اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2205/2012 * **
ال مقدم من: ياشار أغازاد ، ورسول جافاروف (يمثلهما رشيد هاجيلي وناني جانسن)
الشخص ان المدعى أنه ما ضح ايا : أصحاب البلاغ
الدولة الطرف: أذربيجان
تاريخ تقديم البلاغ: 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2012
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء: 27 تشرين الأول/أكتوبر 2016
الموضوع: الحصول على رخصة للبث الإذاعي اللاسلكي
المسائل الإجرائية: دعم الادعاءات بأدلة كافية
المسائل الموضوعية: حرية التعبير، والمحاكمة العادلة
مواد العهد: 14(1) و19
مواد البروتوكول الاختياري: 3
1-1 صاحبا البلاغ هما ياشار أغازاد ورسول جافاروف ، وهما مواطنان أذربيجانيان مولودان في عامي 1979 و1984، على التوالي. ويدعي صاحبا البلاغ أنهما ضحية انتهاك المادتين 14(1) و19 من العهد. ويمثلهما رشيد هاجيلي ، من معهد حقوق وسائط الإعلام في باكو، وناني جانسن، من مبادرة الدفاع القانوني عن وسائط الإعلام، في لندن. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 27 شباط/فبراير 2002.
1-2 في 22 تموز/يوليه 2013، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم الموافقة على طلب الدولة الطرف النظر في مقبولية الدعوى بمعزل عن أسسها الموضوعية.
الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ
2-1 السيد أغازاد صحفي ورئيس تحرير الجريدة الأذربيجانية الأسبوعية Muhakima ، التي كثيراً ما تنتقد سياسات وقرارات الحكومة. والسيد جافاروف هو المؤسس المشارك والرئيس للاتحاد العام الأذربيجاني لتطوير الإعلام التلفزيوني والإعلام البديل. وقد تولى في الفترة من آذار/مارس 2009 إلى كانون الأول/ديسمبر 2010 رئاسة فريق رصد معني بالبث التلفزيوني تابع لمعهد حرية وسلامة المراسلين ( ) . وقد كتب عدة تقارير تضمنت نقداً لوضع البلد في مجال البث التلفزيوني. كما أنه ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان في أذربيجان.
2-2 وفي 11 آذار/مارس 2010، قدم صاحبا البلاغ طلباً إلى المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة ( ) ، وهو المؤسسة الحكومية المسؤولة عن تنظيم البث التلفزيوني والإذاعي في البلد، التمسا فيه معلومات عن الترددات اللاسلكية المتاحة للاستخدام واستفسرا فيه عن سبب عدم نشر قائمة بالترددات المتاحة وعدم طرح مناقصة بشأن هذ الترددات على النحو الذي يشترطه القانون ( ) . وفي 12 آذار/مارس 2010، أفاد المجلس في رده بعدم وجود ترددات لاسلكية شاغرة واعترف بعدم نشره أي قائمة بالترددات المتاحة.
2-3 وفي 19 أيار/مايو 2010، قدم صاحبا البلاغ طلباً إلى المجلس للحصول على رخصة للبث الإذاعي في باكو وشبه جزيرة أبشيرون . وفي 25 أيار/مايو 2010، أجاب المجلس بأن البث التلفزيوني والإذاعي يتطلب إذناً خاصاً (رخصة) تصدر بموجب القانون على أساس تنافسي، وبأن صاحبي البلاغ يمكنهما المشاركة في مناقصات الحصول على الرخص التي يعلنها المجلس في مجالات "تُعد ضرورية لنشاط البث الإذاعي". ويلاحظ صاحبا البلاغ أن المجلس لم يبين ما إذا كان سينشر أي قائمة بالترددات المتاحة وما إذا كان سيعلن عن أية مناقصات لرخص البث الإذاعي في المستقبل.
2-4 وفي 10 حزيران/يونيه 2010، قدم صاحبا البلاغ شكوى إلى محكمة سابايل المحلية احتجا فيها بأن المجلس، بعدم نشره قائمة الترددات اللاسلكية المتاحة وعدم إجرائه مناقصات، رغم وجود ترددات متاحة، انتهك حقهما في حرية التعبير. ولاحظ صاحبا البلاغ أن المرة الوحيدة التي أعلن فيها المجلس عن مناقصة للبث الإذاعي كانت في أيلول/سبتمبر 2008، وأن الرخص مُنحت منذ ذلك الوقت دون منافسة، مما "يضمن احتكاراً سياسياً للبث التلفزيوني والإذاعي" في البلد. وطلب صاحبا البلاغ من المحكمة أن تلزم المجلس بإصدار رخصة لهما. وفي 26 آب/أغسطس 2010، أعلنت المحكمة أن شكوى صاحبي البلاغ لا تقوم على أساس سليم لأن المجلس قدم إجابات فورية، وقائمة على أسس سليمة، ومفيدة. وخلصت المحكمة إلى أنها، بعد إجراء "تقييم عام للحجج [حجج صاحبي البلاغ]، لم يتبين لها حدوث أي انتهاك لحقوقهما أو حرياتهما" نتيجة للإجراء الإداري.
2-5 وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2010، طلب صاحبا البلاغ إلى محكمة استئناف باكو النظر في نفس الادعاءات التي قدماها إلى محكمة سابايل المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، احتج صاحبا البلاغ بأن المحكمة المحلية لم تنظر في المذكرات التي قدماها ولم تدعم قرارها بأدلة، وتكون بذلك قد انتهكت حقوقهما في حرية التعبير والمحاكمة العادلة. وفي 3 آذار/مارس 2011، رفضت محكمة الاستئناف مطالباتهما، وخلصت أيضاً إلى أن المجلس تصرف طبقاً للقانون حيث أطلع صاحبي البلاغ على الشروط القانونية للحصول على رخصة للبث الإذاعي. ورأت المحكمة أن رفض طلب صاحبي البلاغ قانوني نظراً إلى عدم الإعلان عن أي منافسة. ومع ذلك، لم تقدم المحكمة رداً على المذكرات التي قدماها بشأن ضرورة نشر المعلومات عن الترددات الإذاعية الشاغرة المتاحة، وعدم إجراء المجلس لمناقصات، مما أدى إلى عدم تعددية وسائط الإعلام الإذاعية، وإلى منح المجلس لرخص البث الإذاعي دون منافسة.
2-6 وفي 13 نيسان/أبريل 2011، قدم صاحبا البلاغ دعوى نقض أمام المحكمة العليا، ادعيا فيها انتهاك حقوقهما في حرية التعبير وفي محاكمة عادلة. وفي 5 تموز/يوليه 2011، رفضت المحكمة العليا دعواهما، وخلصت مرة أخرى إلى أن إجراءات المجلس قانونية ومن ثم لم يُنتهك أي حق من حقوقهما.
2-7 ويدعي صاحبا البلاغ أن هناك غياباً كاملاً تقريباً لهيئات البث الإذاعي المستقلة في وسائط الإعلام الإلكترونية الأذربيجانية، بما في ذلك الإذاعة والتلفزيون. وقالا إن قيام حكومة أذربيجان بتنظيم عملية توزيع الترددات والتراخيص والإعلان تؤدي إلى تحكم الحكومة في وسائط الإعلام الإذاعية، ومن ثم إلى انعدام التعددية في هذا المجال. وأضاف أن جميع أعضاء المجلس يُعينون بقرار من الرئيس، وأن لوائح المجلس لا تنص على إجراء أي استشارة عمومية أو على إجراءات شفافة أخرى لتعيين أعضائه.
2-8 ويشير صاحبا البلاغ إلى وجود 14 قناة إذاعية وطنية فقط في أذربيجان، رغم وجود ترددات شاغرة أخرى. ويشيران أيضاً إلى أن المجلس يفسِّر وجود الترددات الشاغرة بعدم الحاجة إلى محطات تليفزيونية وإذاعية جديدة.
2-9 ويلزم القانون المتعلق بالبث التلفزيوني والإذاعي المجلس بنشر قوائم بالترددات المتاحة مرة واحدة على الأقل في العام، وبإجراء مناقصات للترددات المتاحة ( ) . ورغم هذه الأحكام القانونية، لم يسبق للمجلس أن نشر أي قائمة بالترددات المتاحة المخصصة للبث، ولم يجر مناقصات لتوزيع الترددات المتاحة إلا مر تين فقط: في أيلول/سبتمبر 2008 و تشرين الثاني/ نوفمبر 2010. ولم تُمنح إلا رخصة واحدة في المرتين. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن كلتا المناقصتين لم تكونا حرتين أو مفتوحتين أو عادلتين. ومُنحت مناقصة عام 2008 لشركة "DigitalMediaMMC"، التي أُنشئت وسُجلت قبل 13 يوماً من إعلان المجلس عن المناقصة، ولم يُعلن عن اسم مالكها. وفي مناقصة عام 2010، مُنحت الرخصة إلى شركة أنشئت حديثاً، هي "GoldenPrince" التي يملكها المدير الإداري السابق لدار الصحافة الأذربيجانية، المعروفة بصلاتها بحكومة أذربيجان ( ) . غير أن المجلس سبق أن منح رخصاً للبث الإذاعي، دون إجراء مناقصات، لمحطات إذاعية تبث محتوى مؤيداً للحكومة ( ) .
2-10 وفي 30 كانون الأول/ديسمبر 2008، أعلن المجلس أنه سيحظر بث المحطات الإذاعية الدولية على ترددات FM الوطنية. ونتيجة لذلك، حُرمت محطات راديو الحرية RadioLiberty وصوت أمريكا VoiceofAmerica وبي بي سي BBC من تردداتها ورخصها. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن تلك الترددات الثلاثة، بالإضافة إلى الترددات التي أصبحت شاغرة بعد إنهاء رخص ثماني محطات إذاعية دولية وأجنبية أخرى في عامي 2006 و2007 (ثلاث محطات روسية، وثلاث محطات تلفزيونية تركية، ومحطتا البث الإذاعي Radio France وRadio Europe Plus اللتان تُبثان على موجات تضمين التردد FM))، لا تزال غير مستخدمة حتى الآن، ولم تُمنح أي ترددات للمحطات الإذاعية المحلية إلا في مدينة باكو (12 تردداً) ومدينة ناكشيفان (ترددان).
2-11 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن مسألة عدم تعددية وسائط الإعلام في أذربيجان أثارت قلق المنظمات الدولية والمراقبين المستقلين لمدة سنوات. ويستشهدا ن بتقارير أعدها مجلس أوروبا ( ) ، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( ) ، والبرلمان الأوروبي ( ) ، فضلاً عن الملاحظات الختامية للجنة بشأن أذربيجان ( ) . وتعهدت أذربيجان، بعد تقديمها طلباً لعضوية مجلس أوروبا، بأن تحوِّل محطة إذاعة وتلفزيون AzTV "الخاضعة للحكومة" إلى محطة إذاعية مستقلة تقدم خدمات عامة. ويشير صاحبا البلاغ إلى أن محطة AzTV، رغم هذا الالتزام، لا تزال خاضعة للرقابة القانونية الصارمة للحكومة، ولا يزال رئيسها يُعيَّن بقرار من الرئيس. وتعمل محطات أخرى في السوق، فيما يبدو، كمحطات إذاعية مستقلة، ولكن ها في الواقع مملوكة لأشخاص "لهم صلة بالحكومة". ويشير صاحبا البلاغ، مثلاً، إلى أن محطة التلفزيون Lider TV والإذاعة Lider FM Radio المملوكتين لشركة Media Holding يديرهما في الواقع أ. علييف ، ابن عم رئيس أذربيجان. كما أن محطات ATV و106 FM وAzad Azerbaijan Radio، وATV International يمتلكها أفراد أسرة الوزير نظيم إبراهيموف . والواقع أن جميع شركات البث التلفزيوني والإذاعي تقع "تحت السيطرة السياسية والاقتصادية الصارمة للحكومة". وقد أشار فريق الشراكة الدولية المعني بأذربيجان، عقب زيارته إلى البلد في أيلول/سبتمبر 2010، إلى أن "جميع وسائط البث الإعلامي تقريباً في أذربيجان تتبع خطاً مؤيداً للحكومة في تغطيتها الإخبارية. ووُجهت إلى المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة ... انتقادات بسبب عدم الشفافية في قراراته المتعلقة بإصدار أو تعليق رخص البث الإذاعي " ( ) .
الشكوى
3-1 يدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف، برفضها منحهما ترخيصاً ل لبث الإذاعي بعد طلبهما المقدم إلى المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة في أيار/مايو 2010، وبعدم إجرائها مناقصات منتظمة وعادلة لمنح هذه الرخص، انتهكت حقهما في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد. وقالا إن قرار رفض طلبهما لا يكون قانونياً إلا إذا وُجِدَ احتمال فعلي أن تُجرى مناقصات بصورة منتظمة، مما يتيح لقنوات البث الإذاعي المنتقدة للحكومة فرصة حقيقية للحصول على رخصة. وبما أن المجلس، بعدم إجرائه مناقصات منتظمة وعادلة لمنح رخص البث الإذاعي، لا يمتثل لقانون البث الإذاعي، فلا يمكن للمجلس أن يعتمد على هذا القانون لتبرير رفضه منحهما رخصة. وعلى أية حال، يفتقر قانون البث الإذاعي للوضوح والجودة اللازمين للوفاء بشرط قانونية المادة 19(3) من العهد لأن هذه المادة تمنح المجلس سلطة تقديرية مطلقة بشأن موعد إجراء المناقصات ولكنها لا تحدد معايير لتقييم طلبات الحصول على الرخص.
3-2 ويرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزامها الإيجابي المنصوص عليه في المادة 19، وهو ضمان وصول الجمهور إلى معلومات محايدة ودقيقة وإلى مجموعة من الأفكار والتعليقات عن طريق التلفزيون والإذاعة. ولم تقم الدولة الطرف بذلك، لا سيما بامتناعها عن إجراء منافسات منتظمة لمنح رخص البث الإذاعي، وعدم منحها الرخص استجابةً للطلبات المقدمة خارج إطار هذه المنافسات، وعدم ضمانها تشغيل وإدارة نظام منح رخص البث الإذاعي بطريقة تكفل تنوع الآراء والأفكار في نظام البث الإذاعي في الدولة الطرف. وأدى فشل الدولة الطرف في ذلك، بدوره، إلى الإعاقة الشديدة لممارسة الحقوق الديمقراطية في أذربيجان، وإلى منع المواطنين من ممارسة الحقوق الديمقراطية بطريقة مجدية ومستنيرة.
3-3 ويشكِّل عدم نشر قوائم بالترددات المتاحة وعدم إجراء منافسات حرة ومفتوحة وعادلة للحصول على رخص لاستخدام هذه الترددات تدخلاً غير قانوني في حق صاحبي البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة 19 ( ) . وقد أُجريت منافستان بشأن ترددين في أيلول/سبتمبر 2008 وتشرين الثاني/نوفمبر 2010، ولكن لم تكن أيٌّ منهما حرة أو مفتوحة أو معقولة. ولم يكن ذلك التدخل قانونياً ولا ضرورياً في أي مجتمع تسوده الديمقراطية، ولذلك لم يفِ بالاشتراطات المنصوص عليها في المادة 19(3).
3-4 ويشكِّل عدم نشر المجلس لقائمة بالترددات المتاحة مرة واحدة على الأقل في العام، وعدم إجرائه مناقصات بشأن الترددات المتاحة، مخالفةً للشروط المنصوص عليها في القانون الوطني المتعلق بالبث الإذاعي، ومن ثم لا يمكن "إقرار ذلك بموجب القانون". ولا يشير هذا الشرط فحسب إلى أن أي تدخل في الحقوق المنصوص عليها في المادة 19 يجب أن يكون له أساس ما في القانون المحلي، ولكن يشير أيضاً إلى نوعية القانون المعني. فلا ينبغي فحسب أن تكون هذه القوانين متاحة لعامة الجمهور وأن تكون لها نتائج يمكن التنبؤ بها، وإنما يجب أيضاً أن توفر قدراً من الحماية القانونية من التدخلات التعسفية من جانب السلطات العامة وفقاً للحقوق التي يكفلها العهد ( ) . فإذا كان القانون المتعلق بالبث التلفزيوني والإذاعي لا يتضمن أي حكم (أ) يحدد التردد الذي ينبغي أن تُجرى المنافسات من أجل الحصول على ترخيص بالبث الإذاعي عليه، أو (ب) يطالب المجلس بإيلاء الاعتبار لضرورة التنوع والتعددية في وسائط الإعلام فيما يتصل بهذه المنافسات أو (ج) يطالب المجلس بتقديم أسباب وجيهة لقراراته ولأي رفض لمنح رخصة، فمعنى ذلك أن القانون لا يوفر الحماية الكافية من التدخل التعسفي في حقوق صاحبي البلاغ التي تكفلها المادة 19. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تبرير هذا الفشل بالحجة التي ساقها المجلس، وهي عدم الحاجة إلى محطات تلفزيونية وإذاعية جديدة. وحتى لو لم توجد تعددية إعلامية في أذربيجان، ما زال الأمر يحتاج إلى إجراء مناقصات منتظمة تتيح دخول محطات إذاعية جديدة إلى السوق.
3-5 ويدعي صاحبا البلاغ أن التدخل في حقوقهما لم يكن تناسبياً أو ضرورياً في مجتمع تسوده الديمقراطية. ولم يقدم لا المجلس ولا المحاكم المحلية أي تبرير للتدخل في حقهما في حرية التعبير، حيث أشار فقط إلى أن قرار الرفض كان متوافقاً مع القانون. ولا يمكن تبرير هذا التدخل استناداً إلى عدم الحاجة إلى محطات تلفزيونية وإذاعية جديدة. وعلى العكس من ذلك، بالنظر إلى أن أذربيجان لم تكفل وصول الجمهور عن طريق التلفزيون والإذاعة إلى معلومات محايدة ودقيقة وإلى مجموعة متنوعة من الآراء والتعليقات، فيصبح من الضرورة الملحّة فتح محطات تلفزيونية وإذاعية جديدة. وحتى إن وجدت بالفعل وسائط إعلام سمعية وبصرية متنوعة ومتعددة، لا يبرر ذلك في حد ذاته عدم إجراء مناقصات منتظمة تتيح لمحطات إذاعية جديدة أو مختلفة الحصول على تراخيص، لأن هذه القيود ليست ضرورية في أي مجتمع تسوده الديمقراطية ولن تحقق توازناً عادلاً بين حقوق فرادى محطات البث الإذاعي والأهداف المشروعة المنصوص عليها في المادة 19(3) من العهد.
3-6 ويشير صاحبا البلاغ أيضاً إلى أن عدم تقديم المجلس والمحاكم الوطنية مبررات كافية لقراراتها يشكل انتهاكاً لحقهما المنصوص عليه في المادة 14(1) من العهد، وهو الحق في محاكمة عادلة وعلنية أ مام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة تُنشأ بموجب القانون، للبت في حقوقهما. وينشأ الحق في الحصول على مبررات كافية لأي حكم عن الالتزام الذي تفرضه المادة 14، وهو إعلان المبرر القانوني للأحكام. فإن لم يصدر حكم مبرر، لن يتسنّى لأي محكمة مراجعة أي أحكام ويصبح الحق في الطعن في الأحكام عديم الجدوى. ولم تتناول المحاكم ادعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم إجراء المجلس مناقصات عامة لمنح رخص البث الإذاعي، وبشأن منح المجلس رخصاً لشركات أخرى دون مناقصة. ولم تقيِّم المحاكم الثلاث كيف أن عدم طرح المجلس لمناقصات عامة يشكل تقييداً غير قانوني لتعددية وسائط الإعلام، وانتهاكاً لحقوق صاحبي البلاغ في حرية التعبير، حيث رفضت المحاكم شكاوى صاحبي البلاغ استناداً فقط إلى حجة أن المجلس تصرّف في رده على صاحبي البلاغ طبقاً للقانون.
3-7 ويطلب صاحبا البلاغ، كسبيل تظلّم، أن تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى ما يلي: (أ) إجراء مناقصة عادلة لمنح الرخص؛ (ب) مراجعة لوائحها المتعلقة بتخصيص الترددات، بما في ذلك القواعد التي تنظم مناقصات منح الرخص، بحيث تستوفي معايير الشفافية والعدالة؛ (ج) تقديم تعويض عادل لصاحبي البلاغ عن انتهاك حقوقهما.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية
4-1 تحتج الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدمة في 23 كانون الثاني/يناير 2013، و23 نيسان/أبريل 2014، بأن شكاوى صاحبي البلاغ لا تقوم على أساس وجيه لأن المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة أعلن عن مناقصات وفقاً للتشريعات القائمة، ولأن صاحبي البلاغ كان بإمكانهما المشاركة في المناقصات. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، دعا المجلس إلى مناقصة لإنشاء محطة إذاعية جديدة في باكو وشبه جزيرة أبشيرون ، وفتح باب التقدم للمناقصة في الفترة من 25 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 25 كانون الأول/ديسمبر 2010. وشارك ثلاثة مرشحين في تلك المناقصة، ووُجهت إليهم الدعوة لحضور اجتماع مع المجلس في 18 كانون الثاني/يناير 2011 تمّ فيه تقييم قدراتهم التحريرية والتقنية والإبداعية في مجال البث الإذاعي. وبناءً على ذلك التقييم، قرر المجلس منح رخصة البث الإذاعي إلى شركة "Golden Prince LLC". وقدم المشاركان الآخران في المناقصة طعناً قضائياً في القرار، ولكن باء طعنهما بالفشل. وأُجريت المناقصة بطريقة قانونية ( ) وموضوعية. ونظراً إلى أن صاحبي البلاغ تمكنا من المشاركة في المناقصة بنفس الفرص المتاحة لغيرهم من المشاركين، فإن حقوقهم لم تُنتهك. وبالإضافة إلى ذلك، تمّ إطلاع صاحبي البلاغ على المعلومات المتعلقة بالمناقصة وبالترددات اللاسلكية المتاحة، وتم إعلان هذه المعلومات للجمهور. وأخيراً، لا تمنع التشريعات القائمة صاحبي البلاغ من دخول المنافسة مرة أخرى في المستقبل. ولذلك فإن التدخل في حرية تعبير صاحبي البلاغ تدخل قانوني ويقع في هامش تقدير الدولة في سياق حماية النظام العام. وقد توخّى هذا التدخل هدفين مدرجين في المادة 19(3)، هما منع الاضطراب في الاتصالات السلكية واللاسلكية وحماية حقوق الآخرين، حيث استهدف ضمان تعددية المعلومات بالسماح بالتوزيع العادل للترددات ( ) .
4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أنه رغم اعتراض صاحبي البلاغ، في شكواهما أمام المحكمة المحلية، على عدم إعلان المجلس عن مناقصة، فإن طعونهما كانت تتعلق ف حسب بإخفاقهما في ا لمناقصة التي طُرحت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010. وقد طلب مقدما الطعن إلى المحكمة الابتدائية أن تأمر السلطات المحلية بمنح شركتهما تردداً إذاعياً دون حصولهما على ترخيص بالبث الإذاعي. وقد لاحظت المحكمة، عن صواب، أن صاحبي البلاغ كان ينبغي لهما المشاركة في مناقصات لكي يحصلوا على الرخصة. ولذلك، فإن ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 14 لا تقوم على أساس وجيه.
4-3 وتحتج الدولة الطرف أيضاً بأن صاحبي البلاغ لا يمكنهما الادعاء أنهما ضحية انتهاك الحقوق المنصوص عليها في العهد لأنهما حجبا عن اللجنة أنهما شاركا في المناقصة التي طُرحت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 والخاصة بالحصول على رخصة للبث الإذاعي. ولذلك فإن ادعا ء هما يشكل إساءة استغلال لحقهما في تقديم بلاغات ويجب اعتباره غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.
4-4 وبالنسبة إلى ادعاءات صاحبي البلاغ فيما يتعلق بالمادة 14-1 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى أن المحاكم الوطنية لم تعتبر رد المجلس على صاحبي البلاغ بمثابة رفض لطلب الحصول على رخصة، واستنتجت أن حقوقهما لم تُنتهك.
تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5-1 يشير صاحبا البلاغ، في تعليقاتهما المؤرخة 1 آذار/مارس 2013 و30 حزيران/ يونيه 2014، إلى أن الدولة الطرف لم تنظر في ادعاءاتهما. وتشير الدولة الطرف إلى مناقصة أُجريت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، في حين أن ادعاء صاحبي البلاغ يشير إلى طلبهما المقدم في 19 أيار/مايو 2010 للحصول على رخصة للبث الإذاعي، وهو الطلب الذي رفضه المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة في رسالة مؤرخة 25 أيار/مايو 2010، ويشير أيضاً إلى عدم إجراء المجلس مناقصات منتظمة وعادلة للبث الإذاعي.
5-2 ويطعن صاحبا البلاغ في بيان الدولة الطرف الذي أفادت فيه بأن المجلس تصرف طبقاً للقانون، ويكرران أن المجلس، بموجب القانون المتعلق بالبث التلفزيوني والإذاعي، ملزم بنشر قائمة بالترددات المتاحة مرة واحدة على الأقل في العام وبإجراء مناقصات. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2010، أعلن المجلس المناقصة لتردد وحيد، ولكنه لم ينشر قائمة بجميع الترددات المتاحة رغم اشتراط ذلك بموجب القانون.
5-3 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن المجلس لم يُجرِ ، منذ أن قدما بلاغهما إلى اللجنة، إلا مناقصة واحدة لتردد لاسلكي يغطي المنطقة الواقعة خارج باكو وناكشيفان ، وهي المناقصة التي انتقدها المجتمع المدني لأن الرخصة مُنحت إلى مرشح مؤيد للحكومة. وبالإضافة إلى ذلك، مُنحت رخص منذ ذلك الحين دون منافسة إلى قناة تلفزيونية تابعة للدولة في عام 2011، وإلى محطة إذاعية تابعة للدولة في عام 2012. ويضيف صاحبا البلاغ أن التدهور في وضع وسائط الإعلان أثار قلق منظمات وطنية ودولية ( ) .
5-4 ويلاحظ صاحبا البلاغ كذلك أن الدولة الطرف تشير فقط إلى مناقصة أُجريت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، دون تقديم معلومات عن إجراء مناقصات أخرى من عدمه، ودون بيان ما إذا كانت هذه المناقصات عادلة ومفتوحة وأتاحت لهيئات البث الإذاعي المستقلة فرص حقيقية للحصول على رخصة. ولم تطعن الدولة الطرف في تأكيد صاحبي البلاغ أن رفض المجلس إجراء هذه المناقصات يشكل انتهاكاً للمادة 19. و بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف مبررات تبين كيف أن رفض منح صاحبي البلاغ رخصة استهدف "حماية النظام العام في سياق الاتصالات السلكية واللاسلكية". ويسلِّم صاحبا البلاغ بأن الرخص قد تكون مطلوبة للبث الإذاعي. ومع ذلك، لا يترتب على الحكم الذي تستشهد به الدولة الطرف في قضية Groppera Radio AG ضد سويسرا عدم خضوع تدابير منح الرخص لشروط القيود المسموح بفرضها على الحق في حرية التعبير، وهي الشروط التي يقررها القانون والتي تعتبر ضرورية في أي مجتمع ديمقراطي . ولم تتمكن الدولة الطرف من إثبات وفائ ها بهذه الشروط.
5-5 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن المعلومات المتعلقة بمشاركتهما في المناقصة التي أُجريت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 لم تُحجب عن اللجنة بل أشارا إليها في رسالتهما الأولى . ويضيف صاحبا البلاغ أن السيد جافاروف وحده شارك في تلك المناقصة ولم ينجح في الحصول على رخصة، مما يعزز فقط الحجة القائلة بعدم إتاحة فرص عادلة وحقيقية لجهات البث غير المؤيدة للحكومة للحصول على رخصة. غير أن الحجة المطروحة أمام اللجنة هي أن الدولة الطرف لم تجر مناقصات منتظمة ومفتوحة وعادلة لمنح رخص لاستخدام الترددات اللاسلكية المتاحة، وأن الدولة الطرف رفضت طلب صاحبي البلاغ المقدم في أيار/مايو 2010 والذي التمسا فيه الحصول على تردد.
5-6 وأخيراً، يطعن صاحبا البلاغ في تقييم الدولة الطرف الذي افترض أن نطاق ادعاءاتهما الوطنية تغير ما بين المحكمة الابتدائية و محكمة الاستئناف و محكمة النقض، ويشيران إلى أن حججهما المطروحة أمام المحاكم الثلاث لم تتغير، على النحو الذي انعكس في الأحكام.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6-1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، عملاً ب المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
6-2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6-3 وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحبي البلاغ المعروضة عليها طُرحت على المستوى المحلي مباشرةً أمام المحكمة العليا. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف بأن الطعون تعلقت فقط بالإخفاق في المناقصة التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 لا بعدم إجراء مناقصة. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ طرحا جميع ادعاءاتهما أمام المحاكم الابتدائية للدولة الطرف وأن الأحكام القضائية المتخذة تعكس تلك الادعاءات. لذلك ترى اللجنة أن جميع سبل الانتصاف المحلية استُنفدت على النحو الذي تشترطه الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
6-4 وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الشكوى تمثل إساءة استغلال للحق في تقديم بلاغات لأن صاحبي البلاغ أخفيا مشاركتهما في المناقصة التي جرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ أدرجا تلك المعلومات في مذكراتهما إلى اللجنة، ومن ثم لا ترى اللجنة أن الشكوى تمثل إساءة استغلال للحق في تقديم بلاغات.
6-5 وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الشكوى المتعلقة برفض طلب صاحبي البلاغ الحصول على رخصة للبث الإذاعي في أيار/مايو 2010 لا تقوم على أساس وجيه لأن المناقصة الخاصة بالحصول على رخصة بث إذاعي أُعلنت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 في باكو وشبه جزيرة أبشيرون ، ولأن صاحبي البلاغ شاركا فيها على قدم المساواة مع الآخرين. وتلاحظ اللجنة، في هذا الصدد، أن ادعاء صاحبي البلاغ أن جميع المناقصات التي أجرتها الدولة الطرف شكَّك فيها المجتمع المدني لافتقارها إلى النزاهة والانفتاح. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة رد الدولة الطرف الذي أفادت فيه بأن المناقصة التي أُجريت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2010 تمّت بطريقة قانونية وموضوعية، وبأن المحاكم المحلية درست الطعون المقدمة في نتيجة المناقصة ورفضتها. وترى اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يدحض ا حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن طلبهم ا الحصول على تردد لاسلكي في أيار/مايو 2010 رُفض لسبب وجيه، هو أن الدولة الطرف كانت تعتزم طرح مناقصة وأنها أعلنت بالفعل عن مناقصة بعد ذلك بوقت قصير. وعلاوة على ذلك، لم يحدد صاحبا البلاغ أوجه القصور الإجرائية أو الموضوعية التي تشوب المناقصة التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2010، والتي من شأنها أن تجعل المناقصة غير عادلة أو غير شفافة. وتذكِّر اللجنة، في هذا الصدد، بأن من واجب المحاكم الوطنية، لا اللجنة، أن تقيِّم الوقائع والأدلة في أية قضية معينة، أو أن تراجع تفسير التشريعات المحلية، ما لم يتضح أن قرارات المحاكم المحلية تتسم بالتعسف الصارخ أو تصل إلى درجة إنكار العدالة ( ) . ونظراً إلى أن المحاكم المحلية في الدولة الطرف درست الطعون القانونية المقدمة في المناقصة المطروحة في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ورفضتها، وأن اللجنة لا تُعرض عليها معلومات تشكك في محتوى هذه الأحكام القضائية أو في الإجراءات المتبعة لإصدار هذه الأحكام، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
6-6 ومع ذلك، ترى اللجنة أن صاحبي البلاغ قدما أدلة كافية تدعم ادعاءاتهما فيما يتعلق بالانتهاك المدَّعى لحقهما في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد، ويشمل ذلك عدم طرح مناقصات عامة منتظمة لتوزيع الترددات الإذاعية المتاحة وتوزيع ترددات معينة دون طرح مناقصة عامة. واللجنة إذ تحيط علماً بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى أن هذه الحجج وثيقة الصلة بالأسس الموضوعية للقضية. ولذلك تعلن اللجنة قبول ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 19.
6-7 وفيما يتعلق بادعاء صاحبي البلاغ بشأن الانتهاك المدعى لحقوقهما بموجب المادة 14(1)، على أساس عدم نظر المحاكم الوطنية في ادعاءاتهما وعدم اتخاذها أحكاماً بشأنها، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات وثيقة الصلة بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 19 من العهد.
6-8 وفي ضوء ما تقدم أعلاه ، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ لأنه يطرح مسائل تتعلق بالمادة 19 والمادة 14(1) من العهد، وتنتقل اللجنة إلى دراسة البلاغ من حيث أسسه الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاح ها لها الطرفان ، على النحو الذي تشترطه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.
7-2 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبي البلاغ بأن الدولة الطرف، بعدم إجرائها مناقصات منتظمة ومفتوحة ونزيهة لمنح رخص البث الإذاعي، انتهكت حقهما في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً بيانات صاحبي البلاغ التي تفيد بأن المجلس الوطني للتلفزيون والإذاعة لم ينشر، منذ إنشائه في عام 2003، قائمة بالترددات اللاسلكية المتاحة رغم أن القانون يلزمه بنشر هذه القائمة مرة واحدة على الأقل في العام، والتي تفيد أيضاً بإجراء ثلاث مناقصات فقط لمنح رخصة للبث الإذاعي خلال هذه الفترة الممتدة 13 سنة، رغم وجود 11 تردداً متاحاً على الأقل. وأخيراً، تلاحظ اللجنة بيان صاحبي البلاغ الذي يفيد بأن المجلس منح، في سبع مناسبات، رخصاً للبث الإذاعي مباشرة، دون منافسة، إلى كيانات تابعة لحكومة الدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تطعن في أي من هذه الادعاءات ولم تبين أسباب عدم إجراء مناقصات منتظمة ومفتوحة لمنح رخص البث الإذاعي رغم وجود ترددات شاغرة على مر السنين.
7-3 وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أن عدم نشر الدولة الطرف قائمة بالترددات الإذاعية المتاحة وعدم إجرائها مناقصات متعددة ومفتوحة ومنتظمة، بموجب قانونها المحلي، منع صاحبي البلاغ في الواقع من الحصول على رخص للبث الإذاعي، ومن ثم أخل ّ ت بواجبها في ضمان الحق في حرية التعبير بموجب المادة 19(2)، بما في ذلك الحق في التماس وتلقي وإذاعة معلومات وأفكار من جميع الأنواع. وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 34( 2011 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي أشارت فيه إلى أنه "لا غنى لأي مجتمع عن الصحافة أو غيرها من وسائط الإعلام التي تكون حرة وغير خاضعة للرقابة وتعمل دون عراقيل، وذلك لضمان حرية الرأي وحرية التعبير والتمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد. وتشكل الصحافة أو وسائط الإعلام الأخرى حجر الزاوية لمجتمع تسوده الديمقراطية"؛ و"كوسيلة لحماية حقوق مستخدمي وسائط الإعلام ... في تلقي مجموعة كبيرة من المعلومات والأفكار، ينبغي للدول الأطراف أن تولي عناية خاصة للتشجيع على وجود وسائط إعلام مستقلة ومتنوعة ( ) .
7-4 ويجب على اللجنة الآن أن تقرر ما إذا كان تقييد حق صاحبي البلاغ في حرية التعبير له ما يبرره بموجب المادة 19(3) من العهد. وتذكِّر اللجنة بأن تلك المادة تسمح بفرض قيود معينة على ممارسة الحق في حرية التعبير، فقط وفقاً للقانون ولما هو ضروري، من أجل (أ) احترام حقوق الآخرين وسمعتهم، أو (ب) حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق. وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن أي قيد على ممارسة تلك الحريات يجب أن يتوافق مع اختباري الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجب تطبيق القيود إلا للأغراض التي فُرضت من أجلها، و يجب أن تتعلق القيود مباشرة بالحاجة المحددة التي تستند إليها وأن تكون متناسبة معها ( ) . وتذكِّر اللجنة كذلك بأن من واجب الدولة الطرف أن تبين بطريقة محددة الطابع الدقيق للتهديد المحدق بأي من [ الأسباب المذكورة ] التي حملت الدولة الطرف على تقييد حرية التعبير ( ) . ويجب على الدولة الطرف أن تتجنب، تحديداً، فرض شروط ورسوم مرهقة على ترخيص وسائط الإعلام الإذاعية، ويجب أن تكون المعايير الخاصة بفرض هذه الشروط والرسوم معقولة وموضوعية، وواضحة، وشفافة، وغير تمييزية، وممتثلة لأحكام العهد ( ) . ولا يمكن بحال من الأحوال اعتبار معاقبة منفذ إعلامي أو معاقبة صحفي لمجرد انتقادهما للحكومة أو للنظام السياسي الاجتماعي الذي تتبناه الحكومة تقييداً ضرورياً لحرية التعبير ( ) .
7-5 وفي هذه القضية، احتجت الدولة الطرف بأن التدخل في حق صاحب البلاغ في حرية التعبير كان قانونياً وضرورياً لمنع الاضطراب في الاتصالات السلكية واللاسلكية ولحماية حقوق الآخرين، حيث استهدف التدخل ضمان تعددية المعلومات. ومع تقدير اللجنة لحجج الدولة الطرف التي تشير إلى الحاجة إلى تنظيم شروط منح التراخيص، تلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تبين على نحو كافٍ سبب عدم نشرها قائمة نطاقات الترددات اللاسلكية المتاحة رغم اشتراط ذلك بموجب القانون المحلي، ولم تبين أيضاً كيف تحقق هدف ضمان التعددية في نشر المعلومات عن طريق تنظيم البث الإذاعي دون طرح مناقصات منتظمة جديدة لتوزيع الترددات. ولم توضح الدولة الطرف أيضاً كيف يمكن التوفيق بين تحقيق أهداف التعددية والتنوع وبين عملية منح الترددات الإذاعية، دون طرح مناقصة، لكيانات لها فيما يبدو روابط بحكومة الدولة الطرف.
7-6 ومن ثمّ، تستنتج اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم مبررات تبين أن تقييد حق صاحبي البلاغ في حرية التعبير، نتيجة عدم طرح مناقصات دورية وعدم الشفافية في توزيع الرخص دون طرح مناقصات عامة، هو إجراء مشروع بموجب الاستثناءات المدرجة في المادة 19(3) من العهد. ولذلك تستنتج اللجنة أن القيود المفروضة على حصول صاحبي البلاغ على تردد لا سلكي هي قيود تعسفية في طبيعتها وهي بمثابة انتهاك لحقوقهما بموجب المادة 19(2) من العهد.
7-7 وتقرر اللجنة، بعد أن استنتجت حدوث انتهاك للمادة 19 من العهد، ألاّ تنظر على نحو منفصل في الانتهاك المدعى للمادة 14(1).
8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكات للمادة 19(2) من العهد.
9- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. ويستلزم ذلك تقديم الجبر الكامل للأفراد الذي ن تُ نتهك حقوقهم المنصوص عليها في العهد. ويقع على الدولة الطرف التزام أيضاً بمنع الانتهاكات المماثلة في المستقبل، وبمراجعة قوانينها المتعلقة بالبث التلفزيوني والإذاعي، بما يكفل أن توزّع بشكل فعلي رخص البث الإذاعي الخاصة بالترددات الإذاعية المتاحة على أساس إجراءات واضحة وشفافة، لضمان إجراء منافسات منتظمة ومفتوحة يجري في إطارها تقييم المرشحين على أساس معايير عدم التمييز، وبهدف تعزيز تعددية وسائط الإعلام في الدولة الطرف.
10- واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما ت طلب إلى الدولة الطرف نشر آراء اللجنة وترجمتها إلى اللغات الرسمية للدولة الطرف ونشرها على نطاق واسع.
المرفق
[الأصل بالإسبانية]
رأي مستقل لعضو اللجنة فابيان سالفيولي (رأي مؤيد)
1- أنا أتفق مع آراء اللجنة في قضية أغازاد ضد أذربيجان (البلاغ رقم 2205/2012، الذي خلصت فيه إلى أن الوقائع في هذه القضية تكشف عن حصول انتهاك للفقرة 2 من المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يتصل بياشار أغازاد ورسول جافاروف .
2- كما أوافق أيضاً على التعويضات الممنوحة، ولا سيما كون اللجنة أشارت بالتحديد وبالتفصيل إلى ضمانات عدم التكرار؛ وفي هذه الحالة يتعين على الدولة الطرف مراجعة قوانينها المتعلقة بالإذاعة والتلفزيون بحيث يتم توزيع تراخيص البث بفعالية وفقاً لإجراءات واضحة وشفافة تضمن إجراء عمليات مناقصة تنافسية دورية مفتوحة يتم من خلالها تقييم المترشحين بالاستناد إلى معايير غير تمييزية وبهدف النهوض بالتعددية في وسائط إعلام الدولة الطرف. والتحديد الدقيق لسبل ضمان عدم التكرار يساعد الدولة الطرف لكي تعرف بالضبط طريقة الامتثال لآراء اللجنة، ويساعد اللجنة بدورها على تحديد عناصر أكثر وضوحاً لتقدير مدى الامتثال من خلال إجراء المتابعة الذي يقوم به المقرر الخاص.
3- مع ذلك أرى أنه كان على اللجنة أن تشير صراحة في التعويضات الواجب تقديمها للضحايا إلى التعويض العادل عن انتهاكات حقوقهم. والتعويض المالي يجب أن يغطي بالأساس ما تحمله صاحبا البلاغ من تكاليف ونفقات طوال مراحل التقاضي أمام المحاكم المحلية.