الأمم المتحدة

CCPR/C/115/D/2214/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

24 December 2015

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2214/2012

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 115 (19 تشرين الأول/أكتوبر - 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2015)

المقدم من: جون جاك ل ومبالا تشيديكا (تمثله المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والرابطة الأفريقية للدفاع عن حقوق الإنسان)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم البلاغ: 13 آب/أغسطس 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادتين 92 و 97 من النظام الداخلي، المحال إلى الدولة الطرف في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ( صدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء: 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

ال موضوع: التعذيب والاحتجاز التعسفي

المسائل الإجرائية: ليست هناك أية مسائل إجرائية

المسائل الموضوعية: الحق في الحرية؛ والحق في عدم التعرض للتعذيب؛ وتساوي الفرص والمحاكمة المنصفة؛ والتدخل التعسفي في الحياة العائلية

مواد العهد: 2 (الفقرتان 2 و3) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و17 و19 و23

مواد البروتوكول الاختياري: لا شيء

المرفق

آراء اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 11 5 )

بشأن

البلاغ رقم 2214/2012 *

المقدم من: جون جاك ل ومبالا تشيديكا (تمثله المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والرابطة الأفريقية للدفاع عن حقوق الإنسان)

ال شخص المدع ى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم البلاغ: 13 آب/أغسطس 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2214/2012 الذي قدمه إليها جون جاك لومبالا تشيديكا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها كل من صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء اعتمدت بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ ، المؤرخ 13 آب/أغسطس 2012 ، هو السيد لومبالا تشيديكا المولود في 2 أيار/مايو 1969 بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وهو يدعي انتهاكاً من جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية للمادتين 7 و9 مقروءتين على حدة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرتان 2 و3) وكذلك المواد 10 و16 و17 و19 و23 من العهد. وتمثله المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والرابطة الأفريقية للدفاع عن حقوق الإنسان. وقد بدأ سريان البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف في 1 شباط/فبراير 1977.

1-2 في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 طلبت اللجنة، متصرفة عن طريق مقررها الخاص المكلف بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، من الدولة الطرف اتخاذ تدابير حماية كي لا تتخذ أية إجراءات انتقامية ضد أفراد أسرة صاحب البلاغ ، واتخاذ كافة التدابير اللازمة والملائمة لضمان حماية أفراد أسرة صاحب البلاغ طوال فترة نظر اللجنة في البلاغ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في كانون الثاني/يناير 2008 عُرض على صاحب البلاغ منصب مدير الموارد البشرية ب البنك الكونغولي في جمهورية الكونغو الديمقراطية . وفي آذار/مارس 2008 انضم، في إطار مهامه الجديدة، إلى لجنة الحوكمة الرشيدة بوصفه سكرتيراً للبنك الكونغولي. وتتألف هذه اللجنة من ممثلي البنك ولكن أيضاً من أشخاص خارجيين معينين؛ وهي مكلفة بمراجعة حسابات وإدارة البنك. وكانت مهمة صاحب البلاغ تتمثل في إعداد تقرير عن السير الداخلي للبنك الذي يُحال بعد ذلك إلى اتحاد البنوك الكونغولي بعد موافقة رئيس البنك الكونغولي، م. ر. ي. عليه.

2-2 وبعد مرور وقت قصير على تسلم صاحب البلاغ وظائفه الجديدة، لاحظ عدة إخلالات مالية داخل البنك. وفي حزيران/يونيه 2008، عرض صاحب البلاغ تقريراً يصف فيه هذه الممارسات المعيبة على موافقة م. ر. ي. وهذا التقرير قد وقّعت عليه أيضاً أغلبية أعضاء لجنة الحوكمة الرشيدة. غير أن رئيس البنك رفض إحالته كما هو إلى اتحاد البنوك الكونغولي وأمام رفض صاحب البلاغ حذف الانتقادات الموجهة فيه ، قام بمصادرة الوثيقة المذكورة. وفي بداية شهر آب/أغسطس 2008، قدم الرئيس نسخة جديدة من التقرير غابت فيها الإشارة إلى المخالفات التي لاحظها صاحب البلاغ. ورفض هذا الأخير التوقيع على التقرير المنقح وقدم استقالته إلى الرئيس الذي رفضها . وخلال نفس الفترة ، لاحظ صاحب البلاغ دفع مبلغ 000 5 دولار من دولارات الولايات المتحدة على حسابه المصرفي لم يُحدد مصدره. وحاول الحصول على إيضاحات من رئيس البنك الكونغولي الذي كان يشك في أنه هو الذي دفع هذا المبلغ، ولكن بدون جدوى . وأمام إصرار صاحب البلاغ قبل الرئيس أخيراً استرجاع الأموال المدفوعة على حساب صاحب البلاغ وعدل عن الحصول على توقيعه على التقرير المحال إلى اتحاد البنوك الكونغولي. وعندئذ سحب صاحب البلاغ استقالته.

2-3 غير أن صاحب البلاغ شهد انخفاضاً تدريجياً في سلطاته ومشمولاته، وهو الأمر الذي اعتبره دليلاً على شكل من أشكال التخويف. وكان بعد ذلك من جديد شاهداً على دفوعات مالية مشبوهة في المصرف، ولا سيما في إطار تنفيذ عقد خدمات استشارية بين الشركة الأمريكية "Custom and Tax Consultancy" والمكتب الكونغولي للجمارك وال مكوس ، أبدى صاحب البلاغ انتقاداته ل رئيسه وكذلك ل مجلس الإدارة. ولما أصبح الرئيس أكثر تهديداً إزاءه قدم استقالته في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2008. وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 2008، انضم صاحب البلاغ إلى مصرف " أكسس " . وفي الأثناء، وعند حوالي 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 رفض صاحب البلاغ الاقتراح الذي تقدم به له البنك الكونغولي بخصوص استحقاقاته.

2-4 وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 طارد صاحب َ البلاغ وهو برفقة بناته في السيارة، رجال يرتدون زي اً مدني اً مسلحون. وتمكن من الفرار. وفي نفس اليوم، وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً، تحول رجال بزي عسكري مسلحون إلى منزل صاحب البلاغ وحاولوا دخوله. إلا أن حارس منزل صاحب البلاغ رفض السماح بدخول العسكريين الذين قالوا إن بحوزتهم أمر توقيف دون مع ذلك الاستظهار به. وفي اليوم التالي ، رفع صاحب البلاغ شكوى ضد شخص غير مسمى فيما يتعلق بالاعتداء الذي استطاع الفرار منه بالسيارة. وقد رُفعت شكواه بمركز شرطة شارع كابمباري بكينشاسا. غير أن النسخة النهائية من شكواه لم تسلم له ولم يتمكن من متابعتها.

2-5 وفي 8 كانون الأول/ديسمبر 2008، تلقى صاحب البلاغ مكالمة هاتفية على هاتفه النقال من إحدى العاملات مع رئيس البنك الكونغولي وكانت تريد إبلاغه بأن رئيس البنك الكونغولي قد تقابل مع رئيس الوزراء ووزير الميزانية تحدثا خلاله عن صاحب البلاغ. وهما يتهمانه بش كل خاص بإفشاء معلومات تعتبر سرية بخصوص إدارة البنك الكونغولي وذلك ل فائدة برلمانيين في المعارضة ومعارضين سياسيين. وطلبت منه الاتصال بالرئيس لطمأنته على نواياه، وهذا أمر رفضه صاحب البلاغ. وقد جاءت هذه المكالمة الهاتفية بينما كان العقد المبرم بشأن الخدمات الاستشارية بين شركة "Custom and Tax Consultancy" ومكتب الجمارك والمكوس الكونغولي موضع هجمات حادة وعل نية بعد أن أُحيل الملف إلى البرلمان ( ) .

2-6 وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2008، عن قرابة السادسة والنصف صباحاً، تحول ثلاثة أعوان من الوكالة الوطنية للاستخبارات إلى محل سكنى صاحب البلاغ. وكان الأعوان الثلاثة يرتدون زياً مدنياً وقد أخبروه بتوقيفه. وكانوا يتصرفون بناءً على أمر من م. ك. م.، المدير الرئيسي لإدارة الأمن الداخلي بالوكالة الوطنية للاستخبارات. وعندما طلب منهم صاحب البلاغ الاستظهار بأمر التوقيف، شهر الأعوان سلاحهم باتجاهه وكبلوه بحضور إحدى بناته. ولم يعطوه أي معلومات عن أسباب توقيفه رغم طلباته. وأخذوه إلى خارج البيت وأرغموه على ركوب إحدى السيارتين من نوع جيب داكنة اللون ومظللة النوافذ وبدون لوحات تسجيل. وفي السيارة انتزع أحد الأعوان مبلغ 300 دولار من صاحب البلاغ.

2-7 واقتيد صاحب البلاغ إلى بيت سكن صغير احتجزته الوكالة الوطنية للاستخبارات خضع فيه لاستجواب أولي للتأكد من هويته. وطلب منه ال أعوان هويته كاملة وسألوه عما إذا كان قد عمل من قبل في البنك الكونغولي أو ما إذا كان لديه شيء يلوم نفسه عليه. وظل مكبلاً في انتظار المسؤول حسبما قيل له، واحتبس في غرفة ضيقة مساحتها 3 أمتار على 4، تحولت إلى زنزانة ليس بها سوى نافذة صغيرة لا يدخل منها إلا القليل جداً من النور. وكانت رائحة كريهة تملأ الغرفة التي كانت مغلقة بباب معدني ثقيل مشبك يسمح للأعوان بمراقبته. وبعد ذلك نُقل صاحب البلاغ إلى زنزانة بعد أن تم تجريده من ثيابه ولم تبق لديه سوى ملابسه الداخلية. وكان عليه أن يتقاسم الزنزانة مع شابة. وقد ظل كلاهما محتجزين في نفس الزنزانات طوال فترة احتجاز صاحب البلاغ (انظر أدناه). ولم يكن لصاحب البلاغ أي اتصال بالمحتجزين الآخرين غير هذه الشابة باستثناء مساء واحد احتجز فيه معهما لمدة ثلاث ساعات شخص سوداني الجنسية أُودع معهما في نفس الزنزانة.

2-8 ولم تكن مساحة الزنزانة تتجاوز ثلاثة أمتار مربعة. ولم يكن بها سوى نافذة واحدة وكانت خالية تماماً من الأثاث. وكان صاحب البلاغ والشابة المحتجزة معه يفترشان الأرض على البلاط. وكان فيها مجرد دلو يستعملانه كمرحاض. وحُرم صاحب البلاغ من الغذاء والماء طوال اليومين الأولين من احتجازه. وفي الأيام التالية شاطرته الشابة وجباته. وكانت رائحة كريهة ت عم الغرفة. ونُقل صاحب البلاغ والشابة المحتجزة معه مرتين إلى زنزانتين أخريين كانتا أصغر وأكثر وساخة من الأولى ولا إنارة فيها.

2-9 وطوال أيام احتجازه السبعة لم يتمكن إطلاقاً من الاتصال بمحام ولم يمثل أمام قاض. ولم يتلق أية رعاية طبية ولم يزره طبيب. كما أنه لم يؤذن له بتلقي زيارة أسرته أو إقامة أي اتصال بها. ولم يكن يغادر الزنزانة إلا للاستجواب. وأثناء احتجازه كان يُقتاد كل يوم تقريباً إلى قاعة أخرى للخضوع للاستجواب الذي كان يتعرض خلاله للتعذيب وضروب أخرى من سوء المعاملة.

2-10 وكل صباح ، كان صاحب البلاغ يُرغم على وضع رأسه في دلو مملوء ببول المحتجزين. وأثناء كل استجواب كان تعرض لضرب مبرح؛ وقد تلقى خاصة ركلات بالرجل و ضرب بمسدس بالقرب من خصيته و في أعلى فخ ذ يه . وتعرض أيضاً لقرص منتظم لخصيته وللسانه بكماشات معدنية، كما تعرض لعمليات خنق وضرب على مستوى أسفل البطن. وأثناء إحدى جلسات الاستجواب رفعه أحد الحراس من رقبته ووضع كماشتين على لسانه. كما تعرض صاحب البلاغ للاغتصاب على أيدي ثلاثة حراس في زنزانته. وقد قام بالاستجوابات عونان من أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات غير معروفي الهوية بحضور م. ك. م. المدير الرئيسي للأمن الداخلي وأعوان آخرين. والتقط حارس شاب صورة لصاحب البلاغ زاعماً أن ذلك عادة متبعة ( ) .

2-11 ولم يقتد صاحب البلاغ إلا في 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى مكتب بالطابق المخصص للإدارة من أجل الاستجواب لمدة ثلاث ساعات ونصف أخبره أثناءه رجل القانون التابع للوكالة الوطنية للاستخبارات بالتهم الموجهة إليه. وفي اليوم التالي ، تم استجوابه في زنزانته بحضور الشابة المحتجزة معه طوال 4 ساعات. وكان هذا الاستجواب عنيفاً للغاية إذ كان الأعوان السبعة الحاضرون في أشد الغضب بشكل خاص على إثر التنديدات العامة المتعلقة باحتجازه.

2-12 وفي مساء يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 2008 دخل ثلاثة أعوان زنزانته وطلبوا من الشابة المحتجزة مع صاحب البلاغ نزع ملابسها. وفي الوقت الذي كان صاحب البلاغ يحتج هددوه بقطع لسانه بكماشة معدنية. وبعد أن اغتصبوا الشابة ألقوا صاحب البلاغ على الأرض واغتصبوه. ومن الواضح أن ذلك كان طريقة لإذلاله وإضعافه لكي يرضخ في نهاية الأمر ويقدم المعلومات التي بحوزته. وعلى إثر هذا الاغتصاب اشتددت الآلام في البطن بشكل خطير. وكان صاحب البلاغ يشكو من شدة الألم وهو ملقى على الأرض. وفي 18 كانون الأول/ديسمبر، وفي الوقت الذي اشتدت فيه آلام البطن، سمع صاحب البلاغ أحد الأعوان يقول لعون آخر أنه ربما كان من الأفضل علاجه ذلك أنهم لم يحصلوا قط على المعلومات المنشودة. واقتيد صاحب البلاغ إلى مركز طبي بباندال . وأثناء الليل بالمستشفى تمكن صاحب البلاغ من الاتصال بصديقة له وبفضل مساعدة الموظفين الطبيين الذين تعرضوا هم أيضاً بعد ذلك للتهديد، استطاع الفرار. وتحول إلى الحدود مع جمهورية الكونغو ومنها تحول إلى برازافيل في 19 كانون الأول/ديسمبر 2008 وزعمت الوكالة الوطنية للاستخبارات عندئذ، في إعلان عام، أن صاحب البلاغ قد أُفرج عنه.

2-13 وتعرض صاحب البلاغ لحملة تشهير على الإذاعة والتلفزيون شنها البنك الكونغولي في بداية عام 2009. نالت هذه الحملة من سمعته وقد روَّجت سلسلة من الأكاذيب حول أنشطة صاحب البلاغ في البنك.

2-14 وتحول صاحب البلاغ إلى المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية التي كانت بحوزته تأشيرة لدخولها وحصل فيها على مركز اللاجئ في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2009. وفي 22 أيلول/سبتمبر 2010 ، حصلت زوجته وبناته الثلاث على تأشيرة ودخل ن المملكة المتحدة في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2010.

2-15 وبعد فرار صاحب البلاغ تعرضت أسرته وتعرض أقاربه لمراقبة مكثفة ولأعمال تخويف. ونظراً للوضع لم تكن لصاحب البلاغ وأسرته إلا اتصالات قليلة بأقاربهم الذين يعيشون في جمهورية الكونغو الديمقراطية خشية أن يتعرض هؤلاء الأقارب لأعمال انتقامية بعد رحيل الأسرة.

2-16 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية رفع شقيق صاحب البلاغ، في 17 كانون الأول/ديسمبر 2008، شكوى لدى المدعي العام للجمهورية ضد الوكالة الوطنية للاستخبارات بتهمة الاختطاف والاحتجاز التعسفي. وأشارت الشكوى إلى أن صاحب البلاغ قد أوقفه أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات وأنه لم يمثل منذ توقيفه أمام قاض كما أنه لم يتلق أية زيارات عائلية، وأن أسرته لا تزال بالتالي قلقة على صحته و إزاء المعاملة المسلطة عليه من جانب الوكالة الوطنية للاستخبارات. وأشارت الشكوى إلى أحكام قانون العقوبات، وكذلك إلى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة ( ) . وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2008، سحب شقيق صاحب البلاغ شكواه على إثر أعمال تخويف تعرض لها وهي تهدد أمنه الشخصي (مكالمات من مصادر مجهولة وملاحقة من جانب أشخاص غير محددي الهوية). وفي 23 كانون الثاني/يناير 2009، قرر شقيق صاحب البلاغ تجديد شكواه ب توجيه رسالة إلى المدعي العام للجمهورية أكد فيها الطابع الاستعجالي لطلبه. واستلمت الدائرة المختصة هذه الرسالة في 2 شباط/فبراير 2009. وكانت هذه الشكوى تهدف بشكل واضح إلى ملاحقة المدير العام للوكالة الوطنية للاستخبارات بتهمة الاختطاف والاحتجاز التعسفي والتعذيب ( ) .

2-17 وبالتوازي مع ذلك ، نددت المنظمة العالمية لمكافحة التعذيب والرابطة الأفريقية للدفاع عن حقوق الإنسان علناً بهذه الوقائع وطلبتا من السلطات وضع حد للانتهاكات إزاء صاحب البلاغ والتكليف بإجراء تحقيق ضد المسؤولين عن مثل هذه التجاوزات ( ) .

2-18 وفي 11 آذار/مارس 2009 وجه محام كلفه شقيق صاحب البلاغ بالقضية رسالة إلى المدعي العام لمعرفة ما آلت إليه شكوى موكله ( ) . وفي 17 حزيران/يونيه 2009، بعث محام ثان يمثل الرابطة الأفريقية للدفاع عن حقوق الإنسان رسالة أخرى إلى المدعي العام للجمهورية يذكره فيها بأن الشكوى التي رفعها شقيق صاحب البلاغ لم يُنظر فيها بعد على الرغم من تحريك محاميه للقضية. وكان قد طلب فتح تحقيق فوراً في الوقائع المندد بها.

2-19 وفي 4 نيسان/أبريل 2011، وجه محامي شقيق صاحب البلاغ رسالة أخرى إلى المدعي العام، سجلتها دائرته في 7 نيسان/أبريل 2011 وهو يستحث ه فيها بخصوص الشكوى المرفوعة من قبل. وأخيراً، في 24 حزيران/يونيه 2011، وجه محام آخر لصاحب البلاغ طلباً إلى وزارة العدل وحقوق الإنسان ل حث المدعي العام للجمهورية على النظر في الشكوى ( ) .

2-20 وتجاوزت الطعون الآجال المعقولة ولكنها ظلت قبل كل شيء بدون جدوى .

الشكوى

3-1 يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 7 من العهد فيما يتصل بالمعاملة التي تعرض لها أثناء الاحتجاز والتي تعتبر تعذيباً. ويزعم صاحب البلاغ قبل كل شيء أنه عانى من آلام حادة أثناء الاستجوابات التي جرت كل يوم فيما عدا يوم واحد. وأثناء كل استجواب كان يتعرض لضرب مبرح و ي تلقى خاصة ركلات وضربات بمسدس حول خصيتيه وفي أعلى فخذيه. كما تعرض لقرص منتظم لخصيتيه وللسانه بكماشات معدنية، و ل لخنق، و ل لركلات على مستوى أسفل البطن. وأثناء أحد الاستجوابات، رفعه أحد الحراس من رقبته ثم وضع كماشتين على لسانه. وكان صاحب البلاغ أيضاً ضحية اغتصاب من جانب الحراس. وكان بالإضافة إلى ذلك يُجبر كل يوم على تغطيس رأسه في دلو مملوء بالبول. وقد ارتُكبت هذه الأفعال حتى اليوم الذي تعيّن فيه إدخال صاحب البلاغ المستشفى. وبالإضافة إلى ذلك ، ارتكبت هذه الأفعال على أيدي سلطات الوكالة الوطنية للاستخبارات لتسليط آلام حادة عليه لانتزاع معلومات ذات طابع سياسي. وعلامات التعذيب تم إثباتها بتقرير طبي - شرعي مؤرخ 25 آب/أغسطس 2009 أعد في إطار الإجراء الذي أفضى إلى منحه اللج وء في المملكة المتحدة ( ) .

3-2 ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تحترم المادة 9 من العهد وذلك خاصة بسبب ما يلي: (أ) كونه قد تعرض لاحتجاز تعسفي بما أن التوقيف قد تم بدون أمر توقيف؛ (ب) كونه لم يخبر بأسباب احتجازه؛ (ج) كونه لم يمثل أمام قاض أثناء فترة احتجازه؛ (د) كونه لم يتمكن من التقدم بطعن أمام محكمة تبت في شرعية احتجازه؛ (ه) كونه لم يحصل على تعويض بسبب رفض الدولة الطرف إجراء تحقيق جنائي، الأمر الذي حرمه من حقه في التعويض بموجب الفقرة 5 من المادة 9 من العهد.

3-3 ويزعم صاحب البلاغ انتهاك المادتين 7 و9 مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 2 من المادة 2، ذلك أن الدولة الطرف لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث هذه الأفعال. وكان بإمكانها فعلاً أن تتخذ التدابير ذات الصلة بتثقيف الموظفين المدنيين والعسكريين وتدريبهم على احترام قواعد وطرق الاستجواب، وتحسين ظروف الاحتجاز.

3-4 ويرى صاحب البلاغ أن المادتين 7 و9، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2، قد انتُهكتا لغياب سبيل انتصاف فعال للتظلم من هذه الانتهاكات. وفي الواقع ، فإن ثلاث سنوات قد مرت بين حدوث الوقائع وتقديم البلاغ إلى اللجنة من دون أن يُجرى أي تحقيق سريع وفوري.

3-5 ويرى صاحب البلاغ فضلاً عن ذلك أن ظروف احتجازه تشكل انتهاكاً منفصلاً عن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. فعلاً فإن صاحب البلاغ قد احتجز في زنزانات الوكالة الوطنية للاستخبارات في ظروف يرثى لها، ذلك أن الزنزانة الأولى لم تتجاوز مساحتها 3 أمتار على 4 وكانت تعمها رائحة كريهة ولم تكن بها سوى نافذة صغيرة لا يدخل منها إلا القليل من النور. وكان باب مشبك يسمح للأعوان بمراقبته. وبعد ذلك نُقل إلى زنزانة مساحتها 3 أمتار مربعة وكانت فيها رائحة لا تطاق ولم تكن بها أية نوافذ. وكان صاحب البلاغ والشابة المحتجزة معه ينامان على الأرض على البلاط وكان دلو في الزنزانة يستخدم كمرحاض. وقد وضع في مناسبتين في زنزانات أصغر من الأولى بكثير. وحُرم صاحب البلاغ من الغذاء والماء طوال يومي احتجازه الأولين. ولم يحصل على رعاية طبية على الرغم من التعذيب المسلط عليه، باستثناء اليوم الأخير من احتجازه عندما اشتد به الألم لدرجة أن أحد الأعوان اقترح علاجه.

3-6 وقد وضع صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي على أيدي أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات في الفترة ما بين 11 و18 كانون الأول/ديسمبر 2008، الأمر الذي منعه من ممارسة حقوقه المنصوص عليها في العهد وفي الدستور الكونغولي، ولا سيما إمكانية ممارسة الحق في المثول أمام قاض في أقصر الآجال، وإمكانية ممارسة الطعن أمام محكمة تبت في شرعية احتجازه، والحق في الاتصال بأسرته وبممثل قانوني، وذلك نتيجة مباشرة لتصرف الدولة الذي يجب اعتباره رفضاً للاعتراف بالشخصية القانونية انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

3-7 ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلت بالتزاماتها بموجب المادة 17 لكونها تدخلت بشكل تعسفي وغير قانوني في حياته وفي حياة أسرته وفي مسكنه، وأن أعوان الدولة مسؤولون عن الانتهاكات والتعديات على شرفه وسمع ت ه. فعلاً فإن توقيف صاحب البلاغ بمنزله قد تم بدون أمر توقيف، وقد رافقته أعمال عنف وتم بحضور إحدى بناته. وبعد فرار صاحب البلاغ من أراضي الدولة الطرف ، ظل مقر سكناه يخضع لمراقبة مكثفة وتعرضت زوجته لأعمال تخويف. وتلقت أيضاً في عدة مناسبات زيارة أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات الذين كانوا يحاولون معرفة مكان تواجد زوجها. وجميع هذه الأفعال قد نُقلت إلى بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي أعطت زوجة صاحب البلاغ رقماً استعجالياً يمكن أن تستخدمه في حالة تهديد خطير ومنعت الوكالة الوطنية للاستخبارات أيضاً زوجة صاحب البلاغ من مغادرة التراب لحضور جنازة ببر ا زافيل. ويرى صاحب البلاغ فضلاً عن ذلك أن الصورة التي التقطها له أحد الحراس عندما كان محتجزاً والتي تناقلتها بعد ذلك وسائل الإعلام لتوجيه عدد من الاتهامات الكاذبة بحقه قد نال ت من سمعته، وذلك انتهاكاً للمادة 17 من العهد.

3-8 وكان صاحب البلاغ ضحية احتجاز تعسفي ومعاملة قاسية ولا إنسانية بسبب آرائه المخالفة لمصالح كبار المسؤولين في البنك الكونغولي وحكومة الدولة الطرف. ولم تنظر اللجنة إلا في الظروف التي تسمح بفرض قيود على حرية التعبير، أي القيود التي يحددها القانون والتي لا يمكن الأمر بها إلا لإحدى الغايات المحددة في الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة  3 من المادة 19 بيد أن صاحب البلاغ قد احتجز في القضية الراهنة بسبب أفكاره لمبررات لم ينص عليها القانون ومنع صاحب البلاغ من حرية التعبير المنصوص عليها في المادة 19 لم يب رر لضمان احترام حقوق و سمعة الغير ولا ل أسباب تتعلق بالنظام العام، وإنما لأسباب سياسية بالنظر إلى طبيعة القضية المتعلقة بسوء إدارة البنك الكونغولي و تشير إلى مسؤولية مسؤولين كبار في البنك وفي الحكومة.

3-9 ويزعم صاحب البلاغ أن انتهاكات حقوقه الأساسية هي انتهاك للفقرة 1 من المادة 23، علماً بأن توازن الأسرة قد اختل بشكل خطير في الأجل الطويل. والأضرار الرئيسية التي لحقت بأسرة صاحب البلاغ هي التالية: انفصال الأسرة، والصدمة التي لحقت بصاحب البلاغ والتي كان لها تأثير على حياته العائلية، والتخويف والتهديد الموجهان ضده وضد أسرته، وحملة التشهير التي شنتها الدولة الطرف على ترابها ضد صاحب البلاغ وأسرته ووضع صاحب البلاغ الهش بالنظر إلى مركزه كلاجئ في المملكة المتحدة.

3-10 ويخشى صاحب البلاغ عمليات انتقامية ضد أسرته لعدة أسباب: (أ) لقد سبق أن كانت أسرته ضحية تهديد وتخويف في جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) ؛ و(ب) أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات يتمتعون بإفلات عام من العقاب في البلد. وبالتالي يطلب صاحب البلاغ من اللجنة أن تطالب الدولة الطرف باتخاذ تدابير الحماية لكي لا تتخذ أية إجراءات انتقامية ضد أفراد أسرة صاحب البلاغ في جمهورية الكونغو الديمقراطية، واتخاذ كافة التدابير اللازمة والملائمة لضمان حماية أفراد أسرة صاحب البلاغ في جمهورية الكونغو الديمقراطية ما دامت اللجنة تنظر في البلاغ.

قلة تعاون الدولة الطرف

4- في المذكرات الشفوية المؤرخة 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 و19 آب/ أغسطس 2013 و2 كانون الأول/ديسمبر 2013 و4 شباط/فبراير 2014، دعيت الدولة الطرف إلى تقديم ملاحظاتها إلى اللجنة بخصوص مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أن هذه المعلومات لم تصلها قط. وتأسف لكون الدولة الطرف لم تقدم أي إيضاحات بخصوص مقبولية أو جوهر تظلمات صاحب البلاغ. وتشير إلى أن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تفرض على الدول الأطراف واجب النظر بحسن نية في جميع الادعاءات الموجهة ضدها ومد اللجنة بجميع المعلومات التي تكون بحوزتها. وفي غياب رد من الدولة الطرف هناك مدعاة لتصديق ادعاءات صاحب البلاغ ب قدر ما تكون مدعومة بما فيه الكفاية بالأدلة ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما من البلاغات، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5-2 وقد ت أكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(1) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5-3 وفيما يتصل بواجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية أي من التظلمات الحالية. وتأخذ علماً، بالإضافة إلى ذلك، بالمعلومات والمستندات التي وفرها صاحب البلاغ بخصوص الشكاوى التي رفعها عن طريق أخيه أمام المدعي العام للجمهورية والتي لم تُف ض أي منها، على ما يبدو، إلى تحقيق. وتلاحظ أيضاً أن صاحب البلاغ قد أُرغم على مغادرة البلد والحصول على اللجوء في المملكة المتحدة، حيث إنه لا يمكن توقع أن يقدم طعوناً قضائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبالتالي ترى اللجنة أن أحكام الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5-4 و فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ في إطار المادة 19 وكون صاحب البلاغ قد أ ُ وقف تعسفاً وعُذ ِّ ب بسبب أفكاره المخالفة لمصالح كبار مسؤولي البنك الكونغولي وحكومة الدولة الطرف، ترى اللجنة أن مثل هذه الادعاءات وصلتها بالمادة 19 لم تثبت بما فيه الكفاية لأغراض المقبولية. وترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لأغراض المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

5-5 أما فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلت بواجباتها بموجب المادتين 7 و9 مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 2 من العهد، ذلك أنها لم تعتمد قوانين أو تدابير تسمح ب إ عمال الحقوق المعترف بها في الأحكام المذكور ة ، تحيل اللجنة إلى أحكامها السابقة وتذكر بأن أحكام المادة 2 من العهد، التي تنص على واجب عام يقع على الدول الأطراف ، لا يمكن الاستناد إليها بمعزل عن البلاغ الذي يُقدم بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن أحكام المادة 2 لا  يمكن الاستناد إليها بالاقتران مع أحكام أخرى من أحكام العهد في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري، إلا إذا كان إخلال الدولة الطرف بما عليها من التزامات تفرضها المادة 2 والسبب المباشر لانتهاك مميز للعهد يؤثر بشكل مباشر على الشخص الذي يزعم أنه متضرر ( ) . وترى اللجنة في هذا السياق أن صاحب البلاغ لم يثبت بما فيه الكفاية كون النظر في مسألة معرفة ما إذا كانت الدولة الطرف لم تحترم كذلك الالتزامات العامة التي تفرضها عليها الفقرة 2 من المادة 2 من العهد بالاقتران مع المادتين 7 و9 مختلفاً عن النظر في انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادتين 7 و9 مقروءتين على حدة أو بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وبالتالي ترى اللجنة أن مزاعم صاحب البلاغ بهذا الخصوص لا تتفق مع المادة 2 من العهد وبالتالي فهي غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

5-6 واللجنة، إذ لا ترى أي مانع من إعلان مقبولية البلاغ، تُعلن أن بقية البلاغ مقبول ة حيث إنه يطرح مسائل تتعلق بالمواد 7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و17 و23، وكذلك الفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادتين 7 و9 من العهد، وتنتقل للنظر في الأسس الموضوعية.

الأسس الموضوعية

6-1 طبقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة في البلاغ مع مراعاة جميع المعلومات التي قُدمت إليها. وتذكر أنه في غياب رد من الدولة الطرف، لا بد للجنة من إيلاء الاعتبار اللازم لادعاءات صاحب البلاغ، بقدر ما أنها تكون مدعومة بما يكفي من الأدلة.

6-2 وأحاطت اللجنة علماً بمزاعم صاحب البلاغ فيما يتصل بالمادة 7 من العهد ، والتي جاء فيها أن المعاملة التي قد يكون تعرض لها أثناء احتجازه في الفترة من 11 إلى 18 كانون الأول / ديسمبر 2008 هي بمثابة تعذيب. وتلاحظ أن الادعاءات التي تفيد بأنه تعرض، أثناء عمليات الاستجواب التي تمت طوال سبعة أيام، للضرب وتلقى بشكل خاص ركلات وضربات بمسدس حولي خصيتيه وفي أعلى فخذيه؛ وأنه تعرض لقرص منتظم لخصيتيه وللسانه بكماشتين معدنيتين، و ت عرض لخنق ولركلات على مستوى أسفل البطن؛ وأن حارساً رفعه أثناء إحدى عمليات الاستجواب ممسكاً إياه من رقبته ثم وضع كماشتين على لسانه؛ وأنه أُرغم على أن يكون شاهداً على اغتصاب الشابة التي كانت محتجزة معه وأنه تعرض هو أيضاً بعد ذلك ل لاغتصاب على أيدي الحراس؛ وأنه كان يُرغم، كل صباح، على غمر رأسه في دلو مملوء بالبول. وتلاحظ اللجنة بالإضافة إلى ذلك أن هذه الأفعال قد ارتُكبت على ما يُزعم إلى أن تطلب الأ مر نقل صاحب البلاغ إلى المستشفى ، وأن هذه الأفعال قد ارتكبت على ما يزعم على أيدي سلطات الوكالة الوطنية للاستخبارات. وأخيراً تلاحظ اللجنة أن علامات التعذيب والأعراض التي يحملها صاحب البلاغ، كتلك الوارد وصفها في تقرير طبي - شرعي أُجري في المملكة المتحدة بتاريخ 25 آب/أغسطس 2009، تدعم هذه الادعاءات. وفي غياب أي تفسير من جانب الدولة الطرف، تلاحظ اللجنة وجود انتهاك للمادة 7 من العهد بحق صاحب البلاغ.

6-3 وفيما يتعلق بالمادة 9، تلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ التي مفادها أنه قد تم توقيفه في منزله في 11 كانون الأول/ديسمبر 2008 على أيدي أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات دون الاستظهار بأمر توقيف ودون إطلاعه على أسباب توقيفه، وأنه احتُجز لمدة سبعة أيام دون أن يمثل أمام قاضٍ و دون أن تتاح له إمكانية الاتصال بمحام، وأنه لم يتمكن بالتالي من تقديم طعن أمام محكمة لكي تبت في شرعية احتجازه. وفي غياب أية معلومات من الدولة الطرف تدحض هذه الادعاءات، تخلص اللجنة إلى أن الحقوق التي تكفلها المادة 9 من العهد لصاحب البلاغ قد انتُهكت.

6-4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ الذي مفاده أن المادتين 7 و9 من العهد مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 قد انتُهكت ا نظراً لغياب سبل الانتصاف الفعال للتظلم من هذه الانتهاكات. وفي هذه القضية، انقضت ثلاثة أعوام بين حدوث الوقائع وتقديم البلاغ إلى اللجنة دون أن يجرى أي تحقيق سريع وفوري. واللجنة تلاحظ فعلاً أن صاحب البلاغ قد رفع شكوى، بموجب رسالة مؤرخة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2008، ضد أعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات بحجة الاحتجاز التعسفي؛ وأن هذه الشكوى قد قُدمت ثانية مع إضافة شكوى التعذيب في 23 كانون الثاني/يناير 2009؛ وأن رسائل لتحري ما آلت إليه هاتان الشكويان قد بُعثت في 11 آذار/مارس و17 حزيران/يونيه 2009 وكذلك في 4 نيسان/أبريل 2011 إلى المدعي العام، ولكن بدون جدوى؛ وأن أحد محامي صاحب البلاغ بعث، في 24 حزيران/ يونيه 2011، رسالة لتحري ما آلت إليه هذه الشكاوى إلى وزارة العدل وحقوق الإنسان. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير يُبرر غياب التدابير لتدارك الانتهاكات المزعومة. وتخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادتين 7 و9 مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

6-5 وتلاحظ اللجنة بالإضافة إلى ذلك ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتصل بالفقرة 1 من المادة 10 التي مفادها أنه احتُجز في زنزانة الوكالة الوطنية للاستخبارات في ظروف ير ث ى لها، متنقلاً، في غضون 7 أيام، من زنزانة مساحتها 12 متر اً مربعاً إلى زنزانة أخرى مساحتها ثلاثة أمتار مربعة ثم إلى زنزانتين أخريين أصغر من السابقتين بكثير؛ وأن جميع الزنزانات كانت تعمها رائحة كريهة. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يحصل على غذاء ولا على ماء في اليومين الأولين من احتجازه؛ وأنه كان على ذ مته دلو لشخصين كمرحاض وحيد؛ وأنه لم يكن يتمتع بنور النهار؛ ولم يتمتع بالرعاية الطبية إلا في اليوم الأخير من احتجازه رغم التعذيب المسلط عليه. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تفصل على ما يبدو بين السجناء الذكور والإناث، كما وأنها لم تسهر على حماية حيائهما وكرامتهما. ونظراً لخطورة الأفعال المنسوبة فيما يتصل بظروف الاحتجاز التي ير ث ى لها الوارد وصفها في البلاغ، وفي غياب أية معلومات من الدولة الطرف، تخلص اللجنة إلى وجود انتهاك منفصل للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

6-6 واللجنة، إذ خلصت إلى الاستنتاجات السابقة، لن تنظر في ادعاء انتهاك المادة 16 من العهد.

6-7 وتلاحظ اللجنة أن توقيف صاحب البلاغ في منزله قد تم على ما يبدو دون أمر توقيف و رافقته أعمال عنف و تم بحضور إحدى بناته؛ وأن منزله ظل، بعد فرار صاحب البلاغ من الدولة الطرف، يتعرض لمراقبة مكثفة و ظلت زوجته تتعرض لأعمال تخويف؛ وتلقت أيضاً في عدة مناسبات زيارة أعوان تابعين للوكالة الوطنية للاستخبارات كانوا يحاولون معرفة مكان تواجد زوجها؛ وأن هذه الوقائع قد أُحيلت إلى بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ قد أُرغم على الفرار وطلب اللجوء لنفسه ولأسرته في المملكة المتحدة، ومن ثم عانى من فراق دام ثلاثة أعوام عن أسرته بعد رحيله من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي غياب ملاحظات الدولة الطرف ومراعاة لجميع ملابسات القضية، ترى اللجنة أن هذه الوقائع تشكل تدخل اً تعسفياً وغير مشروع في حياة صاحب البلاغ الشخصية وفي حرمة منزله وأسرته. وبالتالي تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 17 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 23 من العهد.

7- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، تلاحظ أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادتين 7 و9 من العهد مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 10؛ وكذلك المادة 17 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 23 من العهد.

8- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد فإن الدولة الطرف ملزمة بتأمين سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. والدولة الطرف ملزمة إذن بمنح تعويض كلي للأشخاص الذين تُنتهك حقوقهم المنصوص عليها في العهد. والدولة الطرف ملزمة بشكل خاص بإجراء تحقيق شامل وفعال في الوقائع، ومقاضاة المسؤولين ومعاقبتهم ومنح صاحب البلاغ تعويضاً كاملاً وتدابير ترضية ملائمة. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بالسهر على ألا تتكرر مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.

9- و بالنظر إلى أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في قرار ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها الخاضعين لولايتها وتوفير سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة وجود حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً معلومات عما ستكون قد اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تقوم بنشر آراء اللجنة هذه وترجمتها إلى اللغة الرسمية في الدولة الطرف ونشرها على نطاق واسع.

تذييل

رأي فردي (مخالف جزئياً) لأعضاء اللجنة السيد أوليفييه دي فروفيل والسيد عياض بن عاشور والسيد ماورو بوليتي

1- لا نوافق على قرار اللجنة بعدم النظر بشكل منفصل في تظلم صاحب البلاغ في إطار المادة 16 من العهد التي تنص على أن "لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يُعترف له بالشخصية القانونية". ونحن نرى أن المعاملة التي تعرض لها صاحب البلاغ تبرر تماماً خلوص اللجنة إلى وجود انتهاك للمادة 16، فضلاً عن ملاحظة الانتهاكات المتعلقة بأساس المواد 7 و9 و10. وفي هذه القضية ، لم يتعرض صاحب البلاغ وحسب لـ "احتجاز تعسفي" بالمعنى التقليدي بل إنه تعرض أيضاً لـ "ح ب س انفرادي" ( ) . والشيء الذي يميز هذا الاحتجاز لا يكمن في القيود المفروضة على إبلاغ الآخرين بالاحتجاز أو بحق الشخص المحروم من حريته في الاتصال بمحام يختاره وبإبلاغ أسرته. وجميع هذه القيود تستحق الإدانة ويمكن أن تفضي إلى الخلوص إلى انتهاك ل لمادة 9 ، ولكنها لا تفضي بالضرورة إلى إخراج الشخص المعني من أي إطار قانوني. وتوجد في بعض البلدان أنظمة قانونية للحبس الانفرادي تقوم على مثل هذه القيود. ولكن مهما كانت قابلة للنقد أيضاً ( ) تظل هذه النظم نظماً ينص عليها القانون و ترافقها عموماً ضمانات معينة، وإن كانت ضمانات دنيا. وهكذا فإن الشخص الذي يخضع لمثل هذه الأنظمة التقييدية يظل يتمتع بالاعتراف له بـ "شخصيته القانونية". والحبس الانفرادي، على عكس ذلك وكما يمارس في مثل هذه الحالات ، يقع خارج أي إطار قانوني. والأمر يتعلق بالتحديد في واقع الأمر، من خلال هذا النوع من الممارسة، بالزج بالشخص المعني في فراغ قانوني: وذلك ليس فقط لأن مثل هذا الحرمان من الحرية يفتقد للأساس القانوني وإنما لأنه منظم بحيث لا يتسنى للشخص المعني الوصول إلى أي سبيل تظلم أو التمتع بأي حق ويجد نفسه عندئذ تحت رحمة جل ّ اده. وعندما يُعذب شرطي شخصاً محتجزاً في مخفر شرطة فإن الضحية لا تعامل "كإنسان" على أيدي الشرطي الذي يعذبها، ولكن فكرة القانون تظل قائمة ك طرف ثالث في علاقاتهما لأن الضحية لها أن تأمل الإفلات من الظروف التي هي فيها، وتش ت كي من المعاملة التي تعرضت لها لدى رئيس ا لشرطي أو لدى قاض أو لدى المحامي. لكن هذه ال و ساطة في الحبس الانفرادي غائبة تماماً ولا تترك المجال إلا ل انفراد السفاح القاسي ب الضحية الأمر الذي يفضي نهائياً إلى تحويل الضحية إلى شيء: وتحديداً ذات فكرة القانون كجهة وساطة وحماية هي التي أُزيلت. وبسبب هذه الخاصية تحديداً تجعل الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري من الحق في عدم التعرض للحبس الانفرادي حقاً مطلقاً ( ) ، على غرار الحق في الاعتراف لل فرد بالشخصية القانونية ، المنصوص عليه في المادة 1 6 من العهد (انظر المادة 4 من العهد). وقد يبدو من غير المعقول تماماً، بالإضافة إلى ذلك، زعم أنه يمكن تبرير مثل هذه المعاملة في الظروف المشار إليها في المادة 4.

2- والسؤال المطروح هنا ليس معرفة ما إذا كانت المعاملة المعنية يمكن أم لا وصفها با لاختفاء القسري، ب ال معنى الوارد في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وهو وصف لم يستند إليه صاحب البلاغ. والمشكلة المطروحة هنا هي معرفة ما إذا كان الحبس الانفرادي الذي ثبت أن صاحب البلاغ قد تعرض له انتهك، أو لم ينتهك، حقه في الاعتراف له بالشخصية القانونية ب المعنى الوارد في المادة 16 من العهد.

3- وفي هذه القضية و ُ ضعت الضحية في مكان احتجاز غير رسمي (منزل سكني ح ُ جز للغرض، ثم في زنزانة تقع بمكاتب إدارية تابعة للوكالة الوطنية للاستخبارات ؛ وهنا خضع للتعذيب وأودع في حالة ضعف كلي: وقد فهمت الضحية عندئذ أنه لا مجال لها للتظلم وأن أحداً ما كان يمكن أن يعلم مكان تواجدها. وأعوان الوكالة الوطنية للاستخبارات من ناحيتهم، وضعوا الضحية هناك بالتحديد لتنظيم هذه العزلة. وقد فعلوا ذلك بحيث لا تكون هناك على الإطلاق أية حقوق للضحية وألا يكون بإمكان الضحية حتى مجرد اعتقاد أن له حقوقاً. وهكذا فقد كان من الممكن أن يظل صاحب البلاغ هناك طوال أعوام بدون أن يعلم أحد بذلك وبدون أن يكون بمكانه أبداً المطالبة بالضمانات القانونية التي يعترف بها عادة في النظام القانوني لأي إنسان. ولحسن حظه استطاع أن يفر من المستشفى الذي نُقل إليه وأن يستعيد كرامته.

4- وأسرة الضحية لم تبق مكتوفة الأيدي بما أن شقيق صاحب البلاغ قد رفع شكوى بعد توقيف صاحب البلاغ بستة أيام، أي في 17 كانون الأول/ديسمبر 2008، لدى المدعي العام للجمهورية ضد الوكالة الوطنية للاستخبارات على أساس الاختطاف والاحتجاز التعسفي. ولكن في 23 كانون الأول/ديسمبر 2008 أرغم شقيق صاحب البلاغ على سحب شكواه على إثر أعمال تخويف تعرض لها . غير أنه جدد شكواه في 23 كانون الثاني/يناير 2009، أي بعد فرار الضحية. وهنا أيضاً ظلت الشكوى بدون أي رد. وفي هذه الحالة رفضت السلطات إذاً الاعتراف باحتجاز صاحب البلاغ أو بتقديم معلومات عن مصيره؛ وأخفت أيضاً مكان احتجازه، الذي كان مكان احتجاز غير رسمي. وعدم الاعتراف هذا بالتوقيف وبالاحتجاز، بترافق مع وضع المحتجز الذاتي، الذي أصبح واعياً بأنه "ليس إنساناً" يتخبط في فراغ قانوني منظم، له مواصفات الانتهاك للمادة 16 من العهد.

5- ولا بد من ملاحظة أن ممارسات الوكالة الوطنية للاستخبارات في جمهورية الكونغو الديمقراطية معروفة وتم توثيقها في العديد من المناسبات من جانب المنظمات غير الحكومية أو الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. وقد جاء بشكل خاص في تقرير لبعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أعد قبل الوقائع بسنة ونصف الاستنتاجات التالية:

"لوحظت انتهاكات جسيمة لحقوق الأفراد بأماكن احتجاز الاستخبارات [...] وفي زنزانات المخيمات العسكرية [...] وهذه الدوائر تعمل في أغلب الأحيان خارج نطاق اختصاصها. وأماكن الاحتجاز هذه، التي تنفي هذه الدوائر وجودها في أغلب الأحيان، تفلت من أي رقابة ويمكن بالتالي أن تكون نقطة انطلاق عمليات اختفاء قسري" ( ) .

6- وكان على اللجنة، بالاستناد إلى تطور أحكامها السابقة حديثاً، أن تعترف بانتهاك للمادة 16 فيما يتصل بقضية السيد لومبالا تشيديكا .

7- ولا بد من التذكير بأن اللجنة كانت قد وضعت، في البداية، أحكامها المتعلقة بالمادة 16 في حالات الاختفاء القسري بالرجوع إلى تعريف الاختفاء القسري الوارد في الفقرة 2‘1‘ من المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ( ) . بيد أن هذا التعريف كان موضع انتقاد بخصوص المعاملة التي تتعلق بعنصر "انتزاع الشخص من حماية القانون لفترة مطولة" ( ) . وفعلاً فإن تعريف نظام روما الأساسي يحوّل، من جهة، هذا العنصر الظرفي إلى قصد خاص مشدد للمخالفة؛ ومن جهة أخرى فإنه يضيف عنصراً زمنياً غير محدد ويصعب إدراكه؛ وهكذا أصبح من الضروري أن يحدد صاحب البلاغ وأصحاب البلاغات "نية انتزاع شخص من حماية القانون لفترة مطولة". وعلى أي حال فإن تعريف نظام روما الأساسي يحدد العناصر المكونة للجريمة الدولية والغاية منه إقامة المسؤولية الجنائية الفردية؛ في حين أن العهد، وخاصة في مادته 16، يهتم بمسؤولية الدولة في القانون الدولي. وفي الآراء المعتمدة في 10 تموز/يوليه 2007 في قضيتي كيموش ضد الجزائر و قرويعة ضد الجزائر ، يبدو أن اللجنة أخذت بهذا التعريف مع تحويره عندما تناولت لأول مرة مسألة انتهاك المادة 16 في سياق اختفاء قسري. وقد لاحظت أن "الانتزاع المتعمد لشخص من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل رفض اعتراف بالشخص أمام القانون إذا كانت الضحية بين أيدي سلطات الدولة أثناء اختفائه الأخير، وفي نفس الوقت، إذا تمت بطريقة منهجية إعاقة جهود أقارب الضحية المبذولة للوصول إلى سبل التظلم الفعالة المحتملة، بما في ذلك أمام المحاكم (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد)" ( ) .

8- وفي الفقرة التالية اعتمدت اللجنة مع ذلك معياراً مختلفاً يتفق أكثر مع حقيقة الانتهاك الملاحظ:

ترى [اللجنة] أنه عندما تقوم السلطات بتوقيف شخص ولا ترد بعد ذلك بخصوصه أية معلومات عن مصيره ولا تجري السلطات أي تحقيق، فإن هذا التقصير من جانب السلطات هو بمثابة انتزاع الشخص المختفي من حماية القانون ( ) .

9- وفي الآراء المعتمدة في 26 تموز/يوليه 2010 في قضية بنعزيزة ضد الجزائر ، تستبدل اللجنة الإشارة إلى نظام روما الأساسي بإشارة إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي كانت الجمعية العامة قد اعتمدتها حديثاً. ولو أن تعريف الاتفاقية لا يأخذ لا بعنصر القصد الخاص ولا بعنصر الزمن، فإن اللجنة لا تتخلى مع ذلك عن هذين العنصرين. بل هي في الواقع تحتفظ في الفقرة 9-8 من ملاحظاتها بالمعيارين الواردين أعلاه اللذين هما متعارضان إلى حد كبير ( ) .

10- ولا بد مع ذلك من ملاحظة أنه اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 2010 "تُبسّط" اللجنة صياغة الآراء: فهي من جهة تحذف أي إشارة إلى نص غير العهد - سواء تعلق الأمر بنظام روما الأساسي أو بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ ومن جهة أخرى، تحذف من الفقرة المخصصة للمادة 16 المعيار الثاني ولا تحتفظ إلاّ بالمعيار التقييدي الذي يوحي به تعريف نظام روما الأساسي، ألا وهو نية انتزاع الشخص من حماية القانون لفترة مطولة ، وهما شرطان تضيف إليهما اللجنة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، شرطاً آخر هو أن جهود أقارب الشخص المختفي المبذولة من أجل الوصول إلى سبل الانتصاف الفعالة المحتملة، بما في ذلك أما المحاكم (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد)، تخضع لإعاقة منهجية ( ) .

11- وبالرجوع إلى هذا المعيار يمكن فعلاً الشك في أن السيد لومبالا تشيديكا كان ضحية انتهاك للمادة 16. فمن جهة يصعب جداً إثبات نية الوكالة الوطنية للاستخبارات انتزاعه من حماية القانون لفترة مطولة من الزمن و، على أي حال، بما أن صاحب البلاغ تمكن من الفرار، فإن هذا الإثبات أصبح - لحسن الحظ - أمراً مستحيلاً ( ) . ومن جهة أخرى يصعب الجزم بأن جهود الأقارب قد "تمت عرقلتها بشكل منهجي": لقد اكتفت السلطات القضائية بكل بساطة، في هذه الحالة، بعدم النظر في الشكاوى التي قدمها شقيق صاحب البلاغ في حين أنه كان من البديهي أنه لا يمكن التفكير في التوجه مباشرة إلى الوكالة الوطنية للاستخبارات، إن لم يكن ذلك للتعرض لأعمال انتقامية.

12- ولا بد مع ذلك من ملاحظة أن أحكام اللجنة السابقة شهدت تطوراً حديثاً وهذا التطور هو الذي كان لا بد أن يفضي باللجنة إلى الخلوص إلى انتهاك للمادة 16 ، في رأينا.

13- فعلاً فإن اللجنة قد قررت في آرائها بشأن قضية ثارو وآخرون ضد نيبال المعتمدة في 3 تموز/يوليه 2015، التخلي عن المعيار الزمني المستمد من تعريف نظام روما الأساسي، وذلك حتى وإن احتفظت بعنصر التعمد وفكرة أن الجهود المبذولة من الأقارب لممارسة الحق في سبل الانتصاف لا بد أن تكون قد "تمت عرقلتها بشكل منهجي" ( ) .

14- ولكن اللجنة، في آرائها المعتمدة في 9 تموز/يوليه 2015 في قضية روزا ماريا سيرنا وآخرون ضد كولومبيا ، قد قللت من أهمية هذا الشرط الأخير، معتبرة أنه يمثل مؤشراً من بين مؤشرات أخرى ي سمح بإثبات حرمان الضحية من الاعتراف بالشخصية القانونية ( ) .

15- ويُستنتج من هذين التطورين ما يلي:

من جهة، أن مدة الانتزاع من حماية القانون أو حتى نية الانتزاع من حماية القانون لفترة مطولة من الزمن ليست معياراً لانتهاك المادة 16؛

من جهة أخرى، أن انتزاع الشخص من حماية القانون الذي يشكل في حد ذاته حرماناً من الاعتراف بالشخصية القانونية، وأن هذا الانتزاع يبرزه - وبشكل خاص بالنسبة للأقارب - تصرف السلطات الذي يمكن أن يتخذ إما شكل إجراء (عرقلة "منهجية" للجهود المبذولة لممارسة حقوق التظلم، والحرمان الصريح ...) أو شكل تقصير (غياب النظر في الشكاوى أو في الطعون الإدارية أو القضائية الأخرى الممارسة).

16- وفي ضوء هذه العناصر، نرى أنه كان على اللجنة أن تبت، في هذه القضية، في انتهاك المادة 16 و تخلص إلى انتهاك لها .