الأمم المتحدة

CAT/C/63/D/678/2015

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

11 June 2018

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 678/2015 * **

البلاغ مقدم من: إ. ك. (يمثله المحامي كنوت روغنلين )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف: النرويج

تاريخ الشكوى: 10 أيلول/سبتمبر 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 16 أيار/مايو 2018

الموضوع: إساءة المعاملة من جانب سلطات الدولة؛ وعدم إجراء تحقيق

المسائل الإجرائية: المقبولية - إجراء آخر؛ وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وصفة الضحية

المسائل الموضوعية: إساءة المعاملة في الاحتجاز - التحقيق الفوري والنزيه؛ وتدريب مسؤولي إنفاذ القانون؛ والحبس الانفرادي

مواد الاتفاقية: 10 و11 و12 و16

1- صاحب الشكوى هو إ. ك.، المواطن النرويجي المولود في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفي ي تية في عام 1961. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك النرويج لحقوقه التي تكفلها المواد 10 و11 و12 و16 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان بموجب المادة 22 من الاتفاقية في 9 تموز/يوليه 1986. ويمثل صاحب الشكوى المحامي كنوت روغنلين .

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، قبض على صاحب الشكوى واقتيد إلى قسم الشرطة المركزي في أوسلو. وسبب القبض عليه هو إخلاله بالقانون العام والنظام العام، حيث حطم نافذة في أثناء نزاع في منزل صديق له، واتُهم في وقت لاحق بأنه عضّ يد ضابط شرطة أثناء نقله إلى قسم الشرطة ( ) . وحُبس انفرادياً ( ) طوال الليلة إلى أن أُفرج عنه في الصباح التالي. وطلب عند القبض عليه وأثناء احتجازه علاجاً طبياً لمرضه العقلي ( ) . ولم يتلق أي علاج من هذا القبيل، رغم أن ضباط الشرطة اعتبروه مريضاً عقلياً، وهو ما تثبته البيانات المدونة في سجل الشرطة. وتعرض في الليل أثناء وجوده في الزنزانة للضرب على أيدي ضباط شرطة مجهولين ( ) ، فأحدثوا به إصابات بدنية (تورم وتجمع دموي بالقرب من عينه اليسرى، وسحجات على خده الأيسر، وتجمع دموي على كتفه الأيسر، وقرحة في فروة الرأس بسبب نتف الشعر). وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، أي بعد مرور 15 ساعة على القبض عليه، أُفرج عنه لحين توجيه تهم رسمية إليه. وبعد الإفراج عنه، زار مركزاً طبياً للطوارئ لتلقي العلاج الطبي لإصاباته ( ) . وهو يدعي أن تلك التجربة سببت له صدمة نفسية شديدة لأنه سبق أن وقع ضحية للعنف الذي مارسته عليه الشرطة في النرويج في عام 2005 ( ) .

2-2 وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، طلب محامي صاحب الشكوى معلومات عن احتجازه وأسماء ضباط الاحتجاز المكلفين بالخدمة في التواريخ ذات الصلة ( ) . وفي 7 كانون الثاني/يناير 2008، بيَّن صاحب الشكوى، في جلسة الاستماع الرئيسية، أنه تعرض للعنف أثناء الاحتجاز ( ) .

2-3 وفي 21 نيسان/أبريل 2008، برأت محكمة مدينة أوسلو صاحب الشكوى في الحادث الذي وقع في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، لاختلال مداركه العقل ية ( ) .

2-4 وفي 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أبلغ صاحب الشكوى المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة عن تعرضه للضرب، وفي 17 نيسان/أبريل 2012، قرر المكتب عدم مقاضاة ضباط الشرطة، حيث استنتج أن "من غير مرجح أن يخلص أي تحقيق قائم على المعلومات المتاحة إلى دليل على وقوع صاحب الشكوى ضحية لفعل إجرامي". واستنتج المكتب أيضاً أن من المرجح أن تكون الإصابات التي لحقت بصاحب الشكوى ناجمة عن استخدام القوة على النحو المبين في تقرير الشرطة عن الحادث. وأخذ المكتب في الاعتبار أن الشكوى قُدمت بعد مرور خمس سنوات على الحادث، وأن معلومات صاحب الشكوى عن استخدام القوة في زنزانة الاحتجاز يلفها الغموض، وأن التقييم النفساني خلص إلى وجود شك في مدارك صاحب الشكوى في وقت القبض عليه، مما أثر على مصداقية بيانه بشأن استخدام القوة ضده.

2-5 وفي 26 نيسان/أبريل 2012، قدم صاحب الشكوى طعناً أولياً إلى المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة، وقدم في 30 أيار/مايو 2012 طعناً كاملاً إلى المكتب نفسه الذي أحال الطعن إلى المدير العام للنيابة العامة للبت فيه. وفي 17 تموز/يوليه 2012، أيد المدير العام القرار، مشيراً إلى أنه "يتفق مع المكتب بشأن جميع النقاط الجوهرية".

2-6 وفي 17 تموز/يوليه 2010، قدم صاحب الشكوى طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأُعلن عدم مقبولية طلبه بموجب المادتين 34 و35 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، وذلك بقرار من قاضٍ وحيد أصدره في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012.

2-7 وفي 21 أيار/مايو 2012، قدم صاحب الشكوى، عقب محاكمته الجنائية، طلباً إلى الهيئة النرويجية للشؤون المدنية للحصول على تعويضات غير مالية. وفي 15 كانون الثاني/ يناير 2014، رفضت الهيئة طلبه، واستنتجت أن "مقاضاته لم تتطرق إلى التفاصيل كما كان يتوقع، بالنظر إلى قصر فت رة احتجازه وسلوكه المتقلب المثير للريبة ".

2-8 ويشير صاحب الشكوى إلى أن قرار المدير العام للنيابة العامة غير قابل للمراجعة من جانب سلطات وطنية أخرى ( ) . وبذلك فإنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أن حبسه انفرادياً لمدة 15 ساعة في قسم الشرطة، دون أي رعاية طبية، وتعرضه للضرب على أيدي ضباط الشرطة، يصلان إلى درجة المعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تنتهك المادة 16 من الاتفاقية.

3-2 وهو يدعي أيضاً أن عدم تحقيق المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة في شكواه يتنافى مع المادة 12 من الاتفاقية. وهو يرى أنه يقع على الدولة الطرف عبء إثبات أن الإصابات التي لحقت به أثناء احتجازه لدى الشرطة يمكن أن تُعزى إلى ظروف لا تتحمل الدولة الطرف أي مسؤولية عنها. وهو يدعي كذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير مقنع فيما يتعلق بالإصابات البدنية، التي لم تُسجل لدى القبض عليه ولكن أُكدت في التقرير الطبي بعد الإفراج عنه. وهو يشير إلى أن عدم سعي الدولة الطرف إلى الحصول على دليل كافٍ بعد الحادث، باستجواب ضباط الاحتجاز مثلاً، أسهم أيضاً في انتهاك المادة 12 من الاتفاقية.

3-3 ويؤكد صاحب الشكوى حدوث انتهاك للمادتين 10 و11 من الاتفاقية لأن الثقافة والمعلومات والتعليمات والترتيبات القائمة ليست كافية للتعامل مع الأشخاص الذين يعانون مشاكل عقلية في أثناء القبض عليهم واحتجازهم.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 6 تموز/يوليه 2015، ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى. وتدعي الدولة الطرف أن الشكوى غير مقبولة لأن صاحب الشكوى ليس ضحية بموجب المادة 22(1) من الاتفاقية فيما يتعلق بالمادتين 10 و11. وتحتج الدولة الطرف بأن كلتا المادتين 10 و11 لا تمنح صاحب الشكوى حقوقاً فردية. وترى الدولة الطرف أن نص المادة 10 يبين أن الحكم يستهدف العلاقة بين الحكومة والموظف المسؤول عن الأشخاص المسلوبة حريتهم، لا العلاقة بين الحكومة وكل فرد محتجز. وبالمثل، لا تنظم المادة 11 العلاقة المباشرة بين الحكومة، من جهة، و آحاد المحتجزين، من جهة أخرى. وإنما يبين نص المادة 11 أن الحكم يفرض التزاماً عاماً على الدولة تجاه المجتمع بشكل عام. وبينما تعترف الحكومة بأن الالتزامات الواردة في المادتين 10 و11 تشكل وسائل مهمة لمنع المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة بشكل عام داخل أية دولة طرف، فإنها تلاحظ أن عدم امتثال الدولة الطرف للمادة المذكورة لن يكون له تأثير مباشر على الأشخاص المحتجزين. وهذا التأثير المحتمل على آحاد المحتجزين، في رأي الدولة الطرف، أمر لاحق جداً وغير مباشر إلى درجة تجعله لا يشكل حقاً موضوعياً لصاحب الشكوى في هذه القضية.

4-2 وعلاوةً على ذلك، تدعي الدولة الطرف أن الشكوى غير مقبولة أيضاً لأن المسألة نفسها "بُحثت" من جانب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وترى الدولة الطرف أن الشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تتعلق "بالمسألة نفسها"، وأن المسألة نفسها بُحثت من جانب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. كما تشير إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تتمكن من إعلان عدم مقبولية الشكوى على أي من الأسس التالية: أن صاحب الشكوى لم يمتثل لمهلة الستة أشهر المحددة لتقديم شكوى؛ أو أن القضية يجري بحثها على النحو الواجب من جانب محكمة محلية؛ أو أن صاحب الشكوى مجهول؛ أو أن الشكوى يجري بحثها في إطار إجراء آخر. وهذا يدع الأسس التالية فقط لإعلان عدم مقبولية القضية: (أ) أن صاحب الشكوى ليس ضحية؛ أو (ب) أن صاحب الشكوى لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية؛ أو (ج) أن الشكوى لا تتفق مع أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، أو أنها لا تقوم على أساس سليم، أو أنها تنتهك الحق في إقامة دعاوى فردية؛ وتحتج الدولة الطرف بأن جميع هذه الأسس لعدم ال مقبولية، بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تطابق الأسس التي تفضي إلى البت بعدم المقبولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

4-3 وأخيراً، تطعن الدولة الطرف في تأكيد صاحب الشكوى أن جميع سبل الانتصاف المحلية استُنف د ت بعد تقديم الاستئناف إلى المدير العام للنيابة العامة. فأولاً، إذا كان صاحب الشكوى قرر أن المقاضاة هي السبيل القانوني المناسب للحصول على الانتصاف، فكان يمكنه أن يقيم دعوى خاصة ضد أي من الضباط المشتبه فيهم. وثانياً، كان بإمكانه أن يقدم شكوى إلى الشرطة مباشرة. ورغم أن هذا الخيار يستهدف الأمور التي لا تصل إلى مستوى الجرائم التي يرتكبها آحاد ضباط الشرطة، مثل عدم تقديم الدولة للتدريب المناسب للموظفين، كان من شأن هذا الخيار أن يمكِّن الشرطة من معالجة الانتهاكات المزعومة للمواد 10 و11 و12 من الاتفاقية. وثالثاً، أُتيحت لصاحب الشكوى سبل انتصاف أخرى أكثر ملاءمة من المقاضاة. وبوجه خاص، كان بإمكانه أن يلتمس الانتصاف من الحكومة بإقامة دعوى مدنية عادية يطالب فيها بتعويضات و/أو إصدار حكم تفسيري لإثبات انتهاك حقوقه الفردية المكفولة بموجب الاتفاقية. وقد التمس صاحب الشكوى التعويض عن الأضرار غير المالية من الهيئة النرويجية للشؤون المدنية، وهي وكالة تابعة لوزارة العدل والأمن العام. وقد خضع قرار الهيئة النرويجية للشؤون المدنية برفض طلب التعويض للمراجعة القضائية من جانب المحاكم العادية. ومع ذلك، لم يقدم صاحب الشكوى طلب التعويض إلى المحاكم العادية من أجل المراجعة القضائية، ولم يقدم أية أسباب لامتناعه عن ذلك. وتحتج الدولة الطرف بأن عدم عرض صاحب الشكوى للقضية أمام محكمة قانونية عادية جعل الشكوى غير مقبولة فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 16 من الاتفاقية.

4-4 وعلاوة على ذلك، تدعي الدولة الطرف أن صاحب الشكوى كان بإمكانه أن يطلب، عن طريق دعوى إيضاحية، إثبات حدوث انتهاك للاتفاقية. وقد أفتت المحكمة العليا للنرويج بإمكانية إقامة دعوى إيضاحية ضد الحكومة لإثبات حدوث انتهاك لحقوق الإنسان المكفولة لأي فرد بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي أُدمجت أحكامها في القانون النرويجي. وقد مُنحت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مركز القانون النرويجي، وهو ما يعني أن من الممكن لصاحب الشكوى التماس استصدار حكم إيضاحي فيما يتعلق بالأحكام المناظرة للمادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (المادة 3) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 7). وعلى نفس المنوال، كان يمكن لصاحب الشكوى أن يقيم دعوى إيضاحية لإثبات حدوث انتهاك كما تنص عليه المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب عن طريق المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وكما تنص عليه المادتان 10 و11 من اتفاقية مناهضة التعذيب عن طريق المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تناظر هذه المواد الالتزامات نفسها.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف عدم إدراج معلومات في الشكوى تنم عن أن تطبيق سبل الانتصاف آنفة الذكر سيستغرق وقتاً طويلاً على نحو غير معقول أو أنه من غير المرجح أن يحقق انتصافاً فعالاً لصاحب الشكوى. وتشير الدولة الطرف إلى أن إعفاء الأفراد من شرط استنفاد سبل انتصاف في المسائل الحرجة زمنياً، بسبب الظروف الخاصة لقضية معينة، هو إجراء له ما يبرره. ولكن، في هذه القضية، حدثت الانتهاكات المزعومة في عام 2006، وانتظر صاحب الشكوى خمس سنوات قبل أن يبلغ السلطات بهذه الانتهاكات. وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن وثائق القضية لا تبين أن إجراءات المحاكم العادية لم تكن متاحة لصاحب الشكوى لأسباب مالية أو لأسباب أخرى، حيث أُتيحت لصاحب الشكوى المساعدة القانونية في مرحلة مبكرة من القضية، وتلقى مساعدة من محام في سياق هذه الشكوى.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 أدرج صاحب الشكوى، في الإفادة المؤرخة 15 أيلول/سبتمبر 2015، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية القضية.

5-2 ورداً على تأكيد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى ليس ضحية بموجب المادتين 10 و11 من الاتفاقية، يتفق صاحب الشكوى مع الدولة الطرف على أن هاتين المادتين لا تمنحان صاحب الشكوى حقوقاً فردية في حد ذاتها. ومع ذلك فهو يحتج بأنه إذا كانت المادة 16 تمنح حقوقاً موضوعية للأفراد، فإن المادتين 10 و11، عند اقترانهما بالمادة 16، تترتب عليهما التزامات على عاتق الدولة الطرف يمكن لصاحب الشكوى مطالبة الدولة الطرف بها بوصفه ضحية.

5-3 ويشير صاحب الشكوى إلى أنه رغم أن الوقائع التي قدمها إلى اللجنة تماثل الوقائع التي أدرجها في طلبه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن شكواه أمام اللجنة لا تشير إلى الحقوق الموضوعية نفسها نظراً إلى أن محتوى المادتين 12 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب يختلف عن محتوى المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، لم "تبحث" المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المسألة نفسها. وبما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتبرت الطلب غير مقبول دون تقديم أسباب أخرى ، بخلاف الإشارة إلى المادتين 34 و35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا يمكن أن يحتج بأن أسس عدم المقبولية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تطابق أسس عدم المقبولية التي يترتب عليها عدم المقبولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

5-4 ويشير صاحب الشكوى إلى أن سبل الانتصاف المحلية استُنفدت لأن شكواه بُحثت من جانب المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة، والمدير العام للنيابة العامة، والهيئة النرويجية للشؤون المدنية، ولم يُفتح تحقيق نتيجة لهذه الشكاوى. ومن ثم فقد أُتيحت للدولة الطرف فرص عديدة للنظر في الانتهاكات المزعومة وعلاجها. ويحتج صاحب الشكوى أيضاً بأن المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة هو بالفعل أكثر الهيئات ملاءمة للتحقيق في مثل هذه القضايا من المحاكم الوطنية، ويُعزى ذلك جزئياً إلى أن المكتب يمتلك صلاحيات الحصول على الدليل ذي الصلة وتأمينه وتقييمه. ويشير صاحب الشكوى إلى أن إطلاق تحقيق خاص في هذه القضية تكتنفه صعوبة بالغة في الواقع العملي، لأن هويات ضباط الشرطة المسؤولين عن ضرب الضحية غير معروفة. وسيتعذر الحصول على البيانات اللازمة عن الأحداث المرتبطة باحتجاز صاحب الشكوى، وبالتالي عدم وجود دليل، وهو ما حدا أيضاً بالمكتب إلى أن يقرر عدم مقاضاة ضباط الشرطة. وعلاوة على ذلك، لا يمكن لصاحب الشكوى إقامة دعوى مدنية للحصول على تعويض عن الأضرار أمام المحاكم النرويجية لأنه لم يتعرض لخسارة مالية مباشرة، وذلك شرط ضروري بموجب قانون التعويضات النرويجي. ومن ثم فإن إقامة دعوى مدنية في هذه القضية أمرٌ عديم الجدوى. ولا يمكن لصاحب الشكوى أيض اً الطعن في قرار الهيئة النرويجية للشؤون المدنية، لأن ادعاءه سيعتبر قديماً للغاية.

5-5 ويدعي صاحب الشكوى أنه لا يمكن لأية دولة طرف ، عندما تُتاح سبل الانتصاف البديلة ، أن تطالب باستنفاد جميع سبل الانتصاف القانونية الممكنة، وأنه يكفي إقامة دعوى واحدة قدر المستطاع ( ) . ويحتج صاحب الشكوى بأنه عرض دعواه الجنائية قدر المستطاع، وأن من غير المقبول أن يُطلب منه اتخاذ إجراءات أخرى غير التي اتخذها بالفعل.

5-6 وأخيراً، يشكك صاحب الشكوى في ادعاء الدولة الطرف أنه كان بإمكانه أن يشتكي الحكومة أمام محكمة نرويجية من أجل اتخاذ إجراء إيضاحي. وقد حكمت المحكمة العليا للنرويج بأنه لكي يستنتج حدوث انتهاك لاتفاقية دولية، يجب أن يُنص في الاتفاقية نفسها على سبيل انتصاف قانوني فعال على المستوى الوطني من هذا الانتهاك، كما هو الحال في المادة 13 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وحكمت المحكمة العليا بأن اتفاقية مناهضة التعذيب ليس لها مركز القانون النرويجي، ومن ثم لا يمكن لصاحب الشكوى إقامة دعوى على أساس الاتفاقية نفسها ( ) . ومن غير المنطقي أن يُتوقع أن يقيم صاحب الشكوى دعواه عن طريق النظام القضائي النرويجي لكي تبت المحكمة العليا في هذه المس أ لة مرة أخرى، ولا سيما بالنظر إلى التكاليف المرتبطة بمثل هذه الدعوى القضائية. ولا تتوافر لدى صاحب الشكوى وسائل تغطية التكاليف القانونية، ولا يوجد تمويل عام يسمح له بتغطية هذه التكاليف.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى، وظلت على موقفها بشأن عدم مقبولية الدعوى. وتشير الدولة الطرف إلى عدم حدوث انتهاك للمادة 16 من الاتفاقية لأن الإصابات التي لحقت بصاحب الشكوى تتوافق مع الاستخدام القانوني للقوة الضرورية عندما قاوم القبض عليه واحتجازه وهاجم ضباط الشرطة وهددهم. ويجب أيضاً النظر إلى رواية صاحب الشكوى في ضوء أنه كان يعاني من هلاوس فكرية ومن تصورات مشوَّهة للحقائق، منها حالات و ُ هام الاضطهاد من جانب الشرطة. وتدعي الدولة الطرف أن معاناة صاحب الشكوى أثناء وجوده في زنزانة الحجز لا تتجاوز المعاناة الحتمية الناجمة عن الاحتجاز في وضع يماثل الوضع في هذه القضية. ولا يوجد دليل على أن الضباط اعتبروا صاحب الشكوى مريضاً عقلياً. وعلى أية حال، كان صاحب الشكوى ثملاً، الأمر الذي يستبعد إمكانية تقديم الرعاية النفسية له قبل صباح اليوم التالي عندما أُفرج عنه. وتشير الدولة الطرف إلى قضية كيريميدشييف ضد بلغاريا ، التي قضت فيها اللجنة بأنه "رغم أن الألم والمعاناة قد يكون مصدرهما التوقيف القانوني لشخص غير متعاون و/أو عنيد، فإنها تعتبر أن استخدام القوة في مثل هذه الظروف ينبغي أن يقتصر على ما هو ضروري ومتناسب" ( ) . وبالمثل، استقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أحكامها على أنه لكي تكون المعاملة لا إنسانية أو مهينة ، بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، "يجب أن تتجاوز في جميع الأحوال المعاناة أو الإهانة الحتميتين المرتبطتين بشكل معين من المعاملة والعقوبة المشروعة" ( ) . وعلى ذلك، فإن الاحتجاز القانوني في زنزانة الحجز لا يثير في حد ذاته مسألة في إطار الحكم المذكور.

6-2 وتشير الدولة الطرف مجدداً إلى أنه نظراً إلى أن الانتهاكات المزعومة حدثت قبل أكثر من عشر سنوات، فإن الوضع المتعلق بالدليل تكتنفه صعوبات. وقد تواصلت الدولة الطرف مع عدد من الضباط الذين كانوا حاضرين في وقت وصول صاحب الشكوى إلى زنزانات الحجز، ولكنهم لم يتذكروا صاحب الشكوى ولا الحادث المزعوم . وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدليل يقتصر على التقارير والوثائق الأخرى الخطية التي تعود إلى ذلك الوقت.

6-3 وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب الشكوى أن إصاباته أحدثها ثلاثة ضباط شرطة حضروا إلى زنزانته ليلاً لضربه. وتشير الدولة الطرف، في سياق تفسيرها لإصابات صاحب الشكوى، إلى أنها قد تكون نجمت أثناء القبض عليه وإحضاره إلى الزنزانة. وقد استدعى سلوك صاحب الشكوى أن يستخدم ضباط الشرطة القوة المفرطة معه في ثلاث مناسبات: (أ) عندما رفض صاحب الشكوى القبض عليه ( ) ؛ (ب) وعندما عضّ أحد ضباط الشرطة وأثناء إدخاله سيارة الشرطة ( ) ؛ (ج) وعندما أجرت الشرطة تفتيشاً جسدياً في الزنزانة بعد أن هدد صاحب الشكوى بالاعتداء على الضباط ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن ما تقدم يبيّن أن الإصابات التي لحقت بصاحب الشكوى تتوافق مع الاستخدام الضروري للقوة ضده بسبب سلوكه العدواني والعنيف، وأنه لم تُستخدم القوة المفرطة ضده. وفيما يتعلق بمصداقية صاحب الشكوى، تكرر الدولة الطرف أنه اتضح ، في وقت لاحق ، أن صاحب الشكوى كان يعاني من مرض عقلي جعله يرى أشياء غير حقيقية عند احتجازه في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، وفي فترة قريبة من ذلك الوقت ( ) . وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى إعلان قضائي أولي أصدره ، في عام 2008، كبير مستشاري الطب النفسي في محكمة أوسلو المحلية، كشف أن صاحب الشكوى مصاب "بأوهام الاضطهاد من جانب الشرطة". وتبيّن الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى لا يمكن تقييمها على النحو السليم دون المراعاة الواجبة لتاريخه الطبي النفساني.

6-4 وفيما يتعلق بمسألة الرعاية الطبية، ترفض الدولة الطرف ادعاء صاحب الشكوى أن ضباط الشرطة اعتبروه مريضاً عقلياً لأن سجل الشرطة عن هذا الحادث ورد به أن "المرض: نفساني". وتشير الدولة الطرف إلى أن هذا السطر أدخله عامل الهاتف الذي تلقى في بادئ الأمر المكالمة الهاتفية التي أبلغت عن الحادث الذي تعرض له صاحب الشكوى في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. وأُجري ذلك على أساس المعلومات التي قدمها المتصل إلى عامل الهاتف، ولم يستند ذلك إلى تقييم أجرته الشرطة لصاحب الشكوى. وفيما يتعلق بادعاء أن صاحب الشكوى طلب الرعاية الطبية، تلاحظ الدولة الطرف عدم وجود وثائق في القضية تدعم هذا الادعاء. وإنما على العكس، لم يذكر صاحب الشكوى في المقابلة التي جرت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 شيئاً للشرطة بشأن احتياجه إلى المساعدة الطبية أو بشأن عدم تقديم هذه المساعدة إليه، فيما عدا أنه "مرهق للغاية" و"يحتاج إلى قرص من الدواء". وعلاوةً على ذلك، كان الضباط يترددون على صاحب الشكوى في زنزانته كل 30 دقيقة، وبالتالي كانوا سيعلمون بأي طلب للمساعدة الطبية وكانوا سيسجلون هذا الطلب في سجل يوميات السجن. وتبين نسخة من سجل يوميات السجن، بداية من يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، أن شخصاً في زنزانة أخرى تلقى الرعاية الطبية في تلك الليلة بسبب جرح في ذقنه. ولكن لا توجد معلومات مدونة عن أية طلبات للرعاية الطبية من جانب صاحب الشكوى أثناء وجوده في زنزانة الحجز.

6-5 وفيما يتعلق بحجة صاحب الشكوى أنه كان بحاجة إلى العلاج النفسي في ليلة يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، تشير الدولة الطرف إلى أن الأطباء النفسانيين في وحدتي الحوادث والطوارئ لا يقبلون المرضى الذين هم تحت تأثير الكحول أو مواد الإدمان الأخرى بسبب صعوبة تقييم صحتهم العقلية وهم في حالة سُكر. وبما أن صاحب الشكوى كان تحت تأثير الكحول في ليلة القبض عليه، وهو ما تدعمه سجلات الاحتجاز وتقرير الشرطة عن الفترة التي تبدأ من ليلة الحادث، فكان يجب عليه ، على أية حال ، الانتظار إلى اليوم التالي قبل أن يتمكن من مقابلة طبيب للنظر في مرضه العقلي. وفيما يتعلق بالإصابات البدنية التي لحقت بصاحب الشكوى في الاحتجاز، لم تكن هذه الإصابات بالجسامة التي تبرر تعريض ضباط الشرطة والموظفين الطبيين للخطر، بالنظر إلى السلوك العدواني لصاحب الشكوى أثناء اقتياده إلى قسم الشرطة.

6-6 وتلاحظ الدولة الطرف أن مدة مكوث صاحب الشكوى في زنزانته لم تتجاوز 12 ساعة ليلاً. وتشير الدولة الطرف إلى سجل الاحتجاز الذي يبين أن صاحب الشكوى أُحضر إلى وحدة الاحتجاز في الساعة 58/09 من مساء يوم 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. وجرت المقابلة مع صاحب الشكوى في الساعة العاشرة من صباح يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، وأُفرج عنه بعدها. وفي فترة ال‍ 12 ساعة، كان ضباط الخدمة يترددون على صاحب الشكوى كل 30 دقيقة، وهو إجراء معتاد مع المحتجزين السكارى. وعلى هذا الأساس، تشير الدولة الطرف إلى أن معاناة صاحب الشكوى أثناء وجوده في زنزانة الحجز لم تتجاوز المعاناة الحتمية الناجمة عن الاحتجاز في وضع مماثل للوضع في هذه القضية.

6-7 وفيما يتعلق بادعاءات انتهاك المادة 12 من الاتفاقية، ترفض الدولة الطرف تأكيد صاحب الشكوى أن الشرطة كان ينبغي لها أن تحقق في "الحادث الذي وقع في عام 2006، على أساس ال بيان الذي قدمه صاحب الشكوى إلى الشرطة أن شيئاً حدث له أثناء الاحتجاز وعلى أساس الاستفسار الذي قدمه محاميه بعد ذلك بوقت قصير" ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أنه بما أن الإصابات نجمت بالفعل عن الشرطة، لا يوجد مبرر للاعتقاد بأن الإصابات لم تنجم إلا عن الاستخدام المشروع للقوة. ولا تتضمن عبارة "حدث شيء" ما ينمّ عن، أو يشير إلى، أن صاحب الشكوى استُهدف ليلاً من قبل ضباط الشرطة الذين ضربوه. وعلى أقل تقدير، فإن قول صاحب الشكوى إنه سيتحدث إلى محاميه يدعو إلى توقُّع أن صاحب الشكوى سيلجأ إلى الشرطة بأي شكاوى، عند الاقتضاء. وفيما يتعلق بطلب محامي صاحب الشكوى، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، "جميع الوثائق المتعلقة بالقبض على موكله، بما في ذلك السجلات اليومية والمقابلات والتقارير، وما إلى ذلك"، فمن المعتاد أن يطلب المحامي نسخة من ملف القضية عندما يقيم دعوى جنائية، ولم تتضمن رسالة المحامي أية إشارة إلى انتهاك مزعوم للمادة 16 من الاتفاقية. وقد أُرسلت جميع وثائق القضية إلى محامي صاحب الشكوى في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2006.

6-8 وتلاحظ الدولة الطرف أنه لم يرد أي ذكر لادعاءات إساءة المعاملة في حكم المحكمة أو في سجلات القضية فيما يتعلق بالجلسة الرئيسية المعقودة في 7 كانون الثاني/يناير 2008. ويعني ذلك أن من غير المرجح توجيه مثل هذه الاتهامات، وبما أن صاحب الشكوى كان ممثَّلاً بمحامٍ فمن المتوقع أن يكون المحامي قد تابع الاتهامات إن كانت قد وُجهت. وعلاوةً على ذلك، لا ترى الدولة الطرف أن التقرير المقدم من صاحب الشكوى - بعد خمس سنوات من الحادث - يبرر إجراء تحقيق أكثر شمولاً من التحقيق الذي أجراه المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة. وتشير الدولة الطرف إلى أن لديها تعليمات وأحكاماً واضحةً، صادرة عن وزارة العدل والأمن العام، إذا ارتكب أي ضابط، أو اشتُبه في ارتكابه، معاملة مهينة للمحتجزين.

6-9 وفيما يتعلق بالانتهاكات المزعوم للمادتين 10 و11 من الاتفاقية، تكرر الدولة الطرف أن هاتين المادتين ليستا موضوع الشكاوى الفردية بسبب نطاقهما العام والواسع. ونظراً إلى أن احتياج صاحب الشكوى إلى ا لحماية من إساءة المعاملة مكفول بضمانات كافية بموجب المادتين 12 و16، لا ترى الدولة الطرف ضرورةً لتوسيع نطاق المادتين 10 و11 لكي يشملا آحاد الشكاوى. وترى الدولة الطرف أن توسيع نطاق المادتين ليس له سند قانوني في الاتفاقية. ومع ذلك، قدمت الدولة الطرف معلومات مفصّلة بشأن التثقيف والمعلومات المقدمة إلى ضباط الشرطة الذين ربما ذهبوا إلى صاحب الشكوى في الليلة التي كان محتجزاً فيها، وكذلك بشأن القواعد والتعليمات المتعلقة بمعاملة الأشخاص المحتجزين ( ) . وعلاوةً على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى نتائج التفتيش الذي أجرته في تشرين الأول/أكتوبر 2005 اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة لزنزانات الشرطة التي احتُجِزَ بها صاحب الشكوى في الليلة الفاصلة بين يومي 8 و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 - وهي النتائج التي خلصت إلى أن "المبادئ التوجيهية المدرجة في المنشور الدوري G-67/2000 كانت مطبقة على نحو سليم ( ) .

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 قدم صاحب الشكوى، في إفادة مؤرخة 8 شباط/فبراير 2016، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للقضية.

7-2 ويشير صاحب الشكوى إلى أن من غير المرجح أن تنجم الإصابات عن الاستخدام المعقول للقوة، على النحو الذي بينته الدولة الطرف، لأن طبيعة الإصابات توحي بأنها نجمت عن ضرب صدغه الأيسر بأداة حادة. وعلى أية حال، كان ينبغي أن تُسجل تلك الإصابات في تقرير الشرطة أو في سجل يوميات السجن. ويحيل صاحب الشكوى إلى نسخة من سجل يوميات السجن، بداية من ليلة الحادث، حيث سُجلت فيه إصابة سجين آخر بجرح في ذقنه، ولكن لم تُسجل به أية إصابات لصاحب الشكوى. ونظراً إلى عدم وجود تفسير مقنع لعدم الإبلاغ عن الإصابات، يشير صاحب الشكوى إلى حدوث انتهاك للمادة 16 من الاتفاقية.

7-3 ويشير صاحب الشكوى إلى ما ذهبت إليه الدولة الطرف من أن حالته العقلية ذات أهمية عند تقييم مدى مصداقيته، ويلاحظ أنه نظراً إلى احتمال رفض البيانات التي يدلي بها الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي، من المهم بوجه خاص أن تتضمن تقارير الشرطة وسجلات اليوميات معلومات دقيقة جداً عن جميع العوامل الموضوعية المتعلقة بالإصابات. فما لحق بصاحب الشكوى من إصابات ليس من قبيل الهلاوس ، وينبغي الإبلاغ عنها مع وصف دقيق للأدوات التي سببت تلك الإصابات. ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى المادة 3-2 من التعليمات الموجهة للشرطة، حيث تنص على أنه إذا ترتب على استخدام القوة من جانب الشرطة إصابة/ضرر لشخص أو لممتلكات، أو إذا كان الوضع ينم عن أن إجراءات الشرطة قد تؤدي إلى شكاوى، يجب على ضابط الشرطة أن يقدم فوراً إلى رؤسائه تقريراً خطياً عن الحادث ( ) . فإن كان رئيس العمل في هذه القضية قد تلقى تقريراً دقيقاً من الشرطة وفقاً لتعليمات الشرطة، لكان من الممكن أن تجري الشرطة تقييماً للحالة وأن تحصل على الدليل. غير أن الأمر لم يكن كذلك، فلم تُتخذ إجراءات كافية في الواقع العملي.

7-4 ويرفض صاحب الشكوى إشارة الدولة الطرف إلى أن طلب محامي صاحب البلاغ للوثائق هو إجراء عادي. وهو يشير إلى أن الإجراء العادي هو أن يطلب المحامي الوثائق عندما يكون موكله محتجزاً أو عندما يكون القرار المتعلق بلائحة الاتهام بصدد الصدور. وفي هذه القضية، كان المحامي يرغب في الحصول على الوثائق المتعلقة باحتجاز صاحب الشكوى، في الوقت الذي كان فيه صاحب الشكوى قد أُفرج عنه بالفعل ولم يكن هناك وجود ل أي لائحة اتهام. وفيما يتعلق بمبرر عدم متابعة محامي صاحب الشكوى للادعاءات المتعلقة بإساءة المعاملة، يشير صاحب الشكوى إلى أن محاميه لم يرغب في ذلك. وقد طلب صاحب الشكوى من عدة محامين متابعة هذه الادعاءات، غير أنه لم يستجب أ يٌ منهم. ويفيد صاحب الشكوى بأن سبب ذلك قد يكون قضية سابقة تعود إلى أيار/مايو 2006 قرر فيها مكتب تحقيقات الشرطة عدم توجيه اتهام إلى ضابط الشرطة في حالة مماثلة. ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى أن شروط اتهام ضابط شرطة وإدانته في النرويج شديدة الصرامة. ويعترض صاحب الشكوى على استنتاج الدولة الطرف عدم وجود مبرر لأن تجري الشرطة تحقيقاً بحجة عدم حدوث أي انتهاك. وهو يشير كذلك إلى أن عدم الرغبة في إجراء تحقيق، بالاقتران مع الإنكار الكامل لجميع الجرائم المحتملة، لا ينبغي التغاضي عنه. وهو يلاحظ أن من الأكثر اقناعاً أن يحقق شخص محايد، واحد على الأقل، في استخدام الشرطة للقوة. وبما أن ذلك لم يحدث، فقد حدث انتهاك للمادة 12 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع المادة 16 منها.

7-5 وفيما يتعلق بعدم تقديم الرعاية الطبية، يشير صاحب الشكوى إلى أنه عندما تُحدِ ث أية إصابة علامات ظاهرة يجب على الشرطة دعوة مقدمي الرعاية الصحية. وعلاوة على ذلك، فإن المعاناة الظاهرة لصاحب الشكوى من مرض عقلي و/أو من السُكر كان ينبغي أن تؤكد احتياجه إلى العناية الطبية. ويشير صاحب الشكوى إلى اللائحة المتعلقة باستخدام زنزانات حجز الشرطة، التي تنص على أنه "قبل إيداع شخص في زنزانة حجز يجب على الشرطة أن تجري تقييماً لاحتياجه إلى الرعاية الطبية، وأن ترتب، عند الضرورة، زيارة طبيب له ...." ( ) . ويحتج صاحب الشكوى بأن وصفه في تقرير الشرطة كان ينبغي ، على الأقل ، أن يحمل ضباط الشرطة على التشكك في سلامته العقلية أو على النظر في كونه ثملاً جداً أو غير قادر على العناية بنفسه. لذلك كان ينبغي لهم استدعاء موظف مختص بالرعاية الصحية لكي ينظر في الحالة الصحية لصاحب الشكوى قبل أن تودعه الشرطة في زنزانة الحجز لساعات طويلة. وينكر صاحب الشكوى إفادة الدولة الطرف بأنه كان يخضع للتفتيش كل 30 دقيقة، ويشير إلى عدم وجود وثائق تثبت حدوث ذلك عملياً. ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى أن ادعاءاته ليست فريدة من نوعها، فقد أثارت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة المسألة نفسها عندما قامت بزيارة إلى النرويج ، في عام 2012 ، وشهدت محتجزاً بحاجة إلى الرعاية الطبية اعتبره الضابط المناوب في المركز الرئيسي لشرطة مدينة بيرغن مريضاً جداً. وأوصت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب، في تقريرها، بتذكير ضباط الشرطة بواجبهم في ضمان حصول الأشخاص غير القادرين على العناية بأنفسهم على الرعاية الطبية الضرورية ( ) .

7-6 ويشير صاحب الشكوى إلى أن الشرطة كانت على علم بمرضه العقلي، للأسباب التالية: (أ) أنه كان في جيبه شهادة من طبيب تفيد بمرضه، مع تشخيص طبي نفسي؛ (ب) أن أحد ضباط الشرطة الذين قبضوا عليه، وهو الضابط B، سبق أن قبض على صاحب الشكوى في 13 أيار/ مايو 2005 بسبب فعل إجرامي لا علاقة له بهذه القضية. وفي قضية عام 2005، أبلغ صاحب الشكوى المكتب النرويجي لتحقيقات الشرطة عن الضابط Bبسبب استخدامه للعنف أثناء القبض عليه. وقد سُجلت الحالة العقلية لصاحب الشكوى في شكوى عام 2005، وكان الضابط Bطرفاً في القضية المرفوعة ضد صاحب الشكوى في عام 2005، وفي التحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات مع ذلك الضابط لاستخدامه للعنف أثناء القبض على صاحب الشكوى. ولم يصدر قرار المدير العام بالنيابة العامة بعدم التحقيق مع الضابط في حادث عام 2005 إلا قبل ثلاثة أشهر من إعادة القبض على صاحب الشكوى في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. وعلى ذلك، يشير صاحب الشكوى إلى أن واحداً على الأقل من الضباط الذين قبضوا عليه كان على علم بحالته العقلية، وأن هذا الضابط لم يكن على الأرجح محايداً تماماً تجاه صاحب الشكوى.

7-7 ويحتج صاحب الشكوى بعدم وجود أية أسس قانونية تبرر حبسه انفرادياً. والسبب الرسمي لإيداعه زنزانة الحجز، على النحو المسجل في سجلات الشرطة، هو منع أي إتلاف محتمل للدليل. ولكن لم يُفسر في سجلات الشرطة كيف يمكن أن يُتلف الدليل أو لماذا اعتُبر الحبس ضرورياً ومتناسباً. وتشير المادة 170(أ) من قانون الإجراءات الجنائية إلى عدم جواز القبض على أي شخص واحتجازه إلا إذا وُجد سبب وجيه يدعو لذلك، وإلى أن الإجراء يجب أن يكون متناسباً. وفي قضية صاحب الشكوى، لم يُؤخذ في الاعتبار ما إذا كان الحبس ضرورياً ومتناسباً لأن الحبس في النرويج هو البديل الوحيد للإفراج عندما يُحتجز شخص بعد القبض عليه. وبناءً على ذلك، كان أمام الشرطة أن تختار بين حبس صاحب الشكوى أو الإفراج عنه. ويشير صاحب الشكوى إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثالث للنرويج، الذي أوصت فيه اللجنة "بإلغاء استخدام الحبس الانفرادي، وخاصةً أثناء الاحتجاز رهن المحاكمة، أو على الأقل بأن يخضع ذلك للتنظيم القانوني الصارم والمحدد، وباستخدامه تحت إشراف القضاء، وذلك فيما عدا الظروف الاستثنائية عندما يتعلق الأمر ، مثلاً ، بسلامة الأشخاص أو الممتلكات" ( ) . ويشير صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف لم تغير، منذ إصدار تلك الملاحظات الختامية في عام 1998، ممارستها المتمثلة في إيداع جميع الأشخاص المعتقلين في الحبس الانفرادي في زنزانات حجز الشرطة طوال الفترة الأولية للاحتجاز.

7-8 ويحتج صاحب الشكوى بأن المسألة الحاسمة في احتجازه ليست عدد الساعات التي قضاها في الحبس الانفرادي، رغم أهمية ذلك أيضاً، وإنما ما إذا كان إيداع شخص مريض عقلي اً في الحبس الانف رادي إجراءً ضرورياً ومتناسباً أصلاً . وهو يشير إلى عدة تقارير تستنتج أن الفترة الأولى للحبس الانفرادي أصعب شيء على ا لمحتجزين ( ) . وهو يشير أيضاً إلى تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي خلص إلى أن فرض الحبس الانفرادي على الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، ولأي مدة، ينتهك المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب ( ) . ويشير صاحب الشكوى إلى أن الشرطة، لا في هذه القضية فحسب، وإنما بشكل عام، لا تقدم مبررات لإيداع المحتجزين في الحبس الانفرادي لأن القانون لا يشترط ذلك صراحةً. ولذلك فإن عدم وجود قانون يُلزِم بتقديم مبررات لحبس المحتجزين انفرادياً، بما في ذلك بعد صدور الملاحظات الختامية للجنة في عام 1998، ينتهك المادة 11 من الاتفاقية. ونظراً إلى عدم وجود قانون من هذا القبيل، لا يُقدم لموظفي إنفاذ القانون تدريب بشأن هذه المسألة، وهو ما يمثل انتهاكاً للمادة 10 من الاتفاقية.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

8 - قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 3 حزيران/ يونيه 2016، الترجمات الإنكليزية لعدة وثائق قدمها صاحب الشكوى في وقت سابق، وأكدت الدولة الطرف في هذه المذكرة موقفها بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9-1 قبل النظر في أية شكاوى ترد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة اعتراض الدولة الطرف، ومؤداه أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية الشكوى بموجب الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، نظراً إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتبرت الطلب غير مقبول دون أن تسوق أسباب اً باستثناء الإشارة إلى المادتين 34 و35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

9-2 وترى اللجنة، في هذه القضية أن التعليل الموجز ، الذي عرضته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قرارها الصادر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، لا يسمح للجنة بأن تتحقق من المدى الذي وصلته المحكمة في نظرها في طلب صاحب الشكوى، بما في ذلك ما إذا كانت أجرت تحليلاً دقيقاً للعناصر المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

9-3 وتذكِّر اللجنة بأنها، وفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ مقدم من فرد من الأفراد إلا بعد أن تتأكد من أن ذلك الفرد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن صاحب الشكوى كان بإمكانه، بعد صدور قرار المدير العام للنيابة العامة بعدم التحقيق في المسألة، إقامة دعوى خاصة ضد أي من الضباط المشتبه فيهم، أو تقديم شكوى إلى الشرطة مباشرةً. كما أن صاحب الشكوى كان بإمكانه، بدلاً من سلوك طريق المقاضاة، أن يلتمس الانتصاف من الحكومة عن طريق تحريك دعوى مدنية عادية وأن يطلب التعويضات و/أو إصدار حكم تفسيري لإثبات انتهاك حقوقه الفردية التي تكفلها الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب الشكوى أنه لم يتمكن من رفع دعوى خاصة لأنه لم يكن يعرف هوية ضباط الشرطة الذين حضروا إلى زنزانته ليلاً، وأنه عرض دعواه الجنائية قدر المستطاع، مما يجعل من غير المقبول أن يُطلب منه اتخاذ إجراءات أخرى غير التي اتخذها بالفعل. وتلاحظ اللجنة كذلك حجة صاحب الشكوى أنه، عند إتاحة سبل انتصاف بديلة، لا يمكن لأية دولة طرف أن تشترط استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية الممكنة، إذ يكفي إقامة دعوى واحدة قدر المستطاع.

9-4 وفي هذا الصدد، تذكِّر اللجنة بسوابقها القضائية التي قضت فيها بأنه إذا استنفد شخص مّا أحد سبل الانتصاف دون جدوى، لا ينبغي أن يُطلب منه، لأغراض المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية استنفاد السبل القانونية البديلة التي ستُوجَّه أساسا ً إلى النهاية نفسها ولن تتضمن فرصاً أفضل للنجاح ( ) . وبناءً على ذلك، تستنتج اللجنة أن المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في البلاغ.

9-5 ونظراً إلى أن اللجنة لم تصادف أية عقبة أخرى أمام المقبولية، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ وتمضي إلى النظر فيه من حيث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10-1 وفقاً للمادة 22(4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف.

10-2 وقد ادعى صاحب الشكوى أن المادة 16(1) من الاتفاقية انتهكت على أساس أنه حُبس انفرادياً طوال الليل بعد القبض عليه دون أن يتلقى الرعاية النفسية، وأنه ضُرب على أيدي الشرطة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن الشرطة لم تكن لديها معرفة مسبقة بأن صاحب الشكوى مصاب بمرض عقلي، وتلاحظ أيضاً أنه لم يطلب أي علاج طبي، وأن معاناته أثناء وجوده في زنزانة الحجز لا تتجاوز المعاناة الحتمية المرتبطة بالاحتجاز في أي وضع مماثل لهذا الوضع. وتلاحظ اللجنة كذلك التقارير الطبية التي قدمها صاحب الشكوى، والتي تصف إصاباته البدنية بعد الإفراج عنه من الاحتجاز لدى الشرطة، وتوضح الدولة الطرف أن إصابات صاحب الشكوى تتوافق مع الاستخدام المشروع للقوة الضرورية عندما قاوم القبض عليه واحتجازه. وبينما توافق اللجنة على أن قدراً معيناً من الألم والمعاناة قد يترتب على الاعتقال القانوني لشخص غير متعاون و/أو عنيد، بالنظر إلى أن استخدام القوة في مثل هذه الظروف يقتصر على ما هو ضروري ومتناسب ( ) ، تأسف اللجنة لأن الشرطة تقاعست، في وقت احتجاز صاحب الشكوى، عن تسجيل ووصف الإصابات على نحو كامل، وهي إصابات كانت ظاهرة على الأرجح في وقت الاحتجاز، بما يتيح المراجعة الموضوعية لوقت ومصدر إصابات صاحب الشكوى. غير أن اللجنة، من واقع المعلومات المعروضة عليها، لا يمكنها أن تستنتج أن صاحب الشكوى تعرض لمعاملة لاإنسانية ومهينة أثناء الاحتجاز لدى الشرطة.

10-3 وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى انتهاك المادة 12، تذكِّر اللجنة بأن المادة 12 تطالب بإجراء تحقيق فوري ونزيه وفعال ( ) . وتلاحظ أنه رغم أن صاحب الشكوى قدم شكواه المتعلقة بإساءة المعاملة بعد خمس سنوات من الحادث المزعوم ، أجرت الدولة الطرف تحقيقاً أسفر عن صدور قرار بعدم مقاضاة ضباط الشرطة لأنه "من غير المرجح أن يترتب على تحقيق قائم على المعلومات المتاحة دليل على أنه كان ضحية لفعل إجرامي". وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى كان على دراية بإجراء تقديم الشكاوى نظراً إلى حادثه السابق مع الشرطة في عام 2005، وأنه تلقى مساعدة قانونية بعد الإفرا ج عنه من الاحتجاز في 9 تشرين الثاني / نوفمبر 2006. ولم يقدم صاحب الشكوى أي دليل وثائقي على أنه اشتكى، في جلسة المحاكمة المعقودة في 7 كانون الثاني/يناير 2008، من تعرضه للضرب. وفي الظروف الخاصة لهذه القضية، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة على أن التحقيق الذي أُجري بشأن ادعاءاته المتعلقة بإساءة المعاملة لم يكن فورياً ونزيهاً وفعالاً. وعلى ذلك، لا يمكن للجنة أن تستنتج، من واقع المواد المتاحة لها، أن الدولة الطرف لم تمتثل لالتزاماتها بإجراء تحقيق فوري ونزيه وفعال في ادعاءات صاحب الشكوى تعرضه لإساءة معاملة.

10-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى انتهاك المادتين 10 و11، تشير اللجنة إلى أنها، نظراً إلى عدم تمكنها من أن تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها ، بموجب المادة 16 من الاتفاقية، لا يمكنها أن تصدر أي استنتاج فيما يتعلق بالحقوق التي تكفلها هذه المادة.

11- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية، تستنتج أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للاتفاقية.