تجميع للتعليقات العامة والتوصيات العامة التي اعتمدتها هيئات معاهدات حقوق الإنسان

مذكرة من الأمانة

تتضمن هذه الوثيقة تجميعاً للتعليقات العامة أو التوصيات العامة التي اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ولجنة القضاء على التمييز العنصري، ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، ولجنة مناهضة التعذيب، ولجنة حقوق الطفل. أما اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين فلم تعتمد بعد أية تعليقات عامة.

المحتويات

الصفحة

أولاً- تعليقات عامة اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادي ة والاجتماعية والثقافية 8

التعليق العام رقم 1: تقديم الدول الأطراف تقاريرها 8

التعليق العام رقم 2: التدابير الدولية للمساعدة التقنية (المادة 22 من العهد) 10

التعليق العام رقم 3: طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد) 13

التعلي ق العام رقم 4: الحق في السكن الملائم (المادة 11(1) من العهد) 17

التعليق العام رقم 5: المعوقون 22

التعليق العام رقم 6: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن 32

التعليق العام رقم 7: الحق في السكن الملائـم (المادة 11(1) من العهـد ): حالات إخ ـلاء

المساكن بالإكراه 42

التعليق العام رقم 8: العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعـية

والثقافية 47

التعليق العام رقم 9: التطبيق المحلي للعهد 50

التعليق العام رقم 10: دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الا قتصادية

والاجتماعية والثقافية 54

التعليق العام رقم 11: خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14) 55

التعليق العام رقم 12: الحق في الغذاء الكافي (المادة 11) 57

التعليق العام رقم 13: الحق في التعليم (المادة 13) 65

التعليق العام رقم 14: الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12) 79

التعليق العام رقم 15: الحق في الماء (المادتان 11 و12 من العهد) 98

ثانياً - تعليقات عامة اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان 116

التعليق العام رقم 1: الالتزام بتقديم التقارير 117

المحتويات (تابع )

الصفحة

التعليق العام رقم 2: المبادئ التوجيهية المتعلقة بتقديم التقارير 117

التعليق العام رقم 3: المادة 2 (التنفيذ على المستوى الوطني) 118

التعليق العام رقم 4: المادة 3 (الحـق المتسـاوي للرجـال والنسـاء فـي التمتع بجميـع

الحقوق المدنية والسياسية) 118

التعليق العام رقم 5: المادة 4 (عدم التقيد) 119

التعليق العام رقم 6: المادة 6 (الحق في الحياة) 120

التعليق العام رقم 7: المادة 7 (حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة ) 121

التعليق العام رقم 8: المادة 9 (حق الفرد في ا لحرية والأمان على شخصه) 122

التعليق العام رقم 9: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم) 123

التعليق العام رقم 10: المادة 19 (حرية الرأي) 124

التعليق العام رقم 11: المادة 20 125

التعليق العام رقم 12: المادة 1 (حق تقرير المصير) 1 25

التعليق العام رقم 13: المادة 14 (إقامة العدل) 127

التعليق العام رقم 14: المادة 6 (الحق في الحياة) 130

التعليق العام رقم 15: وضع الأجانب بموجب العهد 131

التعليق العام رقم 16: المادة 17 (الحق في حرمة الحياة الخاصة) 133

التعليق العام رقم 17: الماد ة 24 (حقوق الطفل) 135

التعليق العام رقم 18: عدم التمييز 137

التعليق العام رقم 19: المادة 23 (الأسرة) 139

التعليق العام رقم 20: المادة 7 (حظـر التعذيب وغيـره مـن ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة) 141

المحتويات (تابع)

ال صفحة

التعليق العام رقم 21: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم) 143

التعليق العام رقم 22: المادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين) 146

التعليق العام رقم 23: المادة 27 (حقوق الأقليـات) 148

التعليق العام رقم 24: المسائل المتعلقة با لتحفظات التي تُبدى لدى التصديق على العهد أو البروتوكولين الاختياريين الملحقين به أو الانضمام إليها أو فيما يتعلق بالإعلانات التي تصدر في إطار المادة 41 من العهد 151

التعليق العام رقم 25: المادة 25 (المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق الاقتراع) 157

التع ليق العام رقم 26: استمرارية الالتزامات 162

التعليق العام رقم 27: المادة 12 (حرية التنقل) 163

التعليق العام رقم 28: المادة 3 (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء) 168

التعليق العام رقم 29: المادة 4 (عدم التقيد بأحكام العهد أثناء حالات الطوارئ) 174

التعليق العام رقم 30: التزامات الدول الأطراف بتقديم التقارير بموجب المادة 40 من العهد 181

التعليق العام رقم 31: طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد 182

ثالثاً- توصيات عامة معتمدة من لجنة القضاء على التمييز العنصري 187

الت وصية العامة الأولى فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف (المادة 4 من الاتفاقية) 187

التوصية العامة الثانية فيما يتعلق بالتزامات الدول الأطراف 187

التوصية العامة الثالثة فيما يتعلق بتقديم التقارير من جانب الدول الأطراف 188

التوصية العامة الرابعة فيما ي تعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 1 من الاتفاقية) 188

التوصية العامة الخامسة فيما يتعلق بتقديم التقارير من قبل الدول الأطراف (المادة 7 من الاتفاقية) 189

التوصية العامة السادسة فيما يتعلق بالتقارير التي فات موعد تقديمها 190

التوصية ال عامة السابعة المتعلقة بتنفيذ أحكام المادة 4 191

التوصية العامة الثامنة المتعلقة بتفسير وتطبيق أحكام الفقرتين 1 و4 من المادة 1 من الاتفاقية 192

المحتويات (تابع)

الصفحة

التوصية العامة التاسعة المتعلقة بتطبيق أحكام الفقرة 1 من المادة 8 من الاتفاقية 192

التوصية العامة العاشرة المتعلقة بالمساعدة التقنية 192

التوصية العامة الحادية عشرة المتعلقة بغير المواطنين 193

التوصية العامة الثانية عشرة بشأن الدول الخَلَف 193

التوصية العامة الثالثة عشرة بشأن تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين في مجال حماية ح قوق الإنسان 194

التوصية العامة الرابعة عشرة بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية 194

التوصية العامة الخامسة عشرة بشأن المادة 4 من الاتفاقية 195

التوصية العامة السادسة عشرة بشأن تطبيق أحكام المادة 9 من الاتفاقية 196

التوصية العامة السابعة عشرة بشأ ن إنشاء مؤسسات وطنية لتيسير تنفيذ الاتفاقية 197

التوصية العامة الثامنة عشرة بشأن إنشـاء محكمـة دوليـة لملاحقـة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية 197

التوصية العامة التاسعة عشرة بشأن المادة 3 من الاتفاقية 198

التوصية العامة العشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقي ة 199

التوصية العامة الحادية والعشرون بشأن الحق في تقرير المصير 200

التوصية العامة الثانية والعشرون بشأن المادة 5 من الاتفاقية المتعلقة باللاجئين والمشردين 201

التوصية العامة الثالثة والعشرون بشأن حقوق الشعوب الأصلية 202

التوصية العامة الرابعة والع شرون بشأن المادة 1 من الاتفاقية 203

التوصية العامة الخامسة والعشرون بشأن أبعاد التمييز العنصري المتعلقة بنوع الجنس 204

التوصية العامة السادسة والعشرون بشأن المادة 6 من الاتفاقية 205

التوصية العامة السابعة والعشرون بشأن التمييز ضد الغجر 206

المحتويا ت (تابع)

الصفحة

التوصية العامة الثامنة والعشرون بشأن عملية متابعة المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب 210

التوصية العامة التاسعة والعشرون بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية 213

رابعاً - توصيات عامة اع تمدتها لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة 219

التوصية العامة رقم 1: تقديم الدول الأطراف للتقارير 219

التوصية العامة رقم 2: تقديم الدول الأطراف للتقارير 219

التوصية العامة رقم 3: حملات التثقيف والإعلام العام 220

التوصية العامة رقم 4: التحفظات 220

ا لتوصية العامة رقم 5: التدابير الخاصة المؤقتة 220

التوصية العامة رقم 6: الأجهزة الوطنية الفعالة والدعاية 221

التوصية العامة رقم 7: الموارد 221

التوصية العامة رقم 8: تنفيذ المادة 8 من الاتفاقية 222

التوصية العامة رقم 9: البيانات الإحصائية المتعلقة بو ضع المرأة 222

التوصية العامة رقم 10: الذكرى العاشـرة لاعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 223

التوصية العامة رقم 11: الخدمات الاستشارية التقنية الخاصة بالالتزامات بتقديم التقارير 224

التوصية العامة رقم 12: العنف ضد المرأة 224

الت وصية العامة رقم 13: تساوي الأجور عن الأعمال المتساوية القيمة 225

التوصية العامة رقم 14: ختان الإناث 226

التوصية العامة رقم 15: تجنب التمييز ضد المرأة في الاستراتيجيات الوطنية للوقاية من مرض متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) ومكافحته 227

التوصية ال عامة رقم 16: العاملات بلا أجر في المشاريع الأسرية في الريف والحضر 228

المحتويات (تابع)

الصفحة

التوصية العامة رقم 17: قياس وتقدير الأنشطة المنزلية التي تقوم بها النساء دون أجر والاعتراف بهذه الأنشطة في حساب الناتج القومي الإجمالي 229

التوصية العامة رقم 18: النساء المعوقات 230

التوصية العامة رقم 19: العنف ضد المرأة 230

التوصية العامة رقم 20: التحفظات على الاتفاقية 236

التوصية العامة رقم 21: المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية 237

التوصية العامة رقم 22: تعديل المادة 20 من الاتفاقية 245

التوصية العامة رقم 23: الحياة السياسية والعامة 246

التوصية العامة رقم 24: المادة 12 من الاتفاقية (المرأة والصحة) 257

التوصية العامة رقم 25: الفقرة 1 من المادة 4 من الاتفاقية (التدابير الخاصة المؤقتة) 264

خامساً - تعليق عام اعتمدته لجنة مناهضة التعذيب 273

الت عليق العام رقم 1: تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 (الإعادة القسرية والبلاغات) 273

سادساً - تعليق عام اعتمدته لجنة حقوق الطفل 276

التعليق العام رقم 1: أهداف التعليم 276

التعليق العام رقم 2: دور المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في ح ماية وتعزيز حقوق الطفل 283

التعليق العام رقم 3: فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وحقوق الطفل 290

التعليق العام رقم 4: صحة المراهقين ونموهم في سياق حقوق الطفل 303

التعليق العام رقم 5: التدابير العامة لتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل (المواد 4، و42، و44- الفقرة 6) 315

أولاً- تعليقات عامة اعتمدتها لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

مقدمة: الغرض من التعليقات العامة*

1 - قررت + اللجنة، في دورت ه ا الثانية المعقودة عام 1988 (E/1988/14، الفقرتان 366 و 367) ، بناء على دعوة وجهها إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ( القرار 1987 /5 ) وأقرتها الجمعية العامة ( القرار 42 / 102) ، أن تشرع، اعتبارا من دورتها الثالثة، في إعداد تعليقات عامة تستند إلى شتى المواد والأحكام التي يتضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بغية مساعدة الدول الأطراف على الوفاء با لتزاماتها بتقديم التقارير.

2 - وقد قامت اللجنة، وكذلك فريق الخبراء الحكوميين العامل للدورة الذي كان قائما قبيل إنشاء اللجنة، ببحث 138 تقريرا أوليا و44 تقريرا دوريا ثانيا تتعلق بالحقوق التي تشملها المواد من 6 إلى 9 ومن 10 إلى 12 ومن 13 إلى 15 من العهد حتى ن هاية دورتها الثالثة. وتغطي هذه التجربة عددا كبيرا من الدول الأطراف في العهد، يبلغ حاليا 92 دولة ، تمثل كافة مناطق العالم على اختلاف نظمها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية. والتقارير التي قدمتها هذه الدول حتى الآن توضح الكثير من المشاكل التي قد تنشأ لدى تنفيذ العهد برغم أنها لم ت وفر حتى الآن أي صورة كاملة فيما يتعلق بالحالة العالمية بخصوص التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتشرح اللجنة في مقدمة المرفق الثالث ( التعليقات العامة ) لتقريرها لعام 1989 المقدم إلى المجلس الاقتصادي و الاجتماعي (E/1989/22) الغرض من التعليقات العامة كما يلي:

3 - "تسعى اللجنة، من خلال تعليقاتها العامة، إلى إتاحة التجربة المكتسبة حتى الآن من بحث هذه التقارير لتستفيد منها كافة الدول الأطراف بغية مساعدتها وتشجيعها على مواصلة تنفيذها للعهد، وتوجيه نظر ها إلى جو انب القصور التي يكشف عنها عدد كبير من التقارير ، واقتراح تحسينات في إ جراءات تقديم التقارير و إ نعاش الأنشطة التي تضطلع بها الدول الأطراف والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة لإعمال ا لحقوق المعترف بها في العهد إعمالاً تاماً بشكل تدريجي وفعال. ويمكن للجنة، متى اقتضت الضرورة، وفي ضوء تجربة الدول الأطراف وما تستخلصه من نتائج من تلك التجربة، أن تنقح وتستكمل تعليقاتها العامة".

الدورة الثالثة (1989) *

التعليق العام رقم 1 : تقديم الدول الأطراف تقاريرها

1- إ ن واجب تقديم التقارير الوارد في الجزء الرابع من العهد ي هدف أساسا إلى مساعدة كل دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، بال إ ضافة إلى توفير أساس يستطيع المجلس بالاستناد إليه ، وبمساعدة اللجنة، أن يؤدي مسؤولياته عن رصد وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها وعن تسهيل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام ا لعهد. وترى اللجنة أن من الخطأ افتراض أن تقديم التقارير هو أساساً مجرد مسألة إ جرائية يقتصر هدفها على وفاء كل دولة طرف بالتزامها الرسمي بتقديم التقارير إلى هيئة الرصد الدولية المناسبة. فعلى ـــــــــــــ

* واردة في الوثيقة E/1989/22.

العكس من ذلك، ووفقا لن ص وروح العهد، ف إن عملية إعداد وتقديم التقارير من جانب الدول يمكن، بل ينبغي، أن تكون سبيلا لتحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف.

2- الهدف الأول ، الذي يتسم بأهمية خاصة بالنسبة إلى التقرير الأولي الواجب تقديمه في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدولة الط رف المعنية، يتمثل في تأمين الاضطلاع باستعراض شامل للتشريع الوطني والقواعد وال إ جراءات ا لإ دارية والممارسات الوطنية سعيا ً إلى تأمين الامتثال الكامل للعهد بقدر الإمكان . ويمكن الاضطلاع باستعراض كهذا، على سبيل المثال، بالتعاون مع كل من الوزارات الوطنية المعنية أ و غيرها من السلطات المسؤولة عن وضع السياسات وتنفيذها في مختلف الميادين التي يشملها العهد.

3- والهدف الثاني يتمثل في تأمين قيام الدولة الطرف ب رصد الحالة الفعلية فيما يتصل بكل حق من الحقوق على أساس منتظم وبذا تكون مدركة لمدى تمتع كافة الأفراد الموجودين في إ ق ليمها أو المشمولين بولايتها بمختلف الحقوق أو عدم تمتعهم بها. ويتضح من الخبرة التي اكتسبتها اللجنة حتى الآن أن ه لا يمكن بلوغ هذا الهدف ب إ عداد إ حصاءات أو تقديرات وطنية كلية فقط، بل يقتضي الأمر أيضا أن يولى اهتمام خاص للأقاليم أو المناطق التي لم تحظ بنفس القد ر من التمتع ولأي مجموعات أو مجموعات فرعية محددة يبدو أنها معرضة للمخاطر أو محرومة بوجه خاص. وعلى هذا، فان الخطوة الأولى الأساسية صوب تعزيز إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تكمن في تشخيص ومعرفة الحالة السائدة. واللجنة تدرك أن عملية الرصد وجمع ا لمعلومات هذه عملية ربما تستغرق كثيرا من الوقت وتكون باهظة التكاليف وأنه ا قد تستلزم توفير مساعدة وتعاون دوليين، كما تنص على ذلك الفقرة 1 من المادة 2، والمادتان 22 و 23 ، من العهد، لتمكين بعض الدول الأطراف من الوفاء بالالتزامات ذات الصلة. و إ ذا كان الأمر كذلك، وإذا استنتجت الدولة الطرف أنها لا تملك القدرة على الاضطلاع بعملية الرصد التي هي جزء لا يتجزأ من أي عملية تهدف إلى النهوض بأهداف مقبولة تتوخاها السياسة العامة ولا غنى عنها في التنفيذ الفعال للعهد، فإنها تستطيع أن تدوّن هذه الحقيقة في تقريرها إلى اللجنة وأن تبين طبيعة ومقدار أي مساعدة دولية قد تحتاج إ ليها.

4- وبينما يقصد من عملية الرصد الاستعراض المفصل للحالة السائدة، فان القيمة الرئيسية لهذا الاستعراض تكمن في توفير الأساس لصياغة سياسات تبيّن بوضوح وتوجّه نحو أهداف دقيقة، بما في ذلك وضع أولويات تعكس أحكام الع هد. ولذلك، فان الهدف الثالث من عملية تقديم التقارير يتمثل في تمكين الحكومة من إثبات أن عملية تقرير السياسة المبدئية هذه قد تمت فعلاً . وفيما ينص العهد الدولي صراحة على التزام كهذا فقط فـي المـادة 14 فـي الحالات التي لم يؤمن فيها للجميع حتى الآن "التعليم الا بتدائي الإلزامي المجاني"، فإن هناك التزاما مماثلا "بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للإعمال التدريجي" لكل حق من الحقوق الواردة في العهد يتضمنه بوضوح التزام الدول الوارد في الفقرة 1 من المادة 2، " بأن تتخذ ما يلزم من خطوات... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة...".

5- والهدف الرابع من عملية تقديم التقارير هو تسهيل الفحص العام للسياسات الحكومية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتشجيع على اشتراك مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع في صوغ السياسات ذات الصلة بالموضوع وتنفيذها واستع راضها. وقد رحبت اللجنة، في معرض بحثها للتقارير التي قدمت حتى الآن، بحقيقة أن عددا من الدول الأطراف ذات النظم السياسية والاقتصادية المختلفة قد شجعت هذه المجموعات غير الحكومية على تقديم مساهماتها في إعداد تقاريرها بموجب العهد. وأمنت دول أخرى نشر تقاريرها على نطاق واسع بغية تمكين عامة الناس من إ بداء التعليقات بشأنها. وبهذه الطرق، فإن إعداد التقرير والنظر فيه على المستوى الوطني يمكن أن يكتسبا أهمية تعادل على الأقل أهمية الحوار البناء الجاري على الصعيد الدولي بين اللجنة وممثلي الدولة المقدمة للتقرير.

6- والهدف ا لخامس يتمثل في توفير أساس يمك ِّ ن الدولة الطرف نفسها، فضلا عن اللجنة، من إجراء تقييم فعال لمدى التقدم المحرز صوب الوفاء بالالتزامات الواردة في العهد. ولهذا الغرض، قد يكون مفيدا للدول تحديد معايير معينة أو أهداف يمكن بواسطتها تقييم أدائها في مجال معين. وهكذا فإن من المتفق عليه عموما، على سبيل المثال، أن من الأهمية بمكان وضع أهداف معينة فيما يتعلق بتخفيض وفيات الأطفال، ومدى تلقيح الأطفال، و الكمية المأخوذة من السعرات الحرارية لكل شخص، وعدد الأشخاص لكل جهة توفر الرعاية الصحية، وما إلى ذلك. وفي العديد من هذه المج الات، تكون المعايير العالمية محدودة الفائدة، في حين أن المعايير الوطنية أو غي رها من المعايير الأكثر تحديدا يمكن أن توفر دلالة بالغة القيمة على التقدم المحرز .

7- وتود اللجنة أن تلاحظ، في هذا الصدد، أن العهد يولي أهمية خاصة لمفهوم "الإعمال التدريجي" للحقوق ذ ات الصلة، ولذلك السبب، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تدرج في تقاريرها الدورية معلومات تبين التقدم المحرز عبر الزمن في مجال الإعمال الفعلي للحقوق ذات الصلة. وبالمثل، يبدو واضحا أن البيانات بنوعها وكمها لازمة لتقييم الحالة تقييما ملائما.

8- والهدف السادس ي تمثل في تمكين الدولة الطرف ذاتها من أن تفهم بشكل أفضل المشاكل وجوانب القصور التي تواجَه في الجهود المبذولة من أجل الإعمال التدريجي لكامل مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولهذا السبب، من الضروري أن تقدم الدول الأطراف تقارير مفصلة عن "العوامل والصعوبات " التي تحول دون ذلك . وهذه العملية المتمثلة في تحديد المصاعب ذات الصلة والتسليم بوجودها توفر الإطار الذي يمكن أن يتم ضمنه وضع سياسات أنسب.

9- والهدف السابع يتمثل في تمكين اللجنة، والدول الأطراف ككل، من تيسير تبادل المعلومات فيما بين الدول والتوصل إ لى فهم أفضل للمشاكل المشتركة التي تواجهها الدول وتقدير أكمل لنوع ال إ جراءات التي يمكن اتخاذها لتشجيع الإعمال الفعال لكل حق من الحقوق التي يشملها العهد. وهذا الجانب من العملية يمكن اللجنة أيضا من تحديد أنسب الوسائل التي يمكن بفضلها للمجتمع الدولي أن يساعد ال دول، وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد. ول إ براز الأهمية التي توليها اللجنة لهذا الهدف ، فإنها ستناقش في دورتها الرابعة تعليقا عاما منفصلا على هاتين المادتين.

الدورة الرابعة (1990) *

التعليق العام رقم 2 : التدابير الدولية للمساعدة التقنية ( المادة 22 من العهد )

1- ت نشئ المادة 22 من العهد آلية يمكن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بواسطتها أن يوجه انتباه هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة إلى أية مسائل تنشأ عن التقارير المقدمة بموجب العهد "ويمكن أن تساعد تلك الأجهزة، كلاً في مجال اختصاصه، على تكوين رأي حول مدى ملاءمة اتخاذ تداب ير دولية من شأنها أن تساعد في ضمان فعالية التنفيذ التدريجي لهذا العهد". وفي حين أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق المجلس بموجب المادة 22، فمن الواضح أن من الملائم للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تقوم بدور نشط في تقديم المشورة والمساعدة إل ى المجلس في هذا الصدد.

ـــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1990/23.

2- ويمكن تقديم توصيات، وفقا للمادة 22، إلى أي من "هيئات الأمم المتحدة وهيئاتهـا الفرعيـة والوكالات المتخصصة المعنية بتوفير المساعدة التقنيـة". وتـرى اللجنة أنه ينبغي تفسير ذلك الحكم بحيث يتضمن فعليا جميع أجهزة الأمم المتحدة والوكالات المشاركة في أي وجه من وجوه التعاون الإنمائي الدولي. ولذا، فقد يكون من الملائم أن توجه التوصيات الموضوعة بموجب المادة 22، من بين من توجه إليهم، إلى الأمين العام والأجهزة الفرعية للمجلس مثل لجنة حقوق الإنسان ولجنة الت نمية الاجتماعية ولجنة مركز المرأة، وهيئات أخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ولجنة التخطيط الإنمائي، ووكالات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأي وكالات متخصصة أخرى مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة ال أمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية.

3- ويمكن أن يترتب على المادة 22 إما توصيات لها طابع السياسة العامة أو توصيات أدق تركيزا تتعلق بحالة معينة. وفي السياق الأول، قد يبدو أن الدور الرئيسي للجنة هو التشجيع على إيلاء اهتمام أكبر للجهود ا لمبذولة لتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار أنشطة التعاون الإنمائي الدولية التي تضطلع بها الأمم المتحدة ووكالاتها أو تقدم إليها المساعدة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن لجنة حقوق الإنسان قد دعتها في قرارها 1989 / 13 المؤرخ في 2 آذار/مارس 19 89 "إلى النظر في الوسائل التي يمكن بها لسائر وكالات الأمم المتحدة العاملة في ميدان التنمية أن تدمج في أنشطتها على أفضل وجه التدابير التي تهدف إلى تعزيز الاحترام الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

4- وتلاحظ اللجنة، كأمر عملي أولي، أنه مما يساع د مساعيها الخاصة، ومما يجعل الوكالات ذات الصلة أفضل إطلاعا أيضا، أن تولي تلك الوكالات اهتماما أكبر لعمل اللجنة. وفي حين تسلّم اللجنة بأنه يمكن إظهار هذا الاهتمام بطرق شتى، فإنها تلاحظ أن حضور ممثلي هيئات الأمم المتحدة المعنية في دوراتها الأربع الأولى كان ض عيفا جدا، باستثناء منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية ، وهو استثناء جدير بالذكر. وبالمثل، فقد تلقت اللجنة مواد ومعلومات مكتوبة وثيقة الصلة بالموضوع من عدد قليل جدا من الوكالات. وترى اللجنة أن فهما أعمق لأه مية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في سياق أنشطة التعاون الإنمائي الدولي سيتيس َّ ر إلى حد كبير من خلال زيادة التفاعل بين اللجنة والوكالات المعنية . وعلى الأقل ، فإن يوم المناقشة العامة لقضية محددة، وهو ما تضطلع به اللجنة في كل دورة من دوراتها، يوفر س ياقا مثاليا يمكن الاضطلاع فيه بتبادل للآراء يمكن أن يكون مثمرا ً .

5- وبالنسبة إلى القضايا الأعم المتصلة بتعزيز الاحترام لحقوق الإنسان في سياق الأنشطة الإنمائية، لم تشهد اللجنة حتى الآن سوى أدلة محدود ة على قيام هيئات الأمم المتحدة بجهود محددة. وتلاحظ اللجنة بارتياح في هذا الصدد المبادرة التي اشترك في اتخاذها كل من مركز حقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالكتابة إلى الممثلين المقيمين للأمم المتحدة وغيرهم من المسؤولين الميدانيين لدعوتهم إلى تقديم "اقتراحاتهم ومشورتهم، وعلى وجه الخصوص بشأن الأشكال الم مكنة للتعاون في المشاريع الجارية [ التي تم تعيينها ] بوصفها ذات بعد من أبعاد حقوق الإنسان أو في المشاريع الجديدة التي تعد استجابة لطلب من حكومة معينة". وقد أُبلغت اللجنة أيضا بالجهود الطويلة الأمد التي تضطلع بها منظمة العمل الدولية للربط بين المعايير في مجال حقوق الإنسان وغيرها من المعايير الدولية في مجال العمل التي وضعتها هي نفسها وبين أنشطة التعاون التقني التي تقوم بها.

6- وهناك، بالنسبة إلى تلك الأنشطة، مبدآن عامان لهما أهمية. الأول أن مجموعتي حقوق الإنسان لا تتجزآن ومترابطتان. وهذا يعني أنه ينبغي للجهود المبذولة لتعزيز إحدى مجموعتي الحقوق أن تأخذ في اعتبارها بالكامل المجموعة الأخرى أيضا . وينبغي لوكالات الأمم المتحدة المشاركة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تبذل أقصى ما بوسعها لكي تكفل اتساق أنشطتها تماما مع التمتع بالحقوق المدنية والسي اسية. وهذا يعني، من الناحية السلبية، أنه ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، مثلا، على استخدام السخرة بما يتنافى مع المعايير الدولية، أو على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأفراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تن طوي على عمليات إخلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة. و هو يعني، من الناحية الإيجابية، أنه ينبغي للوكالات، حيثما أمكن، أن تعمل على دعم المشاريع والنهج التي تساهم ليس فقط في التنمية الاقتصادية أو تحقيق الأهداف الأخر ى المعرّفة تعريفاً واسعاً ، وإنما أيضا في تعزيز التمتع بجميع حقوق الإنسان.

7- والمبدأ الثاني الذي له صلة عامة بالموضوع أن أنشطة التعاون الإنمائي لا تساهم تلقائيا في تعزيز الاحترام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالكثير من الأنشطة المضطلع بها باسم "التنمية" قد تبين فيما بعد أنها أنشطة لم يحسن التفكير فيها، بل إ نها أنشطة معوقة من حيث حقوق الإنسان. وينبغي، من أجل تقليل حدوث مشاكل كهذه، أن يولى النظر، على نحو محدّد ومتأن، في كل القضايا المعالجة في العهد، كلما أمكن ذلك وكان مناسبا.

8- ورغم أهمية السعي إ لى إدماج الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان في الأنشطة الإنمائية، فمن الصحيح أن المقترحات الخاصة بهذا الإدماج يمكن بسهولة تامة أن تبقى على مستوى العموميات. وهكذا، وسعيا إلى تشجيع إضفاء الطابع العملي على المبدأ الوارد في المادة 22 من العهد، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى التدابير المحددة التالية التي تستحق أن تنظر فيها الهيئات المعنية :

( أ ) ينبغي، من ناحية المبدأ، لأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة أن تسلّم تحديداً بالعلاقة الجوهرية التي ينبغي إنشاؤها بين الأنشطة الإنمائية والجهود الرامية إلى تعزيز الاحتر ام لحقوق الإنسان بصفة عامة، وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصفة خاصة. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد قصور كل من استرات ي جيات عقود الأمم المتحدة الإنمائية الثلاث الأولى عن إدراك تلك العلاقة، وتحث على ضرورة أن تصحح الاستراتيجية الرابعة، التي ستُعتمد عام 1990 ، هذا الإغفال؛

( ب ) ينبغي لوكالات الأمم المتحدة أن تولي الاعتبار للاقتراح الذي قدمه الأمين العام في تقرير أُعِدّ في عام 1979 (1) بأن يُطلب إعداد "بيان عن تأثير حقوق الإنسان" بالنسبة إلى جميع أنشطة التعاون الإنمائي الرئيسية.

( ج ) ينبغي أن يشمل التدريب أ و التوجيه المقدمين إلى موظفي المشاريع وغيرهم من الموظفين الذين تستخدمهم وكالات الأمم المتحدة عنصرا يعالج معايير حقوق الإنسان ومبادئها؛

( د ) ينبغي بذل كل جهد ممكن، في كل مرحلة من مراحل أي مشروع إنمائي، لكفالة مراعاة الحقوق الواردة في العهد على النحو الواجب. وينطبق ذلك، مثلا، في التقييم الأولي للحاجات ذات الأولوية لبلد معين، وفي تحديد ملامح مشروع معين، وفي تصميم المشروع، وفي تنفيذ المشروع، وفي تقييمه النهائي.

9- ومن الأمور التي شغلت اهتمام اللجنة بوجه خاص أثناء بحث تقارير الدول الأطراف، الأثر المعاكس لأعباء ا لديون ولتدابير التكيف ذات الصلة على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بلدان كثيرة. وتسلم اللجنة بأنه كثيرا ما سيتعذر تجنب برامج التكيف، وبأن هذه البرامج ستنطوي مرارا على عنصر تقشف رئيسي. بيد أنه، في ظل ظروف كهذه تصبح المساعي الرامية إلى حم اية أهم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أكثر إلحاحا وليس العكس. وهكذا، ينبغي للدول الأطراف في العهد، علاوة على وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة، أن تبذل جهدا خاصا لكفالة أن تكون تلك الحماية، إلى أقصى حد ممكن، مدمجة في البرامج والسياسات المصممة لتعزي ز التكيف. ومثل هذا النهج، الذي يشار إليه في بعض الأحيان باسم "التكيف ذي الوجه الإنساني" أو باعتباره يعزز "البعد الإنساني للتنمية"، يتطلب أن يصبح هدف حماية حقوق الفقراء والضعفاء هدفا أساسيا للتكيف الاقتصادي. وبالمثل، ينبغي للتدابير الدولية الخاصة بعلاج أزمة الديون أن تأخذ في اعتبارها تماما الحاجة إلى حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن طريق جملة أمور منها التعاون الدولي. ومن الممكن، في كثير من الحالات، أن يشير ذلك إلى الحاجة إلى ال مبادرات ال رئيسية لتخفيف أعباء الديون .

10 - وأخيرا، ترغب اللجنة في توجيه الانتباه إلى الفرصة الهامة المتاحة للدول الأطراف، وفقا للمادة 22 من العهد، لكي تحدد في تقاريرها ما قد يكون لديها من حاجات خاصة إلى المساعدة التقنية أو التعاون الإنمائي.

الحاشية

( 1 ) "الأبعاد الدولية للحق في التنمية باعتباره حقا من حقوق الإنسان يتصل ب حقوق أخرى ل لإ نسان على أساس التعاون الدولي، بما في ذلك الحق في السلم، مع إيلاء الاعتبار لمتطلبات النظام الاقتصادي الدولي الجديد واحتياجات الإنسان الأساسية " (E/CN.4/1334، الفقرة 314) .

الدورة الخامسة (1990) *

التعليق العام رقم 3 : طبيعة التزامات الدول الأطراف ( الفقرة 1 من المادة 2 من العهد )

1- تتسم المادة 2 بأهمية خاصة لتفهم العهد تفهما تاما، ويجب اعتبار أن لها علاقة دينامية بسائر أحكامه. وهي تصف طبيعة الالتزامات القانونية العامة التي تتعهد بها الدول الأطراف في العهد. وتشمل هذه الالتزامات على حد سواء ما يمكن أن يسمى ( تبعا لعمل لجنة القانون الدولي ) التزامات بسلوك، والتزامات بتحقيق نتيجة. وبينما تم أحيانا التشديد بقوة على الاختلاف الموجود بين الصيغة المستخدمة في هذه المادة والصيغة المستخدمة في المادة 2 النظيرة لها من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإ نه من غير المسلم به دوما أنه توجد أيضا أوجه شبه هامة. وعلى وجه الخصوص، بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويقر بوجود قيود ناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا التزامات شتى لها أثر فوري. ومن هذه الالتزامات، هناك التزامان يتصفان بأهمية خا صة لتفهم الطبيعة المحددة لالتزامات الدول الأطراف. أحدهما، ويتناوله تعليق عام منفصل ستنظر فيه اللجنة في دورتها السادسة، هو تعهد الدول الأطراف "بأن تضمن جعل ممارسة الحقوق" ذات الصلة ممارسة "لا يشوبها أي تمييز...".

2- أما التعهد الآخر، فهو تعهد الدول الأطراف ، في المادة 2 ( 1 ) ، "بأن تتخذ... خطوات"، وهو تعهد ليس، في حد ذاته، مقيدا أو محدودا باعتبارات أخرى. ويمكن أيضا تقدير المعنى التام لهذه العبارة بملاحظة بعض صياغاتها المختلفة باللغات الأخرى. ففي النص ال إ نكليزي، تتعهد الدول الأطراف "بأن تتخذ ... خطوات" ("totake steps") ، وفي النص الفرنسي، تتعهد "بأن تعمل على" ("s'engagent à agir")، وفي النص ا لإ سباني، تتعهد "بأن تعتمد تدابير" ("a adoptar medidas"). وعليه، ففي حين أن الإعمال التام للحقوق ذات الصلة يمكن تحقيقه تدريجيا، فلا بد من اتخاذ خطوات باتجاه هذا الهدف في غضون مدة قصيرة معقولة من الزمن بعد بدء نفاذ العهد بالنسبة إلى الدول المعنية. وينبغي أن تكون هذه الخطوات متعمدة ومحددة وهادفة بأكبر درجة ممكنة من الوضوح إلى الوفاء بالالتزامات المعترف بها في العهد.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1991/23.

3- أما الوسائل التي ي نبغي استخدامها للوفاء بالالتزام باتخاذ خطوات، فهي مبينة في المادة 2 ( 1 ) ، بوصفها "جميع السبل المناسبة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية". وتقر اللجنة بأن التشريع مستصوب للغاية في كثير من الحالات، وقد لا يُستغنى عنه في بعض الحالات. فقد يكون من الصعب، مثلا، م كافحة التمييز بفعالية في غياب أساس تشريعي سليم لما يلزم اتخاذه من تدابير. وفي ميادين مثل الصحة، وحماية الأطفال والأمهات، والتعليم، وكذلك فيما يتعلق بالمسائل التي تتناولها المواد من 6 إلى 9، يمكن أن يكون التشريع أيضا عنصرا لا غنى عنه لأغراض كثيرة.

4- وتلاح ظ اللجنة أن الدول الأطراف قد دأبت عموما على أن تقدّم بدقة تفاصيل فيما يتصل على الأقل ب بعض ما اتخذته من تدابير تشريعية في هذا الشأن. غير أن اللجنة تود أن تشدد على أن اعتماد تدابير تشريعية، على نحو ما يتوخاه العهد بالتحديد، لا يستنفد على الإطلاق التزامات الد ول الأطراف. بل إ ن عبارة "جميع السبل المناسبة" يجب إعطاؤها معناها الكامل والطبيعي. وفي حين أنه ينبغي لكل دولة طرف أن تقرر بنفسها ما هي أنسب السبل، في ظل الظروف السائدة، فيما يتعلق بكل حق من الحقوق، فإن "مناسبة" السبل التي يتم اختيارها لن تكون دوما أمرا بدي هيا. وعليه فإن من المستصوب أن تبين تقارير الدول الأطراف ليس فقط ما اتُخذ من تدابير، وإنما أيضا الأساس الذي تُعتبر ، بناء عليه ، أنها "أنسب" التدابير في ظل الظروف السائدة. بيد أن الحكم النهائي في ما إذا كانت جميع التدابير المناسبة قد اتخذت هو حكم يعود إلى الل جنة.

5- ومن بين التدابير التي قد تعتبر مناسبة، إضافة إلى التشريع، توفير سبل التظلم القضائي فيما يتعلق بالحقوق التي يمكن، وفقا للنظام القانوني الوطني، اعتبارها حقوقا يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم. فتلاحظ اللجنة، مثلا، أن التمتع بالحقوق المعترف بها، دونما ت مييز، يشجّع، في كثير من الأحيان على النحو المناسب، إلى حد ما، من خلال توفير سبل التظلم القضائي أو غيرها من سبل الانتصاف الفعالة. والواقع أ ن الدول الأطراف التي هي أيضا أطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ملتزمة بالفعل ( بمقتضى المواد 2 ( الف قرتان 1 و3 ) و3 و 26) من العهد المذكور "بأن تكفل توفر سبيل فعال للتظلم" لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته ( بما في ذلك حقه في المساواة وعدم التمييز ض ـ ده (المعترف بها في العهد المذكور ( المادة 2 ( 3 )( أ )) . وإضافة إلى ذلك، هناك عدد من الأحكام الأخرى في العهد الدولي ال خاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها المواد 3، و7 ( أ )‘ 1 ‘ ، و8، و 10( 3 ) و 13( 2 )( أ ) ، و ( 3 ) ،و ( 4 ) ، و 15( 3 ) ، يبدو أنها قابلة للتطبيق الفوري من جانب الأجهزة القضائية وغيرها من الأجهزة في كثير من النظم القانونية الوطنية. وأية حجة قائلة بأن الأحكام الم بينة هي، بطبيعتها، غير ذاتية التنفيذ، تبدو حجة واهية.

6- وفي الحالات التي اعتُمدت فيها، في شكل تشريعي، سياسات محددة تهدف بصورة مباشرة إلى إعمال الحقوق المعترف بها في العهد، ترغب اللجنة في أن تحاط علما، في جملة أمور، بما إذا كانت هذه القوانين تنشئ ، لصالح ا لأفراد أو الجماعات الذين يرون أن حقوقهم لا يجري إعمالها إعمالا تاما ، حق إقامة الدعوى. وفي الحالات التي منح فيها اعتراف دستوري لحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية محددة، أو التي تم فيها دمج أحكام العهد دمجا مباشرا في القانون الوطني، ترغب اللجنة في تلقي معلومات عن مدى إمكان اعتبار هذه الحقوق حقوقا يمكن الفصل فيها بالقضاء (أي يمكن الاحتجاج بها أمام المحاكم ) . كما ترغب اللجنة في تلقي معلومات محددة عن أية حالات اعترى فيها الأحكام الدستورية القائمة المتصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضعف أو تغيير كبير.

7 - والتدابير الأخرى التي يمكن أيضا اعتبارها "مناسبة" لأغراض المادة 2 ( 1 ) تشمل التدابير الإدارية والمالية والتعليمية والاجتماعية، ولكنها لا تقتصر عليها.

8- وتلاحظ اللجنة أن تعهد الدول الأطراف "بأن تتخذ ... ما يلزم من خطوات ... سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسب ة، وخصوصا سبيل اعتماد تدابير تشريعية"، لا يتطلب ولا يستبعد استخدام أي شكل معين من أشكال الحكم أو النظم الاقتصادية كوسيلة لتنفيذ الخطوات موضوع البحث، وذلك بشرط واحد هو أن يكون ديمقراطيا وأن يتم بذلك احترام حقوق الإنسان كافة. وعليه، فإن العهد محايد من حيث ال نظم السياسية والاقتصادية، ولا يمكن وصف مبادئه وصفا دقيقا بأنها تقوم حصرا على ضرورة أو استصواب إقامة نظام اشتراكي أو رأسمالي، أو اقتصاد مختلط أو مخطط مركزيا أو حر، أو على أي نهج معين آخر. وفي هذا الشأن، تؤكد اللجنة مجددا أن الحقوق المعترف بها في العهد قابلة للإعمال في سياق مجموعة متنوعة واسعة من النظم الاقتصادية والسياسية، بشرط واحد، هو أن يعترف النظام موضوع البحث بترابط مجموعتي حقوق الإنسان وبعدم قابليتهما للتجزئة، على نحو ما تؤكده، في جملة أمور، ديباجة العهد، وأن يعكس النظام ذلك. كما تلاحظ اللجنة ما لحقوق الإنسان الأخرى، ولا سيما الحق في التنمية ، من صلة بالموضوع في هذا الشأن.

9- إن الالتزام الرئيسي بتحقيق نتيجة ، وهو الالتزام الذي تنص عليه المادة 2 ( 1 )، يتمثل في اتخاذ خطوات "لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها" في العهد. وعبارة "التمتع التدريجي" تُستخدم في كثير من الأحيان لوصف القصد من هذا التعبير. ويشكل مفهوم التمتع التدريجي اعترافا بأن التمتع الفعلي بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لن يتسنى تحقيقه بوجه عام في فترة قصيرة من الزمن. وبهذا المعنى، يختلف الالتزام اختلافا هاما عن الالتزام الوارد في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تجسد التزاما فوريا باحترام وضمان جميع الحقوق ذات الصلة. غير أن كون العهد ينص على التمتع بالحقوق مع مرور الوقت، أو بتعبير آخر تدريجيا ينبغي ألا يساء تفسيره بشكل يفرغ الالتزام من كل مض مون ذي دلالة. فهو، من جهة، أداة ضرورية من أدوات المرونة، تعكس صورة واقع العالم الحقيقي وما قد يواجهه أي بلد من صعوبات في ضمان التمتع الكامل بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن جهة أخرى، يجب قراءة العبارة في ضوء الهدف الكلي للعهد، وفي الواقع، سبب وجوده، وهو وضع التزامات واضحة على عاتق الدول الأطراف فيما يتعلق بالتمتع الكامل بالحقوق موضوع البحث. ومن ثم، يفرض العهد التزاما بالتحرك بأكبر قدر ممكن من السرعة والفعالية نحو هذا الهدف. وعلاوة على ذلك، فإن أية تدابير تراجعية متعمدة في هذا الشأن سوف تتطلب در اسة متأنية للغاية وسوف يلزم تبريرها تبريرا تاما بالإشارة إلى كامل الحقوق التي ينص عليها العهد وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى ما هو متاح من ال موارد.

10 - واستنادا إلى الخبرة الواسعة التي اكتسبتها اللجنة، وكذلك الهيئة التي سبقتها، خلال فترة دراسة تقارير الدو ل الأطراف، وهي فترة تزيد على العقد ، ترى اللجنة أنه يقع على عاتق كل دولة من الدول الأطراف حد أدنى من الالتزام الأساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق. ومن ثم، وعلى سبيل المثال، فإن الدولة الطرف التي يُحرم فيها أ ي عدد هام من الأفراد من المواد الغذائية الأساسية، أو من الرعاية الصحية الأولية الأساسية، أو من المأوى والمسكن الأساسيين، أو من أشكال التعليم الأساسية، تُعتبر ، بداهةً، متخلفة عن الوفاء بالتزاماتها بمقتضى العهد. فإذا قُرئ العهد على نحو لا يحدد هذا الالتزام الأساس ي الأدنى، يكون قد جُرد إلى حد كبير من سبب وجوده. كما يجب ملاحظة أن أي تقدير لما إذا كانت دولة من الدول قد وفت بالتزامها الأساسي الأدنى يجب أن تراعى فيه أيضا قيود الموارد القائمة في البلد المعني. فالمادة 2 ( 1 ) تلزم كل دولة من الدول الأطراف بأن تتخذ ما يلزم م ن خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة". وكيما تتمكن دولة ما من الدول الأطراف من عزو تخلفها عن الوفاء على الأقل بالتزاماتها الأساسية الدنيا إلى قلة الموارد المتاحة، يجب عليها أن تثبت أنها قد بذلت كل جهد من أجل استخدام كل الموارد التي هي تحت تصرفها في سب يل الوفاء، على سبيل الأولوية، بهذه الالتزامات الدنيا.

11- غير أن اللجنة ترغب في التأكيد على أنه حتى عندما يثبت أن الموارد المتاحة غير كافية، تظل الدولة الطرف ملزمة بالسعي لضمان التمتع، على أوسع نطاق ممكن، بالحقوق ذات الصلة في ظل الظروف السائدة. وعلاوة على ذلك، ف إن الالتزامات برصد مدى التمتع، أو بالأخص، عدم التمتع، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وباستنباط استراتيجيات وبرامج لتعزيزها، لا تزول بأي شكل من الأشكال نتيجة لقيود الموارد. وقد سبق أن تناولت اللجنة هذه القضايا في تعليقها العام رقم 1 (1989) .

12 - وبالمثل، تشدد اللجنة على أنه، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية التكيف أو بسبب الانتكاس الاقتصادي أو غير ذلك من العوامل، يمكن، بل يجب، حماية الضعفاء من أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة الكلفة. ودعما لهذ ا النهج، تحيط اللجنة علما بالتحليل الذي أعدته اليونيسيف بعنوان Adjustment With a Human Face: Protecting the Vulnerable and Promoting Growth ( 1 ) ( التكيف ذو الوجه الإنساني: حماية الضعفاء وتعزيز النمو ) ، والتحليل الذي أعده برنامج الأمم المتحدة ال إ نمائي في تقرير ه Human Development Report 1990 ( 2 ) ( تقرير التنمية البشرية لعام 1990) ، والتحليل الذي أعده البنك الدولي في World Development Report 1990 ( 3 ) ( تقرير التنمية العالمية لعام 1990) .

13 - وثمة عنصر أخير للمادة 2 ( 1 ) لا بد من توجيه النظر إليه وهو أن تعهد جميع الدول ال أطراف هو "بأن تتخذ، بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني... خطوات...". وتلاحظ اللجنة أن واضعي العهد أرادوا من عبارة "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحـة" أن تشير في آن واحد إلى الموارد القائمة داخل الدولة وإلى الموارد المتاحة من المجتمع الدولي من خلال التعاون والمساعدة الدوليين. وعلاوة على ذلك، ف إن الأحكام المحددة الواردة في المواد 11 و 15 و22 و 23 تؤكد كذلك الدور الجوهري لهذا التعاون في تيسير الإعمال الكامل للحقوق ذات الصلة. وفيما يتعلق بالمادة 22، فإن اللجنة قد وجهت النظر بالفعل، في التعليق العام رقم 2 (1990) ، إلى بعض الفرص والمسؤوليات القائمة فيما يتعلق بالتعاون الدولي. كما أن المادة 23 تنص بالتحديد على "توفير مساعدة تقنية"، وكذلك على أنشطة أخرى، بوصفها من الوسائل التي تتيح اتخاذ "التدابير الدولية الرامية إلى كف الة إعمال الحقوق المعترف بها...".

14 - وترغب اللجنة في التأكيد على أن التعاون الدولي من أجل التنمية، وبالتالي من أجل إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هو، وفقا للمادتين 55 و 56 من ميثاق الأمم المتحدة، ولمبادئ القانون الدولي الثابتة، ولأحكام العهد ذاته، التزام يقع على عاتق الدول كافة. وهو يقع، بوجه خاص، على عاتق الدول التي تستطيع مساعدة غيرها من الدول في هذا الشأن. وتلاحظ اللجنة، على وجه الخصوص، أهمية إعلان الحق في التنمية الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 41 / 128 المؤرخ في 4 كانون الأول/ديسمبر 1986 وضرورة أن تراعي الدول الأطراف المراعاة التامة جميع المبادئ المعترف بها في الإعلان المذكور. وتؤكد اللجنة أنه، في غياب برنامج نشط للمساعدة والتعاون الدوليين من جانب جميع الدول التي تستطيع الاضطلاع بمثل هذا البرنامج، سيظل الإعمال التام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كثير من البلدان طموحاً لم يتحقق. وفي هذا الشأن، تشير اللجنة أيضا إلى ما ورد في تعليقها العام رقم 2 (1990) .

الحواشي

( 1 )G.A. Cornia, R. Jolly and F. Stewart, eds., Oxford, Clarendon Press, 1987.

( 2 )Oxford, Oxford University Press, 1990.

( 3 )Oxford, Oxford University Press, 1990.

الدورة السادسة ( 1991 ) *

التعليق العام رقم 4 : الحق في السكن الملائم ( المادة 11 ( 1 ) من العهد )

1- بموجب المادة 11 ( 1 ) من العهد، "تقر الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية". و إن حق الإنسان في السكن الملائم، الناتج عن الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف، يتسم بأهمية أساسية بالنسبة ل لتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

2- وقد استطاعت اللجنة أن تجمع قد را كبيرا من المعلومات المتصلة بهذا الحق. فمنذ عام 1979 ، نظرت اللجنة، والهيئات السابقة لها، في 75 تقريرا تعالج الحق في السكن الملائم. كما خصصت اللجنة يوما ل لمناقشة العامة لهذه المسألة في كل من دورتيها الثالثة ( انظر E/1989/22، الفقرة 312) والرابعة (E/1990/23، الفقرات 281 - 285) . يضاف إلى ذلك أن اللجنة قد أحاطت علما بعناية بالمعلومات التي تمخضت عنها السنة الدولية ل إ يواء المشردين (1987) ، بما في ذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 42 /191 المؤرخ في 11 كانون الأول/ديس مبر 1987 ( 1 ) . كما استعرضت اللجنة التقارير ذات الصلة وغيرها من وثائق لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات ( 2 ) .

3 - وبالرغم من أن هناك مجموعة متنوعة واسعة من الصكوك الدولية التي تعالج مختلف أبعاد الحق في السكن الملائم ( 3 ) ، فإن المادة 11 ( 1 ) من العهد تمثل الحكم الأشمل ولربما الأهم من الأحكام ذات الصلة.

4- وعلى الرغم من قيام المجتمع الدولي على نحو متكرر ب إ عادة تأكيد أهمية الاحترام التام للحق في السكن الملائم، فإنه لا تزال هناك فجوة واسعة على نحو مقلق بين المعايير المحددة في المادة 11 ( 1 ) من العهد والحالة السائدة في الكثير من أنحاء العالم. وفي حين أن المشاكل كثيرا ما تكون حادة بصفة خاصة في بعض البلدان النامية التي تواجه تقييدات كبيرة للموارد وغير ذلك من القيود، فإن اللجنة تلاحظ أن مشاكل ذات شأن متمثلة في انعدام المأوى وعدم كفاية السكن توجد أيض ا في بعض المجتمعات الأكثر تقدما من الناحية الاقتصادية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك على نطاق العالم أكثر من 100 مليون شخص يفتقرون إلى المأوى وأكثر من مليار شخص يعيشون في مساكن غير ملائمة ( 4 ) . وليس هناك ما يدل على أن هذا العدد آخذ في التناقص. ويبد و واضحا أنه ما من دولة من الدول الأطراف إلا وتعاني مشاكل هامة من نوع أو آخر فيما يتعلق بالحق في السكن.

5- وفي بعض الحالات، تضمنت تقارير الدول الأطراف، التي نظرت فيها اللجنة، اعترافا بالصعوبات المواجهة في ضمان الحق في المسكن الملائم واشتملت على وصف لهذه الص عوبات. إلا أن المعلومات المقدمة لم تكن في الغالب كافية لتمكين اللجنة من الحصول على صورة كافية للحالة السائدة في الدولة المعنية. ولذلك، فإن هذا التعليق العام يرمي إلى تحديد بعض المسائل الرئيسية التي تعتبرها اللجنة مهمة فيما يتعلق بهذا الحق.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1992/23.

6- إن الحق في المسكن الملائم ينطبق على جميع الناس. وفي حين أن ال إ شارة إلى "له ولأسرته" تعبر عن افتراضات فيما يتعلق بأدوار الجنسين وأنماط النشاط الاقتصادي التي كانت مقبولة عموما في عام 1966 عندما تم اعتماد العهد، فإنه لا يمكن قرا ءة هذه العبارة اليوم باعتبارها تعني فرض أي قيود على انطباق الحق على أفراد أو على أسر معيشية تعيلها نساء أو على جماعات أخرى من هذا القبيل. وهكذا، فإن فكرة "الأسرة" يجب فهمها بالمعنى الواسع. ويضاف إلى ذلك أن من حق الأفراد، وكذلك الأسر، الحصول على مسكن ملائم بغض النظر عن السن أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء إلى جماعة أو غيرها أو المركز الاجتماعي وعوامل أخرى من هذا القبيل. وبصفة خاصة، يجب ألا يخضع التمتع بهذا الحق، وفقا للمادة 2 ( 2 ) من العهد، لأي شكل من أشكال التمييز.

7- وفي رأي اللجنة أن الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيرا ضيقا أو تقييديا يجعله مساويا، على سبيل المثال للمأوى الموفر للمرء بمجرد وجود سقف فوق رأسه، أو يعتبر المأوى على وجه الحصر سلعة. بل ينبغي النظر إلى هذا الحق باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة. وهذا مناسب لسببين على الأقل. ففي المقام الأول، يعتبر الحق في السكن مرتبطا ارتباطا تاما بسائر حقوق الإنسان وبالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها العهد. وهكذا، فإن "الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان" التي يقال إن الحقوق المبينة في العهد مستمدة منها تقتضي أن يُفسر مصطلح "السكن" تفسيرا يأخذ ف ي الحسبان مجموعة متنوعة من الاعتبارات الأخرى، وبدرجة أهم جدا، أن يُكفل الحق في السكن لجميع الناس بصرف النظر عن الدخل، أو إمكانية حيازة موارد اقتصادية. ثانيا، يجب أن تُقرأ الإشارة الواردة في المادة 11 ( 1 ) باعتبارها إشارة لا إلى السكن فحسب وإنما إلى السكن الم لائم. وكما أعلنت لجنة المستوطنات البشرية وكذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 : فإن "المأوى الملائم يعني... التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية، والمساحة الكافية، والأمان الكافي، والإنارة والتهوية الكافيتين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملا ئم بالنسبة إلى أمكنة العمل والمرافق الأساسية - وكل ذلك بتكاليف معقولة".

8- وهكذا، فإن مفهوم الكفاية يتسم بمغزى خاص فيما يتعلق بالحق في السكن ، إذ إنه يساعد على إ براز عدد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد ما إذا كان يمكن النظر إلى أشكال معينة م ن أشكال المأوى باعتبارها تشكل "سكنا ملائما" لأغراض العهد. وفي حين أن الكفاية تحددها جزئيا عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية و إ يكولوجية وغير ذلك من العوامل، فإن اللجنة تعتقد أن من الممكن مع ذلك تحديد بعض جوانب هذا الحق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار له ذه الغاية في أي سياق معين. وهذه الجوانب تشمل ما يلي:

( أ ) الضمان القانوني لشغل المسكن : إ ن شغل المسكن يتخذ أشكالا مختلفة منها ال إ يجار ( العام والخاص ) ، وال إ سكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، وال إ سكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك ا لاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بال إ كراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛

( ب ) توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية : إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إ مكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق ال إ صحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛

( ج ) القدرة على تحمل الكلفة : إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إ عانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل ال إ سكان التي ت عبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقا لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات ال إ يجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية ال مصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛

( د ) الصلاحية للسكن : إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والري ح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة "المبادئ الصحية للسكن" ( 5 ) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يش كل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛

(ه‍) إ تاحة إ مكانية الحصول على السكن : إن إ مكانية ا لحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إ مكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخا ص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي ل قوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إ مكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض . وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛

( و ) الموقع : إ ن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إ مكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الر عاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي ألا ّ تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛

( ز ) السكن الملائم من الناحية الثقافية : إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع ال إ سكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية لل إ سكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضا، في جملة أمور، عند الاقتضاء.

9- وكما لوحظ أعلاه، فإن الحق في السكن الملائم لا يمكن أن ينظر إليه بمعزل عن سائر حقوق الإنسان المبينة في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وغيرهما من الصكوك الدولية المنطبقة. وقد سبقت ال إ شارة في هذا الخصوص إلى مفهوم كرامة الإنسان ومبدأ عدم التمييز. ويضاف إلى ذلك أن التمتع الكامل بسائر الحقوق - مثل الحق في حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات ( مثل رابطات المستأجرين وغير ذلك من الجماعات المحلية ) ، وحق الشخص في أن يختار بحرية محلّ إ قامته والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات العامة - هو أمر لا غنى عنه إذا ما أريد إعمال الحق في السكن الملائم والمحافظة عليه لصالح جميع الفئات في المجتمع. وبالمثل، فان حق الفرد في ألا يخضع لأي تدخل تعسفي أو غير مشروع في خصوصياته أو خصوصيات أسرته أو منزله أو مراسلاته يشكل بعدا بالغ الأهمية في تعريف الحق في السكن الملائم.

10 - وبص رف النظر عن حالة التنمية في أي بلد من البلدان، فإن هناك خطوات معينة يجب اتخاذها على الفور. وكما هو مسلم به في الاستراتيجية العالمية للمأوى وفي غيرها من التحليلات الدولية، فان العديد من التدابير اللازمة لتعزيز الحق في السكن لا تتطلب سوى امتناع الحكومات عن ا نتهاج ممارسات معينة والتزامها بتيسير قيام الجماعات المتأثرة بمساعدة نفسها بنفسها. وبقدر ما تعتبر أي خطوات كهذه متجاوزة الموارد القصوى المتاحة لدولة من الدول الأطراف، يكون من المناسب تقديم طلب في أقرب وقت ممكن للحصول على التعاون الدولي وفقا للمواد 11 ( 1 ) و22 و 23 من العهد، وإبلاغ اللجنة بذلك.

11- وينبغي للدول الأطراف أن تولي الأولوية الواجبة لتلك الجماعات من المجتمع التي تعيش في ظل أحوال غير مؤاتية بأن توليها الاعتبار بوجه خاص. وينبغي، في هذه الحالة، ألا توضع السياسات والتشريعات بحيث تفيد تلك الجماعات من المجت مع المحظوظة بالفعل على حساب الجماعات الأخرى. وتدرك اللجنة أن هناك عوامل خارجية يمكن أن تؤثر على الحق في التحسين المستمر لأحوال المعيشة، وأن الأحوال المعيشية ال إ جمالية في العديد من الدول الأط ـ راف ق ـ د تردّت خلال الثمانين ـ ات. ومع ذلك، وكما لاحظت اللجنة في تعل يقها العام رقم 2 (1990) (E/1990/23، المرفق الثالث ) ، تظل الالتزامات المبينة في العهد واجبة التطبيق ولربما تتسم بقدر أكبر من الأهمية خلال أوقات الانكماش الاقتصادي، وذلك بالرغم من المشاكل الناجمة عن عوامل خارجية. ولذلك، يبدو للجنة أن حدوث تردٍ عام في الأحوال المعيشية والسكنية، يمكن عزوه مباشرة إلى سياسات الدول الأطراف وقراراتها التشريعية، وفي غياب أية تدابير تعويضية تصحب ذلك، إنما يتعارض مع الالتزامات المحددة في العهد.

12- و في حين أن أنسب وسيلة لتحقيق الإعمال الكامل للحق في السكن الملائم لا بد أن تتفاوت تفاوتا كبيرا بين دولة وأخرى من الدول الأطراف، فإن العهد يتطلب على نحو واضح أن تتخذ كل دولة من الدول الأطراف ما يلزم من الخطوات لهذه الغاية. وهذا يتطلب على نحو ثابت تقريبا اعتماد استراتيجية إسكان وطنية تعرّف، حسبما هو مذكور في الفقرة 32 من الاستراتيجية العالمية ل لمأوى، "الأهداف اللازمة لتهيئة ظروف ال إ يواء، وتحدد الموارد المتاحة للوفاء بهذه الأهداف، وطريقة استخدام هذه الموارد بصورة مجدية إلى أقصى حد بالقياس إلى التكاليف، وتحدد المسؤوليات وال إ طار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة". ولأسباب تتعلق بانطباق الاستراتيجية وف عاليتها، وكذلك من أجل ضمان احترام سائر حقوق الإنسان، ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تعكس استشارة ومشاركة جميع المعنيين بالأمر، بمن فيهم الأشخاص الذين لا مأوى لهم والذين يفتقرون إلى السكن الملائم بال إ ضافة إلى ممثليهم. وعلاوة على ذلك، ينبغي اتخاذ الخطوات التي تض من التنسيق بين الوزارات والسلطات ال إ قليمية والمحلية بغية التوفيق بين السياسات ذات الصلة ( في مجالات الاقتصاد والزراعة والبيئة والطاقة الخ. ) والالتزامات المنصوص عليها في المادة 11 من العهد.

13 - و إن الرصد الفعال للحالة فيما يتعلق بال إ سكان يمثل التزاما آخر ذا أثر فوري. ولكي تقوم دولة من الدول الأطراف بالوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 11 ( 1 ) ، لا بد لها من أن تثبت، في جملة أمور، أنها اتخذت كل الخطوات اللازمة، إما بمفردها أو على أساس التعاون الدولي، للتحقق من المدى الكامل لانعدام المأوى وعدم ملاءمة السكن في نطاق ولا يتها. وفي هذا الخصوص، فإن المبادئ التوجيهية العامة المنقحة، التي اعتمدتها اللجنة بشأن شكل ومضمون التقارير ، (E/C.12/1991/1) تشدد على الحاجة إلى "تقديم معلومات مفصلة عن تلك الجماعات داخل المجتمع التي تعتبر ضعيفة ومحرومة فيما يتعلق بال إ سكان". وهذه الجماعات ت شمل بصفة خاصة الأشخاص والأسر الذين لا مأوى لهم، وأولئك الذين يعيشون في مساكن غير ملائمة دون أن تتيسر لهم إ مكانية الاستفادة من المرافق الأساسية، وأولئك الذين يعيشون في مستوطنات "غير مشروعة"، وأولئك الذين يخضعون ل إ خلاء المساكن بال إ كراه، والجماعات المنخفضة ال دخل.

14 - ثم إن التدابير الرامية إلى وفاء دولة من الدول الأطراف بالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم يمكن أن تعكس أي خليط من التدابير التي تعتبر مناسبة والتي تتخذ في القطاعين العام والخاص. وفي حين أن التمويل العام لل إ سكان في بعض الدول يمكن أن ينفق على أجدى نحو على البناء المباشر للمساكن الجديدة، ففي معظم الحالات، دلت التجربة على عدم قدرة الحكومات على التغطية الكاملة لحالات العجز في مجال ال إ سكان من خلال المساكن المبنية بأموال عامة. ولذلك، ينبغي تشجيع قيام الدول بتعزيز "الاسترات ي جيات التمكينية" على أن يقترن ذلك بتعهد كامل بالوفاء بالالتزامات المتعلقة بالحق في السكن الملائم. ويتمثل هذا الالتزام أساسا في إثبات كون التدابير المتخذة كافية في مجملها لإعمال هذا الحق لصالح كل فرد في أقصر مدة ممكنة وفقا للموارد القصوى المتاحة.

15 - وسيتطلب العديد من التدابير ال تي سيلزم اتخاذها إجراء تخصيصات للموارد واتخاذ مبادرات من النوع العام في مجال السياسة العامة. إلا أنه ينبغي عدم التقليل من دور التدابير التشريعية وال إ دارية الرسمية في هذا السياق. وقد وجهت الاستراتيجية العالمية للمأوى ( الفقرتان 66-76 ) الانتباه إلى أنواع التد ابير التي يمكن اتخاذها في هذا الخصوص وإلى أهميتها.

16 - والحق في السكن الملائم محمي من الناحية الدستورية في بعض الدول. واللجنة في هذه الحالات تهتم اهتماما خاصا بالاطلاع على الأهمية القانونية والعملية لاتباع هذا النهج. ولذلك، ينبغي تقديم تفاصيل عن الحالات ال محددة والسبل الأخرى التي ثبتت فيها فائدة هذه الحماية.

17 - وتعتبر اللجنة أن العديد من العناصر المكونة للحق في السكن الملائم تتفق على الأقل مع الحكم المتعلق بتوفير سبل الانتصاف المحلية. وتبعا للنظام القانوني، يمكن لهذه المجالات أن تشتمل ولكنها لا تقتصر على: ( أ ) الطعون القانونية التي ترمي إلى منع العمليات المخطط لها فيما يتصل ب إ خلاء المساكن أو هدمها، وذلك من خلال أوامر زاجرة تصدر عن المحاكم؛ ( ب ) ال إ جراءات القانونية الرامية إلى دفع التعويضات بعد إ خلاء المساكن بصورة غير مشروعة؛ ( ج ) الشكاوى ضد ال إ جراءات غير المشر وعة التي يقوم بها أو يدعمها أصحاب المساكن ( العامة أو الخاصة ) فيما يتعلق بمستويات ال إ يجار وصيانة المساكن والتمييز العنصري أو غيره من أشكال التمييز؛ ( د ) المزاعم المتعلقة بأي شكل من أشكال التمييز في تخصيص وتوفير المساكن؛ (ه‍) الشكاوى ضد أصحاب المساكن فيما يتع لق بأحوال السكن غير الصحية أو غير الملائمة. وقد يكون من المناسب أيضا في بعض النظم القانونية بحث إ مكانية تيسير إقامة الدعاوى الجماعية في الحالات التي تنطوي على ارتفاع كبير في مستويات انعدام المأوى.

18 - وفي هذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن حالات إ خلاء المساكن بال إ كراه تتعارض بداهة مع مقتضيات العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في بعض الظروف الاستثنائية جدا ووفقا لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة.

19 - وأخيرا، فإن المادة 11 ( 1 ) تختتم بالتزام الدول الأطراف بالاعتراف "بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الح ر". ومن الناحية التقليدية فإن نسبة تقل عن 5 في المائة من جميع المساعدات الدولية قد وجهت نحو ال إ سكان أو المستوطنات البشرية وكثيرا ما تكون الطريقة التي يتم بها تقديم هذا التمويل قاصرة عن تقديم أية مساهمة ذات شأن في معالجة الاحتياجات السكنية للجماعات المحرومة . وينبغي للدول الأطراف، المتلقية والمقدمة للمساعدة على السواء، أن تكفل تخصيص نسبة كبيرة من التمويل لأغراض تهيئة الظروف المفضية إلى توفير السكن الملائم لعدد أكبر من الأشخاص. وينبغي للمؤسسات المالية الدولية التي تشجع تدابير التكيف الهيكلي ضمان ألا تؤدي هذه ا لتدابير إلى الانتقاص من التمتع بالحق في السكن الملائم. وينبغي للدول الأطراف، عند التفكير في طلب التعاون المالي الدولي، أن تسعى إلى تحديد المجالات الوثيقة الصلة بالحق في السكن الملائم والتي يكون فيها للتمويل الخارجي الأثر الأكبر. وينبغي لهذه الطلبات أن تأخذ في كامل الاعتبار احتياجات وآراء الجماعات المتأثرة.

الحواشي

( 1 ) الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثال ث ة والأربعون، الملحق رقم 8، إ ضافة A/43/8/Add.1)).

( 2 ) قرارا لجنة حقوق الإنسان 1986 / 36 و 1987 /22، وتقرير ا السيد دانيلو تورك، المقرر الخاص للجنة الفر عية (E/CN.4/Sub.2/1990/19، الفقرات 108 - 120 ؛ وE/CN.4/Sub.2/1991/17، الفقرات 137 - 139) ، وانظر أيضا قرار اللجنة الفرعية 1991/ 26 .

( 3 ) انظر على سبيل المثال المادة 52 ( 1 ) من ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 5 (ه‍) `3` من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكا ل التمييز العنصري، والمادة 41 ( 2 ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمادة 27( 3 ) من اتفاقية حقوق الطفل والمادة 10 من إعلان التقدم الاجتماعي والتنمية والفرع الثالث ( 8 ) من إعلان فانكوفر للمستوطنات البشرية ، 1976 ( Report of Habitat: United N ations Conference on Human Settlements ). ( منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.76.IV.7 والتصويب ) ، الفصل الأول ] والمادة 8 ( 1 ) من إعلان الحق في التنمية، وتوصية منظمة العمل الدولية بشأن إسكان العمال، 1961 ( رقم 115) .

( 4 ) انظر الحاشية 1 أعلاه.

( 5 ) جنيف، منظمة ا لصحة العالمية، 1990 .

الدورة الحادية عشرة (1994) *

التعليق العام رقم 5 : المعوقون

1- كثيرا ما أكد المجتمع الدولي الأهمية الرئيسية للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فيما يتعلق بحقوق الإنسان للمعوقين ( 1 ) . وهكذا انتهى الاستعراض الذي أجرا ه الأمين العام في عام 1992 لتنفيذ برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين وعقد الأمم المتحدة للمعوقين إلى أن "العجز يرتبط ارتباطا وثيقا بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية" وأن "أحوال المعيشة في أجزاء كبيرة من العالم سيئة إلى درجة أن توفير الاحتياجات الأساسية ل لجميع - من أغذية وماء ـــــــــــ

* وارد في الوثيقةE/1995/22.

ومأوى ووقاية صحية وتعليم - يجب أن تشكل حجر الزاوية للبرامج الوطنية" ( 2 ) . وحتى في البلدان التي يُعتبر فيها مستوى المعيشة مرتفع اً نسبيا ً ، كثيرا ما يُحرَم المعوقون من فرصة التمتع بكامل الحقوق الاق تصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في العهد.

2- وقد وُجِّه طلب صريح إلى لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإلى الفريق العامل الذي سبقها، من كل من الجمعية العامة ( 3 ) . ولجنة حقوق الإنسان ( 4 ) ، لرصد امتثال الدول الأطراف في العهد لالتزامها بضمان تمتع المعوقين تمتعا كاملا بالحقوق ذات الصلة. ولكن تجربة اللجنة حتى اليوم تبين أن الدول الأطراف لم توجه إلا اهتماما قليلا جدا لهذه المسألة في تقاريرها. ويتفق هذا فيما يبدو مع استنتاج الأمين العام بأن "معظم الحكومات لا تزال تفتقر إلى التدابير المتسقة الحاسم ة التي من شأنها أن تحسّن بشكل فعال حالة" المعوقين ( 5 ) . ولهذا، من المناسب استعراض وتأكيد بعض طرق نشوء ال قضايا ال متعلقة بالمعوقين من حيث صلتها بالالتزامات الواردة في العهد.

3- ليس هناك حتى الآن تعريف مقبول دوليا لكلمة "عجز" ولكن، يكفي لل أ غراض الحالية الاعتماد على الأسلوب الذي اتُبع في القواعد الموحدة لعام 1993 والتي جاء فيها:

"يلخص مصطلح "العجز" عددا كبيرا من أوجه التقصير الوظيفي المختلفة التي تحدث لدى أية مجموعة من السكان ... . وقد يعاق الناس باعتلال بدني أو ذهني أو حسي، أو بسبب أحوال طبية ما أو مرض عقلي ما . وهذه الاعتلالات أو الأحوال أو الأمراض يمكن أن تكون، بطبيعتها، دائمة أو مؤقتة" ( 6 ) .

4- ووفقا للأسلوب الذي اتُبع في القواعد الموحدة، يستخدم هذا التعليق العام كلمة "المعوقين" بدلا من عبارة "ذوي العاهات" السابقة. فقد قيل إن هذه العبارة الأخيرة يمكن أن تفسّر خ طأ بأنها تعني أن قدرة الفرد على العمل كإنسان هي التي أُعيقت.

5- ولا يشير العهد صراحة إلى المعوقين. ومع ذلك، فإن ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان يعترف بأن جميع الناس ولدوا أحرارا ومتساوين في الكرامة وفي الحقوق، ولما كانت أحكام العهد تنطبق بالكامل على جميع أفر اد المجتمع، فمن الواضح أن المعوقين لهم الحق في كامل مجموعة الحقوق المعترف بها في العهد. وبال إ ضافة إلى ذلك، وبقدر ما تكون المعاملة الخاصة ضرورية، يكون على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير المناسبة، إلى أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، لتمكين هؤلاء الأشخاص من محاولة التغلب على أي عوامل سلبية ترجع إلى عجزهم وتعوق تمتعهم بالحقوق المنصوص عليها في العهد. كما أن الشرط الوارد في المادة 2 ( 2 ) من العهد، والذي يجعل "ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد خالية من أي تمييز" يستند إلى أسباب معينة مذكورة "أو غير ذلك من ال أسباب"، ينطبق بوضوح على التمييز بسبب العجز.

6- ولعل عدم وجود حكم صريح في العهد ي تعلق بالعجز يرجع إلى عدم الوعي بأهمية تناول هذه المسألة بطريقة صريحة، لا ضمنية فقط، أثناء صياغة العهد قبل أكثر من ربع قرن مضى. ولكن صكوكاً دولية أحدث عهداً في مجال حقوق الإنسان قد تناولت هذه المسألة على وجه التحديد. وهي تشتمل على اتفاقية حقوق الطفل ( المادة 23) ، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ( المادة 18( 4 )) ، والبروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ا لمادة 13) . وعلى ذلك، فقد أصبح من المقبول على نطاق واسع جدا في الوقت الحاضر ضرورة حماية حقوق الإنسان للمعوقين وتعزيزها بالقوانين والسياسات والبرامج العامة إلى جانب قوانين وسياسات وبرامج توضع لهذا الغرض خصيصا.

7- ووفقا لهذا النهج ، أكد المجتمع الدولي، في الصك وك التالية، التزامه بضمان تمتع المعوقين ب مجموعة حقوق الإنسان بكاملها : ( أ ) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين الذي ينص على إطار للسياسة العامة يهدف إلى "اتخاذ التدابير الفعالة للوقاية من العجز، وإعادة التأهيل، وتحقيق هدفي "المشاركة الكاملة [ من جانب المع وقين ] في الحياة الاجتماعية والتنمية، وتحقيق "المساواة" ( 7 ) ؛ ( ب ) المبادئ التوجيهية لإنشاء وتطوير لجان التنسيق الوطنية أو الهيئات المماثلة المعنية بالعجز، التي اعتمدت في عام 1990 ( 8 ) ؛ ( ج ) مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية، ال تي اعتمدت في عام 1991 ( 9 ) ؛ ( د ) القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين ( المشار إليها فيما بعد باسم "القواعد الموحدة" ) ، المعتمدة في عام 1993 والتي تهدف إلى أن يكون لجميع الأشخاص المعوقين " إ مكانية ممارسة ما يمارسه غيرهم من حقوق والتزامات" (10) . وللقواع د الموحدة أهمية رئيسية، وهي تعتبر مرجعا إ رشاديا قيّما بوجه خاص في التعرف، على نحو أدق، على التزامات الدول الأطراف في هذا المجال بموجب العهد.

1 - الالتزامات العامة التي تقع على عاتق الدول الأطراف

8- قدّرت الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 500 مليون معوق في العا لم اليوم. ويعيش 80 في المائة من هم في المناطق الريفية في البلدان النامية. والمقدّر أن 70 في المائة من المجموع لا يستطيعون الحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها أو أنهم يحصلون على قدر محدود منها فقط. ولهذا، فإن تحدي تحسين حالة المعوقين يتصل على نحو مباشر بكل دولة طرف في العهد. وتختلف الأساليب التي يتم اختيارها لتعزيز الإعمال الكامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الجماعة بالضرورة اختلافا كبيرا بين بلد وآخر، ولكن ليس هناك بلد واحد لا يحتاج إلى بذل جهد رئيسي في السياسات والبرامج لهذا الغرض ( 11 ) .

9- ولا شك في أن الالتزام الواقع على عاتق الدول الأطراف في العهد بالعمل على تعزيز الإعمال التدريجي للحقوق ذات الصلة إلى أقصى ما تسمح به الموارد المتاحة لها يتطلب بوضوح من الحكومات أن تفعل ما هو أكثر بكثير من مجرد الامتناع عن اتخاذ تدابير قد يكون لها أ ثر سلبي ع لى المعوقين. فالالتزام في حالة هذه الجماعة الضعيفة والمحرومة هو اتخاذ إ جراء ات إ يجابي ة لتقليل جوانب النقص الهيكلية ولمنح معاملة تفضيلية مناسبة للمعوقين من أجل بلوغ هدفي المشاركة الكاملة والمساواة داخل المجتمع لجميع المعوقين. ويعني ذلك في كل الحالات تقريبا ض رورة تخصيص موارد إ ضافية لهذا الغرض واتخاذ مجموعة واسعة من التدابير التي توضع على وجه الخصوص لتحقيق هذا الغرض.

10 - وقد جاء في تقرير للأمين العام أن التطورات التي حدثت في العقد الأخير في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء لم تكن مواتية بوجه خاص من منظور المعوقين:

"... فالتدهور الاقتصادي والاجتماعي الجاري، وما يصحبه من انخفاض في معدلات النمو، وارتفاع في معدلات البطالة، وخفض ال إ نفاق العام، وبرامج التكييف الهيكلي، والتحول إلى القطاع الخاص، كلها قد أثرت تأثيرا سلبيا في البرامج والخدمات ... وإذا ما استم رت الاتجاهات السلبية الحالية، فسيتزايد خطر إ قصاء [ المعوقين ] إلى هامش المجتمع حيث يعتمدون على ما قد يخصص لهم من دعم " (12) .

وقد سبق للجنة أن لاحظت ( التعليق العام رقم 3 ( الدورة الخامسة، 1990) ، الفقرة 12) أن واجب الدول الأطراف في حماية الضعفاء من أفراد مجتمعاته ا تتزايد أهميته، بدلا من أن تتناقص، في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد.

11- ونظرا لتزايد اتجاه الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتباع سياسات مبنية على أساس السوق، فإن من المناسب في هذا السياق تأكيد بعض جوانب التزامات الدول الأطراف. ومن هذه الجوانب ضرورة ضمان إ خضاع القطاع الخاص أيضاً، لا القطاع العام فقط، لضوابط تنظيمية ، ضمن الحدود المناسبة، بما يضمن المعاملة العادلة للمعوقين. ففي سياق تتعرّض فيه ترتيبات تقديم الخدمات العامة للخصخصة أكثر فأكثر ويتزايد فيه الاعتماد على السوق الحرة، يكون من الضروري إ خضاع أ ص حاب العمل من القطاع الخاص، وموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص، وغيرهم من الكيانات غير الحكومية، لمعايير عدم التمييز ولمعايير المساواة فيما يتعلق بالمعوقين. و إ ذا لم تمتد هذه الحماية إلى ما يجاوز القطاع الحكومي، فإن قدرة المعوقين على المشاركة في المسار ال عام لأنشطة المجتمع المحلي وتحقيق قدراتهم بالكامل كأعضاء نشطين في المجتمع ستواجه عوائق قاسية كثيرا ما تكون تعسفية. ولا يعني هذا أن التدابير التشريعية ستكون دائما أفعل الوسائل للسعي إلى إزالة التمييز ضمن القطاع الخاص. وهكذا، مثلاً، تشدد القواعد الموحدة تشديد ا خاصا على ضرورة أن تتخذ الدول "ال إ جراءات اللازمة لتوعية المجتمع بشأن الأشخاص المعوقين وحقوقهم واحتياجاتهم و إ مكاناتهم ومساهماتهم" (13) .

12 - وفي غياب ال تدخل ال حكومي، ستكون هناك دائما حالات يؤدي فيها سير السوق الحرة إلى نتائج غير مرضية للمعوقين، إما كأفراد أو كجماعة، وفي هذه الظروف، يكون على الحكومات أن تتدخل وتتخذ التدابير المناسبة لتخفيف النتائج الناشئة عن قوى السوق أو لاستكمالها أو التعويض عنها أو التغلب عليها. وبالمثل، إذا كان من المناسب للحكومات أن تعتمد على الجماعات الطوعية الخاصة لمساعدة المعوقين بطرق م ختلفة، فإن هذه الترتيبات لا يمكن أبداً أن تُعفي الحكومات من واجب ضمان الامتثال التام لالتزاماتها بموجب العهد. وقد جاء في برنامج العمل العالمي بشأن المعوقين " أ ن المسؤولية النهائية لتصحيح الأوضاع التي تؤدي إلى الاعتلال ولمعالجة نتائج ال إ عاقة تقع على عاتق الح كومات" (14) .

2 - وسائل التنفيذ

13 - إن الأساليب التي ستستخدمها الدول الأطراف في السعي إلى تنفيذ التزاماتها تجاه المعوقين بموجب العهد هي أساساً نفس الأساليب المتاحة بالنسبة إلى التزامات أخرى ( انظر التعليق العام رقم 1 ( الدورة الثالثة، 1989)) . وهي تشمل ضرورة الت عرف من خلال الرصد المنتظم على طبيعة المشاكل الموجودة داخل الدولة وعلى نطاقها؛ وضرورة اتباع سياسات وبرامج مصممة على النحو المناسب للاستجابة للاحتياجات التي أمكن التعرف عليها؛ وضرورة سن التشريعات حينما يكون ذلك لازما واستبعاد أي تشريع تمييزي قد يكون قائما؛ و ضرورة تخصيص اعتمادات مناسبة في الميزانية أو السعي عند الضرورة إلى الحصول على التعاون والمساعدة الدوليين. وفي هذا المجال الأخير، ربما يكون التعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد عنصرا مهما بوجه خاص في تمكين بعض البلدان النامية من أداء التزاماتها بموجب العهد.

14 - ويضاف إلى هذا أن المجتمع الدولي كان دائما يعترف بأن وضع السياسات وتنفيذ البرامج في هذا المجال يجب أن يجريا على أ ساس التشاور الوثيق مع جماعات تمثيلية للأشخاص أصحاب الشأن، و إ شراكهم في العمل. ولهذا السبب، توصي القواعد الموحدة بعمل كل ما يمكن لتسهي ل تشكيل لجان تنسيق وطنية، أو هيئات مماثلة، تكون بمثابة صلة وصل لشؤون المعوقين على المستوى الوطني. والحكومات إذ تفعل ذلك يكون عليها أن تراعي المبادئ التوجيهية لإ قامة وتطوير لجان تنسيق وطنية أو هيئات مماثلة تُعنى بالمعوقين، وهي المبادئ التي صدرت عام 1990 (15) .

3 - الالتزام بالقضاء على التمييز بسبب العجز

15 - هناك تاريخ طويل من التمييز ضد المعوقين إما بحكم القانون أو بحكم الأمر الواقع، وهو تمييز يتخذ أشكالا مختلفة. فهو يتراوح من التمييز الشنيع، مثل الحرمان من الفرص التعليمية، إلى أ شكال التمييز "الأكثر تخفياً " مثل الفصل والعزل بفعل حواجز طبيعية واجتماعية مفروضة. وفي تطبيق العهد، يمكن تعريف "التمييز بسبب العجز" على أنه يشمل أي تمييز أو إ قصاء أو ال قصر أو ال تفضيل أو الحرمان من الاستفادة من ا لمرافق المعقولة استنادا إلى صفة العجز مما يؤدي إلى إ بطال أو تعطيل الاعتراف بال حقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو التمتع بها أو ممارستها. وكثيرا ما تعرّض المعوقون للحرمان من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قدم المساواة مع غير المعوقين، وذلك بسبب الإهمال أو التجاهل أو التحامل أو التصورات الخاطئة، وبسبب ال إ قصاء أو التمييز أو العزل. وقد كانت آثار التمييز بسبب العجز قاسية بوجه خاص في مجالات التعليم والتوظيف وال إ سكان والنقل والحياة الثقافية ودخول الأماكن والمرافق العامة.

16 - ورغم إحراز بعض التقدم في التشريع في العِقد الماضي (16) ، لا يزال الوضع القانوني للمعوقين محفو فاً بالمخاطر . ومن أجل معالجة آثار التمييز السابق والحاضر، ومنع التمييز في المستقبل، يبدو أنه لا غنى ل جميع الدول الأطراف عملياً عن سن تشريع شامل ضد التمييز بسبب العجز. وينبغي ألا يقتصر هذا التشريع على تزويد المعوقين بوسائل الانتصاف القضائية على النحو الممكن والمناسب، بل أن ينص أيضا على برامج سياسية اجتماعية تمكن المعوقين من أن يحيوا حياة متكاملة يتمتعون فيها بتقرير شؤونهم واستقلالهم.

17 - وينبغي أن تستند تدابير مكافحة التمييز على مبدأ التساوي في الحقوق بين المعوقين وغير المعوقين، وهو يعني، كما جاء في برنامج ا لعمل العالمي بشأن المعوقين، "أن احتياجات كل فرد وأي فرد تتسم بذات القدر من الأهمية، وأن هذه الاحتياجات يجب أن تكون الأساس لتخطيط المجتمعات، وأن كل الموارد يجب أن تستخدم بطريقة تضمن لكل فرد فرصة متكافئة للاشتراك في حياة المجتمع. كما يجب أن تكفل السياسات الم تعلقة بالعجز إ مكانية استفادة [ المعوقين ] من جميع خدمات المجتمع المحلي" (17) .

18 - ونظرا لضرورة اتخاذ تدابير مناسبة للقضاء على التمييز القائم و إ يجاد فرص متساوية للمعوقين، يجب عدم النظر إلى هذه ال إ جراءات على أنها تمييزية بالمعنى الذي جاء في المادة 2 ( 2 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما دامت تستند إلى مبدأ المساواة ولا تستخدم إلا بالقدر الضروري لبلوغ هذا الهدف.

4 - أ حكام محددة من العهد

ألف- المادة 3 : المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث

19 - في بعض الأحيان يعامل المعوقون على أنهم كا ئنات بشرية لا جنس لها. والنتيجة هي أن النساء المعوقات يعانين من تمييز مزدوج ولكنه كثيراً ما يكون موضع إهمال (18) . ورغم النداءات المتكررة من جانب المجتمع الدولي للتشديد بوجه خاص على أوضاع هؤلاء النساء، لم تبذل إلا جهود قليلة في أثناء العقد. وقد ورد الحديث مر اراً عن إهمال النساء المعوقات وذلك في تقرير الأمين العام عن تنفيذ برنامج العمل العالمي (19) . ولهذا، فإن اللجنة تحث الدول الأطراف على مواجهة أوضاع النساء المعوقات، وإيلاء أولوية عالية في المستقبل لتنفيذ برامج تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ب اء - المواد 6 إلى 8 : الحقوق المتصلة بالعمل

20 - إن مجال العمل يمثل واحداً من المجالات التي يظهر فيها التمييز بسبب العجز بصورة بارزة ومستمرة. وفي معظم البلدان، يبلغ معدل البطالة بين المعوقين مستوى أعلى مرتين إلى ثلاث مرات منه بين غير المعوقين. وعندما يُستخدم المعوقون، فإنهم يُستخدمون غالباً في وظائف ينخفض فيها مستوى الأجور ومستوى الضمان الاجتماعي والقانوني، و هم في كثير من الحالات، يُعزلون عن التيار الرئيسي لسوق العمل. فينبغي أن تدعم الدول بنشاط إدماج المعوقين في سوق العمل العادية.

21 - ولا يكون "ح ـ ق كل شخص في أن تتاح ل ـ ه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية" ( المادة 6 ( 1 )) مكفولاً إذا كانت الفرصة الحقيقية الوحيدة المتاحة للمعوقين هي العمل فيما يسمى بالمرافق "المحمية" في ظروف أدنى من المعايير. ومن شأن الترتيبات التي يخصص بموجبها فعلاً الأشخاص المصابون بفئة معينة من ال إ عاقة لمهن معيّنة أو لإنتاج سلع معيّنة أن تنتهك هذا الحق. وبالمثل، وفي ضوء المبدأ 13( 3 ) من مبادئ "حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية" (20) ، يكون مخالفاً للعهد أيضاً "العلاج الطبي" في مؤسسات الذي يعادل العمل الجبري. وف ي هذا الشأن، ي مكن أن تكون ل حظر العمل الجبري الوارد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية صلة بالموضوع أيضاًُ .

22- ووفقاً للقواعد الموحدة، ينبغي أن يتمتع المعوقون، سواء في المناطق الريفية أو في المناطق الحضرية، بالمساواة في فرص العمل المنتج والمرب ح في سوق العمل (21) . وحتى يتحقق ذلك، يكون من المهم بوجه خاص إزالة الحواجز المصطنعة أمام الاندماج بصفة عامة وأمام التوظف بصفة خاصة. وكما لاحظت منظمة العمل الدولية، فإن الحواجز المادية التي أقامها المجتمع في مجالات مثل النقل والإسكان وموقع العمل هي التي تُستخ دم كثيراً فيما بعد كحجة لعدم تشغيل المعوقين ( 22 ) . فمثلاً، ما دام تصميم مواقع العمل وبناؤها يجعلان الدخول إليها بكراسي المقعدين المتحركة على عجلات أمراً غير ممكن، سيستطيع أصحاب العمل أن "يبرّروا" عدم استخدام أشخاص يستعملون هذه الكراسي. وينبغي أن تضع الحكومات أيضاً سياسات تشجع وتنظم ترتيبات العمل المرنة والبديلة التي تراعي بطريقة معقولة احتياجات العمال المعوقين.

23 - وبالمثل، عندما لا تكفل الحكومات إمكانية استخدام المعوقين ل وسائل النقل، فإن ذلك يقلل بدرجة كبيرة من فرص هؤلاء الأشخاص في العثور على أعمال مناسبة، ت حقق التكامل أو في الاستفادة من التعليم والتدريب المهني، أو في الانتقال إلى مختلف أنواع المرافق. والواقع أن توفير إمكانية استخدام وسائل النقل المناسبة وعند الضرورة، المصممة بشكل خاص، هو أمر حاسم في تأمين تمتع المعوقين عملياً بجميع الحقوق المعترف بها في العه د.

24 - وينبغي أن تعكس "برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين" المطلوبة بموجب المادة 6 ( 2 ) من العهد احتياجات جميع المعوقين، وأن تجري في محيط مندمج في المجتمع، وأن تخطّط وتنفّذ بمشاركة كاملة من ممثلي المعوقين.

25 - وينطبق "الحق في التمتع بشروط عمل عادلة وم رضية" ( المادة 7 ) على جميع العمال المعوقين، سواء كانوا يعملون في مرافق محمية أو في سوق العمل الحرّة. ولا يجوز التمييز ضد العمال المعوقين في الأجور أو في غيرها من الشروط إذا كان عملهم يساوي عمل العمال غير المعوقين. وتقع على عاتق الدول الأطراف مسؤولية ضمان عد م استخدام العجز كحجة لتقلي ص المعايير فيما يتعلق بحماية العمل أو لدفع أجور أقل من الأجور الدنيا.

26 - كما تنطبق الحقوق النقابية ( المادة 8 ) على العمال المعوقين بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مرافق عمل خاصة أو في سوق العمل الحرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الم ادة 8 ، عند النظر إليها في ضوء الحقوق الأخرى، مثل الحق في الحرية النقابية، تؤكد أهمية حق المعوقين في تكوين منظمات خاصة بهم. وإذا أريد لهذه المنظمات أن تكون فعالة في " النهوض ب مصالح [ هؤلاء الأشخاص ] الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها" ( المادة 8 ( 1 )( أ )) ، فيجب أن تس تشيرها الهيئات الحكومية وغيرها بصفة منتظمة فيما يتعلق بجميع المسائل التي تخصها؛ وقد يكون من الضروري أيضاً أن يقدم إليها دعم مالي وغيره من أشكال الدعم حتى تستطيع البقاء.

27 - وقد وضعت منظمة العمل الدولية صكوكاً قيّمة وشاملة بشأن حقوق المعوقين المتصلة بالعمل، بما في ذلك على وجه الخصوص الاتفاقية رقم 159 (1983) بشأن التأهيل المهني والعمالة للمعوقين (23) . وتشجع اللجنة الدول الأطراف في العهد على النظر في التصديق على هذه الاتفاقية.

جيم- المادة 9 : الضمان الاجتماعي

28 - لنظم الضمان الاجتماعي والمحافظة على الدخل أهمية خ اصة بالنسبة إلى المعوقين. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي للدول أن تكفل توفير الدعم الكافي لدخل المعوقين الذين فقدوا دخلهم أو انخفض دخلهم مؤقتاً أو حرموا من فرص العمل بسبب العجز أو العوامل المتصلة بالعجز" (24) . وينبغي أن يفي هذا الدعم بالاحتياجات الخاصة إلى المساعدة وبسائر النفقات التي ترجع في كثير من الحالات إلى العجز. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أيضاً أن يشمل الدعم المقدم، بقدر الإمكان، الأشخاص الذين يتولون رعاية المعوقين ( والأغلبية العظمى من هؤلاء الأشخاص مكونة من النساء ) . فهؤلاء الأشخاص، بمن فيهم أعضاء أسر المعوقين، يكونون في كثير من الحالات في حاجة ماسة إلى دعم مالي بسبب دور المساعدة الذي يؤدونه (25) .

29 - ووضع المعوقين في مؤسسات خاصة، ما لم يكن ذلك ضرورياً لأسباب أخرى، لا يمكن أن يعتبر بديلاً كافياً لحقوق هؤلاء الأشخاص في الضمان الاجتماعي وفي دعم دخولهم.

دال- المادة 10: حماية الأسرة والأمهات والأطفال

30 - لقد نصّ العهد على ضرورة منح "الحماية والمساعدة" للأسرة، ويعني ذلك في حالة المعوقين عمل كل ما يمكن لتمكين هؤلاء الأشخاص من العيش مع أسرهم، عندما يرغبون في ذلك. وتفترض المادة 10 أيضاً، بشرط أن تراعى المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان، حق المعوقين في الزواج وتكوين أ سرة. وكثيراً ما تكون هذه الحقوق موضع إهمال أو إنكار ، وخصوصاً في حالة المصابين بعاهات عقلية (26) . وفي هذا السياق وغيره، ينبغي تفسير كلمة "الأسرة" تفسيراً واسعاً وبما يتفق مع العرف المح لي المناسب. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن ألا تعيق القوانين والسياسات والممارسات الاجتماعية إعمال هذه الحقوق. وينبغي أن ت ت اح للمعوقين فرصة الحصول على خدمات الإرشاد اللازمة لإعمال حقوقهم وواجباتهم داخل الأسرة (27) .

31 - والنساء المعوقات لهن أيضاً الحق في الحما ية والدعم في حالات الأمومة والحمل. وكما جاء في القواعد الموحدة، "ينبغي ألا يحرم المعوقون من فرصة خوض التجربة الجنسية وإقامة علاقات جنسية وخوض تجربة تكوين الأسرة" (28) . والاحتياجات والرغبات المشار إليها ينبغي أن تكون موضع اعتراف وأن تؤخذ في الاعتبار في كلا س ياقي الترويح وال إ نجاب. والمعتاد هو إنكار هذه الحقوق على الرجال والنساء المعوقين على السواء في العالم بأكمله (29) . ويعتبر تعقيم النساء المعوقات أو إجهاضهن دون الموافقة المسبقة والواعية من جانبهن خرقاً خطيراً للمادة 10( 2 ) .

32 - ويتعرض الأطفال المعوقون للاستغلا ل وال ت عسف والإهمال بوجه خاص، ويحق لهم الحصول على حماية خاصة وفقاً للمادة 10( 3 ) من العهد ( تدعمها الأحكام المماثلة في اتفاقية حقوق الطفل. ) .

هاء- المادة 11 : الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف

33- بالإضافة إلى ضرورة ضمان حق المعوقين في الحصول على غذاء كاف ومسكن ملائم وغير ذلك من الاحتياجات المادية الأساسية، من الضروري أيضاً "توفير خدمات الدعم للمعوقين، ومنها الإمداد بالمعينات، لكي يتسنى لهم رفع مستوى استقلالهم في حياتهم اليومية وممارسة حقوقهم" (30) . كما أن الحق في الحصول على الملابس الملائمة له أهمية خاصة بالنسبة إلى المعوقين الذين يحتاجون إلى ملابس خاصة، حتى يستطيعوا القيام بدورهم بالكامل وبطريقة فعالة في المجتمع. وحيثما أمكن، ينبغي أيضاً تقديم المساعدة الشخصية المناسبة في هذا السياق. ويجب تقديم هذه المساعدة بطريقة وبروح تحترمان حقوق الإنسان للشخص المعني ( للأشخاص المعنيين ) احتراماً كاملاً. وبالمثل، وكما لاحظت اللجنة من قبل في الفقرة 8 من التعليق العام رقم 4 ( الدورة السادسة، 1991 ) ، فإن الحق في المسكن الملائم يشمل حق المعوقين في الحصول على السكن.

واو- المادة 12: الحق في الصحة البدنية والعقلية

34 - تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل حصول المعوقين، ولا سيما الرضع والأطفال، على رعاية طبية من نفس المستوى الذي يحصل عليه، ضمن النظام نفسه، سائر أفراد المجتمع" (31) . كما أن الحق في الصحة البدنية والعقلية يفترض الحق في الحصول على الخدمات الطبية والاجتماعية والاستفادة منها - بما في ذلك الأطراف الصناعية - بما يمكّن المعوقين من أن يصبحوا مستقلين، ويمنع وقوع عجز آخر، ويساعد على اندماجهم في المجتمع (32) . وبالمثل، يجب تزويد هؤلاء الأشخاص بخدمات التأهيل التي تسمح لهم "ببلوغ مستوى أمثل في استقلالهم وأدائهم، والحفاظ عليه" ( 33 ) . و ينبغي تقديم هذه الخدمات بطريقة تكفل للأشخاص المعنيين المحافظة على الاحترام الكامل لحقوقهم وكرامتهم.

زاي- المادتان 13 و 14: الحق في التعليم

35 - تعترف البرامج المدرسية في كثير من البلدان اليوم بأن المعوقين يمكن أن يحصلوا على التعليم على خير وجه ضمن نظام التعل يم العام (34) . وعلى ذلك، تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تعترف بمبدأ المساواة في فرص التعليم في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، وذلك ضمن أطر مدمجة، للمعوقين من الأطفال والشباب والكبار" (35) . ولتطبيق هذا النهج، ينبغي للدول أن تكفل تدريب المع لمين على تعليم الأطفال المعوقين في مدارس عادية وتوفير المعدات والدعم اللازمين لتوصيل المعوقين إلى نفس مستوى تعليم أقرانهم من غير المعوقين. ففي حالة الأطفال الصم، مثلا، يجب الاعتراف بلغة الإشارات كلغة مستقلة ينبغي أن يستطيع هؤلاء الأطفال استخدامها، كما ينبغ ي مع الاعتراف بما لها من أهمية في بيئتهم الاجتماعية الشاملة.

حاء - المادة 15: الحق في المشاركة في الحياة الثقافية والتمتع بفوائد التقدم العلمي

36 - تقضي القواعد الموحدة بأنه "ينبغي للدول أن تكفل للمعوقين فرص استغلال قدراتهم الإبداعية والفنية والفكرية، لا لفا ئدتهم وحدهم، وإنما أيضاً لإثراء مجتمعهم المحلي، سواء كانوا في المناطق الحضرية أو في المناطق الريفية ... وينبغي للدول أن تعمل على تيسير دخول المعوقين إلى الأماكن الخاصة بالعروض والخدمات الثقافية وعلى توفير هذه الأماكن ... (36) . وينطبق الشيء نفسه على الأماكن الخاصة بالترويح والرياضة والسياحة.

37 - ويتطلب حق المعوقين في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والترويحية إزالة حواجز الاتصال إلى أقصى حد ممكن. ويمكن أن تشمل التدابير المفيدة في هذا الصدد "استخدام الكتب الناطقة، والأوراق المكتوبة بلغة بسيطة وبشكل وألوان واضحة بالنسبة إلى المتخلفين عقلياً، وتكييف برامج التلفزيون والمسرح لمراعاة احتياجات الصُمّ " (37) .

38 - ومن أجل تسهيل مشاركة المعوقين على قدم المساواة في الحياة الثقافية، ينبغي للحكومات إعلام الجمهور العام وتثقيفه بشأن العجز. وينبغي، بوجه خاص، اتخاذ تدابير لإ زالة التحيز أو العقائد الخرافية ضد المعوقين، مثل تلك التي ترى في الصرع شكلاً من أشكال ال إ صابة بأرواح شريرة أو التي ترى في الطفل المعوق شكلاً من أشكال العقاب الذي نزل بالأسرة. وبالمثل، يجب تثقيف الجمهور العام لقبول فكرة تمتع المعوقين، بمقدار تمتع أي شخص آخر ، بحق ارتياد المطاعم والفنادق ومراكز الترويح والأماكن الثقافية.

الحواشي

( 1 ) للاطلاع على استعراض شامل للمسألة، انظر التقرير النهائي الذي أعده السيد لياندرو ديسبوي، المقرر الخاص، عن حقوق الإنسان والعجز(E/CN.4/Sub.2/1991/31).

( 2 ) انظر الوثيقةA/47/415، الف قرة 5.

( 3 ) انظر الفقرة 165 من برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 37/52 المؤرخ في 3 كانون الأول/ديسمبر 1982 ( الفقرة 1 ) .

( 4 ) انظر قراري لجنة حقوق الإنسان 1992 / 48 ، الفقرة 4، و 1993 / 29 ، الفقرة 7.

( 5 ) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 6.

( 6 ) القواعد الموحدة بشأن تحقيق تكافؤ الفرص للمعوقين، المرفقة بقرار الجمعية العامة 48 / 96 المؤرخ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1993 ، ( المقدمة، الفقرة 17) .

( 7 ) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) الفقرة 1.

( 8 )A/C.3/46/4، المرفق الأول. وهي واردة أيضاً في تقرير الاجتماع الدولي المعني بأدوار ووظائف لجان التنسي ـ ق الوطني ـ ة المعني ــ ة بالمعوقي ـ ن ف ـ ي البل ـ دان النامية، بيجين ـ غ، 5 - 11 تشري ـ ن الثاني/نوفمب ـ ر 1990 (CSDHA/DDP/NDC/4)، انظر أيضاً قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 19 91/8 وقرار الجمعية العامة 46 / 96 المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1991.

( 9 ) قرار الجمعية العامة 46 / 119 المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1991، المرفق.

(10) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، المقدمة، الفقرة 15 .

( 11 ) انظر الوثيقةA/47/415، مواضع متفرقة.

(12) المرجع نفسه، الفقرة 5.

(13) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 1.

(14) برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 3.

(15) انظر الحاشية 8 أعلاه.

(16) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرتان 37 - 38 .

(17) برنامج العم ل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 25 .

الحواشي ( تابع )

(18) انظر الوثيقةE/CN.4/Sub.2/1991/31( انظر الحاشية 1 أعلاه ) ، الفقرة 140 .

(19) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرات 35 و 46 و 74 و77.

(20) انظر الحاشية 9 أعلاه.

(21) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 7.

( 22 ) انظر الوثيقةA/CONF.157/PC/61/Add.10، الصفحة 12 .

(23) انظر أيضاً التوصية رقم 99 (1955) بشأن التأهيل المهني للمعوقين، والتوصية رقم 168 (1983) بشأن التأهيل المهني للمعوقين واستخدامهم.

(24) القواعد الموحدة ( انظر الح اشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 8، الفقرة 1.

(25) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 78 .

(26) انظر الوثيقةE/CN.4/Sub.2/1991/31( انظر الحاشية 1 أعلاه ) ، الفقرتان 190 و 193 .

(27) انظر برنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرة 74 .

(28) القواع د الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 9، الفقرة 2.

(29) انظر الوثيقةE/CN.6/1991/2، الفقرات 14 ومن 59 إلى 68 .

(30) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 4.

(31) المرجع نفسه، القاعدة 2، الفقرة 3.

(32) انظر " الإ علان بشأن حقوق المعوقين" ( قرا ر الجمعية العامة 3447 ( د- 30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975) ، الفقرة 6؛ وبرنامج العمل العالمي المتعلق بالمعوقين ( انظر الحاشية 3 أعلاه ) ، الفقرات 95 إلى 107 .

( 33 ) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 3.

(34) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 73 .

(35) القواعد الموحدة ( انظر الحاشية 6 أعلاه ) ، القاعدة 6.

(36) المرجع نفسه، القاعدة 10 ، الفقرتان 1 و2.

(37) انظر الوثيقةA/47/415، الفقرة 79 .

الدورة الثالثة عشرة (1995) *

التعليق العام رقم 6 : الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن

1- مقدمة

1- تزداد ظاهرة الشيخوخة بين سكان العالم بشكل مطرد وبمعدل مذهل تماما. فقد زاد مجموع الذين يبلغون من العمر 60 سنة فأكثر من 200 مليون في عام 1950 إلى 400 مليون في عام 1982 ، ومن المقدّر أن يصل إلى 600 مليون في عام 2001 وإلى 1.2 بليون في عام 2025 ، وفي ذلك الوقت، سيكون أكثر من 70 في المائة منهم يعيشون في ما يسمى اليوم بالبلدان النامية. و قد زاد أيضاً ، وما فتئ يزيد ب صورة مثيرة ، عدد الذين يبلغون من العمر 80 سنة فأكثر، إذ ارتفع من 13 مليون في عام 1950 إلى أكثر من 50 مليون اليوم، ومن المقدّر أن يزيد إلى 137 مليون في عا م 2025 . وهذه الفئة هي أسرع فئات السكان زيادة في العالم، ومن المقدّر أن تزداد بمعامل يبلغ 10 بين عام 1950 وعام 2025 مقابل معامل يبلغ 6 بالنسبة إلى الفئة البالغة من العمر 60 سنة فأكثر، ومعامل يبلغ أكثر من ثلاثة بقليل بالنسبة إلى مجموع السكان ( 1 ) .

2- وهذه الأر قام هي أمثلة توضيحية لثورة هادئة، ولكنها ثورة ذات نتائج بعيدة المدى يتعذر التنبؤ بها. وهي ثورة تمس الآن الهياكل الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات على الصعيد العالمي وعلى الصعيد القطري، بل ستزداد تأثيرا على هذه الهياكل في المستقبل.

3- وتواجه معظم الدول الأطر اف في العهد، والبلدان الصناعية بصفة خاصة، مهمة مواءمة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية مع شيخوخة سكانها، لا سيما فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي. أما في البلدان النامية، فإن غياب وقصور نظام ا لضمان الاجتماعي يتفاقمان بسبب هجرة الشباب التي ت ؤدي إلى إضعاف الدور ا لتقليدي للأسرة ، التي تشكل الدعم الرئيسي لكبار السن.

2- السياسات المعتمدة على الصعيد الدولي فيما يتعلق بكبار السن

4- اعتمدت الجمعية العالمية للشيخوخة في عام 1982 خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وصادقت الجمعية العامة على هذه الوثيقة الهامة التي تعتبر دليلاً مفيدا جدا للعمل لأنها تبين بالتفصيل التدابير التي ينبغي للدول الأعضاء اتخاذها من أجل المحافظة على حقوق كبار السن في إطار الحقوق التي أعلنها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان. وهي تتضمن 62 توصية يتصل كثير منها اتصالا مباشرا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( 2 ) .

5- وفي عام 1991، اعتمدت الجمعية العامة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن التي تعتبر ، بسبب طبيعتها البرنامجية، وثيقة هامة أيضا في هذا السياق ( 3 ) . وهي مقسمة إلى خمسة أقسام ترتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق المعترف بها في ا لعهد. إن " الاستقلالية " تشمل حق كبار السن في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية. وتضاف إلى هذه الحقوق الأساسية إمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب. و" المشاركة " تعني وجوب أن يشارك كبار السن بنشاط في صوغ وتن فيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن يقدموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم، وأن يكونوا قادرين على تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم. ويدعو القسم المعنون " الرعاية " إلى وجوب أن توفر لكبار السن فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية ، وأن يمكّنوا من ــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1996/22.

التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى أو مرفق للرعاية أو للعلاج. أما فيما يتعلق بمبدأ " تحقيق الذات "، فينبغي بموجبه تمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خل ال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية. وأخيرا، ينص القسم المعنون " الكرامة " على أنه ينبغي تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا مع املة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو الإثنية، أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن وضع هم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية.

6- وفي عام 1992 ، اعتمدت الجمعية العامة ثمانية أهداف عالمية في م جال الشيخوخة لسنة 2001 ، ودليلا مقتضبا لوضع الأهداف الوطنية في مجال الشيخوخة. وبالنسبة إلى عدد من الجوانب الهامة، تفيد هذه الأهداف العالمية في تعزيز التزامات الدول الأطراف في العهد ( 4 ) .

7- وفي عام 1992 أيضا، وبمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاعتماد مؤتمر ا لشي خوخة لخطة عمل فيينا الدولية، اعتمدت الجمعية العامة ال إ علان بشأن الشيخوخة الذي حثت فيه على دعم المبادرات الوطنية المتعلقة بالشيخوخة بحيث يقدم الدعم الكافي إلى المسنات لقاء مساهماتهن في المجتمع غير المعترف بها إلى حد كبير. ويُشجّع كبار السن من الرجال على تطو ير قدراتهم الاجتماعية والثقافية والعاطفية التي ربما يكونون قد منعوا من تطويرها في سنوات كسبهم للعيش، ويُقدّم الدعم إلى الأسر من أجل توفير الرعاية، ويُشجّع جميع أفراد الأسرة على التعاون في توفير الرعاية، ويُوسّع التعاون الدولي في إطار الاستراتيجيات الموضوعة لبلوغ الأهداف العالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001 . كما تقرر في ال إ علان الاحتفال بعام 1999 بوصفه السنة الدولية لكبار السن، اعترافا ببلوغ البشرية "سن النضج" الديمغرافي ( 5 ) .

8- و قد أولت وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، في مجالات ا ختصاصها ، ولا سيما منظمة العمل ا لدولية، اهتمام اً أيضا ب مشكلة الشيخوخة.

3 - حقوق كبار السن فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية

9- تختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافا كبيرا، حتى في الوثائق الدولية. فهي تشمل: "كبار السن"، و"المسنين"، "والأكبر سنا"، و"فئة العمر الثالثة"، و"الشيخوخة"، كما أطلق مصطلح "فئة العمر الرابعة" للدلالة على الأشخاص الذين يزيد عمرهم على 80 عاما. ووقع اختيار اللجنة على مصطلح "كبار السن" (older persons) ( بالفرنسية، personnes âgées، وبال إ سبانية، personas mayores) ، وهو التعبير الذي استخدم في قراري الجمعية العامة 47 /5 و 48 / 98 . ووفقا للممارسة المتبعة في ال إ دارات ال إ حصائية للأمم المتحدة، تشمل هذه المصطلحات الأشخاص ال ذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فأكثر، ( تعتبر إدارة ال إ حصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي أن "كبار السن" هم الذين بلغوا من العمر 65 سنة أو أكثر، حيث إن سن ال‍ 65 هي السن الأكثر شيوعا للتقاعد، ولا يزال الاتجاه العام ينحو نحو تأخير سن التقاعد ) .

10 - ولا يتضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أية إشارة صريحة إلى حقوق كبار السن، وإن كانت المادة 9 التي تتناول "ح ق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية"، تعترف ضمنا بحق الحصول على ضمانات الشيخوخة. ومع ذلك، وحيث إن أحكام العهد تطبق تطبيقا كاملا على جميع أفراد المجتمع، يصبح من الواضح أنه يحق لكبار السن التمتع بالطائفة الكاملة للحقوق المعترف بها ف ي العهد. وقد وجد هذا النهج التعبير الكامل عنه أيضا في خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة. وفضلا عن ذلك، ونظرا لأن احترام حقوق كبار السن يتطلب اتخاذ تدابير خاصة، فإن العهد يطالب الدول الأطراف بأن تفعل ذلك بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة.

11- وثمة مسألة هامة أخ رى هي معرفة ما إذا كان التمييز على أساس السن محظوراً بموجب العهد. فلا العهد ولا ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان يشيران بصراحة إلى السن كأحد الاعتبارات التي يُحظَر التمييز على أساسها. وبدلا من النظر إلى هذا الإغفال على أنه استبعاد مقصود، ربما يكون أفض ـ ل تفسي ر لـه هو أن مشكلة الشيخوخة الديمغرافية، لم تكن، عندما اعتُمد هذان الصكان، واضحة أو ملحّة كما هي الآن.

12 - ومع ذلك، فإن المسألة تبقى غير محسومة، إذ يمكن تفسير منع التمييز بسبب "أي وضع آخر" على أنه ينطبق على السن. وتلاحظ اللجنة أنه رغم أنه ليس من الممكن حتى ا لآن استنتاج أن التمييز على أساس السن محظور تماما بموجب العهد، فإن مجموعة المسائل التي يمكن قبول التمييز بصددها محدودة جداً. وفضلا عن ذلك، ينبغي التشديد على أن عدم قبول التمييز ضد كبار السن مؤكد في كثير من الوثائق الدولية المتعلقة بالسياسة العامة وفي تشريعا ت الأغلبية الكبيرة من الدول. وفي المجالات القليلة التي ما زال يُسمح بالتمييز فيها مثلما هو الحال فيما يتعلق بسن التقاعد الإلزامية أو بسن الحصول على التعليم العالي، هناك اتجاه واضح نحو إلغاء هذه الحواجز. ومن رأي اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تسعى للتعجي ل بتنفيذ هذا الاتجاه إلى أ قصى حد ممكن.

13 - ومن ثم، فمن رأي لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنه ينبغي للدول الأطراف في العهد أن تولي اهتماماً خاصاً لتعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن. ومما يزيد من أهمية دور اللجنة ذاته في هذا الصدد أنه لا توجد بعد على خلاف حالة فئات السكان الأخرى مثل النساء والأطفال، اتفاقية دولية شاملة تتعلق بحقوق كبار السن، كما لا توجد ترتيبات إ شرافية ملزمة تتعلق بشتى مجموعات مبادئ الأمم المتحدة في هذا المجال.

14 - وكانت اللجنة، ومن قبلها سلفها فري ق الخبراء الحكوميين العامل للدورة، قد نظرت، في نهاية دورتها الثالثة عشرة، في 144 تقريرا أوليا، و 70 تقريرا دوريا ثانيا، و 20 تقريرا عالميا أوليا ودوريا بشأن المواد 1 إلى 15 . وأتاح النظر في هذه التقارير إمكانية تحديد كثير من المشاكل التي يمكن مواجهتها لدى تنف يذ العهد في عدد كبير من الدول الأطراف التي تمثل جميع مناطق العالم والتي لها نظم سياسية واجتماعية - اقتصادية وثقافية مختلفة. ولم تقدم التقارير التي بُحثت حتى الآن أية معلومات، بصورة منهجية، عن حالة كبار السن فيما يتعلق بالامتثال للعهد، فيما عدا بعض المعلوما ت، التي قُدمت بدرجات متفاوتة من الاكتمال، عن تنفيذ المادة 9 المتعلقة بالحق في الضمان الاجتماعي.

15 - وفي عام 1993 ، كرّست اللجنة يوما للمناقشة العامة لهذه المسألة بغية تخطيط نشاطها في هذا المجال في المستقبل، وفضلا عن ذلك، بدأت اللجنة في الدورات الأخيرة تعلق أهمية أكبر بكثير على المعلومات المتعلقة بحقوق كبار السن، و قد أوضح استبيانها بعض المعلومات القيّمة جدا في بعض الحالات. ومع ذلك، فإن اللجنة تلاحظ أن الأغلبية الكبيرة من تقارير الدول الأطراف ما زالت تشير مجرد إشارة ضئيلة إلى هذه المسألة الهامة. ولذا، فإن اللج نة ترغب في الإشارة إلى أنها سوف تصرّ في المستقبل على وجوب تناول وضع كبار السن فيما يتعلق بكل حق من الحقوق المعترف بها في العهد تناولا كافيا في جميع التقارير. وي بيّن الجزء الباقي من هذا التعليق العام المسائل المحددة ذات الصلة في هذا الصدد.

4- الالتزامات الع امة للدول الأطراف

16 - يتميز كبار السن ك مجموعة بالتباين والتنوع، شأنهم في ذلك شأن باقي السكان، ويعتمد وضعهم على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، وعلى العوامل الديمغرافية والبيئية و الثقافية وبيئة العمل. كما يعتمد، على الصعيد الفردي، على الحالة الأسرية وع لى مستوى التعليم والبيئة الحضرية أو الريفية، وعلى شغل العاملين والمتقاعدين.

17 - وإلى ج ا نب كبار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة والذين تعتبر حالتهم المالية مقبولة، هناك كثيرون لا تتوافر لهم الموارد الكافية، حتى في البلدان المتقدمة، ويبرزون بجلاء بين أكثر الجما عات ضعفا وتهميشا وافتقارا إلى الحماية. ويتعرض كبار السن بصفة خاصة للمخاطر في أوقات الانتكاس وإعادة هيكلة الاقتصاد. وكما أكدت اللجنة من قبل ( التعليق العام رقم 3 (1990) ، الفقرة 12) ، يقع على عاتق الدول الأطراف، حتى في أوقات وجود قيود شديدة على الموارد، واجب ح ماية الضعفاء من أفراد المجتمع.

18 - أما الطرائق التي تستخدمها الدول الأطراف للوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها بموجب العهد فيما يتعلق بكبار السن، فستكون، بصفة أساسية، هي نفس الطرائق المستخدمة للوفاء بالالتزامات الأخرى ( انظر التعليق العام رقم 1 (1989)) . وهي تشمل ضرورة تحديد طبيعة ونطاق المشاكل داخل أي دولة من خلال عملية الرصد المنتظم، وضرورة اعتماد سياسات وبرامج موضوعة بشكل سليم للوفاء بالاحتياجات، وضرورة سن التشريع عند الاقتضاء وإلغاء أي تشريع تمييزي، وضرورة كفالة الدعم ذي الصلة من الميزانية أو، كما هو مناسب، التماس التعاون الدولي. وفي هذا الشأن الأخير، يمكن للتعاون الدولي وفقا للمادتين 22 و 23 من العهد أن يكون سبيلا هاما، إلى حد كبير، لتمكين بعض البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد.

19 - وفي هذا السياق، يمكن توجيه الانتباه إلى الهدف العالمي رقم 1 الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1992 والذي يدعو إلى إنشاء هياكل دعم أساسية وطنية لتعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة في الخطط والبرامج ال إ نمائية الوطنية والدولية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن أحد مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، الذي تشجّع الحكومات على إدراجه في برامجها الوطنية، هو وجوب تمكين كبار السن من تشكيل الحركات أو الرابطات الخاصة بهم.

5- أحكام محددة من العهد

المادة 3: المساواة في الحقوق بين الذكور والإناث

20 - وفقا للمادة 3 من العهد، التي تتعهد الدول الأطراف بموجبها ب‍‍ "ضما ن ال مساواة بين الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، ترى اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما خاصا للمسنات اللاتي غالبا ما يصبحن في أحوال خطيرة بسبب إنفاقهن كل حياتهن أو جزءا منها في رعاية أسرهن بدون ممارسة ن شاط مأجور يخولهن الحق في الحصول على معاش الشيخوخة واللاتي لا يحق لهن أيضا الحصول على معاش كأرامل.

21 - ومن أجل معالجة هذه الحالات، والامتثال بشكل كامل للمادة 9 من العهد والفقرة 2 ( ح ) من ال إ علان بشأن الشيخوخة، ينبغي للدول الأطراف أن تنشئ إعانات شيخوخة على أسا س عدم الاشتراك، أو صنوف مساعدات أخرى لجميع الأشخاص، بغض النظر عن جنسهم، الذين يجدون أنفسهم بلا موارد عند بلوغهم السن المحددة في التشريع الوطني. وبالنظر إلى زيادة العمر المتوقع للنساء و كو نهن لا يحصلن في أغلب الأحيان على معاشات تقاعدية لعدم اشتراكهن في نظام للتقاعد، ف ستكون النساء المستفيدات الرئيسيات من ذلك.

المواد 6 إلى 8: الحقوق المتعلقة بالعمل

22- تقتضي المادة 6 من العهد من الدول الأطراف اتخاذ الخطوات المناسبة لضمان حق كل شخص في أن تتاح لـه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية. وفي هذا الصدد، و إذ تأ خذ اللجنة في اعتبارها أن العمال كبار السن الذين لم يبلغوا سن التقاعد بعد، كثيرا ما يواجهون مشاكل في الحصول على الأعمال والاحتفاظ بها، وتركز على ضرورة اتخاذ تدابير لمنع التمييز على أساس السن في العمل وشغل الوظائف ( 6 ) .

23 - ويتسم الحق "في التمتع بشروط عمل عادل ة ومرضية" ( المادة 7 من العهد ) بأهمية خاصة من أجل ضمان تمتع العمال كبار السن بشروط عمل آمنة حتى بلوغهم سن التقاعد. ومن المستصوب، بصفة خاصة، استخدام العمال كبار السن في ظروف تتيح أفضل استفادة من خبراتهم ودرايتهم التقنية ( 7 ) .

24 - وينبغي، في السنوات التي تسبق ا لتقاعد، تنفيذ برامج الإعداد للتقاعد، بمشاركة ممثلي منظمات أصحاب العمل والعمال وغيرها من الهيئات المعنية، من أجل إعداد العمال كبار السن لمواجهة وضعهم الجديد. وينبغي لهذه البرامج، بصفة خاصة، أن تزوّد هؤلاء العمال بالمعلومات عن حقوقهم والتزاماتهم كمتقاعدين، و عن الفرص المتاحة والشروط اللازمة لمواصلة القيام بنشاط وظيفي أو للاضطلاع بعمل تطوعي، وعن وسائل مكافحة الآثار الضارة للشيخوخة، وعن التسهيلات المتعلقة بتعليم الكبار والأنشطة الثقافية، واستخدام أوقات الفراغ ( 8 ) .

25 - أما الحقوق التي تحميها المادة 8 من العهد، وهي الحقوق النقابية، بما في ذلك بعد بلوغ سن التقاعد، فينبغي أن تطبق على العمال كبار السن.

المادة 9: الحق في الضمان الاجتماعي

26 - تنص المادة 9 من العهد، بصفة عامة، على وجوب أن تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي" بدون تحديد نوع أو مستوى الحماية ا لتي يتعين ضمانها. ومع ذلك، فإن تعبير "الضمان الاجتماعي" ي غطي ضمنيا جميع المخاطر المترتبة ع لى فقد وسائل ال إ عاشة لأسباب خارجة عن إ رادة الشخص.

27 - ووفقا للمادة 9 من العهد وللأحكام المتعلقة بتنفيذ اتفاقيات منظمة العمل الدولي ـ ة بشأن الضم ـ ان الاجتماعي - الاتفاقي ة رقم 102 بشأن الضمان الاجتماعي ( المعايير الدنيا ) (1952) ، والاتفاقية رقم 128 بشأن إعانات العجز والشيخوخة والورثة (1967) - ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ التدابير الملائمة لوضع نظم عامة للتأمين الإلزامي على كبار السن، بدءا من سن معينة يحددها القانون الوطني.

28 - وتمشيا مع التوصيات الواردة في اتفاقيتي منظمة العمل الدولية المذكورتين أعلاه، والتوصية رقم 162 ، تدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تحديد سن التقاعد بحيث تكون مرنة، تبعاً للوظائف المؤدا ة ولقدرة الأشخاص المسنين على العمل، مع إيلاء الاعتبار الواجب للعوامل الديمغر افية والاقتصادية والاجتماعية.

29 - ومن أجل أن تصبح أحكام المادة 9 من العهد نافذة المفعول حقاً، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن تقديم إعانات الورثة والأيتام عند وفاة الشخص المعيل الذي كان مشمولاً بالضمان الاجتماعي أو الذي كان يتلقى معاشا تقاعديا.

30 - وبال إ ضافة إ لى ذلك، وكما لوحظ آنفا في الفقرتين 20 و 21 ، وبغية تنفيذ أحكام المادة 9 من العهد تنفيذا كاملا، ينبغي للدول الأطراف، في حدود الموارد المتاحة لها، أن تقدّم إعانات شيخوخة على أساس عدم الاشتراك، ومساعدات أخرى لجميع كبار السن الذين لا يكونون، عند بلوغهم السن المن صوص عليها في القانون الوطني، قد أكملوا فترة الاشتراك المؤهلة ولا يحق لهم الحصول على معاش شيخوخة، أو على غير ذلك من إعانات أو مساعدات الضمان الاجتماعي ولا يكون لديهم أي مصدر آخر للدخل.

المادة 10 : حماية الأسرة

31 - ينبغي للدول الأطراف أن تبذل، على أساس الفقرة 1 من المادة 10 من العهد والتوصيتين 25 و 29 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، كل الجهود اللازمة لدعم وحماية وتعزيز الأسرة ولمساعدتها، وفقا لنظام القيم الثقافية في كل مجتمع، على تلبية احتياجات أفرادها المسنين الذين تعولهم. وتشجّع التوصية 29 الحكومات و المنظمات غير الحكومية على إنشاء إدارات اجتماعية لدعم الأسرة بأكملها عندما تؤوي مسنين في مسكنها، وعلى تنفيذ تدابير توجه بصفة خاصة لصالح الأسر ذات الدخل المنخفض التي ترغب في رعاية المسنين منها في المسكن. وينبغي تقديم هذه المساعدة أيضا إلى الأشخاص الذين يعيشو ن وحدهم، أو إلى الأزواج المسنين الذين يرغبون في البقاء في المنزل.

المادة 11: الحق في التمتع ب مستوى معيشي كاف

32 - من مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن، ينص المبدأ رقم 1 الذي يتصدّر القسم المتعلق باستقلالية كبار السن على أنه: "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، بأن يوفّر لهم مصدر للدخل ودعم أسري ومجتمعي ووسائل للعون الذاتي". وتعلّق اللجنة أهمية كبيرة على هذا المبدأ الذي يطلب توفير الحقوق الواردة في المادة 11 من العهد لكبار السن.

33- وتؤك د التوصيات 19 إلى 24 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة على أن المسكن للمسنين ينبغي النظر إليه على أنه أكثر من مجرد مأوى . ذلك لأن لـه ، بالإضافة إلى المدلول المادي، مدلول اً نفسي اً واجتماعي اً ينبغي أخذه بالحسبان. ومن ثم، ينبغي للسياسات الوطنية أن تساعد المسنين على مواصلة الحياة في مساكنهم أطول مدة ممكنة، من خلال إصلاح المساكن وتطويرها وتحسينها وتكييفها مع قدرة هؤلاء الأشخاص على الحصول عليها واستخدامها ( التوصية 19) . وتركز التوصية 20 على أنه ينبغي لخطة وقوانين إعادة البناء والتطوير الحضريين إيلاء اهتمام خ اص لمشاكل المسنين وتقديم المساعدة إليهم لضمان دمجهم في المجتمع، في حين توجه التوصية 22 الانتباه إلى ضرورة أن تؤخذ في الاعتبار الطاقة الوظيفية لكبار السن بغية توفير بيئة معيشية أفضل لهم، وتسهيل حركتهم واتصالاتهم من خلال توفير وسائل نقل كافية لهم.

المادة 12 : الحق في الصحة ا لبدنية والعقلية

34 - ينبغي للدول الأطراف، بغية إعمال حق كبار السن في التمتع بمستوى مرضٍ من الصحة ا لبدنية والعقلية، وفقا للفقرة 1 من المادة 12 من العهد، أن تأخذ في الاعتبار مضمون التوصيات 1 إلى 17 من خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، التي تركز بشكل كامل على تقديم مبادئ توجيهية بشأن السياسة الصحية للمحافظة على صحة المسنين، وتستند إلى نظرة شاملة تتراوح بين الوقاية وإعادة التأهيل ورعاية المرضى في نهاية العمر.

35 - ومن الواضح أن تزايد عدد الأمراض المزمنة والمتنكسة، وارتفاع سعر تكاليف العلاج في المستش فيات للمصابين بهذه الأمراض هما مشكلتان لا يمكن معالجتهما بالوسائل العلاجية فقط. وفي هذا الشأن، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار أن المحافظة على الصحة في العمر المتقدم تتطلب استثمارات طوال فترة الحياة، و لا سيما ، من خلال اعتماد أساليب حياة صحية ( من نا حية الغذاء والتدريبات البدنية وعدم التدخين أو تناول المشروبات الكحولية، الخ. ) . وتلعب الوقاية من خلال عمليات الفحص المنتظمة التي تناسب احتياجات المسنين دورا حاسما، شأنها في ذلك شأن عملية إعادة التأهيل من خلال المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين مما يؤدي إ لى انخفاض تكاليف الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.

المواد 13 إلى 15 : الحق في التعليم والثقافة

36 - تعترف الفقرة 1 من المادة 13 من العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وفي حالة المسنين، ينبغي تناول هذا الحق من وجهتي نظر مختلفتين ومتكام لتين: ( أ ) حق المسنين في الاستفادة من البرامج التعليمية، و ( ب ) إتاحة الدراية التقنية والخبرات التي يتمتع بها المسنّون إلى الأجيال الشابة.

37 - وفيما يتعلق بالأولى، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الاعتبار: ( أ ) التوصيات الواردة في المبدأ 16 من مبادئ الأمم المتح دة المتعلقة بكبار السن، التي مؤداها وجوب أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من البرامج التعليمية المناسبة لهم، والحصول على التدريب، ومن ثم ينبغي، على أساس إعدادهم وقدراتهم ومدى ما لديهم من حوافز، أن تتاح لهم فرص الوصول إلى مختلف مستويات التعليم من خلال ا عتماد التدابير المناسبة فيما يتعلق بتعليم القراءة والكتابة، والتعليم مدى الحياة ، وال ح صول ع لى التعليم الجامعي، الخ.، و ( ب ) التوصية 47 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التي تدعو، وفقا لمفهوم التعليم مدى الحياة الذي أصدرته اليونسكو، إلى وضع برامج للمسن ين تكون غير رسمية ومعتمدة على المجتمع المحلي وموجهة نحو الترويح، بغية تنمية شعورهم بالاعتماد على الذات وشعور المجتمع المحلي بالمسؤولية. وينبغي أن تحظى برامج كهذه ب دعم الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية.

38 - وفيما يتعلق بالاستفادة من الدراية التقنية والخبرة المتوافرة ل دى كبار السن، على النحو المشار إليه في ذلك الجزء من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة المتعلق بالتعليم ( الفقرات 74-76) ، يوجّه الانتباه إلى الدور الهام الذي لا يزال المسنون وكبار السن يلعبونه في معظم المجتمعات باعتبارهم ناقلين للمعلومات والم عارف والتقاليد والقيم الروحية. وإلى وجوب عدم فقد هذا العرف. ومن ثم، تعلّق اللجنة أهمية خاصة على الرسالة الواردة في التوصية 44 من الخطة التي تشير إلى ت طوير "البرامج التعليمية التي تصوّر كبار السن بص ورة المعلمين وناقلي المعرفة والثقافة والقيم الروحية".

39 - و تقر الدول الأطراف في الفقرة 1 ( أ ) و ( ب ) من المادة 15 من العهد بحق كل فرد في أن يشارك في الحياة الثقافية وأن يتمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته. وفي هذا الخصوص، تحث اللجنة الدول الأطراف على أن تأخذ في الاعتبار التوصيات الواردة في مبادئ الأمم المتحدة المتعل قة بكبار السن، و لا سيما المبدأ 7: "ينبغي أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم، وأن ي نقلوا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم"، والمبدأ 16 : "ينبغي أن تتاح لكبار السن إمكانية الاستفادة من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية".

40 - وبالمثل، فإن التوصية 48 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة تشجع الحكومات والمنظمات الدولية على دعم البرامج الرامية إلى تسهيل وصول المسنين إلى المؤسسات الثقافية ( كالمتاحف والمسارح ودور الموسي قى ودور السينما و ما إليها . ) .

41 - وتركز التوصية 50 على ضرورة أن تبذل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمسنون أنفسهم جهود اً لإنهاء التصوير النمطي للمسنين باعتبارهم مصابين دائما بعاهات بدنية ونفسانية، وعاجز ي ن عن التصرف على نحو مستقل، ولا دور ولا مركز لهم في المجتمع. وهذه الجهود، التي ينبغي لوسائ ط الإعلام والمؤسسات التربوية أن تشارك فيها أيضا، ضرورية لإقامة مجتمع يدافع عن الاندماج الكامل للمسنين فيه.

42 - وفيما يتعلق بالحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي وبتطبيقاته، ينبغي للدول الأطراف أن تأخذ في الحسبان التوصيا ت 60 و 61 و 62 من توصيات خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة، وأن تبذل جهود اً لتعزيز البحوث المتعلقة بالجوانب البيولوجية والعقلية والاجتماعية للشيخوخة وبوسائل المحافظة على القدرات الوظيفية للمسنين ومنع أو إرجاء بدء الإصابة ب الأمراض المزمنة وصنوف العجز. وفي هذا ال خصوص، يوصى بوجوب قيام الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية بإنشاء مؤسسات متخصصة في تدريس علم الشيخوخة وطب الشيخوخة والطب النفسي للشيخوخة في البلدان التي لا توجد فيها مؤسسات من هذا القبيل.

الحواشي

( 1 ) أهداف عالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2 001 : استراتيجية عملية. تقرير الأمين العام (A/47/339)، الفقرة 5.

( 2 ) تقرير الجمعية العالمية للشيخوخة ، فيينا، 26 تموز/يوليه - 6 آب/أغسطس 1982 ( منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.82.I.16).

( 3 ) قرار الجمعية العامة 46 / 91 المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1991، "تنفيذ خطة العمل الدولية للشيخوخة والأنشطة ذات الصلة"، المرفق.

( 4 ) أهداف عالمية في مجال الشيخوخة لسنة 2001 : استراتيجية عملية. (A/47/339)، الفصلان الثالث والرابع.

( 5 ) قرار الجمعية العامة 47 /5 المؤرخ في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1992 ، "إعلان بشأن الشيخوخة".

( 6 ) انظر توصية منظمة العمل الدولية 162 (1980) بشأن العمال المسنين، الفقرات 3 إلى 10 .

( 7 ) المرجع نفسه، الفقرات 11- 19 .

( 8 ) المرجع نفسه، الفقرة 30 .

ثبت عام للمراجع

Albouy, François‑Xavier y Kessler, Denis. Un système de retraite européen: une utopie réalisable? Revue Française des Affaires Sociales, No. hors‑série, noviembre de 1989.

Aranguren, José Luis. La vejez como autorrealizacion personal y social. Ministerio Asuntos Sociales. Madrid 1992.

Beauvoir, Simone de: La vieillese. Gallimard 1970 (Edhasa, 1983).

Cebriάn Badia, Franciso Javier: La jubilación forzosa del trabjador y su derecho al trabajo. Actualidad Laboral No. 14, Madrid 1991.

Commission des Communautés Européennes: L'Europe dans le mouvement démographique (Mandat du 21 juin 1989), Bruselas, junio de 1990.

Duran Heras, Almudena. Anticipo de la jubilación España. Revista de Seguridad Social, No. 41, Madrid 1989.

Fuentes, C. Josefa. Situación Social del Anciano. Alcaláde Henares, 1975.

Fundación Europea para la Mejora de las Condiciones de Vida y de Trabajo. Informe Anual 1989, Luxemburgo. Oficina de las publicaciones oficiales de las Comunidades Europeas, 1990 .

Girard, Paulette. Vieillissement et emploi, vieillissement et travail. Haut Conseil de la Population et de la Famille. Documentation Française, 1989.

Guillemard, Anne Marie. Analisis de las politicas de vejez en Europa. Ministerio de Asuntos Sociales. Madrid 1992.

Guillemard, Anne Marie. Emploi, protection sociale et cycle de vie: Résultat d'une comparaison internationaledes dispositifs de sortie anticipée d'activité. Sociologie du travail, No. 3, Paris 1993.

H. Draus, Renate. Le troisième âge en la République fédérale allemande. Observations et diagnostics économiques No. 22, enero de 1988.

Hermanova, Hana. Envejecer con salud en Europa en los años 90 Jornadas Europeas sobre personas mayores. Alicante 1993.

INSERSO (Instituto Nacional de Servicios Sociales). La Tercera Edad en Europe: Necesidades y Demandas. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1989.

INSERSO. La Tercera Edad en España: Necesidades y Demandas. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1990 .

INSERSO. La Tercera Edad en España Aspectos cuantitativos. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1989.

ISE (Instituto Sindical Europeo). Los jubilados en Europa Occidental: Desarrollo y Posiciones Sindicales, Bruselas, 1988.

Lansley, John y Pearson, Maggie. Preparación a la jubilación en los países de la Comunidad Europea. Seminario celebrado en Francfort del Main, 10 a 12 de octubre de 1988. Luxemburgo: Oficina de Publicaciones Oficiales de las Comunidades Europeas, 1989 .

Martinez‑Fornes, Santiago, Envejecer en el año 2000. Editorial Popular, S.A. Ministerio de Asuntos Sociales, Madrid, 1991.

Minois, George. Historia de la vejez: De la Antigüedad al Renacimiento. Editorial Nerea, Madrid, 1989.

Ministerio de Trabajo. Seminario sobre Trabajadores de Edad Madura. Ministerio de Trabajo, Madrid, 1968.

OCDE. Flexibilité de l'âge de la retraite. OCDE, Paris, 1970.

OCDE. Indicadores Sociales. Informes OCDE. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1985 .

OCDE. El futuro de la protección social y el envejecimiento de la población. Informes OCDE. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1990.

OIT. Trabajadores de Edad Madura: Trabajo y Jubilación. 65a. Reunión de la Conferencia Internacional del Trabajo. Ginebra, 1965.

OIT. De la pirámide al pilar de población: los cambios en la población y la seguridad social. Informes OIT. Ministerio de Trabajo y Seguridad Social, Madrid, 1990 .

OIT. La OIT y las personas de edad avanzada. Ginebra 1992.

PNUD. Desarrollo Humano. Informe 1990. Tercer Mundo Editores, Bogotá. 1990.

Simposio de Gerontología de Castilla‑León. Hacia una vejez nueva. I Simposio de Gerontología de Castilla‑León, 5 a 8 de mayo de 1988. Fundación Friedrich Ebert, Salamanca, 1988.

Uceda Povedano, Josefina. La jubilación: reflexiones en torno a la edad de jubilación en la CEE: especial referencia al caso español. Escuela Social, Madrid, 1988.

Vellas, Pierre. Législation sanitaire et les personnes agées. OMS, Publications régionales. Série européenne, No. 33.

الدورة السادسة عشرة (1997) *

التعليق العام رقم 7 : الحق في السكن الملائم ( المادة 11 ( 1 ) من العهد ): حالات إخلاء المساكن بالإكراه

1- لاحظت اللجنة، في تعليقها العام رقم 4 ( 1991 ) ، أنه ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل لـه الحماية القانونية م ن إخلائه بالإكراه ومن المضايقة وغير ذلك من التهديدات. وخلُصت إلى أن حالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض بداهةً مع مقتضيات العهد. واللجنة، إذ نظرت في عدد لا بأس به من التقارير المتعلقة بحالات إخلاء المساكن بالإكراه في السنوات الأخيرة، بما في ذلك حالات رأت ف يها أنه يجري الإخلال بالتزام الدول الأطراف، قد باتت الآن في موقف يتيح لها أن تسعى إلى تقديم مزيد من ال إ يضاح بشأن الآثار المترتبة على هذه الممارسات من حيث الالتزامات الواردة في العهد.

2- لقد اعترف المجتمع الدولي منذ زمن بعيد بأن مسألة إخلاء المساكن بالإكراه هي مسألة خطيرة. ففي عام 1976 ، لاحظ مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية أنه ينبغي توجيه اهتمام خاص إلى "عدم القيام بعمليات إزالة كبرى إلا إذا كان صون المستوطنات واستصلاحها أمراً غير ممكن، وبشرط توفير أماكن سكن أخرى لأهلها" ( 1 ) . وفي عام 1988 ، في الاستراتي جية العالمية للمأوى حتى عام 2000 ، التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 34 /181، تم الإقرار "بالالتزام الأساسي [ للحكومات ] المتمثل في حماية وتحسين المساكن والأحياء ... بدلاً من تدميرها أو إلحاق الضرر بها" ( 2 ) . وورد في جدول أعمال القرن الحادي والعشرين أنه "ي نبغي حماية الناس بموجب القانون من الإخلاء الظالم من منازلهم أو أراضيهم" ( 3 ) . وفي جدول أعمال الموئل، عاهدت الحكومات أنفسها على "حماية جميع الناس من عمليات الإخلاء القسري المخالفة للقانون وتوفير الحماية القانونية منها وتداركها، مع أخذ حقوق الإنسان في الاعتبار ؛ [ و ] في حالة تعذر تفادي عمليات الإخلاء، ضمان توفير حلول بديلة ملائمة بحسب الاقتضاء" ( 4 ) . كما بيّنت لجنة حقوق الإنسان أن "ممارسة الإخلاء القسري تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان" ( 5 ) . غير أنه، على الرغم من أهمية هذه البيانات، فهي لا تتصدى لإحدى أكثر المسائل أهمية ، ألا وهي مسألة تحديد الظروف التي تكون فيها حالات إخلاء المساكن بالإكراه مباحة وتحديد أنواع الحماية المطلوبة لضمان مراعاة الأحكام ذات الصلة من العهد.

3- و إن استخدام عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" هو، في بعض الحالات، أمر ينطوي على إشكالات. ف المق صود ب هذه العبارة هو التعبير عن مفهوم التعسف واللاقانونية. غير أن كثيراً من المراقبين يعتبرون الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" حشواً، بينما انتقد مراقبون آخرون عبارة "حالات الإخلاء غير القانوني للمساكن" لأنها تفترض أن القانون ذا الصلة يوفر حماية و افية للحق في الإسكان ويتفق مع أحكام العهد، والحالة، بالتأكيد، ليست كذلك دوماً. كما ارتئي أن عبارة "حالات الإخلاء غير المنصفة" هي أكثر ذاتية ، حيث إنها لا تشير إلى أي إطار قانوني على ال إ طلاق. وقد اختار المجتمع الدولي، وخاصة في سياق لجنة حقوق الإنسان، الإشارة إلى "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" وذلك، بالدرجة الأولى، لأن جميع البدائل المقترحة بها عيوب كثيرة من هذا النوع. إن عبارة "حالات إخلاء المساكن بالإكراه" المستخدمة في هذا التعليق العام تُعرّف بأنها نقل الأفراد والأُسر و/أو المجتمعات المحلية، بشكل دائم أو مؤ قت وضد مشيئتهم، من البيوت و/أو الأراضي التي يشغلونها، دون إتاحة سبل مناسبة من الحماية القانونية أو غيرها من أنواع الحماية ـــــــــ

* وارد في المرفق الرابع ب الوثيقة E/1998/22.

أو إتاحة إمكانية الحصول عليها. غير أن حظر حالات إخلاء المساكن بالإكراه لا يسري على حالات الإخلاء التي تطبّق بالإكراه وفقاً لأحكام القانون والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.

4 - إن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هي ممارسة واسعة الانتشار وتمس الأشخاص في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على السواء. ونظراً للترابط والتشابك ال قائمين بين حقوق الإنسان كافة، فكثيراً ما تكون عمليات إخلاء المساكن بالإكراه مخلّة بحقوق الإنسان الأخرى. وعليه، فإن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، وهي تُخل إخلالاً ظاهراً بالحقوق المدرجة في العهد، قد تسفر أيضاً عن انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية، م ثل الحق في الحياة وحق الفرد في الأمن على شخصه والحق في عدم التدخل بالخصوصيات والأسرة والبيت والحق في التمتع السلمي بالممتلكات.

5 - و على الرغم من أن ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه قد يبدو أنها تحدث بصفة رئيسية في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، ف إنها تحدث أيضاً في حالات نقل السكان بالإكراه والتهجير الداخلي وتغيير مَواطن السكان بالإكراه في سياق المنازعات المسلحة، والهجرات الجماعية وتنقلات اللاجئين. ففي هذه الحالات جميعها، قد يتم الإخلال بالحق في السكن الملائم وفي عدم التعرض لإخلاء المساكن بالإكراه، وذلك من خلال مجموعة واسعة من الأفعال أو حالات الامتناع عن الفعل التي تُعزى إلى الدول الأطراف. بل وحتى في الحالات التي قد يكون من الضروري فيها فرض حدود على هذا الحق، يُطلب الالتزام التام بأحكام المادة 4 من العهد، بحيث لا تكون أية حدود مفروضة إلا الحدود "المقررة في القانون، وإلا بمقدار توافق ذلك مع طبيعة هذه الحقوق [ أي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ] ، وشريطة أن يكون هدفها الوحيد هو تعزيز الرفاه في مجتمع ديمقراطي".

6 - إن كثيراً من حالات إخلاء المساكن بالإكراه تكون مرتبطة بالعنف، مثل حالات الإخلاء الناجمة عن المن ازعات المسلحة الدولية والصراع الداخلي والعنف المجتمعي أو الإثني.

7 - وثمة حالات أخرى من الإخلاء بالإكراه تحدث باسم التنمية. وقد تتم عمليات الإخلاء بصدد منازعة على الحقوق في الأرض، أو المشاريع الإنمائية ومشاريع إقامة الهياكل الأساسية، مثل بناء السدود أو غيره ا من ال مشاريع الكبرى ل توليد الطاقة، مع تدابير حيازة الأراضي المتصلة بتحسين المناطق الحضرية أو ترميم المساكن أو برامج تجميل المدن أو تهيئة الأراضي للزراعة أو إطلاق العنان للمضاربة على الأراضي أو إقامة مباريات رياضية كبرى مثل الألعاب الأولمبية.

8 - ومن حيث ال جوهر، فإن التزامات الدول الأطراف في العهد فيما يتعلق بحالات إخلاء المساكن بالإكراه تستند إلى أحكام المادة 11-1، مقترنة بأحكام أخرى ذات صلة. وعلى وجه الخصوص، فإن المادة 2-1 تُلزم الدول باستخدام "جميع السبل المناسبة" في سبيل تعزيز الحق في سكن ملائم. غير أنه، نظراً لطبيعة ممارسة عمليات إخلاء المساكن بالإكراه، فإن الإشارة في المادة 2-1 إلى التمتع التدريجي بالحقوق بناء على الموارد المتاحة، هي إشارة لا تكون ذات صلة بالموضوع إلا في حالات نادرة. ولا بد للدولة نفسها من أن تمتنع عن القيام بعمليات إخلاء المساكن بالإكر اه وأن تكفل تطبيق أحكام القانون على موظفيها أو على أطراف ثالثة تمارس هذه العمليات ( على النحو المشروح في الفقرة 3 أعلاه ) . وعلاوة على ذلك، فإن هذا النهج تعززه المادة 17-1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تُكمّل الحق في عدم الإخلاء بالإكر اه دون حماية وافية. فهذه المادة تعترف بجملة أمور، منها حق الإنسان في الحماية من التعرض "على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل" في بيته. ويلاحَظ أن التزام الدولة بضمان احترام هذا الحق ليس مشروطاً باعتبارات متصلة بمواردها المتاحة.

9 - وتقتضي المادة 2-1 من العهد أن تستخدم الدول الأطراف "جميع السبل المناسبة"، بما فيها اعتماد تدابير تشريعية، لتعزيز جميع الحقوق التي يحميها العهد. ومع أن اللجنة قد بيّنت في تعل ي قها العام رقم 3 (1990) أن هذه التدابير قد لا تكون لازمة في ما يتعلق بجميع الحقوق، فمن الواضح أن سن تشريعات تح ظر عمليات إخلاء المساكن بالإكراه هو أساس جوهري يجب أن يقوم عليه أي نظام حماية فعال. وينبغي أن يشمل هذا التشريع تدابير ( أ ) توفر لشاغلي المساكن والأراضي أكبر قدر ممكن من الضمان لشغلها، و ( ب ) تتفق مع أحكام العهد، و ( ج ) يكون الغرض منها المراقبة الدقيقة للظروف ال تي قد تجري في ظلها عمليات الإخلاء. كما يجب أن ينطبق التشريع على جميع الموظفين الخاضعين لسلطة الدولة والمساءلين أمامها. وعلاوة على ذلك، فنظراً للاتجاه السائد بشكل متزايد في بعض الدول نحو التقليل كثيراً من مسؤوليات الحكومات في قطاع الإسكان، يجب على الدول الأ طراف أن تكفل جعل التدابير التشريعية وغيرها من التدابير وافية للحيلولة دون عمليات الإخلاء بالإكراه، وللمعاقبة، عند الاقتضاء على هذه العمليات التي يقوم بها أفراد بصفتهم الشخصية أو تقوم بها هيئات دون تقديم ضمانات مناسبة. لذلك ينبغي للدول الأطراف استعراض التشر يعات والسياسات ذات الصلة كيما تضمن توافقها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في السكن الملائم، كما ينبغي لها إلغاء أو تعديل أية تشريعات أو سياسات تكون متعارضة مع متطلبات العهد.

10 - و إن النساء والأطفال والشباب والمسنين والشعوب الأصلية والأقليات الإثنية وغيرها، وسائر الضعفاء من أفراد وجماعات، يعانون جميعاً بشكل غير متكافئ من ممارسة الإخلاء بالإكراه. والنساء في الفئات كافة ضعيفات بوجه خاص نظراً لمدى التمييز القانوني وغيره من أشكال التمييز التي كثيرا ما تمارس ضدهن فيما يتعلق بحقوق الملكية ( بما فيها ملكية البيوت ) أو حقوق حيازة الممتلكات أو المأوى، ونظراً لتعرضهن بوجه خاص لأفعال العنف والإساءة الجنسية عندما يُصبحن بلا مأوى . و إن أحكام عدم التمييز التي تتضمنها المادتان 2-2 و3 من العهد تفرض على الحكومات التزاماً إضافياً بأن تكفل، في حال حدوث عمليات إخلاء، اتخاذ تدابير من اسبة لضمان ألا ينطوي ذلك على أي شكل من أشكال التمييز.

11 - وبينما قد يكون هناك ما يبرر بعض حالات الإخلاء، كما يحدث في حالة الاستمرار في التخلف عن دفع ال إ يجار أو إلحاق ضرر بالممتلكات المستأجرة دون سبب وجيه، يتحتم على السلطات المعنية أن تكفل أن يجري الإخلاء ع لى النحو الذي يجيزه القانون وبما يتوافق مع أحكام العهد، وأن تكون جميع سبل الانتصاف والتعويضات القانونية متاحة للمتضررين.

12 - كما أ ن عمليات الإخلاء بالإكراه وتدمير المنازل، بوصفها تدابير عقابية، تتعارض أيضاً مع قواعد العهد. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالالتزا مات الواردة في اتفاقيتي جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهما لعام 1977 فيما يتعلق بحظر تهجير السكان المدنيين وتدمير الممتلكات الخاصة، من حيث صلة هذه الالتزامات بممارسة الإخلاء بالإكراه.

13 - و على الدول الأطراف أن تكفل ، قبل القيام بأية عمليات إخلاء، وخ اصة ما يتعلق منها بجماعات كبيرة، أن يتم استكشاف جميع البدائل المجدية بالتشاور مع المتضررين، بغية الحيلولة دون استخدام القوة، أو على الأقل، بغية التقليل إلى أدنى حد من ضرورة استخدامها . وينبغي توفير سبل الانتصاف أو الإجراءات القانونية للمتأثرين بأوامر الإخلا ء. وعلى الدول الأطراف أيضا أن تكفل للأفراد المعنيين كافةً الحقَ في التعويض الكافي عن أية ممتلكات تتأثر من جراء ذلك، شخصية كانت أم عقارية. و ت جدر الإشارة في هذا الصدد إلى المادة 2-3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تقتضي من الدول الأطراف أن تكفل توفير "سبيل فعال للتظلم" للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم وبأن تكفل قيام "السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لصالح المتظلمين".

14 - وفي الحالات التي يعتبر فيها أن للإخلاء ما يبرره، ينبغي أن يجري هذا الإخلاء مع الامتثال الدقيق للأحكام ذات الصلة من ا لقانون الدولي لحقوق الإنسان ووفقاً للمبادئ العامة المراعية للمعقولية والتناسب. ومن المناسب بوجه خاص في هذا الشأن الإشارة إلى التعليق العام رقم 16 للجنة المعنية بحقوق الإنسان المتعلق بالمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي لا تجيز ا لتدخل في بيت أي شخص إلا "في الحالات التي ينص عليها القانون". ولاحظت اللجنة أن القانون ينبغي أن يكون "موافقاً لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون، في جميع الحالات، معقولاً بالنسبة للظروف المعيّنة التي يحدث فيها". كما بيّنت اللجنة أن " التشريع ذا الصلة يجب أن يحدد بالتفصيل الظروف التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل".

15 - وتشكل الحماية الإجرائية المناسبة وقواعد الإجراءات القانونية جوانب جوهرية من حقوق الإنسان كافة، إلا أنها تنطبق بوجه خاص فيما يتعلق بمسألة مثل عمليات الإخلاء بالإكراه، وهي مسألة يتم فيها ا لاحتجا ج مباشرة بعدد كبير من الحقوق المعترف بها في كلا العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان. وترى اللجنة أن سبل الحماية الإجرائية التي ينبغي تطبيقها فيما يتعلق بعمليات الإخلاء بالإكراه تشمل: ( أ ) إتاحة فرصة للتشاور الحقيقي مع المتضررين؛ ( ب ) إشعار المتضررين كافة بشكل واف ومناسب قبل الموعد المقرر للإخلاء؛ ( ج ) الإحاطة علماً بعمليات الإخلاء المقترحة، وعند الاقتضاء، بالغرض البديل المقرر استخدام الأرض أو المسكن من أجله، على أن تتاح هذه المعلومات لجميع المتضررين في الوقت المناسب؛ ( د ) حضور موظفين حكوميين أو ممثلين عنهم أ ثناء الإخلاء، وخاصة عندما يتعلق الأمر بجماعات من الناس؛ (ه‍) التعيين الصحيح لهوية جميع الأشخاص الذين يتولون القيام بعملية الإخلاء؛ ( و ) عدم القيام بالإخلاء عند ما تكون الأحوال الجوية سيئة بشكل خاص أو أثناء الليل، ما لم يوافق المتضررون على غير ذلك؛ ( ز ) توفيـر سبل الانتصاف القانونية؛ ( ح ) توفير المساعدة القانونية، عند الإمكان، لمن يكونون بحاجة إليها من أجل التظلم لدى المحاكم.

16 - و ينبغي ألا تسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعرضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. وفي حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراض منتجة لهم، حسب الحالة.

17 - و تعي اللجنة أن ثمة مشاريع إنمائية شتى تمولها وكالات دولية في أراضي الدول الأط راف قد أسفرت عن عمليات إخلاء بالإكراه. وتشير اللجنة في هذا الشأن، إلى التعليق العام رقم 2 (1990) الذي ينص، في جملة أمور، على أنه "ينبغي للوكالات الدولية أن تتجنب، على نحو دقيق، المشاركة في مشاريع تنطوي، على سبيل المثال ... على تعزيز أو توطيد التمييز ضد الأ فراد أو الجماعات بما يتناقض مع أحكام العهد، أو تنطوي على عمليات إجلاء أو تشريد واسعة النطاق للأشخاص دون توفير كل أشكال الحماية والتعويض المناسبة لهم. وينبغي بذل كل جهد ممكن في كل مرحلة من أي مشروع إنمائي لكفالة المراعاة الواجبة للحقوق الواردة في العهد" ( 6 ) .

18 - وقد اعتمد بعض المؤسسات، مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مبادئ توجيهية بشأن التهجير و/أو إعادة التوطين بغية الحد من نطاق عمليات الإخلاء بالإكراه والتقليل من المعاناة البشرية المتصلة بها. وكثيرا ما تكون هذه الممارسات مرافق ة للمشاريع الإنمائية الكبيرة، مثل بناء السدود وغيرها من المشاريع الكبرى لتوليد الطاقة. إن المراعاة التامة لهذه المبادئ التوجيهية، التي تجسد الالتزامات الواردة في العهد، هي أمر ضروري، سواء من جانب الوكالات أنفسها أو من جانب الدول الأطراف في العهد. وتشير الل جنة في هذا الشأن إلى ما ورد في إعلان وبرنامج عمل فيينا من أن ه " إذا كانت التنمية تُيَسّر التمتع بجميع حقوق الإنسان، فإن انعدام التنمية لا يجوز أن تتخذ ذريعة لتبرير الانتقاص من حقوق الإنسان المعترف بها دولياً" ( الجزء الأول، الفقرة 10) .

19 - و وفقاً للمبادئ الت وجيهية التي اعتمدتها اللجنة، فيما يتعلق بالإبلاغ، ي ُطلب من الدول الأطراف تقديم شتى المعلومات المتعلقة مباشرة بممارسة عمليات الإخلاء بالإكراه، ومنها معلومات عما يلي: ( أ ) "عدد الأشخاص الذين تم إخلاؤهم في غضون السنوات الخمس الأخيرة وعدد الأشخاص الذين لا يحظون حالياً بحماية قانونية من الإخلاء التعسفي أو أي نوع من الإخلاء"، ( ب ) "التشريع المتعلق بحقوق المستأجرين في ضمان شغل المسكن وفي الحماية من الإخلاء"، ( ج ) "التشريع الذي يحظر أي شكل من أشكال الإخلاء" ( 7 ) .

20 - كما ي ُطلب تقديم معلومات بشأن "ما يُتخذ من تدابير أثنا ء جملة حالات منها تنفيذ برامج تحسين المناطق الحضرية ومشاريع إعادة التنمية والنهوض بالمواقع والإعداد للمناسبات الدولية ( الألعاب الأوليمبية وغيرها من المباريات الرياضية والمعارض والمؤتمرات، وما إلى ذلك ) وحملات تجميل المدن، وما إليها، التي تكفل الحماية من الإ خلاء أو تكفل إعادة الإسكان بال تراضي ، من قبل كل من يعيشون في المواقع المتأثرة أو بالقرب منها" ( 8 ) . بيد أنه لم تقم سوى بضع دول أطراف بإدراج المعلومات المطلوبة في تقاريرها إلى اللجنة. لذلك ترغب اللجنة في التشديد على الأهمية التي تعلقها على تلقي هذه المعلومات.

21 - و قد أفاد بعض الدول الأطراف أن هذا النوع من المعلومات غير متاح. وتشير اللجنة إلى أن رصد ممارسة الحق في السكن الملائم رصداً فعالاً، سواء من جانب الحكومة المعنية أو من جانب اللجنة، يتعذّر في حال عدم جمع البيانات المناسبة. وهي ترجو من جميع الدول الأطراف أن تحرص على جمع البيانات اللازمة وإدراجها في ما تقدمه من تقارير بموجب أحكام العهد.

الحواشي

( 1 ) تقرير الموئل: مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، فانكوفر، 31 أيار/مايو - 11 حزيران/يونيه 1976 (A/CONF.70/15)، الفصل الثاني، التوصية باء - 8، الفقرة جيم `2`.

( 2 ) تقرير لجنة المستوطنات البشرية عن أعمال دورتها الحادية عشرة، إضافة (A/43/8/Add.1)، الفقرة 13 .

( 3 ) تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 3 - 14 حزيران/يونيه 1992 ، المجلد الأول ( (A/CONF.151/26/Rev.1 (vol.I) ، المرف ـ ق الثاني، جدول أعمال القرن 21 ، الفصل 7-9 ( ب ) .

( 4 ) تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ( الموئل الثاني ) (A/CONF.165/14)، المرفق الثاني، جدول أعمال الموئل، الفقرة 40(ن) .

( 5 ) قرار لجنة حقوق الإنسان 1993 /77، الفقرة 1.

( 6 )E/1990/23، المرفق الثالث، الفقرتان 6 و8 ( د ) .

( 7 )E/C.12/1990/8، المرفق الرابع.

( 8 ) المرجع نفسه.

الدورة السابعة عشرة (1997)*

التعليق العام رقم 8 : العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تُفرض ال عقوبات الاقتصادية بتواتر متزايد دوليا وإقليميا ومن جا نب واحد. والغرض من هذا التعليق العام هو التأكيد على أنه مهما كانت الظروف ، فإنه يتعين ع ند فرض هذه العقوبات أن تؤخذ في الحسبان بصورة تامة أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا تتشكك اللجنة بأية طريقة في ضرورة فرض العقوبات في الحالات المناسبة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو غيره من أحكام القانون الدولي المنطبقة على الحالة. ولكن أحكام الميثاق ذات الصلة بحقوق الإنسان ( المواد 1 و55 و 56) ينبغي أن تعتبر واجبة ا لتطبيق بشكل تام في مثل هذه الحالات.

2- وخلال التسعينيات ، فرض مجلس الأمن عقوبات من أنواع مختلفة و ل مدد مختلفة فيما يتعلق بجنوب أفريقيا، والعراق/الكويت، وأجزاء من يوغوسلافيا السابقة، والصومال، والجماهيرية العربية الليبية، وليبيريا، وهايتي، وأنغولا، ورواندا، والسودان. وقد استرعي انتباه اللجنة إلى أثر هذه ال عقوبات على ا لتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عدد من الحالات التي تمس دولاً أطرافاً في العهد ظل قسم منها يقدم تقاريره بانتظام، وبذلك كان يعطي اللجنة الفرصة لبحث الحالة بعناية.

3- وبينما يختلف أثر ال عقوبات من حالة لأخرى، فإن اللجنة تعي أن لها في جميع ال أحوال تقريباً أثراً محسوساً على الحقوق التي يعترف بها العهد. فهي ، على سبيل المثال، كثيراً ما تسبب اضطراباً في توزيع الأغذية، والأدوية والإمدادات الصحية، وتهدد نوعية الطعام وتوا فر مياه الشرب النظيفة، وتتدخل بصورة قاسية في تشغيل الأنظمة الصحية والتعليمية الأ ساسية وتقوض الحق في العمل. وبالإضافة إلى ذلك ، فإن عواقبها غير المقصودة قد تشمل تعزيز سلطة الفئات المستبّدة، وظهور سوق سوداء بصورة تكاد تكون حتمية، وتوليد أرباح مفاجئة ضخمة للجماعات المتميزة التي تتصرف فيها، وتعزيز رقابة الفئات الحاكمة على السكان بشكل عام، وتقييد فرص التماس اللجوء أو التعبير عن المعارضة السياسية. وإذا كانت هذه الظواهر في جوهرها ذات طابع سياسي، فإن لها كذلك تأثيراً إضافياً كبيراً على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

4- وعند النظر في ال عقوبات ، من الضروري التمييز بين الغرض الأسا سي من ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على النخبة الحاكمة في البلد لإقناعهم بالامتثال للقانون الدولي، وما يرافق ذلك من تسبّب في معاناة الفئات الأ ضعف داخل البلد المستهدف. ولهذا السبب فإن أنظمة الجزاءات التي وضعها مجلـس الأمـــن الآن تحتوي على استثناءات إنسان ية تهدف إلى إتاحة تدفق السلع والخدمات الأساسية الموجهة لأغراض إنسانية. ومن المفترض بصفة عامة أن هذه الاستثناءات تضمن الاحترام الأساسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلد المستهدف.

5- غير أن عدداً من الدراسات التي أجرتها الأمم المتحدة حديثاً وغ يرها من الدراسات الأخرى التي حللت أثر ال عقوبات ، انتهت إلى أن هذه الاستثناءات ليس لها ذلك التأثير. وعلاوة على ذلك فإن الاستثناءات محدودة جداً في ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1998/22.

نطاقها. فهي لا تعالج - على سبيل المثال - مسألة ال ح صول ع لى التعليم الا بتدائي، ولا تتيح إصلاح البنى الأساسية الضرورية لتوفير المياه النظيفة، والرعاية الصحية الكافية، إلخ. وقد أشار الأمين العام في عام 1995 إلى ضرورة تقييم التأثير المحتمل للجزاءات قبل فرضها، وإلى توسيع تقديم المعونة الإنسانية إلى الفئات الأ ضعف (1) . وفي العام الت الي جاء في دراسة رئيسية أعدتها للجمعية العامة الآنسة غراسا ماشيل حول أثر النزاع المسلح على الأطفال، أن "الاستثناءات الإنسانية تميل إلى الغموض وتفسر بشكل ا عتباطي وغير متجانس [ ... ] . كما أن حالات التأخير والفوضى، ورفض طلبات استيراد السلع الإنسانية الضرورية تس بب نقص الموارد [ ... ] ولا بد أن ت كون [ تأثيراتها ] أ شد ّ وطأة على الفقراء (2) ." وفي الآونة الأخيرة، خلص تقرير صادر في تشرين الأول/أكتوبر 1997 إلى أن الإجراءات الاستعراضية التي وضعت في ظل لجان الجزاءات المختلفة التي أنشأها مجلس الأمن "ما زالت بطيئة، ولا تزال وكا لات المعونة تواجه مصاعب في الحصول على موافقة على الإمدادات المستثناة [ ... ] . وتهمل اللجان مشاكل أكبر تتعلق بالانتهاكات التجارية والحكومية وتتخذ شكل الت ع ا م ل في السوق السوداء والتجارة غير المشروعة، والفساد (3) ."

6- وهكذا فإن من الواضح، ا ستناداً إلى مجموعة مثير ة من الدراسات القطرية والعامة، أنه لا يجري ال اهتمام بقدر كـاف بتأثير ال عقوبات على الفئات الضعيفة. ومع ذلك فإن هذه الدراسات لم تتناول ، لأسباب متنوعة، العواقب السيئة على وجه التحديد بالنسبة للتمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حد ذاتها. ومن الو اضح في واقع الأمر أن تلك العواقب لم تؤخذ في الحسبان على الإطلاق، أو لم تُعطَ الاهتمام الجاد الذي تستحقه في معظم الحالات، إن لم يكن فيها جميعاً، ولهذا يلزم إعطاء بعدٍ يتعلق بحقوق الإنسان للمداولات التي تدور حول هذه القضية.

7- وتعتبر اللجنة أن أحكام العهد ال تي تنعكس كلها من الناحية العملية في سلسلة من المعاهدات الأخرى لحقوق الإنسان، وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يمكن اعتبارها أحكاماً غير معمول بها، أو غير قابلة للتطبيق على أي حال، لمجرد أن قراراً قد اتخذ بأن اعتبارات السلام والأمن العالميين تستدعي فرض جزاءات. وكما يصر المجتمع الدولي على أن أي دولة مستهدفة يتعين عليها أن تحترم الحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها، فإنه ينبغي على تلك الدولة وعلى المجتمع الدولي نفسه عمل كل ما يمكن عمله لحماية جوهر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الأقل للسكان المتضررين في تلك الدولة (انظر التعليق العام رقم 3 (1990)، الفقرة 10).

8- وإذا كان هذا الالتزام الذي قطعته كل دولة على نفسها مستمداً من الالتزام الوارد في ميثاق الأمم المتحدة بتعزيز احترام كل حقوق الإنسان، فإنه تجدر الإشارة أيضا إلى أن كل عضو من الأعضاء ال دائمين في مجلس الأمن قد وقع العهد، رغم أن عضوين ( الصين والولايات المتحدة الأمريكية ) لم يصادقا عليه بعد. ومعظم الأعضاء غير الدائمين هم من الأطراف في وقت من الأوقات. فقد تعهدت كل دولة طرف، طبقاً للفقرة 1 من المادة 2 من العهد بأن "تتخذ، بمفردها وعن طريق المسا عدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني، وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق المعترف بها في هذا العهد، سالكة في ذلك جميع السبل المناسبة ..." وعندما تكون الدولة المتضررة دولةً طرفاً أيضاً، يصبح الواجب مضاعفاً على الدول الأخرى بأن تحترم الالتزامات ذات الصلة وتأخذها في الحسبان. وبقدر ما يتعلق الأمر بالجزاءات المفروضة على دول ليست أطرافا في العهد فإن المبادئ نفسها تطبق على أية حال، مع مراعاة حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات الضعيفة، كجزء من القانون الدولي العام، كما يدل على ذلك - مثلاً - التصديق شبه العالمي على اتفاقية حقوق الطفل، وحالة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

9- ورغم أن ه ليس للجنة دور فيما يتعلق بقرارات فرض ال عقوبات أو عدم فرضها، فإن عليها مسؤولية رصد امتثال جم يع الدول الأطراف للعهد. وعندما تتخذ تدابير تثبط قدرة دولة طرف على الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، فإن شروط ال عقوبات وطريقة تطبيقها تصبح قضايا مناسبة لاهتمام اللجنة.

10 - وتعتقد اللجنة أن مجموعتين من الالتزامات تنبعان من هذه الاعتبارات. تتعلق المجموعة الأولى منها بالدولة المتضررة. ذلك أن فرض ال عقوبات لا يلغي الالتزامات ذات الصلة لتلك الدولة الطرف أو ينقصها ب أي حال من الأحوال. وكما في حالات مماثلة أخرى، تكتسب تلك الالتزامات أهمية عملية أكبر في أوقات الشدة على وجه الخصوص. وهكذا فإن اللجنة مطالبة بأن تبحث بعناية مدى ما اتخذته الدولة المعنية من خطوات "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة" لتوفير أكبر حماية ممكنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل فرد يعيش ضمن ولايتها. وبينما تقلل ال عقوبات حتماً قدرة الدولة المتضررة على تمويل بعض التدابير الضرورية أو دعمها، تظ ل الدولة ملتزمة بضمان عدم وجود تمييز فيما يتعلق بالتمتع بهذه الحقوق، وباتخاذ كل التدابير الممكنة، بما في ذلك التفاوض مع دول أخرى ومع المجتمع الدولي لتخفيض الأثر السلبي على حقوق الفئات الضعيفة داخل المجتمع.

11- وتتعلق المجموعة الثانية من الالتزامات بالطرف أ و الأطراف المسؤولة عن فرض ال عقوبات وا لإبقاء عليها وتنفيذها، سواء أكان المجتمع الدولي، أم منظمة دولية أو إقليمية، أم دولة أو مجموعة من الدول. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هناك ثلاثة استنتاجات تنجم منطقياً عن الاعتراف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .

12 - فأولا، ينبغي أن تؤخذ هذه الحقوق في الحسبان بشكل كامل عند تصميم نظام مناسب للجزاءات. وبدون الموافقة على أية تدابير معينة في هذا الصدد، تأخذ اللجنة علماً بمقترحات كتلك الداعية إلى إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة ل رصد ومتابعة أثر ال عقوبات ؛ وتطوير مجموعة أكثر شفافية من المبادئ والإجراءات المتفق عليها، تقوم على أساس احترام حقوق الإنسان؛ وتحديد طائفة أوسع من السلع والخدمات المعفاة؛ وتخويل وكالات تقنية متفق عليها للبت في الإعفاءات الضرورية؛ وإنشاء مجموعة من لجان الجزاءات التي تتاح لها موارد أفضل؛ واستهداف أدق لمواطن الضعف لدى أولئك الذين يرغب المجتمع الدولي في تغيير سلوكهم؛ وإدخال قدر أكبر من المرونة العامة.

13 - وثانياً، ينبغي الاضطلاع برصد فعال، وهو مطلوب دائماً بموجب بنود العهد، طيلة فترة تطبيق ال عقوبات . وعندما يأخذ طرف خارجي على عاتقه مسؤولية حتى ولو جزئية عن الحالة داخل بلد ما ( سواء بموجب الفصل السابع من الميثاق أو غيره ) ، لا بد أن يتحمل هذا الطرف مسؤولية أن يفعل كل ما في وسعه لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للسكان المتضررين.

14 - وثالثاً، يلتزم الكيان الخارجي بأن "يتخذ خطوات، بمفرده وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" ( الفقرة 1 من المادة 2 من العهد ) من أجل الاستجابة لأية معاناة غير متناسبة تتعرض لها الفئات الضعيفة داخل البلد المستهدف.

15 - وتحسباً للاعتراض على أن ال عقوبات لا بد أن تؤدي، في حد ذاتها تقري باً، إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذا أريد لها أن تحقق أهدافها، تلاحظ اللجنة ما خلصت إليه دراسة رئيسية للأمم المتحدة أُجريت حديثاً من أنه "يمكن اتخاذ قرارات لتخفيف معاناة الأطفال أو لتقليل العواقب الضارة إلى حد أدنى دون الإضرا ر بالأهداف السياسية ل ل عقوبات " (4) . وهذا ينطبق بشكل متساوٍ على حالة الفئات الضعيفة الأخرى.

16 - والهدف الوحيد للجنة من اعتماد هذا التعليق العام هو استرعاء الانتباه إلى أن سكان بلد معين لا يفقدون حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب أي قناعة بأن قادتهم قد انتهكوا أعرافاً تتصل بالسلام والأمن الدوليين. إن الهدف ليس تقديم الدعم أو التشجيع لمثل أولئك القادة، ولا تقويض أو إضعاف المصالح المشروعة للمجتمع الدولي في فرض الاحترام لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والمبادئ العامة للقانون الدولي. بل هو الإصرار على أن الخر وج على القانون من جانب ينبغي أل اّ يقابله خروج على القانون من نوع آخر لا يهتم بالحقوق الأساسية التي تكمن وراء أي عمل جماعي من هذا القبيل، وتضفي عليه الشرعية.

ال حواشي

(1) ملحق لخطة السلام (A/50/60-S/1995/1)، الفقر ات من 66 إلى 76 .

(2) "أثر النزاع المسلح على الأطفال : مذكرة من الأمين العام " (A/51/306، المرفق ) ، الفقرة 128 .

(3)L. Minear, et al., Toward More Humane and Effective Sanctions Management: Enhancing the Capacity of the United Nations System, Executive Summary.أُعدت الدراسة بناء على طلب إدارة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة نيابة عن اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات ، 6 تشرين الأول/أكتوبر 1997.

(4) المرجع نفسه .

الدورة التاسعة عشرة ( 1998)*

التعليق العام رقم 9 : التطبيق المحلي للعهد

ألف - واجب إعمال العهد في النظام القانوني المحلي

1- تناولت الل جنة ، في تعليقها العام رقم 3 (1990) بشأن طبيعة التزامات الدول الأطراف (الفقرة 1 من المادة 2 من العهد) ( 1 ) ، و المسائل المتعلقة بطبيعة ونطاق التزامات الدول الأطراف. ويسعى هذا التعليق العام إلى بلورة بعض جوانب البيان السابق. ويتمثل الالتزام الرئيسي للدول الأطراف فيما يخص العهد في إعمال الحقوق المعترف بها فيه. وبدعوة الحكومات إلى القيام بذلك سالكة "جميع السبل المناسبة"، يعتمد العهد نهجاً عاماً ومرناً يمكّن من مراعاة خصائص النظامين القانوني والإداري لكل دولة فضلاً عن اعتبارات أخرى ذات صلة.

2- غير أن هذه المرونة ت قت رن ب التزام كل دولة طرف باستخدام كافة الوسائل المتوفرة لديها لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد. وفي هذا الصدد يجب أن تراعى الشروط الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وعليه يتعين الاعتراف بقواعد العهد بالطرق المناسبة في النظام القانوني المحلي، ويجب أن يت اح لكل مظلوم أو مجموعة مظلومين سبل الانتصاف أو التظلم المناسبة وكذلك وضع وسائل ملائمة لضمان مساءلة الحكومة.

ــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1999/22.

3- ويجب أن ينظر في المسائل المتصلة بتطبيق العهد على الصعيد المحلي في ضوء مبدأين من مبادئ القانون الدولي. وا لمبدأ الأول الذي تعكسه المادة 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ( 2 ) هو أنه "لا يجوز لأي طرف أن يحتج بأحكام قانونه الداخلي لتبرير عدم تنفيذه معاهدة ما". وبعبارة أخرى، ينبغي للدول أن تعدِّل النظام القانوني المحلي حسب الاقتضاء للوفاء بالتزاماتها التعاهدية. أما المبدأ الثاني فتعكسه المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك ا لحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون". ولا يتضمن العهد أي نظير صريح للفقرة 3( ب) من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يلزم الدول الأطراف بجملة أمور منها "أن تنمي إمكانيات التظلم القضائي". غير أنه سيتعين على الدولة الطرف التي تسعى إلى تبرير عدم توفير أي سبل قانونية محلية للتظلم من انتهاكات الحقوق الاقتصادي ة والاجتماعية و الثقافية أن تثبت أن سبل الانتصاف هذه لا تشكل "سبلاً مناسبة" بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو أنها غير ضرورية نظراً للسبل الأخرى المستخدمة. وسيكون من الصعب إثبات ذلك، وتر ى اللجنة أن "السبل" الأخرى المستخدمة يمكن أن تصبح غير فعالة في كثير من الحالات إذا لم تعزز أو تكمّل بسبل انتصاف قضائية.

باء - مكانة العهد في النظام القانوني المحلي

4- ينبغي، عموما، أن تطبق معايير حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانوناً على نحو مباشر وفوري في النظام القانوني المحلي لكل دولة طرف بحيث يتمكن الأفراد من طلب إعمال حقوقهم أمام المحاكم والهيئات القضائية الوطنية. والقاعدة التي تنص على استنفاذ سبل الانتصاف المحلية قاعدة تعزز أولوية سبل الانتصاف الوطنية في هذا الشأن. ويعتبر وجود الإجراءات الدولية لمتابعة المطالبات الفردية وزيادة تطويرها أمرا لـه أهميته، لكن هذه الإجراءات ليست في نهاية الأمر سوى إجراءات تكمّل سبل الانتصاف الوطنية الفعالة.

5 - ولا ينص العهد على سبل محددة لتنفيذه في النظام القانوني الوطني. ولا يوجد أي حكم يُلزم بإدماجه التام أو ينص على إعطائه نوعاً من المكانة المحددة في القانون الوطني. وعلى الرغم من أن التحديد الدقيق لطريقة إعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الوطني يمثل مسألة تبتّ فيها كل دولة طرف، فإن الوسائل المستخدمة في ذلك يجب أن تكون ملائمة، بحيث تسفر عن نتائج تتماشى مع وفاء الد ولة الطرف بالتزاماتها كاملة. وتخضع السبل التي يقع عليها الاختيار أيضا لاستعراض في إطار نظر اللجنة في مدى وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب العهد.

6- ويتبين من تحليل لممارسة الدول فيما يخص العهد أنها استخدمت مجموعة متنوعة من النهج. ولم تتخذ بعض الدول أي إ جراء محدد على الإطلاق. وقامت بعض الدول التي اتخذت تدابير بتحويل العهد إلى قانون محلي بتكمل ة أو تعديل التشريع القائم من غير الاحتجاج بالأحكام المحددة للعهد. وقامت دول أخرى باعتماده أو إدماجه في القانون المحلي للاحتفاظ بأحكامه كما هي وإضفاء صلاحية رسمية عليه ا في النظام القانوني الوطني. وتم ذلك في معظم الأحيان من خلال أحكام دستورية أعطت ل أحكام معاهدات حقوق الإنسان الدولية الأولوية على أية قوانين محلية لا تتمشى معها. ويعتمد نهج الدول إزاء العهد اعتماداً كبيراً على النهج المعتمد في النظام القانوني المحلي إزاء ال معاهدات بصورة عامة.

7- ولكن، أيا كانت المنهجية المفضلة، هناك عدة مبادئ مترتبة على واجب إعمال العهد ويجب بالتالي احترامها. أولا، يجب أن تكون وسائل التنفيذ المختارة كافية لضمان الوفاء بالالتزامات بموجب العهد. وينبغي أن تراعى ضرورة ضمان أهليتها لنظر المحاكم ف يها (انظر الفقرة 10 أدناه) لدى تحديد أفضل طريقة لإعمال الحقوق التي ينص عليها العهد في القانون الداخلي. ثانيا، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار الوسائل التي ثبت أنها أكثر فعالية في ضمان حماية حقوق الإنسان الأخرى في البلد المعني. وحيثما تكون الوسائل المستخدمة لإعما ل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مختلفة اختلافا كبيرا عن الوسائل المستخدمة فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان الأخرى، ينبغي أن يكون لذلك مبرر قوي ويُؤخذ في الاعتبار كون الصيغ المستخدمة في العهد مشابهة إلى حد بعيد للصيغ المستخدمة في المعاهدات التي تتناول الحقوق المدنية والسياسية.

8- ثالثا، لا يقتضي العهد الدول رسمياً إ لى إدماج أحكامه في القانون الداخلي لكن هذا النهج مستصوب. فالإدماج المباشر يتفادى المشاكل التي قد تنشأ في ترجمة ا لا لتزامات بموجب العهد إلى قانون وطني ويوفر أساساً لا حت جاج الأفراد مباشرة بالحقوق المنصوص عليها فيه أمام المحاكم الوطنية. ولهذه الأسباب تشجع اللجنة بقوة اعتماد العهد أو إدماجه في القانون الوطني رسميا.

جيم - دور سبل الانتصاف القانونية

سبل انتصاف قانونية أم قضائية؟

9- ينبغي أ لاّ يفسر الحق في الانتصاف الفعال دائم اً على أنه ي قتصر على سبل ا لا نتصاف ال قضائي ة . ف كثيراً ما تكون سبل الانتصاف الإدارية كافية بحد ذاتها، ومن المشروع أن يتوقع من يعيش داخل نطاق الولاية القضائية لدولة طرف، استناداً إلى مبدأ حسن النية، أن تأخذ كافة السلطات الإدارية في الاعتبار مقتضيات العهد لدى ا تخاذ قراراتها. وينبغي أن يكون كل سبيل من سبل الانتصاف الإدارية هذه متيسراً ومعقول التكلفة ومتوفراً في الوقت المناسب وفعالاً. ك ما أنه كث يراً ما يكون التمتع بالحق المطلق في الطعن قضائيا في الإجراءات الإدارية من هذا النوع أمراً مناسبا في هذا المضمار. و بالمثل ، هناك بعض الالتزامات من قبيل تلك المتعلقة بعدم التمييز ( 3 ) ، (و لكنها، لا تقتصر بأي حال من الأحوال عليها) حيث النص على شكل من أشكال سبل الانتصاف القضائية فيما يخصها ضروري فيما يبدو للامتثال لمقتضيات العهد. وبعبارة أخرى، يعتبر الانتصاف أمام القضاء ضرورياً كلما استحال إعمال حق من ال حقوق المشمولة ب العهد إعمالاً كاملاً دون أن تقوم السلطة القضائية بدور ما في ذلك.

الأهلية لنظر المحاكم

10- يعتبر من البديهي عادة أن السبل القضائية للتظلم من الانتهاكات ضرورية فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية. ويفترض عكس ذلك في معظم الأ حيان، للأسف، فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا التناقض لا تُبرّره طبيعة الحقوق ولا أحكام العهد ذات الصلة. و قد سبق للجنة أن أ وضحت أنها تعتبر الكثير من أحكام العهد واجبة ا لتنفيذ فورا. وهكذا فقد ساقت في التعليق العام رقم 3 (1990) مثالاً هو المادة 3، والفقرة (أ)‘1‘ من المادة 7، والمادة 8، والفقرة 3 من المادة 10، والفقرة 2(أ) من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 13، والفقرة 4 من المادة 13، والفقرة 3 من المادة 15. ومن الأهمية بمكان هنا التمييز بين الأهلية لنظر المحاكم (أي المسائل التي من المناس ب أن تبت فيها المحاكم) والقواعد النافذة تلقائياً (التي يمكن أن تنفذها المحاكم دون الدخول في المزيد من التفاصيل). ولئن كان من اللازم مراعاة النهج العام لكل نظام قانوني ، فإنه لا يوجد في العهد أي حق لا يمكن اعتباره، في الأغلبية العظمى للنظم، حقاً ينطوي على ال أقل على بعض الأبعاد الهامة التي يمكن أن تنظر فيها المحاكم. ويقترح أحيانا ترك أمر البت في المسائل المتعلقة بتوزيع الموارد للسلطات السياسية بدلا من تركه للمحاكم. وينبغي احترام اختصاصات كل فرع من الفروع المختلفة للحكومة ، إلا أن من المناسب الاعتراف بأن المحاكم ، عادة، تشارك بالفعل في مجموعة كبيرة من المسائل التي تترتب عليها آثار هامة فيما يخص الموارد، واعتماد تصنيف صارم للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يضعها، بحكم تعريفها، خارج دائرة اختصاص المحاكم سيكون بالتالي تعسفياً ومتعارضاً مع مبدأ عدم قابلية مجموعت ي حقوق الإنسان للتجزئة وترابطهما. ومن شأن ذلك أن يحد بصورة كبيرة كذلك من قدرة المحاكم على حماية حقوق أضعف الفئات وأكثرها حرمانا في المجتمع أيضاً.

النفاذ التلقائي

11- لا ينفي العهد إمكانية اعتبار الحقوق الواردة فيه حقوقاً نافذة تلقائياً في النظم التي تنص عل ى هذا الخيار. والواقع أن المحاولات التي تم القيام بها خلال صياغة العهد لتضمينه حكما محددا ينص على اعتباره "غير نافذ تلقائيا" قد رفضت بشدة. وفي معظم الدول ستبت المحاكم، لا السلطة التنفيذية أو التشريعية، في مسألة ما إذا كان حكم من أحكام المعاهدات نافذاً تلقا ئياً. ولكي تنفذ هذه المهمة بفعالية ، يجب إطلاع المحاكم والهيئات القضائية المعنية على طابع وآثار العهد وعلى الدور الهام الذي تؤديه سبل الانتصاف القضائية في تنفيذه. وهكذا ينبغي للحكومات ، عند مشاركتها مثلا في إجراءات المحاكم ، أن تشجع تفسير القانون المحلي تفسير اً يُمكّنها من الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد. وبالمثل، ينبغي أن يأخذ التدريب القضائي في الاعتبار الكامل أهلية العهد لنظر المحاكم. ومما يكتسي أهمية خاصة تجنب كل افتراض مسبق بأنه ينبغي اعتبار هذه القواعد غير نافذة تلقائيا. والواقع أن الكثير منها مبين بعبارا ت هي على الأقل في مثل وضوح ودقة العبارات الواردة في معاهدات حقوق الإنسان الأخرى التي تعتبر المحاكم أحكامها بانتظام نافذة تلقائياً.

دال - معاملة العهد في المحاكم المحلية

12- يطلب من الدول ، في المبادئ التوجيهية التي وضعتها اللجنة بخصوص تقارير الدول ، أن تقدم معلومات عما "إذا كان من الممكن الاحتجاج بأحكام العهد أمام المحاكم أو غيرها من الجهات القضائية أو السلطات الإدارية وقيامها بإنفاذها مباشرة" ( 4 ) . وقد قدمت بعض الدول هذه المعلومات ولكن من اللازم إيلاء هذا الجانب مزيدا من الأهمية في التقارير المقبلة. وتطلب اللج نة، بصفة خاصة ، أن تقدم الدول الأطراف تفاصيل أية أحكام سابقة هامة صادرة عن المحاكم المحلية تكون قد استعانت بأحكام العهد.

13- ويتضح من المعلومات المتوفرة أن ممارسات الدول متفاوتة. وتلاحظ اللجنة أن بعض المحاكم طبقت أحكام العهد إما مباشرة وإما بوصفها معايير تف سيرية. وهناك محاكم أخرى مستعدة للاعتراف مبدئياً بفائدة العهد فيما يخص تفسير القانون المحلي لكن أثر العهد محدود جداً، من ناحية التطبيق، في تحليل القضايا أو نتائجها. و قد رفضت محاكم أخرى أن تعترف للعهد بأي سريان قانوني في القضايا التي حاول فيها أفراد الاستناد إليه. وما زال هناك مجال واسع لزيادة اعتماد المحاكم على العهد في معظم البلدان.

14- وينبغي للمحاكم، في حدود ممارسة وظائف المراجعة القضائية المنوطة بها على النحو ا لواجب ، أن تأخذ في الاعتبار الحقوق المنصوص عليها في العهد حيثما يكون ذلك ضروريا لضمان تماشي تصرّ ف الدولة مع التزاماتها بموجب العهد. ويتناقض إغفال المحاكم لهذه المسؤولية مع مبدأ سيادة القانون الذي يجب أن يفهم منه دائما أنه يشمل احترام الالتزامات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.

15- ومن المسلّم به عموما أنه يجب تفسير القانون المحلي، قدر المستطاع، بطريقة تتماشى مع الالتزامات القانونية الدولية للدولة. وهكذا، عندما يواجه أي صاحب قرار محلي أمر الاختيار بين تفسير للقانون المحلي يجعل الدولة تخالف العهد وتفسير يمكّن الدولة من الامتثال للعهد، ينص القانون الدولي على اختيار التفسير الأخير. وينبغي أن تفسر الضمانات ا لمتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، إلى أقصى حد ممكن، بطرق تيسر توفير حماية تامة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الحواشي

( 1 )E/1991/23، المرفق الثالث.

( 2 ) الأمم المتحدة، مجموعة المعاهدات، المجلد 1155، ص 331 من النص ال إ نكليزي.

( 3 ) عملاً بالفقرة 2 من المادة 2 من العهد، "تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن" جَعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا العهد "بريئةً من أي تمييز".

( 4 ) انظر الوثيقة E/1991/23، المرفق الرابع، الف صل ألف، الفقرة 1(د)`4`.

الدورة التاسعة عشرة ( 1998)*

التعليق العام رقم 10 : دور مؤسسات حقوق الإنسان الوطنية في حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

1- تلزم الفقرة 1 من المادة 2 من العهد كل دولة طرف بأن "تتخذ ما يلزم من خطوات لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق [المعترف بها في العهد] سالكة إلى ذلك جميع السبل المناسبة". وتلاحظ اللجنة أن أ حد هذه السبل، التي يمكن اتخاذ خطوات هامة من خلالها، هو عمل المؤسسات الوطنية ل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وفي السنوات الأخيرة تكاثرت هذه المؤسسات ولق ي هذا الاتجاه تشجيعا قويا من الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان. ووضع ت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق ا لإنسان برنامجاً رئيسياً لمساعدة الدول وتشجيعها فيما يخص المؤسسات الوطنية.

2- وتجمع هذه المؤسسات بين لجانٍ وطنية لحقوق الإنسان ومكاتب أمناء مظالم و"دعاة" المصلحة العامة أو غيرها من حقوق الإنسان ومدافعين عن الشعب (defensores del pueblo). وفي حالات كثيرة، أنش ئت هذه المؤسسات على يد الحكومة ، وهي تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأخذ في الاعتبار التام معايير حقوق الإنسان الدولية التي تنطبق على البلد المعني، و قد كلفت بأنشطة متنوعة ترمي إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. وأنشئت هذه المؤسسات في دول ذات ثقافات قانونية متباينة جداً، وبغض النظر عن وضعها الاقتصادي.

3- وتلاحظ اللجنة أن للمؤسسات الوطنية دوراً قد يكون بالغ الأهمية في تعزيز كافة حقوق الإنسان وضمان عدم قابليتها للتجزئة وترابطها. ومما يؤسف لـه أن هذه المؤسسات لم يُسنَد إليها في معظم الأحيان هذا الدور أو أنه قد تم تجاه ل ه أو إيلاؤه أولوية دنيا. ولذا فإنه من الضروري إيلاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العناية التامّة في جميع الأنشطة ذات الصلة التي تضطلع بها هذه المؤسسات. وتبين القائمة التالية أنواع الأنشطة التي يمكن أن تض طلع بها المؤسسات الوطنية فيما يخص هذه الحقوق، والتي سبق أن اضطلعت بها في بعض الحالات:

(أ) ترويج البرامج التعليمية والإعلامية الرامية إلى زيادة الوعي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتفهمها، بين السكان عموماً وفي أوساط مجموعات خاصة مثل الموظفين ال حكوميين وأعضاء السلطة القضائية والقطاع الخاص والحركة النقابية؛

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/1999/22.

(ب) إنعام النظر في القوانين والإجراءات الإدارية الموجودة، فضلاً عن مشاريع القوانين وغير ذلك من المقترحات لضمان تماشيها مع مقتضيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛

(ج) إسداء المشورة التقنية أو الاضطلاع بدراسات استقصائية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك بناء على طلب السلطات العامة أو الوكالات المختصة الأخرى؛

(د) تحديد معا يير على الصعيد الوطني يمكن است خدامها لقياس مدى الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في العهد؛

(ه‍) إجراء بحوث وتحقيقات للتأكد من إعمال بعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إما داخل الدولة ككل أو في أقاليم منها أ و فيما يخص المجموعات الضعيفة بصورة خاصة؛

(و) رصد إعمال حقوق محددة معت رف بها في العهد، وتقديم تقارير عن ذلك إلى السلطات العامة والمجتمع المدني؛

(ز) النظر في الشكاوى المتعلقة بمخالفات مزعومة لمعايير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السارية داخل البلد.

4- وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى العمل على أن تشمل الولايات الممن وحة لكافة مؤسسات حقوق الإنسان اهتماما مناسبا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وتطلب إلى الدول الأطراف أن تضمّن التقارير التي تقدمها إلى اللجنة تفاصيل بشأن كل من ولايات هذه المؤسسات وأنشطتها الرئيسية ذات الصلة.

الدورة العشرون (1999)*

التعليق العام رقم 11: خطط العمل من أجل التعليم الابتدائي (المادة 14)

1- تقتضي المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن تتعهد كل دولة أصبحت طرفاً في العهد ولم تكن قد تمكنت، حتى ذلك الحين، من كفالة إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته، بال قيام في غضون سنتين بوضع واعتماد خطة عمل مفصلة للتنفيذ الفعلي والتدريجي لمبدأ إلزامية التعليم الابتدائي ومجانيته للجميع خلال عدد معقول من السنين يحدد في الخطة.

2- وإن الحق في التعليم، المعترف به في المادتين 13 و14 من العهد، وكذلك في عدة معاهدات دولية أخرى م ثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، يتسم بأهمية حيوية. وقد جرى تصنيفه بعدة طرق مختلفة باعتباره حقاً اقتصادياً وحقاً اجتماعياً وحقاً ثقافياً. وفضلاً عن انطباق جميع هذه الصفات عليه، فإنه يمثل أيضاً حقاً مدنياً وحقاً سياسيا ً، لأنه أساسي للإعمال التام والفعال لهذين الحقين كذلك. وبالتالي فإن الحق في التعليم يعبر عن عدم تجزئة حقوق الإنسان كما يعبر عن ترابط هذه الحقوق جميعها.

ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/C.12/1999/4.

3- ويقع على عاتق كل دولة طرف، وفقاً لالتزامها الواضح والق اطع بموجب المادة 14، واجب تقديم خطة عمل إلى اللجنة، توضع على الأسس المحددة في الفقرة 8 أدناه. ولا بد من احترام هذا الالتزام احتراماً تاماً بالنظر إلى أن التقديرات تشير إلى أنه يوجد في البلدان النامية حالياً 130 مليون طفل ممن بلغوا سن الالتحاق بالمدارس دون أن يتاح لهم التعليم الابتدائي، وثلثاهم من البنات* وتدرك اللجنة إدراكاً تاماً أن عدة عوامل مختلفة قد جعلت من الصعب على دول أطراف تنفيذ التزامها المتعلق بتقديم خطة عمل. وعلى سبيل المثال، فإن برامج التكيف الهيكلي التي بدأت في السبعينات وأزمات الديون التي أعقب تها في الثمانينات والأزمات المالية في أواخر التسعينات، بالإضافة إلى عوامل أخرى، قد زادت بقدر كبير من حدة إنكار الحق في التعليم الابتدائي. بيد أن هذه الصعوبات لا يمكن أن تعفي الدول الأطراف من التزامها المتعلق باعتماد خطة عمل وتقديمها إلى اللجنة على النحو ال مذكور في المادة 14 من العهد.

4- فلخطط العمل التي تعدها الدول الأطراف في العهد وفقاً للمادة 14 أهمية خاصة، لا سيما لأن عمل اللجنة قد أظهر أن انعدام فرص التعليم للأطفال كثيراً ما يزيد من تعرضهم لشتى أشكال انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى. وعلى سبيل المثال، فإن ا لأطفال، الذين يعيشون حياة غير صحية في فقر مدقع، يكونون معرضين للسخرة وغيرها من أشكال الاستغلال. وفضلاً عن ذلك، هناك علاقة مباشرة مثلاً بين مستويات الالتحاق بالمدارس الابتدائية بالنسبة للبنات وانخفاض حالات زواج الأطفال.

5- وتنطوي المادة 14 على عدد من العنا صر التي تستحق أن يتم تناولها بقدر معين من التفصيل على ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة في فحص تقارير الدول الأطراف.

6- الإلزامية . يهدف عنصر الإلزام إلى إبراز أنه لا يحق للآباء ولا للأوصياء ولا للدولة النظر إلى القرار المتعلق بإتاحة التعليم الابتدائي للطفل ك ما لو كان قراراً اختيارياً. وهذا المتطلب يشدد أيضاً على حظر التمييز على أساس نوع الجنس فيما يتعلق بإتاحة التعليم، وذلك وفقاً للمادتين 2 و3 من العهد. ولكن ينبغي التأكيد على أن التعليم المتاح يجب أن يكون كافياً من حيث النوعية ووثيق الصلة باحتياجات الطفل، كما يجب أن يعزز إعمال حقوق الطفل الأخرى.

7- المجانية . إن طبيعة هذا المتطلب لا يشوبها لبس. فصيغة هذا الحق صريحة بحيث تكفل إتاحة التعليم الابتدائي مجاناً للطفل أو الآباء أو الأوصياء. ذلك أن فرض رسوم من جانب الحكومة أو السلطات المحلية أو المدرسة، بالإضافة إلى ا لتكاليف المباشرة الأخرى، يشكل عاملاً مثبطاً وحائلاً دون التمتع بالحق في التعليم، وقد يعرقل إعماله. وكثيراً ما يكون لـه أثر انتكاسي للغاية أيضاً. وإزالة هذه العقبة أمر يجب أن تعالجه خطة العمل المطلوبة. ويضاف إلى ذلك أن التكاليف غير المباشرة، مثل الضرائب الإ لزامية المفروضة على الآباء (التي يتم تصويرها أحياناً كما لو كانت طوعية ولكنها ليست طوعية في الواقع)، أو الإلزام بارتداء زي مدرسي موحد تكاليفه باهظة نسبياً، لها نفس الأثر المثبط. وهناك تكاليف غير مباشرة أخرى يمكن أن تكون مقبولة رهناً بفحص اللجنة لكل حالة عل ى حدة. وفضلاً عن ذلك، فإن إلزامية التعليم الابتدائي لا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع الحق المعترف به في الفقرة 3 من المادة 13 من العهد الذي يكفل للآباء والأوصياء "اختيار مدارس لأولادهم غير المدارس الحكومية".

8- اعتماد خطة تفصيلية . يُطلب من الدولة الطرف اعتم اد خطة عمل في غضون سنتين. ويجب أن يُفَسَّر هذا بأنه يعني اعتماد خطة في غضون سنتين من بدء نفاذ العهد بالنسبة للدولة المعنية أو في غضون سنتين من حدوث تغيير لاحق ـــــــــــــ

* انظر التقرير العام لليونيسيف، حالة أطفال العالم في عام 1999 .

في الظروف التي أدت إلى عدم احترام الالتزام ذي الصلة. فهذا الالتزام مستمر، علماً بأن الدول الأطراف التي ينطبق عليها الحكم نتيجة للوضع السائد ليست في حلٍّ من الالتزام نتيجة لعدم اتخاذها هذا الإجراء في الماضي في غضون فترة السنتين المحددة. ويجب أن تشمل الخطة جميع الإجراءات اللا زمة لتأمين كل جزء من الأجزاء المكوِّنة المطلوبة للحق، ويجب صياغتها بتفاصيل كافية لضمان إعمال الحق بصورة شاملة. ومشاركة جميع قطاعات المجتمع المدني في صياغة الخطة أمر حيوي، كما أن توفير بعض الوسائل لاستعراض التقدم المحرز دورياً وضمان إمكانية المساءلة أمر ضرو ري إذ بدون هذه العناصر ستضعف أهمية المادة.

9- الالتزامات . لا يمكن للدولة الطرف أن تتهرب من الالتزام القاطع باعتماد خطة عمل بحجة عدم توفر الموارد اللازمة لذلك. فإذا أمكن تفادي الالتزام بهذه الطريقة، فلن يكون هناك مبرر للشرط الصريح الوارد في المادة 14 والذي ينطبق بالتحديد تقريباً على الحالات المتميزة بعدم توفر موارد مالية كافية. وعلى هذا الأساس، وللسبب نفسه، فإن الإشارة إلى "المساعدة والتعاون الدوليين" في الفقرة 1 من المادة 2 وإلى "التدابير الدولية" في المادة 23 من العهد تنطبق على هذه الحالة بالتحديد. فمن ال واضح أنه من واجب المجتمع الدولي أن يقدم المساعدة في حالة افتقار دولة طرف افتقاراً واضحاً إلى الموارد المالية و/أو الخبرات المطلوبة من أجل "وضع واعتماد" خطة عمل تفصيلية.

10- الإعمال التدريجي . يجب توجيه خطة العمل نحو تأمين الإعمال التدريجي للحق في إلزامية ال تعليم الابتدائي ومجانيته بموجب المادة 14. ولكن المادة 14 - خلافاً للحكم الوارد في الفقرة 1 من المادة 2 - تحدد أن الموعد المستهدف يجـب أن يكون "خلال عدد معقول من السنين"، وأن الإطار الزمني يجب أن "يحدد في الخطة". وبعبارة أخرى، يجب أن تحدّد الخطة سلسلة مواعي د مستهدفة للتنفيذ بالنسبة لكل مرحلة من مراحل التنفيذ التدريجي للخطة. وهذا يبرز أهمية الالتزام المنشود وعدم مرونته نسبياً. وهناك حاجة أيضاً إلى التشديد في هذا الصدد على أن الالتزامات الأخرى للدولة الطرف، مثل عدم التمييز، يجب أن تنفذ تنفيذاً تاماً وفورياً.

1 1- وتطلب اللجنة إلى كل دولة طرف ينطبق عليها حكم المادة 14 أن تضمن الامتثال الكامل لشروطها وتقديم خطة العمل الموضوعة إلى اللجنة كجزء مكمل للتقارير المطلوبة بموجب العهد. وفي حالات مناسبة، تشجع اللجنة الدول الأطراف أيضاً على التماس المساعدة من الوكالات الدولي ة ذات الصلة، بما فيها منظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو واليونيسيف وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك فيما يتعلق بإعداد خطط العمل بموجب المادة 14 وتنفيذها لاحقاً. وتدعو اللجنة أيضاً الوكالات الدولية ذات الصلة إلى مساعدة الدو ل الأطراف إلى أقصى حد ممكن على تنفيذ التزاماتها تنفيذاً سريعاً.

الدورة العشرون ( 1999) *

التعليق العام رقم 12 : الحق في الغذاء الكافي (المادة 11)

مقدمة ومنطلقات أساسية

1- إن حق الإنسان في الغذاء الكافي معترف به في العديد من الصكوك بموجب القانون الدولي. والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعنى بصورة أشمل من أي صك آخر بهذا الحق. فطبقاً ــــــــــــ

* وارد في الوثيقة E/C.12/1999/5.

للمادة 11-1 من هذا العهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف ل ـ ه ولأسرته يوفر ما يفي بحاجتهم من الغـذاء، والكساء، والمأوى وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية"، بينما تعترف، طبقاً للمادة 11-2، بأن تدابير أكثر استعجالاً وإلحاحاً قد تلزم لتأمين "الحق الأساسي في التحرر من الجوع وسوء التغذية". وحق الإنسان في الغذاء الكافي يتسم بأهمية حاسمة بالنسبة ل لتمتع بجميع الحقوق. فهو ينطبق على كل فرد ومن ثم فإن الإشارة في المادة 11-1 إلى "لنفسه ولأسرته" لا تعني أي تقييد لانطباق هذا الحق على الأفراد أو على ربات الأسر.

2- وقد قامت اللجنة بتجميع معلومات ذات أهمية تتصل بالحق في الغذاء الكافي من خلال دراستها لتقارير الدول الأطراف خلال السنوات منذ عام 1979 ولاحظت اللجنة أنه برغم ما يتوفر من مبادئ توجيهية لتقديم التقارير المتصلة بالحق في الغذاء الكافي ، لم تقم سوى قلة من الدول بتوفير معلومات وافية وعلى درجة من الدقة تمكِّن اللجنة من الوقوف على الحالة السائدة في البلدان ا لمعنية فيما يخص هذا الحق وتحديد العراقيل التي تعترض إعماله. ويهدف هذا التعليق العام إلى تحديد بعض القضايا الرئيسية التي تراها اللجنة ذات أهمية فيما يتصل بالحق في الغذاء الكافي. وكان الباعث على إعداده طلب الدول الأعضاء أثناء مؤتمر القمة العالمي للأغذية المع قود عام 1996 الداعي إلى تحديد أفضل للحقوق المتصلة بالغذاء و الواردة في المادة 11 من العهد وطلب خاص إلى اللجنة بإيلاء بالغ الاهتمام لخطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة في معرض رصد تنفيذ التدابير المحددة التي تنص عليها المادة 11 من العهد.

3- واستجابة لهذين الطل بين، استعرضت اللجنة التقارير والوثائق ذات الصلة الصادرة عن لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات والمتعلقة بالحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان، وكرست يوماً لإجراء مناقشة عامة لهذه القضية في دورتها السابعة عشرة المعقود ة في عام 1997 آخذة بعين الاعتبار مشروع المدونة الدولية لقواعد السلوك بشأن حق الإنسان في الغذاء الكافي الذي أعدته المنظمات غير الحكومية الدولية، وشاركت في اجتماعين تشاوريين للخبراء بشأن الحق في الغذاء الكافي بوصفه حقاً من حقوق الإنسان نظمتهما مفوضية الأمم ا لمتحدة . السامية لحقوق الإنسان في جنيف في شهر كانون الأول/ديسمبر 1997، وفي روما في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1998 واشتركت في استضافة هذين الاجتماعين منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وقد أحاطت اللجنة علماً بالتقريرين النهائيين الصادرين عنهما. وفي نيسان/أب ريل 1999 اشتركت اللجنة في ندوة بعنوان "جوهر النهج الذي تمليه حقوق الإنسان وأساليبه السياسية في تناول السياسات العامة والبرامج المتعلقة بالأغذية وسوء التغذية"، نظمته اللجنة الفرعية المعنية بالتغذية المنبثقة عن لجنة التنسيق الإدارية التابعة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والعشرين المعقودة في جنيف واستضافتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.

4- و تؤكد ا للجنة أن الحق في الغذاء الكافي يرتبط ارتباطاً لا انفصام فيه بالكرامة المتأصلة في الإنسان ، وهو حق لا غنى عنه للتمتّع بحقوق الإنسان الأخرى المكرسة في ال شرعة الدولية لحقوق الإنسان. ولا يمكن أيضاً فصل هذا الحق عن العدالة الاجتماعية ، وهو يستلزم انتهاج السياسات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية الملائمة على الصعيدين الوطني والدولي الموجهة نحو القضاء على الفقر وإعمال كافة حقوق الإنسان للجميع.

5- وبالرغم من أن ال مجتمع الدولي قد أعاد التأكيد مراراً على أهمية الاحترام الكامل للحق في الغذاء الكافي، لا تزال هناك فجوة مثيرة للانزعاج تفصل بين المستويات المحددة في المادة 11 من العهد والحالة السائدة في العديد من أنحاء العالم. فهناك ما يزيد على 840 مليون شخص في أنحاء العال م، معظمهم في البلدان النامية، يعانون من الجوع المزمن، و هناك ملايين الأشخاص يعانون من المجاعة نتيجة للكوارث الطبيعية ولتزايد الصراعات الأهلية والحروب في بعض المناطق واستخدام الغذاء كسلاح سياسي. وتلاحظ اللجنة أنه برغم ما تتسم به مشاكل المجاعة وسوء التغذية في البلدان النامية من حدة بالغة في الكثير من الأحيان ، فإن مشاكل سوء التغذية ونقص التغذية وغير ذلك من المشاكل ذات الصلة بالحق في الغذاء الكافي والحق في التحرر من الجوع تواجه في بعض أكثر البلدان تقدماً من الناحية الاقتصادية. وجذور مشكلة الجوع وسوء التغذية لا ت كمن أساساً في الافتقار إلى الأغذية بل إنها تكم ن في حرمان قطاعات كبيرة من السكان في العالم من سبيل الحصول على الغذاء وذلك لأسباب منها الفقر.

المضمون المعياري للمادة 11، الفقرتان 1 و2

6- يتم إعمال الحق في الغذاء الكافي عندما يتاح مادياً واقتصادياً لكل رجل وا مرأة وطفل بمفرده أو مع غيره من الأشخاص، في كافة الأوقات، سبيل الحصول على الغذاء الكافي أو وسائل شرائه. ولذلك لا ينبغي تفسير الحق في الغذاء الكافي تفسيراً ضيقاً يقصره على تأمين الحد الأدنى من الحريرات والبروتينات وغير ذلك من العناصر المغذية المحددة. إذ سيلز م إعمال الحق في الغذاء الكافي بصورة تدريجية. بيد أن الدول ملزمة أساساً باتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من أثر الجوع على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 11 حتى في أوقات الكوارث الطبيعية.

كفاية واستدامة توفر الغذاء وسبيل الحصول عليه

7- لمفهوم الكفاي ة أهمية خاصة فيما يتصل بالحق في الغذاء لأنه يستخدم لإبراز عدد من العوامل التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الأغذية أو النظم الغذائية المتاحة يمكن أن تعتبر في ظروف معينة أنسب الأنواع لأغراض المادة 11 من العهد. ومفهوم الاستدامة مرتبط ارتباطاً لا انفصا م فيه بمفهوم الغذاء الكافي أو الأمن الغذائي، فهو ينطوي على إمكانية الحصول على الغذاء حاضراً ولأجيال المستقبل على حد سواء. والمعنى الدقيق لكلمة "كفاية" يتحدد إلى مدى بعيد بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمناخية والإيكولوج ية وغيرها من الأوضاع السائدة ، في حين أن "الاستدامة" تنطوي على مفهوم توفر الغذاء وإمكان الحصول عليه في الأجل الطويل.

8- وترى اللجنة أن المضمون الأساسي للحق في الغذاء الكافي يعني ما يلي:

توفر الغذاء بكمية ونوعية تكفيان لتلبية الاحتياجات التغذوية للأفراد ، وخل و الغذاء من المواد الضارة وكونه مقبولاً في سياق ثقافي معين؛

وإمكانية الحصول على الغذاء بطرق تتسم بالاستدامة ولا تعطل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.

9- والاحتياجات التغذوية تعني أن النظام الغذائي ككل يتضمن خليطاً من المغذيات اللازمة للنمو الجسمي والنفسي، ولنم اء وتطور النشاط البدني . وتكون هذه المغذيات متمشية مع الاحتياجات الفيزيولوجية البشرية في جميع مراحل الحياة ووفقاً لنوع الجنس والمهنة. ولذلك قد تدعو الحاجة لاتخاذ تدابير لإدامة وتطويع وتعزيز التنوع التغذوي والاستهلاك الملائم ونماذج الرضاعة بما في ذلك الرضاعة الطبيعية مع تأمين كون التغييرات فيما يتوفر ويتاح الحصول عليه من الأغذية كحد أدنى لا يؤثر تأثيراً سلبياً على التركيبة التغذوية والم تناول من الغذاء.

10- الخلو من المواد الضارة يحدد اشتراطات للسلامة الغذائية وجملة من التدابير الوقائية التي تتخذ بوسائل عامة و خاصة لمنع تلوث المواد الغذائية بشوائب و/أو بسبب انعدام الشروط البيئية الصحية أو المناولة غير السليمة في مختلف المراحل التي يمر بها إنتاج الأغذية، ويجب الحرص على تحديد وتجنب وتدمير التكسينات التي تحدث في الطبيعة.

11- مقبولية الغذاء من الوجهة الثقافية أو وجه ة نظر المستهلك تعني الحاجة إلى أن تؤخذ بعين الاعتبار، قدر المستطاع، قيم مستشفة غير العناصر المغذية . وترتبط هذه القيم بالغذاء و اهتمامات المستهلك المستنير فيما يتعلق بطبيعة الإمدادات الغذائية المتاحة.

12- توافر الأغذية يشير إلى الإمكانيات التي تيسر إما تغذية الفرد لنفسه مباشرة بالاعتماد على الأرض المنتجة أو الموارد الطبيعية الأخرى أو على نظم التوزيع والتجهيز والتسويق العاملة بشكل سليم والتي ي مكن أن تنقل الغذاء من موقع الإنتاج إلى الموقع الذي ت وجد فيه الحاجة إلى الغذاء بحسب الطلب.

13- إمكانية الحصول على الغذاء تشمل الإمكاني ة الاقتصادية والمادية على حد سواء:

فالإمكانية الاقتصادية تعني أن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية التي ترتبط ب الحصول على الأغذية من أجل تأمين نظام غذائي كاف يلزم أن تكون بالمستوى الذي لا يهدد الوفاء بالاحتياجات الأساسية الأخرى. والإمكانية الاقتصادية لتأمين الغذاء تنطبق على أي نمط من أنماط الحصول على الأغذية أو أهلية ا لحصول عليها وبها يقاس مدى ما يتحقق من التمتع بالحق في الغذاء الكافي. والمجموعات الضعيفة اجتماعياً مثل الأشخاص الذين لا يملكون أراض ٍ أو غيرهم من قطاعات السكان التي تعاني من الفق ر الشديد قد تحتاج إلى عناية توفرها برامج خاصة.

والإمكانية المادية للحصول على الغذاء تعني أن الغذاء الكافي يجب أن يكون متاحاً لكل فرد ، بما في ذلك الأفراد ضعاف الجسم مثل الرضع والأطفال الصغار والمسنين والمعاقين بدنياً والمصابين بأمراض لا شفاء منها والأشخاص ا لذين يعانون مشاكل صحية مزمنة بمن فيهم المرضى عقلياً. وقد يحتاج ضحايا الكوارث الطبيعية وغيرهم من الأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من المجموعات المحرومة بشكل خاص لعناية خاصة وبعض الاهتمام ذي الأولوية فيما يتعلق بالحصول على الغذاء. وهناك ضعف خاص يعانيه الكثير من مجموعات السكان الأصليين الذين تكتنف الأخطار سبيل وصولهم إلى أراضي أجدادهم .

الالتزامات والانتهاكات

14- إن طبيع ـ ة الالتزام ـ ات القانونية التي تتعهد بها الدول مبينة في المادة 2 من العهد وقد تناولها التعليق العام 3 للجنة (1990). والالتزام الرئيسي يتمثل في اتخاذ خطوات تسمح، تدريجيا ً ، بالإعمال الكامل للحق في الغذاء الكافي . وهذا الأمر يفرض التزاما بالتقدم بأسرع ما يمكن نحو بلوغ هذا الهدف. وكل دولة ملزمة بأن تضمن لكل فرد يخضع لولايتها القضائية الحصول على الحد الأدنى من الغذاء الأساسي يكون كافيا ومغذيا بصورة مناسبة ومأمونة، وأن تضمن تحرر الفرد من الجوع.

15- والحق في الغذاء الكافي ، مثل أي حق آخر من حقوق الإنسان ، يفرض على الدول الأطراف ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات هي: الالتزامات بالاحترام ، والحماية، وبالإعمال . والالتزام بالإعمال بدوره يشمل

الالتزام بالتسهيل والالتزام بالتوفير * . والالتزام باحترام السبيل المتوفر للحصول على الغذاء الكافي يستلزم من الدول الأطراف ألا تتخذ أي تدابير تسفر عن الحؤول دونه. والالتزام بالحماية يستلزم أن تتخذ الدولة تدابير لضمان عدم قيام أفراد أو شركات بحرمان الأفراد من الحصول على الغذاء الكافي . والالتزام بالوفاء يعني أنه يجب أن تشارك الدولة بفعالية في الأنشطة المقصود منها أن تعزز وصول الناس إلى موارد ووسائل ضمان مقومات عيشهم، بما في ذلك الأمن الغذائي، واستخدام تلك الموارد والوسائل. وأخيراً، وكلما عجز فرد أو جماعة، لأس باب خارجة عن نطاق إرادتهما، عن التمتع بالحق في الغذاء الكافي بالوسائل المتاحة للفرد أو الجماعة، يقع على عاتق الدول التزام بأن تفي بذلك الحق مباشرة. ويسري هذا الالتزام أيضا على الأشخاص ضحايا الكوارث الطبيعية أو غيرها من الكوارث.

16- و ل بعض التدابير ، على هذه المستويات المختلفة من التزامات الدول الأطراف ، طبيعة عاجلة، بينما تكتسي تدابير أخرى الصبغة الأطول أجلا للتوصل تدريجيا إلى الإعمال الكامل للحق في الغذاء.

17- وت حدث انتهاكات للعهد عندما تقصر الدولة عن الوفاء، على أقل تقدير، بالحد الأساسي الأدنى المطلوب ليكون الفرد متحررا من الجوع. ولدى تحديد أي فعل أو إ غفال لفعل يعدّ انتهاكا للحق في الغذاء، من الأهمية بمكان التمييز بين عجز الدولة الطرف عن الوفاء بالتزاماتها وعدم استعدادها لذلك. وإذا ادعت دولة طرف أن القيود المفروضة على الموارد تجعل من المستحيل عليها أن توفر ال غذاء للعاجزين عن توفيره بأنفسهم ، يجب أن تثبت الدولة أنها بذلت قصارى الجهد من أجل استخدام كل الموارد الموجودة تحت تصرفها في سبيل الوفاء، على سبيل الأولية، بهذه الالتزامات الدنيا. وهذا أمر مترتب على المادة 2-1 من العهد التي تلزم الدولة باتخاذ ما يلزم من خطوا ت "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة"، حسبما سبق للجنة أن أشارت إليه في تعليقها العام 3، الفقرة 10. وبالتالي، فإن الدولة التي تدعي بأنها عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها لأسباب خارجة عن إرادتها تتحمل عبء إثبات ذلك و إثبات أنها التمست ، بلا جدوى ، الحصول على الدعم ا لدولي لضمان توافر الغذاء الكافي وإمكانية الحصول عليه.

18- وبالإضافة إلى ذلك، يعد انتهاكا للعهد أي تمييز في الحصول على الغذاء، وفي وسائل واستحقاقات الحصول عليه، على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو السن، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياس ي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب، يكون غرضه أو أثره إلغاء أو إعاقة تكافؤ التمتع بالحقوق الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو ممارستها.

19- وت حدث انتهاكات الحق في الغذاء من خلال العمل المباشر الذي تقوم به الدول أو كيانات أخرى لا تخضع الخضوع الكافي للوائح الدولة. وتشمل هذه الانتهاكات ما يلي: إلغاء أو تعليق العمل رسميا بالتشريع اللازم لاستمرار التمتع بالحق في الغذاء؛ و حرمان أفراد أو جماعات من الحصول على الغذاء، سواء كان التمييز مستندا إلى التشريع أو تمييزا ً استباقياً ؛ و منع الحصول على المساعدة الغذائية الإنسانية في المنازعات الداخلية أو في حالات ـــــــــــــ

* تم أصلاً اقتراح ثلاثة مستويات للالتزامات: الاحترام، والحماية، والمساعدة/الوفاء. (انظر الوثيقة المعنونة "الحق في الغذاء الكافي بوصفه حقا من حقوق الإنسان"، سلسلة الدراسات، العدد 1، نيويورك، 1989، م نشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع A.89.XIV.2). تم اقتراح المستوى الوسيط ل‍ "التيسير" كفئة حددتها اللجنة، لكن اللجنة قررت الاحتفاظ بالمستويات الثلاثة للالتزامات.

الطوارئ الأخرى؛ و اعتماد تشريعات أو سياسات تتعارض بشكل واضح م ع الالتزامات القانونية القائمة سابقاً و المتصلة بالحق في الغذاء؛ والتقصير في تنظيم أنشطة الأفراد أو الجماعات على النحو الذي يمنعهم من انتهاك حق الغير في الغذاء، أو تقصير الدولة في مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الغذاء عندما تبرم اتف اقات مع دول أو منظمات دولية أخرى.

20- و في حين أن الأطراف في العهد هي الدول دون سواها وهي بالتالي المسؤولة في النهاية عن الامتثال للعهد، فإن كل أفراد المجتمع الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك قطاع الأعما ل التجارية الخاص يتحملون مسؤوليات في مجال إعمال الحق في الغذاء الكافي . وينبغي أن تهيىء الدولة بيئة تسهل تنفيذ هذه المسؤوليات. وينبغي أن يواصل قطاع الأعمال التجارية الخاص الوطني والدولي أنشطته في إطار مدونة لقواعد السلوك تؤدي إلى احترام الحق في الغذاء ال كافي ويتفق عليها بالاشتراك بين الحكومة والمجتمع المدني.

التنفيذ على الصعيد الوطني

21- إن أنسب الوسائل والأساليب لإعمال الحق في الغذاء الكافي تتفاوت حتما تفاوتاً كبيراً من دولة إلى أخرى ويكون لكل دولة طرف هامش استنتسابي في اختيار مناهجها الخاصة، غير أن ا لعهد يشترط بوضوح أن تتخذ كل دولة طرف ما يلزم من خطوات لتضمن لكل فرد التحرر من الجوع وأن يتمكن الفرد في أقرب وقت ممكن من التمتع بالغذاء ا لكافي . ويستلزم هذا الأمر اعتماد استراتيجية وطنية لضمان الأمن الغذائي والتغذوي للجميع، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان الت ي تحدد الأهداف، وتصميم سياسات وما يقابلها من مقاييس. وينبغي أيضا أن تحدد الاستراتيجية الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف وأنجع وسائل استخدامها من حيث التكلفة.

22- وينبغي أن تستند الاستراتيجية إلى تحديد منهجي لتدابير السياسة العامة والأنشطة ذات الصلة بالحالة وال سياق، على النحو المستمد من المضمون المعياري للحق في الغذاء والمبين فيما يتصل بمستويات وطبيعة التزامات الدول الأطراف في الفقرة 15 من هذا التعليق العام. وسيسهل هذا الأمر التنسيق بين الوزارات والسلطات الإقليمية والمحلية ويضمن امتثال القرارات السياسية والإداري ة للالتزامات المبينة في المادة 11 من العهد.

23- ويستلزم تصميم وتنفيذ الاستراتيجيات الوطنية المعنية بالحق في الغذاء الامتثال الكامل لمبادئ المساءلة، والشفافية، والمشاركة الجماهيرية، واللامركزية، والأهلية التشريعية واستقلال السلطة القضائية. وحسن التدبير لازم لإعمال كل حقوق الإنسان، بما فيها القضاء على الفقر وضمان معيشة مرضية للجميع.

24- وينبغي تصميم آليات مؤسسية مناسبة لضمان اتباع عملية ذات صبغة تمثيلية في صياغة استراتيجية، تستند إلى كل ما يتاح من خبرة وطنية متصلة بالغذاء والتغذية. وينبغي أن تبين الاستراتيجية المسؤوليات والإطار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة.

25- وينبغي أن تتناول الاستراتيجية قضايا وتدابير حاسمة إزاء كل جوانب نظام الأغذية، بما في ذلك إنتاج الغذاء المأمون وتجهيزه وتوزيعه وتسويقه واستهلاكه، وكذلك تدابير موازية في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل و الضمان الاجتماعي. وينبغي الحرص على ضمان إدارة واستغلال الموارد الطبيعية وغيرها من موارد الغذاء، على المستويات الوطني ة والإقليمي ة والمحلي ة و على مستوى الأسرة المعيشية، بشكل يتصف بأقصى قدر من الاستدامة.

26- وينبغي أن تولي الاستراتيجية عناية خاصة لضرورة منع ال تمييز في مجال الحصول على الغذاء أو الموارد الغذائية. وينبغي أن يشمل هذا ما يلي: ضمانات الوصول الكامل والمتكافئ إلى الموارد الاقتصادية، ولا سيما لصالح النساء ، بما في ذلك الحق في الإرث وملكية الأرض وغير ذلك من الممتلكات، والائتمان، والموارد الطبيعية والتكنول وجيا المناسبة؛ وتدابير احترام وحماية العمالة الذاتية والعمل الذي يتيح أجرا يضمن للأجير وأسرته عيشا كريما (على النحو المنصوص عليه في المادة 7 (أ) ‘2’ من العهد)؛ و مسك سجلات عن الحقوق المتصلة بالأرض (بما في ذلك الغابات).

27- وينبغي للدول الأطراف، كجزء من التزا ماتها بحماية قاعدة الموارد الغذائية للسكان، أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان تمشي أنشطة قطاع الأنشطة التجارية الخاص والمجتمع المدني مع الحق في الغذاء.

28- وحتى في الحالات التي تواجه فيها الدولة قيودا شديدة على الموارد، سواء بسبب عملية تكيف اقتصادي، أو انتكاس اقتصادي، أو ظروف مناخية أو غير ذلك من العوامل، ينبغي اتخاذ تدابير لضمان إعمال الحق في الغذاء الكافي خاصّة لصالح الضعفاء من ال مجموعات السكانية والأفراد.

المعايير والتشريع الإطاري

29- يتعين على الدول ، عند تنفيذ الاستراتيجيات المحددة للبلد المشار إليها أعلاه ، أن تضع معايير للمراقبة اللاحقة على المستويين الوطني والدولي يمكن التحقق منها. وفي هذا الصدد، يتعين على الدول أن تنظر في اعتماد قانون إطاري كأداة أساسية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالحق في الغذاء . وينبغي أن يتضمن القانون الإطاري أحكاماً تتعلق بغ رضه؛ و الأهداف أو المقاصد المنشودة والإطار الزمني الواجب تحديده لبلوغها و وصف الطرق المستخدمة لبلوغ هذا الهدف، ولا سيما التعاون المستصوب مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ و المؤسسية عن هذه العملية؛ والآليات الوطنية لرصدها، وكذلك الإجراءات الم مكنة لطلب الاستعانة. ويتعين على الدول الأطراف ، عند وضع المعايير والتشريع الإطاري ، أن تُشرك بصورة نشيطة منظمات المجتمع المدني.

30- ويتعين على برامج ووكالات الأمم المتحدة المعنية أن تقدم المساعدة ، عند الطلب، في صياغة التشريع الإطاري وتنقيح التشريع القطاعي. ف لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ، مثلاً، دراية كبيرة ومعلومات متراكمة تتعلق بالتشريعات في مجالي الأغذية والزراعة. كما تتوفر لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) دراية مماثلة بشأن ال تشريعات المتعلقة بالحق في الغذاء الكافي للرضع والأطف ال الصغار من خلال حماية الأم والطفل، بما في ذلك تشريعات تسمح بالرضاعة الطبيعية وتتعلق بتنظيم تسويق بدائل لبن الأم.

عمليات الرصد

31- ينبغي للدول الأطراف أن تضع وتطوِّر آليات لرصد التقدم المحرز نحو إعمال الحق في غذاء كافٍ للجميع، وتحديد العوامل والصعوبات الت ي تؤثر في مستوى تنفيذ التزاماتها، وتيسير اعتماد تشريعات تصحيحية وتدابير إدارية، بما في ذلك تدابير لتنفيذ التزاماتها بموجب المادتين 2-1 و23 من العهد .

سبل الانتصاف والمساءلة

32- ينبغي أن يكون بإمكان من يقع من الأشخاص أو المجموعات ضحية لانتهاك الحق في غذاء كا فٍ الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعالة أو غيرها من سبل الانتصاف الملائمة على المستويين الوطني والدولي معاً. ويحق لجميع ضحايا مثل هذه الانتهاكات الحصول على تعويض مناسب قد يتخذ شكل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، أو التعويض أو الترضية أو تقديم ضمانات بعدم التك رار. ويتعين على أمناء المظالم ولجان حقوق الإنسان على المستوى الوطني أن يعالجوا انتهاكات الحق في الغذاء.

33- ومن شأن إدراج صكوك دولية تعترف بالحق في الغذاء في النظام القانوني المحلي، أو الاعتراف بتطبيقها، أن يعزز بصورة ملحوظة نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وي نبغي تشجيعه في جميع الحالات. وعندئذ يمكن إسناد صلاحيات إلى المحاكم للفصل في انتهاكات المضمون الأساسي للحق في الغذاء بالرجوع مباشرة إلى الالتزامات المنصوص عليها في العهد.

34- و إن القضاة وغيرهم من ممارسي المهنة القضائية مدعوون إلى إيلاء انتهاكات الحق في الغذ اء المزيد من الاهتمام عند ممارستهم لمهامهم.

35- ويتعين على الدول الأطراف أن تحترم وتحمي عمل مناصري حقوق الإنسان وغيرهم من أفراد في المجتمع المدني الذين يقدمون المساعدة إلى المجموعات الضعيفة لتحقيق تمتعها بالحق في الغذاء الكافي.

الالتزامات الدولية

الدول الأ طراف

36- يتعين على الدول الأطراف، طبقاً لروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والنصوص المحددة الواردة في المادتين 11، 2(أ) و23 من العهد وإعلان روما الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية، أن تعترف بالدور الهام للتعاون الدولي وأن تفي بالتزاماتها المتمثلة في اتخاذ إ جراءات مشتركة ومنفصلة لبلوغ هدف التحقيق الكامل للتمتع بالحق في غذاء كاف. ويتعين على الدول الأطراف، عند الامتثال ل التزاماتها، أن تتخذ الخطوات اللازمة لاحترام التمتع بالحق في الغذاء في بلدان أخرى، ولحماية ذلك الحق، ولتيسير الحصول على الغذاء ولتوفير ا لمساعدة اللازمة عند الطلب. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاعتبار الواجب للحق في غذاء كافٍ في الاتفاقات الدولية حيثما تكون ل ـ ه صلة بالموضوع، وأن تنظر في صياغة مزيد من الصكوك القانونية الدولية لتحقيق هذا الغرض.

37- ويتعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جمع الأوقات عن فرض حظر على الغذاء أو اتخاذ تدابير مشابهة تعرّض للخطر ظروف إ نتاج الغذاء والحصول عليه في بلدان أخرى. فينبغي ألا يستخدم الغذاء مطلقاً كأداة لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها المشار إليه في التعليق العام رقم 8 بشأن العلاقة بين الجزاءات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الدول والمنظمات الدولية

38- ينص ميثاق الأمم المتحدة على أنه تقع على عاتق الدول مسؤولية مشتركة ومنفردة عن التعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ، بما في ذلك مساعدة اللاجئين والمشردين بصورة دائمة. ويتعين على كل دولة أن تسهم في هذه المهمة وفقاً لقدراتها. ويؤدي برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبصورة متزايدة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمة الأ مم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) دوراً هاماً في هذا الصدد وينبغي تعزيزه. وينبغي إيلاء الأولوية في المساعدة الغذائية إلى أضعف فئات السكان.

39- وينبغي أن تقدم المساعدة الغذائية، كلما كان ذلك ممكناً، بطرق لا تؤثر سلباً على المنتجين المحليين والأسواق المحلي ة، وينبغي تنظيمها بطرق تيسر عودة المستفيدين منها إلى الاعتماد على الذات في توفير الغذاء. وينبغي أن تستند مثل هذه المساعدة إلى احتياجات المستفيدين المستهدفين، ويجب أن تكون المنتجات التي تشملها التجارة الدولية في ا لأغذية أو برامج المساعدة منتجات سليمة ومقبول ة في السياق الثقافي للسكان المستفيدين.

الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى

40- و إن ل دور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه في إطار المساعدة الإنمائية التي توفرها الأمم المتحدة على الصعيد القطري، في تعزيز التمتع بالحق في الغذاء أهمية خاصة. وينبغي المحافظة على الجهود المنسقة المبذولة لتحقيق التمتع بالحق في الغذاء بغية تعزيز الانسجام والتفاعل فيما بين جميع الفاعلين المعنيين، بمن فيهم مختلف عناصر المجتمع المدني. ويتعين على المنظمات المعنية بالغذاء، وهي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وبر نامج الأغذية العالمي ، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، أن تقوم بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، بالتعاون بصورة أكثر فعالية، وذلك بالاعتماد على خبراتها في مجال إ عمال الحق في الغذاء على المستوى الوطني مع المراعاة الواجبة لولاية كل منها.

41- ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أن تولي حماية الحق في الغذاء اهتماماً متزايداً في سياساتها المتعلقة بالقروض واتفاقاتها المتعلقة با لائتمان وفي التدابير الدولية التي تتخذها لمواجهة أزمة الديون. وينبغي توخي الحذر ، تمشياً مع الفقرة 9 من التعليق العام رقم 2 للجنة، في أي برنامج للتكيف الهيكلي لضمان حماية الحق في الغذاء.

الدورة الحادية والعشرون ( 1999)

التعليق العام رقم 13 : الحق في التعليم ( المادة 13)

1- إن الحق في التعليم هو في حد ذاته ح ق من حقوق الإنسان، وهو في نفس الوقت وسيلة لا غنى عنها لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. والتعليم، بوصفه حقاً تمكينياً، هو الأداة الرئيسية التي يمكن بها للكبار والأطفال المهمَّشين اقتصادياً واجتماعياً أن ينهضوا بأنف سهم من الفقر وأن يحصلوا على وسيلة المشاركة مشاركة كاملة في مجتمعاتهم. وللتعليم دور حيوي في تمكين المرأة، وحماية الأطفال من العمل الاستغلالي الذي ينطوي على مخاطر، وكذلك من الاستغلال الجنسي، وفي ت عزيز حقوق الإنسان والديمقراطية، وحماية البيئة، والحد من نمو ال سكان. ويُعترف بالتعليم بشكل متزايد بوصفه واحداً من أفضل الاستثمارات المالية التي يمكن للدول أن تستثمرها. ولكن أهمية التعليم ليست أهمية عملية وحسب، فالعقل المثقف والمستنير والنشط القادر على أن ينطلق بحرية وإلى أبعد الحدود هو عقل ينعم بمسرّات الوجود ونعمه .

2 - والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يخصص مادتين للحق في التعليم هما المادة 13 والمادة 14. والمادة 13، التي هي أطول ما نص عليه العهد من أحكام، هي المادة الأبعد مدى والأكثر شمولاً بشأن الحق في التعليم في قانون حقوق الإنسان الدولي. ولقد اعتمدت اللجنة بالفعل التعليق العام رقم 11 على المادة 14(خطط العمل للتعليم الابتدائي)؛ والتعليم العام رقم 11 وهذا التعليق العام يكمّل أحدهما الآخر، ويجب النظر فيهما في آن واحد معاً. واللجنة تدرك أن التمتع بالحق في التعليم يظل، بالنسبة للملايين من الأشخ اص في جميع أنحاء العالم ، هدفاً بعيد المنال. وبالإضافة إلى ذلك ، أصبح هذا الهدف، في حالات عديدة، بعيداً بشكل متزايد. واللجنة تدرك أيضاً الحواجز الهيكلية الهائلة وغيرها من الحواجز التي تعرقل التنفيذ الكامل للمادة 13 في العديد من الدول الأطراف.

3 - وبغية مساعدة الدول الأطراف على تنفيذ العهد والاضطلاع بالتزاماتها فيما يتصل بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون التقنيني للمادة 13 (الجزء الأول، الفقرات 4-42)، وبعض الالتزامات الناتجة عن ذلك (الجزء الثاني، الفقرات 43-57)، وبعض الانتهاكات المذكورة على سب يل الإرشاد (الجزء الثاني، الفقرتان 58 و59). ويقدم الجزء الثالث ملاحظات موجزة حول التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف. ويستند التعليق العام إلى تجربة اللجنة في دراسة تقارير الدول الأطراف على مدى عدة أعوام.

1 - المضمون المعياري للمادة 13

المادة 13(1): أ هداف التعليم وأغراضه

4- توافق الدول الأطراف على أن أي تعليم، سواء كان عاماً أو خاصاً رسمياً أو غير رسمي، يجب أن يكون موجهاً نحو تحقيق الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1). وتلاحظ اللجنة أن هذه الأهداف التعليمية تعكس الأغراض والمبادئ الأساسية للأمم المت حدة المكرسة في المادتين 1 و2 من الميثاق. وهي توجد أيضاً في أغلبها في المادة 26(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولو أن المادة 13(1) تضيف إلى الإعلان ثلاثة جوانب هي: يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو " الإحساس بكرامة" الشخصية الإنسانية، ويجب "تمكين كل شخص م ن الإسهام بدور نافع في مجتمع حر"، ويجب أن يشجع التفاهم بين جميع الفئات "الإثنية" وكذلك الأمم والمجموعات العرقية والدينية. ولعلّ "وجوب توجيه التعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية" هو أ هم الأهداف الأ ساسية من بين الأهداف التعليمية ال مشتركة بين المادة 2 6(2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 13(1) من العهد.

5- وتلاحظ اللجنة أنه منذ اعتماد الجمعية العامة للعهد في عام 1966 حدّدت صكوك دولية أخرى ، بمزيد من التفصيل ، الأهداف التي يجب أن يكون التعليم موجهاً نحو تحقيقها. ووفقاً لذلك ترى اللجنة أن الدول الأ طراف مطالبة بالسهر على أن يكون التعليم متفقاً مع الأهداف والأغراض المحددة في المادة 13(1)، كما هي مفسرة في ضوء الإعلان العالمي حول التربية للجميع (جومتيين، تايلند، 1990) (المادة 1)، واتفاقية حقوق الطفل (المادة 29(1))، وإعلان وبرنامج عمل فيينا (الجزء الأول، الفقرة 33 والجزء الثاني، الفقرة 80)، وخطة عمل عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 2). وفي حين أن جميع هذه النصوص تتفق على نحو وثيق مع المادة 13(1) من العهد ، فإنها تتضمن أيضاً عناصر غير منصوص عليها بشكل صريح في المادة 13(1)، مثل الإشارات المحددة إلى المساواة بين الجنسين واحترام البيئة. وهذه العناصر الجديدة ضمنية في التفسير المعاصر للمادة 13(1) وهي تعكسه. وتحصل اللجنة على تأييد لوجهة النظر هذه من التأييد الواسع النطاق الذي حظيت به النصوص الآنفة الذكر من جميع أنحاء العالم (1) .

المادة 13(2): الحق في الحصول على تعليم - بعض الملاحظات العامة

6- في حين أن التطبيق الدقيق والملائم للأحكام سيتوقف على الظروف السائدة في كل دولة طرف ، يُظهر التعليم في جميع أشكاله وعلى جميع المستويات السمات المترابطة والأساسية التالية (2) :

(أ) التوافر - يجب أن تتوافر مؤس سات وبرامج تعليمية بأعداد كافية في نطاق اختصاص الدولة الطرف. وما تحتاج إليه هذه المؤسسات وهذه البرامج للعمل يتوقف على عوامل عدّة من بينها السياق ال إنمائي الذي تعمل فيه ؛ ويحتمل على سبيل المثال أن تحتاج جميع المؤسسات والبرامج إلى مبان أو إلى شكل آخر من أشكال الوقاية من الع وامل الطبيعية، والمرافق الصحية للجنسين، والمياه الصالحة للشراب، والمدرسين المدربين الذين يتقاضون مرتبات تنافسية محلياً، ومواد التدريس وما إلى ذلك؛ في حين أن البعض منها سيحتاج أيضاً إلى مرافق مثل مرافق المكتبات والحواسيب وتكنولوجيا المعلومات؛

(ب) إمكانية الالتحاق - يجب أن يكون الالتحاق بالمؤسسات والبرامج التعليمية ميسراً للجميع، دون أي تمييز، في نطاق اختصاص الدولة الطرف. ولإمكانية الالتحاق ثلاثة أبعاد متداخلة هي:

عدم التمييز - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع، ولا سيما أضعف الفئات، في ال قانون وفي الواقع، دون أي تمييز لأي سبب من الأسباب المحظورة (انظر الفقرات 31-37 بشأن عدم التمييز)؛

إمكانية الالتحاق مادي اً - يجب أن يكون التعليم في المتناول م ادياً وبطريقة مأمونة، وذلك إما عن طريق الحضور للدراسة في موقع جغرافي ملائم بشكل معقول (مث لاً في مدر سة تقع بالقرب من المسكن) أو من خلال استخدام التكنولوجيا العصرية (مثل الوصول إلى برنامج "للتعليم عن بعد")؛

إمكانية الالتحاق من الناحية الاقتصادية - يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع. وهذا البعد يخضع لصيغة ال مادة 13(2) التي تميز بين التعليم الابتدائي والث انوي والعالي: ففي حين أنه يجب أن يوفر التعليم الابتدائي "مجاناً للجميع" ، فإن الدول الأطراف مطالبة بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم الثانوي والعالي؛

(ج) إمكانية القبول - يجب أن يكون شكل التعليم وجوهره مقبولين ، بما في ذلك المناهج الدراسية وأساليب التدريس، (م ث لاً، أن يكون وثيق الصلة بالاحتياجات وملائماً من الناحية الثقافية ومن ناحية الجودة) للطلاب ، و للوالدين حسب الاقتضاء ؛ وهذا يخضع للأهداف التعليمية المطلوبة في المادة 13(1) وما قد توافق عليه الدولة من معايير تعليمية دنيا (انظر المادة 13(3) و(4))؛

(د) قابلية ا لتكيف - يجب أن يكون التعليم مرناً كيما يتسنى ل ـ ه التكيف مع احتياجات المجتمعات والمجموعات المتغيرة وأن يستجيب لاحتياجات الطلاب في محيطهم الاجتماعي والثقافي المتنوع.

7- وعند التفكير في التطبيق الملائم لهذه "الخصائص المميزة المترابطة والأساسية" يجب التفكير من باب أولى في مصالح الطالب.

المادة 13(2)(أ): الحق في التعليم الابتدائي

8- ينطوي التعليم الابتدائي على عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات (3) .

9- وتحصل اللجنة على توجيه فيم ا يتعلق بالتفسير المناسب لعبارة "التعليم الابتدائي" من الإعلان العالمي حول التربية للجميع الذي ينص على ما يلي: "إن المدرسة الابتدائية هي النظام التربوي الرئيسي الذي يوفّر التربية الأساسية للأطفال خارج نطاق الأسرة. ولذلك ينبغي تعميم التعليم الابتدائي وضمان تلبية حاجات التعلم الأساسية لكل الأطفال ومراعاة ثقافة المجتمع المحلي واحتياجاته والإمكانات التي يوفرها" (المادة 5). و"حاجات التعليم الأساسية" معرّفة في المادة 1 من الإعلان العالمي (4) وفي حين أن التعليم الابتدائي ليس مرادفاً للتعليم الأساسي ، فإن هناك تطابقا ً وثيقاً بين الإثنين. وبهذا الخصوص ، تؤيد اللجنة الموقف الذي اتخذته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف): "يُعد التعليم الابتدائي أهم عنصر من العناصر المكونة للتعليم الأساسي" (5) .

10- وكما جاء في المادة 13(2)(أ) ، فإن للتعليم الابتدائي خاصيتين مميزتين هما أنه "إلزامي" و"متاح مجاناً للجميع". وللاطلاع على ملاحظات اللجنة بخصوص التعبيرين، انظر الفقرتين 6 و7 من التعليق العام رقم 11 على المادة 14 من العهد.

المادة 13(2)(ب): الحق في التعليم الثانوي

11- يشمل التعليم الثانوي عناصر توافر المدارس، وإمكانية الالتحاق بها ، وإمكانية قبولها، وقابلية تكيفها، وهي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم وعلى جميع المستويات (6) .

12- وفي حين أن مضمون التعليم الثانوي يختلف من دولة طرف إلى أخرى ويختلف من وقت إلى وقت، فإنه يشمل إكمال التعليم الأساسي وتوطيد أسس التعلم مدى الحياة ونمو الإن سان. وهو يهيّئ الطلاب للفرص المهنية ولفرص التعليم العالي (7) . والمادة 13(2)(ب) تنطبق على التعليم الثانوي "بمختلف أنواعه"، وهي بذلك تسلم بأن التعليم الثانوي يتطلب مناهج دراسية مرنة ونظم توفير متنوعة للاستجابة لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والث قافية. وتشجع اللجنة البرامج التعليمية "البديلة" الموازية لأنظمة التعليم الثانوي العادي.

13- وحسب ما جاء في المادة 13(2)(ب)، يجب "تعميم التعليم الثانوي بمختلف أنواعه، وجعله متاحاً للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم". ولفظ ة "تعميم" تعني، أولاً، أن التعليم الثانوي لا يتوقف على طاقة طالب ما أو قدرته الظاهرة و، ثانياً، أن التعليم الثانوي يُعممّ في جميع أنحاء الدولة بحيث يكون متاحاً للجميع على قدم المساواة. وفيما يتعلق بتفسير اللجنة لعبارة "جعله متاحاً"، انظر الفقرة 6 أعلاه. وع بارة "كافة الوسائل المناسبة" تعزز النقطة التي مؤداها أنه على الدول الأطراف أن تعتمد مناهج متنوعة ومبتكرة لتوفير التعليم الثانوي في مختلف السياقات الاجتماعية والثقافية.

14- وتعني عبارة "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم" أنه في حين لا بد للدول من إعطاء الأولوي ة لتوفير تعليم ابتدائي مجاني، يقع على عاتق الدول أيضاً واجب اتخاذ تدابير ملموسة من أجل تحقيق مجانية التعليم الثانوي والعالي. وفيما يتصل بالملاحظات العامة للجنة على معنى لفظة "مجاني"، انظر الفقرة 7 من التعليق العام رقـم 11 على المادة 14.

التعليم التقني والم هني

15- يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً من الحق في التعليم وكذلك من الحق في العمل (المادة 6(2)). و تشير المادة 13(2) (ب) إلى التعليم التقني والمهني على أنه جزء من التعليم الثانوي، بما يعكس الأهمية الخاصة للتعليم التقني والمهني على هذا المستوى من التعليم. غير أن المادة 6(2) لا تشير إلى التعليم التقني والمهني فيما يتصل بمستوى محدد من التعليم؛ بل هي ترى أن لهذا التعليم دوراً أوسع نطاقاً، بما يساعد على "تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطّردة وعمالة كاملة ومنتجة". و كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ي نص على شرط أن "يكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم" (المادة 26(1)). وعليه ترى اللجنة أن التعليم التقني والمهني يشكل جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات (8) .

16- وتلقين التكنولوجيا والتأهيل لعالم العمل يجب ألا يقتصرا على برامج محددة من برامج ال تعليم التقني والمهني بل يجب أن ي ُ فهما على أنهما عنصران من العناصر المكونة للتعليم العام. وحسب ما جاء في اتفاقية اليونسكو بشأن التعليم التقني والمهني (1989) يتألف التعليم التقني والمهني من "كافة أشكال ومستويات عملية التعليم التي تشمل، بالإضافة إلى المعرفة ا لعامة، دراسة التكنولوجيات وما ي تصل بذلك من علوم، واكتساب المهارات العملية، والدراية، والمواقف والفهم فيما يتعلق بالمهن في مختلف قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية" (المادة 1(أ)). وينعكس هذا الرأي أيضاً في بعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية (9) . والحق في الت عليم التقني والمهني، إذا فهمناه بهذه الطريقة، يشمل الجوانب التالية:

(أ) إنه يمكّن الطلاب من اكتساب المعارف والمهارات التي تسهم في نموهم الشخصي، واعتمادهم على أنفسهم وإمكانية توظيف أنفسهم، ويعزز إنتاجية أسرهم ومجموعاتهم، بما في ذلك ال تنمية الاقتصادية والاج تماعية للدولة الطرف ؛

(ب) إنه يراعي الخلفية التعليمية والثقافية والاجتماعية للسكان المعنيين؛ والمهارات والمعارف والمستويات والمؤهلات اللازمة في مختلف قطاعات الاقتصاد؛ والصحة والسلامة والرفاه في المجال المهني؛

(ج) إنه يوفر إعادة التدريب للكبار الذين أصبحت معارفهم ومهاراتهم قديمة بسبب التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية و التغيرات في مجال العمل، وغير ذلك من التغيرات؛

(د) إنه يتألف من برامج تعطي الطلبة، وخاصة الطلبة من البلدان النامية، فرصة الحصول على التعليم التقني والمهني في دول أخرى، من أجل نقل وت كييف التكنولوجيا على النحو المناسب؛

(ه‍) إنه يتألف، في سياق أحكام العهد المتعلقة بعدم التمييز وتحقيق المساواة، من برامج تشجع التعليم التقني والمهني للنساء والفتيات والشبان الذين يتركون الدراسة، والشبان العاطلين عن العمل، وأطفال العمال المهاجرين، واللاجئين ، والمعوقين، وغير ذلك من المجموعات الضعيفة.

المادة 13(2)(ج): الحق في التعليم العالي

17- ينطوي التعليم العالي على عناصر توافر الجامعات وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف، التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم على جميع المستويات (10) .

18- وفي حين أن المادة 13(2) ( ج) قد صيغت بشكل يتفق مع ما جاء في المادة 13(2)(ب)، فإن هناك اختلافات بين أحكام الفقرتين. فالمادة 13(2)(ج) لا تتضمن إ شارة لا إلى ا لتعليم "بمختلف أنواعه" ولا إلى للتعليم التقني والمهني تحديداً. وفي رأي اللجنة أن وجهي الإغفال هذين يعكس ان فقط اختلافاً في التأكيد بين المادة 13(2)(ب) و(ج). وإذا ما أريد للتعليم العالي أن يستجيب لاحتياجات الطلاب في مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية، فلا بد أن يشتمل على مناهج دراسية مرنة ونظم مختلفة لتوفير التعليم، مثل التعليم عن بعد؛ غير أنه في الممارسة الع ملية يجب أن يتواف ـ ر كل م ـ ن التعلي ـ م الثانوي والتعليم العالي "بأنواع مختلفة". أما فيما يتعلق بانعدام ال إ شارة في المادة 13(2)(ج) إلى التعليم التقني والمهني، وبالنظر إلى المادة 6(2) من العهد والمادة 26(1) من الإعلان العالمي، يشكل التعليم التقني والمهني جزءاً لا يتجزأ من التعليم على جميع المستويات، بما في ذلك التعليم العالي (11) .

19- والاختلاف الثالث والأهم بين المادة 13(2)(ب) و(ج) هو أنه في حين يجب أن يكون التعليم الثانوي "متاحاً للعموم وفي متناول الجميع" يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع على قدم المساو اة، تبعاً للكفاءة". وحسب المادة 13(2)(ج) ، لا يجب أن يكون التعليم العالي "متاحاً للجميع" وإنما فقط متاحاً "تبعاً للكفاءة". و"كفاءة" الأفراد يجب تقديرها بالرجوع إلى كل ما لديهم من خبرة وتجربة فيما ي تصل بذلك.

20- ومن حيث تشابه صيغة المادة 13(2)(ب) و(ج) (مثل "الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم")، انظر التعليقات السابقة على المادة 13(2)(ب).

المادة 13(2)(د): الحق في التربية الأساسية

21- تشمل التربية الأساسية عناصر التوافر وإمكانية الالتحاق وإمكانية القبول وقابلية التكيف التي هي عناصر مشتركة بين جميع أشكال التعليم عل ى جميع المستويات (12) .

22- و على العموم، فإن التربية الأساسية تتفق مع التعليم الأساسي المشار إليه في الإعلان العالمي حول التربية للجميع (13) . وبموجب المادة 13(2)(د)، فإن ل لأشخاص "الذين لم يتلقوا أو لم يستكملوا ال تعليم الابتدائي " الحق في التربية الأساسية، أو التعليم الأساسي كما هو محدد في الإعلان العالمي حول التربية للجميع.

23- وبما أن لكل الناس الحق في تلبية "حاجات تعلّمهم الأساسية" على نحو ما يُفهم من الإعلان العالمي، فإن الحق في التعليم الأساسي لا يقتصر على الأشخاص الذين "لم يتلقوا أو لم يستكملوا التعليم ا لابتدائي". والحق في التعليم الأساسي يمتد ليشمل جميع الأشخاص الذين لم يلبّوا بعد "حاجات تعلّمهم الأساسية".

24- ولا بد من تأكيد أن التمتع بالحق في التعليم الأساسي لا يقيده لا العمر ولا نوع الجنس؛ بل هو يمتد ليشمل الأطفال، والشبان، والكبار، بما في ذلك الأشخا ص الأكبر سناً. فالتعليم الأساسي هو بالتالي عنصر يشكل جزءاً لا يتج ـ زأ من تعليم الكب ـ ار والتعليم مدى الحياة. ولما كان التعليم الأساسي حقاً لجميع الناس في مختلف فئات الأعمار ، فإنه لا بد من وضع مناهج دراسية وأنظمة لتوفير التعليم تكون مناسبة للطلاب من جميع الأع مار.

المادة 13(2)(ه‍) الشبكة المدرسية: نظام منح واف بالغرض: الأوضاع المادية للعاملين في مجال التدريس

25- يعني اشتراط "العمل بنشاط على إنماء شبكة مدرسية على جميع المستويات" أن الدولة الطرف ملتزمة بأن تكون لديها استراتيجية تنمية عامة لشبكتها المدرسية. ويجب أن تشمل الاستراتيجية المدارس على كل المستويات، لكن العهد يطلب من الدول الأطراف إعطاء الأولوية للتعليم الابتدائي (انظر الفقرة 51)، وتوحي عبارة "العمل بنشاط" بأن الاستراتيجية العامة ينبغي أن تجتذب قدراً من الأولوية الحكومية، ويجب على أي حال أن تنفذ بقوة.

26 - وينبغي أن ي ُ فهم اشتراط "إنشاء نظام منح واف بالغرض" في إطار أحكام العهد المتعلقة بالمساواة وعدم التمييز، ويجب لنظام المنح أن يحسن نوعية التعليم المتاح للأفراد من المجموعات المحرومة.

27- ورغم أن العهد ينص على "مواصلة تحسين الأوضاع المادية للعاملين في التدر يس" فإن أوضاع العمل العامة للمدرسين قد تدهورت عملياً ، ووصلت إلى مستويات منخفضة غير مقبولة في السنوات الأخيرة في كثير من الدول الأطراف. وإلى جانب أن هذا لا يتسق مع المادة 13(2)(ه‍) ، فإنه ي مثل عقبة كبرى أمام الإعمال الكامل لحق الطلبة في التعليم. وتلاحظ اللجن ة كذلك العلاقة بين المواد 13(2)(ه‍) و2(2) و3 ومن 6-8 في العهد، بما في ذلك حق المدرسين في التنظيم والمفاوضة الجماعية، وتلفت اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى التوصية المشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية بشأن حالة المدرسين (1966) وتوصية اليونسكو بشأن حال ة العاملين في التدريس في مجال التعليم العالي (1997)، وتحث الدول الأطراف على إرسال تقارير عن التدابير التي تتخذها لضمان تمتع كل العاملين في قطاع التدريس بظروف وأوضاع تتناسب مع دورهم.

المادة 13(3) و(4): الحق في حرية التعليم

28- ت تألف المادة 13(3) من عنصرين، الأول هو أن تتعهد الدول الأطراف باحترام حرية الآباء والأوصياء في تأمين تربية أولادهم دينياً وخلقياً وفقاً لقناعاتهم الخاصة (14) . وترى اللجنة أن هذا العنصر في المادة 13(3) يسمح للمدارس العامة بتعليم مواضيع مثل التاريخ العام للدين والأخلاق إذا قدم بطريقة موضو عية وغير متحيزة. وباحترام حرية الرأي والضمير والتعبير. وتلاحظ أن التعليم العام الذي يحوي تعليماً لدين أو معتقد معين لا يتسق مع المادة 13(3) ما لم ينص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية يمكن أن تلائم رغبات الآباء والأوصياء.

29- والعنصر الثاني في المادة 13(3) هو حرية الآباء والأوصياء في اختيار مدارس أخرى غير المدارس العامة لأطفالهم، بشرط أن تلتزم هذه المدارس "بمعايير التعليم الدنيا التي قد تفرضها أو تقرها الدولة". وينبغي فهم هذا مع الحكم التكميلي، المادة 13(4) التي تؤكد "حرية الأفراد والهيئات في إنشاء و إدارة مؤ سسات تعليمية" شريطة أن تتوافق هذه المؤسسات مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1) ومع بعض المعايير الدنيا. وقد تتعلق هذه المعايير الدنيا بقضايا مثل القبول والمناهج الدراسية والاعتراف بالشهادات. ويجب أن تكون هذه المعايير بدورها متسقة مع الأهداف التعلي مية المبينة في المادة 13(1).

30- وبمقتضى المادة 13(4) ، فإن للجميع - بمن فيهم غير المواطنين - حرية إنشاء وإدارة ال مؤسسات الت عليمية. وتمتد هذه الحرية كذلك إلى "الهيئات"، أي الشخصيات أو الكيانات الاعتبارية. وتشمل الحق في إنشاء وإدارة كل أنواع المؤسسات التعلي مية. بما فيها دور الحضانة والجامعات ومؤسسات تعليم الكبار. ونظراً لمبادئ عدم التمييز و تحقيق تكافؤ الفرص والمشاركة الفعالة في مجتمع للجميع ، فإن الدولة تلتزم بألا تؤدي الحرية المبينة في المادة 13(4) إلى تفاوتات شديدة في فرص التعليم بالنسبة لبعض فئات المجتمع.

المادة 13: مو اضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز وتحقيق المساواة في المعاملة

31- لا يخضع حظر التمييز الذي كرسته المادة 2(2) من العهد لا لتنفيذ تدريجي ولا لتوافر الموارد، بل ينطبق كلية وفوراً على كل جوانب التعليم، ويشمل كل أسس التمييز المحظورة دولياً. وتف سر اللجنة المادتين 2(2) و3 على ضوء اتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في التعليم، والأحكام ذات الصلة في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية منظمة العمل الدول ية بشأن الشعوب الأصلية والقبلية، 1989 (الاتفاقية رقم 159). وتود اللجنة أن تلفت الانتباه إلى القضايا التالية بصفة خاصة .

32- إن اعتماد تدابير خاصة مؤقتة من أجل الوصول إلى تحقيق مساواة فعلية بين الرجل والمرأة وللمجموعات المحرومة لا يشكل انتهاكاً للحق في عدم ا لتمييز في مجال التعليم ، كما أن هذه التدابير لا تؤدي إلى الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة للمجموعات المختلفة، بشرط ألا تستمر بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها.

33- وفي بعض الظروف ، قد لا يعتبر أن الشبكات أو المؤسسات التعليمية المنفصلة للمجموعات ال محددة بالفئات الواردة في المادة 2(2) تشكل انتهاكاً للعهد، وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة المادة 2 من اتفاقية اليونسكو الخاصة بمكافحة التمييز في مجال التعليم (1960) (15) .

34- وتحيط اللجنة علماً بالمادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل والمادة (3)(ه‍) من اتفاقية اليونسكو ل مكافحة التمييز في مجال التعليم، وتؤكد أن مبدأ عدم التمييز يمتد إلى جميع الأشخاص في سن المدرسة المقيمين في أراضي دولة طرف، بما في ذلك غير الوطنيين، وبصرف النظر عن وضعهم القانوني.

35- ويمكن أن تشكل التفاوتات الحادة في سياسات الإنفاق، التي تؤدي إلى اختلاف نوع ية التعليم بين الأشخاص المقيمين في مواقع جغرافية مختلفة ، تمييزاً ينطبق عليه هذا العهد.

36- وتؤكد اللجنة الفقرة 35 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول قضية المعوقين في سياق حق التعليم والفقرات من 36 إلى 42 من تعليقها العام رقم 6 التي تتناول قضية المسنين في ع لاقتها بالمواد من 13-15 من العهد.

37- ويجب على الدول الأطراف أن تراقب التعليم عن كثب - بما في ذلك كل السياسات والمؤسسات والبرامج وأنماط الإنفاق والممارسات الأخرى ذات الصلة - حتى تحدد أي تمييز واقعي، وتتخذ التدابير لتصحيحه. وينبغي تقسيم البيانات التعليمية و فق الأسس المحظورة للتمييز.

الحرية الأكاديمية واستقلال المؤسسات (16)

38- على ضوء بحث تقارير كثير من الدول الأطراف توصلت اللجنة إلى أن الحق في التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا صحبته الحرية الأكاديمية للعاملين وللطلاب. وبالتالي، ورغم أن المسألة لم تذكر صراحة في المادة 13 فإن من المناسب والضروري أن تدلي اللجنة ببعض الملاحظات عن الحرية الأكاديمية؛ وتولي الملاحظات التالية اهتماماً خاصاً لمؤسسات التعليم العالي لأن خبرة اللجنة تبين أن العاملين والطلاب في التعليم العالي هم الذين يتعرضون بوجه خاص للضغوط السياسية وغير ها من الضغوط التي تقوض الحرية الأكاديمية. إلا أن اللجنة تود أن تركز على أن الحرية الأكاديمية من حق العاملين والطلاب في القطاع التعليمي بأسره، وأن كثيراً من الملاحظات التالية ذات انطباق عام.

39- وأفراد المجتمع الأكاديمي، سواء بصورة فردية أو جماعية، أحرار في متابعة وتطوير ونقل المعارف والأفكار عن طريق الأبحاث أو التعليم أو الدراسة أو المناقشة أو التوثيق أو الإنتاج أو الإبداع أو الكتابة. وتشمل الحرية الأكاديمية حرية الأفراد في أن يعبروا بحرية عن آرائهم في المؤسسة أو النظام الذي يعملون فيه، وفي أداء وظائفهم دون تمييز أو خوف من قمع من جانب الدولة أو أي قطاع آخر، وفي المشاركة في الهيئات الأكاديمية المهنية أو التمثيلية، وفي التمتع بكل حقوق الإنسان المعترف بها دولياً والمطبقة على الأفراد الآخرين في نفس الاختصاص. ويحمل التمتع بالحريات النقابية معه التزامات مثل واجب ا حترام الحرية الأكاديمية للآخرين، وضمان المناقشة السليمة للآراء المعارضة، ومعاملة الجميع دون تمييز على أيٍ من الأسس المحظورة.

40- ويتطلب التمتع بالحرية الأكاديمية استقلال مؤسسات التعليم العالي. والاستقلال هو درجة من ال حكم الذاتي لازمة لكي تتخذ مؤسسات التعلي م العالي القرارات بفعالية بالنسبة للعمل الأكاديمي ومعاييره وإدارته وما يرتبط بذلك من أنشطة. غير أن الحكم الذاتي ينبغي أن يكون متسقاً مع نظم القابلية للحساب، وخاصة بالنسبة للأموال التي توفرها الدولة. ونظراً للاستثمارات العامة الكبيرة في مجال التعليم العالي فلا بد من التوصل إلى توازن سليم بين استقلالية المؤسسات وقابليتها للحساب. ورغم أنه ليس هناك نموذج واحد فإن الترتيبات المؤسسية ينبغي أن تكون أمينة وعادلة ومنصفة، وتتسم بأكبر قدر ممكن من الشفافية والمشاركة.

الانضباط في المدارس (17)

41- ترى اللجنة أن العقاب الب دني لا يتسق مع المبدأ التوجيهي الأساسي لقانون حقوق الإنسان الدولي المكرس في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكلا العهدين: كرامة الفرد (18) . وقد لا تتسق جوانب أخرى من الانضباط المدرسي كذلك مع الكرامة الإنسانية، مثل الإذلال العلني. كما ينبغي ألا ينتهك أي شكل من أشكال الانضباط الحقوق الأخرى الواردة في العهد، مثل الحق في الغذاء. وتلتزم الدولة الطرف باتخاذ تدابير لضمان عدم حدوث انضباط لا يتسق مع العهد في أي مؤسسة تعليمية عامة أو خاصة في ولايتها. وترحب اللجنة بالمبادرات التي اتخذتها بعض الدول الأطراف التي تشج ع المدارس بنشاط على تطبيق نهج "إيجابية" وغير عنيفة للانضباط المدرسي.

القيود على المادة 13

42- تود اللجنة أن تؤكد أن الشرط المقيد في العهد، المادة 4، يرمي بالدرجة الأولى إلى حماية حقوق الأفراد لا إلى السماح للدولة بفرض قيود. وبالتالي فإن الدولة الطرف التي ت غلق جامعة أو مؤسسة تعليمية أخرى لاعتبارات مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام عليه ـ ا عبء تبرير مثل هذا التدبير الخطر لأي من العناصر المبينة في المادة 4.

2 - التزامات الدول الأطراف وانتهاكاتها

الالتزامات القانونية العامة

43- في حين أن العهد ينص على الإعم ال التدريجي ويعترف بقيود الموارد المتاحة ، فإنه يفرض كذلك على الدول الأطراف التزامات مختلفة ذات سريان مباشر (19) ، فالدول الأطراف تتحمل التزامات عاجلة في الحق في التعليم مثل "ضمان" جعل ممارسة هذا الحق بريئة من أي تمييز (المادة 2(2)) والالتزام بأن "تتخذ ... خط وات" (المادة 2(1)) نحو التنفيذ الكامل للمادة 13 (20) . وهذه الخطوات يجب أن تكون "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ الكامل لحق التعليم.

44- وينبغي ألا يفسر إعمال الحق في التعليم مع مرور الوقت، أي "بالتدريج" ، على أنه يفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون جا د، فا لإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محدداً ومستمراً "بالتحرك بسرعة وفعالية بقدر الإمكان" نحو التنفيذ الكامل للمادة 13 (21) .

45- وهناك افتراض قوي بعدم السماح بأي تدابير تراجعية بالنسبة للحق في التعليم، فضلاً عن الحقوق الأخرى التي يحددها ا لعهد، فإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمدية تحملت الدولة الطرف عبء إثبات أنها أدخلت بعد دراسة دقيقة للغاية لكل البدائل، وأنها مبررة تماماً بالرجوع إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد، وفي سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف (22) .

46- و الحق في التعليم، ككل حقوق الإنسان، يفرض ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: التزامات الاحترام والحماية والأداء. وبدوره يجسد الالتزام بالأداء التزاماً بالتسهيل والتزاماً بالتوفير.

47- ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول الأطراف أن تتحاشى التدابير التي تعرقل أو تمنع التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع الغير من التدخل في التمتع بالحق في التعليم. ويتطلب الالتزام بالأداء (بالتسهيل) من الدول أن تتخذ تدابير إيجابية تمكِّن الأفراد والجماعات وتساع دها على التمتع بالحق في التعليم. وأخيراً تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) الحق في التعليم. وكقاعدة عامة تلتزم الدول الأطراف بأن تؤدي (توفر) حقاً محدداً في العهد حين يكون فرد أو مجموعة عاجزاً لأسباب تخرج عن إرادته عن تنفيذ الحق بنفسه بالوسائل المتاحة له. غير أن مدى هذا الالتزام خاضع لنص العهد.

48- وفي هذا الصدد هناك سمتان من سمات المادة 13 تتطلبان التأكيد، فأولاً من الواضح أن المادة 13 تعتبر أن الدول هي التي تتحمل المسؤولية الرئيسية عن التقديم المباشر للتعليم في معظم الظروف؛ وعلى سبيل المثال تقر الدول الأ طراف بضرورة "إنشاء شبكة مدرسية على جميع المستويات" (المادة 13(2)(ه‍))، وثانياً بالنظر إلى اختلاف صياغة المادة 13(2) في الحديث عن التعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية فإن مقاييس التزام الدولة الطرف بأداء (توفير) التعليم ليس واحداً في كل مستو يات التعليم. وبالتالي وعلى ضوء نص العهد تلتزم الدول الأطراف التزاماً قوياً بأداء (توفير) الحق في التعليم، لكن مدى هذا الالتزام ليس موحداً بين كل مستويات التعليم. وتلاحظ اللجنة أن هذا التفسير للالتزام بالأداء (التوفير) في المادة 13 يتوافق مع القوانين والمما رسات في كثير من الدول الأطراف.

التزامات قانونية محددة

49- تلتزم الدول الأطراف بضمان توجيه المناهج الدراسية على كل مستويات النظام التعليمي نحو الأهداف المحددة في المادة 13(1) (23) . كما أنها ملزمة بإنشاء وصيانة نظام شفاف وفعال يراقب ما إذا كان التعليم أو لم ي كن في الواقع موجهاً نحو الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1).

50- وبالنسبة للمادة 13(2) ، فإن الدول ملزمة باحترام وتنفيذ كل من "السمات الأساسية" للحق في التعليم (إتاحته، وسهولة الحصول عليه ، وتقبله، وقابليته للتكيف). وعلى سبيل الإيضاح ، لا بد للدولة أن ت حترم مبدأ إتاحة التعليم بعدم إغلاق المدارس الخاصة، وأن تحترم مبدأ سهولة الحصول على التعليم بضمان ألا يقوم الغير، بمن فيهم الآباء وأصحاب العمل، بمنع البنات من الذهاب إلى المدارس، وتنفذ (تسهل) تقبل التعليم باتخاذ تدابير إيجابية لضمان ملاءمة التعليم ثقافياً ل لأقليات والشعوب الأصلية، وجودته بالنسبة للجميع، وتنفذ (توفر) قابلية التعليم للتكيف بتصميم مناهج دراسية تعكس الاحتياجات المعاصرة للطلاب في عالم متغير، وتنفذ (توفر) إتاحة التعليم بالتطوير النشط للشبكة المدرسية، بما في ذلك بناء المدارس، وتقديم البرامج، وتوفير المواد التعليمية، وتدريب المدرسين، ودفع رواتب تنافسية لهم.

51- وكما سبقت الإشارة ، فإن التزامات الدول الأطراف بالنسبة للتعليم الابتدائي والثانوي والعالي والتربية الأساسية ليست متطابقة. وعلى ضوء صياغة المادة 13(2) تلتزم الدول الأطراف بإعطاء الأولوية لإدخال التعليم الابتدائي الإلزامي المجاني (24) . وتعزز من هذا التفسير للمادة 13(2) الأولوية المعطاة للتعليم الابتدائي في المادة 14. فالالتزام بتقديم التعليم الابتدائي للجميع واجب مباشر على كل الدول الأطراف.

52- وبالنسبة للمادة 13(2) من (ب) إلى (د) ، تلتزم الدولة الط رف التزاماً مباشراً "باتخاذ خطوات" (المادة 2(1)) نحو توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية لكل من يدخلون في ولايتها. وكحد أدنى تلتزم الدولة الطرف باعتماد وتنفيذ استراتيجية تعليم وطنية تتضمن توفير التعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً لل عهد. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية آليات يمكن بها مراقبة التقدم عن كثب مثل مؤشرات ومقاييس الحق في التعليم.

53- وتلتزم الدول الأطراف بمقتضى المادة 13(2)(ه‍) بضمان وجود نظام منح تعليمية لمساعدة المجموعات المتضررة (25) . ويعزز الالتزام "بالعمل بنشاط على إنش اء شبكة مدرسية على جميع المستويات" الالتزام الرئيسي بأن تكفل الدول الأطراف التنفيذ المباشر للحق في التعليم في معظم الظروف (26) .

54- وتلتزم الدول الأطراف بوضع "معايير تعليمية دنيا" يطلب من كل المؤسسات التعليمية المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4) التوافق معها. كما أن عليها أن تحافظ على نظام شفاف وفعال لمراقبة هذه المعايير. وليست الدولة الطرف ملزمة بتمويل المؤسسات المقامة وفقاً للمادة 13(3) و(4)، غير أنه إذا اختارت دولة ما تقديم إسهام مالي للمؤسسات التعليمية الخاصة فينبغي أن تفعل ذلك دون تمييز قائم على أي أساس من الأسس المحظورة.

55- وتلتزم الدول الأطراف بضمان ألا تكون الجماعات المحلية أو الأسر معتمدة على عمل الأطفال، وتؤكد اللجنة بوجه خاص أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، والالتزامات المبينة في المادة 7(2) من اتفاقية حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال (الاتفاقية 18 2)، 1999 (27) . وبالإضافة إلى ذلك تلتزم الدول الأطراف، على ضوء المادة 2(2) بإزالة مسألة الجنس وغيرها من أشكال القولبة التي تعوق نفاذ الفتيات والنساء والمجموعات المتضررة الأخرى إلى التعليم.

56- وقد لفتت اللجنة ، في تعليقها العام رقم 3 ، الانتباه إلى التزام كل ا لدول الأطراف باتخاذ خطوات "بمفردها وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما على الصعيدين الاقتصادي والتقني" من أجل التنفيذ الكامل للحقوق المعترف بها في العهد مثل الحق في التعليم (28) . وتعزز المادتان 2(1) و23 من العهد والمادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة و المادة 10 من الإعلان العالمي للتعليم للجميع والجزء الأول، الفقرة 34 من إعلان وبرنامج عمل فيينا، تعزز جميعاً التزام الدول الأطراف بالنسبة لتقديم المساعدة والتعاون الدوليين من أجل التنفيذ الكامل للحق في التعليم. وفيما يتعلق بالمفاوضة والتصديق على هذه الصكوك ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيراً سلبياً على الحق في التعليم. وبالمثل تلتزم الدول الأطراف بضمان أن تراعي أعمالها كأعضاء في المنظمات الدولية، بما فيها المؤسسات المالية الدولية، الحق في التعليم المراعاة الواجبة.

57- وقد أكد ت اللجنة في تعليقها العام رقم 3 أن على الدول الأطراف "التزاماً أساسياً أدنى بضمان الوفاء، على الأقل، بالمستويات الأساسية الدنيا" بالحقوق المبينة في العهد، بما فيها "أكثر أشكال التعليم أساسية". وفي سياق المادة 13 يشمل هذا الالتزام الأساسي التزاماً: بضمان حق الوصول إلى المؤسسات والبرامج التعليمية العامة على أساس غير تمييزي، وضمان توافق التعليم مع الأهداف الموضحة في المادة 13(1)، وتوفير التعليم الابتدائي للجميع وفقاً للمادة 13(2)(أ)، واعتماد وتنفيذ استراتيجية تنمية تشمل تقديم التعليم الثانوي والعالي والتربية ا لأساسية؛ وتكفل حرية اختيار التعليم دون تدخل من الدولة أو من الغير، شريطة التوافق مع "معايير تعليمية دنيا" (المادة 13(3) و(4)).

الانتهاكات

58- حين يطبق المحتوى المعياري للمادة 13 (الجزء الأول) على الالتزامات المحددة للدول الأطراف (الجزء الثاني) ، تنشأ عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في التعليم. ويمكن أن تحدث الانتهاكات للمادة 13 عن طريق العمل المباشر من جانب الدول الأ طراف (الارتكاب) أو عن طريق عدم اتخاذ الخطوات التي يفرضها العهد (الإغفال).

59- وعلى سبيل الإيضاح ، تشمل الانتهاكات للمادة 13: سنّ أو عدم إل غاء تشريع يميز ضد الأفراد أو المجموعات في مجال التعليم على أي أساس من الأسس المحظورة، و عدم اتخاذ تدابير لتصحيح التمييز التعليمي الفعلي، و استخدام مناهج دراسية لا تتسق مع الأهداف التعليمية المبينة في المادة 13(1)؛ و عدم إقامة نظام شفاف وفعال لمراقبة التوافق م ع المادة 13(1)، و عدم توفير تعليم ابتدائي إلزامي ومجاني للجميع كمسألة لها الأولوية، و عدم اتخاذ تدابير "متبصرة وملموسة وموجهة" نحو التنفيذ التدريجي للتعليم الثانوي والعالي والتربية الأساسية وفقاً للمادة 13(2)(ب) و(ج)، منع المؤسسات التعليمية الخاصة، و عدم ضمان قيام مؤسسات تعليمية خاصة تتفق مع "المعايير التعليمية الدنيا" وفقاً للمادة 13(3) و(4)، و إنكار الحرية الأكاديمية للعاملين والطلاب، إغلاق المؤسسات التعليمية في أوقات التوتر السياسي خلافاً للمادة 4.

3 - التزامات الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف

60- على ضوء ا لمادة 22 من العهد ، فإن لدور وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك الدور الذي تؤديه على المستوى القطري في إطار المساعدة الإنمائية التي تقدمها الأمم المتحدة، أهمية خاصة في تنفيذ المادة 13. وينبغي القيام بجهود منسقة من أجل إعمال الحق في التعليم لتحسين التلاحم والت فاعل بين كل العاملين المعنيين، ومن بينهم مختلف مكونات المجتمع المدني واليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف ومنظمة العمل الدولية والبنك الدولي، ومصارف التنمية الإقليمية وصندوق النقد الدولي وغيرها من الهيئات ذات الصلة في منظومة الأمم المتحدة أن تعزز تعاونها من أجل إعمال الحق في التعليم على المستوى الوطني، مع مراعاة ولاياتها المحددة، واستناداً إلى خبرة كل منها. وبوجه خاص ، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماماً خاصاً لحماية الحق في التعليم في سي اساتها الإ ق راضية واتفاقات الائتمان وبرامج وتدابير التكييف الهيكلي المتخذة استجابة لأزمة الدين (29) . وستنظر اللجنة عند بحث تقارير الدول الأطراف في آثار المساعدة التي يقدمها كل الفاعلين الآخرين غير الدول الأطراف على قدرة الدول على الوفاء بالتزاماتها بمقتضى ال مادة 13. ومن شأن اعتماد وكالات الأمم المتحدة المتخصصة وبرامجها وهيئاتها لنهج يستند إلى إعمال حقوق الإنسان أن ييسّر كثيراً الحق في التعليم.

الحواشي

(1) الإعلان العالمي حول التربية للجميع اعتمده 155 وفداً حكومياً؛ وإعلان وبرنامج عمل فيينا اعتمدهما 171 وفدا ً حكومياً؛ واتفاقية حقوق الطفل صادقت عليها أو انضمت إليها 191 دولة طرفاً؛ وخطة عمل عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان اعتُمدت بموجب قرار اتخذته الجمعية العامة بتوافق الآراء (القرار 49/184).

(2) يتفق هذا النهج مع الإطار التحليلي للجنة الذي اعتُ مد فيما يتصل بالحق في السكن والغذاء الملائمين، وكذلك مع عمل مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالحق في التعليم. ولقد حددت اللجنة في تعليقها العام 4 عدداً من العوامل التي تتعلق بالحق في السكن الملائم، بما في ذلك "توافر السكن" و"القدرة على تحمل كلفته" و"إمك انية الحصول عليه" و"ملاءمته من الناحية الثقافية". وحددت اللجنة في تعليقها العام رقم 12 عناصر الحق في الغذاء الكافي مثل "توافر الغذاء" و"إمكانية قبوله" و"إمكانية الحصول عليه". وحددت المقررة الخاصة المعنية بالحق في التعليم "صفات أساسية أربع ينبغي أن تتصف بها المدارس الابتدائية، أي وجود المدارس، وإمكانية الالتحاق بها، وإمكانية قبولها، وقابلية تكيّفها" ( E/CN.4/1999/49 ، الفقرة 50).

(3) انظر الفقرة 6.

(4) يعرّف الإعلان "حاجات التعلّم الأساسية" بأنها: "وسائل التعلّم الأساسية (مثل القراءة والكتابة، والتعبير الشف هي، والحساب، وحل المشكلات) والمضامين الأساسية للتعلّم (كالمعرفة والمهارات والقيم والاتجاهات) التي يحتاجها البشر من أجل البقاء ولتنمية كافة قدراتهم وللعيش والعمل بكرامة، وللمساهمة مساهمة فعّالة في عملية التنمية ولتحسين نوعية حياتهم، ولاتخاذ قرارات مستنيرة، ولمواصلة التعلّم" (المادة 1).

(5) مجموعة مواد الدعوة، التعليم الأساسي، 1999 (اليونيسيف)، الفرع 1، الصفحة 1 (النص بالإنكليزية).

(6) انظر الفقرة 6.

(7) انظر التصنيف النموذجي الدولي للتعليم لعام 1997، اليونيسكو، الفقرة 52.

(8) هذا الرأي ينعكس أيضاً في اتف اقية منظمة العمل الدولية بشأن تنمية الموارد البشرية لعام 1975 (الاتفاقية رقم 142) والاتفاقية بشأن السياسة الاجتماعية (الأهداف والمعايير الأساسية) لعام 1962 (الاتفاقية رقم 117).

(9) انظر الحاشية 8.

(10) انظر الفقرة 6.

(11) انظر الفقرة 15.

(12) انظر الفق رة 6.

الحواشي ( تابع )

(13) انظر الفقرة 9.

(14) في هذا ترديد للمادة 18(4) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما أنه مرتبط بحرية تعليم الدين أو المعتقد كما هي مبينة في المادة 18(1) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (انظر تعليق لجنة حقوق الإنس ان 22 على المادة 18 من العه ـ د الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الدورة الثامنة والأربعين، 1993). وتلاحظ لجنة حقوق الإنسان أن الطابع الأساسي للمادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ينعكس في حقيقة أن هذا الحكم لا يمكن الحد منه حتى في حالة الطوارئ ا لعامة كما هو مقرر في المادة 4(2) من ذلك العهد.

(15) وفقاً للمادة 2:

"عندما تكون الأوضاع التالية مسموحاً بها في إحدى الدول، فإنها لا تعتبر تمييزاً في إطار مدلول المادة 1 من هذه الاتفاقية:

(أ) إنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات منفصلة لتعليم التلاميذ من الجنسين ، إذا كانت هذه النظم أو المؤسسات تتيح فرصاً متكافئة للالتحاق بالتعليم، وتوفر معلمين ذوي مؤهلات من نفس المستوى ومباني ومعدات مدرسية بنفس الدرجة من الجودة، وتتيح الفرصة لدراسة نفس المناهج أو مناهج متعادلة؛

(ب) القيام، لأسباب دينية، أو لغوية، بإنشاء أو إبقاء نظم أو مؤسسات تعليمية منفصلة تقدم تعليماً يتفق ورغبات آباء التلاميذ أو أولياء أمورهم الشرعيين، إذا كان الاشتراك في تلك النظم أو الالتحاق بتلك المؤسسات اختيارياً، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمستويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم ب المرحلة المناظرة؛

(ج) إنشاء أو إبقاء مؤسسات تعليمية خاصة، إذا لم يكن الهدف منها ضمان استبعاد أية جماعة بل توفير مرافق تعليمية بالإضافة إلى تلك التي توفرها السلطات العامة، ومتى كانت تلك المؤسسات تدار بما يتفق وهذه الغاية، وكان التعليم الذي تقدمه يتفق والمس تويات التي تقررها أو تقرها السلطات المختصة، وخاصة للتعليم بالمرحلة المناظرة".

(16) انظر توصية اليونسكو بخصوص وضع العاملين بالتدريس في التعليم العالي (1997).

(17) عند صياغة هذه الفقرة راعت اللجنة الممارسات التي تطورت في الأماكن الأخرى في النظام الدولي لحق وق الإنسان مثل تفسير لجنة حقوق الطفل للمادة 28(2) من اتفاقية حقوق الطفل، وكذلك تفسير لجنة حقوق الإنسان للمادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

(18) تلاحظ اللجنة أنه بالرغم من خلو المادة 26(2) من الإعلان من الإشارة إلى الكرامة الإنسانية فإن واضع ي مشروع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قد أدرجوا صراحة كرامة الشخصية الإنسانية كواحد من الأهداف الإلزامية التي ينبغي أن يوجه التعليم لها (المادة 13(1)).

الحواشي ( تابع )

(19) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 1.

(20) انظر ت عليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 2.

(21) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 9.

(22) انظر تعليق اللجنة العام رقم 3، الفقرة 9.

(23) هناك مصادر كثيرة لمساعدة الدول الأطراف في هذا الخصوص، مثل المبادئ التوجيهية لوضع المناهج والكتب الدراسية في التعليم الدول ي الصادرة عن اليونسكو (ED/ECS/HCI). ومن بين الأهداف المحددة في المادة 13(1) "توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية". وفي هذا السياق المحدد ينبغي للدول الأطراف أن تبحث المبادرات التي اتخذت في إطار عقد الأمم المتحدة لتعليم حقوق الإنسان، ومن الوثائق الم فيدة بوجه خاص خطة عمل العقد التي اعتمدتها الجمعية العامة في عام1996، والمبادئ التوجيهية لخطط العمل الوطنية لتعليم حقوق الإنسان التي وضع ت ها المفوض ية السامي ة لحقوق الإنسان لمساعدة الدول على الاستجابة لعقد الأمم المتحدة لتعليم حقوق الإنسان.

(24) بالنسبة لمعن ى "إلزامي"، و"مجاني" انظر الفقرتين 6 و7 من التعليق العام رقم 11 على المادة 14.

(25) وفي حالات خاصة قد يكون مثل نظام المنح هذا هدفاً مناسباً بوجه خاص للمساعدة والتعاون الدوليين اللذين تحدثت عنهما المادة 2(1).

(26) وفي إطار التربية الأساسية لاحظت اليونيسيف أن "الدولة وحدها هي التي تستطيع أن تجمع معاً كل مكونات النظام التعليمي بطريقة متماسكة لكنها مرنة"، اليونيسيف حالة الأطفال في العالم، 1999 قرار عن التعليم"، ص 77.

(27) وفقاً للمادة 7(2): "تتخذ كل دولة عضو، واضعة في اعتبارها أهمية التعليم في القضاء على عمل الأطفال، تدابير فعالة ومحددة زمنياً من أجل: -- (ج) ضمان حصول جميع الأطفال المنتشلين من أسوأ أشكال عمل الأطفال على التعليم الأساسي المجاني، حيثما كان ذلك ممكناً وملائماً" (اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 "أسوأ أشكال عمل الأطفال، 1999").

(28) انظر تعلي ق اللجنة العام رقم 3، الفقرتين 13 و14.

(29) انظر تعليق اللجنة العام رقم 2، الفقرة 9.

الدورة الثانية والعشرون (2000)

التعليق العام رقم 14: الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه (المادة 12)

1- الصحة حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه من أجل التمت ع بحقوق الإنسان الأخرى. ويحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة. ويمكن السعي إلى إعمال الحق في الصحة عن طريق نهج عديدة ومتكاملة مثل وضع سياسات صحية، أو تنفيذ برامج الصحة التي تضعها منظمة الصحة العالمية، أو اعتماد صكوك قانونية محددة. وعلاوة على ذلك، يشمل الحق في الصحة بعض المكونات التي يمكن تطبيقها قانونياً (1) .

2- وحق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية. فالفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: "لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي ل ضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية". وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ووفقاً للمادة 12(1) من ا لعهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه"، في حين تسرد المادة 12(2)، على سبيل التمثيل، عدداً من "التدابير التي يتعين على الدول الأطراف ... اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق". وبالإضافة إلى ذلك ، فالحق في الصحة معترف به، في المادة 5(ه‍)(4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965، وفي المادتين 11-1(و) و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك ف ي جملة مصادر أخرى. كما يعترف بالحق في الصحة في عدد من صكوك حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 بصيغته المنقحة (المادة 11)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 16)، والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية ل حقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 (المادة 10). وبالمثل، أعلن عن الحق في الصحة من جانب لجنة حقوق الإنسان (2) ، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993، وفي صكوك دولية أخرى (3) .

3- ويرتبط الحق في الصحة ارتباطاً وثيقاً بإ عمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعي ات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة.

4- وعند صياغة المادة 12 من العهد، لم تعتمد اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تعريف الصحة الوارد في ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية، الذي ينظر إلى مفهوم الصحة على أنه "حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز". غير أن الإشارة الواردة في المادة 12(1) من العهد إلى "أعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه" لا تقتصر على الحق في الرعاية الصحية. وعلى العكس من ذلك، فإن تاريخ صياغة المادة 12(2) وألفاظها الدقيقة يقران بأن الحق في الصحة يشمل طائفة عريضة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تهيئ الظروف التي تسمح للناس بأن يعيشوا حياة صحية، كما تشمل المقومات الأساسية للصحة مثل الغذاء والتغذية، والمسكن، والحصول على مياه الشرب المأمونة والإصحاح الوافي، والعمل في ظروف آمنة وصحية، وبيئة صحية.

5- وتدرك اللجنة أن التمتع الكامل بالحق في الصحة لا يزال هدفاً بعيد المنال لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، وفي حالات عديدة، يزداد هذا الهدف ابتعاداً، خاصة لأولئ ك الذين يعيشون في حالة من الفقر. وتقر اللجنة بالعوائق الهيكلية الهائلة وغيرها من العوائق الناجمة عن عوامل دولية وعوامل أخرى لا قبل للدول بالسيطرة عليها وتحول دون الإعمال التام للمادة 12 في العديد من الدول الأطراف.

6- وبغية المساهمة في تنفيذ الدول الأطراف ل لعهد والوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير، يركز هذا التعليق العام على المضمون المعياري للمادة 12 (الجزء الأول)، والتزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، والانتهاكات (الجزء الثالث)، والتنفيذ على الصعيد الوطني (الجزء الرابع)، بينما يتناول الجزء الخامس التزامات الجهات الفاعلة بخلاف الدول الأطراف. وقد أعد هذا التعليق العام في ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة من دراستها لتقارير الدول الأطراف على مدى سنوات عديدة.

1- المضمون المعياري للمادة 12

7- تنص الفقرة 1 من المادة 12 على تعريف للحق في الصحة، بينما ترد ف ي الفقرة 2 من المادة 12 أمثلة توضيحية غير شاملة لالتزامات الدول الأطراف.

8- ولا ينبغي فهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بصحة جيدة فقط. فالحق في الصحة يشمل حريات وحقوقاً على حد سواء، أما الحريات فتتضمن حق الإنسان في التحكم في صحته وجسده، بما في ذلك ح ريته الجنسية والإنجابية، والحق في أن يكون في مأمن من التدخل، مثل الحق في أن يكون في مأمن من التعذيب، ومن معالجته طبياً أو إجراء تجارب طبية عليه بدون رضاه. وأما الحقوق فتشمل الحق في الاستفادة من نظام للحماية الصحية يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بأ على مستوى من الصحة يمكن بلوغه.

9- ويراعي مفهوم "أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه" الوارد في المادة 12(1) كلاً من الشروط الأساسية البيولوجية والاجتماعية الاقتصادية للفرد والموارد المتاحة للدولة. وثمة عدد من الجوانب التي لا يمكن التصدي لها في إطار العلاقة بين الدول والأفراد فحسب؛ وعلى وجه الخصوص، فالدولة لا تستطيع أن تكفل الصحة الجيدة، كما لا تستطيع الدول أن توفر الوقاية من كل سبب يمكن أن يؤدي إلى اعتلال صحة الإنسان. وهكذا فإن العوامل الوراثية، وقابلية الفرد للتعرض لاعتلال صحته، وانتهاجه لأساليب حياة غير صحية أ و خطرة، قد يكون لها دور هام فيما يتعلق بصحة الفرد. وبالتالي، يجب أن يُفهم الحق في الصحة على أنه الحق في التمتع بمجموعة متنوعة من المرافق والسلع، والخدمات، والظروف الضرورية لبلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة.

10- ومنذ اعتماد العهدين الدوليين في عام 1966، تغيرت حالة الصحة في العالم تغيراً جذرياً، وتعرض مفهوم الصحة لتغيرات جوهرية واتسع نطاقه فأدخل في الاعتبار مزيد من مقومات الصحة، مثل توزيع الموارد والفوارق بين الجنسين. كما أن التعريف الأوسع نطاقاً للصحة أصبح يراعي شواغل تتعلق بالحياة الاجتماعية مثل العنف والنزاع المسلح (4) . وعلاوة على ذلك، ازداد انتشار أمراض لم تكن معروفة سابقاً مثل فيروس نقص المناعة البشرية ومتلازمة نقص المناعة المكتسب، وغيرهما من الأمراض مثل السرطان، فضلاً عن النمو السريع في عدد سكان العالم، الأمر الذي أوجد عوائق جديدة أمام إعمال الحق في الصحة وه ي عوائق ينبغي مراعاتهـا عنـد تفسير المادة 12.

11- وتفسر اللجنة الحق في الصحة، وفقاً للتعريف الوارد في المادة 12(1)، على أنه حق شامل لا يقتصر على تقديم الرعاية الصحية المناسبة وفي حينها فحسب، بل يشمل أيضاً المقومات الأساسية للصحة مثل الحصول على مياه الشرب ا لمأمونة والإصحاح المناسب، والإمداد الكافي بالغذاء الآمن والتغذية والمسكن، وظروف صحية للعمل والبيئة، والحصول على التوعية والمعلومات فيما يتصل بالصحة، بما في ذلك ما يتصل منها بالصحة الجنسية والإنجابية. ويتمثل جانب هام آخر في مشاركة السكان في كامل عملية اتخاذ القرارات المرتبطة بالصحة على الصعد المجتمعية والوطنية والدولية.

12- ويشمل الحق في الصحة، بجميع أشكاله وعلى جميع المستويات، العناصر المترابطة والأساسية التالية التي يتوقف تطبيقها الدقيق على الظروف السائدة في دولة طرف محددة:

(أ) التوافر : يجب أن توفر الدولة الطرف القدر الكافي من المرافق العاملة المعنية بالصحة العامة والرعاية الصحية وكذلك من السلع والخدمات والبرامج. ويختلف الطابع المحدد للمرافق والسلع والخدمات وفقاً لعوامل عديدة، من بينها المستوى الإنمائي للدولة الطرف وإن كانت تتضمن المقومات الأساسية للصحة مث ل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، والمستشفيات، والعيادات، وغيرها من المباني المرتبطة بالصحة، والموظفين الطبيين والمهنيين المدربين الذين يحصلون على مرتبات تنافسية محلياً، والعقاقير الأساسية وفقاً لتعريفها في برنامج العمل المعني بالعقاقير الأساس ية الذي وضعته منظمة الصحة العالمية (5) .

(ب) إمكانية الوصول: ينبغي أن يتمتع الجميع، بدون تمييز، بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة (6) ، داخل نطاق الولاية القضائية للدولة الطرف. وتتسم إمكانية الوصول بأربعة أبعاد متداخلة هي:

عدم التم ييز: يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الاستفادة من المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة، ولا سيما أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز على أساس أي سبب عن الأسباب المحظورة (7) .

إمكانية الوصول المادي: ينبغي أن تكون ال مرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في المتناول المادي والآمن لجميع فئات السكان، خاصة الفئات الضعيفة أو المهمشة، مثل الأقليات الإثنية والشعوب الأصلية، والنساء، والأطفال، والمراهقين، وكبار السن، والمعوقين والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيد ز. كما أن إمكانية الوصول تعني ضمنياً أن تكون الخدمات الطبية والمقومات الأساسية للصحة، مثل مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح الكافية، في المتناول المادي والآمن للسكان بما في ذلك سكان المناطق الريفية. كذلك تشمل إمكانية الوصول تمكين المعوقين من الوصول إلى ال مباني.

الإمكانية الاقتصادية للحصول عليها (القدرة على تحمل نفقاتها): يجب أن يتمكن الجميع من تحمل نفقات المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة. وينبغي سداد قيمة خدمات الرعاية الصحية، والخدمات المرتبطة بالمقومات الأساسية للصحة، بناء على مبدأ الإنصاف، الذي يك فل القدرة للجميع، بما فيهم الفئات المحرومة اجتماعياً، على دفع تكلفة هذه الخدمات سواء أكانت مقدمة من القطاع الخاص أو من القطاع العام. ويقتضي الإنصاف عدم تحميل الأسر الفقيرة عبء مصروفات صحية لا يتناسب معها مقارنة بالأسر الأغنى منها.

إمكانية الوصول إلى المعلو مات: تشمل هذه الإمكانية الحق في التماس المعلومات والأفكار (8) المتعلقة بالمسائل الصحية والحصول عليها ونقلها. غير أنه لا ينبغي لإمكانية الوصول إلى المعلومات أن تؤثر على الحق في معاملة البيانات الصحية الشخصية بسرية.

(ج) المقبولية: إن جميع المرافق والسلع والخ دمات المرتبطة بالصحة ينبغي أن تراعي الأخلاق الطبية وأن تكون مناسبة ثقافياً، أي أن تحترم ثقافة الأفراد، والأقليات، والشعوب، والمجتمعات، وأن تراعي متطلبات الجنسين ودورة الحياة، فضلاً عن تصميمها بشكل يحترم السرية ويرفع مستوى الحالة الصحية للأشخاص المعنيين.

( د) الجودة : بالإضافة إلى ضرورة أن تكون المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة مقبولة ثقافياً، ينبغي أن تكون مناسبة علمياً وطبياً وذات نوعية جيدة. ويتطلب ذلك، في جملة أمور، موظفين طبيين ماهرين، وعقاقير ومعدات للمستشفيات معتمدة علمياً ولم تنته مدة صلاحيتها، ومياه شرب مأمونة، وإصحاحاً مناسباً.

13- وتقدم القائمة غير الشاملة للأمثلة الواردة في المادة 12(2) توجيهاً لتحديد الإجراءات التي يتعين على الدول اتخاذها. وتقدم أمثلة عامة محددة عن التدابير الناجمة عن التعريف الواسع النطاق للحق في الصحة الوارد في المادة 12(1 )، مبيِّنة بذلك مضمون ذلك الحق كما يتمثل في الفقرات التالية (9) .

المادة 12-2(أ) الحق في الصحة فيما يتعلق بالأم والطفل والصحة الإنجابية

14- يمكن أن يفهم "العمل على خفض معدل وفيات المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نمواً صحياً" (المادة 12-2(أ)) (10) ، على أنه يتطلب تدابير من أجل تحسين صحة الطفل والأم، والخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، بما في ذلك إمكانية الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية قبل الولادة وبعدها (11) ، وخدمات التوليد في حالات الطوارئ، والوصول إلى المعلومات، فضلاً عن الموارد اللازمة من أج ل العمل استنادا إلى تلك المعلومات (12) .

المادة 12-2(ب) الحق في التمتع ببيئة صحية في الطبيعة ومكان العمل

15- يشمل "تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية" (المادة 12-2(ب))، في جملة أمور، التدابير الوقائية فيما يتعلق بالحوادث والأمراض المهنية؛ وضرورة كفالة إمدادات كافية من مياه الشرب المأمونة والإصحاح الأساسي؛ ووقاية السكان والحد من تعرضهم للمواد الضارة مثل الأشعة والمواد الكيميائية الضارة أو غير ذلك من الظروف البيئية المؤذية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على صحة الإنسان (13) . وعلاوة على ذلك، فإن الصحة الصناعية تعني تقليل أسباب المخاطر الصحية الملازمة لبيئة العمل إلى الحد الأدنى، بقدر الإمكان عملياً (14) . وتشمل المادة 12-2(ب) أيضاً توفير مسكن ملائم وظروف عمل آمنة وصحية، وإمدادات كافية من الأغذية والتغذية الملائمة، وتثني عن تعاطي الكحوليات، واستهلاك التبغ ، والمخدرات، وغيرها من المواد الضارة.

المادة 12-2(ج) الحق في الوقاية من الأمراض وعلاجها ومكافحتها

16- تتطلب "الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها" (المادة 12-2(ج)) وضع برامج وقائية وتثقيفية فيما يتعلق بالشواغل ال صحية المرتبطة بالسلوك مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، ولا سيما فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والشواغل التي تؤثر سلبيا على الصحة الجنسية والإنجابية، وتعزيز المقومات الاجتماعية للصحة الجيدة مثل السلامة البيئية، والتعليم، والتنمية الاقتصادية، والمساواة بين الجنسين. ويشمل الحق في العلاج إنشاء نظام للرعاية الطبية العاجلة في حالات الحوادث، والأوبئة، والمخاطر الصحية المماثلة، وتقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في حالات الطوارئ. وتشير مكافحة الأمراض إلى الجهود التي تبذلها الدول بص ورة فردية أو مشتركة من أجل جملة أمور، من بينها إتاحة التكنولوجيات ذات الصلة باستخدام وتحسين نظم مراقبة الأوبئة وجمع البيانات على أساس مفصَّل، وتنفيذ أو تعزيز برامج التحصين وغيرها من استراتيجيات مكافحة الأمراض المعدية.

المادة 12-2(د) - الحق في الاستفادة من المرافق الصحية والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة (15)

17- تشمل "تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض" (المادة 12-2(د)) الجسدي والعقلي على حد سواء، توفير إمكانية الوصول على قدم المساواة وفي الوقت المناسب إلى الخدمات ا لصحية الأساسية الوقائية والعلاجية والتأهيلية، والتثقيف الصحي؛ وبرامج الفحص المنتظم؛ والعلاج الملائم للأمراض السائدة، والإصابات، وحالات العوق، ويفضل أن يكون ذلك عل الصعيد المجتمعي؛ وتوفير العقاقير الأساسية؛ والعلاج والرعاية المناسبة للصحة العقلية. ويتمثل أح د الجوانب الهامة الأخرى في تحسين وتعزيز مشاركة السكان في تقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، مثل تنظيم قطاع الصحة، ونظام التأمين، وخاصة المشاركة في القرارات السياسية المرتبطة بالحق في الصحة والمتخذة على كل من الصعيدين المجتمعي والوطني.

المادة 12 - موا ضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة في المعاملة

18- يحظر العهد، بموجب المادة 2-2 والمادة 3، أي تمييز في الحصول على الرعاية الصحية والمقومات الأساسية للصحة، وفي الوصول إلى وسائل وحقوق الحصول عليها، بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الد ين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو العجز البدني أو العقلي، أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو الميول الجنسية، أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي إلى انتقاص أو إبطال الحق في الصحة أو ممارسته على قدم المساواة، أو قد يترتب عليه ذلك الأثر. وتؤكد اللجنة إمكانية اتخاذ العديد من التدابير، مثل معظم الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى القضاء على التمييز المرتبط بالصحة، بقدر ضئيل من الآثار المترتبة على الموارد ع ن طريق اعتماد أو تعديل أو إلغاء التشريعات، أو نشر المعلومات. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3، التي تؤكد أنه حتى في الأوقات التي تشح فيها الموارد، يجب حماية أفراد المجتمع المعرضين للمخاطر باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة.

19- وفيما يتعلق با لحق في الصحة، يجب التركيز على تكافؤ فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الصحية. وتلتزم الدول التزاماً خاصاً بتوفير ما يلزم من التأمين الصحي ومرافق الرعاية الصحية للأفراد الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية، وبمنع أي تمييز يستند إلى الأسباب المحظورة دولياً في توفير الرعاية الصحية والخدمات الصحية، خاصة فيما يتعلق بالالتزامات الرئيسية في إطار الحق في الصحة (16) . فالتوزيع غير المتكافئ للموارد الصحية يمكن أن يؤدي إلى تمييز قد لا يكون سافراًً. وعلى سبيل المثال، لا ينبغي للاستثمارات أن تقدم دعماً غير متكافئ للخدما ت الصحية العلاجية الباهظة الثمن التي غالباً ما لا يستطيع الوصول إليها إلا شريحة صغيرة وثرية من السكان، بدلاً من دعم الرعاية الصحية الأولية والوقائية التي يستفيد منها الشريحة السكانية الأكبر بكثير.

المنظور الجنساني

20- توصي اللجنة بأن تدمج الدول منظوراً جنس انياً في سياساتها وخططها وبرامجها وبحوثها المرتبطة بالصحة بغية العمل على تحسين صحة الرجال والنساء على السواء. ويعترف النهج القائم على أساس الجنس بأن للعوامل البيولوجية والاجتماعية - الثقافية دوراً هاماً في التأثير على صحة الرجال والنساء. ومن الضروري تفصيل البيانات الصحية والاجتماعية - الاقتصادية حسب نوع الجنس لتحديد أوجه التفاوت في الصحة والعمل على معالجتها.

المرأة والحق في الصحة

21- يتطلب القضاء على التمييز ضد المرأة، وضع وتنفيذ استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز حق المرأة في الصحة طوال فترة حياتها. وينبغي أن ت شمل هذه الاستراتيجية تدخلات ترمي إلى وقاية المرأة ومعالجتها من الأمراض التي تصيبها، فضلاً عن سياسات من أجل إتاحة إمكانية الحصول على طائفة كاملة من خدمات الرعاية الصحية الراقية التي تتحمل المرأة تكاليفها، بما فيها الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية. وينبغي أ ن يكون ضمن الأهداف الرئيسية تقليل المخاطر الصحية التي تواجهها المرأة، ولا سيما تخفيض معدلات وفيات الأمومة وحماية المرأة من العنف المنزلي. ويتطلب إعمال حق المرأة في الصحة إزالة جميع الحواجز التي تعترض سبيلها للوصول إلى الخدمات والتعليم والمعلومات في مجال ال صحة، بما في ذلك في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. ومن الضروري أيضاً اتخاذ إجراءات وقائية، وتشجيعية، وعلاجية من أجل حماية المرأة من آثار الممارسات والقواعد الثقافية المتوارثة الضارة التي تحرمها من حقوقها الإنجابية.

الأطفال والمراهقون

22- تبيّن المادة 12-2(أ ) الحاجة إلى اتخاذ تدابير من أجل تخفيض معدل وفيات الرضع وتعزيز نمو الرضع والأطفال نمواً صحياً. وتعترف صكوك حقوق الإنسان الدولية اللاحقة بحق الأطفال والمراهقين في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبالوصول إلى مرافق علاج الأمراض (17) . كما أن اتفاقية حقوق الط فل توجه الدول نحو العمل على ضمان حصول الطفل وأسرته على الخدمات الصحية الأساسية، بما فيها الرعاية المناسبة للأمهات قبل الولادة وبعدها. وتربط الاتفاقية بين هذه الأهداف وكفالة الحصول على معلومات ملائمة للأطفال بشأن السلوك الوقائي والمعزز للصحة، وتقديم الدعم إ لى الأسر والمجتمعات من أجل تنفيذ هذه الممارسات. ويتطلب تنفيذ مبدأ عدم التمييز أن تتمتع الفتيات، وكذلك الأولاد، بالمساواة في الوصول إلى التغذية المناسبة، والبيئة الآمنة، والخدمات الصحية البدنية والعقلية. وثمة حاجة لاعتماد تدابير فعالة ومناسبة من أجل إلغاء ا لممارسات المتوارثة الضارة التي تؤثر على صحة الأطفال، ولا سيما الفتيات، بما في ذلك الزواج المبكر، وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى، وتفضيل الأطفال الذكور في التغذية والرعاية (18) ، كما ينبغي منح الأطفال المعوقين فرصة التمتع بحياة كاملة وكريمة، وبالاندماج في مج تمعاتهم.

23- وعلى الدول الأطراف أن توفر بيئة آمنة وداعمة للمراهقين تكفل لهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على صحتهم، وتعلمهم المهارات الحياتية، واكتساب المعلومات الملائمة، والحصول على المشورة، والتحدث عن الخيارات التي يتخذونها بشأن سلوكهم الصحي . ويتوقف إعمال حق المراهقين في الصحة على تطوير رعاية صحية ملائمة للشباب تحترم السرية والخصوصية، وتشمل الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية الملائمة.

24- وفي جميع السياسات والبرامج الرامية إلى ضمان حق الأطفال والمراهقين في الصحة، يتعين إيلاء الاعتبار الأساسي ل مصالحهم المباشرة.

كبار السن

25- وفيما يتعلق بإعمال حق كبار السن في الصحة، تعيد اللجنة التأكيد، وفقاً للفقرتين 34 و35 من التعليق العام رقم 6 (1995)، على أهمية اتباع نهج متكامل، يجمع بين عناصر العلاج الصحي الوقائي، والعلاجي، والتأهيلي. وينبغي أن تقوم هذه الت دابير على أساس فحوصات طبية دورية للجنسين؛ وتدابير تأهيل جسدي ونفسي ترمي إلى المحافظة على القدرات الوظيفية لكبار السن واستقلاليتهم؛ والاهتمام بالأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وميؤوس من علاجها ورعايتهم لتخفيف آلامهم ولتجنيبهم المهانة عند الوفاة.

المعوقون

26- ت ؤكد اللجنة من جديد الفقرة 34 من تعليقها العام رقم 5 التي تتناول مسألة المعوقين في سياق الحق في الصحة البدنية والعقلية. وعلاوة على ذلك، تؤكد اللجنة ضرورة العمل على جعل قطاع الصحة العام يمتثل لمبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالمعوقين، بل وأن يمتثل له أيضاً مقدم و الخدمات والمرافق الصحية من القطاع الخاص.

الشعوب الأصلية

27- على ضوء القانون الدولي الناشئ والممارسة الدولية الناشئة، والتدابير التي اتخذتها الدول مؤخراً فيما يتعلق بالشعوب الأصلية (19) ، ترى اللجنة أنه من المفيد تحديد العناصر التي تساعد في تعريف حق الشعوب الأصلية في الصحة بغية تمكين الدول التي يوجد فيها سكان أصليون من تنفيذ الأحكام الواردة في المادة 13 من العهد على نحو أفضل. وترى اللجنة أنه يحق للشعوب الأصلية التمتع بتدابير محددة من أجل تحسين إمكانية وصولها إلى الخدمات والرعاية الصحية. وينبغي أن تكون هذه ال خدمات الصحية مناسبة ثقافياً، وأن تأخذ في الاعتبار الرعاية الوقائية التقليدية، والممارسات العلاجية والأدوية. وعلى الدول أن توفر الموارد اللازمة للشعوب الأصلية من أجل تصميم وتقديم ومراقبة هذه الخدمات لكي تتمكن من التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية يمكن بلوغه. وينبغي أيضاً حماية النباتات والحيوانات والمعادن الطبية الأساسية اللازمة لتمتع الشعوب الأصلية بالصحة تمتعاً تاماً. وتشير اللجنة إلى أن صحة الفرد كثيراً ما ترتبط في مجتمعات السكان الأصليين بصحة المجتمع ككل وتتسم ببعد جماعي. وترى اللجنة، في هذا ال صدد، أن الأنشطة المرتبطة بالتنمية والتي تؤدي إلى تشريد الشعوب الأصلية ضد رغبتها من أقاليمها وبيئتها التقليدية، وتحرمها من مصادرها التغذوية، وتقطع علاقتها التكافلية بأراضيها، تؤثر تأثيراً ضاراً على صحتها.

القيود

28- تستخدم الدول أحياناً قضايا الصحة العامة ك مبررات لتقييد ممارسة حقوق أساسية أخرى. وتود اللجنة التأكيد على أن البند المتعلق بالقيود في العهد، والوارد في المادة 4، قد وُضع أساساً لحماية حقوق الأفراد وليس للسماح للدول بفرض قيود. وبالتالي، إذا قامت دولة طرف، على سبيل المثال، بتقييد حركة الأشخاص المصابي ن بأمراض معدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، أو بمنع الأطباء من معالجة الأشخاص الذين يُعتقد أنهم من معارضي الحكومة، أو لم توفر التطعيم اللازم ضد الأمراض المعدية الرئيسية في المجتمع، لدواع مثل الأمن القومي أو المحافظة على النظام العام، فإنه يتعين عل يها أن تبرر اتخاذها لهذه التدابير الخطيرة فيما يتعلق بكل عنصر من العناصر المحددة في المادة 4. وينبغي أن تتسق هذه القيود مع القانون، بما في ذلك مع معايير حقوق الإنسان الدولية، وأن تتفق وطبيعة الحقوق المحمية بموجب العهد، وأن تكون في صالح الأهداف الشرعية المت وخاة، وضرورية ضرورة تامة من أجل النهوض بالرفاه العام في مجتمع ديمقراطي.

29- وتمشياً مع المادة 5، يجب أن تكون هذه القيود تناسبية، أي يجب اعتماد أقل البدائل تقييداً عندما تتاح عدة أنواع من القيود. وحتى عندما يُسمح بهذه القيود أساساً لأسباب تتعلق بحماية الصحة العامة، ينبغي أن تكون مدتها محدودة، مع توفر إمكانية إعادة النظر فيها.

2- التزامات الدول الأطراف

التزامات قانونية عامة

30- لئن كان العهد ينص على الإعمال التدريجي لل حقوق ويسلم بالضغوط الناشئة عن محدودية الموارد المتاحة، فهو يفرض أيضا على الدول الأطراف التزا مات شتى لها أثر فوري. فعلى الدول الأطراف التزامات مباشرة فيما يتعلق بالحق في الصحة، مثل ضمان ممارسة الحق دون تمييز من أي نوع (المادة 2-2) والالتزام باتخاذ خطوات (المادة 2-1) نحو الإ عمال الكامل للمادة 12. ويجب أن تكون هذه الخطوات مدروسة وملموسة وهادفة إلى ا لإعمال الكامل للحق في الصحة (20) .

31- وينبغي ألا يفسر الإعمال التدريجي للحق في الصحة على مدى فترة زمنية على أنه يُفرغ التزامات الدول الأطراف من أي مضمون ذي أهمية، بل إن الإعمال التدريجي يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محددا ومستمرا بالتحرك بأقصى قدر من ا لسرعة والفعالية نحو الإعمال الكامل للمادة 12 (21) .

32- ومثلما هي الحال بالنسبة لجميع الحقوق الأخرى في العهد، هناك افتراض قوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بالحق في الصحة. وإذا اتخذت أي تدابير تراجعية عمداً، يقع على كاهل الدولة الطرف عبء إثبات أن هذه التدابير استحدثت بعد النظر بعناية قصوى في جميع البدائل، وأن هناك ما يبررها حقا بالرجوع إلى جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة (22) للدولة الطرف.

33- وبفرض الحق في الصحة، مثله في ذلك مثل جميع ح قوق الإنسان، ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف: الالتزامات، الاحترام والحماية والأداء . ويشتمل الالتزام بالأداء، بدوره، على التزامات بالتسهيل والتوفير والتعزيز (23) . ويتطلب الالتزام بالاحترام من الدول أن تمتنع عن التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في التمتع بالحق في الصحة. ويقتضي الالتزام بالحماية أن تتخذ الدول تدابير من شأنها أن تمنع أطرافا ثالثة من إعاقة ضمانات المادة 12. وأخيراً، يتطلب الالتزام بالأداء أن تعتمد الدول تدابير قانونية وإدارية وتدابير تتعلق بالميزانية وتدابير قضائية وتشجيعية م لائمة من أجل الإعمال الكامل للحق في الصحة.

التزامات قانونية محددة

34- إن الدول ملزمة بشكل خاص باحترام الحق في الصحة عن طريق جملة أمور منها عدم منع أو تقييد إتاحة فرص متكافئة لجميع الأشخاص بمن فيهم السجناء والمحتجزون أو الأقليات وطالبو اللجوء والمهاجرون غير الشرعيين، للحصول على الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والمسكنة؛ والامتناع عن إنفاذ ممارسات تمييزية كسياسة عامة للدولة؛ والامتناع عن فرض ممارسات تمييزية فيما يتعلق بأوضاع صحة المرأة واحتياجاتها. وعلاوة على ذلك، يشتمل الالتزام بالاحترام على التزام الدولة ب الامتناع عن حظر أو عرقلة الرعاية الوقائية، والممارسات العلاجية والأدوية التقليدية، والامتناع عن تسويق الأدوية غير المأمونة، وعن تطبيق معالجات طبية قسرية، إلا إذا كان ذلك على أساس استثنائي لعلاج مرض عقلي أو للوقاية من أمراض معدية أو لمكافحتها. وينبغي أن تخض ع هذه الحالات الاستثنائية لشروط محددة وتقييدية، تراعي أفضل الممارسات والمعايير الدولية المطبقة، بما فيها مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول أن تمتنع عن تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وغيره ا من وسائل الحفاظ على الصحة الجنسية والإنجابية، وعن ممارسة الرقابة على المعلومات المتعلقة بالصحة، بما فيها التربية والمعلومات الجنسية، أو احتجازها أو تعمد إساءة تفسيرها، وكذلك عن الحيلولة دون مشاركة الناس في المسائل المتصلة بالصحة. كما ينبغي للدول أن تمتنع عن التلويث غير القانوني للهواء والمياه والتربة، مثلما تفعل النفايات الصناعية الناتجة عن المرافق المملوكة للدولة، وعن استخدام أو تجريب أسلحة نووية أو بيولوجية أو كيميائية إذا كانت هذه التجارب سينتج عنها تسرب لمواد ضارة بصحة الإنسان، وعن تقييد الحصول على ال خدمات الصحية كتدبير عقابي مثلا، أثناء النـزاعات المسلحة بما في ذلك من انتهاك للقانون الإنساني الدولي.

35- وتشمل الالتزامات بالحماية جملة أمور منها واجبات الدول في اعتماد تشريع أو اتخاذ تدابير أخرى تكفل المساواة في فرص الحصول على الرعاية الصحية والخدمات الم تصلة بالصحة والتي توفرها أطراف ثالثة؛ وضمان ألا تشكل خصخصة قطاع الصحة تهديداً التوافر المرافق والسلع والخدمات الصحية وإمكانية الوصول إليها ومقبوليتها ونوعيتها؛ ومراقبة تسويق المعدات الطبية والأدوية من قبل أطراف ثالثة؛ وضمان استيفاء الممارسين الطبيين وغيرهم من المهنيين الصحيين لمعايير ملائمة من التعليم والمهارة وقواعد السلوك الأخلاقية. والدول ملزمة أيضا بضمان ألا تؤدي الممارسات الاجتماعية أو التقليدية الضارة إلى عرقلة الوصول إلى الرعاية أثناء الحمل أو بعد الولادة وإلى وسائل تنظيم الأسرة؛ ومنع أطراف ثالثة من إجبار المرأة على الخضوع لممارسات تقليدية، مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، واتخاذ تدابير لحماية كل فئات المجتمع الضعيفة أو المهمشة، لا سيما النساء والأطفال والمراهقون وكبار السن، من مظاهر العنف الجنساني. كما ينبغي للدول أن تضمن ألا تحد أطراف ثالثة من إمكانية حصول الناس على المعلومات والخدمات المتصلة بالصحة.

36- ويتطلب الالتزام بالأداء من الدول الأطراف جملة أمور من بينها الإقرار الوافي بالحق في الصحة في نظمها السياسية والقانونية الوطنية، ومن الأفضل أن يكون ذلك عن طريق التنفيذ التشريعي، وكذلك اعتماد سياس ة صحية وطنية مصحوبة بخطة تفصيلية لإعمال الحق في الصحة. ويجب على الدول كفالة تقديم الرعاية الصحية، بما فيها برامج للتحصين ضد الأمراض المعدية الخطيرة، وكفالة المساواة في التمتع بالمقومات الأساسية للصحة، مثل الأغذية السليمة من الناحية التغذوية والمياه الصالحة للشرب، والإصحاح الأساسي والسكن الملائم والظروف المعيشية المناسبة. وينبغي للهياكل الصحية الحكومية أن توفر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما فيها خدمات الأمومة الآمنة، خصوصا في المناطق الريفية. ويتعين على الدول أن تؤمن التدريب الملائم للأطباء وغيرهم من ال موظفين الطبيين، وتوفير عدد كاف من المستشفيات والمستوصفات وغير ذلك من المرافق ذات الصلة بالصحة، وتشجيع ودعم إنشاء مؤسسات تقدم المشورة وخدمات الصحة العقلية، مع إيلاء الاعتبار اللازم للتوزيع العادل في كافة أنحاء البلد. وهناك التزامات أخرى تشتمل على توفير نظا م تأمين صحي عام أو خاص أو مختلط يستطيع الجميع تحمل نفقاته، وعلى تشجيع البحث الطبي والتربية الصحية، فضلا عن الحملات الإعلامية، خاصة فيما يتعلق بالإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والصحة الجنسية والإنجابية، والممارسات التقليدية، والعنف المنزلي، والإف راط في شرب الكحول وتدخين السجائر، وتعاطي المخدرات وغيرها من المواد الضارة. والدول مطالبة أيضا باعتماد تدابير لمكافحة المخاطر الصحية البيئية والمهنية، وأي تهديد آخر توضحه البيانات الخاصة بالأوبئة. وتحقيقا لهذا الغرض ينبغي لها أن تضع وتنفذ سياسات وطنية تهدف إلى تقليل تلوث الهواء والمياه والتربة، بما في ذلك تلويثها بالمعادن الثقيلة مثل رصاص البنزين، والقضاء على هذا التلوث. وعلاوة على ذلك، فإن الدول الأطراف مطالبة بصياغة وتنفيذ سياسة وطنية متماسكة واستعراضها على نحو دوري للتقليل إلى أدنى حد من مخاطـر الحوادث وا لأمراض المهنية، فضلا عن توفير سياسة وطنية متماسكة بشأن السلامة والخدمات الصحية المهنية (25) .

37- ويتطلب الالتزام بالأداء (التسهيل) من الدول، ضمن جملة أمور ، أن تتخذ تدابير إيجابية تمكن الأفراد والمجتمعات من التمتع بالحق في الصحة وتساعدهم على ذلك. كذلك، فإن ا لدول الأطراف ملزمة بأداء (توفير) حق محدد وارد في العهد عندما يعجز الأفراد أو الجماعات، لأسباب خارجة عن مقدرتهم، عن التمتع بهذا الحق بالوسائل المتاحة لهم. والالتزام بتحقيق (تعزيز) الحق في الصحة يتطلب من الدول اتخاذ اجراءات أن تهيئ أسباب الصحة لسكانها وتحافظ عليها وأن تعالجها. وتشمل هذه الالتزامات: ‘1‘ تعزيز الاعتراف بالعوامل التي تساعد على تحقيق نتائج صحية إيجابية، مثل البحث وتوفير المعلومات؛ ‘2‘ ضمان ملاءمة الخدمات الصحية من الناحية الثقافية، وتدريب موظفي الرعاية الصحية على نحو يسمح بالاعتراف بالاحتياجات ال محددة للجماعات الضعيفة والمهمشة والاستجابة لهذه الاحتياجات؛ ‘3‘ ضمان قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بنشر المعلومات الملائمة المتعلقة بأساليب الحياة والتغذية الصحية، وبالممارسات التقليدية الضارة ومدى توافر الخدمات؛ ‘4‘ مساعدة الناس في أن يختا روا، عن علم، ما يناسب صحتهم.

الالتزامات الدولية

38- استرعت اللجنة، في تعليقها العام رقم 3، الانتباه إلى التزام جميع الدول الأطراف باتخاذ خطوات، سواء بمفردها أو من خلال المساعدة والتعاون الدوليين، خصوصا في المجالين الاقتصادي والتقني، صوب الإعمال الكامل للحق وق المعترف بها في العهد، مثل الحق في الصحة. وبروح المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة، والأحكام المحددة في العهد (المواد 12-2(1) و22 و23) وإعلان ألما - آتا المتعلق بالرعاية الصحية الأولية، ينبغي للدول الأطراف الاعتراف بالدور الأساسي للتعاون الدولي والامتثال ل تعهدها باتخاذ إجراءات مشتركة ومنفصلة لتحقيق الإعمال التام للحق في الصحة. وفي هذا الصدد، ينبغي للدول الأطراف أن ترجع إلى إعلان ألما - آتا الذي يعلن أن التفاوت الصارخ في الأوضاع الصحية للناس، خصوصا بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، فضلا عن بل وفي داخل ا لبلدان ذاتها، أمر لا يمكن قبوله من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو، بالتالي، محل اهتمام مشترك لجميع البلدان (26) .

39- ويتعين على الدول الأطراف، لكي تمتثل لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالمادة 12، أن تحترم التمتع بالحق في الصحة في بلدان أخرى، و أن تمنع أطرافا ثالثة من انتهاك هذا الحق في بلدان أخرى، إذا كانت تستطيع التأثير على أطراف ثالثة من خلال وسائل قانونية أو سياسية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الساري. وحسب توافر الموارد، ينبغي للدول أن تسهل الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الص حية الأساسية في بلدان أخرى، أينما كان ذلك ممكنا وأن توفر المساعدة الضرورية عند الاقتضاء (27) . وينبغي للدول الأطراف أن تضمن إيلاء الحق في الصحة الاهتمام الواجب في الاتفاقات الدولية، وتحقيقا لهذه الغاية، ينبغي لها أن تنظر في وضع المزيد من الصكوك القانونية. وف يما يتصل بإبرام اتفاقات دولية أخرى، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ الخطوات التي تكفل ألا تؤثر هذه الصكوك تأثيرا سلبيا على الحق في الصحة. وبالمثل، فإن الدول الأطراف ملزمة بضمان أن ما تتخذه من إجراءات كأعضاء في منظمات دولية تضع في الاعتبار المراعاة الواجبة للحق ف ي الصحة. وبناء على ذلك، ينبغي للدول الأطراف الأعضاء في مؤسسات مالية دولية، وعلى وجه الخصوص في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمصارف الإنمائية الإقليمية، أن تولي مزيدا من الاهتمام لحماية الحق في الصحة وذلك بالتأثير على سياسات الإقراض، واتفاقات الائتما ن وفي التدابير الدولية لهذه المؤسسات.

40- وتتحمل الدول الأطراف مسؤولية مشتركة وفردية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة التي تتخذها الجمعية العامة للأمم المتحدة وجمعية الصحة العالمية، للتعاون في تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمعونة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي لكل دولة أن تسهم في هذه المهمة بأقصى قدراتها. وينبغي إعطاء الأولوية لأكثر الفئات ضعفا أو تهميشا من السكان لدى تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل الم ياه الآمنة الصالحة للشرب، والأغذية واللوازم الطبية، والمعونات المالية. وعلاوة على ذلك، نظراً لأن بعض الأمراض تنتقل بسهولة إلى ما وراء حدود الدول، فإن المجتمع الدولي مسؤول بشكل جماعي عن معالجة هذه المشكلة. والدول الأطراف المتقدمة اقتصاديا تتحمل مسؤولية خاصة ولديها مصلحة خاصة في مساعدة الدول النامية الأشد فقراً في هذا الصدد.

41- وينبغي للدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض حظر أو تدابير شبيهة تقيّد إمداد دولة أخرى بالأدوية والمعدات الطبية الكافية. ولا ينبغي أبداً استخدام القيود على مثل هذه السلع كوسيل ة للضغط السياسي والاقتصادي. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بموقفها، الوارد في التعليق العام 8، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

42- ولئن كانت الدول وحدها هي الأطراف في العهد، وبالتالي فهي المسؤولة في نهاية المطاف عن الامتثال له، فإن جميع أعضاء المجتمع - الأفراد، بمن فيهم الموظفون الصحيون، والمجتمعات المحلية، والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن قطاع الأعمال التجارية الخاصة - يتحملون مسؤوليات فيما يتعلق بإعمال الح ق في الصحة. ومن ثم ينبغي للدول الأطراف أن تهيئ مناخا ييسر الوفاء بهذه المسؤوليات.

الالتزامات الأساسية

43- في التعليق العام رقم 3، تؤكد اللجنة أن على الدول الأطراف التزاما أساسيا بالعمل، على أقل تقدير، على ضمان المستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق الم نصوص عليها في العهد، بما فيها الرعاية الصحية الأولية الأساسية. وإذا قرئ إعلان ألما - آتا مقترنا بصكوك أحدث عهدا، مثل برنامج عمل المؤتمر الدولي المعني بالسكان والتنمية (28) ، يتبين أن هذا الإعلان (29) يتضمن توجيها إجباريا بشأن الالتزامات الأساسية الناشئة عن ال مادة 12. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذه الالتزامات الأساسية تشتمل على الأقل على الالتزامات التالية:

(أ) تأمين حق الاستفادة من المرافق الصحية والحصول على السلع والخدمات الصحية على أساس غير تمييزي، خصوصا للفئات الضعيفة والمهمشة؛

(ب) كفالة الحصول على الحد الأدنى الأساسي من الأغذية الذي يضمن الكفاية والسلامة من حيث التغذية، بغية تأمين التحرر من الجوع لكل الناس؛

(ج) كفالة الحصول على المأوى الأساسي، والسكن وخدمات الإصحاح، وإمدادات كافية من المياه النظيفة الصالحة للشرب؛

(د) توفير العقاقير الأساسية، على نحو م ا تم تحديده من وقت إلى آخر في إطار برنامج عمل منظمة الصحة العالمية المتعلق بالعقاقير الأساسية؛

(ه‍) تأمين التوزيع العادل لجميع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛

(و‍) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للصحة العامة، إذا ظهرت أدلة على وجود أوبئة، بحيث تتصديان للشواغل الصحية لجميع السكان، وينبغي تصميم الاستراتيجية وخطة العمل، واستعراضهما بشكل دوري، في سياق من المشاركة والشفافية، ويجب أن تشتملا على وسائل، مثل مؤشرات ومعالم الحق في الصحة، يمكن عن طريقها رصد التقدم رصدا دقيقا؛ وهذه العملية التي تصمم في سيا قها الاستراتيجية وخطة العمل، فضلا عن محتواهما، ينبغي أن تولي اهتماما خاصا لجميع الفئات الضعيفة أو المهمشة.

44- كما تؤكد اللجنة ما يلي كالتزامات ذات أولوية مماثلة:

(أ) كفالة الرعاية الصحية الإنجابية، والرعاية الصحية للأمومة (في أثناء الحمل وبعد الولادة) ول لطفولة؛

(ب) توفير التحصين ضد الأمراض المعدية الرئيسية التي تحدث في المجتمع؛

(ج) اتخاذ تدابير للوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة ومعالجتها ومكافحتها؛

(د) توفير التعليم وإتاحة الحصول على المعلومات المتعلقة بالمشاكل الصحية الرئيسية في المجتمع، بما في ذل ك طرق الوقاية والمكافحة؛

(ه‍) توفير التدريب الملائم للموظفين الصحيين، بما في ذلك التثقيف في مجال الصحة وحقوق الإنسان.

45- وقطعا للشك باليقين، ترغب اللجنة في التشديد على أن هناك التزاما خاصا على الدول الأطراف والجهات الفاعلة الأخرى التي يسمح لها وضعها بتقد يم المساعدة بأن تقدم من "المساعدة والتعاون الدوليين، لا سيما في المجال الاقتصادي والتَقَني (30) ، ما يمكن البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية والتزاماتها الأخرى المشار إليها في الفقرتين 43 و44 أعلاه.

3- الانتهاكات

46- عندما يطبق المحتوى المعياري ل لمادة 12 (الجزء الأول) على التزامات الدول الأطراف (الجزء الثاني)، تبدأ تشغيل عملية دينامية تسهل تحديد انتهاكات الحق في الصحة. وتقدم الفقرات التالية أمثلة على انتهاكات المادة 12.

47- عند تحديد الفعل أو التقصير الذي يتساوى مع انتهاك للحق في الصحة، لا بد من ا لتمييز بين عدم قدرة الدول الأطراف على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 12 وعدم رغبتها في الوفاء بتلك الالتزامات. ويتضح ذلك من المادة 12-1، التي تشير إلى أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، ويتضح أيضا من المادة 2-1 من العهد، التي تلزم كل دولة طرف باتخاذ الخطوات اللازمة في حدود أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. إن الدولة التي تتقاعس عن استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الصحة تنتهك بذلك التزاماتها بموجب المادة 12. وإذا حالت قلة الموارد دون أن تفي الدولة بكامل التزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع على كاهلها عبء إثبات أنها بذلت مع ذلك كل الجهود الممكنة لاستخدام كل الموارد المتاحة تحت تصرفها من أجل الوفاء، على سبيل الأولوية، بالالتزامات الموضحة أعلاه. غير أنه ينبغي التشديد على أنه لا يمكن لأي دولة طرف، أيا كانت الظروف، أن تبرر عدم وفائها بالالتزامات الأساسية المنص وص عليها في الفقرة 43 أعلاه، وهي التزامات غير قابلة للانتقاص منها.

48- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال إجراء مباشر تقوم به الدول أو جهات أخرى غير منظمة تنظيما كافيا من جانب الدولة. كما أن اعتماد أي تدابير تراجعية تخالف الالتزامات الأساسية بموج ب الحق في الصحة، والموضحة في الفقرة 43 أعلاه، يشكل انتهاكا للحق في الصحة. وتشمل الانتهاكات بالفعل الإلغاء أو التعليق الرسمي لتشريع ضروري لمواصلة التمتع بالحق في الصحة أو اعتماد تشريع أو سياسات تخالف بوضوح التزامات قانونية محلية أو دولية قائمة من قبل وتتصل بالحق في الصحة.

49- ويمكن أيضا أن تحدث انتهاكات للحق في الصحة من خلال تقصير الدول في اتخاذ التدابير اللازمة الناشئة عن الالتزامات القانونية أو عدم اتخاذها. وتشمل الانتهاكات بالفعل عدم اتخاذ الخطوات اللازمة صوب الإعمال الكامل لحق الجميع في التمتع بأعلى مستو ى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه، وعدم وجود سياسة وطنية بشأن السلامة والصحة المهنيتين فضلا عن الخدمات الصحية المهنية، وعدم إنفاذ القوانين ذات الصلة.

انتهاكات الالتزام بالاحترام

50- انتهاكات الالتزام بالاحترام هي إجراءات الدولة أو سياساتها أو قوانينها التي تخالف المعايير الواردة في المادة 12 من العهد والتي ينتج عنها في أغلب الظن ضرر بدني، وأمراض ووفيات كان من الممكن تجنبها. وتشمل الأمثلة الحرمان من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لأفراد أو فئات معينة نتيجة لتمييز بحكم القانون أو بحكم الواقع: الاحتجاز المتعمد أو سوء عرض المعلومات ذات الأهمية الحيوية لحماية الصحة أو العلاج؛ تعليق التشريع أو اعتماد قوانين أو سياسات تعوق التمتع بأي مكون من مكونات الحق في الصحة؛ وعدم أخذ الدولة في اعتبارها التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالحق في الصحة عند الدخول ف ي اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف مع دول أخرى، ومنظمات دولية وكيانات أخرى، مثل الشركات المتعددة الجنسيات.

انتهاكات الالتزام بالحماية

51- تنشأ انتهاكات الالتزام بالحماية من عدم اتخاذ الدولة كل التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من انتهاك حقه م في الصحة من جانب أطراف ثالثة. وتتضمن هذه الفئة أمثلة من التقصير مثل عدم تنظيم أنشطة الأفراد أو المجموعات أو الشركات لمنعها من انتهاك حق الآخرين في الصحة؛ وعدم حماية المستهلكين والعاملين من ممارسات ضارة بالصحة، من جانب أصحاب العمل ومنتجي الأدوية أو الأغذي ة مثلا، وعدم العمل على منع إنتاج وتسويق واستهلاك التبغ، والمخدرات وغيرها من المواد الضارة؛ وعدم حماية النساء من العنف أو ملاحقة مرتكبي العنف؛ وعدم محاربة الممارسة المتواصلة للتقاليد الطبية أو الثقافية المتوارثة الضارة؛ وعدم سن أو إنفاذ قوانين لمنع تلوث الم ياه، والهواء والتربة من جراء الصناعات الاستخراجية والتحويلية.

انتهاكات الالتزام بالأداء

52- تحدث انتهاكات الالتزام بالأداء من جراء عدم اتخاذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لكفالة إعمال الحق في الصحة. وتشمل الأمثلة على ذلك عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية لل صحة مصممة لكفالة حق الجميع في الصحة؛ قلة المصروفات أو سوء توزيع الموارد على نحو ينتج عنه عدم تمتع أفراد أو فئات، لا سيما الفئات الضعيفة أو المهمشة بالحق في الصحة؛ وعدم رصد إعمال الحق في الصحة على المستوى الوطني، عن طريق تحديد مؤشرات ومعالم الحق في الصحة مث لا؛ وعدم اتخاذ تدابير للحد من عدم الإنصاف في توزيع المرافق والسلع والخدمات الصحية؛ وعدم اعتماد نهج يراعي منظور الجنسين إزاء الصحة؛ وعدم تخفيض معدلات وفيات الرضع والأمومة.

4- التنفيذ على المستوى الوطني

التشريع الإطاري

53- تختلف أنسب التدابير لتنفيذ الحق في الصحة اختلافا واسعاً من دولة إلى أخرى. ولكل دولة هامش استنسابي في تقدير أنسب التدابير لظروفها المحددة. غير أن العهد، يفرض بوضوح على كل دولة واجب اتخاذ أي تدابير لازمة لضمان تمكين الجميع من الوصول إلى المرافق والسلع والخدمات الصحية لكي يتمتعوا، في أقرب وقت ممكن، بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه. وهذا يتطلب اعتماد استراتيجية وطنية لكفالة تمتع الجميع بالحق في الصحة، استنادا إلى مبادئ حقوق الإنسان التي تحدد أهداف هذه الاستراتيجية، وصياغة سياسات وما يقابلها من مؤشرات ومعالم خاصة بالحق في الصحة. ك ما ينبغي أيضا للاستراتيجية الوطنية للصحة أن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأهداف المقررة، فضلا عن أجدى وسيلة اقتصادية لاستخدام هذه الموارد.

54- وينبغي لصياغة وتنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للصحة أن يحترما، ضمن جملة أمور، مبدأي عدم التمييز والمشاركة الشعبية. ويجب، بشكل خاص، أن يكون حق الأفراد والجماعات في المشاركة في عمليات صنع القرارات التي قد تؤثر على تنميتهم مكونا لا غنى عنه لأي سياسة أو برامج أو استراتيجية يتم وضعها للوفاء بالالتزامات الحكومية بموجب المادة 12. ويجب العمل على تعزيز الصحة بمشاركة فع الة من المجتمع في تقرير الأولويات واتخاذ القرارات والتخطيط والتنفيذ وتقييم الاستراتيجيات الرامية إلى تحسين الصحة. ولا يمكن كفالة تقديم الخدمات الصحية بصورة فعالة إلا إذا سمحت الدول بالمشاركة الشعبية.

55- وينبغي أيضا للاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين في مجا ل الصحة أن تستندا إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، ذلك أن الحكم السليم أساسي للإعمال الفعال لجميع حقوق الإنسان، بما في ذلك إعمال الحق في الصحة. ومن أجل تهيئة مناخ مؤات لإعمال هذا الحق، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات ملائمة لضمان وع ي قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني ومراعاتهما لأهمية الحق في الصحة في تأدية أنشطتهما.

56- وينبغي للدول الأطراف أن تنظر في اعتماد قانون إطاري لوضع استراتيجيتها الوطنية المتعلقة بالحق في الصحة موضع التطبيق. وينبغي لهذا القانون الإطاري أن ينشئ آليا ت لرصد تنفيذ استراتيجيات وخطط عمل الصحة الوطنية. كما ينبغي أن يتضمن أحكاما بشأن الأهداف المراد تحقيقها والإطار الزمني لتحقيقها؛ والوسائل التي تمكن من بلوغ معالم الحق في الصحة؛ والتعاون المعتزم مع المجتمع المدني، الذي يشمل الخبراء في مجال الصحة، والقطاع الخ اص والمنظمات الدولية؛ والمسؤولية المؤسسية عن تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتين للصحة؛ وإجراءات التماس العون المحتملة. وعند رصد التقدم صوب إعمال الحق في الصحة، ينبغي للدول الأطراف أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذها لالتزاماتها.

المعايير و المؤشرات المتعلقة بالحق في الصحة

57- ينبغي للاستراتيجيات الوطنية للصحة أن تحدد مؤشرات ومعايير مناسبة بشأن الحق في الصحة.وينبغي تصمم المؤشرات على نحو يجعلها ترصد التزامات الدول الأطراف، بموجب المادة 12، على المستويين الوطني والدولي. ويمكن للدول أن تسترشد، فيما يتعلق بالمؤشرات الملائمة للحق في الصحة، والتي ينبغي أن تتناول شتى جوانب الحق في الصحة، بالعمل الجاري في منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة في هذا الشأن. وتتطلب مؤشرات الحق في الصحة بيانا تفصيليا للأسباب المحظورة للتمييز.

58- وبعد تحديد المؤشرات الملائمة للحق في الصحة، تُدعى الدول الأطراف إلى وضع معايير وطنية ملائمة تتصل بكل مؤشر من المؤشرات. وأثناء عملية إعداد التقارير الدورية ستدخل اللجنة في عملية تدقيق مع الدولة الطرف. ويشمل التدقيق النظر على نحو مشترك بين الدولة الطرف واللجنة في المؤ شرات وفي المعالم الوطنية التي ستحدد الأهداف المراد تحقيقها أثناء الفترة التي سيتناولها التقرير المقبل. وفي الخمس سنوات التالية، تستعين الدولة الطرف بهذه المعايير الوطنية في رصد تنفيذها للمادة 12. وبعد ذلك، في عملية إعداد التقرير اللاحقة، تنظر الدولة الطرف واللجنة فيما إذا كانت هذه المعايير قد تحققت أم لا، وفي أسباب أي صعوبات تكون قد واجهتها.

وسائل الانتصاف والمساءلة

59- ينبغي أن تتوفر لضحايا انتهاك الحق في الصحة سواء أكانوا أفرادا أم جماعات، إمكانية الوصول إلى وسائل الانتصاف القضائية الفعالة أو أي وسائل انت صاف أخرى على كل من المستويين الوطني والدولي (30) . وينبغي أن يكون من حق جميع الضحايا الذين تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات أن يحصلوا على تعويض مناسب، يمكن أن يأخذ شكل العودة إلى وضع سابق، أو التعويض، أو الترضية أو ضمانات بعدم التكرار. وينبغي أن يتصدى أمناء مظالم ولجان لحقوق الإنسان، أو جمعيات حماية المستهلكين أو جمعيات لحقوق المرضى أو مؤسسات مماثلة على المستوى الوطني لما يقع من انتهاكات للحق في الصحة.

60- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الصحة في القانون المحلي أن يؤدي إلى توسيع نطاق وفعالية تدابير الانتصاف ومن ثم ينبغي تشجيعها في جميع الحالات (31) . فهذا الدمج يمكن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الصحة إلى حد كبير، أو على الأقل إلى زيادة الالتزامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.

61- وينبغي للدولة الطرف أن تشجع القضاة وممارس ي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الصحة لدى ممارستهم لمهام وظائفهم.

62- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم نشاط المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمشة على إعمال حقها في الصح ة وأن تحمي هذا النشاط وتيسره وتعززه.

5- التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف

63- إن لدور وكالات وبرامج الأمم المتحدة، وخاصة الوظيفة الرئيسية المسندة إلى منظمة الصحة العالمية في إعمال الحق في الصحة على المستويات الدولية والإقليمية والقطرية، أهمية خاصة، مثل دور اليونيسيف فيما يتصل بحق الطفل في الصحة. وينبغي للدول الأطراف، عند صياغتها وتنفيذها لاستراتيجيتها الوطنية الخاصة بالحق في الصحة، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين اللذين تقدمهما منظمة الصحة العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدول الأطراف، عن د إعدادها لتقاريرها، أن تستغل المعلومات الغزيرة والخدمات الاستشارية لمنظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بجمع البيانات، وتفصيلها وفي وضع مؤشرات ومعالم الحق في الصحة.

64- وعلاوة على ذلك، ينبغي مواصلة بذل جهود متضافرة في سبيل إعمال الحق في الصحة بغية تعزيز التفا عل بين جميع الجهات الفاعلة المعنية، بما فيها مختلف عناصر المجتمع المدني. وبموجب المادتين 22 و23 من العهد، ينبغي لكل من منظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، والبنك الدولي، والمص ارف الإنمائية الإقليمية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، والهيئات ذات الصلة الأخرى داخل منظومة الأمم المتحدة، أن يتعاون على نحو فعال مع الدول الأطراف، بالاعتماد على خبرته، في مجال تنفيذ الحق في الصحة على المستوى الوطني، مع إيلاء الاعتبار الوا جب للولاية الفردية لكل من هذه المنظمات. وبوجه خاص، ينبغي للمؤسسات المالية الدولية، لا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن تولي اهتماما كبيرا لحماية الحق في الصحة في سياساتها الإقراضية، واتفاقاتها الائتمانية، وبرامجها المتعلقة بالتكيف الهيكلي. وعند ال نظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الوفاء بالالتزامات بموجب المادة 12، ستنظر اللجنة في أثر المساعدة المقدمة من جميع العناصر الفاعلة. ومن شأن قيام الوكالات المتخصصة والبرامج والهيئات التابعة للأمم المتحدة باعتماد نهج قائم على حقوق الإنسان أن ييسّر إلى حد بعيد إعمال الحق في الصحة. وستقوم اللجنة أيضا أثناء النظر في تقارير الدول الأطراف بدراسة دور الجمعيات المهنية الصحية وغيرها من المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بالتزامات الدول بموجب المادة 12.

65- ويتسم دور كل من منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المت حدة السامية لشؤون اللاجئين، ولجنة الصليب الأحمر الدولية/ الهلال الأحمر واليونيسيف، فضلا عن المنظمات غير الحكومية والجمعيات الطبية الوطنية، بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ، بما في ذلك تقديم المساعدة إلى اللاجئين والمشردين داخليا. وينبغي إعطاء الأولوية في تقديم المساعدة الطبية الدولية، وتوزيع الموارد وإدارتها، مثل المياه النظيفة الصالحة للشرب، والأغذية والإمدادات الطبية والمعونات المالية إلى أضعف المجموعات السكانية وأشدها تعرضا للتهميش.

اعتُمد في 11 أيار/م ايو 2000.

الحواشي

(1) على سبيل المثال، يجوز قانونياً إنفاذ مبدأ عدم التمييز فيما يتعلق بالمرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة في العديد من الولايات القضائية الوطنية.

(2) في قرارها 1989/11.

(3) إن المبادئ المتعلقة بحماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحس ين العناية بالصحة العقلية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991 (القرار 46/119) والتعليق العام للجنة رقم 5 بشأن المعوقين، ينطبقان على الأشخاص المصابين بمرض عقلي؛ ويرد في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية المعقود في القاهرة في عام 1 994، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة المعقود في بيجين في عام 1995، تعريف للصحة الإنجابية ولصحة المرأة على التوالي.

(4) المادة 3 المشتركة بين اتفاقيـات جنيف بشأن حماية ضحايا الحرب (1949)؛ والبروتوكول الإضافي الأول (1977) ال متعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية، المادة 75(2) (أ)؛ والبروتوكول الإضافي الثاني (1977) المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية، المادة 4(أ).

الحواشي ( تابع )

(5) انظر القائمة النموذجية لمنظمة الصحة العالمية بشأن العقاقير الأساسية، المن قحة في كانون الأول/ديسمبر 1999، المعلومات الدوائية لمنظمة الصحة العالمية ، المجلد 13، رقم 4، 1999.

(6) تشمل أي إشارة في هذا التعليق العام إلى المرافق والسلع والخدمات المرتبطة بالصحة المقومات الأساسية للصحة الموجزة في الفقرتين 11 و12(أ‍) من هذا التعليق الع ام، ما لم يرد نص صريح بخلاف ذلك.

(7) انظر الفقرتين 18 و19 من هذا التعليق العام.

(8) انظر المادة 19-2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويركز هذا التعليق العام بشكل خاص على إمكانية الوصول إلى المعلومات بسبب أهمية هذه المسألة الخاصة فيما يتع لق بالصحة.

(9) في الأدبيات والممارسات المتعلقة بالحق في الصحة، كثيراً ما ترد الإشارة إلى ثلاثة مستويات من الرعاية الصحية هي: الرعاية الصحية الأولية التي تتناول عادة الأمراض الشائعة والبسيطة نسبياً ويقدمها موظفون صحيون و/أو أطباء مدربون تدريباً عاماً يعمل ون داخل المجتمع المحلي وبتكلفة منخفضة نسبياً؛ والرعاية الصحية الثانوية التي تقدم في المراكز، وهي مستشفيات عادة، وتتناول بصورة عامة الأمراض الشائعة البسيطة أو الخطيرة نسبياً التي لا يمكن علاجها على صعيد المجتمع المحلي، وتستخدم موظفين صحيين وأطباء مدربين على تخصصات محددة، ومعدات خاصة، وتقدم الرعاية للمرضى الداخليين أحياناً بتكلفة مرتفعة مقارنة مع الرعاية الأولية؛ والرعاية الصحية من المرتبة الثالثة التي تقدم في عدد ضئيل نسبياً من المراكز، وتتناول عادة عددا صغيرا من الأمراض البسيطة أو الخطيرة التي تتطلب موظفين صحيين وأطباء مدربين على تخصصات محددة ومعدات خاصة، وغالباً ما تكون باهظة التكلفة نسبياً. ونظراً إلى أن أنواع الرعاية الصحية الأولية والثانوية ومن المرتبة الثالثة كثيراً ما تتداخل وغالباً ما تتفاعل، فإن هذا التصنيف لا يقدم دائماً المعايير الكافية للتفرقة بين ها على نحو يساعد على تحديد مستويات الرعاية الصحية التي يجب أن تقدمها الدول الأطراف، وبالتالي يكون الإسهام المقدم محدوداً فيما يتعلق بالفهم المعياري للمادة 12.

(10) وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لم يعد معدل المواليد الموتى يستخدم بشكل عام، وحل محله معدلات و فيات الرضع والأطفال دون سن الخامسة.

(11) يشير مصطلح "السابق للولادة" ما يوجد أو يحدث قبل الولادة؛ ويشير مصطلح "ما حول الولادة" إلى الفترة الوجيزة قبل الولادة وبعدها (وفقاً للإحصاءات الطبية تبدأ هذه الفترة عند إتمام 28 أسبوعاً من بداية الحمل ويتراوح تعريف نهايتها ما بين الأسبوع الأول والرابع بعد الولادة)؛ أما مصطلح "الوليدي"، فيغطي الفترة المرتبطة بأول أربعة أسابيع بعد الولادة؛ ويشير مصطلح "ما بعد الولادة" إلى ما يحدث بعد الولادة. ويقتصر هذا التعليق العام على استخدام المصطلحين العامين "ما قبل الولادة" و"ما بعد الولادة".

(12) تعني الصحة الإنجابية أن يتمتع النساء والرجال بحرية اختيار الإنجاب كلما أرادوا، وتشمل الحق في معرفة الوسائل الآمنة والفعالة والمقبولة والميسورة مالياً لتنظيم الأسرة والوصول إلى هذه الوسائل وفقاً لاختيارهم، فضلاً عن الحق في الوصول إلى خدم ات الرعاية الصحية المناسبة التي ستمكِّن النساء، على سبيل المثال، من إتمام فترة الحمل والولادة بسلامة.

الحواشي ( تابع )

(13) وتحيط اللجنة علماً في هذا الصدد بالمبدأ 1 من إعلان ستكهولم لعام 1972 الذي ينص على ما يلي: "يتمتع الفرد بالحق الأساسي في الحرية، والمس اواة، وظروف معيشية مناسبة، وفي بيئة ذات نوعية تسمح بالعيش في كرامة ورفاه"، كما تحيط علماً بالتطورات الأخيرة في القانون الدولي، بما في ذلك قرار الجمعية العامة 45/94 بشأن ضرورة ضمان وجود بيئة صحية من أجل رفاه الأفراد؛ والمبدأ 1 من إعلان ريو؛ وصكوك حقوق الإنس ان الإقليمية مثل المادة 10 من بروتوكول سان سلفادور الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.

(14) اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 155، المادة 4-2.

(15) انظر الفقرة 12(ب) والحاشية 8 أعلاه.

(16) للاطلاع على الالتزامات الرئيسية، انظر الفقرتين 43 و44 من هذ ا التعليق العام.

(17) المادة 24 (1) من اتفاقية حقوق الطفل.

(18) انظر قرار جمعية الصحة العالمية 47 - 10 لعام 1994 والمعنون "صحة الأم والطفل وتنظيم الأسرة: الممارسات التقليدية الضارة بصحة الأم والطفل".

(19) تشمل القواعد الدولية الناشئة الأخيرة المتصلة بال شعوب الأصلية اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة (1989)؛ والمادتين 29 (ج) و(د) و30 من اتفاقية حقوق الطفل (1989)؛ والمادة 8(ي) من الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي (1992)، التي توصي الدول باحترام معارف واب تكارات وممارسات مجتمعات السكان الأصليين وصونها والمحافظة عليها، وجدول أعمال القرن 21 التابع لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (1992)، خاصة الفصل 26؛ والفقرة 20 من الجزء الأول من إعلان وبرنامج عمل فيينا (1993)، التي تنص على ضرورة أن تتخذ الدول خط وات إيجابية منسقة من أجل كفالة احترام جميع حقوق الإنسان للشعوب الأصلية على أساس عدم التمييز. وانظر أيضاً ديباجة الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المتعلقة بتغير المناخ (1992) والمادة 3 منها؛ والمادة 10 (2) (ه‍) من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في الب لدان التي تعاني من الجفاف الشديد و/أو من التصحر، وبخاصة في أفريقيا (1994). وخلال السنوات الأخيرة، قام عدد متزايد من الدول بتعديل دساتيرها والأخذ بتشريعات تعترف بالحقوق الخاصة بالشعوب الأصلية.

(20) انظر التعليق العام رقم 13، الفقرة 43.

(21) انظر التعليق ا لعام رقم 3، الفقرة 9؛ والتعليق العام رقم 13، الفقرة 44.

(22) انظر التعليق العام رقم 3، الفقرة 9؛ والتعليق العام رقم 13، الفقرة 45.

(23) وفقا للتعليقين العامين رقمي 12 و13، يشتمل الالتزام بالتحقيق على التزام بالتسهيل والتزام بالتوفير. وفي هذا التعليق العا م، يشتمل الالتزام بالأداء أيضا على التزام بالتعزيز نظرا للأهمية البالغة لتعزيز الصحة في عمل منظمة الصحة العالمية وغيرها.

الحواشي ( تابع )

(24) قرار الجمعية العامة 46/119 (1991).

(25) عناصر مثل هذه السياسة هي التعرف والتحديد والترخيص والمكافحة فيما يتعلق با لمواد والمعدات والعوامل وعمليات العمل الخطيرة؛ توفير المعلومات الصحية للعاملين، وتوفير ملابس ومعدات وقائية مناسبة إذا دعت الحاجة إليها؛ وإنفاذ القوانين واللوائح من خلال التفتيش الكافي؛ وشرط الإبلاغ بالحوادث والأمراض المهنية، وإجراء تحقيقات في الحوادث والأم راض الخطيرة وإعداد إحصاءات سنوية؛ وحماية العمال وممثليهم من التدابير التأديبية التي تتخذ ضدهم بسبب إجراءات سليمة اتخذوها وفقا لهذه السياسة؛ وتوفير خدمات صحية مهنية لها وظائف وقائية أساساً. انظر اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن السلامة والصحة المهنيتين، 19 81 (رقم 155)، والاتفاقية بشأن خدمات الصحة المهنية، 1985 (رقم 161).

(26) المادة الثانية من إعلان ألما - آتا، تقرير المؤتمر الدولي المعني بالرعاية الصحية الأولية، 6-12 أيلول/سبتمبر 1978، في: منظمة الصحة العالمية، "سلسلة الصحة للجميع"، رقم 1 منظمة الصحة العا لمية، جنيف، 1978.

(27) انظر الفقرة 45 من هذا التعليق العام.

(28) تقرير المؤتمر الدولي المعني بالسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 أيلول/سبتمبر 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.95.XIII.18)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق، الفصلان السابع والثامن.

(29) العهد، المادة 2-1.

(30) بصرف النظر عما إذا كان يمكن للفئات بصفتها هذه أن تسعى للانتصاف بوصفها صاحبة حقوق مميزة، فإن الدول الأطراف ملزمة بالمادة 12 بكل من البعدين الجماعي والفردي. والحقوق الجماعية لها أهمية كبيرة في ميدان الصحة؛ والسياسة الحديثة للصحة العا مة تعتمد بشدة على الحماية والتشجيع وهما نهجان موجهان أساساً إلى الجماعات.

(31) انظر التعليق العام رقم 2، الفقرة 9.

الدورة التاسعة والعشرون (2002)

التعليق العام رقم 15: الحق في الماء (المادتان 11 و12 من العهد)

أولاً - مقدمة

1- إن الماء مورد طبيعي محدود، و سلعة عامة أساسية للحياة والصحة. وحق الإنسان في الماء هو حق لا يمكن الاستغناء عنه للعيش عيشة كريمة. وهو شرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى. وقد واجهت اللجنة باستمرار مشكلة الحرمان على نطاق واسع من الحق في الماء في البلدان النامية وكذلك في البلدان المتقدمة النمو. ولا يستطيع أكثر من بليون شخص الحصول على الإمدادات الأساسية للمياه، بينما لا تتوفر لعدة بلايين من الأشخاص مرافق صحية مناسبة، وذلك هو السبب الأول لتلوث المياه والإصابة بأمراض منقولة بالمياه (1) . ويؤدي استمرار تلوث المياه واستنفادها وتوزيعها بصورة غير ع ادلة إلى تفاقم الفقر السائد. ويتعين على الدول الأطراف اعتماد تدابير فعالة لإعمال الحق في الماء، دون تمييز، على النحو المشار إليه في هذا التعليق العام.

الأسس القانونية للحق في الماء

2- إن حق الإنسان في الماء يمنح كل فرد الحق في الحصول على كمية من الماء تكون كافية ومأمونة ومقبولة ويمكن الحصول عليها مادياً كما تكون ميسورة التكلفة لاستخدامها في الأغراض الشخصية والمنزلية. فتوفير كمية كافية من الماء المأمون هو أمر ضروري لمنع الوفاة بسبب فقدان جسم الإنسان للسوائل، والحد من مخاطر الإصابة بأمراض منقولة بالمياه كما أ نه ضروري للاستهلاك والطهي والمتطلبات الصحية الشخصية والمنزلية.

3- وتحدد الفقرة 1 من المادة 11 من العهد عدداً من الحقوق الناشئة عن إعمال الحق في مستوى معيشي كافٍ، والتي لا يمكن الاستغناء عنها لإعمال ذلك الحق، بما في ذلك "... ما يفي بحاجتهم من الغذاء، والكسا ء، والمأوى". ويشير استخدام عبارة "بما في ذلك" إلى أن قائمة الحقوق هذه لا يراد منها أن تكون حصرية. وبالطبع فإن الحق في الماء يقع ضمن فئة الضمانات الأساسية لتأمين مستوى معيشي كافٍ، نظراً إلى أنه واحد من أهم الشروط الأساسية للبقاء. وفضلاً عن ذلك، اعترفت اللجن ة سابقاً بأن الحصول على الماء حق من حقوق الإنسان يرد في الفقرة 1 من المادة 11 من العهد (انظر التعليق العام رقم 6 (1995)) (2) . كما أن الحق في الماء هو حق لا يمكن فصله عن الحق في أعلى مستوى من الصحة الجسمية يمكن بلوغه (الفقرة 1 من المادة 12) (3) والحق في مأوى مناسب وغذاء كافٍ (الفقرة 1 من المادة 11) (4) . كما ينبغي النظر إلى هذا الحق بالاقتران مع حقوق أخرى مجسّدة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة والكرامة الإنسانية.

4- وقد اعترفت مجموعة واسعة من الوثائق الدولية، بما فيها المعاهدات والإعلانات و غيرها من المعايير (5) ، بالحق في الماء. فمثلاً، تنص الفقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق ب‍ [...] الإمداد بالماء". وتطالب الفقرة 2 م ن المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بمكافحة الأمراض وسوء التغذية "عن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية".

5- وقد عالجت اللجنة باستمرار مسألة الحق في الماء خلال نظرها في تقارير الدول الأطراف، وفقاً لمبادئها التوجيهية العامة ال منقحة المتعلقة بشكل ومضمون التقارير التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب المادتين 16 و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعليقاتها العامة.

6- إن الماء ضروري لتحقيق طائفة من الأغراض المختلفة، لإعمال العديد من الحقوق الم نصوص عليها في العهد، إلى جانب استخداماته للأغراض الشخصية والمنزلية. فالماء ضروري مثلاً لإنتاج الغذاء (الحق في غذاء كافٍ) وضمان الصحة البيئية (الحق في الصحة). والماء ضروري لتأمين سبل العيش (الحق في كسب الرزق من خلال العمل) والتمتع ببعض الممارسات الثقافية (ا لحق في المشاركة في الحياة الثقافية). ومع ذلك، ينبغي، عند توزيع الماء، إعطاء الأولوية للحق في الماء للاستخدامات الشخصية والمنزلية. كما ينبغي إيلاء الأولوية لموارد المياه اللازمة لمنع وقوع المجاعات والأمراض، وكذلك الماء اللازم للوفاء بالالتزامات الأساسية بشأ ن كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد (6) .

الماء والحقوق المنصوص عليها في العهد

7- تشير اللجنة إلى أهمية ضمان الوصول إلى موارد المياه على نحو مستدام لأغراض الزراعة بغية إعمال الحق في الغذاء الكافي (انظر التعليق العام رقم 12(1999) (7) وينبغي إيلاء اعتبار ل ضمان وصول المزارعين المحرومين والمهمشين، بمن فيهم المزارعات، وصولاً منصفاً إلى موارد المياه ونظم إدارتها، بما في ذلك التكنولوجيا المستدامة لجمع مياه الأمطار وللري. ومراعاة للواجب المنصوص عليه في الفقرة (2) من المادة 1 من العهد، التي تنص على أنه لا يجوز حرم ان شعب "من وسيلة عيشه"، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكون هناك سبيل للوصول إلى المياه بشكل كاف لأغراض الزراعة الكفافية ولضمان سبل رزق الشعوب الأصلية (8) .

8- وتشمل الصحة البيئية، كجانب من جوانب الحق في الصحة المنصوص عليها في الفقرة 2(ب) من المادة 12 من الع هد، اتخاذ خطوات على أساس غير تمييزي لدرء المخاطر الصحية الناجمة عن كون المياه غير مأمونة وسامة (9) . فمثلاً، يتعين على الدول الأطراف أن تكفل حماية الموارد المائية الطبيعية من التلوث بسبب المواد الضارة والجراثيم الممرضة. وبالمثل، يتعين على الدول أن تراقب وتكا فح الحالات التي تشكل فيها النظم الإيكولوجية المائية موئلاً لناقلات الأمراض أينما شكلت خطراً على بيئات معيشة الإنسان (10) .

9- وبغية مساعدة الدول الأطراف في تنفيذ العهد والامتثال بالكامل لالتزاماتها بتقديم التقارير، يركز التعليق العام هذا، في الجزء ثانياً، عل ى المضمون المعياري للحق في الماء المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12، وعلى التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً) وعلى الانتهاكات (الجزء رابعاً) وعلى التنفيذ على المستوى الوطني (الجزء خامساً)، بينما يتم في الجزء سادساً معالجة التزامات الجهات ال أخرى غير الدول الأعضاء.

ثانياً - المضمون المعياري للحق في الماء

10- يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً. وتتضمن الحريات الحق في مواصلة الاستفادة من الإمدادات الموجودة للمياه اللازمة لإعمال الحق في الماء، والحق في عدم التعرض للتدخل، مثل الحق في عدم التعرض لوقف تسعفي لإمدادات المياه أو تلوثها، وبالمقابل، تتضمن الحقوق الحق في نظام للإمدادات بالمياه وإدارتها يتيح التكافؤ في الفرص أمام الناس للتمتع بالحق في الماء.

11- وينبغي أن تكون عناصر الحق في الماء كافية لصون كرامة الإنسان وحياته وصحته، وفقاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. وينبغي عدم تفسير كفاية الماء تفسيراً ضيقاً يقتصر على الناحيتين الكمية والتكنولوجية، بل ينبغي معالجة الماء كسلعة اجتماعية وثقافية لا كسلعة اقتصادية بالدرجة الأولى. كما ينبغي أن تكون طريقة إعمال الحق في الماء مستدامة، تضمن إم كانية إعمال ذلك الحق للأجيال الحالية والمقبلة (11) .

12- ولئن كانت كفاية الماء اللازم لضمان التمتع بالحق في الماء تتفاوت وفقاً لظروف مختلفة، فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تنطبق على جميع الظروف:

(أ) التوافر . ينبغي أن يكون إمداد الماء لكل شخص كافياً ومستمرا ً للاستخدامات الشخصية والمنزلية (12) . وتتضمن هذه الاستخدامات بصورة عادية الشرب، والإصحاح الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الغذاء، والصحة الشخصية وصحة الأسرة (13) . وينبغي أن تتمشى كمية الماء المتوفر لكل شخص مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية (14) . وقد يح تاج بعض الأفراد والمجموعات أيضاً إلى كميات إضافية من الماء بسبب الظروف الصحية والمناخية وظروف العمل؛

(ب) النوعية . ينبغي أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميا ئية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً لصحة الشخص (15) . وفضلاً عن ذلك، ينبغي أن يكون الماء ذا لون ورائحة وطعم مقبول لكل استخدام من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية.

(ج) إمكانية الوصول . ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته متوفرةً للجميع دون تمييز، داخل نطا ق الولاية القضائية للدولة الطرف. ولإمكانية الوصول أربعة أبعاد متداخلة:

` 1 ` إمكانية الوصول المادي : ينبغي أن يكون الماء ومرافقه وخدماته المناسبة في المتناول المادي والمأمون لجميع فئات السكان. ويجب أن يكون بالإمكان الوصول إلى الماء الكافي والمأمون والمقبول ضم ن كل أسرة معيشية ومؤسسة تربوية ومحل عمل أو في منطقة مجاورة لها (16) . ويجب أن تكون جميع مرافق وخدمات الماء ذات نوعية كافية ومناسبة ثقافياً وأن تراعي حاجات الجنسين ودورة الحياة ومتطلبات الخصوصية. وينبغي ألا يتعرض أمن الفرد للخطر أثناء الوصول إلى مرافق وخدمات الماء؛

` 2 ` إمكانية الوصول اقتصادياً : يجب أن يكون بإمكان الجميع تحمل نفقات الماء ومرافقه وخدماته، وتحمل التكاليف المباشرة وغير المباشرة والرسوم المرتبطة بتأمين الماء. وينبغي ألا تعرض هذه التكاليف والرسوم إعمال الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد للخطر؛

` 3 ` عدم التمييز : يجب أن يتمتع الجميع بإمكانية الوصول إلى الماء ومرافقه وخدماته، بمن فيهم أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان بحكم القانون وبحكم الواقع، دون أي تمييز قائم على أي من الأسباب المحظورة؛

` 4 ` إمكانية الحصول على المعلومات : وتشمل الحق في التماس ا لمعلومات المتعلقة بقضايا الماء والحصول عليها ونقلها (17) .

مواضيع محددة ذات انطباق عام

عدم التمييز والمساواة

13- إن التزام الدول الأطراف بضمان التمتع بالحق في الماء دون تمييز (الفقرة 2 من المادة 2) وعلى قدم المساواة بين الرجل والمرأة (المادة 3) يتخلل جميع ال التزامات المنصوص عليها في العهد. وهكذا فإن العهد يحظر أي تمييز يقوم على العرق أو اللون أو الجنس أو السن أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو العجز البدني أو العقلي أو الحالة الصحية (بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز) أو الميول الجنسية أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر يرمي أو يؤدي إلى إبطال أو إعاقة التمتع على قدم المساواة بالحق في الماء أو ممارسة هذا الحق. وتذكر اللجنة بالفقرة 12 من التعليق العام رقم 3 ( 1990) الذي يشير إلى أنه حتى في الأوقات التي تشتد فيها القيود على الموارد، يجب حماية الأفراد الضعفاء في المجتمع باعتماد برامج هادفة منخفضة التكلفة نسبياً.

14- وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير للقضاء على التمييز القائم بحكم الأمر الواقع على أسس محظورة والذي يتم في إ طاره حرمان الأفراد والمجموعات من السبل أو الحقوق اللازمة لإعمال الحق في الماء. وينبغي للدول الأطراف أن تكفل أن يؤدي تخصيص الموارد المائية والاستثمارات في المياه إلى تيسير وصول جميع أفراد المجتمع إلى الماء. فتخصيص الموارد بصورة غير مناسبة يمكن أن يؤدي إلى ا لتمييز الذي قد لا يكون سافراً. فمثلاً، ينبغي ألا تفضل الجهات المستثمرة الاستثمار، بصورة غير متناسبة، في خدمات ومرافق الإمداد بالمياه الباهظة الثمن والتي لا يكون بإمكان إلا جزء صغير محظوظ من السكان الوصول إليها في الغالب، بدلاً من الاستثمار في خدمات ومرافق تفيد جزءاً أكبر بكثير من السكان.

15- ويقع على عاتق الدول الأطراف، فيما يتعلق بالحق في الماء، التزام خاص بتوفير ما هو ضروري من ماء ومرافق خاصة به للأشخاص الذين لا يملكون الوسائل الكافية، ومنع أي تمييز يقوم على أسس محظورة دولياً في توفير الماء والخدمات المت صلة به.

16- وفي حين أن الحق في الماء ينطبق على الجميع، يتعين على الدول الأطراف أن تولي اهتماماً خاصاً لفئات الأفراد والمجموعات التي تواجه بصورة تقليدية صعوبات في ممارسة هذا الحق، بمن فيها النساء والأطفال ومجموعات الأقليات والسكان الأصليون واللاجئون أو ملت مسو اللجوء والمشردون داخلياً والعمال المهاجرون والسجناء والمحتجزون. ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ على وجه الخصوص الخطوات لضمان ما يلي:

(أ) عدم استبعاد المرأة من عمليات صنع القرار المتعلقة بموارد الماء أو الحقوق المتعلقة به. وينبغي تخفيف العبء غير المتن اسب الذي تتحمله المرأة عند جمع الماء؛

(ب) عدم حرمان الأطفال من التمتع بما لهم من حقوق الإنسان بسبب عدم توفر الماء الكافي في المؤسسات التعليمية والأسر المعيشية أو من خلال تحملهم لعبء جلب الماء. وينبغي على وجه الاستعجال معالجة مسألة توفير الماء المناسب للمؤ سسات التعليمية التي تعاني حالياً من انعدام الماء الصالح للشرب؛

(ج) أن تتوفر للمناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة مرافق مياه تتم صيانتها بصورة صحيحة. وينبغي حماية الوصول إلى الموارد المائية التقليدية في المناطق الريفية من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن يكون بإمكان المناطق الحضرية المحرومة، بما فيها المستوطنات البشرية غير الرسمية، والمشردين، الوصول إلى مرافق مائية يتم صيانتها بصورة مناسبة. وينبغي ألا تحرم أي أسرة معيشية من الحق في الماء لأسباب تتعلق بوضع سكنها أو أرضها؛

(د) حماية وصول الشعوب ا لأصلية إلى الموارد المائية في أراضي أجدادها من التعدي والتلوث غير المشروعين. وينبغي أن تقدم الدول الموارد إلى الشعوب الأصلية لتصميم مرافق وصولها إلى الماء وتنفيذها، والتحكم فيها؛

(ه‍) أن يكون بإمكان مجتمعات البدو ومجتمعات الرحّل الحصول على الماء الكافي في المواقع التقليدية والمخصصة لهذا الغرض؛

(و) أن يكون بإمكان اللاجئين وملتمسي اللجوء والأشخاص المشردين داخلياً والعائدين الحصول على الماء الكافي، سواء أكانوا يقيمون في المخيمات أم في المناطق الحضرية والريفية. وينبغي منح اللاجئين وملتمسي اللجوء الحق في الماء بنفس الشروط التي تمنح للمواطنين؛

(ز) أن يتم توفير الماء الكافي والمأمون للسجناء والمحتجزين للوفاء بمتطلباتهم الفردية اليومية، مع مراعاة متطلبات القانون الإنساني الدولي ومعايير الأمم المتحدة الدنيا المعيارية لمعاملة السجناء (18) ؛

(ح) أن يتم تزويد المجموعا ت التي تواجه صعوبات فيما يتعلق بالوصول مادياً إلى الماء، مثل كبار السن، والأشخاص المعوقين، وضحايا الكوارث الطبيعية، والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث، والأشخاص الذين يعيشون في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، أو الذين يعيشون في جزر صغيرة، بالماء ال مأمون والكافي.

ثالثاً - التزامات الدول الأطراف

الالتزامات القانونية العامة

17- بينما ينص العهد على الإعمال التدريجي للحقوق ويسلم بالقيود الناجمة عن محدودية الموارد المتاحة، فإنه يفرض على الدول الأطراف أيضاً التزامات مختلفة ذات أثر فوري. فتقع على عاتق الدول الأطراف التزامات فورية تتعلق بالحق في الماء، مثل ضمان ممارسة ذلك الحق دون تمييز أياً كان نوعه (الفقرة 2 من المادة 2) والالتزام باتخاذ خطوات (الفقرة 1 من المادة 2) من أجل الإعمال الكامل للفقرة 1 من المادة 11والمادة 12. ويجب أن تكون مثل هذه الخطوات متعمدة و ملموسة وتستهدف الإعمال الكامل للحق في الماء.

18- ويقع على عاتق الدول الأطراف، بموجب العهد، واجب ثابت ومستمر للانتقال بأسرع وأنجع نحو ممكن صوب الإعمال الكامل للحق في الماء. ويجب أن يكون إعمال هذا الحق ممكناً وعملياً لأن جميع الدول الأطراف تمارس السيطرة على طائفة واسعة من الموارد، بما فيها الماء والتكنولوجيا والموارد المالية والمساعدة الدولية، وكذلك جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.

19- وهنـاك تسليم قـوي بأنه من غير المسموح به اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء بموجب العهد (19) . وإذ ا ما اتخذت أية تدابير تراجعية قصداً، فيقع على عاتق الدولة الطرف عبء إثبات أنه تم الأخذ بمثل هذه التدابير بعد النظر بأكبر قدر من الحيطة في جميع البدائل وأن بالإمكان تبريرها على النحو الواجب من خلال الإشارة إلى مجموع الحقوق المنصوص عليها في العهد في سياق الا ستخدام الكامل لأقصى الموارد المتاحة للدولة الطرف.

الالتزامات القانونية المحددة

20- ينطوي إعمال الحق في الماء، شأنه شأن أي حق من حقوق الإنسان، على ثلاثة أنواع من الالتزامات الملقاة على عاتق الدول الأطراف: التزامات بالاحترام، والتزامات بالحماية، والتزامات با لإنفاذ .

(أ) الالتزامات بالاحترام

21- يقضي الالتزام بالاحترام أن تمتنع الدول الأطراف عن التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في التمتع بالحق في الماء. ويتضمن هذا الالتزام، فيما يتضمن، الامتناع عن المشاركة في أي ممارسة أو نشاط يحرم من الوصول على قدم المساواة إ لى الماء الكافي أو يحد من ذلك؛ والتدخل التعسفي في الترتيبات العرفية أو التقليدية لتخصيص المياه؛ والقيام بصورة غير مشروعة بإنقاص أو تلويث الماء، وذلك مثلاً من خلال النفايات من مرافق تملكها الدولة أو من خلال استخدام الأسلحة أو تجريبها؛ وتقييد الوصول إلى الخد مات والهياكل الأساسية المتصلة بالماء أو إتلافها كتدبير عقابي، وذلك، مثلاً، أثناء النـزاعات المسلحة انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

22- وتشير اللجنة إلى أن الحق في الماء يشمل، في أوقات النـزاعات المسلحة وحالات الطوارئ والكوارث الطبيعية، الالتزامات التي تع هدت بها الدول الأطراف بموجب القانون الإنساني الدولي (20) . ويتضمن ذلك حماية الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها لبقاء السكان المدنيين، بما في ذلك منشآت مياه الشرب والإمدادات وأعمال الري، وحماية البيئة الطبيعية من الأضرار المنتشرة والطويلة الأجل والشديدة الضر ر، وضمان حصول المدنيين والمعتقلين والسجناء على الماء الكافي (21) .

(ب) الالتزامات بالحماية

23- يتطلب الالتزام بالحماية من الدول الأطراف أن تمنع أطرافاً ثالثة من التدخل بأي شكل من الأشكال في التمتع بالحق في الماء. وتشمل الأطراف الثالثة الأفراد والمجموعات وال شركات وغيرها من الكيانات وكذلك الوكلاء الذين يتصرفون تحت سلطة هؤلاء. ويتضمن الالتزام أموراً منها اعتماد التشريعات اللازمة والفعالة وغيرها من التدابير للقيام، مثلاً، بمنع أطراف ثالثة من حرمان السكان من الوصول بصورة متساوية إلى الماء الصالح للشرب، ومن تلويث الموارد المائية واستخراج الماء منها بصورة غير عادلة، بما في ذلك الموارد الطبيعية والآبار وغيرها من نظم توزيع المياه.

24- ويجب على الدول، في حالة قيام أطراف ثالثة بتشغيل خدمات الإمداد بالمياه أو السيطرة عليها (مثل شبكات نقل المياه بواسطة الأنابيب، وصهاريج ا لمياه، والوصول إلى الأنهار والآبار) أن تمنع هذه الأطراف من أن تحول دون الوصول مادياً وعلى قدم المساواة وبصورة يمكن تحمل نفقاتها إلى كميات كافية من الماء المأمون والمقبول. ولمنع حدوث مثل هذه التجاوزات، ينبغي إنشاء شبكة تنظيمية فعالة تتمشى مع أحكام العهد ومع هذا التعليق العام، وتتضمن مراقبة مستقلة، ومشاركة حقيقية للجمهور، وفرض عقوبات في حال عدم الامتثال.

(ج) الالتزامات بالإنفاذ

25- يمكن تقسيم الالتزام بالإنفاذ إلى التزام بالتيسير والتزام بالتعزيز والتزام بالتوفير . ويتطلب الالتزام بالتيسير من الدولة أن تتخذ ت دابير إيجابية لمساعدة الأفراد والمجتمعات للتمتع بهذا الحق. ويُلزم الالتزام بالتعزيز الدولة الطرف باتخاذ خطوات لضمان وجود تثقيف مناسب يتعلق بالاستخدام الصحي للماء وحماية الموارد المائية وطرائق للتقليل إلى أقصى حد من تبذير المياه. كما أن الدول الأطراف ملزمة بإنفاذ الحق في الماء (توفيره) عندما يكون الأفراد أو المجموعات غير قادرين لأسباب خارجة عن إرادتهم، على إعمال هذا الحق بأنفسهم بواسطة الوسائل المتاحة أمامهم.

26- ويتطلب الالتزام بالإنفاذ من الدول الأطراف أن تعتمد التدابير اللازمة الموجهة نحو الإعمال الكامل ل لحق في الماء. ويتضمن الالتزام أموراً منها إيلاء اعتراف كاف بهذا الحق في النظم الوطنية السياسية والقانونية، ومن الأفضل أن يتم ذلك من خلال تنفيذ التشريعات؛ واعتماد استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للماء لإعمال هذا الحق؛ وضمان أن يكون بإمكان كل شخص تحمل تكاليف الم اء؛ وتيسير الوصول بصورة أفضل وأكثر استدامة إلى الماء، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة.

27- ولضمان أن يكون بالإمكان تحمل تكاليف الماء، يجب أن تعتمد الدول الأطراف التدابير اللازمة التي قد تتضمن أموراً منها: (أ) استخدام طائفة من التقنيات والتكنولوجيات المناسبة المنخفضة التكلفة؛ (ب) تطبيق سياسات مناسبة للتسعير مثل توفير الماء مجاناً أو بتكاليف منخفضة؛ (ج) تقديم إعانات للدخل. وينبغي أن يستند أي مبلغ يدفع مقابل الحصول على خدمات المياه إلى مبدأ المساواة وأن يكفل قدرة الجميع، بما في ذلك المجموع ات المحرومة اجتماعياً، على تحمل تكاليف هذه الخدمات، سواء قدمتها جهات خاصة أم عامة . وتتطلب المساواة أن لا تعاني الأسر المعيشية الأفقر، بصورة غير متناسبة، من عبء تكاليف الماء بالمقارنة مع الأسر المعيشية الأغنى.

28- ويتعين على الدول الأطراف أن تعتمد استراتيج يات وبرامج شاملة ومتكاملة لتأمين توفير الماء الكافي والمأمون للأجيال الحاضرة والمقبلة (22) . وقد تتضمن مثل هذه الاستراتيجيات والبرامج ما يلي: (أ) الحد من استنزاف الموارد المائية من خلال الاستخراج الذي لا يقوم على الاستدامة، وتحويل المجاري المائية وبناء السدو د؛ (ب) الحد من تلوث المستجمعات المائية والنظم الإيكولوجية المائية بواسطة مواد مثل المواد الإشعاعية والمواد الكيميائية الضارة وفضلات الإنسان؛ (ج) مراقبة احتياطات المياه؛ (د) ضمان ألا تتداخل عمليات التطوير المقترحة مع الحصول على الماء الكافي؛ (ه‍) تقييم آثار الإجراءات التي قد تؤثر على توافر الماء والنظم الإيكولوجية الطبيعية لمستجمعات المياه، مثل تغيير المناخ، والتصحـر، وازدياد ملوحة التربـة، وإزالة الأشجار، وفقدان التنوع البيئي (23) ؛ (و) زيادة الاستخدام الناجع للمياه من جانب المستفيدين النهائيين؛ (ز) الحد من ت بديد المياه عند توزيعها؛ (ح) آليات الاستجابة لحالات الطوارئ؛ (ط) وإنشاء مؤسسات متخصصة واتخاذ ترتيبات مؤسسية مناسبة لتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج.

29- وإن تأمين وصول كل فرد إلى المرافق الصحية المناسبة ليس أمراً أساسياً لصون كرامة الإنسان وحياته الخاصة فحسب بل وأنه يعد أيضاً إحدى الآليات الرئيسية لحماية نوعية إمدادات المياه الصالحة للشرب ومواردها (24) . ووفقاً للحق في الصحة وفي السكن الملائم (انظر التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 14(2000))، يقع على عاتق الدول الأطراف التزام بتوسيع نطاق خدمات المرافق الصحية الآمنة، بصورة تدريجية، لا سيما في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة، مع مراعاة احتياجات المرأة والطفل.

الالتزامات الدولية

30- تطلب الفقرة 1 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 11 والمادة 23 من العهد من الدول الأطراف أن تقر بالدور الأساسي للتعاو ن والمساعدة الدوليين وباتخاذ إجراء مشترك ومنفصل لبلوغ الإعمال الكامل للحق في الماء.

31- ويتعين على الدول الأطراف، بغية الامتثال لالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء، أن تحترم التمتع بهذا الحق في بلدان أخرى. ويتطلب التعاون الدولي من الدول الأطراف أ ن تمتنع عن اتخاذ إجراءات تتعارض بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع التمتع بالحق في الماء في بلدان أخرى. وينبغي ألا تؤدي أية أنشطة تتخذ ضمن الولاية القانونية للدولة الطرف إلى حرمان دولة أخرى من القدرة على إعمال الحق في الماء للأشخاص الخاضعين لولايتها (25) .

32- وي تعين على الدول الأطراف أن تمتنع في جميع الأوقات عن فرض أشكال الحظر أو اتخاذ تدابير مماثلة لمنع الإمداد بالمياه، وكذلك بالسلع أو الخدمات الضرورية لضمان الحق في الماء (26) . وينبغي ألا يستخدم الماء مطلقاً كوسيلة لممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية. وفي هذا الص دد، تذكّر اللجنة بموقفها، الذي أشارت إليه في تعليقها العام رقم 8(1997)، بشأن العلاقة بين العقوبات الاقتصادية واحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

33- ويتعين على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لمنع مواطنيها وشركاتها من انتهاك الحق في الماء للأفراد والمجتمعات في بلدان أخرى. وحيثما يكون بإمكان الدول الأطراف اتخاذ خطوات للتأثير على أطراف أخرى لاحترام هذا الحق من خلال الوسائل القانونية أو السياسية، فإنه ينبغي اتخاذ مثل هذه الخطوات وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الواجب التطبيق.

34- ويتعين عل ى الدول أن تقوم، في حدود الموارد المتاحة، بتيسير إعمال الحق في الماء في بلدان أخرى، وذلك مثلاً من خلال توفير الموارد المائية، والمساعدة المالية والتقنية، وأن تقدم المساعدة اللازمة عند الطلب. وينبغي عند تقديم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدة في حالات الطو ارئ، بما في ذلك المساعدة المقدمة إلى اللاجئين والأشخاص المشردين، إيلاء الأولوية إلى الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك الإمداد بمعدلات كافية من المياه. وينبغي تقديم المساعدة الدولية بصورة تتمشى مع أحكام العهد وغيره من المعايير الأخرى لحقوق الإنسان، وبشكل قابل للاستدامة ومناسب ثقافياً. وتقع على عاتق البلدان الأعضاء المتقدمة من الناحية الاقتصادية مسؤولية خاصة ومصلحة في مساعدة الدول النامية الأفقر في هذا الصدد.

35- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل إيلاء الاهتمام اللازم للحق في الماء في الاتفاقات الدولية وأن تنظر، لتحقيق ذلك، في وضع مزيد من الصكوك القانونية. وفيما يتعلق بإبرام وتنفيذ اتفاقات أخرى دولية وإقليمية، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات لضمان ألا تؤثر هذه الصكوك بصورة سلبية على الحق في الماء. وينبغي ألا تؤدي الاتفاقات المتعلقة بتحرير التجار ة إلى الانتقاص من قدرة البلد على ضمان الإعمال الكامل للحق في الحياة أو منعه من القيام بذلك.

36- ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أن تراعي في الإجراءات التي تتخذها، بوصفها أعضاء في المنظمات الدولية، الحق في الماء المراعاة الواجبة. ووفقاً لذلك، يتعين على الد ول الأطراف الأعضاء في المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الإنمائية الإقليمية، أن تتخذ خطوات لضمان مراعاة الحق في الماء في سياساتها الخاصة بتقديم القروض، وفي ما تبرمه من اتفاقات لتقديم الائتمانات وما تتخذه من تدابير دولية الأخرى.

الالتزامات الأساسية

37- أكدت اللجنة في التعليق العام رقم 3(1990) أنه يقع على عاتق الدول الأطراف التزام أساسي بضمان الوفاء، على أقل تقدير، بالمستويات الأساسية الدنيا لكل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. وترى اللجنة أنه يمكن أن يحدد، على ال أقل، عدد من الالتزامات الأساسية المتعلقة بالحق في الماء، وذات الأثر الفوري:

(أ) ضمان الحصول على الحد الأدنى الأساسي من المياه الكافية والمأمونة للاستخدامات الشخصية والمنزلية لمنع الإصابة بالأمراض؛

(ب) ضمان الحق في الوصول إلى المياه ومرافق المياه على أساس غير تمييزي، وخاصة للمجموعات المحرومة أو المهمشة؛

(ج) ضمان الوصول المادي إلى مرافق أو خدمات المياه التي توفر المياه بصورة كافية ومأمونة ومنتظمة؛ والتي لها عدد كافٍ من منافذ المياه لتجنب الانتظار لفترات تعجيزية؛ والتي تكون على بعد معقول من الأسر المعيشية؛

(د) ضمان عدم تهديد الأمن الشخصي في حالة وصول المرء شخصياً إلى مصدر المياه؛

(ه‍) ضمان التوزيع العادل لجميع مرافق وخدمات المياه المتاحة؛

(و) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للمياه تشمل جميع السكان؛ وينبغي أ، يقوم وضع الاستراتيجية وخطة العمل واست عراضها بصورة دورية على عملية المشاركة والشفافية؛ وينبغي أن تتضمن الاستراتيجية وخطة العمل طرائق مثل الحق في مؤشرات ومعالم المياه، التي يمكن بواسطتها رصد التقدم عن كثب؛ ويولى، في العملية التي يتم من خلالها وضع الاستراتيجية وخطة العمل، وكذلك في مضمونهما، اهتم ام خاص لجميع المجموعات المحرومة أو المهمشة؛

(ز) رصد مدى إعمال أو عدم إعمال الحق في المياه؛

(ح) اعتماد برامج للمياه ذات أهداف محددة وتكاليف منخفضة نسبياً لحماية المجموعات الضعيفة والمهمشة؛

(ط) اتخاذ تدابير لمنع ومعالجة ومراقبة الأمراض المتصلة بالمياه، ول ا سيما ضمان الوصول إلى المرافق الصحية المناسبة؛

38- ولتجنب أي شك، تود اللجنة أن تؤكد على أنه يعود إلى الدول الأطراف بصفة خاصة، وإلى الجهات الفاعلة الأخرى التي هي في وضع يمكنّها من تقديم المساعدة، أن تقدم المساعدة وتبدي التعاون على الصعيد الدولي، وبخاصة في المجال الاقتصادي والتقني، من أجل تمكين البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها الأساسية المشار إليها في الفقرة 37 أعلاه.

رابعاً - الانتهاكات

39- عندما يطبق المضمون المعياري للحق في الماء (انظر الجزء ثانياً) على التزامات الدول الأطراف (الجزء ثالثاً)، تبدأ عمل ية تيسر تحديد انتهاكات الحق في الماء. وتقدم الفقرات التالية إيضاحات انتهاكات الحق في الماء.

40- ولكي تبرهن الدول الأطراف على وفائها بالتزاماتها العامة والمحددة، يتعين عليها أن تثبت أنها اتخذت الخطوات اللازمة والممكنة لإعمال الحق في الماء. ووفقاً للقانون ال دولي، فإن عدم التصرف بحسن نية لاتخاذ مثل هذه الخطوات يعتبر بمثابة انتهاك لهذا الحق. وينبغي التأكيد على أنه لا يمكن للدولة الطرف أن تبرر عدم امتثالها للالتزامات الأساسية المنصوص عليها في الفقرة 37 أعلاه، وهي التزامات لا يمكن الخروج عنها.

41- ولتحديد الأفعال أو الإغفالات التي تعتبر بمثابة انتهاك للحق في الماء، من المهم التمييز بين عدم قدرة الدولة الطرف على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالحق في الماء، وعدم استعدادها للقيام بذلك. ويتبين ذلك من الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12 من العهد اللتين تتحدثان عن الحق في مستوى معيشي كافٍ والحق في الصحة، وكذلك الفقرة 1 من المادة 2 من العهد التي تلزم كل دولة طرف بأن تتخذ الخطوات اللازمة وبأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة. فالدولة التي لا ترغب في استخدام أقصى مواردها المتاحة لإعمال الحق في الماء تنتهك التزاماتها بموجب العهد. وإذا أدت القيود المفروضة على الموارد إلى استحالة امتثال الدولة الطرف امتثالاً كاملاً لالتزاماتها بموجب العهد، فإنه يقع عليها عبء إثبات أنها بذلت كل جهد، رغم ذلك، لاستخدام جميع الموارد المتاحة أمامها لكي تفي، على سبيل الأولوية، بالالتزامات المشار إليها أعلا ه.

42- ويمكن أن تحدث انتهاكات للحق في الماء من خلال الأفعال ، والإجراءات المباشرة للدول الأطراف أو غيرها من الكيانات التي لا تتحكم بها الدول بالكامل. وتتضمن الانتهاكات، مثلاً، اعتماد تدابير تراجعية لا تتمشى مع الالتزامات الأساسية (المشار إليها في الفقرة 37) ، أو الإلغاء أو التعليق المؤقت الرسمي للتشريعات اللازمة لمواصلة التمتع بالحق في الماء، أو اعتماد تشريعات أو سياسات لا تتمشى بصورة واضحة مع الالتزامات القانونية المحلية أو الدولية الموجودة سابقاً والمتعلقة بالحق في الماء.

43- وتتضمن الانتهاكات من خلال الإغف ال عدم اتخاذ الخطوات المناسبة للإعمال الكامل لحق كل شخص في الماء، وعدم وضع سياسة وطنية تتعلق بالمياه، وعدم تنفيذ القوانين ذات الصلة.

44- ولئن كان يتعذر القيام مسبقاً بوضع قائمة شاملة للانتهاكات، فإنه يمكن سرد عدد من الأمثلة النموذجية المتصلة بمستويات الالت زامات والمنبثقة عن عمل اللجنة:

(أ) تنجم انتهاكات الالتزام بالاحترام عن تدخل الدولة الطرف بالحق في الماء. ويتضمن ذلك أموراً منها: ` 1 ` القيام بصورة تعسفية أو بصورة لا يمكن تبريرها بإيقاف عمل خدمات أو مرافق المياه أو منع استخدامها؛ ` 2 ` رفع أسعار المياه بصورة تمييزية أو إلى درجة يتعذر معها تحملها؛ و ` 3 ` تلوث أو اضمحلال الموارد المائية بشكل يؤثر على صحة الإنسان؛

(ب) تنجم انتهاكات الالتزام بالحماية عن عدم قيام الدولة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية الأشخاص الخاضعين لولايتها من قيام أطراف ثالثة بالانتقاص من ح قهم في الماء (27) . ويتضمن ذلك أموراً منهـا: ` 1 ` عدم إصدار قوانين لمنع تلوث المياه واستخراجها بصورة غير عادلة أو عدم تطبيق مثل هذه القوانين؛ ` 2 ` عدم القيام بصورة فعالة بتنظيم ومراقبة موردي خدمات المياه؛ ` 4 ` عدم حماية نظم توزيع المياه (مثل شبكات نقل المياه با لأنابيب والآبار) من التدخل والتلف والتدمير؛

(ج) تحدث انتهاكات الالتزام بالإنفاذ نتيجة لعدم اتخاذ الدول الأطراف جميع الخطوات اللازمة لضمان إعمال الحق في الماء. وتتضمن الأمثلة على ذلك ما يلي: ` 1 ` عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية للمياه مصممة لضمان حق كل فرد في الماء؛ ` 2 ` عدم إنفاق كميات كافية أو سوء تخصيص الموارد العامة، مما يؤدي إلى عدم تمتع الأفراد أو المجموعات، لا سيما المجموعات، المحرومة أو المهمشة، بالحق في الماء؛ ` 3 ` عدم رصد إعمال الحق في الماء على المستوى الوطني، وذلك، مثلاً، من خلال تحديد مؤشرات ومعال م الحق في الماء؛ ` 4 ` عدم اتخاذ التدابير للحد من التوزيع غير العادل لمرافق وخدمات المياه؛ ` 5 ` عدم اعتماد آليات للإغاثة في حالات الطوارئ؛ ` 6 ` عدم ضمان تمتع كل فرد بالحد الأدنى الضروري من هذا الحق؛ ` 7 ` عدم مراعاة التزاماتها القانونية الدولية فيما يتعلق بالحق في الماء عند الدخول في اتفاقات مع دول أخرى أو مع منظمات دولية.

خامساً - التنفيذ على المستوى الوطني

45- يتعين على الدول الأطراف، بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، أن "تتخذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك اعتماد التدابير التشريعية على وجه الخصوص"، لتنف يذ التزاماتها بموجب العهد. ولكل دولة طرف هامش سلطة تقديرية عند تقييم التدابير التي تستجيب على نحو أنسب لظروفها المحددة. ومع ذلك، فإن العهد يفرض بوضوح واجباً على كل دولة طرف باتخاذ ما قد يلزم من خطوات لضمان تمتع كل فرد بالحق في الماء، بأقرب وقت ممكن. وينبغي ألا يتعارض أي تدبير وطني يستهدف إلى إعمال الحق في الماء مع التمتع بحقوق الإنسان الأخرى.

التشريعات والاستراتيجيات والسياسات

46- ينبغي إعادة النظر في ما هو موجود من تشريعات واستراتيجيات وسياسات لضمان تمشيها مع الالتزامات الناشئة عن الحق في الماء. وينبغي إلغ اؤها أو تعديلها أو تغييرها إذا كانت لا تتمشى مع متطلبات العهد.

47- وإن واجب اتخاذ الخطوات يفرض بوضوح على الدول الأطراف التزاماً باعتماد استراتيجية أو خطة عمل وطنيتين لإعمال الحق في الماء. وينبغي للاستراتيجية أن: (أ) تستند إلى قانون ومبادئ حقوق الإنسان ؛ (ب) تغطي جميع جوانب الحق في الماء وما يقابله من التزامات الدول الأطراف؛ (ج) تحدد أهدافاً واضحة؛ (د) تحدد الأهداف أو المقاصد الواجب بلوغها والأطر الزمنية لذلك؛ (ه‍) تضع سياسات مناسبة وما يقابلها من معالم ومؤشرات. كما ينبغي للاستراتيجية أن تنشئ مسؤولية مؤسسية ل لعملية؛ وأن تحدد الموارد المتاحة لبلوغ الأغراض والأهداف والمقاصد؛ وأن تخصص الموارد بصورة تتناسب مع المسؤولية المؤسسية؛ وأن تقيم آليات للمساءلة لضمان تنفيذ الاستراتيجية. ويتعين على الدول الأطراف، عند صياغة وتنفيذ استراتيجياتها الوطنية المتعلقة بالحق في الما ء، أن تستفيد من المساعدة والتعاون التقنيين التي تقدمها الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة (انظر الجزء سادساً أدناه).

48- وينبغي، عند صياغة وتنفيذ استراتيجيات وخطط العمل الوطنية للمياه، احترام مبدأي عدم التمييز ومشاركة السكان. ويجب أن يكون حق الأفراد والمجموعا ت في المشاركة في عمليات صنع القرار التي تؤثر على ممارستهم للحق في الماء، جزءاً لا يتجزأ من أية سياسة أو برنامج أو استراتيجية تتعلق بالمياه. وينبغي أن تتاح للأفراد والمجموعات إمكانية الوصول بالكامل وعلى قدم المساواة إلى المعلومات المتعلقة بالمياه وخدمات الم ياه والبيئة التي تملكها السلطات العامة أو أطراف ثالثة.

49- كما ينبغي أن تستند الاستراتيجية وخطة العمل الوطنيتان المتعلقتان بالمياه إلى مبادئ المساءلة والشفافية واستقلال السلطة القضائية، لأن الحكم الرشيد أمر أساسي لتنفيذ جميع حقوق الإنسان تنفيذاً فعلياً، بم ا في ذلك إعمال الحق في الماء. وبغية إيجاد مناخ موات لإعمال هذا الحق، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ الخطوات المناسبة لضمان أن يكون قطاع الأعمال التجارية الخاص والمجتمع المدني على وعي بالحق في الماء عند اضطلاعهما بأنشطتهما، وأن يراعيا أهميته.

50- وقد ترى ا لدول الأطراف أن من المفيد اعتماد تشريع إطاري لوضع استراتيجيتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء. وينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية (أ) أهدافاً أو مقاصد يراد بلوغها وأطراً زمنية لتحقيق ذلك؛ (ب) الوسائل التي يمكن بواسطتها تحقيق هذه الأهداف والمقاصد؛ (ج) التعاون المراد إقامته مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات الدولية؛ (د) المسؤولية المؤسسية للعملية ؛ (ه‍) الآليات الوطنية لرصدها؛ (و) إجراءات الانتصاف والطعن.

51- وينبغي اتخاذ خطوات لضمان وجود تنسيق كاف بين الوزارات الوطنية والسلطات الإقليمية والمحلية للتوفيق بين السياسات المتصلة بالمياه. وعندما يتم تفويض مهمة تنفيذ الحق في الماء إلى سلطات إقليمية أو محلية، تظل الدولة الطرف مسؤولة عن الامتثال لالتزاماتها بموجب العهد، وبالتالي يتعين عليها أن تكفل توفير الموارد الكافية لهذه السلطات للمحافظة على خدمات ومرافق الميا ه اللازمة وتوسيع نطاقها. ويتعين على الدول الأطراف أن تكفل أيضاً عدم قيام مثل هذه السلطات بحرمان السكان من هذه الخدمات على أساس تمييزي.

52- والدول الأطراف ملزمة بالقيام برصد فعال لإعمال الحق في الماء. ويتعين عليها عند رصد التقدم المحرز صوب إعمال الحق في الم اء، أن تحدد العوامل والصعوبات التي تؤثر على تنفيذ التزاماتها.

المؤشرات والمعايير

53- ينبغي تحديد مؤشرات الحق في الماء في الاستراتيجيات أو خطط العمل الوطنية المتعلقة بالمياه للمساعدة في عملية الرصد. وينبغي تصميم المؤشرات لرصد التزامات الدولة الطرف، على المس تويين الوطني والدولي بموجب الفقرة 1 من المادة 11 والمادة 12. وينبغي أن تعالِج المؤشرات العناصر المختلفة للماء الوافي (مثل كفايته وسلامته وقبوله وإمكانية دفع ثمنه وإمكانية الوصول إليه مادياً)، وأن تفصَّل هذه المؤشرات بحسب أسس التمييز المحظورة، وأن تشمل جميع الأشخاص الذين يعيشون ضمن الولاية الإقليمية للدولة الطرف أو يخضعون لسيطرتها. وبإمكان الدول الأطراف أن تستمد إرشادات بشأن المؤشرات المناسبة من العمل الجاري لمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ( الموئل)، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

54- وبعد أن تحدِّد الدول الأطراف المؤشرات المناسبة للحق في الماء، فإنها مدعوة إلى أن ت حدِّد المعايير الوطنية المناسبة المتعلقة بكل مؤشر (28) . وخلال الإجراء الدوري لتقديم التقارير، ستبدأ اللجنة بعملية "مسح غير رسمي" مع الدولة الطرف. وتنطوي عملية المسح غير الرسمي على قيام الدولة الطرف واللجنة بالنظر بصورة مشتركة في المؤشرات والمعايير الوطنية ا لتي تقدِّم فيما بعد الأهداف الواجب بلوغها خلال فترة الإبلاغ المقبلة. وفي السنوات الخمس المقبلة، ستقوم الدولة الطرف باستخدام هذه المعايير الوطنية للمساعدة في رصد تنفيذها للحق في الماء. وبعد ذلك، ستنظر الدولة الطرف واللجنة في عملية إبلاغ لاحقة، فيما إذا كان قد تم تحقيق المعايير أم لا، وفي أسباب ما واجهته الدولة من صعوبات (انظر الفقرة 58 من التعليق العام رقم 14(2000)). وفضلاً عن ذلك، يتعين على الدول الأطراف، عند تحديد المعايير وإعداد تقاريرها، أن تستخدم المعلومات الموسّعة والخدمات الاستشارية للوكالات المتخصصة فيما يتعلق بجمع وتصنيف البيانات.

سبل الانتصاف والمساءلة

55- ينبغي أن تتوفر لأي شخص يُحرم من حقه في الماء أو لأية مجموعة تُحرم من حقها في الماء إمكانية الوصول إلى سبل انتصاف قضائية فعّالة أو غيرها من السبل المناسبة على المستويين الوطني والدولي (الفقرة 4 من التعليق العام رقـم 9(1998)، والمبدأ 10 من إعلان ريو دي جانيرو بشأن البيئة والتنمية) (29) . وتلاحظ اللجنة أن عدداً من الدول قد رسّخت الحق في الماء في دساتيرها وأن هذا الحق كان موضع نزاع أمام المحاكم الوطنية. وينبغي أن يُمنح جميع ضحايا انتهاكات الحق في الماء ا لحق في سُبل انتصاف مناسبة تتضمن الردّ أو التعويض أو الترضية أو منح ضمانات بعدم التكرار. وينبغي السماح لأمناء المظالم الوطنيين، ولجان حقوق الإنسان، والمؤسسات المشابهة، معالجة انتهاكات الحق في الماء.

56- وقبل أن تتخذ الدولة الطرف أو أي طرف ثالث آخر أي إجراء ات تتعارض مع حق الفرد في الماء، ينبغي أن تكفل السلطات المعنية أن يتم القيام بمثل هذه الإجراءات بصورة يسمح بها القانون، وبشكل يتمشى مع العهد، ويتضمن ما يلي: (أ) فرصة للتشاور بصورة حقيقية مع الأشخاص المتأثرين؛ (ب) الكشف في الوقت المناسب وبصورة كاملة عن المعل ومات المتعلقة بالتدابير المقترحة؛ (ج) إرسال إخطار في وقت معقول عن الإجراءات المقترحة؛ (د ) توفير إمكانية اللجوء بصورة قانونية إلى المحاكم وسبل الانتصاف القانونية للأشخاص المتأثرين؛ و (ه‍) (تقديم المساعدة القانونية للحصول على سبل انتصاف بموجب القانون (انظر أي ضاً التعليق العام رقم 4(1991) والتعليق العام رقم 7(1997)). وحيثما يستند اتخاذ مثل هذه الإجراءات إلى تخلف الشخص عن دفع تكاليف الماء، فإنه ينبغي مراعاة قدرته على دفع هذه التكاليف. وينبغي عدم حرمان الفرد، أياً كانت الظروف، من الحد الأدنى الضروري من الماء.

57- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في الماء في النظام القانوني المحلي أن يعزِّز إلى حد كبير نطاق وفعالية تدابير الانتصاف وينبغي التشجيع على هذا الدمج، لأنه في جميع الحالات يمكِّن المحاكم من الفصل في انتهاكات الحق في الماء، أو على الأقل في الالت زامات الأساسية المترتبة عليه، بالاحتكام المباشر إلى العهد.

58- وينبغي للدولة الطرف أن تشجِّع القضاة وممارسي المهن القانونية على إيلاء مزيد من الاهتمام لانتهاكات الحق في الماء عند ممارستهم لمهامهم.

59- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم عمل المدافعين عن حقوق الإ نسان وغيرهم من أفراد المجتمع المدني في سبيل مساعدة الفئات الضعيفة أو المهمّشة على إعمال حقها في الماء، وأن تحمي هذا العمل وتيسِّره وتعزِّزه.

سادساً - التزامات الجهات الفاعلة الأخرى غير الدول

60- يتعين على وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الم عنية بالماء، مثل منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك المنظمات الدولية المعنية بالتجارة مثل منظمة التجارة العالمية، أن تتعاون بصورة فعالة مع الدول الأطراف، وأن تستفيد الواحدة من خبرات الأخرى فيما يتعلق بإعمال الحق في الماء على المستوى الوطني. ويتعين على المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، مراعاة الحق في الماء في سياساتها المتعلقة بالإقراض، واتفاقاتها الائتمانية وبرام جها الخاصة بالتكيُّف الهيكلي وغيرها من المشاريع الإنمائية (انظر التعليق العام رقم 2(1990))، لكي يتم تعزيز التمتع بالحق في الماء. وستدرس اللجنة، عند النظر في تقارير الدول الأطراف وقدرتها على الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بإعمال الحق في الماء، آثار المساعدة التي تقدمها جميع الجهات الفاعلة الأخرى. ومن شأن قيام المنظمات الدولية بإدماج قانون ومبادئ حقوق الإنسان في البرامج والسياسات أن ييسر بصورة كبيرة من إنفاذ الحق في الماء. ويتسم دور الاتحاد الدولي لرابطات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب ال أحمر، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسيف، وكذلك المنظمات غير الحكومية وغيرها من الرابطات بأهمية خاصة فيما يتعلق بالإعانة في حالات الكوارث والمساعدة الإنسانية في أوقات الطوارئ. وينبغي إيلاء الأولوية إلى أكثر مجموعات السك ان حرماناً أو تهميشاً عند تقديم المساعدة وتوزيع وإدارة الماء ومرافقه.

الحواشي

(1) جاءت في تقديرات منظمة الصحة العالمية في عام 2000، أن 1.1 بليون شخص لا يستطيعون الحصول على إمدادات محسّنة بالمياه (80 في المائة منهم من سكان الأرياف) قادرة على توفير ما لا يق ل عن 20 لتراً من المياه الصالحة للشرب للشخص الواحد في اليوم؛ ووفقاً لهذه التقديرات، فإن 2.4 بليون شخص يعيشون دون مرافق صحية. (انظر منشور منظمة الصحة العالمية WHO, The Global Water Supply and Sanitation Assessment, 2000, Geneva، الصفحة 1). وفضلاً عن ذلك، يع اني 2.3 بليون شخص سنوياً من الإصابة بأمراض منقولة بالمياه: انظر لجنة التنمية المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، التقييم الشامل لموارد المياه العذبة في العالم، نيويورك، 1997، الصفحة 45.

الحواشي ( تابع )

(2) انظر الفقرتين 5 و32 من التعليق العام للجنة رقم 6(1995) عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن.

(3) انظر التعليق العام رقم 14(2000) عن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، الفقرات 11 و12 (أ) و(ب) و(د) و15 و34 و36 و40 و43 و51.

(4) انظر الفقرة 8(ب) من التعليق العام رقم 4(1991) . انظر أيضاً تقرير المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بالسكن الملائم بوصفه عنصراً من عناصر الحق في مستوى معيشي ملائم، السيد ميلون كوثري (E/CN.4/2002/59)، المقدم بموجب قرار اللجنة 2001/28 المؤرخ 20 نيسان/أبريل 2001. وفيما يتعلق بالحق في الغذاء الكافي، ا نظر تقرير المقرر الخاص للجنة عن الحق في الغذاء، السيد جان زيغلر (E/CN.4/2002/58)، المقدم عملاً بقرار لجنة حقوق الإنسان 2001/25 المؤرخ 20 نيسان/أبريل 2001.

(5) انظر الفقرة 2(ح) من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ والفقرة 2(ج) م ن المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل؛ والمواد 20 و26 و29 و46 من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب لعام 1949؛ والمواد 85 و89 و127 من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، لعام 1949؛ والمادتين 54 و55 من البروتوكول الإضافي الأول الملحق بهذه ال اتفاقية لعام 1977؛ والمادتين 5 و14 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977؛ وديباجة خطة عمل مار دل بلاتا لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمياه؛ وانظر الفقرة 18-47 من جدول أعمال القرن 21، تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 3-14 ح زيران/يونيه 1992(A/CONF.151/26/Rev.1 (Vol. I and Vol. I/Corr.1, Vol. II, Vol. III and Vol. III/Corr.1)) (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.93.I.8)، المجلد الأول: قرارات اعتمدها المؤتمر، القرار 1، المرفق الثاني؛ المبدأ رقم 3؛ وبيان دبلن بشأن المياه والتن مية المستدامة، المؤتمر الدولي المعني بالمياه والبيئة(A/CONF.151/PC/112)؛ والمبدأ رقم 2، برنامج العمل، تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 أيلول/سبتمبر 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.95.XIII.18)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق؛ وا لفقرتين 5 و19 من التوصية 14 (2001) للجنة الوزراء المقدمة إلى الدول الأعضاء بشأن الميثاق الأوروبي المتعلق بالموارد المائية؛ والقرار 2002/6 للجنة الأمم المتحدة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بشأن تعزيز إعمال الحق في الحصول على مياه الشرب. وانظر أيضاً التق رير بشأن العلاقة بين التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتشجيع إعمال الحق في الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية (E/CN.4/Sub.2/2002/10) المقدم من المقرر الخاص للجنة الفرعية، المعني بالحق في الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية، السيد الحجي غيسه.

(6) انظر أيضاً مؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، خطة التنفيذ لعام 2002، الفقرة 25 (ج).

(7) و ي تصل ذلك بكل من توافر الأغذية وإمكانية الحصول عليها المتعلقين بالحق في الغذاء الكافي (انظر التعليق العام رقم 12(1999) الفقرتان 12 و13).

الحوا شي ( تابع )

(8) انظر أيضاً بيان التفاهم المرفق باتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بقانون استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية A/51/869)، المؤرخة 11 نيسان/أبريل 1997)، الذي أعلن فيه أنه يتعين، عند تحديد الاحتياجات الحيوية للإنسان في حالة نشوب نزاعات على استخدام المجاري المائية، "إيلاء اهتمام خاص لتوفير ما يكفي من مياه للمحافظة على حياة الإنسان، بما في ذلك مياه الشرب والمياه اللازمة لإنتاج الأغذية تجنباً لحدوث مجاعة ...".

(9) انظر أيضاً الفقرة 15 من التعليق العام رقم 14.

(10) وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية، تتضمن الأمراض التي تحملها ناقلات المرض أمراضاً تنقل بواسطة الحشرات (الملاريا وداء الخيطيات وحمى الضنك وفيروس الالتهاب الدماغي الياباني والحمى الصفراء)، والأمراض التي يكون فيها الحلزون المائي بمثابة العائل الوسيط (داء البلهارسيا) والأمراض الحيوان ية المصدر التي تؤدي فيها الفطريات دور العائل الاحتياطي.

(11) للاطلاع على تعريف الاستدامة، انظر تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريو دي جانيرو، 13-14 حزيران/يونيه 1992، الإعلان عن البيئة والتنمية، المبادئ 1 و8 و9 و10 و12 و15؛ وجدول أعمال القرن 21، لا سيما المبادئ 5-3 و7-27 و7-28 و7-35 و7-39 و7-41 و18-3 و18-8 و18-35 و18-40 و18-48 و18-50 و18-59 و18-68.

(12) تعني كلمة "مستمراً" أن يكون انتظام إمداد المياه كافياً للاستخدامات الشخصية والمنزلية.

(13) في هذا السياق، تعني عبارة "الشرب" الماء ال مستخدم للاستهلاك من خلال المشروبات والمواد الغذائية. وتعني عبارة "الصحة الشخصية" التخلص من نفايات الإنسان. فالماء ضروري للصحة الشخصية في حالة اعتماد وسائل تستند إلى الماء. وتعني عبارة "إعداد الغذاء" صحة الغذاء وإعداد المواد الغذائية، سواء دخل الماء في إعدا د الغذاء أم لامسه. وتعني عبارة "الصحة الشخصية وصحة الأسرة " النظافة الشخصية ونظافة بيئة الأسرة.

(14) انظرJ. Bartram and G. Howard, "Domestic water quantity, service level and health: what should be the goal for water and health sectors" WHO, 2002،. انظر أ يضاًP. H. Gleick (1996) "Basic water requirements for human activities: meeting basic needs" Water International, 21, pp. 83-92.

(15) تحيل اللجنة الدول الأعضاء إلى المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية، المتعلقة بنوعية مياه الشرب، (WHO, Guidelines for drinking-water quality, 2nd edition, vols. 1-3 (Geneva, 1993)) وقد أعدت من أجل "استخدامها كأساس لوضع المعايير الوطنية التي من شأنها، في حالة تنفيذها على نحو صحيح، أن تكفل سلامة إمدادات مياه الشرب من خلال القضاء على مكونات المياه المعروفة بأنها خطرة للصحة أ و تقليل تركيزها إلى أدنى حد".

(16) انظر أيضاً الفقرة 8(ب) من التعليق العام رقم 4(1991)، والفقرة 6(أ) من التعليق العام رقم 13(1991) والفقرتين 8(أ) و(ب) من التعليق العام رقم 14(2000). وتشمل الأسرة المعيشية المساكن الدائمة أو شبه الدائمة أو مواقع الوقوف المؤ قتة.

الحواشي ( تابع )

(17) انظر الفقرة 48 من هذا التعليق العام.

(18) انظر المواد 20 و26 و29 و46 من اتفاقية جنيف الثالثة المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949؛ والمواد 59 و89 و127 من اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949؛ والفقرة 2 من المادة 15 والمادة 20 من مجموعة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، في حقوق الإنسان: مجموعة الصكوك الدولية (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع E.88.XIV.1).

(19) انظر الفقرة 9 من التعليق العام رقم 3(1990).

(20) فيما يتعلق بالترابط بين قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني ، تشير اللجنة إلى استنتاجات محكمة العدل الدولية بشأن شرعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها (طلب من الجمعية العامة )، تقارير محكمة العدل الدولية (1996)، الفقرة 25 من الصفحة 226 من النص الإنكليزي.

(21) انظر المادتين 54 و56 من البروتوكول الإضافي الأول ل اتفاقيات جنيف (1977)، والمادة 54 من البروتوكول الإضافي الثاني (1977)، والمادتين 20 و46 من اتفاقية جنيف الثالثة المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949 والمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب/أغسطس 1949.

(22) انظر الحاشية 5 أعلاه، والفصول 5 و7 و18 من جدول أعم ال القرن 21؛ ومؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، خطة التنفيذ (2002) الفقرات 6 (أ) و(ل) و(م)، و7 و36 و38.

(23) انظر اتفاقية التنوع البيئي، واتفاقية مكافحة التصحر، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ والبروتوكولات اللاحقة.

(24) تنص ال فقرة 2 من المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن تكفل الدول الأطراف للمرأة الحق في "التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق [...] المرافق الصحية". وتطالب الفقرة 2 من المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل الدول الأطراف بأن "تك فل تزويد جميع قطاعات المجتمع [...] بالتعليم ودعمها في استخدام المعلومات الأساسية [...] وفوائد [...] النظافة والإصحاح البيئي".

(25) تلاحظ اللجنة أن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون استخدام المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية ينص على ضرورة مراعاة الاحتياجات الاجتماعية والبشرية عند تحديد استخدام المجاري المائية بصورة عادلة، وأن تتخذ الدول الأطراف التدابير لمنع إيقاع ضرر كبير، وأن تولي، في حالة النزاع، اهتماماً خاصاً لمتطلبات الاحتياجات الإنسانية الحيوية: انظر المواد 5 و7 و10 من الاتفاقية.

(26) أشارت اللجنة ف ي التعليق العام رقم 8 (1997) إلى ما يترتب على الجزاءات من أثر يتمثل في اضطراب إمدادات المرافق الصحية والمياه الصالحة للشرب، وإلى أن من الضروري أن تنص نُظم الجزاءات على إصلاح الهياكل الأساسية لتوفير المياه النظيفة.

(27) انظر الفقرة 23 من تعريف "الأطراف الث الثة".

الحواشي ( تابع )

(28) انظر E. Riedel, "New bearings to the State reporting procedure: practical ways to operationalize economic, social and cultural rights - The example of the right to health", in S. von Schorlemer (ed.), Praxishandbuch UNO, 2002, pp. 345-358. وتشير اللجنة مثلاً إلى الالتزام الذي تم التعهد به في عام 2002 في مؤتمر القمة العالمي المعني بالتنمية المستدامة، والوارد في خطة التنفيذ والقاضي بتخفيض نسبة السكان غير القادرين على الحصول على الماء الصالح للشرب أو على دفع تكاليفه (على النحو المشا ر إليه في إعلان الألفية) ونسبـة الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى المرافق الصحية الأساسية إلى النصف بحلول عام 2015.

(29) يشير المبدأ 10 من إعلان ريو دي جانيرو بشأن البيئة والتنمية ( تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، انظر الحاشية 5 أعلا ه)، فيما يتعلق بقضايا البيئة، إلى أنه "... تكفل الدول فرص الوصول، بفعالية، إلى الإجراءات القضائية والإدارية، بما في ذلك التعويض وسبل الانتصاف".

ثانياً - تعليقات عامة* اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان**

مقدمة ***

ت شرح مقدمة الوثيقة CCPR/C/21/Rev.1( تع ليقات عامة معتمدة من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 40 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ التاريخ: 19 أيار/مايو 1989) الغرض من التعليقات العامة كما يلي:

"تود اللجنة أن تعبر من جديد عن رغبتها في مساعدة الدول الأطراف عل ى الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير. وهذه التعليقات العامة توجه الانتباه إلى بعض جوانب هذه المسألة، إ لا أنها لا تحاول أن تفرض أي قيود أو أن تعطي أي أولوية فيما بين الجوانب المختلفة لتنفيذ العهد. وستتبع هذه التعليقات تعليقات أخرى، من وقت إلى آخر، في حدود ما يسمح به الوقت وما تسمح به تجارب المستقبل.

"وقد نظرت اللجنة حتى الآن في 77 تقرير اً أوليا، و 34 تقريراً من التقارير الدورية الثانية، ونظرت في بعض الحالات في المعلومات ال إ ضافية والتقارير التكميلية. ولهذا، ف إ ن هذه التجربة تشمل الآن عددا كبيرا من ال دول التي صدقت على العهد، وعددها حتى هذا الوقت 87 دولة. وتمثل هذه الدول مناطق شتى من العالم ذات نظم سياسية واجتماعية وقانونية مختلفة، وتقاريرها تصور معظم المشاكل التي قد تنشأ عند تنفيذ العهد، بالرغم من أنها لا تقدم أساسا كاملا ل إ جراء استعراض للحالة على نطاق العالم فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية.

ــــــــــ

* للاطلاع على طبيعة وهدف التعليقات العامة انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة السادسة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع، مقدمة. وللاطلاع على خلفية المسألة وأسلوب العمل وطريقة صياغة التعليقات العامة وجدو ا ها العملية انظر المرجع نفسه، الدورة التاسعة والثلاثون، الملح ـ ق 40 (A/39/40 وCorr.1 و (Corr.2الفقرات من 541 إلى 557. وللاطلاع على نصوص التعليقات العامة التي اعتمدتها اللجنة فعلا، انظر المرجع نفسه، الدورة السادسة والثلاثون، الملح ق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع؛ المرجع نفسه، الدورة السابعة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/37/40)، المرفق ا لسادس ؛ المرجع نفسه، الدورة الثامنة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/38/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة التاسعة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/39/40 وCorr.1 وCorr.2) . المرفق ال خامس ؛ المرج ـ ع نفسه، الدورة الأربعون، الملحق رقم 40 (A/40/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الحادية والأربعون، الملحق رقم 40 (A/41/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/43/40)، المرفق الس ادس؛ المرجع نفسه، الدورة الرابعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/44/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/45/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، الدورة السابعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/47/40)، المرفق السادس؛ المرجع نفسه، ا لدورة التاسعة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/49/40)، المرفق ال خامس ؛ المرجع نفسه، الدورة ال خمسون ، الملحق رقم 40 (A/50/40)، المرفق الخامس؛ المرجع نفسه، الدورة الثالثة و الخمسون، الملحق رقم 40 (A/53/40)، المرفق ا لسابع . ونشرت أيضا في الوثائق CCPR/C/21/Rev.1 وRev.1/Add.1-9.

** للاطلاع على المراجع، انظر المرفق الثاني .

*** انظر تقرير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة السادسة والثلاثون، الملحق رقم 40 (A/36/40)، المرفق السابع.

" وإن الغرض من هذه التعليقات العامة هو وضع هذه التجربة في متناول جميع البلدان الأطراف لتشجيع استمرارها في تنفيذ العهد، ولجذب انتباهها إلى جوانب القصور التي أظهرها عدد كبير من التقارير، ولاقتراح إ جراء تحسينات في كيفية إ عداد التقرير، ولتشجيع أنشطة هذه الدول والمنظمات الدولية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وينب غي أن تكون هذه التعليقات ذات أهمية أيضا للدول الأخرى، ولا سيما تلك الدول التي تستعد لتصبح أطرافا في العهد، وذلك لتعزيز التعاون بين كافة الدول في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على أساس عالمي".

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 1 : الالتزام بتقديم ال تقارير

[استعيض عن التعليق العام رقم 1 بالتعليق العام رقم 30]

تعهدت الدول الأطراف بأن تقدم تقارير بمقتضى المادة 40 من العهد خلال سنة واحدة من بدء نفاذ العهد وذلك بالنسبة للدول الأطراف المعنية، وفيما بعد ذلك، عندما تطلب اللجنة ذلك. وحتى هذا الوقت، فان الجزء الأول فقط من هذا الحكم، الذي يطلب تقديم تقارير أولية، قد طبق بصفة منتظمة. وتلاحظ اللجنة، كما يتضح من تقاريرها السنوية، أن عددا قليلا من الدول قدم تقاريره في الوقت المحدد. وقد قدمت معظم التقارير متأخرة عن موعدها، وكانت مدة التأخير تتراوح بين عدة أشهر وعدة سنوات، كما أن بعض الدول الأطراف لم توف بالتزامها حتى الآن بالرغم من المذكرات المتكررة والتدابير الأخرى التي اتخذتها اللجنة. وبالرغم من هذا، ف إ ن معظم الدول الأطراف قد شرعت، ولو بشيء من التأخير، في حوار بناء مع اللجنة، وهذا يعني أن ه لا بد ل لدول الأطراف، من أ ن تتمكن عادة من الوفاء بالتزامها بتقديم التقارير في الوقت المحدد المنصوص عليه في الفقرة (1) من المادة 40 ، وأنه سيكون في مصلحة هذه الدول أن تفعل ذلك في المستقبل. وعند التصديق على العهد ينبغي أن تهتم فورا بالتزامها بتقديم التقارير، لأن ال إ عداد المناسب لتقرير شامل لهذا العدد الكبير من الحقوق المدنية والسياسية يتطلب بالضرورة وقتاً طويلاً.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 2 : المبادئ التوجيهية المتعلقة بتقديم التقارير

1 - لاحظت اللجنة أن بعض التقارير التي قدمت في بداية العملية كانت مختصرة وعامة إلى حد رأت معه اللجنة ضرورة وضع مبادئ توجيهية عامة بشأن شكل ومضمون التقارير. وكان الغرض من هذه المبادئ التوجيهية ضمان تقديم التقارير بشكل موحد، وتمكين اللجنة والدول الأطراف من الحصول على صورة كاملة للوضع في كل دولة فيما يتعلق بإعمال الحقوق المشار إليها في العهد. وبالرغم من المبادئ التوجيهية، ما زالت بعض التقارير على جانب من الإيجاز وال ت عمي م بحيث لا تفي بالالتزامات المتعلقة بتقديم التقارير والواردة في المادة 40 .

2- وتطلب المادة 2 من العهد من الدول الأطراف اتخاذ ما يلزم لتنفيذ العهد من التدابير التشريعية أو التدابير الأخرى وتوفير وسائل الانتصاف اللازمة لذلك . وتطلب المادة 40 من الدول الأطراف أن تقدم إلى اللجنة تقارير عن التدابير التي اتخذتها، وعن التقدم المحرز في التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد، وعن العوامل والصعوبات، إ ن وجدت، التي تؤثر في تنفيذ العهد. وحتى التق ارير التي كانت من ناحية الشكل تنسجم بوجه عام مع المبادئ التوجيهية، كانت ناقصة من ناحية الجوهر، وكان من الصعب أن يفهم من بعض التقارير ما إ ذا كان العهد قد نفذ بوصفه جزءا من التشريعات الوطنية وكان كثير من التقارير ناقصا فيما يتعلق بالتشريعات ذات الصلة. وفي بع ض التقارير كان دور الهيئات أو الأجهزة الوطنية في مراقبة وإعمال هذه الحقوق غير واضح. وعلاوة عن ذلك، ف إ ن عددا قليلا جدا من التقارير سرد العوامل والمصاعب التي تؤثر على تنفيذ العهد.

3- وتعتبر اللجنة أن الالتزام بتقديم التقارير لا يشمل فقط القوانين ذات الصلة وا لأحكام الأخرى المتصلة بالالتزامات المنصوص عليها في العهد، بل يتعدى ذلك ليشمل الممارسات والقرارات الصادرة عن المحاكم والأجهزة الأخرى في الدولة الطرف، بال إ ضافة إلى الحقائق الأخرى ذات الصلة التي من شأنها أن تبين درجة التنفيذ الفعلي للحقوق التي يعترف بها العهد والتمتع بها، والتقدم المحرز والعوامل والمصاعب التي صودفت في تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في العهد.

4- و إ ن العرف الذي تسير عليه اللجنة، بمقتضى المادة 68 من نظامها الداخلي المؤقت، يقضي بأن تنظر في التقارير بحضور ممثلين للدول المقدمة للتقارير. وقد تعاونت جميع الدول التي نظرت اللجنة في تقاريرها مع اللجنة بهذه الطريقة، إ لا أن مستويات وخبرات وأعداد الممثلين كانت متفاوتة. وتود اللجنة أن تذكر أنه إذ ا كان لها أن تتمكن من أ داء وظائفها بمقتضى المادة 40 على أنجع وجه ممكن، وإذا كان للدولة المقدمة للتقرير أن تفيد من الحوار بأكبر قدر ممكن فإن من المستصوب أن يكون لممثلي الدول من المكانة والخبرة ( والأفضل من الكثرة ) ما يمكنهم من الرد على ا لأ سئلة الموجهة إليهم والتعليقات التي تبدى داخل اللجنة بالنسبة لكافة المسائل التي يشملها العهد.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق الع ام رقم 3 : المادة 2 (ال تنفيذ على المستوى الوطني )

1- تلاحظ اللجنة أن المادة 2 من العهد بشكل عام تترك للدول الأطراف المعنية حرية اختيار وسيلة التنفيذ في أراضيها، داخل ال إ طار المحدد في تلك المادة. وتعترف اللجنة، على وجه الخصوص، بأن التنفيذ لا يعتمد فقط على ال قوانين الدستورية أو التشريعية التي لا تكون في حد ذاتها كافية في كثير من الأحيان. وتعتبر اللجنة أن من الضروري لفت انتباه الدول الأطراف إلى أن الالتزام بمقتضى العهد لا يقتصر على احترام حقوق الإنسان، بل إ ن الدول الأطراف قد تعهدت كذلك بأن تضمن التمتع بهذه الحق وق لجميع الأفراد الموجودين ضمن ولايتها. وان هذا الجانب يتطلب أنشطة محددة من قبل الدول الأطراف لتمكين الأفراد من التمتع بحقوقهم. ويتضح هذا في عدد من المواد ( على سبيل المثال المادة 3 التي يتناولها التعليق العام رقم 4 أدناه ) ، إ لا أنه من ناحية المبدأ ف إ ن هذا ا لتعهد يتصل بجميع الحقوق المنصوص عليها في العهد.

2- وفي هذا الصدد، ف إ ن من الأهمية بمكان كبير أن يعرف الأفراد ما هي حقوقهم بمقتضى العهد ( والبروتوكول الاختياري، حسبما يكون عليه الحال ) ، وكذلك أن تعلم جميع السلطات ال إ دارية والقضائية ما هي الالتزامات التي التزم ت بها الدولة الطرف بمقتضى العهد. ولتحقيق هذه الغاية، ينبغي نشر العهد بجميع اللغات الرسمية للدولة، واتخاذ خطوات حتى تتعرف السلطات المعنية على مضمون العهد كجزء من تدريبها. ومن المستصوب أيضا التعريف بتعاون الدولة الطرف مع اللجنة.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

ال تعليق العام رقم 4 : المادة 3 (الحق المتساوي للرجال والنساء في التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية)

1- إن المادة 3 من العهد، التي تطلب من الدول الأطراف أن تضمن حقوقا متساوية للرجال والنساء في التمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد، لم تحظ باهتمام كاف في عدد كبير من التقارير المقدمة من الدول، وقد أثارت عددا من الاهتمامات نركز النظر على اثنين منها.

2- أولا ً ، إ ن المادة 3، شأنها في ذلك شأن المادتين 2 (1) و 26 ، من حيث إ نها تتناول منع التمييز لعدة أسباب، يعتبر الجنس أحدها، تتطلب ليس فقط تدابي ر للحماية، بل تتطلب أيضا تدابير إ يجابية يقصد منها ضمان التمتع ال إ يجابي بهذه الحقوق. ولا يمكن أن يتحقق ذلك فقط بواسطة سن القوانين. ولهذا كان ت هناك حاجة بصفة عامة لمزيد من المعلومات بالنسبة لدور المرأة في الواقع، بغية التحقق من التدابير، وكذلك ال إ جراءات التش ريعية البحتة للحماية، التي اتخذت، أو التي على وشك أن تتخذ، لتنفيذ الالتزامات المحددة وال إ يجابية بمقتضى المادة 3 ولتقصي التقدم المحرز أو العوامل أو المصاعب القائمة في هذا المجال.

3- ثانيا ً ، إ ن الالتزام ال إ يجابي الذي تعهدت به الدول الأطراف بمقتضى تلك المادة قد يكون ل ـ ه هو نفسه أثر أكيد على التدابير التشريعية أو ال إ دارية التي وضعت خصيصا لتنظيم أمور غير تلك التي يتناولها العهد. و إ ن كان يمكن أن تؤثر تأثيرا ضارا على الحقوق التي يعترف بها العهد. ونورد مثلا واحدا، ضمن جملة أمثلة، أ لا وهو مدى تأثير أو عدم تأثير قوا نين الهجرة، التي تميز بين المواطن والمواطنة تأثيرا ضارا على نطاق حق المرأة في الزواج من غير المواطنين، أو في تقلد المناصب العامة.

4- ولهذا تعتقد اللجنة انه قد يساعد الدول الأطراف إ يلاء اهتمام خاص لإ جراء استعراض، من قبل هيئات أو مؤسسات معينة خصيصا لذلك، للق وانين أو التدابير التي في جوهرها تفرق بين الرجال والنساء، بالقدر الذي تؤثر به هذه القوانين أو التدابير تأثيرا ضارا على الحقوق المنصوص عليها في العهد، وثانيا ً ، أ ن تقدم الدول الأطراف بيانات محددة في تقاريرها بشأن كافة التدابير التشريعية وغيرها التي وضعت لتنف يذ التزاماتها بمقتضى هذه المادة.

5- وتعتقد اللجنة انه مما قد يساعد الدول الأطراف في تنفيذ هذا الالتزام أن تستخدم الوسائل الحالية للتعاون الدولي بقدر أكبر، بغية تبادل الخبرات وتنظيم المساعدة في حل المشاكل العملية المتعلقة بضمان حقوق متساوية للرجال والنساء.

الدورة الثالثة عشرة (1981)

التعليق العام رقم 5 : المادة 4 (عدم التقيد)

[استعيض عن التعليق العام رقم 5 بالتعليق العام رقم 29]

1- لقد أ ثارت المادة 4 من العهد عدة مشاكل للجنة عند النظر في تق ا رير بعض الدول الأطراف. فعندما تنشأ حالة طارئة عامة تهدد حياة أمة ويع لن عنها بصفة رسمية، ف إ نه يحق للدولة الطرف أ ن تعطل عددا من الحقوق بالقدر الذي يتطلبه الوضع وليس أكثر. ولا يحق للدولة الطرف، مع ذلك، أن تعطل بعض الحقوق المحددة ولا يحق لها أن تتخذ تدابير تمييزية لأسباب مختلفة. وتلتزم الدولة الطرف كذلك بإعلام الدول الأطراف ال أخرى فورا، عن طريق الأمين العام، بحالات التعطيل التي أجرتها و إ عطاء الأسباب لذلك وذكر التواريخ التي ينتهي فيها التعطيل.

2- وبوجه عام، بينت الدول الأطراف الآليات المنصوص عليها في نظمها القانونية ل إ علان حالات الطوارئ، والأحكام التي تطبق من القوانين التي تتنا ول حالات التعطيل هذه. إ لا أنه في حالة عدد قليل من الدول التي يبدو واضحا أ نها عطلت الحقوق المنصوص عليها في العهد، فإن ما لم يكن واضحا ليس فقط ما إ ذا كانت قد أعلنت رسميا حالة الطوارئ، بل أيضا إ ذا كانت الحقوق التي يحظر العهد تعطيلها لم تعطل وما إ ذا كانت الدول الأطراف الأخرى قد أبلغت بالتعطيل وبالأسباب التي أدت إليه ، أم لا.

3- وتعتقد اللجنة أن التدابير المتخذة بمقتضى المادة 4 هي ذات طابع استثنائي ومؤقت و لا يمكن أن تستمر إلا خلال المدة التي يكون فيها بقاء الأمة ذاتها مهددا، وانه في أوقات الطوارئ، تصبح حماية حقو ق الإنسان أهم مما عداها، وخصوصا تلك الحقوق التي لا يمكن الانتقاص منها. وتعتقد اللجنة أيضا من المهم كذلك للدول الأطراف، في أوقات الطوارئ، أ ن تبلغ الدول الأطراف الأخرى بطبيعة وحدود ما تلجأ إليه من تعطيل، والأسباب المؤدية إلى ذلك، وكذلك أن توفي بالتزامها بتقد يم التقرير بمقتضى المادة 40 من العهد وذلك بال إ فصاح عن طبيعة ونطاق كل حق منتقص، و أ ن تشفع ذلك بالوثائق ذات الصلة.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 6 : المادة 6 (الحق في الحياة)

1- عالجت تقارير جميع الدول مسألة الحق في الحياة، المعلن في المادة 6 م ن العهد. وهو الحق الأعلى الذي لا يسمح بتقييده حتى في أوقات الطوارئ العامة التي تتهدد حياة الأمة ( المادة 4 ) . بيد أن اللجنة لاحظت ان المعلومات المقدمة فيما يتعلق بالمادة 6 غالبا ما تقتصر على جانب واحد أو آخر من هذا الحق. وهو حق لا ينبغي تفسيره بالمعنى الضيق.

2- وتلاحظ اللجنة أن الحرب وأعمال العنف الجماعي الأخرى لا تزال بلاء ينزل بالإنسانية ويتسبب في هلاك آلاف الأبرياء من البشر كل سنة. وان التهديد باستعمال القوة أو استخدامها من قبل أية دولة ضد دولة أخرى محظور بالفعل بموجب ميثاق الأمم المتحدة، إلا في حالة ممار سة الحق الأصيل في الدفاع عن النفس. وتعتبر اللجنة أن على الدول واجبا أسمى يتمثل في منع الحروب، وأعمال القتل وأعمال العنف الجماعي الأخرى التي تسبب خسائر في الأرواح بصورة تعسفية. و إ ن كل جهد تبذله الدول لتفادي خطر الحرب، وخاصة الحرب النووية الحرارية، ولتعزيز ا لسلم والأمن الدوليين يشكل أهم شرط وضمان لصيانة الحق في الحياة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة على وجه الخصوص وجود صلة بين المادة 6 والمادة 20 التي تنص على أن القانون ينبغي أن يحظر أية دعاية للحرب ( الفقرة 1 ) أو أي تحريض على العنف ( الفقرة 2 ) كما هو موصوف في تلك المادة.

3- وتعد الحماية من حرمان أي إ نسان من حياته تعسف ـ ا، وهي حماي ـ ة تقتضيها صراحة الجملة الثالث ـ ة من المادة 6 ( 1 )، ذات أهمية بالغة. وترى اللجنة أن على الدول الأطراف أن تتخذ تدابي ر لا لمنع حرمان أي إ نسان من حياته عن طريق القيام بأعمال إ جرامية، والمعاقبة على ذلك الحرمان فحسب ، و إ نما أيضا لمنع أعمال القتل التعسفي التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لتلك الدول ذاتها. ويعد حرمان أي إ نسان من حياته من قبل سلطات الدولة أمرا بالغ الخطورة. ولذلك ينبغي للقانون أن يضبط ويقيد بشكل صارم الظروف التي يمكن فيها للسلطات حرمان أي شخص من حياته.

4- وينبغي أيضا للدول الأطراف أ ن تتخذ تدابير محددة وفعالة لمنع اختفاء الأشخاص، وهي ظاهرة أصبحت، مع الأسف، أمرا كثير التكرار، وغالبا ما يؤدي إلى حرمان أشخاص من حياتهم حرمانا تعسفيا. وبال إ ضافة إلى ذلك، ينبغي للدول إ يجاد تسهيلات و إ جراءات فعال ة للتحقيق الدقيق في حالات الأشخاص المفقودين والمختفين في ظروف قد تنطوي على انتهاك للحق في الحياة.

5- و با لإ ضافة إلى ذلك، لاحظت اللجنة أن الحق في الحياة غالبا ما يفسر بالمعنى الضيق. ولا يمكن فهم عبارة "حق أصيل في الحياة" فهما صحيحا على نحو تقييدي، كما أن ال حماية من حرمان أي شخص من حياته تقتضي أن تتخذ الدول تدابير إ يجابية. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن من المستصوب أن تتخذ الدول الأطراف كل التدابير الممكنة لتخفيض وفيات الأطفال وزيادة المتوسط العمري، ولا سيما باتخاذ تدابير للقضاء على سوء الت غ ذية والأوبئة.

6- وم ع انه يستنتج من المادة 6 ( 2 ) إلى ( 6 ) إن الدول الأطراف ليست ملزمة ب إ لغاء عقوبة ال إ عدام إ لغاء تاما. ف إ نها ملزمة بالحد من استخدامها، ولا سيما ب إ لغاء الحكم بها إ لا في حالة ارتكاب "أشد الجرائم خطورة" ولذلك ينبغي لها أن تفكر في إ عادة النظر في قوانينها الجنائية في ضوء ما سبق، وهي ملزمة على أية حال بقصر تطبيق عقوبة ا لإ عدام على "أشد الجرائم خطورة". وتشير المادة أيضا، بصورة عامة إلى إ لغاء عقوبة ال إ عدام بعبارات توحي بقوة بأن ال إ لغاء مستصوب ( الفقرتان 2 ( 2 ) و ( 6 )) . وتستخلص اللجنة انه ينبغي اعتبار كل التدابير المتعلقة بال إ ل غاء تقدما نحو التمتع بالحق في الحياة في إ طار مفهوم المادة 40 ، و إ نه ينبغي، على ذلك الأساس، تقديم تقرير بشأنها إلى اللجنة. وتلاحظ اللجنة أن عددا من الدول قد ألغى بالفعل عقوبة ال إ عدام أو أوقف تطبيقها. ومع ذلك تبين تقارير الدول أن التقدم المحرز نحو إ لغاء عقوبة ال إ عدام أو الحد من تطبيقها غير كاف بالمرة.

7- وترى اللجنة انه ينبغي فهم عبارة "أشد الجرائم خطورة" بمعناها الضيق ، وهو أن عقوبة ال إ عدام ينبغي أن تكون تدبيرا استثنائيا جدا. ويستنتج أيضا من العبارات الصريحة للمادة 6 أنه لا يمكن فرض تلك العقوبة إ لا وفقا للقوا نين التي تكون سارية عند ارتكاب الجريمة وغير مخالفة لأحكام العهد. وينبغي احترام الضمانات ال إ جرائية الوارد وصفها في العهد بما في ذلك الحق في جلسات استماع عادلة من قبل محكمة مستقلة، وافتراض البراءة، والضمانات الأدنى للدفاع، والحق في إ عادة النظر في العقوبة من جانب محكمة أعلى. وتنطبق هذه الحقوق بال إ ضافة إلى الحق الخاص في التماس العفو أو تخفيف العقوبة.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 7 : المادة 7 (حظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)

1- كثيرا ما طلب أعضاء اللجنة، لدى نظرهم في تقارير الدول الأطراف، المزيد من المعلومات بمقتضى المادة 7 التي تحظر في المقام الأول التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشير اللجنة إلى أنه لا يمكن الخروج على هذا الحكم بمقتضى المادة 4 ( 2 ) حتى في حالات الطوارئ الاستثن ائية العامة كالتي تنص عليها المادة 4 ( 1 ) . فالهدف من ذلك الحكم هو حماية سلامة الفرد وكرامته. وتلاحظ اللجنة انه لا يكفي لتنفيذ هذه المادة حظر تلك المعاملة أو العقوبة أو اعتبارها جريمة. فأكثرية الدول لها أحكام جنائية تنطبق على حالات التعذيب والممارسات المماثلة . وحيث أن ذلك لا يمنع من حدوث مثل تلك الحالات فانه يستنتج من المادة 7، إ ذا ما فهمت بالاقتران مع المادة 2 من العهد، أن على الدول أن تضمن حماية فعالة عن طريق نوع من الأجهزة يتولى المراقبة. وينبغي أن تحقق السلطات المعنية، على نحو فعال، في الشكاوى المتعلقة بسو ء المعاملة. وينبغي تحميل كل من ثبتت إ دانته مسؤولية أعماله، كما يجب إ تاحة وسائل انتصاف فعالة للضحايا المزعومين ذاتهم، بما في ذلك حق الحصول على تعويض. ومن بين الضمانات التي قد تجعل السيطرة فعالة سن أحكام تحظر عزل السجين، والسماح لأشخاص مثل الأطباء والمحامين وأفراد العائلة بالاتصال بالمحتجزين، دون أن يخل ذلك بالتحقيق، وسن أحكام تقضي بوضع المحتجزين في أماكن معروفة علنا. وتسجيل أ سمائهم وأماكن حجزهم في سجل مركزي متاح للأشخاص المعنيين كالأقارب، وسن أحكام تجعل الاعترافات أو الأدلة الأخرى التي يحصل عليها بواسطة التع ذيب أو غيره من ضروب المعاملة التي تتنافى مع المادة 7، غير مقبولة في المحاكم، واتخاذ تدابير لتدريب الموظفين المكلفين ب إ نفاذ القانون ول إ صدار تعليمات لهم حتى لا يلتجئوا إلى تلك المعاملة.

2- وكما يتبين من أحكام هذه المادة، فان مدى الحماية المطلوبة يتجاوز بكثي ر مسألة التعذيب بمفهومها العادي. وقد لا يكون من الضروري التمييز بشكل قاطع بين مختلف أشكال التعذيب أو المعاقبة المحظورة. فهذا التمييز يعتمد على نوع كل معاملة بعينها وهدفها ودرجة قسوتها. ومن رأي اللجنة أن الحظر ينبغي أن يمتد إلى العقاب الجسدي، بما في ذلك ال إ فراط في العقاب كتدبير تربوي أو تأديبي. وحتى التدابير مثل الحبس الانفرادي قد تكون، حسب الظروف، ولا سيما عندما يوضع الشخص في عزلة تامة عن الآخرين تدابير مخالفة لهذه المادة. وبال إ ضافة إلى ذلك، فان من الواضح أن هذه المادة تحمي ليس فقط الأشخاص المعتقلين أو المس جونين وإنما أيضا التلاميذ والمرضى في المؤسسات التعليمية والطبية. وأخيرا، فان من واجب السلطات العامة أيضا أن تضمن الحماية بموجب القانون من تلك المعاملة حتى عندما تصدر عن أشخاص يعملون خارج نطاق أية سلطة رسمية أو بدونها. ويكمل حظر المعاملة التي تتعارض مع الما دة 7، بالنسبة لجميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم، الشرط ال إ يجابي الوارد في المادة 10(1) من العهد الذي يقضي بمعاملتهم معاملة إ نسانية مقرونة باحترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.

3- ويمتد الحظر، على وجه الخصوص، ليشمل إ جراء أية تجربة ط ب ية أو علمية على أي إ نسان بغير رضاه الحر ( المادة 7، الجملة الثانية ) . وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لم تقدم، بصورة عامة، سوى معلومات قليلة، أو لم تقدم أية معلومات، عن هذه النقطة. وهي ترى انه ينبغي، على الأقل في البلدان التي بلغ فيها العلم والطب درجة عالية من التقدم، بل وبالنسبة للشعوب والمناطق التي توجد خارج حدودها إذا تضررت بالتجارب التي تقوم بها، إ يلاء مزيد من الاهتمام للحاجة المحتملة إلى احترام هذا الحكم وللوسائل الممكنة لضمان ذلك. ومن الضروري توفير حماية خاصة فيما يتعلق بالتجارب من ذلك القبيل في حالة ال أشخاص غير القادرين على ال إ عراب عن رضاهم.

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 8 : المادة 9 (حق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه)

1- إن المادة 9، التي تتناول مسألة حق كل شخص في الحرية وفي الأمان على شخصه ، غالبا ما فهمت فهما ضيقا إلى حد ما في التقا رير التي قدمتها الدول الأطراف، ولذلك قدمت تلك الدول معلومات غير كاملة. وتشير اللجنة إلى أن الفقرة 1 تنطبق على جميع أنواع الحرمان من الحرية، سواء في الحالات الجنائية أو في الحالات الأخرى كالأمراض العقلية، مثلا، والتشرد، وإدمان المخدرات، والأغراض التربوية، و مراقبة الهجرة، إلى غير ذلك. وصحيح أن بعض أحكام المادة 9 ( جزء من الفقرة 2 وكامل الفقرة 3 ) لا تنطبق إلا على الأشخاص الذين توجه إليهم تهمة ارتكاب إ حدى الجرائم. غير أن البقية، وخاصة الضمان الهام الوارد في الفقرة 4، أي حق الرجوع إلى القضاء ليقوم بتحري قانونية ا لاعتقال، تنطبق على جميع الأشخاص الذين يتعرضون للحرمان من حريتهم، بالقبض عليهم أو باعتقالهم. وبال إ ضافة إلى ذلك، يتعين على الدول الأطراف أن تضمن أيضا، وفقا للمادة 2 ( 3 ) توفير سبيل الانتصاف الفعال في الحالات الأخرى التي يدعي فيها شخص أ نه قد تعرض للحرمان من حري ته مما يتنافى مع هذا العهد.

2- و تقتضي الفقرة 3 من المادة 9 أ ن يراعى ، في حالة أي إ نسان موقوف أو معتقل بتهمة ارتكاب إ حدى الجرائم، إ حالته "فورا" إلى أ حد القضاة أو الموظفين المخولين قانونا مباشرة الوظائف القضائية. ويضع القانون، في معظم الدول الأطراف حدودا زمن ية أكثر دقة، وترى اللجنة أن التأخير لا ينبغي أن يتجاوز أياما معدودة. وقد قدم عدد كبير من البلدان معلومات غير كافية عن الممارسات الفعلية فيما يتعلق بهذه المسألة.

3- وهناك موضوع آخر وهو مدة الاحتجاز ال إ جمالية في انتظار المحاكمة. وهذا الموضوع أثار بالنسبة لف ئات معينة من القضايا الجنائية في بعض البلدان بعض القلق داخل اللجنة، وقد استفسر الأعضاء عما إذا كانت ممارسات تلك البلدان تتوافق مع حق الشخص في "محاكمته خلال مدة معقول ـ ة أو" في "ال إ فراج عنه" بمقتضى الفقرة 3. وينبغي أن يكون الاحتجاز قبل ال إ حالة إلى المحاكمة إ جراء استثنائيا وأن تكون مدته قصيرة إلى أقصى حد ممكن. واللجنة ترحب بأية معلومات تتعلق بالآليات الحالية والتدابير المتخذة لتخفيض مدة ذلك الاحتجاز.

4- وينبغي أيضا، إذا استخدم ما يسمى بالحبس الوقائي لأسباب تتعلق بالأمن العام، أن يخضع ذلك الحبس لذات هذه الأحكام ، أي يجب ألا يكون تعسفيا، وأن يقوم على أسس و إ جراءات ينص عليها القانون ( الفقرة 1 ) وينبغي ال إ علام بأسباب التوقيف ( الفقرة 2 ) وينبغي توفير المراقبة القضائية للاحتجاز ( الفقرة 4 ) فضلا عن الحق في التعويض في حالة التوقيف غير القانوني ( الفقرة 5 ). و إ ذا وجهت بال إ ضافة إلى ذلك في مثل تلك الحالات تهم بارتكاب إ حدى الجرائم، تمنح أيضا الحماية الكاملة التي تنص عليها المادة 9 ( 2 ) و ( 3 ) فضلا عن المادة 14 .

الدورة السادسة عشرة (1982)

التعليق العام رقم 9 : المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم)

[استعيض عن التعليق العام رقم 9 بالتعليق العام رقم 21]

1- تنص الفقرة 1 من المادة 10 من العهد على أ ن يراعى ، بالنسبة إلى كل إ نسان يتعرض للحرمان من حريته، أن يعامل معاملة إ نسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني. بيد أن جميع التقارير التي قدمتها الدول الأطراف لا تتضمن عل ى ال إ طلاق معلومات عن الطريقة التي تنفذ بها هذه الفقرة من المادة. وترى اللجنة أ ن من المستصوب أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات محددة عن التدابير القانونية الرامية إلى حماية هذا الحق. وترى اللجنة أيضا انه ينبغي أن تذكر التقارير التدابير الملموسة التي تتخ ذها الهيئات الحكومية المختصة لمراقبة التنفيذ الإلزامي للقوانين الوطنية المتعلقة بمعاملة كل إ نسان يتعرض للحرمان من حريته معاملة إ نسانية واحترام كرامته الإنسانية على النحو المطلوب في الفقرة 1.

وتشير اللجنة في هذا الخصوص إلى أ ن الفقرة 1 من هذه المادة تنطبق ب صورة عامة على الأشخاص المحرومين من حريتهم، بينما تميز الفقرة 2 بين الأشخاص المتهمين والأشخاص المدانين، ولا تتناول الفقرة 3 إ لا المدانين فقط. وهذا الهيكل لا ينعكس غالبا، في التقارير التي تتصل أساسا بالمتهمين والمدانين. وصياغة الفقرة 1، والسياق الذي جاءت في ـ ه - وبالخصوص التقارب بينها وبين الفقرة 1 من المادة 9 التي تتناول بدوره ـ ا جميع أن ـ واع الحرمان - وهدفها، كل ذلك يدعم تطبيق المبدأ الوارد في ذلك الحكم، على نطاق واسع بال إ ضافة إلى ذلك، تذكر اللجنة بأن هذه المادة تكمل المادة 7 فيما يتعلق بمعاملة كل شخص يتعرض لل حرمان من حريته.

وان معاملة كل إ نسان يحرم من حريته معاملة إ نسانية. واحترام كرامته الإنسانية هما معيار أساسي عالمي التطبيق لا يمكن أن يعتمد اعتمادا كليا على الموارد المادية. ومع أن اللجنة تدرك أن إ جراءات الاعتقال وظروفه قد تختلف، من نواح أخرى، باختلاف الموا رد المتوفرة، ف إ نها ينبغي أن تطبق دائما، بدون تمييز، على النحو المطلوب في المادة 2(1).

وتقع المسؤولية النهائية عن احترام هذا المبدأ على عاتق الدولة فيما يتعلق بجميع المؤسسات التي يحتجز فيها أشخاص، رغم إ رادتهم، بصورة قانونية ليس فقط في السجون و إ نما أيضا، و على سبيل المثال، في المستشفيات، أو معسكرات الاعتقال أو المؤسسات ال إ صلاحية.

2- وتنص الفقرة الفرعية 2 ( أ ) من تلك المادة على أن يراعى، إ لا في الظروف الاستثنائية، فصل المتهمين عن المدانين ومعاملتهم معاملة مستقلة تتفق مع مركزهم كأشخاص غير مدانين. ولم تول بعض الت قارير الاهتمام الواجب لهذا الشرط المباشر من العهد. ونتيجة لذلك لم تقم بتوفير معلومات كافية عن الطريقة التي تختلف بها معاملة المتهمين عن معاملة المدانين. وينبغي أن تدرج في التقارير القادمة معلومات من ذلك القبيل.

وتدعو الفقرة الفرعية 2 ( ب ) من المادة، في جمل ة أمور، إلى فصل المتهمين الأحداث عن البالغين. وتبين المعلومات الواردة في التقارير أن عددا من الدول لا تأخذ في اعتبارها بشكل كاف أن ذلك هو شرط غير مقيد من شروط العهد. وترى اللجنة انه لا يمكن تبرير مخالفة الدول الأطراف لالتزاماتها بمقتضى الفقرة الفرعية 2 ( ب ) بأي اعتبار، أيا كان، كما يتضح ذلك من نص العهد.

3- وفي عدد من الحالات، لا تتضمن المعلومات الواردة في التقارير فيما يتعلق بالفقرة 3 من المادة أية إ شارة محددة سواء إلى التدابير التشريعية أو ال إ دارية، أو إلى الخطوات العملية المتخذة لتشجيع إ صلاح السجناء و إ عادة تأهيلهم الاجتماعي وذلك مثلا عن طريق التعليم والتدريب المهني والعمل المفيد. وان السماح بالزيارات، وبخاصة من جانب أفراد العائلة، هو بطبيعة الحال من بين التدابير المطلوبة أيضا لأسباب إ نسانية. كما أن هناك ثغرات مماثلة في تقارير بعض الدول تتعلق بالمعلومات المت صلة بالمجرمين الأحداث الذين يتعين فصلهم عن الكبار ومعاملتهم المعاملة المناسبة لسنهم ومركزهم القانوني.

4- وتلاحظ اللجنة كذلك أن مبدأ المعاملة الإنسانية ومبدأ احترام كرامة الإنسان الواردين في الفقرة 1 هما الأساس لالتزامات الدول الأكثر تحديدا وتخصيصا في مي ـ دا ن القضاء الجنائي والواردة في الفقرتين 2 و3 م ـ ن المادة 10 . ويشترط فصل المتهمين عن المدانين ل إ براز مركزهم كأشخاص غير مدانين تحميهم في نفس الوقت قرينة البراءة الواردة في الفقرة 2 من المادة 14 . والهدف من هذه الأحكام هو حماية الفئات المذكورة، وينبغي النظر إلى ا لشروط الواردة فيها من تلك الزاوية. وهكذا، وعلى سبيل المثال ينبغي فصل المجرمين الأحداث ومعاملتهم بطريقة تشجع إ صلاحهم و إ عادة تأهيلهم اجتماعيا.

الدورة التاسعة عشرة (1983)

التعليق العام رقم 10: المادة 19 (حرية الرأي)

1- تقتضي الفقرة 1 حماية حق المرء في "اعتناق آراء دون مضايقة". وهذا حق لا يسمح العهد بأي استثناء له أو قيد عليه. وترحب اللجنة بأية معلومات ترد من الدول الأطراف فيما يتعلق بالفقرة 1.

2- و تقتضي الفقرة 2 حماية الحق في حرية التعبير التي لا تتضمن فقط حرية "نقل ضروب المعلومات والأفكار" بل أيضا حرية "التما سها" و"تلقيها" "دون أي اعتبار للحدود" وبأية وسيلة، "سواء في شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي من الوسائل الأخرى" التي يختارها. ولم تقدم بعض الدول الأطراف معلومات تتعلق بجميع جوانب حرية التعبير. وعلى سبيل المثال، لم يوجه إ لا القليل من الانتباه حتى ال آن إلى أنه، نظرا لتطور وسائل ال إ علام الجماهيرية الحديثة، يلزم اتخاذ التدابير الفعالة لمنع هذه الرقابة على وسائط ال إ علام بشكل يتعارض مع حق كل فرد في حرية التعبير بطريقة لا ينص عليها في الفقرة 3.

3- و تقتصر تقارير كثيرة من تقارير الدول الأطراف على الإشارة إلى أن حرية التعبير مضمونة بمقتضى الدستور أو القانون. إ لا أنه في سبيل معرفة نظام حرية التعبير بالضبط، في القانون وفي الممارسة، يلزم أن تحصل اللجنة بالإضافة إلى ذلك على معلومات وثيقة الصلة عن الأحكام التي تعرف نطاق حرية التعبير أو التي تضع قيودا معينة، وسائر ا لشروط التي تؤثر فعليا على ممارسة هذا الحق. والتفاعل بين مبدأ حرية التعبير وهذه الحدود والقيود هو الذي يحدد النطاق الفعلي لحق الفرد.

4- وتؤكد الفقرة 3 صراحة أن ممارسة الحق في حرية التعبير تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة، وعلى هذا يجوز إ خضاع هذا الحق لبعض القيو د، قد تتصل إما بمصالح أشخاص آخرين أو بمصالح المجتمع ككل. إلا أنه عندما تفرض دولة طرف بعض القيود على ممارسة حرية التعبير، لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر. وتضع الفقرة 3 شروطا، ولا يجوز فرض القيود إ لا بمراعاة هذه الشروط: ويجب "نص القانون" على هذه القيود؛ ولا يجوز أن تفرض إ لا لأحد الأهداف المبينة في الفقرتين الفرعيتين ( أ ) و ( ب ) من الفقرة 3؛ ويجب تبريرها بأنها "ضرورية" للدولة الطرف لتأمين أحد تلك الأهداف.

الدورة التاسعة عشرة (1983)

التعليق العام رقم 11 : المادة 20

1- لم تتضمن بعض التقارير المقدمة من ا لدول الأطراف معلومات كافية فيما يتعلق بتنفيذ المادة 20 من العهد. ونظرا لطبيعة المادة 20 ، ف إ ن الدول الأطراف ملزمة باعتماد التدابير التشريعية الضرورية التي تحظر ال إ جراءات المشار إليها في هذه المادة. إلا أن التقارير أظهرت انه في بعض الدول لا يحظر القانون هذه ال إ جراءات ولا يزمع بذل الجهود المناسبة لحظرها ولا تبذل جهود من هذا القبيل. وعلاوة على ذلك، لم تتضمن تقارير كثيرة معلومات كافية فيما يتعلق بالتشريعات والممارسات الوطنية ذات الصلة.

2- و تنص المادة 20 من العهد على أن تحظر قانونا ً أية دعاية للحرب أو أية دعوة إ لى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. وفي رأي اللجنة، يتمشى هذا الحظر المطلوب تمشيا تاما مع الحق في حرية التعبير كما ورد في المادة 19 ، الذي تنطوي ممارسته على واجبات ومسؤوليات خاصة. ويمتد الحظر بمقتضى الفقرة 1 ليشمل جميع أشكال الدعاية التي تهدد بعمل عدواني أو بخرق للسلم يتعارض وميثاق الأمم المتحدة، أو التي تؤدي إلى ذلك، في حين أن الفقرة 2 موجهة ضد أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف، سواء كان لهذه الد عاية أو الدعوة أهداف داخلية أو خارجية للدولة المعنية. ولا تحظر أحكام الفقرة 1 من المادة 20 الدعوة إلى الحق السيادي في الدفاع عن النفس أو حق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال وفقا للميثاق. ولكي تصبح المادة 20 فعالة تماما ينبغي أن يكون هناك قانون يبين بوضوح أن الدعاية والدعوة بالصورة الواردة في المادة تتعارض والسياسة العامة، وينص على جزاء مناسب في حالة انتهاك ذلك. ومن ثم، تعتقد اللجنة أن الدول الأطراف التي لم تتخذ بعد التدابير الضرورية للوفاء بالالتزامات الواردة في المادة 20 ، ينبغي أن تفعل ذلك، وينبغي أن تمتن ع هي نفسها عن أية دعاية أو دعوة من هذا القبيل.

الدورة الحادية والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 12: المادة 1 (حق تقرير المصير)

1- عم لاً بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه، تقر المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن لجميع الشعوب حق تق رير مصيرها. ويتسّم حق تقرير المصير ب أهمية خاصة، لأن تحقيقه هو شرط أساسي للضمان والاحترام الفعليين لحقوق الإنسان الفردية، ولتعزيز هذه الحقوق وتقويتها. ولهذا السبب، جعلت الدول من حق تقرير المصير حكما من أحكام القانون الوضعي في كلا العهدين، وأوردت هذا الحكم ف ي المادة 1 بصورة مستقلة عن جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهدين وقبل هذه الحقوق.

2- وتكرس المادة 1 حقا غير قابل للتصرف لجميع الشعوب وفقا لما جاء وصفه في الفقرتين 1 و2 منها. فبمقتضى هذا الحق، تكون الشعوب حرة "في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لت حقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". وتفرض المادة على جميع الدول الأطراف التزامات مقابلة. وهذا الحق والالتزامات المترتبة عليه والمتعلقة بتنفيذه لا يمكن فصلها عن أحكام أخرى للعهد وقواعد القانون الدولي.

3- وعلى الرغم من أن التزامات جميع الدول الأطراف بتقديم التقارير تشمل المادة 1، فان القليل فقط من هذه التقارير يعطي شروحا مفصلة تتعلق بكل من فقرات المادة المذكورة. وقد لاحظت اللجنة أن الكثير من هذه التقارير تتجاهل تماما المادة 1 وتعطي معلومات غير كافية بشأنها أو تكتفي بال إ شارة إلى قوانين الانتخاب. وترى اللجنة أن من المرغوب فيه جدا أن تقدم الدول الأطراف تقارير تتضمن معلومات عن كل فقرة من فقرات المادة 1.

4- وفيما يتعلق بالفقرة 1 من المادة 1، ينبغي للدول أن تصف ال إ جراءات الدستورية والسياسية التي تمكن، عمليا، من ممارسة هذا الحق.

5- وتؤكد الفقرة 2 جانبا خاصا من المحتوى الاقتصادي لحق تقرير المصير، ألا وهو حق الشعوب، في إطار سعيها إلى بلوغ أهدافها الخاصة، في "التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إ خلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة". ويرتب هذا الحق واجبات مقابلة على جميع الدول وعلى المجتمع الدولي. وينبغي للدول أن تشير إلى أية عوامل أو صعوبات تحول دون التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية خلافا لأحكام هذه الفقرة، وإلى أي م دى يؤثر ذلك في التمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد.

6- وفي رأي اللجنة أن الفقرة 3 تتميز بأهمية خاصة إذ إ نها تفرض التزامات محددة على الدول الأطراف، لا فيما يتصل بشعوبها وحسب، و إن ما أيضا تجاه جميع الشعوب التي لم تتمكن من ممارسة حقها في تقرير المصير ، أو التي حرمت من إ مكانية ممارسة هذا الحق. وتتأكد الطبيعة العامة لهذه الفقرة بالتاريخ الذي مرت به صياغتها. وهي تنص على أنه "على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسؤولية إ دارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشم ولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة". فالالتزامات موجودة بصرف النظر عما إ ذا كان أحد الشعوب الذي يحق له تقرير المصير يخضع لدولة طرف في العهد أم لا. وينتج عن ذلك أنه ينبغي لجميع الدول الأطراف في العهد أن تتخذ إ جراءات إ يجابية لتسهيل تحقيق حق الشعوب في تقرير المصير واحترام هذا الحق. وينبغي أن تكون هذه ال إ جراءات ال إ يجابية متفقة مع التزامات الدول بموجب ميثاق الأمم المتحدة وبموجب القانون الدولي، وبصورة خاصة، يجب أن تمتنع الدول عن التدخل في الشؤون الدا خلية للدول الأخرى والتأثير بذلك تأثيرا سلبيا في ممارسة حق تقرير المصير. وينبغي أن تتضمن التقارير معلومات عن الوفاء بهذه الالتزامات وعن التدابير المتخذة لهذه الغاية.

7- وفيما يتصل بالمادة 1 من العهد، تشير اللجنة إلى الصكوك الدولية الأخرى التي تتعلق بحق جميع الشعوب في تقرير المصير، وخاصة إ علان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة، الذي اعتمدته الجمعية العامة بتاريخ 24 تشرين الأول/ أ كتوبر 1970 ( قرار الجمعية العامة 2625( د- 25)) .

8- وترى اللجنة أن التاريخ أثبت أن تحقيق حق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام هذا الحق يسهمان في إ قامة علاقات ودية وتعاون بين الدول، وفي تعزيز السلم والتفاهم الدوليين.

الدورة الحادية والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 13: المادة 14 (إقامة العدل)

1- تلاحظ اللجنة أن المادة 14 من العهد هي ذات طبيعة معقدة، وان الجوانب المختلفة لأحكامها تحتاج إلى إبداء ملاحظات محددة. و تهدف جميع هذه الأحكام إلى تأمين إ قامة العدالة على وجه صحيح وتنص، لهذه الغاية، على سلسلة من الحقوق الفردية كالمساواة أمام القضاء، وحق كل فرد في أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من ق بل محكمة مختصة مستقلة وحيادية منشأة بحكم القانون. ولم تقدم كل التقارير تفاصيل عن ال إ جراءات التشريعية أو غيرها المعتمدة خصيصا لتنفيذ كل من أحكام المادة 14 .

2- وعلى العموم، تغفل تقارير الدول الأطراف ال إ قرار بأن المادة 14 تنطبق لا على ال إ جراءات للفصل في التهم الجنائية الموجهة إلى الأفراد وحسب، و إ نما أيضا على ال إ جراءات للفصل في حقوقهم والتزاماتهم في أية دعوى مدنية. وتتباين إلى حد كبير القوانين والممارسات التي تعالج هذه الأمور بتباين الدول. ونظرا لهذا التباين، تزداد الحاجة إلى أن تقدم الدول الأطراف جميع المعلوما ت ذات الصلة، وأن تشرح بمزيد من التفصيل كيف يتم تفسير مفهومي "التهمة الجنائية" و"الحقوق والالتزامات في أية دعوى مدنية" فيما يتصل بالنظم القانونية الخاصة بكل منها.

3- وترى اللجنة أن من المفيد أن تقدم الدول الأطراف، في تقاريرها المقبلة، معلومات أكثر تفصيلا ع ن الخطوات المتخذة للتأكد من أن المساواة أمام القضاء، بما فيها المساواة في الوصول إلى المحاكم، والنظر المنصف والعلني في القضية والاختصاص والحياد والاستقلال للمحاكم تنشأ بموجب القانون وتضمن عمليا. وعلى الخصوص، ينبغي للدول أن تحدد النصوص الدستورية والتشريعية ذات الصلة بالموضوع والتي تنص على إنشاء المحاكم وتؤمن استقلالها وحيادها واختصاصها، ولا سيما فيما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تعيين القضاة، والمؤهلات المطلوبة لتعيينهم، ومدة ولايتهم، والشروط التي تنظم ترقيتهم ونقلهم وتوقف وظائفهم، والاستقلال الفعلي للسلطة ال قضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية.

4- وتنطبق أحكام المادة 14 على جميع المحاكم التي تندرج في نطاق هذه المادة عادية كانت أو متخصصة. وتلاحظ اللجنة أنه توجد، في بلدان عديدة، محاكم عسكرية أو خاصة تحاكم المدنيين. وقد يثير ذلك مشاكل خطيرة فيما يتعلق ب إ قامة العدالة على نحو منصف وحيادي ومستقل. وغالبا ما يكون السبب في إنشاء مثل هذه المحاكم هو التمكن من تطبيق إ جراءات استثنائية لا تتفق مع المعايير العادية للعدل. ومع أن العهد لا يحظر هذه الفئات من المحاكم، إلا أن الشروط التي ينص عليها تشير صراحة إلى أن محاكمة ال مدنيين من جانب مثل هذه المحاكم ينبغي أن تكون استثنائية جدا، وأن تجرى بشروط تسمح أساسا بتوافر جميع الضمانات المنصوص عليها في المادة 14 . ولاحظت اللجنة النقص الخطير في المعلومات بهذا الشأن في تقارير بعض الدول الأطراف التي تتضمن مؤسساتها القضائية مثل هذه المحا كم لمحاكمة المدنيين. وفي بعض البلدان، لا توفر مثل هذه المحاكم العسكرية والخاصة الضمانات الصارمة ل إ قامة العدالة على وجه صحيح وفقا لمتطلبات المادة 14 التي هي متطلبات أساسية لتوفير حماية فعلية لحقوق الإنسان. وإذا قررت الدول الأطراف في حالات الطوارئ الاستثنائي ة المشار إليها في المادة 4 عدم التقيد بال إ جراءات الاعتيادية المنصوص عليها في المادة 14 ، ينبغي أن تتأكد من أن حالات عدم التقيد هذه لا تتجاوز أضيق الحدود التي يتطلبها الوض ـ ع الفع ـ لي، وأن تتقيد بسائر الشروط الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 .

5- وتنص الجملة الث انية من الفقرة 1 من المادة 14 على أن "من حق كل فرد ... أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني". وتتوسع الفقرة 3 من المادة في بيان مقتضيات "النظر المنصف" فيما يتعلق بالفصل في التهم الجنائية. غير أن متطلبات الفقرة 3 هي ضمانات دنيا لا يكفي دائما التقيد بها لتأمين ن ظر منصف في القضية وفقا لما تنص عليه الفقرة 1.

6- وتشكل علنية المحاكمات وسيلة وقائية هامة لمصلحة الفرد والمجتمع بأسره. وفي الوقت ذاته، تعترف الفقرة 1 من المادة 14 بأن للمحاكم سلطة منع الجمهور ، كليا أو جزئيا ، من حضور المحاكمة لأسباب واردة في الفقرة ذاتها، وت جدر ال إ شارة إلى أن اللجنة تعتبر أن المحاكمة، بخلاف مثل تلك الظروف الاستثنائية، يجب أن تكون مفتوحة للجمهور عامة، بمن فيه الأفراد التابعون للصحافة، ويجب ألا تكون، مثلا، محصورة فقط بفئة معينة من الأشخاص. وتجدر ال إ شارة إلى أنه حتى بالنسبة للقضايا التي يمنع فيه ا الجمهور من حضور المحاكمة ي ـ جب أن يكون الحكم علنيا، مع بعض الاستثناءات المحددة حصرا.

7- ولاحظت اللجنة وجود نقص في المعلومات المتعلقة بالفقرة 2 من المادة 14 ، بل إنها لاحظت في بعض الحالات أن قرينة البراءة، التي هي أساسية لحماية حقوق الإنسان، مصاغة بعبارات بالغة الغموض، أو أنها تنطوي على شروط تجعلها غير فعالة. فبسبب قرينة البراءة، يقع عبء إثبات التهمة على عاتق الادعاء ويجعل الشك لصالح المتهم. ولا يمكن افتراض الذنب إ لا بعد إثبات التهمة بما لا يدع للشك المعقول مجالا. فضلا عن أن قرينة البراءة تنطوي على حق المعا ملة وفقا لهذا المبدأ. لذلك، فان من واجب جميع السلطات العامة أن تمتنع عن الحكم بصورة مسبقة على نتيجة المحاكمة.

8- ومن بين الضمانات الدنيا في ال إ جراءات الجنائية المنصوص عليها في الفقرة 3، الضمانة الأولى التي تتعلق بحق كل متهم بجريمة في أن يتم إ علامه، في لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إ ليه ( الفقرة الفرعية ( أ )) . وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول لا تشرح في الغالب كيف يتم مراعاة هذا الحق وتأمينه، وتنطبق المادة 14(3)( أ ) على جميع حالات التهم الجنائية، بما فيها تلك الموجهة إلى أشخاص غير معتقلين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن حق المتهم بجريمة في أن يتم إ علامه بالتهمة "سريعا" يتطلب أن تعطي المعلومات بالطريقة الموصوفة فور توجيه التهمة من جانب سلطة ذات صلاحية. وفي رأي اللجنة أن هذا الحق يجب أن ينشأ عندما تقرر إ حدى المحاكم أو إ حدى سلطات الادعاء العام، أثناء التحقيق، أن تتخذ إ جرا ءات ضد شخص مشتبه به بأنه ارتكب جريمة أو تسميه علنا بأنه مشتبه به. ويمكن ال إ يفاء بالمتطلبات المحددة في الفقرة الفرعية ( 3 )( أ ) عن طريق إ علان التهمة شفهيا أو خطيا، على أن تشير المعلومات إلى القانون وإلى الأفعال المدعى بها التي ترتكز عليها التهمة.

9- وتنص الفقر ة الفرعية 3 ( ب ) على أن يعطى المتهم من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه ل إ عداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه. إن "الوقت الكافي" يتوقف على ظروف كل قضية، لكن التسهيلات يجب أن تشمل الوصول إلى الوثائق وغيرها من ال إ ثباتات التي يطلبها المتهم ل إ عداد دفاعه، وكذلك فر صة تعيين محام والاتصال به. وعندما لا يريد المتهم أن يدافع عن نفسه شخصيا أو يطلب شخصا أو جمعية يختارهما هو، يجب أن يتمكن من اللجوء إلى محام. وبال إ ضافة إلى ذلك، تنص هذه الفقرة الفرعية على أن يتصل المحامي بالمتهم في شروط تضمن التقيد الكامل بسرية اتصالاتهما. و ينبغي أن يكون ب إ مكان المحامين أن يقدموا المشورة إلى موكليهم وأن يمثلوهم وفقا لمعاييرهم وأفكارهم المهنية الثابتة دون أية قيود أو تأثيرات أو ضغوط أو تدخلات لا مبرر لها من أي جهة.

10 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( ج ) على أن يحاكم المتهم دون تأخير لا مبرر له. وتتعلق هذه الضمانة لا بالتاريخ الذي ينبغي أن تبدأ فيه المحاكمة وحسب، و إ نما أيضا بالتاريخ الذي ينبغي أن تنتهي فيه هذه المحاكمة وأن يصدر فيه الحكم. فيجب أن تتم جميع المراحل "دون تأخير لا مبرر له". وبغية جعل هذا الحق فعليا، يجب أن تتوافر إ جراءات لضمان أن المحاكمة سو ف تسير "دون تأخير لا مبرر له"، في الدرجة الأولى والاستئناف على حد سواء.

11- و لم تعالج جميع التقارير كافة جوانب حق الدفاع، كما حددته الفقرة الفرعية 3 ( د ) . فاللجنة لم تتلق دائما معلومات كافية تتعلق بحماية حق المتهم في أن يكون حاضرا أثناء الفصل في أية تهمة مو جهة إليه ، أو بكيفية ضمان النظام القانوني لحقه سواء في الدفاع عن نفسه شخصيا أو بواسطة محام من اختياره، أو بماهية الترتيبات التي تتخذ إذا كان الشخص لا يملك الوسائل الكافية لدفع أجر المعونة القضائية. ويجب أن يكون للمتهم أو لمحاميه حق العمل بعناية ودون خوف على استخدام جميع وسائل الدفاع المتاحة، وحق الاعتراض على سير القضية إذا كانا يعتقدان بأنه غير منصف. وعندما تجرى المحاكمات غيابيا، بصورة استثنائية ولأسباب مبررة، يصبح التقيد الدقيق بحقوق الدفاع أكثر ضرورة.

12 - وتنص الفقرة الفرعية 3 (ه‍) على انه يحق للمتهم أن ين اقش شهود الاتهام بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام. وهذا الحكم وضع لكي يضمن للمتهم ذات السلطات القانونية لإلزام الشهود على الحضور ولإجراء الاستجواب أو الاستجواب المضاد لأي شهود كما هي الحال بالنسبة للسلطات المتاحة للادعاء العام.

13 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( و ) على أنه في حالة عدم تمكن المتهم من التكلم أو فهم اللغة المستخدمة في المحكمة فان له الحق في مساعدة مجانية من مترجم. وهذا الحق مستقل عن نتيجة المحاكمة وينطبق على الأجانب وكذلك على رعايا البلد. وإنه ذو أهمية أساسية في القضايا التي يكون فيها جهل اللغة التي تستخدمها المحكمة أو الصعوبة في فهمها عائقا رئيسيا في وجه حق الدفاع.

14 - وتنص الفقرة الفرعية 3 ( ز ) على ألا يكره المتهم على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب. ولدى النظر في هذا التدبير الوقائي، ينبغي عدم إ غفال أحكام المادة 7 والفقرة 1 من المادة 10 . فبغية إ كراه المتهم على الاعتراف أو على الشهادة ضد نفسه، غالبا ما تستخدم طرق تنتهك هذه الأحكام. وينبغي أن ينص القانون على أن ال إ ثباتات الموفرة بواسطة مثل هذه الطرق أو بأي شكل آخر من أشكال ال إ كراه غير المقبولة البتة.

15 - وبغية الحفاظ على حقوق المتهم بموجب الفقرتين 1 و3 من المادة 14 ، ينبغي أن يكون للقضاة سلطة النظر في أي ادعاءات بانتهاكات حقوق المتهم أثناء أية مرحلة من مراحل المحاكمة.

16 - وتنص الفقرة 4 من المادة 14 على أن ال إ جراءات المطبقة على الأحداث تأخذ في الاعتبار أعمارهم وضرورة العمل على إ عادة تأهيلهم. ولم تقدم تقارير عديدة معلومات كافية تتعلق بمسائل ذات صلة كالسن الدنيا التي يمكن فيها اتهام حدث بجريمة، والسن القصوى التي لا يزال الشخص يعتبر فيها حدثا، ووجود محاكم و إ جراءات خاصة، والقوانين الناظمة لل إ جراءات ضد الأحداث، وكيف تراعي جميع هذه الترتيبات الخاصة للأحداث، "ضرورة العمل على إ عادة تأهيلهم". وينبغي أن يتمتع الأحداث، على الأقل، بذات الضمانات والحماية الممنوحة للراشدين بموجب المادة 14 .

17 - وتنص الفقرة 5 من المادة 14 على أن لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حكم به عليه. ويلفت الانتباه بنوع خاص إلى ترجمة كلمة "جريمة" (Crime) ال ـ واردة في اللغات الأخرى ("infraction", "delito", "prestuplenie")، مما يدل على أن ا لضمانة لا تنحصر فقط بالجرائم الأكثر جسامة. وفي هذا السياق، لم تقدم معلومات كافية بشأن إ جراءات الاستئناف، وخاصة الوصول إلى محاكم المراجعة وسلطات هذه المحاكم، وما هي الشروط الواجب توافرها للاستئناف ضد حكم صادر، والطريقة التي تراعي بها إ جراءات محاكم المراجعة متطلبات النظر المنصف والعلني الواردة في الفقرة 1 من المادة 14 .

18 - وتنص الفقرة 6 من المادة 14 على التعويض، وفقا للقانون، في بعض ال حالات التي يقع فيها خطأ قضائي والتي يرد وصفها في المادة المذكورة، ويتبين من تقارير دول عديدة أن هذا الحق غالبا ما لا يراعى أو لا يُدمج بشكل كاف في التشريع المحلي. وينبغي للدول، عند الاقتضاء، أن تكمل تشريعاتها في هذا المجال بغية جعلها متسقة مع أحكام العهد.

19 - ولدى النظر في تقارير الدول، غالبا ما تم ال إ عراب عن آراء متباينة فيما يتعلق بمدى الفقرة 7 من المادة 14 . وقد رأت بعض الدول الأطراف ضرورة إ بداء تحفظات فيما يتصل ب إ جراءات استئناف سير القضايا الجنائية. ويبدو للجنة أن معظم الدول الأطراف تفرق تفريقا واضحا بين استئناف سير المحاكمة المبرر بظروف استثنائية، و إ ع ـ ادة المحاكم ـ ة المحظورة عملا بمبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين (non bis in idem) الوارد في الفقرة 7. وفهم معنى مبدأ non bis in idem على هذا النحو قد يشجع الدول الأطراف على إ عادة النظر في تحفظاتها على الفقرة 7 من المادة 14 .

الدورة الثالثة والعشرون (1984)

التعليق العام رقم 14: المادة 6 (الحق في الحياة)

1- لاحظت اللجنة المع نية بحقوق الإنسان، في تعليقها العام رقم 6 [16] الذي اعتمدته في جلستها 378 المعقودة في 27 تموز/يوليه 1982 ، أن الحق في الحياة المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، هو الحق الأعلى الذي لا يجوز الخروج عليه ح تى في أوقات الطوارئ العامة. والحق في الحياة نفسه مكرس أيضا في المادة 3 من ال إ علان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 . وهذا الحق هو الأساس الذي تقوم عليه جميع حقوق الإنسان.

2- وقد لاحظت اللجنة أيضا ، في تعليقها العام السابق، أن الواجب الأعلى للدول هو منع الحروب. فما زالت الحرب وأعمال العنف الأخرى تمثل بلاء للبشرية وتودي بحياة آلاف الأبرياء من البشر كل عام.

3- وفي الوقت الذي ما زالت فيه اللجنة تشعر ببالغ القلق إ زاء الخسائر في الأرواح البشرية الناجمة عن الأسلحة التقليدية المستخدمة في المنازعات المسلحة، ف إ نها قد لاحظت أ ن متحدثين من جميع المناطق الجغرافية قد أعربوا، خلال الدورات المتعاقبة للجمعية العامة عن قلقهم المتزايد إ زاء استحداث ونشر أسلحة التدمير الشامل المروعة على نحو متزايد، وهي أسلحة لا تهدد الح ياة الإنسانية فحسب بل تمتص أيضا موارد يمكن بدلا من ذلك استخدامها لأغراض اقتصادية واجتماعية حيوية، ولا سيما في البلدان النامية، مما يعزز حقوق الإنسان ويكفل تمتع الجميع بها.

4- إن اللجنة تش اطر هذا القلق. إذ إ نه من الواضح أن تصميم الأسلحة النووية واختبار ها و صناع تها وامتلاك ها ونشر ها من أخطر ما تواجهه البشرية اليوم من تهديدات للحق في الحياة. ويزيد من جسامة هذا التهديد الخطر المتمثل في إ مكانية الاستعمال الفعلي لهذه الأسلحة. لا في حالة نشوب حرب فحسب بل حتى نتيجة لخطأ أو قصور إ نساني أو آلي.

5- وعلاوة على ذلك، فان ذات وجود هذا التهديد وخطورته يشيعان مناخا من الريبة والخوف بين الدول، الأمر الذي يتنافى في حد ذاته مع تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها وفقا لميثاق الأمم المتحدة وللعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان.

6- وينبغي حظر عمليات إ نتاج الأسلحة النووية واختبار ها وامتلاك ها ونشر ها واستخدام ها واعتبار هذه العمليات جرائم تقترف ضد الإنسانية.

7- وتبعا لذلك، فان اللجنة تناشد، باسم الإنسانية، جميع الدول، سواء أكانت أطرافا في العهد أم لم تكن، أن تتخذ خطوات عاجلة من جانب واحد وبالاتفاق مع غير ها من أجل تخليص العالم من هذا الخطر.

الدورة السابعة والعشرون (1986)

التعليق العام رقم 15: وضع الأجانب بموجب العهد

1- كثيرا ما لا تأخذ التقارير الواردة من الدول الأطراف في الاعتبار انه يجب على كل دولة أن تكفل الحقوق الواردة في العهد "لجميع الأفراد الموجودي ن في إ قليمها والداخلين في ولايتها" ( المادة 2 ( 1 )) . وبوجه عام، فان الحقوق المبينة في العهد تنطبق على الجميع بصرف النظر عن المعاملة بالمثل. وبصرف النظر عن جنسيتهم أو انعدام جنسيتهم.

2- وبذلك فان القاعدة العامة تقضي بكفالة كل حق من الحقوق المنصوص عليها في الع هد دون تمييز بين المواطنين والأجانب. فالأجانب يستفيدون من شرط عام يتمثل في عدم التمييز على صعيد الحقوق المكفولة في العهد، كما نصت عليه المادة 2 من العهد. وينطبق هذا الضمان على الأجانب والمواطنين على حد سواء. واستثناء، فان بعض الحقوق المعترف بها في العهد لا تنطبق إ لا على المواطنين وذلك بصريح النص ( المادة 25) في حين لا تنطبق المادة 13 إ لا على الأجانب. على أنه يتبين من تجربة اللجنة في دراسة هذه التقارير أن عددا من البلدان ينكر على الأجانب الحقوق الأخرى التي ينبغي أن يتمتعوا بها بموجب العهد أو أن هذه الحقوق تخض ع لقيود لا يمكن دائما تبريرها بموجب العهد.

3- وينص عدد قليل من الدساتير على المساواة بين الأجانب والمواطنين. على أن بعض الدساتير الأحدث عهدا تفرق بدقة بين الحقوق الأساسية المنطبقة على الجميع وتلك التي تمنح للمواطنين وحدهم وتتناول كلا منها بالتفصيل. إ لا أن الدساتير في كثير من الدول، لا تتناول في صياغتها سوى المواطنين فقط عندما يتعلق الأمر بمنح حقوق معينة. ويجوز أيضا للتشريعات والسوابق القانونية أن تلعب دورا هاما في كفالة حقوق الأجانب، وأبلغت اللجنة بأنه وان كانت الدساتير أو غيرها من التشريعات في بعض الدول ل ا تمنح الأجانب حقوقا أساسية فسوف يتم مع ذلك توسيع نطاقها لتشملهم كما يقضي العهد. على انه كان هناك تقاعس واضح، في بعض الحالات، في تنفيذ الحقوق الواردة في العهد دون تمييز فيما يتعلق بالأجانب.

4- وترى اللجنة انه ينبغي للدول الأطراف أن تولي اهتماما في تقاريرها لوضع الأجانب في ظل قوانينها وفي الممارسة الفعلية على السواء. ذلك أن العهد يوفر حماية كاملة للأجانب فيما يتعلق بالحقوق المكفولة فيه ، وينبغي ل لدول الأطراف مراعاة لشروطه في تشريعاتها وفي الممارسة حسب الاقتضاء وبذلك يتح سٍ ن وضع الأجانب تحس ي نا كبيرا. وينبغي أن تكفل الدول الأطراف أن تكون نصوص العهد والحقوق التي ينص عليها معروفة للأجانب الخاضعين لولايتها.

5- ولا يعترف العهد للأجانب بأي حق في دخول إ قليم إ حدى الدول الأطراف أو ال إ قامة فيه. وللدولة من حيث المبدأ أن تقرر من تقبل دخولهم إلى إ قليمها. على انه يجوز في ظرو ف معينة أن يتمتع الأجنبي بحماية العهد حتى فيما يتعلق بالدخول أو ال إ قامة. عندما تطرح، مثلا، اعتبارات عدم التمييز وحظر المعاملة اللا إ نسانية واحترام الحياة الأسرية.

6- ويجوز منح الموافقة على الدخول رهنا بمراعاة الشروط المتعلقة، على سبيل المثال، بالتنقل وال إ ق امة والعمل. ويجوز للدولة أيضا أن تفرض شروطا عامة على الأجنبي المار بأراضيها. على أن الأجانب يتمتعون بالحقوق المنصوص عليها في العهد بمجرد السماح لهم بدخول إ قليم دولة طرف فيه.

7- وللأجانب حق في الحياة متأصل، يحميه القانون، ولا يجوز حرمانهم تعسفا من الحياة. ويجب ألا يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إ نسانية أو المهينة، كما لا يجوز استرقاقهم أو تسخيرهم. فللأجانب الحق الكامل فيما يتمتع به الإنسان من حرية وأمن. ف إ ذا حرموا من حريتهم على نحو قانوني، فيلزم معاملتهم بطريقة إ نسانية وباحترام للكرام ة المتأصلة في أشخاصهم. ولا يجوز سجن الأجنبي لعدم وفائه بالتزامه التعاقدي. وللأجانب الحق في حرية الحركة والاختيار الحر لمحل السكن، ويتمتع الأجانب بحرية مغادرة البلد، كما يتمتعون بالمساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية. ومن حقهم أن يحاكموا محاكمة عادلة وعلن ية من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة مشكلة حسب القانون وذلك عند البت في أية تهمة جنائية أو حقوق والتزامات في الدعاوى المرفوعة أمام القضاء. ولا يخضع الأجانب لتشريعات جنائية بأثر رجعي، ومن حقهم أن يعترف بما لهم من شخصية قانونية. ولا يجوز أن يخضعوا لتدخل تعس في أو غير قانوني في خصوصياتهم أو في الشؤون الخاصة بأسرهم أو منازلهم أو مراسلاتهم. ولهم الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والحق في اعتناق الآراء والتعبير عنها. ويتمتع الأجانب بحق الاجتماع السلمي وحرية تكوين جمعيات. ويجوز لهم الزواج عندما يصلون إلى سن الزو اج القانوني. ويحق لأولادهم التمتع بتدابير الحماية التي يقتضيها وضعهم كقصر. وفي الحالات التي يشكل فيها الأجانب أقلية بالمعنى الذي قصدت إليه المادة 27 فلا يجوز حرمانهم من التمتع بالاشتراك مع سائر أفراد جماعتهم بثقافتهم الخاصة والمجاهرة بدينهم الخاص وممارسة ش عائره واستخدام لغتهم. ومن حق الأجانب التمتع بالحماية التي يكفلها القانون على قدم المساواة مع غيرهم. ولا يوجد تمييز بين الأجانب والمواطنين في تطبيق هذه الحقوق. ولا يجوز إ خضاع حقوق الأجانب هذه لأية قيود غير تلك التي يمكن فرضها قانونا وفقا للعهد.

8- ومتى كان للأجنبي وجود قانوني في الإقليم، لا يجوز تقييد حريته في الحركة داخل ال إ قليم وحقه في مغادرة ذلك ال إ قليم إ لا طبقا للمادة 12( 3 ) . ويلزم تبرير أي تفاوت في المعاملة في هذا الخصوص بين الأجانب والرعايا، أو بين مختلف فئات الأجانب، بموجب المادة 12(3). ونظرا إلى انه يجب أن تكون هذه القيود، في جملة أمور، متمشية مع سائر الحقوق المعترف بها في العهد، فلا يجوز ل إ حدى الدول الأطراف أن تمنع تعسفا عودة الأجنبي إلى بلده وذلك بإلقاء القبض عليه أو ترحيله إلى بلد ثالث ( المادة 12(4)).

9- ولم توفر تقارير كثيرة معلومات كافية عن المسا ئل المتصلة بالمادة 13 . وتنطبق تلك المادة على جميع ال إ جراءات الرامية إلى إلزام الأجنبي بالرحيل، سواء وصفت في القانون الوطني بأنها طرد أو غير ذلك من الأوصاف. ف إ ذا استتبعت هذه ال إ جراءات الاعتقال جاز أيضا تطبيق الضمانات التي ينص عليها العهد فيما يتعلق بالحرمان من الحرية ( المادتان 9 و 10) . ف إ ذا كان الغرض من الاعتقال هو التسليم لدولة أخرى جاز تطبيق نصوص قانونية أخرى وطنية ودولية. ويجب عموما أن يسمح لأي أجنبي مطرود بأن يرحل إلى أي بلد يوافق على قبوله فيه. ولا تحمي الحقوق المعينة بالتحديد في المادة 13 إ لا أ ولئك الأج انب الذين يوجدون في إ قليم إ حدى الدول الأطراف بصورة قانونية. ويعني هذا أن القانون الوطني المتعلق بشروط الدخول وال إ قامة ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار لدى تحديد نطاق هذه الحماية، وان الذين يدخلون بصورة غير قانونية والأجانب الذين أقاموا فترة أطول مما يسمح به القان ون أو تسمح به التراخيص الممنوحة لهم هم على الخصوص غير مشمولين بأحكامه. غير أنه إذا كانت شرعية دخول الأجنبي أو إ قامته موضع نزاع، فان أي قرار بهذا الشأن يؤدي إلى طرده أو ترحيله ينبغي أن يتخذ وفقا للمادة 13 . ويترك للسلطات المختصة في الدولة الطرف أن تعمل بحسن نية وفي نطاق ممارستها لصلاحياتها على تطبيق القانون المحلي وتفسيره مراعية مع ذلك الالتزامات التي ينص عليها العهد، ولا سيما مبدأ المساواة أمام القانون ( المادة 26).

10 - وتنظم المادة 13 بصورة مباشرة إ جراءات الطرد فقط وليس أسبابه الموضوعية. غير أنها بعدم سماحها إلا ب إ جراءات الطرد التي تنفذ طبقا "لقرار اتخذ وفقا للقانون"، يكون غرضها بوضوح هو منع حالات الطرد التعسفي. ومن ناحية أخرى تخول هذه المادة لكل أجنبي الحق في أن يتخذ قرار في قضيته الخاصة، ومن ثم لا تنسجم المادة 13 مع القوانين أو القرارات التي تنص على الطرد ا لجماعي أو الطرد بالجملة. وهذا الفهم، في رأي اللجنة، تؤكده أحكام أخرى تتعلق بحق الأجنبي في تقديم أسباب ضد الطرد، وفي أن يعاد النظر في القرار من قبل السلطة المختصة أو من تعينه، وفي أن يمثل أمامها أو أمامه. ويجب أن تعطى للأجنبي جميع التسهيلات اللازمة لمتابعة إ جراءات انتصافه من الطرد حتى يكون هذا الحق في جميع ظروف حالته فعالا. ولا يمكن الخروج عن المبادئ التي تقضي بها المادة 13 والمتصلة بالطعن في الطرد والحق في إ عادة النظر من قبل سلطة مختصة إلا متى اقتضت ذلك "أسباب اضطرارية تتعلق بالأمن القومي". ولا يجوز التمييز بين مختلف فئات الأجانب عند تطبيق المادة 13 .

الدورة الثانية والثلاثون (1988)

التعليق العام رقم 16: المادة 17 (الحق في حرمة الحياة الخاصة)

1- تنص المادة 17 على حق كل شخص في عدم التعرض، على نحو تعسفي أو غير مشروع لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مرا سلاته ولا لأي حملات لا قانونية تمس بشرفه أو سمعته. وترى اللجنة أنه يلزم ضمان هذا الحق في مواجهة جميع تلك التدخلات والاعتداءات سواء أكانت صادرة عن سلطات الدولة أم عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين. والالتزامات التي تفرضها هذه المادة تقتضي أن تعتمد الدولة تدابير تشريعية وغيرها من التدابير اللازمة لإعمال الحظر المفروض على تلك التدخلات والاعتداءات فضلا عن حماية هذا الحق.

2- وتود اللجنة أن تشير في هذا الصدد إلى أن تقارير الدول الأطراف في العهد لا تولي الاهتمام اللازم للمعلومات المتعلقة بالأسلوب الذي تضمن به السلطات التشريعية أو ال إ دارية أو القضائية، والأجهزة المختصة المؤسسة في الدولة بوجه عام احترام هذا الحق. وعلى وجه الخصوص لا يولى اهتمام كاف لكون المادة 17 من العهد تتناول الحماية من التدخل التعسفي وغير المشروع معا. وذلك يعني أن تشريعات الدولة هي في المقام الأول عين ما يجب النص فيه على حماية الحق المبين في تلك المادة. والوضع الراهن هو أن التقارير إما لا تذكر شيئا عن تلك التشريعات أو لا تقدم معلومات كافية عن هذا الموضوع.

3- ويعني مصطلح "غير مشروع" أنه لا ي مكن حدوث أي تدخل إلا في الحالات التي ينص عليها القانون. ولا يج وز أن يحدث التدخل الذي تأذن به الدول إلا على أساس القانون، الذي يجب هو نفسه أن يكون متفقا مع أحكام العهد ومراميه وأهدافه.

4- كما أن عبارة "التدخل التعسفي" وثيقة الصلة أيضا بحماية الحق المنصوص عليه في الماد ة 17. وترى اللجنة أن عبارة "التعرض لتدخل تعسفي" يم كن أن تمتد لتشمل أيضا التدخل المنصوص عليه في القانون. والمقصود بإدراج مفهوم التعسف هو ضمان أن يكون التدخل نفسه الذي يسمح به القانون موافقا لأحكام العهد ومراميه وأهدافه وأن يكون في جميع الحالات، معقولا بالنسبة للظروف المعينة التي يحدث فيها.

5- وفيما يتعلق بمصطلح "الأسرة" ، فإن أهداف العهد تقتضي تفسيره، لأغراض المادة 17 ، تفسيرا واسع النطاق بحيث يشمل جميع من تتألف منهم الأسرة بمعناها المتفق عليه في مجتمع الدولة الطرف المعنية. وينبغي أن يفهم مصطلح "بيت" بالعربية، و"domicilio"، بال إ سبان ي ة، و"home" بال إ نكليزية، و "zhilische" بالروسية و"zhùzhái" بالصينية، و"domicile" بالفرنسية، كما هو مستخدم في المادة 17 من العهد، على أنه يعني المكان الذي يقيم فيه الشخص أو يزاول فيه نشاطه المعتاد. وفي هذا الصدد، تدعو اللجنة الدول إلى أن تبين في تقاريرها المعنى المحدد في مجتمعها لمصط لحي "الأسرة" و"المنزل".

6- وترى اللجنة أن التقارير ينبغي أن تشمل معلومات عن السلطات والأجهزة المنشأة في إطار النظام القانوني للدولة والتي لها صلاحية الإذن بالتدخل المسموح به في القانون. ولا بد أيضا من تلقي معلومات عن السلطات التي يحق لها ممارسة الرقابة على ذلك التدخل مع المراعاة التامة للقانون، ومعرفة الأسلوب الذي يمكن به للأشخاص المعنيين أن يشتكوا من حدوث انتهاك للحق المنصوص عليه في المادة 17 من العهد، ومعرفة الأجهزة التي يمكن أن يتم ذلك عن طريقها. وينبغي للدول أن توضح في تقاريرها مدى مطابقة الممارسة الفعل ية للقانون. كما ينبغي أن تتضمن تقارير الدول الأطراف معلومات عن الشكاوى المقدمة فيما يتعلق بالتدخل التعسفي أو اللاقانوني، وعدد أي القرارات قرارات تكون قد اتخذت في ذلك الصدد، فضلا عن إجراءات الانتصاف التي وفرت في تلك الحالات.

7- وحيث أن جميع الأشخاص يعيشون في المجتمع، فإن حماية الحياة الخاصة هي مسألة نسبية بالضرورة، بيد أنه ينبغي ألا يكون بمقدور السلطات العامة المختصة أن تطلب من المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للفرد إلا ما يكون معرفته ضروريا حرصا على مصالح المجتمع على النحو المفهوم بموجب العهد. وعليه فإن ا للجنة توصي بأن تبين الدول في تقاريرها القوانين والأنظمة التي تحكم حالات التدخل المأذون بها في الحياة الخاصة.

8- وحتى فيما يتعلق بعمليات التدخل التي تتفق مع العهد، يجب أن يحدد التشريع ذو الصلة بالتفصيل الظروف المحددة التي يجوز السماح فيها بهذا التدخل. وأي قرار باللجوء إلى هذا التدخل المسموح به يجب أن تتخذه السلطة التي يسميها القانون وحدها دون سواها، وعلى أساس كل حالة على حدة. ويقتضي التقيد بالمادة 17 ضمان سلامة وسرية المراسلات قانونا وفي الواقع. وينبغي أن تسلم المراسلات إلى المرسل إليه دون مصادرتها أو فتحها أو قراءتها. وينبغي حظر الرقابة، بالوسائل ال إ لكترونية أو بغيرها على السواء، وحظر اعتراض طريق الاتصالات الهاتفية والبرقية وغيرها من أشكال الاتصالات، والتنصت على المحادثات وتسجيلها. وينبغي أن يقتصر تفتيش منزل الشخص على البحث عن الأدلة اللازمة، وينبغي ألا يسم ح بأن يصل إلى حد المضايقة. وفيما يتعلق بالتفتيش الشخصي والبدني، ينبغي أن تكون هناك تدابير فعالة تكفل إجراء هذا التفتيش بأسلوب يتفق مع كرامة الشخص الذي يجري تفتيشه. وفي حالة الأشخاص الذين يخضعون لتفتيش بدني يجريه مسؤولون حكوميون أو موظفون طبيون يقومون بذلك بناء على طلب الدولة، ينبغي ألا يجري الفحص إلا بواسطة أشخاص من نفس الجنس.

9- ويتوجب على الدول الأطراف ذاتها ألا تقوم بعمليات تدخل لا تتفق مع المادة 17 من العهد وأن توفر الإطار التشريعي الذي يحظر على الأشخاص الطبيعيين أو القانونيين القيام بهذه الأفعال.

10 - ويجب أن ينظم القانون عمليات جمع وحفظ المعلومات الشخصية باستخدام الحاس وب ومصارف البيانات وغيرها من الوسائل، سواء أكانت تجريها السلطات العامة أم الأفراد العاديون أو الهيئات الخاصة. ويتعين أن تتخذ الدول تدابير فعالة لكفالة عدم وقوع المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة للشخص في أيدي الأشخاص الذين لا يجيز لهم القانون الحصول عليها أو تجهيزها أو استخدامها، وعدم استخدامها على الإطلاق في أغراض تتنافى مع العهد. ولكي يتسنى حماية الحياة الخاصة للفرد على أكفأ وجه ينبغي أن يكون من حق كل فرد أن يتحقق بسهولة مما إذا كانت هناك بيانات شخصية مخزنة في أضابير البيانات الأوتوماتية، وإذا كان الوضع كذلك، من ماهية هذه البيانات، والغرض من الاحتفاظ بها. كما ينبغي أن يكون بمقدور كل فرد أن يتحقق من هوية السلطات العامة أو الأفراد العاديين أو الهيئات الخاصة التي تتحكم أو قد تتحكم في هذه الأض ابير. وإذا كانت الأضابير تتضمن بيانات شخصية غير صحيحة أو بيانات جمعت أو جهزت بطريقة تتعارض مع أحكام القانون، ينبغي أن يكون من حق كل فرد أن يطلب تصحيحها أو حذفها.

11- وتكفل المادة 17 حماية الشرف والسمعة الشخصيين، ومن واجب الدول أن توفر التشريعات الكافية لت حقيق هذا الغرض. كما يجب اتخاذ التدابير لتمكين أي إنسان من أن يحمي نفسه بصورة فعالة ضد أي اعتداءات غير قانونية تحدث بالفعل وتزويده بوسيلة انتصاف فعالة ضد المسؤولين عن ذلك. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها إلى أي مدى يوفر القانون الحماية لشرف الأفراد أو سمعتهم وكيفية توفير هذه الحماية وفقا لنظامها القانوني

الدورة الخامسة والثلاثون (1989)

التعليق العام رقم 17: المادة 24 (حقوق الطفل)

1- تتضمن المادة 24 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعترافا بحق كل طفل ، دون أي تمييز ، في أن يحصل من أسرته والمجتمع والدولة، على الحماية التي يتطلبها وضعه بصفته قاصرا. ويستلزم تنفيذ هذا الحكم، بناء على ذلك، اعتماد تدابير خاصة ترمي إلى حماية الأطفال، بالإضافة إلى التدابير الواجب على الدول أن تتخذها بموجب المادة 2 لكي تكفل لجميع الأشخاص التمتع بالحقوق المنصوص عل يها في العهد. وكثيرا ما يبدو أن التقارير المقدمة من الدول تقلل من شأن هذا الالتزام وتقدم معلومات غير كافية عن الطريقة التي يكفل بها للأطفال التمتع بحقوقهم في الحصول على حماية خاصة.

2- وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن الحقوق التي تنص عليها الماد ة 24 ليست ا لحقوق الوحيدة التي يعترف بها للأطفال في العهد، وإلى أن الأطفال يستفيدون، بوصفهم أفرادا، من جميع الحقوق المدنية المبينة في العهد. وتبين بعض أحكام العهد، وهي تعلن حقا من الحقوق، للدول صراحة تدابير ينبغي أن تعتمد لكي تكفل للقصر حماية أكبر من تلك التي يتمتع به ا البالغون. فمثلا، فيما يتعلق بالحق في الحياة، لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمار هم عن ثمانية عشر عاما. وبالمثل، إذا حرم المتهمون الأحداث من حريتهم طبقا للقانون، وجب فصلهم عن البالغين ويكون من حقهم أن يفصل في قضيتهم بأسرع ما يمك ن؛ ويخضع الأحداث الجانحون المدانون بدورهم لنظام سجن يتضمن فصلهم عن البالغين ويناسب سنهم ووضعهم القانوني، وذلك بهدف تسهيل إ صلاحهم وإعادة تأهيلهم اجتماعيا. وفي حالات أخرى، تكفل حماية الأطفال بإباحة تقييد حق من الحقوق المعترف بها في العهد، شريطة أن يكون التقي يد مبررا: مثل الحق في إعلان أي حكم في دعوى مدنية أو جنائية وهو حق يجوز إخضاعه لاستثناء عندما تتطلب مصلحة القصر ذلك.

3- غير أن التدابير الواجب اعتمادها لا ترد محددة في معظم الأحوال في العهد وينبغي لكل دولة تحديدها وفقا لمتطلبات حماية الأطفال الذين يوجدون ع لى أراضيها ويدخلون في نطاق ولايتها. وتلاحظ اللجنة في هذا الشأن أن هذه التدابير وإن كانت تستهدف في المقام الأول ضمان تمتع الأطفال الكامل بالحقوق الأخرى المعلنة في العهد، فإنها قد تكون تدابير اقتصادية واجتماعية وثقافية. وهكذا، على سبيل المثال، ينبغي اتخاذ كل التدابير الاقتصادية والاجتماعية الممكنة من أجل تخفيض معدل وفيات الأطفال والقضاء على سوء تغذية الأطفال ومن أجل تجنب تعرضهم لأعمال العنف أو لضروب المعاملة القاسية أو اللا إ نسانية، أو استغلالهم عن طريق السخرة أو الدعارة أو استخدامهم في الاتجار غير المشروع في العقاقير المخدرة أو بأي وسيلة أخرى. كما ينبغي في الميدان الثقافي اتخاذ كل تدبير ممكن لتسهيل نمو شخصيتهم نموا كاملا ولإعطائهم درجة من التعليم تمكنهم من التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، ولا سيما حرية الرأي والتعبير. وعلاوة على ذلك، تود اللجنة أن تسترعي ا نتباه الدول الأطراف إلى الحاجة إلى أن تدرج في تقاريرها معلومات عن التدابير المعتمدة لضمان عدم قيام الأطفال بأي دور مباشر في المنازعات المسلحة.

4- ولكل طفل الحق في تدابير خاصة للحماية بسبب وضعه كقاصر. غير أن السن التي يصبح فيها الطفل راشدا غير مبينة في العه د. ولكل دولة من الدول الأطراف أن تحدد هذه السن في ضوء الأحوال الاجتماعية والثقافية ذات الصلة، وفي هذا الصدد، ينبغي أن توضح الدول في تقاريرها السن التي يبلغ فيها الرشد بالنسبة للمسائل المدنية ويتحمل فيها المسؤولية الجنائية. كما ينبغي أن تبين الدول السن التي يحق للطفل فيها قانونا العمل والسن التي يعامل فيها معاملة البالغين بموجب قانون العمل. وينبغي أن تبين الدول كذلك السن التي يعتبر فيها الطفل بالغا، لأغراض الفقرتين 2 و3 من المادة 10. غير أن اللجنة تلاحظ أنه لا ينبغي تحديد السن المتعلق بالأغراض المذكورة أعلاه بسن صغيرة بدرجة غير معقولة، وأنه لا يمكن للدولة، بأي حال من الأحوال، أن تتحلل من التزاماتها بموجب العهد فيما يتعلق بالأطفال تحت سن الثامنة عشرة بصرف النظر عن بلوغهم سن الرشد بموجب القانون المحلي.

5- ويقضي العهد بحماية الأطفال من التمييز على أي أساس مثل ا لعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب. وتلاحظ اللجنة في هذا الخصوص أنه إذا كان مبدأ عدم التمييز في التمتع بالحقوق الذي ينص عليه العهد مستمد أيضا بالنسبة للأطفال من المادة 2 وكانت مساواتهم أمام القانون مستم دة من المادة 26 ، فإن الفقرة المتعلقة بعدم التمييز من المادة 24 تتصل تحديدا بتدابير الحماية المشار إليها في تلك المادة. وينبغي أن تبين تقارير الدول الأعضاء الطريقة التي يضمن بها التشريع والممارسة أن تكون تدابير الحماية هادفة إلى إزالة التمييز بجميع أشكاله ف ي كل ميدان، بما في ذلك الميراث، ولا سيما بين الأطفال المواطنين والأطفال الأجانب أو بين الأطفال الشرعيين والأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية.

6- وتقع مسؤولية ضمان الحماية الضرورية للأطفال على عاتق الأسرة والمجتمع والدولة. ورغم أن العهد لا يشير إلى كي فية توزيع هذه المسؤولية، فإن الأسرة بمعناها الواسع الذي يشمل جميع الأشخاص الذين يؤلفونها في مجتمع الدولة الطرف المعنية، ولا سيما الأبوين هي المسؤولة الرئيسية عن تهيئة الظروف المواتية لنمو شخصية الطفل ولتمتعه بالحقوق المشار إليها في العهد. ومع ذلك، و ما دام من الشائع أن يعمل الأب والأم بأجر خارج البيت، يجب أن تبين تقارير الدول الأطراف كيفية قيام المجتمع ومؤسساته والدولة بمسؤولياتها في مساعدة الأسرة على ضمان حماية الطفل. و علاوة على ذلك، و إذا كان الأبوان والأسرة يقصرون تقصيرا خطيرا في القيام بواجباتهم أو يسيئون معاملة الطفل أو يهملونه، ينبغي أن تتدخل الدولة للحد من السلطة الأبوية ويجوز فصل الطفل عن أسرته إذا اقتضت الظروف ذلك. وفي حالة فسخ الزواج، يتعين اتخاذ ترتيبات، مع مراعاة المصلحة العليا للأطفال، لتأمين الحماية اللازمة لهم، ومن أجل ضمان وجود علاقات شخصية مع الأبوين معا بقدر الإمكان. وترى اللجنة أن من المفيد أن تقدم الدول الأعضاء في تقاريرها معلومات بشأن تدابير الحماية الخاصة المعتمدة لحماية الأطفال المتخلى عنهم، أو المحرومين من بيئتهم الأسرية، والتي تستهدف إمكان نموهم في أقرب الظروف إلى ظروف بيئتهم الأسرية.

7 - وبمقتضى الفقرة الثانية من المادة 24 ، لكل طفل الحق في أن يسجل بعد ولادته على الفور وفي أن يكون له اسم. وترى اللجنة أنه ينبغي تفسير هذا الحكم بأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بالحكم الذي ينص على الحق في تدابير خاصة للحماية ويهدف إلى تعزيز الاعتراف بشخصية الطفل الق انونية. والنص على حق الطفل في أن يكون له اسم يتسم بأهمية خاصة بالنسبة للأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية. ويهدف التزام تسجيل الأطفال بعد مولدهم إلى تقليل الخطر المتمثل في أن يصبحوا هدفا للاختطاف أو للبيع أو للاتجار غير المشروع أو لضروب أخرى من المعام لة التي لا تتفق مع التمتع بالحقوق المنصوص عليها في العهد. ويجب أن تبين تقارير الدول الأطراف بتفصيل التدابير المعتمدة من أجل ضمان التسجيل الفوري للأطفال المولودين في أراضيها.

8- وبالمثل ، ينبغي إيلاء اهتمام خاص، في إطار الحماية الواجب إ يلاؤها للأطفال، بما ل كل طفل من حق معلن في الفقرة 3 من المادة 24 في اكتساب جنسية. وإذا كان الهدف من هذا الحكم يتمثل في تجنب أن يحصل الطفل على قدر أقل من الحماية من جانب المجتمع والدولة نتيجة لوضعه كطفل عديم الجنسية، فإنه لا يفرض بالضرورة على الدول أن تمنح جنسيتها للأطفال المولو دين في أراضيها. بيد أن الدول مطالبة باعتماد جميع التدابير الملائمة، داخليا وبالتعاون مع الدول الأخرى من أجل ضمان أن يكون لكل طفل جنسية وقت ولادته. وفي هذا السياق، لا يسمح بأي تمييز، في التشريع الداخلي، بالنسبة لاكتساب الجنسية، بين الأطفال الشرعيين والأطفال المولودين خارج إطار رباط الزوجية أو المولودين من آباء عديمي الجنسية أو على أساس مركز أحد الوالدين أو كليهما من حيث الجنسية. ويجب أن يشار دائما في تقارير الدول الأطراف إلى التدابير المعتمدة من أجل ضمان حق الأطفال في أن تكون لهم جنسية.

الدورة السابعة والثل اثون (1989)

التعليق العام رقم 18: عدم التمييز

1- يمثل عدم التمييز، مع المساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون دون أي تمييز، مبدأ أساسيا وعاما يتعلق بحماية حقوق الإنسان. ومن ثم فإن الفقرة 1 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المد نية والسياسية تلزم كل دولة طرف باحترام الحقوق المعترف بها في العهد وبضمان هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجت ماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. والمادة 26 لا تخول جميع الأفراد التمتع بالمساواة أمام القانون والتمتع بحماية القانون على قدم المساواة فحسب، وإنما تحظر أيضا أي نوع من أنواع التمييز بمقتضى القانون وتكفل لجميع الأفراد حماية واحدة وفعالة ضد الت مييز القائم على أي أساس مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب.

2- والواقع أن مبدأ عدم التمييز هو مبدأ أساسي إلى حد أن المادة 3 تلزم كل دولة طرف بض مان تساوي الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المبينة في العهد. وإن سمحت الفقرة 1 من المادة 4 للدول الأطراف بأن تتخذ تدابير لا تتقيد فيها ببعض التزاماتها بمقتضى العهد في أوقات الطوار ئ العامة، فإن المادة ذاتها تقضي، في جملة أمور، بأنه لا يجوز أن تشمل هذه التداب ير التمييز الذي يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفقرة 2 من المادة 20 تلزم الدول الأطراف بأن تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التميي ز.

3- وبسبب الطابع الأساسي والعام لمبدأي عدم التمييز والمساواة أمام القانون والحماية المتساوية التي يكفلها القانون، فإنه يشار إليهما أحيانا صراحة في مواد تتعلق بفئات محددة من حقوق الإنسان. وتنص الفقرة 1 من المادة 14 على أن الناس جميعا سواء أمام القضاء، وتن ص الفقرة 3 من المادة نفسها على أنه يحق لأي شخص، لدى تحديد أية تهمة جنائية ضده، أن يتمتع، على قدم المساواة التامة بالضمانات الدنيا المسرودة في الفقرات الفرعية ( أ ) إلى ( ز ) من الفقرة 3. وبالمثل، فإن المادة 25 تنص على تساوي جميع المواطنين في المشاركة في الحياة العامة دون أي نوع من أنواع التمييز المشار إليها في المادة 2.

4- وللدول الأطراف أن تبت في نوع التدابير التي تراها مناسبة لتنفيذ الأحكام ذات الصلة. بيد أن اللجنة ترغب في أن تبلغ بطبيعة هذه التدابير ومطابقتها لمبادئ عدم التمييز والمساواة أمام القانون والحماي ة المتساوية التي يكفلها القانون.

5- وتود اللجنة أن تسترعي انتباه الدول الأطراف إلى أن العهد قد يتطلب منها صراحة أن تتخذ تدابير تكفل للأشخاص المعنيين المساواة في الحقوق. وعلى سبيل المثال، فإن الفقرة 4 من المادة 23 تنص على أن تتخذ الدول الأطراف خطوات ملائمة تكفل المساواة في حقوق ومسؤوليات الزوجين لدى الزواج وخلاله وعند انحلاله. ويجوز أن تتخذ هذه الخطوات صورة تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرهما، إلا أن من الواجبات المؤكدة على الدول الأطراف أن تتيقن من مساواة الزوجين في الحقوق كما يتطلب العهد ذلك. وفيما يتعلق با لأطفال، فإن المادة 24 تنص على أن للأطفال جميعا، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، الحق في أن توفر لهم أسرهم ومجتمعهم ودولتهم تدابير الحماية هذه طبقا لما يتطلبه وضعهم كقصّر.

6- وتلاح ظ اللجنة أن العهد لا ي ُ ع َ ر ِّ ف تعبير "التمييز" ولا يشير إلى الأفعال التي تشكل تمييزا. بيد أن المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، تنص على أن تعبير "التمييز العنصري" يعني أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الع رق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحيا ة العامة. وبالمثل، تنص المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن "التمييز ضد المرأة" يعني أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في ال ميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، وبصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

7- وفي حين أن هاتين الاتفاقيتين تعالجان فقط حالات للتميي ز لأسباب محددة، فإن اللجنة ترى أن تعبير "التمييز" المستخدم في العهد ينبغي أن يفهم على أنه يتضمن أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس أي سبب كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتما عي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك مما يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف لجميع الأشخاص، على قدم المساواة، بجميع الحقوق والحريات أو التمتع بها أو ممارستها.

8- غير أن التمتع بالحقوق والحريات على قدم المساواة لا يعني المعاملة المماثلة في كل حالة من الحال ات. وفي هذا الصدد، فإن أحكام العهد صريحة. وعلى سبيل المثال، تحظر الفقرة 5 من المادة 6 فرض حكم الإعدام على أشخاص ت قل أ عم ا رهم عن 18 عاما. وتحظر الفقرة ذاتها تنفيذ هذا الحكم على الحوامل. وبالمثل، فإن الفقرة 3 من المادة 10 تقضي بفصل المجرمين من الأحداث عن البا لغين. وعلاوة على ذلك، تكفل المادة 25 بعض الحقوق السياسية، مع التمييز على أساس المواطنة.

9- ويتضمن العديد من تقارير الدول الأطراف معلومات عن التدابير التشريعية والتدابير الإدارية وقرارات المحاكم المتعلقة بالحماية من التمييز في القانون، ولكنها تفتقر في كثير من الأحيان إلى معلومات تكشف عن التمييز الواقع عمليا. واعتادت دول أطراف عند تقديم تقاريرها عن المواد 2 ( 1 ) و3 و 26 من العهد أن تستشهد بنصوص في دساتيرها أو بقوانينها الخاصة بتكافؤ الفرص فيما يتعلق بالمساواة بين الأشخاص. ومع أن هذه المعلومات مفيدة بالطبع، فإن ا للجنة ترغب في معرفة ما إذا كانت هناك أي مشاكل تتعلق بتمييز يقع بالفعل تمارسه السلطات العامة أو المجتمع أو أفراد أو هيئات من القطاع الخاص ، وتود اللجنة أن تطلع على الأحكام القانونية والتدابير الإدارية الرامية إلى تقليل هذا التمييز أو القضاء عليه.

10 - وترغب ا للجنة أيضا في الإشارة إلى أن مبدأ المساواة يتطلب أحيانا من الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات إيجابية للتقليل من الظروف التي تتسبب أو تساعد في إدامة التمييز الذي يحظره العهد أو للقضاء على تلك الظروف. وعلى سبيل المثال، فإذا حدث في دولة ما أن كانت الظروف العامة ل جزء معين من السكان تمنع أو تعوق تمتعهم بحقوق الإنسان فإنه ينبغي للدولة أن تتخذ إجراءات محددة لتصحيح هذه الظروف. ويجوز أن تنطوي هذه ال إ جراءات على منح الجزء المعني من السكان نوعا من المعاملة التفضيلية في مسائل محددة لفترة ما بالمقارنة ببقية السكان. ومع ذلك، فطالما دعت الحاجة إلى هذه ال إ جراءات لتصحيح التمييز في الواقع، فإن التفريق هنا مشروع بمقتضى العهد.

11- والفقرة 1 من المادة 2، وكذلك المادة 26 تعددان كلاهما أسباب التمييز على أنها العرق واللون والجنس واللغة والدين والرأي السياسي أو غير السياسي والأصل القومي أو الاجتماعي والثروة والنسب وغير ذلك. وتلاحظ اللجنة أن عددا من الدساتير والقوانين لا يعدد جميع الأسباب التي يحظر من أجلها التمييز كما وردت في الفقرة 1 من المادة 2. لذا فإن اللجنة تود أن تتلقى معلومات من الدول الأطراف عن مغزى إغفال هذه الأسباب.

12 - وإذا كان ت المادة 2 تقصر نطاق الحقوق التي يتعين حمايتها من التمييز على تلك الحقوق المنصوص عليها في العهد، فإن المادة 26 لا تعين هذه الحدود. وبعبارة أخرى، فإن المادة 26 تنص على أن جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولهم الحق في الحماية المتساوية التي يكفلها القانون د ون تمييز، وأنه يتعين أن تكفل القوانين لجميع الأشخاص حماية متساوية وفعالة من التمييز لأي من الأسباب المذكورة. وترى اللجنة أن المادة 26 ليست ترديدا وحسب للضمانة المنصوص عليها من قبل في المادة 2؛ وإنما هي تنص في صلبها على حق مستقل. فهي تحظر التمييز أمام القان ون أو، في الواقع، في أي ميدان تحكمه وتحميه سلطات عامة. ولذا فإن المادة 26 تتعلق بالالتزامات المفروضة على الدول الأطراف فيما يتعلق بتشريعاتها وبتطبيق هذه التشريعات. ومن ثم، فعندما تعتمد دولة طرف تشريعا معينا يجب أن يكون هذا التشريع متمشيا مع متطلبات المادة 26 بمعنى ألا يكون محتواه تمييزيا ً . وبعبارة أخرى، فإن تطبيق مبدأ عدم التمييز الوارد في المادة 26 لا يقتصر على الحقوق المنصوص عليها في العهد.

13 - وأخيرا ً، تلاحظ اللجنة أنه ما كل تفريق في المعاملة يشكل تمييزا إذا كانت معايير التفريق معقولة وموضوعية وإذا كان ا لهدف هو تحقيق غرض مشروع بموجب العهد.

الدورة التاسعة والثلاثون (1990)

التعليق العام رقم 19: الماد ة 23 (الأسرة)

1- تعترف المادة 23 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأن الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحما ية المجتمع والدولة. وحماية الأسرة وأعضائها مكفولة أيضا، على نحو مباشر أو غير مباشر، في أحكام أخرى من العهد. وهكذا، تنص المادة 17 على حظر التدخل التعسفي أو غير المشروع في شؤون الأسرة. فضلا عن ذلك، تتناول المادة 24 من العهد على وجه التحديد حماية حقوق الطفل ب صفته هذه أو بصفته عضوا في الأسرة. وكثيرا ما لا تعطي تقارير الدول الأطراف معلومات كافية بشأن طريقة وفاء الدولة والمجتمع بالتزامهما بتوفير الحماية للأسرة وللأفراد الذين يكونونها.

2- وتلاحظ اللجنة أن مفهوم الأسرة قد يختلف في بعض الجوانب من دولة إلى أخرى، بل و من منطقة إلى أخرى في نفس الدولة، ومن ثم يتعذر إعطاء تعريف موحد لهذا المفهوم. ومع ذلك ، تشدد اللجنة على أنه إذا ما اعتبرت مجموعة من الأشخاص، وفقا للتشريع والممارسة في دولة ما، بمثابة أسرة، فينبغي أن تتمتع بالحماية المنصوص عليها في المادة 23 . وبناء عليه، ينبغ ي أن تعرض الدول الأطراف في تقاريرها التفسير أو التعريف الذي أعطي لمفهوم الأسرة ولنطاقها في مجتمعها وفي نظامها القانوني. وإذا وجدت مفاهيم متعددة للأسرة في دولة ما، كالأسرة "النواة" والأسرة "الموسعة"، فينبغي الإشارة إلى ذلك مع تفسير لدرجة الحماية التي تسبغ ع لى هذه وتلك. ونظرا لوجود أنواع مختلفة من الأسر، كالرفيقين غير المتزوجين وأولادهما أو كالأب أو الأم المنفردين وأولادهما، فينبغي للدول الأطراف أن توضح أيضا ما إذا كان القانون والممارسة الوطنيان يعترفان بهذه الأنواع من الأسر وأعضائها ويحميانها وإلى أي مدى.

3- و يقتضي العهد من الدول الأطراف، لضمان الحماية المنصوص عليها في المادة 23 ، أن تعتمد تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرها من التدابير. وينبغي للدول الأطراف أن توفر معلومات تفصيلية عن طبيعة هذه التدابير وعن الوسائل المستخدمة لتأمين تنفيذها الفعلي. وبما أن العهد، في الحقيقة، يعترف أيضا للأسرة، بحقها في أن يحميها المجتمع، فينبغي للدول الأطراف أن تشير في تقاريرها إلى كيفية منح الحماية الضرورية للأسرة من جانب الدولة وغيرها من المؤسسات الاجتماعية، وما إذا كانت الدولة تشجع أنشطة هذه المؤسسات بالوسائل المالية أو غيرها، وإلى أي مدى، وكيف تكفل تمشي الأنشطة المذكورة مع العهد.

4- و تعيد الفقرة 2 من المادة 23 من العهد التأكيد على أن للرجل والمرأة ، ابتداء من بلوغ سن الزواج ، حقا في التزوج وتأسيس أسرة. وتنص الفقرة 3 من المادة المذكورة على أن ذلك الزواج لا ينعقد إلا برضا الطرفين ا لمزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه. وينبغي أن تبين تقارير الدول الأطراف إن كانت ثمة قيود أو موانع لممارسة الحق في الزواج، تقوم على عوامل خاصة مثل درجة القرابة أو عدم الأهلية العقلية. ولا يحدد العهد صراحة سنا أدنى للزواج لا للرجل ولا للمرأة؛ ولكن ينبغي أ ن يكون هذا السن كافيا لتمكين كل من الزوجين المقبلين من أن يعرب بحرية عن رضاه الشخصي الكامل بالصورة والشروط المنصوص عليها في القانون. وفي هذا الصدد، تود اللجنة التذكير بأن هذه الأحكام القانونية ينبغي أن تكون متفقة مع الممارسة الكاملة للحقوق الأخرى المكفولة في العهد؛ ومن ثم، على سبيل المثال، فإن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين يقتضي أن تنص التشريعات في كل دولة على إمكانية الزواج الديني والمدني على السواء. ولكن اللجنة ترى أنه ليس مما يتعارض مع العهد أن تشترط الدولة القيام بعد الزواج الذي يتم إشهاره طبقا للط قوس الدينية بإجراء هذا الزواج أو إثباته أو تسجيله حسب القانون المدني أيضا. والدول مدعوة أيضا إلى أن تدرج في تقاريرها معلومات عن هذا الموضوع.

5- و ينطوي الحق في تكوين أسرة، من حيث المبدأ، على إمكانية التناسل والعيش معا. وعندما تعتمد الدول سياسات لتنظيم الأسر ة فينبغي أن تكون هذه السياسات متوافقة مع أحكام العهد وألا تكون على وجه الخصوص تمييزية ولا قهرية. وبالمثل، فإن إمكانية الحياة معا تقتضي اعتماد تدابير مناسبة، سواء على الصعيد الداخلي أو، عندما يقتضي الحال، بالتعاون مع دول أخرى، لتأمين وحدة الأسر أو جمع شملها ، لا سيما عندما يعود انفصال أعضائها إلى أسباب ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو إلى أسباب مماثلة.

6- وتنص الفقرة 4 من المادة 23 من العهد على أن تتخذ الدول الأطراف تدابير مناسبة لتأمين تساوي الزوجين في الحقوق والمسؤوليات لدى الزواج وأثناء قيامه وعند فسخه.

7- وفيما يتعلق بالمساواة لدى الزواج، ترغب اللجنة في أن تشير بوجه خاص إلى أنه لا ينبغي أن يحدث أي تمييز يقوم على أساس الجنس فيما يتعلق باكتساب الجنسية، أو فقدها بسبب الزواج. وبالمثل، ينبغي كفالة حق كل من الزوجين في الاحتفاظ بالاسم الأصلي لأسرته أو أسرتها أو في الاشتراك على قدم المساواة في اختيار اسم جديد للأسرة.

8- وأثناء الزواج، ينبغي أن يتساوى الزوجان كلاهما في الحقوق والمسؤوليات داخل الأسرة. وتمتد هذه المساواة إلى جميع المسائل النابعة من هذا الرباط، مثل اختيار المسكن، وإدارة شؤون البيت، وتعليم الأولاد، وإدار ة الأموال. ويمتد سريان هذه المساواة إلى الترتيبات المتعلقة بالانفصال القانوني أو فسخ الزواج.

9- ومن ثم يتعين حظر أية معاملة تمييزية فيما يتعلق بأسباب أو إجراءات الانفصال أو الطلاق، أو حضانة الأطفال، أو الإعالة أو النفقة، أو حقوق الزيارة، أو فقدان أو استعاد ة السلطة الوالدية، مع مراعاة المصلحة العليا للأطفال في هذا الصدد. وينبغي للدول الأطراف أيضا، أن تدرج في تقاريرها بوجه خاص معلومات عن الترتيبات التي اتخذتها لتأمين الحماية الضرورية للأطفال لدى حل الزواج أو انفصال الزوجين.

الدورة الرابعة والأربعون (1992)

الت عليق العام رقم 20: الماد ة 7 (حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)

1- يحل هذا التعليق العام محل التعليق العام رقم 7 ( الدورة السادسة عشرة، 1982) وهو يعكس ذلك التعليق ويفصّله.

2- إن الهدف من أحكام المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هو صون كرامة الفرد وسلامته البدنية والعقلية معا. ومن واجب الدولة الطرف أن توفر لكل شخص، عن طريق ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى، الحماية من الأفعال التي تحظرها المادة 7، سواء ألحقها به أشخاص يعملون ب صفتهم الرسمية، أو خارج نطاق صفتهم الرسمية، أو بصفتهم الشخصية. والحظر الوارد في المادة 7 تكمله المقتضيات الإيجابية الواردة في الفقرة 1 من المادة 10 من العهد التي تنص على أن "يعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان".

3- ونص المادة 7 لا يسمح بأي تقييد. وتؤكد اللجنة مرة أخرى أنه حتى في حالات الطوارئ العامة، مثل تلك المشار إليها في المادة 4 من العهد، لا يسمح بأي انتقاص من الحكم الوارد في المادة 7 ويجب أن تبقى أحكامها سارية المفعول. وتلاحظ اللجنة أيضا أنه لا يجو ز التذرع بأي مبررات أو ظروف مخففة كتبرير لانتهاك المادة 7 لأي أسباب كانت، بما في ذلك الأسباب المستندة إلى أمر صادر من مسؤول أعلى أو من سلطة عامة.

4- ولا يتضمن العهد أي تعريف للمفاهيم المشمولة بالمادة 7، كما أن اللجنة لا ترى ضرورة لوضع قائمة بالأفعال المحظو رة أو للتفريق بوضوح بين الأنواع المختلفة للعقوبة أو المعاملة؛ وإنما تتوقف أوجه التفريق على طبيعة المعاملة المطبقة وغرضها وشدتها.

5- ولا يقتصر الحظر الوارد في المادة 7 على الأفعال التي تسبب ألما بدنيا فحسب، بل إنه يشمل أيضا الأفعال التي تسبب للضحية معاناة ع قلية. وترى اللجنة ، فضلا عن هذا ، أن الحظر يجب أن يمتد ليشمل العقوبة البدنية، بما في ذلك العقاب الشديد الذي يؤمر به للمعاقبة على جريمة أو كتدبير تعليمي أو تأديبي. ومن الملائم في هذا الصدد التأكيد على أن المادة 7 تحمي بوجه خاص الأطفال، والتلاميذ، والمرضى في ا لمؤسسات التعليمية والطبية.

6- وتلاحظ اللجنة أن الحبس الانفرادي لمدد طويلة للشخص المحتجز أو المسجون قد يندرج ضمن الأفعال المحظورة بمقتضى المادة 7. وكما ذكرت اللجنة في التعليق العام رقم 6(16) ، فإن المادة 6 من العهد تشير بصفة عامة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في ع بارات توحي بقوة أن الإلغاء أمر مرغوب فيه. وفضلا عن هذا، فإنه عندما تطبق دولة طرف عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم، فيجب ألا تكون مقيدة تقييدا شديدا فحسب وفقا للمادة 6 بل يجب أيضا أن يكون تنفيذها بطريقة تسبب أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنية والعقلية.

7- وتح ظر المادة 7 صراحة إجراء تجارب طبية أو علمية دون موافقة الشخص المعني موافقة حرة. وتلاحظ اللجنة أن تقارير الدول الأطراف لا تتضمن عادة إلا القليل من المعلومات عن هذه النقطة. وينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لضرورة ووسائل ضمان التقيد بهذا الحكم. وتشير اللجنة أي ضا إلى ضرورة توفير حماية خاصة من هذه التجارب وذلك في حالة الأشخاص غير القادرين على الموافقة موافقة صحيحة، وبصفة خاصة أولئك الذين يجري إخضاعهم لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن. فهؤلاء الأشخاص يجب ألا يخضعوا ل تجارب طبية أو علمية من شأنها أن تضر بصحتهم.

8- وتلاحظ اللجنة أنه لا يكفي لضمان تنفيذ المادة 7 أن يتم حظر مثل هذه المعاملة أو العقوبة أو تجريمهما. بل ينبغي للدول الأطراف أن تبلغ اللجنة بما تتخذه من تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغيرها من التدابير لمنع أفعال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهي نة في أي أراض تقع تحت ولايتها وللمعاقبة عليها.

9- وفي رأي اللجنة، أنه يجب على الدول الأطراف ألا تعرض الأفراد لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لدى رجوعهم إلى بلد آخر عن طريق التسليم أو الطرد أو الرد. وينبغي أن توضح الدول الأطراف في تقاريرها التدابير التي اعتمدتها لهذا الغرض.

10- وينبغي إبلاغ اللجنة بالكيفية التي تنشر بها الدول الأطراف، على عامة السكان، المعلومات ذات الصلة المتعلقة بمنع التعذيب والمعاملة المحظورة بالمادة 7. ويجب أن يتلقى الموظفون المسؤولون عن إنفاذ القواني ن، والعاملون الطبيون، وضباط الشرطة، وأي أشخاص آخرين لهم دور في حجز أو معاملة أي فرد يجري إخضاعه لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن، تعليمات مناسبة وتدريبا مناسبا، وعلى الدول الأطراف أن تبلغ اللجنة بما قدمته من تعليمات وتدريب وبالطريقة التي يشكل به ا الحظر الوارد في المادة 7 جزءا لا يتجزأ من القواعد التنفيذية ومعايير قواعد السلوك التي يتعين على هؤلاء الأشخاص اتباعها.

11- وينبغي للدولة الطرف، بال إ ضافة إلى وصف الخطوات التي تتبعها لتوفير الحماية العامة، التي تحق لأي شخص، من الأعمال المحظورة بموجب المادة 7، أن تقدم معلومات مفصلة عن الضمانات التي تكفل الحماية الخاصة للأشخاص المعرضين للأذى بصفة خاصة. ومن الجدير بالملاحظة أن إحدى الوسائل الفعالة لمنع حالات التعذيب وسوء المعاملة هي إبقاء قواعد الاستجواب وتعليمات وطرق وممارسات وترتيبات حجز ومعاملة الأشخاص المع رضين لأي شكل من أشكال القبض أو الاحتجاز أو السجن قيد الاستعراض المنتظم. ولضمان الحماية الفعلية للمحتجزين، ينبغي اتخاذ ترتيبات لوضعهم في أماكن معترف بها رسميا كأماكن احتجاز، ولحفظ أسمائهم وأماكن احتجازهم، فضلا عن أسماء الأشخاص المسؤولين عن احتجازهم، في سجل يتاح وييسر الاطلاع عليه للمعنيين، بما في ذلك الأقرباء والأصدقاء. وعلى نفس النحو، ينبغي تسجيل وقت ومكان جميع الاستجوابات بال إ ضافة إلى أسماء جميع الحاضرين، وينبغي أن يتاح الاطلاع على هذه المعلومات لأغراض الإجراءات القضائية أو الإدارية. كما ينبغي اتخاذ ترتيبا ت ضد الاحتجاز الانفرادي. وفي هذا السياق، ينبغي للدول الأطراف أن تضمن خلو أمكنة الاحتجاز من أية معدات قابلة للاستخدام لأغراض التعذيب أو إساءة المعاملة. وإن توفير الحماية للمحتجز تقتضي أيضا إتاحة الوصول إليه بشكل عاجل ومنتظم للأطباء والمحامين، وكذلك، في ظل إ شراف مناسب عندما يقتضي التحقيق ذلك، لأفراد الأسرة.

12 - ومن المهم، من أجل عدم تشجيع ا رتكاب الانتهاكات المتعلقة بالمادة 7، أن يحظر القانون، في أي إجراءات قضائية، استخدام أو جواز قبول أي أقوال أو اعترافات يكون قد تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو أي معاملة أ خرى محظورة.

13- وينبغي للدول الأطراف أن تبين ، عند تقديم تقاريرها ، الأحكام الواردة في قانونها الجنائي و التي تقضي بالمعاقبة على التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، مع تحديد العقوبات التي تطبق على ارتكاب هذه الأفعال، سواء ارتكبها مسؤول ون عموميون أو أشخ ـ اص آخرون يعملون باسم الدولة، أو أفراد بصفتهم الشخصية. ومن ينتهكون المادة 7، سواء بتشجيع الأفعال المحظورة أو بالأمر بها أو بإجازتها أو بارتكابها، يجب اعتبارهم مسؤولين في هذا الشأن. وبناء عليه، يجب عدم معاقبة أولئك الذين يرفضون تنفيذ الأوام ر بهذا الشأن أو إخضاعهم لأي معاملة سيئة.

14 - وينبغي قراءة المادة 7 مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وينبغي أن تبين الدول الأطراف في تقاريرها الكيفية التي يضمن بها نظامها القانوني على نحو فعال الإنهاء الفوري لجميع الأفعال التي تحظرها المادة 7 فضلا عن توفير إنصاف مناسب. ويجب التسليم في القانون الداخلي بالحق في تقديم شكاوى من سوء المعاملة المحظور بموجب المادة 7 من العهد. ويجب قيام السلطات المختصة بالتحقيق بصورة عاجلة ومحايدة في الشكاوى بغية جعل وسيلة ال إ نصاف فعالة. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معل ومات محددة عن وسائل الانتصاف المتاحة لضحايا سوء المعاملة، وال إ جراءات التي يتعين على الشاكين اتباعها، و إ حصاءات عن عدد الشكاوى والكيفية التي عولجت بها.

15- وقد لاحظت اللجنة أن بعض الدول قد منحت العفو فيما يتعلق بأفعال التعذيب . وبصورة عامة ، فإن حالات العفو غي ر متمشية مع واجب الدول بالتحقيق في هذه الأفعال، وبضمان عدم وقوع هذه الأفعال في نطاق ولايتها القضائية؛ وبضمان عدم حدوث هذه الأفعال في المستقبل. ولا يجوز للدول حرمان الأفراد من اللجوء إلى سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الحصول على تعويض وعلى إعادة الاعتبار على أكمل وجه ممكن.

الدورة الرابعة والأربعون (1992)

التعليق العام رقم 21: المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم)

1- يحل هذا التعليق العام محل التعليق العام رقم 9 ( الدورة السادسة عشرة، 1982) وهو يعكس ذلك التعليق ويفصّله .

2- وتنطبق الفقرة 1 م ن المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على كل شخص محروم من حريته، بموجب قوانين وسلطة الدولة، محتجز في سجن أو مستشفى - وبخاصة مستشفيات الأمراض النفسية - أو معسكر احتجاز أو مؤسسة إصلاحية أو في أي مكان آخر. وعلى الدول الأطراف أن تكفل التق يد بالمبدأ المنصوص عليه في تلك الفقرة في جميع المؤسسات والمنشآت الموجودة في إطار ولايتها والتي يحتجز فيها أشخاص.

3- وتفرض الفقرة 1 من المادة 10 على الدول الأطراف التزاما إيجابيا إزاء الأشخاص الذين يتأثرون على نحو خاص بسبب مركزهم كأشخاص محرومين من حريتهم، و تتمم بالنسبة لهم الحظر المفروض على التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والوارد في المادة 7 من العهد. ومن ثم لا يجوز تعريض الأشخاص المحرومين من حريتهم لمعاملة منافية للمادة 7، بما في ذلك التجارب الطبية والعلمية، بل ولا يجوز أيضا تعريضهم لأي مشقة أو قيد خلاف ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية؛ ويجب ضمان احترام كرامة هؤلاء الأشخاص بالشروط نفسها كما هي بالنسبة للأشخاص الأحرار. ويتمتع الأشخاص المحرومون من حريتهم بجميع الحقوق المبينة في العهد، رهنا بالقيود التي لا مفر من تطبيقها في بيئة مغلقة.

4- وإن معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم كرامتهم قاعدة جوهرية وواجبة التطبيق عالميا. ونتيجة لذلك، لا يمكن أن يتوقف تطبيق هذه القاعدة، كحد أدنى، على الموارد المادية المتوافرة في الدولة الطرف. ويجب تطبيق هذه القاعدة دون تميي ز من أي نوع كالتمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو المنشأ الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات أو المولد، أو أي مركز آخر.

5- والدول الأطراف مدعوة إلى أن توضح في تقاريرها مدى تطبيقها لمعايير الأمم المتحدة ذات ا لصلة الواجبة التطبيق على معاملة السجناء: مجموعة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1957) ومجموعة مبادئ حماية جميع الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، ومدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (1978) ومبادئ قواعد السلوك الط بي المتصلة بدور العاملين في المجال الصحي، ولا سيما الأطباء، في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1982).

6- وتشير اللجنة إلى أنه ينبغي أن تتضمن التقارير معلومات مفصلة عن الأحكام التشريعية وال إ دارية ا لوطنية التي لها تأثير على الحق المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 10 . وترى اللجنة أيضا أن من الضروري أن تحدد التقارير التدابير الملموسة التي اتخذتها السلطات المختصة لرصد التطبيق الفعال للقواعد المتعلقة بمعاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم. وينبغي للدول الأط راف أن تضمن تقاريرها معلومات عن نظام ال إ شراف على المنشآت العقابية، والتدابير المحددة الرامية إلى منع التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وعن الكيفية التي يكفل بها الإشراف النزيه.

7- وعلاوة على ذلك، تشير اللجنة إلى أنه ينبغي للتقارير أن تبين ما إذا كانت شتى الأحكام الواجبة التطبيق تشكل جزءا لا يتجزأ من تعليم وتدريب الموظفين الذين لهم سلطة على الأشخاص المحرومين من حريتهم وما إذا كان هؤلاء الموظفون يتقيدون تقيدا صارما بهذه الأحكام لدى اضطلاعهم بواجباتهم. وسيكون من الملائم أيضا تحديد ما إذا كان بوسع الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين الوصول إلى هذه المعلومات وما إذا كانت تتوفر لهم الوسائل القانونية الفعالة التي تمكنهم من ضمان احترام هذه القواعد، وتقديم شكوى في حالة تجاهل القواعد، والحصول على تعويض كاف في حالة حدوث انتهاك.

8- وتشير اللجنة إلى أن المبد أ الوارد في الفقرة 1 من المادة 10 يشكل الأساس لما يقع على عاتق الدول الأطراف من التزامات أكثر تحديدا فيما يخص العدالة الجنائية، وهي الالتزامات الواردة في الفقرتين 2 و3 من المادة 10.

9- وتنص الفقرة 2 ( أ ) من المادة 10 على فصل المتهمين، إلا في الظروف الاستثنائ ية، عن المحكوم عليهم. وهذا الفصل مطلوب من أجل التأكيد على مركزهم كأشخاص غير محكوم عليهم ويتمتعون في الوقت نفسه بالحق في اعتبارهم أبرياء وفقا للمنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 14 . وينبغي لتقارير الدول الأطراف أن تبين كيف يتم فصل الأشخاص المتهمين عن الأشخاص المحكوم عليهم وأن توضح كيف تختلف معاملة الأشخاص المتهمين عن معاملة الأشخاص المحكوم عليهم.

10- وبصدد الفقرة 3 من المادة 10 وهي الفقرة التي تتعلق بالأشخاص المحكوم عليهم، تعرب اللجنة عن رغبتها في الحصول على معلومات مفصلة بشأن تشغيل نظام السجون لدى الدولة الط رف ولا ينبغي لنظام السجون أن يكون لمجرد الجزاء، وإنما ينبغي أن يسعى أساسا إلى إصلاح السجين وإعادة تأهيله اجتماعيا. وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تحديد ما إذا كان يوجد لديها نظام لتقديم المساعدة بعد الإفراج عن السجين وإلى تقديم معلومات بشأن مدى نجاح هذا ال نظام.

11- وفي عدد من الحالات، لا تتضمن المعلومات المقدمة من الدولة الطرف أية إشارة محددة لا إلى الأحكام التشريعية أو ال إ دارية ولا إلى التدابير العملية التي تضمن إعادة تثقيف الأشخاص المحكوم عليهم. وتطلب اللجنة معلومات محددة بشأن التدابير المتخذة لتوفير التد ريس والتعليم وإعادة التعليم والتوجيه المهني والتدريب، وكذلك بشأن برامج العمل المتوافرة للسجناء داخل المنشأة العقابية وخارجها أيضا.

12- و ل كي يتسنى تحديد ما إذا كان المبدأ الوارد في الفقرة 3 من المادة 10 موضع احترام تام، تطلب اللجنة أيضا معلومات عن التدابير المحددة المطبقة أثناء الاحتجاز، ومن ذلك مثلا، كيف يجري التعامل فرديا مع الأشخاص المحكوم عليهم وكيف يتم تصنيفهم، والنظام التأديبي، والحبس الانفرادي والاحتجاز في ظل احتياطات أمنية مشددة، والظروف التي يتم فيها ضمان الاتصالات مع العالم الخارجي ( الأسرة أو المحا مي أو الخدمات الاجتماعية والطبية أو المنظمات غير الحكومية ) .

13- وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن تقارير بعض الدول الأطراف لا تتضمن أية معلومات بشأن المعاملة التي يلقاها المتهمون الأحداث والأحداث المذنبون. وتنص الفقرة 2 ( ب ) من المادة 10 على فصل المتهمين الأحد اث عن البالغين. وتوضح المعلومات المقدمة في التقارير أن بعض الدول الأطراف لا تولي الاهتمام اللازم لواقع أن هذا النص هو حكم إلزامي من أحكام العهد. وينص الحكم أيضا على وجوب النظر في القضايا الخاصة بالأحداث بأسرع ما يمكن. وينبغي أن تحدد التقارير التدابير التي تتخذها الدول الأطراف لإ نفاذ هذا الحكم. وأخيرا تقضي الفقرة 3 من المادة 10 بأن يفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملوا معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني فيما يتعلق بظروف الاحتجاز، ويشمل ذلك على سبيل المثال تقصير فترات العمل والسماح بالاتصال بالأقارب، و ذلك بهدف التشجيع على إصلاحهم وإعادة تأهيلهم. ولا تتضمن المادة 10 إشارة تحدد سن الحدث. وفي حين أنه يتعين على كل دولة طرف أن تحدد هذا في ضوء الظروف الاجتماعية والثقافية والظروف الأخرى ذات الصلة، ترى اللجنة أن الفقرة 5 من المادة 6 تقترح أن يعامل جميع الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر بوصفهم من الأحداث في المسائل المتصلة بالقضاء الجنائي على الأقل. وينبغي للدول تقديم معلومات ذات صلة عن فئات أعمار الأشخاص الذين يعاملون باعتبارهم من الأحداث. وفي هذا الصدد، فإن الدول الأطراف مدعوة إلى أن تبين ما إذا كانت تطبق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا ل إ دارة شؤون قضاء الأحداث، والمعروفة باسم قواعد بكين (1987).

الدورة الثامنة والأربعون (1993)

التعليق العام رقم 22 : المادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين)

1- إن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين ( الذي يشمل حرية اعتناق العقائ د ) الوارد في المادة 18 -1 هو حق واسع النطاق عميق الامتداد؛ وهو يشمل حرية الفكر في جميع المسائل وحرية الاقتناع الشخصي واعتناق دين أو معتقد سواء جهر به المرء بمفرده أو مع جماعة. وتلفت اللجنة انتباه الدول الأطراف إلى أن حرية الفكر وحرية الوجدان تتمتعان بنفس ا لحماية التي تتمتع بها حرية الدين والمعتقد. كما يتجلى الطابع الأساسي لهذه الحريات في أن هذا الحكم لا يمكن الخروج عنه حتى في حالات الطوارئ العامة، على النحو المذكور في المادة 4-2 من العهد.

2- وتحمي المادة 18 العقائد التوحيدية وغير التوحيدية والإلحادية ، وكذلك الحق في عدم اعتناق أي دين أو عقيدة. وينبغي تفسير كلمتي "دين" و"عقيدة" تفسيرا واسعا. والمادة 18 ليست مقصورة في تطبيقها على الديانات التقليدية أو على الأديان والعقائد ذات الخصائص أو الشعائر الشبيهة بخصائص وشعائر الديانات التقليدية. ولذا تنظر اللجنة بقلق إلى أي ميل إلى التمييز ضد أي أديان أو عقائد لأي سبب من الأسباب، بما في ذلك كونها حديثة النشأة أو كونها تمثل أقليات دينية قد تتعرض للعداء من جانب طائفة دينية مهيمنة.

3- وتميز المادة 18 حرية الفكر والوجدان والدين أو العقيدة عن حرية المجاهرة بالدين أو بالعقيدة. وهي لا تسمح بأي قيود أيا كانت على حرية الفكر والوجدان أو على حرية اعتناق دين أو عقيدة يختارها الشخص. فهذه الحريات تتمتع بالحماية دون قيد أو شرط شأنها شأن حق كل إ نسان في اعتناق الآراء دون تدخل من غيره، حسبما هو منصوص عليه في المادة 19 -1. ووفقا للمادتين 18 -2 و 17 لا يمكن إجبار أي شخص على الكشف عن أفكاره أو عن انتمائه إلى دين أو عقيدة.

4- ويجوز للفرد ممارسة حريته في المجاهرة بدينه أو عقيدته "بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة". وتشمل حرية المجاهرة بدين أو عقيدة في العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعل يم مجموعة واسعة من الأفعال. ويمتد مفهوم العبادة إلى الطقوس والشعائر التي يعبر بها تعبيرا مباشرا عن العقيدة، وكذلك إلى الممارسات المختلفة التي تعتبر جزء ً ا لا يتجزأ من هذه الطقوس والشعائر، بما في ذلك بناء أماكن العبادة، والصيغ والأشياء المستعملة في الشعائر، وعرض الرموز والاحتفال بالعطلات وأيام الراحة. ولا يقتصر ا تباع طقوس الدين أو العقيدة وممارستهما على الشعائر فحسب بل إنه قد يشمل أيضا عادات مثل اتباع قواعد غذائية، والاكتساء بملابس أو أغطية للرأس متميزة، والمشاركة في طقوس ترتبط بمراحل معينة من الحياة، واستخدا م لغة خاصة اعتادت على أن تتكلمها إحدى الجماعات. وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن ممارسة الدين أو العقيدة، وتدريسهما، أعمالا هي جزء لا يتجزأ من إ دارة الجماعات الدينية لشؤونها الأساسية، مثل حرية اختيار قادتها الدينيين ورجال دينها ومدرسيها، وحرية إنشاء معاهد لاهوتية أو مدارس دينية، وحرية إعداد نصوص أو منشورات دينية وتوزيعها.

5- وتلاحظ اللجنة أن حرية كل إ نسان في أن "يكون له أو يعتنق" أي دين أو معتقد تنطوي بالضرورة على حرية اختيار دين أو معتقد، وهي تشمل الحق في التحول من دين أو معتقد إلى آخر أو في اعتناق آراء إلحادية، فضلا عن حق المرء في الاحتفاظ بدينه أو معتقده. وتمنع المادة 18 -2 الإكراه الذي من شأنه أن يخل بحق الفرد في أن يدين بدين أو معتقد أو أن يعتنق دينا أو معتقدا، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة أو العقوبات الجزائية لإجبار المؤمنين أو غير المؤمنين على التقيد بمع تقداتهم الدينية وال إ خلاص لطوائفهم، أو على الارتداد عن دينهم أو معتقداتهم أو التحول عنها. كما أن السياسات أو الممارسات التي تحمل نفس القصد أو الأثر، كتلك التي تقيد حرية الحصول على التعليم أو الرعاية الطبية أو العمل أو الحقوق المكفولة بالمادة 25 وسائر أحكام العهد، تتنافى مع المادة 18 -2. ويتمتع بنفس الحماية معتنقو جميع المعتقدات التي تتسم بطابع غير ديني.

6- و ترى اللجنة أن المادة 18 -4 تسمح ب أن يتم في المدارس العامة تدريس مواضيع مثل التاريخ العام للديانات، وعلم الأخلاق إذا كان يتم بطريقة حيادية وموضوعية و إن حرية الآباء أو الأوصياء الشرعيين في ضمان حصول أطفالهم على تعليم ديني وأخلاقي وفقا لمعتقداتهم، والواردة في المادة 18 -4، تتعلق بضمان حرية تعليم دين أو عقيدة، وهو ضمان مذكور في المادة 18 -1. وتلاحظ اللجنة أن التعليم العام الذي يشمل تلقين تعاليم دين معين أو عقيدة م عينة هو أمر لا يتفق مع المادة 18 -4 ما لم يتم النص على إعفاءات أو بدائل غير تمييزية تلبي رغبات الآباء والأوصياء.

7- ووفقا للمادة 20 ، لا يجوز أن تكون المجاهرة بالديانة أو المعتقد بمثابة دعاية للحرب أو دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تح ريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. وكما ذكرت اللجنة في تعليقها العام 11 [19] من واجب الدول الأطراف أن تسن قوانين لحظر هذه الأعمال.

8- ولا تسمح المادة 18 -3 بتقييد حرية المجاهرة بالدين أو العقيدة إلا إذا كان القانون ينص على قيود ضرورية لحماية السلامة العام ة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ولا يجوز تقييد تحرر الفرد من الإرغام على أن يدين بدين أو معتقد أو أن يعتنق دينا أو معتقدا، وحرية الآباء والأوصياء في كفالة التربية الدينية أو الأخلاقية لأبنائهم. وينبغ ي للدول الأطراف، لدى تفسير نطاق أحكام القيود الجائزة، أن تنطلق من ضرورة حماية الحقوق المكفولة بموجب العهد، بما في ذلك الحق في المساواة وعدم التمييز لأي سبب من الأسباب المحددة في المواد 2 و3 و26 . والقيود المفروضة يجب أن ينص عليها القانون كما يجب عدم تطبيقها على نحو يبطل الحقوق المكفولة في الماد ة 18 . وتلاحظ اللجنة أنه ينبغي تفسير الفقرة 3 من المادة 18 تفسيرا دقيقا: فلا يسمح بفرض قيود لأسباب غير محددة فيها، حتى لو كان يسمح بها كقيود على حقوق أخرى محمية في العهد، مثل الأمن القومي. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغ راض التي وضعت من أجلها، كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه. ولا يجوز فرض القيود لأغراض تمييزية أو تطبيقها بطريقة تمييزية. وتلاحظ اللجنة أن مفهوم الأخلاق مستمد من تقاليد اجتماعية وفلسفية ودينية عديدة؛ وعليه يجب أن تست ند القيود المفروضة على حرية المجاهرة بالدين أو المعتقد بغرض حماية الأخلاق إلى مبادئ غير مستمدة حصرا من تقليد واحد. ويظل الأشخاص الخاضعون بالفعل لبعض القيود المشروعة، مثل السجناء، يتمتعون بحقوقهم في المجاهرة بدينهم أو معتقدهم إلى أقصى حد يتمشى مع الطابع الم حدد للقيود. وينبغي أن تقدم تقارير الدول الأطراف معلومات عن كامل نطاق وآثار القيود المفروضة بموجب المادة 18 -3، سواء منها القيود المستندة إلى القانون أو التي يتم تطبيقها في ظروف محددة.

9- و إن الاعتراف بديانة ما باعتبارها دين الدولة أو الدين الرسمي أو التقليد ي، أو باعتبار أن أتباعها يشكلون أغلبية السكان، يجب ألا يؤدي إلى إعاقة التمتع بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد، بما في ذلك المادتان 18 و27 ، كما يجب ألا يؤدي إلى أي تمييز ضد أتباع الديانات الأخرى أو الأشخاص غير المؤمنين بأي دين. وبشكل خاص فإن بعض التد ابير التي تميز ضد غير المؤمنين، مثل التدابير التي تقصر الأهلية للعمل في الحكومة على من يدينون بالديانة المهيمنة، أو التي تعطي امتيازات اقتصادية لهؤلاء أو التي تفرض قيودا خاصة على ممارسة ديانات أخرى، تتعـارض مع حظر التمييز القائم على أساس الدين أو العقيدة و مع ضمان التساوي في التمتع بالحماية المنصوص عليه في المادة 26 . والتدابير المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 20 من العهد تمثل ضمانات هامة تحمي من انتهاك حقوق الأقليات الدينية وسائر المجموعات الدينية في مجال ممارسة الحقوق التي تكفلها المادتان 18 و 27 ، ومن أعما ل العنف أو الاضطهاد الموجهة ضد تلك المجموعات. وتود اللجنة أن تبلّغ بالتدابير التي تتخذها الدول الأطراف المعنية لحماية ممارسة جميع الأديان أو العقائد من الانتهاك ولحماية أتباع هذه الأديان والعقائد من التمييز. وبالمثل، فإن حصول اللجنة على معلومات فيما يتعلق بحقوق الأقليات الدينية بموجب المادة 27 هو أمر ضروري لكي تقيم اللجنة مدى قيام الدول الأطراف بإعمال الحق في حرية الفكر والوجدان والدين والعقيدة. ويتعين على الدول الأطراف المعنية أيضا أن تضمن تقاريرها معلومات تتعلق بالممارسات التي تعتبر في قوانينها وأحكامها ا لقضائية أمورا يعاقب عليها القانون بوصفها تجديفية.

10- وإذا كانت مجموعة من المعتقدات تعامل كإيديولوجية رسمية في الدساتير واللوائح، أو في إ علانات الأحزاب الحاكمة، وما شابه ذلك، أو في الممارسة الفعلية، فإن هذا يجب ألا يؤدي إلى إعاقة الحريات المنصوص عليها في ا لمادة 18 أو أية حقوق أخرى معترف بها بموجب العهد، أو إلى أي تمييز ضد الأشخاص الذين لا يقبلون الإيديولوجية الرسمية أو يعارضونها.

11- وقد طالب الكثير من الأفراد بالحق في رفض أداء الخدمة العسكرية ( الاستنكاف الضميري ) على أساس أن هذا الحق ناشئ عن حرياتهم بموجب ا لمادة 18 . واستجابة لهذه المطالب، عمد عدد متزايد من الدول، في قوانينها الداخلية، إلى منح المواطنين الذين يعتنقون، اعتناقا أصيلا، معتقدات دينية أو غير دينية تحظر أداء الخدمة العسكرية، إعفاء من الخدمة العسكرية الإجبارية، والاستعاضة عنها بخدمة وطنية بديلة. وال عهد لا يشير صراحة إلى الحق في الاستنكاف الضميري، بيد أن اللجنة تعتقد أن هذا الحق يمكن أن يستمد من المادة 18 لأن ال إ لزام باستخدام القوة بهدف القتل يمكن أن يتعارض بشكل خطير مع حرية الوجدان والحق في المجاهرة بالدين أو العقيدة. وعندما يعترف القانون أو العرف به ذا الحق، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميريا على أساس طبيعة معتقداتهم الشخصية. وبالمثل، لا يجوز التمييز ضد المستنكفين ضميريا بسبب تخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية. وتدعو اللجنة الدول الأطراف إلى تقديم التقارير عن الشروط التي يمكن بموجبها إعفاء الأشخاص من ال خدمة العسكرية استنادا إلى حقوقهم بموجب المادة 18 ، وعن طبيعة الخدمة الوطنية البديلة ومدتها.

الدورة الخمسون (1994)

التعليق العام رقم 23: المادة 27 (حقوق الأقليات)

1- تنص المادة 27 من العهد على أنه لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغو ية، أن يحرم الأشخاص من أبناء هذه الأقليات من حق التمتع بثقافتهم الخاصة، أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره، أو استعمال لغتهم، بالاشتراك مع أبناء جماعتهم الآخرين. وتلاحظ اللجنة أن الحق الذي تقره هذه المادة وتعترف به حق يمنح للأفراد المنتمين إلى فئات الأقليات وهو حق متميز وزائد على جميع الحقوق الأخرى التي يحق لهم كأفراد مثل سائر الناس التمتع بها بموجب العهد.

2- وفي بعض الرسائل المقدمة إلى اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، هناك خلط بين الحق المصون بموجب المادة 27 وحق الشعوب في تقرير المصير المعلن في المادة 1 من العهد. وعلاوة على ذلك، يوجد أحيانا في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد خلط بين الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف بموجب المادة 27 وبين واجب تلك الدول بموجب المادة 2 -1 الذي يلزمها بكفالة التمتع بالحقوق المضمونة بموجب العهد دون تمييز وبين المساواة أمام القانون وتوفير الحماية القانونية المتساوية بموجب المادة 26 .

3-1 ويميز العهد بين الحق في تقرير المصير والحقوق المصونة بموجب المادة 27 . فالحق في تقرير المصير يشار إليه كحق تملكه الشعوب وتتم معالجته في جزء مستقل ( الجزء الأول ) من العهد . وهذا الحق لا يدخل في نطاق البروتوكول الاختياري. أما المادة 27 ، فتتصل بحقوق ممنوحة للأفراد بصفتهم هذه وتندرج، كغيرها من المواد المتعلقة بالحقوق الشخصية الأخرى الممنوحة للأفراد، في الجزء الثالث من العهد، وتدخل في نطاق البروتوكول الاختياري (1) .

3-2 ولا يمس ا لتمتع بالحقوق التي تتصل بها المادة 27 بسيادة أي دولة من الدول الأطراف ولا بسلامتها الإقليمية. وفي الوقت نفسه، فإن جانبا أو آخر من حقوق الأفراد المصونة بموجب المادة - على سبيل المثال التمتع بثقافة معينة - يمكن أن يتمثل في أسلوب للعيش يرتبط ارتباطا وثيقا بال أرض وباستخدام مواردها (2) . وهذا قد ينطبق بصورة خاصة على أفراد طوائف السكان الأصليين التي تشكل أقلية.

4- ويميز العهد أيضا الحقوق المصونة بموجب المادة 27 عـن الضمانـات المكف ـ ولة بموجب المادتين 2 ( 1 ) و 26 . فما تقضي به المادة 2 ( 1 ) ، وهو التمتع بالحقوق المكفولة بمو جب العهد دون تمييز، ينطبق على جميع الأفراد الموجودين داخل الإقليم أو الخاضعين لولاية الدولة سواء أكان هؤلاء الأشخاص منتمين أو غير منتمين إلى أقلية ما. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حق مميز مكفول بموجب المادة 26 مؤداه المساواة أمام القانون وتوفير الحماية القانوني ة المتساوية وعدم التمييز فيما يتعلق بالحقوق الممنوحة والالتزامات المفروضة من جانب الدول. وهذا الحق يحكم ممارسة جميع الحقوق، سواء أكانت مصونة بموجب العهد أم لا ، التي تمنحها الدولة الطرف بموجب القانون للأفراد الموجودين داخل إقليمها أو الخاضعين لولايتها، بصر ف النظر عن كونهم منتميـن أم لا إلى الأقليات المحددة في المادة 27 (3) . وبعض الدول الأطراف التي تدعي أنها لا تميز على أساس الأصل الإثني أو اللغة أو الدين، تدع ي خطأ، على هذا الأساس وحده، أنه لا توجد لديها أقليات.

5-1 و تدل العبارات المستخدمة في المادة 27 على أن الأشخاص المقصود حمايتهم هم الذين ينتمون إلى فئة ما ويشتركون معا في ثقافة و/أو دين و/أو لغة ما. وتدل تلك العبارات أيضا على أن الأفراد المقصود حمايتهم لا يلزم أن يكونوا من مواطني الدولة الطرف. والالتزامات الناجمة عن المادة 2( 1 ) ذات صلة أيضا في هذا الصدد، حي ث انه يلزم بموجب تلك المادة أن تكفل الدولة الطرف أن تكون الحقوق المصونة بموجب العهد متاحة لجميع الأفراد الموجودين داخل إقليمها والخاضعين لولايتها، فيما عدا الحقوق المنصوص صراحة على أنها تنطبق على المواطنين، ومن ذلك على سبيل المثال الحقوق السياسية المكفولة بموجب المادة 25 . ومن ثم لا يجوز للدولة الطرف أن تقصر الحقوق المكفولة بموجب المادة 27 على مواطنيها وحدهم.

5-2 وتمنح المادة 27 حقوقا للأشخاص المنتمين إلى الأقليات التي "توجد" في دولة طرف. وبالنظر إلى طبيعة ونطاق الحقوق المتوخاة بموجب تلك المادة، فإن تحديد در جة الدوام التي تفيد بها ضمنا كلمة "توجد" غير ذي موضوع في هذا الصدد. فتلك الحقوق مؤداها ببساطة هو أن الأفراد المنتمين إلى تلك الأقليات لا ينبغي أن يُنكر عليهم الحق في التمتع، بالاشتراك مع أبناء جماعتهم، بثقافتهم، وإقامة شعائر دينهم، والتكلم بلغتهم. وكما أنه لا يلزم أن يكونوا من الرعايا أو المواطنين، فإنه لا يلزم أن يكونوا من المقيمين الدائمين. ومن ثم فإن العمال المهاجرين أو حتى الزوار في الدولة الطرف الذين يؤلفون تلك ال أ قليات من حقهم ألا يُحرموا من ممارسة تلك الحقوق. وهؤلاء الأشخاص، مثلهم مثل أي فرد آخر في إ قليم الدولة الطرف، لهم، أيضا لهذا الغرض، الحقوق العامة في حرية الاشتراك في الجمعيات وحرية التجمع وحرية التعبير. ووجود أقلية إثنية أو دينية أو لغوية في دولة معينة من الدول الأعضاء لا يتوقف على قرار من تلك الدولة الطرف بل يلزم أن يتقرر بموجب معايير موضوعية.

5-3 وحق الأفراد المنتمين إلى أقلية لغوية في استخدام لغتهم فيما بين أنفسهم، على الصعيدين العام والخاص، متميز عن الحقوق اللغوية الأخرى المصونة بموجب العهد. وعلى وجه الخصوص، ينبغي تمييزه عن الحق العام في حرية التعبير المصون بموجب المادة 19 . فهذا الحق الأخير متاح لجميع الأشخاص، بصرف النظر عن انتمائهم إلى أقليات من عدمه. وعلاوة على ذلك، فإن الحق المصون بموجب المادة 27 ينبغي أن يفرّق بينه وبين الحق المعين الذي تمنحه المادة 14 -3 ( و ) من العهد للأشخاص المتهمين وهو الحق في الترجمة الشفوية حينما لا يكون بمقدورهم فهم ا للغة المستعملة في المحاكم أو التكلم بها. والمادة 14 -3 ( و ) لا تمنح، في أية ظروف أخرى، الأشخاص المتهمين الحق في أن يستعملوا اللغة التي يختارونها أو يتكلموا بها في سياق إجراءات المحاكم (4) .

6-1 وعلى الرغم من أن المادة 27 معبّر عنها بصيغة النفي، فإن هذه المادة تعترف بوجود "حق" وتقضي بعدم جواز الحرمان منه. وبناء على ذلك، فإن على الدولة الطرف التزاماً بأن تكفل أن يكون وجود هذا الحق واستعماله مصونين من الإنكار أو الانتهاك. ومن ثم فإن التدابير الإيجابية لصونهما واجبة لا ضد أفعال الدولة الطرف نفسها فحسب، محميين سواء عن طريق سلطاتها التشريعية أو القضائية أو الإدارية، بل أيضا ضد أفعال الأشخاص الآخرين داخل الدولة الطرف.

6-2 وعلى الرغم من أن الحقوق المصونة بموجب المادة 27 هي حقوق فردية، فإنها تعتمد بدورها على قدرة جماعة الأقلية على الحفاظ على ثقافتها أو لغتها أو دينها. وب ناء على ذلك، فقد يتعين على الدول اتخاذ تدابير إيجابية لحماية هوية أقلية من الأقليات وصون حقوق أفرادها في التمتع بثقافتهم ولغتهم وفي تطويرهما، وفي ممارسة شعائر دينهم، وذلك بالاشتراك مع أبناء جماعتهم الآخرين. وفي هذا الصدد، ينبغي أن يلاحظ أن هذه التدابير الإ يجابية يجب أن تحترم أحكام المادتين 2-1 و 26 من العهد سواء فيما يتعلق بالمعاملة بين مختلف الأقليات أو المعاملة بين الأشخاص المنتمين إليها وباقي السكان. غير أنه طالما كانت هذه التدابير تستهدف تصحيح الظروف التي تحول دون التمتع بالحقوق المكفولة بموجب المادة 27 أو التي تنتقص منه، فإنها يجوز أن تشكل تفريقا مشروعا في إطار العهد، شريطة أن تكون مستندة إلى معايير معقولة وموضوعية.

7- وفيما يتعلق بممارسة الحقوق الثقافية التي تحميها المادة 27 ، تلاحظ اللجنة أن الثقافة تتبدى بأشكال كثيرة، من بينها أسلوب للعيش يرتبط باستخدا م موارد الأرض، لا سيما في حالة السكان الأصليين. ويمكن أن يشمل هذا الحق أنشطة تقليدية مثل صيد السمك أو الصيد والحق في العيش في المحميات الطبيعية التي يصونها القانون (9) . وقد يتطلب التمتع بهذه الحقوق تدابير للحماية قانونية إيجابية وت ـ دابير لضمان الاشتراك الفع ال لأفراد جماعات الأقليات في القرارات التي تؤثر فيهم.

8- وتلاحظ اللجنة أنه لا يجوز شرعا ممارسة أي حق من الحقوق التي تحميها المادة 27 من العهد على نحو أو إلى حد يتنافى وسائر أحكام العهد.

9- وتخلص اللجنة إلى أن المادة 27 تتعلق بحقوق تفرض حمايتها التزامات محد دة على الدول الأطراف. والهدف من حماية هذه الحقوق هو ضمان بقاء واستمرار تطور الهوية الثقافية والدينية والاجتماعية للأقليات المعنية، مما يثري نسيج المجتمع ككل. وعليه، تلاحظ اللجنة أنه يجب حماية هذه الحقوق بصفتها هذه، وينبغي عدم الخلط بينها والحقوق الشخصية ال أخرى الممنوحة للجميع بموجب العهد. ولذلك فإن على الدول الأطراف التزاما بضمان صون هذه الحقوق على نحو كامل، وينبغي لها أن تبين في تقاريرها التدابير التي اتخذتها تحقيقا لهذه الغاية.

الحواشي

(1) انظر الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة التاسعة والثلاثون، ا لملحق رقم 40 (A/39/40) ، المرفق السادس، التعليق العام رقم 12 (21) ( المادة 1 ) ، الصادر أيضا في الوثيقة CCPR/C/21/Rev.1. وانظر المرجع نفسه ؛الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40(A/45/40) ، المجلد الثاني، المرفق التاسع، الفرع ألف، البلاغ رقم 167/1984 ( برنارد اوميناياك، قائد عصبة بحيرة لوبيكون، ضد كندا ) ، الآ راء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1990.

( 2 ) انظر المرجع نفسه، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/43/40)، المرفق السابع، الفرع زاي، البلاغ رقم 197/1985 ( كيتوك ضد السويد ) ، الآ راء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1988.

( 3 ) انظر المرجع نفسه، ال ـ دورة الثانية والأربعون، الملحق رقم 40 (A/42/40)، المرفق الثامن، الفرع دال، البلاغ رقم 182/1984 ( ف. ه‍ . زوان دي فريس ضد هولندا ) ، الآ راء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987؛ والمرجع نفسه، الفرع جيم، ال بلاغ رقم 180/1984 ( ل. غ. دانن غ ضد هولندا ) ، الآ راء المعتمدة في 9 نيسان/أبريل 1987.

( 4 ) انظر المرجع نفسه، الدورة الخامسة والأربعون، الملحق رقم 40 (A/45/40)؛ المجلد الثاني، المرفق العاشر، الفرع ألف، البلاغ رقم 220/1987 ( ت. ك. ضد فرنسا ) ، ال قر ا ر ال مؤرخ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989؛ والمر جع نفسه، الفرع باء، البلاغ رقم 222/1987 ( م. ك. ضد فرنسا ) ، ال قر ا ر المؤرخ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 1989.

( 5 ) انظر الحاشيتين 1 و2 أعلاه، ال بلاغ رقم 167/1984 ( برنارد أوميناياك، رئيس عصبة بحيرة لوبيكون، ضد كندا ) ، الآراء المعتمدة في 26 آذار/مارس 1990، وال بلاغ ر قم 197/1985 ( كيتوك ضد السويد ) الآراء المعتمدة في 27 تموز/يوليه 1988.

الدورة الثانية والخمسون (1994)

التعليق العام رقم 24: المسائل المتعلقة بالتحفظات التي تُبدى لدى التصديق على العهد أو البروتوكولين الاختياريين الملحقين بـه أو الانضمام إليها أو فيما يتعلق ب الإعلانات التي تصدر في إطار المادة 41 من العهد

1- في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 ، كانت 46 دولة من الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وعددها 127 دولة قد أدرجت، فيما بينها 150 تحفظا يتفاوت مغزاها فيما يتعلق بقبولها للالتزامات المنصو ص عليها في العهد. ويستبعد بعض هذه التحفظات واجب توفير وضمان حقوق معينة محددة في العهد. وقد صيغ بعضها الآخر بعبارات أعم موجهة في أحيان كثيرة نحو ضمان استمرار سيادة أحكام معينة في القانون الداخلي. وثمة تحفظات أخرى أيضا تتصل باختصاص اللجنة. على أن عدد التحفظا ت ومضمونها ونطاقها قد تفضي إلى إضعاف تنفيذ العهد تنفيذاً فعالاً، وهي تنزع إلى الانتقاص من احترام التزامات الدول الأطراف. ومن المهم أن تعرف الدول الأطراف على وجه التحديد ما هي في الواقع الالتزامات التي تعهدت بها هي وسائر الدول الأطراف. ويجب على اللجنة، في أ داء الواجبات الملقاة على عاتقها إما بموجب المادة 40 من العهد أو بمقتضى البروتوكولين الاختياريين، أن تعرف ما إذا كانت دولة من الدول ملزمة بالتزام معين أو إلى أي حد. وهذا يتطلب تحديد ما إذا كان ال إ علان الذي يصدر من جانب واحد يشكل تحفظا أو إ علانا تفسيريا وتحد يد مدى قبوله وما يترتب عليه من آثار.

2- ولهذه الأسباب رأت اللجنة انه من المفيد أن تتناول في تعليق عام القضايا الناشئة في مجال القانون الدولي والسياسة العامة بشأن حقوق الإنسان. ويحدد التعليق العام مبادئ القانون الدولي التي تنطبق على إدراج التحفظات والتي يتم بالرجوع إليها تحديد مدى مقبولية هذه التحفظات وتفسير المقصود بها ويتناول التعليق العام دور الدول الأطراف فيما يتعلق بتحفظات الدول الأخرى. كما يتناول دور اللجنة نفسها فيما يتصل بالتحفظات. ويتضمن بعض التوصيات إلى الدول الأطراف الحالية من أجل إجراء مراجعة للت حفظات وإلى الدول التي لم تصبح بعد أ طرافا بشأن الاعتبارات القانونية واعتبارات السياسة العامة المتعلقة بحقوق الإنسان التي يجب ألا تغيب عن بالها إذا ما نظرت في التصديق أو الانضمام مع إبداء تحفظات معينة.

3- وليس من السهل دائماً تمييز التحفظ عن الإعلان فيما يتع لق بفهم الدولة لتفسير حكم من الأحكام أو عن بيان يحدد السياسة العامة. إذ إن الاعتبار يجب أن يولى إلى ما تقصده الدولة لا إلى الشكل الذي تتخذه الوثيقة. فإذا كان القصد من البيان، بصرف النظر عن تسميته أو عنوانه، هو استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لمعاهدة ما في انطباقها على الدولة، فإنه يشكل تحفظا (1) . وعلى النقيض من ذلك، إذا كان ما يسمى تحفظا يقتصر على عرض تفسير الدولة لحكم معين ولكنه لا يستبعد أو يعدل ذلك الحكم في انطباقه على تلك الدولة، فإنه لا يشكل تحفظا في الواقع.

4- وإن إ مكانية إبداء التحفظات قد تشجع الدول ا لتي ترى أ نها تواجه صعوبات في ضمان جميع الحقوق الواردة في العهد على أن تقبل مع ذلك الالتزامات الواردة فيه بمجملها. وقد تؤدي التحفظات وظيفة مفيدة لتمكين الدول من تكييف عناصر معينة في قوانينها مع الحقوق الأصيلة لكل شخص حسبما هي محددة في العهد. إلا انه من المس تحسن، من حيث المبدأ، أن تقبل الدول مجموعة الالتزامات كاملة، لأن معايير حقوق الإنسان هي التعبير القانوني عن الحقوق الأساسية التي يحق لكل فرد التمتع بها بوصفه كائناً بشرياً.

5- و العهد لا يحظر إ بداء التحفظات كما انه لا يذكر أي نوع من التحفظات المسموح بها. وهذ ا ينطبق أيضاً على البروتوكول الاختياري الأول. أما البروتوكول الاختياري الثاني فينص في الفقرة 1 من المادة 2 على انه "لا يسمح بأي تحفظ على هذا البروتوكول إلا بالنسبة لتحفظ يكون قد أعلن عند التصديق عليه أو الانضمام إليه وينص على تطبيق عقوبة الإعدام في وقت الح رب طبقاً لإدانة في جريمة بالغة الخطورة تكون ذات طبيعة عسكرية وترتكب في وقت الحرب" وتنص الفقرتان 2 و3 من هذه المادة على بعض الالتزامات الإجرائية.

6- غير أن عدم وجود حظر على إبداء التحفظات لا يعني جواز قبول أي تحفظ. فمسألة التحفظات في إطار العهد والبروتوكول الاختياري الأول مسألة يحكمها القانون الدولي. وتوفر المادة 19( 3 ) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات إ رشادات ذات صلة بهذا الموضوع (2) . فهي تقضي بأن للدول أن تضع تحفظا إذا كانت المعاهدة لا تحظر التحفظات أو إذا كان التحفظ يندرج في فئة التحفظات المحددة المسموح به ا وذلك بشرط أ لا يكون هذا التحفظ متعارضا مع موضوع المعاهدة وهدفها. ومع أن العهد، بخلاف بعض المعاهدات الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان، لا يتضمن إ شارة محددة إلى معيار الموضوع والهدف، فإن هذا المعيار يحكم مسألة تفسير التحفظات ومدى مقبوليتها.

7- وفي صك يحدد فيه ع دد كبير جداً من الحقوق المدنية والسياسية، يكون في كل مادة من المواد العديدة، بل وفي التفاعل بين هذه المواد، ما يؤمن أهداف العهد. إذ إن موضوع العهد وهدفه يتمثلان في إرساء معايير ملزمة قانونا فيما يتعلق بحقوق الإنسان من خلال تعريف حقوق مدنية وسياسية معينة وإ دراجها في إطار من الالتزامات التي تكون ملزمة من الناحية القانونية بالنسبة لتلك الدول التي تصدق عليها، وتوفير آلية فعالة للإشراف على الامتث ـ ال للالتزام ـ ات المتعهد بها.

8- أما التحفظات التي تخل بالقواعد القطعية فلا تتفق مع موضوع العهد وهدفه. وعلى الرغم من أ ن المعاهدات التي تشكل مجرد تبادلات للالتزامات بين الدول تسمح لها بأن تتحفظ فيما بينها على تطبيق قواعد القانون الدولي العام، فإن الأمر يختلف عن ذلك في معاهدات حقوق الإنسان التي هي لصالح الأشخاص الذين يدخلون في نطاق ولايتها. وبالتالي فإن الأحكام الواردة في ال عهد والتي هي من قواعد القانون الدولي العرفي ( ولا سيما عندما يكون لها طابع القواعد القطعية ) لا يجوز أن تكون موضوعا للتحفظات. وبناء على ذلك، لا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق في ممارسة الرق أو التعذيب أو إخضاع الأشخاص لمعاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أ و حرمانهم من الحياة تعسفاً أو اعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي أو حرمانهم من حرية الفكر والوجدان والدين، أو افتراض أن الشخص مذنب ما لم يثبت براءته، أو إعدام النساء الحوامل أو الأطفال، أو السماح بالدعوة إلى الكراهية لاعتبارات قومية أو عنصرية أو دينية، أو إنكار حق الأشخاص الذين بلغوا سن الزواج في أ ن يتزوجوا، أو إنكار حق ال أ قليات في التمتع بثقافتها الخاصة بها أو ممارسة شعائر دينها أو استخدام لغتها. وفي حين أن إبداء التحفظات على أحكام معينة من المادة 14 قد يكون مقبولاً، فلا يجوز إبداء أي تحفظ عام على الحق في محاكم ة عادلة.

9- وبتطبيق معيار الموضوع والهدف تطبيقا أعم على العهد، تلاحظ اللجنة مثلاً أن التحفظ على المادة 1 الذي ينكر على الشعوب الحق في تقرير وضعها السياسي وفي السعي إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إنما يتعارض مع موضوع وهدف العهد. وبالمثل فإن التحفظ على الالتزام باحترام وكفالة الحقوق، وعلى أساس غير تمييزي ( المادة 2 ( 1 )) يعتبر غير مقبول. كما انه لا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق عدم اتخاذ التدابير اللازمة على المستوى الداخلي لإعمال الحقوق المنصوص عليها في العهد ( المادة 2 ( 2 )) .

10 - وبحثت اللجنة كذلك مسألة ما إذا كانت فئات من التحفظات تخل بمعيار "الموضوع والهدف". ويتعين النظر بصفة خاصة فيما إذا كانت التحفظات على أحكام العهد التي لا يجوز تقييدها تتمشى مع موضوع العهد وهدفه. وفي حين انه ليس هناك أي تدرج في أهمية الحقوق في إطار العهد، فإنه لا يجوز تعليق إع مال بعض الحقوق حتى في أوقات الطوارئ الوطنية. وهذا يبرز الأهمية العظيمة التي تتسم بها الحقوق التي لا يجوز تقييدها. ولكن الحقوق ذات الأهمية الأساسية، مثل تلك المحددة في المادتين 9 و 27 من العهد، لم تجعل جميعها في الواقع حقوقاً لا يجوز تقييدها. ومن الأسباب الت ي تجعل حقوقاً معينة غير قابلة للتقييد هو أن تعليق إعمالها يكون غير ذي صلة بالمراقبة المشروعة لحالة الطوارئ الوطنية ( ومن ذلك مثلاً عدم جواز السجن بسبب العجز عن الوفاء بدين المنصوص عليه في المادة 11 ) . وثمة سبب آخر هو أن التقييد قد يكون في الواقع مستحيلاً ( كم ا في حالة حرية الوجدان ) . وفي الوقت نفسه، لا يجوز تقييد بعض الأحكام وذلك لسبب محدد هو أنه بدونها لا تكون هناك سيادة للقانون. فالتحفظ على أحكام المادة 4 التي تنص تحديداً على التوازن الذي يجب إ قامته بين مصالح الدولة وحقوق الأفراد في أوقات الطوارئ يندرج في هذه الفئة. ويتسم بهذا الطابع أيضا بعض الحقوق غير القابلة للتقييد والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال التحفظ عليها لأنها من القواعد القطعية - ومن الأمثلة على ذلك حظر التعذيب والحرمان من الحياة تعسفياً (3) . وفي حين انه ليس هناك ترابط تلقائي بين التحفظات على أحكام ل ا يجوز تقييدها والتحفظات التي تتنافى مع موضوع العهد وهدفه، فإنه يقع على عاتق الدولة عبء ثقيل لتبرير مثل هذه التحفظات.

11- و العهد لا يتألف من الحقوق المحددة فيه فحسب بل إنه يشمل أيضا ضمانات داعمة هامة. وتوفر هذه الضمانات ال إ طار اللازم لتأمين الحقوق المنصوص عليها في العهد وبالتالي فإنها تتسم بأهمية أساسية بالنسبة لموضوع العهد وهدفه. وينطبق بعض هذه الضمانات على المستوى الوطني وبعضها الآخر على المستوى الدولي. ولذلك ف إ ن التحفظات التي يراد بها إزالة هذه الضمانات لا تكون مقبولة. وهكذا ف إ نه لا يمكن لأية دولة أن تضع تحفظا على الفقرة 3 من المادة 2 تذكر فيه أنها لا تعتزم توفير أي سبل انتصاف من انتهاكات حقوق الإنسان. فمثل هذه الضمانات تشكل جزءا لا يتجزأ من بنية العهد وتدعم فعاليته. كما أن العهد يتوخى، من أجل تعزيز بلوغ أهدافه المحددة، أن يسند إلى اللجنة دور الرصد. والتح فظات التي ترمي إلى تجنب هذا العنصر الأساسي في تصميم العهد، وهو عنصر موجه أيضاً نحو تأمين التمتع بالحقوق، إنما تتنافى أيضا مع موضوع العهد وهدفه. فلا يجوز لدولة أن تحتفظ بحق عدم تقديم تقرير تبحثه اللجنة. إذ إن دور اللجنة في إ طار العهد، سواء بمقتضى المادة 40 أو بمقتضى البروتوكولين الاختياريين، يستتبع بالضرورة تفسير نصوص العهد وإرساء أحكام يستند إليها . وبالتالي فإن أي تحفظ يرفض اختصاص اللجنة في تفسير مقتضيات أي أحكام في العهد يكون أيضاً منافياً لموضوع هذه المعاهدة وهدفها.

12 - إن المقصود بالعهد هو أن الحقوق الوا ردة فيه ينبغي أن تكون مكفولة لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية دولة طرف. ولهذه الغاية، قد يكون من الضروري تلبية بعض المتطلبات القائمة. فقد يستلزم الأمر تعديل القوانين الوطنية على النحو المناسب لكي تراعي متطلبات العهد، وإنشاء آليات على المستوى المحلي من أجل إ تا حة إ مكانية إنفاذ الحقوق المنصوص عليها في العهد على هذا المستوى. وكثيراً ما تكشف التحفظات عن نزوع الدول إلى العزوف عن تغيير قانون معين. وفي بعض الأحيان يصل هذا الاتجاه إلى مستوى السياسة العامة. ومما يثير القلق بصفة خاصة التحفظات ذات الصيغة الواسعة التي تؤدي أساساً إلى إبطال مفعول جميع الحقوق المنصوص عليها في العهد والتي تتطلب إ حداث أي تغيير في القانون الوطني من أجل ضمان الامتثال للالتزامات المحددة بموجب العهد. وبذلك لا تقبل أية حقوق أو التزامات دولية حقيقية. وعندما لا يكون هناك وجود لأحكام تضمن المطالبة بإعم ال الحقوق المنصوص عليها في العهد أمام المحاكم المحلية، وعندما لا تكون هناك كذلك إمكانية متاحة لتقديم الشكاوى الفردية إلى اللجنة في إ طار البروتوكول الاختياري الأول، تكون جميع العناصر الأساسية للضمانات المنصوص عليها في العهد قد أ زيلت.

13 - وتنشأ هنا مسألة ما إذا كانت التحفظات جائزة في إطار البروتوكول الاختياري الأول، و إ ذا كان الأمر كذلك، ما إ ذا كان أي تحفظ من هذا القبيل يتنافى مع موضوع وهدف العهد أو مع موضوع وهدف البروتوكول الاختياري الأول ذاته. ومن الواضح أن البروتوكول الاختياري الأول يمثل بحد ذاته معاهدة دول ية متميزة عن العهد ولكنها مرتبطة به ارتباطا وثيقا. ويتمثل موضوع هذا البروتوكول وهدفه في الاعتراف باختصاص اللجنة في أن تتلقى وتبحث البلاغات التي ترد من الأفراد الذين يزعمون أنهم ضحايا لانتهاك ارتكبته دولة من الدول الأطراف لأي حق من الحقوق المنصوص عليها في ا لعهد والدول تقبل الحقوق الأساسية للأفراد على أس