الأمم المتحدة

CCPR/C/115/D/2048/2011

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

9 December 2015

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2048/2011

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 115 (19 تشرين الأول/أكتوبر - 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2015)

المقدم من: أميرة قادريتش ودينو قادريتش (يمثلهما محامٍ، من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا البلاغ وإرمين قادريتش (زوج الأولى ووالد الثاني)

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ البلاغ: 24 كانون الثاني/يناير 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرارات المقرر الخاص بمقتضى المادة 97، التي أُحيلت إلى الدولة الطرف في 15 نيسان/أبريل 2011 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

الموضوع: الاعتقال والاحتجاز التعسفيان، والتعذيب، والمعاملة غير الإنسانية والمهينة، والإعدام خارج نطاق القضاء، ومن ثمَّ نقل وإخفاء الرفات

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة؛ والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحرية والأمن الشخصي؛ والكرامة الإنسانية؛ والتمتع بحماية القانون؛ وحقوق الأطفال؛ والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد: 2(3)، و6، و7، و9، و16، و24، و26

مواد البروتوكول الاختياري: 5(2)(ب)

المرفق

آراء اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 115)

بشأن

البلاغ رقم 2048/2011 *

المقدم من: أميرة قادريتش ودينو قادريتش (يمثلهما محامٍ، من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا البلاغ وإرمين قادريتش (زوج الأولى ووالد الثاني)

الدولة الطرف: البوسنة والهرسك

تاريخ البلاغ: 24 كانون الثاني/يناير 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2048/2011، المقدم إليها من السيدة أميرة قادريتش والسيد دينو قادريتش بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحبا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحبا البلاغ هما أميرة قادريتش ودينو قادريتش ، وهما مواطنان من البوسنة والهرسك وُلِدا في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1961 و2 أيلول/سبتمبر 1987 على التوالي. ويقدمان بلاغهما باسميهما ونيابة عن إرمين قادريتش ، زوج الأولى ووالد الثاني، وهو مواطن بوسني وُلد في 25 آب/أغسطس 1962. ويدّعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق إرمين قادريتش بموجب المواد 6 و7 و9 و16، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3). ويدعيان كذلك أنهما وقعا ضحية انتهاك المادتين 7 و26، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(3)، ومقروءتين أيضاً، في حالة دينو قادريتش ، بالاقتران مع المادة 24 من العهد ( ) . ويمثل صاحبي البلاغ محامٍ. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 حزيران/يونيه 1995.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2-1 وقعت أحداث هذا البلاغ أثناء النزاع المسلح الذي حاق باستقلال البوسنة والهرسك، بين القوات الحكومية البوسنية من جهة، وقوات صرب البوسنة والجيش الوطني اليوغوسلافي من جهة أخرى. واتسم النزاع بعمليات تطهير إثني وفظائع أخرى أدت إلى مقتل الآلاف أو احتجازهم في معسكرات اعتقال أو اختفائهم دون أن يُعثر لهم على أثر ( ) . وحدث الكثير من حالات الاختفاء هذه في كرايينا البوسنية بين أيار/مايو وآب/أغسطس 1992، وبالأخص في منطقة برييدور ( ) .

2-2 وفي 20 تموز/يوليه 1992، هاجمت قوات صرب البوسنة قرية ريزفانوفيتشي حيث كانت تعيش أسرة قادريتش ، فضلاً عن قرى أخرى على الضفة اليسرى لنهر سانا ( ) . ويدعي صاحبا البلاغ أنهما كانا، وقت الهجوم، في منزل الأسرة، مع إرمين قادريتش وأقارب آخرين. وكان أفراد مدججون بالسلاح من جيش صرب البوسنة ينتقلون من بيت إلى آخر في مجموعات مؤلفة من ثلاثة إلى أربعة أشخاص. ووصلت مجموعة من الجنود إلى منزل صاحبي البلاغ، واعتقلت إرمين قادريتش واقتادته إلى خارج المنزل. كما أمرت المجموعة أميرة قادريتش والأشخاص الآخرين الموجودين بالبقاء داخل المنزل وبإقفال الباب. ويدعي صاحبا البلاغ أن تلك كانت المرة الأخيرة التي رأيا فيها إرمين حياً. ومن خلال النافذة، رأيا جنود قوات صرب البوسنة يجمعون جميع الرجال المحتجزين، بمن فيهم إرمين، ويخضعونهم لمعاملة سيئة طوال ساعات. وقد أُرغم إرمين قادريتش على مشاهدة إيذاء عدة رجال وإساءة معاملتهم وإذلالهم بشكل منهجي لأكثر من ساعتين. وفي لحظة معينة، أمر الجنود الرجال المحتجزين بالركض وبدأوا بإطلاق النار عليهم. واستمر إطلاق النار لأكثر من ساعة.

2-3 وظل صاحبا البلاغ مختبئين في منزلهما لمدة يوم ونصف. وعندما تمكنا أخيراً من الخروج، رأيا جثث الرجال في كل مكان، وقد شُوه الكثير منها. وتعرّفت السيدة قادريتش على جثة إرمين قادريتش ، التي كانت ممددة على الأرض. وحاولت مع أخواتها الاقتراب، لكنهن اضطررن إلى مغادرة المكان فوراً والعودة إلى المنزل لأن القناصة بدأوا بإطلاق النار عليهن. وادعيا أن الجثث كانت في حالة سيئة وقد بدأت بالتحلل. وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي رأت فيها السيدة قادريتش زوجها.

2-4 وفي الأيام التي تلت، عاد أفراد جيش صرب البوسنة إلى منزل صاحبي البلاغ، وأخذوا منه مقتنياتهما الثمينة وهددوهما. وبعد ذلك، أُرغم صاحبا البلاغ، مع آخرين، على السير صفاً واحداً في الشارع الذي كانت الجثث قد كُدِّست فيه. واقتِيدا إلى معسكر ترنوبوليي للاعتقال، وظلا فيه لحوالي 21 يوماً. ويدعي صاحبا البلاغ كذلك أنهما تعرضا لمعاملة سيئة في المعسكر وأُجبرا على تحمل ظروف غير إنسانية. ونُقلت السيدة قادريتش وأطفالها بعد ذلك إلى مخيم للاجئين في ترافنيك . وأثناء وجودها في المعسكر، أبلغت السيدة قادريتش السلطات المعنية في المعسكر باختفاء زوجها. وبعد ذلك، تمكنت السيدة قادريتش وأطفالها من مغادرة المعسكر والفرار إلى ألمانيا، حيث يعيش والد السيدة قادريتش . وفي ألمانيا، اجتمعت السيدة قادريتش بشخص من قريتها، يُدعى ف. ه.، أبلغها بأنه كان من بين الرجال الذين أُرغموا على وضع جثث الأشخاص الذين قُتلوا في ريزفانوفيتشي ، بمن فيهم زوجها، في شاحنات. وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي شوهدت فيها جثة إرمين قادريتش قبل نقلها إلى جهة مجهولة.

2-5 وانتهى الصراع المسلح في كانون الأول/ديسمبر 1995، عندما دخل الاتفاق الإطاري العام للسلام في البوسنة والهرسك حيز النفاذ ( ) . وبعد ذلك، سافر صاحبا البلاغ عدة مرات إلى البوسنة والهرسك. وكانا يقيمان في الدولة الطرف بين فترة وأخرى. ويدعيان أنهما أبلغا السلطات المحلية ومؤسسات أخرى تُعنى بقضية المفقودين بحرمان إرمين قادريتش التعسفي من حريته، وإساءة معاملته، وقتله تعسفاً، ومن ثمَّ نقل وإخفاء رفاته. وفي عام 1996، أبلغا اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب الصليب الأحمر المحلي لبرييدور في لوشكا بالانكا باختفاء رفات إرمين قادريتش . وفي وقت تقديم صاحبي البلاغ لهذه المعلومات، كان إرمين قادريتش مسجلاً لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمعهد المعني بشؤون المفقودين بوصفه شخصاً مفقوداً ( ) .

2-6 وفي تاريخ غير محدد، تقدمت السيدة قادريتش بطلب إلى المحكمة البلدية في سانسكي موست تلتمس فيه إعلان وفاة زوجها. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 1997، أعلنت المحكمة وفاة إرمين قادريتش ، وحددت حدوث الوفاة في 20 من تموز/يوليه 1992. ولاحظت المحكمة أن السيدة قادريتش ادعت أن جنديين اقتادا زوجها، في 20 تموز/يوليه 1992، من منزلهما وقتلاه في منطقة قريبة من مقهى باتريا . وقبلت المحكمة أيضاً إفادتين أدلى بهما شاهدان قدّمتهما صاحبة البلاغ وأكدا روايتها مشيريْن إلى أنه كان من السهل التعرف على جثة إرمين قادريتش من بين الجثث الأخرى بسبب معطفه والحذاء الشتوي الذي كان ينتعله، وإلى أنه كان مصاباً بطلقين ناريين في ظهره والجزء الأسفل من رأسه. وفي عام 2001، قُيِّد في سجل باريش في برييدور ضمن الوفيات. ويدعي صاحبا البلاغ أن الحصول على شهادة الوفاة كان إلزامياً في واقع الأمر للحصول على معاش عجز في جمهورية صربسكا ، عملاً بالمادة 25 من قانون حماية ضحايا الحرب المدنيين والمادة 190 من قانون الإجراءات الإدارية، لأن هذه الشهادة هي الدليل الوحيد الذي تقبله المحاكم لتقرر منح معاش شهري لأقارب الأشخاص المفقودين، الملزمين بهذا الإجراء المؤلم للحصول على حقوقهم.

2-7 وفي عام 2001، قدم صاحبا البلاغ وأقارب آخرون عينات من الحمض الخلوي الصبغي لتيسير عملية إخراج رفات إرمين قادريتش وتحديد هويته. وفي عامي 2005 و2006، زارت السيدة قادريتش مرافق شيكوفاتشا التابعة للجنة الدولية المعنية بالمفقودين في سانسكي موست، حيث كان يُحتفظ بالرفات المستخرجة من منطقة كرايينا البوسنية. وحاولت التعرف على أي شيء يتصل بزوجها، ولكن دون جدوى. ويدعي صاحبا البلاغ أن الصليب الأحمر قدم إلى السلطات المحلية عام 1992 ما لديه من معلومات تتعلق بحالة إرمين قادريتش . ولم تجرِ السلطات المحلية أي تحقيق رسمي لتحديد مكان رفاته وإخراجه من القبر والتعرف عليه وإعادته إلى أسرته رغم علمها بالتقارير التي قدمها صاحبا البلاغ، وعلاوةً على ذلك، لم يُجرَ حتى الآن أي تحقيق جدي يتعلق بالحرمان التعسفي من الحرية وسوء المعاملة والإعدام بإجراءات موجزة ثمَّ نقل وإخفاء الرفات. ولم يجرِ استدعاء المذنبين أو اتهامهم أو إدانتهم.

2-8 وفي 20 شباط/فبراير 2007، منح مركز الخدمة الاجتماعية الحكومي في سانسكي موست دينو قادريتش وأخيه معاش عجز شهرياً قدره 283 ماركا ً ( ) . وقد مُنِحا الحق في معاش شهري، اعتباراً من 1 أيلول/سبتمبر 2006، بوصفهما من ضحايا الحرب المدنيين (بسبب قتل والدهما). ويدَّعي صاحبا البلاغ أن هذا المعاش هو شكل من المساعدة الاجتماعية ولا يمكن أن يحل محل اعتماد تدابير جبر ملائمة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تعرضوا لها مع قريبهما.

2-9 وفي 4 آذار/مارس 2008، قدم دينو قادريتش طلباً إلى لجنة حقوق الإنسان في المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك، مدعياً انتهاك المادة 3 (حظر التعذيب) والمادة 8 (الحق في احترام الحياة الخاصة والأسرية) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فضلاً عن المادة الثانية (3)(ب) و(و) من دستور البوسنة والهرسك. وقررت المحكمة الدستورية أن تجمِّع الطلبات المقدمة من أقارب الأشخاص المختفين وتعالجها كقضية جماعية.

2-10 وفي 13 أيار /مايو 2008، أصدرت المحكمة الدستورية قراراً خلصت فيه إلى إعفاء أصحاب الدعوى الجماعية من اشتراط استنفاد سبل الانتصاف المحلية أمام ا لمحاكم العادية، وذلك لما بدا لها من "عدم وجود مؤسسة متخصصة في حالات الاختفاء القسري تعمل بفعالية " ( ) . وخلصت المحكمة كذلك إلى أن عدم إتاحة معلومات حول مصير إرمين قادريتش يمثل انتهاكاً للمادتين 3 و8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وأمرت المحكمة السلطات المعنية في البوسنة والهرسك بتقديم "كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات بشأن أفراد أسر أصحاب الدعوى الذين فُقدوا أثناء الحرب ... على وجه السرعة ، ومن دون مزيد من التأخير ، وفي غضون فترة أقصاها 30 يوما ً من تاريخ تلقي القرار". كما أمرت المحكمة السلطات بأن تكفل حسن سير المؤسسات المنشأة بموجب القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، أي صندوق دعم أسر المفقودين في البوسنة والهرسك، والسجلات المركزية للأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك. وطُلب إلى السلطات المختصة تقديم معلومات في غضون ستة أشهر إلى المحكم ة الدستورية عن التدابير المتخذة لتنفيذ قرار المحكمة.

2-11 ولم تصدر المحكمة الدستورية قراراً بشأن مسألة التعويضات، إذ رأت أن هذه المسألة مدرجة في الأحكام الخاصة بالدعم المالي، الواردة في القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، وإنها تتعلق بإنشاء صندوق لدعم أسر المفقودين. لكن صاحبي البلاغ يدعيان أن الجزء المتعلق بالدعم المالي من القانون لم يُنفّذ وأن الصندوق لم يُنشأ.

2-12 وفي 23 أيلول/سبتمبر 2008، أبلغ المعهد المعني بشؤون المفقودين دينو قادريتش بأنه خلص، وفقاً لقرار المحكمة الدستورية، بأن المعهد المعني بشؤون المفقودين واللجنة الدولية للصليب الأحمر أُبلغا باختفاء إرمين قادريتش ؛ وأن المعهد سيتخذ خطوات لكشف مصير جثة والده، بالتعاون مع المدعي العام للدولة، ووزارة الداخلية، ومحاكم المقاطعات والكانتونات والأجهزة الأمنية. ويدعي صاحبا البلاغ أنهما حتى تاريخ تقديم البلاغ إلى اللجنة، لم يتلقيا أية معلومات أخرى من المعهد المعني بشؤون المفقودين.

2-13 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2009، لم يعد دينو قادريتش يحصل على معاش العجز الشهري. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تقدم صاحبا البلاغ بطلبين للحصول على تعويض بموجب القانون المتعلق بالحق في الحصول على تعويض عن الأضرار المالية وغير المالية. وعند تقديم البلاغ إلى اللجنة، لم تكن السلطات قد أصدرت أي قرار بعد. ويدعي صاحبا البلاغ أنه حتى إذا حصلا في نهاية المطاف على تعويض، فإن ذلك لا يمكن اعتباره جبراً كاملاً.

2-14 وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2010، بعث دينو قادريتش برسالة إلى المعهد المعني بشؤون المفقودين وإلى فريق العمل المعني بالبحث عن المفقودين في جمهورية صربسكا يطلب فيها معلومات عن التدابير التي اتخذاها حتى ذلك التاريخ لتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الصادر في 13 أيار/مايو 2008. وفي اليوم نفسه، قدم أيضاً طلباً إلى المحكمة الدستورية مطالباً إياها باعتماد قرار مفاده أن السلطات لم تنفذ قراره المح كمة الصادر في 13 أيار/مايو 2008 ، وذلك عملاً بالمادة 74-6 من نظامها الداخلي. لكن صاحبي البلاغ لم يتلقيا، حتى تقديم هذا البلاغ، أي رد من المحكمة أو الهيئات الأخرى، ولم تتخذ السلطات أي إجراء في هذا الصدد.

2-15 وفيما يتعلق بمقتضيات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، يدفع صاحبا البلاغ بعدم وجود سبيل انتصاف فعال وبأن المحكمة الدستورية نفسها أقرت بأن دينو قادريتش وأصحاب الشكاوى الآخرين "لم يوفر لهم أي سبيل انتصاف فعال وملائم لحماية حقوقهم" ( ) . وفي ضوء المادة السادسة (4) من دستور الدولة الطرف، يجب اعتبار قرار المحكمة الدستورية المؤرخ 13 أيار/مايو 2008 نهائياً وملزماً. ولذلك، لا يوجد أمام صاحبي البلاغ أي سبيل انتصاف فعال لاستنفاده. وفيما يتعلق بالسيدة قادريتش ، دفعا ً بأنها، رغم عدم تقديمها لأي طلب رسمي إلى المحكمة الدستورية، كانت قد قدمت، في الأساس، عدة طلبات إلى السلطات الوطنية المختصة. وبما أن دينو قادريتش بلغ الثامنة عشرة من العمر وكان يسكن في الدولة الطرف في ذلك الحين، قرر وعائلتُه أن يكون هو الشخص الذي يتقدم بالطلب إلى المحكمة. ويدعي صاحبا البلاغ أنه من غير المنطقي أن يُطلب إلى السيدة قادريتش أن تقوم بنفس الإجراءات التي قام بها ابنها، وبأن قرار المحكمة الدستورية أثبت عدم وجود سبيل انتصاف فعال.

2-16 وبشأن مقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزمني، يؤكد صاحبا البلاغ أنه رغم وقوع الأحداث قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، فإنه في حالة عدم العثور على رفات الضحايا المزعومين لعملية إعدام خارج نطاق القضاء أو لمجزرة وعدم إخراج رفاتهم من القبر والتعرف عليها وإعادتها إلى أسرها، يوصف الضحايا المزعومون بأنهم "مختفون" أو "مفقودون" وتبقى على الدولة بعض الالتزامات الجارية. وفي هذه القضية، حُرم إرمين قادريتش تعسفاً من حريته، وأُسيئت معاملته، وأُعدم تعسفاً على يد قوات صرب البوسنة ثمَّ جرى نقل وإخفاء رفاته. ولم يتم تحديد مكان الرفات وإعادته إلى أسرة الضحية وبالتالي فإن مكان تواجده لم يُؤكد حتى تاريخه. واعتبرت السلطات المحلية، بما في ذلك المحكمة الدستورية، إرمين قادريتش شخصاً مفقوداً. وأخيراً، لم تنفذ السلطات قرار المحكمة الدستورية المؤرخ 13 أيار/مايو 2008 ولم يتخذ مكتب الادعاء أي تدبير لمعاقبة المسؤولين عن هذا الإخفاق.

الشكوى

3-1 يؤكد صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تحدد وتكشف مصير رفات إرمين قادريتش ، وهو بالتالي يظل شخصاً "مفقوداً". ويظل لدى الدولة الطرف التزام جار بتحديد مكان رفات الضحية وإخراجه من القبر وتحديد هويته وإعادته إلى الأسرة، فضلاً عن محاكمة ومعاقبة المسؤولين عن الجرائم المعنية. ويؤكد صاحبا البلاغ أنه ما دام مصير الأشخاص المفقودين غير محدد ولم يجر الكشف عن رفاتهم على النحو الواجب، يتعين اعتبار الحالة حالة اختفاء قسري. ويدعيان أن الاختفاء القسري يشمل عدداً من الجرائم، وأنه، في حالة إرمين قادريتش ، يمثل انتهاكاً للمواد 6 و7 و9 و16 مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد. ويشيران إلى أن مصير إرمين قادريتش غير معروف منذ 20 تموز/يوليه 1992 وأن اختفاءه حصل في سياق هجوم منهجي وواسع النطاق ضد السكان المدنيين. وقد حُرم تعسفاً من حريته وأسيئت معاملته وأعدم تعسفاً على يد أفراد من قوات صرب البوسنة ومن ثمَّ، جرى نقل وإخفاء رفاته.

3-2 ورغم ما بذله صاحبا البلاغ من جهود، لم يحصلا على أية معلومات هامة تتعلق بمكان رفات إرمين قادريتش . ورغم أن صاحبي البلاغ أبلغا السلطات المعنية في الدولة الطرف بما جرى من أحداث، فإنها لم تجر أي تحقيق رسمي وفوري ونزيه وكامل ومستقل في هذه الجرائم ولا يزال مكان رفات إرمين قادريتش مجهولاً. ولم يحدد مكان رفاته ولم يُعد إلى أسرته، ولم يحاكم أو يعاقب أي شخص عن الجرائم المعنية.

3-3 ويدفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف مسؤولة عن التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتقديم معلومات عن أماكن وجود المفقودين. وفي هذا الصدد، أحالا إلى تقرير صادر عن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي والذي ذكر أن المسؤولية الأساسية عن تنفيذ هذه المهام تظل مسؤولية السلطات التي تكون المقابر الجماعية المشتبه في وجودها ضمن ولايتها القضائية ( ) . ويدفعان كذلك بأن الدولة الطرف يقع عليها التزام بإجراء تحقيق رسمي وفوري ونزيه وشامل ومستقل للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كحالات الاختفاء القسري، أو التعذيب، أو أعمال القتل التعسفي. كما ينطبق الالتزام بإجراء تحقيق في حالات القتل أو الأفعال الأخرى التي تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان التي لا تُنسب إلى الدولة. وفي هذه الحالات، ينشأ الالتزام بالتحقيق عن واجب الدولة حماية جميع الأشخاص الذين يخضعون لولايتها القضائية من الأفعال التي يرتكبها أشخاص عاديون أو مجموعات أشخاص ويمكن أن تعيق تمتعهم بحقوق الإنسان الخاصة بهم ( ) .

3-4 ويحيل صاحبا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة ومفادها وجوب أن تجري الدولة الطرف تحقيقاً شاملاً في حالات المفقودين والمختفين في ظروف قد تنطوي على انتهاك للحق في الحياة، وأن تقاضي وتحاكم وتعاقب جنائياً الأشخاص الذين يُعتبرون مسؤولين عن هذه الانتهاكات. وفي حالة إرمين قادريتش ، يمثل تخلف الدولة الطرف عن إجراء تحقيق فعال وشامل (انظر الفقرتين 3-1 و3-2 أعلاه) انتهاكاً لحقه في الحياة، في انتهاك للمادة 6، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-5 ويؤكد صاحبا البلاغ أن الاختفاء القسري يشكل في حد ذاته شكلاً من أشكال التعذيب ( ) . ويقع على عاتق الدولة التزام جارٍ بإجراء تحقيق شامل في جميع مزاعم التعذيب وضمان تقديم المذنبين إلى العدالة. وفي الحالات التي تنطوي على مجازر أو أعمال قتل تعسفي، من الملائم افتراض انتهاك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ونقل عبء الإثبات إلى الدولة المعنية. وفي حالة إرمين قادريتش ، فقد تعرض، قبل إعدامه خارج نطاق القضاء، إلى معاملة مجردة من الرحمة طوال ساعات ووُجهت إليه جميع أنواع الإهانات وعومل معاملة شديدة السوء (انظر الفقرة 2-2 أعلاه). ويرى صاحبا البلاغ أن إرمين قادريتش عانى خلال تلك الفترة من شعور شديد بالإحباط والكرب والألم، بينما كان يُضرب ويُهان وهو يخشى بالتأكيد إعدامه الوشيك. ورغم أن هذه الوقائع تشكل ضرباً من ضروب سوء المعاملة، لم تجرِ الدولة الطرف تحقيقاً رسمياً وفورياً ونزيهاً وكاملاً ومستقلاً كما لم تحدد هوية الجناة وتحاكمهم وتعاقبهم، وذلك في انتهاك لالتزاماتها الإجرائية الإيجابية بموجب المادة 7، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (3) من العهد.

3-6 وانتُهكت أيضاً حقوق إرمين قادريتش بموجب المادة 9 من العهد. فقد حرمته قوات صرب البوسنة من حريته تعسفاً، واقتادته خارج منزله، دون تقديم أي إيضاحات أو أسس قانونية. وفي الساعات التي تلت، كان فعليا ً تحت سلطة قوات صرب البوسنة. لكن احتجازه لم يُدرج في أي سجل رسمي ولم ير أقاربه بعد ذلك أبداً. وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح ولم تبذل السلطات المختصة أي جهود لإجراء تحقيق فعلي في حرمان إرمين قادريتش من حريته تعسفاً، يرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق قريبهم بموجب المادة 9، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-7 ويحيل صاحبا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة، التي تفيد بأن الاختفاء القسري يمكن أن يشكل إنكاراً للشخصية القانونية للضحية إذا كان الشخص في عهدة سلطات الدولة الطرف عند ظهوره للمرة الأخيرة وإذا كانت هناك إعاقة منتظمة لجهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي هذه القضية، سُجل إرمين قادريتش بوصفه شخصاً مختفياً منذ عام 1992 لكن جهود أقاربه للوصول إلى سبل انتصاف يُحتمل أن تكون فعالة أُعيقت بشكل منهجي. وعلاوة على ذلك، لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق لمعرفة مكان تواجده. وبناء ًعلى ذلك، فإن تخلف الدولة عن إجراء تحقيق فعال جعله خارج حماية القانون منذ عام 1992، وهو يشكّل انتهاكاً للمادة 16، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-8 وفي الختام، يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق إرمين قادريتش بموجب المواد 6 و7 و9 و16، وجميعها مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-9 ويزعم صاحبا البلاغ أنهما ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة 7، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد. ويدعيان أنهما عانيا منذ عام 1992 من توتر نفسي عميق وشديد في سعيهما إلى مواجهة الأحداث التي مرا بها، وذلك بسبب حالة عدم اليقين فيما يتعلق بمكان رفات إرمين قادريتش وعدم تمكنهما من دفنه بصورة لائقة. وقد طلبا مراراً إلى سلطات الدولة الطرف تزويدهما بمعلومات عن عزيزهما وذلك خلال السنوات الاثنتي والعشرين الماضية، لكنهما لم يتلقيا أية معلومات ذات صلة. ولم تخفق الدولة الطرف في تلبية طلباتهما الحصول على معلومات فحسب، بل وضعت أيضاً عدداً من العقبات في طريقهما، تاركة لهما تحمّل عبء الكشف عن أية حقائق. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن السلطات لم تنفذ حكم المحكمة الدستورية المؤرخ 13 أيار/مايو 2008 ولا أحكام القانون المتعلق بالمفقودين، لا سيما فيما يتعلق بإنشاء الصندوق، ما يترك أُسر المفقودين دون إمكانية الحصول على جبر ملائم. وحتى تاريخه، ظلت الدولة الطرف تنتهك حقهما في معرفة الحقيقة عن مكان تواجد عزيزهما ومعرفة التقدم المحرز في التحقيقات وما توصلت إليها من نتائج. وعلاوة على ذلك، لم يحصلا على أي تعويض مالي ولم يستفيدا من أي تدبير يوفر لهما إعادة التأهيل أو الترضية. وبناءً على ذلك، يدفع صاحبا البلاغ بأن عدم اهتمام سلطات الدولة الطرف بطلباتهما يشكل انتهاكاً لحقهما بموجب المادة 7، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

3-10 ويؤكد دينو قادريتش أنه كان في الخامسة من العمر عندما حصلت تلك الأحداث. وقد اضطُر للعيش دون أبيه ودون إمكانية الحداد عليه على النحو الملائم. وقد شهد اعتقال والده وإساءة معاملته وإعدامه تعسفاً وهو في حالة ضعف شديد. ورغم أن سلطات الدولة الطرف يقع عليها التزام باعتماد تدابير حماية خاصة، فإنها تركته في حالة عدم يقين مؤلمة فيما يتعلق بمكان جثة والده. ولذلك يؤكد أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 24(1)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2(3) و7 من العهد عندما كان قاصراً يحتاج إلى حماية خاصة حتى بلوغه سن الرشد في 2 أيلول/سبتمبر 2005.

3-11 ويطلب صاحبا البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بما يلي: (أ) الأمر بإجراء تحقيق مستقل على وجه السرعة لتحديد مكان رفات إرمين قادريتش وإخراجه من القبر والتأكد من هويته واحترامه وإعادته إلى الأسرة؛ (ب) تقديم الجناة إلى السلطات المختصة لمقاضاتهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم، ونشر نتائج هذا التدبير علانية؛ (ج) ضمان حصول أقارب إرمين قادريتش على جبر كامل وتعويض سريع ومنصف وملائم؛ (د) ضمان أن تشمل تدابير الجبر الأضرار المادية والمعنوية وإجراءات لاستعادة الحقوق ورد الاعتبار والترضية وضمانات عدم التكرار. وينبغي أن تسارع الدولة الطرف إلى توفير جملة أمور بينها الرعاية الطبية والنفسية المجانية لصاحبي البلاغ، مجاناً، من خلال مؤسسات مختصة، من أجل الحد من معاناتهما النفسية والعقلية التي سببتها لهما هذه الأحداث. وينبغي أن تضمن الدولة الطرف ألا يؤدي تفسير المدعي العام لجمهورية صربسكا لقانون التعويض إلى التمييز ضد أقارب ضحايا الحرب المدنيين باستبعادهم منهجياً من أي تعويض.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبول ي ة البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 21 حزيران/يونيه 2011، ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وأشارت إلى الإطار القانوني الذي وُضع لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب في الفترة التي تلت الحرب ومنذ كانون الأول/ديسمبر 1995. وذكرت أن الاستراتيجية الوطنية لمعالجة قضايا جرائم الحرب اعتُمدت في كانون الأول/ديسمبر 2008، بهدف استكمال المحاكمة على أشد جرائم الحرب تعقيداً في غضون سبع سنوات، ومرتكبي "جرائم الحرب الأخرى" في غضون 15 عاماً من اعتماد الاستراتيجية. وأشارت الدولة الطرف كذلك إلى اعتماد قانون الأشخاص المفقودين الذي أنشئ بموجبه المعهد المعني بشؤون المفقودين بهدف تحسين عملية البحث عن المفقودين وتحديد هوية الرفات مذكرّة بأن حوالي 000 30 شخص فُقدوا خلال الحرب وأن رفات 000 20 شخص قد استُخرجت وتم التعرف على هوية 000 18 منهم.

4-2 وفي نيسان/أبريل 2009، أنشأ المعهد المعني بشؤون المفقودين مكتباً إقليمياً في سانسكي موست فضلاً عن مكتب ميداني ووحدات تنظيمية. ورأت الدولة الطرف أن تلك المبادرات هيأت الظروف اللازمة لتسريع وتفعيل عمليات البحث عن المختفين في أراضي كرايينا البوسنية، بما في ذلك برييدور . ويذهب المحققون يومياً لجميع المعلومات عن المقابر الجماعية المحتملة ولإقامة صلات مع الشهود. ومنذ عام 1998، نُبش 721 قبراً كما أُعيد نبش 48 قبراً آخر في تلك المنطقة، بما في ذلك بلدية برييدور . وأبلغت الدولة الطرف اللجنة كذلك بأنها اكتشفت مقبرة تحتوي على 15 جثة لأشخاص غير معروفين في منطقة ريزفانوفيتشي وأن طلباً أُرسل إلى مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك لإخراج الجثث منها.

4-3 وأرسلت الدولة الطرف إلى اللجنة، من ضمن ملاحظاتها، رسالة من مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك، قالت فيها إن سجلاتها لا تشير إلى تقديم صاحبي البلاغ أي طلب إلى مكتب المدعي العام لإجراء تحقيق في مصير إرمين قادريتش ومكان تواجده، رغم أن تلك الأحداث جرت خلال الصراع المسلح وانطوت على إمكانية ارتكاب جريمة حرب. وبناءً على ذلك، أكد مكتب المدعي العام أن "ثمة شكوكا ً عما إذا كانا [صاحبا البلاغ] قد استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة". وأشار كذلك إلى أنه يجري تحقيقات جنائية تتعلق بأفراد من قوات صرب البوسنة يُزعم أنهم شاركوا في هجمات على مدنيين من غير الصرب كانوا يعيشون في بلدية برييدور ؛ وأن الأشخاص المتهمين وُجهت إليهم تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ وأن حالتين سُجلتا وهما في مرحلة التحقيق. وعلى غرار ذلك، ذكرت وزارة العدل في الدولة الطرف وكتب المدعي العام في جمهورية صربسكا أنهما لم يتلقيا أي شكوى تتعلق باختفاء إرمين قادريتش .

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في 19 تموز/يوليه 2011، قدم صاحبا البلاغ تعليقاتهما بشأن ملاحظات الدولة الطرف. ودفعا بأن سلطات الدولة الطرف أقرت بالأسس الموضوعية للمزاعم المقدمة في بلاغهما. وأشارا إلى الأهمية الكبيرة لبيان مكتب المدعي العام الذي أشار فيه إلى أنه يُجري تحقيقات مع الأشخاص الذين يُزعم ارتكابهم لهجمات على المدنيين من غير الصرب في بلدية برييدور (انظر الفقرة 4-3 أعلاه). وأشارا إلى أنهما لم يعلما بشأن ذلك التحقيق إلا من خلال ملاحظات الدولة الطرف. وأضافا أنهما لم يتلقيا عند تقديمهما لتعليقاتهما أي بلاغ رسمي عن فتح ذلك التحقيق أو التقدم الذي أحرزه، وأنهما لم يشتركا فيه أو يُربطا به بأي طريقة من الطرق، رغم أنهما كانا شاهدين على جزء من الأحداث ذات الصلة.

5-2 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ، أشار صاحبا البلاغ إلى أنهما أبلغا السلطات التي كانت موجودة على الأرض بحرمان إرمين قادريتش من حريته وإساءة معاملته وقتله تعسفاً ومن ثمَّ نقل وإخفاء رفاته منذ عام 1992. والواقع أن المؤسسات الرئيسية التي تعالج مسألة الأشخاص المختفين في الدولة الطرف تعلم بأن إرمين قادريتش كان من بين المدنيين الذين أُسيئت معاملتهم وقُتلوا تعسفاً في ريزفانوفيتشي . وبوسع السلطات القضائية المختصة المكلفة بالتحقيق في الجرائم المرتكبة في برييدور وضواحيها عام 1992 أن تطلع على سجلات تلك المؤسسات. وعلاوة على ذلك، أُدرج اسم إرمين قادريتش في قائمة المفقودين من برييدور الواردة في كتاب لا ذنب لهم ( Ni krivi ni duzni ) ( ) ، الذي أرسلته منظمة إيزفور إلى مكتب المدعي العام مرتين. وبناءً على ذلك، كان بحوزة مكتب الادعاء العام وسلطات مختصة أخرى معلومات كافية أو باستطاعتها الحصول على معلومات كافية لفتح تحقيق رسمي بشأن حرمان إرمين قادريتش من حريته تعسفاً وإساءة معاملته وقتله تعسفاً ومن ثمَّ نقل وإخفاء رفاته.

5-3 وأشار صاحبا البلاغ أيضاً إلى التعليق العام للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بشأن الاختفاء القسري باعتباره جريمة مستمرة (الفقرات 1 و2 و7 و8) ( ) . واعتبرا أن ملاحظات الدولة الطرف تؤكد زعمهما أن قريبهما ظل مسجلاً كشخص مفقود "مجهول المصير". فعلى سبيل المثال، تتضمن أداة التقصي الإلكترونية التي وضعتها اللجنة الدولية المعنية بالمفقودين اسمه وتشير إلى أنه لم يُعثر على معلومات مطابقة تتعلق به على الرغم من أن أقاربه قدموا عيّنات من الحمض الخلوي الصبغي. ولذلك، فإن عملية البحث لا تزال مفتوحة تحت مسؤولية السلطات البوسنية الملزمة بتحديد مصير إرمين قادريتش ومكان تواجده؛ وبالبحث عن رفاته وتحديد مكانه واحترامه وإعادته إلى أسرته؛ وإطلاع الأسرة على حقيقة ظروف الجريمة المرتكبة، وعلى التقدم المحرز ونتائج التحقيق بشأن مصيره؛ وضمان جبر الضرر الذي لحق بأسرته من جراء الانتهاكات المستمرة.

5-4 ويدعي صاحبا البلاغ أن موظفي المكتب الإقليمي للمعهد المعني بشؤون المفقودين في إستوتشنو أو المكتب الميداني في ساراييفو اللذين أشارت إليهما الدولة الطرف لم يتصلوا حتى الآن بأي منهما أو بأي من شهود العيان على الأحداث التي أدت إلى حرمان إرمين قادريتش من حريته تعسفاً، وإساءة معاملته وقتله تعسفاً ومن ثمّ نقل وإخفاء رفاته، في حين أن بوسعهما، على حد قولهما، تزويد تلك السلطات بمعلومات يمكن أن تفيد في تحديد مكانه ( ) . وأشارا إلى أن ملاحظات الدولة الطرف تقدم إشارات عامة إلى وجود مقبرة جماعية يُفترض أنها تحتوي على رفات 15 شخصاً في ريزفانوفيتشي لكنها تفتقر إلى معلومات محددة عن المكان المحتمل لرفات قريبهما. وإذا كانت لدى المعهد المعني بشؤون المفقودين معلومات موثوقة تشير إلى إمكانية أن تكون رفات إرمين قادريتش في هذا الموقع، فإنه ينبغي إبلاغهما بذلك دون إبطاء كما ينبغي إشراكهما في كامل عملية تحديد مكان الرفات وإخراجه من القبر وتحديد هويته.

5-5 ودفع صاحبا البلاغ كذلك بأن وجود عدد كبير من جرائم الحرب التي يتعين التحقيق فيها لا يُعفي الدولة الطرف من مسؤوليتها عن إجراء تحقيق فوري وشامل في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو عن إطلاع أقارب الضحايا بانتظام على سير هذه التحقيقات وعلى نتائجها. ورغم أن صاحبي البلاغ أبلغا مختلف السلطات بحرمان إرمين قادريتش من حريته تعسفاً، وإساءة معاملته، وقتله تعسفاً ومن ثمّ نقل وإخفاء رفاته، يبدو من ملاحظات الدولة الطرف أن القضية لم تعطَ رقم ملف مع أن مكتب المدعي العام أقر بأن القضية قد تكون مرتبطة بتحقيقات يجريها في حالتين (انظر الفقرة 4-3 أعلاه).

5-6 واعتبر صاحبا البلاغ أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمعالجة قضايا جرائم الحرب يشوبه القصور ولا يمكن للدولة الطرف أن تحتج به كرد كافٍ على شكاوى نقص المعلومات المتعلقة بسير التحقيقات ونتائجها، أو لتبرير تقاعس السلطات المعنية. كما أن اعتماد استراتيجية العدالة الانتقالية لا يمكن أن يحل محل إمكانية لجوء ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأقاربهم إلى القضاء وحصولهم على ما ينصفهم.

5-7 وأشار صاحبا البلاغ إلى أن بعض أحكام قانون المفقودين البالغة الأهمية، بما في ذلك تلك المتعلقة بإنشاء صندوق دعم أسر المفقودين من البوسنة والهرسك، لم تُنفذ على مدى عدة سنوات من دخوله حيز النفاذ. وعلاوة على ذلك، أشار عدد من المؤسسات الدولية إلى أن إنشاء الصندوق لا يكفي لضمان توفير التعويض الكامل لأقارب المفقودين ( ) .

5-8 وأبلغ صاحبا البلاغ اللجنة بأن دينو قادريتش استلم في 22 آذار/مارس 2011 رسالة من المحكمة الدستورية تُبلغه فيها بأنها اعتمدت في 27 آذار/مارس 2009 وثيقة تقدم معلومات عن إنفاذ قرارات المحكمة خلال الفترة من 1 كانون الثاني/يناير إلى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2008، وهي وثيقة أكدت أن القرار المعتمد في قضيته المؤرخة 13 أيار/مايو 2008 (انظر الفقرة 2-10 أعلاه) ينبغي اعتباره نافذاً. وفي 13 نيسان/أبريل 2011، طلَب إلى المحكمة الدستورية نسخة من القرار المذكور ودفع بأن القرار لم ينفذ فعلياً. وفي 19 نيسان/أبريل 2011، قدمت المحكمة نسخة من الوثيقة، لكنها لم تقدم أي حجة لتبرير اعتبارها أن القرار المؤرخ 13 أيار/مايو 2008 قد نُفذ.

5-9 وقد اتصل فريق العمليات المعني بالبحث عن المفقودين في جمهورية صربسكا بدينو قادريتش حول طلبه معلومات تتعلق بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية المؤرخ 13 أيار/مايو 2008 (انظر الفقرة 2-14 أعلاه). ورداً على طلب فريق العمليات، أرسل دينو قادريتش ، بتاريخ 13 نيسان/أبريل 2011، نسخة من هذا القرار. ولم يتلق صاحبا البلاغ، حتى تاريخ تقديم تعليقاتهما، أي معلومات أخرى من فريق العمليات.

5-10 ورفض مكتب المدعي العام في جمهورية صربسكا في 3 حزيران/يونيه 2011 مطالبة صاحبي البلاغ بالتعويض بموجب قانون التعويض (انظر الفقرة 2-14 أعلاه). وقال المكتب إن هذا الموضوع خارج اختصاصه لأن إرمين قادريتش مدني ولم يختف في ظروف تتعلق بالخدمة العسكرية وأنشطة الدفاع العسكري. وادعى صاحبا البلاغ أن ذلك ينطوي على تمييز بين ضحايا الحرب المدنيين وقدامى المحاربين ويمثل بالتالي انتهاكاً للمادة 26، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3). وأبلغ صاحبا البلاغ اللجنة بأنهما تقدما في 20 حزيران/يونيه 2011 بطعن في قرار المدعي العام إلى وزارة العدل في جمهورية صربسكا . وقالا إن هذا الطعن كان لا يزال معلقاً وقت تقديم تعليقاتهما إلى اللجنة.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في 12 أيلول/سبتمبر، و3 تشرين الأول/أكتوبر، و2 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، قدمت الدولة الطرف معلومات إضافية وأكدت مجدداً ملاحظاتها.

6-2 وبعثت الدولة الطرف إلى اللجنة برسالة من مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك مؤرخة 21 أيلول/سبتمبر 2011، أكد فيها المكتب أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد في حالة صاحبي البلاغ. وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى أنها تواصل تحقيقاتها المتعلقة بالجرائم المرتكبة في بلدية برييدور (انظر الفقرة 4-3 أعلاه) وأكدت أن تلك القضايا أُدرجت في فئة القضايا التي يمكن أ ن تستمر سبع سنوات قبل البت فيها ، بالنظر إلى مدى تعقيدها. وأشار مكتب المدعي العام إلى أنه بالنظر إلى العدد الكبير من الضحايا، رأى أنه من غير العملي أو العقلاني أن يتصل بكل شخص متضرر أو معني ليبلغه بحالة التحقيق. وعوضاً عن ذلك، اعتمد المكتب ممارسة مفادها أن يرد على الاستفسارات التي تقدمها رابطات الضحايا. وبالتالي يمكن لصاحبي البلاغ أن يطلبا المعلومات المتعلقة بقريبهما من إحدى تلك المنظمات. وأكد المكتب كذلك أن نقل ملاحظات الدولة الطرف إلى صاحبي البلاغ في سياق هذا البلاغ يمكن اعتباره وسيلة لإبلاغهما شخصياً بسير قضية قريبهما. وأشار المدعي العام أيضاً إلى أن أُسر المفقودين سيُستدعون للإدلاء بإفاداتهم خلال التحقيق، لكن عدد الأدلة والشهود يجب أن يكون بالضرورة محدوداً لضمان فعالية الدعاوى الجنائية ونجاعتها من حيث التكلفة.

6-3 وأكد المعهد المعني بشؤون المفقودين أن مصير إرمين قادريتش ومكان تواجده لم يُحددا على وجه اليقين، لكنه لم يستبعد إمكانية العثور على رفاته في أراضي البلديات التي تجري فيها تحقيقات، كبلدية برييدور . وأبلغ اللجنة أيضاً بما يبذله من جهود لاقتفاء أثر الأشخاص المفقودين في كرايينا البوسنية كما أبلغها بتكليف محققين من المكتب الإقليمي لبيهاتش والمكتب الميداني لـسانسكي موست اقتفاء أثر المفقودين في ذلك الإقليم.

6-4 وفيما يتعلق بمطالبة صاحبي البلاغ بالتعويض بموجب قانون التعويض، أكدت الدولة الطرف أن مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا ليس سلطة قضائية ولا يمكنه البت في الدعاوى المدنية أو بالمطالبات بالتعويض عن الضرر، لأن المحاكم وحدها تملك الولاية القضائية بشأن هذه المسائل. وقد اكتفى مكتب المدعي العام، في قراره المؤرخ 3 حزيران/يونيه 2011، بالقول إنه لا يملك اختصاص تنفيذ الإجراءات الإدارية للتوصل إلى حل ودي بموجب ذلك القانون. لكن ذلك القرار لم يؤثر على حق صاحبي البلاغ في رفع دعوى مدنية. ولذلك، رأت الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يتعرضا للتمييز مقارنة بالمواطنين الآخرين لأنهما لم يتقدما بطلب إلى السلطة المختصة للبت في دعوى مدنية للحصول على تعويضات غير مالية.

6-5 وأبلغت الدولة الطرف اللجنة كذلك بأن القانون المتعلق بتحديد الدين الداخلي لجمهورية صربسكا وطريقة تسويته حدد اختصاص المحاكم والسلطات الأخرى ونظّم إجراءات منح التعويضات عن الأضرار المالية وغير المالية في حالات الأشخاص المختفين.

معلومات إضافية مقدمة من صاحبي البلاغ

7-1 في 19 و21 تشرين الأول/أكتوبر و1 كانون الأول/ديسمبر 2011، قدم صاحبا البلاغ معلومات إضافية إلى اللجنة. وقد أكدا ادعاءاتهما السابقة واعتبرا أن الملاحظات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف لا تقدم أية معلومات موضوعية عن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

7-2 وأعرب صاحبا البلاغ عن قلقهما إزاء التأخر في التحقيقات. ورغم احترام مهلة السبع سنوات للقضايا المعقدة، فإن ذلك يعني أن التحقيق الكامل في الجرائم المعنية سيستمر لأكثر من 26 عاماً.

7-3 وأبلغ صاحبا البلاغ اللجنة بأن وزارة العدل في جمهورية صربسكا رفضت، بتاريخ 30 حزيران/يونيه 2011، طعنهما في قرار مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا المؤرخ 3 حزيران/يونيه 2011 والمتعلق بمطالبتهما بتعويض بموجب قانون التعويض. ورغم إمكانية الطعن في ذلك القرار، امتنع صاحبا البلاغ عن ذلك لعدم قدرتهما على تحمّل نفقات الإجراءات أمام محكمة عادية. وعلاوة على ذلك، جرت العادة أن ترفض المحاكم العادية المطالبة بتعويضات غير مالية تتعلق بالأذى الذي لحق بالضحايا خلال الحرب، لأنها تطبق نظام سقوط الدعوى بعد مرور ثلاث سنوات بالنسبة للشخص وخمس سنوات بالنسبة للموضوع. ولذلك لم يتح لصاحبي البلاغ، في الممارسة العملية، سبيل انتصاف فعال يمكّنهما من الحصول على تعويض عن الأضرار غير المالية التي لحقت بهما.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8-2 وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست موضع بحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وفيما يخص ادعاء صاحبي البلاغ انتهاك المادة 26، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحبي البلاغ، فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أن طعنهما في رفض مكتب المدعي العام لجمهورية صربسكا مطالبتهما بالتعويض بموجب قانون التعويض (انظر الفقرة 2-14 أعلاه) قد رُفض من جانب وزارة العدل في جمهورية صربسكا في 30 حزيران/يونيه 2011؛ وأنه على الرغم من إمكانية الطعن في هذا القرار، امتنعا عن ذلك لعدم قدرتهما على تحمُّل النفقات المتعلقة بالإجراءات؛ وأن ذلك لا يمثل، في أي حال، سبيل انتصاف فعالا لأن المحاكم العادية ترفض هذه الطلبات، وتطبق قانون التقادم. لكن اللجنة تذكّر بأن الاعتبارات المالية والشكوك غير المدعمة بأدلة حول فعالية سبل الانتصاف المحلية لا تعفي في العادة صاحبي البلاغ من استنفادها ( ) . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن ادعاء صاحبي البلاغ المتعلق بالمادة 26، مقروءة بالاقتران مع المادة 2-3، من العهد، غير مقبول عملاً بالمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

8-4 وفيما يتعلق بالادعاءات الأخرى التي أثارها صاحبا البلاغ، تحيط اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف ومفادها أن صاحبي البلاغ لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية، بحسب مكتب المدعي العام للبوسنة والهرسك، لأنهما لم يتقدما بطلب إلى مكتب المدعي العام للمطالبة بإجراء تحقيق لمعرفة مصير إرمين قادريتش ومكان تواجده. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بمزاعم صاحبي البلاغ ومفادها أن المحكمة الدستورية نفسها رأت أنه لا يوجد سبيل انتصاف فعال لحماية حقوق أقارب الأشخاص المفقودين؛ وأنهما قد أخبرا السلطات الموجودة على الأرض بحرمان إرمين قادريتش من حريته تعسفاً وإساءة معاملته، وقتله تعسفاً ثمّ نقل وإخفاء رفاته منذ عام 1992؛ وأن المحكمة الدستورية خلصت في 13 أيار/مايو 2008 إلى وجود انتهاك لحقوق دينو قادريتش بسبب عدم توفر معلومات عن مكان تواجد والده، وأن هذا الحكم لم تنفذه السلطات المختصة. وتلاحظ اللجنة أن مكان رفات إرمين قادريتش ما زال غير معروف بعد مرور أكثر من 22 عاماً على الأحداث المزعومة المتعلقة به، وأن الدولة الطرف لم تقدم حججاً مقنعة لتبرير التأخير في استكمال التحقيق. وبناءً عليه، ترى اللجنة أن تطبيق سبل الانتصاف المحلية استغرق وقتاً طويلاً إلى حد غير معقول وأن ما من شيء يحول دون دراسة البلاغ وفقاً للفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بموجب المادة 16، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يقدما معلومات تدعم ادعاءهما، وبالتالي فإنها ترى أنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8-6 وفي ضوء استيفاء جميع شروط المقبولية، تعلن اللجنة أن ادعاءات صاحبي البلاغ مقبولة بموجب المواد 6 و7 و9، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) فيما يتعلق بإرمين قادريتش ، وكذلك بموجب المادتين 7 و24 مقروءتين بالاقتران مع المادة 2(3) فيما يتعلق بصاحبي البلاغ، وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذه القضية في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها جميع الأطرا ف، على نحو ما تنص عليه المادة 5 (1) من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبي البلاغ بأن إرمين قادريتش حُرم من حريته تعسفاً، وأسيئت معاملته، وأُعدم تعسفاً على يد أعضاء من قوات صرب البوسنة في 20 تموز/يوليه 1992 وأن رفاته نُقل وأُخفي بعد ذلك؛ وأن مكان رفاته لا يزال مجهولاً حتى تاريخه؛ وأنه لا يزال مسجلاً كشخص مفقود؛ وأن قضيته بالتالي تشكل ضرباً من ضروب الاختفاء القسري. ولم يُجر أي تحقيق رسمي وسريع ونزيه ومستفيض ومستقل من جانب الدولة الطرف للتوصل إلى معلومات عن مكان رفاته وتقديم الجناة إلى العدالة. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بالفقرة 18 من التعليق العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، والذي مؤداه أن تقاعس الدولة الطرف عن التحقيق في ادعاءات الانتهاكات أو تقديم مرتكبي انتهاكات معينة إلى العدالة (خصوصاً التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والإعدام بإجراءات موجزة أو تعسفاً والاختفاء القسري) قد يمثل في حد ذاته خرقاً منفصلاً لأحكام العهد.

9-3 وتلاحظ اللجنة على وجه التأكيد أن إرمين قادريتش قد اعتُقل واقتيد من منزله على يد جنود من قوات صرب البوسنة، وأن السيدة قادريتش ترى أن زوجها اعتُقل وتعرض لإساءة معاملة شديدة لعدة ساعات مع رجال آخرين وأن الجنود أمروا الرجال في لحظة معينة بالركض وبدأوا بإطلاق النار عليهم. وبعد يوم ونصف، غادرت السيدة قادريتش المنزل ووجدت جثة إرمين قادريتش بين الجثث الأخرى. لكنها لم تكن قادرة على استرداد جثته في ذلك الوقت، لأنها اضطرت إلى الهرب لحماية نفسها من رصاص القناصة. وعند عودتها، كانت الجثة قد نُقلت من مكانها. وتعززت رواية صاحبي البلاغ أيضاً بإفادات أدلى بها شاهدان قدمتهما السيدة قادريتش إلى المحكمة البلدية في سانسكي موست خلال الإجراءات التي نُفذت لإعلان وفاة إرمين قادريتش (انظر الفقرة 2-6 أعلاه). ورغم جهود صاحبي البلاغ لاستعادة رفات قريبهما ومطالبتهما سلطات الدولة الطرف إجراء تحقيق، لا يزال مكان تواجد جثة إرمين قادريتش مجهولاً.

9-4 ولئن كانت أفعال جيش صرب البوسنة لا تُنسب بشكل مباشر إلى الدولة الطرف، فإن اللجنة تحيط علماً بأن ادعاء صاحبي البلاغ أن هذه الأفعال، إلى جانب نقل وإخفاء رفات إرمين قادريتش لاحقاً، قد ارتُكبت على أراضي الدولة الطرف على يد قوات صرب البوسنة، وأن الدولة الطرف تظل ملتزمة بتحديد أماكن تواجد رفات الضحية وإخراجه من القبر وتحديد هويته وإعادته إلى الأسرة، فضلاً عن تحديد هوية المسؤولين عن الجرائم ومقاضاتهم ومعاقبتهم. وفي هذا الخصوص، تسلم اللجنة بالصعوبات الخاصة التي قد تواجهها دولة طرف ما في التحقيق في جرائم قد تكون قوات معادية ارتكبتها على ترابها. وبالتالي فإن كون التسليم بخطورة الجرائم المزعومة ومعاناة صاحبي البلاغ بسبب تخلف الدولة الطرف عن تحديد مكان تواجد رفات الزوج والأب المفقود وكون الجناة لم يُقدموا بعد إلى العدالة، كلها أمور لا تكفي في حد ذاتها للخلوص إلى انتهاك المادة 2(3) من العهد في ظروف البلاغ الحالي.

9-5 غير أن صاحبي البلاغ يدعيان أن أكثر من 19 عاماً قد مرت على الأحداث المزعومة فيما يتعلق بإرمين قادريتش وأكثر من عامين مرت على صدور حكم المحكمة الدستورية في 13 أيار/مايو 2008، عند تقديم بلاغهما، ولم تمدهما سلطات التحقيق بمعلومات وجيهة فيما يتعلق بمكان تواجد رفات الضحية. وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2010، تقدم دينو قادريتش بطلب إلى المحكمة الدستورية مطالباً إياها باعتماد قرار يثبت أن السلطات لم تنفذ قرار المحكمة المؤرخ 13 أيار/مايو 2008. وفي 22 آذار/مارس 2011، أبلغت المحكمة الدستورية صاحبي البلاغ بأنها اعتبرت أن الحكم قد نُفذ، دون أن تعلل هذا الاستنتاج، ورغم عدم قيام السلطات بأي إجراءات فعالة في قضية إرمين قادريتش . وقدمت الدولة الطرف معلومات عامة عن جهودها في البحث عن رفات المفقودين ومقاضاة الجناة. لكنها لم تزود اللجنة بمعلومات محددة ذات صلة تتعلق بالخطوات المتخذة لمواصلة التحقيق في الاحتجاز التعسفي لإرمين قادريتش وإساءة معاملته وإعدامه خارج نطاق القضاء ولتحديد مكان تواجد رفاته وإعادته إلى أسرته. وتلاحظ اللجنة كذلك أن السلطات قدمت معلومات عامة ومحدودة جداً إلى صاحبي البلاغ بشأن قضية قريبهما. وترى اللجنة أن السلطات التي تحقق في انتهاكات من قبيل التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والإعدام بإجراءات موجزة أو تعسفاً والاختفاء القسري، عليها أن تتيح للأسر الفرصة في الوقت المناسب لتقديم ما لديها من معلومات للتحقيق وأن الأسر يجب أن تُبلَّغ بسرعة بأي معلومات تتعلق بتقدم التحقيق. وتلاحظ اللجنة أيضاً الكرب والإرهاق اللذين سببهما لصاحبي البلاغ استمرارُ حالة عدم اليقين الناتجة عن نقل وإخفاء رفات قريبهما. وتخلص اللجنة بالتالي إلى كون الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك المواد 6 و7 و 9، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (3) من العهد، فيما يخص إرمين قادريتش ، والمادة 7، مقروء ة لوحدها وبالاقتران مع المادة 2 (3) من العهد فيما يخص صاحبي البلاغ.

9-6 وفي ضوء الاستنتاجات المذكورة أعلاه، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءا ت صاحبي البلاغ بموجب المادة 24 (1)، مقروءة بالاقتران مع ال مادة 2 (3) من العهد.

10- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للمادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3)، من العهد، فيما يخص إرمين قادريتش ، والمادة 7، مقروءة وحدها وبالاقتران مع المادة 2(3)، فيما يخص صاحبي البلاغ.

11- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لصاحبي البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. وهذا يتطلب تقديم تعويض كامل للأفراد الذين تنتهك الحقوق التي يضمنها لهم العهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بما يلي: (أ) تكثيف جهودها لتحديد مكان رفات إرمين قادريتش ، كما يقضي بذلك قانون المفقودين، وجعل محققيها يتصلون بصاحبي البلاغ في أقرب وقت مكن للحصول منهما على المعلومات التي يمكن أن تفيد التحقيق؛ (ب) تعزيز جهودها لتقديم المسؤولين عن الاحتجاز التعسفي لإرمين قادريتش وإساءة معاملته وإعدامه خارج نطاق القضاء وإخفاء رفاته، بدون تأخير لا لزوم له، كما تقضي بذلك الاستراتيجية الوطنية لمعالجة قضايا جرائم الحرب؛ (ج) ضمان مدّ صاحبي البلاغ بسبل إعادة التأهيل النفسي والرعاية الطبية اللازمة لما عانيا منه من أذى نفسي وتوفير جبر فعلي لهما، بما في ذلك دفع تعويض ملائم واتخاذ إجراءات ترضية مناسبة. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل وعليها أن تضمن، بشكل خاص، أن تكون التحقيقات في ادعاءات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والإعدام بإجراءات موجزة أو تعسفاً والاختفاء القسري وتدابير الجبر الملائمة في متناول الأسر المفقودين.

12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفير سبيل انتصاف فعال في الحالات التي يثبت فيها حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مطالبة أيضاً بنشر هذه الآراء على نطاق واسع بجميع اللغات الرسمية الثلاث في الدولة الطرف.