اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 (4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2224/2012 * **
بلاغ مقدم من : دوفران باهراموفيتش ماتياكوبوف ( يمثله المحامي شين ه. برادي)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ
الدولة الطرف: تركمانستان
تاريخ تقديم البلاغ: ٣ أيلول /سبتمبر ٢٠١٢ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب الماد ة 97 من النظام الداخلي للجنة، والذي أُحيل إلى الدولة الطرف في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : ١ ٤ تموز/يوليه ٢٠١٦
الموضوع: الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية الإلزامية؛ المعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ الإدانة ب نفس الجرم مرتين؛ ظروف الاحتجاز
المسائل الإجرائية : المقبولي ة - استنفاد سبل الانتصاف المحلية
المسائل الموضوعية: حرية الوجدان؛ المعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ عدم جواز المحاكمة على نفس الجرم مرتين؛ ظروف الاحتجاز
مواد العهد: 7 و10 و14(7) و18(1)
مواد البروتوكول الاختياري : الفقرة (2)(ب) من المادة 5
1 -1 صاحب البلاغ هو دوفران باهراموفيتش ماتياكوبوف ، وهو مواطن تركماني وُلِد في 18 أيلول/سبتمبر 1992. ويدعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقه بموجب المواد 7 و14(7) و18 (1) من العهد، بسبب محاكمته وإدانته وسجنه أكثر من مرة لاستنكافه ضميري اً . ومع أن صاحب البلاغ لم يحتج بالماد ة 10 من العهد تحديداً، فإن البلاغ يثير فيما يبدو قضايا في إطارها أيضا ً . ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف ف ي 1 آب/أغسطس 1997. ويمثل صاحب البلاغ محام هو شين ه. برادي.
١ - ٢ وقد طلب صاحب البلاغ في رسالته الأولى، المؤرخة 3 أيلول/سبتمبر 2012، أن تطبق اللجنة المادة 92 من نظامها الداخلي وأن تلتمس من الدولة الطرف ضمانات، كتدبير مؤقت، بأنها لن تخضعه لجولة ثانية من الملاحقة الجنائية ريثما تنظر اللجنة في بلاغه. وف ي 7 كانون الأول/ديسمبر 2012، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم تلبية ال طلب المتعلق بمنحه تدابير مؤقتة .
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
٢ - ١ صاحب البلاغ من شهود يهوه. ولم يتهم قط بارتكاب جريمة جنائية أو إدارية قبل إداناته الجنائية المتكررة وغير المشروعة التي صدرت بحقه كمستنكف ضميري.
٢ - ٢ وفي 17 أيلول/سبتمبر 2010، استدعته المفوضية العسكرية لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية. وشرح صاحب البلاغ لممثلي المفوضية العسكرية بالتفصيل أن معتقداته الدينية، بصفته من شهود يهوه، لا تسمح له بأداء الخدمة العسكرية. ومع ذلك، اتهم برفض أداء ال خدمة العسكرية، بموجب المادة 219(1 ) من القانون الجنائي.
٢ -٣ وجرت محاكمة صاحب البلاغ في 28 كانون الأول/ديسمبر 2010 في محكمة بولدومساز المحلية. وبيّن بالتفصيل لماذا لا تسمح له معتقداته الدينية بأداء الخدمة العسكرية موضح اً أنه مستعد لأداء خدمة مدنية بديلة ( ) . وفي اليوم نفسه، حكمت عليه محكمة بولدومساز المحلية بالسجن لمدة 18 شهر اً لرفضه أداء ال خدمة العسكرية، بموجب المادة 219 (1) من القانون الجنائي، على أن يقضيها في معسكر خاضع لـ "نظام السجون العام". وأوقف في قاعة المحكمة ووُضع في مرفق الاحتجاز DZK-7 في داشوغوز ، حيث احتجز لمدة 71 يوم اً. وفي 8 آذار/ مارس 2011، نقل إلى سجن LBK-12 الواقع قرب بلدة سيدي في منطقة لباب في صحراء تركمانستان. وكان صاحب البلاغ، أثناء احتجازه، يُعامل معاملة قاسية دون سواه لكونه من شهود يهوه. وفور وصوله إلى سجن LBK-12، وضع في الحبس الانفرادي لمدة 10 أيام.
٢ - ٤ وف ي 28 حزيران/يونيه 2012، أُفرج عن صاحب البلاغ. واشتُرط عليه الحضور بصورة منتظمة إلى إدارة شرطة بولدومساز . وواجه صاحب البلاغ، وقت تقديم بلاغه، احتمال استدعائه مرة أخرى للخدمة العسكرية وسجنه من جديد بسبب استنكافه الضميري .
٢ - ٥ ويعتبر صاحب البلاغ أن القرار الذي اتخذته محكمة بولدوم ساز المحلية في 28 كانون الأول/ديسمبر 2010، يفي بالتزامه باستنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المعقولة قبل تقديم هذا البلاغ. ولم يستأنف صاحب البلاغ قرار إدانته الأول أمام المحاكم ال أعلى درجة في تركمانستان ( ) .
٢ - ٦ وفي مذكرة أخرى، مؤرخة 1 أيار/مايو 2013، يشير صاحب البلاغ إلى أنه تلقى، في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، استدعاء من المفوضية العسكرية لتأدية الخدمة العسكرية. وأوضح مرة أخرى لمسؤولي المفوضية العسكرية الأسباب التي تدفعه إلى عدم أداء الخدمة العسكرية. وذكر أيض اً أن قوة نظره في العين اليسرى لا تتجاوز 30 في المائة، وأنه لا يرى شيئ اً في عينه اليمنى أحيان اً إذا زاد العبء عليها. وذكر أن طبيبه حذره من أنه قد يصاب بالعمى إذا أهمل هذه المشكلة. وفي 24 كانون الأول/ديسمبر 2012، أي بعد ستة أشهر من الإفراج عنه، حوكم مرة أخرى أمام محكمة بولدومساز المحلية، في ولاية داشوغوز . وأبلغ القاضي أن معتقداته الدينية، بصفته من شهود يهوه، لا تجيز له، بشكل مباشر أو غير مباشر، حمل السلاح أو تعلم فنون الحرب. وأبلغه أيضا ً بمشكلة عينه مؤكد اً استعداده أداء خدمة مدنية بديلة. ومع ذلك، أدين مرة ثانية كونه مستنكفا ً ضميريا ً ، وحكم عليه بأقصى عقوبة سالبة للحرية وهي السجن لمدة 24 شهرا ً ، بموجب المادة 219 (1) من القانون الجنائي. واعتبر مجرماً معاوداً وسجن في سجن ذي "نظام صارم". وفي 17 كانون الثاني/يناير 2013، رفضت محكمة داشوغوز الإقليمية طعن صاحب البلاغ في حكم المحكمة الابتدائية. وبعد المحاكمة، احتُجز لمدة 15 يوم اً تقريب اً في مركز الاحتجاز المؤقت DZ-D/7في داشوغوز ، حيث خضع لمزيد من التهديد وسوء المعاملة على يد ضباط إدارة الشرطة السادسة في داشوغوز ( ) . وأشار صاحب البلاغ إلى أنه تعرض للضرب لمدة ثلاثة أيام، وأن موظفي مركز الاحتجاز حاولوا إجباره على التخلي عن معتقداته، وأهانوه بسبب قناعاته. وفي 10 كانون الثاني/يناير 2013، نُقل صاحب البلاغ إلى معسكر LBK-11 ذي النظام الصارم في سيدي، حيث قضى عقوبته في ظروف تعتبر أسوأ من ظروف سجنه في المرة الأولى في معسكر LBK-12 الخاضع لنظام السجون العام. ويدَّعي صاحب البلاغ أنه كان خاضعاً للمرا قبة المستمرة في سجن LBK-11 ولم يكن يسمح له بالتواصل بحرية مع غيره من شهود يهوه المحتجزين في السجن نفسه. ويدفع بأنه أدين وسُجن مرتين بسبب رفضه قبول الخدمة العسكرية، "الذي يستند إلى نفس الإصرار الثابت على الامتناع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية".
٢ - ٧ وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 7 من العهد، على وجه الخصوص، يذكر صاحب البلاغ أن تقديم شكوى إلى إدارة السجن أو أي جهاز حكومي آخر بشأن التعرض لأفعال سوء معاملة خطيرة بحقه لن يؤدي إلا إلى تعريضه لانتقام قاس وإلى مزيد من الإيذاء البدني. ويؤكد أنه لا يوجد أي س بيل انتصاف محلي فعال متاح له لكي يقدم شكوى بشأن "المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة" التي تعرض لها أثناء احتجازه وفي السجن. ويشير صاحب البلاغ إلى الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب بشأن تركمانستان، التي أشارت فيها اللجنة إلى عدم وجود آلية مس تقلة وفعالة في الدولة الطرف لتلقي شكاوى التعذيب وإجراء تحقيقات نزيهة وشاملة فيها، لا سيما ادعاءات السجناء والمحتجزين في انتظار محاكمتهم ( ) .
٢ - ٨ وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 14(7) من العهد، يذكر صاحب البلاغ ، الذي يسوق حجج اً مماثلة لتلك التي دُفع بها في قضية نوروز نصيرلاييف ضد تركمانستان ، أن المادة 18(4) من قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإلزامي تجيز صراحة تكرار محاكمة المستنكفين ضميرياً عن الخدمة العسكرية وسجنهم. ونتيجة لذلك، لا يوجد أمامه أي سبيل انتصاف محلي للحصول على جبر للضرر الذي لحق به بسبب تكرار مقاضاته وإدانته كمستنكف ضميري عن الخدمة العسكرية. وعلاوة على ذلك، رفضت محكمة داشوغوز الإقليمية، في 17 كانون الثاني/يناير 2013، طعن صاحب البلاغ في حكم المحكمة المحلية في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012 فيما يتعلق بإدانته الثانية.
٢ - ٩ ويدفع صاحب البلاغ، فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لحقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، بأن المحاكم الوطنية - المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمحكمة العليا - لم تحكم قط لصالح أي مستنكف ضميري عن الخدمة العسكرية ( ) . وهذه الحقائق، إلى جانب رفض النداءات الدولية المتكررة لتوفير خدمة مدنية بديلة تتفق مع أسباب الاستنكاف الضميري ، ولإطلاق سراح المسجونين المستنكفين ضميريا ً ، تؤكد عدم وجود أي سبيل انتصاف محلي متاح في تركمانستان للمستنكفين ضميريا ً عن الخدمة العسكرية للطعن في الملاحقة الجنائية وأحكام الإدانة والسجن. وبالتالي، يؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 18(1) من العهد، قبل تقديم بلاغه إلى اللجنة.
٢ - ١٠ ولم يعرض صاحب البلاغ بلاغه على أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
الشكوى
٣ - ١ يدعي صاحب البلاغ أن مقاضاته وسجنه بسبب معتقداته الدينية التي أعرب عنها في شكل استنكاف ضميري عن الخدمة العسكرية يشكلان في حد ذاتهما معاملة لا إنسانية ومهينة بالمعنى المراد من المادة 7 من العهد ( ) .
٣ - ٢ ويدعي صاحب البلاغ أيضاً وقوع انتهاك للمادة 7 من العهد بسبب ما تعرض له من "معاملة أو عقوبة لا إنسانية أو مهينة" أثناء الاحتجاز، بما في ذلك تعامل الشرطة معه بوحشية وظروف حبسه في سجن LBK-12. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ، في جملة أمور، إلى الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب بشأن تركمانستان ( ) ، والاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) ، وتقرير رابطة المحامين المستقلين التركمانية الصادر في شباط/فبراير 2010 ( ) ، وتدل هذه الوثائق على أن ممارسة تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم منتشرة في الدولة الطرف على نطاق واسع. وتسلط الضوء أيضاً على شدة خطر تعرض صاحب البلاغ للتعذيب أو سوء المعاملة اللاإنسانية أو المهينة في حال إعادته إلى تركمانستان، وعلى كون سجن LBK-12 يقع في صحراء تهبط فيها درجة الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر في الشتاء وترتفع إلى 50 درجة مئوية في الصيف. وهو سجنٌ مكتظٌ يحتجز فيه السجناء المصاب ون بالسل وبالأمراض الجلدية مع السجناء الأصحاء، مما عرض صاحب البلاغ بشكل كبير لخطر الإصابة بالسل وأمراض أخرى. ورغم أن صاحب البلاغ لا يحتج بالمادة 10 من العهد على وجه التحديد، فإن بلاغه يثير مسائل تندرج في إطارها.
٣ - ٣ وفي هذه القضية، حوكم صاحب البلاغ وأدين وسجن مرتين بسبب رفضه أداء الخدمة العسكرية بالاستناد إلى "نفس الإصرار الثابت على الامتناع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية" وهو ما يمث ل انتهاكا ً للمادة 14(7) من العهد ( ) .
٣ - ٤ ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن في مقاضاته وإدانته وحبسه لرفضه أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب معتقداته الدينية واستنكافه الضميري انتهاك اً للحقوق التي تكفلها له المادة 18(1) من العهد ( ) . ويشير إلى أنه أبلغ السلطات التركمانية مراراً وتكراراً بأنه مستعد للقيام بواجباته المدنية بأداء خدمة بديلة حقيقية، لكن قوانين الدولة الطرف لا تنص على هذا البديل.
٣ - ٥ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن في تكرار مقاضاته وإدانته وسجنه انتهاك اً للمواد 7 و14(7) و18(1) من العهد. ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أيض اً أن تدعو الدولة الطرف إلى ما يلي: (أ) تبرئته من التهم الموجهة إليه بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي وشطب سجله الجنائي؛ (ب) منحه تعويضاً مناسباً عن الأضرار غير المالية التي لحقت به بسبب إدان ا ته وحبسه؛ (ج) منحه تعويضاً مالياً مناسباً عن النفقات القانونية التي تحملها، عمل اً بالمادة 2 (3) من العهد.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية
٤ - أفادت الدولة الطرف، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 17 آذار/مارس 2014، بجملة أمور، منها أن "هيئات إنفاذ القانون المعنية في تركمانستان نظرت بعناية في قضية صاحب البلاغ ولم تجد سبباً للطعن في قرار المحكمة". وترى الدولة الطرف أن الفعل الإجرامي الذي ارتكبه صاحب البلا غ محدد بدقة وفقاً ل لقانون الجنائي لتركمانستان". وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن الماد ة 41 من الدستور تنص على أن "حماية تركمانستان واجب مقدس يقع على عاتق كل مواطن" وأن التجنيد العام إجباري على الذكور من مواطني تركمانستان. وبالإضافة إلى ذلك، "لم يستوف صاحب البلاغ المعايير التي يُعفى بمقتضاها من الخدمة العسكرية، وفق ما تنص عليه المادة 18 من قانون الخ دمة العسكرية والتجنيد الإلزامي" ( ) .
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
٥ - ١ في 14 أيار/مايو 2014، دفع صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تطعن في أي من الوقائع الواردة في بلاغه. والتبرير الوحيد الذي حاولت الاحتجاج به هو تأكيدها أن صاحب البلاغ أدين وسجن باعتباره مستنكفا ً ضميريا ً عن الخدمة العسكرية لأنه "غير مؤهل" للإعفاء منها بموجب المادة 18 من قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإلزامي. ويرى صاحب البلاغ أن م ا دفعت به الدولة الطرف في ملاحظاتها ينم عن تجاهلها التام لالتزاماتها الناشئة عن المادة 18 من العهد وللاجتهادات ال سابقة للجنة، التي تؤيد الحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. وعلاوة على ذلك، لم تعترض الدولة الطرف على ادعاء صاحب البلاغ بأنه تعرض - بما يتنافى مع أحكام المادة 7 من العهد - لمعاملة لا إنسانية ومهينة على أيدي مو ظفي إنفاذ القانون وموظفي السجون ( ) .
٥ - ٢ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن في مقاضاته وإدانته وسجنه انتهاك اً لحقوقه بموجب المادتين 7 و18(1) من العهد وأن في مقاضاته وسجنه على نفس الجرم أكثر من مرة انتهاك اً للمادة 14 (7) من العهد ( ) ، ويكرر طلبه الحصول على تعويض (انظر الفقرة 3-5).
٥ - ٣ وفي 26 كانون الثاني/يناير 2015، قدم صاحب البلاغ معلومات إضافية تفيد بأن رئيس تركمانستان أصدر، في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2014، عفو اً عن ثمانية من شهود يهوه المسجونين، بمن فيهم صاحب البلاغ، بينهم ثلاثة أشخاص تنظر اللجنة في بلاغاتهم. وعندما أفرج عن صاحب البلاغ، كان قد قضى 22 شهر اً في السجن من مدة عقوبته وهي 24 شهرا ً . ورغم أن قرار الإفراج حظي بالترحيب، فإن صاحب البلاغ لم يُبرأ من التهم الجنائية، ولم يشطب سجله الجنائي ولم يُرد له اعتباره. ويضيف صاحب البلاغ أن العديد من شهود يهوه صدرت بحقهم أحكام بالإدانة بسبب رفضهم أداء الخدمة العسكرية وحكم عليهم بـ "العمل الإصلاحي" قبل العفو بثلاثة أسابيع تقريب اً. ويعرب صاحب البلاغ عن الأمل في أن تتخذ الدولة الطرف الخطوات اللازمة لوقف مقاضاة شهود يهوه وإدانتهم ، بما في ذلك بسبب الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، وتطلب إلى الدولة الطرف أن تقترح تسوية ودية بشأن بلاغات المستنكفين ضميري اً التي لم يبت فيها بعد.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
٦ - ١ قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرّر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
٦ - ٢ وقد تحققت اللجنة، وفقاً لمقتضيات الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد الدراسة في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
٦ - ٣ وتُذكِّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي مفادها أنه ينبغي لأصحاب البلاغات استنفاد جميع سُبل الانتصاف المحلية لاستيفاء الشرط المنصوص عليه في الفقرة الفرعية (ب) من الفقرة 2 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشرط أن تكون تلك السبل فعالة من حيث المبدأ في القضية المعني ة ومتاحة في الواقع لصاحب البلاغ ( ) . وتحيط اللجنة علم اً بإفادة صاحب البلاغ بأنه لا توجد سبل انتصاف فعالة متاحة له في الدولة الطرف بخصوص اد عاءاته في إطار المواد 7 و10 و14 (7) و 18 (1) من العهد، وأنه يعتبر أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة بصدور قرارات محكمة بولدومساز المحلية ومحكمة داشوغوز الإقليمية بشأن إدانته ومعاقبته مرتين بسبب استنكافه الضميري . وتشير اللجنة أيضاً إلى توكيد الدولة الطرف في 17 آذار/ مارس 2014 أن هيئات إنفاذ القانون المختصة في تركمانستان قد "نظرت بعناية في قضية صاحب البلاغ، وأنها لم تجد أي مبرر يدعو إلى استئناف قرار المحكمة"، وأن الدولة الطرف لم تعترض على حجة صاحب البلاغ المتعلقة بمسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وعليه، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.
٦ - ٤ وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ التي تثير مسائل بموجب المواد 7 و10 و14(7) و18(1) من العهد مدعومة بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، وتعلن أنها مقبولة وتمضي للنظر في أسسها الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
٧ - ١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.
٧ - ٢ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه أودع، بعد إدانته، في مرفق الاحتجاز DZK-7في داشوغوز لمدة 71 يوما ً ، وأنه أودع في الحبس الانفرادي لمدة 10 أيام فور وصوله إلى سجن LBK-12، وأنه تعرض لمعاملة قاسية دون غيره لأنه من شهود يهوه. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن صاحب البلاغ احتجز، بعد محاكمته في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012، لمدة 15 يوم اً تقريب اً في مركز DZ-D/7للاحتجاز المؤقت في داشوغوز ، حيث تعرض للضرب ثلاثة أيام، بحسب التقارير، على يد ضباط من إدارة الشرطة السادسة في داشوغوز لحمله على التخلي عن عقيدته. وشعر صاحب البلاغ أنه أهين بسبب معتقداته. وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم وجود آليات كافية للتحقيق في ادعاءات التعذيب في تركمانستان، و تذكّر ب أن السلطات المختصة ملزمة ب أن تجري تحقيقات فورية ونزيهة في ا لشكاوى المتعلقة بإساءة المعاملة ( ) . ولم تدحض الدولة الطرف هذه المزاعم، ولم تقدم أي معلومات في هذا الصدد . وفي ظل هذه الظروف، تقرر اللجنة أنه يجب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع التي عرضت عليها تُبيِّن انتهاك حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 7 من العهد.
٧ - ٣ وتلاحظ اللجنة كذلك الادعاءات التي قدمها صاحب البلاغ بشأن الأحوال المزرية في سجن LBK-12. فقد ادعى، على سبيل المثال، أنه عانى، في الزنزانات الخاضعة لنظام السجون العام، من ظروف مناخية قاسية بسبب التعرض للصيف الحار والشتاء القارس. وادعى أيض اً أن السجن كان مكتظ اً، ويُحتجز فيه سجناء مصابون بالسل وبأمراض جلدية مع السجناء الأصحاء، ما عرضه بشكل كبير لخطر الإصابة بالسل وأمراض أخرى. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه كان خاضعاً للمراقبة المستمرة في سجن LBK-11، ولم يكن يُسمح له بالتواصل بحرية مع غيره من شهود يهوه المحتجزين في السجن نفسه. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تفند تلك ا لادعاءات. وتُذكِّر بأنه لا يجوز إخضاع من سُلِبت حريتهم لأي أعمال شاقة أو قيود باستثناء ما يترتب منها على سلبهم حريتهم؛ ويجب معاملتهم وفقاً لجملة معايير منها القواعد ا لنموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ( ) . ونظراً إلى عدم وجود أي معلومات أخرى ذات صلة في الملف، تقرر اللجنة أن من الواجب أن تُقدَّر مزاعم صاحب البلاغ حق قدرها. وعليه، ترى اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ في هذه الظروف يشكل انتهاكاً لحقه في أن يُعامل بطريقة إنسانية تحترم كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وفقاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد ( ) .
٧ - ٤ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14(7) من العهد أنه أدين وعوقب مرتين على اعتراضه على أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، "الذي يستند إلى نفس الإصرار الثابت على الامتناع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية". وتلاحظ اللجنة كذلك أن محكمة بولدومساز المحلية أدانت صاحب البلاغ في 28 كانون الأول/ديسمبر 2010، بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي لرفضه أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وحكمت عليه بالسجن لمدة 18 شهراً، وأن المحكمة نفسها أدانته مرة أخرى في 24 كانون الأول/ديسمبر 2012 بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي وحكمت عليه بالسجن لمدة 24 شهراً. وتحيط اللجنة علماً بما قاله صاحب البلاغ من أن الماد ة 18(4) من قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإلزامي تسمح بتكرار الاستدعاء لأداء الخدمة العسكرية، وتنص على عدم إعفاء الشخص الذي يرفض أداء الخدمة العسكرية من الاستدعاء مرة أخرى إلا بعد الحكم عليه بعقوبتين جنائيتين وتنفيذه لهما. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدحض هذه الادعاءات.
٧ - ٥ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 32(2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، الذي تذكر فيه أن المادة 14(7) من العهد تنص على أنه لا يجوز تعريض أحد مجدد اً للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفق اً للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد. كما أن تكرار معاقبة المستنكفين ضميرياً على عدم استجابتهم لأمر مُجدد بأداء الخدمة العسكرية قد يعادل المعاقبة على الجريمة نفسها مرتين إذا كان الرفض اللاحق يستند إلى نفس الإصرار الثابت على الامتن اع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية ( ) . وتلاحظ اللجنة، في سياق هذه القضية، أن صاحب البلاغ حُوكم وأنزلت به عقوبات سجن طويلة مرتين بموجب نفس المادة من القانون الجنائي لتركمانستان لأنه اعترض، بصفته من شهود يهوه، على أداء الخدمة العسكرية الإلزامية ورفضه. وفي ظروف هذه القضية، ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات مخالفة، تستنتج اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 7 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت.
٧ - ٦ وتحيط اللجنة علماً أيض اً بادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد قد انتهكت نظراً إلى عدم وجود بديل للخدمة العسكرية الإلزامية في الدولة الطرف، وهو ما جعل رفضه أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية يؤدي إلى ملاحقته جنائياً وسجنه لاحقاً. وتحيط اللجنة علماً بقول الدولة الطرف إن الجريمة التي ارتكبها صاحب البلاغ "حُددت بدقة وفقاً للقانون الجنائي لتركمانستان"، وإن ه وفقاً للم ادة 41 من الدستور "تعد حماية تركمانستان واجباً مقدساً على كل مواطن"، وإن التجنيد العام إجباري لكل المواطنين الذكور.
٧ - ٧ وتُذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 22(1993) بشأن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، والذي ترى فيه أن الطابع الأساسي للحريات المكرسة في الفقرة 1 من المادة 18 يتجلى في عدم جواز تعليق العمل بهذا الحكم حتى في أوقات الطوارئ العامة، وفق ما يرد في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد. وتُذكِّر اللجنة باجتهادها السابق الذي أشارت فيه إلى أن الحق في الاستنكاف الضميري ، وإن كان العهد لا يشير إليه بشكل صريح، يستمد مشروعيته من المادة 18 ما دام الالتزام بالمشاركة في استخدام القوة الفتاكة قد يتعارض بحد ة مع حرية الفكر والوجدان والدين ( ) . فالحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية جزء أصيل من الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. وهو يخول أي فرد الحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية إذا لم يكن بالإمكان التوفيق بينها وبين دينه ومعتقداته . ويجب ألا يُعرَّض أحد لإكراه يخل بهذا الحق. ويجوز للدولة، إن شاءت، أن تلزم المستنكف بأداء خدمة مدنية عِوض الخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري وتحت قيادة غير عسكرية. ويجب ألا تكون الخدمة البديلة ذات صبغة عقابية. وينبغي أن تكون خدمة حقيقية للمجتمع وأن تتو افق مع مبدأ احترام حقوق الإنسان ( ) .
٧ - ٨ وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن رفض صاحب البلاغ التجنيد لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية ينبع من معتقداته الدينية وأن الحكم الصادر لاحقاً بإدانته ومعاقبته يبلغ حد المساس بحقه في حرية الفكر والوجدان والدين، وهو ما يشكل انتهاكاً لأحكام الفقرة 1 من المادة 18 من العهد. وتُذكِّر اللجنة في هذا السياق بأن قمع مَن يرفضون تجنيدهم لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية لأن ضميرهم أو دينهم يحرِّم عليهم استخدام السلاح مسألةٌ تتعارض مع الفقرة 1 من المادة 18 من العهد ( ) . و تُذكِّر اللجنة أيضاً بأنها أعربت عن قلقها، أثناء النظر في التقرير الأولي للدولة الطرف بموجب المادة 40 من العهد، لأن قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإلزامي، بصيغته المعدلة في 25 أيلول/سبتمبر 2010، لا يعترف بالحق في ممارسة الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، ولا ينص على أي خدمة بديلة للخدمة العسكرية، وأوصت الدولةَ الطرف، في جملة أمور، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمراجعة قوانينها بغرض توفير خدمة بديلة ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 18(1) من العهد بملاحقتها وإدانتها له لرفضه أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب معتقداته الدينية واستنكافه الضميري .
٨ - وترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المواد 7 و10(1) و14(7) و18(1) من العهد.
٩ - ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يجب على الدولة الطرف أن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي ذلك أن تمنح الدولة الطرف تعويضاً كاملاً للأشخاص الذين تُنتهك حقوقهم المنصوص عليها في العهد . وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة أيضاً بجملة أمور، منها إجراء تحقيق نزيه و فعال وشامل في ادعاءات صاحب البلاغ حدوث انتهاكات للمادة 7 من العهد؛ ومحاكمة أي شخص أو أشخاص تثبت مسؤوليتهم عن ارتكاب تلك الانتهاكات؛ وشطب السجل الجنائي لصاحب البلاغ؛ وتقديم تعويض كاف له. والدولة الطرف ملزمةٌ بمنع وقوع انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أنه ينبغي للدولة الطرف أن تنقح قوانينها وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، وبخاصة قانون الخدمة العسكرية والتجنيد الإلزامي، بصيغته المعدلة في 25 أيلول/ سبتمبر 2010، بغية كفالة التمتع على نحو فعال بالحق في الاستنكاف الضم يري بموجب المادة 18(1) من العهد ( ) .
١٠ - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري قد اعترفت باختصاصها ب تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن تضمن توافر سبيل انتصاف فعّال وقابل للإنفاذ في حال ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب أيضاً من الدولة الطرف أن تنشر آراء اللجنة.
المرفق
رأي مشترك لعضوي اللجنة يوجي إواساوا ويوفال شاني (رأي مؤيد)
نتفق مع استنتاج اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، ولكن لأسباب تختلف عن الأسباب التي ساقتها أغلبية أعضاء اللجنة ( ) . وسنحتفظ باستدلالنا على الرغم من أننا قد لا نرى من اللازم تكراره في بلاغات مقبلة.