الجزائر
[17 كانون الأول/ديسمبر 2003]
المحتويات
الفق ـ ـرات الصفحة
مقدمة 1-2 2
أولاً - الهيكل السياسي العام 3-9 2
ثانياً - الإطار القانوني العام لحماية حقوق الإنسان 10-32 4
ألف - آليات حقوق الإنسان 10-30 4
باء - المعاهدات الدولية والنظام الداخلي 31-32 7
ثالثاً - الإعلام والأشهار 33-38 7
مقدمة
1- انكبت الجزائر، منذ استرجاع استقلالها عام 1962، على إقامة دولة أساسها المشاركة الشعبية ومبدؤها احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولقد رسخت الدساتير المختلفة للجزائر المستقلة المبادئ العالمية في هذا المجال. غير أن انفتاح الجزائر على التعددية الحزبية عام 1989 هو ما جعلها تسرع في عملية الانضمام إلى الصكوك القانونية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ومنذ ذلك الحين وعلاقاتها محكومة بموجب هذه الالتزامات الدولية.
2- وفيما يلي بيانات بشأن أرض الجزائر وسكانها.
المساحة: 000 380 2 كيلومتر مربع؛ السكان: 31 مليون و40 ألف نسمة حتى 1 كانون الثاني/يناير 2002، منها 946 334 15 من النساء. ويعد حجم السكان ثلاثة أضعاف عددهم عند استقلال الجزائر. نصيب الفرد من الدخل: 630 1 دولار من دولارات الولايات المتحدة (2001)؛ الدين الخارجي: 22.571 بليون دولار من دولارات الولايات المتحدة (2001)؛ نسبة البطالة: 28.9 في المائة؛ اللغة الرسمية: العربية؛ اللغات الوطنية: العربية والأمازيغية؛ الدين: الإسلام؛ متوسط العمر في المجموع: 71.5 سنة، منه متوسط عمر الرجال: 70.03 سنة ومتوسط النساء: 72.8 سنة؛ معدل وفيات المواليد عام 2000 من الذكور: 54.2 في الألف، ومن الإناث: 47.8 في الألف، المعدل الإجمالي: 51.1 في الألف؛ معدل وفيات الأمهات: 117 حالة وفاة أم مقابل000 100 ولادة؛ مؤشر الخصوبة: 2.54 (2000)؛ نسبة الأطفال دون 5 سنوات: 32 في المائة (2000)؛ نسبة الشباب ما بين 15 و24 سنة: 23 في المائة، ونسبة الكبار ما بين 25 و59 سنة: 38 في المائة، ونسبة كبار السن من 60 سنة فما فوق: 7 في المائة؛ عدد سكان الأرياف: 686 943 12 نسمة، أي بنسبة 41.7 في المائة؛ عدد سكان المناطق الحضرية 326 096 18 أي بنسبة 58 في المائة.
أولاً - الهيكل السياسي العام
3- عند الاستقلال، وجدت الجزائر نفسها تواجه تحديات متعددة منها عودة اللاجئين، وتقديم الرعاية الاجتماعية والمعنوية لذوي الحقوق من ضحايا حرب التحرير الوطنية، وإعادة بناء الوطن بكل أبعاده، ووضع هياكل للدولة. وكان على أمة يافعة أن تواجه هذه الرهانات بمؤسسات وجب التخطيط لها ووضعها والسهر على فعاليتها في تلك الفترة. ومكنت هذه الجهود المبذولة في مجال الإصلاح من كفالة الدراسة الإلزامية للجميع، ومجانية الحصول على الرعاية الطبية ووضع سياسة لإتاحة العمل للجميع.
4- واعتباراً من 1988، تعيَّن على الجزائر أن تعزز سيادة القانون وأن تمر بمرحلة انتقالية ذات بعدين (إضفاء الديمقراطية على السياسية وتحرير الاقتصاد). وكما هو الشأن في أي مكان آخر لم تمر عملية التطور هذه بدون صعوبات. فقد اصطدم بناء دولة حديثة ديمقراطية في عملها وشفافة في تدبير شؤونها العامة بقوة داخلية جاذبة مرتبطة بثقافة الحزب الوحيد وبالضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
5- وبعد عملية طويلة من الحوار مع جميع الأحزاب السياسية التي تحترم الدستور وقوانين الجمهورية أدت الإصلاحات السياسية التي أجرتها السلطات العامة منذ ذلك التاريخ إلى وضع مؤسسات منتخبة بالاقتراع العام. وجاء اعتماد الدستور المنقح عبر الاستفتاء في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 ليزيد من ترسيخ الحريات والتعددية السياسية والفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية.
6- وإلى جانب الدستور، ثمة ثلاثة نصوص أساسية تعزز اليوم إضفاء الديمقراطية على النشاط العام في الجزائر:
(أ) قانون الأحزاب السياسية، الذي اعتمد عام 1989 ثم عُدل في 1997، وقد أتاح للساحة السياسة أن تشهد مجيء أزيد من 60 تشكيلة سياسية. ومكنت عملية التصفية التي تلت ذلك من عملية إعادة تشكيل أدت إلى وجود 28 حزباً اليوم؛
(ب) قانون الجمعيات، الذي سُن عام 1988 وعُدل في 1990 وينص على إمكانية تأسيس الجمعيات بمجرد تصريح مؤسسيها بها، إما لدى الولاية، وإما لدى وزارة الداخلية (إن كان للجمعية طابع وطني). واليوم ينشط في الجزائر حوالي 000 50 جمعية؛ وينادي بعضها، مثل جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيرها، بالاعتراف بها جمعيةً ذات منفعة عامة؛
(ج) قانون الإعلام، الذي اعتمد عام 1990، وقد فسح المجال لميلاد صحافة مستقلة أو حزبية إلى جانب صحافة الدوائر العمومية.
7- وجرت الانتخابات التعددية الأولى لرئاسة الجمهورية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995. وتلتها انتخابات رئاسية سابقة لأوانها جرت في 15 نيسان/أبريل 1999. ولا تُجدد ولاية الرئيس إلا مرة واحدة. ويمارس الرئيس السلطة العليا في الحدود التي رسمها الدستور ويعين رئيس الحكومة. ويحدد هذا الأخير برنامجه ويعرضه على المجلس الشعبي الوطني للموافقة عليه.
8- ويمارس البرلمان السلطة التشريعية، ويتألف من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. ويراقب البرلمان عمل الحكومة ويصوت على القوانين. ويضم المجلس الشعبي الوطني حالياً 389 نائباً (منهم 24 امرأة) عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في 15 أيار/مايو 2002. ويشمل المجلس تسع تشكيلات سياسية و30 عضوا مستقلا. وأثناء الولاية التشريعية السابقة، المنبثقة من انتخابات 5 حزيران/يونيه 1997، كان هذا المجلس يضم 380 نائباً. وكان يتألف من عشرة أحزاب سياسية و11 عضواً مستقلا. أما مجلس الأمة الذي أنشئ في كانون الأول/ديسمبر 1997، فيتكون من 144 مقعداً. ويُنتخَب ثلثا مجلس الأمة من لدن هيئة أعضاء المجالس الشعبية الجماعية والإقليمية بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي المكون من 48 عضواً.
9- وينص الدستور في مادته 138 على استقلالية السلطة القضائية.
ثانياً - الإطار القانوني العام لحماية حقوق الإنسان
ألف - آليات حقوق الإنسان
10- يوجد في الجزائر، اليوم، الجزء الأساسي لأجهزة الإنذار والمراقبة في مجال حقوق الإنسان. وتشمل هذه الأجهزة الحقوق الفردية والمدنية والسياسية كما تشمل الحقوق الجماعية والاقتصادية والثقافية. وتصنَّف هذه الأجهزة ضمن أربعة فئات كبرى من الآليات التي تعمل بشكل متلازم.
1- الآليات السياسية
11- وتتمحور حول البرلمان الذي يشكل بشقيه -المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة- تعبيراً رسمياً عن البعد الديمقراطي للدولة الجزائرية ومنتدى ملائما للتعبير عن مشاغل المواطنين في جو من الحرية والتعددية. وتحظى مسائل حقوق الإنسان بمكانة هامة في النقاشات الدائرة وتتناولها اللجان الدائمة التي تنشئها الغرفتان لهذا الغرض.
12- وينظر القانون إلى الأحزاب السياسية على أنها عنصر ضمن آليات تعزيز حقوق الإنسان. فقانون 8 تموز/يوليه 1989، الذي عُدل في آذار/مارس 1997، المتعلق بالأحزاب السياسية ينص في الواقع على أن تذكر الأحزاب السياسية بشكل صريح في أنظمتها الأساسية وبرامجها أن من بين أهدافها ضمان الحقوق الفردية والحريات الأساسية. وتنص المادة 3 من هذا القانون على ما يلي:
"يجب على كل حزب سياسي أن يمتثل في ممارسة جميع أنشطته المبادئ والأهداف الآتية:
- احترام الحريات الفردية والجماعية واحترام حقوق الإنسان؛
- التمسك بالديمقراطية في إطار احترام القيم الوطنية؛
- تبني التعددية السياسية؛
- احترام الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة.".
2- الآليات القضائية
13- وضعت الدولة الجزائرية آليات قضائية لكي تكفل حقوق المواطن من جهة وتضمن للعدالة استقلالية اتخاذ القرار من جهة أخرى. ولهذا الغرض، يتكون النظام القضائي في الجزائـر مما يلـي: (أ) المحكمة وهي على مستوى الدائرة؛ و(ب) المجلس وهو على مستوى الولاية؛ و(ج) المحكمة العليا وهي على المستوى الوطني.
14- ونص الدستور من جهة أخرى في المادة 152 منه على إنشاء مجلس للدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية، وقد أنشئ هذا المجلس في 17 حزيران/يونيه 1998. ويتألف من 44 عضواً.
15- وختاماً، اعتمد البرلمان القانون المتعلق بمحكمة النزاعات التي تختص في الفصل في تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا ومجلس الدولة، وقد نصت المادة 152 من الدستور على إنشاء هذه المحكمة.
3- حرية الصحافة
16- يعد الحق في الإعلام والحق في حرية الصحافة في نظر القانون بمثابة آلية أساسية لمراقبة حقوق الأفراد وحمايتها. وفي هذا الصدد، جعلت الصحافة بما شهدته من تطور ملحوظ في الجزائر من هذين الحقين دعامة حقيقية في حماية حقوق الإنسان بشكل جماعي. ويوجد حاليا 32 عنواناً لصحف يومية (كانت 25 عنوانا عند تقديم التقرير السابق)، منها ست صحف في ملكية القطاع العام التابع للدولة (كانت 8 صحف عند تقديم التقرير السابق) و26 صحيفة تابعة للقطاع الخاص أو الحزبي (كانت 17 صحيفة وقت إعداد التقرير السابق). ويبلغ متوسط النسخ المطبوعة 1.5 مليون نسخة يومياً. أما فيما يتعلق بالمجلات الأسبوعية، فهناك 43 عنواناً يبلغ متوسط النسخ المطبوعة منها 1.4 مليون نسخة أسبوعياً. وختاماً، ثمة 20 عنواناً من المطبوعـات الأخرى الدورية أو نصف الشهرية أو الشهرية تبلغ نسخها المطبوعة عموماً 000 300 نسخة شهرياً. ويقدر جمهور القراء بحوالي 9 ملايين قارئ أسبوعياً.
17- وخلافاً لما ورد في بعض وسائط الإعلام، لم يحدث أن أدين أي صحفي جزائري بجنحة رأي. وتتعلق الحالات الوحيدة المسجلة بقضايا متابعة بتهمة القذف أو نشر أخبار كاذبة. وأخيراً، يرجع السبب في عدم صدور بعض عناوين الصحافة الوطنية إلى نشوب نزاعات تجارية مع مؤسسات الطبع أو إلى وقوع حالات إفلاس كما هو الشأن في جهات أخرى.
18- وتعد الصحافة في الجزائر، حسب رأي منظمات دولية بذاتها، من أكثر الصحف حرية في العالم النامي. ويعد الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي تعد الجزائر عضوا في مجلسه التنفيذي، جهازاً معتمداً في الجزائر؛ ويوجد مكتب الاتحاد لشمال أفريقيا في الجزائر العاصمة.
19- ومنذ استكمال عملية وضع المؤسسات حيث تزودت الجزائر بكل الوسائل القانونية المرتبطة بالعمل الديمقراطي تحت سيادة القانون، لم تُتابع أي جهة صحفية أمام العدالة، وإن كانت هناك حالات "للقذف والسب بصورة متكررة" تورطت فيها بعض الصحف وتشكل مبررا وافيا للجوء إلى العدالة للحصول على تعويض. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى رفع القيود التي فُرضت في وقت سابق في مجال معالجة المعلومات الأمنية.
20- ومن جهة أخرى، يعتمد الصحفيون بانتظام في الجزائر. ويُنظر في هذا الاعتماد في إطار آلية محددة لإتاحة مزيد من المرونة والسرعة في تلبية الطلبات. وإثباتاً لسهولة دخول الصحفيين الأجانب إلى الجزائر، أقام بها 200 1 صحفي عام 1997 و626 صحفيا في 1998، و839 في 1999، و706 صحفيين في 2000، و654 صحفيا في 2001، و593 صحفياً حتى 30 أيلول/سبتمبر 2002.
21- ولم تحل الكتابات السلبية والمتحيزة أحيانا لبعض هؤلاء الصحفيين دون إقامتهم بالجزائر عدة مرات.
4- آليات الجمعيات والنقابات
22- شهدت حركة الجمعيات ازدهاراً كبيراً منذ 1988. ويوجد على الصعيد الوطني حاليا قرابة 000 50 جمعية تنشط في ميادين متنوعة. وقد خصص الدستور الجزائري مكانة هامة لحرية إنشاء الجمعيات من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان. فالمادة 32 من الدستور تضمن الدفاع عن هذه الحقوق فردياً أو جماعياً بينما تحدد المادة 41 منه نطاق تطبيق هذه الحرية وهي: حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع. وبطبيعة الحال يمتد نطاق حرية إنشاء الجمعيات ليشمل الميدان السياسي، غير أن هذه الحرية تجسدت أيضا في حماية بعض الحقوق المصنفة ضمن فئات، مثل حقوق المرأة، والطفل، والمرضى، والمعوقين، والمستهلكين ومستعملي الخدمات العامة. وتشجع السلطات العمومية عمل الجمعيات بتقديم إعانات وتسهيلات شتى.
23- ولمعظم الجمعيات اليوم وضع قانوني، ومقر ونشاط يمكنونها من الاندماج في شبكات الجمعيات الدولية. وقد تميزت بنشاطها الجمعيات المهتمة بتعزيز حقوق المرأة، والتعليم ومكافحة الأمية.
24- أما الحرية النقابية فقد أكدها الدستور من جديد ونُظمت في إطار قانون 21 كانون الأول/ديسمبر 1991. وترد معلومات مفصلة بقدر أكبر في الجزء الثاني من هذا التقرير (بموجب المادة 8).
5- آليات أخرى للدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها
25- في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2001 أشرف رئيس الجمهورية على الانطلاقة الرسمية للجنة الوطنية الاستشارية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها التي تتألف من 45 عضوا منهم 13 امرأة. ويقوم تكوينها وتعيين الأعضاء فيها على أساس التعددية الاجتماعية والمؤسسية.
26- وتعد هذه اللجنة التي أنشئت بموجب المرسوم الرئاسي رقم 01-71 الصادر بتاريخ 25 آذار/مارس 2001 "مؤسسة مستقلة، تابعة لرئيس الجمهورية، وضامنة للدستور والحقوق الأساسية للمواطنين والحريات العامة".
27- وتعد هذه اللجنة أيضا جهازا ذا طابع استشاري للمراقبة والإنذار المبكر والتقييم فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.
28- وتُعنى اللجنة بالنظر في حالات انتهاك حقوق الإنسان التي تشاهدها أو تُحاط علماً بها وباتخاذ أي إجراء ملائم في هذا المجال. وتتمثل مهمتها أيضا في القيام بأي عمل للتوعية والإعلام والاتصال الاجتماعي من أجل تعزيز حقوق الإنسان، والتشجيع على البحث والتثقيف والتعليم في هذا المجال وعلى إبداء آراء بشأن التشريعات الوطنية بهدف تحسينها. وتعد اللجنة إضافة إلى ذلك تقريراً سنوياً عن حالة حقوق الإنسان تعرضه على رئيس الجمهورية.
29- وجاءت هذه المؤسسة الجديدة لتحل محل مرصد حقوق الإنسان، الذي حُل بموجب المرسوم الرئاسي المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية الاستشارية المذكورة أعلاه.
30- وحرصاً على جعل هذه المؤسسة الجديدة مطابقة لمبادئ باريس، عُدل المرسوم رقم 01-71 الصادر بتاريخ 25 آذار/مارس 2001 بموجب المرسوم رقم 02-297 الصادر بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2002.
باء - المعاهدات الدولية والنظام الداخلي
31- تعلو الالتزامات الدولية للجزائر على القانون الوطني. فقد أكد المجلس الدستوري في قراره الصادر بتاريخ 20 آب/أغسطس 1989 المبدأ الدستوري الذي ينص على أن المعاهدات الدولية المصدق عليها تعلو على القانون الداخلي. وينص هذا القرار حرفياً على "أن أي اتفاقية تصبح بعد التصديق عليها وفورَ نشرها جزءاً من القانون الوطني وتكتسب وفقا للمادة 132 من الدستور سلطة أعلى من سلطة هذا القانون، وتسمح لأي مواطن جزائري بالاحتجاج بها لدى الجهات القضائية". لذا فإن لجوء الأفراد إلى آليات الحماية التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو لجنة مناهضة التعذيب أمر جائز فور استنفاد سبل الانتصاف الداخلية المتاحة.
32- وتولي السلطات الجزائرية واللجنة الوطنية الاستشارية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والجمعيات بالإضافة إلى وسائط الإعلام اهتماما كبيراً بهذه الإمكانيات المتاحة للطعن أمام الآليات الدولية. غير أنه في الممارسة، يبدو أن المواطنين الجزائريين ومحاميهم راضون عن عدد سبل الطعن الداخلية الموجودة (المحاكم واللجنة الوطنية الاستشارية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها).
ثالثاً - الإعلام والإشهار
33- حظي تصديق الجزائر على الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بحملة إشهار واسعة عبر وسائط الإعلام الوطنية لدى عرضها على المجلس الوطني من أجل النظر في هذه الصكوك واعتمادها. وبالتالي فقد نُشرت جميع النصوص التي صُدق عليها في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية.
34- وبالإضافة إلى الملتقيات والحلقات الدراسية التي تعقد بانتظام بشأن موضوع حقوق الإنسان، يشكل الاحتفال السنوي بيوم حقوق الإنسان، في 10 كانون الأول/ديسمبر، مناسبة متجددة أيضا للتعريف بمختلف الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي التزمت بها الجزائر. ومن جهة أخرى يشكل يوما 8 آذار/مارس و1 حزيران/يونيه مناسبتين منتظمتين للتشديد من جديد على دور المرأة والطفل في المجتمع.
35- وفي الجامعة، حيث كان يدرس مقرر "الحريات الأساسية" في كليات الحقوق، أعيد هذا المقرر بعد تضمينه آخر المستجدات المتعلقة بالتطورات الدولية وعمليات الانضمام الجديدة إلى الصكوك الدولية. وقد شرعت بعض الجامعات (مثل جامعات وهران وتيزي وزو وعنابة) بالفعل في وضع مناهج محددة. وتُدرس مادة حقوق الإنسان لطلبة المعهد الوطني للقضاء، وفي المدرسة العليا للشرطة والمدرسة الوطنية لإدارة السجون.
36- وأحدث كرسي لليونسكو بشأن حقوق الإنسان في جامعة وهران. ويرمي هذا الهيكل التربوي الذي افتتح في كانون الأول/ديسمبر 1995 إلى وضع وتعزيز نظام متكامل للبحث والتدريب والإعلام والتوثيق بشأن حقوق الإنسان. ويستعد هذا الهيكل بشكل خاص إلى إحداث دبلوم ماجستير متخصص في "حقوق الإنسان". وتعقد بانتظام أيام دراسية بشأن حقوق الإنسان والقانون الإنساني وتُنشر الأعمال المتعلقة بهذه الأيام. ويقوم المرصد الوطني لحقوق الإنسان من جهته بتبسيط مبادئ حقوق الإنسان الواردة في التشريعات الوطنية والصكوك الدولية التي انضمت الجزائر إليها. ويقوم هذا الجهاز في عملية تبسيطه لهذه المبادئ بنشر المجلات وتنظيم الحلقات الدراسية والمعارض والأيام الدراسية ورعايتها إلى جانب حركة الجمعيات.
37- ومنذ بداية العقد، تعيش الجزائر فترة انتقال ذات بعدين. فهي فترة انتقال إلى التعددية الديمقراطية وإلى اقتصاد السوق. غير أن هذه العملية المعقدة مصحوبة ببعض الصعوبات التي ترجع أساساً إلى حالة الاقتصاد الوطني وإلى السياق الاقتصادي الدولي غير المواتي. وقد شكلت هذه الصعوبات أرضية خصبة للاحتجاج حاولت بعض القوى استغلالها لمعارضة عملية التغيير التي يشهدها البلد، بوسائل منها اللجوء إلى الأعمال الإرهابية.
38- فلمواجهة هذه الحالة قررت السلطات العمومية في الجزائر إعلان حالة الطوارئ في شباط/فبراير 1992. وإن كانت هذه الحالة قد حدت بعض الشيء من ممارسة الحريات العامة، فإنها لم تعلق التزامات الدولة فيما يتعلق بضمان ممارسة الحريات الأساسية للمواطن التي ينص عليها النظام الدستوري الداخلي والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الجزائر. ومن جهة أخرى، كانت عملية الحفاظ على النظام العام والدفاع عن الأشخاص وحماية الممتلكات التي يهددها الإرهاب تتم دائما في إطار القانون واحترام الالتزامات الناشئة من مختلف الصكوك الدولية. ويرمي هذا العمل إلى تعزيز سيادة القانون وتهيئة الظروف التي مكنت من إضفاء الشرعية على المؤسسات من خلال العودة إلى الاقتراع العام الحر والتعددي والديمقراطي بشكل حقيقي الذي شهدته الجزائر خلال الانتخابات التي جرت في 1995 و1996 و1997 و1999 و2002.
ـ ـ ـ ـ ـ