الأمم المتحدة

CCPR/C/111/D/1924/2010

Distr.: General

22 August 2014

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1924/2010

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها 111 (7-25 تموز/يوليه 2014)

المقدم من: زهرة بودهان (يمثلها رشيد مسلي، من منظمة الكرامة لحقوق الإنسان)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: طاهر بورفيس (زوج صاحبة البلاغ) وبشير بورفيس (ابن صاحبة البلاغ) وصاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 29 كانون الأول/ديسمبر 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 تموز/يوليه 2014

الموضوع: اختفاء قسري

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة، وحظر التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية ، وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه، واحترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني، والاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في سبيل انتصاف فعال، والتدخل في شؤون البيت على نحو غير قانوني، والحق في الحياة الأسرية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

مواد العهد: المواد 2 (الفقرة 3)، و6 (الفقرة 1)، و7، و9، و10 (الف قرة 1)، و16 و17، و23 (الفقرة 1)

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 5 (الفقرة 2(ب))

المرفق

آراء اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 111)

بشأن

البلاغ رقم 1924/2010 *

المقدم من: زهرة بودهان (يمثلها رشيد مسلي، من منظمة الكرامة لحقوق الإنسان)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: طاهر بورفيس (زوج صاحبة البلاغ) وبشير بورفيس (ابن صاحبة البلاغ) وصاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ: 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 24 تموز/يوليه 2014،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1924/2010 الذي قدمته زهرة بودهان بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحتها لها صاحبة البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحبة البلاغ، المؤرخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، هي زهرة بودهان ، وهي تدعي أن زوجها، طاهر بورفيس ، من مواليد عام 1936 وأب لعشرة أطفال، وابنها بشير بورفيس ، من مواليد عام 1954 متزوج وأب لسبعة أطفال، وقعا ضحيتين لانتهاكات الجزائر للمواد 2(الفقرة 3) و6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و17 و23 (الفقرة 1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وهي تعتبر نفسها ضحية، إلى جانب أطفالها التسعة الآخرين، لانتهاكات المواد 2 (الفقرة 3) و7 و17 و23 (الفقرة 1) من العهد. ويمثلها الأستاذ رشيد مسلي، من منظمة الكرامة لحقوق الإنسان غير الحكومية.

1-2 وفي 29 كانون الأول/ديسمبر 2009، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم منح تدابير الحماية التي التمستها صاحبة البلاغ، وطلبت إلى الدولة الطرف أن تمتنع عن اتخاذ أية تدابير جنائية أو غير جنائية تهدف إلى معاقبة أو ترهيب صاحبة البلاغ أو أي عضو آخر من أسرتها بسبب تقديم هذا البلاغ. وفي 10 أيار/مايو 2010 قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة، عدم الفصل بين النظر في مقبولية البلاغ ودراسة أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 طاهر بورفيس هو موظف بوزارة الشؤون الدينية ويعمل مدرساً وإماماً بجامع قاوس ، وهي بلدية مجاورة لمحل إقامته. وهو مناضل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ. ولهذا السبب تعرض للتهديد من جانب قوات الأمن وأخبر صاحبة البلاغ بأنه يخشى على نفسه من الاغتيال أو الاختطاف على يد أفراد الجيش أو الشرطة.

2-2 وفي ليلة 22 إلى 23 آب/أغسطس 1996، ألقي القبض على طاهر بورفيس على يد عسكريين اقتحموا بيته واقتادوه إلى الخارج بعد أن أعلموا صاحبة البلاغ بأن المسألة تتعلق بمجرد تحريات روتينية وأن زوجها سيطلق سراحه في غضون 10 ساعات غير أن صاحبة البلاغ شاهدت أن زوجها اقتيد برفقة نحو 20 مدنياً من سكان القرية على متن حافلة صودرت لدى أحد السكان. وتوجهت الحافلة بقيادة صاحبها وتحت حراسة مركبتين عسكريتين نحو جيجل حيث يوجد مقر المنطقة العسكرية. وعاد صاحب الحافلة إلى القرية في صباح اليوم الموالي وأعلم صاحبة البلاغ بأنه أودع الأشخاص الموقوفين الثكنةَ التابعة للمنطقة العسكرية في جيجل .

2-3 ومنذ اليوم الموالي، توجهت صاحبة البلاغ إلى مقر المنطقة العسكرية في جيجل لتستفسر عن مصير زوجها وأسباب توقيفه. لكن العسكريين نفوا أن يكون زوجها محتجز في الثكنة كما نفوا قيامهم بأية اعتقالات خلال الليلة الماضية. وحاولت صاحبة البلاغ بعد ذلك في مناسبات عديدة الحصول على معلومات لدى العسكريين، دون جدوى.

2-4 وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1996، علمت صاحبة البلاغ من شخصين قبض عليهما في نفس الوقت الذي تم فيه توقيف زوجها، وأفرج عنهما بعد بضعة أسابيع، أنهما قضيا الليلة الأولى من توقيفهما في نفس الزنزانة برفقة زوجها. ومنذ ذلك الحين لم تحصل صاحبة البلاغ على أية معلومات عن مصير زوجها.

2-5 أما بشير بونفيس ، ابن صاحبة البلاغ، فاشتبهت السلطات في كونه من مؤيدي الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وقد أوقف للمرة الأولى على يد عسكريين في بداية شهر آب/ أغسطس 1994 وأودع الحبس الانفرادي بالمنطقة العسكرية في جيجل لمدة شهرين إلى غاية تشرين الأول/أكتوبر 1994، تاريخ إطلاق سراحه. وقد غادر السجن في حالة صدمة نحيف الجسم ويحمل آثار أعمال التعذيب التي تعرض لها من قبيل الصعق بالكهرباء والتعذيب بأسلوب المنشفة وحرق أجزاء عديدة من الجسم. وقد تعرض أيضاً للتهديد بالقتل إذا كشف عما تعرض له من تعذيب.

2-6 وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 1996، أي بضعة أشهر بعد توقيف الأب، قُبض على ابن صاحبة البلاغ عقب تلبيته استدعاءً من رئيس الفرقة المحلية التابعة للدرك الوطني. وكان وقت توقيفه برفقة زوجته وابنه البالغ من العمر أربع سنوات اللذين اضطرا إلى المغادرة تحت ضغط عناصر الدرك. وفي اليوم الموالي، توجهت صاحبة البلاغ إلى مركز الدرك برفقة كنتها للمطالبة بالإفراج عن ابنها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن عناصر الدرك أساءوا معاملتهما ونفوا احتجازهم لبشير بورفيس رغم تسليمهم إياهما مفاتيح تابعة له. وجددت صاحبة البلاغ مساعيها للحصول على معلومات عن مصير ابنها غير أن رجال الدرك رفضوا مدها بأية معلومات بل شتموها وهددوها.

2-7 وبعد مضي أربعة أشهر على اختفاء ابن صاحبة البلاغ، اعترف رجال الدرك بأنه قد احتُجز لديهم لكنه نُقل الليلة الماضية إلى المنطقة العسكرية في جيجل ، غير أن العسكريين نفوا في حضور صاحبة البلاغ وكنتها احتجازهم لبشير بورفيس وهددوهما بخطف جميع أفراد أسرتيهما إذا استمرتا في مساعيهما. ومنذ ذلك الحين لم تتلق صاحبة ال بلاغ أية معلومات عن مصير ابنها.

2-8 وفي 12 آذار/مارس 1997، قُبض على سليمان بورفيس ، ابن صاحبة البلاغ، وعُذب على يد رجال الدرك بتهمة الانتماء إلى شبكة لدعم الجماعات الإسلامية المسلحة. وهُدد بأن يتعرض لنفس مصير والده وشقيقه إذا أنكر انتماءه إلى تلك الشبكات. غير أن رجال الدرك أطلقوا سراحه بعد مضي 15 يوماً. وتعتبر صاحبة البلاغ أن ابنها بشير خُطف انتقاماً منها بسبب إصرارها على مواصلة المساعي من أجل توضيح مصير زوجها، وهي ممارسة معتادة لدى قوات الأمن في فترة "المأساة الوطنية". وتعرضت صاحبة البلاغ أيضاً للتهديد في مناسبات عديدة بسبب مساعيها من أجل التعرف على مصير زوجها وابنها المختفيين.

2-9 ونظراً للسياق الأمني الذي ميّز تلك الفترة ولأن صاحبة البلاغ هي التي تعيل أبناءها التسعة الآخرين، وبعضهم صغار السن أو في سن المراهقة، فقد انتظرت صاحبة البلاغ تحسن الحالة الأمنية العامة في البلد قبل استئناف مساعيها لدى السلطات. وفي عام 2004، رفعت صاحبة البلاغ دعوى أمام محكمة الطاهير ، غير أنه تبيّن فيما بعد، على عكس ما جرى تأكيده لصاحبة البلاغ، أن الإجراء يهدف فقط إلى إعلان اختفاء زوجها عن طريق المحكمة. وقد خلصت المحكمة، استناداً إلى تصريح زائف نُسب إلى صاحبة البلاغ، إلى أن طاهر بورفيس خُطف على يد جماعة مسلحة مجهولة الهوية. وفي شباط/فبراير 2005، أرسلت صاحبة البلاغ وكنتها رسالتين إلى رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في الجزائر من أجل التدخل في قضية طاهر وبشير بورفيس ، لكن دون جدوى. وفي أيلول/ سبتمبر 2005، رفعت صاحبة البلاغ، بالاستعانة بمحامٍ، شكوى رسمية في قضية اختطاف وحجز إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة الطاهير الذي قرر حفظ القضية. وفي 30 تموز/ يوليه 2006، وجهت صاحبة البلاغ رسالة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير العدل لطلب فتح تحقيق في ملابسات اختفاء زوجها، لكن دون جدوى.

2-10 أخيراً، في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2006، طلبت صاحبة البلاغ إلى سلطات الدرك الوطني أن تسلمها إفادة بخصوص اختفاء زوجها، فتلقت محضراً مؤرخاً 19 كانون الأول/ ديسمبر 2006 ورد فيه أنه تبيّن "في أعقاب الأبحاث التي أُجريت" أن طاهر بورفيس في عداد المفقودين. وحُرر محضر مماثل في 7 أيار/مايو 2006 بخصوص ابن صاحبة البلاغ، وذلك بناءً على طلب زوجته. ثم كررت صاحبة البلاغ طلباتها من أجل فتح تحقيق، لكن دون جدوى . وفي 25 حزيران/يونيه 2007 رفعت صاحبة البلاغ شكوى جديدة إلى المدعي العام العسكري في قسنطينة لأن الأفراد المشتبه في ضلوعهم في اختفاء زوجها وابنها هم من العسكريين. غير أن القضاء العسكري لم يتخذ أي إجراء بشأن هذه الشكوى. وفي نفس التاريخ طلبت صاحبة البلاغ إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة الطاهير الإذن بفتح تحقيق في ملابسات اختفاء ابنها، إلا أنه تقرر مرة أخرى غض النظر عن طلباتها في كانون الثاني/يناير 2009.

الشكوى

3-1 تزعم صاحبة البلاغ أن زوجها وابنها وقعا ضحيتين لاختفاء قسري بالمفهوم الوارد في الفقرة 2، الفقرة الفرعية ‘1‘ من المادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي) والمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وهي تؤكد أن اختفاءهما حصل في أعقاب توقيفهما من قبل قوات الأمن التابعة للدولة الطرف على يد موظفين يعملون بصفتهم الرسمية.

3-2 وحسب صاحبة البلاغ، من المحتمل أن يكون زوجها وابنها قد توفيا خلال الاحتجاز. وهي تعتبر أنه حتى إذا كانا لا يزالان على قيد الحياة بعد هذه السنوات العديدة، فإن احتجازهما في الحبس الانفرادي يزيد من احتمال تعرض حياتهما للخطر لأنهما لا يزالان تحت رحمة سجانيهما خارج نطاق الرقابة القانونية وفي غياب أية آلية للرصد. وتعتبر صاحبة البلاغ أن هذه الحالة تشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد بحق زوجها وابنها المختفيين.

3-3 وتعتبر صاحبة البلاغ أن الاحتجاز في الحبس الانفرادي يهيئ لبيئة مؤاتية لممارسة التعذيب نتيجة حرمان الأشخاص المحتجزين من حماية القانون. وفي هذا الصدد تُذكّر صاحبة البلاغ باجتهاد اللجنة السابق الذي مفاده أن الحبس الانفرادي لأجل غير مسمى ودون إمكانية الاتصال بأفراد الأسرة والعالم الخارجي يشكل بحد ذاته انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) . وتعتبر صاحبة البلاغ أن المعاملة التي خضع لها ابنها (الصعق بالكهرباء والخنق والحرق) خلال فترة الشهرين التي قضاها في الحبس الانفرادي بعد توقيفه على يد عسكريين في آب/أغسطس 1994 تشكل أعمال تعذيب وتنتهك أحكام المادة 7 من العهد بحق بشير بورفيس . وأخيراً تعتبر صاحبة البلاغ أن ما كابدها هي وأفراد أسرتها من محنة وشعور بالقلق خلال هذه السنوات العديدة بسبب الشك الذي خيّم حول مصير المختفيَيْن، لا يزال قائماً بسبب صمت السلطات، ما يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد بحق صاحبة البلاغ وأسرتها.

3-4 وتؤكد صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترف قط بتوقيف زوجها وابنها واحتجازهما في الحبس الانفرادي، وأن إجراء التوقيف والاحتجاز هو إجراء تعسفي ويمثل انتهاكاً للمادة 9 (الفقرات من 1 إلى 4) من العهد. فالشخصان المختفيان لم يبلغا بأسباب توقيفهما ولا بالتهم الموجهة إليهما. زد على ذلك أنهما لم يُعرضا على سلطة قضائية ولم تتح لهما إمكانية الطعن في مشروعية احتجازهما.

3-5 وترى صاحبة البلاغ أن إجراء الحبس الانفرادي الذي خضع له زوجها وابنها لسنوات عديدة يشكل أيضاً انتهاكاً لحقهما في أن يعاملا معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني، ما يمثل خرقاً للمادة 10 (الفقرة 1) من العهد.

3-6 وتعتبر صاحبة البلاغ أن زوجها وابنها حرما من التمتع بحقوقهما الأساسية نتيجة إيداعهما الحبس الانفرادي انتهاكاً لحقهما المكفول بموجب المادة 16 من العهد في أن يُعترف لهما بالشخصية القانونية. وتشير صاحبة البلاغ إلى اجتهادات اللجنة في هذا الصدد التي مؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة طويلة يمكن أن يشكل رفضاً للاعتراف بشخصيته القانونية إذا كان الشخص في عهدة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة وإذا كانت هناك في الوقت ذاته إعاقة منتظمة لجهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك القضاء. وفي حالات كهذه، يكون الأشخاص المختفون محرومين في واقع الأمر من إمكانية ممارسة حقوقهم ومن التماس أي سبيل انتصاف يمكن التماسه كنتيجة مباشرة لسلوك الدولة الذي ينبغي تفسيره على أنه يمثل إنكاراً للشخصية القانونية لهؤلاء الضحايا ( ) .

3-7 وتزعم صاحبة البلاغ أن ظروف إلقاء القبض على زوجها في بيته، الذي اقتُحم باستخدام القوة ليلاً، تشكل تدخلاً تعسفياً وغير قانوني في خصوصيات صاحبة البلاغ وأبنائها وزوجها المختفي وفي شؤون أسرتهم وبيتهم، انتهاكاً للمادة 17 من العهد ( ) .

3-8 وتزعم صاحبة البلاغ أيضاً أن اختفاء زوجها وابنها حرم الأسرتين من زوج وأب وأخ، كما حرم الشخصين المختفيين من زوجتيهما وأبنائهما انتهاكاً لحقهم جميعاً في احترام الحياة الأسرية المكفول بموجب المادة 23 (الفقرة 1) من العهد.

3-9 وأخيراً تؤكد صاحبة البلاغ أن زوجها وابنها منعا من ممارسة حقيهما في التماس سبيل انتصاف من احتجازهما ومن الانتهاكات المزعومة للمادة 6 (الفقرة 1) والمادة 7 والمادة 9 والمادة 10 (الفقرة 1) والمادة 16 والمادة 17 من العهد، انتهاكاً لأحكام المادة 2 (الفقرة 3) من العهد. وقد اتخذت صاحبة البلاغ وأسرتها جميع الإجراءات الممكنة للتعرف على مصير الشخصين المختفيين، غير أن الدولة الطرف لم ترد على تلك المساعي. وتعتبر صاحبة البلاغ أن عدم قيام الدولة الطرف بفتح تحقيق وببذل العناية الواجبة فيما يتعلق بالاحتجاز غير القانوني والاختفاء القسري يشكل أيضاً انتهاكاً لأحكام المادة 2 (الفقرة 3) بحق صاحبة البلاغ وبحق أسرتها.

3-10 وتؤكد صاحبة البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية قد تبين أنها إما غير متاحة أو غير مجدية أو غير فعالة وأن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 2، الفقرة الفرعية (ب)، من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفِيَت. وهي تؤكد أيضاً أنها قد أعلمت في مناسبات عديدة السلطات القضائية باختفاء زوجها وابنها والتمست، دون جدوى، فتح تحقيق في الموضوع، وذلك بعد أن فشلت مساعيها الحثيثة لدى قوات الأمن من أجل الحصول على معلومات عن مصير زوجها وابنها.

3-11 وأخيراً، تؤكد صاحبة البلاغ أنه لم يعد ممكناً منذ صدور الأمر رقم 06-01 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في شباط/فبراير 2006، ملاحقة الأشخاص المنتمين إلى قوات الدفاع والأمن في الجزائر. وتُذكّر صاحبة البلاغ بأن اللجنة قد أعلنت أن الأمر المذكور يعزز، فيما يبدو، الإفلات من العقاب ويقوض الحق في الانتصاف الفعال ( ) . وتؤكد صاحبة البلاغ أنها وجدت نفسها بالتالي عاجزة عن ممارسة حقها في سبيل انتصاف فعال.

ملاحظات الدولة الطرف على المقبولية

4-1 في 8 نيسان/أبريل 2010، أحالت الدولة الطرف مذكرة اعترضت فيها على مقبولية البلاغ. فهي ترى أن هذا البلاغ، الذي يُلقي بمسؤولية وقوع حالات اختفاء قسري خلال الفترة من 1993 إلى 1998 على موظفين حكوميين أو أشخاص آخرين يخضعون للسلطات العامة ويتصرفون بصفة رسمية، يجب أن ينظر فيه "حسب نهج عام" وينبغي إعلانه غير مقبول. فمثل هذه البلاغات ينبغي أن توضع في السياق الأعم للحالة الاجتماعية السياسية والأوضاع الأمنية السائدة في البلد في فترة كانت تسعى فيها الحكومة إلى مكافحة شكل من الإرهاب يتمثل هدفه في "انهيار النظام الجمهوري". ففي ذلك السياق اتخذت الحكومة الجزائرية تدابير وقائية وفقاً للدستور الجزائري (المادتان 87 و91) وأخطرت الأمانة العامة للأمم المتحدة بحالة الطوارئ التي أعلنتها وذلك وفقاً للفقرة 3 من المادة 4 من العهد.

4-2 وتشير الدولة الطرف إلى أن المدنيين كانوا يجدون صعوبة، في بعض المناطق التي تنتشر فيها المساكن الفوضوية، في التمييز بين عمليات الجماعات الإرهابية وعمليات قوات الأمن التي كان المدنيون ينسبون إليها كثيراً من حالات الاختفاء القسري. وحسب الدولة الطرف ينبغي أن يدرس عدد كبير من حالات الاختفاء القسري في ذلك السياق. وتُذكّر بأن المفهوم العام للشخص المختفي في الجزائر أثناء الفترة موضوع الدراسة يشير في واقع الأمر إلى ست حالات مختلفة. فالحالة الأولى تتعلق بالأشخاص الذين أبلغ أقاربهم عن اختفائهم في حين أنهم قرروا من تلقاء أنفسهم الاختفاء عن الأنظار للانضمام إلى الجماعات المسلحة وطلبوا من أسرهم أن تعلن أن دوائر الأمن اعتقلتهم قصد "التضليل" وتجنب "مضايقات" الشرطة. وتتع لق الحالة الثانية بالأشخاص الذين أُبلغ عن اختفائهم بعد اعتقالهم على يد دوائر الأمن لكنهم انتهزوا فرصة الإفراج عنهم للتواري عن الأنظار. وتتعلق الحالة الثالثة بالأشخاص الذين اختطفتهم جماعات مسلحة مجهولة الهوية أو انتحلت صفة أفراد الشرطة أو الجيش بارتداء زيهم أو استخدام وثائق هويتهم فاعتبرت خطأً عناصر تابعة للقوات المسلحة أو لدوائر الأمن. وتتعلق الحالة الرابعة بأشخاص أُعلن عن فقدانهم وقرروا هجر أسرهم وأحياناً حتى مغادرة البلد فراراً من المشاكل الشخصية أو الخلافات العائلية. ويتعلق الأمر في الحالة الخامسة بأشخاص أبلغت أسرهم عن فقدانهم وهم في واقع الأمر إرهابيون مطلوبون أو قتلوا ودفنوا في الأدغال في أعقاب الاقتتال بين الفصائل أو الصراعات العقائدية أو تنازع الجماعات المسلحة المتنافسة على الغنائم. وأخيراً، تشير الدولة الطرف إلى فئة سادسة تتعلق بأشخاص مفقودين لكنهم يعيشون إما في الجزائر أو خارجها بهويات مزورة حصلوا علي ها عن طريق شبكة لتزوير الوثائق.

4-3 وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن المشرع الجزائري، إذ يعي تنوع ومدى تعقد الحالات المشمولة بالمفهوم العام للاختفاء القسري، فقد أوصى في أعقاب الاستفتاء الشعبي على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بالتعاطي مع مسألة المختفين في إطار عام عن طريق التكفل بجميع الأشخاص المختفين في سياق "المأساة الوطنية"، وبتقديم الدعم لجميع الضحايا حتى يتسنى لهم التغلب على هذه المحنة، ومنح جميع ضحايا الاختفاء وذوي الحقوق من أهلهم الحق في تعويض. وتشير إحصاءات دوائر وزارة الداخلية إلى أنه أُبلغ عن 023 8 حالة اختفاء وأن الجهات المعنية بحثت 774 6 ملفاً وقُبل دفع تعويض لأصحاب 704 5 ملفات في حين رُفض 934 ملفاً ولا يزال 136 ملفاً آخر قيد البحث. وقد دفعت تعويضات بقيمة 390 459 371 ديناراً جزائرياً لجميع الضحايا المعنيين، ويضاف إلى ذلك مبلغ 683 824 320 1 ديناراً جزائرياً يدفع في شكل معاشات شهرية.

4-4 وتعتبر الدولة الطرف أيضاً أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. وتشدد على أهمية التمييز بين المساعي البسيطة المبذولة لدى السلطات السياسية أو الإدارية وسبل الانتصاف غير القضائية أمام الهيئات الاستشارية أو هيئات الوساطة والطعون القضائية أمام مختلف الهيئات القضائية المختصة. وتلاحظ الدولة الطرف أن إفادات صاحبة البلاغ تبين أنها وجهت رسائل سياسية أو إدارية وقدمت التماسات إلى هيئات استشارية أو هيئات وساطة وأرسلت عرائض إلى ممثلي النيابة العامة (النواب العامون أو وكلاء الجمهورية) دون اللجوء إلى إجراء الطعن القضائي بمعناه الدقيق ومتابعته حتى النهاية باستخدام جميع سبل الانتصاف المتاحة في الاستئناف والنقض. ومن بين هذه السلطات جميعها، لا يحق قانوناً سوى لممثلي النيابة العامة فتح تحقيق أولي أو عرض المسألة على قاضي التحقيق. وفي النظام القضائي الجزائري، وكيل الجمهورية هو الذي يختص بتلقي الشكاوى وهو الذي يحرك الدعوى العمومية عند الاقتضاء. غير أن قانون الإجراءات الجزائية يجيز للضحية أو لأصحاب الحق تقديم شكوى والادعاء بالحق المدني مباشرة أمام قاضي التحقيق لحماية حقوقهم. وفي هذه الحالة تكون الضحية، وليس المدعي العام، هي من يحرك الدعوى العمومية بعرض الحالة على قاضي التحقيق. وسبيل الانتصاف هذا المشار إليه في المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية لم يستخدم رغم أنه كان كفيلاً بأن يتيح لصاحبة البلاغ إمكانية تحريك الدعوى العمومية وإلزام قاضي التحقيق بإجراء التحقيق حتى لو كانت النيابة العامة قد قررت خلاف ذلك.

‏4-5‏ وتلاحظ الدولة الطرف كذلك ما ذهبت إليه صاحبة البلاغ من أن اعتماد ميثاق السلم والمصالحة ‏الوطنية عن طريق الاستفتاء وسن النصوص الخاصة بتطبيقه، وبخاصة المادة 45 من الأمر رقم 06-01، جعل من ‏غير الممكن اعتبار أنه توجد في الجزائر سبل انتصاف محلية فعالة ومجدية ومتاحة لأسر ضحايا الاختفاء. وعلى ‏هذا الأساس، ظنّت صاحبة البلاغ أنها في حِلٍّ من واجب اللجوء إلى الهيئات القضائية المختصة مستندة إلى ‏حكمها المسبق على موقف هذه الهيئات وتقديرها في تطبيق هذا الأمر. لكن الدولة ترى أنه لا يجوز لصاحبة ‏البلاغ التذرع بهذا الأمر ونصوص تطبيقه للتنصل من مسؤوليتها عن عدم مباشرة الإجراءات القضائية المتاحة. ‏وتذكِّر الدولة الطرف بالاجتهادات السابقة للجنة التي ذهبت فيها إلى أن اعتقاد شخص ما عدم جدوى سبيل ‏للانتصاف أو افتراض ذلك من تلقاء نفسه لا يعفيه من استنفاد سبل الانتصاف المحلية جميعها ( ) .

4-6 ثم تشير الدولة الطرف إلى طبيعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأسس التي يستند إليها ومضمونه ونصوص تطبيقه. وتؤكد على أن اللجنة مدعوة، بموجب مبدأ عدم قابلية السلم للتصرف فيه والذي أصبح حقاً دولياً في السلم، إلى أن تُهيئ لإرساء دعائم السلم وتدعَم المصالحة الوطنية حتى تتمكن الدول التي تُعاني أزمات داخلية من تعزيز قدراتها. وفي سياق هذا الجُهد من أجل المصالحة الوطنية، اعتمدت الدولة الميثاق الذي ينص في الأمر المتعلق بتطبيقه على تدابير قانونية تستوجب انقضاء الدعوى العمومية واستبدال العقوبات أو تخفيفها بالنسبة لكل شخص يُدان بارتكاب أعمال إرهابية أو يستفيد من الأحكام المتعلقة باستعادة الوئام المدني، فيما عدا الأشخاص الذين ارتكبوا مجازر جماعية أو انتهكوا الحرمات أو استعملوا المتفجرات في الاعتداء على الأماكن العمومية أو تواطؤوا على ذلك. وينص الأمر أيضاً على إجراءات دعم سياسة التكفُّل بمسألة المفقودين برفع دعوى لاستصدار حكم قضائي بالوفاة يمنح ذوي الحقوق من ضحايا "المأساة الوطنية" الحق في التعويض. وأخيراً ينص الأمر على تدابير سياسية مثل منع أي شخص استغل الدين في الماضي استغلالاً ساهم في حدوث "المأساة الوطنية" من ممارسة أي نشاط سياسي، كما يقضي بعدم قبول أي ملاحقة قانونية فردية أو جماعية تستهدف أفراد قوات الدفاع والأمن التابعة للجمهورية، بجميع مكوناتها، بتهمة ارتكاب أعمال نُفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات ونجدة الأمة والحفاظ على مؤسسات الجمهورية.

4-7 وبالإضافة إلى استحداث صناديق تعويض لجميع ضحايا "المأساة الوطنية" ترى الدولة الطرف أن شعب الجزائر صاحب السيادة وافق على الشروع في عملية مصالحة وطنية باعتبارها السبيل الوحيد لتضميد جراحه. وتؤكد الدولة الطرف على أن إعلان ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يندرج في إطار الرغبة في تجنُّب حالات المواجهة القضائية والتشهير الإعلامي وتصفية الحسابات السياسية. لذا تعتبر الدولة الطرف أن الوقائع التي تدعيها صاحبة البلاغ مشمولة بالآلية الداخلية الجامعة للتسوي ة التي تنص عليها أحكام الميثاق.

4-8 وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تلاحظ أوجه الشبه بين الوقائع والأوضاع التي وصفتها صاحبة البلاغ وتلك التي وصفها أصحاب بلاغات سابقة والمتضمَّنة في المذكرة الأصلية المؤرخة 3 آذار/مارس 2009 وأن تراعي السياق الاجتماعي السياسي والأمني الذي حدثت فيه. وتطلب أيضاً إلى اللجنة أن تخلص إلى أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سُبُل الانتصاف المحلية وأن تعترف بأن سلطات الدولة الطرف أنشأت آلية داخلية لمعالجة الحالات التي تتناولها البلاغات المعنية وتسويتها تسويةً شاملة، وذلك حسب آلية سِلم ومصالحة وطنية تتفق ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والعهدين الدوليين والاتفاقيات التالية، وأن تُعلن البلاغ غير مقبول وتدعو صاحبة البلاغ إلى التماس سُبُل الطعن على النحو الواجب.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف على المقبولية

5-1 في 8 نيسان/أبريل 2010، أحالت الدولة الطرف أيضاً مذكرة أخرى أضافتها إلى المذكرة الأصلية، المؤرخة في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تساءلت فيها عن الغرض من تقديم سلسلة من البلاغات الفردية إلى اللجنة منذ بداية عام 2009، معتبرةً أن ذلك يشكِّل إساءة استخدام للإجراءات، ذلك أن تلك البلاغات تتناول مسألة تاريخية شاملة لا عِلم للجنة بأسبابها ولا بملابساتها. وتلاحظ الدولة الطرف أن جميع هذه البلاغات "الفردية" تقتصر على السياق العام الذي وقعت فيه حالات الاختفاء. وتلاحظ الدولة الطرف أن الشكاوى تتعلق حصراً بأعمال قوات الأمن ولا تتطرَّق إلى أعمال مختلف الجماعات المسلحة التي تستخدم تقنيات التمويه الإجرامي من أجل تجريم القوات المسلحة.

5-2 وتُصرُّ الدولة الطرف على أنها لن تتناول الأسس الموضوعية لهذه البلاغات حتى يُبتَّ في مسألة المقبولية. وتُضيف أن على جميع الهيئات القضائية أو شبه القضائية معالجة المسائل الأولية قبل النظر في الأسس الموضوعية. وتعتبر أن القرار المتعلق بالنظر في المقبولية والأسس الموضوعية معاً - بصرف النظر عن أن هذا القرار لم يُتوصَّل إليه على أساس التشاور - يضر على نحو خطير بالنظر بصورة سليمة في البلاغات سواءٌ من حيث طابعها العام أو خصوصيتها. وفيما يتعلق بالنظام الداخلي للجنة، تلاحظ الدولة الطرف أن الأجزاء المتعلقة بنظر اللجنة في مقبولية البلاغات هي أجزاء منفصلة عن تلك المتعلقة بنظر اللجنة في الأسس الموضوعية، وبالتالي يمكن النظر في تلك المسائل بشكل منفصل. أما عن استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية، فتصرّ الدولة الطرف على أن الشكاوى أو طلبات الحصول على المعلومات التي قدمتها صاحبة البلاغ لم تُقدَّم عَبر قنوات من شأنها السماح بالنظر في القضية من قِبَل السلطات القضائية المحلية.

5-3 وتشير الدولة الطرف إلى اجتهاد اللجنة بشأن الالتزام باستنفاد سُبُل الانتصاف المحلية، وتؤكد أن مجرد وجود شك في احتمال النجاح أو مخاوف بشأن تأخير الإجراءات لا يعفي صاحب البلاغ من التزامه المتعلق باستنفاد سُبُل الانتصاف. وفيما يتعلق بمسألة ما إذا كان صدور الميثاق قد استبعد إمكانية اللجوء إلى أي سبيل من سُبُل الانتصاف في هذا المجال، تقول الدولة الطرف إن عدم قيام صاحبة البلاغ باتخاذ أي خطوات لتقديم ادعاءاتها للتدقيق قد منع السلطات الجزائرية من اتخاذ موقف بشأن نطاق وحدود تطبيق الميثاق. وعلاوة على ذلك، ينص الأمر على أن الإجراءات الوحيدة غير المقبولة هي تلك التي تُقدَّم ضدّ "أفراد قوات الدفاع والأمن الجمهوريين" بسبب إجراءات اتخذوها وفقاً لواجباتهم الأساسية تجاه الجمهورية، وهي تحديداً حماية الأشخاص والممتلكات والأمة والحفاظ على مؤسساتها. ومن ناحية أخرى، فإن أي ادعاءات بشأن إجراءات تُعزى إلى قوات الدفاع أو الأمن يمكن إثبات أنها وقعت خارج هذا الإطار، سوف تخضع للتحقيق من قِبَل المحاكم المختصة.

5-4 وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر 2010، كررت الدولة الطرف تأكيد اعتراضها على مقبولية البلاغ في نسخة جديدة من "المذكرة المرجعية للحكومة الجزائرية بشأن عدم مقبولية البلاغات المقدَّمة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان فيما يتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية".

تعليقات صاحبة البلاغات على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في 5 كانون الثاني/يناير 2011، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية ضمنتها دفوعاً إضافية تتعلق بالأسس الموضوعية لبلاغها.

6-2 وأشارت صاحبة البلاغ إلى أن الدولة الطرف قَبِلَت اختصاص اللجنة بالنظر في البلاغات المقدَّمة من الأفراد. وهذا الاختصاص ذو طابع عام ولا تخضع ممارسته لتقدير الدولة الطرف. بل إن اللجنة هي التي تبتُّ في تلك المسألة عند شروعها في دراسة البلاغ. وتعتبر صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لا يمكنها أن تحتج باعتماد آلية داخلية شاملة للتسوية بوصف ذلك سبباً من أسباب عدم قبول بلاغ ما. وفي القضية موضع النظر، تُعدُّ التدابير التشريعية المعتمدة في حد ذاتها انتهاكاً للحقوق الواردة في العهد، وقد سبق للجنة أن أشارت إلى ذلك ( ) .

6-3 وتذكِّر صاحبة البلاغ بأن إعلان الجزائر حالة الطوارئ في 9 شباط/فبراير 1992 لا ينبغي أن يؤثر في شيء على حق الأفراد في تقديم بلاغات إلى اللجنة. فالمادة 4 من العهد تنص بالفعل على أن إعلان حالة الطوارئ يتيح للدولة عدم التقيُّد ببعض أحكام العهد فقط ولا يؤثر من ثم على ممارسة الحقوق المترتبة على بروتوكوله الاختياري.

6-4 وإضافةً إلى ذلك، تتطرق صاحبة البلاغ إلى الحُجة التي أوردتها الدولة الطرف ومؤداها أن استيفاء شرط استنفاد سُبُل الانتصاف المحلية يقتضي منها تحريك الدعوى العمومية عن طريق رفع شكوى والادعاء بالحق المدني لدى قاضي التحقيق وفقاً للمواد 72 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية. وتُذكِّر بأن هذا الإجراء يخضع، كشرط مُسبق للمقبولية ، لدفع كفالة أو "مصاريف الدعوى" التي يُحدِّد قيمتها قاضي التحقيق بطريقة اعتباطية. وتعتبر أن الشرط المالي شرط مجحف قد يُثني المتقاضين عن متابعة الإجراءات، هذا بالإضافة إلى عدم وجود أية ضمانة بأن الإجراء سيُفضي حقاً إلى ملاحقة المسؤولين. وتعتبر صاحبة البلاغ أن السلطات المختصة هي التي كان يتعين عليها أن تبادر بالتحقيقات اللازمة في وقائع خطيرة كالتي تدَّعيها. وتشير صاحبة البلاغ إلى اجتهاد اللجنة السابق في هذا الصدد ( ) .

6-5 وتؤكد صاحبة البلاغ مجدداً أنها استفسرت لدى قوات الأمن عن مصير زوجها وابنها بعد توقيفهما، ولكن دون جدوى. وتؤكد أيضاً أنها لفتت انتباه مكتب النيابة العامة بمحكمتي الطاهير وجيجل . ومع ذلك لم يفتح أي تحقيق في الانتهاكات المزعومة. وبالتالي لا يمكن توجيه اللوم إلى صاحبة البلاغ وأسرتها على عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن الدولة الطرف هي التي لم تف بواجبها إجراء التحقيقات اللازمة.

6-6 وتلاحظ صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف تؤكد، فيما يبدو، أن منع أية ملاحقات، فردية أو مشتركة، ضد عناصر قوات الدفاع والأمن بموجب المادة 45 من الأمر رقم 06-01، ليس منعاً مطلقاً ولا يمكن إصدار أي حكم مسبق بشأن المواقف التي قد تتخذها المحاكم الجزائرية بخصوص أساليب تطبيق المادة 45. وتذكر صاحبة البلاغ بأن الدعوى التي رفعتها عبر القنوات الرسمية في 25 حزيران/يونيه 2007، لطلب فتح تحقيق في اختفاء زوجها وابنها حُفظت بقرار صدر في 17 كانون الثاني/يناير 2009 عن وكيل الجمهورية الذي اعتبر في قراره أن المادة 45 من الأمر 06-01 تنطبق على القضية التي رفعتها صاحبة البلاغ. وبناءً عليه، تخلص صاحبة البلاغ إلى أن الأمر رقم 06-01 وضع حداً نهائياً لكل إمكانية لتحريك دعوى مدنية أو جنائية بخصوص الجرائم التي ارتكبها عناصر قوات الأمن خلال الحرب الأهلية وأن المحاكم الجزائرية مجبرة على إعلان ع دم قبول أية دعوى من هذا القبيل.

6-7 وبخصوص الأسس الموضوعية، تعتبر صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تنفي، فيما يبدو، وقوع اختفاءات قسرية جماعية في الجزائر، لأنها تقرر في كل مرة إقفال الملف مستبعدةً بذلك مسؤولية أعوانها. وترى صاحبة البلاغ أن قرار الدولة الطرف منح تعويض ل‍ 704 5 من ذوي الحقوق من أصل 023 8 شخصاً في عداد المختفين يشكل مفارقة عجيبة. فالدولة الطرف لا تتناول مسألة الاختفاءات القسرية إلى في جانبها المالي دون البحث عن المسؤولين الذين تعتبرهم الدولة الطرف "منقذي الأمة". زد على ذلك أن الدولة الطرف لم تفتح قط أي تحقيق شامل في حالات الاختفاء القسري مثلما أوصتها بذلك مراراً وتكراراً مختلف الهيئات الدولية ( ) .

6-8 أما عن دفع الدولة الطرف الذي مفاده أنه يحق لها أن تطلب النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية، تشير صاحبة البلاغ إلى الفقرة 2 من المادة 97 من النظام الداخلي للجنة الذي ينص على أنه يجوز للفريق العامل أو المقرر الخاص أن يطلب، بسبب الطبيعة الاستثنائية للحالة، رداً خطياً يتصل فقط بمسألة المقبولية. فهذه الصلاحيات لا تملكها صاحبة البلاغ ولا الدولة الطرف وتدخل في نطاق اختصاص الفريق العامل أو المقرر الخاص دون سواهما. وتعتبر صاحبة البلاغ أنه كان يتعين على الدولة الطرف أن تقدم شروحاً أو ملاحظات تتصل بمقبولية البلاغ وبأسسه الموضوعية.

6-9 وتلاحظ صاحبة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تعلق على الأسس الموضوعية، وبالتالي يتعين على اللجنة أن تبت في القضية بالاستناد إلى المعلومات المتاحة وأن تولي الاعتبار الواجب لإدعاءات صاحبة البلاغ ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى أن رفض الدولة الطرف الرد على مزاعم صاحبة البلاغ والتعاطي مع الشكوى على أساس أنها شكوى فردية، دليل على تورط دوائر الأمن في اختفاء زوجها وابنها. وفي غياب نفي من جانب الدولة الطرف، تعتبر صاحبة البلاغ أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب للوقائع المزعومة في بلاغها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 تذكر اللجنة بداية بأن قرار المقرر الخاص عدم الفصل بين المقبولية والأسس الموضوعية (انظر الفقرة 1-2) لا يمنع اللجنة من أن تنظر في كل منهما على حدة. وقبل النظر في أية شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تحققت اللجنة، وفق ما تقضي به الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعتبر أن صاحبة البلاغ وأسرتها لم تستنفدا سبل الانتصاف المتاحة محلياً، ذلك إنهما لم تعرضا القضية على قاضي التحقيق من خلال الادعاء بالحق المدني بموجب المادتين 72 و73 من قانون الإجراءات الجزائية. وتشير اللجنة أيضاً إلى ما ورد في ملاحظات الدولة الطرف من أن صاحبة البلاغ وجهت رسائل إلى السلطات السياسية أو الإدارية ورفعت التماساً إلى ممثلي النيابة العامة (وكلاء الجمهورية) دون أن تشرع بالفعل في الإجراءات القضائية وتستمر فيها حتى النهاية عن طريق ممارسة سبل الانتصاف المتاحة في طور الاستئناف وطور النقض. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بدفع صاحبة البلاغ الذي مفاده أنها رفعت شكاوى عديدة إلى وكيل الجمهورية لدى كل من محكمة الطاهير ومحكمة جيجل ، لكن هذه السلطات لم تأذن قط بفتح تحقيق في الانتهاكات المزعومة. وأخيراً، تلاحظ اللجنة ما ورد في تعليقات صاحبة البلاغ من أن المادة 46 من الأمر رقم 06-01 تنص على معاقبة كل شخص يرفع شكوى بشأن الأفعال المشمولة بالمادة 45 من الأمر.

7-4 وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف ليست ملزمة بإجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة المُبلغ عنها إلى السلطات فحسب، ولا سيما حالات الاختفاء القسري وانتهاك الحق في الحياة، بل هي ملزمة أيضاً بمقاضاة كل من يشتبه في ضلوعه في تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وقد لفتت أسرة الطاهر وبشير بورفيس انتباه السلطات مراراً وتكراراً إلى اختفاء الشخصين المعنيين غير أن الدولة الطرف لم تأذن بفتح تحقيق شامل ودقيق في تلك الأحداث رغم أن الأمر ينطوي على مزاعم خطيرة تتعلق بحالتي اختفاء قسري. زد على ذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تسمح باستنتاج وجوب سبيل انتصاف فعال ومتاح في الوقت الذي يستمر فيه العمل بالأمر رقم 06-01 المؤرخ 27 شباط/ فبراير 2006 على الرغم من توصيات اللجنة بجعل أحكامه متمشية مع العهد ( ) . وترى اللجنة أن الادعاء بالحق المدني بشأن جرائم خطيرة كتلك التي يزعم ارتكابها في هذه القضية لا يمكن أن يشكل بديلاً للإجراءات القضائية التي ينبغي أن يحركها وكيل الجمهورية من تلقاء ذاته ( ) . وبالنظر إلى الطابع غير الدقيق لنص المادتين 45 و46 من الأمر، وفي غياب معلومات مرضية بشأن تفسير نصي المادتين وإنفاذهما الفعلي، تعتبر مخاوف صاحبة البلاغ فيما يتعلق بمدى فعالية رفع الشكوى معقولة. وفي ضوء ما تقدم، تعتبر اللجنة أن الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تشكل ع ائقاً أمام مقبولية البلاغ.

7-5 وتعتبر اللجنة أن سبل الانتصاف الوحيدة التي يتعين على صاحبة البلاغ استنفادها لأغراض المقبولية، هي السبل التي تسمح بتصحيح الانتهاك المزعوم، أي في هذه القضية سبل الانتصاف التي تسمح بجبر ا لضرر الناجم عن الاختفاء القسري.

7-6 وتعتبر اللجنة أن صاحبة البلاغ دعمت ادعاءاتها بأدلة كافية من حيث إن هذه الادعاءات تثير مسائل في إطار المواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و17 و23 (الفقرة 1) و2 (الفقرة 3) من العهد، وتشرع في دراسة الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أحالت إليها معلومات جماعية وعامة رداً على الادعاءات الخطرة لصاحبة البلاغ واكتفت بالتأكيد على أن البلاغات التي تدعي مسؤولية موظفين عموميين أو خاضعين في أداء عملهم للسلطات العامة عن حالات الاختفاء القسري التي حدثت في الفترة الممتدة من عام 1993 إلى عام 1998 يجب أن تعالج في السياق الأعم للوضع الاجتماعي والسياسي للبلد والظروف الأمنية التي كانت سائدة في فترة كان على الحكومة أن تكافح فيها الإرهاب. وتذكر اللجنة باجتهاداتها السابقة ( ) . التي تفيد بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا بلاغات إلى اللجنة أو يعتزمون القيام بذلك. فالعهد يقضي بأن تهتم الدولة الطرف بمصير كل فردٍ وتعامله بالاحترام الذي يليق بكرامته الإنسانية الأصيلة. وترى اللجنة أن الأمر رقم 06-01 يعزز الإفلات من العقاب ما لم تدخل عليه التعديلات التي أوصت بها اللجنة، وبالتالي لا يمكن، بصيغته الحالية، أن يعتبر متوافقاً مع أحكام العهد.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية للقضية وتذكر باجتهاداتها السابقة ( ) . التي مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده خاصة أن صاحب البلاغ لا يتساوى دوماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان بحوزة الدولة الطرف فقط. ويرد ضمنياً في الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري أن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات الواردة بشأن انتهاكات أحكام العهد التي ترتكبها الدولة الطرف نفسها أو يرتكبها ممثلوها، وأن تحيل إلى اللجنة المعلومات التي تكون بحوزتها ( ) . ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أية توضيحات في هذا الخصوص، فلا بد من إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ ما دامت مدعمة بما فيه الكفاية.

8-4 وتلاحظ اللجنة ما أكدته صاحبة البلاغ من أن زوجها جرى توقيفه في بيته وفي حضورها في 23 آب/أغسطس 1996 على يد عسكريين، وأن ابنها، بشير بورفيس ، جرى توقيفه أيضاً في حضور زوجته في 22 كانون الأول/ديسمبر 1996 عقب استدعائه للحضور بمركز الدرك في منطقة سكناه. وتلاحظ أيضاًَ أن حالتي الاختفاء تنطويان على خطر شديد بأن ينتهك حق الضحيتين في الحياة وأنه من المحتمل جداً، بالنظر إلى غيابهما لفترة زمنية طويلة وظروف توقيفهما والسياق الذي أحاط بذلك، أن يكون طاهر وبشير بورفيس قد توفيا في أثناء الاحتجاز. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات من شأنها أن تدحض ادعاءات صاحبة البلاغ. وتشير اللجنة إلى أن سلب الحرية ثم عدم الاعتراف بذلك أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يؤدي، في حالات الاختفاء القسري، إلى حرمان هذا الشخص من حماية القانون ويعرض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه. وفي الحالة قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تفيد بأنها أوفت بالتزامها المتمثل في حماية حياة طاهر وبشير بورفيس . وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بحماية حياة طاهر وبشير بورفيس ، وهو ما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد ( ) .

8-5 وتقر اللجنة بدرجة المعاناة التي ينطوي عليها التعرض للاحتجاز لمدة غير محددة ودون اتصال بالعالم الخار جي. وتذكر بتعليقها العام رقم 20 (1992) بشأن منع التعذيب والعقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والذي أوصت فيه اللجنة الدول الأطراف باتخاذ تدابير من أجل منع الحبس الانفرادي. وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن عسكريين وعناصر من الدرك ألقوا القبض على طاهر وبشير بورفيس في 23 آب/ أغسطس 1996 و22 كانون الأول/ديسمبر 1996 على التوالي، وأن مصيرهما لا يزال مجهولاً إلى يومنا. وفي غياب توضيحات كافية بهذا الخصوص من جانب الدولة الطرف، تعتبر اللجنة أن حالتي الاختفاء تشكلان انتهاكاً للمادة 7 من العهد بحق طاهر وبشير بورفيس ( ) .

8-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عانته صاحبة البلاغ، وكذلك أبناؤها، من قلق وضيق جراء اختفاء طاهر وبشير بورفيس . وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك بحقها للمادة 7 منفردة ومقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ( ) .

8-7 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 9، تحيط اللجنة علماً بمزاعم صاحبة البلاغ التي مفادها أن طاهر وبشير بورفيس قبض عليهما في 23 آب/أغسطس 1996 و22 كانون الأول/ديسمبر 1996 على يد عسكريين وأفراد تابعين للدرك، على التوالي، دون أن توجه إليهم أي تهمة ودون عرضهما على هيئة قضائية حتى يتسنى لهما الطعن في مشروعية الاحتجاز، وأن أقاربهما لم يتلقوا أية معلومات رسمية عن مكان احتجازهما أو عن مصيرهما على الرغم من أن السلطات أقرت بأن اختفاءهما حدث "في سياق المأساة الوطنية". وفي غياب أية توضيحات كافية من جانب الدولة الطرف، تخلص اللجنة أن المادة 9 من العهد قد انتهكت بحق طاهر وبشير بورفيس ( ) .

8-8 وفيما يتعلق بالشكوى المقدمة بموجب الفقرة 1 من المادة 10، تؤكد اللجنة مجدداً أن الأشخاص الذين تُسلب حريتهم يجب أن لا يتعرضوا لأي حرمان أو إكراه عدا ما هو ملازم لسلب الحرية، وأنه يجب معاملتهم بإنسانية واحترام كرامتهم. ونظراً لاحتجاز طاهر وبشير بورفيس في الحبس الانفرادي ولعدم تقديم الدولة الطرف أية معلومات بهذا الخصوص، تخلص اللجنة إلى أن الفقرة 1 من المادة 10 من العهد قد انتهكت ( ) .

8-9 أما عن مزاعم انتهاك المادة 16، فإن اللجنة تُذكّر باجتهاداتها الثابتة ومؤداها أن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون لفترة مطولة يمكن أن يشكل إنكاراً لشخصيته القانونية إذا كان هذا الشخص في عهدة سلطات الدولة عند ظهوره للمرة الأخيرة، وإذا كانت جهود أقاربه الرامية إلى الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، بما في ذلك السبل القضائية (الفقرة 3 من المادة 2)، تعترضها معوقات بانتظام ( ) . وفي القضية قيد البحث، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن مكان وجود طاهر وبشير بورفيس أو مصيرهما، على الرغم من الطلبات العديدة التي قدمتها صاحبة البلاغ إلى الدولة الطرف. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء طاهر وبشير بورفيس قسراً منذ ما يقارب 17 عاماً حرمهما من حماية القانون ومن حقهما في أن يُعترف لهما بالشخصية بالقانونية، وفي ذلك انتهاك للمادة 16 من العهد.

8-10 وفيما يتعلق بمزاعم انتهاك المادة 17، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أية معلومات تبرر أو تفسر دخول عسكريين بيت الأسرة ليلاً وباستخدام القوة دون أمر قضائي. وتخلص اللجنة إلى أن دخول موظفين حكوميين إلى بيت أسرة طاهر بورفيس في مثل هذه الظروف يشكل تعدياً غير قانوني على بيتهم، وفي ذلك انتهاك للمادة 17 من العهد ( ) .

8-11 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة في المزاعم المتعلقة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد بطريقة منفصلة.

8-12 وتستشهد صاحبة البلاغ بالفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل سبيل انتصاف فعالاً لجميع الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتعلق اللجنة أهمية على قيام الدول الأطراف بإنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق. وتُذكّر بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد الذي يشير على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للعهد. وفي هذه الحالة، وعلى الرغم من أن أسرة طاهر وبشير بورفيس أخطرت السلطات المختصة، وتحديداً وكيل الجمهورية في محكمة ال طاهير ومحكمة جيجيل ، فلم تفض مساعيها إلى أي نتيجة، ذلك أن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق شامل ودقيق في قضية اختفاء زوج صاحبة البلاغ وابنها. وعلاوة على ذلك، فإن استحالة اللجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06-01 المتعلق بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لا تزال تحرم طاهر وبشير بورفيس وصاحبة البلاغ وسائر أفراد الأسرة من إمكانية الوصول إلى سبيل انتصاف فعال، ذلك أن الأمر المذكور يمنع، تحت طائلة السجن، من اللجوء إلى العدالة لكشف ملابسات أكثر الجرائم خطورة مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للمادة 2 (الفقرة 3) من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 6 (الفقرة 1) والمادة 7 والمادة 9 والمادة 10 (الفقرة 1) والمادة 16 من العهد بحق طاهر وبشير بورفيس ، والمادة 2 (الفقرة 3) من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 17 بحق طاهر بورفيس ، وكذلك المادة 2 (الفقرة 3) مقروءة بالاقتران مع المادتين 7 و17 من العهد بحق صاحبة البلاغ.

9- واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 و17 من العهد، منفردة ومقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد بحق طاهر بورفيس . وتلاحظ أيضاً وجود انتهاك من جانب الدولة الطرف للمواد 6 (الفقرة 1) و7 و9 و10 (الفقرة 1) و16 من العهد، منفردة ومقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد بحق بشير بورفيس . وأخيراً، تلاحظ اللجنة انتهاك المادتين 7 و17 من العهد، منفردتين ومقروءتين بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3) من العهد بحق صاحبة البلاغ.

10- ووفقاً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ وأسرتها سبيل انتصاف فعالاً يشمل على وجه الخصوص ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل ودقيق في اختفاء طاهر وبشير بورفيس ؛ (ب) تزويد صاحبة البلاغ وأسرتها بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ (ج) الإفراج فوراً عن طاهر وبشير بورفيس إذا كانا لا يزالان في الحبس الانفرادي؛ (د) إعادة جثتي طاهر وبشير بورفيس إلى أسرتهما إذا كانا قد توفيا؛ (ه‍( ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ (و) تقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ عن الانتهاكات التي تعرضت لها وكذلك إلى طاهر وبشير بورفيس إن كانا لا يزالان على قيد الحياة. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06-01، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على عدم إعاقة ممارسة الحق في سبيل انتصاف فعال بالنسبة إلى ضحايا الجرائم من قبيل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ ما يلزم من تدابير لمنع حد وث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي تتخذها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وبالإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.