الأمم المتحدة

CCPR/C/111/D/1986/2010

Distr.: General

27 August 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1986/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 111 المعقودة في الفترة من 7 إلى 25 تموز/يوليه 2014

المقدم من: بافيل كوزلوف (يمثله المحامي رومان كيسلياك)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 26 حزيران/يونيه 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بمقتضى المادة 97 الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 27 أيلول/سبتمبر 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 تموز/يوليه 2014

الموضوع: الحق في نشر المعلومات؛ والمحاكمة العادلة

المسائل الموضوعية: الحق في حرية التعبير؛ والحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ونزيهة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الا نتصاف المحلية

مواد العهد: 14؛ و 19

مواد البروتوكول الاختياري: 2؛ والفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنـة المعنيـة بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 111 )

بشأن

البلاغ رقم 1986/2010 *

المقدم من : بافيل كوزلوف ( يمثله المحامي رومان كيسلياك)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 26 حزيران/يونيه 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 تموز/يوليه 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1986/2010، الذي قدمه إليها بافيل كوزلوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ هو بافيل كوزلوف، وهو مواطن بيلاروسي ولد في عام 1936. ويدعي أنه ضحية انتهاك بيلاروس لحقوقه المكفولة بموجب الفقرتين 14 و 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في الدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ خبير قضائي متقاعد في مجال المركبات وغيرها من وسائل النقل. وفي عاميْ 2004 و 2005، كتب رسائل إلى مختلف الوكالات الحكومية في بيلاروس ينتقد فيها المسؤولين في شركة التأمين التي تقوم على المساهمة المقفلة والتي تمتلكها الدولة "برومترانسإنفست" (المشار إليها فيما يلي باسم برومترانسإنفست) بسبب ما رآه انعداماً للمسؤولية والمراقبة، والإنفاق الذي لا يطاق من أموال التأمين التي يدفعها أعضاء الشركة، والفساد المحتمل، والإضرار بحقوق الأفراد الذين يتعرضون لحوادث المرور.

2-2 ويؤكد صاحب البلاغ أنه انتقد نائبة مدير شركة برومترانسإنفست، السيدة ت.، في رسالة وجهها في 18 كانون الثاني/يناير 2005 إلى وزير المالية في بيلاروس، أشار فيها بالتحديد إلى أنها " ناقصة عقل ، ولا تصلح للأعمال، ومستواها العام لا يتعدى مستوى طالب في الصف الثامن لا تزيد معارفه على معارف وكيل تأمين". وفي 11 آذار/مارس 2005، واستناداً إلى العبارات الواردة أعلاه، أدانته محكمة مقاطعة لينين في بريست بتهمة القذف، وهي جريمة إدارية بموجب المادة 156-2 من قانون الجرائم الإدارية، فحكمت عليه بدفع غرامة إدارية قدرها 000 24 روبل (أي ما يعادل حوالي 12 دولاراً أمريكياً عند كتابة الرسالة).

2-3 ورأت محكمة المقاطعة، عند اتخاذ قرارها، أن ادعاء صاحب البلاغ أن المستوى العام للسيدة ت. لا يتعدى مستوى طالب في الصف الثامن لا تزيد معارفه على معارف وكيل تأمين هو ادعاء باطل وازدرائي؛ ووصفها بناقصة العقل أمر مهين. وبنت المحكمة استنتاجاتها على رسالة قدمتها السيدة ت. من رئيسها يعدد فيها ميزاتها المهنية ويشير فيها إلى أنها قد أنهت دراساتها الجامعية.

2-4 وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2006، قدم صاحب البلاغ إلى رئيس المحكمة الإقليمية في بريست طلب استئناف الحكم الصادر عن محكمة المقاطعة. وادعى بشكل صريح، في وثائق أضافها في وقت لاحق بتاريخ 20 تشرين الأول/أكتوبر 2006 إلى طلب الاستئناف الذي قدمه، أن الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ينتهك حقوقه التي تكفلها المادة 19 من العهد. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2006، رفضت المحكمة الإقليمية طلب الاستئناف، مؤيدةً محكمة المقاطعة في استنتاجها أن العبارات التي استخدمها صاحب البلاغ في رسالته هي عبارات "ازدرائية ومهينة" للسيدة ت. وفي 8 تشرين الثان ي/نوفمبر 2006، قدم صاحب البلاغ إلى رئيس المحكمة العليا في بيلاروس طلب استئناف الحكم الصادر عن محكمة المقاطعة. وفي 26 كانون الثاني/يناير 2006، رفض نائبٌ لرئيس المحكمة العليا طلب الاستئناف، مبرراً ذلك بأن صاحب البلاغ "ينشر افتراءات تطعن في شرف السيدة ت. وكرامتها".

2-5 ويؤكد صاحب البلاغ استنفاده جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة فيما يخص شكواه بموجب المادة 19 من العهد، وعدم وجود أي سبل انتصاف أخرى فيما يتعلق بشكواه بموجب المادة 14 من العهد (انظر الفقرة 3-2 أدناه).

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن العبارات التي استخدمها في رسالته والتي اعتبرتها المحكمتان قذفاً لا تعكس سوى رأيه ووجهات نظره في مسؤول يعمل في كيان تمتلكه الدولة وانتقاده لهذا المسؤول. ولم تتمكن المحكمتان من تبرير القيود المفروضة على حقه في حرية التعبير، ومن ثم، فإن الغرامة المفروضة عليه تمثل انتهاكاً لحقوقه التي تكفلها المادة 19 من العهد.

3-2 ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أنه حُرم من العدالة، لأن المحكمتين تحيزتا منذ بداية الدعوى وأيدتا السلطات وفشلتا في تقييم وقائع القضية بنزاهة. ويدعي أن المحكمتين تخضعان بحكم الواقع للسلطة التنفيذية. وأشار إلى أن العديد من المسؤولين الحكوميين في وزارتي المالية والداخلية حضروا أثناء المحاكمة، وأن المحكمتين انحازتا بوضوح إلى السلطات ضده. وبناءً عليه، يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه التي تكفلها المادة 14 من العهد قد انتهكت.

ملاحظات الدولة الطرف على الأسس الموضوعية

4-1 في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2010، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ، محتجة بأن البلاغ قُدم إلى اللجنة من طرف ثالث وليس من الشخص نفسه، كما تنص عليه المادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد. وطلبت الدولة الطرف أيضاً إلى اللجنة أن "توضح العلاقات" بين محامي صاحب البلاغ وصاحب البلاغ نفسه.

4-2 وفي 6 كانون الثاني/يناير 2011، أكدت الدولة الطرف، فيما يخص هذا البلاغ والعديد من البلاغات الأخرى المقدمة إلى اللجنة، أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة في بيلاروس، بما في ذلك "تقديم استئناف إلى مكتب المدعي العام ضد حكم له قوة الأمر المقضي به كتقديم طلب مراقبة قضائية". وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أنها لم تعط موافقتها على تمديد ولاية اللجنة رغم كونها طرفاً في البروتوكول الاختياري؛ وأنها تعتبر أن البلاغ المذكور أعلاه ينتهك، على النحو الذي سُجل به، أحكام البروتوكول؛ وأنه لا يستند إلى أسس قانونية تسمح للدولة الطرف بأن تنظر فيه؛ وأن " أي إشارة إلى الممارسات المستمرة منذ فترة طويلة في اللجنة غير ملزمة قانوناً".

4-3 وفي 5 تشرين الأول/أكتوبر 2011، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ محتجة بأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأنه لم يطلب إلى المدعي العام أن يشرع في إجراءات المراجعة القضائية فيما يتعلق بالقرارات التي دخلت حيز النفاذ.

4-4 وفي 25 كانون الثاني/يناير 2012، قالت الدولة الطرف بخصوص هذا البلاغ وحوالي ستين بلاغاً آخر إنها، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، اعترفت باختصاص اللجنة بموجب المادة 1، لكن ذلك الاعتراف مقترن بأحكام أخرى من البروتوكول، منها تلك التي تحدد المعايير المتعلقة بالمشتكين ومقبولية بلاغاتهم، ولا سيما المادتان 2 و5 من البروتوكول الاختياري. وأكدت أن الدول الأطراف غير ملزمة، بموجب البروتوكول الاختياري، بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة وتفسيرها لأحكام البروتوكول الذي "لا يمكن أن يكون صالحاً إلا إذا كان متوافقاً مع اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات". وأوضحت أنه "ينبغي للدول الأطراف، في إطار إجراء تقديم الشكاوى، أن تسترشد أولاً وقبل كل شيء بأحكام البروتوكول الاختياري" وأن "الإشارات إلى ممارسات اللجنة المعتادة، وأساليب عملها، واجتهاداتها ليست موضوع البروتوكول الاختياري". وأوضحت أيضاً أنها "ستعتبر كل بلاغ يسجل في انتهاك لأحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنه يتنافى مع البروتوكول وسترفضه دون تعليق على مقبوليته أو أسسه الموضوعية". وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن سلطاتها ستعد القرارات التي تتخذها اللجنة بشأن هذه البلاغات المرفوضة باطلة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

5-1 تحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف عدم وجود أي أسس قانونية للنظر في البلاغ بحجة أنه سجل في انتهاك لأحكام البروتوكول الاختياري؛ وأنها غير ملزمة بالاعتراف بالنظام الداخلي للجنة وبتفسيرها لأحكام البروتوكول؛ وإذا اتخذت اللجنة قراراً في هذه القضية، فإن سلطات الدولة الطرف ستتجاهله وتعتبره "باطلاً".

5-2 وتذكّر اللجنة بأن الفقرة 2 من المادة 39 من العهد تبيح لها وضع نظامها الداخلي الذي وافقت الدول الأطراف على الاعتراف به. وتشير كذلك إلى أن الدولة الطرف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تلقي البلاغات الواردة من الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك أيٍّ من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1) والنظر فيها. ويعني، ضمناً، انضمام دولة من الدول إلى البروتوكول الاختياري تعاونها مع اللجنة بحسن نية للسماح لها بالنظر في تلك البلاغات وتمكينها من ذلك؛ وبعد النظر فيها، ترسل اللجنة الآراء التي انتهت إليها إلى الدولة الطرف وإلى الأفراد المعنيَّين (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وينافي هذه الالتزامات أن تتخذ دولة طرف أي إجراء قد يمنع أو يبطل نظر اللجنة في البلاغ وبحثه والتعبير عن آرائها ( ) . ويعود إلى اللجنة أمر البت فيما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ من البلاغات أو لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، بعدم قبولها اختصاص اللجنة في البت فيما إذا كان يتعين تسجيل بلاغ من البلاغات أو لا، وبإعلانها سلفاً أنها لن تقبل ما تقرره اللجنة بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تخل بالتزاماتها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد ( ) .

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ م ّ ا، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كانت القضية مقبولة أو لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد .

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بأن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بناءً على عدم تقديم صاحب البلاغ طلباً إلى مكتب المدعي العام بالنظر في قضيته في إطار إجراءات المراجعة القضائية. وتذكّر اللجنة بسوابقها القضائية التي تفيد ب أن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية يسمح له بمراجعة قرارات المحكمة التي نُفذت ليس سبيل انتصا ف يتعين استنفاده بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن لا شيء يمنعها من الن ظر في هذا البلاغ بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه التي تكفلها المادة 14 من العهد قد انتُهكت لأن محاكم الدولة الطرف ليست مستقلة وكانت متحيزة وفشلت في تقييم قضيته بنزاهة نظراً لحضور العديد من المسؤولين الحكوميين أثناء المحاكمة. ومع ذلك، فهي ترى أن الادعاء لا يستند إلى أدلة كافية لأغراض المقبولية لعدم وجود مزيد من الإيضاحات أو الأدلة التي تدعمه، وتعلن عدم مقبوليته بموجب ال مادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-5 وترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب الماد ة 19 من العهد م دعم بأدلة كافية لأغراض المقبولية، و تعلن أنه مقبول وتمضي إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء كل المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتتمثل القضية المعروضة على اللجنة في تحديد ما إذا كانت الغرامة الإدارية المفروضة على صاحب البلاغ في 11 آذار/مارس 2005 بسبب رسالته الموجهة إلى وزير المالية في بيلاروس والمؤرخة 18 كانون الثاني/يناير 2005، التي يعبر فيها، في جملة أمور أخرى، عن رأيه في السيدة ت.، تشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في حرية التعبير، على النحو الذي تكفله المادة 19 من العهد.

7-3 وتلزم الفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدول الأطراف بكفالة الحق في حرية التعبير. وتذكّر اللجنة بأن الحق في حرية التعبير حقٌّ ذو أهمية قصوى في أي مجتمع ديمقراطي، وأن فرض أي قيود على ممارسة هذا الحق يجب أن يخضع لفحص دقيق لمبرراته ( ) . وتذكّر اللجنة في هذا الخصوص بأن من الممكن فرض قيود على الحق في حرية التعبير بشروط محددة تنص عليها الفقرة 3 من المادة 19من العهد، أي أن القيود يجب أن تكون محددة بنص القانون ؛ وألا تُفرض إلا لأحد الأسباب الواردة في الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 3 ؛ وأن تستوفي المعيارين الصارمين المتمثلين في الضرورة والتناسب ( ) .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات على أسس هذا البلاغ الموضوعية ، ولم تسع بالتالي إلى تحديد الأغراض التي يجب تطبيقها، ناهيك عن ضرورة هذه الأغراض في هذه القضية بالذات. ولكن، تجدر الإشارة إلى أن محكمة المقاطعة في الدولة الطرف رأت أن عبارات صاحب البلاغ ازدرائية ومهينة. وتبيح الفقرة 3(أ) من المادة 19 فرض قيود محددة بنص القانون وضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. ومع ذلك، يجب أن تثبت الدولة الطرف بطريقة محددة وخاصة بكل حالة على حدة ضرورة الإجراء الخاص الذي اتخذته ومدى تناسبه ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى تعليقها العام رقم 34 (2011) بشأن حريتيْ الرأي والتعبير، الذي ينص على أن قـوانين التشهير يجب أن تصاغ بعناية لضمان امتثالها للفقرة 3 وألا ّ تستخدم من الناحية العملية لخنق حرية التعبير ( ) .

7-5 وتحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ فُرضت عليه غرامة لكتابته رسالة إلى وزارة المالية يصف فيها السيدة ت. بأنها " ناقصة عقل "، و"لا تصلح للأعمال"، و" مستواها العام لا يتعدى مستوى طالب في الصف الثامن لا تزيد معارفه على معارف وكيل تأمين". وبغية تحديد ما إذا كان فرض غرامة بسبب استخدام تلك العبارات يشكل قيداً مبرَّراً بغرض حماية حقوق السيدة ت. وسمعتها، تأخذ اللجنة في الحسبان شكل التعبير موضع النظر فضلاً عن وسائل نشره ( ) ، وتذكّر بأن الاهتمام العام بموضوع الانتقاد هو عامل يجب مراعاته عند النظر في ادعاءات التشهير ( ) . وتشير اللجنة في هذا الخصوص إلى أن العبارات التي استخدمها صاحب البلاغ وردت في سياق رسالة تدعو وزارة المالية إلى الاهتمام بادعاء الإدارة غير المسؤولة لشركة تأمين تمتلكها الدولة، وكان الهدف منها استرعاء انتباه المسؤولين الحكوميين إلى استخدام مدفوعات أعضاء الوكالة بشكل "لا يطاق" والإضرار بحقوق الأفراد الذين يتعرضون لحوادث المرور. ولم يعرب صاحب البلاغ في رسالته عن انتقاده للسيدة ت. وحدها، بل أيضاً لعدة أشخاص آخرين. ورغم أن العبارات التي استخدمها صاحب البلاغ انطوت على إساءة وشتم، فإن من الضروري النظر فيها في إطار سياق موضوعه الأساسي و هو انتقاد الشركة التي تشغل فيها السيدة ت. منصب نائب المدير. وبما أن الشركة ملك للدولة، فإن انتقاد ما يبدو أنه انعدام للمسؤولية والمراقبة في الشركة هو مسألة تخص المصلحة العامة.

7-6 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ لم يوجه رسالته سوى إلى وزير المالية ولم ينشرها على الملأ من خلال وسائل الإعلام أو بطرق أخرى، ومن ثم، فإن أيّ ضرر مسّ سمعة السيدة ت. هو ضرر محدود بطبيعته. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي تبرير لضرورة فرض غرامة على صاحب البلاغ بتهم القذف، في ظل هذه الظروف. كما أنها لم تشرح سبب عدم استخدام وسائل أخرى للرد على انتقاد صاحب البلاغ وحماية سمعة السيدة ت.. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بأن أي قيود تفرَض على الحق في حرية التعبير استيفاءً لمعيار الضرورة وسعياً إلى حماية سمعة الغير يجب أن تكون مناسبة لتحقيق وظيفتها الحمائية ؛ ويجب أن تكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة ؛ ويجب أن تكون متناسبة مع المصلحـة الـتي ستحميها ( ) . وبمراعاة طبيعة العقوبة المفروضة على صاحب البلاغ في هذه القضية، والنظر في أثر وسياق الملاحظات التي اعتُبرت ازدرائية، وكذلك الاهتمام العام بالمسائل التي أثارها صاحب البلاغ، لم يتبين أن القيود المفروضة على حقه في حرية التعبير تمثل إجراءً متناسباً مع حماية شرف الغير وسمعته ( ) .

7-7 وفي هذه الظروف، وفي غياب أي معلومات في هذا الصدد من الدولة الطرف لتبرير التقييد لأغراض الفقرة 3 من المادة 19 من العهد ، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد قد انتهكت.

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وهي تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن المعلومات المقدّمة إليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحق وق صاحب البلاغ التي تكفلها الفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

9- والدولة الطرف ملزمة، وفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك رد مبلغ الغرامة بقيمته الحالية وأي تكاليف قانونية دفعها صاحب البلاغ، إضافةً إلى ال تعويض . وهي ملزمة أيضاً ب اتخاذ خطوات ل منع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، عند انضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أو لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً ب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في أراضيها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ إذا ما ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتَّخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة على نطاق واسع باللغتين البيلاروسية والروسية.

تذييل

رأي مشترك أدلى به عضوا اللجنة السيد ديروجلال سيتولسينغ والسيد فالتر كالين (رأي مخالف)

رغم أننا نتفق على وجود انتهاك للمادة 19 من العهد في هذه القضية، فإننا نرى أن اللجنة كان ينبغي ألاّ تشارك في محاولة تبرير اختيار صاحب البلاغ للكلمات التي عبر بها عن انتقاده. وليس من المقنع تماماً الاحتجاج بأن صاحب البلاغ كان ينتقد عدة أشخاص وليس السيدة ت. وحدها، أو أن استخدام ما سمته اللجنة عبارات انطوت على "إساءة وشتم" في حق أصحاب المراكز العليا ي ُ خل ّ ف بالضرورة أضراراً أقل من تلك التي يخلفها استخدام شخص عادي لهذه العبارات في وسائل الإعلام. وكان ينبغي للجنة، بالأحرى، أن تحصر تدخلها في تسليط الضوء على عدم تقديم الدولة الطرف أي حجج تبرر ضرورة الحكم على صاحب البلاغ بدفع غرامة إدارية بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.