البلاغ رقم 2022 / 2011

المقدم من : نورا هاموليتش وحليمة هودجيتش (يمثلهما محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبتا البلاغ وحسين هاموليتش (ابن نورا هاموليتش وشقيق حليمة هودجيتش)

الدولة الطرف : البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ : ‬ ١٨ تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٠ (تاريخ الرسالة الأولى) ‬‬‬‬‬‬

الموضوع : الاختفاء القسري وسبل الانتصاف الفعالة

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 113)

بشأن

* شارك أعضاء اللجنة التالية أسماؤهم في دراسة هذا البلاغ : السيد عياض بن عاشور، والسيد لزهاري بوزيد، والسيدة سارة كليفلاند، والسيد أوليفييه دو فروفيل، والسيد يوجي إواساوا، والسيدة إيفانا يليتش، والسيد دونكان لاكي موهوموزا، والسيد فوتيني بازارتزيس، والسيد ماورو بوليتي، والسير نايجل رودلي، والسيد فيكتور مانويل رودريغيس - ريسيا، والسيد فابيان عمر سالفيولي، والسيد ديروجلال سيتولسينغ، والسيدة أنيا زايبرت - فور، والسيد يوفال شاني، والسيد قسطنطين فاردزيلاشفيلي، والسيدة مارغو واترفال . ‬ ويرد في تذييل هذه الآراء رأي فردي لعضو اللجنة أنيا زايبرت - فوهر (رأي مؤيد) ورأي مستقل أعرب عنه أعضاء اللجنة السادة أوليفييه دي فروفيل وماورو بوليتي وفيكتور مانويل رودريغيس - ريسيا وفابيان عمر سالفيولي (مخالف جزئيا ً ) . ‬ ‬ ‬‬‬

البلاغ رقم 2022 / 2011 *

المقدم من : نورا هاموليتش وحليمة هودجيتش (يمثلهما محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : صاحبتا البلاغ وحسين هاموليتش (ابن نورا هاموليتش وشقيق حليمة هودجيتش)

الدولة الطرف : البوسنة والهرسك

تاريخ تقديم البلاغ : ١٨ تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٠ (تاريخ الرسالة الأولى) ‬‬‬‬‬‬

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

١- صاحبتا البلاغ هما نورا هاموليتش وحليمة هودجيتش اللتان قدمتا البلاغ بالأصالة عن نفسيهما ونيابة عن حسين هاموليتش، ابن السيدة هاموليتش وشقيق السيدة هودجيتش . وهم جميعا ً من مواطني البوسنة والهرسك، ومن مواليد 14 نيسان / أبريل 1927 ، و 15 آذار/ مارس 1956 و 2 تموز/يوليه 1968 على التوالي . وتدعي صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق السيد هاموليتش التي تكلفها المواد 6 و 7 و 9 و 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) من العهد . وتزعمان أيضا ً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما بموجب المادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

2-1 وقعت الأحداث أثناء النزاع المسلح الذي نشب بين قوات الحكومة البوسنية من جهة، وقوات صرب البوسنة والجيش الوطني اليوغوسلافي من جهة أخرى، وأسفر عن استقلال البوسنة والهرسك. واتسم النزاع بعمليات تطهير عرقي وفظائع أخرى ذهب ضحيتها آلاف الأشخاص بين هم من ق ُ تل ومن ن ُ قل إلى معسكرات الاعتقال ومن اختفى دون أن يظهر له أثر ( ) . وحدث العديد من حالات الاختفاء في منطقة كرايينا البوسنية في الفترة بين أيار/مايو وآب/أغسطس 1992، ولا سيما في منطقة برييدور، التي تشمل قرية هامبارين ( ) .

2-2 وكانت صاحبتا البلاغ تعيشان في قرية هامبارين. وفي 20 تموز/يوليه 1992، حضر عناصر من الجيش الوطني اليوغوسلافي ومن جماعات شبه عسكرية إلى القرية وحاصروا منزل عائلة هاموليتش. وكانت السيدة هاموليتش وزوجها والسيدة هودجيتش وحسين هاموليتش وشقيق آخر، هو مصطفى هاموليتش موجودين بالمكان. ولما قبض الجنود على مصطفى، اختبأ حسين خلف منزل الأسرة وفر إلى الغابة المحيطة بهامبارين. وقد شاهد ثلاثة أشخاص كانوا يختبئون بدورهم في الغابة، هم ت. ه . وس. ر . و إ. ه .، حسين حي اً آخر مرة. وتفاديا ً لإثارة الشبهات قرر هو والأشخاص الثلاثة الآخرين أن يتفرقوا. ويُجهل حتى الآن، مصيره ومكان وجوده. وتدعي صاحبتا البلاغ أن المنطقة كانت تخضع آنذاك لسيطرة الجيش الوطني اليوغوسلافي، وأن حسين وقع في قبضة عناصر الجيش.

2-3 وبقيت صاحبتا البلاغ في المنزل لمدة تزيد على أسبوعين. وبعد ذلك، انتقلتا إلى قرية ترافنيك. وبعد مرور سبعة أيام غادرت السيدة هودجيتش إلى سلوفينيا برفقة أطفالها، ومن ثم إلى فنلندا. وبقيت السيدة هاموليتش وزوجها في ترافنيك لمدة ستة أشهر. وأبلغ زوج السيدة هاموليتش الفرع المحلي للجنة الدولية للصليب الأحمر عن اختفاء ولديه، مصطفى وحسين. وفي وقت لاحق، التحقت السيدة هاموليتش وزوجها بالسيدة هودجيتش في فنلندا، وهناك اتصل الزوجان أيضا ً باللجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن اختفاء ولديهما القسري.

2-4 وانتهى النزاع المسلح في كانون الأول / ديسمبر 1995 ، مع بدء نفاذ الاتفاق الإطاري العام للسلام في البوسنة والهرسك ( ) .

2-5 وبعد عودة صاحبتيْ البلاغ إلى هامبارين في 1 أيلول / سبتمبر 2004 ، قدمتا مع أفراد آخرين من الأسرة، استمارة ما قبل الوفاة بشأن كل من حسين ومصطفى إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر و " رابطة الصليب الأحمر في البوسنة والهرسك " و " الصليب الأحمر لاتحاد البوسنة والهرسك " وأعطوا هذه الجهات عينات من الحمض النووي لتيسير عملية تحديد هوية الرفات الذي استخرجه خبراء الطب الشرعي المحليون . وكان رفات مصطفى موجود اً في مقبرة جماعية بكيفلياني واستخرج في عام 2004. ودفن الرفات في مقبرة في هامبارين .

2-6 وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 ، حصلت صاحبتا البلاغ على شهادة صادرة عن اللجنة الاتحادية لشؤون المفقودين تفيد بأن حسين هاموليتش قد سجل باعتباره شخصا ً مفقودا ً منذ 20 تموز/يوليه 1992، وبأن هذه المعلومة تستند إلى بيانات مستقاة من جملة مصادر منها الجناة أنفسهم، ولجنة الصليب الأحمر الدولية وسجناء وأفراد من الأسرة. وتدعي صاحبتا البلاغ أن السلطات كانت على علم باختفاء السيد هاموليتش وعلى اطلاع بالمعلومات ذات الصلة، ومع ذلك لم تجر تحقيقات رسمية فورية وشاملة ونزيهة ومستقلة وفعالة من أجل تحديد مكانه وكشف مصيره ومكان وجوده، وتحديد موقع رفاته إذا كان قد توفي، واستخراجه وإعادته إلى أسرته.

2-7 وفي 19 تشرين الثاني / نوفمبر 2007 ، طالبت السيدة هاموليتش الدائرة الإدارية لإدارة شؤون ﺍﶈــﺎﺭﺑﲔ ﺍﻟﻘــﺪﺍﻣﻰ ﻭﲪﺎﻳــﺔ ﺫﻭﻱ ﺍﻹﻋﺎﻗــﺔ في برييدور بمعاش تقاعدي بموجب المادة 25 من القانون المتعلق بحماية ضحايا الحرب المدنيين والمادة 190 من قانون الإجراءات الإدارية، بسبب وفاة ابنها مصطفى واختفاء ابنها الآخر، حسين .

2-8 وفي 4 آذار / مارس 2008 ، توجهت السيدة هاموليتش إلى لجنة حقوق الإنسان في المحكمة الدستورية للبوسنة والهرسك بطلب ادعت فيه حدوث انتهاك للمادة 3 (حظر التعذيب) والمادة 8 (الحق في احترام الحياة الخاصة والحياة العائلية) من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، فضلا ً عن الفقرة 3 (ب) و(و) من المادة الثانية من دستور البوسنة والهرسك . وقررت المحكمة ضم عدة شكاوى مقدمة من أقارب الأشخاص المفقودين من فوغوتشا في دعوى جماعية والنظر فيها كقضية جماعية واحدة .

2-9 وفي 13 أيار / مايو 2008 ، أصدرت المحكمة الدستورية قراراً خلصت فيه إلى إعفاء أصحاب الدعوى الجماعية من اشتراط استنفاد سبل الانتصاف المحلية أمام المحاكم العادية، وذلك لما بدا لها من "عدم وجود مؤسسة متخصصة في حالات الاختفاء القسري في البوسة والهرسك تعمل بفعالية " ( ) . وخلصت المحكمة كذلك إلى أن انتهاكاً قد حدث للمادتين 3 و 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان نظراً لعدم توافر معلومات عن مصير أقارب أصحاب الشكوى المختفين، بما في ذلك مصير حسين هاموليتش . وأمرت المحكمة سلطات البوسنة والهرسك المعنية بتقديم " كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات متاحة بشأن أفراد أسر أصحاب الشكاوى الذين فقدوا أثناء الحرب، على وجه السرعة ومن دون مزيد من التأخير وفي غضون فترة أقصاها 30 يوماً من تاريخ تلقي القرار " . وأمرت المحكمة أيضاً بأن تكفل السلطات سير عمل المؤسسات المنشأة بموجب القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، أي المعهد المعني بشؤون المفقودين، وصندوق دعم أسر المفقودين في البوسنة والهرسك، والسجلات المركزية للمفقودين في البوسنة والهرسك، على نحو عاجل ودون مزيد من التأخير وفي غضون فترة أقصاها 30 يوما ً من تاريخ صدور أمر المحكمة . وطُلب إلى السلطات المختصة موافاة المحكمة الدستورية في غضون ستة أشهر بمعلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ قرار المحكمة .

2-10 ولم تعتمد المحكمة الدستورية قراراً بشأن مسألة التعويضات إذ رأت أن هذه المسألة مدرجة في الأحكام الخاصة بالدعم المالي، الواردة في القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، وأنها تتعلق بإنشاء صندوق لدعم أسر المفقودين . لكن صاحبت ا البلاغ تدفعان بأن الأحكام المتعلقة بالدعم المالي لم تنفذ وبأن الصندوق لم ينشأ بعد .

2-11 ومتابعة لقرار المحكمة الدستورية، بعث المعهد المعني بشؤون المفقودين، في 22 أيلول / سبتمبر 2008 ، رسالة إلى السيدة هاموليتش تفيد بأنه أُبلِغ واللجنة الدولية للصليب الأحمر أن ابنها في عداد الأشخاص المفقودين، وأن المعهد يسعى لمعرفة مصيره، بالتعاون مع المدعي العام للدولة ووزارة الداخلية ووكالات الأمن . وتشير صاحبتا البلاغ إلى أن المعهد لم يقدم أي معلومات عن الإجراءات والتدابير المتخذة للتثبت من مصير حسين ومكان وجوده، ومقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن اختفائه .

2-12 وقد انقضت الآجال التي حددتها المحكمة الدستورية في قرارها ولم تقدم المؤسسات المعنية أية معلومات عن مصير الضحايا ومكان وجودهم، ولا هي وافت المحكمة بمعلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ القرار. وتقول صاحبتا البلاغ إن السيدة هاموليتش خاطبت مرار اً مختلف السلطات، ومع ذلك، لم تتلق، لحظة تقديم البلاغ إلى اللجنة، أي معلومات إضافية من المعهد ولا من أي سلطة أخرى تشارك في أنشطة البحث والتحقيق بشأن مصير المفقودين ومكان وجودهم.

2-13 وفي 27 كانون الثاني / يناير 2009 ، منحت الدائرة الإدارية لإدارة شؤون المحاربين القدامى وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة في برييدور السيدة هاموليتش معاش عجز شهري قدره 140 مارك ا ً ( ) . وأصبح من حقها الحصول على معاش شهري ابتداء ً من 1 تشرين الأول / أكتوبر 2007. وتدعي صاحبتا البلاغ أن هذا المعاش هو شكل من أشكال المساعدة الاجتماعية ولا يمكن أن يغني عن اعتماد التدابير الملائمة لجبر الضرر الذي لحق بصاحبتي البلاغ وأقاربهما جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان .

2-14 وفي 18 آب/أغسطس 2010، تقدمت السيدة هاموليتش بطلب إلى المحكمة الدستورية تلتمس منها الشروع في اعتماد حكم يقضي بأن السلطات لم تنفذ قرار المحكمة الصادر في 13 أيار/ مايو 2008، بموجب المادة 74-6 من نظامها الداخلي. ومع ذلك، فإنها لم تكن قد استلمت أي رد من المحكمة ولم تكن السلطات قد اتخذت أي إجراءات عندما قدمت البلاغ إلى اللجنة.

2-15 وفيما يتعلق بالشرط المنصوص عليه في المادة 5 ( 2 ) (ب) من البروتوكول الاختياري، تدعي صاحبتا البلاغ عدم وجود سبيل انتصاف فعال وأن المحكمة الدستورية نفسها اعترفت بأن "السيدة هاموليتش وسائر أصحاب الشكوى لا يتوفر لهم سبيل انتصاف فعال وملائم لحماية حقوقهم " ( ) . وفي ضوء المادة السادسة ( 4 ) من دستور الدولة الطرف، يعتبر قرار المحكمة الدستورية الصادر في 13 أيار / مايو 2008 قرارا ً نهائيا ً وملزما ً . وعليه، فلا يوجد سبيل انتصاف آخر ينبغي لصاحبتي البلاغ استنفاده . وفيما يتعلق بالسيدة هودجيتش، تدفع صاحبتا البلاغ بأنها لم ترفع دعوى أمام المحكمة رسميا، لكنها رافقت والدتها وساندتها وقامت بجميع المساعي الرسمية نيابة عنها؛ و أ ن والدتها ما كان بمقدورها أن تتابع سير الإجراءات من دون مساندتها لأنها أمية؛ و أ نه لا يمكن منطقيا ً أ ن تطالب بتكرار الإجراءات التي قامت بها والدتها بالفعل؛ و أ ن المحكمة الدستورية لم تحدد سبيلا ً من سبل الانتصاف الفعالة .

2-16 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الزمني، تشير صاحبتا البلاغ إلى أن وقوع الأحداث سبق تاريخ دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف، لكن الاختفاء القسري يمثل في حد ذاته، انتهاكاً دائما ً لعدد من حقوق الإنسان ( ) يدوم ويستمر حتى يتحدد مكان وجود الضحية . وفي قضيتهما، صنفت السلطات المحلية، بما فيها المحكمة الدستورية، حسين هاموليتش ضمن المفقودين . ومع ذلك، لم يُعرف حتى الآن مصيره ومكان وجوده . وعلاوة على ذلك، لم تنفذ السلطات قرار المحكمة الدستورية المؤرخ 13 أيار / مايو 2008 ولم يتخذ مكتب المدعي العام أي تدابير لمعاقبة المسؤولين عن ذلك .

الشكوى

3-1 تؤكد صاحبتا البلاغ أن حسين هاموليتش تعرض للاختفاء القسري على أيدي عناصر من الجيش الوطني اليوغوسلافي، وأن حالات الاختفاء القسري تنطوي، بطبيعتها، على عدة جرائم، وأنه يمثل في هذه القضية، انتهاكا ً للمواد 6 و7 و9 و16، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (3) من العهد. وتفيد صاحبتا البلاغ بأن مصير حسين ومكان وجوده ظلا مجهولين منذ 20 تموز/يوليه 1992، وبأنه اخت فى في سياق اعتداء واسع النطاق و منهجي على السكان المدنيين. وفي ضوء المعلومات التي تقول إنه شوهد حي اً آخر مرة في غابة هامبارين، وهي منطقة تخضع لسيطرة الجيش الوطني اليوغوسلافي والجماعات شبه العسكرية التي كانت تمارس التطهير العرقي، يمكن استنتاج تعرض سلامته الشخصية وحياته لوضع خطير ينطوي على معاناة و أضرار لا يمكن جبرها .

3-2 ولم تتلق صاحبتا البلاغ أي معلومات مناسبة عن أسباب وظروف اختفاء السيد هاموليتش قسراً رغم ما بذلتاه من جهود . وتفيدان بأنهما أبلغتا المؤسسات المعنية بشؤون المفقودين في الدولة الطرف بحالة الاختفاء ، ومع ذلك ، لم تجر السلطات تحقيقات رسمية فورية ونزيه ة وشاملة ومستقلة لمعرفة مصيره ومكان وجوده رغم أنها كانت على اطلاع على المعلومات المناسبة بشأن قضيته وبأن رفاته، إذا كان قد توفي، لم يحدد مكانه ولم يستخرج ولم يتعرف عليه أو يرد إلى ذويه؛ وبأن أحد اً لم يُستدعَ أو يخضع للتحقيق أو يُدان بسبب اختفائه القسري .

3-3 وتقع على الدولة الطرف مسؤولية التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري وتوفير معلومات عن أماكن وجود الأشخاص المفقودين . وتشير صاحبتا البلاغ في هذا الصدد، إلى تقرير للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي جاء فيه أن مسؤولية الاضطلاع بهذه المهام تقع، في المقام الأول، على عاتق السلطات التي يُشتبه في وجود مقبرة جماعية في منطقة تخضع لولايتها القضائية ( ) . وتدعي صاحبتا البلاغ كذلك أن الدولة الطرف مُلزَمة بإجراء تحقيقات رسمية فورية ونزيهة وشاملة ومستقلة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مثل الاختفاء القسري أو التعذيب أو القتل التعسفي . وينطبق الالتزام بإجراء تحقيق أيض اً على حالات القتل أو غير ذلك من الأعمال التي تؤثر على التمتع بحقوق الإنسان ولا يمكن إسنادها إلى الدولة . وفي هذه الحالات، ينشأ الالتزام بإجراء تحقيق ع ن واجب الدولة حمايةَ جميع الأفراد الخاضعين لولايتها القضائية من أية أعمال يرتكبها أشخاص أو مجموعات من الأشخاص ويمكن أن تُعيق تمتعهم بحقوق الإنسان المكفولة لهم ( ) .

3-4 وتشير صاحبتا البلاغ إلى الاجتهادات القانونية السابقة للجنة ومؤداها أن على الدولة الطرف واجباً رئيسياً باتخاذ التدابير الملائمة لحماية حياة الشخص ( ) . وفي حالات الاختفاء القسري، تكون الدولة ملزمة بالتحقيق وتقديم الجناة إلى القضاء . وفي ضوء ملابسات اختفاء السيد هاموليتش، تدعي صاحبتا البلاغ أن تخلف الدولة الطرف عن إجراء تحقيق فعال وشامل في هذه القضية (انظر الفقرة 3-1 و 3-2 أعلاه) يمثل انتهاكا ً لحق السيد هاموليتش في الحياة، وينطوي على خرق للمادة 6 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

3-5 وتشير صاحبتا البلاغ كذلك إلى الاجتهادات القانونية السابقة للجنة ومؤداها أن الاختفاء القسري يمثل، في حد ذاته شكلاً من أشكال التعذيب ( ) ، وتشيران إلى أن الدولة الطرف لم تجر حتى الآن، أي تحقيق من أجل تحديد هوية الأشخاص المسؤولين في هذه القضية ومحاكمتهم ومعاقبتهم . وعليه، فإن اختفاء حسين يمثل معاملة تتنافى مع المادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

3-6 وقد انتهكت كذلك حقوق السيد هاموليتش المكفولة بموجب المادة 9 من العهد . وظروف اختفائه (انظر الفقرة 3-1 أعلاه) تعد سببا ً معقولا ً يحمل على افتراض وقوعه في أسر عناصر الجيش الوطني اليوغوسلافي . بيد أن واقعة احتجازه لم تدون في أية سجلات أو محاضر رسمية ولم يره أقاربه بعد ذلك أبداً . ‬

3-7 وتشير صاحبتا البلاغ إلى الاجتهادات القانونية السابقة للجنة، ومؤداها أن الاختفاء القسري يمكن أن يشكل امتناع اً عن الاعتراف بحق الضحية في الاعتراف له بالشخصية القانونية إذا كان هذا الشخص في عهدة سلطات الدولة الطرف عندما شوهد آخر مرة، وظلت مساعيه أو مساعي أقاربه من أجل الوصول إلى سُبُل انتصاف فعالة تقابل دائم اً بالرفض ( ) . وفي هذه القضية، يحرم السيد هاموليتش من حماية القانون منذ تموز / يوليه 1992 بسبب تخلف سلطات الدولة الطرف عن إجراء تحقيق .

3-8 ولم تعترف السلطات باحتجاز السيد هاموليتش ، ما حرمه من الوصول إلى سبيل انتصاف فعال . وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها صاحبتا البلاغ فإنهما لم تتلقيا أي معلومات مناسبة عن أسباب وظروف اختفاء قريبهما ولم تجر الدولة الطرف أي تحقيق (انظر الفقرة 3-2 أعلاه) وقد ثبطت جهودهما بانتظام . وعلاوة على ذلك، قضت المحكمة الدستورية بعدم وجود مؤسسة متخصصة قادرة على إجراء تحقيق فعال وشامل بشأن الأشخاص الذين فقدوا خلال النزاع المسلح . وعليه، تدعي صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق السيد هاموليتش المكفولة بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

3-9 وتدعي صاحبتا البلاغ كذلك أنهما بدورهما ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد . ف هما تعانيان حالة شديدة من الكرب والضيق جراء اختفاء قريبهما قسرا ً ، وتعانيان كذلك بسبب تصرفات السلطات وتقصيرها في معالجة الأمور لأكثر من 20 عاما ً . وعلى الرغم من جهودهما، لا يزال مصيره ومكان وجوده غير معروفين، ولم تسترد أسرته رفاته إذا كان قد توفي، ما يفاقم حالة الكرب والإحباط التي تلازمهما لتعذر دفنه بشكل لائق . وقد وجهتا استفسارات إلى مختلف السلطات الرسمية دون أن تتلقيا أي معلومات مقبولة . وتفيد صاحبتا البلاغ بأن السلطات لم تنفذ حكم المحكمة الدستورية الصادر في 13 أيار / مايو 2008 والقانون المتعلق بالمفقودين (لا سيما الأحكام المتعلقة بإنشاء الصندوق) وحرمت بذلك أسر الأشخاص المفقودين من الحصول على تعويضات مناسبة . وفي ضوء هذه المعطيات، يمثل عدم اكتراث سلطات الدولة الطرف بطلبهما معاملة لا إنسانية .

3-10 وتطلب صاحبتا البلاغ إلى اللجنة تقديم التوصيات التالية إلى الدولة الطرف : (أ) أن تأمر بإجراء تحقيق مستقل، على وجه الاستعجال، بشأن مصير قريبهما ومكان وجوده وأن تُحدد، إذا كان قد توفي، مكان رفاته وتعمل على استخراجه وتحديد هويته واحترامه وإعادته إلى أسرته؛ (ب) أن تحيل الجناة إلى السلطات المدنية المختصة لمقاضاتهم والحكم عليهم ومعاقبتهم ونشر نتائج هذا التدبير علانية؛ (ج) أن تضمن حصول صاحبتي البلاغ على جبر كامل يشمل تع ويضاً فورياً وعادل اً وكافياً؛ و (د) الحرص على أن تشمل تدابير الجبر الأضرار المادية والمعنوية وتدابير إعادة الحق، ورد الاعتبار، والترضية، وضمانات عدم التكرار. وتطلبان بوجه خاص، أن تعترف الدولة الطرف بمسؤوليتها الدولية في حفل عام، بحضورهما وحضور السلطات، وأن يقدم اعتذار رسمي لصاحبتي البلاغ؛ وأن تسمي الدولة الطرف شارع اً أو تبني نصباً أو تضع لوحة تذكارية في هامبارين يخلد ذكرى جميع ضحايا الاختفاء القسري خلال النزاع المسلح وعمليات التطهير العرقي التي شهدتها القرية. ‬

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 25 آذار / مارس 2011 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . ‬ وهي تشير إلى الإطار القانوني الذي وضع لمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب في فترة ما بعد الحرب، أي اعتباراً من كانون الأول / ديسمبر 1995. وتفيد بأن استراتيجية وطنية بشأن جرائم الحرب قد اعتمدت في كانون الأول / ديسمبر 2008 ، بهدف استكمال مقاضاة مرتكبي أكثر جرائم الحرب تعقيداً في غضون سبع سنوات اعتبارا ً من تاريخ اعتماد هذه الاستراتيجية، ومقاضاة مرتكبي " جرائم حرب أخرى " في غضون 15 سنة . وتشير الدولة الطرف كذلك إلى اعتماد القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين لعام 2004 ، الذي أنشئ بموجبه المعهد المعني بشؤون المفقودين، بهدف تحسين عملية اقتفاء أثر المفقودين والتعرف على الرفات . وتذكر بالعثور على رفات 000 23 شخص من أصل حوالي 000 32 شخص فقدوا خلال الحرب، والتعرف على رفات 000 21 شخص آخرين .

4-2 وفي نيسان/أبريل 2009، أنشأ المعهد المعني بشؤون المفقودين مكتب اً إقليمي اً في إستوتشنو بسراييفو ، فضلا ً عن إنشاء مكتب ميداني ووحدات تنظيمية في سراييفو. وترى الدولة الطرف أن هذه المبادرات تهيئ الظروف لتنفيذ عمليات أسرع وأكثر فعالية للبحث عن الأشخاص المفقودين في منطقة كرايينا البوسنية التي تشمل برييدور. و يذهب محققوها إلى الموقع كل يوم لجمع المعلومات عن أي مقابر جماعية محتملة و من أجل الاتصال بالشهود. ومنذ عام 1998، نُبشت 721 مقبرة وأعيد نبش 48 مقبرة أخرى في تلك المنطقة، بما في ذلك في بلدية برييدور، حيث يرجح أن يعثر على جثة السيد هاموليتش. وتبلغ الدولة الطرف اللجنة أيض اً بأن المعهد المعني بشؤون المفقودين كان عند تقديم ملاحظاتها قد رفع طلبين إلى مكتب المدعي العام لاستخراج الرفات من موقع هامبارين - تشوبيتسي.

4-3 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبتي البلاغ لم تقدما، وفقا ً لبلدية برييدور، أي طلب ولذلك فهي لا تملك أي معلومات بشأن هذه القضية . ولا يملك مدعي جمهورية صربسكا كذلك أي معلومات تتعلق بهذه القضية .

5-1 قدمت صاحبتا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف في 12 أيار / مايو 2011 . وهما تشيران إلى التعليق العام للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي بشأن الاختفاء القسري بوصفه جريمة مستمرة، وتشيران بوجه خاص، إلى الفقرات 1 و2 و 7 و 8 منه . وتعتبران أن الدولة الطرف لا تعترض في ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وتسلم إلى حد كبير بالأسس الموضوعية للادعاءات الواردة فيه . وتريان كذلك أن هذه الملاحظات تؤكد صحة ادعاءهما القائل بأن السيد هاموليتش لا يزال مسجلاً كشخص مفقود " مجهول المصير " ، وتفيدان بأنهما لم تتمكنا من العثور على معلومات مطابقة بشأنه على أداة البحث عبر الشبكة التي أنشأتها اللجنة الدولية المعنية بالمفقودين . ولذلك، فإن عملية اقتفاء الأثر لم تنته بعد وهي لا تزال تحت مسؤولية السلطات البوسنية الملزمة بتحديد مصيره ومكان وجوده؛ والبحث عن رفاته إذا كان قد توفي، وتحديد مكانه واحترامه وإعادته إلى أسرته؛ وإطلاع الأسرة على حقيقة ملابسات اختفائه القسري وعلى التقدم المحرز ونتائج التحقيق بشأن مصير قريبهما ومكان وجوده؛ ‬ وضمان جبر الضرر الذي لحق بهما من جراء الانتهاكات المستمرة .

5-2 وتدعي صاحبتا البلاغ أن موظفي المكتب الإقليمي للمعهد المعني بشؤون المفقودين في إيستوتشنو أو المكتب الميداني في سراييفو اللذين أشارت إليهما الدولة الطرف لم يتصلوا حتى الآن، بأي منهما أو بأيٍ من شهود العيان على الأحداث التي أدت إلى الاختفاء القسري للسيد هاموليتش، في حين أن بوسعهما، على حد قولهما، تزويد تلك السلطات بمعلومات يمكن أن تفيد في تحديد مكانه ( ) . وتشيران كذلك إلى أن ملاحظات الدولة الطرف تتضمن إشارات عامة إلى وجود مقابر جماعية لا تقدم معلومات دقيقة عن المكان الذي يحتمل أن يكون فيه رفات قريبهما . وإذا كان المعهد يملك معلومات موثوقة تفيد بوجود رفات السيد هاموليتش في موقع هامبارين - تشوبيتسي، فينبغي له أن يبلغهما بذلك دون تأخير وأن يُ شرك هم ا في جميع مراحل عملية تحديد مكان الرفات واستخراجه والتعرف عليه .

5-3 وتدعي صاحبتا البلاغ كذلك أن ارتفاع عدد جرائم الحرب التي لا تزال تتطلب إجراء تحقيقات لا يعفي سلطات الدولة الطرف من مسؤوليتها عن فتح تحقيق فوري ونزيه ومستقل وشامل في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو عن إطلاع أقرباء الضحايا بانتظام على تقدم تلك التحقيقات ونتائجها . وعلى الرغم من إبلاغ مختلف السلطات فور اً بالاختفاء القسري للسيد هاموليتش، لم يتصل أحد بصاحبتي البلاغ أو يقدم لهما أي رد . وفي هذا الصدد، تؤكد صاحبتا البلاغ مجدد اً أن أقارب ضحايا الاختفاء القسري ينبغي أن يشاركوا عن كثب في التحقيقات . وينبغي بوجه خاص، أن تقدم لهم بانتظام، معلومات عن سير عملية التحقيقات ونتائجها، وما إذا كانت هناك ملاحقات قضائية مزمعة ( ) .

5-4 وترى صاحبتا البلاغ أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب يشوبه القصور ولا يمكن للدولة الطرف أن تحتج به رداً على الشكاوى المتعلقة بنقص المعلومات عن سير التحقيقات ونتائجها، أو لتبرير تقاعس السلطات المعنية . وتدفع صاحبتا البلاغ كذلك بأن اعتماد استراتيجية للعدالة الانتقالية لا يمكن أن يكون بديل اً لإمكانية احتكام ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وأقاربهم إلى القضاء وحصولهم على الإنصاف .

5-5 وفي ضوء إشارة الدولة الطرف إلى القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين، تؤكد صاحبتا البلاغ مجدد اً أن عدة سنوات مرت على دخول هذا القانون حيز النفاذ دون أن تنفذ الأحكام الهامة الواردة فيه، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بإنشاء الصندوق . وعلاوة على ذلك، أشار عدد من المؤسسات الدولية إلى أن إنشاء الصندوق لن يكون كافي اً لضمان تقديم تعويضات كاملة لأقارب الأشخاص المفقودين ( ) .

ملاحظات إضافية مقدمة من الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

6-1 في 4 تموز / يوليه وفي 11و17 آب / أغسطس 2011 ، قدمت الدولة الطرف معلومات إضافية وكررت ملاحظاتها فركزت على الجهود المبذولة لتحديد مصير جميع الأشخاص المفقودين في البوسنة والهرسك ومكان وجودهم، بما في ذلك في بلدية برييدور . غير أن قدراتها لا تزال غير كافية لمعالجة كافة القضايا العالقة في غضون فترة زمنية قصيرة . وذكرت الدولة الطرف أيض اً أن حالة السيد هاموليتش لم تستجد فيها تطورات تذكر . وقد أفاد مكتب النائب العام في جمهورية صربسكا بأن مكتب نائب المدعي العام في برييدور لم يسجل أي قضية تتعلق بحالته وبادعاءات صاحبتي البلاغ . وذكر مكتب المدعي العام في البوسنة والهرسك أيض اً أن ما لديه من سجلات عن قضايا جرائم الحرب يخلو من أي إشارة إلى حالة الاختفاء القسري للسيد هاموليتش . ولم يرد اسمه أيضا ً ضمن الضحايا المسجلين .

6-2 وفيما يتعلق بالحجة التي دفعت بها صاحبتا البلاغ ومفادها أنهما لم تتسلما أي معلومات عن حالة السيد هاموليتش، تشير الدولة الطرف إلى أن مكتب المدعي العام في البوسنة والهرسك قد أنشأ قاعدة بيانات مركزية تتضمن كل جرائم الحرب التي لم يبت فيها والمنصوص عليه ا في الاستراتيجية الوطنية لمحاكمة مرتكبي جرائم ال حرب .

6-3 وتفيد الدولة الطرف بأن القانون المتعلق بتحديد الديون الداخلية لجمهورية صربسكا وطريقة تسويته ينص على اختصاص المحاكم والسلطات الأخرى وينظم الإجراءات ( ) الخاصة بالتعويض عن الأضرار المالية وغير المالية في حالات اختفاء الأشخاص . وبالإضافة إلى ذلك، اتخذت حكومة جمهورية صربسكا تدابير لتسريع عملية اقتفاء أثر الأشخاص المفقودين .

6-4 وفي رسالة مؤرخة 7 تموز / يوليه 2011 ، أفاد المعهد المعني بشؤون المفقودين بأنه يبذل جهود اً من أجل اقتفاء أثر الأشخاص المفقودين في منطقة كرايينا البوسنية، وأنه سيتصل بأقارب السيد هاموليتش في المستقبل لتزويدهم بمزيد من المعلومات عن هذه القضية .

معلومات إضافية مقدمة من صاحبتي البلاغ ‬

7-1 قدمت صاحبتا البلاغ معلومات إضافية إلى اللجنة في 9 أيلول / سبتمبر 2011. ورأتا أن الملاحظات الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف لا تتضمن أي معلومات أساسية بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . وعلاوة على ذلك، تبين ملاحظات الدولة الطرف أن سلطاتها لا تملك أية معلومات تذكر يمكن أن تسهم في استجلاء مصير السيد هاموليتش ومكان وجوده أو في تقديم مؤشرات لها معنى فيما يتعلق بالإجراءات التي تتخذها للوفاء بالالتزامات الواردة في العهد . بل على النقيض من ذلك، تعترف السلطات بوجود قصور كبير، اعترى على سبيل المثال، عملية تحديد هوية المسؤولين عن اختفائه والتحقيق معهم ومحاكمتهم .

7-2 وتكرر صاحبتا البلاغ تعليقاتهما على عدم تنفيذ القانون المتعلق بالمفقودين، رغم بدء نفاذه في 17 تشرين الثاني / نوفمبر 2004. وحتى وقت تقديم المعلومات الإضافية إلى اللجنة، لم يكن الصندوق قد أنشئ بعد .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تُقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد .

8-2 وقد تأكدت اللجنة، حسبما تقتضيه المادة 5 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ومن أن صاحبتي البلاغ قد استنفذتا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة .

8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية البلاغ وترى أن ادعاءات صاحبتي البلاغ بشأن انتهاك حقوق السيد هاموليتش المكفولة بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 16 مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد ، فضلا ً عن انتهاك حقوق صاحبتي البلاغ المكفولة بموجب المادة 7 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، قد دُعمت بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية . وعليه، تُعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتباشر النظر في أسسه الموضوعية .

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري .

9-2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحبتي البلاغ أن السيد هاموليتش فر، في 20 تموز/ يوليه 1992، إلى الغابة المحيطة بهامبرين حيث شوهد حي اً آخر مرة؛ وأن هذا المنطقة كانت تخضع لسيطرة الجيش الوطني اليوغوسلافي والجماعات شبه العسكرية التي كانت ترتكب أعمال تطهير عرقي؛ وأن حادثة الاختفاء وق عت في سياق اعتداء واسع النطاق و منهجي على السكان المدنيين؛ وأن ثمة سبب اً معقولا ً ، في ضوء هذه المعطيات، يحمل على افتراض أن يكون السيد هاموليتش قد تعرض للاختفاء القسري، في تموز/يوليه 1992، على أيدي قوات الجيش. وأن الدولة الطرف لم تجر تحقيقات رسمية فورية ونزيهة وشاملة ومستقلة لاستجلاء مصير السيد هاموليتش ومكان وجوده وتقديم الجناة إلى القضاء. وفي هذا السياق، تذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 31 (2004) المتعلق بطبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، ومؤداه أن تخلف الدولة الطرف عن التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات وعن إحالة مرتكبي انتهاكات معينة (لا سيما التعذيب وما يماثله من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والإعدام بإجراءات موجزة وحالات الاختفاء القسري) يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى خرق مستقل للعهد.

9-3 ولا تدعي صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف تتحمل مسؤولية مباشرة عن الاختفاء القسري لابن الأولى وشقيق الثانية. فهما تدعيان أن الاختفاء تسببت فيه قوات الجيش الوطني اليوغوسلافي على أراضي الدولة الطرف. وترى اللجنة أن عبارة " الاختفاء القسري " يجوز استخدامها بالمعنى الواسع الذي يشير إلى حالات الاختفاء التي تسببت فيها قوات مستقلة عن الدولة الطرف أو معادية لها، بالإضافة إلى حالات الاختفاء التي تُسند إلى دولة طرف ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لا تعترض على تصنيف ما حدث على أنه اختفاء قسري.

9-4 وتحيط اللجنة علما ً بما ذكرته الدولة الطرف من معلومات عن بذلها جهوداً جبارة على المستوى العام بالنظر إلى عدد حالات الاختفاء القسري أثناء النزاع الذي تجاوز 000 30 حالة . وتلاحظ بوجه خاص، أن المحكمة الدستورية قد قضت بأن السلطات مسؤولة عن التحقيق في اختفاء أقارب أصحاب الشكوى، بمن فيهم السيد هاموليتش (انظر الفقرة 2-9 أعلاه)، وأن آليات محلية قد أُنشئت لمعالجة حالات الاختفاء القسري وغيرها من قضايا جرائم الحرب (انظر الفقرة 4-2 أعلاه) .

9-5 ومع عدم الإخلال باستمرار التزام الدول الأطراف بالتحقيق في الاختفاء القسري بجميع أبعاده، بما في ذلك تقديم المسؤولين عنه إلى القضاء، تسلم اللجنة بأن الدولة الطرف يمكن أن تواجه صعوبات معينة أثناء التحقيق في جرائم ربما تكون قوات معادية تابعة لدولة أجنبية قد ارتكبتها على أراضيها . ولذلك، فإن اللجنة تسلم بخطورة حالات الاختفاء وبمعاناة صاحبتي البلاغ بسبب عدم استجلاء مصير ومكان وجود ابن الأولى وشقيق الثانية المفقود وعدم تقديم الجناة إلى القضاء حتى الآن، لكنها ترى أن ذلك لا يكفي في حد ذاته لاستنتاج حدوث خرق للمادة 2 ( 3 ) من العهد في الظروف الخاصة بهذا البلاغ .

9-6 غير أن صاحبتيْ البلاغ تدعيان أن هيئات التحقيق لم تكن قد اتصلت بهما لتزويدهما بمعلومات عن اختفاء السيد هاموليتش حتى لحظة تقديم هذا البلاغ، أي بعد مرور 18 عاماً على الاختفاء المزعوم لقريبهما وأكثر من عامين على صدور حكم المحكمة الدستورية في 13 أيار/ مايو 2008. وفي 18 آب/أغسطس 2010، تقدمت صاحبتا البلاغ بطلب إلى المحكمة الدستورية تلتمس منها اعتماد حكم يقضي بأن السلطات لم تنفذ قرار المحكمة الصادر في 13 أيار/مايو 2008. ومع ذلك، لم تتخذ المحكمة الدستورية أي قرار ولم تُنفذ السلطات أي إجراءات بشأن حالة السيد هاموليتش. وقدمت الدولة الطرف معلومات عامة عن جهودها الرامية لمعرفة مصير الأشخاص المفقودين ومكان وجودهم ومحاكمة الجناة. لكنها لم تقدم لصاحبتي البلاغ أو للجنة معلومات محددة وهامة عن الخطوات المتخذة من أجل تحديد مصير السيد هاموليتش ومكان وجوده، وتعيين مكان الرفات إذا كان متوفيا ً . وتلاحظ اللجنة كذلك أن السلطات قدمت معلومات محدودة جد اً وعامة إلى صاحبتي البلاغ عن حالة قريبهما. وتعتبر اللجنة أن هيئات التحقيق في حالات الاختفاء القسري يتعين عليها أن تمنح الأسر في الوقت المناسب فرصة المساهمة بما لديها من معلومات لأغراض التحقيق، وأن تتيح للأسر فرصة الاطلاع فور اً على المعلومات المتعلقة بالتقدم المحرز في التحقيق. وتُحيط اللجنة علماً أيضاً بحالة الكرب والضيق التي تعاني منها صاحبتا البلاغ بسبب حيرتهما المستمرة نتيجة اختفاء قريبهما. وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمواد 6 و7 و9، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 (3) من العهد، فيما يخص السيد هاموليتش، وانتهاك للمادة 7 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 (3) من العهد، فيما يخص صاحبتي البلاغ.

9-7 وفي ضوء ما تقدم من استنتاجات، لن تبحث اللجنة بشكل مستقل ادعاءات صاحبتي البلاغ المقدمة بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد ( ) .

10- إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت المواد 6 و 7 و 9 ، مقروءة بالاقتران مع بالمادة 2 ( 3 ) من العهد فيما يخص السيد هاموليتش، وانتهكت المادة 7 ، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد فيما يخص صاحبتي البلاغ .

11- ووفقاً للمادة 2 ( 3 ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعالة لصاحبتي البلاغ، بما في ذلك ما يلي : (أ) تكثيف تحقيقاتها لتحديد مصير السيد هاموليتش أو مكان وجوده، على النحو المنصوص عليه في القانون المتعلق بالأشخاص المفقودين لعام 2004 ، والإيعاز إلى محققيها بالاتصال بصاحبتي البلاغ في أقرب وقت ممكن من أجل استقاء المعلومات منهما لكي يتسنى لهما المساهمة في التحقيق؛ (ب) تعزيز جهودها من أجل محاكمة المسؤولين عن اختفائه، دون تأخير لا مبرر له، على النحو المنصوص في الاستراتيجية الوطني ة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب؛ و (ج) توفير الجبر الفعال لصاحبتي البلاغ، بما في ذلك تعويضهما تعويض اً كافي اً واتخاذ تدابير الترضية المناسبة . والدولة الطرف ملزمة، علاوة على ذلك، بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل ويجب عليها أن تكفل، بوجه خاص، إمكانية اطلاع أسر المفقودين على التحقيقات المتعلقة بادعاءات الاختفاء القسري .

12- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد وأن الدولة الطرف قد تعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعالاً عندما يثبت أن انتهاكاً قد وقع، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ . كما تطلب إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بجميع اللغات الرسمية الثلاث للدولة الطرف .

التذييل الأول

رأي فردي أعربت عنه عضو اللجنة السيدة أنيا زايبرت - فور (رأي مؤيد)

1- تتمثل المسألة الرئيسية في هذه القضية في تحديد مدى مسؤولية البوسنة والهرسك عن عدم كفاية سبل الانتصاف لمعالجة حالة اختفاء قسري لا تسندها صاحبتا البلاغ إلى الدولة الطرف . وقد خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمواد 6 و 7 و 9 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد، فيما يخص السيد هاموليتش، وانتهاك للمادة 7 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد، فيما يخص صاحبتي البلاغ . وأنا أتفق مع هذا الاستنتاج، وهو استنتاج ينسجم مع الآراء السابقة للجنة . وأكتب هذا الرأي المستقل لأشرح الأسباب القانونية للقول بعدم وجود أدلة تدعم الادعاء الإضافي لصاحبتي البلاغ بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

2- وبموجب المادة 2 ( 3 ) (أ)، تتعهد كل دولة طرف بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته . وتشير الاجتهادات التي سبق أن رسختها اللجنة منذ زمن بعيد إلى أن المادة 2 ( 3 ) لا تنص على حق مستقل وقائم بذاته، ولكن لا يجوز للأفراد الاحتجاج بها إلا بالاقتران مع مواد أخرى من العهد ( ) . وتشترط أن يكون ادعاء انتهاك حق من الحقوق الأساسية وجيهاً ومعللاً ( ) . وعليه، ينبغي لصاحب البلاغ الذي يدعي انتهاك المادة 2 ( 3 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 16 ، من العهد أن يقيم الدليل على الادعاء الذي يستهدف الدولة الطرف المعنية بموجب المادة 16 أو يذكر علاقة هذه الدولة بالادعاء .

3- وفي هذه القضية طلبت صاحبتا البلاغ إلى اللجنة أن تقضي بأن الدولة الطرف قد خرقت التزامها بأن توفر سبيل انتصاف فعالاً عن انتهاك المادة 16 من العهد . ولم تدع صاحبتا البلاغ أن الاختفاء القسري للسيد هاموليتش يمكن أن يُسند إلى البوسنة والهرسك، وإنما إلى القوات المسلحة المناوئة لها . وبدون وجود أساس آخر يربط الدولة الطرف بالاختفاء، لم تقم صاحبتا البلاغ الدليل على ادعاءاتهما بأن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد .

4- وهذه المسألة تختلف عن الادعاءات بموجب المواد 6 و 7 و 9. فالحق في الحياة، وحظر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ومنعها وحق الفرد في الحرية والأمان على شخصه يقتضي اتخاذ تدابير إيجابية للحماية بصرف النظر عما إذا كان للدولة الطرف صلة بالفظائع الفعلية . ومن المفهوم ضمناً في المادة 7 أن الدول الأطراف يتعين عليها أن تتخذ تدابير إيجابية لضمان عدم قيام أفراد أو كيانات بتعذيب أشخاص آخرين يخضعون لسلطتهم أو معاملتهم معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة ( ) . وتختلف طبيعة هذا الالتزام عن الالتزام المنصوص عليه في المادة 16 التي تلزم الدول الأطراف بضمان الاعتراف بالفرد كشخص أمام القانون . وحدوث الاختفاء القسري في إقليم الدولة لا يعني ضمناً أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 16 ، إذا لم يكن من الممكن أن يُسند الاختفاء إليها ولا هو يوفر أساسا ً كافيا ً ليُستنتَج حدوث انتهاك للمادة 16 مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد ( ) .

5- وأود أن أشدد على أن هذه الاستنتاج ينسجم تمام اً مع التوصيف القانوني لاختفاء السيد هاموليتش . وتوضح اللجنة في الفقرة 9-3 من آرائها أن عبارة " الاختفاء القسري " يجوز استخدامها بالمعنى الواسع الذي يشير إلى حالات الاختفاء التي تسببت فيها قوات مستقلة عن الدولة الطرف أو معادية لها، بالإضافة إلى حالات الاختفاء التي تُسند إلى دولة طرف . ومن الخطأ أن يستنتج من هذا القول إ ن أي اختفاء يحدث تترتب عليه تلقائي اً مسؤولية الدولة عن انتهاك المادة 16 ، بصرف النظر عن الإسناد ودون وجود أساس إضافي لإيجاد علاقة بين الدولة الطرف وحالة الاختفاء . والقول بأن وقوع شخص ما ضحية عمل فظيع يمكن أن يعد اختفاء قسري اً لا يجعل الدولة الطرف مسؤولة تلقائي اً بموجب المادة 16 أو تنشأ عنه التزامات إضافية بتوفير سبل انتصاف فعالة بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد .

6- وفي ضوء الأسباب المبينة أعلاه، كنت أفضل أن يقال في التوضيح إن الادعاء بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) غير مدعم بالأدلة . ولكن أرى أن اللجنة قد اختارت، لأسباب يمكن تبريرها، عدم تناول هذه المسألة في هذه القضية وفي قضايا سابقة . وعلى أي حال، أود أن أؤكد أن اللجنة لم تستند إلى اعتبارات تتعلق بالتوفير القضائي، ولا هي تتجاهل طابع الخطورة البالغة للاختفاء القسري باعتباره من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان وضرورة توفير الحماية الفعالة لضحايا الاختفاء القسري وأسرهم . واعترافا ً بالحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير فعالة للتصدي لأي جريمة من هذا القبيل ترتكب في إقليم دولة ما، خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمواد 6 و 7 و 9 مقروءة مع بالمادة 2 ( 3 ) من العهد فيما يخص السيد هاموليتش، وانتهاك للمادة 7 ، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد فيما يخص صاحبتي البلاغ . ولذلك، فإن ما ذهبت إليه اللجنة في تقدير المسألة، ينم عن احترام بالغ لحالة المعاناة والكرب الشديد التي فُرضت على السيد هاموليتش وأقاربه .

7- وكما أوضحت أعلاه، فإن استنتاجات اللجنة، التي تركز على المواد 6 و 7 و 9 ، لا تحرم ضحايا الاختفاء القسري عموم اً من الحماية المنصوص عليها في المادة 16 ، كما أن آراءها لا تنفي القيمة الكبيرة للحق في الاعتراف بالفرد كشخص أمام القانون . وهي تقوم على تحليل العهد، ولا سيما المادة 16 ، تحليل اً متأني اً يبحث تفاصيل القضية ويولي الاعتبار الواجب لمسألة الإسناد . ويرجع الأمر للجنة في النظر في كل بلاغ على حدة استناد اً إلى العهد، وتحديد ما إذا كانت الظروف الواقعية مناسبة لكي تعتبر أن الدولة الطرف قد انتهكت العهد بدل اً من تطبيق مفاهيم عامة أو الخروج باستنتاجات مكررة استناد اً إلى مفهوم غير مكرس في العهد ( ه ) . وانطلاقا ً من هذا الفهم، خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك لحق الفرد في الاعتراف له بالشخصية القانونية في العديد من حالات الاختفاء القسري الأخرى التي كانت وراءها سلطات الدول المعنية بالفعل، وأنا على يقين بأنها لن تحيد عن ذلك عندما تكون هذه الادعاءات مدعمة بأدلة .

رأي مستقل لأعضاء اللجنة السادة أوليفييه دي فروفيل وماورو بوليتي وفيكتور مانويل ورودريغيس - ريسيا وفابيان عمر سالفيولي (رأي مخالف جزئيا ً )

1- قررت اللجنة في الفقرة 9-7 من آرائها ألا تنظر بصورة منفصلة في ادعاءات صاحبتي البلاغ المقدمة بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد . ويبدو أن اللجنة تسعى إلى تطبيق مبدأ الاقتصاد في الوسائل : " في ضوء ما تقدم من استنتاجات، لن تبحث اللجنة بشكل مستقل ادعاءات صاحبتي البلاغ المقدمة بموجب المادة 16 ، مقروءة بالاقتران بالمادة 2 ( 3 ) من العهد " . وبعبارة أخرى، ترى اللجنة أن جوهر ادعاءات صاحبتي البلاغ قد أُخذ في الاعتبار عندما استعرضت مدى امتثال الدولة الطرف للمواد 6 و 7 و 9 من العهد، وخلصت في هذا الاستعراض إلى حدوث الانتهاك في الفقرة 9-6 لكن ليس هذا ما يُستشف من قراءة استنتاجات صاحبتي البلاغ، اللتين لا تشيران إلى المادة 16 باعتبارها حجة إضافية بل أشارتا إليها في إطار ادعاء مستقل، بل إنهما أشارتا، علاوة على ذلك، إلى الاجتهادات القانونية السابقة للجنة بشأن حالات اختفاء قسري أخرى لتخلصا إلى حدوث انتهاك للمادة 16 ( ) . ومن ثم، فإنه لا يوجد مبرر لتطبيق مبدأ الاقتصاد في الوسائل .

2- لكن الأسس الموضوعية لقرار اللجنة هي ما تبدو قابلة للنقد في نظرنا، فاللجنة تعترف من جهة، بأن الأحداث المشار إليها تطابق وصف " الاختفاء القسري " (انظر الفقرة 9-3 )، وتستبعد، من جهة أخرى، وجود حاجة للبت في الانتهاك المزعوم للمادة 16 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) . ولكن لا يمكن، في رأينا، أن يكون كلا الادعاءين صائبين لأن الاختفاء القسري ينطوي بالضرورة على انتهاك للمادة 16 بحسب اعتقادنا .

3- فالمادة 3 تؤكد مجددا ً أن لكل إنسان، " في كل مكان، الحق بأن يُعترف لـه بالشخصية القانونية " ؛ والأعمال التحضيرية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تتيح إمكانية البرهنة على أن " الشخصية القانونية " لا تشمل فقط قدرة الأفراد على التصرف، التي تقترن بالاعتراف بالحق في إبرام العقود والمسؤولية التعاقدية، بل تشمل الاعتراف بأي فرد بوصفه صاحب حق له حقوق وعليه واجبات ( ) . وفي هذا الصدد، تعد المادة 16 بلا شك أوضح تعبير عن مبدأ احترام كرامة الإنسان في القانون الدولي لحقوق الإنسان، فحمل الفرد لصفة الإنسان في حد ذاته يستتبع الحق في الاعتراف له بالشخصية القانونية، حتى بصرف النظر عن الأهلية القانونية التي تمنح للشخص (على سبيل المثال، يملك الأطفال الحق في الشخصية القانونية حتى وإن كانت أهليتهم محدودة ما يعني أنهم لا يتمتعون بجميع الحقوق) . ومع ذلك، فإن الاختفاء القسري يعتبر، وفق ما أكده الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، مثال اً ساطع اً على انتهاك الحق في الاعتراف بالشخصية القانونية ( ) . فقد رأى الفريق العامل في تقريره الأول أن ممارسة الاختفاء القسري فيها انتهاك لهذا الحق في جملة حقوق أخرى، وهو لم يغير موقفه أبد اً (انظر الوثيقةE/CN.4/1435، الفقرة 184 ) . والإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري يسلم بهذه الصلة، في المادة 1 ( 2 ) إذ ينص على ما يلي : " إن عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له، من حماية القانون . ...، وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل، ضمن جملة أمور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون " .

4- صحيح أن اللجنة بدت، لفترة من الوقت، غير راغبة في أخذ هذا البعد في الحسبان . إذ كان عام 2007 أول مرة تبت فيها اللجنة في استنتاجات أحد المطالبين بتعويض، وتقرر إعلان حدوث انتهاك للمادة 16 في سياق حالة اختفاء قسري ( ) . وبعد مرور عامين على اتخاذ هذا القرار بناء على هذا المسوغ اقتدت به محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في قضية آنزووالدو - كاسترو ضد بيرو ( ه ) . وتشجيع اً ل هذا الاتجاه وال أخذ به أكثر فأكثر في السوابق القضائية قرر الفريق العامل في عام 2011 اعتماد التعليق العام بشأن حق الشخص في الاعتراف بشخصيته القانونية في سياق حالات الاختفاء القسري . وفي الفقرتين 1 و 2 من التعليق العام، يربط الفريق العامل بين حق الشخص في الاعتراف بشخصيته القانونية وأحد العناصر المكونة للاختفاء القسري، أي "حرمان الشخص من حماية القانون ":

فهو لا يعني فقط عدم الإقرار باحتجاز الشخص والتكتم على مصيره و/أو مكان وجوده، بل إنه يفضي أيضاً، أثناء حرمان هذا الشخص من حريته، إلى حرمانه من كل حق بموجب القانون، بحيث يجد نفسه في خواء قانوني عاجزاً تماماً عن الدفاع عن نفسه. ‬

وينطوي الاختفاء القسري على عدم الإقرار بالوجود القانوني للشخص المختفي، ومن ثم حرمانه من التمتع بسائر حقوق الإنسان والحريات الأخرى . ‬

5- وحرمان الشخص من حماية القانون يعد العنصر الأساسي الذي يميز الاختفاء القسري عن بعض أشكال الحرمان من الحرية، حيث يكون حق شخص ثالث في الحصول على معلومات عن الاحتجاز مقيد اً إلى حد كبير في بعض الأحيان . وتهدف المواد 18 و 19 و 20 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري إلى توضيح القواعد التي تنظم هذا الحق في حصول الأطراف الثالثة على المعلومات، وبذلك ترسم الخطوط العامة لنوع من أوامر حماية البيانات الشخصية . وتنص المادة 20 ( 1 ) بوجه خاص، على ما يلي :

لا يجوز تقييد الحق في الحصول على المعلومات، المنصوص عليه في المادة 18 إلا بصفة استثنائية، وذلك فقط في حالة ما إذا كان شخص ما تحت حماية القانون، وكان الحرمان من الحرية خاضع اً للمراقبة القضائية، ما دامت الحالة تستدعي ذلك وكان القانون ينص على ذلك، وإذا كان نقل المعلومات يشكل مساس اً بالحياة الخاصة أو بأمن الشخص أو يعرقل حسن سير التحقيق الجنائي، أو لأي سبب آخر مماثل ينص عليه القانون، وبما يتفق مع القانون الدولي الواجب التطبيق وأهداف هذه الاتفاقية . ولا يجوز بأي حال من الأحوال قبول هذه التقييدات للحق في الحصول على المعلومات المشار إليها في المادة 18 ، إذا كانت تشكل سلوكا ً معرفا ً في المادة 2 أو يكون انتهاكا ً للمادة 17 ، الفقرة 1-2 ، ومع عدم الإخلال ببحث مدى شرعية حرمان شخص ما من حريته، تضمن الدولة الطرف للأشخاص المشار إليهم في الفقرة 1 من المادة 18 حق الطعن القضائي السريع والفعلي للحصول في أقرب وقت على المعلومات المشار إليها في هذه الفقرة . ولا يجوز تعليق هذا الحق في الطعن أو الحد منه في أي ظرف من الظروف .

6- وتكمن العقدة المستعصية التي تنطوي عليها الاتفاقية فيما يلي : كيفية التوفيق بين الحاجة في بعض الحالات إلى تقييد إمكانية الوصول إلى المعلومات عن شخص محروم من الحرية، وبالتالي الامتناع عن تقديم هذه المعلومات، وضرورة عدم حرمان الشخص من حماية القانون مع ذلك . وتكشف هذه المعضلة الطبيعة الجوهرية للعنصر المكون لـ " حرمان الشخص من حماية القانون " . فانتهاك المادة 20 ، أي إنكار الحق في الحصول على المعلومات إنكار اً تاما ً ، هو عملياً، بمثابة إنكار لوجود الشخص المختفي كشخصية قانونية .

7- وعليه، فإن وصف الحرمان من الحرية بأنه اختفاء قسري يعادل القول إن الشخص جرد من حماية القانون أثناء هذا الحرمان من الحرية. وينشأ هذا التجريد، بالنسبة لمن ينظر إلى الأمر من الخارج، عن الإنكار التام للحق في الحصول على معلومات عن الحرمان من الحرية، الذي يتخذ، في أكثر الحالات، شكل حرمان من الحرية أو، على الأقل، شكل " تكتم على مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده " (الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، المادة 2).

8- ونتيجة هذا الإنكار أو الامتناع عن تقديم المعلومات تنتفي صفة الشخص عن الأشخاص بالفعل ويصبحون مجرد شيء بأيدي السلطات، ومحرومين من الشخصية القانونية، ما يشكل سمة مميزة لانتهاك المادة 16 من العهد .

9- ولذلك، يبدو من غير المنطقي، برأينا، أن تقول اللجنة إن الحرمان من الحرية يمكن وصفه على أنه اختفاء قسري ثم تستنكف في الوقت عينه عن القول بحدوث انتهاك للمادة 16.

10- وعدم إسناد حالة الاختفاء القسري هذه إلى الدولة الطرف لا يغير شيئ اً في هذا الاستنتاج بأي حال من الأحوال . فالادعاء يسند الاختفاء، بطبيعة الحال، إلى " قوات معادية تابعة لدولة أجنبية " تعمل في إقليم الدولة الطرف . لكن الأمر يتعلق هنا بعدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها الإجرائية بموجب المادة 2 . والاختفاء القسري له دور مساعد في مسؤولية الدولة الطرف، لكنها تتحمل هذه المسؤولية بسبب عدم التصرف من خلال توفير وسيلة انتصاف فعالة لأفراد أسرة الشخص المختفي . ولا شك في أن الصيغة التي اعتمدتها اللجنة في الفقرة 10 من آرائها قد تكون مضللة بشأن هذه النقطة، إذ تعتبر أن الوقائع تكشف حدوث انتهاك للمواد 6 و 7 و 9 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) . والواقع أن المادة التي انتهكت هي المادة 2 ( 3 ) بالاقتران مع جميع المواد الأخرى المنتهكة بفعل الاختفاء القسري (المواد 6 و 7 و 9 و 16 ) . ونحن نرى أن هذه الصيغة هي التي كان ينبغي للجنة أن تعتمدها في الفقرة 10 من آرائها .