفيما يتعلق بما يدعى وقوعه من انتهاك للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، تصف الدولة الطرف حجة خضوع المحكمة ل‍"ضغط نفساني" بأنها تفتقر إلى الجدية. وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد أنه لا يجوز الادعاء بعدم وجود سبيل انتصاف في مواجهة انتهاك إذا كانت الهيئة المختصة، أي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، لم تعترف بعد بوقوع هذا الانتهاك.

4-3 وفيما يتعلق بما يدعى وقوعه من انتهاك للفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة قد حكمت بمقتضى القانون وقدمت أسباباً شاملة ومبنية على أسس سليمة لحكمها. وعدم الموافقة على الحكم ليست سبباً كافياً لادعاء وقوع انتهاك. وإذا سُمح بانتقاد جميع الأحكام غير المؤاتية ووصفها بأنها غير مبنية على أسس جادة، فستصبح الأسس المؤيدة لادعاء طرف ما هي وحدها الأسس الجادة والمعقولة.

4-4 أما فيما يتعلق بشرط وجود محام في الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الدستورية، فإن الفقرة 1 من المادة 81 من قانون تنظيم المحكمة تنص على أن "يعهد الأشخاص الطبيعيون أو القانونيون، الذين تؤهلهم مصلحتهم للمثول أمام القاضي في الدعاوى الدستورية كمدعين أو كأطراف أخرى، بمهمة تمثيلهم إلى محامٍ ويتصرفون بتوجيه من المحامي. ويجوز للأشخاص الحاصلين على شهادة في علم القانون المثول أمام القاضي بالأصالة عن أنفسهم للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، حتى وإن كانوا لا يمارسون مهنة الوكيل القانوني أو المحامي". وفي الدعوى القضائية، حصل أصحاب البلاغ على مساعدة محامٍ ومثلهم وكيل قانوني بدون شكوى. ويعكس الانتهاك المدعى وقوعه معارضة نظرية من محامي أصحاب البلاغ لمبدإ قانوني وهي مسألة غير مألوفة على الإطلاق من شخص يعاني من انتهاك لحق يكفله العهد. وفضلاً عن ذلك، تخلى أصحاب البلاغ عن شكواهم أمام المحكمة الدستورية. وإذا تم التخلي عن ادعاء في الدعاوى المحلية، لا يجوز العودة إلى إثارته الآن أمام اللجنة.

تعليقات المحامي

5-1 يكرر المحامي حججه فيما يتعلق بانتهاك الفقرة 3(أ) من المادة 2 والمادة 25(ج) والفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وفيما يتعلق باشتراط المحكمة الدستورية وجود محامٍ يمثل المدعين، يذكر المحامي أنه ينبغي حل مسألة الاختلاف في المعاملة بين المحامين وغير المحامين بمنح غير المحامين أيضاً فرصة عدم توكيل محامٍ؛ وسيكون ذلك متفقاً مع الفقرة 1 من المادة 14 من العهد التي تكفل مساواة جميع الأشخاص أمام المحاكم والهيئات القضائية. وإذا كان أصحاب البلاغ قد مثلوا في النهاية أمام القاضي ومعهم محامٍ، فإنما فعلوا ذلك ليس لتخليهم عن ادعائهم على نحو ما تشير إليه الدولة الطرف بل بسبب الرد السلبي للمحكمة الدستورية على طلب المحامي تمتع موكليه بالميزة التي تنص عليها الفقرة 1 من المادة 81 من قانون تنظيم المحكمة. ورفضت المحكمة الطلب في حكمها الصادر في 20 أيار/مايو 1996، محتجة بأن هذه الميزة "مبنية على ضمان الحق الأساسي الكامل في الدفاع، وهذا الحق سيضعف منه افتقار الأطراف إلى المعرفة التقنية، مع ما يترتب عليه من تضاؤل فرص نجاحهم".

5-2 ويذكر المحامي أن حجة المحكمة الدستورية غير متسقة نظراً لانعدام الصلة بين استخدام محامٍ وبين ضمان الحق في الدفاع أو بين المعرفة التقنية للأطراف، التي يظل المحامي مسؤولاً عنها. ويرى أن المدلول العملي لعدم استخدام محامٍ سيقتصر على توجيه الرسائل إلى الطرف المعني مباشرة وليس عن طريق محامٍ. وتشكل حجة المحكمة الدستورية بشأن هذه النقطة انتهاكاً أيضاً للحق في المحاكمة العادلة التي تشمل الالتزام بإيلاء اعتبار محايد لحجج الطرف وتجنب إبداء أسباب واضحة الزيف. ويضيف المحامي أنه فيما يتعلق بهذا الجزء من الشكوى، تستشهد المحكمة الدستورية بالفقرة 3(ج) من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد، وتنسب الاستشهاد بهذه الفقرات إلى أصحاب دعوى إنفاذ الحقوق الدستورية الذين لم يذكروا قط حقوق المتهم في قضايا جنائية، وإنما أشاروا إلى الحق في محاكمة منصفة وهو الحق المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 (وليس في الفقرة 3(د) من المادة 14). ويشكل هذا التصرف من جانب المحكمة ادعاءً جديداً أضافه المحامي إلى البلاغ.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، يجب أن تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، ما إذا كان هذا البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد.

6-2 وترى اللجنة أن ادعاء أصحاب البلاغ بارتكاب مخالفات في عملية الاختيار يستند إلى تفسير لنطاق اختصاص المحكمة الأولى في تحديد المعايير التي كان ينبغي مراعاتها في إعداد القائمة النهائية للمرشحين الذين اجتازوا المسابقة. وفي ضوء جميع المعلومات المتوافرة، تلاحظ اللجنة أن هذه الحالة قد عرضت على المحاكم المحلية وأن المحكمة العليا الوطنية اتخذت قراراً بشأنها في حكمها الصادر في 8 شباط/فبراير 1996. وتشير اللجنة إلى أن مسؤولية إعادة النظر في تقرير الوقائع في قضية ما وطريقة تفسير المحاكم والسلطات الوطنية للقوانين الوطنية تقع عموماً على عاتق محاكم الاستئناف في الدول الأطراف وليس على عاتق اللجنة، ما لم يثبت أن أحكام المحاكم كانت تعسفية بشكل واضح أو كانت تشكل إنكاراً للعدالة. وترى اللجنة أن الحجة والمواد التي قدمها أصحاب البلاغ لا تؤيد ادعاءهم بأن المراجعة القضائية لتصرف المحكمة الأولى كانت تعسفية أو كانت تشكل إنكاراً للعدالة، لأغراض المقبولية وبناء على ذلك فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري فيما يتعلق بالشكوى من انتهاك المادة 25(ج) والفقرة 3(أ) من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

6-3 أما فيما يتعلق بادعاءات انتهاك الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 26 من العهد على أساس حرمان أصحاب البلاغ من فرصة المثول أمام المحكمة الدستورية بدون أن يمثلهم محامٍ، فتعتقد اللجنة أن المعلومات التي قدمها أصحاب البلاغ لا تشير إلى حالة تدخل في نطاق تلك المواد. ويدَّعي صاحب البلاغ أن هناك تمييزاً يتمثل في عدم مطالبة الأشخاص الذين يحملون شهادة في علم القانون بأن يمثلهم محامٍ أمام المحكمة الدستورية ومطالبة الأشخاص الذين لا يحملون شهادة في علم القانون بأن يفعلوا ذلك. ويوضح حكم المحكمة الدستورية سبب الشرط المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 81 من قانون تنظيم المحكمة الدستورية، أي ضمان تولي شخص ملم بالقانون مسؤولية طلب إنصاف أمام المحكمة. ولا تعتبر اللجنة ادعاءات أصحاب البلاغ بأن هذا الشرط ليس مبنياً على معايير موضوعية ومعقولة مؤيدة بأدلة مقنعة لأغراض المقبولية. ولهذا تعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول.

وبناء على ذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تبلَّغ الدولة الطرف وصاحب البلاغ بهذا القرار.

[اعتمد القرار بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وسيصدر فيما بعد أيضاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) المحامي هو شخص حاصل على مؤهل في القانون وعضو بنقابة المحامين ويقوم بمهمة تمثيل [الموكلين] في معظم الدعاوى القضائية، ويُعنى بتسوية تكاليف القضايا ويشارك بدور فعال في جميع القرارات والإجراءات الرسمية.

التذييل

رأي فردي مقدم من السيدة كريستين شانيه (معارض)

أعارض القرار الذي اتخذته اللجنة بناء على الأسباب المبينة في الفقرة 6-3. وأرى أن الامتياز الممنوح لخريجي كليات الحقوق بموجب الإجراء المدني الإسباني، الذي لا يشترط أن يمثلهم محامٍ في الدعاوى القضائية، يثير للوهلة الأولى مسألة تتعلق بالمواد 2 و14 و26 من العهد.

ومن الجائز أن تقدم الدولة الطرف حججاً مقنعة لتبرير معقولية المعايير المطبقة، من حيث المبدأ والتطبيق على حد سواء.

بيد أن بحث الحالة استناداً إلى الأسس الموضوعية، هو وحده الذي كان من شأنه تقديم الإجابات المطلوبة لأي دراسة جادة للحالة.

[التوقيع] كريستين شانيه

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر فيما بعد أيضاً بالروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

ياء - البلاغ رقم 905/2000، أسنسيو لوبث ضد إسبانيا

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد بتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

القرار المعتمد في 23 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيد فرانثيسكو أسِنسيو لوبِث

(يمثله السيد خوسيه لويس ماثون كوستا)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ البلاغ : 12 تموز/يوليه 1999 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 23 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 12 تموز/يوليه 1999، هو السيد فرانثيسكو أسِنسيو لوبِث، وهو مواطن إسباني يدعي أن الحكم الذي صدر بشأن دعوى لإعادة النظر في ترتيبات الانفصال رفعتها ضده زوجته، يمس بشرفه. ويدعي أيضاً أن القضاء لم ينظر في الدعوى الجنائية التي رفعها بسبب الإهانات والافتراءات الواردة في هذا الحكم. ويدعي أنه ضحية لانتهاك إسبانيا للفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وصاحب البلاغ يمثله محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 قامت زوجة السيد فرانثيسكو أسِنسيو لوبِث، التي انفصل عنها شرعاً، برفع دعوى ضده لإعادة النظر في ترتيبات الانفصال. وفي الحكم الذي أصدرته المحكمة الابتدائية، في 31 أيار/مايو 1996، الذي أنهى الدعوى، وردت إشارات إلى الحالة العقلية لصاحب البلاغ. فقد ورد في الحكم ما يلي: "لم يُمكن إجراء الفحص الطبي المقرر للتعرف على حالته النفسانية، والذي كان سيتبين منه بلا شك أنه يعاني من اضطراب عقلي من نوع ما. ويكفي مجرد الحديث معه أو قراءة أي من الشكاوى التي قدمها لإدراك ذلك: من الواضح أن السيد أسِنسيو يستخدم ابنته لشغل المحاكم الثلاث في هذه المنطقة، ويتعسف في استخدام حقوقه، ويوجه انتقادات علنية بلا مبرر في تصريحات أدلى بها لصحيفة "لا أوبنيون"، ومن ثم أطلع عليها الجمهور، ضد رؤساء المحاكم والمحامين الذين ساعدوه على النحو الواجب منذ بداية الانفصال عن زوجته - والذين تخلوا جميعاً عن تمثيله وقُبل منهم ذلك حيث إن له ما يبرره تماماً - وضد أفراد الشرطة المحلية في مولينا دي سيغورا".

2-2 وفي 1 تموز/يوليه 1996، رفع صاحب البلاغ شكوى أمام المحكمة المختصة ضد العبارات المهينة التي استخدمتها المحكمة في حكمها الذي أصدرته في 31 أيار/مايو 1996 والتي يمكن وصفها، وفقاً لصاحب البلاغ، بأنها إهانات أو افتراءات. وحرر صاحب البلاغ الشكوى بنفسه كشخص غير متخصص. ونظراً إلى أن الهيئة المختصة بالنظر في الشكاوى ضد القضاة في هذه الدائرة هي محكمة العدل العليا في مورثيا، أُحيلت الشكوى إلى المحكمة المذكورة، التي رفضتها في 10 أيلول/سبتمبر 1996. وأبلغت المحكمة صاحب البلاغ أنه يستطيع تقديم طلب إعادة نظـر في غضون مهلة قدرها ثلاثة أيام، وهو ما فعله صاحب البلاغ في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1996.

2-3 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 1996، أبلغت محكمة العدل العليا في مورثيا صاحب البلاغ بأنها لن تنظر في الالتماس المذكور، إذ يتوجب عليه أن يفعل ذلك بمساعدة محام للنظر فيه.

2-4 وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996، قدم صاحب البلاغ طلب إعادة نظر، بمساعدة محامٍ، إلى محكمة العدل العليا في مورثيا، ولم تبت فيه المحكمة حتى 25 شباط/فبراير 2000.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحب البلاغ في شكواه المقدمة إلى اللجنة أن الأقوال الواردة في حكم المحكمة الابتدائية الصادر في 31 أيار/مايو 1996 تمثل انتهاكاً واضحاً لحقه في محاكمة نزيهة وموضوعية. كما يرى أن الإشارة في الحكم إلى أن المدعى عليه "يعاني من اضطراب عقلي من نوع ما"، دون الاستناد إلى أي دليل نفساني يثبت هذا الادعاء، لا يمثل فعلاً غير مدعم بأي سند فحسب، وإنما يتعارض أيضاً مع الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

3-2 وفيما يتعلق بقرار رد الدعوى الصادر من محكمة العدل العليا في 10 أيلول/سبتمبر 1996، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الحكم يُخِلّ بحقه في النظر على نحو عادل ونزيه في شكواه ضد قاضٍ لإضراره بسمعة صاحب البلاغ في الحكم الذي أصدره. ولهذا السبب، يؤكد صاحب البلاغ أن هناك إنكاراً للعدالة، حيث رفضت المحكمة بحث الأسس الموضوعية للقضية، مخلّة بذلك بالفقرة 1 من المادة 14.

3-3 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية بتوجهه إلى محكمة العدل العليا، وهي أعلى محكمة في إقليم مورثيا المتمتع بالحكم الذاتي. وفيما يتعلق بعدم رفع دعوى لإنفاذ الحقوق الدستورية (أمبارو) أمام المحكمة الدستورية، يدعي أنه لم يلجأ إلى ذلك لاستبعاده إحراز النجاح.

3-4 ولا تخضع هذه القضية لأي إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

المعلومات والملاحظات التي قدمتها الدولة الطرف وتعليقات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمقبولية

4-1 تطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ في ملاحظاتها المؤرخة 7 شباط/فبراير 2000، وتؤكد أن أسِنسيو لوبِث لم يستنفذ سبل الانتصاف المحلية حيث كان لصاحب البلاغ إمكانية تعيين محامٍ وتقديم طلب إعادة نظر حسب الأصول (1) .

4-2 ورد صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 17 أيار/مايو 2000، فقال إنه قدم طلب إعادة نظر في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996، وأن محكمة العدل العليا لم تبت في الموضوع إلا في 25 شباط/فبراير 2000، حيث رفضت الالتماس المذكور. ومن ثم يرى صاحب البلاغ أنه استنفد بذلك سبل الانتصاف المحلية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وتحققت اللجنة، بموجب الفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها غير معروضة على هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-3 وفيما يتعلق بشرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن محكمة العدل العليا في مورثيا لم تكن قد فصلت في طلب إعادة النظر عندما قدم صاحب البلاغ بلاغه أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في 12 تموز/يوليه 1999. ومع ذلك، فإن اللجنة، إذ تضع في الاعتبار الحكم اللاحق لمحكمة العدل العليا برفض الطلب، وإذ تلاحظ أن الدولة الطرف لم تبد أي اعتراض على هذه الواقعة، ترى أن سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

5-4 وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن محكمة العدل العليا في مورثيا أعادت النظر في قرارها بشأن الادعاءات الواردة في البلاغ، وأن صاحب البلاغ لم يثبت أن المحكمة المذكورة قد انتهكت حقوقه التي تحميها الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، ولا أنها لم تحكم بعدل، ترى أن الادعاءات المذكورة غير مدعمة حسب الأصول من أجل قبول النظر فيها.

6- وبناء عليه، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول وفقاً للمادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُبَلَّغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى محامي صاحب البلاغ.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. ويصدر بعد ذلك أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحاشية

(1) من الجدير بالملاحظة أن صاحب البلاغ كان، في ذلك الوقت، قد قدم فعلاً الطلب المذكور في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996.

كاف - البلاغ رقم 935/2000، محمود ضد سلوفاكيا

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليليه أهانهانزو، والسيد لويس هانكين، والسيد إيكارت كلاين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، و السيد ماكسويل يالدين.

القرار المعتمد في 23 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيد إبراهيم محمود (يمثله السيد بوهومير بلاها، المحامي)

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : سلوفاكيا

تاريخ البلاغ : 2 أيار/مايو 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 23 تموز/يوليه 2001،

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو إبراهيم محمود، سوري الجنسية، وموجود حالياً في مركز احتجاز في الجمهورية السلوفاكية. ويدعي أنه ضحية انتهاك الجمهورية السلوفاكية للمواد 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وصل إبراهيم محمود إلى الجمهورية السلوفاكية في 17 شباط/فبراير 1992 لكي يدرس في كلية الصيدلة بجامعة كومينيوس في براتيسلافا. وقدمت له وزارة التعليم منحة دراسية ورخصة إقامة طوال فترة بقائه.

2-2 وفي 10 آذار/مارس 1998، انقطع صاحب البلاغ عن الدراسة لاعتلال صحته. ويشير صاحب البلاغ إلى مجموعتين مختلفتين من الإجراءات يدعي أن تنفيذهما أدى إلى انتهاك حقوقه بموجب العهد. وتتصل مجموعة الإجراءات الأولى بقرار إلغاء رخصة إقامته ومطالبته بمغادرة الجمهورية السلوفاكية، وتتصل المجموعة الثانية برفض منحه صفة اللاجئ.

رخصة الإقامة

2-3 في 16 آذار/مارس 1998، أصدرت إدارة شرطة الحدود والأجانب في مقرها الإقليمي ببراتيسلافا، قراراً تلغي بموجبه رخصة إقامة صاحب البلاغ. ولم يشعَر صاحب البلاغ بهذا القرار الذي صدر في شكل مرسوم عام فقط، ولم يتمكن صاحب البلاغ من الطعن في القرار بطريق الاستئناف لعدم علمه به.

2-4 وفي 29 نيسان/أبريل 1998، أصدرت إدارة شرطة الحدود والأجانب في مقر جهاز الشرطة الإقليمي، قراراً آخر يحظر على صاحب البلاغ دخول أراضي الجمهورية السلوفاكية من جديد قبل 29 نيسان/أبريل 2001 ويأمره بمغادرة الجمهورية السلوفاكية قبل 15 أيار/مايو 1998. واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام وزارة الداخلية، رئاسة جهاز الشرطة، إدارة شرطة الحدود والأجانب، فقوبل استئنافه بالرفض.

2-5 وقدم صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا التماساً يطلب فيه إليها النظر في مشروعية قرار وزارة الداخلية. ونظرت المحكمة العليا في القضية في جلسة مغلقة وأبلغت صاحب البلاغ ومحاميه أنها ستصدر حكمها في 28 كانون الثاني/يناير 1999. ولم يتمكن صاحب البلاغ ومحاميه من الحضور عند النطق بالحكم لأن المحكمة عندما وصلا إليها كان يجري إخلاؤها بسبب إنذار بوجود قنبلة. ويطعن صاحب البلاغ في ما ورد في نص حكم المحكمة العليا من أن الحكم قد أعلن. وقد أُشعر صاحب البلاغ بنسخة مكتوبة من حكم المحكمة العليا في 17 آذار/مارس 1999.

2-6 ووجه صاحب البلاغ التماساً إلى المحكمة الدستورية للجمهورية السلوفاكية يطلب فيه إليها أن تبت في دستورية امتناع المحكمة العليا عن إعلان حكمها. ويبدو أن هذه هي الحجة الوحيدة التي بنى عليها صاحب البلاغ استئنافه أمام المحكمة الدستورية.

2-7 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 1999، قررت المحكمة الدستورية أن الإجراء الذي اتبعته المحكمة العليا لم ينتهك حقوق صاحب البلاغ لأن الحكم صدر علانية. وأُشعر محامي صاحب البلاغ بهذا الحكم في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1999.

إجراء اللجوء

2-8 في 16 أيار/مايو 1998، (أي في اليوم التالي لانتهاء المهلة المحددة لمغادرة صاحب البلاغ أراضي الجمهورية السلوفاكية) قدم صاحب البلاغ إلى مكتب الهجرة في وزارة داخلية الجمهورية السلوفاكية طلباً للحصول على صفة اللاجئ. ورُفض طلب صاحب البلاغ بموجب قرار مؤرخ 8 شباط/فبراير 1999، لأنه لم يتمكن من إثبات وجود مخاوف قائمة على أساس متين من تعرضه للاضطهاد، إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي، بسبب أصله العرقي أو الديني أو بسبب جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية. وبالإضافة إلى ذلك، أبدى القرار شكوكاً في صحة الأسباب التي بنى عليها صاحب البلاغ طلبه بصفة اللاجئ.

2-9 واستأنف صاحب البلاغ هذا القرار أمام وزير الداخلية الذي نظر في القضية على أساس الوثائق المكتوبة فقط. ورُفض الاستئناف بموجب قرار مؤرخ 25 أيار/مايو 1999.

2-10 ثم قدم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة العليا لكي تراجع مشروعية القرار. وحضر صاحب البلاغ جلسة النظر في قضيته في 8 أيلول/سبتمبر 1999 من غير أن يرافقه محاميه. وسأل القاضي صاحب البلاغ عما إذا كان يرغب في "إبداء رأيه في الشكوى". فطلب صاحب البلاغ الاستعانة بمترجم شفوي ولكن طلبه رُفض على أساس "عدم وجود ما يتوجب إثباته" في هذه القضية ومن ثم انتفاء الحاجة إلى مترجم شفوي. ورفضت المحكمة العليا الشكوى وأصدرت حكمها باللغة السلوفاكية. وأُشعر صاحب البلاغ بهذا الحكم في 8 تشرين الأول/أكتوبر 1999. ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية فيما يخص إجراء اللجوء.

2-11 وفي آذار/مارس 2000، استُهلت إجراءات لترحيل صاحب البلاغ من الجمهورية السلوفاكية. ولم تقدَّم أي معلومات أخرى بشأن صفة هذه الإجراءات.

الشكوى

3-1 فيما يخص قرار إدارة شرطة الحدود والأجانب إلغاء رخصة الإقامة لصاحب البلاغ، يفيد صاحب البلاغ أنه عندما أدركت السلطات أن مكانه مجهول كان عليها أن تعين له وصياً بموجب الفقرة 2 من الفرع 16 من قانون الإجراءات الإدارية رقم 71/1967. ويقول صاحب البلاغ إنه لو عُين له وصي لكان في موقف يسمح له بالطعن في هذا القرار.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في صدور القرار علانية عن المحكمة العليا وحقه في أن يكون حاضراً عند صدور القرار بموجب المواد 2 و14 (الفقرة 1) و26 من العهد. ولا تتعلق شكوى صاحب البلاغ، بحسب صيغتها المقدمة، إلا بطريقة إصدار المحكمة العليا حكمها وليس بقرار منعه من دخول أراضي الجمهورية السلوفاكية من جديد وأمره بمغادرتها.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة العليا لم تنظر قضيته بنزاهة إذ رفضت له الاستعانة بمترجم شفوي. فهذا القرار انتهك حقه في إجراء "المحاكمة" بلغة يفهمها، وحقه في الحماية القانونية على قدم المساواة وبلا تمييز، كما انتهك مبدأ تكافؤ الوسائل وفقاً للمواد 2 و14 (الفقرة 1) و26 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك، يشكو صاحب البلاغ من أن الاستئناف أمام وزير الداخلية يستند إلى وثائق مكتوبة فقط ولا يتيح لصاحب الشكوى فرصة لعرض شكواه شفوياً. وأخيراً، يفيد أن الدولة الطرف أخطأت في تقييم الوقائع والأدلة الخاصة بقضيته.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تفيد الدولة الطرف في وقائع القضية أن إبراهيم محمود طُرد من جامعة كومينيوس، وبانتفاء الغرض من منحه رخصة الإقامة طُلب إليه مغادرة أراضي الجمهورية السلوفاكية قبل 15 أيار/مايو 1998. وتضيف الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان يزاول نشاطاً لا تجيزه شروط رخصة الإقامة، إذ كان يدير وكالة سفر منذ 4 كانون الأول/ديسمبر 1997.

4-2 وفيما يخص شكوى صاحب البلاغ من أن المحكمة العليا لم تصدر حكمها علانية، تدفع الدولة الطرف بأن كلاً من المحكمة العليا والمحكمة الدستورية بنى قراره على أدلة مكتوبة قدمتها وزارة العدل وتثبت أن الجلسة ظلت معقودة فترة من الصباح وأن المبنى أخلي بعد ذلك بسبب إنذار بوجود قنبلة. وتضيف الدولة الطرف أن النطق بالحكم في هذه القضية قُيد في ملفات المحكمة. وترى الدولة الطرف أنه ليس على المحكمة أن تكفل مثول أطراف الدعوى عند إصدار الأحكام وأن تغيبهم عن المحكمة وقت صدورها لا يمثل سبباً لعدم النطق بها. ولذلك، فإن عدم تمكن صاحب البلاغ من دخول المبنى بسبب إنذار بوجود قنبلة لا يمكن اعتباره انتهاكاً لحقوقه.

4-3 وفيما يخص إجراءات اللجوء، تفيد الدولة الطرف أن وزير الداخلية رفض الاستئناف لأسباب منها أن صاحب البلاغ تصرف تصرفاً "مخالفاً للقوانين السارية" في الجمهورية السلوفاكية في عدد من المناسبات وأنه لم يبرر مخاوفه من الاضطهاد في حال عودته إلى بلده الأصلي. وبالإضافة إلى ذلك، أعرب الوزير عن اعتقاده أن صاحب البلاغ كان يعتزم ضمان إقامته في الجمهورية السلوفاكية لأجل مواصلة أعماله.

4-4 وفيما يخص ادعاء صاحب البلاغ أنه لم يستطع الاستعانة بمترجم شفوي أثناء مداولات المحكمة العليا، تفيد الدولة الطرف أن المحكمة العليا اقتصرت في ذلك اليوم على النطق بحكمها من دون الاستماع إلى أدلة شفوية. ولذلك، لم تر المحكمة أن هناك حاجة إلى مترجم شفوي. أما أحكام القضاء فتصدر دائماً باللغة الرسمية من دون ترجمتها إلى اللغة الأم لأطراف الدعوى. وبالإضافة إلى ذلك، تفيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ نفسه لم يستعن بمترجم شفوي أثناء الدعوى الابتدائية مدعيةً أنه ذكر في المقابلة أنه يجيد اللغة السلوفاكية. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن إبراهيم محمود يقيم في الجمهورية السلوفاكية منذ عام 1992 وأنه لم يطلب اللجوء إلا في عام 1998.

4-5 ومهما يكن الأمر فإن الدولة الطرف تدفع بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية في أي من مجموعتي الإجراءات وتطلب إلى اللجنة عدم قبول القضية. أولاً، كان صاحب البلاغ يستطيع، بموجب الفقرتين (ه‍) و(و) من المادة s243 من قانون الإجراءات المدنية، أن يقدم إلى "المدعي العام" استئنافاً استثنائياً إذا رأى أن المحكمة نطقت بحكم صحيح ينتهك القانون. وتوضح الدولة الطرف أن المدعي العام إذا خلص، بموجب هذا الإجراء، إلى حدوث انتهاك للقانون جاز لـه أن يقدم إلى المحكمة العليا استئنافاً استثنائياً. وفي قضية صاحب البلاغ، كان ستنظر في هذا الاستئناف الاستثنائي هيئة من قضاة المحكمة العليا تختلف عن الهيئة التي نظرت في قضيته في مرحلة النقض. فإذا خلصت المحكمة العليا إلى حدوث انتهاك للقانون جاز لها أن تنقض الحكم المعني وأن ترد القضية إلى المحكمة التي صدر عنها الحكم الخاطئ لكي تعقد جلسة جديدة. وتضيف الدولة الطرف أن تقديم شكوى إلى المدعي العام بموجب إجراء الاستئناف الاستثنائي هذا لا يحول دون إقامة دعوى أمام المحكمة الدستورية.

4-6 ثانياً، فيما يخص طلب صاحب البلاغ الحصول على صفة اللاجئ، تفيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان بإمكانه إقامة دعوى في المحكمة الدستورية بموجب المادة 130 (3) من الدستور. وتوضح الدولة الطرف أنه يجوز إقامة هذه الدعوى ضد قرارات المحكمة وضد القرارات الإدارية مثل قرار رفض منح صاحب البلاغ اللجوء. ويحمي الدستور حق الفرد في اللجوء (المادة 53 من الدستور) وحقه في المرافعة أمام المحكمة بلغته الأم.

4-7 وتفيد الدولة الطرف أن المحكمة الدستورية إذا ما حكمت لصالح صاحب البلاغ فإنها تذكر في حكمها الحق الدستوري/الحقوق الدستورية التي انتُهكت وتذكر التدابير أو الإجراءات أو القرارات التي اتخذتها السلطة الحكومية والتي وقع بموجبها هذا الانتهاك.

تعليقات المحامي على المقبولية

5-1 يعارض صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف أن المحكمة العليا اقتصرت على إصدار حكم في دعوى اللجوء ويكرر رأيه بأن المحكمة عقدت جلسة شارك فيها الطرفان. ويؤكد أنه لم يطلب الاستعانة بالترجمة الفورية في الدعوى الابتدائية لأن معرفته باللغة السلوفاكية كافية للتعبير عن نفسه في مسائل شخصية ولكن ليس في مسائل قانونية.

5-2 وفيما يتعلق بعدم تقديم صاحب البلاغ استئنافاً استثنائياً إلى المدعي العام، يذكر صاحب البلاغ أن مباشرة هذه الإجراءات يتوقف حصراً على المدعي العام وليس على صاحب البلاغ وحده، ولذا فإن سبيل الانتصاف هذا ليس متاحاً لصاحب البلاغ (1) .

5-3 وفيما يتعلق بعدم استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية لعدم إقامته دعوى في المحكمة الدستورية، يدعي صاحب البلاغ أن سبيل الانتصاف هذا ما كان ليكون فعالاً. ويقول إن المحكمة الدستورية لا يمكنها بحث القرارات الصحيحة الصادرة عن الهيئات القضائية حتى لو انتهكت حقوق الإنسان، لأن ذلك يعد تعدياً على استقلال الهيئات القضائية المكفول دستورياً (2) . ولا تستطيع المحكمة الدستورية كذلك منع الاستمرار في تنفيذ قرار غير مشروع صادر عن محكمة أو هيئة إدارية حكومية. وإذا بتت المحكمة الدستورية لصالح صاحب الشكوى فإن قرارها هذا لا يمكن استخدامه إلا "كواقعة قانونية جديدة" في قضية ويمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى دعوى جديدة ولكنه لا يمثل سبيل انتصاف فعالاً ضد انتهاك حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المحكمة الدستورية ليست ملزمة بالنظر في قضية حتى لو استُوفيت جميع الشروط القانونية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

6-1 على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء ورد في البلاغ، أن تبت وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 فيما يتعلق بقرار شرطة الحدود والأجانب إلغاء رخصة إقامة صاحب البلاغ وشكواه بشأن عدم إبلاغه هذا القرار، ترى اللجنة أن هذا القرار أبطله القرار الصادر في 29 نيسان/أبريل 1998 الذي يأمر صاحب البلاغ بمغادرة أراضي الجمهورية السلوفاكية، وتخلص إلى انتفاء الحاجة إلى مواصلة النظر فيه.

6-3 وفيما يتعلق بشكوى صاحب البلاغ بشأن إصدار المحكمة العليا حكمها في رفض منحه رخصة إقامة، تلاحظ اللجنة أنه لا يعترض على إجراء النظر الفعلي في استئنافه، الذي كان يمثله فيه محاميه. بل هو يدعي أن الحكم لم يصدر علانية لأن مبنى المحكمة أخلي بسبب إنذار بوجود قنبلة، وأن حقوقه انتُهكت لأنه حيل بينه وبين الحضور عند صدور الحكم رسمياً. إلا أن اللجنة تلاحظ في هذا الصدد أن صاحب البلاغ يسلم بأنه لدى صدور الحكم كان قد انتهى النظر في استئنافه وأنه أُشعر شخصياً بالحكم في وقت لاحق. وفي هذه الظروف، لم يتمكن صاحب البلاغ فيما يخص المقبولية من بيان حدوث انتهاك لحقوقه بموجب المادتين 14 و26 من العهد. وعلى هذا الأساس، يعد هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بالإجراءات الخاصة بطلب صاحب البلاغ اللجوء، تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لعدم إقامته دعوى في المحكمة الدستورية، وأنه كان يمكنه الاحتجاج في هذه الدعوى بالحقوق التي يدعى أن الدولة الطرف انتهكتها. وقد ذكر صاحب البلاغ أن المحكمة الدستورية لا يمكنها التدخل في قرارات القضاء إلا أنه سلم بأن المحكمة يمكنها إصدار قرار ينشئ "واقعة قانونية جديدة" قد تفضي إلى دعوى جديدة. كما أن أقوال صاحب البلاغ تتعارض مع ما قدمه من معلومات تفيد أن المحكمة الدستورية نظرت من حيث الموضوع في التماسه ضد قرار المحكمة العليا بشأن إصدار حكمها علانية. وعلى هذا الأساس، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ بقوله إنه مُنع من الاستعانة بمترجم شفوي لم يتمكن من دحض حجة الدولة الطرف أنه كان يمكنه الطعن في قرار المحكمة العليا أمام المحكمة الدستورية. ولذلك ترى اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد في هذه الحالة وأن هذه الشكوى غير مقبولة بموجب المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7- ولذلك، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم قبول هذا البلاغ بموجب المادة 2 والفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إحالة هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر بعد ذلك باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

الحواشي

(1) يشير المحامي إلى رأي دانييل سفابي الذي ألقى محاضرة في براتيسلافا عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 26 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ويشير سفابي في محاضرته إلى قضية عُرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، H ضد بلجيكا (الرقم 8950/80، الحكم 16.5 1984, DR No. 37, P.5)، وقد تقرر في هذه القضية أن سبل الانتصاف المحلية استُنفدت على الرغم من إمكان تقديم طلب إلى المدعي العام لأن مباشرة هذه الإجراءات يتوقف حصراً على المدعي العام وليس على صاحب الشكوى.

(2) يشير صاحب البلاغ إلى ملاحظات أدلى بها قاض سلوفاكي في المحكمة الدستورية أثناء حلقة خبراء عُقدت في براتيسلافا في عام 1995.

لام - البلاغ رقم 947/2000، هارت ضد أستراليا

القرار المعتمد في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد نيسوكي أندو، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيد عبد الله زاخيا، السيدة كريستين شانيه، السيد مارتن شاينين، السيدة بيلار غايتان دي بومبو، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد ديفيد كريتسمر، السيد إيكارت كلاين، اللورد كولفيل، السيد لويس هانكين، السيد ماكسويل يالدين، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين. وطبقاً للمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم تشارك السيدة إليزابيث إيفات في فحص القضية.

المقدم من : السيد باري هارت

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ البلاغ : 31 كانون الثاني/يناير 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

تعتمد ما يلي:

القرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ هو باري هارت، وهو مواطن أسترالي مولود في 20 آب/أغسطس 1935. ويدعي أنه ضحية انتهـاك أسـتراليا لحقوقـه المنصوص عليهـا في المواد 2(1) و(2) و3(أ) و14 و17(1) و(2) و18(ا) و19 (1) و(2) و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد بدأ سريان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بالنسبة للدولة الطرف في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1980 فيما بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في عام 1973، دخل صاحب البلاغ طواعية مستشفى تشيلمسفورد الخاص لموعد مع الطبيب النفساني الدكتور هيرون، وهو رائد في العلاج بالنوم العميق بتشيلمسفورد. ويدعي صاحب البلاغ أن موظفي مستشفى تشيلمسفورد قد تسببوا في فقدانه لوعيه عن غير قصد. ويدعي أنه على مدى الأيام العشرة التالية تمت معالجته بكميات كبيرة ومحتملة السمية من العقاقير التي تعطى عن طريق الأنف (بما في ذلك المهدئات المشتقة من حامض البربيتوريك) دون موافقته. كما أُخضع للعلاج بالصدمات الكهربائية المسببة للتشنج، بدون إعطائه أية عقاقير مخفضة للتوتر العضلي. وعانى صاحب البلاغ من التهاب رئوي مضاعف، ومن التهاب البالورة، ومن التخثر الشرياني، ومن الانصمام الرئوي، ومن إصابة في المخ بسبب عوز الأوكسجين، نتيجة لهذا العلاج. وفي 20 آذار/مارس 1973، نُقل صاحب البلاغ إلى مستشفى هورنسبي العام وهو مصاب بالتهاب رئوي مزدوج وانصمام رئوي، قبل أن يُسمح له بالخروج في 3 نيسان/أبريل 1973. وعلى أثر السماح له بالخروج عانى صاحب البلاغ من تشنج ومن حساسية للضجيج، وارتفاع ارتكاس الذعر، والكوابيس، والغثيان، وحالة اليقظة النفسانية المستمرة. وقد تم تشخيص ذلك بأنه اضطرابات نفسية مزمنة حادة لاحقة للإصابة. ويقال إن هذه الآثار جعلت صاحب البلاغ شخصاً غير لائق فعلياً للعمل، ونتيجة لذلك فإنه يعيش الآن على إعانة عجز. ويحاج صاحب البلاغ بأن هذه الأعراض قد تفاقمت على مر الأعوام حتى أصبحت الآن تستعصي على العلاج.

2-2 وباشر صاحب البلاغ دعوى قانونية بتقديم عريضة الدعوى إلى محكمة نيو ساوث ويلز المحلية في تشرين الثاني/نوفمبر 1976. ثم أُحيلت هذه الدعوى إلى محكمة نيو ساوث ويلز العليا في عام 1979.

2-3 وفي آذار/مارس 1980، بدأت دعوى مدنية ضد مستشفى تشيلمسفورد والدكتور هيرون أمام القاضي فيشير وهيئة محلفين بمحكمة نيو ساوث ويلز العليا. ويحاج صاحب البلاغ بأن المحاكمة لم تكن منصفة من عدة جوانب. فيذكر أن القاضي قد استبعد أدلة إثبات هامة وفرض ضغط مخل بالأصول وغير مناسب على هيئة المحلفين للتوصل إلى قرار سريع. ولم يقدم المدعى عليهم أية أدلة طبية دعماً لموقفهم، لكن القاضي أعطى هيئة المحلفين تعليمات بشأن الأدلة الطبية لا تخدم مصلحة المدعي. ويقول صاحب البلاغ إن الاضطرابات النفسية اللاحقة للإصابة التي كان يعاني منها لم يكن معترفاً بها كمرض آنذاك. وحوَّل قاضي الموضوع هيئة المحلفين عن فكرة التعويض الاتعاظي (التأديبي) على أساس أنه لم تكن هناك أية أدلة على حدوث تقصير وإهمال جسيمين وقاسيين في أداء الواجب بما يمكن أن يبرر تلك التعويضات. وفي 14 تموز/يوليه 1980، أصدرت هيئة المحلفين أحكاما ضد مستشفى تشيلمسفورد بتهمة الحبس الباطل وضد الدكتور هيرون بتهمة الحبس الباطل والاعتداء والضرب والإهمال. ومُنح صاحب البلاغ تعويضات قدرها 000 6 دولار عن حبسه الباطل يدفعهـا المدعـى عليهمـا، و000 18 دولار عن الاعتداء والضرب ضد الدكتور هيرون، و000 36 دولار (عن الكسب الفائت ماضيا ومستقبلا) ضد المدعى عليهما. وفي آب/أغسطس 1980، طعن المدعى عليهما في التعويضات "المفرطة" في حين تقدم صاحب البلاغ بطعن مقابل في قيمة التعويض والتحول عن التعويض التأديبي.

2-4 وفي عام 1983، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى لجنة التحقيق التابعة للمجلس الطبي بخصوص معاملته بمستشفى تشيلمسفورد وما اتصل بذلك من مسائل ناشئة عن محاكمة عام 1980.

2-5 وفي آذار/مارس 1986، خلصت لجنة التحقيق إلى وجود دعوى ظاهرة الوجاهة ضد الدكتور هيرون بسبب سوء تصرف مهني يبرر الإحالة إلى محكمة تأديبية. وباشر الدكتور هيرون بتقديم ادعاء بإساءة استعمال الإجراء القضائي في محكمة الاستئناف في نيو ساوث ويلز، التي أحالت المسألة إلى المحكمة التأديبية. وفي حزيران/يونيو 1986 رأى قاضي المحكمة وورد أنه لم يحصل أي تأخير من جانب صاحب البلاغ بما يشكل إساءة استعمال للإجراء القضائي، مشيراً إلى المجموعة المتنوعة من الإجراءات القانونية التي اتخذت في تلك الفترة.

2-6 وفي أيلول/سبتمبر 1986، حكمت محكمة الاستئناف بنيو ساوث ويلز (ماكهيو رئيس المحكمة، وبريسلي، وستريت القاضيان) بناء على طلب الدكتور هيرون، بإيقاف تنفيذ الإجراءات التأديبية بشكل دائم، دون الرجوع إلى حكم القاضي وورد على أساس أن صاحب البلاغ قد أساء استعمال الإجراء بإرجاء التقدم بشكوى إلى لجنة التحقيق التابعة للمجلس الطبي لمدة ثلاثة أعوام. ورفضت محكمة أستراليا العليا في كانون الأول/ديسمبر 1986 الإذن لصاحب البلاغ بالطعن في قرار محكمة الاستئناف.

2-7 وفي آب/أغسطس 1988، كُلِّفت لجنة تحقيق ملكية بالتحقيق في الممارسات بمستشفى تشيلمسفورد، بما في ذلك العلاج بالنوم العميق والعدد الكبير من الوفيات التي سُجلت به. ونظرت اللجنة الملكية بتفصيل في حالة صاحب البلاغ، من بين قضايا أخرى. وفي تقرير شديد النقد بتاريخ كانون الأول/ديسمبر 1990، رأت اللجنة أن سلوكاً إجرامياً قد وقع وأن هناك أدلة على وجود أذى نفساني خطير. وخلصت إلى أن المدعى عليهما تآمرا لعرقلة سير العدالة، بما في ذلك بتهديد ممرضة كانت شاهدة عيان، كما زوَّر المدعى عليهما موافقة صاحب البلاغ المعترضة على العلاج، ثم تعمدا الكذب بخصوص حادثة التزوير.

2-8 وفي عام 1993، يقول صاحب البلاغ إنه تم تشخيص إصابته بمرض نفساني منهك للمرة الأولى. وفي حزيران/يونيو 1993 رفضت محكمة نيو ساوث ويلز للاستئناف طلب الدكتور هيرون رفض طعن صاحب البلاغ في محاكمة عام 1980 لعدم كفاية الأدلة.

2-9 وفي آب/أغسطس 1995، نظرت محكمة نيو ساوث ويلز للاستئناف في طعن صاحب البلاغ في محاكمة عام 1980 وقد طعن صاحب البلاغ في تقدير مبلغ التعويض وتحويل قاضي الموضوع لهيئة المحلفين عن فكرة التعويضات التأديبية. ولم يتابع الدكتور هيرون طعنه المقابل. وفي 6 حزيران/يونيو 1996 رفضت محكمة نيو ساوث ويلز للاستئناف (القضاة بريسلي وكلارك وشيلر) الطعن، وحمّلت صاحب البلاغ التكاليف. وخلصت المحكمة فيما خلصت إلى أن تقارير الاختبار النفساني التي أجريت في عام 1972 كشفت "العديد من الأعراض" التي نسبت في وقت لاحق إلى العلاج بمستشفى تشيلمسفورد. ورأت المحكمة أن استنتاجات لجنة التحقيق الملكية، إلى جانب الأدلة الأخرى، لم تتجاوز تأييد استنتاج بأن الدكتور هيرون كان قد "أساء التصرف" باتفاق مع آخرين. ورأى بريسلي القاضي المشاور بالمحكمة أنه "لا يبدو أن المواد الإضافية التي اعتمد عليها المدعي كانت ستحقق نتائج أبعد مما فعلته المواد المتاحة بالفعل بالمحكمة". ورأت المحكمة أنها لا ترى عيباً في تصرف قاضي الموضوع.

2-10 وفي نيسان/أبريل 1997، رُفض طلب موجه إلى محكمة أستراليا العليا لطلب الإذن بالطعن (القضاة برينن ودوسون وتوهي)، وحُمِّل صاحب البلاغ التكاليف مجدداً. ورأت المحكمة أن صاحب البلاغ لا يمكنه التماس تعويضات تأديبية بعد انقضاء هذه الفترة الطويلة على المحاكمة. ويذكر صاحب البلاغ أن النشاط الإجرامي موضوع الشكوى لم يُعرض على اللجنة إلا في عام 1990 وأنه دخل في إجراءات قانونية مطولة منذ ذلك الحين.

الشكوى

3- يشتكي صاحب البلاغ من أن الدولة قصرت في التنظيم الملائم للمعايير والممارسات بمستشفى تشيلمسفورد والتحقيق في سلسلة من الشكاوى الصادرة عن موظفي التمريض والمفتشين الحكوميين. ويشكو صاحب البلاغ أيضاً من تحيز القضاء والمحامين ضده ووصمه بالعلاج النفساني، وبشكل خاص في الدعوى المدنية لعام 1980 ضد الدكتور هيرون. وبالإضافة إلى ذلك يدَّعي صاحب البلاغ أن محكمة الاستئناف بنيو ساوث ويلز قد تجاهلت الأدلة ذات الصلة حسبما ذكر، واختلقت وقائع وأدلة، وأصدرت أحكاماً خاطئة ومضللة عند وقف الإجراءات التأديبية في عام 1986 والطعن في الموضوع في عام 1996. ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف لم تقم بتوفير وإعمال الآليات التنظيمية والتحقيقية المناسبة على القضاء والمحامين. كما أن المحاكم لم تمنحه تعويضاً منصفاً وملائماً بوصفه ضحية سوء معاملة وتعذيب نفسانيين معلنين. ويدعي صاحب البلاغ أن ما تقدم يشكل انتهاكات للمواد 2 و14 و17 و18 و19 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، أن تبت، طبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وبما أن نفاذ البروتوكول الاختياري بدأ بالنسبة لأستراليا في 25 كانون الأول/ ديسمبر 1991 فإن اللجنة مستبعدة بحكم الاختصاص الزماني من النظر في ادعاءات تتعلق بأحداث حصلت قبل ذلك التاريخ، ما لم تكن لها آثار مستمرة تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد. وبالتالي فإنه يجب عدم قبول شكاوى صاحب البلاغ المتعلقة بمعاملته بمستشفى تشيلمسفورد، والمحاكمة المدنية ضد الدكتور هيرون، وحكم محكمة استئناف نيو ساوث ويلز بوقف تنفيذ الإجراءات التأديبية ضد الدكتور هيرون، وهي كلها أمور حصلت قبل 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

4-3 وفيما يتعلق بشكاوى صاحب البلاغ ضد أحكام محكمة استئناف نيو ساوث ويلز ومحكمة أستراليا العليا، تشير اللجنة إلى أنه ليس للجنة عموماً وإنما لمحاكم الدول الأطراف أن تقيِّم الوقائع والأدلة في قضية محددة، ما لم تكن متأكدة من أن التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو كان يشكل إنكاراً للعدالة. وبالإضافة إلى ذلك ليس للجنة أن تراجع تفسير المحاكم الوطنية للقانون المحلي. وفي القضية الراهنة، تلاحظ اللجنة أن محكمة استئناف نيو ساوث ويلز ومحكمة أستراليا العليا كلتيهما نظرتا في ادعاءات صاحب البلاغ ورفضتا، بالاستناد إلى الأدلة المتاحة، معارضة تقرير المحكمة الأدنى درجة للوقائع وكذلك قانونها. وادعاءات صاحب البلاغ والمعلومات المعروضة على اللجنة لا تثبت أن أحكام محكمة الاستئناف أو المحكمة العليا كانت تعسفية بشكل واضح أو تشكل إنكاراً للعدالة. ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-4 وفيما يتعلق ببقية ادعاءات صاحب البلاغ، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يؤيدها بالأدلة لأغراض المقبولية. وهي بناء على ذلك غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- ولذلك تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الانكليزي هو النص الأصلي. ويصدر لاحقاً باللغات الروسية والصينية والعربية، كجزء من هذا التقرير.]

ميم - البلاغ رقم 948/2000، ديفغان ضد كندا

القرار المعتمد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2000، الدورة السبعون*

المقدم من : السيد رافي ديفغان (يمثله السيد هاري كوبيتو، وكيل قانوني)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي واللورد كولفيل والسيدة إليزابيت إيفات والسيدة بيلار غايتان دي بومبو والسيد لويس هانكين والسيد إيكارت كلاين والسيد ديفيد كريتسمر والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا والسيد مارتن شاينن والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين والسيد رومن فيروشيفسكي. وعملا بالمادة 85 من النظام الداخلي للجنة، لم يشترك عضو اللجنة السيد ماكسويل يالدين في النظر في البلاغ.

تاريخ البلاغ : 1 حزيران/يونيه 2000

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2000،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ يدعى رافي ديفغان، وهو مواطن كندي ولد في عام 1946. ويدَّعي أنه ضحية انتهاك كندا لحقوقه المنصوص عليها في المواد 2 و3 و7 و14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 26 كانون الثاني/يناير 1996، حوكم صاحب البلاغ أمام محكمة أنتاريو حيث اتهمه مدعيان مختلفان بتهمة الغش والتدليس وتهمة الإدلاء ببيانات كاذبة. وقد ادعى صاحب البلاغ أنه غير مذنب ولكنه ثبت للمحكمة أنه مذنب فحكمت عليه في 17 أيار/ مايو 1996 بالسجن المتقطع لمدة 90 يوما. ويدَّعي صاحب البلاغ أنه بالرغم من التوصل إلى تسوية في دعوى مدنية أقيمت ضده لمطالبته بدفع تعويض عما قام به من غش وتدليس، فقد أمرته المحكمة أيضا بأن يدفع تعويضا لكلا المدعين بمقتضى المادة 725(1) من القانون الجنائي.

2-2 وقد قام صاحب البلاغ، يمثله محامي إجراءات، بتقديم إخطار بأنه يعتزم الطعن في حكمي الإدانة والعقوبة الصادرين بحقه عن محكمة أنتاريو. إلا أن محامي الإجراءات نصح صاحب البلاغ بقوله إنه إذا مضى قدما في استئنافه، فقد تفرض عليه عقوبة أشد. وفي آب/أغسطس 1999، أكد صاحب البلاغ لمحاميه كتابة أنه يسحب ذلك الإخطار. ثم قدم المحامي إلى المحكمة إخطاراً بتخلي موكله عن الاستئناف، وقد رفضت المحكمة هذا الإجراء باعتبار أن التخلي عن الاستئناف قد تم في 11 آب/أغسطس 1999. كما طعن صاحب البلاغ في أمري التعويض. وقد قضت محكمة الاستئناف في أنتاريو، في حكم أصدرته في 26 أيار/مايو 1999، بإلغاء أحد الأمرين وخفضت مبلغ التعويض الذي يشمله الأمر الآخر.

2-3 وبعد أن قام صاحب البلاغ بسحب طلب استئنافه لحكمي الإدانة والعقوبة، تلقى نصيحة جديدة مفادها أنه من غير العادي أن تقوم محكمة الاستئناف بتشديد العقوبة لأن محامي التاج لم يقدم استئنافا مقابلا فيما يتعلق بالحكم الصادر عن المحكمة. ومن ثم فإن صاحب البلاغ قدم طلبا لإلغاء أمر التخلي عن الاستئناف. وقد رفضت محكمة الاستئناف في أنتاريو هذا الطلب في 7 شباط/فبراير 2000 معتبرة أنه ليس هناك أي أساس يبرر هذا الإلغاء. ثم قدم صاحب البلاغ طلبا للحصول على إذن للطعن في هذا الحكم أمام المحكمة العليا في كندا التي رفضت طلبه في 23 آذار/مارس 2000. وبالإضافة إلى ذلك، قدم صاحب البلاغ طلبا للحصول على إذن للطعن في الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في أنتاريو فيما يتعلق بمبلغ التعويض. وقد رفضت المحكمة العليا في كندا هذا الطلب أيضاً في 20 نيسان/أبريل 2000.

الشكوى

3- يحتج صاحب البلاغ بأن المحاكم، إذ حرمته من حقه في الاستئناف، قد انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المواد 2 و3 و7 و14 من العهد. ويدَّعي أيضا أن المحاكم قد عرضته لخطر مزدوج إذ أصدرت أمرا بالتعويض أثناء المحاكمة الجنائية بعد أن كانت تسوية هذه المسألة قد تمت في دعوى مدنية، وأن هذا يشكل أيضا انتهاكا لأحكام المادتين 7 و14.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

4-1 قبل النظر في أية ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولا أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأنه حرم من حقه في الاستئناف، تلاحظ اللجنة بناء على المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ أنه قد مارس في البداية حقه في الاستئناف ولكنه قام بسحب طلب استئنافه في وقت لاحق. وليس في ادعاءات صاحب البلاغ أو في المعلومات المعروضة على اللجنة ما يثبت بالأدلة، لأغراض قبول البلاغ، ادعاء صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف قد انتهكت أحكام المواد 2 أو 3 أو 7 أو 14 من العهد بسبب رفض طلبه إعادة النظر في استئنافه. ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

4-3 وفيما يتصل بقرار التعويض الصادر أثناء المحاكمة الجنائية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت بالأدلة ادعاءه بأن الدولة الطرف، إذ أمرته بدفع التعويض، قد انتهكت حقوقه المنصوص عليها بموجب المادتين 7 و14 من العهد. ولذلك فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- وبناء عليه، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يبلغ هذا القرار لصاحب البلاغ وكذلك للدولة الطرف بغرض إعلامها.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علما بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر فيما بعد بالروسية والعربية والصينية كجزء من هذا التقرير.]

نون - البلاغ رقم 949/2000، كيشفجي ضد كندا

القرار المعتمد في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2000، الدورة السبعون*

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيدة إليزابيت إيفات، السيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، السيدة بيلار غايتان دي بومبو، السيد مارتن شاينين، السيد عبد الفتاح عمر، السيدة سيسيليا مدينا كيروغا، السيد ديفيد كريتسمر، السيد إيكارت كلاين، اللورد كولفيل، السيد راجسومر لالاه، السيد لويس هانكين، السيد رومن فيروشيفسكي، السيد هيبوليتو سولاري يريغوين. ولم يشارك السيد ماكسويل يالدين في فحص هذه القضية بموجب المادة 85 من النظام الداخلي للجنة.

المقدم من : السيد أمير كيشفجي

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 4 حزيران/يونيه 1996 (التقديم الأولي)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2000،

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ هو السيد أمير كيشفجي، وهو مواطن كندي ولد في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1938. ويدعي أنه كان ضحية انتهاك كندا للمواد 14 و25(ج) و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 عمل صاحب البلاغ اعتباراً من 19 أيلول/سبتمبر 1989 موظف اتصال لتحصيل الضرائب في مؤسسة كندا للعائدات الضريبية بعد أن اجتاز بنجاح الامتحانات ذات الصلة. ولقد عين تعييناً تحت الاختبار لغاية 9 نيسان/أبريل 1990. وفي 15 آذار/مارس 1990، اجتاز صاحب البلاغ امتحاناً آخر وعُين إثره موظفاً لإنفاذ قوانين التحصيل الضريبي لفترة اختبارية مدتها 12 شهراً تبدأ اعتباراً من 9 نيسان/أبريل 1990. وتلقى صاحب البلاغ في 31 تموز/يوليه 1990 إخطاراً كتابياً من المشرف على المجموعة المكلفة بالتحصيل الضريبي يفيد بإجراء خمس عمليات تدقيق اختباري لعمل صاحب البلاغ خلال الفترة الواقعة بين تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وتموز/يوليه 1990 بيّنت أن أداءه غير مرضٍ. ولقد أجريت هذه الاختبارات في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وفي 10 كانون الثاني/يناير 1990 و5 آذار/مارس 1990 و22 حزيران/يونيه 1990 و10 تموز/يوليه 1990.

2-2 وفي 31 تموز/يوليه 1990، أعطي صاحب البلاغ مهلة 90 يوماً لتصحيح تلك العيوب وإلا ينهى تعيينه الاختباري. كما أُبلغ بأنه سيخضع لثلاث عمليات تدقيق اختبارية خلال فترة التسعين يوماً تلك. وهو يدّعي بأن ذلك كان أول إخطار يتلقاه بأن أداءه دون المستوى المقبول. ويدّعي كذلك أن إنتاج الوحدة بأكملها كان منخفضاً، غير أن أحداً سواه لم يتلق مثل ذلك الإخطار. وفي 29 آب/أغسطس 1990، أُبلغ صاحب البلاغ بأنه نظراً لأدائه غير المرضي، سيُحرم من العلاوة على الأجر التي كانت ستُدفع اعتباراً من 19 أيلول/سبتمبر 1990. ويبدو أن الإحجام عن منح هذه العلاوة إجراء متبع في الحالات التي تقرر فيها الإدارة أن أداء الموظف لا يرقى إلى المستوى المقبول. وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1990، أنهي التعيين الاختباري لصاحب البلاغ.

2-3 وبمساعدة من نقابة موظفي الضرائب وبناء على نصيحتها، اعترض صاحب البلاغ على حرمانه من العلاوة على الأجر وعلى إنهاء تعيينه باللجوء إلى أربعة مستويات من إجراءات الشكاوى الداخلية (التفاصيل غير محددة). وانتهت هذه العملية في 22 كانون الثاني/يناير 1992 برأي صدر عن المستوى الأخير. وأعيدت العلاوة على الأجر في المستوى الثالث من التظلم، غير أن إنهاء التعيين لم يبطل في أي مستوى كان.

2-4 وفي تشرين الأول/أكتوبر 1991، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى اللجنة الكندية لحقوق الإنسان مدعياً أن إلغاء عقد توظيفه كان بدافع تمييزي على أساس عرقه ولونه وأصله القومي أو الإثني (هندي شرقي). ورأت اللجنة بعدما أجرت كامل التحريات بهذا الشأن أن أداء صاحب البلاغ لم يتحسن كما طُلب منه، وبأن موظفين آخرين من موظفي تحصيل الضرائب قد عوملوا مثلما عومل صاحب البلاغ. واستنتجت اللجنة في آب/أغسطس 1992 أن هذه الشكوى لا أساس لها. ولجأ صاحب البلاغ مرة أخرى إلى اللجنة طالباً إليها إعادة النظر في قرارها، إلا أن طلبه قد رفض كذلك.

2-5 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1992، اشتكى صاحب البلاغ إلى لجنة الخدمة العامة في كندا بشأن قضيته. إلاّ أن شكواه هذه قوبلت بالرفض في كانون الأول/ديسمبر 1992. ولجأ فيما بعد إلى محاولات أخرى مختلفة سعياً للحصول على إنصاف من رئيس مجلس الوزراء ومن وزير العائدات الضريبية الوطنية ومن أعضاء في البرلمان. غير أنه لم يرفع أي دعوى قضائية، أمام المحكمة الفيدرالية لكندا مثلاً. وهو يدّعي أن اللجوء إلى ذلك لا طائل منه إذ إن إعادة المحكمة الفيدرالية النظر في قرارات لجنة حقوق الإنسان يقتصر على مسائل الاختصاص القضائي وعدالة الإجراءات القضائية فحسب.

الشكوى

3-1 يثير صاحب البلاغ شكويين رئيسيتين. الأولى ضد نقابة موظفي تحصيل الضرائب التي مثلت صاحب البلاغ في إجراءات التظلم الداخلية. ويدّعي بأن النقابة لم توضح إجراءات الطعن الملائمة الواجبة التطبيق بشأن قضيته، وبأن النقابة قد استبعدته خلافاً لرغباته، من حضور بعض الجلسات. كما يدّعي أن بعض أعضاء النقابة قد رتبوا أمر طرده.

3-2 ويتعلق فحوى الشكوى الرئيسية لصاحب البلاغ بادعائه أن إلغاء عقد توظيفه جاء نتيجة للتمييز ضده. ويدّعي صاحب البلاغ أنه اجتاز مؤخراً امتحانات أعلى مستوى ويشير إلى منحه فيما بعد العلاوة على الأجر التي حُرم منها في بداية الأمر. ويدّعي أن طرده كان على أساس التمييز العنصري. وتأييداً للشكوى التي قدمها يقول إن المشرفين على عمله وموظفي النقابة الممثلين لـه والحكام كانوا من العرق الأبيض وأن إجراءات التظلم الداخلية لم تكن عادلة، إذ إن أشخاصاً من فئة المديرين كانوا أعضاء أيضاً في لجان التظلم. وبالتالي، فهو يدَّعي أن ما ورد أعلاه يشكل انتهاكات للمواد 14 و25(ج) و26 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أو غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بالادعاءات الموجهة ضد تصرف النقابة، تلاحظ اللجنة أن هذه الادعاءات موجهة ضد أشخاص. ونظراً لعدم وجود أية حجة تبرر تحميل الدولة الطرف المسؤولية عن تصرف هؤلاء الأفراد، لا يمكن قبول هذا الجزء من البلاغ بحكم طبيعته الشخصية وفقاً للمادة 1 من البروتوكول الاختياري.

4-3 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بالتمييز ضده، فتشير اللجنة إلى أنه، وفقاً لاجتهاداتها الثابتة، فإن تقييم الوقائع والأدلة ليس من اختصاص اللجنة بل من اختصاص السلطات المختصة في الدولة الطرف. وإن اللجنة لا تتدخل في هذا التقييم ما لم يتبين لها أنه كان تعسفياً أو كان يشكل إنكاراً للعدالة. وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن اللجنة الكندية لحقوق الإنسان قد نظرت في أساس ادعاءات صاحب البلاغ، ورأت بأن إنهاء عمل صاحب البلاغ لم يقم على أساس أي تمييز ضده، بل لعدم تمكنه من تحسين أدائه غير المرضي. وإضافة إلى ذلك، رأت اللجنة أن موظفين آخرين من موظفي تحصيل الضرائب قد عوملوا مثلما عومل صاحب البلاغ. ولأغراض المقبولية، لم يقم صاحب البلاغ بتقديم الأدلة التي تثبت أن هذه الاستنتاجات كانت تعسفية بشكل واضح أو أنها كانت تشكل إنكاراً للعدالة. وفي ضوء هذا الاستنتاج الذي توصلت إليه لجنة حقوق الإنسان، ترى اللجنة أنه لأغراض المقبولية، لم يقم صاحب البلاغ بتقديم الأدلة التي تثبت أن طرده كان ينطوي على انتهاكات لحقوقه بموجب المواد 14 و25(ج) و26 من العهد. وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- وبالتالي تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 1 و2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر في وقت لاحق باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

سين - البلاغ رقم 952/2000، بارون وبولمر ضد نيوزيلندا

القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون*

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد لويس هانكين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

المقدم من : السيدة م. ج. بارون والسيدة ك. د. بولمر

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبتا البلاغ

الدولة الطرف : نيوزيلندا

تاريخ البلاغ : 15 تشرين الأول/أكتوبر 1998 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 آذار/مارس 2001

تعتمد ما يلي:

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحبتا البلاغ هما السيدة كينيث دانيال بولمر، وهي مواطنة نيوزيلندية من مواليد سنة 1964، والسيدة ملفين جوزيف بارون، وهي مواطنة نيوزيلندية من مواليد عام 1955، و تدعيان أنهما ضحية انتهاك نيوزيلندا لحقوقهما المنصوص عليها في المواد 2 و14 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

الوقائع كما عرضتها صاحبتا البلاغ

2-1 صاحبتا البلاغ هما محاميتان تمارسان عملهما في نيوزيلندا في القضايا الجنائية، ومنها قضايا المساعدة القانونية.

2-2 وقامت صاحبتا البلاغ فيما يبدو بمباشرة دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في ويلينغتون بنيوزيلندا، في 4 آب/أغسطس 1997، مدعيتين بأن المسجل في محكمة منطقة ويلينغتون قد اتبع أسلوباً غير معقول وغير مشروع عندما أوكل مهمة المساعدة القانونية الجنائية إلى المحامين. غير أن صاحبتي البلاغ لم تقدما أي معلومات عن هذه الدعاوى القضائية.

2-3 وفي نيسان/أبريل 1998، تقدمت صاحبتا البلاغ بطلب إلى محكمة الاستئناف بتجريد القاضي نيزور وهو قاض في المحكمة العليا من صلاحية نظر قضيتهما لادعائهما مشاركة القاضي في وضع سياسة المساعدة القانونية وفي إدارتها. وفي رسالة بتاريخ 10 تموز/ يوليه 1998، موجهة الى مسجل محكمة الاستئناف النيوزيلندية، اعترض محامي صاحبتي البلاغ على مشاركة العديد من القضاة المدرجين على قائمة محكمة الاستئناف في جلسة المحاكمة نظراً لمشاركتهم في لجان ومجالس عدة. كما طالبوا، بعدة أمور منها، الحصول على بيانات من جميع القضاة الدائمين في محكمة الاستئناف بشأن مشاركتهم في اللجان المبينة في الرسالة، تنص على أن مخالفة أي محاكمة لأي شرط من الشروط المذكورة من شأنها أن تؤدي الى تقديم مطالبات بتعويضات كبيرة.

2-4 وفي 20 تموز/يوليه 1998، رفضت محكمة الاستئناف النيوزيلندية الطلب المقدم بتجريد القاضي نيزور من صلاحية البت في القضية على أساس أنها لا تتمتع بصلاحية البت في الطلب الأصلي.

2-5 وذكرت محكمة الاستئناف في حكمها أنها تحيل الحكم والرسالة التي وجهتها صاحبتا البلاغ إلى مسجل المحكمة إلى جمعية القانون في منطقة ويلينغتون. ورأت المحكمة أن صاحبتي البلاغ قد أساءتا استخدام إجراءات المحكمة، وأن رسالتهما للمسجل قد تفسر على أنها تهديد للقضاة ورفعت شكوى بالتالي إلى جمعية القانون في منطقة ويلينغتون ضد صاحبتي البلاغ. وفي رسالة مؤرخة 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1998، وجدت الجمعية أن الشكوى لها ما يبررها. وترى صاحبتا البلاغ أنه يجوز الطعن في قرار جمعية القانون في منطقة ويلينغتون أمام المحكمة العليا النيوزيلندية.

2-6 وفي 21 أيلول/سبتمبر 1998، رفضت محكمة الاستئناف النيوزيلندية الطلب المقدم من صاحبتي البلاغ بمنحهما إذن مشروط بالطعن أمام المجلس الملكي في القرار المؤرخ 20 أيلول/سبتمبر 1998 على أساس أن المحكمة لها صلاحية البت في منح هذا الإذن. وفي اليوم ذاته، رفضت محكمة الاستئناف النيوزيلندية الطلب الفرعي المقدم من صاحبتي البلاغ لكشف النقاب عن وقائع لم تكن معروفة في قضيتهما ضد القاضي نيزور بعد أن تبين لها أن صاحبتي البلاغ لم تمثلا أمام المحكمة. وذكرت صاحبتا البلاغ أنه يجوز لهما الطعن في القرارات أمام المجلس الملكي مباشرة. لكنهما اختارتا عدم تقديم طلب طعن مباشر أمام المجلس الملكي لأن أعضاء محكمة الاستئناف هم أيضاً أعضاء في المجلس الملكي. وترى صاحبتا البلاغ أنهم جميعاً منحازين ضدهما.

2-7 وتدعي صاحبتا البلاغ أنهما لم تلتمسا سبل الانتصاف القضائي المتوافرة فيما يتعلق بمطالبتهما بأن تسجلا كمحاميتين للمساعدة القانونية، وفيما يتعلق بشكواهما الأخيرة ضد قرار جمعية القانون في منطقة ويلينغتون وبمطالبتهما بالتعويض من الدولة في نهاية المطاف، لأن محاكم نيوزيلندا منحازة ضدهم.

الشكـوى

3- تدَّعي صاحبتا البلاغ أن حقوقهما المنصوص عليها في المواد 2 و14 و26 من العهد قد انتهكت نظراً لعدم توفير وسيلة انتصاف فعالة لهما لتجريد القاضي نيزور قاضي المحكمة العليا من صلاحية النظر في القضية والسماح لعدة قضاة تدَّعي صاحبتا البلاغ انحيازهم ضدهما بالمشاركة في محكمة الاستئناف. وإضافة إلى ذلك تدعي صاحبتا البلاغ أن العهد قد انتهك بحرمانهما من الوصول إلى محكمة مستقلة وحيادية لتقديم شكواهما بشأن تسجيلهما كمحاميتين للمساعدة القانونية، وشكواهما الأخيرة ضد قرار جمعية القانون في منطقة ويلينغتون ومطالبتهما بالتعويض من الدولة في نهاية المطاف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهـد.

4-2 وفحوى ادعاء صاحبتي البلاغ هو انحياز محاكم نيوزيلندا ضدهما. ولذلك لم تتمكنا من التماس سبل الانتصاف أمام المحاكم المحلية. وتعتقد اللجنة أن صاحبتي البلاغ لم تقدما الأدلة التي تثبت صحة هذا الادعاء. وفي ظل هذه الظروف، تعتقد اللجنة أن صاحبتي البلاغ لم تقدما المستندات اللازمة لأغراض المقبولية، وبالتالي فإن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختيــاري.

5- ولذلك، تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ، وإلى الدولة الطرف، للعلم.

[اعتُمد القرار باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. ويصدر في مرحلة لاحقة باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

عين - البلاغ رقم 963/2001، أوبيرغانغ ضد أستراليا

القرار المعتمد في 22 آذار/مارس 2001، الدورة الحادية والسبعون*

المقدم من : السيد كولن أوبيرغانغ

الشخص المدعي أنه ضحية : صاحب البلاغ

* شارك في فحص هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد نيسوكي أندو، والسيد برافولاتشاندرا ناتورال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه ، والسيد لويس هانكين، والسيد ديفيد كريتسمر، والسيد راجسومر لالاه، والسيدة سيسيليا مدينا كيروغا، والسيد رافائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيللا، والسيد ماكسويل يالدين.

الدولة الطرف : أستراليا

تاريخ البلاغ : 29 حزيران/يونيه 2000 (الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق ا لإ نسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص با لحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 22 آذار/مارس 2001

تعتمد ما يلي :

القرار المتعلق بالمقبولية

1- صاحب البلاغ مواطن أسترالي هو السيد كولن أوبيرغانغ، يقيم حالياً في بريسبين في ولاية كوينزلاند بأستراليا. ويدّعي أنه ضحية انتهاك أستراليا للفقرة 5 من المادة 9 وللفقرة 6 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويمثل صاحب البلاغ محام. ولقد صادقت الدولة الطرف على العهد فــي 13 تشرين الأول/أكتوبر 1966 وعلى البروتوكول الاختياري في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في الفترة الواقعة ما بين 8 آب/أغسطس و11 أيلول/سبتمبر 1997، مثل صاحب البلاغ أمام المحكمة المحلية في بريسبين بعد أن وجهت إليه ثلاث تهم تتعلق بادعاءات كاذبة، غير أن المحكمة أدانته بتهمة واحدة وبرأته من التهمتين الأخريين. وحكم عليه في 11 أيلول/ سبتمبر 1997 بالسجن لمدة سنتين.

2-2 ولقد استأنف صاحب البلاغ الحكم الصادر بحقه أمام محكمة الاستئناف في كوينزلاند. وفي 27 شباط/فبراير 1998 وافقت محكمة الاستئناف بالإجماع على استئنافه، وألغت الحكم الصادر ضده وقضت ببراءته. وبناء عليه أُطلق سراح السيد أوبيرغانغ من السجن في وقت لاحق من اليوم ذاته.

2-3 ووجه صاحب البلاغ في 10 شباط/فبراير 1999 و20 أيار/مايو 1999 رسالتين إلى النائب العام لولاية كوينزلاند التمس فيها التعويض عن الخطأ القضائي الذي أدى، حسب ادعائه، إلى سجنه خطأً لمدة خمسة أشهر ونصف (ابتداء من تاريخ صدور الحكم بإدانته من محكمة الموضوع وحتى قبول الاستئناف الذي تقدم به). وفي 17 شباط/فبراير، أبلغ المستشار لمكتب النائب العام السيد أوبيرغانغ بأن النائب العام رفض دفع تعويض إلى الضحية لأنه "لم يتبين وجود أي ظروف استثنائية يمكن أن تبرر دفع تعويض على سبيل الهبة". وفي 5 حزيران/يونيه 2000، أرسل محامي صاحب البلاغ خطاباً إلى المدعي العام طالب فيه بالتعويض، إلا أنه تلقى الرد السلبي ذاته. وكان صاحب البلاغ قد ادعى عندما طلب التعويض من النائب العام بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية وفقاً لفحوى المادة 2 والفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

الشكـوى

3-1 يقول المحامي إن رفض ولاية كوينزلاند منح تعويض للسيد أوبيرغانغ عن فترة سجنه خطأً يشكل انتهاكاً من جانب أستراليا للفقرة 5 من المادة 9 وللفقرة 6 من المادة 14 من العهد.

3-2 ويدفع المحامي بأن رفض مكتب المدعي العام منح التعويض لعدم وجود "ظروف استثنائية" يعتبر انتهاكاً للفقرة 6 من المادة 14 لأن هذا المعيار لم يرد ضمن شروط هذه المادة من العهد.

3-3 ويؤكد المحامي أن عناصر الفقرة 6 من المادة 14 هي التالية: أن هناك حكماً نهائياً قد صدر وأن صاحب الشكوى قد أدين بارتكاب جريمة؛ ثم أُبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي؛ ولم يثبت أن صاحب الشكوى يتحمل، كلياً أو جزئياً، المسؤولية عن عدم كشف الواقعة المجهولة.

3-4 ويؤكد المحامي أن جميع العناصر الواردة في الفقرة 6 من المادة 14 قد توافرت. ويعترض على حجة النائب العام أن هذه المادة لا تنطبق سوى على "الحالات التي يخفق فيها المدان في ممارسة جميع حقوقه المتعلقة بالاستئناف، مع ما يؤدي إليه ذلك من تأكيد الحكم بالإدانة في الأحكام النهائية للمحاكم". ويحتج المحامي بأن رأياً من هذا القبيل من شأنه أن يقصر تطبيق العهد على الحالات التي مُنح فيها العفو، ويعتقد أن المقصود صراحة هو تطبيق أحكام هذه المادة على الحالات المتعلقة بنقض الحكم بالإضافة إلى حالات العفو.

3-5 ولم يقـدم المحامي أي دفوع بصدد انتهاك الفقرة 5 من المادة 9 باستثناء القول بأن هذه المادة قد انتُهكت.

القرار المتعلق بالمقبولية

4-1 يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، وطبقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البـلاغ مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

4-2 وفيما يتعلق بمطالبة صاحب البلاغ بالتعويض بموجب الفقرة 6 من المادة 14، تلاحظ اللجنة أن شروط تطبيق هذه المادة هي:

(أ) صدور حكم نهائي يدين شخص ما بارتكاب جريمة؛

(ب) وإنزال العقاب به نتيجة لتلك الإدانة؛

(ج) ثم إبطال هذا الحكم أو صدور عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي.

4-3 وتلاحظ اللجنة أن الحكم بإدانة صاحب البلاغ الذي أصدرته المحكمة المحلية في 11 أيلول/سبتمبر 1997 قد ألغته محكمة الاستئناف في 27 شباط/فبراير 1998. ولذلك، تعتقد اللجنة أن الحكم على صاحب البلاغ لم يكن حكماً نهائياً بالمعنى المقصود في الفقرة 6 من المادة 14 وأن هذه الفقرة لا تنطبق على وقائع الدعوى المعروضة حالياً. وبالتالي ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول من حيث الموضوع بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-4 أما فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بانتهاك الفقرة 5 من المادة 9، فتلاحظ اللجنة أنه بعد أن أصدرت المحكمة حكمها بالإدانة، أودع صاحب البلاغ في السجن استناداً إلى الحكم الذي أصدرته هذه المحكمة. غير أن حكم محكمة الاستئناف بعد ذلك ببراءة صاحب البلاغ، لا يعني في حد ذاته أن سجنه بناء على أمر المحكمة كان غير مشروع. ولم يقدم المحامي أي حجج أخرى تُثبت صحة الادعاء بموجب الفقرة 5 من المادة 9. وبالتالي، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5- ولذلك تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول؛

(ب) أن يرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتُمد ب اللغات الإسبانية و ا لإ نكليزية والفرنسية، علماً بأن النص ا لإ نكليزي هو النص الأصلي . ويصدر بعد ذلك أيضاً باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا ال تقرير.[

فاء - البلاغ رقم 991/2001، السيد نيريمبرغ ضد ألمانيا

القرار المعتمد في 27 تموز/يوليه 2001، الدورة الثانية والسبعون*

المقدم من : السيدة هينا نيريمبرغ وآخرون

(يمثلهم محام هو السيد ادوارد كوسوي)

الشخص المدعي أنه ضحية : أصحاب البلاغ

* شارك في دراسة هذا البلاغ أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم: السيد عبد الفتاح عمر، والسيد برافولاتشاندرا ناتوارلال باغواتي، والسيدة كريستين شانيه، والسيد موريس غليلي أهانهانزو، والسيد رفائيل ريفاس بوسادا، والسير نايجل رودلي، والسيد مارتن شاينين، والسيد إيفان شيرير، والسيد هيبوليتو سولاري يريغوين، والسيد أحمد توفيق خليل، والسيد باتريك فيلا، والسيد ماكسويل يالدين.

الدولة الطرف : ألمانيا

تاريخ البلاغ : 30 تشرين الأول/أكتوبر 1999

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 27 تموز/يوليه 2001

تعتمد ما يلي :

وبموجب المادة 85 من النظام الداخلي للجنة لم يشترك السيد إيكارت كلاين في بحث الحالة.

القرار المتعلق بالمقبولية

1- أصحاب البلاغ هم: السيدة هينا نيريمبرغ وعشرة أشخاص آخرين يقيمون حالياً في إسرائيل وفرنسا وكندا. ويدعون أنهم ضحايا انتهاك ألمانيا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويمثلهم محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لألمانيا بتاريخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993. وقد أبدت ألمانيا تحفظات بصدد السريان الزمني وكذلك فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

الوقائع كما عرضت بالنيابة عن أصحاب البلاغ:

2-1 أصحاب البلاغ هم الورثة وأصحاب الحق في ملكية مدبغة جلود توجد في مدينة رادوم (بولندا). فبعد الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية بوقت وجيز صودرت المنشأة لكونها مملوكة لعناصر يهودية ومنذ ذلك الحين سيطرت عليها السلطات الإدارية التي أنشأها الرايخ الألماني في بولندا. وخلال هذه الفترة نقلت في مناسبات مختلفة كميات كبيرة من الجلود المنتجة في المدبغة إلى هانوفر (ألمانيا). وعلاوة على ذلك صودرت ممتلكات أخرى لأسلاف أصحاب البلاغ أو جرى الاستيلاء عليها.

2-2 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1958 طالب أصحاب البلاغ و/أو أقارب آخرون بالتعويض عن الجلود التي نقلت إلى هانوفر وكذلك الممتلكات الأخرى التي جرى مصادرتها أو الاستيلاء عليها على النحو المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة من القانون الاتحادي الخاص برد الحق ("Bundesrückerstattungsgesetz"). ومنذ عام 1962 ظلت الدعوى معلقة في محكمة برلين المحلية ("Landgericht"). وفي عام 1971 اتفق أصحاب البلاغ على تسوية ودية فيما يتعلق بجزء واحد من المطالبة. أما الجزء الآخر من المطالبة فقد استمرت الإجراءات القانونية بصدده.

2-3 وفي أحكام جزئية منفصلة صدرت في عامي 1983 و1987 قررت محكمة هانوفر المحلية منح تعويض لأصحاب البلاغ عن ممتلكات مصادرة أخرى فيما يخص المدبغة بينما استمرت الإجراءات. وفي عام 1992 أسند البعض من أصحاب البلاغ دعواهم إلى شركة للائتمان التجاري محتفظين بحقهم في المطالبة بتعويض عن الضرر الناتج عن تأخر الإجراءات. وفي عام 1993 وبعد أن ثبتت وقائع أخرى قررت المحكمة المحلية منح أصحاب البلاغ تعويضاً عن الخسائر المادية. ورفض الطعن في الأحكام الجزئية التي أصدرتها ألمانيا لعدم وجود أدلة في محكمة الدرجة الثانية والدرجة الثالثة. ورفضت دعاوى طعن أخرى في الأمر الصادر بالمصاريف. وفي ذلك الوقت كان المجموع الكلي للتعويض الذي قررت المحكمة منحه يبلغ بضعة ملايين من الماركات الألمانية.

2-4 وفي عام 1995 اتفق أصحاب البلاغ على تسوية ودية فيما يتعلق بكافة مطالبات التعويض المتبقية مقابل دفع مبلغ قدره 000 000 1 مارك ألماني.

2-5 وفي عام 1996 طالب أصحاب البلاغ أمام محكمة هانوفر المحلية بتعويض عن طول مدة الإجراءات المتعلقة بمطالباتهم بالتعويض.

2-6 ورفضت المحكمة الدعوى محتجة بأن القانون الاتحادي الخاص برد الحق لا ينص على مطالبات بالتعويض بخلاف المطالبات المذكورة في هذا القانون. وفي عام 1998 رفضت المحكمة الاتحادية ("Bundesgerichtshof") الطعن الذي قدمه أصحاب البلاغ في هذا القرار.

2-7 ثم لجأ أصحاب البلاغ إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان وقدموا شكوى من التأخر في الإجراءات. وفي عام 1998 أعلنت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الطلب المقدم من أصحاب البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المتاحة بموجب القانون الألماني أي أن أصحاب البلاغ لم يرفعوا دعوى المسؤولية الرسمية ("Amtshaftungsklage") ولم يقدموا شكوى دستورية ("Verfassungsbeschwerde") أمام المحكمة الدستورية الاتحادية ("Bundesverfassungsgericht").

القرار المتعلق بعدم المقبولية

4-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وفقاً للمادة 87 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري المرفق بالعهد.

4-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف عند التصديق على البروتوكول الاختياري والاعتراف باختصاص اللجنة بتلقي وفحص البلاغات المقدمة من أفراد رهناً باختصاصها قد أبدت التحفظ التالي فيما يتعلق بالفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري:

“ لا ينطبق اختصاص اللجنة على البلاغات

(أ) التي سبق النظر فيها بموجب إجراء آخر يتعلق بالتحقيق الدولي أو التسوية الدولية ” .

وفضلاً عن ذلك أبدت الدولة الطرف تحفظاً يتعلق بالسريان الزماني مستبعدة اختصاص اللجنة في أي دعوى:

“ يعود أصلها إلى وقائع حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ فيما يخص جمهورية ألمانيا الاتحادية ” .

4-3 وتلاحظ اللجنة أن ادعاء أصحاب البلاغ بوجود تأخير لا مبرر له، يعد انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 بالعهد، يتعلق أساساً بإجراءات قانونية كانت معلقة قبل 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 وهو تاريخ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف وأنه ليس هناك أي جزء من المطالبة يتصل بوقائع حدثت بعد عام 1995.

4-4 وعلاوة على ذلك تلاحظ اللجنة أن أصحاب البـلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف المتاحة، بما في ذلك رفع دعوى المسؤولية الرسمية ("Amtshaftungsklage") أو الشكوى الدستورية ("Verfassungsbeschwerde"). وبالتالي فقد أعلنت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان عدم قبول شكواهم نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة وهو شرط من شروط القبول يرد أيضاً في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5- لذلك تقرر اللجنة:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المواد 1 و2 و3 وكذلك الفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يرسل هذا القرار إلى صاحب البلاغ وإلى الدولة الطرف للعلم.

[اعتمد القرار باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي، ويصدر في مرحلة لاحقة باللغات الروسية والصينية والعربية كجزء من هذا التقرير.]

281101 281101 01-60302 (A)

*0160302*