صاحبتا البلاغ:

خ و ذ (تمثلهما محامية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

صاحبتا البلاغ

الدولة الطرف:

جورجيا

تاريخ تقديم البلاغ:

24 حزيران/يونيه 2009 (تاريخ تقديم البلاغ الأول)

الوثائق المرجعية:

- أحيل إلى الدولة الطرف في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

- قرار المقبولية المؤرخ26 تموز/يوليه 2013 (CEDAW/C/55/D/24/2009)

تاريخ اعتماد الآراء:

13 تموز/يوليه 2015

المرفق

آراء اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة المقدمة بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الدورة الحادية والستون)

بخصوص

البلاغ رقم 24/2009*

صاحبتا البلاغ:

خ و ذ (تمثلهما محامية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

صاحبتا البلاغ

الدولة الطرف:

جورجيا

تاريخ تقديم البلاغ:

24 حزيران/يونيه 2009 (تاريخ تقديم البلاغ الأول)

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وقد اجتمعت في 13 تموز/يوليه 2015 ،

تعتمد ما يلي :

الآراء التي أبديت بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري

1 - صاحبتا البلاغ مواطنتان جورجيتان: ولدت خ في عام 1961، وولدت ابنتها ذ في عام 1990. وهما تدعيان أنهما ضحيتا انتهاك جورجيا للحقوق المخولة لهما بموجب المواد 1 و 2 (ب) - 2 (و) و 5 (أ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وتمثلهما محامية ( ) . وبدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لجورجيا في 1 آب/أغسطس 2002 .

المعلومات الوقائعية الأساسية

2-1 تزوجت خ من رجل جورجي في عام 1987 بعد أن اغتصبها في تموز/يوليه 1987 عقب حفل طلابي؛ وكانت عذراء. وبحسب روايتها، ينظر المجتمع الجورجي إلى العُذرية بوصفها من فضائل المرأة الشابة وضمانا لنجاح الزواج. ولذلك تزوجت خ منه لأنها كانت تعتقد أن أحدا غيره لن يرغب في الزواج منها. وفي إطار الزوجية، أنجبت خمسة أطفال، في الأعوام 1988 و 1989 و 1990 و 1991 و 1993. وعقب أول حمل لها، أصبحت ربة منزل وتركت عملها كمعلمة بيانو في مدرسة للموسيقى في تبيليسي. وفي عام 1993، انتقلت أمها لتعيش مع أسرة خ وتساعدها في إدارة شؤون المنزل ورعاية الأطفال.

2-2 وتزعم خ أن زوجها كان في أغلب الأحيان غير راض عن عملها المنزلي ويتضجر عندما لم تكن تُنفذ تعليماته. وحدثت نزاعات بسبب مسائل منزلية تافهة أفضت إلى حوادث عُنف. وفي عدد من المناسبات كان زوجها يعتدي بدنيا على ابنهما ر. وعموما، كان رد فعل زوجها عنيفا عندما كان الأطفال يتجادلون وهم يلعبون. فكان يصيح عليهم ويهزهم بقوة ويحبسهم في دورة المياه. وكان على خ ذات مرة أن تُنظف جروحا في أصابع ذ و ر بعد أن أغلق أبوهما الباب عليها عقابا لهما على سوء سلوكهما. وكان هذان الطفلان يتعرضان لأشد العنف. وفي مناسبات أخرى، كان الأب يضرب الأطفال بأشياء مختلفة كانت خ تحاول عندئذ إبعادها. وكان ينتهي الأمر باعتداء زوج خ عليها عندما كانت تتدخل لحماية الأطفال.

العنف الذي كانت تتعرض له خ

2-3 تزعم خ أنها بدأت تتعرض للعنف البدني على يد زوجها في عام 1996. وقُدم إلى الشرطة عدد من الشكاوى التي زُعم فيها اعتداء الزوج عليها بالضرب ولكن بلا طائل. وفي 23 كانون الأول/ديسمبر 2001، وعلى أثر نزاع آخر، اعتدى عليها زوجها وألحق بها إصابات في وجهها ورأسها. وتلقت رعاية طبية ( ) . وفي 28 كانون الأول/ديسمبر، رفض مكتب مدعي مقاطعة إيساني - سامغوري فتح تحقيق جنائي في الحادثة، نظرا لأن خ سحبت شكواها لأنها كانت في حيرة معنوية تتمثل في أن زوجها برغم عنفه كان أيضا أبا لأطفالهما الذين كان يتعين تنشئتهم ورعايتهم.

2-4 وفي 3 تموز/يوليه 2004، أبلغت خ الشرطة أن زوجها اعتدى عليها لأنها شكت إلى مكتب مدعي المقاطعة قبل شهر. وكل ما فعلته الشرطة هو أنها طلبت من الأب أن يتعهد، كتابة، بعدم استخدام العنف مرة أخرى ضد أسرته ( ) .

2-5 وفي 15 تموز/يوليه 2004، أهان الزوج خ وضربها بعد أن طلبت منه إعطاءها بعض النقود. وأُجري فحص طبي صَنَّف إصاباتها بأنها ضرر بدني خفيف. وفي 17 تموز/ يوليه، طلبت الشرطة من الزوج التوقيع على تعهد كتابي بعدم استخدام القوة ضد خ. وفي 24 تموز/يوليه، أبلغها مكتب مدعي المقاطعة أنه لن يُقيم دعوى جنائية ( ) .

2-6 وتزعم خ أنه عقب شكوى قدمتها إلى الشرطة في 16 حزيران/يونيه 2004 أصبح زوجها أكثر عُنفا، وفي 7 كانون الأول/ديسمبر، قدمت شكوى جديدة. ولم تتدخل الشرطة بشكل فعَّال، حيث طلبت من الزوج فقط التعهد كتابة بألا يستخدم العنف مستقبلا لحل مشاكل الأسرة.

العنف الذي كانت تتعرض له ذ

2-7 توضح خ أنها أدركت في عام 1993 أن زوجها بدأ ينخرط في سلوك غير لائق مع ذ. فقد كانت أمها، التي انتقلت إلى شقة الأسرة في عام 1993، تلاحظ أن الأب اعتاد أن يلعب مع ابنته بينما يضع يديه بين رجليها وعلى أعضائها التناسلية. وعندما كان سن الابنة حوالي سنتين، شاهدت الجدة الزوج واضعا ابنته على حجره ويده على أعضائها التناسلية؛ وكان وجهه محمرا وهو يتأوه، ولم يكن يلاحظ أن أحدا يراقبه. واشتاطت الجدة غضبا ونهرت الزوج لسلوكه وأخذت الطفلة بعيدا.

2-8 وكانت ذ تتعرض أيضا للضرب دائما من أبيها. وذات مرة ضربها بعصا غليظة، فكُسرت العصا، وأحدث ذلك بها إصابات بالغة.

2 -9 وفي 16 حزيران/يونيه 2004، أبلغت خ مكتب مدعي المقاطعة باعتداء الأب جنسيا على ذ. ووصفت أمام الأخصائي النفساني الحوادث التي شملت الاعتداء البدني والجنسي التي ارتكبها خلال السنوات الخمس السابقة، والنزاع الدائم في البيت والجو المتوتر السائد بين أفراد الأسرة نتيجة لأفعال الأب. وأُخذت أقوال الابن ر أيضا، (وصف الحوادث التي كان فيها أبوه يضربه وأخته أو يتحرش بهما) كما أُخذت أقوال أم خ. وعلى الرغم من أخذ الأقوال، قرر مكتب مدعي المقاطعة في 30 حزيران/يونيه عدم إقامة دعوى جنائية.

استنفاد سُبل الانتصاف المحلية

2-10 فيما يتعلق باستنفاد سُبل الانتصاف المحلية، تُشير خ إلى أنها اشتكت في عدة مناسبات من الاعتداء البدني عليها من جانب زوجها. وزار مفتش الشرطة المحلي منزل الأسرة في عدد من المناسبات، وتكلم مع زوجها وجعله يوقع على تعهدات بأن يكف عن التصرف بعنف تجاه زوجته وأولاده. ولم يتخذ مفتش الشرطة أي إجراء آخر ولم تُقم أي دعاوى ضد الزوج. وعلى وجه الخصوص، فإنه عقب الحادث الذي وقع في 23 كانون الأول/ديسمبر 2001، عندما اعتدى عليها زوجها اعتداء بدنيا، أُصدر لها تقرير طبي يُثبت أنها تعرضت لضرر بدني خفيف. وبناء على ذلك، أجرى مكتب مدعي المقاطعة تحقيقا أوليا. وأدلت خ وزوجها بأقوالهما، وأكد ضابط شرطة كتابة أن خ ضربها زوجها في 23 كانون الأول/ديسمبر. وفي 26 كانون الأول/ديسمبر، وتحت ضغط من زوجها، سحبت خ شكواها، مما أدى إلى إقفال ملف القضية في 28 كانون الأول/ديسمبر. وفي 15 تموز/يوليه 2004، أبلغت خ الشرطة باعتداء آخر وقع في 14 تموز/يوليه؛ وصُنفت إصاباتها بأنها ضرر بدني خفيف. وفي مركز الشرطة، تعهد الزوج مرة أخرى كتابة بأنه لن يستخدم العنف ضدها مستقبلا. وتحدث ضباط الشرطة مع خ وسعوا إلى إقناعها بسحب شكواها. وفي غضون ذلك، تلقت في 24 تموز/يوليه رسالة جاء فيها أن مكتب مدعي المقاطعة لن يفتح تحقيقا جنائيا على أساس شكواها ضد زوجها، بدون إبداء أسباب.

2-11 وتوضح خ كذلك أنها اشتكت أيضا للشرطة من العنف البدني الذي كان زوجها يُعرِّض أولادهما له مرارا، بمن فيهم ذ. ومع ذلك، كانت الشرطة تعتبر شكاواها مسألة خاصة ولم تجر تحقيقا بشأنها. وفي 16 حزيران/يونيه 2004، أبلغت عن الإيذاء البدني والجنسي لابنتها ولأحد أبنائها، ووصفت الحوادث التي ارتكبها زوجها، بما في ذلك الحوادث السابقة. وأخذ مكتب مدعي المقاطعة أيضا الأقوال من والدة خ، ومن ذ ومن الزوج. وفي 30 حزيران/ يونيه رفض ذلك المكتب أن يفتح تحقيقا جنائيا ( ) . وفي 25 تموز/ يوليه قدمت خ استئنافا لدى محكمة مقاطعة إيساني - سامغوري، مُدعية أن رفض فتح تحقيق غير قانوني ولا يستند إلى أساس ومتحيز. وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر، ألغت المحكمة الرفض المؤرخ 30 حزيران/يونيه، ورأت أن المكتب قد أهمل النظر في روايتي صاحبتي البلاغ وفي الصحة العقلية للزوج، ولم يأخذ في الاعتبار إلا رواية الزوج للأحداث عندما رفض إقامة دعوى جنائية. وقام المدعون مرة أخرى بأخذ الأقوال من خ ومن أمها ومن الأطفال. وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر، رفض المكتب إقامة دعوى ضد الزوج، وخلص إلى عدم التأكد من الفعل الشهواني المزعوم فيما يتعلق بالأطفال والميل الجنسي للأطفال وأن الأطفال خضعوا لتأثير أمهم. واستأنفت خ وألغي هذا القرار في 8 كانون الأول/ديسمبر. وأحيلت القضية إلى المكتب، الذي جمع أدلة إضافية من موظفي الزوج وجيرانه. وفي 28 كانون الأول/ديسمبر، رفض المكتب مرة أخرى أن يُقيم دعوى جنائية، مشيرا إلى أن الزوج كان تقييم جيرانه وشركائه في العمل له إيجابيا، ومُعلنا أن دعوى صاحبتي البلاغ لم يقم عليها دليل. وفي 24 كانون الثاني/ يناير 2005، استأنفت خ ضد القرار. وفي 11 شباط/فبراير، ألغى مكتب مدعي تبيليسي القرار المؤرخ 28 كانون الأول/ديسمبر 2004، وأعاد القضية إلى مكتب مدعي المقاطعة بسبب عدم إجراء تحقيق في الشكوى على النحو السليم. وفي 11 آذار/مارس، كتبت خ إلى المدعي العام تطلب النظر في شكواها المقدمة في 16 حزيران/ يونيه 2004، نظرا لأن زوجها كان يُهددها هي وأطفالها. وبمقتضى قرار مؤرخ 12 آذار/مارس، رفض مكتب مدعي المقاطعة إقامة دعوى ضد الزوج. واستأنفت صاحبة البلاغ خ ضد القرار لدى مكتب المدعي العام، الذي رفض استئنافها في 4 آب/أغسطس على أساس أن أفعال زوجها لا تُشكِّل جريمة. واستأنفت خ ضد ذلك القرار أما م محكمة المقاطعة ورفضت المحكمة استئنافها في 29 تشرين الثاني/نوفمبر على أساس أنه ليس مدعوما بأدلة. واستأنفت مرة أخرى ضد القرار أمام محكمة استئناف تبيليسي. ونظرت المحكمة في استئنافها غيابيا في 7 شباط/فبراير 2006 ورفضته لأنه لا يقوم على أساس. ولم يُقدَّم ضد القرار أي استئناف آخر ( ) .

الشكوى

3 -1 تؤكد صاحبتا البلاغ أن الوقائع أعلاه تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمواد 1 و 2 (ب) - 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية، لأن الدولة الطرف لم تمتثل لواجبها بتطبيق أحكام القانون الجنائي وبتوفير حماية للنساء والفتيات الصغيرات بصورة فعَّالة من الاعتداء البدني والانتهاك الجنسي داخل الأسرة، وأنها لم تُوفِّر حماية متساوية بموجب القانون لضحايا العنف المنزلي والإيذاء الجنسي وعرَّضت صاحبتي البلاغ للتعذيب بسبب عدم حمايتهما من العنف المنزلي.

3-2 وإثباتا لذلك، وبالإشارة إلى المادتين 1 و 2 من الاتفاقية، إلى جانب التوصية العامة رقم 19 للجنة، توضح صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف لم تف بواجباتها بموجب الاتفاقية بإدانة التمييز ضد النساء بجميع أشكاله، وكفالة اتخاذ التدابير المناسبة لحظر العنف القائم على نوع الجنس والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والمعاقبة على ارتكابها. ومن واجب الدولة الطرف، في جملة أمور، اعتماد سياسات وطنية فعالة لمكافحة العنف، وتطويرها، وتحسينها، حسب الاقتضاء، عن طريق ضمان سلامة الضحايا، وحمايتهم، ودعمهم، ومساعدتهم، وتعديل القانون الجنائي والقانون المدني، وتدريب المهنيين الذين يتناولون قضايا العنف ضد المرأة لضمان منع ذلك العنف ( ) .

3-3 وتُضيف صاحبتا البلاغ أن النساء والأطفال، الذين هم أكثر تعرضا لأن يصبحوا ضحايا العنف المنزلي، لهم الحق في أن توفر لهم الدولة الطرف الحماية الفعالة من الانتهاكات الخطيرة لسلامتهم الشخصية - البدنية، والمعنوية، والجنسية- التي تعلم بها السلطات أو ينبغي أن تعلم بها. وتقولان إنه إلى جانب الالتزام باتخاذ إجراء عند تقديم الشكاوى، تلتزم الدولة الطرف بفتح تحقيق كلما كانت هناك دلائل كافية على احتمال وقوع انتهاك خطير ( ) . فالتزام الدولة الطرف بحماية المرأة من العنف لا يتضمن فقط التصدي لسلوك الجاني وإنما أيضا ضمان رفاه الضحية. وتشمل التدابير الأساسية للحماية الفعَّالة القضاء على الخطر المستمر للعنف المنزلي، ووضع تدابير زجرية متاحة لمنع الجناة من التعرض للضحايا، أو الاتصال بهم أو الاقتراب منهم، وتوفير خدمات الدعم الملائمة للضحايا (بما في ذلك أماكن الإيواء، والمشورة، والدعم الطبي). ويتطلب حظر التعذيب وأشكال سوء المعاملة الأخرى أن تُجري السلطات تحقيقات فعالة عندما يدَّّعي أشخاص أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة، وأن تتعرف على المسؤولين وتعاقبهم ( ) .

3-4 وبالإشارة إلى المادة 1 من الاتفاقية والتوصية العامة رقم 19 للجنة، تُشير صاحبتا البلاغ إلى أنه وقت وقوع الأحداث التي استندت إليها الشكوى، لم يكن لدى الدولة الطرف أي أحكام قانونية لمعالجة العنف المنزلي بطريقة فعالة. ولم يدخل تعريف العنف المنزلي في الإطار القانوني للدولة الطرف إلا عن طريق قانون منع العنف المنزلي الذي اعتمد في 25 أيار/مايو 2006. وحتى ذلك الحين، كانت شكاوى العنف المنزلي يبحثها مفتش الشرطة في المنطقة استنادا إلى قواعد إدارية. وبعد فحص الحالة في موقع الحادث، يأخذ المفتش من المدعى عليه إقرارا كتابيا بعدم ارتكاب أفعال مماثلة في المستقبل. ولم تكن هذه الإقرارات مُلزمة قانونا، وبالتالي كان من المتعذر إنفاذها. وإذا ما أصرت ضحية على تقديم شكوى رسمية، كان مكتب المدعي يتوسط في النزاع بين الزوجين بدلا من إجراء تحقيق في الحادث ومقاضاة الجاني. ومما ضاعف من أثر عدم إصدار الدولة الطرف أحكاما تشريعية فعالة، وتقديم خدمات اجتماعية لحماية ضحايا العنف المنزلي عجز السلطات عن إجراء تحقيق فعَّال في الشكاوى العديدة التي قدمتها خ بشأن الإيذاء البدني والجنسي الذي ارتكبه زوجها ضدها وضد أطفالها.

3 -5 وتضيف صاحبتا البلاغ أن حالتهما كانت معروفة جيدا لدى الشرطة بعد الاتصالات العديدة مع خ وأقاربها. وبدءا من واقعة العنف في 23 كانون الأول/ديسمبر 2001 وانتهاء بالحادث الذي وقع في 17 تموز/يوليه 2004 (أُبلغت الشرطة بكلا الحادثين)، أصبحت الاعتداءات البدنية أكثر تواترا. وبالإضافة إلى خ كان الأطفال يتعرضون لاعتداءات لفظية وبدنية من جانب أبيهم، مما تسبب في مزيد من المشاجرات بين الأبوين.و قد استدعت خ الشرطة في عدة مناسبات طلبا لحمايتها وحماية أطفالها، ولكن هذه الحماية لم تُوفرَّ .

3-6 وتدعي صاحبتا البلاغ أنه بمقتضى قانون الإجراءات الجنائية في جورجيا، كان يتعين على الشرطة قبول وتسجيل شكاوى خ، وبدء تحقيق جنائي، وجمع الأدلة، ومقاضاة الزوج، واتخاذ إجراء لمنع حدوث مزيد من العنف. غير أن الشرطة لم تف بأي من هذه الالتزامات. ولم تكن الشكاوى المقدمة إلى المفتش المحلي تُسجَّل أو يُحقق فيها على النحو السليم أو تُقام دعوى بشأنها قط. ونظرا للتاريخ الطويل للعنف والإيذاء، لم تمارس الشرطة، بعدم استجابتها على الفور للشكاوى، العناية الواجبة لحماية صاحبتي البلاغ من العنف القائم على نوع الجنس. وكانت الشرطة والمدعون يعلمون، أو كان ينبغي لهم أن يعلموا، أن صاحبتي البلاغ تتعرضان بصورة مستمرة للعنف والإيذاء على نحو يُهدد صحتهما البدنية والنفسية، ولذلك كان لزاما عليهم منع حدوث العنف.

3 -7 وتضيف صاحبتا البلاغ أن عدم معالجة السلطات بشكل فعال للعنف المنزلي في حالتهما يتضح أيضا من التحقيق في شكوى خ المؤرخة 14 حزيران/يونيه 2004. فقد اشتكت من ضرب أطفالها وسلوك زوجها غير اللائق تجاه ذ. وقد رفضت الشكوى في عدة مناسبات بحجة أنها “لا تستند إلى أساس واضح ”، أو “بلا أساس ” أو “لم تتجاوز حدود ال أطر العادية ل سلوك أب تجاه أطفاله في الأسرة ”. وكانت الشرطة تكتفي بجمع الأقوال من الأطراف المعنية، دون إجراء فحص طبي شرعي، متجاهلة الشكاوى السابقة بشأن العنف المنزلي .

3-8 وتوضح صاحبتا البلاغ أن أقوال الأطفال قد أُخذت منهم عدة مرات بحضور إخصائي نفساني من المدرسة. وأكد الأطفال وقائع الضرب، ووصفت ذ الحوادث التي كان يلمس فيها أبوها أعضاءها التناسلية ويضربها. غير أن المدعين تشككوا في أقوال ذ وطلبوا من الإخصائي النفساني للمدرسة تقييم حالة الأطفال. وانتهى الإخصائي النفساني إلى أن أقوال ذ تتسم بالتكرار وخالية من أي انفعال، وأنها تستخدم مصطلحات لا تتناسب مع البيئة الاجتماعية للطفلة أو تعليمها أو عمرها. وتُبيِّن صاحبتا البلاغ أن المدعين اعتمدوا على هذه الاستنتاجات دون التحقق من كفاءة الإخصائي النفساني ومؤهلاته وخبرته، وتدفعان بأن هذا الرأي كان ينبغي التماسه من أخصائي نفسي لديه خبرة سريرية.

3 -9 وتوضح صاحبتا البلاغ كذلك أن المدعين استفسروا أيضا عن الصحة العقلية لـ خ وزوجها. وكان تشخيص مستوصف التحليل النفسي العصبي في تبيليسي للزوج أنه سليم عقليا، ولكنه سريع الانفعال وسريع الغضب. وشهد مستوصف آخر للتحليل النفسي العصبي في تبيليسي بأنه رغم أن خ لم تكن مُسجَّلة كمريضة عقليا، “ ف هذا لا يكفي للجزم بأن شخصا ما سليم عقليا ”. وفي تاريخ لم يُحدد، شخَّص مستشفى تبيليسي السريري رقم 5 حالة خ بأنها مُصابة بوهن عصبي، ووصف لها علاجا. وتُشير صاحبتا البلاغ إلى أن “هذه الشهادات طُل بت من ممارسين، وليس من خبراء، وأنها قدمت تقييما عاما وليس تقييما فرديا لصاحبتي البلاغ ” .

3-10 وأشارت صاحبتا البلاغ أيضا إلى أن المدعين، عندما رفضوا شكوى خ، وضعوا في اعتبارهم وصف الجهات المرجعية لزوجها كطالب ورجل أعمال، أي وضعه خارج الأسرة. ولم يضعوا في اعتبارهم أن خ حاصلة على دبلوم للتعليم العالي، وأنها سبق أن عملت مًدرَّسة موسيقى، ولكنها توقفت عن العمل لأنها كانت ترعى أطفالها. وتزعم صاحبتا البلاغ أن المحققين، بإعطائهم تعليم الزوج والتقييم الإيجابي له خارج الأسرة الأفضلية على تعليم وتقييم الضحية، اتخذوا موقفا تمييزيا غير موضوعي تجاه شكوى صاحبتي البلاغ ولم يلتزموا الحياد. وكان تركيز المحققين على تحديد السلبيات في أقوال خ وسلوكها وصحتها العقلية، بدلا من جمع الأدلة بشأن شكواها والنظر فيها. وكان هناك تقييم سلبي في قرارات المدعين لصاحبتي البلاغ وجميع أفراد الأسرة الآخرين، باستثناء الزوج/الأب، ولا تُشير هذه القرارات إلى أفعال العنف المنزلي السابقة التي تعرَّضت لها خ ولا تُحدد الحاجة إلى تقييم مهني لصحة الأطفال البدنية والنفسية. ولم تتدخل الدوائر الاجتماعية في أي مرحلة لمساعدة الأسرة. كما أن عدم اهتمام المدعين بادعاءات خ بشأن العنف الجنسي ضد أطفالها أفرغ العملية من فعاليتها ومعناها. وحتى عندما أوضحت الشكوى نمط سلوك مسيء لأطفالها، اعتبر المدعون هذا الأمر غير ذي صلة بالموضوع.

3-11 وتدفع صاحبتا البلاغ بأن العنف المنزلي الذي تعرضتا له على مر السنين بلغ حد التعذيب وسوء المعاملة، وأن الدولة الطرف لم تُقم دعوى قضائية على أساس هذه الأفعال ولم تُوفر لهما الحماية بصورة فعالة ( ) . وبالإشارة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، تقول صاحبتا البلاغ إن جميع العناصر الأساسية المُشكِّلة للتعذيب موجودة في حالتهما: فمن حيث الآلام والمعاناة البدنية والنفسية الشديدة (أشارت خ في أقوالها أمام المدعين إلى أنها بدأت تفقد تدريجيا احترامها الذاتي كأم وربة منزل بسبب انتقادات وإهانات زوجها المستمرة لها، وأنها شعرت بالإزعاج المعنوي؛ وذكرت ذ أنها أدركت أن أباها لم يكن يداعبها كأب وأنها كانت تخجل وتخاف من البقاء بمفردها معه بالمنزل لأنه كان يمكن أن يضربها)؛ ومن حيث القصد (كانت صاحبتا البلاغ تُضربان وتتعرضان للإيذاء في عدة مناسبات من جانب الزوج/الأب الذي كان يسعى، من خلال العنف البدني والتخويف، إلى ممارسة سيطرته عليهما؛ وأسهم عجز الشرطة عن حمايتهما في إفلات الجاني من العقوبة)؛ ومن حيث تدخل الدولة (نظرا لعدم وجود إطار قانوني واضح بشأن حماية ضحايا العنف المنزلي قبل عام 2006، وحتى بعد اعتماد القانون، فقد كان يمكن اعتبار العنف المنزلي في بعض الأحيان مسألة خاصة). ووفقا لما روته صاحبتا البلاغ، ففي حين كانت السلطات تُدرك الحالة تمام الإدراك، فقد أسهمت ضمنا بتقاعسها في تشجيع سلوك العنف من جانب الجاني، دون تدخل لوقف ذلك العنف، وتوفير مأوى للضحيتين، والتحقيق في ادعاءاتهما.

عرض الدولة الطرف تسوية ودية وتعليقات صاحبتي البلاغ عليها

4 -1 في 5 أيلول/سبتمبر 2011، قدَّمت الدولة الطرف عرضا بهدف تأمين تسوية ودية مع صاحبتي البلاغ. وتوضح الدولة الطرف أنها تُقر تماما المبادئ الواردة في الاتفاقية. وتُقر بأنه في الفترة 2004-2005 (عندما كان يحدث العنف) كان نظامها القانوني يوائم القانون الوطني مع متطلبات الاتفاقية، ولكنها تذكر أن المبادئ الرئيسية للاتفاقية كانت، في غضون ذلك، تُنفَّذ كاملة على الصعيد الوطني. وتُضيف الدولة الطرف أن بعض أوجه القصور في التحقيق التي حُددت في ذلك الوقت ربما أدت إلى انتهاك لحقوق صاحبتي البلاغ. وعلى هذا الأساس، فإنها تدعو صاحبتي البلاغ وممثليهما إلى إجراء مناقشات للتوصل إلى تسوية ودية للقضية .

4-2 وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 2011، أكد ممثلو صاحبتي البلاغ استعداد صاحبتي البلاغ لإجراء تسوية ودية ممكنة. وفي 22 نيسان/أبريل 2012، أبلغت محامية صاحبتي البلاغ اللجنة بشأن إجراء محادثات مع السلطات في ذلك الشأن. وفي 20 حزيران/يونيه، أضافت أنه لم تكن هناك أية تطورات ( ) .

التعليقات الإضافية للأطراف

5-1 في 22 آب/أغسطس 2012، أوضحت صاحبتا البلاغ أن طلبهما رفضته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في 9 كانون الأول/ديسمبر 2008 بدعوى أنه ليس له أساس واضح وذلك بقرار من لجنة مؤلفة من ثلاثة قضاة، دون إبداء سبب لقرارها. وفي 17 أيلول/سبتمبر، قدمت صاحبتا البلاغ نسخة من طلبهما إلى المحكمة المؤرخ 14 آذار/ مارس 2007 وقرار المحكمة المؤرخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2008.

5-2 وفي 4 كانون الثاني/يناير 2013، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ بموجب المادة 4 (2) من البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، لأن صاحبتي البلاغ قدمتا الطلب في 14 آذار/مارس 2007، بالاشتراك مع أحد أبناء خ، إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي درست القضية، وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 2008، أعلنت عدم مقبولية الطلب وفقا للمادتين 34 و 35 من الاتفاقية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان).

5-3 وفي 25 آذار/مارس 2013، قدمت صاحبتا البلاغ تعليقاتهما على ملاحظات الدولة الطرف. وهما تلاحظان، في جملة أمور، أن هذا البلاغ يُركِّز على الأثر الجنساني للعنف المنزلي والتمييز الجنساني الكامن في عدم تصدي الدولة الطرف للعنف ضد النساء والفتيات ومنعه. وفي المقابل، لم يُشيرا في طلبهما إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى التمييز القائم على نوع الجنس ولكن ركزا على الأثر الشخصي للإيذاء الذي تعرضت له ذ وأخوها وعلى الضرر الذي وقع على خ كأم عاجزة عن حماية أطفالها. وينعكس هذا التمييز في الاختلافات بشأن الأطراف، والحقائق والشكاوى القانونية. ولم تشتك صاحبتا البلاغ أمام المحكمة من التمييز سواء كان قائما على نوع الجنس أو غير ذلك، وبالتالي لم تحتجا بوجود انتهاك للمادة 14 (حظر التمييز) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ولكنهما ركزتا بدلا من ذلك على الأثر الشخصي للإيذاء الذي تعرضت له ذ وأخوها. وادُّعي أن خ كانت أيضا ضحية لانتهاك وفقا للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لأنها كانت عاجزة عن حماية أطفالها من هذه الإيذاءات. وركز طلبهما على وجود خرق للمواد 3 (حظر التعذيب)، و 8 (الحق في احترام الحياة الخاصة والأسرة) و 13 (الحق في انتصاف فعال) من مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ويتناقض ذلك مع شكواهما المقدمة إلى اللجنة، والتي تُشير إلى التمييز على أساس نوع الجنس (انظر الفقر 3-1).

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة بشأن المقبولية

6-1 في 26 تموز/يوليه 2013، نظرت اللجنة، في دورتها الخامسة والخمسين، في مقبولية البلاغ. ولاحظت، لأغراض المادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري، أنه كان قد قُدِّم طلب بالنيابة عن صاحبتي البلاغ وطلب بالنيابة عن أحد أبناء خ، (وشقيق ذ) إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في آذار/مارس 2007، وأن المحكمة أعلنت عدم مقبولية الطلب لأن من الواضح أنه لم يكن يستند إلى أساس، وخلصت إلى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن وجود انتهاك لحقوق وحريات مقدمي الطلبات وفقا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها. وأحاطت اللجنة علما باعتراضات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ. وكانت المسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كان طلب صاحبتي البلاغ المقدم إلى المحكمة الأوروبية يُشكِّل “المسألة ذاتها ” التي يُشكِّلها البلاغ المقدم إلى اللجنة، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كانت المحكمة الأوروبية قد “ نظرت فيه ” بالفعل.

6-2 وكان على اللجنة أن تبت أولا في ما إذا كانت المسألة ذاتها المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تُشير إل الدعوى ذاتها المتعلقة بانتهاك لحق مُعيَّن يخص الشخص ذاته. وبالتالي، كان لزاما على اللجنة أولا التحقق مما إذا كانت المسألة ذاتها في هذه القضية تتصل بالوقائع ذاتها وبالأفراد ذاتهم وبالحقوق الموضوعية ذاتها.

6-3 وأشارت اللجنة إلى أن ملاحظة الدولة الطرف أن كلا الالتماسين كانا “مت ماثلين تماما من حيث أن المواد المستند إ ليها في كلتا القضيتين متشابهة إلى حد بعيد. وكانت صاحبتا البلاغ تلتمسان الإنصاف بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وفقا للمواد 3 (حظر التعذيب) و 8 (الحق في احترام الحياة الخاصة والأسرة) و 13 (الحق في انتصاف فعال)، في حين أنه في القضية الحالية، احتكمت صاحبتا البلاغ إلى المواد 1 و 2 (ب) -2 (و) و 5 (أ) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التعذيب ضد المرأة. ووفقا للدولة الطرف، كان من الضروري، تفاديا لإعادة النظر في نزاعات سبق البت فيها، النظر في الطبيعة التي قام على أساسها النزاع وليس في تصنيفه الرسمي.

6 -4 ولاحظت اللجنة أيضا أن تعليقات صاحبتي البلاغ التي مفادها أنه على الرغم من تشابه الالتماسين، فإن الحقائق المحتج بها والمعتمد عليها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأمام اللجنة حقائق مختلفة. وأشارت إلى أن البلاغ المعروض على اللجنة كان يُركِّز على الأثر الجنساني بالتحديد للعنف المنزلي وعلى التمييز القائم على نوع الجنس الكامن في عدم تصدي الدولة الطرف للعنف ضد النساء والفتيات ومنعه، في حين أن الطلب المقدم إلى المحكمة الأوروبية كان يُركِّز على الأثر الشخصي للإيذاء الذي تعرضت له ذ وشقيقها، وعلى الضرر الواقع على خ، كأم عاجزة عن حماية أطفالها؛ وهذا التمييز ينعكس في الاختلافات المتعلقة بالأطراف والوقائع والحجج القانونية. وأكدت صاحبتا البلاغ أنهما احتجتا أمام المحكمة بوقوع انتهاك للمادة 14 (حظر التمييز) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .

6 -5 وفحصت اللجنة الطلب المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والالتماسات الواردة فيه، ولاحظت أن صاحبتي البلاغ لم تشكوا أمام المحكمة من التمييز سواء كان قائما على نوع الجنس أو غير ذلك، ولم تحتجا بوقوع انتهاك للمادة 14 (حظر التمييز)، في حين أن التمييز القائم على نوع الجنس كان لُب البلاغ المعروض على اللجنة. وأن الطلب المقدم إلى المحكمة كان يُركِّز على الإيذاء الجنسي والبدني المرتكب ضد الطفلين (ذ وشقيقها ر)، وعدم توفير سلطات الدولة الطرف الحماية لهما وعدم مقاضاة الجاني، و “ التعذيب و الأ لم المعنويين ” ال ل ذي ن تعرضت له ما خ كأم “لا تستطيع حماية أطفالها من أفعال من هذا القبيل ”. وإن العنف المنزلي المتكرر الذي كانت تتعرض له خ منذ عام 1996 حتى عام 2004 لم يُحتج به أمام المحكمة قط. كما أن ابن خ (شقيق صاحبة البلاغ الثانية)، وهو أيضا ضحية للعنف، كان طرفا في الطلب المقدم إلى المحكمة، ولكن لم يكن طرفا في البلاغ المعروض على اللجنة.

6-6 ولاحظت اللجنة أن الطلبين لا صلة لهما بالحقوق الموضوعية ذاتها، من حيث أنه في البلاغ المعروض عليها، احتجت صاحبتا البلاغ بحقهما في المساواة وعدم التمييز، في حين لم يُحتج بتلك الادعاءات أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

6-7 وتبعا لذلك، اعتبرت اللجنة أنه لا يمكن القول بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد نظرت في “ المسألة ذاتها ” وبالتالي فهي لم تُمنع من النظر في البلاغ المعروض عليها بموجب المادة 4 (2) من البروتوكول الاختياري. واعتبرت أن صاحبتي البلاغ قد دعمتا دعاواهما على النحو الكافي بموجب المواد 1 و 2 (ب) - 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية لأغراض المقبولية وأعلنت قبولها.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 9 كانون الأول/ديسمبر 2013، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وهي تؤكد أن صاحبتي البلاغ لم تقدما حججا وجيهة لدعم ادعاءاتهما بشأن وجود انتهاك للمواد 1 و 2 (ب) - 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية إلى جانب التوصية العامة رقم 19 للجنة.

7-2 وتدعي الدولة الطرف أن سلطاتها قد أوفت بجميع التزاماتها الموضوعية بموجب الاتفاقية وتُشير إلى التحقيقات التي أجريت.

7-3 وتكرر الدولة الطرف ذكر الوقائع وتُشير إلى الشكاوى التي قدمتها خ في الفترة بين 16 و 30 حزيران/يونيه 2004. وأنه في 30 حزيران/يونيه، رفض مساعد في مكتب مدعي المقاطعة، وفقا للمادة 28 (ب) من قانون الإجراءات الجنائية، أن يُقيم دعوى جنائية ضد الزوج نظرا للمذكرات التوضيحية المتضاربة وأوجه التباين خلال الاستجوابات. ولم يُكشف عن وجود أي فعل غير قانوني خلال التحقيقات.

7-4 وتُشير الدولة الطرف أيضا إلى شكوى قدمتها ك جارة خ إلى مكتب مدعي المقاطعة في 30 حزيران/يونيه 2004، وزعمت الجارة أنه في 30 كانون الأول/ديسمبر 2002 حدث تسرب للمياه إلى شقة خ، وأن الزوج اقتحم الشقة واعتدى على أطفالها وأحدث أضرارا بالشقة. وقالت للمدعين إنها امتنعت أول الأمر عن إبلاغ الحادث للشرطة بدافع الاحترام لـ خ. بيد أنها عندما علمت أن خ تسعى إلى إقامة دعوى ضد زوجها قررت أن تُساعدها بالإدلاء بأقوالها. بيد أنه في 7 تموز/يوليه 2004، قالت الجارة إنها ترغب في سحب أقوالها، مُبيِّنة أنها أبلغت عن الحادث بناء على طلب خ. وترى الدولة الطرف، أنه بأخذ هذه الوقائع في الاعتبار، تدل أوجه التباين والأقوال المتضاربة على عدم التساوق في القضية، وأن إثبات وجود أي نوع من الأفعال غير القانونية من جانب الزوج أمر معقد.

7-5 وتُشير الدولة الطرف إلى أنه بعد تقديم صاحبتي البلاغ مذكرة توضيحية أخرى في 7 تموز/يوليه 2004، أجبرت سلطات التحقيق في مكتب مدعي المقاطعة الزوج على التعهد بأنه سيلتزم بالقانون ولن يُهين أفراد أسرته.

7-6 وفي 15 تموز/يوليه 2004، قدم الزوج بلاغا إلى مكتب مدعي المقاطعة أشار فيه إلى أن زوجته قد شُخصت حالتها بأنها تُعاني من ذُهان عدواني، ووصف الاعتداءات التي ارتكبتها ضده في المنزل وفي مكان عمله، وطلب من المدعين بذل كل جهد ممكن لحمايته من هذا الإيذاء البدني وتأمين علاج نفسي لزوجته.

7-7 وفي 14 و 15 تموز/يوليه 2004، طلب مكتب مدعي المقاطعة من المستوصف النفسي العصبي في تبيليسي تقديم أي سجلات بشأن الحالة النفسية لـ خ وزوجها. وتلقت السلطات معلومات بشأن “ الحساسية المفرطة بالذات” لدى الزوج . وعلاوة على ذلك، طلب أحد كبار ضباط الشرطة في المنطقة في 16 حزيران/يونيه من خ أن يتم إجراء فحص لها في المستوصف، ولكنها رفضت.

7-8 وبعد أن استأنفت خ ضد قرار مكتب مدعي المقاطعة المؤرخ 30 حزيران/يونيه 2004، ألغت محكمة إيساني - سامغوري الإقليمية ذلك القرار في 4 تشرين الأول/أكتوبر، حيث تبين لها، في جملة أمور، أن المدعين اعتمدوا حصرا على المذكرة التوضيحية للزوج، وأن سائر أفراد الأسرة القُصَّر والشهود لم يستجوبوا، وأنه لم يُتخذ أي إجراء قانوني للتحقق من الحالة النفسية لـ خ وزوجها. وتخلص الدولة الطرف إلى أن القرار يُثبت أن السلطات القضائية أبدت إرادة التحقيق على الفور، وبصورة دقيقة ومحايدة وجدية، في جميع الادعاءات المتعلقة بالعنف المنزلي، كما أثبت الاجتهاد القضائي للجنة، دون أي تمييز أو إقصاء أو تقييد على أساس نوع الجنس ( ) .

7 -9 وتوجه الدولة الطرف الانتباه إلى إفادة خ المؤرخة 18 تشرين الأول/أكتوبر 2004، ومفادها أن ابنها الأكبر د كان يعمل بانتظام مع أبيه في السوق. وتبعا لذلك، لم يكن يساورها القلق بطبيعة الحال من أن يُلحق به زوجها ضررا. وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أن هذه الإفادة تجعل من الإفادة السابقة التي قدمتها خ ملتبسة ولا أساس لها مطلقا .

7-10 وعلاوة على ذلك، كشف استجواب الأطفال القُصَّر الآخرين في وجود إخصائي نفساني ومعلم بمدرسة الأطفال عن وقائع إضافية تتناقض مع أقوال صاحبتي البلاغ. إذ قالت ذ للإخصائي النفساني أنه، قبل ثلاث سنوات، عندما ذهبت مع شقيقها ر وأبيها إلى تيلافي، لم يضربهما أبوهما أو يداعبهما بشكل غير لائق. ودحض ر ادعاء أن أباهما قد اصطحبهما هما الاثنين قط إلى تيلافي، ولكنه ذكر أنه مكث أسبوعين مع أبيه وشقيقه أ في تيلافي في منزل عمتهما ولم يضربهما أبوهما خلال تلك الفترة. وتُشير الدولة الطرف إلى أن هذه الإفادة تدل أيضا على أن خ لم تكن قلقة بشأن ترك أطفالها وحدهم مع أبيهم.

7-11 وبينما كان يجري استجواب الابنين الكبيرين د و ق، ذكرا أنهما لم يُشاهدا أي أفعال غير لائقة من جانب أبيهما، بل سمعا عنها فقط من أمهما وجدتهما. وذكرا أيضا أن أمهما وجدتهما كثيرا ما كانتا تحدثانهما عن ميل الأب الجنسي للأطفال. وبناء على ذلك تزعم الدولة الطرف أن الطفلين قد غسلت أمهما وجدتهما مخيهما إلى حد ما مما أفضي بهما إلى الشهادة ضد أبيهما.

7 -12 وقال الابن الأصغر أ خلال استجوابه أنه كان هناك لأن أمه وجدَّته كانتا ترغبان في الاستيلاء على عمل أبيه التجاري حتى يمكن للأخ الأكبر العمل فيه وإعالة الأسرة. وبحسب الدولة الطرف، تُثير تلك الإفادة الشك في ظروف القضية وتُشكك في ادعاءات صاحبتي البلاغ.

7-13 وتُبيِّن للإخصائي النفساني الذي حضر المقابلات، ضمن جملة أمور، أن الأطفال كانوا يتكلمون عن مسائل صادمة بطريقة خالية من أي انفعال وبعبارات تعلموها عن ظهر قلب، وأن المصطلحات التي استخدموها غير مألوفة للأطفال في سنهم وأن رد الفعل الأخير من جانب خ وأمها بشأن الأحداث جعل الوقائع تبدو ملتبسة للغاية. وخلص الإخصائي النفساني إلى أن الأطفال لم يبد عليهم أي انفعال وأن هناك احتمالا كبيرا لتعرضهم للتأثير.

7 -14 وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2004، وبالإشارة إلى المقابلات وتقرير الإخصائي النفساني والتناقضات المثيرة للشك الأخرى، رفض مكتب مدعي المقاطعة إقامة دعوى جنائية ضد الزوج، وخلص إلى أن الأطفال كانوا تحت تأثير أمهم وأنه لم يكن من المنطقي أن تتهم خ زوجها بالميل الجنسي للأطفال ثم تسمح للأطفال بالعمل معه والمبيت معه في بلدة أخرى .

7-15 وألغى مكتب مدعي تبيليسي ذلك القرار، مشيرا ، في جملة أمور، إلى عدم استجواب الجيران وزملاء الزوج وعدم إجراء أي مقابلة بشأن العلاج الطبي العصبي الذي خضعت له خ. وتُجزم الدولة الطرف بأن القرار يدل، مرة أخرى، على استعداد السلطات لإجراء تحقيق محايد وفوري.

7 -16 وشهد الجيران والزملاء فيما بعد بأن زوج خ رجل مُهذَّب يهتم كثيرا بأسرته، وأنهم لم يُلاحظوا قط أي سلوك غير لائق من جانبه تجاه أطفاله. وادعى بعضهم أيضا أن خ امرأة شديدة الغيرة كانت تُروج الشائعات عن زوجها وتُشوه سمعته. وبالإضافة إلى ذلك، جرى استجواب الطبيب الذي كان يُعالج خ. وأكد أنه شخَّص حالتها بأنها مُصابة بوهن عصبي وأنه وصف لها علاجا.

7-17 وعلى أساس المقابلات السالفة الذكر، رفض مكتب مدعي المقاطعة إقامة دعوى جنائية، وهو قرار ألغاه مكتب مدعي تبيليسي في 11 شباط/فبراير 2005. وكانت أسباب الرفض، في جملة أمور، أنه ينبغي استجواب طبيبة الزوج فيما يتعلق بالحساسية المفرطة بالذات والاضطراب الشخصي، وأنه ينبغي استجواب جميع الجيران القاطنين في الطابق نفسه مع صاحبتي البلاغ، وينبغي الحصول على توصيف كامل لشخصية خ وزوجها فيما يتعلق بتعليمهما وحالتهما الاجتماعية.

7-18 وبناء على ذلك، تم استجواب طبيبة الزوج. وأوضحت أن الحساسية المفرطة بالذات لا تُشكِّل اضطرابا عقليا أو انحرافا جنسيا، ولكن الأشخاص الذين يُعانون من هذه الحساسية عرضة للهياج، ويميلون إلى المجادلة بشأن مسائل تافهة. أما الجيران فقد وصفوا الأسرة بأنها أسرة طيبة وأنهم أناس مهذبون، في حين قال رب عمل الزوج أنه أمين. وتدفع الدولة الطرف بأن الاستجوابات لم تكشف عن أي ظروف جديدة في القضية.

7-19 وتكرر الدولة الطرف القول كذلك بأن القضية جرى فحصها ورفضها من قبل مكتب المدعي العام في 4 آب/أغسطس 2005، ومن قبل محكمة تبيليسي الابتدائية في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، ومن قبل محكمة استئناف تبيليسي في 7 شباط/فبراير 2006 .

7-20 وبناء على ذلك تخلص الدولة الطرف إلى أن السلطات التابعة لها قد أوفت بجميع عناصر الالتزام الموضوعي بموجب الاتفاقية. وبالإضافة إلى ذلك، تُلاحظ أنه ليست هناك دلائل على وجود تمييز على أساس نوع الجنس وأنه قد تم الاضطلاع بجميع إجراءات التحقيق على الفور وبحيادية، وفقا للمواد ذات الصلة من الاتفاقية والاجتهاد القضائي للجنة.

تعليقات صاحبتي البلاغ بشأن ملاحظات الدولة الطرف

8 -1 في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، قدمت صاحبتا البلاغ تعليقاتهما على الملاحظات التي أبدتها الدولة الطرف على الأسس الموضوعية، وادعيا فيها أن الدولة الطرف أخفقت تماما في دعم الاستنتاجات التي توصلت إليها بالأدلة وأنها، عموما، لم تتناول جوهر المسألة.

8-2 وفي رأي صاحبتي البلاغ، لم تتناول الدولة الطرف المسألة الرئيسية وهي “العن ف المنزلي المتكرر ” وتجاهلت عددا من الوقائع، مثل اغتصاب خ وإ كراهها فيما بعد على الزواج من الجاني، وأنها كانت تتعر ض منذ عام 1996 لإيذاء مستمر وبالغ من قبل زوجها، وأن أطفالها كانوا يتعرضون لإيذاء مستمر، بما في ذلك ضربهم بأشياء مختلفة (كان هذا الإيذاء حادا بشكل خاص في حالة ذ، حيث أنها كانت تتعرض بصفة منتظمة للضرب والصياح والهز بقوة، وكان الباب يُغلق على أصابعها كعقوبة، وأنها تعرضت للإيذاء الجنسي). ولم تذكر الدولة الطرف هذه الأحداث، كما أنها لم تنظر في الالتزامات القانونية المترتبة على هذه الوقائع. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا الإيذاء الذي جرى التعرض له على مدى سنين عديدة، والإخفاق المقابل من جانب السلطات في التصدي له يُشكِّلان الخلفية الحيوية للتحقيقات التي أجرتها الدولة الطرف. ( ) .

8 -3 وتدفع صاحبتا البلاغ بأن ملاحظات الدولة الطرف تدل على سوء فهم جوهري لالتزاماتها بموجب الاتفاقية، مما يتبين بوضوح من عرضها للتحقيق وقرار القضاء باعتبارهما دقيقين ومحايدين. فعلى سبيل المثال، أدت إفادة خ بأنها كانت تظن أن زوجها لن يؤذي ابنهما علنا إلى استنتاج مفاده أن جميع شكاواها السابقة كانت ملتبسة وبلا أساس. وتدفع صاحبتا البلاغ بأن ذلك غير منطقي ويدل إما على تحيز ضد صاحبتي البلاغ أو على فكرة مسبقة عن كيفية تصرف ضحايا العنف المنزلي ( ) . ونتيجة لقرار السلطات إغلاق ملف القضية لأن أقوال الجيران لم تكشف عن ظروف جديدة، فقد ألقي عبء إثبات القضية على كاهل صاحبتي البلاغ. وهو عبء ثقيل بشكل مفرط، بالنظر إلى أنهما قد سبق أن قدما أدلة داعمة هامة ( ) .

8-4 وتُسلط صاحبتا البلاغ الضوء على أن العنف القائم على نوع الجنس هو شكل من أشكال التمييز ويعوق بشكل خطير قدرة المرأة على التمتع بحقوقها وحرياتها ( ) . ومن ثم فهما تريان أن الدولة الطرف لم تبذل العناية الواجبة لمنع أعمال العنف القائمة على نوع الجنس والتحقيق فيها، ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم عليها، على النحو المبين في الفقرة 19 من التوصية العامة رقم 28 للجنة.

8 -5 وتكرر صاحبتا البلاغ بيان أوجه القصور النظامية في القانون الجورجي وقت وقوع الحوادث التي اشتكت منها صاحبتا البلاغ ( ) ، وعدم وجود تشريع يُجرِّم صراحة العنف المنزلي ( ) ؛ وعدم وضع وتنفيذ أي سياسة تكفل التحقيق في العنف المنزلي ومقاضاة مرتكبيه ومعاقبتهم؛ وعدم وجود أي تشريع ينص على إصدار أوامر زجرية أو حمائية ( ) ؛ وعدم وجود تدريب كاف للجهات الفاعلة الحكومية العاملة في مجال إنفاذ القانون والادعاء/القضاء على كفالة حماية الضحايا والقضاء على التحيز ضد الأشخاص المتهمين بارتكاب هذا العُنف (أغلبهم من الذكور)، بالمقارنة بمقدمي الشكاوى (أغلبهم من الإناث)؛ وعدم وجود آلية مراعية لنوع الجنس لإجراء مقابلات مع الضحايا، وممارسة أخذ تعهدات كتابية غير قابلة للإنفاذ من الجناة المشتبه فيهم. وتدفع صاحبتا البلاغ بأن الدولة الطرف لم تُُقدِّم أدلة أو حججا وجيهة لدحض ذلك. وبالتالي، يظهر أنه على الرغم من أن الدولة الطرف لا تدحض بأي حال دقة الوقائع المقدمة، فهي تُشكك في أن أوجه القصور المذكورة تبلغ حد انتهاك الحقوق المستند إليها. وذلك لا يتفق مع التوجيهات الواضحة المقدمة من اللجنة ( ) .

8-6 وتكرر صاحبتا البلاغ القول بأنه في القضية الحالية لم تقم الدولة، في جملة أمور، بتسجيل شكاوى العنف المنزلي رسميا، ولم تقم ببدء تحقيق، ولم تأخذ في الاعتبار تاريخ الشكاوى السابقة بشأن العنف المنزلي، ولم تُدرك بأن حوادث العنف المنزلي المعترف بها تُشكل أفعالا جنائية، ولم توفر ظروفا للإبلاغ والمقابلات مراعية لنوع الجنس أو مراعية للأطفال. وبالتالي، ترى صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف لم تكفل التحقيق العملي لمبادئ عدم التمييز والمساواة الفعلية بموجب المواد 1 و 2 (ج) و 2 (د) من الاتفاقية ( ) .

8-7 وتدفع صاحبتا البلاغ بوجود نمط سلوك اجتماعي - ثقافي في الدولة الطرف يُعطي ثقلا أكبر لكلمة الرجل ويقبل مستوى من العنف البدني واللمس الجنسي باعتباره ضمن نطاق التصرف الأبوي المقبول من الرجل. كما أن الأعراف والأنماط الاجتماعية تُديم أيضا التمييز والتحيز القائمين على فكرة الدونية أو الاستعلاء. وتضيف صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف لم تُكافح هذه الممارسات التمييزية وأنماط السلوك والتحيزات الاجتماعية والثقافية المحددة في البلاغ، ولم تُقدِّم أدلة عن اتخاذ خطوات لتعديلها أو القضاء عليها.

8-8 وتعترض صاحبتا البلاغ على حجة الدولة الطرف القائلة بأن كافة إجراءات التحقيق اللازمة كانت تُتبع بدقة أثناء التحقيق الأولي، مما يُشير إلى أن الدولة الطرف لم تُطبق أي معيار موضوعي لتقييم الأدلة ظاهرة الوجاه ة التي تُفيد بارتكاب جريمة ولم تتصرف تبعا لذلك. وحتى إقرار الزوج بأنه كان يُداعب ابنته طول الوقت، وأنه أحيانا ما كان يضرب زوجته، وكان يكب ابنه ر على وجهه على سرير ويضربه عدة مرات لم يُفض إلى فتح تحقيق. بل إن السلطات خلصت، بدلا من ذلك، إلى أن سلوك الزوج لم يكن غير قانوني، مما يُظهر بالتالي العجز المؤسسي وعدم توافر الإرادة من جانب السلطات للتحقيق في العنف المنزلي ومقاضاة مرتكبيه على نحو فعال.

8 -9 وتدفع صاحبتا البلاغ كذلك بأن الدولة الطرف لم تجمع الأدلة وتقدمها بصورة محايدة، بدلا من إبداء موقف متشكك ومكذب تجاه الروايات التي قدمتها خ وشهودها، على نحو متميز عن التحيز المتأصل الذي أظهرته تجاه التوضيحات المقدمة من الزوج. وهما يُشيران، على وجه الخصوص، إلى الإخفاق الأولي في مقابلة جميع الشهود الذين يُحتمل أن لهم صلة بالقضية، واستخدام الأسئلة الاستدراجية خلال المقابلات، وطلب إخضاع خ لفحوصات نفسية مع عدم وجود أدلة على ضرورتها. ويظهر كذلك أن السلطات طلبت الحصول على معلومات طبية سرية من طبيبة خ دون وجود دليل على أنها مُنحت إذنا بالكشف عنها.

8-10 وتزعم صاحبتا البلاغ أن فحص القرارات القضائية يُظهر أن القضاء جمع بين إغفالات وأخطاء سلطات الادعاء وإظهار الانحياز بشكل مستقل نحو الزوج. وإن قرار محكمة مدينة تبيليسي المؤرخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 يفتقر إلى تحليل محايد، ولا يُعبِّر بدقة عن الأدلة المجمعة جملة أو تفصيلا. ويختتم القاضي بالفقرة التالية: “وأهم ما في الأمر أن محامية ‘صاحبة البلاغ’ لا تستطيع الرد على الأدلة التي جمعها المدعون من خلال عمليات فحص عديدة ” . ووفقا لصاحبتي البلاغ، يُشير ذلك إلى رأي ظاهر مفاده أن العبء يقع عليهما في إثبات عدم صحة الأدلة المقدمة لصالح الزوج.

8-11 وتدفع صاحبتا البلاغ بأن الإيذاء البدني والجنسي والعاطفي والنفسي الذي تعرضتا له كان له أثر دائم على حياتهما وعلى رفاههما البدني والعاطفي.

8-12 وفيما يتعلق بالتطورات التشريعية والسياساتية الحالية الحاصلة في الدولة الطرف، تدفع صاحبتا البلاغ بأنه على الرغم من أن هناك الآن قوانين تحظر العنف المنزلي وتُجرمه، يمثل تنفيذها مشكلة في الممارسة العملية ( ) .

8-13 وتطلب صاحبتا البلاغ تعويضا نقديا عن الضرر المادي والمعنوي الذي تعرضتا له نتيجة انتهاكات حقوقهما ( ) . وهما تطلبان أيضا اعتذارا رسميا من الحكومة، بما في ذلك اعتراف بالوقائع وقبول للمسؤولية عن انتهاكات الحقوق المخولة لهما بموجب الاتفاقية ( ) . وعلى الرغم من العيوب الجوهرية الموجودة في إجراءات التحقيق على المستوى الوطني، فهما لا يطلبان إعادة التحقيق في شكاواهما. وتُشير صاحبتا البلاغ كذلك إلى العدد المتزايد من النساء ضحايا العنف وإلى انخفاض معدل الإبلاغ عن حالات العنف المنزلي الجنسي بسبب الوصم والخوف ( ) ، وتطلبان من اللجنة إصدار التوصيتين العامتين التاليتين إلى الدولة الطرف لتعزيز تطبيق الإطار القانوني: كفالة إجراء تحقيقات فعالة وفورية ونزيهة؛ وكفالة وصول ضحايا العنف المنزلي إلى وسائل الانتصاف المدنية والجنائية؛ وتعزيز الجهود المبذولة للتغلب على المواقف النمطية بشأن أدوار النسا ء ومسؤولياتهن.

مداولات اللجنة

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ على ضوء كافة المعلومات التي وضعتها تحت تصرفها صاحبتا البلاغ والدولة الطرف، وفقا لأحكام المادة 7 (1) من البروتوكول الاختياري.

9 -2 وتحيط اللجنة علما بإفادات خ بشأن تاريخ العنف المرتكب ضدها من قبل زوجها، بدءا من اغتصابها في تموز/يوليه 1987 قبل زواجهما، والعنف البدني خلال زواجهما، وبخاصة اعتبارا من عام 1996، والشكاوى العديدة التي قدمتها إلى الشرطة. وتحيط اللجنة علما أيضا بالمعلومات التفصيلية المقدمة من صاحبة البلاغ بشأن سلوك زوجها العنيف تجاه أطفالهما، وبخاصة تجاه ابنهما ر و ابنتهما ذ، وتلاحظ اللجنة، على وجه الخصوص، التفاصيل المقدمة بشأن الإيذاء البدني والجنسي المرتكب ضد ذ والذي قدمت بشأنه شكوى إلى مكتب مدعي المقاطعة في 16 حزيران/يونيه 2004. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الشكوى المذكورة كانت تدعمها الأقوال التي أدلى بها ر ابن خ، فضلا عن أمها، التي كانت أول من لاحظ السلوك غير اللائق من قبل الزوج تجاه ذ. وتزعم خ أن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق فعال في شكاواها المتعلقة بالعنف المنزلي المرتكب ضدها والإيذاء البدني والجنسي المرتكب ضد ابنتها، ولم تقم بمقاضاة زوجها، مما يُعد انتهاكا لحقوقهما بموجب المواد 1 و 2 (ب) - 2 (و) و 5 (أ) من الاتفاقية. وبالتالي فإن القضية المعروضة على اللجنة هي أن تُقرر ما إذا كانت الدولة الطرف قد تناولت، من خلال سلطاتها ومؤسساتها العامة، الشكاوى المقدمة من خ ووفرت لها ولـ ذ حماية قانونية فعالة.

9 -3 وتُشير اللجنة إلى أنه وفقا للفقرة 6 من توصيتها العامة رقم 19، يشمل التمييز، بالمعنى الوارد في المادة 1 من الاتفاقية، العنف القائم على نوع الجنس المرتكب ضد النساء. وهذا التمييز لا يقتصر على العمل المضطلع به من جانب الحكومات أو بالنيابة عنها. بل، قد تكون الدول الأطراف مسؤولة أيضا، وفقا للمادة 2 (هـ)، عن الأفعال الخاصة إذا لم تبذل العناية الواجبة لمنع انتهاكات الحقوق أو التحقيق في أعمال العنف والمعاقبة عليها، وعن تقديم تعويض (الفقرة 9).

9-4 وتحيط اللجنة علما بادعاء خ أنه لم يكن هناك، وقت وقوع الأحداث التي تُشكِّل أساسا لشكواها، إطار قانوني في الدولة الطرف يُوفر حماية قانونية فعالة من العُنف المنزلي وأن قانون منع العُنف المنزلي، الذي يحتوي على تعريف للعُنف المنزلي لأول مرة، لم يُعتمد في الدولة الطرف إلا في 25 أيار/مايو 2006. وتحيط علما أيضا بالتفاصيل المقدمة بشأن الطريقة التي كانت تُعالج بها شكاوى العنف المنزلي من جانب مفتش شرطة المنطقة على أساس القواعد الإدارية حصرا، أي أن المفتش كان يقوم ببساطة بتسجيل إقرار مكتوب من الجاني بعدم ارتكاب أفعال مماثلة في المستقبل، وأن هذه الإقرارات لم تكن مُلزمة قانونا، وبالتالي لم تكن قابلة للإنفاذ. وعندما كانت تُصر ضحية على تقديم شكوى رسمية، كان يقوم مكتب المدعي بدور الوسيط بين الزوجين بدلا من التحقيق في الحادثة ومقاضاة الجاني.

9-5 وقد أولت اللجنة الاعتبار الواجب للطريقة التي عالجت بها سلطات الدولة الطرف شكاوى خ، وتُلاحظ أنه في 28 كانون الأول/ديسمبر 2001، رفض مكتب مدعي مقاطعة إيساني - سامغوري فتح تحقيق جنائي في حادثة أخرى وقعت في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2001، تعرضت فيها خ لإصابات في وجهها ورأسها، وذلك لأنها سحبت شكواها. وكانت استجابة الشرطة لشكاوى خ، فيما يتعلق بالاعتداءات البدنية عليها من قبل زوجها في 16 حزيران/يونيه و 3 و 15 تموز/يوليه 2004، أن طلبت من زوجها ببساطة أن يتعهد كتابة بأنه لن يستخدم العنف مرة أخرى ضد أسرته. وفي 24 تموز/يوليه 2004، أبلغ المكتب خ بأنه لن يُقيم دعوى جنائية ضد زوجها. وعلى الغرار ذاته، كان رد المكتب على شكوى خ المتعلقة بالإيذاء البدني والجنسي الذي وقع على ذ من قبل أبيها، والذي أيدتها أقوال ر ابن خ، الذي روى حوادث الضرب أو التحرش الجنسي من قبل أبيه به وبأخته وأيدتها أقوال أم خ، قرر المكتب، في 30 حزيران/يونيه 2004 عدم إقامة دعوى جنائية وعدم توجيه اتهام. وتُحيط اللجنة علما كذلك بأن الدولة الطرف لم تطعن في هذه الادعاءات. بل على العكس، أقرت الدولة الطرف، في بيانها في 5 أيلول/سبتمبر 2011، بأنه عندما وقع العنف المزعوم كان يجري مواءمة القانون الوطني مع متطلبات الاتفاقية. واعترفت الدولة الطرف أيضا بأن بعض أوجه القصور في التحقيق التي أمكن تحديدها في الوقت المذكور، ربما أفضت إلى انتهاك لحقوق صاحبتي البلاغ.

9-6 وتلاحظ اللجنة أن خ قدمت عدة شكاوى بشأن العنف المرتكب ضدها وضد أطفالها من قبل زوجها إلى مختلف السلطات ( ) . وكان ينجم عن كافة شكاواها إلى الشرطة أن يحصل ضباط الشرطة على تعهد كتابي من زوجها بعدم ممارسة أي أعمال عنف أخرى ضدها وضد أطفالها، حتى رغم أنها، في مناسبة واحدة على الأقل، حصلت على شهادة طبية تُثبت أنها كانت ضحية التعرض لإصابات بدنية سطحية نتيجة ضرب زوجها لها. وتُلاحظ اللجنة أنه رغم تعهدات الزوج الكتابية المتكررة، استمر العنف ضد صاحبتي البلاغ والأطفال الآخرين، ولم تقم السلطات برد مناسب لوقف هذا العنف. وأوقفت الشكوى الأصلية المقدمة من خ بعد أن سحبتها، وقررت سلطات الادعاء عدم مواصلة التحقيق على الرغم من الطابع الخطير للادعاءات وجسامتها. ورفضت جميع الشكاوى الإضافية المقدمة من خ، وقررت سلطات الادعاء عدم وجود ركن مادي للجريمة في أفعال الزوج، في حين كانت المحاكم تُعلن ببساطة عدم وجود أساس للقضايا (26) . ولم تُنكر الدولة الطرف هذه الأقوال أو تطعن فيها، وإنما لاحظت ببساطة أن محامية خ عجزت عن الرد على الأدلة التي جمَّعها المدعون من خلال عمليات الفحص العديدة، مما يفرض متطلبات كبيرة للغاية تتعلق بعبء الإثبات في أي قضية للعنف المنزلي ( ) .

9-7 وترى اللجنة أن الوقائع المذكورة آنفا والتي لم تُدحض، إذا ما قُرئت في جملتها، تُثبت أن سلطات الدولة الطرف لم تقم بواجبها في اتخاذ التدابير التشريعية أو التدابير الأخرى المناسبة، بما في ذلك فرض الجزاءات وحظر العنف ضد المرأة، بوصفه شكلا من أشكال التمييز ضد المرأة؛ وتوفير الحماية القانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وكفالة توفير الحماية الفعالة للمرأة من التمييز من خلال المحاكم المختصة والمؤسسات العامة الأخرى؛ والامتناع عن الإقدام على أي عمل أو ممارسة للتمييز ضد المرأة، وضمان أن تتصرف السلطات والمؤسسات العامة وفقا لذلك الالتزام؛ واتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة؛ واتخاذ كافة التدابير المناسبة، بما في ذلك وضع التشريعات، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة التي تُشكِّل تمييزا ضد المرأة. وترى أيضا أن الوقائع المذكورة آنفا تدل على عدم قيام الدولة الطرف بواجبها باتخاذ كافة التدابير المناسبة لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والممارسات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

10 - وإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 7 (3) من البروتوكول الاختياري للاتفاقية، وفي ضوء الاعتبارات المذكورة أعلاه، ترى أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها، وأنها بالتالي قد انتهكت الحقوق المخولة لصاحبتي البلاغ بموجب المادتين 2 (ب) و 2 (و)، إلى جانب المادتين 1 و 5 (أ) من الاتفاقية، وكذلك التوصية العامة رقم 19 للجنة.

11 - وتُقدِّم اللجنة التوصيات التالية إلى الدولة الطرف:

(أ) فيما يتعلق بصاحبتي البلاغ، تقديم تعويض مالي مناسب لهما يتناسب مع جسامة انتهاكات حقوقهما؛

(ب) بوجه عام:

‘1’ كفالة تقديم الدعم الفوري والمناسب لضحايا العُنف المنزلي وأطفالهم، بما في ذلك المأوى والدعم النفسي؛

‘2’ تكثيف حملات التوعية وتطبيق سياسة عدم التسامح مطلقا مع العُنف ضد المرأة، وعلى وجه أخص، العُنف المنزلي؛

‘3’ التصديق على اتفاقية منع العُنف ضد المرأة والعُنف المنزلي ومكافحتهما؛

‘4’ توفير تدريب إلزامي للقضاة والمحامين والعاملين في مجال إنفاذ القانون، بمن فيهم المدَّعون، على تطبيق قانون منع العُنف المنزلي، بما في ذلك على تحديد العُنف المنزلي وعلى القوالب النمطية للجنسين، فضلا عن توفير التدريب المناسب على الاتفاقية، والبروتوكول الاختياري الملحق بها، والتوصيات العامة للجنة، وبخاصة التوصية العامة رقم 19.

12 - على الدولة الطرف، وفقا للمادة 7 (4) من البروتوكول الاختياري، أن تُولي الاعتبار الواجب لآراء اللجنة، إلى جانب توصياتها، وتُقدَّم إلى اللجنة، في غضون ستة أشهر، ردا كتابيا يتضمن معلومات عن أي إجراء يُتخذ على ضوء آراء اللجنة وتوصياتها. ويُطلب من الدولة الطرف أن تُترجم آراء اللجنة وتوصياتها إلى اللغة الجورجية، وأن تقوم بنشرها وتوزيعها على نطاق واسع، بُغية وصولها إلى جميع قطاعات المجتمع.