الأمم المتحدة

CCPR/C/111/D/1974/2010

Distr.: General

27 August 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1974 / 2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 111 المعقودة في الفترة من 7 إلى 25 تموز/يوليه 2014

ال مقدم من: سعيد بوسلوب (يمثله رشيد مسلي، منظمة الكرامة لحقوق الإنسان)

الشخص المُدعى أنه ضحية: نجمة بوزعوت (زوجة صاحب البلاغ) وصاحب البلاغ

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 30 تموز/يوليه 2010 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، المحال إلى الدولة الطرف في 14 أيلول/ سبتمبر 2010 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 23 تموز/يوليه 2014

الموضوع: الإعدام التعسفي

المسائل الموضوعية : الحق في الحياة، وحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية ، والحق في سبيل انتصاف فعال

المسائل الإجرائية: استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية

مواد العهد: الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7

مواد البروتوكول الاختياري: الفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنـة المعنيـة بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق با لعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( الدورة 111)

بشأن

البلاغ رقم 1974 / 2010 *

ال مقدم من: سعيد بوسلوب (يمثله رشيد مسلي، منظمة الكرامة لحقوق الإنسان)

الشخص المُدعى أنه ضحية: نجمة بوزعوت (زوجة صاحب البلاغ) وصاحب البلاغ

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 30 تموز/يوليه 2010 ( تاريخ الرسالة الأولى )

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 23 تموز/يوليه 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1974/2010، المقدَّم إليها من سعيد بوسلوب ، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الحسبان جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ المؤرخ 30 تموز/يوليه 2010 هو سعيد بوسلوب ، المولود في 20 كانون الأول/ديسمبر 1944 والقاطن في أوجانة ، بولاية جيجل في الجزائر. وهو يدعي أن زوجته نجمة بوزعوت كانت ضحية لانتهاك الدولة الطرف الفقرة 1 من المادة 6 من العهد. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه ضحية لانتهاك المادة 7 من العهد والفقرة 3 من المادة 2 مقروءة مع الفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 من العهد. ويمثله المحامي رشيد مسلي من المنظمة غير الحكومية "الكرامة لحقوق الإنسان".

1-2 وفي 14 أيلول/سبتمبر 2010، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، رفض تدابير الحماية المطلوبة من صاحب البلاغ طالبة إلى الدولة الطرف الامتناع عن اتخاذ تدابير جزائية أو أي تدبير آخر يرمي إلى معاقبة صاحب البلاغ أو أي فرد آخر من أفراد أسرته أو تخويفه بسبب تقديم هذا البلاغ. وفي 21 كانون الثاني/يناير 2011، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 25 كانون الثاني/يناير 1996، عَمد أفراد مجموعة مسلحة مجهولة الهوية إلى اغتيال ثلاث نساء وإصابة رابعة بالقرب من قرية أوجانة . وكانت الضحايا زوجات عناصر في الميليشيا المحلية والحرس البلدي. وفي الساعة السابعة من صباح اليوم التالي (26 كانون الثاني/يناير 1996)، حاصر أعوان في الحرس البلدي لبلدة أوجانة ، بصحبة عسكريين من ثكنة أوجانة ، منزلي عائلتين لكل منهما فرد متحصن في الأحراش وإحداهما عائلة بوسلوب . وقد هاجم الأعوان منزل عائلة بوسلوب وأطلقوا النار على واجهة المنزل الأمامية. عندها فتحت نجمة بوزعوت باب المنزل فأطلق عليها أحد الأعوان (ر. ب.) النار من مسافة قريبة، وأرداها قتيلة على الفور.

2-2 وأثناء اقتحام الحرس البلدي منزل العائلة في 26 كانون الثاني/يناير 1996، وبعد أن لقيت نجمة بوزعوت مصرعها، دخل عون آخر في الحرس البلدي (أ. س.) منزل عائلة بوسلوب واعتدى بالضرب على صاحب البلاغ وأصابه بجروح. ثم أخذ أعوان الحرس البلدي ( ) صاحب البلاغ واثنين آخرين من سكان القرية (م. ب. وع. ب.) وسلموهما إلى قوات الدرك في بلدة بوشرقة - الطاهر. ويؤكد صاحب البلاغ أن الرجال الثلاثة تعرضوا ، خلال الرحلة التي قادتهم إلى مركز الدرك للضرب بأعقاب البنادق. وقد مكثوا في مركز الدرك ثلاثة أيام مورست عليهم خلالها ، أعمال تعذيب وحشية قبل أن يُطلَق سراحهم.

2-3 ويفيد صاحب البلاغ بأن امرأة وبنتاً في السادسة من عمرها لقيتا حتفهما أيضاً خلال هذه العملية على أيدي أعوان القوة البلدية. بيد أن نشرة الأخبار المسائية على قناة التلفزيون الوطني أوردت خَبر مقتَل سبع نساء في بلدة أوجانة على أيدي عناصر إرهابية دون ذِكر العملية التي نفذتها قوات حفظ النظام. وفي اليوم التالي، صدرت عن طبيب بلدة الطاهر شهادة وفاة نجمة بوزعوت حيث اكتفى الطبيب بالإشارة إلى وفاة عنيفة. ويرد في التقرير الذي أعدته قوات الدرك الوطنية لبلدة الطاهر في 30 آب/أغسطس 1999 بالاستناد إلى المحضر الذي حررته قوات الدرك في بوشرقة - الطاهر بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 1996، أن نجمة بوزعوت قُتلت على أيدي عناصر إرهابية مسلحة.

2-4 وعَقِبَ وفاة نجمة بوزعوت ، أمرت محكمة الطاهر بفتح تحقيق واستُدعي صاحب البلاغ للإدلاء بأقواله أمام قاضي التحقيق. وقد وبَّخه القاضي على اتهامه قوات الأمن زوراً ورفض تدوين أقواله. ويفيد صاحب البلاغ بأنه يجهل مآل هذا التحقيق إذ استُبعد من الإجراءات ولم يتلق أي اتصال جديد بهذا الشأن لا من قاضي التحقيق ولا من النيابة. وقد أثناه مناخ الخوف السائد في المنطقة عن رفع دعوى على أفراد الحرس البلدي الذين كانوا يتحكمون في رقاب سكان المنطقة جميعاً. وقد انتظر صاحب البلاغ تحسُّن الحالة الأمنية العامة في عام 2001 قبل استئناف مساعيه بغرض الانتصاف. وفي 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، أودع صاحب البلاغ شكوى لدى المدعي العام لولاية جيجل ضد المتورطين في اغتيال زوجته. غير أن شكواه لم تفضِ إلى اتخاذ أي إجراء.

الشكوى

3-1 يتمسك صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت الفقرة 1 من المادة 6 من العهد فيما يتعلق بزوجته نجمة بوزعوت ، إضافة إلى المادة 7 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد فيما يتعلق بشخصه.

3-2 ويعتبر صاحب البلاغ أن وفاة زوجته، وقد كان شاهداً عليها، تُنسب مباشرة إلى أعوان الدولة الذين أطلقوا النار عليها من مسافة قريبة في إطار اقتحام أفراد الحرس البلدي منزل عائلته في 26 كانون الثاني/يناير 1996. ويذكّر صاحب البلاغ بأن الحق في الحياة يُعدّ، وفقاً للفقرة 2 من المادة 4، حقاً ثابتاً ولا يجوز عدم التقيد به حتى في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة. ويرى صاحب البلاغ أن انتهاك حقّ نجمة بوزعوت في الحياة غير مقبول لا  سيما أنه ناتج عن فعل عمد من جانب قوات حفظ النظام وأن السلطات لم تفتح بعد ذلك أي تحقيق لتوضيح ملابسات الحادث. ويصف صاحب البلاغ وفاة زوجته بأنها إعدام بإجراءات موجزة في إطار ممارسة منهجية ومعممة، وهو ما يشكل انتهاكاً للحق في الحياة بالمعنى الوارد في الفقرة 1 من المادة 6 من العهد، علاوة على كونها جريمة في حق الإنسانية. ويستشهد صاحب البلاغ في هذا الصدد بالفقرة 18 من تعليق اللجنة العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد.

3-3 ويعتبر صاحب البلاغ أنه كان ضحية لانتهاك المادة 7 من العهد بالنظر إلى ما تعرض له من عنف مادي (ضرب بأعقاب البنادق) لدى اعتقاله من قبل أفراد القوة البلدية وما خضع له من أعمال تعذيب طيلة الأيام الثلاثة التي قضاها محتجزاً في مركز درك الطاهر. ويذك ّ ر صاحب البلاغ في هذا الصدد بأن لجنة مناهضة التعذيب أقرت بتصاعد ممارسة التعذيب في الجزائر اعتباراً من عام 1991 ( ) . وهو يرى أن قوات الدرك الوطنية كانت، في تاريخ احتجازه، تمارس التعذيب بصورة منهجية أثناء الاحتجاز.

3-4 ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بتوضيح وتسوية حالة انتهاك حقوق الإنسان المحددة التي كان صاحب البلاغ ضحيتها ( ) . فبالامتناع عن فتح أي تحقيق في اغتيال نجمة بوزعوت ، لم تحترم السلطات الجزائرية التزامها بأن تضمن لكل من يدعي حدوث انتهاك لحق من حقوقه الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، باعتبار ذلك حقاً مكفولاً في الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. ويذكّر صاحب البلاغ بأن اللجنة اعتبرت أن الإخلال بالالتزام بفتح تحقيقات في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان يمكن أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً بيّناً للعهد ( ) .

3-5 ويؤكد صاحب البلاغ أنه بات ممنوعاً، منذ اعتماد الأمر رقم 6-1 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ملاحقة الأشخاص المنتمين إلى قوات الدفاع والأمن الجزائرية. ويذك ّ ر صاحب البلاغ بأن اللجنة رأت أن هذا الأمر يشجع فيما يبدو ظاهرة الإفلات من العقاب وينتهك الحق في سبيل انتصاف فعال ( ) . ويتمسك صاحب البلاغ بأنه لم يتمكن من استعمال حقه في الوصول إلى سبيل انتصاف فعال وبأن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بضمان هذا الحق له منتهكة بذلك أحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-6 وبخصوص مقبولية البلاغ، يؤكد صاحب البلاغ أنه استخدم سبل الانتصاف الممكنة جميعها وتبين أن جميعها غير فعالة. فقد لجأ إلى السلطة القضائية المختصة في موضوع اغتيال زوجته، لكن القضاء لم يفتح تحقيقاً رغم أن المادة 63 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أن "يقوم ضباط الشرطة القضائية [...] بالتحقيقات الابتدائية بمجرد علمهم بوقوع الجريمة إما بناءً على تعليمات وكيل الجمهورية وإما من تلقاء أنفسهم". ويشير صاحب البلاغ إلى أن قاضي تحقيق محكمة الطاهر استمع إليه بخصوص الوقائع التي كان شاهداً عليها، لكنه رفض تدوين شهادته التي تورط أعوان قوات الأمن. وهو يشير أيضاً إلى أن محضر ضبط الوفاة الذي أثبت حدوث وفاة عنيفة كان ينبغي أن يفضي تلقائياً إلى صدور أمر من النيابة بإخضاع الجثة للتشريح وبفتح تحقيق. ولم يعلم صاحب البلاغ قط ما إذا كان هذا الإجراء قد استُؤنف. ويوضح صاحب البلاغ أنه لم يصر في ذلك الوقت على متابعة المسألة ومعرفة الإجراءات المتخذة من النيابة، أو على محاولة الطعن في قرار عدم سماع الدعوى أو حفظ القضية، نظراً إلى مناخ الرعب والإفلات من العقاب السائد في المنطقة، علاوة على التواطؤ الواضح بين القضاء ومرتكبي الجريمة.

3-7 وعندما تحسنت الحالة الأمنية أودع صاحب البلاغ ، في عام 2001 ، شكوى رسمية أمام النائب العام لولاية جيجل ، وقرر النائب العام ألا يطلب فتح تحقيق قضائي، كما لم يعلم صاحب البلاغ بتطورات التحقيق الذي بوشر في عام 1996 بالاستناد إلى المحضر الذي أعدته قوات الدرك في 27 كانون الثاني/يناير 1996. ويرى صاحب البلاغ أنه استنفد بذلك سبل الانتصاف المحلية التي تبين أن جميعها غير فعالة وغير مفيدة. وهو يذكر أخيراً بأن الأمر رقم 6-1 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يعطل جميع سبل الانتصاف المحلية؛ لذا يرى صاحب البلاغ أن بلاغه مقبول.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

4-1 في مذكرة مؤرخة 11 كانون الثاني/يناير 2011، تعترض الدولة الطرف على مقبولية هذا البلاغ. وهي ترى أن هذا البلاغ، شأنه في ذلك شأن البلاغات السابقة المتعلقة بحالات اختفاء قسري نُسبت إلى موظفين حكوميين في الفترة ما بين عامي 1993 و1998، ينبغي أن يُفحص "في إطار نهج شامل" وأن يعتبر من ثم غير مقبول. وتذكّر الدولة الطرف بأن الفترة المذكورة مشمولة بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وهي ترى أن نظر اللجنة في البلاغات المقدمة على أساس فرادى الحالات لا يسمح بإدراج الوقائع في السياق الاجتماعي السياسي والأمني للبلد أثناء فترة الأزمة تلك، التي اتسمت بتفش خطير لظاهرة الإرهاب نتيجة للدعوة إلى العصيان المدني والعنف التخريبي والانخراط في الإرهاب المسلح ضد الدولة الجمهورية ومؤسساتها الدستورية ورموزها. وتتمسك الدولة الطرف بأن البلد لم يشهد حرباً أهلية، إذ ظهرت مجموعات مسلحة عديدة قائمة على التطرف الديني تمارس ما تسميه الجهاد وتروع السكان المدنيين بأساليب منها السلب باستعمال التهديد، والخطف، والاغتصاب، والمذابح الجماعية. وفي هذا السياق، أخطرت حكومة الجزائر أمانة الأمم المتحدة في 13 شباط/فبراير 1992 بإعلان حالة الطوارئ في البلد عملاً بالفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن تلك الفترة شهدت اغتيالات شبه يومية على أيدي جماعات مسلحة، أدت إلى إضعاف قدرات السلطات العامة على السيطرة على الوضع الأمني. وفي مناطق معينة، كان يصعب على المدنيين أحياناً التمييز بين عمليات مكافحة الإرهاب وحفظ النظام التي تضطلع بها القوات المسلحة ودوائر الأمن من جهة والاغتيالات وأعمال السلب التي ترتكبها جماعات إرهابية من جهة أخرى. وترى الدولة الطرف أن انتهاكات الحقوق الأساسية المدعى حدوثها في هذا البلاغ ينبغي أن تبحث ضمن هذا السياق العام.

4-3 وتؤكد الدولة أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية هو الآلية الوطنية الداخلية للخروج من الأزمة. فقد أيده الشعب صاحب السيادة في إطار استفتاء من أجل إعادة السلم والتماسك الاجتماعي، وتضميد جراح السكان المدنيين التي خلفها الإرهاب، وذلك بما يتماشى مع أهداف منظمة الأمم المتحدة ومبادئها. وتؤكد الدولة الطرف أنه ينبغي للجنة، عملاً بمبدأ عدم المساس بالسلم ، أن تدعم هذا السلم وتعززه وتشجع المصالحة الوطنية في سبيل تنمية قدرات الدولة الطرف.

4-4 وتشدد الدولة الطرف بعد ذلك على طبيعة وأسس ومضمون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ونصوص تطبيقه. وفي إطار السعي إلى تحقيق المصالحة الوطنية، ينص الأمر المتعلق بتطبيق الميثاق على تدابير قانونية يترتب عليها انقضاء الدعوى العمومية واستبدال العقوبات أو تخفيضها بالنسبة إلى كل شخص أُدين بأعمال إرهابية أو استفاد من الأحكام المتعلقة باستعادة الوئام المدني، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا مجازر جماعية أو أفعال اغتصاب أو نفذوا تفجيرات في الأماكن العمومية أو شاركوا في تلك الأعمال. وينص هذا الأمر أيضاً على إجراء التصريح بالوفاة بموجب حكم قضائي، وهو إجراء يتيح حق التعويض لذوي حقوق المفقودين كونهم من ضحايا "المأساة الوطنية". وعلاوة على ذلك، اعتُمدت تدابير اجتماعية اقتصادية من بينها إعانات إعادة الإدماج المهني ودفع تعويضات لجميع من يحملون صفة ضحايا "المأساة الوطنية". وأخيراً، ينص الأمر على تدابير سياسية مثل حظر ممارسة نشاط سياسي على كل شخص ساهم في "المأساة الوطنية" باستغلال الدين في الفترة الماضية. كذلك ينص هذا الأمر على عدم جواز الشروع في أي ملاحقة فردية أو جماعية في حق أفراد قوات الدفاع والأمن الجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نُفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات والإبقاء على وحدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية. وتؤكد الدولة الطرف أن إعلان الميثاق نابع من رغبة في تجنب المواجهات القضائية والحملات الإعلامية وتصفية الحسابات السياسية. وليست المصالحة الوطنية، بالمعنى الوارد في الميثاق، عملية فردية ولا تعلة للعفو في كنف النسيان والإفلات من العقاب، وإنما استجابة ديمقراطية جامعة. لذا تعتبر الدولة الطرف أن الوقائع التي يدعيها صاحب البلاغ تغطيها آلية التسوية الداخلية المنصوص عليها في أحكام الميثاق.

4-5 وتدعي الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية كلها وتستنتج من ثم أن البلاغ غير مقبول. وهي تؤكد أهمية التمييز بين المساعي المبذولة لدى السلطات السياسية أو الإدارية وسبل الانتصاف غير القضائية أمام الهيئات الاستشارية أو هيئات الوساطة، والطعون القضائية أمام مختلف الهيئات القضائية المختصة. وتشير الدولة الطرف إلى أن إفادة صاحب البلاغ تبين أنه وجه رسائل إلى سلطات سياسية أو إدارية، وقدم التماسات إلى هيئات استشارية أو هيئات وساطة وأرسل عريضة إلى ممثلين للنيابة العامة (نواب عامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى الطعن القضائي بمعناه الدقيق ومتابعته حتى النهاية. ومن بين هذه السلطات جميعها، لا يحق قانوناً سوى لممثلي النيابة العامة فتح تحقيق أولي وعرض المسألة على قاضي التحقيق. وفي النظام القضائي الجزائري، يتلقى وكيل الجمهورية الشكاوى، ويبادر، حسب الاقتضاء، إلى تحريك الدعوى العامة. غير أن قانون الإجراءات الجنائية، إذ يتوخى حماية حقوق الضحية أو أصحاب الحق، يجيز لهؤلاء الأشخاص تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني أمام قاضي التحقيق. ويتيح هذا الخيار للضحية أو لأصحاب الحقوق تدارك قصور أو جمود النيابة العامة بتحريك الدعوى العامة حتى إذا قرر ممثل النيابة حفظ القضية أو عدم سماع الدعوى. وفي هذه الحالة، تكون الضحية وليس المدعي العام هي من يحرّك الدعوى العامة لعرض القضية على قاضي التحقيق الذي يتوجب عليه عند ذلك تحري الوقائع الواردة في الشكوى. وتلاحظ الدولة الطرف أن سبيل الانتصاف هذا، المنصوص عليه في المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية لم يستخدمه صاحب البلاغ على الرغم من بساطته وسرعته وانتشار استخدامه من قبل من يدعون أنهم ضحايا أفعال إجرامية.

4-6 وتشدد الدولة الطرف على أنه لا يجوز لصاحب البلاغ التذرّع بالأمر رقم 6-1 الصادر في 27 شباط/فبراير 2006 وبنصوص تطبيقه لتبرئة نفسه من المسؤولية عن عدم اتخاذ الإجراءات القضائية المتاحة. وتذكر الدولة الطرف باجتهادات اللجنة التي ذهبت فيها إلى أن اعتقاد شخص ما عدم جدوى سبيل انتصاف أو افتراض ذلك م ن تلقاء نفسه لا يعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها ( ) .

4-7 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تضع في اعتبارها السياق الاجتماعي والسياسي والأمني الذي تندرج فيه الوقائع والحالات التي عرضها صاحب البلاغ، وتستنتجَ أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، وتعترفَ بأن سلطات الدولة الطرف قد وضعت آلية محلية لمعالجة الحالات المشار إليها في هذه البلاغات وتسويتها بصورة شاملة عن طريق سياسة للسلم والمصالحة الوطنية تنسجم مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة، وتعتبرَ البلاغ غير مقبول، وتطلبَ من صاحب البلاغ التماس سبل انتصاف أفضل.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 19 آذار/مارس 2012، أبدى صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ.

5-2 ويشير صاحب البلاغ إلى ادعاء الدولة الطرف أن اللجنة لا يمكن أن تنظر في بلاغات من الأفراد بشأن حالات انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، مثل حالات انتهاك الحق في الحياة، وأن هذه الحالات ينبغي أن تعالج في إطار شامل لأن النهج الفردي لا يعكس السياق الاجتماعي السياسي والأمني الذي حدثت فيه الوقائع. ويلاحظ صاحب البلاغ أنه ليس من صلاحيات الدولة الطرف أن تقرر، وفقاً لمعاييرها الخاصة، ما هي الحالات المحددة المشمولة باختصاص اللجنة. ويذكّر صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف قبلت اختصاص اللجنة في دراسة بلاغات الأفراد وبأن اللجنة وحدها يمكنها تحديد البلاغات المقبولة بموجب أحكام العهد والبروتوكول الاختياري.

5-3 ويشدد صاحب البلاغ على أن الدولة الطرف لا يمكن أن تتذرع بإعلان حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 للاحتجاج على مقبولية هذا البلاغ. ذلك أن المادة 4 من العهد تجيز عدم التقيد بالبعض من أحكام العهد أثناء حالات الطوارئ، دون أن يؤثر ذلك على ممارسة الحقوق المترتبة على برتوكوله الاختياري.

4-5 ويفند صاحب البلاغ ادعاء الدولة الطرف بخصوص عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية نظراً إلى عدم تقديم شكوى والادعاء بالحق العام أمام قاضي التحقيق عملاً بأحكام قانون الإجراءات الجزائية الجزائري. ويذك ّ ر بأن مقبولية هذا الإجراء مشروطة بدفع كفالة لرسوم الإجراء يتولى القاضي تحديد مقدارها بصورة اعتباطية ( ) ، فينصرف عنه المتقاضون، الذين ليس لديهم، علاوة على ذلك، ما يضمن تمخض هذا الإجراء فعلياً عن ملاحقات جنائية. ويشدد صاحب البلاغ على أن من واجب النيابة أيضاً فتح تحقيق حال إبلاغها بوقائع إجرامية حتى في غياب شكوى من المدعي بالحق المدني. وفي هذه القضية، فُتح بالفعل تحقيق واستجوب قاضي تحقيق محكمة الطاهر صاحب البلاغ بخصوص اغتيال زوجته، دون أن يفضي هذا التحقيق إلى اتخاذ أي إجراء. ويؤكد صاحب البلاغ أن السلطات كانت تبادر أحياناً إلى فتح تحقيقات رسمية في جرائم يتورط فيها أعضاء في ميليشيات محلية، لكنها لم تكن تتوخى بذلك سوى إضفاء مظهر الشرعية على عملها قبل أن يتسنى للقضاء حفظ القضية. ويذك ّ ر صاحب البلاغ ب أن قاضي التحقيق لم يسجل شهادته بشأن اغتيال زوجته وما خضع له من أعمال تعذيب، بل إنه طعن في مصداقية صاحب البلاغ ولامه على اتهام مصالح الأمن زوراً بالتورط في القتل. لذا فقد غدا من المستحيل طلب ال انتصاف أمام سلطة قضائية داخلية.

5-5 وقدم صاحب البلاغ أيضاً شكوى إلى نيابة محكمة الطاهر في عام 2001 ضد من يفترض تورطهم في اغتيال زوجته، لكن دون جدوى. ويقول صاحب البلاغ إن سبل الانتصاف جميعها أغلقت في وجهه بسبب تحيز الن يابة التي ترفض التحقيق في قضية تُ ور ّ ط ُ أعواناً للدولة تعرّف صاحب البلاغ بوضوح على هويتهم.

5-6 ويشير صاحب البلاغ إلى اجتهادات اللجنة التي تفيد بأن إيداع الشكوى والادعاء بالحق المد ني ليس شرطاً لا غنى عنه لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية في الحالات التي يُدعى فيها حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كحالة انتهاك الحق في الحياة في هذه القضية. ويستشهد بآراء اللجنة في قضية سابقة حيث اعتبرت أن الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات معمقة في الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان فحسب، لا سيما إذا تعلق الأمر بالاختفاء القسري والمساس بالحق في الحياة، بل هي ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يُشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته. والادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ) .

7-5 وأخيراً، يذكّر صاحب البلاغ بأن الأمر رقم 0 6- 0 1 الصادر في 27 شباط/ فبراير 2006 والمتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وضع حداً بصورة نهائية لأي إمكانية لرفع دعوى مدنية أو جزائية أمام الهيئات القضائية الجزائرية فيما يتعلق بجميع الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن أثناء الحرب الأهلية. ويلاحظ أن اللجنة اعتبرت أن هذا التشريع يبدو مشجعاً للإفلات من العقاب، وأنه يشكل انتهاكاً للحق في سبيل انتصاف فعال، وأنه يتعارض مع أحكام العهد ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تذكّر اللجنة بداية بأن قرار المقرر الخاص بشأن دراسة المقبولية والأسس الموضوعية معاً (انظر الفقرة 1-2) لا يمنع اللجنة من أن تنظر في المسألتين كلّ على حدة. وقبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ م ّ ا، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت مقبولية البلاغ بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه منها أحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية إذ لم يدّع بالحق المدني أمام قاضي التحقيق عملاً بالفقرتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ وجه رسائل إلى سلطات سياسية أو إدارية وأرسل عريضة إلى ممثلين للنيابة (نواب عامون أو وكلاء ل لجمهورية) دون اللجوء إلى إجراءات الطعن القضائي بمعناه الدقيق والاستمرار فيها حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف وفي النقض. وتلاحظ اللجنة أيضاً احتجاج صاحب البلاغ بأنه أدلى بأقواله أمام قاضي التحقيق بخصوص اغتيال زوجته وأنه قدم شكوى إلى النيابة العامة في الطاهر بعد بضعة أعوام دون أن تباشر هذه السلطات في أي وقت من الأوقات تحقيقات فعلية في الانتهاكات المزعومة. وتلاحظ اللجنة أخيراً ما يدعيه صاحب البلاغ من أن المادة 46 من الأمر 6-1 تنص على معاقبة كل من يقدم شكوى بخصوص الأفعال المشمولة بالمادة 45 من هذا الأمر.

6-4 وتذك ّ ر اللجنة بأن الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات معمقة فيما تبلغ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان فحسب، لا سيما إذا تعلق الأمر بانتهاكات للحق في الحياة، بل إنها ملزمة أيضاً بملاحقة كل من يُشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وقد بُلغت السلطات الجزائرية على الفور باغتيال زوجة صاحب البلاغ وفتحت تحقيقاً لم يُفض إلى إجراءات أخرى. وأعاد صاحب البلاغ تقديم شكوى في عام 2001، لكن الدولة الطرف لم تباشر أي تحقيق معمق ودقيق في هذه الجريمة. وإذ تذكّر اللجنة باجتهاداتها، تؤكد من جديد أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك المزعومة في القضية محل النظر لا يمكن أن يحل محل الإجراءات القضائية التي يُفترض أن يتخذها وكيل الجمهورية نفسه ( ) .

6-5 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق باغتيال زوجته ومفادها أنه خضع لتعذيب شديد على أيدي أعوان القوة البلدية أثناء الرحلة من منزله إلى مركز الدرك وكذلك على أيدي أفراد الدرك طيلة الأيام الثلاثة التي قضاها محتجزاً في ذلك المركز . وفي غياب ملاحظات من الدولة الطرف على هذه المسألة، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي لأغراض المقبولية مزاعمه بموجب الفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد ( ) .

6-6 واللجنة، إذ تستنتج عدم وجود عائق أمام مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 من العهد، تشرع في دراسة أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وقدمت الدولة الطرف ملاحظات جماعية وعامة على الادعاءات الخطيرة التي أثارها صاحب البلاغ. واكتفت بتأكيد أن البلاغات التي تدين موظفين عموميين أو أشخاصاً خاضعين في عملهم للسلطات العامة في حالات انتهاك للحق في الحياة أثناء الفترة ما بين عامي 1993 و1998 ينبغي أن تُفحص في سياق الأوضاع الاجتماعية السياسية والظروف الأمنية التي كانت سائدة في البلد في فترة كانت الحكومة تسعى فيها إلى محاربة الإرهاب. وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) وتذكر بأن الدولة الطرف لا يمكن أن تتذرع بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يعتدون بأحكام العهد أو قدموا بلاغات إلى اللجنة أو يمكنهم تقديمها. إذ يقتضي العهد أن تهتم الدولة الطرف بمصير كل شخص وأن تعامل كل فرد معاملة تحترم كرامته البشرية الأصيلة. وفي غياب التعديلات التي أوصت بها اللجنة، يبدو أن الأمر رقم 6-1 يساهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية ولا يمكن من ثم اعتباره متفقاً وأحكام العهد.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحب البلاغ بخصوص الأسس الموضوعية. وتُذكر باجتهاداتها ( ) التي تفيد بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على كاهل صاحب البلاغ وحده، خاصةً أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الاطلاع على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة غالباً ما تكون في حوزة الدولة الطرف وحدها. ويُستنتَج من الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الوا ردة بشأن انتهاكات أحكام العهد التي ترتكبها الدولة الطرف نفسها أو يرتكبها ممثلوها وأن تُحيل إلى اللجنة ما في حوزتها من معلومات ( ) . وفي غياب توضيحات من الدولة الطرف بها الخصوص، ينبغي إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحق من اهتمام ما دامت مدعومة بما فيه الكفاية.

7-4 وتلاحظ اللجنة ما يدعيه صاحب البلاغ من أن زوجته قُتِلَت على أيدي أعوان في الحرس البلدي يوم 26 كانون الثاني/يناير 1996 لدى اقتحام قوات الأمن منزل العائلة. وقد نفّذت الشرطة هذه العملية بعد أن لقيت ثلاث نساء مصرعهن قبل يوم على أيدي مجموعة مسلحة مجهولة الهوية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يدحض هذا الادعاء أو يُبرر أو يُبين اضطلاع الدولة الطرف بمسؤوليتها عن حماية حياة نجمة بوزعوت في أثناء عملية الشرطة. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حق نجمة بوزعوت في الحياة وهو حق تكفله الفقرة 1 من المادة 6 من العهد ( ) .

7-5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يؤكد خضوعه لأشكال متنوعة من التعذيب الوحشي وغير ذلك من ضروب العنف على أيدي أعوان القوة البلدية وأفراد الدَرك أثناء الرحلة التي قادته من منزله إلى مركز الدَرك وكذلك أثناء احتجازه في المركز. وتلاحظ اللجنة هنا أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يدحض هذا الادعاء أو يُبرر أو يُبين اضطلاع الدولة الطرف بمسؤوليتها عن منع تعرض صاحب البلاغ لأعمال تعذيب ومعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. وفي غياب أي توضيح من الدولة الطرف، ينبغي إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحق من اهتمام ( ) . وترى اللجنة أن المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد.

7-6 ويستشهد صاحب البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد، التي تُلزم الدولة الطرف بأن تكفل لكل شخص يدعي انتهاك حقوقه المعترف بها في العهد سبيل انتصاف فعالاً. وتولي اللجنة أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية ملائمة لفحص الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق. وتُذكِّر بتعليقها العام رقم 31 (2004) الذي أشارت فيه ، في جملة أمور ، إلى أن امتناع دولة طرف عن فتح تحقيق في انتهاكات مزعومة يمكن أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً منفصلاً للعهد. وفي القضية محل النظر، أدلى صاحب البلاغ بشهادته أمام السلطات القضائية ثم رفع شكوى إلى السلطات المختصة بشأن اغتيال زوجته وأبلغها أيضاً بما تعرَّض له من تعذيب، لكن هذه الخطوات كلها لم تجدِ نفعاً. ولم تباشر الدولة الطرف أي تحقيق معمق ودقيق في هذه الأحداث. وعلاوة على ذلك، لا يزال صاحب البلاغ وأسرته محرومين من سبيل انتصاف فعال بسبب الأحكام القانونية التي منعت اللجوء إلى هيئة قضائية منذ اعتماد الأمر رقم 6-1 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لما كان هذا الأمر يمنع اللجوء إلى القضاء لكشف الحقيقة في أخطر الجرائم كانتهاكات الحق في الحياة وأعمال التعذيب ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد م قروءة مع الفقرة 1 من المادة 6 و المادة 7 من العهد.

8- و اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 5 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوق نجمة بوزعوت بموجب الفقرة 1 من المادة 6 وحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 فضلاً عن انتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 3 من المادة 2 مقروءة مع الفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7.

9- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف مُلزَمة بأن تتيح لصاحب البلاغ وأسرته سبيل انتصاف فعالاً يشمل على وجه الخصوص: (أ) إجراء تحقيق مُعمق ودقيق في ملابسات وفاة نجمة بوزعوت ؛ (ب) تزويد صاحب البلاغ وأسرته بمعلوم ات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ (ج) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الم رتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (د) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ عما تعرض له من انتهاكات. وبصرف النظر عن الأمر رقم 6-1، ينبغي للدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة إلى ضحايا جرائم من قَبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. والدولة الطرف مُلزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد م ا إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أو لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في أراضيها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.