الأمم المتحدة

CCPR/C/112/D/2132/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

20 November 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2132 /20 12

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 112 ( 7 - 31 تش ر ين الأول/أكتوبر 2014)

المقدم من:

كاملة عليوة وفاطمة الزهراء قيروان (يمثلهما فيليب غرانت عن الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL))

الشخص المدعى أنه ضحية :

عادل وطارق ومحمد قيروان (أحفاد صاحبة البلاغ الأولى وأشقاء صاحبة البلاغ الثانية) وباسمهم الخاص

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

16 شباط/فبراير 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 28 شباط/فبراير 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

30 تشرين الأول/أكتوبر 2014

الموضوع:

اختفاء قسري

المسائل الموضوعية:

الحق في سبيل انتصاف فعال؛ وا لحق في الحياة ؛ وحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية ؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمن على شخصه ؛ واحترام الكرامة البشرية الأصيلة ؛ والاعتراف بالشخصية القانونية ؛ والحق في الحياة الأسرية ؛ والحق في حماية ال قصَّر

المسائل الإجرائية:

استنفاد سُبل الانتصاف المحلية

مواد العهد:

المادة 2 (الفقرة 3)، و6 (الفقرة 1)، و7، و9 (الفقرات 1 إلى 4)، و10 (الفقرتان 1 و2)، و16، و23 (الفقرة 1)، و24 (الفقرة 1)

مادة البروتوكول الاختياري:

المادة 5 ( الفق رة 2(ب))

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( الدورة 112 )

بشأن

البلاغ رقم 2132 /20 12 *

المقدم من:

كاملة عليوة وفاطمة الزهراء قيروان (يمثلهما فيليب غرانت عن الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب ( TRIAL ) )

الشخص المدعى أنه ضحية :

عادل وطارق ومحمد قيروان (أحفاد صاحبة البلاغ الأولى وأشقاء صاحبة البلاغ الثانية) وباسمهم الخاص

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

16 شباط/فبر اير 20 12 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2132 /20 12 ، الذي قدم ت ه إليها كاملة عليوة وفاطمة الزهراء قيروان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي قدم ت ها صاحب تا البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من ا لمادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب تا البلاغ المؤرخ 16 شباط/فبراير 2012 ه ما كاملة عليوة ، مواطنة جزائرية، ولد ت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1925، وفاطمة الزهراء قيروان المولودة في 5 تشرين الأول/أكتوبر 1982. وتدعيان أن أحفاد الأولى وأشقاء الثانية، عادل قيروان المولود في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1974، وطارق قيروان المولود في 3 حزيران/يونيه 1977، ومحمد قيروان المولود في 12 آب/أغسطس 1980، وجميعهم مواطنون جزائريون، هم ضحايا انتهاك الدولة الطرف للمواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23 (الفقرة 1) من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3)، إلى جانب المادتين 10 (الفقرة 2) و24 (الفقرة 1) في حق طارق ومحمد. وتدعي صاحبتا البلاغ أنهما كانتا بدورهما ضحية انتهاكات للحقوق التي تكفلها المادتان 7 و23 (الفقرة 1)، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3). ويمثل صاحبتي البلاغ فيليب غرانت عن الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب ( TRIAL ).

1-2 وفي 28 شباط / فبراير 20 12 ، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، أن تمنح تدابير الحماية التي التمستها صاحبتا البلاغ، وطلبت من الدولة الطرف ألا تحتج بتشريعاتها الوطنية، لا سيما الأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 بشأن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ضد صاحبتَي البلاغ وأفراد أسرتهما، نظراً لهذا البلاغ.

الوقائع كما عرضتها صاحبتا البلاغ

2-1 في 12 نيسان/أبريل 1994، حاول عادل قيروان ارتكاب عملية سرقة إلى جانب شريكين. وأوقفهم أفراد الأمن لكنهم لاذوا بالفرار. وخلال عملية الاعتقال، استخدم أفراد الأمن أسلحتهم النارية فقتلوا الشريكين. وأُصيبَ عادل في ساقه فنُقل إلى المستشفى، حيث مكث قرابة خمسة عشر يوماً. وتمكَّن والده من زيارته ثلاث مرات. بيد أنه لاحظ أثناء زيارته الرابعة أن عادل لم يعد موجوداً في المستشفى. وأخبره أحد موظفي المستشفى أن أجهزة الأمن قد ذهبت به، ولم يستطع مع ذلك أن يوافيه بمزيد من التفاصيل عن مصير المفقود.

2-2 وفي 20 أيار/مايو 1994، أوقفت عناصر من أجهزة حفظ النظام طارق قيروان، البالغ من العمر 16 عاماً، عند عودته من المدرسة. وفي اليوم التالي، قام نحو عشرين شرطياً ملثماً ومرتدياً الزي الرسمي من أفراد الشرطة، إلى جانب شرطيين يرتديان ملابس مدنية، بأخذ طارق من بيته. وحاول عمه الذي يقطن بنفس المنزل أن يقترب من السيارة التي كان ابن شقيقه محتجزاً بداخلها، لكن أفراد الشرطة الموجودين منعوه من ذلك. وتم تفتيش مسكن طارق وعمه، دون العثور على أي أدلة ضدهما. ومنذ اليوم التالي، حاولت كاملة عليوة، جدة طارق وصاحبة الشكوى، دون جدوى، أن تستعلم عن مصير طارق. فتوجهت إلى جهاز الأمن العسكري في ثكنة Belle-Vue، حيث أفادها أحد الضباط بضرورة الانتظار مدة خمسة عشر يوماً قبل أن تعرف مكانه. وبعد مرور هذا الأجل، عادت صاحبة البلاغ مجدداً، وبينما كان الضابط يجري مكالمة هاتفية، استطاعت أن تسمع جزءاً من المحادثة وفهمت من ثم أنه كان في حوار مع ضابط من ضباط سجن الكدية أكد له احتجاز طارق بهذا السجن. وعقب المكالمة، اكتفى الضابط بإفادة صاحبة البلاغ بأن طارق ليس محتجزاً بالثكنة، دون أن يبلغها بمكان وجوده.

2-3 و بناء ً على مبادرة من الأسرة، منحها قاضي التحقيق في محكمة قسنطينة الخاصة، في 3 تموز/يوليه 1994، ترخيص زيارة ورد فيه أن عادل وطارق قيروان "محتجزان في سجن قسنطينة 25". ولكن في يوم الزيارة، أبلغ حراس سجن قسنطينة والدة المفقودَين وجدتهما أنهما ليسا محتجزين بهذا السجن. وفي 28 تموز/يوليه 1994، صدر ترخيص جديد بزيارتهما في نفس السجن. لكن موظفي السجن صدوا والدة عادل وطارق وجدتهما مجدداً وقاموا بتهديدهما. وأبلغهما حراس السجن بأنه سيكون من صالحهما عدم القدوم مجدداً لأنهم لا يودون التصرف بغلاظة حيال النساء.

2-4 وفي 22 شباط/فبراير 1996، اعتُقل محمد قيروان، البالغ من العمر 15 عاماً، برفقة أحد الأصدقاء. وأخبر هذا الأخير، الذي أُطلق سراحه بعد مضي شهر، أسرة قيروان أنه اعتُقل هو ومحمد بغتة وهما يمشيان في الشارع واحتجزهما ضباط في مخفر حامة. وأفاد ضابط من ضباط هذا المخفر أسرة محمد " بأن أشخاصاً جاؤوا ليأخذوه " خلال فترة احتجازه، دون أن يقدم أي تفاصيل عن هوية هؤلاء الأشخاص. وبعد مرور ثلاثة أشهر على عملية الاعتقال، حصلت الأسرة على معلومات متطابقة من عدة أشخاص مفادها أنه تم التعرف على جثة محمد من بين جثث أخرى متكدسة على حافة إحدى الطرق. وبعد فترة وجيزة، أبلغ أحد أقرباء الأسرة ذوي محمد أنه قد شاهد جثته في غرفة الموتى. وكانت الجثة ممدودة على الأرض إلى جانب جثث عديدة أخرى. وكان جميع الموتى يرتدون أحذية غير مربوطة وسراويل مجردة من الأحزمة، مما قد يدل، حسب صاحبتي البلاغ، على أنهم كانوا محتجزين. وحسب هذا الصديق، بدت على جثة محمد وجمجمته علامات تعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. ولكن أسرته لم تتمكن قط من رؤية جثة محمد ولا معاينة وفاته، كما أنها تجهل مكان دفنه.

2-5 وبموجب القرار المؤرخ 6 حزيران/يونيه 1995، اتهمت غرفة الاتهام لدى محكمة قسنطينة عادل وطارق قيروان خاصة بجريمة القتل مع سبق الإصرار والانضمام إلى جماعة إرهابية. ونص القرار على أن "المشتبه فيهما ظلا في حالة فرار رغم الدعوة الموجهة باعتقالهما". وبناء ً على هذا القرار، أُخطرت أسرة قيروان باستدعاء طارق إلى جلسة استماع في 20 حزيران/يونيه 1995 لدى غرفة الاتهام التابعة لمحكمة العدل في قسنطينة للتحقيق معه إزاء التهم الموجهة إليه. ورغم غياب طارق عن جلسة الاستماع في 20 حزيران/يونيه 1995، نظراً لاختفائه منذ 20 أيار/مايو 1994، قررت محكمة العدل في قسنطينة خلال تلك الجلسة إحالة القضية على المحكمة الجنائية لتبت فيها. وأُرسِلَ استدعاء آخر إلى الأسرة يتعلق بعادل قيروان لحضور جلسة استماع مزمعة في 4 حزيران/يونيه 1996 أمام غرفة الاتهام التابعة لمحكمة قسنطينة. وفي غياب المعني بالأمر، المفقود في 12 نيسان/أ بريل 1994، قررت غرفة الاتهام في 18 حزيران/يونيه 1996 أن تباشر تحقيقاً تكميلياً في الاتهامات الموجهة إليه بالمساس بأمن الدولة وحمل السلاح ضد مؤسساتها.

2-6 وما فتئ أفراد الأسرة، لا سيما صاحبتا البلاغ، يقومون بمساع لكشف ملابسات اختفاء الأشقاء قيروان الثلاثة. ورغم الالتماسات العديدة من مختلف السلطات، بما في ذلك مختلف الثكنات ومخافر ومراكز الدرك في المنطقة إضافة إلى مكتب المدعي العام في قسنطينة، لم تفض المساعي التي قامت بها الأسرة إلى أي نتيجة.

2-7 وفي 6 حزيران/يونيه 1995، وجهت كاملة عليوة، جدة عادل وطارق قيروان، طلباً خطياً إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة قسنطينة ل لحصول على معلومات عن مصير حفيدها. وعقب هذا الإجراء، استدعاها ضابط من ضباط الشرطة بالمديرية العامة للأمن الوطني إلى مقر أمن ولاية قسنطينة. وفي 23 تموز/يوليه 1995، تلقت عليوة، صاحبة البلاغ، إخطاراً من هذه الدائرة بأن "نتائج البحث سلبية" رغم رفع دعوى جنائية ضد عادل وطارق في غضون ذلك. ولم يتم الحصول على أي معلومات عن طبيعة عمليات البحث التي أُجريت.

2-8 وعقب اختفاء محمد وعدم ورود أي أنباء عن عادل وطارق، توجهت والدة الضحايا، عاقلة جامة ( زوجة قيروان ) ، في 9 أيلول/سبتمبر 1998، إلى مكتب ولاية قسنطينة كي تعرف مصير أبنائها المفقودين. وفي 6 نيسان/أبريل 1999، استُدعيت إلى شعبة البحث التابعة لفرقة الدرك في ولاية قسنطينة واستُفسر منها عن ظروف حالات الاختفاء الثلاث. وفي 12 نيسان/ أبريل 1999، وُجه إليها استدعاء ثان صادر عن قاضي التحقيق في محكمة قسنطينة. وفي 4 تموز/يوليه 1999، استُمع إليها مجدداً حول ظروف اختفاء أبنائها الثلاثة، فلاحظت الأم أن السلطات لم تستجب إطلاقاً لطلباتها استجابة ملموسة. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1999، تلقت الأم رسالة من المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية لدى وزارة الداخلية ورد فيها أن عادل "مطلوب من أجهزة الأمن لمخالفته القانون".

2-9 وعندما عجزت الأسرة عن الحصول على معلومات عن مصير المفقودين، قررت أن توجه في 2 تموز/يوليه 2000 رسائل إلى كل من وزارة الداخلية، ورئيس الجمهورية، والمرصد الوطني لحقوق الإنسان، والمدعي العام، ووكيل الجمهورية لدى محكمة قسنطينة، تشجب فيها مجدداً اختفاء الأشقاء الثلاثة. ولكن تلك الرسائل لم تلقَ أي ردود ولم يُفتح أي تحقيق في المسألة. وأبلغ المرصد الوطني لحقوق الإنسان لوحده الأسرة، في 2 آذار/مارس 2001، بأنه "وفقاً للمعلومات المقدمة من أجهزة الأمن، فإن [محمد قيروان] ليس مطلوباً ولم تعتقله أجهزة الأمن قط". أما فيما يخص عادل وطارق، فقد تلقت أسرتهما في 5 كانون الأول/ديسمبر 2001 رسالتين من ا للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان ، ورد فيهما أنه "وفقاً للمعلومات المقدمة من أجهزة الأمن، فإن المعنيَّين بالأمر مطلوبان من أجهزة الأمن" دون تقديم معلومات عن طبيعة وحالة عمليات البحث المضطلع بها. وفي 25 أيلول/سبتمبر 2004، استمعت اللجنة المخصصة المعنية بالمفقودين لأسرة قيروان وحاولت إقناعها بقبول مبدأ المصالحة والتخلي من ثم عن المطالبة بكشف الحقيقة إزاء مصير المفقودين وبإقامة العدل.

2-10 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، أحيلت إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قضايا تتعلق بعدة مئات من الأشخاص، بما فيها قضية الأشقاء قيروان الثلاثة. ولم تسهم هذه الخطوة الجماعية في استجلاء مصير الضحايا. ولم تستجب دولة الجزائر لطلبات الفريق العامل التابع لمنظمة الأمم المتحدة.

2-11 وعلاوة على ذلك، حاولت شقيقة الضحايا وصاحبة البلاغ الثانية، فاطمة الزهراء قيروان، أن تتوصل إلى تنفيذ أحكام الأمر رقم 06-01 بشأن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، المتعلقة "بالتكفّل بملف المفقودين" (الفصل الرابع). وتقتضي تلك الأحكام إجراء تحقيق وعمليات بحث معمقة قبل إعداد محضر معاينة اختفاء الشخص والتصريح بموجب حكم قضائي بالوفاة. وتلقت صاحبة البلاغ في نفس اليوم، أي 28 أيار/مايو 2006، ثلاث شهادات، بعنوان "متوفى في صفوف جماعات إرهابية" بخصوص عادل ومحمد قيروان، و"مفقود في حدث المأساة الوطنية الخاص" بخصوص طارق قيروان، دون فتح أي تحقيق جدي في المسألة.

2-12 وبعدئذ، سُلمَت شهادة وفاة باسم عادل قيروان، مؤرخة في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006، إلى ذويه. وورد فيها أن تاريخ الوفاة المزعومة معاينتها في صفوف جماعات إرهابية يعود إلى "عام 1994". ولم يكن هذا التصريح مشفوعاً بأي معلومات موثوقة ودقيقة، بل إن تاريخ الوفاة هذا كان مخالفاً ل مضمون مختلف الوثائق الرسمية السابقة. ف في قرار غرفة الاتهام لدى محكمة قسنطينة المؤرخ 6 حزيران/يونيه 1995، أُعلنَ عادل قيروان في حالة فرار، وفي رسالة مؤرخة 20 كانون الثاني/يناير 1999، أشار المدير العام للحريات العامة والشؤون القانونية إلى أنه مطلوب من أقسام الشرطة. وبالمثل، ورد في شهادة رسمية مؤرخة في 28 أيار/ مايو 2006 أن طارق قيروان هو في عداد المفقودين، ثم أُعلنَ في 28 حزيران/يونيه 2006 عن وفاته وذُكِر أنه توفي بتاريخ 31 أيار/مايو 1994. ولم يُشفع هذا التصريح بأي أدلة. وفضلاً عن ذلك، صدر ترخيصان بالزيارة عقب تاريخ وفاته المزعوم، أي في 3 و28 تموز/ يوليه 1994. و إضافة إلى ذلك، يشير القرار الصادر عن محكمة قسنطينة في 6 حزيران/يونيه 1995 أيضاً إلى المعني بالأمر بوصفه في حالة فرار، أي حياً، على سبيل الاستنباط. وتاريخ 31 أيار/مايو 1994 هو في الواقع تاريخ اختفاء طارق، كما صرح بذلك ذووه أمام المحكمة التي أصدرت في 28 حزيران/ يونيه 2006 حكماً قضائياً بوفاته. وأخيراً، فيما يتعلق بمحمد قيروان، فإن "شهادة المفقود في حدث المأساة الوطنية الخاص"، ا لصادرة في 28 أيار/مايو 2006، لم تتضمن أي معلومات أو تاريخ أو إشارة إلى مكان الوفاة و/أو ظروفها، ولا إشارة إلى مكان دفنه.

2-13 و فيما يتعلق باستنفاد سُبل الانتصاف الداخلية ، أكدت صاحبتا البلاغ أن جميع الخطوات التي اتخذتاها وأقرباؤهما قد باءت بالفشل. فقد أبلغت الأسرة مراراً السلطات القضائية بحالات اختفاء كل من عادل وطارق ومحمد قيروان بغية فتح تحقيق في اختفائهم ومعرفة مصيرهم. وتم الاتصال بمختلف الثكنات ومخافر ومراكز الدرك في المنطقة، إلى جانب مكتب المدعي العام في قسنطينة ومكتب ولاية قسنطينة لمعرفة مصير الضحايا. كما حاولت الأسرة أن تتوصل إلى فتح تحقيق في اختفاء الأشقاء قيروان باتخاذ خطوات في إطار الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتوجهت أسرة المفقودين أيضاً إلى السلطات الإدارية المحلية وإلى أعلى السلطات في البلد، أي رئيس الجمهورية ووزارة الداخلية، في رسالة مؤرخة في 2 تموز/يوليه 2000 وُجهت أيضاً إلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان، ولم تلق أي رد إلى يومنا هذا.

2-14 و تشير صاحبتا البلاغ إلى أن أفراد أسرة قيروان اتخذوا جميع هذه الخطوات دون دعم من محام. ففي الواقع رفض المحاميان ال ل ذ ا ن تم الاتصال بهما، على التوالي، متابعة الملفات لأسباب تتعلق بأمنهما الشخصي.

2-15 ورغم كل المساعي التي قامت بها أسرة قيروان منذ عام 1994، لم يُفتح أي تحقيق فعال ومعمق لاستجلاء الوقائع ، ولم يُلاحَق المسؤولون قضائياً قط.

2-16 وبالإضافة إلى ذلك، تزعم صاحبتا البلاغ أنه أضحى يستحيل عليهما قانوناً اللجوء إلى هيئة قضائية منذ إصدار الأمر 06- 01 الذي يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ( ) ، لا بل إن إجراءً من هذه القبيل كان يمكن أن يعرضهما للخطر. وإذا كانت جميع الإجراءات المتخذة حتى الآن غير فعّالة وغير مجدية، فإنها لم تعد متاحة مطلقاً منذ صدور الأمر . ولذا، تزعم صاحبتا البلاغ أنهما لم تعودا ملزمتين بمواصلة الخطوات والإجراءات على المستوى الداخلي وتعريض نفسيهما بالتالي لملاحقات جنائية، لكي تعلن اللجنة مقبولية بلاغهما.

2-17 و تطلب صاحبتا البلاغ من اللجنة أن تلاحظ أن سبل الانتصاف الداخلية قد استُنفدت على نحو صحيح و إن تعلن مقبولية البلاغ الفردي.

الشكوى

3-1 ترى صاحبتا البلاغ أن عادل وطارق ومحمد قيروان هم ضحايا للاختفاء القسري ( ) في انتهاك للفقرة 1 من المادة 6؛ والمادة 7؛ والمادة 9؛ والفقرة 1 من المادة 10؛ والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2. و تدعي صاحبتا البلاغ أيضاً انتهاك دولة الجزائر للفقرة 2 من المادة 10، والفقرة 1 من المادة 24 في حق طارق ومحمد قيروان. كما ترى صاحبتا البلاغ وأسرتهما أنهما بدورهما ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 والفقرة 1 من المادة 23 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد .

3-2 وتؤكد صاحبتا البلاغ أن عادل وطارق ومحمد قيروان هم ضحايا للاختفاء القسري، نظراً إلى أنهم أوقفوا من قبل موظفين حكوميين وأن هذا التوقيف أعقبه رفض للاعتراف بحرمانهم من حريتهم وتكتم على مصيرهم، مما حرمهم عمداً من حماية القانون. وتشيران إلى أن الأشقاء قيروان الثلاثة كانوا تحت مسؤولية الدولة الطرف عند اعتقالهم وأن هذه الأخيرة ملزمة بكفالة حق الأشخاص المحتجزين تحت سلطتها في الحياة. ويبدو أن عدم قدرة الدولة الطرف على تقديم معلومات دقيقة وواضحة عن شخص يوجد رهن الاحتجاز يدل على أنها لم تتخذ التدابير اللازمة لحمايته أثناء احتجازه، وأنها أخلت من ثم بواجبها في كفالة الحق في الحياة. وإذ تلاحظ صاحبتا البلاغ أن الأشقاء قيروان قد اختفوا منذ 1994 و1996، مما يجعل فرص العثور عليهم أحياء ضئيلة، فإنهما تدّعيان أن المادة 6 قد انتُهكت في حق ضحايا الاختفاء القسري وأن الدولة لم تف بالتزامها بإجراء تحقيق معمق في مسألة اختفائهم. وتؤكد صاحبتا البلاغ أخيراً أن اعتماد وتنفيذ الأمر رقم 06-01 والإبقاء عليه يشكل انتهاكاً للمادة 6 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. ففي الواقع، إن الأمر، إذ يكرس إفلات المسؤولين عن جريمة الاختفاء القسري من العقاب وإعاقة سبيل الطعن الفعال، ينتهك التزام الدولة الطرف الإيجابي باتخاذ تدابير محددة وناجعة لمنع اختفاء الأفراد، وإتاحة وسائل وإجراءات فعالة لمباشرة تحقيقات معمقة في حالات المفقودين وإحالة مرتكبي تلك الانتهاكات إلى القضاء. وتطلب صاحبتا البلاغ من اللجنة أن تلاحظ أن الجزائر قد انتهكت الالتزامات الإيجابية المنبثقة عن المادة 6، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، في حق طارق وعادل ومحمد قيروان.

3-3 وتشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية الثابتة ( ) ، التي ترى اللجنة استناداً إليها أن حالات الاختفاء القسري تشكل انتهاكاً للمادة 7 في حق الضحية المباشرة وذويها على حد سواء. وقد اعتقل موظفون حكوميون عادل وطارق ومحمد تعسفاً في 12 نيسان/أبريل 1996 ، و20 أيار/مايو 1994، و22 شباط/فبراير 1996، على التوالي. ومنذ هذه التواريخ احتُجزوا بالفعل احتجازاً سرياً، وحرمُوا من التواصل مع العالم الخارجي، وظل أقرباءهم يجهلون مصيرهم. ويبدو أن احتجازهم لم يُسجَّل في أي سجل حكومي، ولم يُتخذ أي إجراء لإبلاغ أقربائهم بحالتهم. كما جُردوا من كل السبل القانونية للطعن في حالتهم. وفيما يخص محمد قيروان، إضافة إلى وقوعه ضحية اختفاء قسري يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 7، من المحتمل أن يكون قد تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة‏ . وتطلب صاحبتا البلاغ من اللجنة أن تعلن أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 7 من العهد في حق عادل وطارق ومحمد قيروان.

3 -4 وتلاحظ صاحبتا البلاغ أنهما، على غرار بقية أفراد أسرة قيروان، تجهلان مصير الأشقاء والأحفاد منذ 20 و 18 سنة. واشتد قلقهما وأساهما نظراً لأن خطواتهما من أجل العثور على الأشقاء الثلاثة، التي حفزها قلقهما العميق، لم تكن مجدية. ويمثل الإفلات من العقاب الذي يحمي المسؤولين عن حالات الاختفاء القسري ، بدوره ، مصدر إذلال . وإذ تذكّر صاحبتا البلاغ بالسوابق القضائية للجنة ( ) ، فإنهما تطلبان من اللجنة أن تعلن أن مشاعر القلق والأسى التي تشعر بها كاملة عليوة وفاطمة الزهراء قيروان، ويشعر بها سائر أقرباء الأشقاء قيروان، إلى جانب إعراض الدولة الطرف عن تحمل المسؤولية عن تاريخها بنزاهة وإجراء تحقيقات فعالة لتحديد مصير المفقودين، تشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق صاحبتَي البلاغ.

3-5 وإذ تشير صاحبتا البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة ( ) ، فإنهما تصرحان بأن المادة 7، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 2 من المادة 3 من العهد، تضع على عاتق الدول الأطراف التزاماً بالقيام فوراً بوضع حد لجميع الأعمال المحظورة بموجب المادة 7، وكفالة حق تقديم الشكاوى ضد تلك الأعمال، والرد على تلك الشكاوى بإجراء تحقيقات سريعة ومحايدة ومعمقة وفعالة من جانب السلطات المختصة لجعل الطعن فعالاً. وعادل وطارق قيروان، المفقودان منذ 20 سنة، ومحمد قيروان، المفقود منذ 18 سنة، هم ضحايا جريمة ذات طابع متواصل ( ) . لذا، فإن الالتزامات بوض ع حد للانتهاك مستمرة ما لم يُكشف مصير الشخص المفقود ( ) . وتدفع صاحبتا البلاغ بأن الجزائر ملزمة باتخاذ تدابير لوضع حد لانتهاك المادة 7.

3-6 وتدعي صاحبتا البلاغ أنه ليس ثمة ما يدل على أن اعتقال الأشقاء وحرمانهم تباعاً من الحرية يستند إلى إجراء ينص عليه القانون، ويبدو أنه لم يُبرز أي أمر بالتوقيف أو أي مستند آخر أثناء عمليات الاعتقال. ولم تكن الاتهامات الجنائية الموجهة إلى عادل وطارق، التي أُخطرت أسرتهما بها بعد مرور أكثر من سنة على اختفائهما، مشفوعة بأي دليل. وأشارت غرفة الاتهام إلى أن "المشتبه فيهما ظلا في حالة فرار" مع أنهما اعتُقلا من قبل موظفين حكوميين. ولم تحدد فترة وأماكن احتجاز الشقيقين قيروان. لذا، فإن المسألة تتعلق بحرمان تعسفي من الحرية بموجب الفقرة 1 من المادة 9. وفضلاً عن ذلك، نظراً للظروف المحيطة باعتقال الشقيقين واحتجازهما، فإنهما لم يُخطَرا على الأرجح بالاتهامات الجنائية الموجهة إليهما، مما يدل على انتهاك الفقرة 2 من المادة 9 أيضاً. ولا يشير أي دليل ملموس إلى مثولهما أمام القضاء في أجل معقول في إطار احتجازهما. ويجسد إعلان طارق وعادل قيروان في حالة فرار علماً أنهما قد اعتُقلا فيما سبق من قبل موظفين حكوميين رغبة السلطات في التكتم على مصيرهم، بل أيضاً حرمانهم من حماية القانون. أما بالنسبة لمحمد، فإن السلطات ببساطة تنكر توقيفه واحتجازه إنكاراً تاماً، مما يثبت أن الأعمال القسرية التي تعرض إليها قد مورست خارج أي إطار قانوني. واحتُجز الأشقاء قيروان احتجازاً سرياً نظراً لعدم تمكن ذويهم من الاتصال بهم منذ توقيفهم، وذلك انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 9. ولم تتسن لهم مادياً فرصة ممارسة حقهم في الانتصاف للطعن في مشروعية احتجازهم، أو التوجه إلى أحد القضاة لإطلاق سراحهم ، ولا حتى التماس المساعدة من جهة ثالثة لضمان الدفاع عنهم. لذا، فقد انتُهكت أيضاً أحكام الفقرة 4 من المادة 9. وفيما يتعلق بانتهاك الفقرة 5 من المادة 9، لم يُدفع أي تعويض لأقرباء الأشقاء عما تعرض له الأشقاء من توقيف واحتجاز بصفة غير قانونية. وإضافة إلى ذلك، لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق سريع ومحايد ومعمق وفعال في مسألة اختفائهم ولم يحل مرتكبو الانتهاك إلى القضاء، مما شكل خرقاً للالتزامات الإيجابية المنبثقة عن قراءة الفقرة 3 من المادة 2 بالاقتران مع المادة 9 من العهد. وتطلب صاحبتا البلاغ من اللجنة أن تعلن انتهاك فقرات المادة 9 كافة وأن تطالب الدولةَ الطرف بدفع تعويض لصاحبتَي البلاغ مكان الضحايا وبدلاً عنهم.

3-7 وإذ أُثبتَ أن عادل وطارق ومحمد قيروان هم ضحايا اختفاء قسري، فإن صاحبتي البلاغ تدعيان أن حقهما في أن تعاملا باحترام لكرامتهما الإن سانية الأصيلة، كما تكفله الفقرة 1 من المادة 10 من العهد، قد انتُهك.

3-8 وإذ تستشهد صاحبتا البلاغ بالسوابق القضائية للجنة ( ) ، فإنهما تدفعان أيضاً بأن عادل وطارق ومحمد قيروان قد حُرموا من حماية القانون انتهاكاً للمادة 16 من العهد، بسبب احتجازهم في مكان سري لفترة غير محددة وتعرضهم للاختفاء القسري.

3-9 وأثر الاختفاء القسري للأشقاء قيروان تأثيراً بالغاً على صاحبتي البلاغ إلى جانب بقية الأسرة. وتقوضت الحياة العائلية للأسرة بالكامل. واستناداً إلى السوابق القضائية للجنة ( ) ، تشير صاحبتا البلاغ إلى أن دولة الجزائر، نظراً لما اتخذته أ و أحجمت عن اتخاذه من إجراءات، قد أخلت بواجب حماية الأسرة وانتهكت من ثم الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

3-10 وكان طارق يبلغ من العمر 16 عاماً عند توقيفه، أما محمد فكان يبلغ 15 عاماً. ويدل احتجازهما التعسفي وتقصير السلطات في التعامل مع مسألة اختفاء هذين الطفلين على أن دولة الجزائر لم تمنحهما الحماية التي كان يستلزمها وضعهما، وخاصة أنه لم يُبت في قضيتهما "في أقرب وقت ممكن". كما حُرما من الاتصال بأسرتهما، مما يخالف بوضوح الالتزام الملقى على عاتق الدولة بالتصرف لصالح الطفلين المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 24، والفقرة 2(ب) من المادة 10 من العهد.

3-11 واستناداً إلى السوابق القضائية الثابتة ( ) للجنة، تدفع صاحبتا البلاغ بأن الدولة الطرف قد خالفت التزاماتها الإيجابية بمقتضى المادة 2 نظراً لإخلالها بواجبها في إجراء تحقيقات معمقة وعاجلة في حالات اختفاء الأشقاء، وإبلاغ أقربائهم بنتائج التحقيقات، وتعويض صاحبتي البلاغ تعويضاً ملائماً عن الانتهاكات المرتكبة. وتطلبان من اللجنة أن تعلن أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 2 من العهد؛ وأن تطالب بإجراء تحقيقات سريعة ومعمقة وفعالة في حالات اختفاء عادل وطارق ومحمد قيروان من جانب هيئات محايدة ومستقلة؛ وأن تطالب بإلغاء الأمر رقم 06-01؛ وأن تطالب بجبر صاحبتي البلاغ جبراً كاملاً وفعالاً يشمل بالأخص رد الاعتبار، والتعويض، وإعادة التأهيل، والإرضاء، واعترافاً حكومياً بارتكاب جريمة ضد الإنسانية، وتقديم ضمانات بعدم المعاودة.

3-12 وتطلب صاحبتا البلاغ من اللجنة أن تأمر الدولة الطرف بما يلي: (أ) أن تطلق سراح عادل وطارق ومحمد قيروان إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة؛ (ب) أن تجري تحقيقاً عاجلاً وم عمقاً وفعالاً في مسألة اختفائهم؛ (ج) أن تبلغ صاحبتي البلاغ وأسر تهما بنتائج هذا التحقيق؛ (د) أن تلاح ق المسؤولين عن اختفاء عادل وطارق ومحمد قيروان قضائياً، وتحيلهم إلى العدالة، وتعاقبهم طبقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ (ه) أن تأمر الدولة الطرف بمنح تعويض ملائم لأصحاب الحق باسم عادل وطارق ومحمد قيروان عن الأضرار المعنوية والمادية الجسيمة التي تكبدوها منذ اختفائهم.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ

4-1 في 26 شباط/فبراير 2013، قدمت الدولة الطرف مذكرة شفوية اكتفت فيها بالإحالة إ لى "ال مذكرة ال مرجعية للحكومة الجزائرية بشأن عدم مقبولية البلاغات الفردية المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"، إلى جانب مذكرتها الإضافية المتعلقة بعدم مقبولية البلاغ. وقد أحيلت هاتان الوثيقتان إلى اللجنة في إطار بلاغات سابقة عد ة، ولم تقدم الدولة الطرف نسخاً من المذكرة المرجعية والمذكرة الإضافية، ولم تبد أي ملاحظات محددة على هذا البلاغ.

4-2 وقد استنسخ محتوى هاتين الوثيقتين في عدة آراء اعتمدتها اللجنة ( ) . وطلبت الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ مدى تشابه الوقائع والحالات التي يسوقها أصحاب البلاغات وأن تراعي السياق الاجتماعي - السياسي والأمني الذي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن أصحاب البلاغات لم يستنفد وا جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أ نشأت آلية داخلية شاملة لمعالجة الحالات المشار إليها في هذه البلاغات وتسويتها عبر تدابير ترمي إلى تحقيق السلم والمصالحة الوطنية وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة ، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب أصحاب البلاغ بالتماس سبيل انتصاف بديل .

تعليقات صاحبتي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 ترى صاحبتا البلاغ في تعليقات هما المؤرخة في 3 أيار/مايو 201 3 أنه لا يمكن الاحتجاج باعتماد ا لدولة الطرف تدابير تشريعية وإدارية داخلية للتكفل بضحايا "المأساة الوطنية" في مرحلة المقبولية ل منع أفراد ي خضع و ن لول ايتها من اللجوء إلى الآلية ال م نص وص عليها في البروتوكول الاختياري . و في القضية قيد البحث، تشكل التدابير التشريعية المعتمدة في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق المنصوص عليها في العهد، كما أشارت اللجنة فيما سبق ( ) .

5-2 و ت ذكّر صاحب تا البلاغ بأن إعلان الجزائر حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 لا يؤثر في شيء على حق الأفراد في تقديم بلاغات فردية إلى اللج نة. و عليه، ت رى صاحب تا البلاغ أن الاعتبارات التي ساقتها الدولة الطرف بشأن استصواب تقديم البلاغ ليست مبرراً صحيحاً لعدم مقبولية البلا غ.

5 -3 و تدفع صاحبتا البلاغ بأنهما استنفدتا جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأن سبل الانتصاف التي اقترحتها الدولة الطرف غير مجدية على الإطلاق، بما في ذلك إمكانية عرض ال قضي ة على قاضي تحقيق والادعاء بالحق المدني ب موجب المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية .

5-4 وتشير صاحبتا البلاغ كذلك إلى المادة 45 من الأمر 06-01 الت ي ت نص على أنه لا يجوز الشروع في أي ملاحقة ، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن ، وعلى أن تقديم شكوى أو توجيه اتهام من هذا القبيل يعرض صاحبه ل لحبس من ثلاث إلى خمس سنوات ودف ع غرامة من 000 250 إلى 000 500 دينار جزائري . و إذ تستشهد صاحبتا البلاغ برأي اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، فإنهما تؤكدان على أن الأمر 06-01 يعزز الإفلات من العقاب وينتهك الحق في سبيل انتصاف فعّال ولا يت ماشى مع أحكام العهد ( ) . وترى صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف لم تبيّن بطريقة مقنعة كيف أن قيام الشخص بإيداع شكوى والادعاء بالحق المدني كان سيتيح ل لمحاكم المختصة تلقي شكواه و الب ت فيها، في مخالفة لنص المادة 45 من الأمر المذكور، وكيف ت كون صاحبتا البلاغ محصنتين من تطبيق العقوبة المنصوص عليها في المادة 46 من هذا الأمر. وتستنتج صاحبتا البلاغ عقب قراءة هذه الأحكام أن أي شكوى تتعلق بانتهاكات من قبيل الانتهاكات التي تعرضت إ ل ي ها صاحب تا البلاغ وأشقاء صاحبة البلاغ الثانية وأحفاد صاحبة البلاغ الأولى سوف لن يتقرر عدم قبولها فحسب، بل إن أصحابها س يتعرضون لقمع جنائي. وتلاحظ صاحب تا البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أي مثال على قضية من القضايا التي تكون قد أفضت، رغم وجود الأمر المشار إليه، إلى مقاضاة فعلية للمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في حالة مماثلة للحالة قيد النظر. وتخلص صاحب تا البلاغ إلى أن سبل الانتصاف التي تشير إليها الدولة الطرف عديمة الجدوى.

5-5 وفيما يتعلق بالأ سس الموضوعية للبلاغ، تلاحظ صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف ا كتفت بسرد السياقات المحتملة لاختفاء ضحايا "المأساة الوطنية" بشكل عام. و لا تنفي ه ذه الملاحظات العامة بأي حال من الأح وال الوقائع المزعومة في هذا البلاغ.

5-6 وتدعو صاحبتا البلاغ اللجنة إلى اعتبار ادعاءاته م ا معللة تعليلاً كافياً، نظراً لأنه يتعذر عليهما تقديم مزيد من العناصر دعم اً ل بلاغه م ا ، ما دامت الدولة الطرف وحدها تملك معلومات دقيقة عن مصير المعنيين.

5-7 وت رى صاحب تا البلاغ أن عدم إبداء الدولة الطرف ملاحظات على الأسس الموضوعية للبلاغ يشكل إقراراً ضمنياً منها بصحة الوقائع المزعومة . ويعتبر صمت الدولة الطرف إقراراً بتخلفها عن واجب إجراء تحقيق في حالة الاختفاء القسري المعروضة عليها، وإلا لكانت قادرة على تقديم ردّ مفصّل يقوم عل ى نتائج التحقيقات التي كانت ملزمة بإجرائها. وتتمسك صاحبتا البلاغ ، من الناحية الموضوعية، بجميع الادعاءات المعروضة في بلاغه م ا الأول.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 ت ذكّر لجنة حقوق الإنسان بأنه يتعين عليها، قبل النظر في أي شكوى ت رد في بلاغ ما، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن ت حدد ما إ ذا كان البلاغ مقبولا ً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد. ويتعين على اللجنة أن تتأكد، بموجب الفقرة 2(أ) من الماد ة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست ق ي د الدراسة أمام هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الفريق العام ل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ بحالات اختفاء ك ل من عادل وطارق ومحمد قيروان. ولكنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولاي ا تها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما وتقديم تقارير علنية عن ها أو عن الانتهاكات الواسعة الن طاق لحقوق الإنسان في العالم، لا تندرج عموماً تحت الإ جراءات ال دولية للتحقيق أو التسوية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . و لذا ، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في قضية عادل وطارق ومحمد قيروان لا يجعل البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

6- 2 و تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تكتفي، قصد الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى مذكرتها المرجعية ومذكرتها الإضافية، دون تقديم نسخ منهما. و تذك ّ ر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان التي أُبلغت بها سلط اتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر ب حالات ال اختفاء ال قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . و قد نبهت صاحبتا البلاغ السلطات المختصة مرا راً وتكراراً إلى اختفاء ذويهما من الأشقاء والأحفاد، لكن الدولة الطرف ل م تجر أي تحقيق شامل أ و دقيق في اختفاء عادل وطارق ومحمد قيروان رغم أن الأمر يتعلق بادعاءات خطيرة متصلة باختفاء قسري. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح با ستنتاج وجود سبيل انتصاف فعال ومتاح في الوقت الذي يستمر فيه العمل ب الأمر رقم 06- 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 ر غم توصيات اللجنة ب جعل أحكام ه متماشية مع أحكام العهد ( ) . وترى اللجنة أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة من قبيل الجرائم المزعومة في إطار هذه القضية لا يمكن أن يشكل بديلاً لل ملاحقات القضائية التي ينبغي أن ي باشرها وكيل الجمهورية بنفسه ( ) . و ترى اللجنة أن سبل الانتصاف الوحيدة التي يتعين على صاحب تي البلاغ استنفادها لأغراض المقبولية، هي السبل التي تسمح بتصحيح الانتهاك المزعوم، أي في هذه القضية سبل الانتصاف التي تسمح بجبر الضرر الناجم عن الاختفاء القسري.وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل عقبة أمام مقبولية البلاغ .

6-3 وترى اللجنة أن صاحب تي البلاغ عللت ا ادعاءاته م ا تعليلاً كافياً من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق ب الم وا د 6 ( الفقرة 1 ) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23 (الفقرة 1)، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد، إلى جانب المادتين 10 (الفقرة 2) و24 (الفقرة 1) فيما يخص طارق ومحمد قيروان. ولكن اللجنة تلاحظ أن صاحبتي البلاغ لم تقدما طلباً بالتعويض إلى سلطات الدولة الطرف عن الاحتجاز التعسفي أو غير القانوني لذويهما من الأحفاد والأشقاء، وأن الانتهاك المزعوم للمادة 9 (الفقرة 5) ليس مقبولاً. و تنتقل اللجنة من ثم إلى النظر في البلاغ بالاستناد إلى الأسس الموضوعية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمواد 2 (الفقرة 3) و6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرتان 1 و2(ب)) و16 و23 (الفقرة 1) و24 (الفقرة 1) من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 قدمت الدولة الطرف في البلاغ ملاحظات إجمالية وعامة بشأن الادعاءات الخطيرة التي أثار ت ها صاحبتا البلاغ، و اكتفت بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية مو ظفين حكوميين أو خاضعين في عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت بين عام 1993 و عام 1998، يجب أن تُعالج في ال سياق ال شامل للوضع الاجتماعي و السياسي والأمني في البلد في فترة كان ت الحكومة خلالها منهمكة في مكافحة الإرهاب . وتلفت اللجنة الانتباه إلى أن العهد يقضي بأن تراعي الدولة الطرف مصير كل فرد وتعامل ه معاملة إنسانية تحترم الكرامة البشرية الأصيلة . وت شير اللجنة إلى سوابقها القضائية ( ) ، وتذكّر ب أنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها. ويبدو للجنة أن الأمر رقم 06-01 إذا خلا من التعديلات التي أوصت بها اللجنة ، يعزز الإفلات من العقاب، ومن ثم لا يمكن اعتباره ، بصيغته الحالية، متماشي اً مع أحكام العهد ( ) .

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على اد عاءات صاحب تي البلاغ بشأن الأسس الموضوعية وتذكر بسوابقها القضائية التي مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثب ات وأن المعلومات اللازمة غالباً ما تكون في ح و زة الدولة الطرف لوحدها ( ) . و طبقاً ل لفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري ، فإن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكها وانتهاك ممثليها أحكام العهد و بإحالة المعلومات التي في ح و زتها إلى اللجنة ( ) . و في غياب توضيح ات بهذا الخصوص من جانب الدولة الطرف، فلا بد من إيلاء ادعاءات صاحب تي البلاغ المصداقية الواجب ة شريطة أن تكون معللة تعليلاً كافياً .

7-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب تي البلاغ تفيد ان ب أن أحفاد الأولى وأشقاء الثانية قد اختف وا منذ اعتقال هم في 1 2 نيسان / أ بر يل 1994 بالنسبة لعادل قيروان، و20 أيار/مايو 1994 بالنسبة لطارق قيروان، و22 شباط/فبراير 1996 بالنسبة لمحمد قيروان، و أن السلطات ، إضافة إلى عدم اعترافها بتوقيفهم، لم تجرِ تحقي قاً فعالاً من شأنه استجلاء مصيرهم . وتلاحظ اللجنة أن صاح بتي البلاغ تر يان أن حظوظ العثور على عادل وطارق ومحمد قيروان على قيد الحياة ضئيلة وأن طول غيابه م والشهادة التي أدلى بها أحد الأصدقاء، التي مفادها أنه شاهد جثة محمد في غرفة الموتى، تدفع إلى ا لاعتقاد بأنه م توفوا أثناء وجوده م رهن الاحتجاز. كما تلاحظ اللجنة أن حالة ا لا حتجاز في مكان سري ت نطوي إلى حد كبير على خطر انتهاك ال حق في الحياة، لأن الضحية تكون تحت رحمة سجانيه ا الذين يفلتون ، بحكم طبيعة الظروف، م ن أي شكل من أشكال المراقبة. و تذكّر اللجنة، فيما يتعلق بحالات الاختفاء القسري، بأن الحرمان من الحرية ثم عدم الإقرار به أو التكتم ع لى مصير ال مفقود ، يحرم هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه . و في الحالة قيد النظر، تلاحظ ال لجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يثبت أنها أ وفت بالتزامها المتمثل في حماية حياة كل من عادل وطارق ومحمد قيروان . و عليه، تخلص اللجنة إلى أن ال دولة الطرف أخلت بواجبها في حماية حياة كل من عادل وطارق ومحمد قيروان ، وفي ذلك انتهاك للمادة 6 من العهد ( ) .

7-5 وتقر اللجنة بمدى المعاناة الناجمة عن الاعتقال دون التواصل مع العالم الخارجي طوال مدة غير محددة . وتذكر في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 20 (1992) ، المتعلق بالمادة 7، بشأن حظـر التعذيب وغيره من ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة ، الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاعتقال في أماكن سرية. وتلاحظ اللجنة ، حسبما أفادت به صاحبتا البلاغ، أن عادل قيروان قد أُصيب واعتُقل في 12 نيسان/أبريل 1994 على طريق باتنة من طرف موظفين تابعين لأجهزة الأمن، واعتُقل طارق قيروان البالغ من العمر 16 عاماً في 20 أيار/مايو 1994 بعد عودته من المدرسة ، أما محمد قيروان، البالغ من العمر 15 عاماً، فقد اعتُقل بتاريخ 22 شباط/فبراير 1996 في الشارع من طرف أفراد شرطة تابعين لمخفر حامة، حيث احتُجز لمدة شهر. وبعد مرور ثلاثة أشهر على تاريخ اعتقال محمد قيروان، عُثر على جثته من بين جثث أخرى متكدسة على حافة إحدى الطرق في منطقة غراب، حسبما ورد عن عدة أشخاص من معلومات متطابقة، ثم تعرّف أحد أصدقاء الأسرة على جثته في غرفة الموتى ولاحظ عليها علامات التعرض للتعذيب وسوء المعاملة. و في غياب أي ت فسير وجيه بهذا الخصوص من جانب الدولة الطرف، فإن اللجنة تخلص إلى انتهاك متعدد الأوجه للمادة 7 من ال عهد في حق كل من عادل وطارق ومحمد قيروان ( ) .

7-6 وتحيط اللجنة علماً بما تشعر به صاحب تا البلاغ وأسرته م ا من قلق و أسى جراء اختفاء عادل وطارق ومحمد قيروان و ما يحوم حول مصيره م من شكوك. وترى بالتالي أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 7 من العهد في حقهم ( ) .

7-7 و فيما يتعلق ب ادعاءات انتهاك المادة 9، أ ح ا ط ت اللجنة علماً بمزاعم صاحب تي البلاغ ال لتين تؤكد ان أن عادل وطارق ومحمد قيروان قد اعتُقلوا في 12 نيسان/أبريل 1994، و20 أيار/مايو 1994، و22 شباط/فبراير 1996، على يد موظفين حكوميين، من دون أي تفسير. ولم تزوّد سلطات الدولة الطرف أسرتهم في أي وقت من الأوقات بأي معلومات عن مصير هم . ولم تُوجَه إليهم أي تهمة ولم ي مثلوا أمام سلطة قضائية يمكنهم ا لطعن أمام ها في مشروعية احتجازهم؛ وعلاوة على ذلك، لم تُزوَّد صاحبتا البلاغ وأسرت ه م ا بأي معلومات رسمية عن مكان احتجاز المعنيين بالأمر، ولا عن مصيرهم . ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف توضيحات وجيهة بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 من العهد قد انتهكت في حق كل من عادل وطارق ومحمد قيروان ( ) .

7- 8 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص المحرومين من الحرية يجب ألا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم للحرمان من الحرية، وأنه يجب أن يعاملوا بإنسانية واحترام لكرامتهم. ونظراً إلى ا حتجاز الضح ايا في مكان سري ونظراً كذلك إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات بهذا الخصوص، تستنتج اللجنة أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انت ُ هكت في حق كل من عادل وطارق ومحمد قيروان ( ) .

7- 9 و أما عن مزاعم انتهاك المادة 16، فإن اللجنة ت ذ ك ّ ر بسوابقها القضائية الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كا نت الضحية في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره ا للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه ا الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة على وجه الاحتمال ، بما في ذلك أمام المحاكم (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد)، تعاق بانتظام ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف لم ت زود الأسرة بأي معلومات عن مصير كل من عادل وطارق ومحمد قيروان منذ توقيفهم ولا عن مكان وجودهم، وذلك على الرغم من الطلبات العديدة الموجهة إلى سلطات مختلفة في الدولة الطرف. و عليه، تستنتج اللجنة أن اختفاء كل من عادل وطارق ومحمد قيروان قسراً ، منذ 12 نيسان/أبريل 1994 و20 أيار/ مايو 1994 و22 شباط/فبراير 1996 على التوالي، قد حرمه م من حماية القانون ومن حقه م في الاعتراف بشخصيته م القانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

7-1 0 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة على نحو منفصل في التظلمات المرتبطة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

7-1 1 وتستشهد صاحب تا البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأ طراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعا ل لجميع الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب ال عهد. وت ولي اللجنة أهمية لحرص ا لدول الأطراف على إ نشاء آليات قضائية وإدارية م لائمة للبت في ال شكا وى المتصلة بانتهاكات الحقوق. وتذك ّ ر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ، حيث تشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة من الدول الأ طر ا ف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، ف ي حد ذاته، إلى خرق منفصل للعهد. وفي الحا لة الراهنة، أخطرت أسرة الضح ايا السلطات المختصة مراراً وتكراراً باختفاء كل من عادل وطارق ومحمد قيروان ، بما في ذلك السلطات القضائية مثل المدعي العام في قسنطينة ، غير أن جميع ا لخطوات ال متخذة باءت بالفشل ، ولم تجر الدولة الطرف أي تحقيق شامل ودقيق في قضية اختفاء كل من عادل وطارق ومحمد قيروان. وعلاوة على ذلك، فإن الاستحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضا ئية بعد صدور الأمر رقم 06-01 ال ذي ي تضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لا تزال تحرم عادل وطارق ومحمد قيروان و أسرتهم من أي إمكانية للوصول إلى انتصاف فعال ، ل أن هذا الأمر يمنع اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات الجرائم الأكثر خطورة مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . و بناءً على ما تقدم، تستن ت ج اللجنة أن الوقائع المعروضة ع ليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 من العهد في حق كل من عادل وطارق ومحمد قيروان، وانتهاك لل فقرة 3 من المادة 2 من العهد ، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحب تي البلاغ.

7-12 وتحيط اللجنة كذلك علماً بالادعاءات الإضافية لصاحبتي البلاغ، اللتين تؤكدان أن طارق ومحمد قيروان كانا يبلغان من العمر، عند توقيفهما، 16 عاماً و15 عاماً على التوالي. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تفند تلك الادعاءات. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد ب تعليقها العام رقم 17(19 89 ) بشأن حقوق الطفل ، الذي تؤكد فيه على أن تنفيذ المادة 24 يستلزم اعتماد الدول تدابير خاصة لحماية الأطفال، إضافة إلى التدابير التي يتعين عل يها اتخاذها بموجب المادة 2 لضمان تمتع الجميع بالحقوق المنصوص عليها في العهد.وفي القضية قيد البحث، لم تأخذ الدولة الطرف مركز الشقيقين، باعتبارهم قاصر َ ين ، في الحسبان لت منحهما حماية خاصة.و لذا، فإن اللجنة ت رى أن الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً أحكام الفقرة 1 من المادة 24 من العهد في حق طارق ومحمد قيروان بوصفهما قاصر َ ين بحاجة إلى حماية خاصة .

7-13 وفي ضوء ا لا ستنتاجات المذكورة، فإن اللجنة لن ت نظر على نحو منفصل في ادعاءات صا ح ب تي البلاغ بارتكاب انتهاك في حق طارق ومحمد قيروان بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 10 من العهد.

8- وتلاحظ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات من جانب الدولة الطرف لل م واد 6 و7 و9 و10 و16 والفقرة 3 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و7 و9 و10 و16 من العهد في حق كل من عادل وطارق ومحمد قيروان. و إضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة انتهاكاً للمادة 24 والفقرة 3 من المادة 2 مقر وءة بالاقتران مع المادة 24 من العهد في حق طارق ومحمد قيروان. كما تلاحظ اللجنة انتهاكاً للمادة 7 والفقرة 3 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 7، في حق صاحبتي البلاغ.

9- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن تكفل لأسرة عادل وطارق ومحمد قيروان سبيل انتصاف فعال ، يشمل على الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء كل من عادل وطارق ومحمد قيروان وتزويد أسرتهم بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ (ب) الإفراج عنه م فوراً إذا كان وا لا يزال و ن محتجزين في مكان سري؛ ( ج ) إعادة جث ث عادل وطارق ومحمد إلى أسرته م في حالة وفاته م ؛ ( د ) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ ( ه ) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب تي البلاغ ع ما تعرضتا له من انتهاكات، وكذلك إلى عادل وطارق ومحمد قيروان إن كان و ا على قيد الحياة. وبغض النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في انتصاف فعال بالنسبة لضحايا الجرائم من قبيل ال تعذيب والإعدام خارج إطار القضاء والاختفاء القسري. والدولة الطرف م لزمة ك ذلك باتخاذ الت دابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

1 0 - وبما أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أم لا ، وأنها تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والمشمولين بولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأ ن تضمن لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابل اً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى إعلان هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع باللغات الرسمية.