الأمم المتحدة

CCPR/C/112/D/2117/2011

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

25 November 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2117/2011

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 112 (7-31 تشرين الأول/أكتوبر 2014)

المقدم من: حليمة العُدّي (يمثلها فيليب غرانت من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL))

باسم: حسن العُدّي (ابن صاحبة البلاغ) وباسمها الخاص

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 19 أيلول/سبتمبر 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في 19 أيلول/ سبتمبر 2011 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014

الموضوع: اختفاء قسري

المسائل الموضوعية: الحق في انتصاف فعال؛ والحق في الحياة؛ وحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمن على شخصه ؛ واحترام الكرامة البشرية الأصيلة ؛ والاعتراف بالشخصية القانونية ؛ وحماية الحياة الأسرية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

مواد العهد: 2 (الفقرة 3) و6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23 (الفقرة 1)

مادة البروتوكول الاختياري: الفقرة 2(ب) من المادة 5

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 112)

بشأن

البلاغ رقم 2117/2011 *

المقدم من: حليمة العُدّي (يمثلها فيليب غرانت من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL))

باسم: حسن العُدّي (ابن صاحبة البلاغ) وباسمها الخاص

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 19 أيلول/سبتمبر 2011 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2117/2011، الذي قدمته إليها حليمة العُدّي بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد أخذت في الاعتبار جميع المعلومات الخطية التي قدمتها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ المؤرخ 19 أيلول/سبتمبر 2011 هي حليمة العدي المولودة في 16 كانون الثاني/يناير 1934 في برج الكيفان بالجزائر. وتدّعي حليمة العدي أن ابنها حسن العدي المولود في 1 أيلول/سبتمبر 1960 قد وقع ضحية اختفاء قسري توجَّه فيه أصابع الاتهام إلى الدولة الطرف التي تكون قد انتهكت بذلك الفقرة 3 من المادة 2، والفقرة 1 من المادة 6 والمادة 7 والمادة 9 والفقرة 1 من المادة 10 والمادة 16 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد. كما تدعي صاحبة البلاغ أنها وقعت وعائلتها ضحية انتهاك الفقرة 3 من المادة 2 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد. ويمثلها السيد فيليب غرانت من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب (TRIAL).

1-2 وفي 19 أيلول / سبتمبر 20 11 ، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، الموافقة على تدابير الحماية التي طالبت بها صاحبة البلاغ، وطلبت اللجنة إلى الدولة الطرف عدم الاحتجاج بالتشريعات الوطنية، ولا سيما الأمر 06-01 الصادر في 27 شباط/فبراير 2006 بشأن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ، للتعرض لصاحبة البلاغ وأفراد أسرتها بسبب تقديمها هذا البلاغ.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 قامت قوات الشرطة باستدعاء ابن صاحبة البلاغ، حسن العدي الذي كان يعمل معلّما ً ، للمرة الأولى في 20 آذار/مارس 1995 تقريباً. واقتيد عندئذٍ إلى مخفر الشرطة في الحرّاش لاستجوابه، ثم أُطلق سراحه دون أن توجّه إليه أي تهمة. وبعد ذلك بفترة وجيزة، وتحديداً في يوم 9 نيسان/أبريل 1995 عند الساعة 14 :15، حضر أفراد من الشرطة يرتدون زياً مدنياً ويقودون سيارتين عاديتين إلى ثانوية بومعطي بالحراش حيث كان يعمل حسن العدي. وطلبوا من مدير الثانوية استدعاء حسن العدي في مكتبه حيث تحققوا من هويته ثم اقتادوه إلى السيارتين خارج المبنى. وفي اليوم التالي، أَخطر مديرُ الثانوية في رسالة بريدية مديرَ أكاديمية الجزائر العاصمة بتوقيف حسن العدي.

2-2 وأفاد عدّة شهود بأن السيارتين المستخدمتين لتوقيف حسن العدي كانتا للشرطة وتحديداً ل مركز قيادة العمليات في شاطوناف . وأكّد بعد ذلك عدة أشخاص محتجزين في مركز قيادة العمليات في شاطوناف أن حسن العدي أودع في مكان سري طوال سبعة شهور تقريباً قبل أن يختفي (1) . وقد شوهد للمرة الأخيرة ليل 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 إذ رآه أحد المحتجزين معه يُقتاد خارج زنزانته.

2-3 ومنذ توقيف حسن العدي في 9 نيسان/أبريل 1995 واختفائه بعد ذلك، لم تألُ عائلته جهداً في التماس المساعي اللازمة للعثور عليه. وفي عام 1995، قدّمت صاحبة البلاغ وعائلتها شكوى إلى المدعي العام في مدينة بئر مراد رايس. وفي 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1995، قدّمت صاحبة البلاغ شكوى إلى المدعي العام لمحكمة تيزي - وزو . ولم تؤدِّ أيٌّ من هاتين الشكويين إلى فتح تحقيق. وفي 4 شباط/فبراير 1996، أعلم والد حسن العدي منظمات جزائرية غير حكومية باختفاء ابنه، ما أتاح نشر بياناته الشخصية على موقع "Algeria-Watch". وفي 28 آذار/مارس 1996، أرسلت صاحبة البلاغ كتاباً إلى وزارة العدل. ولكن لم يصلها أي ردّ عليه.

2-4 وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 1998، أبلغت العائلة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في منظمة الأمم المتحدة بحالة حسن العدي. وعلى الرغم من مساعي الفريق العامل، لم تقدّم الدولة الطرف أي توضيح بشأن مصير الضحية (2) .

2-5 كما بذلت زوجة الضحية، لاميا العدي، جهوداً للعثور على زوجها حيث رفعت أمام النيابة العامة لدى محكمة الجزائر العاصمة في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1998 دعوى ضد مجهول بتهمة الاختطاف. وفي 12 نيسان/أبريل 1999، فُتح تحقيق بأمر من وكيل الجمهورية الذي قام باستجواب عدة شهود أفادوا بأنهم مكثوا مع حسن العدي في زنزانة واحدة في مركز قيادة العمليات في شاطوناف . وأكّد شاهدٌ أُفرج عنه في 3 حزيران/يونيه 1995 أنه ترك الضحية في مركز قيادة العمليات في شاطوناف في هذا التاريخ. وأفاد سجين آخر بأنه رأى حسن العدي في هذا المكان وذلك إلى حين إطلاق سراح هذا السجين في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995. وأكّد شاهد ثالث في إفادة خطية أنه رأى أيضاً حسن العدي حياً في هذه الفترة ومكث معه في زنزانته في مركز قيادة العمليات في شاطوناف خلال شهر بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و18 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 وهو التاريخ الذي أُخرج فيه حسن العدي من زنزانته، ولم يره أحد بعد ذلك.

2-6 وعلى الرغم من هذه الشهادات المدلى بها، أصدر قاضي التحقيق في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1999 قراراً بردّ الدعوى بحجة أن المسؤولين عن اختفاء حسن العدي مجهولو الهوية. وأصدرت غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة قراراً في 14 كانون الأول/ديسمبر 1999 إثر الطعن الذي قدّمته زوجه حسن العدي. وقام هذا القرارُ بإبطال قرار ردّ الدعوى، وأعاد ملف القضية إلى قاضي التحقيق لإجراء مزيد من التحقيقات والقيام وفقاً للتعليمات الموجَّهة إليه بفحص سجلات مركز قيادة العمليات في شاطوناف لتحديد هوية الأشخاص الذين كانوا يعملون فيه آنذاك ومواجهتهم مع الشهود. وفي 27 حزيران/ يونيه 2004، أُرسلت إنابة قضائية إلى مدير قوات الأمن في ولاية الجزائر لتحديد هوية الموظفين العاملين عند وقوع الأحداث، ولكن بقي هذا الطلب حبراً على ورق. وفي 25 كانون الأول/ ديسمبر 2004، أصدر المدعي العام قراراً آخر بردّ الدعوى بحجة أن اسم حسن العدي لم يكن مدرجاً في سجل عام 1995 لسجناء المصلحة المركزية لقمع الإجرام الرامية إلى تحقيق الأمن الوطني. واستأنفت زوجة حسن العدي هذا القرار في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2004. وفي 1 شباط/فبراير 2005، أبطلت غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة قرارَ ردّ الدعوى حيث إنه في رأيها "لم يفِ قاضي التحقيق بجميع الالتزامات التي يتعيّن عليه اتخاذها لإغلاق القضية"، وردّت ملف القضية مرة أخرى إلى قاضي التحقيق ذاته.

2-7 وفي الأثناء وبغية الاستفادة من التعويضات المدفوعة لأسر ضحايا "المأساة الوطنية"، طلبت زوجة حسن العدي شهادة رسمية تؤكد اختفاء زوجها فأعدتها المديرية العامة للأمن الوطني في 8 أيار/مايو 2006. وأصدر الدرك الوطني شهادة اختفاء أخرى في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2006 بناء على طلب تقدّم به والد المفقود.

2-8 وفي 27 آذار/مارس 2007، أصدر قاضي التحقيق قراراً ثالثاً بردّ الدعوى مستنداً فيه بشكل خاص إلى حجة مفادها أن الزوجة تستطيع بفضل الشهادات الرسمية المعدَّة بشأن اختفاء الضحية أن تحصل على تعويض دون أن تضطرّ إلى متابعة الإجراءات القضائية. وفي 29 نيسان/أبريل 2007، أيّدت غرفة الاتهام لدى محكمة استئناف الجزائر العاصمة قرار ردّ الدعوى. وقدّمت زوجة المفقود طلباً للطعن بالقرار أمام المحكمة العليا الجزائرية. وقوبل طلبها بالرفض في 29 أيلول/سبتمبر 2009 بحجة أن قرار ردّ الدعوى استند إلى أسباب وجيهة عندما خلص إلى أن عمليات البحث لم تثمر عن أي نتائج لأن هوية المسؤولين عن اختفاء حسن العدّي لم تُحدَّد.

2-9 وبالتوازي مع هذا الإجراء القضائي، أَقرّ القسم المعني بالشؤون العائلية في محكمة جزائر العاصمة رسمياً في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2007 باختفاء حسن العدي منذ 9 نيسان/ أبريل 1995. وحُرّر في 4 آذار/مارس 2008 إيصال باسم زوجة المفقود يثبت طلب الحصول على تعويضات.

2-10 وأرسلت أيضاً صاحبة البلاغ رسائل عديدة إلى المرصد الوطني لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، ولكنها لم تتلقَّ أي جواب عليها.

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أن ابنها وقع ضحية اختفاء قسري توجَّه فيه أصابع الاتهام إلى الدولة الطرف ويُفهم بالمعنى المقصود في الفقرة 2(ط) من المادة 7 من ال نظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي) وفي المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري . فقد اختفى منذ 9 نيسان/أبريل 1995 في أعقاب توقيفِه على يد عناصر من الشرطة كانوا يمارسون وظائفهم الرسمية ثم احتجازِه في مركز قيادة العمليات في شاطوناف وهو مؤسسة خاضعة لسلطة الدولة الطرف.

3-2 وتشير صاحبة البلاغ، التي ما زالت تجهل ما إذا كان ابنها قد توفي أثناء احتجازه أو ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، إلى أن الدولة الطرف كانت ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق حسن العدي في الحياة لأنه كان في عهدتها. ويثبت عجز الدولة الطرف عن إعطاء معلومات دقيقة ومترابطة حول مصير شخص في عهدتها أنها لم تتخذ التدابير اللازمة لحمايته أثناء احتجازه، منتهكةً بذلك الفقرة 1 من المادة 6 من العهد. وتشدّد صاحبة البلاغ أيضاً على أن الاختفاء القسري الذي يدوم فترة طويلة، كما هو حال حسن العدي الذي بات اليوم مفقوداً منذ نحو عشرين سنة، يشكّل في حدّ ذاته انتهاكاً للحق في الحياة المكفول بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد (3) .

3-3 وتشدّد صاحبة البلاغ، مستدلّةً باجتهادات اللجنة (4) ، على أن الاختفاء القسري يشكّل في حدّ ذاته انتهاكاً للمادة 7 من العهد لأن اختطاف واختفاء ابنها الذي مُنع من الاتصال بأسرته والعالم الخارجي يشكّلان معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة. وتصرّ صاحبة البلاغ على أن الاختفاء القسري جريمة معقَّدة تنطوي على طائفة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان بحيث لا يمكن اختزالها في مجرّد احتجاز المرء في مكان سري. فتَعتبر أن احتجاز المرء في مكان سري يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد قائماً بذاته ولا يمكن أن تعتمد اللجنة هذا الجانب فقط دون سواه (5) .

3-4 وتعتبر صاحبة البلاغ، مستندةً أيضا ً إلى اجتهادات اللجنة (6) ، أنها وقعت هي أيضاً وعائلتها ضحية انتهاك المادة 7 من العهد نظراً إلى الشكوك التي لا تزال تحوم حول الظروف التي اختفى فيها حسن العدي وحول مصيره، ما يشكل بالنسبة إليها مصدراً للقلق والألم الشديدين والمستمرين.

3-5 وتعتبر صاحبة البلاغ كذلك أن توقيف ابنها وإيداعه في مكان سري إجراءان تعسفيان لم تعترف بهما الدولة الطرف حتى الآن، ويشكلان انتهاكاً للفقرات من 1 إلى 5 من المادة 9 من العهد. فقد ألقي القبض على المفقود دون إبراز مذكرة توقيف؛ ولم يبلغ بأسباب توقيفه ولا بالتهم الموجهة إليه. زد على ذلك أنه لم يمثل أمام هيئة قضائية ولم تمنح له إمكانية الاعتراض على قانونية احتجازه. كما لم يتلقّ أفرادُ أسرته أي تعويض عن توقيفه واحتجازه التعسفيين.

3-6 وترى صاحبة البلاغ أن ابنها وقع أيضاً ضحية انتهاك حقه في أن يعامل، خلال فترة الاحتجاز، معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني، ما يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. وتذكّر صاحبة البلاغ في هذا الصدد باجتهادات اللجنة التي اعتبرت فيها أن الاختفاء القسري يشكل انتهاكاً للمادة 10 من العهد (7) .

3-7 وتَعتبر صاحبة البلاغ أن ابنها حرم من التمتع بحقوقه الأساسية بسبب إيداعه في مكان سري، ما يشكل انتهاكاً لحقه في أن يعترف له بالشخصية القانونية المكفولة بموجب المادة 16 من العهد. وتستدلّ صاحبة البلاغ بالاجتهادات السابقة للجنة ومفادها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون فترةً طويلةً يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان الشخص في عهدة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة وإذا كانت هناك في الوقت ذاته إعاقة منتظمة لجهود أقاربه الرامية إلى ممارسة سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك السبل القضائية. ففي حالات كهذه، يكون الأشخاص المختفون محرومين في واقع الأمر من إمكانية ممارسة حقوقهم والتماس أي سبيل انتصاف يمكن التماسه كنتيجة مباشرة لسلوك الدولة الذي ينبغي تفسيره على أنه يمثل إنكاراً للشخصية القانونية لهؤلاء الضحايا (8) .

3-8 وتدعي صاحبة البلاغ أن الاختفاء القسري لحسن العدي أدى إلى زعزعة حياتها بشدة وحياة باقي أفراد أسرتها. فقد دُمرت حياتهم الأسرية: إذ حُرمت هي من ابنها بينما حُرمت زوجة حسن العدي من زوجها وحُرم أولاده من أبيهم، وهذا يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 23 من العهد ناجماً عن إخلال الدولة الطرف بواجبها صون حقهم في الحياة الأسرية.

3-9 وأخيراً، تؤكد صاحبة البلاغ أن ابنها حُرم من ممارسة حقه في اللجوء إلى سبيل انتصاف للاعتراض على احتجازه وعلى الانتهاكات المزعومة للمواد 7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23 من العهد، وهذا يشكل انتهاكاً للمادة 2 (الفقرة 3) من العهد. وتدَّعي صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف عليها، بموجب المادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادة 6 (الفقرة 1) من العهد، أن تجري تحقيقاً دقيقاً في حالة الاختفاء القسري وأن تزوّد أقارب الشخص المفقود بمعلومات عن التقدم المحرز في التحقيق ونتائجه وأن تلاحق المسؤولين عن الاختفاء القسري، إلى أن تنجلي الحقيقة بخصوص مصير الشخص المفقود. وتذكر صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تتخذ إجراءات بسيطة كان يمكن أن تكون مفيدة للتحقيقات التي أجريت في قضية الاختفاء القسري لحسن العدي، وذلك مثل تحديد هوية الأشخاص الذين كانوا يعملون في مركز قيادة العمليات في شاطوناف يوم توقيف حسن العدي ومواجهتهم بمختلف الشهود في سبيل كشف مصير المفقود. وتَعتبر صاحبة البلاغ أن التحقيق الذي أجري لم يكن فعالاً وأن اعتماد الأمر رقم 06-01 والاستمرار في تطبيقه يعزّزان إفلات المسؤولين عن حالات الاختفاء القسري من العقاب، ويقوّضان فعالية سبل الانتصاف، ويتنافيان مع أحكام العهد المتعلقة بالحق في الانتصاف الفعال.

3-10 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها استنفدت سُبل الانتصاف المحلية حيث أصدرت المحكمة العليا في 29 أيلول/سبتمبر 2009 قراراً في قضية اختفاء حسن العدي تردّ فيه طعن زوجة المفقود التي انتقدت فيه فعالية التحقيقات التي أجراها وكيل الجمهورية، وحيث قرّر قاضي التحقيق في 27 آذار/مارس 2007 ردّ الدعوى المتعلقة بهذه القضية وحيث أيّدت غرفة الاتهام لدى محكمة الاستئناف في الجزائر العاصمة هذا القرار في 29 نيسان/أبريل 2007.

3-11 وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تأمر الدولة الطرف بالقيام بما يلي: (أ) الإفراج عن حسن العدي إذا كان لا يزال على قيد الحياة؛ (ب) إجراء تحقيق سريع ودقيق وفعال في حالة الاختفاء؛ (ج) إعلام صاحب البلاغ وأسرته بنتائج التحقيق؛ (د) ملاحقة الأشخاص المسؤولين عن اختفاء حسن العدي وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ (هـ)‍ تقديم التعويض المناسب لذوي الحق من أهل حسن العدي عن الأضرار المعنوية والمادية الجسيمة التي لحقت بهم جراء اختفائه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 11 نيسان/أبريل 2013، قدّمت الدولة الطرف مذكرة شفوية اكتفت فيها بالإحالة إلى "المذكرة المرجعية للحكومة الجزائرية بشأن عدم مقبولية البلاغات الفردية المقدمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" إلى جانب مذكرتها الإضافية المتعلقة بعدم مقبولية البلاغ. وقد أحيلت هاتان الوثيقتان إلى اللجنة في إطار بلاغات سابقة عدة، ولم تقدم الدولة الطرف نسخاً من المذكرة المرجعية والمذكرة الإضافية، ولم تبدِ أيَّ ملاحظات محددة على هذا البلاغ.

4-2 وقد استُنسخ محتوى هاتين الوثيقتين في عدة آراء اعتمدتها اللجنة (9) . وطلبت الدولة الطرف من اللجنة أن تلاحظ مدى تشابه الوقائع والحالات التي يسوقها أصحاب البلاغات وأن تراعي السياق الاجتماعي - السياسي والأمني الذ ي حدثت فيه، وأن تخلص إلى أن أصحاب البلاغات لم يستنفد وا جميع سبل الانتصاف المحلية، وأن تقرّ بأن سلطات الدولة الطرف أ نشأت آلية داخلية شاملة لمعالجة الحالات المشار إليها في هذه البلاغات وتسويتها عبر تدابير ترمي إلى تحقيق السلم والمصالحة الوطنية وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهود والاتفاقيات اللاحقة ، وأن تعلن عدم مقبولية البلاغ وأن تطالب أصحاب البلاغ بالتماس سبيل انتصاف بديل .

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 8 آب/أغسطس 2013، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. فتشير إلى أن الدولة الطرف قبلت اختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات التي يقدمها الأفراد. وهذا الاختصاص هو ذو طابع عام ولا تخضع ممارسة اللجنة له لتقدير الدولة الطرف. بل إن اللجنة هي التي تمارس تلك السلطة التقديرية لدى نظرها في البلاغ. وتعتبر صاحبة البلاغ أن اعتماد الدولة الطرف آلية لإيجاد تسوية داخلية شاملة لا يمكن أن يشكل حجة لعدم قبول البلاغ. بل إن التدابير التشريعية التي اعتمدتها الدولة الطرف في الحالة قيد النظر لتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق التي يكفلها العهد، مثلما أشارت اللجنة إلى ذلك في آراء سابقة (10) .

5-2 و ت ذكّر صاحبة البلاغ بأن إعلان الدولة الطرف حالة الطوارئ في 9 شباط/ فبراير 1992 لا ينبغي أن يؤثر في حق الأفراد في تقديم بلاغات إلى اللجنة. فالمادة 4 من العهد تنص بالفعل على أن إعلان حالة الطوارئ يتيح للدولة عدم التقيد ببعض أحكام العهد فقط ولا يؤثر بالتالي في ممارسة الحقوق الناشئة عن بروتوكوله الاختياري.

5-3 وتؤكّد صاحبة البلاغ مجدداً أن سلطات الدولة الطرف أُعلمت على النحو الواجب باختفاء ابنها بعد توقيفه وأن التحقيقات التي أجريت لم تكن مع ذلك فعالة إذ لم تسمح بالكشف عن هوية المسؤولين واختُتمت الإجراءات بقرار قضى بردّ الدعوى.

5-4 وتذكّر صاحبة البلاغ أيضاً بأن الأمر رقم 06-01 يمنع في مادته 45 إجراءات الملاحقة الفردية أو الجماعية التي تستهدف عناصر في قوات الدفاع والأمن. وتخلص إلى أنه لم يعد ممكناً، بعد صدور الأمر رقم 06-01، رفع شكوى مدنية أو جنائية ضدّ الجرائم التي ارتكبها أفراد تابعون لقوات الأمن خلال الحرب الأهلية، وأن الهيئات القضائية الجزائرية ملزمة بأن تعلن كل الدعاوى التي ترفع في هذا الإطار غير مقبولة.

5-5 وأخيراً تلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تكتفي بالإحالة إلى مذكرتها المرجعية ومذكرتها الإضافية وأنها لا تدحض الانتهاكات المزعومة. فتَعتبر بالتالي أنّ على اللجنة البتّ في القضية استناداً إلى المعلومات المتاحة واعتبار جميع الوقائع التي تزعمها صاحبة البلاغ صحيحة (11) .

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تذكّر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بأنه يتعين عليها، قبل النظر في أي شكوى تَرِد في بلاغ ما ووفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تحققت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن قضية حسن العدي عُرضت على الفريق العامل ال معني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي . إلاّ أنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق المعاهدات، التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان أو مجلس حقوق الإنسان، والتي تتمثل ولاي ا تها في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم ما وتقديم تقارير علنية عن ذلك أو عن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في العالم، لا تندرج عموماً ضمن الإ جراءات ال دولية للتحقيق أو التسوية بالمفهوم الوارد في الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري (12) . وبالتالي، ترى اللجنة أن نظر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في قضية حسن العدي لا يجعل البلاغ غير مقبول بمقتضى هذه المادة.

6-3 و تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تكتفي، قصد الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى مذكرتها المرجعية ومذكرتها الإضافية، دون تقديم نسخ منهما. و تذك ّ ر اللجنة بأن الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بإجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان التي أُبلغت بها سلطاتها، لا سيما عندما يتعلق الأمر ب حالات ال اختفاء ال قسري وانتهاك الحق في الحياة، ولكنها ملزمة أيضاً بالملاحقة الجنائية لكل من يشتبه في أنه مسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته (13) . و قد أخطرت أسرة حسن العدي السلطات المختصة عدة مرات باختفا ئه، ومع ذلك لم تجر الدولة الطرف أي تحقيق شامل ودقيق لتحديد هوية المسؤولين عن اختفائه القسري ولملاحقتهم إذ أصدر قاضي التحقيق في نهاية الأمر قراراً بردّ الدعوى بتاريخ 27 آذار/مارس 2007 أكدته المحكمة العليا في 29 أيلول/سبتمبر 2009. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف معلومات تسمح با ستنتاج وجود سبيل انتصاف فعال ومتاح في الوقت الذي يستمر فيه العمل ب الأمر رقم 06-01 رغم توصيات اللجنة ب جعل أحكام ه متماشية مع أحكام العهد (14) . وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل عائقاً أمام مقبولية البلاغ .

6-4 وترى اللجنة أن صاحب ة البلاغ عللت ادعاءاته ا تعليلاً كافياً من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل تتعلق ب الم وا د 6 ( الفقرة 1 ) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد. ولكن اللجنة تلاحظ أن صاحبة البلاغ لم تقدم إلى سلطات الدولة الطرف طلباً للحصول على تعويض عن الضرر الناجم عن احتجاز ابنها التعسفي أو غير القانوني، وأن الانتهاك المزعوم للمادة 9 (الفقرة 5) ليس بالتالي مقبولاً. ومن ثم، تنتقل اللجنة إلى النظر في البلاغ بالاستناد إلى الأسس الموضوعية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة للمواد 2 (الفقرة 3) و6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و23 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ آخذة في الحسبان جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 ولم تقدّم الدولة الطرف أي ملاحظات وإنما اكتفت بالإحالة إلى مذكرتها المرجعية ومذكرتها الإضافية المعروضتين بوصفهما ملاحظات على مقبولية مختلف البلاغات الفردية المقدَّمة ضدّ الدولة الطرف في حالات اختفاء قسري وقعت خلال "المأساة الوطنية". وت حيل اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة (15) وتذكّر ب أنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون تقديمها. فالعهد يقضي بأن تُعنى الدولة بمصير كل فرد وتعامله بالاحترام الذي يليق بالكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني. وترى اللجنة أن الأمر رقم 06-01 يعزز في الحالة قيد البحث الإفلات من العقاب ما لم تُدخل عليه الدولة الطرف التعديلات التي أوصت بها اللجنة، وبالتالي لا يمكن اعتباره، بصيغته الحالية ، متوافقاً مع أحكام العهد.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية وتذك ّ ر باجتهاداتها السابقة التي قالت فيها إن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن صاحب البلاغ لا ي تساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان في حيازة الدولة الطرف فقط (16) . وتشير الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري إلى أنه يجب على الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكها وانتهاك ممثليها أحكام العهد وأن تحيل المعلومات التي تكون في ح و زتها إلى اللجنة (17) . ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الخصوص، لا بد من إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب شريطة أن تكون معللة تعليلاً كافياً .

7-4 و تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تؤكد أن ابنها، حسن العدي، قد أوقف أمام شهود في مكان عمله على يد عناصر من الشرطة التابعة لمركز قيادة العمليات في شاطوناف في 9 نيسان/أبريل 1995 صباحاً وأنه قد اختفى منذ ذلك اليوم. وتلاحظ اللجنة أن ثمة شهود أفادوا بأن حسن العدي احتُجز في مكان سري في مركز قيادة العمليات في شاطوناف خلال بضعة شهور قبل أن يختفي نهائياً في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1995. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم أي معلومات تسمح بالكشف عما حدث له عندما كان موضوعاً في عهدتها. و تذكّر اللجنة، فيما يتعلق بحالات الاختفاء القسري، بأن الحرمان من الحرية ثم عدم الإقرار به أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يحرم هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه . و في الحالة قيد البحث ، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تفيد بأنها وفت بالتزامها المتمثل في حماية حياة حسن العدي. و عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بواجبها حماية حياة حسن العدي منتهكةً بذلك الفقرة 1 من ا لمادة 6 من العهد (18) .

7-5 وتقر اللجنة بمدى المعاناة التي يسببها الاحتجاز دون تواصل مع العالم الخارجي طوال مدة غير محددة . وتذك ّ ر بتعليقها العام رقم 20 (1992) بشأن حظـر التعذيب وغيره من ضروب المعاملـة أو العقوبة القاسيـة أو اللاإنسانية أو المهينة ، الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاحتجاز في أماكن سرية. وتلاحظ اللجنة في الحالة قيد البحث أن حسن العدي قد أوقف في 9 نيسان/أبريل 1995 على يد عناصر من الشرطة التابعة لمركز قيادة العمليات في شاطوناف حيث رآه أحد المحتجزين معه للمرة الأخيرة في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1995 مساءً، وتلاحظ أن مصيره مجهول منذ ذلك الحين. ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح وجيه بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً ل لمادة 7 من العهد في حق حسن العدي (19) .

7-6 وتحيط اللجنة علماً كذلك ب ما عان ت ه صاحب ة البلاغ وأسرتها من قلق وأسى جراء اختفاء ابنها، بما في ذلك الارتياب الذي يحيط بمصيره وعدم إجراء تحقيق فعال للكشف عما حدث للمفقود. وترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 7 من العهد في حق صاحبة البلاغ وأسرتها (20) .

7-7 و فيما يتعلق بالتظلم المتعلق ب انتهاك المادة 9، أ ح ا ط ت اللجنة علماً بادعاءات صاحب ة البلاغ ال تي تؤكد أن حسن العدي قد أوقف دون مذكرة توقيف في 9 نيسان/أبريل 1995 على يد عناصر من الشرطة، وأنه لم تُوجَّه إليه أي تهمة، ولم ي مثل أمام سلطة قضائية يمكنه ا لطعن أمامها في قانونية احتجازه، وأنه لم يُزوَّد أقاربه بأي معلومات رسمية عن مصيره (21) . ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف توضيح اً وجيه اً بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 من العهد قد انتهكت (22) .

7-8 وفيما يتعلق بالتظلم المتعلق بانتهاك الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص المحرومين من الحرية يجب ألا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم للحرمان من الحرية، وأنه يجب أن يعاملوا بإنسانية واحترام لكرامتهم. ونظراً إلى احتجاز حسن العدي في مكان سري ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت (23) .

7-9 أما عن التظلم المتعلق بانتهاك المادة 16، فإن اللجنة تذكّر باجتهاداتها الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في قبضة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك المحاكم، تعترضها بانتظام معوقات (الفقرة 3 من المادة 2 من العهد) (24) . وفي الحالة قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح عن مصير حسن العدي على الرغم من الطلبات العديدة التي قدّمتها صاحبة البلاغ وأسرتها في هذا الخصوص. وتستنتج اللجنة بناءً على ذلك أن اختفاء حسن العدي قسراً منذ نحو عشرين عاماً قد حرمه من حماية القانون ومن حقه في الاعتراف بشخصيته القانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

7-10 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة على نحو منفصل في التظلمات المرتبطة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

7-11 وتستشهد صاحبة البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي ت ُ لزم الدول الأطراف ب توفير سبيل انتصاف فعال لجميع الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتعلق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة للبت في الدعاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق. وتذك ّ ر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ، حيث تشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك قائم بذاته للعهد. وفي الحالة الراهنة، فقد أخطرت أسرة حسن العدي السلطات المختصة باختفا ئه، إلا أن التحقيق الذي أجراه وكيل الجمهورية لم يثمر عن أي نتائج ولا يمكن أن يُعتبر تحقيقاً فعالاً. وعلاوة على ذلك، فإن الاستحالة القانونية للجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 الذي ينص على تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تحرم صاحبة البلاغ و أسرتها من أي إمكانية للوصول إلى انتصاف فعال ، ذلك أن هذا الأمر يمنع الاحتكام إلى القضاء لكشف ملابسات الجرائم الأكثر خطورة مثل حالات الاختفاء القسري (25) . و بناءً على ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2 من العهد ، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 1 من المادة 6، والمادة 7، والمادة 9، و الفقرة 1 من المادة 10، والمادة 16 ، في حق حسن لدّي، وانتهاك ل لفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 في حق صاحبة البلاغ وأسرتها.

8- وتلاحظ اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، عملاً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات ارتكبتها الدولة الطرف للفقرة 1 من ال مادة 6 ، والمادة 7، والمادة 9، والفقرة 1 من المادة 10، والمادة 16 من العهد، مقروءة بمفردها و بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد في حق حسن العدي. وتلاحظ اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 في حق صاحبة البلاغ وأسرتها .

9- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، يتعين على الدولة الطرف أن تكفل لصاحبة البلاغ ولأسرتها سبيل انتصاف فعالاً، يشمل على الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء حسن العدي، وتزويد صاحبة البلاغ وأسرتها بمعلومات مفصلة عن نتائج تحقيقها؛ (ب) والإفراج ع ن حسن العدي فوراً إذا كان لا يزال محتجزاً في مكان سري؛ ( ج ) وإعادة جث ة حسن العدي إ لى أسرته في حالة وفاته؛ ( د ) وملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ ( ه ) وتقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ وأسرتها عن الانتهاكات التي تعرضت لها وكذلك إلى حسن العدي إن كان على قيد الحياة. وبغض النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في انتصاف فعال بالنسبة لضحايا جرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج إطار الق ضاء والاختفاء القسري. والدولة الطرف ملزمة علاوة على ذلك باتخاذ الت دابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

1 0 - وبما أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وأنها تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والمشمولين بولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأ ن تضمن لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابل اً للتنفيذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مئة وثمانين يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. كما تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى إعلان هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع باللغات الرسمية.