الأمم المتحدة

CRC/C/88/D/106/2019

ا تفاقي ـ ة حقوق الطفل

Distr.: General

10 November 2021

Arabic

Original: English

لجنة حقوق الطفل‏

قرار اعتمدته لجنة حقوق الطفل بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات بشأن البلاغ رقم 106/2019 * **

بلاغ مقدم من: كيارا ساكي وآخرون (يمثلهم المحامي سكوت غيلمور وآخرون، من مكتب المحاماة هاوسفيلد ل. ل. ب.، ورامين بيان وآخرون، من صندوق الدفاع القانوني لإنصاف كوكب الأرض)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف : فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 23 أيلول/سبتمبر 2019 ( تاريخ الرسالة الأولى )

تاريخ اعتماد القرار: 22 أيلول/سبتمبر 2021

الموضوع: عدم منع آثار تغير المناخ وعدم التخفيف من حدتها

المسائل الإجرائية: انطباق الولاية القضائية؛ وصفة الضحية؛ وعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة؛ وحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه؛ وحق الطفل في التمتع بثقافته الخاصة؛ ومصالح الطفل الفضلى

مواد الاتفاقية: المواد 6 و 24 و 30 مقروءة بالاقتران مع المادة 3

مواد البروتوكول الاختياري: المواد 5 ( 1 ) و 7 ( ه ) -(و)

1 - 1 أصحاب البلاغ هم كيارا ساكي، وهي مواطنة أرجنتينية؛ وكاتارينا لورينزو، وهي مواطنة برازيلية؛ وإيريس دوكين، وه ي مواطنة فرنسية؛ ورينا إيفانوفا، وهي مواطنة ألمانية؛ وريديما باندي، وهي مواطنة هندية؛ ودايفيد أكلي الثالث ورانتون أنيان وليتوكني كابوا، وهم مواطنون من جزر مارشال؛ وديبورا أديغبيل، وهي مواطنة من نيجيريا؛ وكارلوس مانويل، وهو مواطن من بالاو؛ وآياخا مليثافا، وهي مواطنة من جنوب أفريقيا؛ وغريتا ثونبرغ وإلين آن، وهما مواطنتان من السويد؛ ورسلان جبيلي، وهو مواطن من تونس؛ وكارل سميث وألكسندريا فيلاسينيور، وهما مواطنان من الولايات المتحدة الأمريكية. وعند تقديم الشكوى، كان جميع أصحاب البلاغ دون سن الثامنة عشرة. وهم يزعمون أن الدولة الطرف، بعدم منع آثار تغير المناخ وعدم التخفيف من حدتها، انتهكت حقوقهم بموجب المواد 6 و 24 و 30 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 3 من الاتفاقية ( ) . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 29 كانون الأول/ديسمبر 2017 .

1 - 2 وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ، وعملا ً بالمادة 8 من البروتوكول الاختياري والمادة 18 ( 4 ) من النظام الداخلي للجنة بموجب البروتوكول الاختياري، قام الفريق العامل المعني بالبلاغات، نيابة عن اللجنة، بالطلب من الدولة الطرف تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ بشكل منفصل عن ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - يدّعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف، بتسبّبها في تغيّر المناخ وفي استمراره، لم تتّخذ التدابير الوقائية والاحترازية اللازمة لاحترام وحماية وإعمال حقوق أصحاب البلاغ في الحياة والصحة والثقافة. وهم يدّعون أن أزمة المناخ لا تعتبر تهديد اً نظري اً للمستقبل. فارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بنسبة 1 , 1 درجة مئوية يتسبب حالياً في موجات حر شديد مدمرة، وحرائق غابات، وأنماط مناخية قاسية، وفيضانات، وارتفاع مستوى سطح البحر، ويعزز انتشار الأمراض المعدية، وهو ما يفضي إلى انتهاك حقوق الإنسان لملايين الناس على الصعيد العالمي. ويعتبر الأطفال من أكثر الفئات عرضة، من الناحية الفسيولوجية والعقلية، لهذه الآثار التي تهدد حياتهم، وبالتالي سيتحملون أعباء أكبر بكثير ولفترة أطول بكثير مقارنة بالبالغين ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدفع أصحاب البلاغ بأن كل يوم تأخير في اتخاذ التدابير اللازمة يستنزف "ميزانية الكربون" المتبقية، وهي كمية الكربون التي مازال ممكنا ً انبعاثها قبل أن يبلغ المناخ نقطة تحول لا يمكن وقفها أو تداركها على مستوى الإيكولوجيا وصحة البشر. ويدفعون بأن الدولة الطرف تقوم حالياً ، إلى جانب دول أخرى، بخلق خطر داهم لأنه سيكون من المستحيل استعادة فرص التخفيف الضائعة وضمان سبل العيش المستدامة والآمنة للأجيال المقبلة.

3 - 2 ويزعم أصحاب البلاغ أن أزمة المناخ هي أزمة حقوق الطفل. والدول الأطراف في الاتفاقية ملزمة باحترام وحماية وإعمال حق الطفل في الحياة الذي لا يقبل التصرف وتنبع منه سائر الحقوق. والتخفيف من حدة تغير المناخ ضرورة حتمية من ضرورات حقوق الإنسان. وفي سياق أزمة المناخ، تسترشد الالتزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بقواعد ومبادئ القانون البيئي الدولي. ويدفع أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها التالية بموجب الاتفاقية: (أ) منع حدوث انتهاكات متوقعة لحقوق الإنسان محليا ً وخارج حدود الإقليم بسبب تغير المناخ؛ و(ب) المشاركة في التعاون الدولي لمواجهة حالة الطوارئ المناخية العالمية؛ و(ج) تطبيق المبدأ الوقائي لحماية الحياة في حالة عدم اليقين؛ و(د) ضمان العدالة بين الأجيال لفائدة الأطفال والأجيال القادمة.

المادة 6

3 - 3 يدّعي أصحاب البلاغ أن أفعال الدولة الطرف وأوجه تقصيرها التي أسفرت عن استمرار أزمة المناخ قد عرضتهم بالفعل طيلة فترة طفولتهم لمخاطر متوقعة ومهددة للحياة بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية، سواء أكان ذلك في شكل حر شديد أو فيضانات أو عواصف أو جفاف أو أمراض أو هواء ملوث. ويُبين توافق علمي في الآراء أن ما يواجهونه من مخاطر تهدد حياتهم سيتفاقم على امتداد حياتهم مع ارتفاع الحرارة العالمية بنسبة 1 , 5 درجة مئوية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية وما بعدها.

المادة 24

3 - 4 يدّعي أصحاب البلاغ أن أفعال الدولة الطرف وأوجه تقصيرها التي أسفرت عن استمرار أزمة المناخ قد تسببت لهم بالفعل في أضرار عقلية وبدنية تراوحت آثارها بين الربو والصدمات النفسية. وينتهك الضرر حقهم في الصحة بموجب المادة 24 من الاتفاقية وسيزداد سوء اً مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في العالم. وقد تسبّب الدخان الناجم عن حرائق الغابات في بارادايس، بكاليفورنيا، في الولايات المتحدة، في تفاقم ربو ألكسندريا فيلاسينور بشكل خطير ودخولها المستشفى بسبب ذلك. وقد أدّى التلوث المرتبط بالحرارة في لاغوس، بنيجيريا، إلى دخول ديبورا أديغبيل المستشفى بانتظام جراء تعرضها لنوبات ربو. كما أثر انتشار الأمراض المحمولة بالنواقل وتفاقمها على أصحاب البلاغ. وفي لاغوس، باتت ديبورا تصاب بالملاريا عدة مرات في السنة. وفي جزر مارشال، أصيب رانتون أنجين بحمى الضنك في عام 2019 . وأصيب ديفيد أكلي الثالث بمرض الشيكونغونيا، وهو مرض جديد في جزر مارشال منذ عام 2015 . وقد شكّلت موجات الحر الشديدة، التي ازدادت وتيرتها بسبب تغير المناخ، تهديد اً خطي راً لصحة العديد من أصحاب البلاغ. وارتفاع درجات الحرارة ليس مميت اً فحسب؛ بل يمكن أن تترتب عليه مجموعة واسعة من الآثار الصحية، بما في ذلك التشنج الحراري و ضربة الشمس وارتفاع الحرارة والإجهاد، ويمكن أيضاً أن يفاقم بسرعة الظروف الصحية السارية. كما يهدد الجفاف الأمن المائي للعديد من مقدمي البلاغات، مثل رسلان جبيلي وكاتارينا لورينزو وآياخا مليثافا.

المادة 30

3 - 5 يدّعي أصحاب البلاغ أن مساهمات الدولة الطرف في أزمة المناخ هددت بالفعل ممارسات الكفاف القائمة منذ آلاف السنين بالنسبة لأصحاب البلاغ المنتمين إلى السكان الأصليين بألاسكا في الولايات المتحدة، وبجزر مارشال، وبمناطق سابمي في السويد. وممارسات الكفاف هذه لا تعتبر المصدر الرئيسي لعيشهم فحسب، بل ترتبط ارتباط اً مباش راً بطريقة محددة وعالمية للعيش والتفكير والتصرف وتعتبر ضرورية لهويتهم الثقافية.

المادة 3

3 - 6 من خلال دعم سياسات المناخ التي تؤخّر عملية خفض انبعاثات الكربون، تلقي الدولة الطرف بأعباء تغير المناخ وتكاليفه الهائلة على عاتق الأطفال والأجيال القادمة. وهكذا، أخلّت بواجبها في ضمان تمتع أطفال المستقبل بحقوقهم، ولم تتصرف وفق اً لمبدأ الإنصاف بين الأجيال. ويشير أصحاب البلاغ إلى أنه في حين يوثّقون في شكواهم انتهاك حقوقهم بموجب الاتفاقية، لا ينبغي حصر نطاق أزمة المناخ في الضرر الذي يلحق بعدد صغير من الأطفال. ففي نهاية المطاف، توضع حقوق كل طفل على المحك في كل مكان. وإن لم تقم الدولة الطرف، سواء بمفردها أو بتنسيق مع دول أخرى، بتفعيل التدابير المتاحة فو راً لوقف أزمة المناخ، ستُبطِل الآثار المدمرة لتغير المناخ قدرة الاتفاقية على حماية حقوق أي طفل في أي مكان. ولا يمكن لأي دولة تتصرف بعقلانية من أجل مصلحة الطفل الفضلى أن تفرض هذا العبء على أي طفل من خلال اختيارها تأخير هذه التدابير. والتحليل الوحيد للتكاليف والعوائد الذي من شأنه أن يبرر أي من سياسات الدول المدّعى عليها هو تحليل لا يأخذ حياة الأطفال بعين الاعتبار ويغلب المصالح الاقتصادية القصيرة الأجل على حقوقهم. وعدم إيلاء الأهمية الواجبة للمصالح الفضلى لأصحاب البلاغ وغيرهم من الأطفال في الإجراءات المناخية للدولة الطرف يشكل انتهاك اً مباش راً للمادة 3 من الاتفاقية.

3 - 7 ويطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى: (أ) أن تغير المناخ يمثل أزمة لحقوق الطفل؛ و(ب) أن الدولة الطرف تسببت، إلى جانب دول أخرى، في أزمة المناخ وتعمل على استمرارها، باتباعها عن علم سلوك اً لا يراعي الأدلة العلمية المتاحة بشأن التدابير اللازمة لمنع تغير المناخ والتخفيف من حدته؛ و(ج) أن الدولة الطرف، بتسببها في استمرار تغيّر المناخ الذي يهدّد الحياة، تنتهك حقوق أصحاب البلاغ في الحياة والصحة ولا تعطي المصالح الفضلى للطفل، وكذا الحقوق الثقافية لأصحاب البلاغ من السكان الأصليين، الأولوية.

3 - 8 ويطلب أصحاب البلاغ كذلك إلى اللجنة أن توصي بما يلي: (أ) أن تستعرض الدولة الطرف قوانينها وسياساتها وأن تعدلها عند الاقتضاء لضمان التعجيل بجهود التخفيف والتكيف إلى أقصى حدود مواردها المتاحة وبناء على أفضل الأدلة العلمية المتاحة لحماية حقوق أصحاب البلاغ وأن تولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى، ولا سيما عند تخصيص تكاليف وأعباء التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه؛ و(ب) أن تشرع الدولة الطرف في اتخاذ إجراءات تعاونية على الصعيد الدولي - وأن تكثف جهودها فيما يتعلق بمبادرات التعاون القائمة - لوضع تدابير ملزمة وقابلة للتنفيذ للتخفيف من حدة أزمة المناخ، ومنع إلحاق المزيد من الضرر بأصحاب البلاغ وغيرهم من الأطفال، وتأمين حقوقهم غير القابلة للتصرف؛ و(ج) أن تكفل الدولة الطرف، عملا ً بالمادة 12 من الاتفاقية، حق الطفل في الاستماع إليه وفي التعبير عن آرائه بحرية، في جميع الجهود المبذولة على الصعيد الدولي والوطني ودون الوطني بهدف التخفيف من حدة أزمة المناخ أو التكيف معها، وفي جميع الجهود المبذولة بهدف الاستجابة لأصحاب البلاغ.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 23 كانون الثاني/يناير 2020 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى. وهي تذكر بداية بالتزامها الطويل الأمد بمكافحة تغير المناخ، مع التسليم بأن الاستنتاجات العلمية واضحة فيما يتعلق بمصدر الاحترار العالمي واستمرار انهيار التنوع البيولوجي. كما تذكر بإعلان البرلمان عند اعتماده قانون الطاقة والمناخ في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 " حالة طوارئ إيكولوجية ومناخية". ويهدف هذا القانون ومشروع القانون المتعلق بالحد من النفايات وبالاقتصاد الدائري إلى التعجيل بخفض انبعاثات غازات الدفيئة وإلزام فرنسا بمسار محايد من حيث الكربون بحلول عام 2050 . وفي كانون الأول/ ديسمبر 2018 ، اعتمدت الدولة الطرف خطتها الوطنية الثانية بشأن التكيف مع تغير المناخ، وهي تعمل على وضع "خطط لمواجهة موجات الحر" بهدف التعامل مع توقعات اشتداد الحرارة في العقود المقبلة. ولذلك ترحب الدولة الطرف بزيادة توعية المواطنين بتغير المناخ، وتشاطر أصحاب البلاغ قلقهم.

4 - 2 غير أن الدولة الطرف تتمسك بعدم مقبولية هذا البلاغ. وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة 30 من الاتفاقية، تشير الدولة الطرف إلى أنها أبدت تحفظ اً على هذه المادة. وأما فيما يتعلق بالادعاءات المستندة إلى المادتين 6 و 24 من الاتفاقية، المقروءتين بالاقتران مع المادة 3 ، فإن الدولة الطرف تدفع بأنها غير مقبولة لعدم انطباق الولاية القضائية وعدم استنفاد سبل الانتصاف وكذا لاستنادها إلى أسس ظاهرة البطلان وعدم إثباتها بأدلة كافية.

4 - 3 وفيما يتعلّق بعدم الاختصاص، لا تعترض الدولة الطرف على إمكانية تطبيق الاتفاقية خارج حدود الإقليم في حالات معينة. ويدافع النظام الأوروبي والنظام المشترك بين البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان واللجنة عن فكرة أنه على الرغم من إمكانية تطبيق الاتفاقية خارج حدود الإقليم فإنه يجب أن يقتصر ذلك على حالات استثنائية - أي عندما يكون الشخص الذي يحتج بانتهاك حقوقه موجودا ً ، مثلا ً ، في إقليم تسيطر عليه الدولة المدعى عليها سيطرة فعلية من خلال وكلائها أو من خلال سيطرتها على كيان غير تابع للدولة ( ) ( ) ومع ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن ولايتها القضائية لا تشمل بإيريس دوكين - وهي مواطنة فرنسية تقول إنها عانت من موجة حرّ عا م 2003 لما كانت طفلة صغيرة - إذ غادرت فرنسا صوب الولايات المتحدة منذ عام 2019 . وفيما يتعلق بأصحاب البلاغ الآخرين، فهم لا يقيمون في الأراضي الفرنسية ولا يخضعون لولاية فرنسا خارج حدودها الإقليمية. ولا تمارس الدولة الطرف أي سيطرة فعلية على هؤلاء الأشخاص أو على الدول التي يقيمون فيها. وعلاوة على ذلك، لا تنطبق الولاية خارج حدود الإقليم بالمعنى الذي وضعته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 36 ( 2018 ) ، والذي تُلزم بموجبه الدولة بضمان حق جميع الأشخاص في الحياة، بمن فيهم الأشخاص الذين يوجدون خارج أي إقليم تسيطر عليه فعلياً لكن يتأثر حقهم في الحياة بأنشطتها العسكرية أو غير العسكرية بطريقة مباشرة وقابلة للتوقع على نحو معقول. وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ لا يتعلق، مثل اً، بأثر ناجم عن تشييد بنى تحتية في بلدان أخرى (أضرار عابرة للحدود). وتدفع بأن تغير المناخ ظاهرة معقّدة تتميز بترابط الأسباب وتعدد الجهات الفاعلة، وإنه نتيجة لظاهرة عالمية ترد إلى النشاط البشري وتشمل انبعاث غازات الدفيئة منذ بداية العصر الصناعي على يد عدة جهات فاعلة من الدول وغير الدول. ولذلك لا يمكن اعتبار تغير المناخ "تلوثا ً " محلي اً تتحمل مسؤوليته المباشرة دولة ما، ولا تعتبر الدول المدّعى عليها، كما يعترف بذلك أصحاب البلاغ، المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة.

4 - 4 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. فقد كان بإمكان أصحاب البلاغ رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية من أجل تحميل الدولة الطرف مسؤولية تقصيرها المزعوم في التصدي لتغير المناخ، لكنهم قرروا عدم القيام بذلك. واكتفاء أصحاب البلاغ بالتأكيد أن فرص نجاح سبيل الانتصاف ضئيلة لا يمكن أن يعفيهم من رفع دعاوى أمام المحاكم الوطنية. وفيما يتعلق بتلوث الغلاف الجوي بصفة خاصة، نظرت محاكم إدارية بالفعل، مثل محاكم باريس وليون وليل، في قضايا تتعلق بمسؤولية الدولة عن الأضرار التي لحقت أفراد والتعويضات المستحقة لهم جراء ذلك. وبالمثل، لاحظ مجلس الدولة الفرنسي عدم قيام الدولة الطرف بما يجب لمكافحة تلوث الغلاف الجوي وحث رئيس الوزراء ووزير البيئة والتنمية المستدامة والطاقة على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتنفيذ الخطط المتعلقة بنوعية الهواء. وعلاوة على ذلك، وفيما يتعلق بتغير المناخ، كانت عدة جمعيات تطلب من المحكمة، فيما يسمى بقضية القرن التي كانت معروضة على المحكمة الإدارية في باريس عند تقديم الشكوى، أن تعترف بالالتزامات البيئية للدولة الطرف، وأن تحيط علماً بأوجه تقصيرها في مكافحة تغير المناخ وأن تضع حد اً له. وبالإضافة إلى ذلك، ينظر مجلس الدولة في شكوى أخرى تطلب إلى السلطات الفرنسية اتخاذ جميع التدابير اللازمة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن مفهوم الضرر البيئي اعتُرف به في القانون الوطني منذ اعتماد القانون رقم 2016 - 1087 في 8 آب/أغسطس 2016 بشأن تعافي التنوع البيولوجي والطبيعة والمناظر الطبيعية. وفيما يتعلق بمزاعم التكاليف المفرطة للإجراءات أمام المحاكم الإدارية، تشير الدولة الطرف إلى أنه يجوز لأي شخص، وفق اً لدخله، أن يستفيد من المساعدة القانونية. وأما متوسط الوقت اللازم لمعالجة قضية ما أمام المحاكم الإدارية فإنه يعادل، من مرحلة الدرجة الأولى إلى مرحلة النقض، 26 شه راً و 25 يوما ً ، وهو ما لا يعتبر تأخي راً غير معقول.

4 - 5 وأخيرا ً ، تقول الدولة الطرف إن البلاغ لا يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات الشكاوى المزعومة، كونه يركّز على الآثار العامة لتغير المناخ في الوقت الراهن والمستقبل، بدلا ً من أن يثبت أن أصحاب البلاغ تعرضوا لضرر مباشر. وعلاوة على ذلك، البلاغ واضح البطلان ولا يسعى إلى إثبات انتهاك حقوق أصحاب البلاغ، بل إلى حث اللجنة على إعلان رأيها عموم اً بشأن تغير المناخ وعواقبه.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 في 4 أيار/مايو 2020 ، قدّم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويؤكّدون أن البلاغ مقبول ويكررون حججهم بأن اللجنة مخولة النظر في الشكوى، وبأن الشكوى مدعومة بما يكفي من الأدلة، وبأن السعي إلى سبل الانتصاف المحلية لن يكون مجديا ً .

5 - 2 وفيما يتعلق بمسألة الولاية القضائية، يدفع أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف لديها ضوابط فعالة لتنظيم الانبعاثات الناشئة في إقليمها. ووحدها الدولة الطرف تستطيع خفض تلك الانبعاثات من خلال سلطتها السيادية في التنظيم والترخيص وفرض الغرامات والضرائب. ونظ راً لأن الدولة الطرف تسيطر لوحدها على مصادر الضرر هذه، فإن الضحايا المتوقعين لتبعاتها، بمن فيهم أصحاب البلاغ، مشمولون بولايتها القضائية. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن تغير المناخ مسألة عالمية لا يمكنها تحمل مسؤوليته، يدفع أصحاب البلاغ بأن القانون الدولي العرفي يقر بأنه عندما تتسبب دولتان أو أكثر في نتائج ضارة، تتحمل كل دولة مسؤولية أفعالها بصرف النظر عن مشاركة دول أخرى ( ) . وفي المادة 47 من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولي اً تنص لجنة القانون الدولي على ما يلي: "عندما تكون عدة دول مسؤولة عن نفس الفعل غير المشروع دولي اً، يجوز الاحتجاج بمسؤولية كل دولة عن هذا الفعل". وفي هذه الحالات، تحدد مسؤولية كل دولة مشاركة على حدة بناء على سلوكها الخاص والتزاماتها الدولية.

5 - 3 ويؤكّد أصحاب البلاغ مجدد اً أنهم أثبتوا أن كل واحد منهم تعرض للضرر غير القابل للجبر نتيجة تغير المناخ الناجم إلى حد كبير عن عدم تخفيض الدولة الطرف انبعاثاتها، ويواجه خطر التعرض للمزيد منه. وعواقب أفعال الدولة الطرف وأوجه تقصيرها فيما يتعلّق بمكافحة تغير المناخ تضر بأصحاب البلاغ بشكل مباشر وشخصي وتعرضهم لمخاطر متوقعة. ولا تشكل تأكيداتهم التعرض للضرر بسبب تغير المناخ دعوى حِسبة، حتى وإن كان بإمكانهم تقاسم تجارب أطفال العالم أو التعرض لمخاطر مماثلة.

5 - 4 ويؤكّد أصحاب البلاغ كذلك أن سبل الانتصاف المحلية لن تكون مجدية لأنها لن تتيح فرص نجاح حقيقية. وهم يدفعون بأن المحاكم المحلية لا يمكنها أن تفصل في ادعاءاتهم المرتبطة بالتزام التعاون الدولي، ولا يمكنها أن تحدد ما إذا قصّرت الدولة الطرف أم لا في استخدام السبل القانونية والاقتصادية والدبلوماسية لإقناع الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة العشرين وقطاعات الوقود الأحفوري بخفض انبعاثاتها. ولا يمكن للدولة الطرف أن تشكّل محفل اً محلي اً للمطالبات التي أثارتها البلاغات ولسبل الانتصاف المطلوبة، كون الأمر يتعلق بانتهاكات لحقوق الإنسان عابرة للحدود تسبّبت فيها دول عديدة. وحصانة الدولة تُبطل أي سبيل انتصاف ممكن من ضرر عابر للحدود تتسبب فيه دول أخرى. ويقول أصحاب البلاغ إن سبل الانتصاف التي يلتمسونها لا يمكن إثارتها أمام القضاء أو من غير المرجح الحصول عليها من المحاكم. ومن غير المرجّح أن تأمر المحاكم المحلية السلطتين التشريعية والتنفيذية بامتثال التزاماتها المناخية الدولية من خلال خفض انبعاثاتها، أو أن تستطيع فعل ذلك. وعلاوة على ذلك، يرجح أن تمنح المحاكم المحلية سلطة تقديرية واسعة للسلطتين التشريعية والتنفيذية لتحديد ماهية السياسة المناخية المناسبة. كما أن سبل الانتصاف المقترحة تنطوي على اتخاذ قرارات سياسية مرتبطة بالعلاقات الدولية. ولا يمكن للمحاكم المحلية إجبار الحكومة على التعاون دولي اً في مجال مكافحة تغير المناخ. وبإيجاز، لا يمكن لأي محكمة أن تجبر الحكومة على اتخاذ تدابير وقائية فعالة لمنع تعرض أصحاب البلاغ للمزيد من الضرر.

5 - 5 وفيما يتعلق بسبل الانتصاف المحلية المتاحة أمام أصحاب البلاغ المشار إليهم من قبل الدولة الطرف، يدفع أصحاب البلاغ بأن ادعاءاتهم لن يكون بالإمكان إثارتها أمام قضاء فرنسا. ولن تُعمل المحاكم الإدارية الفرنسية الحق في الحياة وفي الصحة بموجب الاتفاقية لأنه ليس لهذا الصك أثر مباشر في النظام القانوني الفرنسي. ولا ينص الدستور الفرنسي على حماية الحق في الحياة. وحتى وإن طالب أصحاب البلاغ بحقوقهم بموجب اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، فإنه لم يسبق أن اعترفت محكمة فرنسية على الإطلاق بالحق في الحياة أو الصحة في سياق حماية البيئة. ويقول أصحاب البلاغ إن هناك عقبات أخرى كثيرة تحول دون الحصول على سبل انتصاف فعالة في المحاكم الفرنسية. ففرنسا تطبق فصل اً قوي اً بين السلط يمنع السلطة القضائية من ممارسة سلطة تقدير وقرار عامة، مثل تلك الممنوحة للبرلمان، و يفرض على السلطات السياسية "الإحالة القضائية". كما تمنح المحاكم للدولة سلطة تقديرية واسعة للوفاء بالالتزامات الإيجابية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك معاهدات حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للمحاكم الإدارية الفرنسية أن تنظر في عدم إصدار البرلمان أو سنه تشريعات، ولم تحمّل المحاكم السلطة التنفيذية المسؤولية في السياق البيئي إلا عندما كانت الحكومة ملتزمة التزام اً قانوني اً محدّد اً بالتصرف، وهو ما لا ينطبق على تغير المناخ. وفي حال نجح أصحاب البلاغ في تجاوز جميع هذه العقبات، فإن احتمال نجاحهم فيما يتعلق بالأسس الموضوعية يظل ضعيف اً لأن المحاكم الإدارية الفرنسية تطبق معايير سببية معززة في القضايا البيئية. ولا يمكن اعتبار الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك حقوقهم إلا إذا كانت سياساتها المناخية غير المناسبة هي "السبب الرئيسي" للضرر الذي لحقهم. ومن غير المرجح أن يتغلّب أي طرف في نزاع بشأن تغير المناخ على الدولة الطرف بموجب هذا المعيار، لأن دول اً عديدة تساهم في تغير المناخ، ولا تعتبر فرنسا ولا أي دولة أخرى السبب الرئيسي الوحيد.

5 - 6 ويدفع أصحاب البلاغ أيضاً بأن الظروف الفريدة لقضيتهم ستجعل الإجراءات المحلية طويلة بشكل مفرط إذ سيتعين عليهم رفع خمس قضايا منفصلة، أي في كل دولة طرف مدعى عليها، وستمتد كل واحدة منها لعدة سنوات. ولم تستطع الدولة الطرف أن تكفل الحصول على سبيل انتصاف في غضون الإطار الزمني اللازم، لأن أي تأخير في خفض الانبعاثات يستنزف ميزانية الكربون المتبقية ويجعل هدف عدم تجاوز 1 , 5 درجة احترار مئوية أم راً بعيد المنال.

5 - 7 ويحيط أصحاب البلاغ علماً بحجة الدولة الطرف بأن تحفظها على المادة 30 من الاتفاقية يمنع اللجنة من النظر في أي شكاوى ترفع ضدها وتدعي انتهاك الحق في الثقافة. وينص تحفظها على ما يلي: "تعلن حكومة جمهورية فرنسا أنه في ضوء المادة 2 من دستورها، لا تنطبق عليها المادة 30 " من الاتفاقية . ويدفع أصحاب البلاغ بأن التحفظ لا يتفق مع موضوع الاتفاقية وغرضها، وبأنه لا ينطبق، في حال أمكن ذلك، إلا على المواطنين الفرنسيين.

5 - 8 ويشير أصحاب البلاغ إلى أن المادة 51 من اتفاقية حقوق الطفل تنص صراحة على أنه: "لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافياً لهدف هذه الاتفاقية وغرضها". وفيما يتعلق بمسألة التحفظ على المعاهدات، ذكرت لجنة القانون الدولي ما يلي: "يكون التحفظ غير متوافق مع موضوع المعاهدة والغرض منها إذا مس عنصراً أساسياً من المعاهدة يكون ضرورياً لتوجهها العام، بحيث يخل بعلة وجود المعاهدة " ( ) . وعلى نحو أكثر تحديد اً، قد يتمثل "هذا ’العنصر الأساسي‘ في معيار أو حق أو التزام يكون، من خلال تفسيره في سياقه، أم راً ضروريا ً للنطاق العام للمعاهدة، وقد يشكل إلغاؤه أو تعديله تهديدا ً لعلة وجود المعاهدة " ( ) . ولا يجوز للدولة أن تستخدم قانونها الداخلي كغطاء لعدم قبولها في الواقع أي التزام دولي جديد، حتى وإن كان هدف المعاهدة هو تغيير ممارسة الدول الأطراف فيها ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ بأن الحقوق الثقافية محورية بالنسبة لموضوع الاتفاقية وغرضها. وفي ديباجة الاتفاقية، يسلّم بأن الهدف الرئيسي يتمثل في السماح بـ "نمو الطفل على نحو كامل ومتناغم". وينبغي للدول الأطراف، لدى السعي إلى ضمان هذا النمو، أن "تراعي على النحو الواجب أهمية تقاليد وقيم كل شعب من الشعوب". وبموجب المادة 4 ، يتعين على الدول الأطراف أن تتخذ كل التدابير التشريعية والإدارية وغيرها من التدابير الملائمة لإعمال الحقوق المعترف بها في الاتفاقية، بما في ذلك الحق في الثقافة. وعلى وجه التحديد، وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ينبغي أن تتخذ الدول الأطراف هذه التدابير إلى أقصى حدود مواردها المتاحة، وحيثما يلزم، في إطار التعاون الدولي. وذكرت اللجنة، في الفقرة 5 من تعليقها العام رقم 11 ( 2009 ) أن الإشارات المحددة إلى أطفال الشعوب الأصلية في الاتفاقية هي دلالة على الإقرار بحاجتهم إلى تدابير خاصة لكي يتمتعوا بحقوقهم تمتعاً كاملاً. ويدفع أصحاب البلاغ بأنه من الواضح، لدى تفسير تعليقات اللجنة العامة والاتفاقية "برمتها، بحسن نية، وبصورة شاملة" أن حق الطفل في الثقافة عنصر أساسي من عناصر الاتفاقية ( ) . ويشيرون إلى تقديم اللجنة عدة توصيات إلى الدولة الطرف لسحب تحفظها على المادة 30 ( ) . وحتى وإن اعترفت اللجنة بالتحفظ، فإنه يتعين حصر تطبيقه على مواطني الدولة الطرف في فرنسا وأقاليمها. وينبغي ألا يُلغي التحفظ التزامَ فرنسا بموجب الاتفاقية باحترام وضمان الحق في الثقافة للشعوب الأصلية والشعوب الأخرى الموجودة خارج أراضيها والتي قد تكون خاضعة لولايتها القضائية.

تدخل طرف ثالث

6 - في 1 أيار/مايو 2020 ، عُرضت على اللجنة تدخلات طرف ثالث قدمها كل من ديفيد ر. بويد وجون ه. نوكس، المضطلعين الحالي والسابق بولاية المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف على تدخل طرف ثالث

7 - 1 في 30 تموز/يوليه 2020 ، قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها على التدخل. وتكرر الدولة الطرف حجتها بأن البلاغ غير مقبول. كما تعرب عن عدم موافقتها على المبدأ الذي وضعته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 36 ( 2018 ) ، والذي بموجبه يتعين على الدولة الطرف ضمان حق جميع الأشخاص في الحياة، بما في ذلك خارج أراضيها، في حال تأثرهم بطريقة مباشرة وقابلة للتوقع بشكل معقول بأنشطتها العسكرية أو غير العسكرية.

7 - 2 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن انبعاثات غازات الدفيئة الفرنسية ليست السبب المباشر لتغير المناخ، لأن هذا الأخير ناجم عن عوامل متعددة. وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أنه على الرغم من تعهد فرنسا فعل اً بمكافحة تغير المناخ، ولا سيما في إطار اتفاق باريس، فإن اختصاصات اللجنة لا تشمل التحقق من امتثال هذه الالتزامات.

الجلسة الشفوية

8 - 1 بناءً على دعوة من اللجنة، وعملاً بالمادة 19 من مواد نظامها الداخلي بموجب البروتوكول الاختياري، مثُل محامو الطرفين أمام اللجنة في 17 أيلول/سبتمبر 2021 عن طريق الفيديو، وأجابوا على أسئلة أعضاء اللجنة بشأن بياناتهم وقدموا إيضاحات إضافية.

تعليقات شفوية من أصحاب البلاغ

8 - 2 يؤكد أصحاب البلاغ من جديد ادعاءهم بأنهم لن يتمكنوا من الحصول على سبيل انتصاف فعال في الدولة الطرف. ويدفعون بأن قضيتين بارزتين في فرنسا بيّنتا أن القضاء لا يمكنه أن يطلب من الحكومة اعتماد أهداف لخفض الانبعاثات على نحو يتطابق مع تخفيض بـ 1 , 5 درجة مئوية. وكل ما يمكن للمحكمة القيام به هو تحديد ما إذا كانت الحكومة بصدد تحقيق أهدافها المناخية الخاصة. وفي "قضية القرن" أول اً، رفعت منظمات غير حكومية دعوى ضد الحكومة للمطالبة بسبيل انتصاف مركزي طالب به أصحاب البلاغ في بلاغهم أمام اللجنة ( ) . وطلبت المنظمات غير الحكومية من المحكمة الإدارية بباريس أن تأمر الحكومة بخفض الانبعاثات بما يتماشى مع الحد الأقصى البالغ 1 , 5 درجة مئوية. غير أن المحكمة لا يمكنها أن تحدّد سوى ما إذا كانت الدولة الطرف بصدد تحقيق أهدافها المحلية والأهداف التي حدّدها الاتحاد الأوروبي. ويقول أصحاب البلاغ إن محاكم الدولة الطرف لا يمكنها النظر في مدى كفاية تلك الأهداف بموجب قانون حقوق الإنسان لأن الدولة الطرف لا تُفعّل بشكل مباشر الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل، بما في ذلك مبدأ المصالح الفضلى للطفل. ويشير أصحاب البلاغ إلى أن إحدى البلديات رفعت دعوى ضد الحكومة في قضية غراند سينثي، وأكّدت أن عدم مضيها في خفض الانبعاثات ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وغيرها من أحكام القانون المحلي وقانون الاتحاد الأوروبي. وقد اعتبر مجلس الدولة، في قراره الأول الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، أنه ليس مخول اً لأمر الحكومة بسن تشريعات مناخية أكثر طموح اً، وأنه مخول فقط لتحديد ما إذا كانت الحكومة بصدد تحقيق أهدافها المناخية بموجب قانون فرنسا للطاقة ولوائح الاتحاد الأوروبي. وفي وقت لاحق، خلص مجلس الدولة، في قراره بشأن الأسس الموضوعية في تموز/يوليه 2021 ، إلى أن الدولة الطرف لم تحترم لوائحها وأمر الحكومة باتخاذ جميع التدابير اللازمة لامتثال هدف خفض الانبعاثات بنسبة 40 في المائة المنصوص عليه في القانون الفرنسي وقانون الاتحاد الأوروبي ( ) . ويدفع أصحاب البلاغ بأن هدف تخفيض الانبعاثات بنسبة 40 في المائة قد يبدو كبير اً، إلا أنه سيسفر في الواقع عن ارتفاع مدمر في درجة الحرارة يتراوح بين 3 و 4 درجات مئوية بموجب نماذج الحصص العادلة. وحتى أهداف الاتحاد الأوروبي الأكثر طموح اً والمعلن عنها في النسخ المنقّحة من المساهمات المحددة وطني اً لعام 2020 وفي قانون المناخ الأوروبي لعام 2021 تسير في اتجاه تسجيل ارتفاع في الحرارة بنسبة 3 درجات مئوية. وهكذا، فإن تحقيق الأهداف المناخية المحددة محلي اً وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي لن يقضي على الانبعاثات الزائدة للدولة الطرف ولن يوقف مساهمتها في الضرر الذي يلحق أصحاب البلاغ.

تعليقات شفوية من الدولة الطرف

8 - 3 تشير الدولة الطرف إلى أنها تشاطر أصحاب البلاغ شواغلهم كلي اً بشأن آثار الاحترار العالمي، غير أن إجراءات الشكاوى الفردية ليست الإطار القانوني المناسب لمعالجة عواقب الاحترار العالمي بالنسبة للأطفال.

8 - 4 وتعيد الدولة الطرف تأكيد حجتها بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم انطباق الولاية القضائية. وتدفع بأن الولاية القضائية مسألة إقليمية بالدرجة الأولى وأن الاعتراف بالولاية خارج حدود الإقليم يجب أن يظل استثنائي اً. وتشير الدولة الطرف إلى عدم إقامة أي من أصحاب البلاغ في فرنسا، وتدفع بأنها لا تمارس سيطرة فعلية على أي منهم. وتلاحظ أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أشارت في تعليقها العام رقم 36 ( 2018 ) إلى أن الشخص يمكن أن يخضع لولاية دولة ما حتى وإن وُجد خارج إقليم تسيطر عليه هذه الدولة فعلي اً في حال تأثر حقه في الحياة بشكل مباشر ومتوقع على نحو معقول بأحد أنشطتها. وتذكّر الدولة الطرف بأنها تعارض بشدة هذا التفسير للولاية خارج حدود الإقليم، بالنظر إلى: (أ) أن المعايير المستخدمة غامضة وغير دقيقة وبالتالي فهي مصدر انعدام يقين قانوني؛ و(ب) أن مثل هذا التفسير من شأنه أن يكفل تطبيق اً شبه عالمي للاتفاقيات الدولية، يتجاوز بكثير الالتزام الذي قطعته الدول على نفسها؛ و(ج) أن من شأنه أن يفضي إلى ورود كم هائل من البلاغات ضد الدول التي قبلت إجراء البلاغات الفردية، وهي مسؤولية كانت ستقع، لو لا ذلك، على عاتق الدول التي لم تقبله. وتدفع الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ لم يثبتوا وجود صلة سببية بين أفعال الدولة الطرف وأوجه تقصيرها وبين الضرر المزعوم الذي لحقهم ويمكن اعتباره مباش راً ومتوقع اً بشكل معقول، باستخدام عبارات التعليق العام رقم 36 ( 2018 ) ( الفقرة 22 ) .

8 - 5 وتعيد الدولة الطرف تأكيد حجتها بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة أن عدة دعاوى إدارية قد رُفعت بنجاح في الدولة الطرف بشأن الاحترار العالمي، مما يدلّ على وجود سبل انتصاف محلية فعالة كان يتعين على أصحاب البلاغ استخدامها قبل إحالة المسألة إلى اللجنة. وتشير إلى قضيتين رُفعتا في عام 2019 وتثبتان حسب قولها أن سبل الانتصاف المحلية الفعالة متاحة في الدولة الطرف، ويتعلق الأمر بقرار أصدرته المحكمة الإدارية في باريس في 3 فبراير/شباط 2021 وخلُص إلى مسؤولية الدولة عن فشلها الجزئي في تحقيق أهدافها المتعلقة بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة للفترة 2015 - 2018 ، وقرار أصدره مجلس الدولة في 1 تموز/يوليه 2021 ، وأمر فيه الحكومة باتخاذ تدابير إضافية بحلول 31 آذار/مارس 2022 لضمان وفاء الحكومة بالتزاماتها بخفض انبعاثات غازات الدفيئة. وتلاحظ أن الإجراءات الإدارية تُبحث في غضون فترة زمنية معقولة يبلغ متوسطها 26 شه راً و 25 يوم اً، بما في ذلك مرحلة النقض. ورفع هذه الدعاوى يكون بالمجان ولا يستوجب تمثيل اً قانوني اً عندما لا توجد أي مطالبة بالتعويض أو يتعلق الأمر بطلب إلغاء فعل صادر عن سلطة إدارية. كما تتاح المساعدة القانونية. ويمكن للأطفال، ممثلين بآبائهم، رفع دعاوى أمام المحاكم الإدارية. وتزعم الدولة الطرف أنه في حين لا يمكن إخضاع العلاقات الدولية في جوهرها للرقابة القضائية، تتحكم السلطة القضائية في تنفيذ الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة الطرف، بما في ذلك الاتفاقية، حتى وإن لم تدرج في القانون الوطني، شريطة أن يكون لها أثر مباشر. وتلاحظ أن مجلس الدولة، من خلال الالتزام بتفسير القانون الوطني في ضوء اتفاق باريس، أضفى على الاتفاق أث راً مباشر اً. وتعيد الدولة الطرف التأكيد أنه لا يمكن اعتبار تحفظها على المادة 30 من الاتفاقية منافي اً لموضوع الاتفاقية وغرضها.

جلسة استماع شفوية مع أصحاب البلاغ

9 - بناء على دعوة من اللجنة وعمل اً بالمادة 19 من نظامها الداخلي بموجب البروتوكول الاختياري، مثل 11 من أصحاب البلاغ أمام اللجنة في 28 أيار/مايو 2021 عن طريق الفيديو في جلسة مغلقة، دون حضور ممثلي الدول. وشرحوا للجنة كيف أثر تغير المناخ على حياتهم اليومية وقدموا آرائهم فيما ينبغي للدول الأطراف المدعى عليها فعله بشأن تغير المناخ ولماذا ينبغي للجنة أن تنظر في شكاواهم.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 20 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

الولاية القضائية

10 - 2 تحيط اللجنة علماً بإفادة الدولة الطرف بأن الشكوى غير مقبولة لعدم انطباق الولاية القضائية لأن أصحاب البلاغ لا يقيمون في الأراضي الفرنسية ولا يخضعون لولاية الدولة الطرف، ولأنها لا تمارس سيطرة فعلية عليهم. وتحيط علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن تغير المناخ لا يمكن اعتباره "تلوثا ً " محلي اً يعزى مباشرة إلى دولة ما، وبأن الدولة الطرف لا تعتبر، باعتراف أصحاب البلاغ، المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة. وتحيط علماً كذلك بحجة أصحاب البلاغ بأنهم مشمولون بولاية الدولة الطرف باعتبارهم ضحايا للعواقب المتوقعة لإسهامات الدولة الطرف المحلية والعابرة للحدود في تغير المناخ والتلوث الكربوني الذي تتسبب فيه أو تسمح به أو تشجعه عن علم داخل إقليمها. وتحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن أفعال الدولة الطرف وأجه تقصيرها التي أسفرت عن استمرار أزمة المناخ قد عرضتهم بالفعل طيلة فترة طفولتهم لمخاطر متوقعة ومهددة للحياة بسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية.

10 - 3 وبموجب المادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية، يقع على عاتق الدول الأطراف الالتزام باحترام حقوق كل طفل وضمانها داخل ولايتها القضائية. ووفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري، يجوز أن تتلقى اللجنة بلاغات من جانب، أو نيابة عن، أفراد أو مجموعة أفراد يخضعون لولاية دولة طرف ويدّعون أنهم ضحايا لانتهاك الدولة الطرف لأي حق من الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، وأن تنظر فيها. وتلاحظ اللجنة أنه في حين لا تشير الاتفاقية والبروتوكول الاختياري إلى مصطلح "الإقليم" في تطبيق الولاية القضائية ، ينبغي تفسير الولاية خارج حدود الإقليم تفسي راً تقييديا ( ) .

10 - 4 وتحيط اللجنة علماً بالسوابق القضائية ذات الصلة للجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تشير إلى الولاية خارج حدود الإقليم ( ) . غير أن هذه السوابق القضائية وُضعت وطُبقت على حالات وقائعية تختلف اختلاف اً كبي راً عن وقائع وظروف هذه القضية. ويثير البلاغ مسائل ولاية جديدة تتعلق بحصول ضرر عابر للحدود مرده تغير المناخ.

10 - 5 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالفتوى OC- 23 / 17 الصادرة عن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأن البيئة وحقوق الإنسان. وتنطوي هذه الفتوى على أهمية خاصة بالنسبة لمسألة الولاية القضائية في هذه القضية حيث أوضحت نطاق الولاية خارج حدود الإقليم فيما يتعلق بحماية البيئة. وفي هذه الفتوى، أشارت المحكمة إلى أنه من المفهوم، عند حصول ضرر عابر للحدود يؤثر على الحقوق القائمة على المعاهدات، أن يكون الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم خاضعين لولاية دولة المنشأ في حال وجود علاقة سببية بين الفعل الذي نشأ في إقليمها وانتهاك حقوق أشخاص خارجه (الفقرة 101 ) . وتنشأ ممارسة الولاية القضائية عندما تمارس دولة المنشأ سيطرة فعلية على الأنشطة التي تسببت في الضرر وفيما تبعه من انتهاك لحقوق الإنسان (الفقرة 104 ( ح )). وفي حالات الضرر العابر للحدود، تستند ممارسة دولة المنشأ لولايتها إلى فهم مؤداه أن الدولة التي نُفّذت فيها، أو تحت ولايتها القضائية، الأنشطة هي التي تسيطر عليها فعلي اً، وتكون قادرة على منعها من التسبب في ضرر عابر للحدود يؤثر على تمتع الأشخاص بحقوق الإنسان خارج أراضيها. والضحايا المحتملون للآثار السلبية لهذه الأنشطة يخضعون لولاية دولة المنشأ لأغراض المسؤولية المحتملة لتلك الدولة عن عدم امتثال التزاماتها بمنع الضرر العابر للحدود (الفقرة 102 ) . وأشارت المحكمة كذلك إلى أنه يمكن، بناء على ذلك، الاستنتاج أن الالتزام بمنع الضرر أو الأذى البيئي العابر للحدود هو التزام يعترف به القانون البيئي الدولي، ويمكن بموجبه اعتبار الدول مسؤولة عن أي ضرر كبير يلحق بالأشخاص خارج حدودها بسبب أنشطة تنفَّذ في أقاليمها أو تخضع لسيطرتها أو سلطتها الفعلية (الفقرة 103 ) .

10 - 6 وتذكّر اللجنة بأنها لاحظت في البيان المشترك بشأن حقوق الإنسان وتغير المناخ الذي أصدرته بمعية أربع هيئات معاهدات أخرى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أكّدت في تقرير صدر في عام 2018 أن تغير المناخ يشكّل مخاطر كبيرة على التمتع بحقوق الإنسان التي تحميها الاتفاقية مثل الحق في الحياة والحق في الحصول على غذاء كاف والحق في السكن اللائق والحق في الصحة والحق في الماء والحقوق الثقافية (الفقرة 3 ) ( ) . وعدم اتخاذ تدابير لمنع الضرر المتوقع أن يلحق بحقوق الإنسان جرّاء تغير المناخ، أو لتنظيم الأنشطة التي تسهم في هذا الضرر، قد يشكل انتهاكاً لالتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان (الفقرة 10 ) .

10 - 7 وقد نظرت اللجنة فيما سبق، ترى أن الاختبار المناسب للولاية في هذه القضية هو ذلك الذي اعتمدته محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في فتواها بشأن البيئة وحقوق الإنسان. وهذا يعني أنه عندما يحدث ضرر عابر للحدود، يكون الأطفال خاضعين لولاية الدولة التي نشأت الانبعاثات من أراضيها لأغراض المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري في حال وجود علاقة سببية بين أفعال الدولة المعنية أو أوجه تقصيرها وبين الأثر السلبي على حقوق الأطفال الموجودين خارج أراضيها، عندما تمارس دولة المنشأ سيطرة فعلية على مصادر الانبعاثات المعنية. وترى اللجنة أنه في حين تعتبر شروط إثبات مسؤولية الدولة مسألة أسس موضوعية، يجب أن يكون الضرر المزعوم الذي لحق الضحايا متوقع اً بصورة معقولة للدولة الطرف عند قيامها، أو عدم قيامها، بأفعال، حتى لغرض إثبات ولايتها القضائية ( ) .

10 - 8 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أنه في حين يعتبر تغير المناخ وما يترتب عليه من ضرر بيئي وأثر على حقوق الإنسان قضيتين جماعيتين عالميتين تتطلبان استجابة عالمية، تظل الدول الأطراف تتحمل المسؤولية الفردية عن أفعالها أو أوجه تقصيرها فيما يتعلق بتغير المناخ ومساهمتها فيه. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة أصحاب البلاغ بأن الدولة الطرف تسيطر سيطرة فعلية على مصدر انبعاثات الكربون التي تُسجّل داخل أراضيها والتي لها أثر عابر للحدود.

10 - 9 وترى اللجنة أن الأدلة العلمية تقبل وتُؤيد عموم اً أن انبعاثات الكربون الناشئة عن الدولة الطرف تسهم في تفاقم تغير المناخ، وأن تغير المناخ له أثر سلبي على تمتع الأفراد بحقوقهم داخل إقليم الدولة الطرف وخارجه. وترى اللجنة أن الدولة الطرف، نظ راً لقدرتها على تنظيم الأنشطة التي تعتبر مصدر هذه الانبعاثات وعلى إنفاذ تلك اللوائح، تسيطر سيطرة فعلية في الانبعاثات.

10 - 10 ووفق اً لمبدأ المسؤوليات المشتركة وإن كانت متباينة، كما هو مبيّن في اتفاق باريس، ترى اللجنة أن الطابع الجماعي للمسؤولية عن تغير المناخ لا يعفي الدولة الطرف من مسؤوليتها الفردية التي قد تنبثق عن الضرر الذي يمكن أن تسببه الانبعاثات الناشئة داخل أراضيها للأطفال، مهما كان موقعها ( ) .

10 - 11 وفيما يتعلق بمسألة إمكانية التوقع، تحيط اللجنة علماً بحجة أصحاب البلاغ التي لا جدال فيها بأن الدولة الطرف كانت على علم بالآثار الضارة لمساهماتها في تغير المناخ على مدى عقود وأنها وقعت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992 واتفاق باريس في عام 2016 . وفي ضوء الأدلة العلمية الموجودة التي تبين تأثير الأثر التراكمي لانبعاثات الكربون على التمتع بحقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، ترى اللجنة أن الضرر المحتمل لأفعال الدولة الطرف أو أوجه تقصيرها فيما يتعلق بانبعاثات الكربون الناشئة في إقليمها كان متوقع اً إلى حد معقول بالنسبة للدولة الطرف ( ) .

10 - 12 وبعد أن خلصت اللجنة إلى أن الدولة الطرف تسيطر سيطرة فعلية على مصادر الانبعاثات التي تسهم في إلحاق ضرر متوقع بشكل معقول بالأطفال خارج أراضيها، فإنها باتت ملزمة بأن تُحدد ما إذا كانت هناك علاقة سببية كافية بين الضرر الذي يزعم أصحاب البلاغ وقوعه وبين أفعال الدولة الطرف أو أوجه تقصيرها لأغراض إثبات الولاية القضائية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة، تمشي اً مع موقف محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، أن مسؤولية الدولة التي تقع فيها الأنشطة المتسببة في الضرر العابر للحدود لا تترتب على أي أثر سلبي ناجم عن ضرر عابر للحدود، وأن الدوافع المحتملة لتطبيق الولاية القضائية يجب تبريرها استنا داً إلى الظروف الخاصة للحالة المحددة، وأن الضرر يجب أن يكون "كبيرا" ( ) . وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان لاحظت أن لجنة القانون الدولي لم تشر، في المواد المتعلقة بمنع الضرر العابر للحدود الناجم عن الأنشطة الخطرة، سوى إلى الأنشطة التي قد تنطوي على ضرر جسيم عابر للحدود، وأن الضرر "الكبير" ينبغي فهمه على أنه شيء أكبر من ضرر "يمكن اكتشافه" دون أن يبلغ بالضرورة مستوى "خطيرا" أو " ضخما ". ولاحظت المحكمة كذلك أن الضرر يجب أن يؤدي إلى أثر ضار حقيقي على مسائل مثل صحة الإنسان أو الصناعة أو الممتلكات أو البيئة أو الزراعة في دول أخرى، وأن هذه الآثار الضارة يجب أن تكون قابلة للقيس بمعايير واقعية وموضوعية ( ) .

صفة الضحية

10 - 13 في الظروف الخاصة بهذه القضية، تحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ انتهاك حقوقهم بموجب الاتفاقية بسبب أفعال الدول الأطراف المدّعى عليها وأوجه تقصيرها في المساهمة في تغير المناخ، وبادعاءاتهم تفاقم الضرر المذكور مع استمرار ارتفاع الحرارة على الصعيد العالمي. وتحيط علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن الدخان الناجم عن حرائق الغابات والتلوث المتصل بالحرارة قد تسبب في تفاقم الربو لدى بعض أصحاب البلاغ، وأجبرهم على دخول المستشفى؛ وأن انتشار الأمراض المحمولة بالنواقل وتفاقمها أث راً أيضاً على أصحاب البلاغ، مما أدى إلى إصابة بعضهم بالملاريا عدة مرات في السنة أو إصابتهم بحمى الضنك أو الشيكونغونيا؛ وأن أصحاب البلاغ عانوا من موجات حر شديدة شكلت تهدي داً خطي راً لصحة العديد منهم؛ وأن الجفاف يهدد الأمن المائي لبعضهم؛ وأن بعضهم تعرضوا لعواصف وفيضانات شديدة؛ وأن مستوى كفاف أصحاب البلاغ من السكان الأصليين مهدد بالتراجع؛ وأن جزر مارشال وبالاو معرضتان لخطر التحول إلى مناطق غير صالحة للسكن في غضون عقود بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر؛ وأن تغير المناخ أثّر على الصحة العقلية لأصحاب البلاغ الذين يدّعي بعضهم المعاناة من قلق مرتبط بتغير المناخ. وترى اللجنة أن أصحاب البلاغ، باعتبارهم أطفال، يتأثرون بشكل خاص بتغير المناخ، سواء من حيث طريقة تعرضهم لآثاره أو إمكانية تأثيره عليهم طيلة حياتهم، لا سيما إذا لم تُتخذ إجراءات فورية. ونظ راً للتأثير الخاص على الأطفال، واعتراف الدول الأطراف في الاتفاقية بأن الأطفال يستحقون ضمانات خاصة، بما في ذلك الحماية القانونية المناسبة، فإن الدول قد عززت التزاماتها لحماية الأطفال من الضرر المتوقع ( ) .

10 - 14 وبمراعاة العوامل المذكورة أعلاه، تخلص اللجنة إلى أن أصحاب البلاغ قد برروا بما فيه الكفاية، لأغراض إثبات الولاية القضائية، أن إضعاف حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقية نتيجة أفعال الدولة الطرف أو أوجه تقصيرها فيما يتعلق بانبعاثات الكربون الناشئة داخل إقليمها كان متوقع اً بشكل معقول. كما تخلص إلى أن أصحاب البلاغ أثبتوا لأول وهلة تعرضهم شخصي اً لضرر حقيقي وكبير لتبرير وضعهم كضحايا. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن أحكام المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

10 - 15 تحيط اللجنة علماً بحجج الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. كما تحيط علماً بحجة الدولة الطرف بأن أصحاب البلاغ كان بإمكانهم مباشرة إجراءات إدارية في الدولة الطرف وبأن محاكمها الإدارية، مثل محاكم باريس وليون وليل، نظرت بالفعل في قضايا بشأن مسؤولية الدولة عن الضرر الذي لحق أفرا داً لأسباب بيئية والتعويضات المستحقة لهم جراء ذلك. كما تحيط علماً بحجة الدولة الطرف بأن مجلس الدولة أشار بدوره إلى عدم اتخاذ الدولة الطرف أي إجراءات لمكافحة تلوث الغلاف الجوي، في حين لا تزال ما يسمى بقضية القرن، التي تطلب فيها عدة رابطات من القاضي الإداري الاعتراف بالتزامات الدولة الطرف في مكافحة تغير المناخ، معروضة حتى الآن على المحكمة الإدارية بباريس. وتحيط اللجنة علماً كذلك بمعلومات الدولة الطرف التي تفيد بأنه يجوز لأي شخص، وفق اً لدخله، الاستفادة من المساعدة القانونية في سياق هذه الإجراءات الداخلية، وأن متوسط الوقت اللازم للنظر في القضية أمام المحاكم الإدارية، من مرحلة الدرجة الأولى إلى مرحلة النقض، هو 26 شه راً و 25 يوم اً. وتحيط اللجنة علماً بحجج أصحاب البلاغ بأنه لن يكون ممكن اً إثارة ادعاءاتهم أمام القضاء الفرنسي لأن المحاكم الإدارية الفرنسية لن تُعمل الحق في الحياة والحق في الصحة بموجب الاتفاقية كونها لا تؤثر تأثي راً مباش راً في النظام القانوني الفرنسي. وتحيط علماً بحججهم القائلة بأن سبل الانتصاف الفعالة في المحاكم الفرنسية ستعترضها أيضاً عقبات أخرى كثيرة، بما فيها الوقائع التي تشير إلى: (أ) تطبيق فرنسا فصلا ً قويا ً بين السلط، مما يحول دون ممارسة السلطة القضائية سلطة تقدير وقرار عامة، مثل تلك الممنوحة للبرلمان؛ و(ب) منح المحاكم الدولة سلطة تقديرية واسعة في الوفاء بالالتزامات الإيجابية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك معاهدات حقوق الإنسان؛ و(ج) عدم قدرة المحاكم الإدارية الفرنسية على النظر في عدم إصدار السلطة التشريعية أو سنها تشريعات، وعدم تحميل المحاكم السلطة التنفيذية المسؤولية في السياق البيئي إلا عندما تكون الحكومة ملتزمة التزام اً قانوني اً محد داً بالتصرف ، وهو ما لا ينطبق على تغير المناخ.

10 - 16 وتذكّر اللجنة بأنه يجب على أصحاب البلاغات استخدام جميع السبل القضائية أو الإدارية التي تتيح لهم فرص انتصاف معقولة. وتعتبر اللجنة أنه من غير الضروري استنفاد سبل الانتصاف المحلية إذا لم يكن ثمة ما يوحي موضوعياً بنجاحها، وذلك متى حصل، مثل اً، التأكّد من رفض الدعوى بموجب القوانين المحليـة السارية، أو استبعاد إمكانية التوصل إلى نتيجة إيجابية بناء على السوابق القضائية الراسخة لأعلى الهيئات القضائية المحلية. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن مجرد وجود شكوك أو افتراضات بشأن مدى نجاح الإجراءات أو فعالية سبل الانتصاف لا يعفيهم من استنفادها ( ) .

10 - 17 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يحاولوا مباشرة أي إجراءات محلية في الدولة الطرف. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة أصحاب البلاغ بأنه ستعترضهم عقبات فريدة في استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن ذلك سيكون مرهقا ً لهم بلا مبرر، وطويل اً بشكل غير معقول، ومن غير المرجح أن يفضي إلى انتصاف فعال. وتحيط علماً أيضاً بحجتهم بأن المحاكم المحلية سترفض على الأرجح ادعاءاتهم، التي تشير إلى التزام الدولة بالمشاركة في التعاون الدولي، بسبب عدم إمكانية إثارة مسألتي السياسة الخارجية والحصانة السيادية أمام القضاء. ومع ذلك، ترى اللجنة أن ادّعاء عدم مشاركة الدولة الطرف في التعاون الدولي يثار ارتباط اً بالانتصاف المحدد الذي يطلبه أصحاب البلاغ، وأنهم لم يثبتوا بما فيه الكفاية أن سبيل الانتصاف هذا ضروري لحصولهم على انتصاف فعال. وعلاوة على ذلك، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي لا جدال فيها بأنه كان بإمكان أصحاب البلاغ مباشرة هذه الإجراءات أمام محاكمها الإدارية. وتحيط علماً أيضاً بإقرار المحكمة الإدارية بباريس في حكم أصدرته في 3 شباط/فبراير 2021 بالأضرار الإيكولوجية المرتبطة بتغير المناخ، وتحميلها الدولة الطرف مسؤولية عدم تحقيق أهدافها في الحد من غازات الدفيئة في "قضية القرن". وبالإضافة إلى ذلك، أمر مجلس الدولة الحكومة، في قرار مؤرخ 1 تموز/يوليه 2021 ، باتخاذ تدابير إضافية بحلول 31 آذار/مارس 2022 لضمان وفاء الحكومة بالتزاماتها بخفض انبعاثات غازات الدفيئة ( ) . وفي ظل غياب تبرير آخر من أصحاب البلاغ لعدم محاولتهم استنفاد سبل الانتصاف هذه، عدا إبداء شك عام بخصوص فرص نجاح أي منها، ترى اللجنة أنهم لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة والمتاحة لهم على نحو معقول للطعن في الانتهاك المزعوم لحقوقهم التي تكفلها الاتفاقية.

10 - 18 وفيما يتعلق بحجة أصحاب البلاغ بأن الحصانة السيادية ستمنعهم من استنفاد سبل الانتصاف المحلية في الدولة الطرف، تشير اللجنة إلى أن مسألة الحصانة السيادية قد لا تثار إلا فيما يتعلق بسبيل الانتصاف الخاص الذي يسعى أصحاب البلاغ إلى تحقيقه من خلال رفع دعوى ضد الدول الأطراف المدعى عليها الأخرى بمعية الدولة الطرف أمام محكمتها المحلية. وفي حالة أصحاب البلاغ، ترى اللجنة أنهم لم يقدّموا أدلة كافية على حججهم المتعلقة بالاستثناء الذي تنص عليه المادة 7 ( ه ) من البروتوكول الاختياري ويشير إلى أنه من غير المرجح أن يفضي تطبيق سبل الانتصاف إلى تحقيق انتصاف فعال.

10 - 19 وتحيط اللجنة علماً بحجة أصحاب البلاغ ومفادها أن سبل الانتصاف في الدولة الطرف ستتجاوز الآجال المعقولة. ومع ذلك، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ، في ظل عدم تقديمهم معلومات محددة لدعم هذا الادعاء، وبمراعاة المعلومات المقدمة من الدولة الطرف بشأن طول الإجراءات المحلية، وكذا عدم محاولتهم مباشرة إجراءات محلية في الدولة الطرف، لم يبرروا أن استنفاد سبل الانتصاف المحلية المتاحة في الدولة الطرف كان سيتجاوز الآجال المعقولة داخل الدولة الطرف بمفهوم المادة 7 ( ه ) من البروتوكول الاختياري.

10 - 20 وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 7 ( ه ) من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

11 - وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب المادة 7 ( هـ ) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ أصحاب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.