الأمم المتحدة

CCPR/C/115/D/2130/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

9 February 2016

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2130/2012

قرار اعتمدته اللجنة في دورتها 115 (19 تشرين الأول/أكتوبر - 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2015)

المقدم من: زين العابدين بن علي (يمثّله أكرم عازوري)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: تونس

تاريخ تقديم البلاغ: 19 كانون الثاني/يناير 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادتين 92 و97 من النظام الدّاخلي والذي أحيل إلى الدولة الطرف في 1 شباط/فبراير 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ القرار: 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

الموضوع: محاكمة غير منصفة غيابياً

المسائل الإجرائية: عدم القبول على أساس وقت التقديم؛ التنازع؛ عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ افتراض البراءة؛ الحق في المحاكمة أمام محكمة مستقلة ونزيهة؛ حق المرء في الدّفاع عن نفسه أو بالاستعانة بمحام من اختياره؛ الحق في أن يتم إعلام الضحية سريعاً وبالتفصيل بطبيعة التهم الموجهة إليه وبأسبابها؛ الحق في الحصول على ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد الدّفاع

مواد العهد: الفقرات 1 و2 و3(أ)(ب) و(د) من المادة 14

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 1 و3 والفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( الدورة 115 )

بشأن

البلاغ رقم 2130/2012 *

المقدم من: زين العابدين بن علي (يمثّله أكرم عازوري)

الشخص المدعي أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: تونس

تاريخ تقديم البلاغ: 19 كانون الثاني/يناير 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2130/2012 المقدم إليها من زين العابدين بن علي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف؛

تعتمد ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1- صاحب البلاغ المؤرخ 19 كانون الثاني/يناير 2012، هو زين العابدين بن علي الرئيس السابق للجمهورية التونسية. ويتضمن بلاغه ادعاءات بانتهاك تونس للفقرات 1 و2 و3(أ) و(ب) و(د) من المادة 14 من العهد. ويمثله المحامي أكرم عازوري. وقد صادقت تونس على العهد في 18 آذار/مارس 1969 وانضمت إلى البروتوك ول الاختياري في 29 حزيران/ يونيه 2011. وبموجب الفقرة 2 من المادة 8 من البروتوكول الاختياري، دخل البروتوكول حيّز التنفيذ في 29 أيلول/سبتمبر 2011.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ رئيساً للجمهورية التونسية شغل منصبه حتى يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011، وهو التاريخ الذي غادر فيه تونس. ومنذ رحيله، تؤكد السلطات الرسمية التونسية ووسائط الإعلام الرسمية أن صاحب البلاغ قد ارتكب مختلف الجرائم الجنائية من : (1)  الإثراء غير المشروع وحيازة أصول في مختلف البلدان ولا سيما سويسرا؛ (2) الاتجار بالأسلحة ؛ (3) الاتجار بالمخدرات.

2-2 وفي 21 شباط/فبراير 2011، أي بعد مرور خمسة وثلاثين يوماً على مغادرة صاحب البلاغ تونس عرضت التلفزة التونسية شريطاً دارت أحداثه في مقر الرئاسة في قصر سيدي بوسعيد وظهرت فيه كميات من الأموال والنقود زُعم أن صاحب البلاغ نهبها هو وأسرته وأودعها في خزانة مالية بالقصر. وظهرت في الشرطة كميات من الأوراق المالية والمجوهرات. وفي 4 آذار/مارس 2011، صرّح رئيس الوزراء، الباجي قايد السبسي، أن صاحب البلاغ ارتكب جريمة الخيانة العظمى. لتخليه عن تحمّل مسؤوليته فيما يتعلق بكفالة الأمن والاستقرار ولمغادرته تونس وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة"، وأكّد أن هذه الجريمة يعاقب عنها بالإعدام. وفي 14 آذار/مارس 2011، أصدر رئيس الجمهورية ا لمؤقت، فؤاد المبزع، المرسوم رقم 13 الذي نُشر في الرائد الرسمي رقم 18 بتاريخ 18 آذار/مارس 2011 ( ) ، الذي دعا إلى مصادرة الأصول المنقولة وغير المنقولة التي حازها صاحب ا لبلاغ بعد 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987 والتي تعود إلى صاحب البلاغ و112 فرداً من أفراد أسرته أدرجت أسماؤهم في القائمة المرفقة بالمرسوم. وقد دخل ذلك المرسوم حيز التنف يذ قيل يوم واحد من دخول المرسوم رقم 14 حيز النفاذ والذي يأذن للرئيس المؤقت آنذاك باتخاذ تدابير تشريعية وفي 7 حزيران/يونيه 2011، صرّح ممثل وزارة العدل كاظم زين العابدين أن صاحب البلاغ ليس له الحق، حسب القوانين التونسية، في أن يدافع عنه، في إطار الإجراءات التونسية، محام يختاره إذا لم يكن حاضراً شخصياً أمام المحكمة.

2-3 وفي 20 حزيران/يونيه 2011، بثّت وسائط ال إعلام معلومات عن حكم أصدرته، في اليوم ذاته الذي بدأت فيه المحاكمة، المحكمة الابتدائية في تونس تقضي فيه بحبس صاحب البلاغ 35 عاماً استناداً إلى صور العملات الأجنبية التي ظهرت في الشرطة المذكور آنفاً وفي 4 تموز/يوليه 2011، بثت وسائط الإعلام كذلك معلومات عن حكم أصدرته في اليوم ذاته الذي بدأت فيه المحاكمة، المحكمة الكبرى لتونس في التوصية المعروفة باسم "قصر قرطاج" استناداً إلى اكتشاف كيلو غرامين من راتنج القنب الهندي وأسلحة وقطع أثرية في مقر إقامة الرئيس بع د مغادرته البلاد. وقضى ذلك الحكم الصادر بسجن صاحب البلاغ خمسة عشر عاماً ونصف العام استناداً إلى فتح رئيس إدارة مكافحة المخدرات حقيبة سفر، خلال المحاكمة، تحتوي على راتنج القنب الهندي بالإضافة إلى مظروف ذي فقاعات يزعم القاضي أنه كان مكتوباً عليه بخط صاحب البلاغ عبارة "مخدرات". وفي 2 8 تموز/يوليه 2011، بثت وسائط الإعلام معلومات بشأن حكم أصدرته المحكمة الكبرى في تونس يقضي غيابياً بسجن صاحب البلاغ ستة عشر عاماً بتهمة الفساد والتحايل العقاري في إطار صفقات شراء الأراضي العقارية ونقلها في مطلع القرن الحادي والعشرين.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك الفقرة 2 من المادة 14 من العهد نظراً لأن السلطات السياسية ووسائط الإعلام دأبت، منذ 14 كانون الثاني/يناير 2011، على التأكيد على ارتكابه كل التهم المنسوبة إليه. وقد بثت التلفزة الرسمية، في 21 شباط/فبراير 2011، صوراً التقطت مع تعليقات رسمية عليها تؤكد أن الأموال النقدية الأجنبية والمجوهرات التي ظهرت في الشر ي ط إنما هي ثمرة مخالفات قانونية ارتكبها صاحب البلاغ. وقد تداولت وسائط الإعلام تلك البيانات والصور وردّدتها. ويدّعي صاحب البلاغ أن الطابع السري للتحقيقات قد انتهك لأنه كان من المفترض أن تكون تلك الصور جزءاً من ملف التحقيقات الجنائية إلا أن وسائط الإعلام نما إلى علمها ذلك كما جرى فتح الخزائن الحديدية أمامها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن البيان الذي أصدره رئيس الوزراء التونسي في 4 آذار/مارس 2011 متهماً فيه صاحب البلاغ بالخيانة العظمى، والأحكام التي أصدرتها المحكمة بعد ذلك إنما جاءت نتيجة لقرار سياسي تدينه وهي تنتهك مبدأ افتراض البراءة.

3-2 ويرى صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد التي تقضي بوجود محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة. ويتذرع باجتهادات اللجنة التي جاء فيها أنه "لا يتسق مع مبدأ استقلال الهيئة القضائية أي وضع لا يميز فيه بوضوح بين وظائف واختصاصات السلطتين القضائية والتنفيذية من السيطرة على السلطة القضائية وتوجيهها، كما ورد في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد" ( ) . وقد أكدت السلطات الرسمية المختلفة ثبوت التهم المنسوبة إلى صاحب البلاغ وأوعزت إلى السلطة القضائية بتأييد قرار الإدانة. وعلاوة على ذلك، أوعزت وزارة العدل التونسية إلى جهاز القضاء بألاّ تقبل أن يتولى الدّفاع عن صاحب البلاغ محام يختاره بنفسه وفي غيابه (انظر الفقرة 2-2 المذكورة أعلاه). ويرى ص احب البلاغ أيضاً أن المرسوم رقم 13 الذي نشر في الرائد الرسمي، في 18 آذار/مارس 2011، ينتهك مبدأ الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية إذ إنه يأمر بتوقيع عقوبات جنائية من قبيل مصادرة جميع الممتلكات المنقولة وغير المنقولة لصاحب البلاغ بما في ذلك بيته الشخصي، في حين أن سلطة فرض العقوبات الجنائية إنما هو من اختصاص السلطة القضائية دون سواها وذلك بعد صدور حكم يحترم معايير المحاكمة العادلة وحقوق الدّفاع.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أنه ضحية انتهاك الفقرة 3(د) من المادة 14 من العهد التي تعترف بحق المرء في الدّفاع عن نفسه أو بواسطة محام من اختياره، ويشير صاحب البلاغ إلى البيان الذي أصدره ممثل وزارة العدل في 7 حزيران/يونيه 2011 (انظر الفقرة 2-2 أعلاه). ويقول إنه لم يتمكن من ممارسة حقه في أن يمثلّه محام من اختياره في جلستي المحكمة يومي 20 حزيران/يونيه و4 تموز/يوليه 2011.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أن من حق كل متهم أن يتولى الدّفاع عنه محام يختاره ممّا يستتبع حقه في أن يُدافع عنه حتى في غيابه. وقد أكّد ممثل وزارة العدل التونسية أن المادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن المتهمين الذين لا يحضرون المحاكمة لا يتمتعون بالحق في الدفاع عن أنفسهم وعلى أنه لا يجوز لأي محام أن يمثلهم وعليه فإنه تمّ تجاهل المادة 32 من الدستور التونسي التي تنص على أنه في حالة تعارض قانون وطني مع اتفاقية دولية فإن نص الاتفاقية الدولية هو الذي له الغلبة وبالتالي فإنه جرى انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة التي تنطبق في الحالة الراهنة انتهاكاً صريحاً.

3-5 وتنصّ الفقرتان 3(أ) و(ب) من المادة 14 من العهد على أن لكل متهم الحق في أن يبلغ فوراً وبالتفصيل بطبيعة التهم الموجهة إليه وأن يتاح له الوقت الكافي والتسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه. ويتجلّى هذا الحق في حق المتهم في أن يطلع بشكل مباشر على الجنائي والحق في أن يستمع إلى أقواله، وأن يدلي بتعليقاته وأن يعرف التعليقات والوثائق المعروضة ضماناً لمبدأ المساواة التامة أمام القانون. ولم يُخطر صاحب البلاغ با لإجراءات التي حُركت ضدّه كما لم يُبلغ بالتهم. الموجهة إليه، كما لم يتمتع بحقه في أن ي ُ ستمع إلى أقواله. ولم يخطر، كذلك، ب مواعيد جلسات محاكمته أو الأحكام المزعومة التي صدرت في 20 حزيران/يونيه 2011 و4 تموز/ يوليه 2011 و28 تموز/يوليه 2011، وذلك أيام انعقاد جلسات المحاكمة ذاتها مما لم يتح له الوقت الكافي ولا التسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه في انتهاك لأحكام المادة 14 من العهد.

3-6 ويدّعي صاحب البلاغ أنه كان ينبغي أن تتاح له فترة زمنية معقولة لإعداد دفاعه. والفترة الزمنية غير المعقولة تعني الفترة الزمنية المتطاولة بشكل مفرط كما تعني الفترة القصيرة جدّاً مما منع المتهم من التمكن من تقديم دفاعه. ويجب على القاضي، في الحقيقة، أن تكون له الفسحة اللازمة من الوقت، وألاّ يتسرع في الحكم وألاّ يتخذ قرارات متسرّعة. ويؤكد صاحب البلاغ أن الفترة الزمنية التي صدرت خلالها ثلاثة أحكام هي فترة لا يقبلها العقل من حيث إن الأحكام التي صدرت إنما تمت في اليوم ذاته التي بدأت الإجراءات وبعد الاستماع إلى المدّعي العام فقط واستبعاد الدّفاع ( ) .

3-7 ويرد النص على حيدة ونزاهة العاملين في الجهاز القضائي في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد والفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويكون التحيز ملموساً وظاهراً للعيان عندما يظهر القاضي في ما يبديه أنه مقتنع أصلاً بإدانة الشخص المعني. والعاملون في جهاز القضاء الذين أصدروا الأحكام في 20 حزيران/يونيه و4 تموز/يوليه و28 تموز/يوليه 2011 قد تأثروا بالإدانات التي أصدرتها السلطات الرسمية ووسائط الإعلام والتي صدرت عن الرأي العام، والتي كانت مليئة بالتحامل على صاحب البلاغ وتمثلت في صراح من كانت قاعة المحكمة تزخر بهم. أما الإجراءات المتبعة والتي انتهكت الحق في الدّفاع فإنها إجراءات قررتها السلطة التنفيذية. وقد اتضح التحيّز في هذا الصدد، على نحو موضوعي، في النطق بالأحكام في اليوم ذاته الذي افتتحت فيه المحاكمة دون الاستماع إلى الشخص المعني في انتهاك ٍ لجميع ضمانات المحاكمة العادلة . ولم تترافق الأحكام الصادرة في 20 حزيران/يونيه و4 تموز/يوليه و28 تموز/يوليه 2011 بأي تع ل يلات. وقد صرح بها على الأسس التالية: الادعاء بأن هناك كميات من العملات الصعبة التي عرضتها التلفزة مع افتراض أن تلك العملات قد نهبها صاحب البلاغ وأقاربه ووضعت في خ زانة حديدية؛ وعلى أساس الادعاء بوجود كيلو غرامين من راتنج القنب الهندي كتب صاحب البلاغ بخط يده على الكيس الذي كانا موجودين فيه عبارة "مخدرات"، وعلى أساس وجود أسلحة وقطع أثرية عرضها مدير دائرة مكافحة المخدرات في جلسة المحاكمة، والادعاء بأن صاحب البلاغ اشترى أراضي صالحة للبناء أو نقل ملكيتها إليه بطريقة الاحتيال. وقد حدث كل ذلك دون أن يكون هناك تفسير للطريقة التي "وجدت بها" تلك الكميات من العملات الصعبة بعد أربعين يوماً من مغادرة صاحب البلاغ للبلاد ولا للطريقة التي أمكن بها نسبة حيازة المخدرات إليه بدون أن تتولى المحكمة أمر فحص العملات المزعومة وأن توضع في أحراز باعتبارها أدلة شرعية، غير أنها أعيدت إلى البنك المركزي حيث فقدت تلك العملات طابعها الفردي، وبدون أن تقدم المحكمة الأدلة على الطبيعة التحايلية لشراء الأراضي و نقل ملكيتها. فالأحكام التي صدرت تقوم، وبشكل واضح و حصري، على الشائعات وعلى ما يظن أنه شيء يقيني وعلى بعض الشهادات.

3-8 وما رفض السلطات السياسية التونسية إعطاء صاحب البلاغ الحق في أن يمثله محام يختاره في غيابه في إطار الإجراءات المتبعة في تونس إلاّ تعله لحرمانه، في الواقع، من حقه في أن يدافع عن نفسه وفي حقه في الطعن في أي قرار يتخذ ضده بما ي ل حق به الضرر. وهذا القرار يحرمه، في الواقع، من حقه في المثول أمام قاض. ولذا، فإن شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية قد استوفي لأن صاحب البلاغ يرى أنه منع من حقه في الاطلاع على ملفه بناءً على قرار سياسي أقرته السلطة القضائية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 3 آب/أغسطس 2012، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتعترض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزمني ، وذلك لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأنها لا تتفق مع العهد بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. كما تطعن في الأسس الموضوعية للبلاغ.

4-2 وتذكّر الدولة الطرف، أولاً وقبل كل شيء، بو قائع القضية وتشير إلى الحكم رقم 23004 الصادر في 20 حزيران/يونيه 2011 عن الدائرة الجنائية التابعة للمحكمة الابتدائية في تونس، والقاضي غيابياً بسجن صاحب البلاغ لمدة 35 عاماً بسبب الاختلاس والاستحواذ على المال العام من قبل شخصية عامة أؤتمنت على ذلك المال وبسبب الابتزاز، بموجب المواد 95 و56 و97 و99 من قانون العقوبات التونسي. ومما يؤاخذ عليه صاحب البلاغ، في هذه القضية هو استغلاله لمنصبه كرئيس للجمهورية لسرقة أموال عامة واختلاس مبالغ مالية هائلة تقدر ب 925 225 41 ديناراً تونسياً. والواقع أن أعضاء اللجنة الوطنية للتحقيق بشأن الفساد والاختلاس أمكنهم، خلال شهر شباط/فبراير 2011 وفي إطار صلاحياتهم واختصاصاتهم القانونية، وبعد أن أجريت تحريات في قصر سيدي الظريف أين كان يقيم صاحب البلاغ، اكتشاف وجود خزائن حديدية، كانت مخفية بشكل جيد، تزخر بأوراق بنكية وبأكوام من الذهب والمجوهرات وما إلى ذلك من الحجارة الكريمة بالإضافة إلى بطاقات بنكية عديدة أصدرتها مصارف أجنبية. وعليه تقدمت اللجنة بدعوى أمام النيابة العامة وأفتتح التحقيق في هذه القضية التي كانت موضوع الحكم المذكور أعلاه.

4-3 وقد حكم غيابياً على صاحب البلاغ، عن طريق الحكم رقم 23005 الذي أصدرته في 4 تموز/يوليه 2011، الدائرة الجنائية التابعة للمحكمة الابتدائية في تونس، بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وستة أشهر (1)  لانتهاكه أحكام القانون المتعلق بالمخدرات وذلك بتخصيص وتهيئة واستخدام مكان لتخزين وإخفاء المخدرات، (2)  انتهاك القانون المنظّم لإدخال وحيازة وحمل الأسلحة والاتجار بها وذلك عن طريق إدخال واستيراد أسل حة وذخيرة تدخل ضمن الفئة الأولى، (3) انتهاك أحكام قانون التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية ( ) . وفي هذه القضية، مما يؤخذ على صاحب البلاغ استخدامه قاعة الانتظار المجاورة لمكتبه الشخصي في قصر قرطاج لتخزين وإخفاء مخدرات، وإدخال واستيراد أسلحة وذخيرة تندرج ضمن الفئة الأولى بدون إذن قانوني وعدم إبلاغه الدوائر المختصة بحيازته لممتلكات أثرية منقولة.

4-4 وفيما يتعلق بالحكم رقم 23175 المؤرخ 28 تموز/يوليه 2011، تلاحظ الدولة الطرف عدم دقة صاحب البلاغ والخطأ الذي ارتكبه نظراً إلى صدور حكمين جنائيين ضدّه، بتاريخ إبداء الدولة الطرف لتعليقاتها، أول هذين الحكمين و رقمه 23174/11 وثانيهما تحت رقم 23175/11 وهما يتعلقان باستغلال سلطته كرئيس للجمهورية واستخدامها لإعطاء امتيازات لطرف ثالث يمثل، في هذه الحالة، أفراد أسرته، مزايا غير مبررة بما ألحق الضرر بالإدارة، وشكل انتهاكاً للوائح المعمول بها. غير أنه ليس في أي من هذين الحكمين ما يشير إلى أنه قد حكم عليه بالسجن لمدة تعادل ست عشرة سنة.

4-5 وفيما يتعلق بالمقبولية، تلاحظ الدولة الطرف أن المادة 9 من البروتوكول الاختياري تنص على أن دخول البروتوكول حيز التنفيذ لا يتم إلا بعد ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة. غير أن إيداع صكوك انضمام تونس إلى البروتوكول الاختياري لم يقع إلا في حزيران/يونيه 2011. وبذا فإن نفاذ البروتوكول الاختياري لم يبدأ بالنسبة إلى تونس، إلا في أيلول/سبتمبر 2011. وعليه فإن الحكمين اللذين طعن فيهما قد صدرا، على التوالي في حزيران/يونيه وتموز/يوليه 2011. ولذا فإن البلاغ غير مقبول لهذا السبب.

4-6 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. والواقع أن مبدأ التقاضي على درجتين ينطبق على القانون التونسي. وسبل الانتصاف هذه متاحة لل م تقاضي بما في ذلك الاعتراض بموجب المواد 175-183 من قانون الإجراءات الجنائية والطعن بموجب المواد 207-220 من ذلك القانون. وهناك أيضاً سبل انتصاف استثنائية ومنها طلب المراجعة القضائية. غير أن صاحب البلاغ لم يستخدم أياً من سبل الانتصاف تلك للطعن في الحكمين الصادرين ضدّه. وتلاحظ الدولة الطرف، في هذا الصدد، اعتراف صاحب البلاغ بأنه لم يستنفد تلك السبل لأن "السلطة السياسية التونسية حرمته" من حقّه في أن يمثله محام من اختياره في غيابه. بيد أن الأحكام الصادرة غيابياً يمكن أن يعترض عليها ( ) . ويمكن للاعتراض أن يتم إما من قبل المعترض بنفسه، أو من جانب ممثلة لدى قلم المحكمة التي أصدرت الحكم وذلك في غضون مه ل تختلف باختلاف طرائق الإبلاغ. فإذا ظل الشخص المبلّغ خارج البلد جاز له أن يقدم اعتراضاً في غضون ثلاثين يوماً؛ وإذا لم يجر إبلاغ الشخص المعني أو إذا لم يعلم المتهم بالحكم عن طريق إجراءات تنفيذ الحكم فإن الاعتراض يكون مقبولاً حتى انقضاء فترة تقادم العقوبة. وتقدر فترة التقادم بعشرين عاماً بالنسبة إلى العقوبات المطبقة على الجرائم. ويظل باب الاعتراض مفتوحاً أمام صاحب البلاغ غير أنه لم ير، حتى الآن، استخدامه وفضل، بدلاً من ذلك، الفرار من العدالة والتخلي عن المثول أمام المحاكم المختصة.

4-7 وتضيف الدولة الطرف أن إبداء الاعتراض يفرض تحديد موعد لجلسة استماع في غضون فترة قصيرة من الزمن. ولو مثل صاحب البلاغ أمام محكمة مختصة لحوكم من جديد لأن الأحكام الغيابية التي صدرت ضدّه كانت ستُلغى بناءً على بنود الأحكام ذات الطابع الجنائي أو المدني، حيث إن الاعتراض هو أحد سبل التراجع. وكان بإمكان صاحب البلاغ أن يحاكم من جديد وكانت ستتاح له إمكانية الدفاع عن نفسه بالاستعانة بمحامٍ أو محامين من اختياره وفقاً للقانون المعمول به.

4-8 وكما ذكر سابقاً، كان بإمكان صاحب البلاغ أن يطعن أيضاً في الأحكام الصادرة بحقه أمام الدائرة الجنائية في محكمة الاستئناف بل أمام محكمة التعقيب إذا اقتضى الأمر ذلك. وصاحب البلاغ هو حالياً في حالة فرار ويُصرّ على عدم المثول أمام السلطات القضائية في حين صدرت في حقه أوامر اعتقال أصدرها القضاء التونسي ودعمتها الإنتربول.

4-9 وخلافاً لما قاله صاحب البلاغ فإنه كان بإمكان محام من اختياره أن يمثله. غير أنه بفراره من البلاد دون أن يترك عنواناً فإن أوامر المثول وغير ذلك من الوثائق التي تسمح له بتعيين محامٍ من اختياره ليمثله أرسلت إلى مخفر الشرطة الواقع في المنطقة التي يقطن فيها ( ) . ونظراً لعدم تعيينه محامٍ أو عدة محامين للدفاع عنه، فقد عيّنت المحكمة محامين عامين يمثلونه وفقاً للمادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية. وقد استطاع المحامون العامون أن يسجلوا حضورهم في المحكمة إلا أنهم لم يستطيعوا الدفاع عن المتهم بما أن الفقرة 1 من المادة 141 المذكورة آنفاً تنص على وجوب مثول الشخص المتهم بجريمة أو جنحة يعاقب عليها بالسجن شخصياً حتى يتمكن المحامي من الترافع عنه. وتنص الفقرة 175 على أنه في صورة ما إذا أبلغ المتهم الذي لا يمثل أمام المحكمة، حسب الأصول المرعية، بالحضور فإنه يُحاكم غيابياً.

4-10 وتلاحظ الدولة الطرف أن القانون الداخلي التونسي لا يسمح للمواطن التونسي بأن يمثله محامٍ أجنبي أمام المحاكم التونسية. وعلاوة على ذلك، فإن بعض الاتفاقيات الثنائية بشأن التعاون وتبادل المساعدة القانونية التي أبرمتها الدولة الطرف لا تنص على هذه الإمكانية. ويشمل ذلك، خاصة، الاتفاقية الثنائية المبرمة بين الدولة الطرف وبين لبنان الذي يُعد المحامي عازوري الذي يمثل صاحب البلاغ من رعاياه. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن التوقيع الذي جاء في آخر صفحات هذا البلاغ الذي ورد إلى اللجنة لا يتطابق مع توقيع المحامي عازوري الوارد في أسفل الرسالة الموجهة إلى رئيس نقابة محامي تونس بتاريخ 1 تموز/يوليه 2011، مما يجعل البلاغ المعروض على اللجنة بدون توقيع شخص معروف الهوية وبالتالي فهو مخالف لأحكام المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-11 وفيما يتعلق بالإجراءات المعروضة على اللجنة تلاحظ الدولة الطرف أن التوكيل المقدم دعماً للبلاغ والذي يخول المحامي عازوري سلطة تمثيل صاحب البلاغ قد انقضت صلاحيته في 31 كانون الأول/ديسمبر 2011. وعليه فإن المحامي لا يملك صلاحية للتصرف بالنيابة عن صاحب البلاغ.

4-12 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد طعن في قواعد القانون التي استندت إليها الدولة الطرف لمحاكمته، من ناحية، كما طعن في سير المحاكمة من ناحية أخرى. وفيما يتعلق بالسبب الأول تلاحظ الدولة الطرف أن قواعد القانون التي استند إليها في محاكمة صاحب البلاغ بدأ نفاذها عندما كان صاحب البلاغ على رأس السلطة التنفيذية. وعلاوة على ذلك كان صاحب البلاغ يؤكد باستمرار، أمام هيئات الأمم المتحدة بما في ذلك اللجنة، أن تلك القواعد تتمشى مع الصكوك الدولية التي صدقت عليها تونس.

4-13 أما فيما يتعلق بالسبب الثاني، وفي حين يرى صاحب البلاغ أنه لم يستفد من مبدأ افتراض البراءة بموجب الفقرة 2 من المادة 14 من العهد، فإن الدولة الطرف تلاحظ أنه ليس هناك وثيقة أو شهادة من الوثائق التي قدمها المدعي العام وقاضي التحقيق، مما احتفظت به المحكمة كدليل على الجرائم المنسوبة إلى صاحب البلاغ تشير إلى أن الإدانة صدرت استناداً إلى قرار سياسي. وقد صدرت الأحكام بحق صاحب البلاغ، عن محكمة مختصة وفقاً للقانون الساري في كنف الاستقلالية والنزاهة. والدولة الطرف ليست مسؤولة عن المحتوى الإعلامي لمختلف وسائط الإعلام والاتصالات. وتذكر الدولة الطرف بأن حرية الصحافة مكفولة. لا يعني الطابع العمومي للقناة التليفزيونية الأولى أنه توجد رقابة على المحتوى الإعلامي. وعلاوة على ذلك، فإن الحجز على محتويات مكان إقامة صاحب البلاغ قد تم على أيدي اللجنة الوطنية للتحقيق بشأن الفساد والاختلاس وهي هيئة مستقلة.

4-14 وفي جميع الأحوال، فإن بث صور الحجز لا يشكل انتهاكاً للسرية بما أن عملية الحجز وقعت على أيدي تلك اللجنة قبل فتح تحقيق قضائي ضد المعني بالأمر. وعلاوة على ذلك، فإن الطابع السري للتحقيقات لا يقف عقبة أمام الحق في الحصول المعلومة. والحقيقة أن الصور المبثوثة اكتفت بإعلام الجمهور بالوضع الذي كان عليه مكان إقامة صاحب البلاغ دون إبداء أي حكم بشأن الجريمة التي اقترفها.

4-15 وخلافاً لما قاله صاحب البلاغ فإن الجهاز القضائي يعمل منذ 14 كانون الثاني/ يناير 2011 بمطلق الاستقلالية. وتقوم العديد من القرارات القضائية دليلاً على تلك الاستقلالية إما بتبرئة بعض أفراد أسرته أو أصهاره، أو بتطبيق الأحكام الصادرة مع ظروف التخفيف ( ) . وترفض الدولة الطرف الحجة التي قدمها صاحب البلاغ والقائلة بأن وزير العدل أوعز إلى السلطة القضائية بعدم قبول تولي محام يختاره صاحب البلاغ للدفاع عنه. فالمشكلة المطروحة هي مسألة قانونية وليست سياسية (انظر الفقرة 4-9 أعلاه والفقرة 14-16 أدناه). وبخصوص المرسوم بقانون رقم 13 المؤرخ 14 آذار/مارس 2011 والمتعلق بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لصاحب البلاغ وأفراد أسرته وغيرهم، فإن المصادرة تعد عقوبة وتدبيراً أمنياً في الوقت ذاته. فهي تدبير أمني من حيث إنه يتوخى ضمان الأمن والسلامة البدنية والمعنوية للأشخاص المعنيين فضلاً عن الأمن الداخلي للدولة. وقد طالب الشعب التونسي، في الواقع، باسترداد الأصول التي بحوزة الأشخاص المعنيين بالمصادرة. وينص الدستور الصادر في 1 حزيران/يونيه 1959 والذي كان سارياً عند صدور المرسوم بقانون على أن الحق في الملكية يُمارس وفقاً للقانون. والقانون مخول في هذه الحالة، وفي الظروف الاستثنائية، بالحد من ممارسة ذلك الحق بهدف ضمان مصالح المجتمع الرئيسية وهذه المصلحة تتمثل، في هذه الحالة، في سلامة الأشخاص والممتلكات والحفاظ على أمن الدولة.

4-16 وفيما يتعلق بالادعاء المطروح بخصوص الفقرة 3(د) من المادة 14 والمتعلق بعدم تمكن صاحب البلاغ من الاستعانة بمحامٍ من اختياره، تكرر الدولة الطرف الحجج التي ساقتها في مرحلة التحقق من مقبولية البلاغ (انظر الفقرة 4-9 أعلاه). وتضيف أن المحاكمات التي تتم في غياب المتهم يمكن، في بعض الحالات، أن يؤذن بها لضمان حسن إدارة العدالة ومن الأمثلة، في هذا الصدد، عندما يرفض المتهم، رغم اطلاعه على ملفه قبل محاكمته بوقت كافٍ، ممارسة حقه في أن يكون ممثلاً خلال المحاكمة وعليه فإن هذه المحاكمات لا تتفق مع أحكام الفقرة الفرعية (د) عن الفقرة 3 من المادة 14 إلا إذا اتخذت التدابير اللازمة لمطالبة المتهم، في حدود المهلة الزمنية اللازمة، بالمثول ولإعلامه، مسبقاً، بموعد ومكان انعقاد محاكمته ومطالبته بحضور تلك المحاكمة ( ) . بيد أن صاحب البلاغ اعترف بأنه أعلم، صراحة، بموعد ومكان انعقاد محاكمته ومن الأدلة التي تقوم على ذلك عدة مواد نشرت تشير إلى تلك المحاكمات والتي أرفقها صاحب البلاغ بالبلاغ الذي قدمه إلى اللجنة.

4-17 وقد أحيط صاحب البلاغ علماً بجميع الاستدعاءات والأحكام الصادرة بحقه وفقاً للقوانين السارية (انظر الفقرة 4-19 أعلاه).

4-18 وفيما يتعلق بمسألة المهل التي صدرت خلالها الأحكام، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ استفاد من المحامين الذين عينتهم المحكمة والذين أبدوا ملاحظاتهم، طبقاً لقانون الإجراءات الجنائية، بشأن الشكل ووضعوا تقارير خطية؛ وأن المحامين لم يتمكنوا من الترافع في قضيته لأن صاحب البلاغ كان هارباً، ولهذا السبب صدرت الأحكام في اليوم ذاته، لا سيما وأن المحكمة، في المسائل الجنائية، تصدر حكمها بعد المداولة وفقاً للمادة 164 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك بعد إغلاق الإجراءات بدون أن تتاح الفرصة لتقديم الحكم الصادر إلى جهة قضائية تنعقد في وقت لاحق كما هو الشأن بالنسبة إلى الجرائم العادية. ولا يمكن الطعن في نزاهة القضاة خاصة وأن صاحب البلاغ بُرِّئ، في المناسبة ذاتها، من بعض التهم التي نسبت إليه ( ) .

4-19 أما بالنسبة إلى الادعاءات الأخرى، فتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يطلب من اللجنة أن تتولى تقييم الأدلة المقدمة في حين أن جميع الأحكام التي صدرت بحق صاحب البلاغ إنما حدثت واقعاً وقانوناً. وتذكر الدولة الطرف بأنه ليس للجنة أن تجري تقييماً لتطبيق المحاكم للقانون إلا إذا كان تقييمها يشير إلى انتهاك الدولة الطرف للالتزامات التي تعهدت بها بموجب العهد، والأمر ليس كذلك لأنه لا يستخلص من الأحكام الصادرة أن القانون فُسِّر، وطبق، في الحالة الراهنة، بشكل تعسفي أو أن تطبيقه كان بمثابة إنكار للعدالة ( ) . وتضيف الدولة الطرف أن اللجنة ليست هيئة استئناف نهائية.

تعليقات صاحب البلاغ بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في 28 كانون الأول/ديسمبر 2012، رد صاحب البلاغ بأن قال إنه جدّد التوكيل الذي منحه إلى محاميه ولذا فإنه يؤكد على قانونية تمثيلة ( ) .

5-2 وفيما يتعلق بالادعاء بأن التوقيع الوارد في نهاية البلاغ المقدم إلى اللجنة غير مطابق للتوقيع الذي مهر به السيد عازوري الرسالة التي وجهها إلى رئيس نقابة محامي تونس، يرد صاحب البلاغ بأن ذلك التوقيع هو توقيع محامٍ معاون يمتلك توكيلاً من المحامي عازوري يحق له بأن يوقع بالنيابة عنه. أما التوقيع الوارد في أسفل البلاغ المعروض على اللجنة فإنه توقيع المحامي عازوري.

5-3 وفيما يتعلق بحجة الاختصاص الزمني فإن صاحب البلاغ يُقر بأن البروتوكول الاختياري لم يدخل حيز التنفيذ إلا في أيلول/سبتمبر 2011. غير أنه يرى أن ذلك لا يعني أنه لا يجوز لأي شخص أن يقدم بلاغاً إلى اللجنة إلا بعد ذلك التاريخ ولكن يمكنه أن يقدم بلاغاً بخصوص أحداث وقعت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بما أن العهد، حسب رأيه، كان مطبقاً بالفعل من قبل الدولة الطرف.

5-4 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم دليلاً على إخطار صاحب البلاغ بشأن الإجراءات والحكم الصادر بحقه إذ إنه أعلم بذلك، للمرة الأولى، عندما اطلع على مرفقات الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، يقع على عاتق الدولة الطرف ألا تثبت فقط أن سبل الانتصاف المحلية كانت متاحة بل أن تثبت أيضاً ما إذا كانت تلك السبل يمكن لصاحب البلاغ أن يستفيد منها.

5-5 ويزعم صاحب البلاغ أن السلطة التنفيذية التابعة للدولة الطرف لم تأذن للمحاميين اللذين وكلهما بالدفاع عنه أو حتى الاطلاع على ملف قضيته. وعلاوة على ذلك، فإن وزارة العدل حظرت، في بيان رسمي لها، على أي محامٍ، سواء وكله صاحب البلاغ نفسه، أو ممن عينتهم المحكمة، أن يتولوا الدفاع عن صاحب البلاغ ( ) . ويرى صاحب البلاغ أن العهد ينص على حق كل متهم في الدفاع عن نفسه وفي أن يلجأ إلى سبل الانتصاف بواسطة محامٍ من اختياره حتى في غيابه.

5-6 ويصر صاحب البلاغ على أنه ليس في حالة فرار هرباً من الملاحقة القانونية بما أنه غادر البلاد قبل يُشرع في الإجراءات القانونية في هذا الصدد. ويرى صاحب البلاغ أنه كان ضحية مؤامرة حيكت من أجل تغيير النظام. بل على العكس من ذلك فإنه مُنع من العودة إلى تونس رغم طلباته المتكررة بالعودة. واستحالة هذه العودة تجعل سُبُل الانتصاف المحلية أمراً غير متاح.

5-7 أما الحجة التي ساقتها الدولة الطرف والقائلة بأن القواعد القانونية التي استندت إليها الأحكام الصادرة بحقه قد وضعت عندما كان صاحب البلاغ في السلطة فإنها داحضة. والقاعدة القانونية المحلية يجب أن تتمشى مع العهد، وذلك بغض النظر عن هوية الشخص الذي يرأس الدولة وقت صدور تلك القاعدة.

5-8 أما بخصوص افتراض البراءة وعلى الرغم من أن التلفزة التونسية ليست التلفزيون الرسمي فإنها القناة الوطنية التي تمثل أراء الدولة التي تمارس بعض النفوذ عليها. وعلاوة على ذلك، فإن تبعية اللجنة الوطنية للسلطة التنفيذية منصوص عليها بمرسوم القانون رقم 2011-7 المؤرخ 18 شباط/فبراير 2011، وهذا يدل على أن اللجنة مدمجة، في الواقع، في السلطة التنفيذية على الرغم من النعوت المطلقة عليها على أنها مستقلة وما ذلك إلا محض شكلية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن اللجنة تنهض بمهمة عمومية كما يشير إلى صلاحياتها المفرطة، وعملية تعيين أعضائها والواجب الواقع عليها فيما يخص المساءلة، وتمويلها.

5-9 أما التحقيق الوحيد الذي جرى فهو التحقيق الذي اضطلعت به السلطة التنفيذية عن طريق اللجنة. وتقرير اللجنة هو الدليل الوحيد الذي استندت إليه أحكام الإدانة. وعليه، فإن الأحكام الصادرة اكتفت بتأييد القرارات السياسية. وتقوم دعوة اللجنة التلفزة التونسية إلى تصوير عملية المصادرة دليلاً على الضغط الذي مارسته السلطات التونسية من أجل إقناع الرأي العام بأن صاحب البلاغ مذنب كما يدّعون. ويستند صاحب البلاغ إلى بعض البيانات الرسمية ليقول إن السلطة القضائية لا تتمتع بالاستقلالية.

5-10 وفيما يتعلق بالقانون بمرسوم المؤرخ 14 آذار/مارس 2011، يؤكد صاحب البلاغ أن هذا الأمر يشكل تعدياً من جانب السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وذلك أمر اعترفت به الدولة الطرف نفسها إذ ذكرت بأنه صدر لضمان الأمن الداخلي للدولة. ويرى صاحب البلاغ أن إجراء نزع الملكية هذا هو تدبير اتخذته السلطة التنفيذية خارج نطاق كل الإجراءات القضائية في انتهاكٍ للحق في الدفاع ولمبدأ الفصل بين السلطات.

5-11 وبخصوص الفقرة الفرعية 3(د) من المادة 14 يقول صاحب البلاغ إنه حاول عبثاً الاطلاع، لدى السلطات التونسية على التهم الموجهة إليه والإجراءات المتبعة. غير أنه واجه رفضاً باتاً يقوم دليلاً على سوء نية سلطات الدولة الطرف التي ترفض حق صاحب البلاغ في أن يمثله محامٍ من اختياره، حتى ولو كان أجنبياً، بحجة أن القانون التونسي لا يجيز ذلك. وإذا افترضنا حسن النية فإن السلطات كان عليها أن تتعاون مع المحامي الذي وقع عليه الاختيار من أجل معرفة الظروف التي تحول دون حضور صاحب البلاغ للجلسات، على الأقل، أو معرفة العنوان الذي يمكن عليه إرسال إشعار الدعوى إلى صاحب البلاغ. ولا يمكن للمشروع أن ينص على احتمال التعدي على حقوق الدفاع المذكورة إلا إذا نص، بموازاة ذلك، على الملابسات التي يمكن فيها تقرير حدوث مثل ذلك التعدي. ويلاحظ صاحب البلاغ أن المحامي الذي عينته المحكمة لم يتصل به أو بمحاميه رغم أن ذلك كان أمراً ممكناً. ولذا لم يستطع صاحب البلاغ أن يطلع على عناصر ملف القضية لا من وجهة نظر صاحب البلاغ أو يطلع على الحجج المضادة للاتهامات. ونظراً إلى أن المحامين الذين عينتهم المحكمة لا يمكنهم، بموجب المادة 141 المذكورة أعلاه، الترافع استناداً إلى الأسس الموضوعية، فإنه لم يكن هناك أي دفاع ملموس وفعال وذلك ما يشكل انتهاكاً للفقرة الفرعية 3(د) من المادة 14 من العهد.

5-12 ويعترض صاحب البلاغ على المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف القائلة بعدم وجود أي اتفاقية ثنائية بين تونس ولبنان تسمح لمحام لبناني بالدفاع عن مواطن تونسي في تونس. إذ يكفي أن يستعين المحامي الأجنبي بأحد المحامين من أعضاء نقابة المحامين المحليين.

5-13 ويرى صاحب البلاغ أن مهلة الأسبوعين المخصصة للنطق بالحكم لا يمكن اعتبارها مهلة معقولة وأن مثل هذه المهلة لا يمكن أن تسمح للمحامين الذين عينتهم المحكمة بالاطلاع على الأدلة وتأمين الدفاع ولا يمكن كذلك أن تسمح للقاضي بدراسة الملف.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أو لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وفيما يتعلق بتطبيق البروتوكول الاختياري على البلاغ الحالي تذكر اللجنة بأن تونس قد انضمت إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد في 29 حزيران/يونيه 2011. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى تونس في 29 أيلول/سبتمبر 2011 وذلك بموجب الفقرة 2 من المادة 9 من البروتوكول الاختياري. وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة وتؤكد مجدداً أنها يمكن أن تنظر في الانتهاكات المزعومة للعهد التي وقعت قبل تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لأي دولة من الدول الأطراف إذا استمرت تلك الانتهاكات بعد ذلك التاريخ أو تكون الآثار المترتبة عليها مستمرة بحيث تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للعهد ( ) . ولأن البروتوكول لا يمكن أن يطبق بأثر رجعي فإن اللجنة ليست مختصة، نظراً لفوات الزمن المحدد للنظر في الادعاءات المتعلقة بالأحكام رقم 23004 الصادر في 20 حزيران/يونيه 2011، ورقم 23005 الصادر في 4 تموز/يوليه 2011، ورقم 23175 الصادر في 28 تموز/يوليه 2011 الصادرة بحق صاحب البلاغ أو الادعاءات المتعلقة بالمصادرة بعد صدور القانون بمرسوم في 14 آذار/مارس 2011 والتي تشكل الغرض الوحيد من البلاغ المقدم إلى اللجنة. وتضيف اللجنة أنه لم يثبت أن الأفعال المذكورة لا تزال تحدث آثاراً بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري.

6-3 وفي ضوء ما تقدم ذكره، لن تنظر اللجنة في الاستثناءات الأخرى بخصوص مقبولية البلاغ.

7- ولذلك تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُحال هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحب البلاغ.