اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
البلاغ رقم 2156/2012
الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 112 (7-31 تشرين الأول/ أكتوبر 2014)
المقدم من: فلاديمير نبومنياشيخ (يمثله ليونيد سودالنكو)
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: بيلاروس
تاريخ تقديم البلاغ: 22 أيار/مايو 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 97 والذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 11 حزيران/ يونيه 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء: 10 تشرين الأول/أكتوبر 2014
الموضوع: التوقيف بسبب تنظيم تجمعات سلمية دون الحصول على إذن مسبق
المسائل الموضوعية: الحق في حرية التعبير؛ القيود الجائزة
المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية
مواد العهد: 19؛ و2 (الفقرتان 2 و3)
مواد البروتوكول الاختياري: 5 (الفقرة 2(ب))
المرفق
آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 112)
بشأن
البلاغ رقم 2156/2012 *
المقدم من: فلاديمير نبومنياشيخ (يمثله ليونيد سودالنكو)
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ
الدولة الطرف: بيلاروس
تاريخ تقديم البلاغ: 22 أيار/مايو 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)
إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،
وقد اجتمعت في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2014،
وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2156/2012 الذي قدمه إليها فلاديمير نبومنياشيخ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية،
وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،
تعتمد ما يلي:
الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري
1- صاحب البلاغ هو فلاديمير نبومنياشيخ، مواطن بيلاروسي وُلد في عام 1952. وهو يدعي أنه وقع ضحية انتهاك بيلاروس لحقوقه التي تكفلها المادة 19، مقترنة بالفقرتين 2 و3 من المادة 2، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري في الدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992.
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2-1 في 5 تموز/يوليه 2011، كان صاحب البلاغ يخاطب المواطنين في ميدان عام في غومل لدعوتهم إلى المشاركة في تجمع سلمي في الشارع في 6 تموز/يوليه 2011. وبعد ذلك بوقت وجيز، أُلقي القبض عليه واقتيد إلى مخفر للشرطة حيث سُجل محضر رسمي جاء فيه أنه ارتكب مخالفة إدارية بموجب الفقرة 1 من المادة 23-34 من قانون المخالفات الإدارية البيلاروسي ( ) .
2-2 وفي 6 تموز/يوليه 2011، أدانت محكمة جيليزنودوروجني في غومل صاحب البلاغ بتهمة انتهاك الإجراء المحدد لتنظيم التظاهرات الجماهيرية بموجب الفقرة 1 من المادة 23-34 من قانون المخالفات الإدارية، وحكمت عليه بدفع غرامة قدرها 000 350 روبل بيلاروسي. وفي 3 آب/أغسطس 2011، رفضت محكمة غومل الإقليمية دعوى الاستئناف التي قدمها صاحب البلاغ ضد حكم المحكمة الابتدائية الذي أصبح حكماً نهائياً في التاريخ نفسه.
2-3 وقد قدم صاحب البلاغ طلب إجراء مراجعة قضائية رقابية رفضه رئيس محكمة غومل الإقليمية في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2011، كما رفضه نائب رئيس المحكمة العليا في 1 كانون الأول/ديسمبر 2011 .
2-4 وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2011، كان صاحب البلاغ يوزع منشورات تتضمن معلومات حول تنظيم تجمع سلمي في غومل يتعلق بالوضع الاجتماعي والاقتصادي في بيلاروس. وكان من المقرر تنظيم هذا التجمع في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2011. إلاّ أنه أُلقي القبض عليه مرة أخرى واقتيد إلى مخفر للشرطة حيث سُجل محضر رسمي جاء فيه أنه قد ارتكب مخالفة إدارية بموجب الفقرة 1 من المادة 23-34 من قانون المخالفات الإدارية.
2-5 وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر 2011، أدانت محكمة تسنيترالني في غومل صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 23-34 من قانون المخالفات الإدارية، وحكمت عليه بدفع غرامة قدرها 000 175 روبل بيلاروسي. وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، رفضت محكمة غومل الإقليمية دعوى استئناف صاحب البلاغ ضد حكم المحكمة الابتدائية الذي أصبح حكماً نهائياً في التاريخ نفسه.
2-6 وفي 4 كانون الثاني/يناير 2012، رفض رئيس محكمة غومل الإقليمية طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية رقابية للحكم الصادر عن محكمة تسنيترالني في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2011. وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2011، رفض نائب رئيس المحكمة العليا شكوى قدمها صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا في إطار إجراءات المراجعة القضائية الرقابية .
2-7 ويزعم صاحب البلاغ أن محاكم الدولة الطرف قضت، في كلتا الحالتين، بأنه تصرف على نحو يتعارض مع مقتضيات المادتين 8 و10 من قانون التظاهرات الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997. وبمقتضى أحكام هاتين المادتين، لا يحق لمنظم التظاهرة الجماهيري ة أن يعلن على الملأ من خلال وسائط الإعلام موعد التجمع ومكانه ووقته أو أن ي ُ عد ّ وينشر منشورات أو ملصقات أو غير ذلك من المواد الإعلامية لذلك الغرض قبل أن يحصل على إذن رسمي لتنظيم التظاهرة الجماهيري ة . فتنظيم التجمع ات السلمي ة دون الحصول على إذن مسبق هو فعل يعاقب عليه بموجب كل من القانون الإداري والقانون الجنائي. وبما أن صاحب البلاغ كان، في كلتا الحالتين، ي ُ علِم المواطنين بأنه سيتم في وقت قريب تنظيم تجمع سلمي لم يحصل بشأنه على إذن مسبق، فقد خلصت المحاكم المحلية إلى أنه قد خرق القانون.
2-8 ثم يقول صاحب البلاغ إن المحاكم المحلية لم تقدم أي تفسير للأسباب التي اقتضت تقييد حقه في نقل المعلومات، شفاهة وكتابة، فيما يتعلق بهدف من الأهداف المشروعة الواردة في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.
2-9 ويؤكد صاحب البلاغ أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، ويقول إنه لم يقدم طلباً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية لأن دعوى الاستئناف بالنقض هي وحدها التي يمكن أن تفضي إلى إعادة النظر في قضية ما. ويضيف صاحب البلاغ بأن تقديم طلب لإجراء مراجعة قضائية رقابية لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً لأنه يتوقف على السلطة التقديرية لعدد محدود من المسؤولين ولا يفضي إلى إعادة النظر في القضية. والمراجعة القضائية الرقابية تقتصر على المسائل القانونية الإجرائية ولا تسمح بأي مراجعة للوقائع والأدلة. ووفقاً للآراء التي خلصت إليها اللجنة في قضايا سابقة، ينبغي أن تكون سبل الانتصاف المحلية متاحة وفعالة في آن معاً. وعلاوة على ذلك، فقد خلصت اللجنة إلى أنه في الدول الأطراف التي يتوقف فيها الشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية على السلطة التقديرية لقاض أو مدع عام، تكون سبل الانتصاف التي يتعين استنفادها مقتصرة على تقديم دعوى استئناف بالنقض ( ) .
الشكوى
3-1 يزعم صاحب البلاغ أن فرض غرامة في حالته لم يكن إجراءً ضرورياً لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو ال آداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وبالتالي فإنه يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب أحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 19، مقترنة بأحكام الفقرتين 2 و3 من المادة 2 ، من العهد.
3-2 ويذهب صاحب البلاغ أيضاً إلى أن ما قدمه من حجج بشأن عدم قانونية العقوبة الإدارية تؤيده الآراء التي خلصت إليها اللجنة فيما يتصل بالبلاغ رقم 780/1997، لابتسيفيتش ضد بيلاروس . ويضيف قائلاً إن أحكام قانون التظاهرات الجماهيرية، التي ت ُ قي ّ د الحق في حرية نقل المعلومات، تتعارض مع الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة الطرف لأن هذا التقييد لا يستوفي مقتضيات الضرورة المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.
3-3 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعلم قبول بلاغه وأن تنظر في أسسه الموضوعية لتخلص إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه التي يكفلها العهد. وهو يطلب أن تسدَّد له التكاليف والنفقات التي تكبدها فيما يتعلق بقضيته. ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أيضاً أن توصي الدولة الطرف بمراجعة تشريعاتها، وبخاصة المادتان 8 و10 من قانون التظاهرات الجماهيرية، وجعل أحكام هاتين المادتين متوافقة مع الالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة الطرف، وبخاصة أحكام المادتين 19 و21 من العهد.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ
4-1 في 13 آب/أغسطس 2012، أفادت الدولة الطرف بأن البلاغ ينبغي أن يعتبر غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. فأولاً، يقر صاحب البلاغ نفسه بأنه لم يقدم طلباً إلى المدّعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية . وهو، ثانياً، لم يقدم طلباً إلى رئيس المحكمة العليا لإعادة النظر في القرار الصادر عن نائب رئيس المحكمة العليا في 1 كانون الأول/ديسمبر 2011 الذي قرر بموجبه رفض طلب صاحب البلاغ إجراء مراجعة قضائية رقابية .
4-2 وتعتبر الدولة الطرف أن البلاغ قد سُجّل على نحو ينتهك المادة 2 من البروتوكول الاختياري. وهي تقول إنها قد "أوقفت الإجراءات المتعلقة بالبلاغ لأنها ستنأى بنفسها عما قد تعتمده اللجنة من آراء بشأنه".
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ
5-1 في 4 أيلول/سبتمبر 2012، اعترض صاحب البلاغ على الحجج التي قدمتها الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية البلاغ وتسجيله. و هو يقول إن أصحاب البلاغات مطالبون، وفقاً للآراء التي خلصت إليها اللجنة في حالات سابقة، بأن يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية التي لا ينبغي أن تكون متاحة فحسب وإنما فعالة أيضاً. ويضيف قائلاً إن سبل الانتصاف تكون فعالة إذا أتاحت للمتظلم إمكانية معقولة لجبر ما لحق به من ضرر جبراً فعالاً. و يقول صاحب البلاغ إن اللجنة قد رأت في مناسبات عديدة، في هذا الصدد ، أن "المراجعة القضائية الرقابية هي عملية مراجعة استنسابية كانت شائعة في الجمهوريات السوفياتية سابق اً، وقد سبق للجنة أن اعتبرت أن هذه المراجعة لا تشكل سبيل انتصاف فعالاً لأغراض استنفاد سبل الانتصاف المحلية" ( ) .
5-2 ويؤكد صاحب البلاغ مرة أخرى أنه لم يقدم طلباً إلى مكتب المدّعي العام في إطار إجراء المراجعة القضائية الرقابية لأن دعوى ا لا ستئناف بالنقض هي وحدها التي قد تفضي إلى مراجعة موضوعية لقضيته. ولذلك فإن تقديم طلب لإجراء مراجعة قضائية رقابية لا يمكن أن يعتبر سبيل انتصاف فعالاً. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذا الطلب يكون موضع نظر المدعي العام منفرداً ويقتصر على المسائل الإجرائية ولا يسمح بأي مراجعة للوقائع والأدلة.
5-3 ويضيف صاحب البلاغ قائلاً إنه عملاً بالتشريعات الوطنية المتعلقة بالقانون الإداري، يجب تقديم طلب إجراء المراجعة القضائية الرقابية للأحكام التي تصدرها المحاكم في القضايا الإدارية في غضون فترة ستة أشهر من صدور الحكم. ومن المستحيل عملياً التقيد بهذا الحد الزمني لأنه يجب تقديم الطلبات أولاً إلى رئيس المحكمة الإقليمية كشرط لتقديمها بعد ذلك إلى رئيس المحكمة العليا حيث يجري النظر فيها بعد ذلك من قبل نوابه. وبالمثل، فإن طلبات إجراء المراجعة القضائية الرقابية يجب أن تقدم أولاً إلى مكتب المدعي الإقليمي قبل أن تصل إلى مكتب المدّعي العام حيث يجري النظر فيها من قبل نوابه. ويقول صاحب البلاغ إن الطلبات التي تقدم في القضايا الإدارية بعد انقضاء مهلة الأشهر الستة تُرفض دون أن يُنظر فيها.
5-4 ثم إن صاحب البلاغ يدفع بقوله إن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات المقدمة من الأفراد لكي تبتّ فيما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد، فضلاً عن اختصاص اللجنة، وفقاً للفقرة 4 من المادة 40 من العهد، بإحالة تقاريرها وتعليقاتها العامة، حسبما تراه مناسباً، إلى الدول الأطراف. وبموجب المادة 2 من العهد، تعهدت الدولة الطرف بأن تكفل أن تُتاح لأي شخص خاضع لولايتها سبل انتصاف فعالة. ويقول صاحب البلاغ إن الدولة الطرف، باعترافها باختصاص اللجنة بتحديد مدى فعالية سبل الانتصاف المحلية في البلاغات الفردية، ملزمة لا بالامتثال لأحكام العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به فحسب، وإنما أيضاً بأن تضع في اعتبارها التعليقات العامة الصادرة عن اللجنة. فالدور الأساسي للجنة بموجب العهد يشمل تفسير أحكامه وتطوير الفقه القانوني ( ) . ولذلك فإن الدولة الطرف، إذ ترفض الاعتراف بمعايير اللجنة وممارس تها وأساليب عملها واجتهاداتها ، إنما تنكر اختصاص اللجنة بتفسير أحكام العهد، الأمر الذي يتعارض مع أغراضه ومقاصده. ويذهب صاحب البلاغ إلى أنه يجب على الدولة الطرف ألاّ تنفذ قرارات اللجنة فحسب بل أن تعترف أيضاً بمعاييرها وممارس تها وأساليب عملها و اجتهاداتها بموجب مبدأ القانون الدولي القائل بأن "العقد شريعة المتعاقدين".
معلومات إضافية مقدمة من الدول ة الطرف
6- في 4 كانون الثاني/يناير 2013، أعادت الدولة الطرف تأكيد موقفها الذي عبرت عنه في 13 آب/أغسطس 2012، فيما يتعلق بالبلاغ.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
عدم تعاون الدولة الطرف
7-1 تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف أنه ما من أسس قانونية للنظر في البلاغ لأنه قد سُجل على نحو ينتهك أحكام البروتوكول الاختياري؛ وأنها غير ملزمة بالاعتراف بنظام اللجنة الداخلي ولا بتفسير اللجنة لأحكام البروتوكول الاختياري؛ وأن سلطاتها ستعتبر أي قرار تتخذه اللجنة بشأن هذا البلاغ قراراً "باطلا ً ".
7-2 وتذكر اللجنة بأن ها مخولة، بموجب الفقرة 2 من المادة 39 من العهد، سلطة وضع نظامها الداخلي الذي وافقت الدول الأطراف على الاعتراف به. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدول الأطراف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تلقي ونظر البلاغات المقدمة من أفراد ي دعون أنهم وقعوا ضحايا انتهاك أي حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). وانضمام دولة ما إلى البروتوكول الاختياري إنما يعني ضمناً تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية من أجل السماح لها بالنظر في مثل هذه البلاغات وتمكينها من ذلك ثم إحالة آرائها إلى الدولة الطرف والفرد المعني بعد دراسة البلاغ (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وأي إجراء تتخذه الدولة الطرف يمنع اللجنة من النظر في البلاغ ودراسته والتعبير عن آرائها بشأنه أو يعطلها عن ذلك هو إجراء يتعارض مع التزامات تلك الدولة ( ) . واللجنة هي المسؤولة عن تحديد ما إذا كان ينبغي تسجيل البلاغ أم لا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تنتهك التزاماتها المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لأنها لم تقبل اختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان ينبغي تسجيل البلاغ ولأنها أعلنت مسبقاً عدم قبولها قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ ( ) .
النظر في مقبولية البلاغ
8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب ع لى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.
8-2 وقد تحققت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ، من أن المسألة نفسها ليست موضع نظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
8-3 وتحيط اللجنة علماً بما قالته الدولة الطرف من أنه كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يقدم طلباً إلى مكتب المدّعي العام وإلى رئيس المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارين الصادرين عن المحكمة الابتدائية والمحكمة الإقليمية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالتوضيح الذي قدمه صاحب البلاغ ومفاده أن إجراءات المراجعة القضائية الرقابية ليست فعالة ولا متاحةً بيسر. وتذكر اللجنة بآرائها السابقة ومفادها أن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام ضد حكم قضائي أصبح نافذاً لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً يجب استنفاده لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وترى اللجنة أيضاً أن طلبات إجراء المراجعة القضائية الرقابية التي تُقدم إلى رئيس محكمة طعناً في أحكام قضائية أصبحت نافذةً والتي ي توقف قبولها على السلطة التقديرية للقاضي تشكل سبيل انتصاف غير عادي، وأنه يجب على الدولة الطرف أن تبين أن ثمة إمكانية معقولة لأن تشكل هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ظل ظروف القضية. إلا أن الدولة الطرف لم تبين ما إذا كان قد تم بنجاح تقديم طلبات إلى رئيس المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية في الدعاوى المتعلقة بالحق في حرية التعبير وما هو عدد الحالات التي تكللت فيها تلك الطلبات بالنجاح. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.
8-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 19 من العهد قد انتُهكت. إلا أنها تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم أي توضيحات في هذا الخصوص. وفي ظل هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة ادعاءه هذا لأغراض المقبولية، وتقرر من ثم اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
8-5 وتلاحظ اللجنة كذلك ما ادّعاه صاحب البلاغ في إطار المادة 19، مقترنةً بالفقرة 2 من المادة 2 ، من العهد، من دون أن يقدّم أي توضيحات إضافية بشأن هذا الادعاء. وفي ظل هذه الظروف، تعتبر اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة ادعاءه هذا لأغراض المقبولية وتقرر من ثم اعتبار هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
8-6 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد دعم بما يكفي من الأدلة ادعاءه في إطار الفقرة 2 من المادة 19 ، مقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2 ، من العهد، لأغراض المقبولية. وتبعاً لذلك، تعلن اللجنة قبول البلاغ وتنتقل من ثم إلى النظر في أسسه الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ
9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ على ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان حسبما تقتضيه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
9-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن العقوبة الإدارية التي فُرضت عليه بسبب مخاطبته للمواطنين لدعوتهم إلى المشاركة في مسيرة سلمية تقرر تنظيمها في وقت قريب وبسبب قيامه بتوزيع منشورات تتضمن معلومات عن تجمع سلمي كان سيُنظم في وقت قريب قبل الحصول على إذن رسمي بتنظيم هاتين التظاهرتين حسبما يقتضيه القانون المحلي، تشكل تقييداً غير مبرر لحقه في حرية نقل المعلومات التي تحميها الفقرة 2 من المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي تبرير فيما يتعلق بضرورة تقييد حقوق صاحب البلاغ في القضية المعروضة عليها .
9-3 ويتعين على اللجنة أن تنظر في ما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير مبررةً في إطار أي معيار من المعايير المحددة في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن المادة 19 تجيز فرض قيود معينة، لكن شريطة أن يكون فرضها محدّداً بنص القانون وأن تكون هذه القيود ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو ال آداب العامة. وتذكر اللجنة بأن حرية الرأي وحرية التعبير هما شرطان لا غنى عنه ما للتنمية الكاملة للفرد، وأن هاتين الحريتين أساسيتان من عناصر أي مجتمع وتشكلان حجر الزاوية لأي مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وأية قيود تُفرض على ممارسة هاتين الحريتين يجب أن تكون متوافقة مع معياري الضرورة والتناسب الصارمين، ويجب ألا تطبق إلا لتلك الأغراض التي حُددت من أجلها، و أن تكون متصلة اتصالاً مباشراً بالحاجة المحددة التي وُضعت على أساسها ( ) .
9-4 وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تحاول تناول مسألة القيود المفروضة في حالة صاحب البلاغ، كما أنها لم تحاول، بصفة خاصة، أن تشرح الأسباب التي جعلت من الضروري، بمقتضى القانون المحلي ولغرض من الأغراض المشروعة المبينة في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، الحصول على إذن مسبق لنشر معلومات، شفوية أو مكتوبة، بشأن تنظيم التجمعات السلمية، وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيحات أخرى ذات صلة بالموضوع، تعطي اللجنة الأهمية الواجبة لحجج صاحب البلاغ التي تؤكدها قرارات المحاكم التي أُتيحت للجنة ومفادها أن المحاكم المحلية لم تقدم أي تفسير فيما يتعلق بضرورة تقييد حق صاحب البلاغ في نقل المعلومات بما يتوافق مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.
9-5 وعلى ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموج ب الفقرة 2 من المادة 19 ، مقترنة بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، لم تحظَ بحماية فعالة. وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من قبل الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 2 من المادة 19، مقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد.
10- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 2 من المادة 19، مقترنةً بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد.
11- والدولة الطرف ملزمة، طبقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ يشمل سداد التكاليف القانونية التي تكبدها، فضلاً عن تعويض ملائم. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ خطوات لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة مرةً أخرى أنه ينبغي للدولة الطرف أن تراجع تشريعاتها، ولا سيما قانون التظاهرات الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 والمطبق في هذه القضية، بغية ضمان التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 19 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.
12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، وتعهدت بموجب المادة 2 من العهد بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها أو الخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حال التأكد من حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لو ضع آراء اللجنة هذه موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة أيضاً إلى الدولة الطرف أن تقوم بنشر هذه الآراء وتوزيعها على نطاق واسع في الدولة الطرف باللغتين البيلاروسية والروسية.