وثيقة أساسية تشكل جزءاً من تقارير الدول الأطراف

سان مارينو

[22 نيسان/أبريل 2002]

المحتويات

الفق ـ ـرات الصفحة

أولاً- الأرض والشعب 1-10 3

ثانياً- الهيكل السياسي العام 11-31 4

ألف- السيادة 11-18 4

باء- الرئيسان الحاكمان 19 5

جيم- المجلس النيابي الأعلى والعام 20-26 6

دال- مجلس الوزراء 27-30 7

هاء- السلطة القضائية 31 7

ثالثاً - الإطار القانوني العام لحماية حقوق الإنسان 32-161 7

ألف- النظام القضائي 32-49 7

باء- سبل الانتصاف فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان 50-99 12

جيم- نظام مصادر القانون 100-155 28

دال- إدماج القواعد الواردة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان فــي

التشريعات المحلية 156-161 43

قائمة المرفقات

أولاً - الأرض والشعب

1- تقع جمهورية سان مارينو جغرافيا في وسط إيطاليا بين مقاطعتي ريميني (أيميليا - رومانا) وبازارو (ماركي). ويغطي إقليمها مساحة تبلغ 61.19 كيلومتراً مربعاً تقع على منحدرات جبل تيتانو ويبلغ محيطها 39.03 كيلومتراً.

2- وينقسم إقليمها من الناحية الإدارية إلى 9 بلديات ( كاستيللي ) هي: أكوافيفا وبورغو مادجيوري وكيزانووفا وتشيتا دي سان مارينو (العاصمة) ودُمَنيانو وفيتانو وفيورينتينو ومونتيدجياردينو وسيرافالي.

3- وحسب تعداد عام 2000، يبلغ عدد سكانها 941 26 نسمة. أما الكثافة السكانية فيها فتبلغ زهاء 440 نسمة لكل كيلومتر مربع. ويقيم فيها ما يزيد على 000 4 أجنبي من مواطني بلدان أخرى أغلبهم من الإيطاليين. ويعيش قرابة 000 13 شخص من مواطني سان مارينو في الخارج؛ وتوجد أكبر جاليات سان مارينو في المناطق الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والأرجنتين وبالطبع في إيطاليا.

4- وأغلبية السكان من الروم الكاثوليك.

5- ويقدر معدل معرفة القراءة والكتابة بنسبة 100 في المائة. والتعليم في سان مارينو إلزامي حتى بلوغ 16 سنة من العمر. ويشير الاتجاه العام إلى أن الأجيال الشابة قد تلقت تعليماً عالياً: إذ تبلغ نسبة الذين أنهوا التعليم الثانوي 35 في المائة وبينما حصلت نسبة 8 في المائة على درجات جامعية (حسب بيانات عام 2000). وفي عام 1999 كان متوسط الإنفاق في مجال التعليم للفرد الواحد يبلغ 060.35 9 يورو لكل طالب.

6- ومستوى نظم الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية في سان مارينو مرتفع جداً. كما يتيسر لجميع المواطنين إمكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية بالمجان. وبلغ متوسط الإنفاق في مجال الصحة للفرد الواحد في عام 1999، 880.69 1 يورو.

7- ومتوسط العمر المتوقع في سان مارينو من أعلى المتوسطات في العالم، إذ يبلغ 77.4 عاماً للذكور و84 عاماً للإناث. أما نسبة المواليد فتبلغ 1.08 في المائة فيما يبلغ معدل الوفيات 0.7في المائة. وفي الفترة من 1995 إلى 2000 ازداد عدد السكان بنسبة 1.5 في المائة سنوياً في المتوسط.

8- ويبلغ عدد الأسر المعيشية في سان مارينو 166 11 أسرة ويبلغ متوسط عدد الأفراد في الأسرة الواحدة 2.4 أفراد (حسب بيانات 2000).

9- وحسب البيانات الإحصائية لعام 2000، تبلغ نسبة السكان النشطين 73.1 في المائة، تعمل منها 44.7 في المائة في القطاع الصناعي، و29.5 في المائة في قطاعي التجارة والخدمات، و25.9 في المائة فـي القطاع العام، و0.2في المائة في القطاع الزراعي. ويبلغ معدل البطالة 2.8 في المائة. ويشكل قطاع السياحة مصدراً هاماً من مصادر الدخل، إذ إن سان مارينو تستقبل زهاء 3 ملايين سائح سنوياً.

10- وفي عام 1999 كان الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 815.06 029 801 يورو. وكان نمو الناتج الإجمالي في ذات السنة يبلغ 9.0 في المائة بينما كان معدل التضخم 1.6 في المائة في المتوسط.

ثانياً- الهيكل السياسي العام

ألف- السيادة

11- يرد النظام الدستوري لجمهورية سان مارينو في المادتين 2 و3 من إعلان 1974 بشأن حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية لنظام سان مارينو الدستوري. وتنص المادة 2 على حق الشعب في ممارسة سيادته وبالتالي يعترف بدور المواطنين الأساسي في المشاركة بنشاط في حياة البلد. وتُمارس هذه المشاركة النشطة عن طريق هيئة المنتخبين التي ينظمها القانون رقم 6 الصادر في 5 كانون الثاني/يناير 1996 وتتكون من جميع مواطني سان مارينو البالغين الذين لا يشوبهم أي نوع من انعدام الأهلية المؤقتة أو الدائمة بسبب إفلاسهم مثلاً أو ارتكابهم لسلوك شائن أو جرائم انتخابية أو فقدان الأهلية ... وما إلى ذلك. ويقوم الناخبون بانتخاب أعضاء المجلس النيابي الأعلى العام (البرلمان) على النحو المبين بالتفصيل في فرع آخر من هذا التقرير، ويقع عليهم واجب الإعراب عن آرائهم في حالة إجراء استفتاء ولهم سلطة اتخاذ المبادرة التشريعية.

12- ولتنظيم ممارسة الشعب السيادة المباشرة، أرسى بموجب القانون رقم 101 الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 نظام الاستفتاء بمختلف أشكاله. وتنص المادة 3 من القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974 على أنه لا يجوز اللجوء إلى الاستفتاء المتعلق بإلغاء التشريعات والقوانين والقواعد إلغاءً تاماً أو جزئياً، بما في ذلك الأعراف التي لها قوة القانون، لرفض هيئات أو أجهزة أو سلطات رئيسية للدولة وكذلك فيما يخص الحقوق والمبادئ الرئيسية التي يتوخاها النظام الدستوري. وكذلك لا يجوز أن يتعلق الاستفتاء بأي موضوع خاص بالضرائب أو الواجبات أو بميزانية الدولة أو العفو أو الصفح، ولا بتعديل الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية.

13- ويستطيع الناخبون من خلال عملية أخرى، أن يقترحوا الخطوط والمبادئ التوجيهية التي ينظم القانون على أساسها الأمور التي تشكل موضوع الاستفتاء. ويمكن أن يُقترح إجراء استفتاء من هذا القبيل فيما يخص المسائل ذاتها التي يمكن الاحتكام فيها للاستفتاء لأغراض إلغاء القوانين دون المساس بأوجه الحظر المتعلقة بتلك المسائل التي تقيد الحق في التصويت وحرية الناس في التنقل وفي الاستقرار، وانتهاك حقوق الإنسان وإدراج مبادئ تتعارض مع المبادئ التي ينص عليها إعلان 1974 بشأن حقوق المواطنين.

14- وثمة شكل آخر من أشكال الاستفتاء يسمح للناخبين برفض حكم صادر لكنه لم يدخل بعد حيز النفاذ. ولا يسري هذا النوع من الاستفتاء إلا على القوانين التي تنظم السلطات الأساسية للدولة.

15- وعلى كل حال يجب أن يوقع على أي التماس بإجراء استفتاء عدد محدد من المواطنين يشكلون نسبة 1.5 في المائة من مجموع الناخبين ويجب أن تكون صيغة الالتماس دقيقة وواضحة ولا لبس فيها، وتتولى اللجنة المؤيدة للاستفتاء تقديمها إلى الرئيسين الحاكمين.

16- وبعدئذ تقوم لجنة تحكيم مخصصة الغرض في جلسة علنية تحددها اللجنة بنفسها وبحضور لجنة معارضة، إن وُجدت، بالبت في ما إذا كان الالتماس يستوفي شروط القبول. وبعد أن تنتهي الفترة المحددة لحملة الترويج للاستفتاء، يوافق على أي التماس يحصل على أغلبية الأصوات الصحيحة المؤيدة له، على ألا تقل نسبتها على أية حال عن 32 في المائة من مجموع الناخبين المسجلين.

17- ويمكن لهيئة المنتخبين، وبموجب القانون رقم 101 الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، أن تقدم للمجلس النيابي الأعلى والعام مشاريع قوانين موضوعة في شكل مواد يصحبها بيان تفسيري وبيان بالمصاريف اللازمة. وتخضع مشاريع القوانين المنبثقة عن مبادرة شعبية المناقشة في المجلس النيابي الأعلى والعام لنفس الإجراءات المتبعة في المجالس التشريعية.

18- ويمكن لهيئة المنتخبين أيضاً أن تمارس الحق في تقديم التماسات من خلال مؤسسة تدعى "إستانزا دارينغو". ويصوت المجلس البرلماني على هذه الالتماسات التي تتعلق بمسائل تحظى بالاهتمام العام. والالتماسات التي يجري إقرارها على هذا النحو، تفرض على الهيئة التنفيذية والالتزام بالعمل بما يتفق ومقتضياتها كي تمتثل لإرادة البرلمان بخصوص تلك المسألة المحددة.

باء- الرئيسان الحاكمان

19- تنص المادة 3 من إعلان حقوق المواطنين على أن الرئيسين الحاكمين هما رئيسا الدولة، كما تنص على الطابع المشترك لهذا المنصب. وينتخب المجلس النيابي الأعلى والعام أعضاء المجلس من بين الرئيسين الحاكمين اللذين يحملان جنسية البلد بحكم المنشأ لمدة ستة أشهر. ولا يجوز إعادة انتخابهما إلا بعد انقضاء ثلاث سنوات من تقلد منصب الرئاسة لآخر مرة. ويمثل الرئيسان الحاكمان بصفتهما رئيسا الدولة الوحدة الوطنية ويقومان بتنسيق الأنشطة التي تباشرها الهيئات الرئيسية في الدولة ورئاستها والإشراف عليها. ويدعو الرئيسان الحاكمان المجلس النيابي الأعلى والعام إلى الاجتماع ويترأسانه، ويضعان جدول الأعمال بالاشتراك مع مكتب الرئاسة، ويصدران مراسيم بخصوص الأمور العاجلة الملحة بموافقة مجلس الدولة. ويقومان أيضاً بتنسيق الأنشطة التي يضطلع بها مجلس الدولة والإشراف عليها، وفيما يتعلق بالهيئات القضائية، يرأسان مجلس الاثني عشر واللجنة البرلمانية المختصة بشؤون العدل.

جيم- المجلس النيابي الأعلى والعام

20- تناط السلطة التشريعية بالمجلس النيابي الأعلى والعام والذي يضم 60 عضواً ينتخبهم الناخبون كل خمس سنوات (ما لم يفقد المجلس 51 من أعضائه). ويؤدي المجلس وظيفة سياسية بامتياز. كما يصدق بحكم السلطة التشريعية المخولة لـه على المراسيم التي يصدرها الرئيسان الحاكمان ويوافق على مشاريع القوانين الجديدة.

21- أما سلطة اتخاذ المبادرة التشريعية فتعهد إلى مجلس الوزراء وأعضاء المجلس النيابي الأعلى والعام والسلطات المحلية. ويمكن أن تمارس أيضاً بغير ذلك من الأشكال التي ينص عليها القانون.

22- ووفقاً للإجراء الاعتيادي المتبع، يحال أي مشروع قانون بعد القراءة الأولى إلى اللجنة البرلمانية المختصة التي تقوم ببحث وإقرار كل تعديل أُدخل عليه وكذلك نصه النهائي قبل عرضه على المجلس النيابي الأعلى والعام للقراءة الثانية.

23- ووفقاً لإجراء استثنائي، يجوز للمجلس النيابي الأعلى والعام أيضاً أن يقرر، بأغلبية ثلثي أعضاءه النظر في مشروع قانون ما في قراءة واحدة بإحالته مباشرة إلى اللجنة البرلمانية المختصة. وبعد النظر في جميع المواد والتعديلات وإقرارها، تقدم اللجنة مشروع القانون إلى المجلس النيابي الأعلى والعام للتصويت النهائي عليه.

24- وفي حالات الطوارئ الخاصة التي يؤكدها ثلثي أصوات الاقتراع السري، يجوز للمجلس النيابي الأعلى والعام أن يقرر في أي مرحلة من مراحل الإجراءات أن يتولى بنفسه مناقشة مشروع قانون ما وإقراره في قراءة واحدة بل وفي ذات تلك الجلسة الطارئة.

25- والوظيفة السياسية التي يمارسها المجلس تتخذ شكلاً ملموساً يتمثل في تعيين الهيئة التنفيذية وإقرار برنامجها، وفي مراقبة الأنشطة التي تقوم بها الحكومة، عن طريق تقديم الاقتراحات البرلمانية وتوجيه الأسئلة والاستجوابات، وفي الموافقة السنوية على ميزانية الدولة والتعديلات اللاحقة عليها.

26- ويضطلع المجلس النيابي الأعلى والعام أيضاً بوظائف إدارية وقضائية (كإعادة الوضع إلى ما كان عليه - وهو سبيل انتصاف من نوع خاص يطبق على الأحكام النهائية - العفو والصفح والعفو العام ورد الاعتبار).

دال- مجلس الوزراء

27- تخوَّل السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء (الهيئة الحكومية). ويعيَّن وزراء الدولة العشرة الذين يشكلون هذه الهيئة من بين أعضاء المجلس النيابي الأعلى والعام. ويأتي تعيين هذه الهيئة بعد إقرار المجلس لبرنامج الحكومة الذي وافقت عليه المجموعات التي تشكل الائتلاف الحاكم بناء على طلب الرئيسين الحاكمين. ولا يتولى مجلس الوزراء مقاليد السلطة بالكامل إلا بعد أن يؤدي الوزراء يمين الولاء.

28- ويتقلد مجلس الوزراء الذي يُعيَّن في بداية دورة المجلس التشريعي أو كلما اقتضى الأمر بسبب الاستقالة أو لغيرها من الأسباب أعباء الحكم طيلة الدورة التشريعية، إلا في حالة استقالته أو إلغاء ولايته. وتُعقد اجتماعات الحكومة بدعوة من الرئيسين الحاكمين وبتنسيق منهما.

29- ويقرر مجلس الوزراء السياسة العامة للحكومة، بما يتفق والمبادئ التوجيهية السياسية التي ينص عليها المجلس النيابي الأعلى والعام الذي يعتبر مسؤولاً أمامه. كما يحدد السياسة العامة المقرر اتباعها في الأمور الدولية والإدارية على حد سواء، ويمارس سلطة اتخاذ المبادرة التشريعية ويقدم آراءه بخصوص المراسيم العاجلة التي يصدرها الرئيسان الحاكمان ويوافق على ميزانية الدولة وعلى البيانات المالية الخاصة بالدولة وكذلك بالشركات العامة المستقلة.

30- وبالإضافة إلى المسؤولية الجماعية التي يتحملها هذا المجلس، يعتبر كل وزير رجلاً كان أو امرأة مسؤولاً عن القطاع الإداري المكلف به، وعليه لدى قيامه بمهامه أن يلتزم بمبادئ المساواة والنزاهة والكفاءة. وتقع على كل عضو المسؤولية المدنية عن أي ضرر يلحق بالجمهورية لدى مباشرة مهامه نتيجة للتدليس أو الإهمال الجسيم.

هاء- السلطة القضائية

31- تعالج مسألة تنظيم السلطة القضائية في الفصل الثالث من هذه الوثيقة.

ثالثاً - الإطار القانوني العام لحماية حقوق الإنسان

ألف - النظام القضائي

السلطات المختصة بقضايا حقوق الإنسان

32- السلطات المختصة بحماية حقوق الإنسان في جمهورية سان مارينو هي المحاكم العادية والإدارية. وتحدد المادة 15 من القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليو 1974 (المرفق الأول) "إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية للنظام الدستوري في سان مارينو"، كيفية إسناد الولاية القضائية إذ تنص على ما يلي: "لكل شخص حق التمتع بالحماية القضائية لحقوقه الشخصية ومصالحه المشروعة أمام المحاكم العادية والمحاكم الإدارية". وبالتالي، فإن السلطة القضائية العادية لها اختصاص النظر والبت في كافة الدعاوى التي يزعم فيها شخص ما أن شخصـاً آخر - عاماً أو خاصاً - (الولاية القضائية المدنية) قد انتهك حقه الشخصي هذا من جهة، ولها من الجهة الأخرى اختصاص اتخاذ وإنهاء أي إجراءات ناتجة عن ممارسة الدولة لسلطتها التأديبية (الولاية القضائية الجنائية). أما المحاكم الإدارية فلها اختصاص النظر في جميع الطلبات التي يقدمها أفراد تعرضت مصالحهم المشروعة للضرر نتيجة لإجراء اتخذته جهة إدارية عامة على نحو يتعارض مع المبادئ المتعلقة بالمشروعية والنزاهة.

33- وتنص المادة 3 من القانون رقم 59/1974 على ما يلي: "تتمتع الهيئات القضائية التي تنشأ بموجب القانون بالاستقلال التام في مباشرة المهام المنوطة بها"، وبذا فإنها تعترف باستقلال السلطة القضائية وانفصالها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

34- والقانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992 (المرفق الثاني) بإنفاذه للمبادئ الدستورية المشار إليها سابقاً، يجري إصلاحاً على الهيئة القضائية عن طريق استعراض هيكل المحاكم العادية والمحاكم الإدارية وعن طريق إدخال تغييرات هامة على مركز القضاة. وتؤكد المادتان 1 و9 من القانون رقم 83/1992 على السلطة المطلقة للهيئة القضائية. وهو ما يشكل أهم المبادئ التقليدية للنظام القضائي في سان مارينو.

المحاكم العادية (القضاء المدني والجنائي)

35- تنص المادة 2 من القانون رقم 83/92 على أن تسند الولاية القضائية العادية إلى قاضي الاستئناف والمفوض القانوني وقاضي الصلح وكاتب المضبطة. ويمكن انتداب أكثر من قاض واحد لشغل مناصب قضائية وتخول لكل منهم سلطة مباشرة الوظائف القضائية على الوجه التام. أما تكوين القضاء العادي وإسناد الوظائف فيه فيرد وصفهما في الفقرات التالية.

36- ويبتّ قاضي محكمة الاستئناف في أي دعوى طعن في قرارات أصدرها المفوض القانوني في المحكمة الابتدائية. ولقاضي محكمة الاستئناف المدني اختصاص البتّ في سبل الانتصاف من الأحكام المدنية؛ أما قاضي الاستئناف الجنائي فله اختصاص البت في سبل الانتصاف من الأحكام الجنائية. وبالتالي فإن وظيفة قاضي الاستئناف تقتصر على مراجعة القرارات التي أصدرها المفوض القانوني. ويشغل هذا المنصب في الوقت الراهن قاضي استئناف واحد للفصل في القضايا المدنية، وقاضيان اثنان في الاستئناف للفصل في القضايا الجنائية.

37- أما المفوض القانوني فيباشر الوظائف القضائية في المحكمة الابتدائية ويفصل في القضايا المدنية والجنائية على السواء. وفيما يتعلق بالقضايا المدنية، تناط بالقاضي مسؤولية النظر في الدعاوى أيّاً كانت طبيعتها، فيما عدا القضايا المتعلقة بالممتلكات المنقولة التي لا تتعدى قيمتها 50 مليون ليرة إيطالية (823 25 يورو). ويقوم القاضي كذلك بوظائف قضائية طوعية. ويعيد المفوض القانوني النظر في القرارات التي أصدرها قاضي الصلح. وفيما يخص القضايا الجنائية، تسنـد إلى المفوض القانوني مهام القيام بالتحقيق واتخاذ القرارات في المحكمة الابتدائية. وتنص المادة 2 من قانون الإجراءات الجنائية على أن المفوض القانوني مسؤول عن سير الدعوى الجنائية، بينما تقضي المادة 24 من القانون رقم 83/1992 بأن يقوم بإصدار الأحكام مفوض قانوني بخلاف قاضي التحقيق ضماناً لنزاهته التامة. ويتولى قضاة هذا المنصب حالياً.

38- ويُكلَّف قاضي الصلح بالفصل في القضايا التي لا تتعلق بالمنازعات القضائية بهدف "تسوية النـزاعات المدنية أيّاً كانت طبيعتها وقيمتها، ما عدا الدعاوى المتعلقة بالمؤهلات والمراكز الشخصية أو غيرها من الدعاوى القضائية المتعلقة بالحقوق غير القابلة للتصرف"، وفي الدعاوى التي تتضمن منازعات مدنية تتعلق بممتلكات منقولة لا تتعدى قيمتها 50 مليون ليرة إيطالية (823 25 يورو). ويتعين في جميع الحالات القيام بمحاولة للتوفيق قبل الفصل في هذه المنازعات. ويتولى هذا المنصب قاضيان اثنان.

39- ويساعد كاتب المفوض القانوني هذا المفوض - رجلاً كان أو امرأة - في الأنشطة التي يضطلع بها. ووفقاً للمادة 2 من القانون رقم 83/1992، يمكن للمفوض القانوني أن يفوِّض أو يوكل إلى الكاتب مهمة إجراء التحقيق الأولي في القضايا المدنية والجنائية على السواء.

40- أما تنظيم الأعمال القضائية وإسناد الوظائف في الحالات التي يعين فيها عدد كبير من القضاة لشغل المنصب القضائي نفسه فيندرج ضمن صلاحيات رئيس القضاة الذي يعيِّنه المجلس النيابي العام والأعلى لمدة ثلاث سنوات ويختاره من بين القضاة الذين يشكلون هيئة المحكمة المدنية والجنائية، بموجب المادة 10 من القانون رقم 83/1992.

41- ولا يوجد في النظام القضائي لسان مارينو محكمة عليا مختصة بالإجراءات الجنائية من الدرجة الثالثة. ويرد في الفرع باء أدناه المزيد من التفاصيل التي توضح الطريقة التي تنظم بها سبل الانتصاف، مع إشارة خاصة إلى القضاء المدني من الدرجة الثالثة.

المحاكم الإدارية

42- فيما يتعلق بالقضاء الإداري تنص المادة 3 من القانون رقم 83/1992، على أن يتقلد قاضي الاستئناف الإداري والقاضي الإداري في المحكمة الابتدائية منصبيهما. كما يُعهد إليهما، بموجب القانون رقم 68 الصادر في 28 حزيران/يونيو 1989 (المرفق الثالث)، "بمهمة توفير الحماية القضائية للمصالح المتعلقة بالإدارة العامـة" (المادة 1)، ويقومان أيضاً بالوظائف "المنصوص عليها في القانون فيما يخص أوجه الرقابة الوقائية على المشروعية والبت في الشكاوى بخصوص تطبيق العقوبات الإدارية" (الفقرة 2 من المادة 2).

43- ويخول للقاضي الإداري في المحكمة الابتدائية اختصاص النظر في التظلمات "الإجراءات التي تتخذها المؤسسات التابعة للإدارة العامة أو الأوامر التي تصدرها ... نظراً لعدم الاختصاص أو التعسف في استعمال السلطة أو مخالفة القانون، عندما تمس هذه الإجراءات أو الأوامر مصالح شخص طبيعي أو اعتباري". وكقاعدة عامة، على القاضي الإداري أن يقرر مشروعية الإجراءات الإدارية عندما تلحق الضرر بالمصالح المشروعة للمتظلم. ويفترض عموماً أن الإجراءات الإدارية مشروعة حتى يعلن القاضي الإداري أنها غير مشروعة. وعلى القاضي أن ينظر فيما إذا كان الإجراء المطعون فيه تشوبه عيوب تتعلق بالشرعية، بغض النظر عن التحقق من الأساس والمضمون، وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة 3 من القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليو 1974، "إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية للنظام الدستوري لسان مارينو". وإذا كان الإجراء غير مشروع، يعلن القاضي أنه باطل ولاغٍ بأثر رجعي.

44- كما أن للقاضي الإداري في المحكمة الابتدائية ولاية قضائية مطلقة بشأن "الإجراءات المتخذة فيما يخص الأمور المتعلقة بالوظائف العامة". وبما أن هذا أمر يمس الحقوق الشخصية وليس المصالح المشروعة، فإن الإحكام تتعلق بالشرعية والجدارة على حد سواء. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى الفقرة 3 من المادة 15 من القانون رقم 68 الصادر في 28 حزيران/يونيو 1989 والتي تنص على ما يلي: "في الإجراءات المتعلقة بالتعيين في الوظائف العامة، يصدر [القاضي الإداري] - في حالة قبول الطلب - حكماً يلزم الإدارة العامة بدفع مستحقات الموظف، دون المساس باختصاص القاضي العادي في الحكم بالتعويض عن الأضرار".

45- ويختص قاضي الاستئناف الإداري بالفصل في الطعون المقدمة في قرارات أصدرها القاضي الإداري في المحكمة الابتدائية. ولا توجد في القضايا الإدارية كذلك أي هيئة شبيهة بالمحكمة العليا التي لها اختصاص البت في الأحكام المطعون فيها التي أصدرها قاضي الاستئناف الإداري (أنظر الفرع باء المتعلق بالمحكمة الابتدائية).

التعيين ومركز القضاة

46- يشترط في القضاة - ما عدا قضاة الصلح - ألاّ يكونوا من مواطني سان مارينو (الفقرة 2 من المادة 15 من إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية للنظام الدستوري لسان مارينو). ولهذا الحكم ما يبرره تاريخياً وهو ضرورة الضمان التام لنزاهة القضاة في بلد تعتبر فيه الروابط الأسرية وصلات القرابة وأواصر الصداقة وطيدة وحميمة جداً نظراً لصغر حجمه.

47- ويعيّن المجلس النيابي العام الأعلى القضاة بأغلبية ثلثي أعضائه خلال الاقتراعات الثلاثة الأولى، وبالأغلبية المطلقة خلال الاقتراع الرابع (المادة 6 من القانون رقم 83/1992). أما فيما يتعلق بكاتب المفوض، فإن المجلس النيابي العام الأعلى يحيط علماً بتعيينه بعد إجراء اختبار كتابي وشفوي للمرشحين المؤهلين أمام لجنة تحكيـم، وتعيّن هذه اللجنة المكونة من ثلاثـة قضاة اللجنة البرلمانية المعنيـة بالشؤون القانونية (المادة 8 من القانون رقم 83/1992). وتنص المادة 8 أيضاً على أنه من المفضّل اختيار قضاة محكمة الاستئناف وقضاة محكمة الاستئناف الإداري من بين القضاة أو من بين أساتذة القانون أو المحامين ممن لديهم خبرة لمدة لا تقل عن 15 سنة في مزاولة مهنة القانون ولا تقل أعمارهم عن 45 سنة، أو من بين المفوضين القانونيين والقضاة الإداريين في المحكمة الابتدائية الذين زاولوا المهنة لمدة لا تقل عن 10 سنوات. كما تنص المادة نفسها على أنه من المفضل أن يُعيَّن المفوضون القانونيون والقضاة الإداريون في المحكمة الابتدائية من بين القضاة، أو أساتذة القانون أو كتبة المضبطة الذين زاولوا مهنتهم لمدة لا تقل عن 8 سنوات، أو من بين المحامين الذين لديهم خبرة لا تقل عن 6 سنوات في ممارسة مهنة المحاماة ولا تقل أعمارهم عن 30 سنة. أما قضاة الصلح، الذين يجوز أن يكونوا من مواطني سان مارينو، فيُعيَّنون من بين المحامين المقيدين في سجل المحامين لمدة لا تقل عن 5 سنوات أو من بين كتبة المضبطة ممن لديهم خبرة لا تقل عن سنتين. وأخيراً، يتم اختيار كتبة المأمور القضائي من بين الحاصلين على درجة جامعية في القانون. ومن الواضح أن المستهدف من هذا الشرط هو ضمان اختيار الخبراء التقنيين ذوي المؤهلات العالية فقط، وهو شرط شديد الأهمية في نظام قانوني يرتكز بالأساس على مصادر مفتوحة للقانون، وليس على مجموعة مقننة من القوانين، كما أنه يتميز بتقاليد ثقافية وأخلاقية طويلة الأمد.

48- وبصدد مدة الولاية القضائية، تنص المادة 7 من القانون رقم 83/1992 على أن القضاة يعينون في بداية الأمر لمدة 4 سنوات ثم يثبت تعيينهم لمدة مفتوحة. أما قضاة الصلح الذين يُختارون من بين المحامين الذين يحملون جنسية سان مارينو فيعينون لمدة 3 سنوات ويجوز إعادة تعيينهم لولاية أخرى مدتها 3 سنوات أخرى. وهذا الشرط مبتكر إلى حد بعيد لضمان الاستقلال الفعلي للقضاة عن السلطات العليا للدولة، وكون القاضي معيَّن على أساس دائم يجنِّبه الانحياز أو الإخلال بالقانون بأي طريقة من الطرق بغرض إعادة تعيينه دورياً.

49- وفي الحالات التي يتوخاها القانون صراحة يُكلَّف المجلس النيابي العام الأعلى كذلك بالوظائف القضائية، ويعتبر مسؤولاً عن سبل الانتصاف الاستثنائية من قبيل إعادة الوضع إلى ما كان عليه وبطلان الدعوى، كما يكلَّف بهذه الوظائف مجلس الاثنى عشر، أو محكمة الدرجة الثالثة عندما يكون الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الثانية مختلفاً عن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية أو عندما تتنازل المحكمة عن اختصاصها القضائي. وتتخذ هذه الهيئات، لدى أدائها لهذه الوظائف القضائية، قراراتها بعد استماعها لرأي خبير في القانون.

باء - سبل الانتصاف فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان

50- يعترف النظام القانوني في سان مارينو أولاً وقبل كل شيء بحقوق الإنسان والحقوق السياسية ويكفل حمايتها. وتحظى هذه الحقوق بحماية ثلاثية يمكن اللجوء إليها في الحالات التالية:

(أ) في حالة انتهاك الحقوق من جانب أطراف ثالثة. وتطبق هذه الحماية في المقام الأول بمقتضى الإجراء الجنائي الذي يقرّه القاضي. وكقاعدة عامة، لا تتوقف هذه الحماية على قيام الطرف المتضرر بطلبها، ولا تسقط بناء على موافقة المجني عليه. وثانياً يمكن الحصول على هذه الحماية من خلال إقامة دعوى مدنية بغرض الحكم بمنح تعويض عن الأضرار الناتجة عن انتهاك حق من الحقوق الأساسية؛

(ب) التظلم من القيود التي تفرضها السلطة القضائية. ويجوز في جميع الأوقات الطعن في التدابير التي تشمل الحرمان من الحرية التي تتخذها المحاكم العادية أمام محكمة أخرى؛

(ج) التظلم من القيود التي تفرضها السلطات الإدارية. وقد تكون الحقوق الأساسية عرضة لمجموعة من القيود التي يترك في الغالب بموجب القانون تطبيقها الفعلي لتقدير السلطة العامة. وبالتالي فقد يؤدي إجراء غير مشروع تتخذه السلطة العامة يحد عملياً من ممارسة حق من الحقوق الأساسية إلى الإضرار بالمصالح المشروعة لهذا المواطن. ولكفالة الحماية من التقييدات غير المشروعة للحقوق الأساسية، يجوز للطرف المتضرر أن يتظلم أمام المحكمة الإدارية.

ويرد فيما يلي وصف مفصّل لسبل الانتصاف المتاحة لكفالة حماية الحقوق الأساسية في حالة انتهاكها.

قضايا الاستئناف في القضاء الجنائي

51- تجدر الإشارة إلى أن حماية حقوق الإنسان مكفولة في سان مارينو بموجب أحكام القوانين الجنائية التي توقع العقوبة على كل التصرفات التي تشكل انتهاكاً لهذه الحقوق. وبموجب القانون الجنائي في سان مارينو الساري منذ 1 كانون الثاني/يناير 1975 (المرفق الرابع) تشمل الجرائم الجنائية فيما تشمل ما يلي: القتل العمد والقتل الخطأ والقتل الطائش (المواد 150 و163 و158) والأضرار الشخصية المقصودة وغير المقصودة (المادتان 155 و164) والتحريض على الانتحار والمساعدة في ارتكابه (المادة 151) والاستعباد (المادة 167) والاتِّجار والمتاجرة بالعبيد (المادة 168) والاختطاف (المادة 169) وانتهاك الحرية الجنسية (المادة 171) والعنف المنزلي (المادة 179) والحجز التعسفي للأفراد وعدم إخلاء سبيلهم (المادة 351) والمعاملة التعسفية للمحتجزين (المادة 352) والسطو على المنازل (المادة 182) والتفتيش التعسفي لمحل الإقامة (المادة 353) وإفشاء أسرار المراسلات (المادة 190) وتشويه السمعة (المادة 183) والقذف (المادة 184) والتشهير (المادة 185) والازدراء العلني للأديان (المادة 260) وانتهاك حرية الديانات (المادة 261) والتعرُّض للشعائر الدينية (المادة 262) والمساس بالممارسة الحرة لحق التصويت (المادة 394) والإخلال بالاقتراع السري (المادة 395) وانتهاك الحقوق السياسية (المادة 396) والتدليس في الزواج (المادة 223).

52- وتسري أحكام القانون الدستوري على مواطني سان مارينو والأجانب وعديمي الجنسية الذين يرتكبون جرائم في إقليم الدولة (المادة 5). وبخصوص المسؤولية الجنائية تنص المادة 10 من القانون الجنائي على أنه لا يجوز توجيه تهمة ارتكاب جريمة لأشخاص تقل أعمارهم عن 12 سنة. أما فيما يخص الأحداث الذين تتجاوز أعمارهم 12 سنة وتقل عن 18 سنة (سن الرشد القانونية في سان مارينو هي 18 سنة) فإن القاضي "يفرض عند ثبوت الأهلية العقلية، عقوبة مخففة بدرجة أو بدرجتين". ويجوز للقاضي أن يفرض أيضاً عقوبة مخففة على أي شخص "كان عند ارتكابه الجريمة دون 21 سنة من العمر". وتنص المادة 1 من القانون رقم 86 الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974، "القواعد التنفيذية للقانون الجنائي والمعدلة للإجراءات الجنائية" على أنه "للتحقق من الأهلية العقلية لأي حدث يتجاوز 12 سنة من العمر ولكنه يقل عن 18 سنة وارتكب جرماً ما (جريمة مقصودة)، يأمر القاضي دائماً بتحويله للفحص البدني والنفسي".

53- وحماية الحقوق التي ينص عليها القانون الجنائي مكفولة - دون أي تمييز - لجميع الأشخاص الذين يتعرضون للإساءة في إقليم الدولة. ويستطيع أي شخص انتهكت حقوقه أن يلجأ إلى المحكمة الجنائية لمقاضاة الجاني. وتجدر بالذكر أنه يتوجب على السلطة القضائية إقامة الدعوى الجنائية حتى في حالة عدم تقديم شكوى بمجرد أن تتلقى إخطاراً رسمياً بوقوع جريمة ما عدا في الحالات المنصوص عليها صراحة في القانون التي يعتبر فيها تقديم شكوى من الطرف المتضرر شرطاً مسبقاً. وتنص المادة 2 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "الإجراء الجنائي يرتكز أساساً على القانون العام، مع أنه يقتضي في بعض الحالات أن يتقدم الطرف المتضرر بشكوى". ويقوم المفوض القانوني بحكم المنصب باتخاذ الإجراء الجنائي عن طريق تحقيق لتقصي الحقيقة.

54- وينظم القانون سير الإجراءات الجنائية ويشمل كافة الإجراءات المتخذة بغرض إصدار حكم قضائي على أساس إخطار بارتكاب جريمة. وتتكون أساساً من إجراء التحقيقات وسماع الدعوى علانية يليها إصدار حكم بإدانة المدعى عليه أو ببراءته. أما مهمة الولاية القضائية الجنائية، أي سلطة الفصل بقرار مسبب في النـزاع القائم بين قانون الدولة التأديبي أثناء المحاكمة وحق المدعى عليه في الحرية بموجب القانون الجنائي، فهي ولاية مخولة للسلطة القضائية العادية.

سبل الانتصاف القضائية والضمانات الإجرائية المكفولة للمدعى عليهم والمدانين بموجب قانون الإجراءات الجنائية

55- تتوخى الإجراءات الجنائية في سان مارينو بعض الضمانات الإجرائية لصالح المدعى عليه التي تكفل حماية حقوق الإنسان لأي شخص أثناء المحاكمة بما يتفق والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

56- و يجدر بالذكر في هذا الصدد أن قانون الإجراءات الجنائية في سان مارينو دخل حيز النفاذ في عام 1878 (المرفق الخامس)، ومن ثم فإنه يتسم بطابع تحقيقي واضح. وقد جاءت بعض القوانين بعد ذلك لا سيما القانون رقم 43 الصادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1963 والقانون رقم 86 الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974 (المرفق السادس) والقانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994 (المرفق السابع)، لتعدل إلى حد كبير هذه الإجراءات بغرض تعزيز ضمان وحماية المبادئ المجسدة في إعلان حقوق المواطنين وفي مختلف الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تعتبر الجمهورية طرفا فيها.

57- وقد ب ُ ذلت جهود لضمان الحماية التامة ل لحق في الدفاع في أي مرحلة من مراحل الإجراءات القضائية، كما اتخذت بعض التدابير لضمان حق المدانين في أداء الحكم الصادر ضدهم وفقاً للوظيفة الإصلاحية للعقوبة. وبما أن الموضوع العام للعملية الجنائية هو التنازع بين حق الدولة في توقيع العقوبة وحق الفرد في الحرية، فقد كان الشغل الشاغل ل لمشر ِّ ع في سان مارينو هو توفير ضمانات وسبل انتصاف لصالح المدعى عليه الذي قيدت حريته الشخصية أثناء الإجراءات القضائية. ومن الواضح بالفعل أن الحرمان من الحرية قبل النطق بالحكم النهائي يجب أن يكون تدبيرا استثنائيا لا يتخذ إلا في ظروف خاص ة.

58- و يجب الإشارة أيضاً إلى أن لجنة برلمانية مخصصة تنظر حالياً في قانون جديد للإجراءات الجنائية وستتخذ قريبا قرارا بشأنه، ويجيء ذلك كمحصلة لمناقشات دامت طويلاً بخصوص ال حاجة القصوى إلى ا لقيام باستعراض شامل للنظام الحالي وصولاً إلى عملية جنائية جديدة ترتكز على الاتهامات. ووفقا لهذا النموذج، ي ُ عهد بمهام المحاكمة والتحقيق للمدعي العام، بينما يصبح القاضي في واقع الأمر، بعد إ عفائه من مسؤولية جمع الأدلة ، طرفا ثالثا بين المدعي العام ومحام ي الدفاع. وانطلاقا من مرحلة التحري، يكون من واجب القاضي مراقبة كافة التحقيقات لضمان الحق في الدفاع وفي صحة الدعوى الجنائية.

59- وبعد هذه التفسيرات الضرورية، من المفيد توضيح الطريقة التي يجري بها ضمان حقوق المتهم في الإجراءات الجنائية النافذة الآن في سان مارينو. تتمثل التحقيقات التي يقوم بها المفوض القانوني والذي يضطلع بالمهام الخاصة بالتحقيق الجنائي، في البحث الدؤوب والمدقق بدءاًً بالتحقيق الذي يجريه قاضي التحقيق عند استلامه إخطارا بارتكاب جريمة بهدف تحديد هوية مرتكب الجريمة (المادة 20 من قانون الإجراءات الجنائية). ويتعين استجواب المتهم في أ سرع وقت ممكن، ويتعين على كل حال أن يجري ذلك خلال 24 ساعة من اللحظة التي اعتقل فيها (المادة 125 من قانون الإجراءات الجنائية). ويتعين إجراء التحقيق بحضور محام يختاره المتهم أو بحضور محام عام.

60- وعلى غرار الضمانات الإجرائية المتعلقة بالحق في الدفاع، تنص المادة 13 من القانون 86 الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974 على أنه "فيما يخص جميع الأعمال التي يقوم بها القاضي يحق لمحامي الطرفين خلال عمليات التقييم ما يلي:

"1- استلام إخطار رسمي بخصوص التعيين والأسئلة ولهم الحق في إبداء الملاحظات وتوجيه أسئلة إضافية في التاريخ المحدد لبدء عمليات التقييم؛

"2- تعيين خبير مختص بالقرائن من اختيارهم يحق لـه تقديم المساعدة في عمليات التقييم وتقديم استنتاجات شفوية إلى الخبير المعين بحكم منصبه؛

"3- الحضور كلما قام الخبير الرسمي بعمليات التقييم أمام القاضي أو عند الاستماع إلى توضيحاته.

ولمحامي الطرفين فضلاً عن ذلك الحق في الحضور أثناء الاستجوابات والمواجهات التي يكون المدعي عليه طرفاً فيها، والحضور أثناء إجراء التجارب عند منافذ الدخول القضائية ولدى البحث عن الأشخاص والتنقيب عن الأشياء والبحث في الأماكن. وفي هذه الحالة، يتعين على القاضي أن يخطر المحامين بالتاريخ والمكان المحددين للقيام بهذه الأعمال بأي وسيلة قبل الموعد المحدد بما لا يقل عن 24 ساعة. وتقضي المادة 229 من قانون الإجراءات الجنائية بصيغته المعدلة بموجب القانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994، ببطلان أي عمل إجرائي يخل بالحقوق المبينة أعلاه. وللمدعى عليه في أي مرحلة من مراحل الإجراءات في المحكمة الابتدائية، الحق في طلب استجواب الشهود لصالحه والحصول على أي دليل قد يفيد في الدفاع عنه أو في تخفيف عقوبته (المادة 134).

61- ويقوم قاضي التحقيق بعد جمع كافة الأدلة إذا خلص إلى أن هذه الأدلة تشكل الأساس القانوني لتوجيه الاتهام بإحالة الأمر إلى المدعي للحصول على رأيه. وإذا اتفق معه في الرأي يأمر قاضي التحقيق برفض الدعوى (المادة 135). وعلى العكس يصدر قاضي التحقيق تكليفاً بالحضور يوضح فيه طبيعة التهمة الموجهة ويبلغ المتهم بحقه في الحصول على مساعدة قانونية من اختياره وإن لم يستطع يكون لـه الحق في تخصيص مساعدة لـه. وتتاح للمتهم مهلة مدتها 30 يوماً على الأقل من تاريخ إخطاره بأمر الحضور للمثول أمام المحكمة (المادة 175).

62- ويجوز لقاضي التحقيق في المرحلة الأولية أن يتخذ تدابير وقائية من بينها الحرمان من الحرية. وبموجب القانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994 أُدخلت تعديلات هامة على الأحكام المتعلقة بالاحتجاز الوقائي الواردة في قانون الإجراءات الجنائية. فالمادة 14 من القانون تنص على أن تدابير الحرمان من الحرية هي تدابير تشتمل على الاحتجاز الوقائي سواء في سجن أو في مرفق للعلاج أو في شكل إقامة جبرية، وعلى وجوب البقاء وحظر البقاء في إقليم الجمهورية أو في جزء تابع لـه، وحظر مغادرة البلاد للإقامة في الخارج. ولا يجوز أن يتعرض أي شخص لتدابير قسرية في حالة عدم وجود أدلة كافية تدعو إلى الاعتقاد بأن المتهم مسؤول عن ارتكاب الأفعال المنسوبة إليه وبأن هذه الأفعال تشكل جريمة يعاقب عليها بموجب أحكام أي تدبير من هذه التدابير. والعقوبات التي تتضمن الحرمان من الحرية هي عقوبات لا يحكم بها القاضي إلا إذا رأى أن من المحتمل إخفاء الأدلة أو هروب المتهم، أو أن المتهم قد يلحق ضرراً بالمجتمع. وتطبق العقوبة التي لها أقل تأثير على المتهم وأسرته شريطة أن تكون رادعة. ويجب على كل حال أن تكون التدابير المتخذة متناسبة مع الذنب المقترف ومع العقوبة المناظرة أو التدبير الأمني الواجب التطبيق، مع مراعاة إمكانية إطلاق سراح المتهم ووضعه تحت المراقبة. وعلى القاضي أن يقيِّم هذه العناصر أثناء سير الإجراءات.

63- أما فيما يتعلق بالاحتجاز الوقائي، فإن المادة 15 من القانون المشار إليه أعلاه تنص على أنه يمكن الأمر باتخاذ هذا التدبير في الحالات التالية:

(أ) إذا كانت الجريمة التي أقيمت دعوى بشأنها يعاقَب عليها بالحبس من الدرجة الأولى وإذا كان من المحتمل إخفاء الأدلة أو التكتم على الجريمة أو التهرب من المحاكمة؛

(ب) إذا كانت الجريمة التي أُقيمت دعوى بشأنها يعاقب عليها بالحبس من الدرجة الثانية على الأقل وكلما ثبت قصور أي تدبير آخر.

64- وللمتهم الحق في التماس المساعدة القانونية والإفراج عنه بكفالة عندما تنتهي الأسباب التي قام عليها الاحتجاز. وتمنح المادة 17 من القانون رقم 9/1994 للشخص الذي حُرم من حريته الحق في الطعن في الحكم الصادر ضده لدى قاضي الاستئناف. وتنتهي مرحلة التحقيق بأمر الحضور الذي يصدره قاضي التحقيق يعقبها بدء جلسة سماع والنظر في الدعوى وهي جلسة علنية وشفوية. ويصدر الحكم مفوض قانوني غير القاضي المفوض بالتحقيق (المادة 24 من القانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992).

65- وفي المحاكمة العلنية، يُستمع إلى الشهود من جديد ثم يُدعى المتهم إلى الدفاع عن نفسه (المادة 178 من قانون الإجراءات الجنائية). ولا يشارك قاضي التحقيق في المحاكمة، بينما يتكفل ممثل الادعاء وهو المدعي بمهمة توجيه الاتهام وهو من مواطني سان مارينو ووكيل قانوني. وتدرج المادة 4 من القانون رقم 83/1992 ممثلو الادعاء في عداد المدعين العامين، بينما تنص المادة 23 من ذات القانون على إنشاء منصب المدعي فيما يخص إنفاذ قانون الإجراءات الجنائية. وسيتم استعراض التعيين لهذا المنصب واستعراض وظائفه بإسهاب بعد اعتماد قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي يجري - كما سبق الذكر - بحثه كي تقره نهائياً لجنة برلمانية عينها المجلس النيابي الأعلى والعام. وعندئذ فقط يصبح ممثل الادعاء قاضياً حقيقياً وفعلياً، ويتولى مهامه، حسب النموذج الاتهامي، بصفته مدعياً عاماً.

66- وبعد مرحلة الاستماع إلى جميع الشهود تأتي المرافعات الختامية التي يقوم بها ممثل الادعاء ومحامي الدفاع، كما يُدعى المتهم إلى الدفاع عن نفسه (المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية). وبعدئذ يقرر المفـوض القانوني الحكـم في جلسة مغلقة ثم يصوغ منطوق الحكم الذي يقرأ علناً في المحكمة. ويتعين إيداع الأسباب التي صدر الحكم على أساسها في سجل المحكمة في غضون 30 يوماً من تاريخ نشره (المادة 181).

67- وللمدان الحق في الطعن في الحكم الصادر ضده لدى قاضي الاستئناف الجنائي الذي يقتصر اختصاصه على البت في الجوانب المطعون فيها من الحكم الصادر (المادة 196). وتحظر المادة 196 من قانون الإجراءات الجنائية كذلك تشديد العقوبة، إذ تقضي بأنه عندما يكون المدان دون غيره هو الذي أقام دعوى الاستئناف. لا يجوز للقاضي أن يوقع عليه عقوبة أشد أو أن يلغي أحكاماً صدرت لصالحه.

68- والأحكام التي يصدرها قاضي الاستئناف نهائية ولا تتاح أي سبل انتصاف عادية بصددها. ولا يعتبر المتهم مذنباً إلا عند صدور حكم نهائي بإدانته بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 15 من إعلان حقوق المواطنين التي تنص على افتراض البراءة. وفي هذا الصدد، تنص المادة 195 من قانون الإجراءات الجنائية على وقف تنفيذ أي حكم أثناء تقديم الطعن فيه وأثناء الاستئناف وخلال اتخاذ الإجراءات في محكمة الدرجة الثانية.

69- وإذا جدَّت بعد صدور قرار نهائي وقائع تُثبِت براءة المُدان، يجوز لهذا الأخير (أو وريثه أو قريب لـه) أو طلب قاضي استئناف جنائي غير القاضي الذي أصدر الحكم في محكمة الدرجة الثانية أن يقوم بإعادة النظر في الحكم على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 20 الصادر في 23 شباط/فبراير 2000. وبعد أن يتلقى قاضي الاستئناف الجنائي طلباً بإعادة النظر القضائية، يعلن بمقتضى أمر مسبب أن الدعوى غير مقبولة، متى أُقيمت في غير الحالات المنصوص عليها في القانون ومن جهة غير مخولة بالقيام بذلك أو كانت لا تتوافق مع الأحكام والشروط المقررة. وخلافاً لذلك يعلن القاضي وفقاً للإجراءات المنصوص عليها بخصوص حكم الاستئناف، أن الطلب مقبول، ويلغي الحكم المطعون فيه ويصدر حكماً آخر.

70- أما في حالة الحكم الغيابي فيجوز لقاضي الاستئناف الجنائي، بموجب أمر مسبب أن يوقف تنفيذ الحكم أو التدبير الأمني، ولـه أن يتخذ عند الاقتضاء تدبيراً وقائياً.

71- وللمدان أيضاً أن يقدم إلى المجلس النيابي ا لأ على والعام طلباً يلتمس فيه الرحمة والصفح (المادة 113 من القانون الجنائي). والصفح هو عمل من أعمال العفو العام تلغى بواسطته العقوبة الموقعة كلياً أو جزئياً، أو تستبدل بعقوبة مختلفة، أما الرحمة فهي عمل تلغى بواسطته أو تخفف العقوبة الصادرة على شخص مدان معين.

72- وقد خضع تنفيذ الأحكام الجنائية لتعديلات جذرية بموجب القانون رقم 86 الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974 الذي نفذ من خلال استبدال الفصل الرابع والعشرين من قانون الإجراءات الجنائية المبدأ المبيّن في الفقرة 4 من المادة 15 من إعلان حقوق المواطنين ومؤداه أنه لا يجوز توقيع العقوبات الإنسانية والإصلاحية إلا للقضاة الذين يخول لهم القانون ممارسة السلطة القضائية وعلى أساس قواعد غير رجعية الأثر.

73- وبصدد العقوبات تجدر الإشارة إلى أن النظام القانوني في سان مارينو لا يتضمن عقوبة الإعدام التي ألغيت منذ عدة قرون خلت، أو الحبس مدى الحياة أو الأعمال الشاقة. وينص القانون الجنائي النافذ على العقوبات التالية الواردة أدناه مرتبة تنازلياً تبعاً لشدتها وهي:

(أ) عقوبة الحبس وتؤدى في السجن، وتتكون هذه العقوبة من ثماني درجات ولا يجوز أن تتجاوز مدتها 35 سنة (المادة 81)؛

(ب) عقوبة الحرمان من تولي المناصب العامة أو فقدان أهلية التمتع بالحقوق السياسية أو الحرمان من ممارسة مهنة أو حرفة، ولهذه العقوبة أربع درجات ويحرم المدان من ممارسة هذه الحقوق لمدة أقصاها خمس سنوات (المادة 82)؛

(ج) عقوبة الاعتقال، ويقضيها المدان في منزله، وفقاً للشروط التي يحددها القاضي، على نحو يراعي احتياجات المدان الأسرية والمهنية، أو يقضيها في السجن في أيام العطلات أو في غيرها من الأيام حتى يؤدي بالكامل الحكم الصادر ضده. ولهذه العقوبة ثلاث درجات مدتها القصوى ثلاثة أشهر (المادة 83)؛

(د) دفع غرامة بالليرة، وتتراوح ما بين 000 201 ليرة إيطالية (103.81 يورو) كحد أدنى و3 ملايين ليرة إيطالية (549.37 1 يورو) كحد أقصى (المادة 84)؛

(ه‍) دفع غرامة حسب عدد الأيام، وهي عقوبة يحدد القانون فيها المبلغ الواجب دفعه استناداً إلى عدد محدد من الأيام. ويكون القاضي مسؤولاً في كل حالة على حدة، عن تحديد المبلغ المناظر لغرامة يوم واحد، على أساس المبلـغ الذي يستطيع المدان أن يدخره في اليوم وهو يعيش حياة مقترة ويفي بالتزاماته عن إعالة أسرته (المادة 85)؛

(و) التوبيخ، وهو تأنيب عنيف يوجهه القاضي في جلسة علنية حسب ظروف المدان وجسامة الجرم المقترف (المادة 85).

74- وبهدف كفالة إعادة تأهيل المذنبين، أدرجت المادتان 5 و6 من القانون رقم 9 المصادر في 2 شباط/فبراير 1994 في القانون الجنائي إمكانية أن يوقف تنفيذ الحكم على أي محكوم عليه بالسجن لمدة سنتين أو ثلاث سنوات كحد أقصى، ووضعه تحت المراقبة بإشراف الجهات الاجتماعية أو أن تفرض عليه الإقامة الجبرية. وللقاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية أن يقرر الإفراج عن المدان ووضعه تحت المراقبة بإشراف الجهات الاجتماعية لمدة تناظر مدة الحكم الواجب قضاءه متى رأى أن هذا التدبير قد يساعد على إصلاح المذنب وأنه لا يوجد أي خطر من أن يرتكب المذنب جرائم أخرى (المادة 5). أما مدمنو تعاطي المخدرات أو الخمور المشاركون أو يرغبون المشاركة في برنامج لإعادة التأهيل، فبإمكانهم أن يعربوا في أي وقت عن رغبتهم في أن يوضعوا تحت المراقبة بإشراف الجهات الاجتماعية لمواصلة أو بدء العلاج على أساس برنامج متفق عليه مع مجلس المساعدة الاجتماعية (المادة 5). وإذا نجحت فترة الاختبار يعتبر أن الحكم أو أي أثر جنائي آخر قد نفذ. أما في حالة عدم تطبيق هذا التدبير فيجوز للشخص المدان أن يلتمس قضاء الحكم في المنزل أو في محل إقامة آخر أو في مؤسسة عامة للعلاج والحصول على المساعدة. ويمكن منح المجرم إقامة جبرية إذا لم يكن يشكل خطورة على المجتمع وفي حالة وجود احتياجات مؤكدة تتعلق بالصحة أو الدراسة أو العمل. كما أن هذا التدبير يعتبر إلزامياً في الحالات التالية:

(أ) النساء الحوامل أو المرضعات أو ممن لديهن أطفال دون 3 سنوات من العمر؛

(ب) الأشخاص المصابون بإعاقات جسدية أو عقلية؛

(ج) العاجزون أو شبه العجزة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة.

وفضلاً عن ذلك، يمكن للقاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية أن يسمح للمدان بمغادرة مكان الاحتجاز أثناء النهار لأقل مدة ضرورية لتلبية احتياجاته الأساسية، إن لم يكن أمامه سبيل آخر، أو للقيام بعمل لا غنى عنه للإنفاق على عائلته (المادة 5).

75- وتسند وظائف القاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية إلى المفوض القانوني. ويجوز الطعن في كافة التدابير التي يتخذها القاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية سواء من جانب المدعي أو المدان أو أي طرف يهمه الأمر. وينظر القاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية في الشكاوى في المحكمة الابتدائية، أما في محكمة الدرجة الثانية فينظر فيها قاضي الاستئناف الجنائي الذي ينبغي رفع الطلب إليه في غضون 10 أيام من التاريخ الذي يخطر فيه القاضي المسؤول عن تنفيذ الأحكام الجنائية بالتدبير المتخذ. وتقديم الشكوى لا يؤدي إلى إيقاف تنفيذ الحكم. ويُكفل حق المدان في الدفاع وتقوم كافة الإجراءات على أساس المبدأ القاضي بمعاملة الأطراف على قدم المساواة ومنحهم الفرصة كاملة لعرض قضيتهم في أي مرحلة من مراحل الإجراءات (انظر المادتين 203 مكرراً ثانياً و203 مكرراً ثالثاً من قانون الإجراءات الجنائية من النص المدرج في المادة 21 من القانون رقم 86 الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974).

الطعون المقدمة أمام القضاء المدني

76- كما ذكر في ملاحظاتنا الواردة في الفرع ألف، يكفل إعلان حقوق المواطنين الحماية القضائية للحقوق الشخصية. وبالإضافة إلى الاختصاص الجنائي تمارس السلطات القضائية اختصاصاً مدنياً، وتعتبر بذلك مسؤولة عن صون حقوق الأفراد. وتنطوي الحماية القضائية للحقوق على توفير سبل الانتصاف لمنع أو إزالة الآثار المترتبة على أي انتهاك لهذه الحقوق أو مساس بها، كما تمثل وسيلة لممارسة الحقوق الأساسية. وتقع على القاضي، باعتباره طرفاً ثالثاً وبالتالي طرفاً محايداً، مسؤولية الفصل في النزاعات القائمة بين طرفين أو ثلاثة أطراف بشأن حق من الحقوق. وبناء عليه يبدأ الإجراء المدني عند تقديم طلب بالحماية من جانب أحد الأطراف يدعي فيه أن طرفاً آخر قد انتهك حقوقه.

77- وتكفل الحماية القضائية للمواطنين والأجانب على السواء دون أي تمييز. وتنص الفقرة 113، العنوان السابع، الكتاب الثاني، من النظام القانوني لجمهورية سان مارينو على "اشتراط وجود كفيل في حالة صدور حكم قضائي لغير صالح المدعي، وتعتبره شرطاً لازماً كي يستطيع الأجانب إقامة دعوى مدنية أمام السلطات القضائية. وبموجب هذا الشرط يقتضي وجود كفيل لضمان الوفاء بأي التزامات ناشئة عن الحكم. وقد أعفي المواطنون الإيطاليون صراحة من هذا الالتزام بموجب المادة 11 من اتفاقية الصداقة وحسن الجوار المبرمة في 31 آذار/مارس 1939 بين سان مارينو وإيطاليا والتي تنص على أنه "يجوز لمواطني كلا البلدين المطالبة بحقوقهم ومصالحهم أمام السلطات القضائية في الدولة الأخرى وفقاً لذات الشروط التي تسري على مواطني تلك الدولة". أضف إلى ذلك أن عدم وجود كفالة من هذا القبيل لا يمكن إثباته بحكم المنصب بل إن التشريعات تقضي بأنه في حالة عدم وجود كفيل يمكن للأجانب أن يؤدوا اليمين. غير أن الالتزام المتعلق بهذه الكفالة قد توقف ولم يعد على أية حال سارياً إذ إنه يتعارض مع مقتضيات المادة 15 من إعلان حقوق المواطنين ومع اتفاقيات حقوق الإنسان التي تعتبر سان مارينو طرفاً فيها.

78- وتستند الإجراءات المدنية في سان مارينو إلى قواعد قانونية (لا سيما القانون رقم 55 الصادر في 17 حزيران/يويه 1994، المرفق التاسع) وقوانين عرفية. وترتكز هذه الإجراءات الكتابية على مبادئ المساواة بين الطرفين والمحاكمة العلنية ونزاهة القاضي الذي تناط به مسؤولية تنظيم سير الإجراءات ولكن ليست لـه سلطة التصرف بحكم المنصب. أما الحق في تقرير موضوع الدعوى على نحو ملزم للقاضي، فيخول لمقدم الدعوى الذي يتعين عليه أن يبين أو يقدم في دعواه بالذات، الوقائع التي تشكل مساساً بحقوقه، فيما عدا تكييف قانوني للوقائع. وتقتضي من الأطراف المتنازعة بعدئذ تزويد القاضي بالأدلة التي تثبت دعواهم؛ وللقاضي المدني على كل حال سلطة القيام على نحو مستقل بجمع أو تكملة الأدلة المقدمة من الطرفين. وبعد إرساء الحق وإثبات أن الخصم قد ألحق الضرر به، وبعد تطبيق الأحكام القانونية ذات الصلة، يحكم القاضي على الخصم إما بدفع تعويض عن الأضرار التي تكبدها المتضرر، أو الوفاء بالتزامات معلقة أو يقوم بصفة أعم بإصدار الأحكام التي طالب بها الأطراف والمنصوص عليها في القانون فيما يتعلق بمختلف الجرائم المحتملة. ولا ينص النظام القانوني في سان مارينو على الاحتجاز في حالة عدم الوفاء بالتزامات تعاقدية.

79- ويجدر بالذكر أنه لم يجر قط تقنين أي من القانون الخاص أو قانون الإجراءات المدنية في سان مارينو. وبالتالي لا يوجد في الدولة قانون مدني ولا قانون إجراءات مدنية. أما نظام مصادر القانون الذي عولج بالتفصيل في الفرع جيم فيعتمد على الجمع بين القانون الخاص - أي القواعد القانونية التي كانت سارية في العصور الوسطى وكافة الإصلاحـات اللاحقـة التي أجراها المجلس النيابي الأعلـى والعـام (القوانين) (ius Proprium) - والقانون العام - وقواعد القانون الكنسي الروماني، حسبما تطور على مر القرون (ius Commune) التي لا تطبق إلا عند عدم تنظيم القانون لموضوع محدد. وهذا التوضيح أساسي لأن كلاً من القانون الخاص وقانون الإجراءات المدنية لا تنظمهما القواعد القانونية (وهي بمثابة قوانين في البرلمان). وبالتالي فإن الكثير من المؤسسات تنظمها قواعد القانون العرفي العام.

80- ويجوز لأي طرف يدعي أن حقوقه قد أضيرت أن يقيم دعوى مدنية ضد الطرف الذي ألحق به الضرر للحصول على تعويض عن الخسارة المتكبدة. وفي مثل هذه الحالات، يمكن أن تشمل الحماية المدنية القضائية الجانب الجنائي. ذلك أن أي فعل من الأفعال المرتكبة ضد الحياة والسلامة الجسدية والشرف والسمعة والحرية الشخصية وسرية المراسلات ... وما إلى ذلك، بالإضافة إلى أنه يشكل جريمة في حد ذاته، يمكن أيضاً للطرف المتضرر أو ذويه من المطالبة بالتعويض والحصول عليه من الجاني عما لحق به من أضرار مادية أو معنوية، حتى يستعيد الطرف المتضرر أو ذويه الوضع السابق. وفي هذا الصدد تنص المادة 1 من قانون الإجراءات الجنائية على ما يلي: "أي جرم يشكل دعوى جنائية في حالة ارتكاب جريمة؛ كما يجوز أيضاً إقامة دعوى مدنية كلما أدى أي جرم إلى إلحاق خسائر مادية أو معنوية بالمدعي. ويجوز إقامة هذه الدعوى المدنية من جانب أي شخص له مصلحة في الحصول على تعويض عن الضرر الذي وقع".

81- وينص قانون الأسرة في سان مارينو أيضاً على إقامة الدعوى المدنية فيما يخص حماية حقوق الأزواج والأطفال. ويكفل القانون رقم 49 الصادر في 26 نيسان/أبريل 1986 (المرفق 10) المساواة التامة بين الأزواج (المادة 1) ويقضي بأن القبول شرط أساسي لأي زواج صحيح، وتمنح المادة 132 في حالة عدم استيفاء هذا الشرط الأزواج الحق في اتخاذ إجراءات قانونية للحصول على قرار ببطلان الزواج. وفي حالة الانفصال القانوني أو الطلاق اللاحق، يكون للزوج الأقل دخلاً الحق في الحصول على النفقة من الطرف الآخر (المادتان 117 و128). ويكفل القانون حماية حقوق الأطفال في الإعالة والتنشئـة والتعليم بعد انفصام عرى الزوجية أيضاً (المادتان 113 و129). ويحدد القاضي المبلغ الذي يجب أن يدفعه الوالد الذي لم يمنح الحضانة وكذلك لإعالة الزوج الأقل دخلاً، ويعين جميع التدابير اللازمة للوفاء بهذه الالتزامات (المادتان 120 و130). بل إنه يجوز للطرف المعني حتى بعد الانفصال أو الطلاق أن يلجأ إلى القاضي ملتمساً احترام حقوقه في النفقة (المادتان 122 و131).

82- ويكفل القانون رقم 23 الصادر في 11 آذار/مارس 1981 (المرفق الحادي عشر) الحقوق النقابية من خلال مجموعة من الأحكام التي تكفل الحماية للأنشطة التي تقوم بها نقابات العمال. وفي هذا الصدد تنص المادة 10 على أنه إذا تصرف صاحب العمل على نحو يحول دون القيام بنشاط نقابي أو يحد منه، فإن المفوض القانوني، بصفته القاضي المنوط بشؤون العمال، بناء على طلب من نقابة العمال المعنية بالأمر والمعترف بها قانونياً، يقوم بعد استدعاء الأطراف وجمع بعض المعلومات العامة بموجب مرسوم مسبب وواجب التنفيذ على الفور بإصدار أمر لصاحب العمل بالقيام خلال الأيام الخمسة التالية لإخطاره بالأمر بوقف سلوكه غير القانوني وإزالة جميع الآثار المترتبة عليه. ويجوز في غضون 15 يوماً من تاريخ إخطار الطرفين بالحكم الطعن فيه أمام قاضي الاستئناف المدني، بصفته قاضي الاستئناف المنوط بشؤون العمال (المادة 20 من القانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992)، وقراره نهائي. ولا يترتب على الطعن إيقاف مفعول ونفاذ الحكم الذي أصدره القاضي المنوط بشؤون العمال.

83- وينبغي التأكيد على أن الأمثلة التي سيقت أعلاه لا تقدم وصفاً شاملاً لجميع الحالات التي يجوز فيها إقامة دعوى مدنية لحماية حقوق الإنسان.

84- والمفوض القانوني هو الهيئة القضائية من الدرجة الأولى المختصة بالنظر في القضايا المدنية. غير أن الدعاوى القضائية المتعلقة بالمنقولات التي لا تتعدى قيمتها 50 مليون ليرة إيطالية (822.84 25 يورو) تندرج ضمن اختصاص قاضي الصلح. ويجوز الطعن في القرارات الصادرة عن قاضي الصلح لدى المفوض القانوني؛ أما قرارات المحكمة الابتدائية التي يصدرها المفوض القانوني فيجوز الطعن فيها لدى قاضي الاستئناف المدني.

85- وينص نظام سان مارينو القانوني على أنه كي تكون الأحكام المدنية نهائية يجب أن تستوفي شرطاً يدعي "التطابق بين الحكمين". وهذا يعني أنه في حال الطعن في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية لا بد من صدور حكمين متطابقين بشأن الأمر كي يعتبر الحكم نهائياً. ووفقاً لهذا المبدأ لا يجوز تقديم أي طعن آخر إذا تطابق حكم صادر من محكمة الدرجة الثانية مع حكم المحكمة الابتدائية، ويعتبر الأمر مقضي به. وعلى النقيض من ذلك إذا كان الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الثانية مخالفاً للحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ولم يوافق الطرف الآخر على هذا الحكم، يجوز أن يلتمس من مجلس الإثني عشر أن يصدر (بموجب المادة 5 من القانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992) أن يصدر حكماً من الدرجة الثالثة، يؤكد فيه إما الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية أو قرار محكمة الاستئناف، بعد الاستماع إلى رأي خبير قانوني يعين من بين القضاة المشهود لهم بالكفاءة. ويكون الحكم الذي يؤكده مجلس الإثني عشر، سواء أكان حكم المحكمة الابتدائية أو قرار الاستئناف، هو الحكم النهائي. ويمكن عملياً أن يعتبر قرار مجلس الإثني عشر رأياً وليس حكماً، ينفذ بموجبه أحد الحكمين.

86- و"بطلان الدعوى" و"إعادة الوضع إلى ما كان عليه" من سبل الانتصاف الممكنة من الأحكام النهائية ويندرجان ضمن اختصاص المجلس النيابي العام الأعلى الذي يستعين عند اتخاذه القرار بخبير يعين من بين القضاة المشهود لهم بالكفاءة. ويحتج ببطلان الدعوى للانتصاف من حكم يشوبه عيب يتعلق بالمشروعية، بالرغم من أن النظر في الدعوى بأكملها قد جرى وفقاً للتشريعات ذات الصلة . وبالتالي لا يجوز إعادة النظر إلا في الحكم وحده. أما إعادة الوضع إلى ما كان عليه فيحتج به ليس ضد الحكم، وإنما من الإجراءات القضائية برمتها، لأن الحكم تأثر بالعيوب التي شابت الأسس الموضوعية خلال جميع مراحل سماع الدعوى. ومن ثم يتعين إجراء محاكمة جديدة.

87- والقانون رقم 81 الصادر في 14 حزيران/يونيه 1995 (المرفق الثاني عشر)، بتنفيذه الحكم الوارد في المادة 5 من القانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992، قد عدل الإجراءات المتعلقة بسبل الانتصاف الاستثنائية المذكورة. وبصدد الدعاوى المتعلقة بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وبطلان الدعوى، تنص المادة 9 بصفة خاصة، على أن تعهد مهمة إبداء الآراء اللازمة إلى خبير يعينه المجلس النيابي العام والأعلى بأغلبية ثلثي أعضائه وفي بداية دورة المجلس التشريعي وطوال مدة انعقادها. وتنص المادة 7 على أن يحيط المجلس النيابي العام الأعلى علماً - دون إجراء تصويت - برأي الخبير القانوني وأن يتخذ، قراراً يتفق وهذا الرأي. والغرض من هذا الإجراء هو الحؤول دون إبداء المجلس النيابي العام الأعلى لرأي سياسي، مما يؤكد الطابع القضائي لهذه القرارات. والواقع أن البرلمان بإحاطته علماً فحسب برأي الخبير القانوني، لا يعرب عن أي رأي سياسي، وإنما يعطي الرأي قوة الحكم القضائي.

الطعون المقدمة إلى القضاء الإداري

88- حسبما ذكر في الفرع ألف، تعهد إلى المحاكم الإدارية مسؤولية حماية المصالح المشروعة للأفراد من أي إجراء غير مشروع تقوم به الإدارة العامة. كما وصف في الفرع ألف نطاق هذه الحماية. ومن الناحية العملية، يمكن لأي شخص يعتقد أن مصالحه قد تضررت نتيجة لإجراء إداري أن يتظلم لدى الهيئة المختصة لإلغاء هذا الإجراء. وهذا يحدث عندما تخالف الإدارة العامة القوانين الناظمة لأنشطتها، مما يلحق الضرر بمصالح الأفراد التي يمسها هذا الإجراء. والواقع أن النظام القانوني يكفل الحماية لمصالح الأفراد بصفتهم الشخصية إذ أنه يلزم الإدارة العامة بأن تمارس السلطات التي تمس المصالح المشروعة التي يعتبرها النظام القانوني في حد ذاته مصالح هامة وفقاً للقانون. والواقع أن الموضوع المباشر المشمول بالحماية، في مثل هذه الحالات، ليس هو الوضع الشخصي ذي الصلة الذي يتعرض له الإجراء الإداري؛ وإنما هو مصلحة الفرد بصفته الشخصية في أن تمارس السلطة الإدارية على نحو يتوافق مع القواعد المتعلقة بالإجراءات الإدارية، وعلى النحو المنصوص عليه في النظام القانوني.

89- ويمكن أن تستنتج أهمية القضاء الإداري في سياق حماية حقوق الإنسان من أن إلغاء أي إجراء إداري غير مشروع بموجب حكم رسمي يصدره القاضي الإداري، إلى جانب إزالة وبأثر رجعي الآثار المترتبة على أي إجراءات تمس حقوق المواطنين، يعتبر في أغلب الأحيان شرطاً أساسياً كي يتسنى لأي فرد بصفته الشخصية رفع دعوى مدنية أمام المحاكم العادية للحصول على تعويض عن الضرر الذي لحق به. واختصاص أي قاض عادي في النظر والبت في الآثار المترتبة على أي إجراء إداري غير مشروع يلحق الضرر بحقوق الفرد يتوقف على شرط إعلان أن الإجراء القانوني الإداري غير مشروع؛ وعندئذ يصبح ذلك واقعة قد تلحق ضرراً يفصل فيها القاضي العادي.

90- وتقضي الفقرة 3 من المادة 15 من القانون رقم 68 الصادر في 28 حزيران/يونيه 1998 صراحة بتوزيع الاختصاصات فيما يخص علاقات العمل في القطاع العام، إذ تنص على ما يلي: "في الدعاوى المتعلقة بالعمل في القطاع العام، يصدر [القاضي الإداري]، عند قبول الدعوى، حكماً يقضي بأن تدفع الإدارة العامة للموظف المبلغ المستحق له دون أن يمس ذلك اختصاص القاضي العادي في اتخاذ قرار بشأن إمكانية تعويض الموظف عن الضرر". والواقع أن الإجراءات الإدارية قد تمس مبدأ المساواة بين المواطنين، وقد تؤدي إلى التمييز بينهم أو تعوق ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم الأساسية. ولذا يحق للمتضرر من إجراء غير مشروع اتخذته الإدارة العامة أن يقيم دعوى قانونية كي يحصل على حكم بإلغاء هذا الإجراء غير المشروع. كما يجوز له الطعن في أحكام القاضي الإداري في المحكمة الابتدائية أمام القاضي الإداري في محكمة الاستئناف، حيث إن مبدأ "التطابق بين الحكمين" ينسحب أيضاً على القضاء الإداري (انظر الفقرة 85 الواردة أعلاه).

نظم التعويض ورد الاعتبار لصالح الأفراد الذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان

91- أدرجت المادة 15 من القانون رقم 83 الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992 في نظام سان مارينو القانوني المسؤولية المدنية للقضاة كي يتسنى المعاقبة على أي تصرف يصدر، سواء عن قصد أو عن غير قصد، من القضاة الذين الحقوا الضرر بحقوق الأفراد لدى مباشرتهم لمهامهم القضائية. ووفقاً لهذه المادة، "يجوز لأي شخص تعرض لضرر من جراء تدبير قضائي اتخذه القاضي العادي أو القاضي الإداري عمداً، أو نتيجة إهمال جسيم أو عدم إقامة العدل، أن يقيم دعوى ضد الدولة للحصول على تعويض عن الأضرار المادية والمعنونة التي لحقت به الناجمة عن حرمان جائر من الحرية الشخصية". ولا يعتبر القاضي مسؤولاً عن تفسير أحكام القانون ولا عن النظر في الوقائع والأدلة لدى قيامه بمهامه القضائية.

92- ويقع الظلم عندما يهمل الموظف القضائي في القيام بواجباته بحكم منصبه، أو يتأخر في أدائها، وعندما يقوم الطرف بعد انقضاء المدة التي حددها القانون للقيام بهذه الواجبات بتقديم التماس للحصول على حكم من القاضي وعندما ينقضي ستين يوماً على تاريخ إيداع الالتماس لدى قلم التسجيل دون أي مبرر. وعلى أية حال للحصول على حكم يشترط، عند عدم تحديد مهلة زمنية قانونية، انقضاء 90 يوماً من تاريخ إيداع الالتماس لدى قلم التسجيل.

93- ويحدث الإهمال الجسيم في الحالات التالية:

(أ) انتهاك جسيم للقانون نتيجة إهمال لا يغتفر؛

(ب) واقعة استبعد وجودها على نحو لا نزاع فيه من محاضر إجراءات الدعوى نتيجة لإهمال لا يغتفر؛

(ج) واقعة اتضح وجودها على نحو لا نزاع فيه في محاضر إجراءات الدعوى نتيجة لإهمال لا يغتفر؛

(د) اتخاذ تدبير يمس الحرية الشخصية بخلاف الحالات التي ينص عليها القانون أو دون أي سبب يدعو لذلك.

94- ويوجه الالتماس بالتعويض إلى مأمور الحكومة (الذي يمثل الدولة) خلال سنة واحدة عقب صدور الحكم النهائي فيما يخص الإجراءات التي ثبت خلالها وقوع الضرر. ويودع الطلب الأولي لدى السجل المدني للمحكمة. وتطلب الدولة، في غضون سنة واحدة عقب دفع التعويض، إلى الموظف القضائي المسؤول عن التدبير أو الانتهاك الذي تسبب في إلحاق الضرر سداد المبلغ الذي دفع له. ويجوز للموظف القضائي الذي اتخذ إجراء أقيمت بشأنه دعوى أن يتدخل في أي مرحلة من مراحل النظر في الدعوى. ولا يؤثر القرار الذي يعلن عند انتهاء النظر في الدعوى التي أقيمت ضد الدولة على الإجراءات التي اتخذتها الدولة ضد القاضي إذا لم يتدخل بمحض إرادته في إجراءات الدعوى.

95- ويعين المجلس النيابي العام الأعلى، في بداية دورة كل مجلس تشريعي، مستشاراً قانونياً أجنبياً لإجراء جميع التحقيقات الأولية وإعلان القرار النهائي في جميع الدعاوى المتعلقة بالمسؤولية التي يسري عليها الإجراءات العادية. ويجوز الطعن في الحكم الذي يصدره القاضي المخول باتخاذ القرار لدى محكمة الاستئناف، أي أمام المستشار القانوني الأجنبي الذي يعينه المجلس النيابي العام الأعلى، وفقاً للأحكام الواردة في المادتين 6 و8، في بداية دورة عمل كل مجلس تشريعي الذي يعمل حسب الإجراءات المعتادة المتبعة في قضايا الاستئناف في المحاكم المدنية. ويحال القرار إلى المجلس النيابي العام الأعلى الذي يحيط به علماً.

96- ويعد هذا النظام "النقطة الفاصلة" بين ضرورة إدراك القاضي لمسؤولياته، بما فيها المسؤولية عن أي خسارة يتكبدها الفرد نتيجة لتصرفه الخاطئ سواء كان نتيجة إهمال أو فعل عمدي، وبين ضرورة الحؤول دون أن تؤدي دفوع القاضي إلى تحريف مسار إجراءات الدعوى.

97- ومقاصد النظام هي بإيجاز ما يلي: ضمان التعويض عن الأضرار التي يتحملها الأفراد ظلماً بسبب سلوك غير مشروع من جانب موظف قضائي (بإقامة دعوى ضد الدولة ) هذا من جهة، والحؤول دون أن تمس المطالبات بالتعويض التي لا أساس لها بمهام القاضي الحساسة التي تكفلها مبادئ الاستقلال الذاتي والحياد.

98- ويمكن بالتالي، إيجاز المبدأين المذكورين أعلاه والناظمين للمسؤولية المدنية للموظفين القضائيين في خمس نقاط أساسية هي:

(أ) يسري هذان المبدآن، على القضاء العادي والإداري على السواء؛

(ب) لا يجوز للطرف المتضرر أن يرفع قضية مباشرة على الموظف القضائي، وعلى العكس يطلب إلى المتضرر أن يرفع دعوى ضد الدولة، بعد أن يستنفد جميع سبل الانتصاف القضائية التي أتيحت، أثناء النظر في الدعوى التي اتخذ فيها التدبير الذي ألحق به الضرر؛

(ج) تعريف معايير "الإهمال الجسيم" وتطبيقها تطبيقاً صارماً؛ فالإهمال الجسيم حسب التعريف القانوني هو في المقام الأول عدم تطبيق قانون نافذ أو تطبيق قاعدة لاغية أو باطلة، واتخاذ تدابير لا ينص عليها القانون، وعدم مراعاة التناسب بين جسامة الانتهاك وخطورة آثاره. ويتناول القانون أيضاً تشويه الحقائق نتيجة إهمال لا يغتفر واتخاذ تدابير تمس الحرية الشخصية خلافاً للحالات التي ينص عليها القانون أو عدم وجود أي سبب يدعو لذلك. وأخيراً يعرف القانون تعريفاً دقيقاً نطاق المسؤولية في حالة فشل العدالة.

(د) عدم المسؤولية عن الأنشطة ذات الصلة باتخاذ القاضي لقراراته بحرية، ذلك أنه ضماناً لتنفيذ المهام القضائية تنفيذاً موضوعياً، لا يمكن في الواقع اعتبار القاضي مسؤولاً عن تفسير أحكام القانون وعن إثبات صحة الوقائع والأدلة. وتشير أنشطة القاضي التي لا تخضع للمسؤولية المدنية إلى الأنشطة التي يضطلع بها في المرحلة التي يصوغ فيها القاضي قراره، على النحو الذي يكفله صراحة إعلان حقوق المواطنين؛

(ه‍) إنشاء هيئات قضائية مختلفة عن الهيئات العادية يعينها المجلس النيابي العام الأعلى لمدة ولاية المجلس التشريعي بأكملها، بهدف ضمان نزاهة الأحكام وتبديد أي شكوك بأن القرارات صادرة إرضاءً لهيئات اعتبارية أو على هواها.

99- ولقد أصبحت سان مارينو أيضاً بانضمامها إلى مجلس أوروبا طرفاً في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وبالتالي فإن احترام سلطات سان مارينو لحقوق الإنسان مكفول لإتاحة الإمكانية لأي طرف مضرور كي يعرض قضيته على المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان.

جيم - نظام مصادر القانون

حماية حقوق الإنسان في إعلان حقوق المواطنين

100- إن الحقوق المنصوص عليها في مختلف الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان مصونة في سان مارينو بموجب القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974، فيما يخص إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية للنظام الدستوري في سان مارينو". والطابع الدستوري لهذه المبادئ والإجراءات الخاصة لاستعراضها تجعل من الإعلان مصدراً أساسياً من مصادر القانون. وتنص الفقرة 1 من المادة 6 على أنه "لا يجوز للمجلس النيابي العام الأعلى أن يعيد النظر في الأحكام الواردة في هذا الإعلان إلا بأغلبية ثلثي أعضائه".

101- ويقر إعلان حقوق المواطنين ويكفل خصوصاً الحقوق التالية:

المادة 4- الناس جميعاً متساوون أمام القانون، دون تمييز على أساس الوضع الشخصي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو الديني. وفرص الوصول إلى الوظائف العامة والمناصب الاختيارية متاحة أمام جميع المواطنين وفقاً للشروط التي يحددها القانون؛

المادة 5- حقوق الإنسان مصونة؛

المادة 6- لكل شخص حق التمتع بجميع الحريات المدنية والسياسية، بما في ذلك الحرية الشخصية، وحرية اختيار محل الإقامة، وحرية الاستقرار ومغادرة أي بلد والتجمع وتكوين الجمعيات وحرية الفكر والوجدان والدين والحق في سرية أي شكل من أشكال الاتصالات وحرية الاستمتاع بالفنون والإسهام في العلوم وكذلك الحق في التعليم المجاني؛

المادة 7 - الحق في التصويت والانتخاب في عملية اقتراع عامة ومباشرة وسرية ؛

المادة 8 - الحق في تشكيل الأحزاب السياسية والنقابات بطريقة ديمقراطية؛

المادة 12- حماية الأسرة من خلال المساواة المعنوية والقانونية أساسي للزوجين ؛

المادة 15- الحق في الحصول على حماية قضائية للحقوق الشخصية والمصالح المشروعة. والحق في الدفاع في أي مرحلة من مراحل الإجراءات القضائية. ويجوز للقضاة الذين يخولهم القانون ممارسة السلطة القضائية وحدهم إصدار أحكام إنسانية واصلاحية وفقاً لمبدأ عدم رجعية القوانين. ويفترض براءة المتهم حتى تثبت إدانته.

مصادر قانون سان مارينو

102- من المفيد معرفة مصادر نظام سان مارينو القانوني لنفهم على نحو أفضل مكانة هذا الميثاق الدستوري في النظام الهرمي للقوانين. و الخاصية التي تميز النظام القانوني لسان مارينو تتمثل في عدم تدوين القانون الخاص، الأمر الذي حافظ فيما يخص القانون المدني والقانون التجاري وقانون الإجراءات المدنية على وجه الحصر على نظام مصادر القانون العام المعهود في النظم الأوروبية التي كانت سائدة قبل التدوين الفرنسي للقوانين في عام 1804.

103- وعلى النقيض من ذلك، يوجد لدى جمهورية سان مارينو، امتثالاً لمبدأ المشروعية، قانون جنائي وقانون للإجراءات الجنائية. وبالتالي لا يجوز بموجب نظام سان مارينو القانوني إدراج قواعد جنائية، إلا بمقتضى أحكام تشريعية. وفي هذا الصدد تنص المادة 1 من القانون الجنائي التي تنفذ المادة 15 من إعلان حقوق المواطنين على أنه "لا يدان أي شخص على فعل لا يشكل جريمة بمقتضى القانون، ولا تفرض على أي شخص عقوبة بخلاف العقوبات التي ينص عليها القانون صراحة. ولا يتعرض أي شخص لتدابير أمنية بخلاف التدابير التي ينص عليها القانون صراحة وسوى في حالات محددة ". يحظر نفس الشيء صراحة بمقتضى المادة 2 التي تنص على ما يلي: "لا يجوز للقاضي, عند ممارسته لسلطته القضائية, أن يتجاوز تفسير القانون أثناء نظره في أي قضية ، كما لا يجوز له أن يصدر قرارات تحمل طابعا عاما. ولا تكون الأحكام التي يصدرها بشأن قضية ما واجبة التطبيق على قضايا أخرى".

104- وفيما يتعلق باحترام مبدأ المشروعية أيضاً تنص المادة 3 على مبدأ عدم رجعية القوانين الجنائية. ومن المسلم به أن مبدأ المشروعية هو إنجاز أساسي من إنجازات الأمم المتحضرة، إذ إنه يصون حريات المواطنين من التجاوزات التي يمكن أن ترتكبها سلطات الدولة. فهذا المبدأ ينطوي, في المقام الأول, على شرط قانوني يمثل في ظل سيادة القانون ضمانة جوهرية، ولا يجوز إلا للمجلس النيابي العام الأعلى، باعتباره الهيئة التي تمثل سيادة الشعب، أن يحدد أوجه السلوك التي يجب تجريمها، مع الأخذ في الحسبان تأثير الإجراءات الجنائية على حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية. ويحظر مبدأ عدم رجعية القوانين تطبيق القانون الجنائي على أفعال ارتكبت قبل دخول القانون حيز النفاذ، وذلك بهدف منع توقيع عقوبات أشد من العقوبات التي كانت سارية وقت ارتكاب الجريمة. وأخيراً، فإن مبدأ المشروعية باقتضاءه وجوب أن يتناول صراحة القانون الجرائم، يحظر تطبيق قانون على وقائع مماثلة لا يتناولها هذا القانون بالتحديد.

105- وبالمثل، فإن أي إجراء إداري يحد من الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين يجب أن يرد في القانون، ويقصد بهذا تشريع برلماني. وفي هذا الصدد، تقتضي المادة 6 من إعلان حقوق المواطنين عدم وضع أي قيود على ممارسة هذه الحقوق بخلاف القيود التي وردت في القانون، في حين تنص المادة 14 من الإعلان على أن تتحقق الإدارة العامة من توافق أنشطتها مع معايير المشروعية والحياد والكفاءة.

106- وإضافة إلى المقدمة الواردة أعلاه، التي تبين أن التحليل التالي يشير إلى القانون الخاص وحده، من المهم التأكيد على أن مصادر القانون مدرجة في البابين الثالث عشر والحادي والثلاثين من النظام القانوني لجمهورية سان مارينو Leges Statua Republicae Sancti Marini الذي يرقى تاريخه إلى القرن السابع عشر ويبين بوضوح التسلسل الهرمي وهي: التشريعات البرلمانية والقوانين التشريعية والقوانين العرفية وأحكام القانون العام. وبالتالي, ففي نظام سان مارينو القانوني نجد أن التشريعات البرلمانية والقوانين التي يصدرها المجلس النيابي العام الأعلى والقوانين العرفية وكذلك القانون العام، الذي يمثل مصدراً ثانوياً ومكملاً، تشكل جميعها نظاماً يخضع لأحكام القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974 الذي يتضمن "إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية للنظام الدستوري لسان مارينو".

107- ولا يطبق القانون العام، بوصفه مصدراً ثانوياً، إلا عند عدم وجود قوانين تشريعية أو عرفية تنظم موضوعاً محدداً. وفي هذا الصدد يجب التأكيد, على أن القانون العام النافذ في جمهورية سان مارينو "ليس هو القانون الكنسي الروماني الذي كان سارياً في عهد الامبراطور جوستينيان، إنما هو بالأحرى القانون الذي وضعته معظم دول أوروبا المتحضرة, ولا سيما ايطاليا, استناداً إلىكل من القانون الروماني والكنسي وإلى الأعراف والتقاليد، والذي تشير إليه مؤلفات القضاة المرموقين وقرارات المحاكم الشهيرة ... ويشكل القانون التجاري العام جزءاً من القانون العام" (حكم صادر عن البروفيسور سيالوجا، قاضي الاستئناف المدني، في 12 آب/أغسطس 1924، الوارد في الصفحة 18 من Giur Samm ., الصادر في عام 1924 صفحة 12 من النص الانكليزي).

108- والعلاقات بين القانون العام (القانون الروماني - الكنسي) والقانون الخاص (القوانين التشريعية) قد فسرت بوضوح وأوجزت في مجموعة من السوابق القضائية، التي تنص على ما يلي : "يجب أن نتذكر أن القانون العام هو القانون العام الشامل القديم، وهو النظام الذي جرى صوغه على مر القرون من خلال السوابق القضائية وبالاستناد إلى القانون الروماني الذي كان سائدا في عهد الإمبراطور جوستينيان، والقانون الكنسي, وكذلك إلى الأعراف والتقاليد، في حين أن القانون الجديد، الذي تمثله القوانين التشريعية والتشريعات المحلية اللاحقة، لا يعد تدويناً كاملاً للقانون الخاص والقانون المدني والقانون التجاري وقانون الإجراءات المدنية. وبالتالي، يجب عدم تفسير تعبير "القانون الثانوي" تفسيراً خاطئاً على افتراض أنه لا يجوز تطبيق القانون العام إلا في ظروف استثنائية، عند وجود ثغرات في التشريعات البرلمانية أو في القوانين المحلية، كما لو كانت هذه التشريعات تشريعات عامة لجمهورية سان مارينو. والواقع أن القانون العام هو القاعدة, والتشريعات المحلية هي الاستثناء، كما يتضح من النسبة الكمية بين قواعد القانون العام ذات الصلة، والأهم من ذلك الطابع الخاص الذي تتسم به التشريعات المحلية من إدماج وتعديل وابتكار في مقابل النظام العام للمؤسسات القضائية التي تستند، في قواعدها بصورة نموذجية، إلى القانون العام، ويعلى دائماً المجلس التشريعي لسان مارينو من شأنها (الحكم الصادر عن البروفيسور غويدو استوتي، قاضـي الاستئناف المدني، 30 تموز/يوليه 1963، الوارد في Guir Samm. 1965، المجلد 1، الصفحة 26).

109- وفيما بين القانون الخاص والقانون العام توجد الأعراف المتوارثة، أي المبادئ التي صيغت بموجب قانون السوابق القضائية مع مرور الزمن. واستكملت المبادئ القائمة على السوابق القضائية هذه تدريجياً نظام سان مارينو القانوني، وعدلت التشريعات لتتواءم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة وكفلت الحقوق المنصوص عليها في إعلان حقوق المواطنين.

110- وكما ذكر من قبل، جمعت كل هذه المصادر لتشكل نظاماً بموجب في القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974، وهو قانون "يتعين على القضاة احترام مبادئه ... عند تفسيرهم وإنفاذهم لهذا القانون" (المادة 16). وحسبما وردت الإشارة، يشكل إعلان حقوق المواطنين والمبادئ الأساسية لنظام سان مارينو الدستوري (القانون رقم 51، المؤرخ 8 تموز/يوليه 1974) دستور سان مارينو الذي ينص على المبادئ العامة المتمثلة في الحرية والمساواة والديمقراطية والمتأصلة في هذا النظام. والإعلان، باقتضاءه أن يقوم القضاة بتفسير وإنفاذ القانون وفقاً لمبادئه (الفقرة 2 من المادة 16)، يقر عدم سريان القواعد غير الدستورية.

111- وبالتالي، فإن القوانين التشريعية تشكل قانوناً خاصاً له تفسير محدد، بينما يسري القانون العام عندما لا ينظم القانون الوضعي صراحة موضوعاً معيناً. وبناء على ذلك، تعد القوانين التشريعية والعرفية مصدراً أولياً لـه الغلبة دائماً على جميع المصادر الأخرى، التي يمكن أن تبطل كلياً أو جزئياً أحكام القانون العام. وهذه العلاقة بين المصادر الأولية والثانوية للقانون تؤثر بالضرورة على التفسير، مما يؤدي إلى استبعاد اللجوء إلى القياس أيضا في مجال القانون الخاص. وبما أن القواعد الوضعية هي قواعد ذات طابع خاص وتقييدي بالمقارنة مع القواعد ذات الطابع العام، لا يستطيع مفسر هذه القواعد أن يتجاوز أسسها كي يطبقها على حالة لا ينص عليها القانون.

إجراءات التحقق من الشرعية الدستورية

112- رغم التزام القضاة التزاما قطعيا بالامتثال للمبادئ التي ينص عليها إعلان حقوق المواطنين, فقد توخى المجلس التشريعي الدستوري كذلك اتخاذ إجراءات للتحقق من الشرعية الدستورية، إذ يقضي بأنه "كلما كانت شرعية أي قاعدة موضع شك أو خلاف، جاز للقاضي أن يطلب إلى المجلس النيابي العام الأعلى إبداء رأيه بشأن المسألة، وذلك بعد الاستماع إلى رأي الخبراء". (الفقرة 2 من المادة 16). وبتنفيذ هذا الحكم، يكون القانون رقم 4 الصادر في 19 كانون الثاني/يناير 1989 (المرفق 14) قد نظم إجراءات التحقق من الشرعية الدستورية للقواعد العادية.

113- وتنص المادة 2 من القانون رقم 4 الصادر في 19 كانون الثاني/يناير 1989 على ما يلي: "يجوز لأي طرف من الطرفين في دعوى ينظر فيها أمام محكمة عادية أو محكمة إدارية أو المدعي العام، أو القاضي بذاته أن يقدم, أثناء سير إجراءات الدعوى, طلباً كتابياً يلتمس فيه التحقق من شرعية أي قاعدة ذات صلة بالمبادئ الواردة في القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974. ويجب أن يبين هذا الطلب بوضوح ما يلي:

(أ) أن شرعية القوانين أو الأحكام التي لها قوة القانون موضع شك أو خلاف؛

(ب) أن أحكام ومبادئ القانون رقم 59 قد انتهكت كما يزعم".

114- وتقتضي المادة 3 من القاضي "أن يرفض رسمياً الطلبات المقدمة من الأطراف أو من المدعي العام التي يتبدى جلياً أنها بلا أساس أو تعرقل سير الدعوى، بأن يعهد إلى القاضي مهمة تقييم إمكانية قبول الدعوى المعروضة عليه ريثما يبت في طلب التحقق من شرعيتها. وبناء على ذلك، فإن أي طلب يقدم بغرض التحقق من شرعية أي قانون عادي ذي صلة بالمبادئ التي ينص عليها القانون رقم 59 الصادر في 8 تموز/يوليه 1974, باتخاذ إجراءات عرضية وقائمة بذاتها تتكون من مرحلتين:

(أ) أولاً، وأساساً أمام قاض طُعن في حكمه لإثبات مقبولية الطلب و استناده شكلا ومضمونا إلى أسس سليمة؛

(ب) وبناء على ذلك إذا كان الطلب مقبولاً، يفصل المجلس النيابي العام الأعلى في الأمر بعد الاستماع إلى رأي أحد فقهاء القانون يقوم المجلس بتعيينه لدورة المجلس التشريعية بأكملها، عملاً بالمادة 4 مـن القانـون 4/1989.

115- وتنص المادة 8 على "أن القاعدة التي يعلن المجلس النيابي العام الأعلى عدم شرعيتها تلغى اعتباراً من تاريخ إعلان عدم شرعيتها".

حالات التقييد التي ينص عليها إعلان حقوق المواطنين

116- يرد التقييد الوحيد المنصوص عليه في إعلان حقوق المواطنين في المادة 6، ونصه كما يلي:

" يتمتع كل شخص بالحريات المدنية والسياسية. ولكل فرد بوجه خاص حق التمتع بالحرية الشخصية وحرية اختيار مكان إقامته، والاستقرار في أي بلد ومغادرة ذلك البلد وحرية التجمع وتكوين الجمعيات وحرية الفكر والوجدان والدين. وللفرد الحق في حماية خصوصية أي شكل من أشكال الاتصالات. ولا يجوز فرض أي قيود على ممارسة هذه الحقوق بخلاف تلك الحقوق التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية النظام العام والصالح العام".

117- وترد أدناه أحكام القانون التي تحد من نطاق الحقوق الواردة أعلاه لأسباب جدية تتعلق بالحفاظ على النظام والصالح العام.

الحق في الحرية الشخصية

118- يكفل هذا الحق الحماية للمواطنين من أي أفعال غير مشروعة ترتكبها السلطات العامة من شأنها أن تحرمهم من حريتهم الشخصية . أما القيود المفروضة على الحرية الشخصية في نظام سان مارينو القانوني فهي تدابير وقائية تشمل الحرمان من الحرية المشار إليه في المادتين 53 و54 من قانون الإجراءات الجنائية الواردة في النص الذي استعيض عنه بالمادتين 14 و15 من القانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994.

119- وهذه الأحكام، التي يرد وصفها في الباب باء، تحد من نطاق تطبيق مثل هذه التدابير عن طريق حظر فرضها "مسبقاً" كنوع من العقوبة هذا من جهة، وإقامة التوازن بين حق المدعى عليه في الحرية وحاجة المجتمع إلى الحماية من الجهة الأخرى. والشروط المسبقة هي مشروعية هذه الأحكام وضرورتها الحتمية في ظروف خاصة. ويتعين على كل حال أن تكون هذه التدابير متناسبة مع الجريمة المرتكبة أو العقوبة المفروضة، وأن تستند إلى أدلة كافية. وينص القانون أيضاً على تدابير بديلة عن الحبس الوقائي. أما الإفراج رهن المراقبة, فهو على أية حال تدبير استثنائي، لأن الغرض الذي يتوخاه المجلس التشريعي من تطبيق هذا التدبير هو حماية حقوق المدعى عليه.

120- ولا بد من تقديم الأسباب المبررة لاتخاذ جميع التدابير التي تحد من الحرية الشخصية. وكما ذكر من قبل يمكن الطعن في هذه التدابير أمام قاضي الاستئناف الجنائي. وتشمل الأسباب التي يفرضها النظام العام والمصلحة العامة التي يمكن أن تتضمن في ظروف استثنائية الحد من الحرية الشخصية، قيام الشرطة القضائية بتوقيف أشخاص واحتجازهم. وفي هذا الصدد، يقر القانون رقم 20 الصادر في 24 شباط/فبراير 2000 - في الحالات التي يجوز فيها الاحتجاز الوقائي - بإمكانية القبض على أي شخص متلبساً بارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن، مع مراعاة حقوقه الشخصية. وتصبح هذه الإمكانية التزاماً عند ارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون بالسجن من الدرجة الثالثة على الأقل.

121- وإضافة إلى هذه الحالات يجوز للشرطة أن توقف وأن تحتجز ,إما لأسباب تتعلق بالتحقيق أو لدواعي الأمن, أشخاصاً يشتبه في ارتكابهم جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن كلما كان من المحتمل هروبهم. وتعد الشرطة تقريراً بهذا الشأن وتقوم بإخطار الطرف المعني ومحاميه بذلك. وتحال تقارير التوقيف والاحتجاز إلى المفوض القانوني خلال فترة 48 ساعة. ويقوم المفوض القانوني خلال 96 ساعة بعد إحالة التقارير, بإصدار أمر بالإفراج عن الشخص أو اتخاذ أحد التدابير الأمنية التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية . وعدم استيفاء الشروط المذكورة أعلاه من شأنه أن يجعل التدبير عديم المفعول.

122- وفيما يتعلق بواجب التعاون مع السلطات القضائية، يقتضي القانون أن تقوم الشرطة بناء على أمر من السلطة القضائية بإحضار الشهود قسراً للمثول أمام المحكمة. أما في القضايا المدنية، فتنص الفقرة الفرعية 3-1 من المادة 2 من القانون رقم 55 الصادر في 17 حزيران/يونيه 1994 على ما يلي:"إن لم يمثل الشاهد أمام المحكمة لاستجوابه، يحدد القاضي بحكم منصبه, موعداً لجلسة أخرى تعقد خلال الشهرين التاليين للجلسة السابقة؛ ولكن إن لم يمثل الشاهد ثانية أمام المحكمة بدون أي سبب وجيه، يجوز للقاضي - دون الإخلال بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون - أن يأمر، بناء على طلب من أحد أطراف الدعوى، بأن تحضر الشرطة الشاهد قسراً ليمثل أمام المحكمة التشريعية". والمادة 380 من القانون الجنائي تفرض عقوبة على الشهود الذين يرفضون المثول أمام المحكمة أو أداء اليمين أو الذين يحصلون بالاحتيال على إعفاء من الإدلاء بالشهادة.

الحق في حرية اختيار مكان الإقامة

123- يكفل الحق في حرية اختيار مكان الإقامة صون خصوصيات الأفراد بمنع أي تطفل على مساكنهم الخاصة. وفي هذا الخصوص يجدر بالذكر أن تعريف مكان الإقامة لا يتطابق مع التعريف المشار إليه في القضايا المدنية في سان مارينو، فمكان الإقامة طبقاً لهذا التعريف هو المكان الذي يختاره أي فرد ليصبح مركز أنشطته ويتميز بعنصرين هما: (أ) الإقامة المنتظمة في مكان معين؛ و(ب) رغبة الفرد في أن يحدد مسكنه ويحافظ عليه في ذلك المكان. والواقع أن الحماية الدستورية لا تشمل محل السكن تبعاً للتعريف فحسب، الوارد أعلاه، وإنما تشمل أيضاً أي محل سكن خاص، حتى إن كان مؤقتاً، يمارس فيه الفرد أنشطته.

124- وحالات عدم التقيد بهذا الحق تجيزها القواعد المتعلقة بعمليات التفتيش والتقصي والضبط. ولهذا الغرض تنص المادة 74 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز تفتيش منزل أي متهم أو أي شخص آخر إلا بموجب أمر من قاضي التحقيق المكلف بهذه الإجراءات. ويشير أمر التفتيش إلى جميع التحفظات التي يتعين مراعاتها والتي يتحمل مسؤوليتها قائد الشرطة. ويجب أن يكون ضبط جسم الجريمة بأمر من قاضي التحقيق. وتنص المادة 18 من القانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994 على أنه "يجوز لقوات الشرطة عند الحاجة والضرورة أن تصادر جسم الجريمة وغيرها من الأشياء ذات الصلة وأن تبلغ بذلك رسمياً خلال 48 ساعة من قيامها, المفوض القانوني الذي يقر هذا التدبير، وفقاً لما تقتضيه الظروف، وخلال 96 ساعة بعد الإبلاغ. ويعتبر التدبير لاغياً في حالة عدم إقراره". ويمكن للمتهم أن يطعن أمام قاضي الاستئناف الجنائي في جميع التدابير القسرية المتعلقة بممتلكات أفراد والمتصلة بعمليات المصادرة أو إقرارها (المادة 17 من القانون رقم 9/94).

الحق في حرية الاستقرار في أي بلد ومغادرته

125- يشمل هذا الحق الأساسي ثلاث حريات رئيسية هي:

(أ) حرية الفرد في التنقل في جميع أرجاء الأراضي الوطنية؛

(ب) حرية الفرد في أن يحدد محل سكنه في أي مكان من الأراضي الوطنية؛

(ج) حرية الفرد في مغادرة الأراضي الوطنية إما بصورة مؤقتة أو دائمة والعودة إليه.

126- وترد القيود المفروضة على هذا الحق, أولا وقبل كل شيء, في القوانين والتشريعات والنظم الخاصة بشؤون النقل البري التي تفرض قواعد تحظر الوقوف أو التوقف أو العبور أو دخول أماكن محددة. وبالمثل، فإن القواعد المنظمة لمنح رخص قيادة السيارات لا تجيز منح هذه الرخص إلا للأفراد الذين اجتازوا الامتحان اللازم حفاظاً على السلامة العامة (القانون رقم 6 الصادر في 20 أيلول/سبتمبر 1985).

127- وتنص الأحكام الخاصة بالأجانب على تقييدات فيما يخص الحق في الاستقرار. ولقد كان صغر حجم البلد وعدم وجود رقابة على حدوده الوطنية وضرورة توفير الحماية لشعب سان مارينو من العوامل التي أدت دائماً إلى قيام المجلس التشريعي في سان مارينو بالحد من إمكانية بقاء الأجانب داخل أراضي الجمهورية.

128- وينص القانون رقم 23 الصادر في 4 آب/أغسطس 1997 الذي عدل بموجب القانون رقم 22 الصادر في 24 شباط/فبراير 2000، على أنه يجوز لأي أجنبي دخول الإقليم الوطني والتنقل فيه بحرية. أما أولئك الذين يودون الإقامة في الجمهورية فيقتضي حصولهم على تصريح بالإقامة. كما يقتضي من أصحاب الفنادق وملاك المنازل ومؤجري المساكن ممن يوفرون المأوى للأجانب ولو لليلة واحدة إبلاغ قوات الدرك بذلك. ولقد عدل القانون رقم 95 الصادر في 4 أيلول/سبتمبر 1997 والقواعد التنفيذية اللاحقة الأحكام السابقة التي تتعلق بمنح تصاريح البقاء والإقامة للأجانب. وتمنح تصاريح الإقامة في ظروف خاصة تتراوح ما بين العلاقات التجارية أو المهنية وأغراض الدراسة أو الاحتياجات إلى العلاج أو المساعدة، والأسباب الأسرية وأغراض السياحة وممارسة الشعائر الدينية. وتصدر قوات الدرك تصاريح إقامة دائمة للأجانب الذين منحوا تصاريح عادية أو خاصة بالإقامة لمدة خمس سنوات على الأقل، شريطة ألا تتخللها فترات انقطاع وعدم تورط طالب الإقامة في أي إجراءات جنائية خاصة بالجنايات، وعدم إدانته بارتكاب أي من جناية من هذا القبيل وعدم وجود أي أسباب جوهرية تخص الأمن العام.

129- وتُخفَّض مدة الإقامة من خمس إلى ثلاث سنوات عندما يتعلق الأمر بزوج أي مواطن من مواطني سان مارينو وبأطفاله البالغين سن الرشد الذين يعيشون مع والديهم. وتمنح قوات الدرك، عند الطلب، أطفال المقيمين من الأجانب المولودين خارج سان مارينو تصاريح إقامة.

130- وتعد الإجراءات الجنائية المعلقة وأحكام الإدانة لارتكاب جرائم خطيرة، فضلاً عن ضرورات الأمن العام أسباباً لرفض منح تصاريح بالإقامة أو لسحب هذه التصاريح. ويجوز لسلطات الأمن أيضاً أن تصدر بمقتضى القانون رقم 22 الصادر في 24 شباط/فبراير 2000، أمراً لأي أجنبي لا يحوز تصريحاً بالإقامة أو البقاء بمغادرة البلد على الفور أو في غضون فترة زمنية معقولة إذا اقتضت ذلك أسباب تتعلق بمنع الجريمة أو الحفاظ على الأمن أو النظام العام.

131- ويُخطر المفوض القانوني بهذا الإجراء الذي يقوم عندما تقتضي الظروف ذلك بإقراره خلال 96 ساعة من تسلمه الإخطار. ويمكن الطعن في الإجراء أمام قاضي الاستئناف الإداري خلال 10 أيام من اتخاذه.

132- أما طرد الأجانب من الأراضي الوطنية فهو إجراء أمني يتخذ بموجب المادة 127 من القانون الجنائي. ويطبق القاضي هذه المادة في حالتي الإدانة أو التبرئة. أما المادة 14 من القانون رقم 9 الصادر في 2 شباط/فبراير 1994 فتنص على تدابير تتعلق بالإكراه الشخصي منها إجبار الشخص على البقاء في الأراضي الوطنية أو في جزء منها أو منعه من ذلك، فضلاً عن منعه من المغادرة. ويعتمد قاضي التحقيق مثل هذه التدابير الوقائية في ضوء وجود قرائن ظاهرة وجدية تدل على اقتراف الجرم، شريطة وجود احتمال بحجب الأدلة أو حاجة ماسة إلى حماية المجتمع.

133- ويمكن الطعن في هذه التدابير أمام قاضي الاستئناف الجنائي. ولكن تجدر الإشارة أيضاً إلى أن عملية الترحيل تتوقف على إصدار الحاكم ووزير الدولة لشؤون الخارجية جوازات سفر للمواطنين وللمقيمين عديمي الجنسية (المادة 1 من القانون رقم 85 الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 1984: الميثاق 16). ولا يجوز إصدار جوازات السفر لمن يلي:

(أ) أي شخص صدر أمر بالقبض عليه أو تلقى أمراً بالحضور إلى المحكمة بسبب إجراءات جنائية معلقة بصدد جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة سنة واحدة على الأقل؛

(ب) أي شخص يبدي الزوج في المحكمة رفضه للآخر لأسباب مشروعة؛

(ج) القصَّر الذين يطلبون جواز سفر دون موافقة آبائهم أو الأوصياء عليهم؛

(د) أي شخص محجوز عليه أو غير مؤهل للحصول على جواز سفر (المادة 3 من القانون رقم 85/1984).

الحق في حرية التجمع

134- يعني التجمع اللقاء المؤقت والطوعي في مكان معين لأشخاص بناء على اتفاق مسبق ولغرض محدد. ولذا فإن التجمع يختلف عن التجمهر الذي ينجم عن حدث مفاجئ وغير متوقع وهو بالتالي عرضي. وقد يكون للتجمع أغراض مختلفة - دينية أو سياسية أو ثقافية، إلى غير ذلك وربما تكون أهدافه عامة أو خاصة. والقيد الوحيد الذي يفرض في هذه الحالة هو أن يكون التقاء المشاركين في التجمع سلمياً ومجرداً من السلاح.

135- وتأذن سلطات الأمن بالتجمعات العامة، ولها أيضاً أن تحظرها إذا كان من المحتمل أن تؤدي إلى وقوع مراجعة حوادث وأعمال شغب. كما يجوز للشرطة منع التجمع وأعمال التجمهر غير المسموح بها، وكذلك المسموح بها عندما تتسبب في اندلاع أعمال الشغب أو ارتكاب أعمال إجرامية. وتعاقب المادة 291 من القانون الجنائي أي مشارك في تجمع أو تجمهر في مكان عام أو في مكان مفتوح للجمهور لا يمتثل لأمر مشروع تصدره السلطة بتفريق التجمع تحسباً لاضطرابات محدقة أو جرائم وشيكة تعرض الأمن والنظام العام للخطر.

136- وتنظم أحكام خاصة الحملات الانتخابية خلال الثلاثين يوماً السابقة لأي انتخابات عامة. وفي هذا الصدد، تنص المادة 8 من القانون رقم 36، الصادر في 14 آذار/مارس 1997 على أن يخطر مندوب الحزب أو من ينوب عنه مراكز قوات الدرك بأي حملة انتخابية أو بأي اجتماع يعقد في مكان عام أو مفتوح للجمهور قبل الموعد المقرر للتجمع بما لا تقل عن 24 ساعة، مع الإشارة إلى موعد عقده ومكانه. وقد تُمنع الحملة الانتخابية في حال عدم الإخطار. فالإخطار ضروري حتى تتمكن قوات الشرطة من أن تؤدي على أفضل وجه واجباتها المتمثلة في منع اندلاع أعمال الشغب وارتكاب الجرائم. والمادة 398 من القانون الجنائي تعاقب أي شخص يمنع الحملات الانتخابية أو غيرها من الاجتماعات الاقتراعية أو يعكر صفوها.

137- وتختلف الجمعية عن التجمع من حيث أنها منشأة دائمة ووجود علاقة وثيقة تربط بين أعضائها الذين يوحدون جهودهم لبلوغ هدف منشود. ويكفل نظام سان مارينو القانوني تماماً حرية تكوين الجمعيات. والقانون لا يحظر سوى التآمر (المادة 287 من القانون الجنائي)، وتشكيل التنظيمات العسكرية (المادة 288 من القانون الجنائي) والرابطات التخريبية (المادة 399 من القانون الجنائي) وأي رابطة تستهدف إعادة تنظيم صفوف الحزب الفاشي بأي شكل من الأشكال، (القانون رقم 24 الصادر في 29 آب/أغسطس 1950: المرفق 17).

الحق في حرية الفكر

138- يقصد بالحق في حرية الفكر أن لكل شخص الحق في التعبير علانية عن أفكاره، أو عبر وسائط مثل الصحافة والسينما والإذاعة ولوحات الإعلان والصور والنقوش، إلى غير ذلك. كما يشمل الحق في حرية الفكر، بأوسع معاني الكلمة ما يلي:

(أ) الحق في إبلاغ المعلومات، أي الحق في إبلاغ الأنباء ونقل أفكار الآخرين، والشخص الذي يعبر عن الفكر هو المسؤول عنها وليس ناقلها؛

(ب) الحق في إبداء الآراء والتعليقات بشأن وقائع وأخبار معينة وانتقادها وتقديرها وتبنيها وتقييمها؛

(ج) الحق في الدعاية، أي نشر وترويج الأفكار والإيديولوجيات بقصد كسب المؤيدين.

139- والقيد الوحيد الذي ينص عليه إعلان حقوق المواطنين هو ضرورة الحفاظ على النظام العام وصون مصالح المجتمع. أما القيود الأخرى المفروضة على حرية الفكر، فهي قيود تقتضيها حماية الحقوق الذاتية للأفراد (الخصوصية وسرية الاتصالات والسمعة الحميدة) ومراعاة الواجبات العامة (آداب السلوك العام والحفاظ على الأسرار الرسمية والولاء لمؤسسات الدولة والامتناع عن المساعدة في ارتكاب جريمة أو التحريض عليها). ومن القيود المنبثقة عن الحقوق الذاتية للأفراد أولاً الحق في الخصوصية، أي حظر إفشاء الأسرار عن وقائع وجوانب الحياة الخاصة لأي فرد أو لأسرته بدون مبرر. كما يشمل الحق في حرمة الحياة الخاصة وحماية حرية وسرية الاتصالات بكل أشكالها.

140- ويكفل نظام سان مارينو القانوني تماماً سرية المعلومات؛ ومن ثم فإن القانون يفرض بعض القيود على حرية الفكر. ويجب التشديد على أن سرية الاتصالات غير مقيدة بأي شكل من الأشكال، فالتصنت على المكالمات الهاتفية حتى بموجب إذن من السلطة القضائية غير مسموح به. وتعاقب المادة 190 من القانون الجنائي أي شخص غير مخول بالمراقبة ويعمل بطريق الاحتيال على معرفة مضمون أي اتصال، أو يفشيه أو يمنع نقله بأي شكل من الأشكال، في حين تعاقب المادة 191 كل من قام بعد أن عرف بطريق الاحتيال مضمون أفعال أو وثائق سرية عامة أو خاصة بإفشائه أو باستخدامه لمصلحته أو لمصلحة آخرين.

141- وبالمثل، نظم القانون عملية إنشاء قواعد للبيانات، إذ ينص على الحق في تقويم وتنظيم عملية الحصول على البيانات تحقيقاً لأغراض حماية الخصوصية. كما أن القانون رقم 70 الصادر في 23 أيار/مايو 1995 (المرفق 18) نظم عملية جمع البيانات الشخصية المحوسبة. ذلك أن المادة 2 من القانون المذكور تنص على أن أي ملفات إلكترونية أو محوسبة تتضمن أسماء ومعلومات محددة ذات صلة بكيانات قانونية يقوم أي شخص بإعدادها أو استخدامها تعود في المحل الأول بالنفع على المواطنين جميعاً. وبالتالي فإنه يجب ألا تخل قواعد البيانات هذه بأي شكل من الأشكال باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الخاصة أو العامة، كما يجب ألا تمس كرامة وهوية أي شخص التي تعتبر حياته الخاصة مصونة.

142- ويتوقف إنشاء قواعد بيانات خاصة على موافقة مجلس الدولة والضامن لسرية البيانات الشخصية الذي يعيَّن من بين القضاة الإداريين (المادة 6 و15)، في حين يجري إنشاء قواعد البيانات الخاصة بالكيانات الحكومية والعامة بموجب مرسوم من المحاكم، بعد الاستماع إلى رأي الضامن (المادة 5). ولأي شخص طبيعي أو قانوني الحق في الاطلاع على البيانات والمعلومات التي جمعت وعولجت واستخدمت إلكترونياً ضد شخص ما أو كانت تخصه والاعتراض عليها بغرض تصحيحها.

143- ويتعين على كل كيان أو شخص يقوم بجمع أو معالجة أو استخدام بيانات شخصية مراعاة مبدأ السرية المهنية والالتزام باتخاذ أي تدبير يلزم للحفاظ على أمن وسرية الاتصالات وللحؤول دون تشويه هذه البيانات أو إفشائها لأشخاص غير مخولين بالاطلاع عليها. ولا يجوز إفشاء البيانات الشخصية إلا بموافقة الطرف المعني (المادة 4). كما يحظر في جميع الأحوال جمع ومعالجة واستخدام بيانات شخصية تتعلق بالحياة الخاصة لأي فرد (المادة 7). والإخلال بهذه الأحكام يشكل جريمة (المادة 17).

144- الحق في السمعة الحميدة هو حق كل مواطن في عدم تلويث شرفه وعدم تشويه سمعته والمساس بكرامته والنيل من الاحترام الذي يحظى به المجتمع. والواقع أن القانون يجرِّم القذف وتشويه السمعة، ويمكن للطرف المضرور أن يرفع دعوى أمام المحكمة في هذا الشأن.

145- وتعاقب المادة 183 من القانون الجنائي كل شخص ينسب في اجتماع عام أو في اتصال مع آخرين إلى شخص سواء في حضوره أو في غيابه، واقعة ملوثة لشرفه. وتنص المادة 185 على عقوبة أشد إذا ارتكب هذا الجرم باستخدام "الاتصالات الاجتماعية"، حتى خارج البلاد. وتعني "الاتصالات الاجتماعية"، طبقاً للمادة 149 من القانون الجنائي، "استنساخ الأفكار والمعلومات أو تصوير أو وصف الأعمال أو الأشياء لنقلها عن طريق وسائط الاتصال العامة أو لنشرها إما عبر الصحافة أو الشرائط أو التسجيلات أو الإذاعة أو التلفزيون أو البث السلكي واللاسلكي أو حفلات التمثيل أو الترفيه أو السينما أو غيرها من الأنشطة الإعلامية المماثلة. ولمرتكب هذه المخالفات الحق في أن يقدم الأدلة على أقواله بشأن الحالات التالية:

(أ) إذا قدم الطرف المضرور موافقة رسمية؛

(ب) أثناء سير الإجراءات الجنائية؛

(ج) إذا كان إثبات الوقائع يحظى باهتمام الجمهور، نظراً لمركز الطرف المضرور أو لغيره من الأسباب (المادة 189).

146- ويجب على أية حال، الموازنة بين الحق في السمعة الحميدة والحق في إبلاغ المعلومات، وبالتالي فرغم أن الطرف المعني قد لا يرغب في إفشاء وقائع تشوه سمعته، يمكن لـه ممارسة الحق في إبلاغ المعلومات عندما تكون صحيحة وموضوعية وتخدم الصالح العام. وتعاقب المادة 184 من القانون الجنائي أي شخص يمس شرف أي شخص آخر، سواء في حضوره أو في غيابه، في اجتماع عام أو في اتصال مع آخرين. ولا تخفف العقوبة إلا إذا كانت الواقعة قد حدثت في وجود الطرف المضرور.

147- وتشمل القيود على حرية الفكر التي يقتضيها أداء الواجبات العامة في المقام الأول حماية الآداب العامة. وبالتالي تحظر المعروضات والصور المنافية للآداب العامة على أساس تصورات الأفراد العاديين في المجتمع وتعاقب المادة 275 من القانون الجنائي أي شخص يرتكب أعمالاً فاحشة سواء على الملأ أو عن طريق الاتصالات الاجتماعية؛ في حين تعاقب المادة 266 أي شخص يعمد، عن طريق وسائل الاتصالات الاجتماعية الموجهة للجمهور عامة، إلى أعمال أو أشياء قد تحض، لا سيما فيما يخص القصَّر، على العنف والقسوة والبلطجة والفساد الجنسي أو قد تمس الشعور بالترابط الأسري. وبالمثل، فإن الأفعال المنافية للآداب العامة التي تقترف في الأماكن العامة أو في الأماكن المفتوحة للجمهور، أو وصف هذه الأفعال في وسائل الاتصالات الاجتماعية أو تصويرها أو تقديمها أو عرضها تعتبر جرائم (المادة 282 من القانون الجنائي).

148- وثمة قيد آخر على حرية الفكر هو ضرورة ضمان سرية المعلومات. لهذا يجرم القانون الإفصاح عن وقائع ينبغي أن تظل طي الكتمان. وتعاقب المادتان 328 و329 من القانون الجنائي على التوالي على إفشاء الأسرار السياسية والتجسس. أما المادة 378 فتعاقب على إباحة الأسرار الرسمية الخاصة بتسيير أعمال الإدارة العامة. وتعاقب المادة 192 على إفشاء الأسرار المهنية أو العلمية أو الصناعية. وبالمثل، فإن المساعدة والتحريض على الجريمة أمر محظور بموجب المادة 289. وتفرض عقوبة أقسى إذ حدثت هذه الواقعة عن طريق وسائل الاتصالات الاجتماعية. أما فيما يتعلق بالولاء لمؤسسات الدولة وللأشخاص الذين يمثلونها، فإن القانون الجنائي يعاقب على الطعن في الجمهورية وشعاراتها (المادة 338) والإساءة إلى ممثلي الدول الأجنبية (المادة 335) والمساس بشرف الحاكم (المادة 342) والنيل من شرف الأشخاص المخولة لهم سلطات عامة (المادة 344) والقدح في شرف موظفي القطاع العام (382).

149- وبما أن الصحافة من أهم وسائط الإعلام، فإن حرية الصحافة تخضع لذات القيود السارية على حرية الفكر، ويجدر بالذكر أن القانون الصادر في 28 أيار/مايو 1881 - الذي حل محله جزئيـاً القانون الجنائـي الذي دخـل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 1975 فيما يخص تعريف الجرائم والإجراءات الجنائية ذات الصلة - كان ينظم حرية الفكر التي جسدتها الصحافة. وفي هذا الصدد، يقتضي ممن يقوم بطباعة ونسخ رسوم أو أشكال تبين أفكاراً معينة أن يقدموا إلى المفوض القانوني النسخة الأولى عن أي مواد مطبوعة. كما يقتضي من أي شخص يرغب في إصدار منشور دوري أو أي سلسلة أخرى من المنشورات أن يقدم إلى أمانة الدولة للشؤون الداخلية إقراراً كتابياً يشير فيه إلى اسم الناشر والمحرر وطبيعة المنشور واسم المطبعة، بينما يحيل المحرر نموذجاً من المنشور إلى المفوض القانوني.

150- ويكفل القانون أيضاً الحق في تدارك الخطأ إذ يفرض على المحررين الالتزام بالإفادة عن الإجابات أو التصريحات الصادرة عن الأشخاص الوارد ذكرهم في منشوراتهم. ويتبين من هذه الأحكام أنه بموجب نظام سان مارينو القانوني، لا يخضع النشر بواسطة الصحافة لإصدار ترخيص بذلك، غير أنه يتوجب على الناشرين إبلاغ السلطة الإدارية ببدء النشاط ويجب على المؤلفين والمحررين إحالة نموذج من أعمالهم إلى السلطة القضائية حتى يتسنى لها منع أي جريمة يحتمل أن ترتكب عن طريق الصحافة.

151- وبصدد البث الإذاعي، استعادت الجمهورية مؤخراً حقها في تشغيل هيئة عامة للإذاعة خاصة بها، على إثر اتفاق ثنائي مع إيطاليا. وتمارس هذا الحق بصورة احتكارية الشركة التي تحوز حق الامتياز. والواقع أن القانون رقم 41 الصادر في 27 نيسان/أبريل 1989 (المرفق 19) هو الذي أنشأ شركة سان مارينو للبث الإذاعي بوصفها الجهة الوحيدة المخول لها ممارسة حق الجمهورية في إنشاء هيئة للبث الإذاعي ويقع عليها الالتزام بالتصريح بمنح حق الامتياز لشركة ينظم قانون سان مارينو شؤونها.

152- أما المادة 13 من القانون المذكور أعلاه فتنص على أن أعمال هيئة الإذاعة والتلفزيون يجب أن تجري مع الاحترام التام للمبادئ الخاصة بتقديم معلومات كاملة وموضوعية وحيادية فيما يخص الوقائع والأحداث المحلية والدولية على السواء. وللمبادئ المتعلقة بالنظام العام والمبادئ الواردة في قوانين الجمهورية والمعاهدات الموقعة مع الدول الأخرى والاتفاقيات التي أصبحت سان مارينو طرفاً فيها والمبادئ المتعلقة بحيادها التقليدي، تحقق هيئتا الإذاعة والتلفزيون المقاصد التالية:

(أ) إذكاء وعي المواطنين بالديمقراطية وبحقهم في المشاركة الفعالة كتعبير عن ممارستهم للحقوق الأساسية في الحرية والحياة وفي التطوير الكامل لبلدهم؛

(ب) نشر المعلومات والأخبار عن الجمهورية وعن أحداثها وأنشطتها، مع مراعاة العلاقات التي تربطها بالمناطق المحيطة؛

(ج) ونشر المعارف عن سان مارينو, في أوروبا والعالم والترويج لهويتها وتراثها التاريخي والثقافي؛

(د) التشجيع على تعزيز المشاركة في المناقشات الثقافية حول القضايا الهامة الجارية، مثل تطوير تعليم الشباب، وتعزيز حقوق الإنسان وإحلال السلام بين الشعوب والمساواة في احترام الدول وتوفير الحماية البيئية وتكريس التعاون والتضامن الدوليين؛

(ه‍) تعميق الوعي بالقضايا الأوروبية؛

(و) إذاعة الأحداث الرياضية، فضلا عن البرامج الترفيهية.

153- أما اللجنة الرقابية المنشأة بموجب المادة 14 فتتألف من سبعة أعضاء يعينهم المجلس النيابي العام الأعلى وفقاً لنسبة التمثيل السياسي في البرلمان. وتراقب اللجنة مراعاة هيئتي الإذاعة والتلفزيون للمبادئ والأهداف المنصوص عليها في القانون. وتقوم اللجنة, في حال عدم الامتثال، بإبلاغ مجلس إدارة شركة سان مارينو للبث الإذاعي، التي تتخذ بدورها التدابير المناسبة، فيما عدا الحالات التي تقع إما ضمن إطار الولاية القضائية العادية أو الإدارية.

الحق في حرية الدين

154- يقصد بهذا الحق أن لجميع المواطنين الحرية في اعتناق أي دين يشاءون وإقامة شعائره إما بمفردهم أو مع آخرين, وأمام الملأ أو على حدة. والطقوس الدينية المنافية للآداب العامة وحدها هي المحظورة. وجمهورية سان مارينو تكفل تماماً حرية الدين المشمولة بحماية القانون الجنائي. وتجرم المادة 260 إهانة رموز أي دين على نحو يتنافى مع الآداب العامة وأهداف العبادة، وتحقير شعائر العبادات؛ بينما تعاقب المادة 261 أي شخص يمنع شخصاً آخر سواء بالقوة أو بالتهديد من إشهار دينه أو من الدعوة إليـه أومن المشاركة في الشعائر الدينية العامة والخاصة؛ وتعاقب المادة 262 أي شخص يعوق إقامة الطقوس والشعائر والمواكب التي تنظم في حضور أحد القساوسة, أو يعكر صفوها.

الحق في سرية الاتصالات

155- تكفل بمقتضى قواعد جنائية في جمهورية سان مارينو الحماية التامة لسرية الاتصالات. ولا يوجد حالياً أي أحكام قانونية تجيز تقييد حرية الفكر لدواع يحتمها النظام العام أو الصالح العام. ويجب التشديد, في هذا الصدد على أنه لا يجوز التنصت على المحادثات الهاتفية وتسجيلها حتى بناء على تصريح من السلطة القضائية. وبالمثل، فإن تشريعات سان مارينو لا تفرض أي قيد على سرية المراسلات الناتجة عن وضع شخصي محدد، حتى في حالة الإفلاس.

دال - إدماج الأحكام الواردة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان في التشريعات المحلية

156- يجري، كقاعدة عامة، إدراج جميع الأحكام المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي توقع عليها الحكومة ويصدق عليها المجلس النيابي العام الأعلى في التشريعات المحلية وتصبح هذه الأحكام سارية بموجب أمر التنفيذ الوارد في القانون الخاص بالتصديق. ولا يصدر هذا الأمر التنفيذي بغرض تنظيم علاقات قانونية محددة، وإنما بغرض تعديل النظام القانوني المحلي وفقاً للالتزامات الدولية.

157- ولا يطبق هذا الإجراء في حالات معينة. فالمادة 1 المتعلقة بإعلان حقوق المواطنين، مثلاً تنص, على ما يلي: "تعتبر الجمهورية أحكام القانون الدولي العام بمثابة جزء لا يتجزأ من نظامها الدستوري، وترفض اللجوء إلى الحرب كوسيلة لتسوية النزاعات بين الدول، وتلتزم بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وحرياته وتؤكد من جديد الحق في اللجوء السياسي". ووفقاً لهذا الحكم الدستوري،تشكل أحكام القانون الدولي العام وأحكام الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تلقائياً جزءاً لا يتجزأ من التشريعات المحلية ولا تحتاج إلى صدور أمر تنفيذي برلماني كي تصبح نافذة بصورة مباشرة وفورية.

158- وطبقاً لما ورد أعلاه، يمكن الاحتجاج مباشرة بأحكام الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية أمام الهيئات القضائية ونظراً لطابعها الدستوري والآمر يمكن لهذه الهيئات أن تطبقها دون الحاجة إلى تضمينها في التشريعات المحلية بمقتضى قوانين أو لوائح.

159- وإضافة إلى المادة 1 من إعلان حقوق المواطنين، تؤكد كذلك هذه المبادئ وتعزز بإدراج إشارة صريحة إلى القضاة في المادة 16 من الإعلان، وطبقاً لها "يمتثل القضاة لمبادئ هذا الإعلان لدى تفسير وتطبيق القانون". وبما أن جمهورية سان مارينو تعترف بحرمة حقوق الإنسان وحيث إنها طرف في الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، يقتضي من القضاة أن يطبقوا تطبيقاً صارماً أحكام الاتفاقية التي تصون هذه الحقوق والحريات. وبعبارة أخرى، فإن القضاة يلتزمون أيضا بموجب هذا الحكم الدستوري بمراعاة المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى وإن لم تكن قد دخلت بعد حيز النفاذ من خلال إضفاء طابع رسمي على سريانها. وبناء على ذلك، يمكن لأي طرف معني أن يحتج مباشرة بهذه الأحكام. المحاكم العادية والمحاكم الإدارية ملزمة حتى في حال عدم الاحتجاج بها بتنفيذها، حسب الاقتضاء، إذ إنها تشكل بالفعل وبشكل رسمي وفوري جزءاً لا يتجزأ من التشريعات المحلية.

160- وقصارى القول إن المجلس التشريعي لسان مارينو قد كفل على هذا النحو احترام المبادئ الأساسية للنظام الدستوري، وتجنب تنازع القوانين التشريعية أو تفسيرات السوابق القضائية وكفل أيضا طريقة إجرائية للتحقق من مشروعية الأحكام العادية ذات الصلة بالأحكام المنصوص عليها في إعلان حقوق المواطنين. ومن الواضح أنه يمكن اللجوء, عند الاقتضاء، إلى آلية الضمان الدستوري لإلغاء أحكام قانونية محلية تتعارض مع أحكام القانون الدولي العام أو أحكام اتفاقيات حقوق الإنسان.

161- وكما ذكر من قبل في الفرع ألف، تعتبر كلا المحاكم العادية والمحاكم الإدارية في سان مارينو محاكم مختصة بالنظر في قضايا حقوق الإنسان. وعلى النحو المبين في المبادئ التوجيهية لتقديم التقارير أرفقت بهذا التقرير نصوص القوانين المذكورة فيه.

قائمة المرفقات

التشريعات القانونية لجمهورية سان مارينو الصادرة في القرن السابع عشر: البابان الثالث عشر والحادي والثلاثون من المجلد الأول (المرفق 13)

قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1878 (المرفق 5)

القانون رقم 13 , الصادر في 15 حزيران/يونيه 1923: صلاحيات مجلس الإثني عشر (المرفق 8)

القانون رقم 24 , الصادر في 24 آب/أغسطس 1950: حظر إعادة تنظيم الحزب الفاشي ( المرفق 17 )

القانون رقم 45 , الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1970: الأحكام الناظمة للإجراءات المتعلقة بتوقيف واحتجاز الشرطة للأشخاص (المرفق 15)

القانون رقم 17, الصادر في 25 شباط/فبراير 1974: القانون الجنائي (المرفق 4)

القانون رقم 86, الصادر في 11 كانون الأول/ديسمبر 1974: الأحكام المعدلة للإجراءات الجنائية (المرفق 6)

القانون رقم 59 , الصادر في 8 تموز/يوليه 1974: إعلان حقوق المواطنين (المرفق 7)

القانون رقم 23 , الصادر في 11 آذار/مارس 1981: حماية الحقوق النقابية (المرفق 11)

القانون رقم 85, الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 1984: الأحكام الخاصة بجوازات السفر (المرفق 16)

القانون رقم 49 , الصادر في 26 نيسان/أبريل 1986: إصلاح قانون الأسرة )المرفق 10 )

القانون رقم 4 , الصادر في 19 حزيران/يونيه 1989: إجراءات التحقق من المشروعية الدستورية (المرفق 14)

القانون رقم 41 , الصادر في 27 نيسان/أبريل 1989: إنشاء شركة سان مارينو للبث الإذاعي (المرفق 19)

القانون رقم 68 , الصادر في 28 حزيران/يونيه 1989: العدالة الإدارية (المرفق 3)

القانون رقم 83, الصادر في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1992: النظام القضائي (المرفق 2)

القانون رقم 9 , الصادر في 2 شباط/فبراير 1994: التعديلات المدخلة على القانون الجنائي وقانـون الإجراءات الجنائية (المرفق 7)

القانون رقم 55, الصادر في 17 حزيران/يونيه 1994: الإجراءات المدنية (المرفق 9)

القانون رقم 70, الصادر في 23 أيار/مايو 1995: الأحكام المتعلقة بقواعد البيانات (المرفق 18)

القانون رقم 81 , الصادر في 14 حزيران/يونيه 1995: الأحكام المتعلقة بإعادة الوضع إلى ما كان عليه وبطلان الدعوى (المرفق 12)

ـ ـ ـ ـ ـ