اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
البلاغ رقم 2046 /2011
آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 11 2 (7- 31 تشرين الأول / أكتوبر 2014 )
المقدم من: حدهم احميد محمد (تمثلها مؤسسة "الكرامة" لحقوق الإنسان)
الشخص المدعى أنه ضحية: صالح سالم احميد (زوج صاحبة البلاغ)، والصادق صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، والمهدي صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وعلي صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وعادل صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وفرج صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ) ، وباسمها الشخصي (بصفتها زوجة وأما للضحايا)
الدولة الطرف: ليبيا
تاريخ البلاغ: 4 شباط/فبراير 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 13 نيسان / أبريل 2011 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء: 17 تشرين الأول / ٢٠١٤
الموضوع: توقيف واحتجاز تعسفي، ومعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة
المسائل الموضوعية: منع التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية؛ وحق الشخص في الحرية وفي الأمان على نفسه؛ واحترام الكرامة المتأصلة في الإنسان؛ وحق الفرد في الأمان على شخصه، والحق في حماية الأسرة؛ وحرية التعبير والرأي؛ وحق التجمع السلمي؛ وحق الانتصاف الفعال
المسائل الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف
مواد العهد: 2 (الفقرة 3)، 7، 9 (الفقرات من 1 إلى 5)، 10 (الفقرة 1)، 17، 19، 21، 23
مواد البروتوكول الاختياري: 5 (الفقرة 2(أ))
المرفق
آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 11 2 )
بشأن
البلاغ رقم 2046 /2011 *
المقدم من: حدهم احميد محمد (تمثلها مؤسسة "الكرامة" لحقوق الإنسان )
الشخص المدعى أنه ضحية: صالح سالم احميد (زوج صاحبة البلاغ)، والصادق صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، والمهدي صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وعلي صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وعادل صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)، وفرج صالح احميد (ابن صاحبة البلاغ)؛ وباسمها الشخصي (بصفتها زوجة وأما للضحايا)
الدولة الطرف: ليبيا
تاريخ البلاغ: 4 شباط/فبراير 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد اجتمعت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ،
وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2046 /2011 المقدم إليها باسم صالح سالم احميد وآخرين بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد ما يلي:
الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري
1 - صاحبة البلاغ المؤرخ 4 شباط/فبراير 2011 هي حدهم احميد محمد، وهي مواطنة ليبية تسكن في طرابلس. وتدعي أن زوجها، صالح سالم احميد ، المولود عام 1942، وقع ضحية انتهاك ليبيا الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرات من 1 إلى 5 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 23، من العهد. وتدعي أيض اً أنها وأبناءها الصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد وفرج صالح احميد ، وقعوا أيض اً ضحية انتهاك ليبيا الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرة 1 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 17، والمادة 19، والمادة 21، والمادة 23، من العهد. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في ليبيا في 16 أيار/مايو 1989.
الوقائع كما عرض ت ها صاحب ة البلاغ
2-1 أبلغ صالح سالم احميد ، زوج صاحبة البلاغ، السلطات يوم 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 باكتشافه جثة في بئره. وفور فتح التحقيق بأمر من المدعي العام، قُبض على صالح سالم احميد واحتجز لدى الشرطة. وقُبض أيض اً على زوجة الضحية بتهمة الاشتراك في جريمة القتل وبتهمة الزنا. ووضع صالح سالم احميد في الحبس الانفرادي داخل زنزانة صغيرة للغاية لمدة شهر ، مع أن القانون ينص على مدة أقصاها 48 ساعة. وعذبته السلطات خلال هذه الفترة لانتزاع اعترافات منه بارتكاب الجريمة . وتسبب ذلك في إصابة صالح سالم احميد باضطرابات نفسية لا يزال يعاني من عواقبها الوخيمة. ومع أن المدعي العام بطرابلس أمر بإدخاله مؤسسة للأمراض النفسية ( ) ، فإن إدارة السجن رفضت متابعته طبي اً. ومَثل أمام قاض لأول مرة في 28 كانون الثاني/يناير 1987 عقب إصدار دائرة الاتهام أمر اً بإحالته إلى المحكمة الجنائية بطرابلس بالتهم التالية: القتل العمد ؛ والزنا مع زوجة الضحية؛ وحفر بئر دون ترخيص من الإدارة.
2-2 وعيّن المدعي العام محامي اً للدفاع عن صالح سالم احميد أثناء المحاكمة، في المرحلة الأولى من الحكم فقط. وحُكم عليه بالسجن المؤبد في محاكمة صورية في 2 نيسان/أبريل 1988 بتهمة الاغتصاب والقتل. واستند هذا الحكم أساس اً إلى شهادة زوجة الضحية - التي اتُهمت أيض اً مع شخص آخر ثم أفرج عنها - إضافة إلى شهادة أخيها. وللطعن في هذا القرار، وقّع صالح سالم احميد على الاستمارة والسجل الرسمي . لكن إدارة المحاماة الشعبية (نقابة المحامين)، المكلفة بإحالة الطلب إلى الهيئة القضائية الأعلى درجة، لم تأخذ بالإجراءات المتبعة؛ لذا، لم يُقدَّم الطعن، فصار الحكم نهائيا ً .
2-3 وبمجرد أن أصبح في الإمكان توكيل محام مستقل، وإزاء رفض السلطات القضائية القاطع إعادة النظر في القضية في مرحلة الاستئناف، قُدم طلب يلتمس مراجعة قضائية إلى النيابة العامة التابعة للمحكمة الجنائية في طرابلس لإعادة النظر في القضية من أجل محاكمة صالح سالم احميد محاكمة نزيهة. وبذلت الأسرة أيض اً العديد من المساعي غير الرسمية لدى السلطات القضائية والسياسية، ترتّب عليها اتخاذ أمين العدل (وزير العدل) قرار فتح الملف مجدد اً عام 1994 بعد اكتشاف عناصر جديدة تبرر إعادة النظر في المحاكمة. ومع أنه قُبض على مشتبه فيهم واستجوبوا، فقد أطلِق سراحهم في نهاية المطاف إثر تدخل السلطات السياسية العليا في البلد، فأغلق الملف من جديد. وباءت جميع المساعي بالفشل، ورفضت النيابة العامة بطرابلس رسمي اً طلب المراجعة يوم 15 آذار/مارس 1997 بقرار يقترح على صالح سالم احميد التماس طلب العفو كي يفرج عنه، لكنه رفض معتبر اً نفسه ضحية للظلم.
2-4 وقدمت الأسرة طعن اً قضائي اً إلى محكمة الاستئناف بطرابلس في 29 كانون الثاني/ يناير 2001 بسبب إهمال نقابة المحامين (ويتعلق الأمر بتسجيل الطعن في حكم الإدانة الصادر في 2 نيسان/أبريل 1988) ( ) ، وذلك ضد أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل ومديرها، ومدير لجنة الرقابة على السلطة القضائية، ومدير نقابة المحامين. ولم يتكلل هذا المسعى بالنجاح.
2-5 ورد اً على الانتهاكات التي تعرض لها صالح سالم احميد ، وجهت صاحبة البلاغ (زوجة الضحية) وأبناؤها، في الوقت الذي كان فيه الضحية لا يزال قابع اً في السجن، نداء إلى منظمات غير حكومية وإلى مناضلين في ميدان حقوق الإنسان. واستجابوا لنداء وجهه مناضل مشهور للمشاركة في اعتصام سلمي يوم 17 شباط/فبراير 2007 تنديد اً بوضع حقوق الإنسان في البلد بوجه عام، ووضع صالح سالم احميد بوجه خاص. وبعد هذه الأعمال، اتصلت مؤسسة القذافي بالأسرة يوم 13 شباط/فبراير 2007 تطلب إليها الامتناع عن الاعتصام واعدةً إياها بالتدخل لدى السلطات في قضية الأب. وبعد رفض الأسرة ذلك، تلقت تهديدات بالقتل من أشخاص قدموا أنفسهم على أنهم ممثلون للسلطات.
2-6 وفي 15 شباط/فبراير 2007، اقتحم نحو 50 فرد اً من أجهزة الأمن بقيادة مدير قسم التحقيقات الجنائية، يرتدون زيا ً مدنيا ً ، منزل الأسرة وهشّموا أبوابه ونوافذه ونهبوا ممتلكاته وأخذوا كل ما له قيمة وأخرجوا من كان فيه من أفراد الأسرة وأضرموا فيه النار. وضربوا صاحبة البلاغ، وهي سيدة مسنّة ومريضة، وكذلك ابنها الأصغر ، فرج صالح احميد ، الذي اعتقلوه بعدئذ دون أمر قضائي.
2-7 وفي أعقاب هذه الأحداث، رفعت صاحبة البلاغ شكوى جنائية ضد أفراد أجهزة الأمن إلى المدعي العام في 16 شباط/فبراير 2007 بتهمة الاعتداء والضرب والجرح والسرقة والحرق العمد. ومع أن الشكوى سُجلت، لم تُعَر اهتماما ً .
2-8 وفي اليوم نفسه، أي 16 شباط/فبراير 2007، قصَد أفراد في أجهزة الأمن، بقيادة مدير قسم التحقيقات الجنائية بطرابلس الذي أشرف على العملية في اليوم السابق، منازل أبناء صاحبة البلاغ الآخرين ( ) وقبضوا عليهم دون أمر قضائي ودون إبلاغهم بأسباب القبض واقتادوهم إلى مقر الإدارة العامة للبحث الجنائي.
2-9 وبعد القبض على أبناء صاحبة البلاغ الخمسة، احتُجزوا منفصلين بعضهم عن بعض وفي عزلة تامة، دون اتصال بالعالم الخارجي، في زنزانات صغيرة لا تتجاوز بضعة مترات مربعة. وفي أثناء احتجازهم، ضُربوا ضرب اً مبرّح اً على كامل جسدهم، مقيّدين ومعلّقين من معاصمهم. وكانوا يرغَمون على الأكل مقيّدي اليدين. ولم تفض سوء المعاملة هذه إلى متابعة طبية. وفي 22 شباط/فبراير 2007، نُقل أبناء صاحبة البلاغ الخمسة إلى سجن الجديدة حيث حُبسوا مرة أخرى في زنزانات فردية ورُفضت معالجة جروحهم التي تسبب فيها التعذيب . وأخبرهم مدير السجن شخصي اً بأنهم "محرومون من العلاج بقرار من المدعي العام".
2-10 ولم يُرفع هذا الحظر إلا يوم 25 تموز/يوليه 2007، أي بعد مضي خمسة أشهر على حبسهم، بسبب شكوى قدمها الأبناء الخمسة إلى محكمة أمن الدولة ( ) . وكشف الفحص الطبي الذي تلا ذلك عن وجود أمارات التعذيب ، وبسبب خطورة حالتهم الصحية، أمر الطبيب بفحص علي صالح احميد وعادل صالح احميد على جناح السرعة، إضافة إلى متابعة حالتهما في المستشفى. وأمر أيض اً بإدخال الصادق صالح احميد ، المصاب بصدمة خطيرة، مستشفى للأمراض النفسية.
2-11 بيد أن هذه التدابير لم تنفّذ. ففي 20 نيسان/أبريل 2007، قُدم إلى محكمة تاجوراء الخاصة، بطرابلس، أبناء صاحبة البلاغ الخمسة، إضافة إلى أشخاص آخرين قبض عليهم في الظروف نفسها بسبب اعتزامهم المشاركة في ذات المظاهرة السلمية، بتهمة "التخطيط لقلب نظام الحكم" وحيازة أسلحة. وأحالت هذه المحكمة القضية إلى محكمة أمن الدولة في 24 حزيران/ يونيه 2007. وبعد تأجيلات متكررة للمحاكمة في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، و4 كانون الأول/ديسمبر 2007، و8 كانون الثاني/يناير 2008، و13 آذار/مارس 2008، لأن أبناء صاحبة البلاغ رفضوا حضورها نظر اً لانعدام الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، صدرت في حقهم في نهاية المطاف أحكام يوم 6 نيسان/ أبريل 2008 بالسجن على النحو التالي: 15 عام اً لكل من الصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وفرج صالح احميد ، و6 سنوات لعلي صالح احميد . أما عادل صالح احميد فبرّئ يوم 6 نيسان/أبريل 2008.
2-12 وأطلق سراح الجميع يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 2008 بناء على تدخل شخصي من ابن رئيس الدولة، سيف الإسلام القذافي.
2-13 وقدم عادل صالح احميد لدى خروجه من السجن، بعد تبرئته يوم 6 نيسان/ أبريل 2008، شكوى جنائية بشأن حرق منزل الأسرة ونهبه. وفي أعقاب هذه الشكوى، طلب عضو في نيابة سوق الجمعة إلى مدير مركز شرطة المدينة نفسها في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2008 معلومات عن الوقائع. وطلبت النيابة أيض اً معلومات عن تاريخ فرض المراقبة على المنزل الذي حُرق وأسماء الأعوان المكلفين بالمراقبة ( ) . لكن صاحبة البلاغ لم تبلَّغ بنتيجة هذا الطلب.
2-14 وأطلق سراح زوج صاحبة البلاغ، سالم صالح احميد ، يوم 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2009 بعد أن أمضى نحو 23 عام اً في السجن، وذلك بعد عفو لأسباب طبية.
الشكوى
3-1 تحتج صاحبة البلاغ، أوّلاً، بالمادتين 7 و10 من العهد، مؤكّدةً ارتكاب أعمال تعذيب ومعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في حق زوجها صالح سالم احميد الذي كان مسجون اً في حبس انفرادي لمدة طويلة، الأمر الذي أصابه بالاكتئاب وألحق ضرر اً بالغ اً بصحته النفسية. إن هذه المعاناة النفسية تتنافى والمادة 7 من العهد. وعن سائر أفراد الأسرة، فقد اعتُدي على صاحبة البلاغ نفسها. أما أبناؤها فضُربوا ضربا ً مبرّحا ً ، وأودعوا سجن اً انفراديا ً ، وعذبوا، ثم حُرموا العلاج. وتؤكد صاحبة البلاغ، في الختام، أن حرق منزل الأسرة، في وقت كانت فيه مستضعفة للغاية، يعد أيض اً معاملة قاسية ولا إنسانية في حق كل أفراد الأسرة.
3-2 وتحتج أيض اً بانتهاك المادة 9 من العهد لأن صالح سالم احميد لم يستطع، بعد القبض عليه، الاعتراض على مبررات احتجازه أمام سلطة قضائية. ثم إنه لم يمثل أمام قاض إلا في 28 كانون الثاني/يناير 1987، أي بعد 23 يوم اً من احتجازه، دون تبرير مدى معقولية تمديد هذا الاحتجاز. ولم يتمكن صالح سالم احميد قط من الاعتراض على الحكم الذي صدر في حقه، ولا إدانة عدم مشروعية احتجازه. وصدر في حقه حكم نهائي دون أن يكون له حق الطعن فيه. وعن أبناء صاحبة البلاغ، فقد قبض عليهم يومي 15 و16 شباط/فبراير 2007 دون أمر قضائي، بل دون أن يبلغوا بمبررات القبض. ثم احتجزوا سر اً دون أن يمثلوا أما قاض أو سلطة مختصة، ولم يتمكنوا من الاعتراض على الاحتجاز ولا توكيل محام.
3-3 وعن المادتين 17 و23 من العهد، تؤكد صاحبة البلاغ أن السلطات العامة تدخلت ، بغير حق وتعسف اً، في حياتهم الشخصية والأسرية واقتحمت منزلهم. فقد داهم أفراد من أجهزة أمن الدولة منزلهم وفتشوه دون أمر قضائي. وفي أثناء هذه العملية، اعتدوا جسدي اً على أفراد الأسرة، ثم أضرموا النار في المنزل قبل أن يقتادوا فرج صالح احميد . وتؤكد صاحبة البلاغ الصبغة التعسفية للتدخل في حياتهم الشخصية والأسرية واقتحام منزل الأسرة التي انتابها القلق من فقدان مكان عيشها المشترك وذاكرتها الأسرية، وكذلك سبل عيشها.
3-4 وعما تقتضيه المادتان 19 و21 من العهد، تؤكد صاحبة البلاغ أن أفراد الأسرة اضطهدوا بسبب الإجراءات التي اتخذوها لإصلاح وضع الأب والزوج، صالح سالم احميد ، بوسائل منها السعي إلى المشاركة في مظاهرة سلمية تهدف إلى التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، فتلقوا تهديدات بالقتل واعتدي عليهم، انتقام اً منهم، الأمر الذي ينتهك المادتين 19 و21 من العهد.
3-5 وتحتج صاحبة البلاغ أيض اً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، منفصلةً ومقترنةً بالمواد 7 و9 و10 (الفقرة 1) و17 و23 (الفقرة 1). وبسبب ظروف الاحتجاز والعزلة لمدة شهر، مُنع صالح سالم احميد من الاعتراض على قانونية احتجازه. وحُرم أيض اً حقه المشروع في الطعن في قرار محكمة الدرجة الأولى والاعتراض على إدانته. ولم تتكلل جميع مساعي أسرته بالنجاح. ولم يُجرَ أي تحقيق معمق ولم يلاحَق أحد ولم يُعوّض عن مجمل الانتهاكات التي لحقت به. إذن، فقد حُرمت صاحبة البلاغ وأسرتها، في واقع الحال، من سبل الانتصاف المتاحة والفعالة المشفوعة بضمانات فعلية.
عدم تعاون الدولة الطرف
4- دُعيت الدولة الطرف في 13 نيسان/أبريل 2011، و30 نيسان/أبريل 2012، و15 آذار/مارس 2013، و18 أيلول/سبتمبر 2013 إلى إبداء ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أن هذه المعلومات لم تأتها. وتأسف على أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات عن مقبولية تظلمات صاحبة البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكّر بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تقضي بأن تقدم الدولة الطرف المعنية، خطي اً، تفسيرات أو تدلي بتصريحات، توضح فيها المسألة والإجراءات التي تكون قد اتخذتها لمعالجة الوضع. فإن لم تردّ الدولة الطرف، لزم اللجنة أن تولي الاعتبار الواجب لادعاءات أصحاب البلاغ المدعّمة بالأدلة الكافية ( ) .
المناقشة
النظر في المقبولية
5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تُقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.
5-2 وقد تيقنت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
5-3 وعن استنفاد سبل الانتصاف الداخلية، تعلن اللجنة مجدد اً أن القلق يساورها من أن الدولة الطرف، رغم تذكير اللجنة إياها ثلاث مرات، لم تقدم إليها أي معلومات أو ملاحظات عن مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية. وترى اللجنة أن ْ لا شيء يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
5-4 وتلاحظ اللجنة أن الجزء من البلاغ المتعلق بالقبض على صالح سالم احميد وإساءة معاملته ومحاكمته وإدانته، يُعنى بالوقائع التي حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في ليبيا، أي 16 أيار/مايو 1989. وتحيل اللجنة إلى سوابقها وتؤكد من جديد أنه لا يمكنها النظر في انتهاكات مزعومة للعهد حصلت قبل دخول البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف، ما لم تتواصل هذه الانتهاكات بعد ذلك التاريخ أو تستمر في إحداث آثار هي في حد ذاتها انتهاك للعهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن شكوى صاحبة البلاغ بمقتضى المادة 7 والمتعلقة بالتعذيب، والمادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، تخص القبض على صالح سالم احميد وحبسه وإدانته في عام 1988، أي قبل نفاذ البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف. وترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول من جهة الاختصاص الزمني، عمل اً بالمادة 1 من البروتوكول الاختياري.
5-5 وعن ادعاءات صاحبة البلاغ وقوع انتهاك للمادة 7 في حق صالح سالم احميد ، فإنها لم تدعم بما يكفي من الأدلة استمرار آثار سوء المعاملة بحيث لا يمكن اعتبار تلك الآثار تمثل في ذاتها انتهاك اً للعهد ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الشكوى المقدمة في إطار المادة 7، والمادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، منفصلةً أو مقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2، في حق صالح سالم احميد غير مقبولة بمقتضى الاختصاص الزمني عمل اً بالمادة 1 من البروتوكول الاختياري.
5-6 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ أيدت بأدلة كافية ما بقي من ادعاءاتها المتعلقة بالمقبولية، وتمضي من ثم إلى النظر في مضمون تظلمات صاحبة البلاغ في إطار الفقرة 3 من المادة 2، والمادة 7، والفقرات من 1 إلى 5 من المادة 9، والفقرة 1 من المادة 17، والمادة 19، والفقرة 1 من المادة 23، من العهد، وتعمد إلى النظر في الادعاءات من جهة أسسها الموضوعية .
النظر في الأسس الموضوعية
6-1 وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ آخذة في الحسبان جميع المعلومات التي قُدمت إليها. ولما كانت الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ، يجدر باللجنة أن تولي الاعتبار الواجب لهذه الادعاءات ما دامت مدعّمة بما يكفي من الأدلة .
المعاملة التي تعرض لها كل من الصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وفرج صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد (أبناء صاحبة البلاغ)، وكذلك صاحبة البلاغ نفسها
6-2 أحاطت اللجنة علم اً بادعاءات صاحبة البلاغ التي تؤكد أن نحو 50 فرد اً من أجهزة الأمن جاءوا إلى منزل الأسرة يوم 15 شباط/فبراير 2007 بعد أن لبّى أبناؤها نداء مدافعين عن حقوق الإنسان إلى المشاركة في اعتصام سلمي؛ وضربوا صاحبة ا لبلاغ ضرب ا ً مبرّحا ً ؛ وضربوا ابنها فرج صالح احميد وقبضوا عليه دون أمر قضائي؛ وذهبوا يوم 16 شباط/فبراير 2007 إلى بيوت أبنائها الصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد ، وقبضوا عليهم دون أمر قضائي؛ وبعد ذلك ، أودعوا الحبس الانفرادي التام في زنزانات ضيقة وحرموا الاتصال بالعالم الخارجي؛ وعذبوا، لا سيما بالضرب المبرح والتقييد؛ وحرموا الرعاية الطبية عمد اً لمدة 5 أشهر رغم حالتهم الصحية الخطرة التي كانت تستوجب متابعة في المستشفى، وقد لوحظ هذا الأمر لاحقا ً . ونظر اً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات، انتهت اللجنة إلى أن المعلومات التي بين يديها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادتين 7 و9 من العهد في حق فرج صالح احميد ، والصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد ، وصاحبة البلاغ ذاتها.
6-3 ولما كانت اللجنة توصلت إلى وقوع انتهاك للمادتين 7 و9 من العهد، فإنها لن تنظر في تظلمات صاحبة البلاغ منفصلةً في إطار المادتين 19 و21 من العهد.
المعاملة المتعلقة ب منزل الأسرة
6-4 أحاطت اللجنة علم اً بادعاءات صاحبة البلاغ في 15 شباط/فبراير2007 التي تؤكد أن أفراد اً في أجهزة الأمن، بقيادة مدير قسم التحقيقات الجنائية بطرابلس، في زي مدني، ذهبوا إلى منزل الأسرة ودهموه وهشّموا الأبواب والنوافذ؛ وضربوا صاحبة البلاغ، وهي امرأة مسنّة ومريضة؛ ونهبوا المنزل وأخذوا معهم كل الأشياء القيّمة، وأخرجوا أفراد الأسرة الذين كانوا بالمنزل وأضرموا النار فيه. وأشارت صاحبة البلاغ إلى الاضطراب الذي أصاب أسرتها بسبب فقدان مكان عيشها المشترك والذاكرة الأسرية، وكذلك سبل عيشها. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 20 (1992) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حيث رأت أن من غير الضروري وضع قائمة بالأعمال المحظورة ولا تحديد فروق دقيقة بين مختلِف أشكال العقوبة أو المعاملة المحظورة؛ فهذه الفروق تتوقف على طبيعة المعاملة وهدفها وخطورتها. واعتبرت اللجنة أيض اً أن الحظر الذي تنص عليه المادة 7 لا يتعلق بالأعمال التي تسبب للضحية أضرار اً جسدية فقط، بل الأعمال التي تسبب أضرار اً نفسية أيضا ً ( ) .
6-5 وتلاحظ اللجنة في القضية محل النظر أن سلطات الدولة الطرف هي التي هدمت منزل الأسرة؛ وأن صاحبة البلاغ، وهي امرأة مسنّة ومستضعفة، ضربت، وكذلك ابنها الأصغر ، فرج صالح احميد ، وقبض عليه دون أمر قضائي؛ وأن هذا الهدم المقصود يبدو أنه نُفّذ دون أمر قضائي. وترى اللجنة، والحالة هذه، أن ذلك النوع من الهدم انتقام وتخويف يسبّبان معاناة نفسية حادة لأصحاب البلاغات وأسرتهم. وتخلص اللجنة إلى وجود انتهاك منفصل للمادة 7 من العهد في حق فرج صالح احميد ، والصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد ، وصاحبة البلاغ ( ) .
6-6 وعن الشكوى المتعلقة بانتهاك المادة 17 من العهد، تحيط اللجنة علم اً مجدد اً بادعاءات صاحبة البلاغ في 15 شباط/فبراير 2007 التي تؤكد أن أفراد اً في أجهزة الأمن بزي مدني ومسلحين ودون أمر قضائي دهموا المنزل وهشموا الأبواب والنوافذ؛ وأنهم نهبوا المنزل وأخذوا كل ما كان ذا قيمة ثم أضرموا النار فيه. اللجنة أن الدولة الطرف لم تبد أي ملاحظة على هذه الادعاءات وأنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ ما دامت مدعّمة بما يكفي من الأدلة ( ) . وخلصت اللجنة إلى أن دخول أعوان الدولة منزل صاحبة البلاغ وأسرتِها بتلك الطريقة، إضافة إلى هدمه، يعدّان تدخّل اً غير مشروع في حياتهم الشخصية والأسرية ومنزلهم، الأمر الذي يخل بالمادة 17 من العهد وينتهك حق صاحبة البلاغ وأفراد أسرتها الذين كانوا يسكنون فيه ( ) .
6-7 وفي ضوء ما سلف، لن تنظر اللجنة في الشكوى المتعلقة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد منفصلةً.
عدم وجود سبل انتصاف فعالة
6-8 تحتج صاحبة البلاغ أيض اً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تنص على أن الدول الأطراف ملزمة بتوفير سبل انتصاف فعالة لجميع الأشخاص الذين قد تكون حقوقهم المكفولة بالعهد قد انتهكت. وتولي اللجنة أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة للنظر في الشكاوى المتعلقة بانتهاك الحقوق. وتذكّر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي يفيد بأن عدم تحقيق الدولة الطرف في ادعاءات بوقوع انتهاكات مفترضة قد يؤدي في حد ذاته إلى انتهاك منفصل للعهد.
6-9 وفي القضية موضع النظر، رفعت صاحبة البلاغ شكوى جنائية إلى المدعي العام يوم 16شباط/فبراير 2007 عقب عملية 15 شباط/فبراير 2007 التي تعرّضت فيها هي وابنها فرج صالح احميد للضرب ومنزل الأسرة للنهب والحرق. ولم يُستجب لهذه الشكوى. وأخير اً، قدم عادل صالح احميد ، عقب خروجه من السجن في نيسان/أبريل 2008، شكوى جنائية بشأن حرق المنزل ونهبه ، دون جدوى. وانتهت اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقترنةً بالمادة 17، بخصوص صالح سالم احميد ؛ وانتهاك الفقرة 3 من المادة 2، مقترنةً بالمواد 7 و9 و17 من العهد، بشأن فرج صالح احميد ، والصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد ؛ وانتهاك الفقرة 3 من المادة، مقترنةً بالمادتين 7 و17، بخصوص صاحبة البلاغ نفسها.
7- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادة 17، والفقرة 3 من المادة 2، مقترنة بالمادة 17، في حق صالح سالم احميد ؛ والمواد 7 و9 و17 والفقرة 3 من المادة 2، مقترنةً بالمواد 7 و9 و17، في حق فرج صالح احميد ، والصادق صالح احميد ، والمهدي صالح احميد ، وعلي صالح احميد ، وعادل صالح احميد ؛ وانتهاك المادتين 7 و17، وكذلك الفقرة 3 من المادة 2، مقترنةً بالمادتين 7 و17، في حق صاحبة البلاغ ذاتها.
8- ووفق اً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، على الدولة الطرف بأن تكفل لأصحاب البلاغات سبل انتصاف فعالة تشمل بالخصوص ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات ومحاكمتهم ومعاقبتهم، وتعويض صاحبة البلاغ وأسرتها تعويضا ً كافيا ً . وعليها أيض اً اتخاذ تدابير تضمن عدم تكرار انتهاكات مماثلة في المستقبل.
9- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، وأن تكفل لهم سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ عند ثبوت وقوع انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون مائة وثمانين يوماً معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آراء اللجنة. وتدعوها إلى تعميم هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع باللغات الرسمية للدولة الطرف.