المقدم من:

فلاديمير كيرسانوف (لم يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحب البلاغ

الدولة الطرف:

بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ:

22 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 25 شباط/ فبراير 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

20 آذار/مارس 2014

الموضوع:

رفض الإذن بتنظيم تجمع سلمي

المسائل الموضوعية:

الحق في التجمع السلمي؛ القيود المسموح بها

المسائل الإجرائية:

استنفاد سُبل الانتصاف المحلية

مادة العهد:

21

مواد البروتوكول الاختياري:

الفقرة 2 (ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة العاشرة بعد المائة)

بخصوص

البلاغ رقم 1864/2009 *

المقدم من:

فلاديمير كيرسانوف (لم يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية:

صاحب البلاغ

الدولة الطرف:

بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ:

22 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأصلية)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في ٢٠ آذار/مارس ٢٠١٤،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1864/2009، الذي قدمه إليها فلاديمير كيرسانوف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي قدمها صاحب الرسالة والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

١ - صاحب البلاغ هو فلاديمير كيرسانوف، مواطن بيلاروسي ولد في عام 1937. ويدعى أنه ضحية انتهاك بيلاروس لحقوقه بموجب المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المشار إليه فيما يلي بـ ” العهد “ ). وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها مقدم البلاغ

2-1 في 14 يناير 2008، التمس صاحب البلاغ الإذن بتنظيم تظاهرة ثابتة (اعتصام) في 30 يناير 2008، بهدف توجيه انتباه الرأي العام إلى سياسة الدولة الطرف ضد الأحزاب السياسية والحركات الشعبية المعارضة، وكذلك للاحتجاج على محاولة الدولة الطرف تفكيك الحزب الشيوعي البيلاروسي. وكان صاحب البلاغ عضوا في الحزب الشيوعي عندما وقعت الأحداث. وفي 22 يناير 2008 رفضت اللجنة التنفيذية لمقاطعة زلوبينسكي بمنطقة غوميل منحه ذلك الإذن بحجة عدم وجود سبب لتنظيم التظاهرة، نظرا لأن المحكمة العليا أمرت بوقف أنشطة الحزب الشيوعي البيلاروسي لمدة ستة أشهر بموجب قرارها الصادر في 2 آب/أغسطس 2007.

2-2 واشتكى صاحب البلاغ إلى محكمة مقاطعة زلوبينسكي بشأن قرار الرفض الذي اتخذته اللجنة التنفيذية. وفي 3 آذار/مارس 2008، رفضت محكمة المقاطعة شكواه، مشيرة إلى أن وقف أنشطة الحزب الشيوعي يشكل سببا كافياً لتقييد حقه في تنظيم تجمع سلمي. وفي 10 نيسان/أبريل 2008 أيدت المحكمة الإقليمية لغوميل القرار الصادر في 3 آذار/مارس 2008 عقب الاستئناف، وبذلك أصبح القرار نهائياً ( ) .

2-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة محليا. ويحتج أيضا بأنه طلب من محكمة منطقة غوميل الإقليمية ومن المحكمة العليا الشروع في إجراءات الاستعراض الإشرافي، رغم أنه لا يعتبر تلك الإجراءات ضمن سبل الانتصاف الفعالة. ورفض رئيس محكمة غوميل الإقليمية طلبه في 9 تموز/يوليه 2008، كما رفضه رئيس المحكمة العليا 5 في تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقه في التجمع السلمي، على النحو الذي تكفله المادة 21 من العهد. ويقول إن حقوقه خضعت للتقييد بحجة أن أنشطة الحزب الشيوعي البيلاروسي، الذي هو عضو فيه، أوقفت لمدة ستة أشهر. وكان ينبغي للمحاكم المحلية أن تتثبت مما إذا كان ذلك التقييد موافقا للقانون. ويقول إن السلطات الوطنية، بما فيها المحاكم المحلية، لم تحاول تبرير التقييد أو تقديم حجج تُثبت ضرورة فرضه لصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

3-2 وأكد صاحب البلاغ أن المحاكم لم تُقيم قرار اللجنة التنفيذية في ضوء أحكام العهد. وقال إن بيلاروس ملزمة بالعهد بموجب المادتين 26 و 27 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، وعليها أن تنفذه بحسن نية ولا يجوز لها أن تتذرع بأحكام قانونها الداخلي كمبرر لعدم تنفيذ العهد. وتنص المادة 15 من القانون البيلاروسي للمعاهدات الدولية على أن مبادئ القانون الدولي المعترف بها عالمياً وأحكام المعاهدات الدولية السارية على بيلاروس جزء لا يتجزأ من القانون الداخلي. وتنص المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية. والحق في التجمع السلمي مكرس في المادة 21 من العهد ولا يجوز تقييده إلا لغرض من الأغراض المشروعة الواردة في تلك المادة. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قصرت في الوفاء بالتزاماتها الدولية بأن قيدت حقه في التجمع السلمي لسبب غير الأسباب المحددة في المادة 21 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ في 8 أيار/مايو 2009، محتجة بأن صاحبه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة محليا، وبأنه لا يوجد داع للاعتقاد بأن اللجوء إلى سبل الانتصاف تلك كان غير متاح أو غير فعال. وأكدت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يطلب من مكتب المدعي العام أو من رئيس المحكمة العليا الشروع في إجراءات الاستعراض الإشرافي وفقاً للمادة 439 من قانون أصول المحاكمات المدنية. كما أكدت أن إفادة صاحب البلاغ برفض طلبيه لإجراء استعراض إشرافي في 9 تموز/يوليه و 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 منافية للوقائع.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن ادعاء صاحب البلاغ بأن إجراءات الاستعراض الإشرافي لا تشكل وسيلة انتصاف فعالة هو رأي شخصي يفتقر إلى الموضوعية، وهو أيضا مناف للوقائع. وتشير الدولة الطرف إلى إحصاءات تفيد بأن رئيس المحكمة العليا، الذي يمثل هيئة إشرافية، استعرض 733 قضية إدارية في عام 2007، وأبطل 179 منها أو أدخل عليها تعديلات، بما يشمل 63 قضية عُرضت عليه عن طريق مكتب المدعي العام. وفي عام 2008 استعرض رئيس المحكمة العليا 071 1 قضية إدارية، فأبطل أو عدل 317 قضية منها، بما يشمل 146 قضية وردت عن طريق مكتب المدعي العام. وبذلك يكون رئيس المحكمة العليا قد أبطل أو عدل 24.4 في المائة من القضايا الإدارية المستعرضة في عام 2007 و 29.6 في المائة من تلك القضايا في عام 2008.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 أكد صاحب البلاغ مجددا في 7 حزيران/يونيه 2009 أنه لم يطلب من مكتب المدعي العام الشروع في إجراءات الاستعراض الإشرافي لأن ذلك الطلب لم يكن ليؤدي إلى إعادة النظر في القضية، إذ إن الشروع في إجراءات الاستعراض الإشرافي يعتمد على السلطة التقديرية لعدد قليل من الموظفين العموميين. وبالإضافة إلى ذلك فإن تقديم طلب من هذا القبيل يستلزم دفع رسوم. وأشار إلى أن اللجنة تثبتت سابقا من أن سبل الانتصاف المطلوب استنفادها في الدول الأطراف التي يعتمد فيها الشروع في إجراءات الاستعراض الإشرافي على السلطة التقديرية لعدد قليل من الموظفين العموميين، مثل المدعي العام أو رئيس المحكمة العليا، يقتصر على تقديم طعن بالنقض. ويؤكد صاحب البلاغ مجددا أنه طلب من رئيس المحكمة العليا الشروع في استعراض إشرافي. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 رد أحد نواب رئيس المحكمة العليا على طلبه، وتلك حقيقة لم تجادل فيها الدولة الطرف.

5-2 ويشير صاحب البلاغ كذلك، فيما يتعلق بالإحصاءات التي قدمتها الدولة الطرف، إلى أن تلك البيانات تتعلق بالقضايا الإدارية، ولذلك فهي لا تؤثر على قضيته المدنية، التي تخضع لأحكام قانون أصول المحاكمات المدنية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للقضية

6-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للقضية في 30 تموز/ يوليه 2009. وكررت وقائع القضية وأكدت أن محكمة المقاطعة تثبتت من أن الغرض من الاعتصام، حسبما أعلنه صاحب البلاغ، لا يتطابق مع الظروف، حيث لم يُتخذ أي قرار بحظر الأحزاب السياسية، وعلى الأخص الحزب الشيوعي البيلاروسي. وتنص ديباجة قانون التظاهرات الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 على أن ” الدولة تضمن حرية التظاهرات الجماهيرية التي لا تنتهك النظام القانوني وحقوق المواطنين الآخرين في جمهورية بيلاروس “ . ووفقا للمادة 34 من الدستور ” يُضمن للمواطنين الحق في الحصول على معلومات موثوق بها عن أنشطة م ؤسسات الدولة والجمعيات العمومية “ . وقد رُفض الإذن لصاحب البلاغ بتنظيم الاعتصام لأنه يتعلق بمشكلة مصطنعة (надуманнаяпроблема)، الأمر الذي يتنافى مع الحق الدستوري للمواطنين في الحصول على معلومات موثوق بها.

6-2 وأكدت الدولة الطرف كذلك أن تنظيم التظاهرات الجماهيرية وتسييرها محكومان بقانون التظاهرات الجماهيرية الصادر في 30 كانون الأول/ديسمبر 1997. ويهدف القانون إلى تهيئة الظروف اللازمة لإعمال الحقوق الدستورية للمواطنين وحرياتهم وحماية النظام العام والسلامة العامة عندما تنظم هذه التظاهرات في الأماكن العامة. وينص القانون على أن ” الدولة تضمن حرية التظاهرات الجماهيرية التي لا تنتهك النظام القانوني وحقوق الموا طنين الآخرين في جمهورية بيلاروس “ .

6-3 والحق في التجمع السلمي مكرس في المادة 21 من العهد. ولا يجوز فرض أية قيود على ممارسته عدا القيود المفروضة طبقاً للقانون، والتي هي قيود ضرورية في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وقد صدقت بيلاروس على العهد وأدرجت أحكامه في قانونها المحلي بما فيها المادتان 19 و 21. ويُكفل على وجه الخصوص الحق في حرية الفكر والمعتقد والحق في حرية التعبير بموجب المادة 33 من الدستور. وتكفل المادة 35 من الدستور الحق في تنظيم التجمعات والتظاهرات والمسيرات في الشوارع والمظاهرات والاعتصامات، شريطة ألا تشكل انتهاكا للقانون والنظام أو مساسا بحقوق المواطنين الآخرين. وبالإضافة إلى ذلك تنص المادة 23 من الدستور على عدم جواز فرض أية قيود على حقوق المواطنين وحرياتهم عدا تلك المفروضة طبقاً للقانون، لمصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للقضية

7-1 في 12 شباط/فبراير 2010 طعن صاحب البلاغ في حجة الدولة الطرف بأنها رفضت منحه الإذن بتنظيم تجمع سلمي وفقا للقانون، حيث اعتبرت السلطات أن الاعتصام المشار إليه كان يتعلق بمشكلة مصطنعة. ويشير في هذا الصدد إلى أن الحق المحمي بموجب المادة 21 من العهد لا يجوز تقييده إلا وفقا للشروط الواردة في تلك المادة. ويدعى أن التشريع الوطني بشأن تنظيم التظاهرات الجماهيرية وتسييرها لا يتضمن مفهوم ” المشكلة المصطنعة “ . ويقول صاحب البلاغ إن تقييد حقه في التجمع السلمي على هذا الأساس لا يتوافق بالتالي مع القانون، كما أنه ليس ضروريا في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

7-2 ويضيف صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة وأنه ضحية لانتهاك المادة 21 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في البلاغ، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت فيما إذا كان البلاغ مقبولا أم غير مقبول بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تثبتت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من الإجراءات الدولية للتحقيق أو التسوية .

8-3 وتحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان بوسعه أن يطلب من مكتب المدعي العام ومن رئيس المحكمة العليا الشروع في استعراض إشرافي لقراري محكمة المقاطعة والمحكمة الإقليمية، كما تحيط علما بإشارة الدولة الطرف إلى عدد من القضايا الإدارية التي أجريت بصددها استعراضات إشرافية ناجحة. وتحيط علما أيضا بإيضاح صاحب البلاغ أن طلباته بالشروع في استعراض إشرافي لم تلق نجاحا، وأن سبل الانتصاف تلك لم تكن فعالة أو متاحة، وأن البيانات التي قدمتها الدولة الطرف لا صلة لها بملابسات قضيته. وتشير اللجنة إلى قراراتها السابقة بأن إجراءات الاستعراض الإشرافي في الدولة الطرف ضد قرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ ليست ضمن سبل الانتصاف الواجب استنفادها لأغراض الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضا أن الدولة الطرف لم تبين ما إذا تم اللجوء إلى إجراءات الاستعراض الإشرافي بنجاح في قضايا متعلقة بالحق في التجمع السلمي، وعدد تلك القضايا بالتحديد - في حال ما إذا كان الجواب بالإيجاب. وفي تلك الظروف ترى اللجنة أنه ليس هناك ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

8-4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم ادعاءه بأدلة كافية بموجب المادة 21 من العهد لأغراض المقبولية. وتبعاً لذلك تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول، وتشرع في بحثه من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للقضية

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من ا لبروتوكول الاختياري.

٩-٢ والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كان رفض الإذن الضروري لتنفيذ الاعتصام الذي كان صاحب البلاغ يعتزم تنظيمه يشكل انتهاكا ل حقوقه بموجب المادة 21 من العهد.

9-3 وتشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، على نحو ما تكفله المادة 21 من العهد، هو حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهو ضروري لتعبير الشخص علنا عن وجهات نظره وآرائه ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي ( ) . ويستلزم هذا الحق إتاحة الفرصة لتنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، بما في ذلك تنظيم تجمع ثابت في مكان عام (اعتصام). وتشير اللجنة إلى عدم جواز فرض أية تقييدات على هذا الحق إلا إذا كانت (أ) تقييدات مفروضة وفقا للقانون، و (ب) ضرورية في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

9-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف فرضت قيدا على ممارسة صاحب البلاغ حقه في تنظيم تجمع سلمي، نظرا لأنها وضعت إجراء لتنظيم التظاهرات الجماهيرية ولكنها رفضت طلب صاحب البلاغ للحصول على إذن لتنظيم الاعتصام المعتزم. والمسألة المعروضة على اللجنة في هذه القضية إذًا هي معرفة ما إذا كان التقييد مبررا بموجب المعايير المبينة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف، إذا فرضت تقييداً بموجب المادة 21، فعليها أن تُثبت أن ذلك التقييد ضروري للأغراض المنصوص عليها في تلك المادة.

9-5 وتحيط اللجنة علما بحجة الدولة الطرف بأنها رفضت الإذن لصاحب البلاغ بتنظيم اعتصام فيما يتعلق بالحظر المزعوم للأحزاب السياسية، وهو حظر اعتبرته السلطات المحلية مشكلة مصطنعة. كما تلاحظ الإيضاح الذي قدمته الدولة الطرف ويفيد بعدم اتخاذ أي قرار بحظر الأحزاب السياسية، وبأن موضوع الاعتصام الذي أراد صاحب البلاغ تنظيمه يتعارض بالتالي مع حق المواطنين في الحصول على معلومات موثوقة، وهو حق محمي بموجب المادة 34 من الدستور وبموجب قانون التظاهرات الجماهيرية المؤرخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 1997. وتلاحظ اللجنة أيضا إفادة الدولة الطرف بأن القانون المذكور أعلاه يرمي إلى تهيئة الظروف اللازمة لإعمال الحقوق الدستورية للمواطنين وحرياتهم، ولحماية السلامة العامة والنظام العام عندما تجري هذه التظاهرات في الأماكن العامة. وتلاحظ كذلك حجة صاحب البلاغ بأن التشريعات الوطنية فيما يتعلق بالتظاهرات الجماهيرية لا تنص على مفهوم ” المشكلة المصطنعة “ كسبب لرفض الإذن بتنظيم تظاهرة جماهيرية.

9-6 واللجنة مدعوة إلى تحديد ما إذا كانت القيود المفروضة على ممارسة صاحب البلاغ حقه في التجمع السلمي تشكل انتهاكا للمادة 21 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ حُرم من الإذن بتنظيم الاعتصام المعتزم وفقا لقرار اللجنة التنفيذية لمقاطعة زلوبينسكي بمنطقة غوميل الذي أيدته المحاكم المحلية.

9-7 وتشير اللجنة إلى أن رفض حق أي شخص في تنظيم تجمع عام استنادا إلى موضوع التجمع هو أحد أخطر أشكال التدخل في حرية التجمع السلمي ( ) . وعلاوة على ذلك، فعندما تفرض دولة طرف قيودا بهدف التوفيق بين حق الفرد وبين المصالح العامة المشار إليها أعلاه، ينبغي أن تسترشد بالغرض المتمثل في تيسير ممارسة ذلك الحق، عوضا عن السعي لفرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على ذلك الحق ( ) . ويجب عند فرض أية قيود على ممارسة الحق في التجمع السلمي امتثال شرطي الضرورة والتناسب بشكل صارم.

9-8 وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن الدولة الطرف لم تثبت أن قرار رفض الإذن بتنظيم الاعتصام، وإن فُرض طبقاً للقانون، هو تدبير ضروري لتحقيق غرض من الأغراض المشروعة المنصوص عليها في المادة 21 من العهد. ولم تُبين الدولة الطرف على وجه الخصوص لماذا يشكل تنظيم الاعتصام بخصوص الموضوع المعني تهديدا للسلامة العامة والنظام العام كما تدعي ذلك الدولة الطرف. أما بخصوص الضرورة المزعومة لحماية حق الآخرين في الحصول على معلومات موثوق بها، فلم تُثبت الدولة الطرف كيفية توافقها مع الأغراض المشروعة الواردة في المادة 21 من العهد، وعلى الأخص كيف يكون ذلك الحق ضروريا في مجتمع ديمقراطي تشكل حرية نشر المعلومات والأفكار حجر الزاوية فيه، بما في ذلك المعلومات والأفكار التي تعترض عليها الحكومة أو أغلبية السكان ( ) . وفضلا عن ذلك ل م تُثبت الدولة الطرف أن تلك الأغراض لا يمكن أن تتحقق إلا برفض الاعتصام الذي كان صاحب البلاغ ينوي تنظيمه. وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تنم، في غياب أي إيضاحات أخرى ذات صلة من الدولة الطرف، عن وقوع انتهاك من جانب الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

10 - إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

١١ - ووفقاً لأحكام الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير تدبير انتصافي فعال لصاحب البلاغ، بما يشمل دفع تعويضات مناسبة. وكذلك فإن الدولة الطرف ملزمة باتخاذ إجراءات لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١٢ - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف تعهّدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب من الدولة الطرف أيضا نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغتين البيلارو سية والروسية داخل الدولة الطرف.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقا بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي الذي تقدمه اللجنة إلى الجمعية العامة].

التذييل

رأي فردي لعضوي اللجنة السيد فابيان سلفيولي والسيد فكتور رودريغس - ريسيا (مؤيد)

نتفق مع قرار اللجنة بخصوص البلاغ رقم 1864/2009، كيرسانوف ضد بيلاروس، الذي حمِّلت فيه الدولةَ المسؤولية الدولية عن انتهاك المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (بشأن الحق في التجمع السلمي). غير أنه كان ينبغي للجنة أيضا في رأينا أن تحكم بانتهاك الدولة للمادة 19 من العهد في هذه الحالة. فالوقائع تدل على أن حظر الدولة لمظاهرة سلمية، بدعوى ” عدم وجود داع “ لتنظيم تلك المظاهرة، يشكل انتهاكا خطيرا للحق في حرية التعبير.

وقد كان الغرض من المظاهرة، كما صرح به صاحب البلاغ بوضوح، توجيه انتباه الرأي العام إلى سياسات الدولة الطرف ضد الأحزاب السياسية والحركات الشعبية المعارضة، والاحتجاج على ما اعتُبر محاولة من الدولة الطرف لتفكيك الحزب الشيوعي البيلاروسي ( ) . ومما لا شك فيه في هذه القضية أن تعبير صاحب البلاغ عن رأيه كان أهم الاعتبارات، وأن التجمع السلمي هو الوسيلة المختارة لممارسة هذا الحق. ولذلك فإن الانتهاك يمس كلا الحقين، ولكنه يمس بصورة خاصة الحق في حرية التعبير.

وفي ضوء هذه الوقائع، ينبغي للجنة أن تطبق القانون - أي العهد - ببساطة. فالحجج التي قدمها الطرفان تصلح كنقطة مرجعية يمكن أن تأخذها اللجنة في الاعتبار عند تقييم القضية، إلا أن هذه الحجج ينبغي ألا تُضعف بأي حال من الأحوال سلطة اللجنة في البت في القضية بالطريقة التي ترى أنها تفي على النحو الأمثل بغرض العهد ومقاصده.

وطالما تمادت اللجنة في تقييد قدرتها على الاستجابة، فإنها ستستمر في اتخاذ قرارات متضاربة. ففي الدورة نفسها التي اعتمدت فيها اللجنة هذه الآراء، توصلت إلى استنتاج مغاير في قضية أخرى تتعلق بنفس الدولة الطرف وبأحداث مماثلة ( ) .

وكما ذكرنا سابقا في آراء فردية بخصوص بلاغات أخرى، فإن اللجنة تطبق في بعض الأحيان مواد من العهد لم يستشهد بها الطرفان في رسائلهما ( ) . وهي تمتنع عن ذلك في مناسبات أخرى - مثل هذه المناسبة. وهذا نهج يفتقر إلى المنطق.

وإنهاء مثل هذه التناقضات من شأنه أن يحسن ممارسات اللجنة، ويسمح بإنفاذ القانون بصورة أفضل، ويفي بغرض العهد ومقاصده على النحو الأمثل، ويوفر توجيهات أفضل للدول في تقديم التعويضات الواجبة في الحالات التي تُعتبر فيها مسؤولة دوليا.

[اعتُمد باللغات الإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقا بالروسية والصينية والعربية كجزء من التقرير السنوي الذي تقدمه اللجنة إلى الجمعية العامة].