الأمم المتحدة

CCPR/C/113/D/2218/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19May 2015

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 2218/2012

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها 113 (16 آذار/مارس - 2 نيسان/ أبريل 2015)

المقدم من: زافار عبدلّاييف (يمثله محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: تركمانستان

تاريخ تقديم البلاغ: 3 أيلول/سبتمبر 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار الذي اتخذه المقرر الخاص بموجب المادة 97 والمحال إلى الدولة الطرف في 5 كانون الأول/ديسمبر 2012 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 آذار/مارس 2015

موضوع البلاغ: الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية؛ والمعاملة اللاإنسانية والمهينة ؛ والإدانة بالجريمة نفسها مرتين

المسائل الإجرائية: عدم تقديم أدلة كافية لإثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: حرية الضمير؛ والحق في عدم جواز المحاكمة والمعاقبة مرتين على جريمة سبق أن أُدين بها صاحب البلاغ بحكم نهائي؛ والمعاملة اللاإنسانية والمهينة

مواد العهد: 7 و10، والفقرة 7 من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 18

مواد البروتوكول الاختياري : المادة 2

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة 113)

بشأن

البلاغ رقم 2218/2012 *

المقدم من: زافار عبدلاّييف (يمثله محامٍ)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: تركمانستان

تاريخ تقديم البلاغ: 3 أيلول/سبتمبر 2012 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 25 آذار/مارس 2015،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 2218/2012 المقدم إليها نيابة عن السيد زافار عبدُلاّييف بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي ا لخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات المكتوبة التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد زافار عبدُلاّييف - التركماني الجنسية المولود في عام 1987. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك تركمانستان لحقوقه بموجب المادة 7 والفقرة 7 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ورغم أن صاحب البلاغ لا يحتج بالمادة 10 من العهد تحديداً، يثير البلاغ فيما يبدو مسائل تدخل في إطار تلك المادة. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى تركمانستان في 1 أيار/مايو 1997. ويمثل صاحب البلاغ محامٍ.

1-2 وقد أخطرت اللجنة صاحب البلاغ، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 7 كانون الأول/ديسمبر 2012، بأن المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة قرر عدم تقديم طلب لاتخاذ تدابير الحماية المؤقتة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 يبيّن صاحب البلاغ أنه لم يسبق اتهامه مطلقاً بجناية ولا بجنحة إدارية باستثناء الإدانات الجنائية المتكررة له بوصفه مستنكفاً ضميرياً . ويقول إنه عُمّد كأحد أتباع طائفة شهود يهوه.

2-2 وفي خريف عام 2005، لدى بلوغ صاحب البلاغ سن 18 سنة، استدعته السلطات العسكرية لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية. وبيّن شفوياً وكتابياً لممثلي سلطة التجنيد والتعبئة المحلية أن معتقداته الدينية كتابع لطائفة شهود يهوه لا تسمح له بأداء الخدمة العسكرية. وأُرجئ استدعاؤه إلى أجل غير مسمى. وفي ربيع عام 2009، استُدعي لأداء الخدمة العسكرية في إطار حملة الاستدعاء الربيعية. وبيّن مرة أخرى شفوياً وكتابياً لممثلي سلطة التجنيد والتعبئة المحلية أسباب استنكافه عن أداء الخدمة العسكرية. وفي تاريخ غير محدد، وُجهت إليه بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي تهمة رفض أداء الخدمة العسكرية.

2-3 وحوكم صاحب البلاغ في 8 نيسان/أبريل 2009 أمام محكمة مدينة داشوغوز . وقال في شهادته إنه انضم إلى طائفة شهود يهوه في عام 2006، و إ نه تعلم من دراسته للكتاب المقدس أنه لا ينبغي لعباد الله حمل السلاح ولا تعلم فنون الحرب ولا دعم الجيش بأي شكل آخر ولا المشاركة في أي نشاط عسكري. وأعرب عن استعداده لأداء واجباته المدنية بأداء خدمة مدنية بديلة. وأصدرت محكمة مدينة داشوغوز حكماً بسجنه لمدة 24 شهراً مع وقف التنفيذ وإطلاق سراحه بشروط، بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي، مع خضوعه لمراقبة منتظمة من قبل الشرطة. وانتهت فترة الحكم المشروط على صاحب البلاغ في نيسان/أبريل 2011.

2-4 وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، اعتقلت الشرطة صاحب البلاغ واقتادته إلى سلطة التجنيد والتعبئة المحلية لأداء الخدمة العسكرية. وبيّن صاحب البلاغ مرة أخرى أن معتقداته تمنعه من أداء الخدمة العسكرية. وفي وقت لاحق، وُجهت إليه مرة أخرى تهمة بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي.

2-5 وفي 6 آذار/مارس 2012، نظرت محكمة مدينة داشوغوز في قضية صاحب البلاغ. وكرر الأسباب التي لأجلها تمنعه معتقداته من أداء الخدمة العسكرية، وأبدى استعداده لأداء خدمة بديلة. وأُدين مرة أخرى بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي، ولكن حُكم عليه في هذه المرة بالسجن لمدة 24 شهراً مع النفاذ. واعتُقل وهو في قاعة المحكمة ووضع قيد الاحتجاز.

2-6 وفي 27 آذار/مارس 2012، رفضت محكمة داشوغوز الإقليمية استئناف صاحب البلاغ ذلك الحكم. وفي تاريخ غير محدد، استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام المحكمة العليا لتركمانستان، ولكن رُفض استئنافه في 10 تموز/يوليه 2012.

2-7 واحتُجز صاحب البلاغ في سجن داشوغوز ، ثم نُقل في وقت لاحق إلى سجن LBK-12 القريب من مدينة سيدي. وفور وصوله إلى سجن LBK-12، وُضع في الحبس الانفرادي لمدة عشرة أيام حيث تعرض على يد حراس السجن للضرب بالعصي على رأسه وباطن قدميه.

2-8 ويرى صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بادعائه بموجب المادة 18(1) من العهد. وفيما يخص ادعاءاته بموجب المادة 7 والفقرة 7 من المادة 14 من العهد، فإنه لا يرى أي سبيل انتصاف محلي فعال متاح له. وهو يشير إلى الملاحظات الختامية للجنة مناهضة التعذيب بشأن تركمانستان ( ) ، التي أشارت فيها اللجنة إلى عدم وجود آلية مستقلة وفعالة للشكوى في الدولة الطرف لتلقي الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب وإجراء تحقيقات نزيهة وشاملة فيها، لا سيما ادعاءات السجناء والمحتجزين قيد المحاكمة. ويشير صاحب البلاغ، فيما يتعلق بادعائه بموجب الفقرة 7 من المادة 14 ، إلى أن المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد كان قد حث تركمانستان على مراجعة تشريعاتها التي تسمح بالحكم على المتهمين مرتين بسبب نفس الجرم، ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تنفذ تلك التوصيات.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن سجنه بسبب معتقداته الدينية يشكل في حد ذاته معاملة لا إنسانية أو مهينة بالمعنى المقصود في المادة 7 من العهد.

3-2 ويدعي أيضاً أنه أسيئت معاملته من جانب الحراس في سجن LBK-12، وهو ما ينتهك أيضاً حق وقه بموجب المادة 7 من العهد.

3-3 ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أنه ضحية انتهاك المادة 7 من العهد بسبب الأوضاع السائدة في سجن LBK-12. وهو يشير، في جملة أمور، إلى تقرير رابطة المحامين المستقلين في تركمانستان، الصادر في شباط/فبراير 2010، الذي يبيّن أن سجن LBK-12 يقع في صحراء تنخفض فيها درجات الحرارة في الشتاء إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر، وتصل فيها موجات الحرارة في الصيف إلى 50 درجة مئوية. وهذا السجن شديد الاكتظاظ، ويُحتجز فيه السجناء المصابون بالسل والأمراض الجلدية مع السجناء الأصحاء (انظر أيضاً الفقرة 5-3 أدناه). ورغم أن صاحب البلاغ لا يحتج تحديداً بالمادة 10 من العهد، فإن البلاغ يثير أيضاً، فيما يبدو، مسائل تندرج تحت تلك المادة.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ فضلاً عن ذلك انتهاك حقوقه بموجب المادة 14(7) من العهد، إذ أُدين مرتين لرفضه أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية. وهو يشير إلى أن المادة 219(1) من القانون الجنائي تعاقب على رفض الاستدعاء للخدمة العسكرية بالسجن لمدة لا تزيد على سنتين، وأن المادة 18(4) من قانون التجنيد والخدمة العسكرية تسمح بتكرار الاستدعاء لأداء الخدمة العسكرية، إذ تنص على عدم إعفاء أي شخص يرفض أداء الخدمة العسكرية من الاستدعاء مرة أخرى إلا بعد الحكم عليه بحكمين جنائيين وتنفيذه لهما.

3-5 ويدّعي صاحب البلاغ كذلك أن التحقيقات الجنائية معه وإدانته وسجنه بسبب استنكافه الضميري عن أداء الخدمة العسكرية انتهكت حقوقه بموجب المادة 18(1) من العهد. ويشير إلى أنه أخطر السلطات التركمانية مراراً باستعداده لأداء واجباته المدنية بأداء خدمة بديلة حقيقية، غير أن تشريعات الدولة الطرف لا تتيح الفرصة لأداء أي خدمة بديلة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4- أخطرت الدولة الطرف اللجنة، بموجب مذكرة شفوية مؤرخة 17 آذار/مارس 2014، بأمور منها أن قضية صاحب البلاغ "نظرت فيها بعناية هيئات إنفاذ القانون المختصة في تركمانستان ولم تجد سبباً للطعن في قرار المحكمة". وأشارت المذكرة أيضاً إلى أن الجريمة التي ارتكبها صاحب البلاغ "حُددت بدقة وفقاً للقانون الجنائي لتركمانستان". وأشارت الدولة الطرف كذلك إلى أن المادة 41 من الدستور تنص على أن "حماية تركمانستان واجب مقدس على كل مواطن". وبيّنت أن التجنيد العام إلزامي للمواطنين الذكور. وبيّنت، بالإضافة إلى ذلك، أن صاحب البلاغ لم يستوف المعيار اللازم لإعفاء الأشخاص من الخدمة العسكرية على النحو المنصوص عليه في المادة 18 من قانون التجنيد العسكري والخدمة العسكرية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 14 أيار/مايو 2014، أشار صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف لا تطعن في صحة الوقائع الواردة في البلاغ. والمبرر الوحيد الذي تسوقه الدولة الطرف هو أن صاحب البلاغ أدين وسُجن بوصفه مستنكفاً ضميرياً عن أداء الخدمة العسكرية لأنه لم يستوف معيار الإعفاء بموجب المادة 18 من قانون التجنيد والخدمة العسكرية. وهذا يدل على أن الدولة الطرف لا تولي أي احترام لالتزاماتها الناشئة عن المادة 18 من العهد وللسوابق القضائية للجنة التي تؤيد الحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. وعلاوة على ذلك، لا تعترض الدولة الطرف على ادعاءات صاحب البلاغ بأنه تعرض لمعاملة لا إنسانية ومهينة على أيدي مسؤولي السجن، وهو ما يتعارض مع المادة 7 من العهد.

5-2 وكرر صاحب البلاغ ادعاءاته بأن تكرار مقاضاته وإدانته وسجنه ينتهك حقوقه بموجب المادة 7 والفقرة 7 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 18 من العهد. ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توجّه الدولة الطرف إلى ما يلي: (أ) تبر ئ ته من التهم الموجهة إليه بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي، وشطب سجله الجنائي؛ (ب) دفع تعويض مالي مناسب إليه عن الأضرار غير المادية التي تكبدها؛ (ج) دفع تعويض مالي مناسب إليه عن المصروفات القانونية التي تكبدها أمام اللجنة.

5-3 وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر 2014، أضاف صاحب البلاغ أنه أُفرج عنه في 6 آذار/مارس 2014 بعد أن قضى مدة سجنه. ويكرر صاحب البلاغ وقائع قضيته ويضيف أنه نُقل في 3 نيسان/أبريل 2012 إلى سجن LBK-12 في مدينة سيدي. ولدى وصوله، احتُجز في عنبر العزل في تلك المستوطنة لمدة عشرة أيام، حيث نظم السيد س.، رئيس وحدة العمليات، عملية إساءة معاملته وإهانته. وتعرض صاحب البلاغ للضرب بالعصي على باطن قدميه "بشكل متكرر"، وأُرغم على "تقليد مشية الإوزة"، والقيام بتمارين الضغط، والجري، و"الصراخ بكلمات معينة"، والجلوس على الأرض ورجلاه ممدَّدتان. وفيما يتعلق بالحالة في عنبر العزل، يشير صاحب البلاغ إلى أنها تفتقر إلى الشروط الصحية الأساسية، وإلى أن نحو 40 سجيناً يُحتجزون في زنزانة واحدة، وإلى وضع برميل معدني في الزنزانة يُستخدم كمرحاض، يفرّغ مرة واحدة في اليوم. ويُضطر السجناء أثناء النهار إلى الجلوس على أرضية الزنزانة الخرسانية، وتُسلم إليهم في الليل أغطية قذرة لا تكفي جميع السجناء. ويلاحظ أيضاً أنه، بعد الإفراج عنه، أُمر بالحضور أمام الشرطة مرة كل أسبوع لمدة زمنية معينة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري النظر فيها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بأن صاحب البلاغ قد استنفد جميع سُبُل الانتصاف الفعالة المتاحة. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تحتج بالفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للطعن في مقبولية البلاغ. وبناءً على ذلك، تستنتج اللجنة أن ليس هناك ما يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6 -4 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ، التي تطرح مسائل بموجب المادتين 7 و10 والفقرة 7 من المادة 14 والفقرة 1 من المادة 18 من العهد، تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية، ومن ثم تعلن مقبولية هذه الادعاءات وتشرع في دراستها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حراس السجن، لدى وصوله إلى سجن LBK-12 في 3 نيسان/أبريل 2012، أساؤوا معاملته، وهو ما ينتهك المادة 7 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدّم وصفاً مفصلاً لطريقة إساءة معاملته أثناء فترة عزله، وكذلك لهوية الشخص الذي نظم عملية إساءة معاملته. وادعى صاحب البلاغ أنه احتُجز في عنبر الحجز الانفرادي بالسجن لمدة عشرة أيام تعرض فيها للضرب، وأُجبر على "تقليد مشية ال إ وزة"، والقيام بتمارين الضغط، والجري، والجلوس على الأرض ورجلاه ممدّ د تان. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تفنِّد الادعاءات المفصلة التي قدمها صاحب البلاغ وحججه المتعلقة بعدم وجود الآليات المناسبة للتحقيق في ادعاءات التعذيب في تركمانستان. وتذكِّر اللجنة أيضاً بأنه يجب على السلطات المختصة التحقيق في شكاوى إساءة المعاملة فوراً وبنزاهة ( ) . ونظراً إلى عدم وجود أي معلومات أخرى ذات صلة في الملف، تقرر اللجنة أن من الواجب أن يقام ل ادعاءات صاحب البلاغ الوزن الذي تستحقه. وبناءً على ذلك، تستنتج اللجنة أن الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ تكشف عن انتهاك حقوقه بموجب المادة 7 من العهد.

7-3 وتحيط اللجنة علماً بالادعاءات المفصلة التي قدمها صاحب البلاغ بشأن الأحوال المزرية في سجن LBK-12. فقد ادعى، مثلاً، أن عنبر العزل يفتقر إلى الشروط الصحية الأساسية، وأن نحو 40 سجيناً يُحتجزون في زنزانة واحدة، وأن بالزنزانة برميلاً معدنياً يُستخدم كمرحاض، يُفرَّغ مرة واحدة في اليوم؛ وأن النزلاء يُضطرون أثناء النهار إلى الجلوس على أرضية الزنزانة الخرسانية وتُسلم إليهم في الليل أغطية قذرة لا تكفي عدد السجناء (انظر الفقرتين 3-3 و5-3 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الادعاءات. وتُذكِّر اللجنة بأنه لا يجوز تعريض الأشخاص المجردين من حريتهم لأي مشقة أو قيود خلاف ما ينجم عن تجريدهم من الحرية: فتجب معاملتهم، مثلاً، وفقاً للقواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء ( ) . ونظراً إلى عدم وجود أي معلومات أخرى ذات صلة بالموضوع في الملف، تقرر اللجنة أن من الواجب أن يقام لادعاءات صاحب البلاغ الوزن الذي تستحقه. ومن ثم، ترى اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ في هذه الظروف يشكل انتهاكاً لحقه في أن يُعامل معاملة إنسانية تحترم الكرامة الأصيلة في الإنسان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 10 من العهد ( ) .

7-4 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ بموجب الفقرة 7 من المادة 14 من العهد بأنه أُدين وعُوقب مرتين على استنكافه عن أداء الخد م ة العسكرية الإجبارية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن محكمة مدينة داشوغوز أدانت صاحب البلاغ في 8 نيسان/أبريل 2009 بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي لرفضه أداء الخدمة العسكرية الإجبارية، و حكمت عليه بالسجن لمدة 24 شهراً مع وقف التنفيذ، وأن المحكمة نفسها أدانته مرة أخرى في 6 آذار/مارس 2012 بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي وحكمت عليه بالسجن لمدة 24 شهراً مع النفاذ. وتحيط اللجنة علماً كذلك بما قاله صاحب البلاغ من أن المادة 18(4) من قانون التجنيد والخدمة العسكرية تسمح بتكرار الاستدعاء لأداء الخدمة العسكرية، وتنص على عدم إعفاء الشخص الذي يرفض أداء الخدمة العسكرية من الاستدعاء مرة أخرى إلا بعد الحكم عليه بعقوبتين جنائيتين وتنفيذه لهما. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تفنِّد هذه الادعاءات.

7-5 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 32 الذي ذكرت فيه، في جملة أمور، أن الفقرة 7 من المادة 14 من العهد تنص على عدم جواز محاكمة شخص أو معاقبته مرةً ثانية على جريمة صدر فيها حُكم نهائي بالإدانة بموجب القانون والإجراءات الجزائية لأي بلد. كما أن تكرار معاقبة المستنكفين ضميرياً على عدم استجابتهم لأمر مُجدد بأداء الخدمة العسكرية قد يعادل المعاقبة على الجريمة نفسها مرتين إذا كان الرفض اللاحق يستند إلى استمرار العزم على الامتناع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية ( ) . وتلاحظ اللجنة، في سياق هذه القضية، أن صاحب البلاغ حُوكم وعُوقب مرتين بموجب نفس أحكام القانون الجنائي لتركمانستان لأنه اعترض، بصفته من طائفة شهود يهوه، على أداء الخدمة العسكرية الإجبارية ورفضه. وفي ظروف هذه القضية، ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف معلومات مخالفة، تستنتج اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 7 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت.

7-6 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد قد انتُهكت بسبب عدم وجود بديل للخدمة العسكرية الإجبارية لدى الدولة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن رفض صاحب البلاغ أداء الخدمة العسكرية بسبب معتقداته الدينية أدى إلى محاكمته جنائياً وسجنه بعد ذلك. وتحيط اللجنة علماً بقول الدولة الطرف إن الجريمة التي ارتكبها صاحب البلاغ "حُددت بدقة وفقاً للقانون الجنائي لتركمانستان"، و إ ن المادة 41 من الدستور "تعد حماية تركمانستان واجباً مقدساً على كل مواطن"، وإ ن التجنيد العام إجباري لكل المواطنين الذكور.

7-7 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 22، الذي ترى فيه أن الطابع الأساسي للحريات المنصوص عليها في المادة 18(1) يتجلى في عدم جواز الاستثناء من تلك المادة، ولو في أوقات الطوارئ العامة، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد. وتذكِّر اللجنة بسوابقها القضائية التي تفيد بأن الحق في الاستنكاف الضميري ، رغم عدم الإشارة إليه صراحةً في العهد، يُستمد من المادة 18، ما دام الالتزام بالمشاركة في استخدام القوة المميتة قد يتعارض بشكل جدي مع حرية الضمير ( ) . وتشير اللجنة إلى أن الحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية جزء أصيل من الحق في حرية الفكر والضمير والدين. ويخوِّل هذا الحق لأي شخص الإعفاء من الخدمة العسكرية الإجبارية إن كانت هذه الخدمة لا تتوافق مع دينه أو معتقداته. ولا يجوز الانتقاص من هذا الحق بالإكراه. ويجوز للدولة، إذا رغبت في ذلك، أن ترغم المستنكف على أداء خدمة مدنية بديلة للخدمة العسكرية، خارج المجال العسكري ودون الخضوع للأوامر العسكرية. ويجب ألا تكون الخدمة البديلة ذات طابع عقابي. كما يجب أن تكون هذه الخدمة خدمةً حقيقية للمجتمع وأن تراعي احترام حقوق الإنسان ( ) .

7-8 وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن رفض صاحب البلاغ التجنيد لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية ينبع من معتقداته الدينية، وأن الأحكام اللاحقة بإدانته ومعاقبته تصل إلى درجة انتهاك حريته في الوجدان، وهو ما يخالف الفقرة 1 من المادة 18 من العهد. وتشير اللجنة إلى أن ممارسة القمع في حق من يرفض التجنيد في الخدمة العسكرية الإجبارية، لكون ضميرهم أو دينهم يحرِّم عليهم استخدام السلاح، أمر يتعارض مع الفقرة 1 من المادة 18 من العهد ( ) . وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه سبق لها أن أعربت عن قلقها، أثناء النظر في التقرير الأولي للدولة الطرف بموجب المادة 40 من العهد، من أن قانون التجنيد والخدمة العسكرية، بصيغته المعدلة في 25 أيلول/سبتمبر 2010، لا يعترف بالحق في ممارسة الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية، ولا يطرح أي خدمة عسكرية بديلة، وأوصت اللجنة بأن تتخذ الدولة الطرف، في جملة أمور، التدابير الضرورية لمراجعة تشريعها لكي ينص على خدمة بديلة ( ) .

8- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، متصرِّفةً بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الدولة انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7، والفقرة 1 من المادة 10، والفقرة 7 من المادة 14، والفقرة 1 من المادة 18 من العهد.

9- ووفقاً للفقرة الفرعية (أ) من الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، يشمل إجراء تحقيق نزيه وفعال وشامل في ادعاءات صاحب البلاغ التي تندرج في إطار المادة 7، ومقاضاة أي شخص أو أشخاص تثبت مسؤوليتهم؛ وشطب سجله الجنائي؛ والجبر الكامل للضرر الواقع على صاحب البلاغ، بما في ذلك دفع التعويض المناسب له. كما أن الدولة الطرف ملزمة بمنع حدوث انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل، بطرق منها اعتماد تدابير تشريعية تكفل الحق في الاستنكاف الضميري .

10 - وبما أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، وفقاً للمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في أراضيها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد و ب أن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آرائها موضع التنفيذ.كما يُطلب إلى الدولة الطرف نشر آراء اللجنة.

التذييلات

التذييل الأول

[الأصل: بالإنكليزية]

رأي مشترك لأعضاء اللجنة يوجي إواساوا ، وآنيا زايبرت - فور، ويوفال شاني ، وكونستونتين فاردزيلاشفيلي (رأي مؤيد)

1- نحن نتفق مع استنتاج اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، ولكن لأسباب مختلفة نوعاً ما. فنحن نعتقد أنه كان ينبغي للأغلبية أن تلتزم بالنهج الذي اتخذته في إبداء آرائها بشأن المسائل المماثلة في عامي 2006 و2010، وهو تحليل حقوق أصحاب البلاغات في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية، بوصفه حالة من حالات إظهار المعتقد بالممارسة، وهو ما يخضع لقيود بموجب الفقرة 3 من المادة 18 ( ) . غير أن الأغلبية، بدلاً من ذلك، غيرت نهجها في عام 2011 وتعاملت مع الحق في الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية بوصفه جزءاً من الحق في الإيمان بعقيدة من العقائد وهو حق يحظى بحماية مطلقة ( ) . ورغم الاعتراضات الواردة في آراء مستقلة ( ) ، اتخذت اللجنة هذا النهج المطلق في القضايا الحديثة بما في ذلك في الفقرتين 7-7 و7-8 من هذه الآراء. وإننا لا نرى التفسيرات التي قدمتها الأغلبية لتغيي ر التحليل مقنعة. غير أننا نستنتج بالفعل أن الإدانة الجنائية لصاحب البلاغ بسبب رفضه الخدمة العسكرية في هذه القضية غير مبررة بموجب الفقرة 3 من المادة 18، ومن ثم فإن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 18.

التذييل الثاني

[الأصل: ب الإنكليزية]

رأي فردي لعضو اللجنة يوفال شاني (مؤيد جزئياً ومخالف جزئياً)

1- إنني أؤيد الرأي الفردي المشترك الذي أبداه عضو اللجنة إواساوا وآخرون فيما يتعلق بالتعليل الذي تبنته أغلبية أعضاء اللجنة بتأكيد انتهاك الدولة الطرف للمادة 18 من العهد. وفي هذا الرأي الفردي الإضافي، أود أن أبيّن بواعث قلقي من النتائج التي توصلت إليها أغلبية أعضاء اللجنة فيما يتصل بانتهاك الدولة الطرف للفقرة 7 من المادة 14.

2- فالفقرة 7 من المادة 14 من العهد تنص على مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين، وهو المبدأ الذي يهدف إلى ضمان عدم محاكمة أي شخص أكثر من مرة واحدة على الجرم نفسه. وتشير آراء اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ انتُهكت لأنه حوكم مرتين بموجب المادة 219(1) من القانون الجنائي في حالتين منفصلتين بسبب عدم أداء الخدمة العسكرية في عامي 2009 و2011. وتنص الفقرة 7-5 من آراء اللجنة على أن "تكرار معاقبة المستنكفين ضميرياً على عدم استجابتهم لأمر مُجدد بأداء الخدمة العسكرية قد يعادل المعاقبة على الجريمة نفسها مرتين إذا كان الرفض اللاحق يستند إلى استمرار العزم على الامتناع عن أداء الخدمة لأسباب ضميرية". وبما أن أُسس رفض صاحب البلاغ لأداء الخدمة، في الحالتين، هي الأسباب الضميرية نفسها - أي اعتقاده، بصفته من طائفة شهود يهوه، أن الخدمة العسكرية خطأ - فقد رأت اللجنة أن الفقرة 7 من المادة 14 من العهد قد انتُهكت. ومع ذلك، فإنني أرى أنه لا بد من اتباع نهج أكثر دقة إزاء تطبيق الفقرة 7 من المادة 14، كما أنني غير مقتنع بأنه تمت البرهنة على نحو كافٍ، في ظروف هذه القضية، على أن حق صاحب البلاغ في عدم المحاكمة مرتين على ذات الجرم قد انتُهك بالفعل.

3- وعند النظر في تطبيق مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين، يجدر التمييز بين الحالات التي تتكرر فيها محاكمة الشخص على الجرم ذاته تماماً - الذي يتألف من الفعل الإجرامي نفسه - والحالات التي يُحاكم فيها الشخص على الجرائم ذات الخصائص المماثلة ولكنها ارتُكبت في أزمنة مختلفة، أي أن الفعل الإجرامي مختلف. ولا شك أن الفقرة 7 من المادة 14 تشمل المحاكمات المتكررة التي تنتمي إلى الفئة الأولى من القضايا، بيد أن تطبيقها على المجموعة الثانية من المحاكمات أقل وضوحاً ويعتمد على الطابع الخاص للمحاكمات المختلفة. وفي هذه القضية، حوكم صاحب البلاغ مرتين ولكن ليس على الجرم نفسه تماماً: فقد حوكم في المرة الأولى لرفضه أداء الخدمة العسكرية في عام 2009 وحوكم في المرة الثانية لرفض مماثل أبداه في عام 2011. ومن ثم، تندرج قضيته في الفئة الثانية من المحاكمات المتعددة المشار إليها آنفاً، وهو ما ينتهك، في بعض الأحيان لا كل الأحيان، مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين.

4- ويتشابه وضع صاحب البلاغ، الذي استُدعي أكثر من مرة لأداء الخدمة العسكرية ورفض الاستدعاء أكثر من مرة، مع وضع أشخاص آخرين حوكموا أكثر من مرة على أفعال إجرامية نشأت عن "استمرار العزم" الذي ينطوي على رفض المعيار الاجتماعي العام المعبَّر عنه بالمحظورات الجنائية ذات الصلة (لغرض تطبيق الفقرة 7 من المادة 14، لا يهم ما إذا كان الاعتراض على المعيار الاجتماعي الموضوعي المعني يتمتع بحماية العهد أم لا). وقد يستند استمرار العزم، مثلاً، إلى ممارسات التهرب الدائم من الضرائب، أو الاستمرار في علاقة زواج بامرأتين، أو استمرار حيازة مواد تعتبرها الدولة الطرف غير قانونية.

5- وفي القضايا التي تنطوي على جرائم متكررة أو مستمرة تنشأ عن استمرار العزم، يبدو أن لدى سلطات الدولة الخيار في أن تحاكم الشخص على كل فعل إجرامي مستقل ارتكبه، أي كل مظهر من مظاهر استمرار العزم، أو أن تحاكمه على جريمة عامة تنطوي على رفض المعيار الاجتماعي ذي الصلة، أي السلسلة الكاملة من الأفعال الإجرامية الناشئة عن استمرار العزم. وطالما أن الجزاءات ، متراكمةً، التي يُسعى إلى تطبيقها على الأفعال الإجرامية "الأصغر" المنفصلة عن بعضها البعض ليست أشد من العقوبة التي يُسعى على نحو معقول إلى تطبيقها على الفعل الإجرامي "الأكبر" العام، فإنني لا أعتقد أن تعدد المحاكمات على جرائم مماثلة ولكنها منفصلة عن بعضها البعض ينتهك بالضرورة مبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين. والواقع أن اختلاف الآراء قد يشجع الدول الأطراف على السعي إلى إنزال عقوبة بالشخص الخاضع للمحاكمة عن الفعل الإجرامي الأول منفصلاً عما عداه تكون أشد بكثير مما لو كان الأمر خلاف ذلك.

6- وتجسِّد وقائع هذه القضية بواعث قلقي. فقد حوكم صاحب البلاغ وأُدين في عام 2009 لرفضه أداء الخدمة العسكرية، ولكن حُكِم عليه بعقوبة مخففة هي السجن لمدة سنتين مع وقف التنفيذ. ولم يقض الحكم عليه بالسجن لمدة سنتين فعلاً إلا بعد المحاكمة الثانية. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن إدانة صاحب البلاغ في المرة الأولى، على عكس الإدانة الثانية التي أسفرت عن إيقاع عقوبة جسيمة بصاحب البلاغ تتناسب مع الجرم العام الذي نسبته إليه سلطات الدولة الطرف، لا تكشف بالضرورة عن نية سلطات الدولة معاقبته على الجرم العام المتمثل في رفض أداء الخدمة العسكرية، أو في إعفاء أي رفض لأداء الخدمة في المستقبل من العقوبة. وقد تكون النتيجة التي تحققت من اتخاذ نهج الأغلبية، دون مطالبة صاحب البلاغ بأن يثبت أن المحاكمة الأولى ينبغي أن تُفهم على أنها تهدف إلى التصدي لجميع الأفعال التالية الناشئة عن استمرار العزم على رفض الخدمة العسكرية، هي إقناع الدول الأطراف بالتعامل مع الجرم الأول بمزيد من الشدة، لا كفعل إجرامي "صغير" مستقل، بل كفعل إجرامي يتعلق بالفعل الإجرامي "الأكبر" العام. ولا أفهم كيف يسهم ذلك في حماية حق الفرد في مراعاة الأصول القانونية الواجبة بموجب العهد. ومن ثم، لا أرى أن ثمة أدلة كافية على أن حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 7 من المادة 14 قد انتُهكت في سياق هذه القضية.