الأمم المتحدة

CCPR/C/110/D/1889/2009

Distr.: General

15 May 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 18 89 /2009

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 110 (10-28 آذار/مارس 2014)

المقدم من:

خوخة معروف (تمثلها الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب ( TRIAL ) )

باسم :

عبد الكريم عزيزي (زوج صاحبة البلاغ) وعبد الصمد عزيزي (ابن صاحبة البلاغ) وباسمها الخاص

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

30 كانون الثاني/يناير 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 3 آب / أغسطس 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

2 1 آذار/مارس 2014

الموضوع:

اختفاء قسري

المسائل الإجرائية:

استنفاد سُبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية:

ا لحق في الحياة، وحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، وحق الفرد في الحرية وفي الأمن على شخصه، واحترام الكرامة البشرية الأصيلة، والاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في سبيل انتصاف فعال ، والحق في حماية الخصوصية والحياة الأسرية

مواد العهد:

2 (الفقرة 3) و6 (الفقرة 1) و 7 و9 (الفقرات 1 إلى 4)، و 10 (الفقرة 1) ، و16 و17 و23 (الفقرة 1)

مادة البروتوكول الاختياري:

الفقرة 2 (ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 110)

بشأن

البلاغ رقم 1889/2009 *

المقدم من:

خوخة معروف (تمثلها الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب ( TRIAL ) )

باسم :

عبد الكريم عزيزي (زوج صاحبة البلاغ) وعبد الصمد عزيزي (ابن صاحبة البلاغ) وباسمها الخاص

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

30 كانون الثاني/يناير 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 21 آذار/مارس 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 18 89 /2009، الذي قدم ت ه إليها خوخة معروف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي قدم ت ها صاحب ة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب ة البلاغ المؤرخ 30 كانون الثاني/يناير 2009 و28 نيسان/أبريل 2009 ه ي خوخة معروف ، من الجنسية الجزائرية، ولد ت في 8 آذار/مارس 1943. وتدعي أن زوجها عبد الكريم عزيزي المولود في 25 آذار/مارس 1941، وابنها عبد الصمد عزيزي المولود في 20 آب/أغسطس 1976، هما ضحي تا انتهاك الجزائر للفقرة 3 من المادة 2، والفقرتين 1 و7 من المادة 6، والفقرات 1، 2، 3 و4 من المادة 9، والفقرتين 1 و16 من المادة 10، والمادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد. وهي تدعي أيضاً أنها ضحية انتهاك الدولة الطرف للفقرتين 3 و7 من المادة 2 والمادة 17 والفقرة 1 من المادة 23. وتمثل الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL) صاحبة البلاغ.

1-2 وفي 19 تشرين الأول / أ كتوبر 2009، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 في ليل 22 أيلول/سبتمبر 1994 ، خلع شرطيون يرتدون الزي الرسمي وينتمون إلى الفرقة المتنقلة الخامسة للشرطة القضائية التابعة لمركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة باب منزل صاحبة البلاغ ودخلوا عنوة. وحين سألهم زوجها، عبد الكريم عزيزي، عن هويتهم ومبتغاهم، شتموه ودفعوه. ثم عصب وا عينيه واقتادوه إلى غرفة الحمام. وفيما انزوت الأم وبناتها الثلاث في الصالة اقتاد أفراد الشرطة أحد أبناء صاحبة البلاغ، وهو عبد الصمد عزيزي الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 18 عاماً، إلى خارج شقة العائلة ولم يره أحد منذ ذلك اليوم. ثم اقتاد أحد أفراد الشرطة الأخت الكبرى والأخت الصغرى إلى غرفة أخرى وطرح عليهما أسئلة تتعلق بالأسرة وبأنشطة والدهما وصفعهما وركلهما. ثم اقتادهما إلى غرفة الحمام حيث يوجد والدهما وقام بتعذيب الأب بأسلوب "الخرقة" ( ) . وحاول أفراد الشرطة نزع لحية عبد الكريم عزيزي بعد أن سكبوا عليها صمغاً قوي اللصق. ورأت الابنتان والدهما مستلقيا ً على الأرض ومضرجاً بالدماء في بقعة من الماء. ثم نزل أفراد الشرطة إلى متجر العائلة حيث أخذوا مجوهرات وأموالاً ومواد غذائية وأوراق هوية. وهدد أفراد الشرطة صاحبة البلاغ بحرق منزلها إن أخبرت أحداً عما جرى في تلك الليلة وغادروا مصطحبين معهم عبد الكريم عزيزي. ولم ترَ العائلة زوج صاحبة البلاغ وابنها مجدداً منذ ذلك اليوم. وتعرض منزل العائلة للتفتيش عدة مرات منذ وقوع هذه الحوادث. وكان عناصر الشرطة في كل مرة يأتون فيها للتفتيش يأخذون المجوهرات والأموال والأغراض الثمينة والأطعمة.

2-2 ولم تتوقف عائلة عزيزي منذ توقيف عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي عن القيام بكل ما يمكن من إجراءات للعثور على الضحيتين. ففي صباح اليوم الذي عقب توقيفهما، أي في 23 أيلول/سبتمبر 1994، ذهبت صاحبة البلاغ إلى مركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة حيث تعرّفت على الشرطيين الذي أتوا إلى منزلها في الليلة السابقة. وقام هؤلاء بتهديدها لكنهم نفوا توقيف ابنه ا وزوجها. وعلى الرغم من زيارات صاحبة البلاغ المتكررة إلى مركز الشرطة في بوروبة ومركز الشرطة المركزي في الجزائر العاصمة وسجن الحرّاش وسجن سركاجي، فإنها لم تحصل على أية معلومات رسمية عن مصير زوجها وابنها. كما التمست صاحبة البلاغ عدة مرات مساعدة وكيل الجمهورية لدى محكمة الحرّاش ولم تحصل على أي جواب ف وجّهت رسالة إلى النائب العام لدى محكمة الجزائر لكن رسالتها أهملت . وقامت صاحبة البلاغ بمساعدة محامٍ بإجراء بحوث لدى محكمة الحرّاش باءت هي الأخرى بالفشل. والتمست صاحبة البلاغ في كانون الأول/ديسمبر 1996 مساعدة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان والمرصد الوطني لحقوق الإنسان ولكنها لم تتوصل إلى نتيجة.

2-3 وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 1997، رفعت صاحبة البلاغ قضيتها إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي التابع للأمم المتحدة. ولم تستجب الدولة الطرف لطلبات ال فريق الع ا مل للحصول على معلومات في هذا الشأن.

2-4 وأفاد ال مساعد السابق ل رئيس الفرقة في مركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة، السيد محمد رباعي في شهادة نشرها ( ) في كتاب مفتوح مؤرخ 1 تموز/يولي ه 2000 أُ رفق ببلاغ صاحبة البلاغ، بأن الضحيتين كانا في مركز الشرطة لكن لم توجه لهما أي تهمة محددة . ويدعّي السيد رباعي أيضاً بأن الضحيتين قتلا تحت التعذيب على يد مفوض الشرطة المدعو بوعلام. وقد أكّد عدة أ شخاص احتجزوا في مركز الشرطة ثم أ طلق سراحهم أنهم رأوا الضحيتين في مركز الشرطة. ويُقال أن عبد الكريم عزيزي قد مكث في تاريخ غ ير محدد في مستشفى عين النجدة العسكري قبل أن يُنقل إلى بوروبة.

2-5 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير صاحبة البلاغ إلى أن جميع الخطوات التي اتخذتها، هي وأ قرباؤها، قد باءت بالفشل. وعلى رغم تقديمها شكوى، لم يعطِ الوكيل المختص أي رد على شكواها، وامتنع النائب العام عن فتح أي تحقيق قضائي. وتؤكّد صاحبة البلاغ كذلك أنها وجهّت عدة رسائل إلى السلطات، بما في ذلك إلى وسيط الجمهورية، طلبت فيها فتح تحقيق. وقد ردّ وسيط الجمهورية في 10 و13 كانون الثاني/يناير 1998، ثم في 4 أيار/مايو 1998، على صاحبة البلاغ وأفادها باستلامه طلباتها للتدخل وأبلغها بالتماسه الهيئات المختصة للنظر في القضية. ولم يُعط وسيط الجمهورية من ذ ذلك الحين أية معلومات لصاحبة البلاغ عمّا آل إليه الطلب الذي قدمه إلى "الهيئات المختصة". ولم تخاطب السلطات منذ ذلك الحين صاحبة البلاغ. و بالإضافة إلى ذلك، لم تلقَ الرسائل التي وجهها المرصد الوطني لحقوق الإنسان إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة الحرّاش والنائب العام لدى محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة أي ردّ. ولم ت تصل هيئة من هذه الهيئات بصاحبة البلاغ لإبلاغها بإمكانية فتح تحقيق. وهكذا، وعلى الرغم من التماس عائلة عزيزي المساعدة من عدة مؤسسات وسلطات وطنية كان ت قادرة على عونها، جوبهت العائلة بعدم تحرك أي منها في هذه القضية. فلم يكتفِ أفراد الشرطة والجيش الذين اتصلت بهم صاحبة البلاغ بنفي الوقائع والامتناع عن تسليمها أية معلومات، بل سخروا كذلك منها وهددوها.

2-6 وتضيف صاحبة البلاغ أن خوفها من التعرض مجدداً لا نتقام الشرطة والقضاء حدّ من الخطوات التي كانت تقوم بها، إذ أن واحداً من أبنائها، وهو الأخضر عزيزي، محتجز منذ عام 1993 في سجن برواغية بعد أن حُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات ؛ وأن زوج إحدى بناتها، ويدعى كامل رقيق، قد اختفى بعد أن أوقفته قوات الأمن في 6 أيار/ مايو 1996؛ وأن زوج ابنة أخرى من بناتها، يدعى علي عويس، قد احتُجز هو الآخر وتعرّض للتعذيب في شهر أيار/مايو 1996؛ وأنها هي نفسها وبناتها الثلاث وابنها الأصغر الذي كان يبلغ حينها 12 عاماً قد أوقفوا واحتجزوا لمدة 5 أسابيع في أيار/مايو 1996، في ظروف يصعب وصفها.

2-7 بالإضافة إلى ذلك، تزعم صاحبة البلاغ أنه أضحى يستحيل عليها قانوناً اللجوء إلى هيئة قضائية منذ إصدار الأمر 06/01 الذي يتعلق ب تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ( ) في 27 شباط/فبراير 2006، لا بل إن إجراءً من هذه القبيل كانت سيعرضها للخطر. وإذا كانت جميع الإجراءات التي اتخذتها حتى الآن غير فعّالة وغير مجدية، فهي لم تعد متوفرة منذ صدور المرسوم. وتزعم صاحبة البلاغ بالتالي أنها لم تعد ملزمة بمواصلة الخطوات والإجراءات على المستوى الداخلي وتعريض نفسها لملاحقات جنائية، لكي تعلن اللجنة مقبولية بلاغها.

الشكوى

3-1 ترى صاحبة البلاغ أن زوجها وابنها ضحيتان للاختفاء القسري ( ) في انتهاك للفقرتين 1 و7 من المادة 6، والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9، والفقرتين 1 و16 من المادة 10، والمادة 17، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2. وتر ى صاحبة البلاغ أيضاً أنها بدورها ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادتين 7 و17 والفقرة 1 من المادة 23 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-2 وتدعي صاحبة البلاغ أن زوجها عبد الكريم عزيز ي وابنها عبد الص مد عزيزي ضحيتان للاختفاء القسري نظراً إلى أنهما أوقفا من قبل موظفين حكوميين وأن هذا التوقيف أعقبه رفض للاعتراف بحرمانهما من حريتهما وتكتم على مصيرهما، ما حرمهما عمداً من حماية القانون. وتلفت صاحبة البلاغ إلى أن مصادر عديدة تفيد بأن قوى وأجهزة الأمن الجزائرية اعتمدت لما يقارب العقد ممارسة واسعة النطاق ومنهجية من عمليات التوقيف التعسفي يليها اختفاء قسري لمدنيين، راح ضحيتها عدد يتراوح بين 000 7 و000 20 شخص حسب التقديرات. وحظوظ العثور على زوج صاحبة البلاغ وابنها على قيد الحياة ضئيلة جداً، وحتى في حال لم يُفضِ اختفاؤهما إلى وفاتهما، فإن الخطر الذي يتهدد حياتهما يعتبر انتهاكاً للمادة 6 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3-3 وتذكّر صاحبة البلاغ، وفقاً لاجتهادات اللجنة، بأن مجرد التعرض للاختفاء القسري يشكل في حد ذاته معاملة لا إنسانية أو مهينة ( ) . و يشكل القلق والمعاناة الناجم ا ن عن الاحتجاز لفترة غير محددة ودون الاتصال بالأسرة أو العالم الخارجي انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) . و بالإضافة إلى ذلك، تعرّض زوج صاحبة البلاغ، في 22 أيلول/سبتمبر 1994 للتعذيب لساعات طويلة على يد عناصر الشرطة في غرفة حمام منزل العائلة، على مرأى اثن ت ين من بناته من وقت لآخر. و بالإضافة إلى ذلك، فإن مركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة، حيث يزعم أن الضحيتين قد سجنا، معروف بممارسته المنهجية للتعذيب والاعتداء، لا سيما في فترة وقوع حوادث هذه القضية. ويتيح ذلك الظنّ بأنهما تعرّضا في مركز الشرطة هذا لمعاملة مخالفة للمادة 7 من العهد. وتر ى صاحبة البلاغ علاوة على ذلك أن اختفاء زوجها وابنها شكّل ولا يزال يشكل بالنسبة لها ولأسرتها محنة عصيبة وأليمة شلّت حياته ا نظراً إلى أنها لا تعرف أي شيء عن مصيرهما، وتجهل، في حال وفاتهما، كل شيء عن ظروف مقتلهما والمكان الذي دفنا فيه. وعلاوة على ذلك، ترى صاحبة البلاغ أن إرغام اثنتين من بنات عبد الكريم عزيزي على رؤية أساليب التعذيب التي مورست على والدهما يجب أن يعتبر معاملة تحظرها المادة 7 من العهد. فمشاهدتهما بأم العين لما تعرض له والدهما من تعذيب زاد من خوف قريبتي الضحيتين، لأنهما أصبح ت ا ت عيان الأساليب التي تتبعها الشرطة والتي جعلت من اختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي أمراً لا يحتمل. واعتبرت صاحبة البلاغ، استناداً إلى اجتهادات اللجنة ( ) ، أن الدولة الطرف انتهكت كذلك الحقوق التي تكفلها لها المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها أو بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3 -4 وتذكّر صاحبة البلاغ بالاجتهادات الثابتة للجنة التي تعتبر بموجبها أن أي احتجاز غير معترف به يشكل إنكاراً للحق في الحرية والأمن الذي تكفله المادة 9 من العهد وانتهاكاً جسيماً لهذا الحكم ( ) . وتدفع صاحبة البلاغ بأن توقيف الضحيتين في 22 أيلول/ سبتمبر 1994 من دون إذن قضائي ومن دون أن يبلغا بأسباب توقيفهما يشكل انتهاكاً للفقرتين 1 و2 من المادة 9 من العهد. و بالإضافة إلى ذلك، فإن قانون الدولة الطرف يحدّ الفترة القانونية للحجز لدى الشرطة بمه لة لا تتعدى 48 ساعة، أو 96 ساعة في حالات المس بأمن الدولة، أو 12 يوماً في حالات الأعمال الإرهابية أو التخريبية . وينبغي عند انقضاء هذه المهل تقديم الموقوف إلى سلطة قضائية أو إطلاق سراحه، وهو ما لم يحدث في حالة عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي. وبما أن الضحيتين احتجزا في مكان سري من دون أن يتمكنا من الاتصال بالعالم الخارجي، فلم يكن بوسعهما الطعن بمشروعية احتجازهما أو الطلب إلى القاضي بالإفراج عنهما، ولا حتى الطلب إلى أي طرف ثالث غير محتجز بتأمين الدفاع عنهما. وبناءً على ذلك، تزعم صاحبة البلاغ أن تصرف الدولة الطرف ينتهك الفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9 من العهد.

3-5 ونظراً إلى أن زوج صاحبة البلاغ وابنها كانا ضحية لانتهاك المادة 7 من العهد و أنهما لم يعاملا بإنسانية ولا باحترام الكرامة المتأصلة في النفس البشرية بسبب احتجازهما في مكان سري وتعرضهما لسوء المعاملة، تؤكد صاحبة البلاغ أن زوجها وابنها كانا أيضاً ضحيتي انتهاك الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 10 من العهد.

3-6 وتذكر صاحبة البلاغ باجتهادات اللجنة ( ) ، وتدفع بأن عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي حُرما بسبب اختفائهما القسري من حماية القانون ، في انتهاك للمادة 16 من العهد.

3-7 وتدعي صاحبة البلاغ بأن الأفعال التي ارتكب ت ها عناصر الشرطة الذين خلعوا باب منزل العائلة ودخلوا عنوة دون إذن وعذّبوا زوجها وأوقفوه هو وابنه، ومارسوا عنفاً جسدياً ونفسياً على باقي أفراد العائلة، لا سيما من خلال إرغام بنات صاحبة البلاغ على مشاهدة عذاب والدهما، وكرروا لعدة أيام متتالية أعمال السرقة والتخريب في منزل عائلة عزيزي، تشكل جميعها انتهاكاً للمادة 17 من العهد ( ) .

3-8 وعقب الاختفاء القسري لزوجها وابنها، انهارت حياة صاحبة البلاغ الأسرية كلياً. فقد بقيت وحيدة مع بناتها الثلاث وابنها الأصغر الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 10 أعوام. وتدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف قد أخلّت بواجب حماية أسرتها وانتهكت بذلك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد ( ) .

3-9 وتفيد صاحبة البلاغ بأنه نظراً إلى أن جميع الإجراءات التي اتخذتها لمعرفة مصير زوجها وابنها لم تُفضِ إلى شيء، فقد أخلّت الدولة الطرف بواجباتها في ضمان حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي في سبيل انتصاف فعّال، بما أنه كان يتوجب عليها أن تجري تحقيقاً معمقاً وسريعاً في اختفائهما وابلاغ عائلتهما بنتائج تحقيقاتها. وما يزيد من فداحة عدم توفر سبيل انتصاف فعّال هو إقرار عفو قانوني شامل وعام بعد أن صدر في 27 شباط/ فبراير 2006 الأمر 06/01 الذي يتعلق ب تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والذي يمنع، تحت طائلة الحبس، اللجوء إلى القضاء للكشف عن الجرائم الأكثر خطورة كالاختفاء القسري، ويضمن إفلات الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات من العقاب. وينتهك قانون العفو هذا حق الضحايا في الاستفادة من سبيل انتصاف فعّال. وتخلص صاحبة البلاغ إلى انتهاك الدولة الطرف للفقرة 3 من المادة 2 من العهد في حقها وحق زوجها وابنها.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010. وترى الدولة الطرف أن أي بلاغ يتناول مسؤولية موظفين عامين أو أشخاص آخرين يخضعون في عملهم للسلطات العامة عن حدوث حالات الاختفاء القسري أثناء الفترة موضوع الدراسة، أي ما بين عامي 1993 و1998، يجب معالجته في الإطار الأعم للوضع الاجتماعي و السياسي وإعلان عدم مقبوليته. ولا يعبّر النهج الفردي المتبع في هذه الشكوى عن السياق الاجتماعي والسياسي والأمني الداخلي الذي وقعت فيه الأحداث المزعومة ولا يعكس لا الحقيق ة ولا الوقائع المتنوعة للحالات المشمولة في التسمية العامة للاختفاء القسري خلال الفترة موضوع الدراسة .

4-2 وفي هذا الصدد، وخلافاً للنظريات التي روّجت لها بعض المنظمات غير الحكومية و التي ترى الدولة الطرف أنها تفتقر للموضوعية، فلا يمكن اعتبار تجربة الإرهاب المؤلمة التي مرّ بها البلد حرباً أهلية يتواجه فيها فريقان، بل أزمة تطورّت نحو توسّع الإرهاب في أعقاب نداءات دعت إلى العصيان المدني. وأدى ذلك إلى نشوء مجموعات مسلحة عديدة ترتكب أعمال إجرام إرهابية، وأعمال تخريب وتدمير للبنى التحتية العامة، وترهيب للسكان المدنيين. وهكذا مرّت الدولة الطرف خلال التسعينات من القرن الماضي بواحدة من أفظع المحن التي عرفتها منذ استقلالها اليافع. وفي هذا السياق، وعملاً بالدستور الجزائري (المادتان 87 و91) اتُخذت تدابير للحفاظ على البلد وأبلغت الحكومة الجزائرية أمانة الأمم المتحدة بإعلانها حالة الطوارئ وفق الفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-3 وفي تلك الفترة، كانت مجموعات مسلحة متعددة ، تخضع لإيديولوجية محددة أكثر من خضوعها لسلسلة هرمية منظّمة، ترتكب الاعتداءات الإرهابية التي كان يشهدها البلد يومياً، ما أدى إلى وضع أضحت فيه قدرات السلطات العامة على السيطرة على الوضع الأمني محدودة جداً. ونجم عن ذلك شيء من اللغط في طريقة تنفيذ عدد من العمليات بين السكان المدنيين إذ صعب عليهم التمييز بين تدخلات المجموعات الإرهابية وتدخلات قوى الأمن التي غالباً ما نسب إليها المدنيون حالات الاختفاء القسري. وتفيد مصادر مستقلة مختلفة، بما فيها الصحف ومنظمات حقوق الإنسان، بأن المفهوم العام للشخص المختفي في الجزائر خلال الفترة المعنية ي شير إلى ست حالات متميزة ، لا تتحمل الدولة مسؤولية أي حالة منها. و الحالة الأولى ، في نظر الدولة الطرف ، هي حالة الأشخاص الذين أبلغ أقاربهم عن اختفائهم، في حين أن هؤلاء الأشخاص قرروا من تلقاء أنفسهم الاختفاء عن الأنظار للانضمام إلى الجماعات المسلحة وطلبوا من أسرهم أن تعلن أن أجهزة الأمن اعتقلتهم "للتضليل" وتجنّب "مضايقات" الشرطة . وتتعلق الحالة الثانية بالأشخاص الذين أُبلغ عن اختفائهم بعد اعتقالهم من قبل أجهزة الأمن لكنهم انتهزوا فرصة الإفراج عنهم للعمل في السر. و تتعلق الحالة الثالثة ب الأشخاص المفقودين الذين اختطفتهم جماعات مسلحة لا تُعرف هويتها أو انتحلت صفة أفراد الشرطة أو الجيش بارتداء زيهم أو استخدام وثائق هويتهم، فاعتُبرت خطأً عناصر تابعة للقوات المسلحة أو لأجهزة الأم ن. وتتعلق الحالة الرابعة بالأشخاص الذين تبحث عنهم أسرهم بعد أن قرروا من تلقاء أنفسهم هجر أقاربهم، وأحياناً حتى مغادرة البلد بسبب مشاكل شخصية أو خلافات عائلية . و قد يتعلق الأمر، في الحالة الخامسة، بأشخاص أبلغت أسرهم عن اختفائهم وكانوا في واقع الأمر إرهابيين مطلوبين قُتلوا ودُفنوا في الأدغال في أعقاب الاقتتال بين الفصائل أو مشاجرات عقائدية أو صراعات على الغنائم بين جماعات مسلحة متنافسة. و تشير الدولة الطرف أخيراً إلى حالة سادسة تتعلق بأشخاص مفقودين لكنهم يعيشون إما في البلد أو خارجه بهويات مزوّرة حصلوا عليها عن طريق شبكة لتزوير الوثائق .

4-4 وتؤكّد الدولة الطرف أن تنوع وتعقد الحالات التي يغطيها المفهوم العام للاختفاء هما اللذان دفعا المشرِّع الجزائري، بعد الإجماع الشعبي على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، إلى الدعوة إلى معالجة مسألة المفقودين في إطار شامل بالتكفل بجميع الأشخاص المفقودين في سياق "المأساة الوطنية"، ومساندة جميع الضحايا حتى يتسنى لهم التغلب على هذه المحنة، ومنح جميع ضحايا الاختفاء وذوي الحقوق من أهلهم الحق في الجبر. و تشير الإحصاءات التي أعدّتها دوائر وزارة الداخلية إلى 023 8 حالة اختفاء أعلن عنها، وبحث 774 6 ملفاً، وقبول تعويض 704 5 ملفات، ورفض 934 ملفاً، فيما يجري حالياً النظر في 136 ملفاً. ودفعت تعويضات بلغت في المجموع 390 459 371 ديناراً جزائرياً لجميع الضحايا المعنيين. وبالإضافة إلى ذلك، دفع مبلغ 683 824 320 1 ديناراً جزائرياً في شكل معاش شهري.

4-5 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد كلها. و تشدد على أهمية التمييز بين المساعي البسيطة المبذولة لدى السلطات السياسية أو الإدارية وسُبُل الانتصاف غير القضائية أمام الهيئات الاستشارية أو هيئات الوساطة، والطعون القضائية أمام مختلف الهيئات القضائية المختصة . و تلاحظ الدولة الطرف أن إفادات أصحاب البلاغات تبين أن أصحاب الشكاوى وجَّهوا رسائل إلى السلطات السياسية أو الإدارية، وقدموا التماسات إلى هيئات استشارية أو هيئات وساطة وأرسلوا عرائض إلى ممثلين للنيابة العامة ( النواب العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى الطعن القضائي بمعناه الدقيق ومتابعته حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض . و من بين هذه السلطات جميعها، لا يحق قانوناً سوى لممثلي النيابة العامة فتح تحقيق أولي وعرض المسألة على قاضي التحقي ق. و في النظام القضائي الجزائري، يكون وكيل الجمهورية هو المختص بتلقي الشكاوى ويقوم، بحسب الاقتضاء، بالمباشرة في الدعوى العامة . غ ير أنه، لحماية حقوق الضحية أو أصحاب الحق، يُجيز قانون الإجراءات الج ز ائية لهؤلاء الأشخاص تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني مباشرة أمام قاضي التحقي ق. و في هذه الحالة، تكون الضحية، وليس المدّعي العام، هي التي تباشر في الدعوى العامة بعرض الحالة على قاضي التحقي ق. و سبيل الانتصاف هذا المشار إليه في المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية لم يُستخدم رغم أنه كان كفيلاً بأن يتيح للضحايا إمكانية المباشرة في الدعوى العامة وإلزام قاضي التحقيق بإجراء التحقيق، حتى لو كانت النيابة العامة قررت خلاف ذلك.

4-6 وتلاحظ الدولة الطرف، فضلاً عن ذلك، ما ذهب ت إليه صاحب ة البلاغ من أنه نتيجة لاعتماد ميثاق السلم والمصالحة الوطنية عن طريق الاستفتاء وسن النصوص الخاصة بتطبيقه، وبخاصة المادة 45 من الأمر رقم 06-01، لم يعد ممكناً اعتبار أنه توجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر ضحايا الاختفاء. و على هذا الأساس، ظنّ ت صاحب ة البلاغ أنه ا في حِلٍّ من واجب اللجوء إلى الهيئات القضائية المختصة بحكمها مسبقاً على موقف هذه الهيئات وتقديرها في تطبيق هذا الأمر. ل كن الدولة ترى أنه لا يجوز لأصحاب البلاغات التذرع بهذا الأمر ونصوص تطبيقه لتبرئة أنفسهم من المسؤولية عن عدم مباشرة الإجراءات القضائية المتاح ة. و تذكِّر الدولة الطرف بالآراء السابقة التي أبدتها اللجنة وذهبت فيها إلى أن اعتقاد شخص ما عدم جدوى سبيل للانتصاف أو افتراض ذلك من تلقاء نفسه لا يُعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعه ا ( ) .

4-7 وتتناول الدولة الطرف بعد ذلك طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأسس التي يستند إليها ومضمونه ونصوص تطبيقه . و تشير إلى أنه بموجب مبدأ عدم قابلية السلم للتصرف، الذي أصبح حقاً دولياً في السلم، ينبغي للجنة أن تساند هذا السلم وتعززه وتشجع على المصالحة الوطنية حتى تتمكن الدول التي تعاني من أزمات داخلية من تعزيز قدراته ا. و في سياق هذا المسعى لتحقيق المصالحة الوطنية، اعتمدت الدولة الطرف هذا الميثاق الذي ينص الأمر التطبيقي الخاص به على تدابير قانونية تستوجب انقضاء الدعوى الع ام ة واستبدال العقوبات أو تخفيضها بالنسبة لكل شخص أُدين بأعمال إرهابية أو استفاد من الأحكام المتعلقة بالفتنة المدنية، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب المجازر الجماعية أو أفعال الاغتصاب أو التفجيرات في الأماكن الع ام ة. و ينصّ هذا الأمر أيضاً على إجراء رفع دعوى لاستصدار حكم قضائي بالوفاة يمنح ذوي الحقوق من أقارب ضحايا "المأساة الوطنية" الحق في التعويض . و بالإضافة إلى ذلك، اتُخذت تدابير اجتماعية اقتصادية ، مثل المساعدات المقدمة لاستفادة كل من تنطبق عليه صفة ضحية "المأساة الوطنية" من إعادة الإدماج في الحياة المهنية أو التعويض . و أخيراً، ينصّ الأمر على تدابير سياسية مثل منع ممارسة النشاط السياسي على كل شخص ساهم في "المأساة الوطنية" باستغلال الدين في فترة سابقة، وعلى عدم جواز القيام، بصورة فردية أو جماعية، بأية ملاحقة في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، وصون الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهوري ة.

4-8 وإلى جانب إنشاء صناديق لتعويض جميع ضحايا "المأساة الوطنية"، وافق الشعب الجزائري صاحب السيادة على الشروع في عملية المصالحة الوطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد الجراح التي خلّفتها المأساة . و تشدد الدولة الطرف على أن إعلان هذا الميثاق يندرج في إطار الرغبة في تجنب المواجهات القضائية، و الفضائح الإعلامي ة ، وتصفية الحسابات السياسي ة. لذا ترى الدولة الطرف أن الوقائع التي ت دعيها صاحب ة البلاغ تغطيها الآلية الداخلية الشاملة للتسوية التي تنص عليها أحكام الميثاق .

4 - 9 وتطلب الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ أوجه الشبه بين الوقائع والحالات التي ت سوقها صاحب ة البلاغ وأن تراعي السياق الاجتماعي السياسي والأمني الذي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن صاحب ة البلاغ لم ت ستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أقامت آلية داخلية لمعالجة الحالات المشار إليها في البلاغات المعروضة على اللجنة وتسويتها تسوية شاملة وفقاً لآلية للسلم والمصالحة الوطنية تتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب صاحب ة البلاغ بالتماس سُبُل الانتصاف بصورة أفضل .

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 ترى صاحبة البلاغ في التعليقات التي قدمتها في 13 أيار/مايو 2011 أنه لا يمكن للدولة الطرف التحجج باعتماد تدابير تشريعية وإدارية داخلية للتكفل بضحايا "المأساة الوطنية" للدفع بعدم مقبولية البلاغات بغية منع الأفراد الخاضعين لولايتها من اللجوء إلى الآلية التي نص عليها البروتوكول الاختياري . و في القضية قيد البحث، تشكل التدابير التشريعية المعتمدة في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق المنصوص عليها في العهد، كما أشارت اللجنة في وقت ساب ق ( ) .

5-2 و ت ذكّر صاحب ة البلاغ بأن إعلان الجزائر حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 لا يؤثر في شيء على حق الأفراد في تقديم بلاغات إلى اللج نة. و عليه، ت رى صاحب ة البلاغ أن الاعتبارات التي ساقتها الدولة الطرف بشأن استصواب تقديم البلاغ ليست مبرراً صحيحاً لعدم مقبولية البلا غ.

5 -3 وفضلاً عن ذلك، ت تناول صاحب ة البلاغ الحجة التي ساقتها الدولة الطرف ومؤداها أن استيفاء شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية يقتضي من صاحب البلاغ المباشرة في الدعوى العامة بإيداع شكوى والادعاء بالحق المدني لدى قاضي التحقيق وفقاً للمواد 72 وما تلاها من قانون الإجراءات الجزائية. وتستشهد صاحبة البلاغ باجتهادات سابقة للجنة ( ) ، وتعتبر أن الادّعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن ت تخذها الدولة الطرف بحكم القانون . وعليه، لا يعتبر الادعاء بالحق المدني في قضايا من هذا النوع إلزامياً لاستيفاء شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية . ويبدو جلياً أن جميع سبل الانتصاف المحلية أثبتت عدم جدواها المطلق. فقد أُبلغت السلطات القضائية كما الحكومية بتوقيف عبد الصمد وعبد الكريم عزيزي، لكن دوافع توقيفهما، كما مصيرهما الحالي، لا تزال مجهولة. فلم يصدر أي أمر بإجراء تحقيق في هذا الشأن ولم يُفتح أي تحقيق ولم يتعرض أي من أفراد الشر طة المتورطين لأي مساءلة. وقد أخ ل َّ ت الدولة الطرف بواجب التحقيق في جميع الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والبت بها.

5-4 وبخصوص الحجة التي قدمتها الدولة الطرف والتي تفيد بأن مجرد "اعتقاد شخص أو افتراض ه من تلقاء نفسه " لا يُعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها ، تستشهد صاحبة البلاغ باجتهادات اللجنة الثابتة التي تقتضي، لا ستيفاء المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد ، أن تكون سبل ال انتصاف فعّالة ومجدية ومتاحة وتوفر لصاحب البلاغ إمكانيات معقولة في الحصول على جبر ( ) . وتشير صاحبة البلاغ كذلك إلى المادة 45 من الأمر 06/01 الت ي ت نص على أنه لا يجوز الشروع في أي ملاحقة ، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن ، وعلى أن تقديم شكوى من هذا النوع يعرض صاحبها ل لحبس من ثلاث إلى خمس سنوات ودف ع غرامة من 000 250 إلى 000 500 دينار جزائري . وتستشهد صاحبة البلاغ برأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي اعتبرت أن الأمر 06-01 يعزز الإفلات من العقاب وينتهك الحق في سبيل انتصاف فعّال ولا يتوافق مع أحكام العهد ( ) . وترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تبيّن بطريقة مقنعة كيف أن قيام الشخص بتقديم شكوى والادعاء بالحق المدني كان سيتيح ل لمحاكم المختصة تلقي شكواه و الب ت فيها، في مخالفة لنص المادة 45 من المرسوم المذكور، وكيف يكون مقدم مثل هذه الشكوى في مأمن من العقوبة المنصوص عليها في المادة 46 من هذا المرسوم. وتستن ت ج صاحبة البلاغ عقب قراءة هذه الأحكام أن أي شكوى تتعلق بانتهاكات كالتي تعرضت لها صاحبة البلاغ وز و جها وابنها سوف لن يتقرر عدم قبولها فحسب، بل إن أصحابها سوف يعاقبون عليها جنائياً أيضاً . وتلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أي مثال على قضية من القضايا التي تكون قد أفضت، رغم وجود الأمر المشار إليه، إلى مقاضاة فعلية للمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في حالة مماثلة للحالة قيد النظر. وتخلص صاحبة البلاغ إلى أن سبل الانتصاف التي تشير إليها الدولة الطرف عديمة الجدوى.

5-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف اكتفت بسرد السياقات التي ربما شكلت الظروف التي اختفى فيها ضحايا "المأساة الوطنية" بشكل عام. وهذه الملاحظات العامة لا تنفي بحال من الأحوال الوقائع المزعومة التي تضمنها هذا البلاغ. بل إن تلك السياقات نجدها سُردت بطريقة مماثلة في سلسلة من القضايا الأخرى مما يبيّن أن الدولة الطرف تظل ترفض تناول هذه القضايا كل واحدة منها على حدة، وتعويض صاحبة هذا البلاغ عن المعاناة التي تكبدتها وعائلتها.

5-6 وتدعو صاحبة البلاغ اللجنة إلى اعتبار ادعاءاتها معللة تعليلاً كافياً، نظراً إلى أنها عاجزة عن تقديم عناصر إضافية تدعم بلاغها لأن وحدها الدولة الطرف تملك معلومات دقيقة عن مصير المعنيين.

5-7 وت رى صاحب ة البلاغ أن عدم إبداء الدولة الطرف ملاحظات على الأسس الموضوعية يشكل إقراراً ضمنياً منها بصحة الوقائع المزعومة . ويعتبر صمت الدولة الطرف إقراراً بتخلفها عن واجب إجراء تحقيق في حالة الاختفاء القسري المعروضة عليها، وإلا لكانت قادرة على تقديم ردّ مفصّل يقوم على نتائج التحقيقات التي كان يتوجب عليها إجراؤها. وتتمسك صاحبة البلاغ بجميع الادعاءات الموضوعية التي قدمتها في بلاغها الأول.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تشير اللجنة في المقام الأول إلى أن قرار المقرر الخاص بشأن النظر في المقبولية والأسس الموضوعية معاً (انظر الفقرة 1- 2 ) لا يستبعد نظر اللجنة فيهما بشكل منفصل . ذلك أن ضم المقبولية إلى الوقائع لا يعني أنه يجب النظر فيهما في وقت واحد. و عليه، فقبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر إ ذا كان البلاغ مقبولا ً بمقتضى البروتوكول الاختياري .

6-2 ويتعين على اللجنة أن تتأكد، بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست ق ي د الدراسة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن اختفاء كل من عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي أُبلغ إلى الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي . إلاّ أنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولاي ا تها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما وتقديم تقارير علنية عن ذلك أو عن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في العالم، لا تندرج عموماً ضمن الإ جراءات ال دولية للتحقيق أو التسوية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وبالتالي، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في قضية عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي لا يجعل البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ترى أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية إذ إنها لم تتوخ إمكانية عرض قضيتها على قاضي تحقيق والادعاء بالحق المدني بناءً على المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف تفيد بأن صاحبة البلاغ اكتفت بتوجيه رسائل إلى سلطات سياسية وإدارية والتماس مساعدة أجهزة استشارية وأجهزة وساطة وأرسل ت عريضة إلى ممثلين للنيابة العامة دون اللجوء إلى الطعن القضائي بمعناه الدقيق والاستمرار فيه حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن صاحبة البلاغ لجأت في الصباح الذي تلى توقيف عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي إلى مركز شرطة في حي الجبل في بوروبة ومركز الشرطة المركزي في الجزائر العاصمة وسجن الحرّاش وسجن سركاجي من دون التوصل إلى نتيجة. وهي لجأت، حسب زعمها، إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة الحرّاش وإلى النائب العام لدى محكمة الجزائر العاصمة وأودعت عدة طلبات لدى ممثلين لحكومة الدولة الطرف، بما في ذلك بمساعدة محامٍ، ثم التمست مساعدة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان والمرصد الوطني لحقوق الإنسان، دون جدوى. وحده وسيط الجمهورية أرسل جواباً إلى صاحبة البلاغ ليخبرها بتسلمه طلباتها. ولم تُفضِ أي خطوة من هذه الخطوات إلى فتح تحقيق فعّال أو إلى مقاضاة المسؤولين والحكم عليهم.

6-4 وتذك ّ ر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان التي أُبلغت بها سلطاتها، ولا سيما عندما يتعلق الأمر باختفاء قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . والحال أن صاحبة البلاغ أخطرت السلطات المختصة عدة مرات باختفاء زوجها وابنها إلا أن الدولة الطرف ل م تجر أي تحقيق شامل ودقيق في اختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي رغم أن الأمر يتعلق بادعاءات خطيرة متصلة باختفاء قسري. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح بالاستنتاج أن ثمة سبيل انتصاف فعالاً ومتاحاً قائم اً بالفعل في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 رغم توصيات اللجنة التي طلبت فيها جعل أحكام هذا الأمر تتوافق مع أحكام العهد ( ) . وعلاوة على ذلك، نظراً إلى ا لطابع غير الدقيق لنص المادتين 45 و46 من ا لأمر المشار إليه أعلاه، ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات مقنعة بشأن تفسير نص المادتين وتطبيقه عملياً، فإن المخاوف التي أعربت عنها صاحبة البلاغ من حيث العواقب المترتبة ع لى تقديم شكوى هي مخاوف معقولة. وتذكّر اللجنة بأن مقبولية البلاغ تتطلب استنفاد أصحاب البلاغ لسبل الانتصاف الفعّالة فقط لتصحيح الانتهاك المزعوم. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة فتؤكّد أ ن الادّعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة مثل تلك التي يُدعى ارتكابها في القضية محل النظر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن يتخذها وكيل الجمهورية نفس ه ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ليست عائقاً أمام مقبولية البلاغ.

6-5 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ عللت ادعاءاتها تعليلاً كافياً من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق بالفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، و الفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9، و الفقرة 1 من المادة 10، والمادة 16، والمادة 17 والفقرة 1 من المادة 23 والفقرة 3 من المادة 2 من العهد، ومن ثم ، تنتقل اللجنة إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ آخذة في الحسبان جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 قدمت الدولة الطرف في البلاغ ملاحظات إجمالية وعامة بشأن الادعاءات الخطيرة التي أثار ت ها صاحبة البلاغ، و اكتفت بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية موظفين عموميين أو خاضعين في عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت بين عام 1993 و عام 1998، يجب أن تُعالج في ال إطار ال شامل للوضع الاجتماعي و السياسي والأمني في البلد في فترة كان ت الحكومة تجهد فيها لمكافحة الإرهاب . وتلفت اللجنة إلى أن العهد يقضي بأن تراعي الدولة الطرف مصير كل فرد وتعامل ه معاملة إنسانية تحترم الكرامة البشرية الأصيلة . وتود اللجنة أن تستشهد باجتهاداتها السابقة ( ) ، وتذكّر ب أنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها. ويبدو للجنة أن الأمر رقم 06-01 إذا خلا من التعديلات التي أوصت بها اللجنة ، يعزز الإفلات من العقاب، ومن ثم لا يمكن اعتباره ، بصيغته الحالية، متوافقاً مع أحكام العهد ( ) .

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية وتذكر باجتهاداتها السابقة ( ) التي قالت فيها إن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حيازة الدولة الطرف فقط. وتشير الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري ضمنياً إلى أنه يجب على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكها وانتهاك ممثليها أحكام العهد وأن تحيل المعلومات التي تكون في ح و زتها إلى اللجنة ( ) . ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، فلا بد من إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب شريطة أن تكون معللة تعليلاً كافياً .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تفيد ب أن زوجها و ابنها اختف يا منذ اعتقال هما في 2 2 أيلول / سبتمبر 1994 وأن السلطات لم تُقرّ بتوقيفهما ولم تجرِ تحقيقاً فعالاً يكفل الكشف عن مصيرهما . وتلاحظ أن صاحبة البلاغ ترى أن حظوظ العثور على عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي على قيد الحياة ضعيفة وأن طول غيابه ما والشهادة التي أدلى بها نائب رئيس الفرقة التابعة لمركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة يدفعان إلى ا لاعتقاد بأنه ما توفيا أثناء وجوده ما في الاحتجاز. وتلفت اللجنة أيضاً إلى أن احتجازه ما في مكان سري ينطوي إلى حد كبير جداً على خطر انتهاك حقه ما في الحياة، بما أن الضحية تكون تحت رحمة سجانيه ا الذين يفلتون ، بحكم طبيعة الظروف، من أي شكل من أشكال المراقبة. و تذكّر اللجنة، فيما يتعلق بحالات الاختفاء القسري، بأن الحرمان من الحرية ثم عدم الإقرار به أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي، يحرم هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه . و في الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تفيد بأنها وفت بالتزامها المتمثل في حماية حياة عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي. وتخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بواجبها ضمان حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي في الحياة، وفي ذلك انتهاك للمادة 6 من العهد ( ) .

7-5 وتقر اللجنة بمدى المعاناة التي يسببها الاعتقال دون التواصل مع العالم الخارجي طوال مدة غير محددة . وتذكر في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 20 (1992) بشأن المادة 7 ( ) ، الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاعتقال في أماكن سرية. وتلاحظ اللجنة أن عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي أوقفا في منزل عائلة عزيزي في 2 2 أيلول / سبتمبر 1994 في الحرّاش (الجزائر العاصمة) على يد عناصر من الشرطة تابعين لمركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة. ويُزعم أيضاً أنهما تعرضّا للتعذيب في مركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة، حسب ما أفاد به بعض المحتجزين الآخرين الذين أطلق سراحهم لاحقاً وضابط الشرطة السابق السيد رباعي. وعلاوة على ذلك، يُزعم أن عناصر الشرطة قاموا بتعذيب عبد الكريم عزيزي في غرفة حمام منزل العائلة، حسب ما شهد به أفراد من العائلة. ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح وجيه بهذا الخصوص، فإن اللجنة تخلص إلى انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 من العهد في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي ( ) .

7-6 وتحيط اللجنة علماً كذلك ب ما عان ت ه صاحب ة البلاغ من قلق وشدة جراء اختفاء زوجها عبد الكريم وابنها عبد الصمد عزيزي. و ت لاحظ أيضاً أن عناصر الشرطة أجبروا اثنتين من بنات صاحبة البلاغ على مشاهدة أعمال التعذيب التي مارسوها بحق عبد الكريم عزيزي وأنهم عادوا إلى منزل صاحبة البلاغ لعدة مرات وقاموا بالسرقة والتكسير. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تنفِ هذه الادعاءات. وتذكّر اللجنة بأن الحظر الوارد في المادة 7 لا يتوقف على الأعمال التي تتسبب بآلام جسدية فحسب، بل كذلك الأعمال التي تتسبب بمعاناة نفسية ( ) .

7-7 وتلاحظ اللجنة في الحالة قيد البحث أن سلطات الدولة الطرف هي التي قامت بأعمال سرقة وتخريب في منزل العائلة ومتجرها، يوم توقيف عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي وفي الأيام التي تلت؛ وأن أعمال التخريب هذه نُفّذت من دون إذن قانوني؛ وأن صاحبة البلاغ وعائلتها شهدا دون حول تعذيب الزوج والأب، وسرقة المنزل والمتجر وتخريبهما . ونظراً للظروف، تعتبر اللجنة هذه الأعمال أعمال انتقام وترهيب تسبب معاناة نفسية شديدة لصاحبة البلاغ وعائلتها. وتخلص اللجنة إلى انتهاك الدولة للمادة 7 من العهد في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي وصاحبة البلاغ ( ) .

7-8 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، أحاطت اللجنة علماً ب مزاعم صاحبة البلاغ التي تفيد بأن عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي أوقفا في 2 2 أيلول / سبتمبر 1994 على يد عناصر من الشرطة، من دون أي تفسير، وأنهما احتجزا بعد توقيفهما في مركز الشرطة في حي الجبل في بوروبة. ولم تزوّد سلطات الدولة الطرف العائلة في أي وقت من الأوقات بأية معلومة عن مصير عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي. ولم تُوجَه لهما أية تهمة ولم يقدَّم ا إلى أية سلطة قضائية يمكنهما ا لطعن لديها في مشروعية احتجازهما؛ ولم تُوفّر لصاحبة البلاغ وعائلتها أية معلومة رسمية عن مكان احتجازهما أو مصيرهما. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات وجيهة بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 من العهد قد انتهكت في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي ( ) .

7-9 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص المحرومين من الحرية يجب ألا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم للحرمان من الحرية، وأنه يجب أن يعاملوا بإنسانية واحترام لكرامتهم. ونظراً إلى اعتقال الضحي تين في مكان سري ونظراً كذلك إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات بهذا الخصوص، تستنتج اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي ( ) .

7-10 أما عن التظلم المتعلق بانتهاك المادة 16، فإن اللجنة تكرر اجتهاداتها الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك المحاكم، تعترضها بانتظام معوقات (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد) ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات للعائلة عن مصير عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي منذ توقيفهما ولا عن مكان وجودهما، وذلك على الرغم من الطلبات العديدة الموجهة إلى سلطات مختلفة في الدولة الطرف. وتستنتج اللجنة بناءً على ذلك أن اختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي قسراً منذ 22 أيلول/سبتمبر 1994 حرمه ما من حماية القانون ومن حقه ما في الاعتراف بشخصيته ما القانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

7-11 وعن التظلم المتعلق بانتهاك المادة 1 7 من العهد ، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ، الذي لم تعارضه الدولة الطرف، بأن عناصر الشرطة التابعين لمركز شرطة حي الجبل في بوروبة فتشوا منزل عائلة عزيزي ومتجرها من دون إذن قضائي وألحقوا به الضرر وأخذوا منه مجوهرات وأموالاً ومواد غذائية وأوراق هوية. وتخلص اللجنة إلى أن دخول موظفين حكوميين إلى منزل عائلة عزيزي ومتجرها في ظروف كهذه تعدِ غير قانوني على الحياة الخاصة لعبد الكريم وعبد الصمد عزيزي وعائلتهما ومنزلهما، في انتهاك للمادة 17 من العهد في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي وصاحبة البلاغ ( ) .

7-12 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة على نحو منفصل في التظلمات المرتبطة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

7-13 وتستشهد صاحبة البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً لجميع الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتعلق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة للبت في الدعاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق. وتذكر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ( ) ، حيث تشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك قائم بذاته للعهد. وفي الحالة الراهنة، فقد أخطرت أسرة الضحي تين السلطات المختصة عدة مرات باختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي، بما في ذلك السلطات القضائية مثل وكيل الجمهورية في الجزائر العاصمة ووكيل الجمهورية في الحرّاش، إلا أن جميع الخطوات التي قامت بها أسرة الضحية باءت بالفشل ، ولم تجر الدولة الطرف أي تحقيق شامل ودقيق في قضية اختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي، في حين أنهما أوقفا على يد موظفين تابعين للدولة الطرف . وعلاوة على ذلك، فإن الاستحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا تزال تحرم عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي و أسرتهما من أي إمكانية للوصول إلى انتصاف فعال ، ذلك أن هذا الأمر يمنع، تحت طائلة السجن، اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات الجرائم الأكثر خطورة مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . و بناءً على ما تقدم، تستن ت ج اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والمادة 9، والمادة 10، والمادة 16 والمادة 17 من العهد في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي، وانتهاك الفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 والمادة 17 من العهد في حق صاحبة البلاغ.

8- وتلاحظ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات من جانب الدولة الطرف لل مادة 6 ؛ والمادة 7؛ والمادة 9؛ والمادة 10؛ والمادة 16؛ والمادة 17؛ والفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 6؛ والمادة 7؛ والمادة 9؛ والمادة 10؛ والمادة 16؛ والمادة 17 من العهد في حق عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي. وتلاحظ اللجنة أيضاً حدوث انتهاك للمادتين 7 و17 وللفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادتين 7 و17 من العهد في حق صاحبة البلاغ .

9- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن تكفل لعائلة عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي سبيل انتصاف فعالاً، يشمل على الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي ؛ (ب) وتزويد عائلتهما بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ (ج) والإفراج عنه ما فوراً إذا كان ا لا يزال ان محتجزين في مكان سري؛ (د) وإعادة جث تي عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي إلى أسرته ما في حالة وفاته ما ؛ ( ﻫ ) وملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (و) وتقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ عن الانتهاكات التي تعرضت لها وكذلك إلى عبد الكريم وعبد الصمد عزيزي إن كان ا على قيد الحياة. وبغض النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في انتصاف فعال بالنسبة لضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج إطار القانون والاختفاء القسري. والدولة الطرف ملزمة علاوة على ذلك باتخاذ الت دابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

1 0 - وبما أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وأنها تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والمشمولين بولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأ ن تضمن لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابل اً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مئة وثمانين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى إعلان هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع باللغات الرسمية.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقا بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي الذي تقدمه اللجنة إلى الجمعية العامة].

التذييل

رأي فردي (مؤيد) لعضوي اللجنة السيد فابيان سلفيولي والسيد فكتور مانويل رودريغس - ريسيا

1- نتفق مع رأي اللجنة والاستنتاجات التي خلصت إليها في قضية معروف ضد الجزائر (البلاغ رقم 1889/2009). وكما سبق وأشرنا مرات عدة، في حالات مشابهة ( ) ، فإننا نرى في الحالة قيد البحث أنه كان يتعين على اللجنة أن تستن ت ج أيضاً أن الدولة الطرف أخلّت بالواجب العام الواقع على عاتقها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد بإصدارها الأمر 06/ 01 الذي تتعارض أحكامه بشكل واضح، ولا سيما المادة 46، مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وكان يتعين على اللجنة أيضاً أن تخلص إلى حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 2 من العهد مقروءة بالاقتران مع أحكام موضوعية أخرى من العهد. وفي موضوع الجبر، نرى أنه كان حري اً باللجنة أن تفيد بضرورة قيام الدولة الطرف بموافقة أحكام الأمر 06/01 مع أحكام العهد.

2- وتوخياً للاختصار، نحيل إلى الحجج التي قدمناها في رأينا الفردي بشأن قضية ميهوبي ضد الجزائر ، البلاغ رقم 1874/2009.

[حُرر باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقا ً بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي الذي تقدمه اللجنة إلى الجمعية العامة].