الأمم المتحدة

CAT/C/67/D/813/2017

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

31 October 2019

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اتخذته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 813/2017 * ** ***

بلاغ مقدم من: م. ز. (يمثله المحامي فولفغانغ كاليك ، من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بلجيكا

تاريخ تقديم الشكوى: 11 كانون الثاني/يناير 2017 ( تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 17 آذار/ مارس 2017 ( لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 2 آب/أغسطس 2019

الموضوع: التواطؤ في أفعال التعذيب أثناء احتجاز صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو؛ وعدم إجراء تحقيق

المسائل الإجرائية: المقبولية - المسألة نفسها؛ والمقبولية - استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ والمقبولية - ادعاءات ظاهرة البطلان

المسائل الموضوعية: التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الاحتجاز؛ وعدم توفير الحماية؛ ‬ وعدم إجراء تحقيق مناسب

مواد الاتفاقية: 2، و6(1) و(2)، و7(1)، و10، و12، و13، و14

1-1 صاحب الشكوى هو م. ز.، وهو مواطن بلجيكي ومغربي، مولود في 3 آب/ أغسطس 19 78 . ويدعي صاحب الشكوى انتهاك حقوقه التي تكفلها المواد 2 ، و 6(1) و (2) ، و 7(1) ، و10، و12، و13، و 14 من الاتفاقية فيما يتصل باحتجازه في خليج غوانتانامو. وقد اعترفت الدولة الطرف (بلجيكا) في 25 حزيران/يونيه 1999 باختصاص لجنة مناهضة التعذيب في تلقي البلاغات الفردية والنظر فيها بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ‬ ويمثل صاحب الشكوى محام، هو فولفغانغ كاليك، من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.

1-2 وفي 17 أيار/مايو 2017، طلبت الدولة الطرف أن تنظر اللجنة في مقبولية الشكوى بمعزل عن أسسها الموضوعية. وفي 6 آذار/مارس 2018 ، قررت اللجنة، وفقاً للفقرة 3 من المادة 115 من نظامها الداخلي، النظر في مقبولية الشكوى بالاقتران مع أسسها الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 يؤكد صاحب الشكوى أنه احتُجز في القاعدة العسكرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية في خليج غوانتانامو، بكوبا، في الفترة من 15 شباط/فبراير 2002 إلى 25 نيسان/أبريل 2005. ويوضح صاحب الشكوى أنه تعرّض أثناء احتجازه لأفعال متنوعة من التعذيب وسوء المعاملة، مثل: العنف البدني، الذي شمل ضربه بكرسي معدني في رأسه، وصفعه على قفاه، وضربه بالعصي على يديه وقدميه، فضلا عن خبط رأسه بالحائط وبالأرض؛ وإيذائه نفسياً، مثل تهديده بالقتل، وإهانته، وادعاءات عن سلوكه الجنسي؛ وتعطيل حواسه عن طريق تعصيب عينيه، وتعريضه لدرجات حرارة قصوى، وإبقائه في أوضاع مجهدة، وتعريضه لموسيقى صاخبة، وحرمانه من النوم. ويوضح صاحب الشكوى أنه عانى ولا يزال يعاني، نتيجة لهذا الوضع، من اضطرابات الإجهاد المزمنة التالية للصدمة النفسية، فضلا عن اضطراب الهذيان، وأعراض ذهانية أخرى ( ) .

2- 2 ويؤكد صاحب الشكوى أن الغرض من مركز الاحتجاز في خليج غوانتانامو أن يكون مرفقاً خارج نطاق القانون، وأن برنامج الاحتجاز ينسقه كبار المسؤولين في حكومة الولايات المتحدة.

2-3 ويوضح صاحب الشكوى أنه كان محتجزاً في خليج غوانتانامو دون تهمة، ولم يُبلّغ قط بسبب احتجازه، ولم يكن يدري متى سيُفرج عنهم أو هل سيُفرج عنه. وهو يوضح أيضاً أنه لم يخضع قط لأي فحص طبي طوال فترة احتجازه وأن الرسائل الخمس التي تلقاها من أسرته خضعت جميعها لرقابة شديدة.

2-4 ويؤكد صاحب الشكوى أن ضابط اتصال من الشرطة الاتحادية البلجيكية اسمه لوك كلاربوتس حضر لرؤيته في خليج غوانتانامو يومي 16 و 17 نيسان/أبريل 2002 ( ) . واعتباراً من نيسان/أبريل 2002 ، كان السيد كلاربوتس، والقاضية البلجيكية هيلدا فان دي فوردي، على علم باحتجاز صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو، وشاركا في عمليات استجوابه.

2-5 ويؤكد صاحب الشكوى أن محاميه اتصل مراراً وتكراراً بوزارة الخارجية البلجيكية وبالأجهزة الأمنية الحكومية البلجيكية لطلب معلومات عن ظروف احتجاز صاحب الشكوى. وطلب محامي صاحب الشكوى أيضاً إلى السلطات البلجيكية أن تطلب إلى الولايات المتحدة نقل صاحب الشكوى إلى بلجيكا، وأدان المحامي عدم تمكين صاحب البلاغ من الاتصال بمحام وعدم تمكنه من الاتصال بأسرته.

2-6 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2002 ، و 16 و19 شباط/فبراير 2004 ، استجوب السيد كلاربوتس صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو بموافقة مكتب المدعي العام الاتحادي البلجيكي. ويؤكد صاحب الشكوى أن السلطات البلجيكية تبادلت مع سلطات الولايات المتحدة معلومات غير مثبتة عنه تدينه ( ) .

2-7 ويؤكد صاحب الشكوى أن سلطات الولايات المتحدة أطلقت سراحه أخيراً، من القاعدة البحرية في خليج غوانتانامو في 25 نيسان/أبريل 2005، وأنه عاد إلى بلجيكا ( ) . ولدى وصوله، اعتُقل ومَثَل أمام قاض ي التحقيق، دانييل فرانسن، واستُجوب طوال الليل من قِبل مكتب المدعي العام الاتحادي دون أن يُبلغ بحقوقه. وفي 26 نيسان/أبريل 2005، أمر القاضي فرانسن بالإفراج المشروط عنه. وفي 30 نيسان/أبريل 2009 ، أسقطت المحكمة الابتدائية في بروكسل رسمياً التهم الموجهة إلى صاحب الشكوى.

2-8 ويوضح صاحب الشكوى أن قاضي التحقيق البلجيكي استجوب السيد كلاربوتس في 28 نيسان/أبريل 2005 بشأن التحقيقات مع صاحب الشكوى ومع محتجز بلجيكي آخر في خليج غوانتانامو (في سياق تحقيق جنائي مع صاحب الشكوى). ووفقاً لما ذكره السيد كلاربوتس فإن كلا المحتجزين اشتكى من أن ظروف احتجازهما كانت عسيرة جداً: فلم يكونا على علم بأسباب احتجازهما في خليج غوانتانامو، ولا بمدة احتجازهما التقديرية؛ ولم يُتهما بأية جريمة، وإنما أُخضعا للعديد من الاستجوابات من جانب قوات الولايات المتحدة؛ ولم يُمكَّنا من الاتصال بمحام طوال مدة اعتقالهما.

2-9 ويدعي صاحب الشكوى أن السلطات البلجيكية المعنية، رغم معرفتها وعلمها باحتجازه غير المشروع في خليج غوانتانامو، لم تتخذ أي خطوات فعالة للإفراج عنه، ولم تجر أي تحقيق حقيقي في ادعاءات صاحب الشكوى أنه تعرّض للتعذيب على أيدي سلطات الولايات المتحدة. ويضيف صاحب الشكوى أنه لم يُطلق سراحه من خليج غوانتانامو رغم أن السيد كلاربوتس أبلغ بالفعل السلطات البلجيكية أنه لن يشكل أي تهديد للأمن القومي لبلجيكا إذا أُعيد إلى ذلك البلد ( ) .

2-10 ويدّعي صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ف قد أقام، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، دعوى مدنية أمام قاضي التحقيق في محكمة بروكسل الابتدائية ضد السيد كلاربوتس وأشخاص آخرين مجهولين (أُشير إليهم في الشكوى بالرمز "س" ) ( ) . وندَّد صاحب الشكوى بعدم اتخاذ السلطات البلجيكية أي إجراء لمدة سنوات رغم التزاماتها الواضحة بالتدخل عندما علمت بأفعال التعذيب المرتكبة في خليج غوانتانامو ضد صاحب الشكوى. وصدر قراران في 18 كانون الثاني/يناير 2012 و 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 بعدم مقبولية الشكوى، حيث ثبت أن أحد المشتبه فيهم المجهولين المشار إليهم في الشكوى بالرمز "س" هو موظف في مكتب المدعي العام الاتحادي ويتمتع "بامتياز قضائي" ( ) .

2-11 ويوضح صاحب الشكوى أن قاضي التحقيق أمر بإحالة الملف إلى المدعي العام الملكي لاتخاذ "التدابير المناسبة "، ويوضح أيضاً أن المدعي العام الملكي أرسل الملف فيما يبدو إلى المدعي العام الاتحادي. وفي 8 آب/أغسطس 2013 ، طلب المدعي العام الاتحادي إلى محكمة بروكسل الابتدائية أن تعلن عدم مقبولية الشكوى، وأن تعفي قاضي التحقيق من مهامه، وأن تنقل مسؤولية التحقيق إلى مكتب المدعي العام الاتحادي.

2-12 وفي جلسة استماع عُقدت في 10 كانون الأول/ديسمبر 2013 أمام محكمة بروكسل الابتدائية، أفاد محامو صاحب الشكوى بأن قرار إعفاء قاضي التحقيق من مهامه ونقل الملف إلى مكتب المدعي العام الاتحادي سيشكل انتهاكا للمواد 3 و 6 و 13 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) لأن هذا القرار سيترتب عليه أن يحقق مكتب المدعي العام الاتحادي مع نفسه.

2-13 وفي 7 كانون الثاني/يناير 2014 ، أعلنت محكمة بروكسل الابتدائية عدم مقبولية الشكوى، وأشارت في حيثيات القرار إلى الإعفاء من "الامتياز القضائي" وقررت إعفاء قاضي التحقيق من مهامه ونقل الملف إلى مكتب المدعي العام الاتحادي ( ) .

2-14 ويوضح صاحب الشكوى كذلك أن غرفة الاتهام في بروكسل رفضت جزئياً في 20 آذار/مارس 2014 استئنافه ضد قرار المحكمة الابتدائية لبروكسل. وأكدت الغرفة عدم مقبولية الشكوى، ولكنها خلصت إلى أن ملف القضية ينبغي أن يُحال إلى المدعي العام لمحكمة الاستئناف لا إلى المدعي العام الاتحادي، لأن هذا الأخير لا ينبغي أن يحقق في قضية هو طرف فيها.

2-15 ويؤكد صاحب الشكوى أنه جرى في 3 نيسان/أبريل 2014 تعيين مدعٍ عام جديد، هو الشخص نفسه الذي كان يشغل منصب المدعي العام الاتحادي في الفترة من عام 2007 إلى عام 2014 ( يوهان ديلمول ) ، مستشهداً بذلك على تضارب في المصالح من جانب هذا الأخير.

2-16 ويؤكد صاحب الشكوى أن المدعي العام رفض في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2015 شكواه بحجة عدم وجود أساس لاستنتاج ارتكاب جريمة من قِبل المتهمين أو غيرهم. ويدعي صاحب الشكوى أن القانون البلجيكي لا يتيح له سبيل انتصاف آخر من هذه الأنواع من القرارات.

2-17 ويؤكد صاحب الشكوى أنه قدم في 4 نيسان/أبريل 2016 طلباً ضد بلجيكا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ادعى فيه أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادتين 3 و1 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وفي 2 حزيران/يونيه 2016 ، قررت المحكمة بموجب قرار من قاضٍ واحد عدم مقبولية الدعوى، عملاً بالمادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ولم يتضمن القرار أي تفاصيل أو أسباب محددة لرفض الدعوى .

2-18 ويؤكد صاحب الشكوى أن شكواه لم تُنظر ولا يجري النظر فيها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاقية من عدة جوانب. أولا ً ، يحتج صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف لم تتخذ جميع التدابير الفعالة لمنع و/أو وقف أفعال التعذيب المرتكبة ضده أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو، وهو ما يتعارض مع المادة 2 من الاتفاقية.

3-2 ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً أن الدولة الطرف لم تحقق مع الموظفين العموميين البلجيكيين المتورطين في أفعال التعذيب المرتكبة ضده أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو ولم تقاضيهم، رغم أن المسؤولين العموميين المذكورين كانوا موجودين في إقليم الدولة الطرف ولا يزالون موجودين بها، وهو ما يخالف أحكام المادتين 6(1) و (2) و 7(1) من الاتفاقية.

3-3 ويرى صاحب الشكوى أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم الثقيف والتدريب والتوعية في مجال الحظر المطلق للتعذيب إلى موظفيها المسؤولين عن إنفاذ القانون، وإلى الموظفين العموميين ، وإلى غيرهم من الموظفين المعنيين باحتجاز أو استجواب أو معاملة أي فرد خاضع لأي شكل من أشكال الاعتقال أو الاحتجاز أو السجن، وهو ما يخالف المادة 10 من الاتفاقية.

3-4 وعلاوة على ذلك، يرى صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تكفل قيام سلطاتها المختصة بتحقيق سريع ونزيه، رغم وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بارتكاب تعذيب بحق صاحب الشكوى في إقليم خاضع لولاية الدولة الطرف و ضد شخص خاضع لولايتها، بموجب المادة 12 من الاتفاقية.

3-5 ولم تكفل الدولة الطرف أيضاً حق صاحب الشكوى في أن يقدم شكوى إلى سلطاتها المختصة وفي أن تجري هذه السلطات تحقيقاً فورياً ونزيهاً في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب عملاً بالمادة 13 من الاتفاقية، رغم الطلبات المتكررة المقدمة في هذا الصدد.

3-6 ويؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم توفر له سبل الجبر والانتصاف الفعالة، التي يكفلها القانون البلجيكي، من أفعال التعذيب التي تعرّض لها في خليج غوانتانامو، بما في ذلك إجراء سلطات الدولة الطرف تحقيقات فورية ونزيهة ، لدى عودته إلى الدولة الطرف، في ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب، وهو ما يخالف المادة 14 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 17 أيار/مايو 2017 ، أكدت الدولة الطرف أنه بالنظر إلى أن المسألة نفسها نظرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فينبغي عدم قبول هذه الشكوى المقدمة إلى اللجنة.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أنه، وفقاً للمادة 22(5)( أ) من الاتفاقية، "لا تنظر اللجنة في أية بلاغات يتقدم بها أي فرد بموجب هذه المادة ما لم تتحقق من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية".

4-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتمدت في 2 حزيران/يونيه 2016 قراراً بعدم مقبولية الطلب المقدم من صاحب الشكوى بشأن نفس الوقائع التي تستند إليها شكواه إلى اللجنة. فقد رأت المحكمة أنه "بأخذ جميع العناصر في الاعتبار ... لم تُستوف شروط المقبولية التي تنص عليها المادتان 34 و 35 من الاتفاقية".

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أنه، وفقا لممارسة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يمكن الافتراض أن المحكمة اعتبرت الشكوى غير مقبولة لأسباب تتصل بالأسس الموضوعية للقضية لا لأسباب إجرائية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 11 أيلول/سبتمبر 2017 ، أكد صاحب البلاغ أن الطلب الذي قدمه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رُفض في 2 حزيران/يونيه 2016 بقرار من قاض واحد. ولم يشر هذا القرار سوى إلى أن "المحكمة ترى أن معايير المقبولية التي تنص عليها المادتان 34 و 35 من الاتفاقية لم تُستوف". وذُكر أيضاً في القرار أن الحكم نهائي ولا يجوز الطعن فيه أمام الدائرة العليا.

5-2 وفيما يتعلق بالاحتجاج بعدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة من المادة 22 ( 5 ) (أ) من الاتفاقية بسبب قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، يؤكد صاحب الشكوى أن قرار المحكمة لا يمنع اللجنة من النظر في شكواه لأن "الرفض الشامل" للقضية بقرار من المحكمة المشكلة من قاض واحد لا يرقى إلى مستوى النظر في القضية بالمعنى المقصود في المادة 22 ( 5 ) (أ) من الاتفاقية. ويحيل صاحب الشكوى إلى قرار اللجنة المؤرخ 27 كانون الثاني/يناير 2017 في قضية س. ضد السويد ( ) . ففي تلك القضية أيضاً، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قراراً من قاض واحد، باستخدام نفس التعليل. ورأت اللجنة أن هذا " التعليل المقتضب ... لا يسمح للجنة بالتحقّق من المدى الذي بلغته المحكمة في نظرها في طلب صاحب الشكوى، بما في ذلك تحديد ما إذا كانت قد أجرت تحليلاً شاملاً للعناصر المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية ". وخلصت اللجنة إلى أن المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5-3 ويحتج صاحب الشكوى كذلك بأن هذه القضية لم تُنظر بالمعنى المقصود في المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، لأنها رُفضت لأسباب إجرائية فقط، دون اتخاذ قرار بشأن الأسس الموضوعية للقضية. ويشير صاحب الشكوى إلى السوابق القضائية للجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي قضت فيها اللجنة بأن القضية لا يمكن اعتبارها نُظرت " لمجرد رفض الشكوى المقدمة إلى هيئة دولية أخرى، كالمحكمة الأوروبية لحقو ق الإنسان، لأسباب إجرائية بحتة دون النظر في أسسها الموضوعية " ( ) . فإذا استندت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها بعدم المقبولية إلى الأسس الإجرائية وأيضاً إلى الأسس الناشئة عن قدر من النظر في جوهر القضية، عند ذلك فقط يمكن استبعاد القضية، التي اعتُبرت غير مقبولة، من النظر فيها بموجب المادة (5)(2)( أ) من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) .

5-4 ويؤكد صاحب الشكوى أن من الضروري تحديد ما إذا كان قرار عدم المقبولية الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شمل الاعتبارات المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية. وفي هذه القضية، رفضت المحكمة شكواه بالإشارة بشكل فضفاض إلى عدم استيفاء معايير المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ويوضح صاحب الشكوى أن هاتين المادتين تتضمنان مجموعة متنوعة من معايير المقبولية، تشمل في المقام الأول معايير رسمية مثل استنفاد سبل الانتصاف المحلية، بالإضافة إلى معايير تتعلق بالنظر الموضوعي في القضية. ويؤكد صاحب الشكوى أن من المستحيل تحديد ما إذا كانت المحكمة أعلنت عدم قبول القضية لأسباب إجرائية فقط أم لأسباب موضوعية أيضاً.

5-5 وأخيراً، يؤكد صاحب الشكوى أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا يتعلق "بالمسألة نفسها" الواردة في شكواه المقدمة إلى اللجنة بالمعنى المقصود في المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية. وهو يحيل إلى السوابق القضائية للجنة، التي تنص على أنه يمكن اعتبار القضية تتعلق "بالمسألة نفسها" إذا كان تتعلق "بنفس الأطراف ونفس الوقائع ونفس الحقوق الجوهرية" ( ) . ويدعي صاحب الشكوى أن شكواه إلى اللجنة عرضت مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة الطرف أكثر مما عرضته على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأشار إلى أنه احتج أيضاً أمام اللجنة بحدوث انتهاك للمادة 10 من الاتفاقية، في حين أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تتضمن حكماً مماثلاً.

ملاحظات الدولة الطرف على ال مقبولية و الأسس الموضوعية

6-1 في 6 آب/أغسطس 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية القضية وأسسها الموضوعية، مشيرةً إلى أن صاحب الشكوى احُتجز في خليج غوانتانامو في الفترة من 15 شباط/فبراير 2002 إلى 25 نيسان/أبريل 2005.

6-2 ووفقاً لما ذكرته الدولة الطرف فإن صاحب الشكوى يدعي أن بلجيكا لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع ووقف أفعال التعذيب ضده والتحقيق فيها، حيث لم تتخذ إجراءات للتحقيق مع المسؤولين المتورطين في أفعال التعذيب ومقاضاتهم، ولم تتخذ تدابير لتثقيف أو توجيه الموظفين الذين لهم صلة باحتجاز أو استجواب أو معاملة الأشخاص المحتجزين أو المسجونين. وهو يدعي أيضاً أن السلطات البلجيكية انتهكت المادتين 12 و 13 من الاتفاقية لأنها لم تجر تحقيقاً فورياً ونزيهاً في أفعال التعذيب المرتكبة ضد فرد خاضع لولاية الدولة الطرف، وانتهكت أيضاً المادة 14 من الاتفاقية لأنها لم تقدم له، بوصفه مواطناً بلجيكياً، التعويض المناسب عن أفعال التعذيب التي تعرّض لها.

6-3 ويطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة أن تثبت حدوث انتهاك لمواد الاتفاقية المشار إليها، وأن تطلب توضيحاً لإجراءات السلطات البلجيكية المتورطة في اتخاذ قرار عدم التحقيق في التعذيب الذي تعرض له صاحب الشكوى، وأن تطلب إلى السلطات البلجيكية إجراء تحقيق فوري ونزيه في أفعال التعذيب، بما في ذلك إعادة فتح الإجراءات الجنائية ضد المشتبه في تواطئهم، وأن تمنح صاحب الشكوى تعويضاً كاملاً ووسائل لإعادة تأهيله التام.

6-4 وتؤكد الدولة الطرف أن سلطات الولايات المتحدة أفرجت عن صاحب الشكوى في 24 نيسان/أبريل 2005 ، بعد اتفاق أُبرم في 20 نيسان/أبريل 2005 ، وأنه عاد بعد ذلك إلى بلجيكا. وفي 18 حزيران/يونيه 2010 ، أصدر الدكتور أودينارت شهادة طبية تثبت إصابة صاحب الشكوى بأعراض اضطراب الإجهاد التالي للصدم ة النفسية، وب اضطراب الهذيان، وبالسلوك الذهاني، وهو ما يمكن أن يُعزى إلى سوء معاملته في خليج غوانتانامو.

6-5 وتكرر الدولة الطرف أن الشكوى غير مقبولة بموجب المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية، لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أعلنت في 2 حزيران/يونيه 2016 أن طلب صاحب الشكوى غير مقبول. وخلصت الدولة الطرف إلى أن هذا الاستنتاج يستند إلى أسباب تتصل بالأسس الموضوعية، لا إلى الإجراءات، لأن بلجيكا لم تمارس أي سلطة أو سيطرة فعلية على مركز الاحتجاز في خليج غوانتانامو، ومن ثم فإن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تنطبق في هذه الحالة. وترى الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لم تقبل ممارسة الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية إلا في حالات استثنائية، منها مثلاً عندما تمارس الدولة سيطرة فعلية على أرض أجنبية. وتستنتج المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، عموماً، عدم مقبولية الطلبات المقدمة في ظروف مماثلة، بسبب عدم وجود صلة من حيث الولاية القضائية بين ضحية الانتهاكات المزعومة والدولة المدعى عليها، لعدم ممارسة الدولة المدعى عليها الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن الطلب لا يمكن اعتباره غير مقبول على أسس إجرائية رسمية، لأن سبل الانتصاف المحلية استُنفدت على النحو الواجب ولأن الطلب قُدم في المهلة المحددة بستة أشهر. وبناءً على ذلك، تكرر الدولة الطرف أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد نظرت في طلب صاحب الشكوى من حيث الأسس الموضوعية.

6-6 وعلاوة على ذلك، تدعي الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى ليس لها أي أساس موضوعي.

6-7 وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب الفقرة 2 ، تعترض الدولة الطرف على ادعاء أنها شجعت أو أجازت أفعال تعذيب صاحب الشكوى أو إساءة معاملته في خليج غوانتانامو. فالدولة الطرف لم يكن لها قط أي سلطة على التسلسل القيادي، الذي هو مصدر معاملة صاحب الشكوى، ولم يكن لديها أي وسائل لتأمين إطلاق سراحه قبل أن تفرج عنه سلطات الولايات المتحدة في 20 نيسان/أبريل 2005 ( ) . وعلاوة على ذلك، لم تتورط السلطات البلجيكية، بشكل مباشر أو غير مباشر، في اعتقال صاحب الشكوى أو نقله إلى سلطات الولايات المتحدة. وتختلف هذه الشكوى اختلافاً كبيراً عن قضايا أبو زبيدة ضد ليتوانيا ، والنشيري ضد رومانيا ، والمصري ضد جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية سابقاً ( ) ، وهي القضايا التي مارست فيها الدول الأطراف ولايتها القضائية باعتقال وتسليم مقدمي الطلبات . ولا يمكن اعتبار استجواب صاحب البلاغ رسمياً من قِبل ضابط الاتصال في الشرطة الاتحادية البلجيكية، السيد كلاربوتس، ثلاث م رات في الفترة بين نيسان/أبريل 2002 وشباط/فبراير 2004 ممارسة للسيطرة الفعلية المباشرة أو غير المباشرة على صاحب الشكوى. وعلاوة على ذلك، رفضت سلطات الولايات المتحدة طلبات السلطات البلجيكية القيام بزيارات قنصلية، إلا مرتين، وقبلت فقط زيارات من قِبل الشرطة البلجيكية أو القضاء أو جهاز الاستخبارات. ونظراً إلى بذل مزيد من المحاولات الدبلوماسية لزيارة صاحب الشكوى، لا يمكن اعتبار عدم نجاح السلطات البلجيكية في الإفراج عنه تواطؤاً في التعذيب بالامتناع عن الفعل.

6-8 وعلاوة على ذلك، وجَّه المدعي العام رسالة مؤرخة 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 إلى سلطات الولايات المتحدة، مشفوعة بطلب من محامي صاحب الشكوى، تطلب توضيحاً لظروف احتجاز صاحب الشكوى والضمانات المتاحة له. وتجنبت وزارة خارجية الولايات المتحدة الأسئلة وأجابت في ردّ عام بأن جميع "المقاتلين الأعداء" يُعاملون معاملة إنسانية وعلى نحو يتسق مع مبادئ اتفاقيات جنيف لعام 1949، وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر يمكنها زيارتهم بشكل فردي وخاص على أساس منتظم. وتدعي الدولة الطرف أن ظروف الاحتجاز المماثلة لظروف احتجاز صاحب الشكوى لم تكن معروفة بشكل علني إلا في نهاية عام 2002.

6-9 وتقرّ الدولة الطرف بأن عدم حصول صاحب الشكوى على محام واحتجازه دون محاكمة يمكن أن يبدو كانتهاك للحق في الدفاع القانوني. بيد أن الدولة الطرف لا يمكن أن تكون مسؤولة عن التواطؤ في أفعال التعذيب. ولا يُعد استحداث فئة "المقاتلين الأعداء"، خارج إطار اتفاقيات جنيف، انحرافاً عن أحكام اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 (المواد من 99 إلى 108). فالفرد إما أن يكون أسير حرب ( ) أو سجين اً (محتجز اً ) بموجب القانون العام . ومن غير الواقعي أن يُتوقع أن ترغم بلجيكا الولايات المتحدة على تغيير هذا المبدأ، الذي لقي بالفعل نقداً شديداً. ولم تكن الدولة الطرف في موقف يمكِّنها من أن تطالب بأن تكفل الولايات المتحدة حصول صاحب الشكوى على محام، ولم يكن بوسع سلطات الدولة الطرف إلا أن تلتمس معلومات من نظرائها عن التطورات في حالة صاحب الشكوى، مع التماس ضمانات لحقوقه.

6-10 وبيّنت وزارة الخارجية البلجيكية ، في ردّها المؤرخ 16 آذار/مارس 2004 ، جهودها الرامية إلى ضمان المساعدة القنصلية، وشملت هذه الجهود مناقشة احتمال عودة صاحب الشكوى ومواطن محتجز آخر في خليج غوانتانامو إلى بلجيكا، ومراقبة الأحوال الطبية لصاحب الشكوى، وطلب عرضه على طبيب أسنان. و أكدت وزارة الخارجية البلجيكية ، في رسالة مؤرخة 11 آب/أغسطس 2004 ، أن إعادة صاحب الشكوى إلى بلده قيد النقاش، دون ذكر أي إمكانية ل تسليمه، وأشارت إلى أنه ليس ضمن قائمة الأشخاص الذين سيُنقلون إلى المغرب. وازدادت فرص إعادة صاحب الشكوى إلى بلجيكا عقب صدور حكم المحكمة العليا للولايات المتحدة في قضية حمدي. وقد أكدت وزارة الخارجية البلجيكية، في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2004 ، أن "مجلس المراجعة الإدارية [سوف] يقيِّم إمكانية إطلاق سراح أو نقل واحد أو أكثر من الرعايا البلجيكيين المحتجزين في خليج غوانتانامو".

6-11 ويستند صاحب الشكوى في ادعاءاته إلى أن السيد كلاربوتس "تبادل المعلومات الناتجة عن عمليات استجواب صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو مع سلطات كل من الولايات المتحدة وبلجيكا" لإثبات التواطؤ المزعوم لبلجيكا، وهو ما ينتهك المادة 2 من الاتفاقية. ومع ذلك، ينفي صاحب الشكوى أن تقرير السيد كلاربوتس أُعد لصالحه بغية إطلاق سراحه أو نقله، أو أن هذا التقرير أُحيل مشفوعاً بالملاحظات التي أعدتها أسرة صاحب الشكوى. وعلاوة على ذلك، أكد مجلس المراجعة الإدارية عدم وجود سجل جنائي لصاحب الشكوى في بلجيكا. لذلك، فإن التقرير المقدم من السيد كلاربوتس كان يهدف إلى مساعدة صاحب الشكوى أثناء مرافعته لصالح إعادته إلى بلده. وشهد السيد كلاربوتس ، بعد استجواب صاحب الشكوى في 28 نيسان/أبريل 2005 : "بأن صاحب الشكوى وصف العديد من الاستجوابات التي أجراها له الأمريكيون وظروف الاحتجاز الشديدة القسوة، واشتكى من أنه لم يُبلغ بالفترة المتوقعة لاحتجازه. وبالإضافة إلى ذلك، لم تُوجه إليه أي اتهامات، ولم يبلغ بحقوقه، ولم يتسنّ له التمتع بالحق في المساعدة القانونية. وفي هذا الصدد، فإننا أبلغناه دائماً بأن السلطات البلجيكية ستسانده" ( ) .

6-12 وفي نيسان/أبريل 2004 ، استُقبل وفد بلجيكا الرفيع المستوى في وزارة خارجية الولايات المتحدة، وأعرب الوفد عن اعتزامه مراقبة صاحب الشكوى ومحتجز آخر معه ، إذا أُفرج عنهما. وفي أيلول/سبتمبر 2004 ، أوقفت سلطات الولايات المتحدة المفاوضات ودرست إمكانية إبعاد صاحب الشكوى إلى بلد جنسيته الثانية، المغرب، بعد أن اكتشفت الاتصال بين شقيقه أحمد وقيادة تنظيم القاعدة. وأُفرج عن المحتجزيْن الاثنين في 25 نيسان/أبريل 2005 ، بعد تواصل رئيس وزراء بلجيكا، غاي فيرهوفشتات، مع رئيس الولايات المتحدة جورج بوش. وتضيف الدولة الطرف أن سلطاتها كانت على اتصال منتظم مع محامي صاحب الشكوى، بما في ذلك عن طريق الهاتف.

6-13 وفيما يتعلق بالادعاءات بموجب المادتين 6(1) و (2) و 7(1) من الاتفاقية، تدعي الدولة الطرف أن المشتبه فيهم البلجيكيين المزعومين ظلوا في إقليم بلجيكا. وتعارض الدولة الطرف ادعاء أن عليها التزاماً بإجراء تحقيق ولو لم تُقدم شكوى تتعلق بالتعذيب. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى أقام دعوى مدنية ضد اثنين من القضاة البلجيكيين - السيدة فان دي فوردي والسيد دانييل برنار - اللذين طلبا أن يقوم السيد كلاربوتس بزيارة لصاحب الشكوى في خليج غوانتانامو. غير أن الدعوى المدنية رُفضت لتعارضها مع الاختصاص القضائي، وأُغلقت التحقيقات التي يجريها القضاة المعنيون دون الاستماع إلى كبير مفوضي شؤون مكافحة الإرهاب في الشرطة الاتحادية أو إلى ضابط الاتصال الذي زار صاحب الشكوى. وترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب الشكوى أن السلطات البلجيكية أسهمت بسلبيتها في تعرضه للتعذيب لأنها كانت تمارس سيطرة جزئية عليه بحكم الواقع أثناء الزيارة، واعتبرت هذه الادعاءات ظاهرة البطلان. وأُحيلت ادعاءات صاحب الشكوى ضد السيد كلاربوتس ومكتب المدعي العام الاتحادي مرتين إلى المدعي العام الملكي، غير أن المحكمة الابتدائية حكمت في 18 كانون الثاني/يناير 2012 بأن يجري مكتب المدعي العام الاتحادي التحقيقات. وتدحض الدولة الطرف حجة صاحب الشكوى أن تأخر التحقيق لمدة عامين يمكن اعتباره إنكاراً للعدالة. وعقب استئناف صاحب الشكوى، نُقل التحقيق في نهاية المطاف إلى مكتب المدعي العام الاتحادي في 2 تموز/يوليه 2014.

6-14 وتؤكد الدولة الطرف أن كلا القاضيين قدم بيانه الخطي إلى المدعي العام الاتحادي. وفي 6 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، أكدت محكمة الاستئناف أن القاضيين الاتحاديين وضابط الاتصال لم يتورطوا في أفعال التعذيب المزعومة، ومن ثم لا يمكن اعتبارهم مسؤولين جنائياً. وقد باشر التحقيق قاضي تحقيق ، هو عضو في المحكمة الابتدائية، مع الاحترام الواجب للاستقلال والحياد. وأعدت الاستنتاجات المتعلقة بالتحقيقات مؤسستان قضائيتان منفصلتان – هما غرفة المجلس والمجلس المعني بالاتهامات. وشكَّك صاحب الشكوى أيضاً، دون أي دليل، في استقلالية المدعي العام الاتحادي، لأن هذا الأخير لم يجر كما أفيد تحقيقاً فعالاً في الشكوى المقدمة ضد أفراد مكتب المدعي العام الاتحادي. وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاء عدم النزاهة لا يمكن تبريره بوجود علاقة هرمية بين أفراد الادعاء، وتدحض أن التحقيق استند إلى إعلانات خطية من القاضيين الاتحاديين اللذين رفضا ادعاء افتقارهما إلى النزاهة. وعلاوة على ذلك، تعترض الدولة الطرف على ادعاء أن ما أجراه المدعي العام من تحقيقات وما توصل إليه من نتائج ليست وافية وموضوعية. وإنما ترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى ملفقة لأن ادعاءاته المتعلقة بتأخر التحقيقات وعدم اكتمالها لا تدعمها أدلة كافية ( ) ، لأن التحقيقات بدأت في عام 2014 و لأن شهادات المسؤولين وصاحب الشكوى اعتُبرت متساوية في الأهمية .

6-15 وأخيراً، تنفي الدولة الطرف أن الحكومة انتهكت التزاماتها المترتبة على الاتفاقية، باستخدامها القانون البلجيكي كذريعة لعدم إقامة الولاية القضائية على المشتبه فيهم البلجيكيين، وبعدم إجرائها تحقيقاً فورياً ونزيهاً في أفع ال التعذيب وعدم محاكمة المشتبه في تورطهم في هذه الأفعال.

6-16 وفيما يتعلق بالمادة 10 من الاتفاقية، تؤكد الدولة الطرف أن المعلومات المتعلقة بالحظر المطلق للتعذيب قُدمت في سياق التثقيف العام بحقوق الإنسان، وأثناء التدريب على الاستخدام المناسب للقوة من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ( ) . وتشكل الدراية بكشف وحظر التعذيب وسوء المعاملة جزءاً من التدريب الأساسي والتكميلي المقدم للشرطة. ويُقدم التدريب إلى أفراد الشرطة في إطار خطة تدريب سنوية، وتواصل الشرطة جهودها الرامية إلى تعزيز تدريب الموظفين على جميع المستويات، بما في ذلك تدريبهم في مجال حظر التعذيب. وبالإضافة إلى التدريب، يُجرى تقييم مستمر لضباط الشرطة من حيث احترامهم لحقوق الإنسان، ويُعاقبون، عند الاقتضاء، على عدم احترامهم لحقوق الإنسان من خلال إجراءات التقييم القانوني أو الإجراءات التأديبية والعقابية القائمة. ويشكل حظر التعذيب أيضاً جزءاً من أخلاقيات الشرطة. ومن ثم لا يمكن للدولة الطرف أن توافق على استنتاجات صاحب الشكوى المتعلقة بعدم تدريب الموظفين العموميين، نظراً لأن السيد كلاربوتس لم يكشف أن صاحب الشكوى تعرّض للتعذيب.

6-17 وفيما يتعلق بادعاءات انتهاك المادة 14 ، تعترض الدولة الطرف على أنها لم تكفل تقديم التعويض المناسب لصاحب الشكوى، بما في ذلك إعادة تأهيله مما تعرّض له من تعذيب أثناء الاحتجاز، الأمر الذي كان يتطلب إجراء تحقيق فعال في ادعاءات صاحب الشكوى. ويدعي صاحب الشكوى أنه احتُجز في خليج غوانتانامو في الفترة من 15 شباط/فبراير 2002 إلى 25 نيسان/أبريل 2005 دون توجيه أي تهمة إليه ودون إبلاغه بأسباب احتجازه أو بمدته. والدول الأطراف ملزمة بموجب المادة 14 من الاتفاقية بإجراء تحقيق فوري ونزيه في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، وبالاعتراف رسمياً بهذا الواجب، لكي يتسنى لها تقديم اعتذار من السلطات المسؤولة، ومحاكمة أصحاب البلاغات المفترضين ، وتوفير إعادة التأهيل أو التعويض المالي عن الضرر الذي لحق بالضحية. ورغم الإجراءات التي اتخذها صاحب الشكوى ضد طرف مدني أمام قاضي التحقيق في محكمة بروكسل الابتدائية، لم يحصل صاحب الشكوى على أي شكل من أشكال التعويض منذ عودته إلى بلجيكا، وأعلن قاضي التحقيق عدم قبول شكواه على أساس الامتياز القضائي للقضاة المعنيين. كما رفض المدعي العام طلب صاحب الشكوى إجراء تحقيق جنائي في أفعال التعذيب، لأن الدعاوى المدنية ضد القضاة الاتحاديين رُفضت. ويود صاحب الشكوى أن يحصل على تعويض كامل من بلجيكا بسبب تواطؤ الموظفين العموميين البلجيكيين، بمن فيهم السيد كلاربوتس والسيدة فان دي فوردي والسيد برنار. وتدعي الدولة الطرف أن الاتهامات الموجهة إليها بالتواطؤ في التعذيب الذي تعرض له صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو أساءت إليها، بالنظر إلى أنها ليس لديها سيطرة مباشرة أو غير مباشرة على الإقليم الأجنبي. وليس ثمة ما يدعو إلى التشكيك في قرارات عدم المقبولية التي أصدرها قاضي التحقيق، الذي رفض طلب إجراء تحقيق جنائي في ادعاءات التعذيب بعد أن استمع على النحو الواجب للقضاة الاتحاديين الذين أُقيمت ضدهم الدعوى المدنية. ونظراً إلى عدم وجود تواطؤ من قِبل مسؤولي الدولة الطرف في احتجاز صاحب الشكوى، ترى الدولة الطرف أن الشكوى ظاهرة البطلان وغير مقبولة تماماً. وتخلص الدولة الطرف إلى أنه لا يمكن اعتبارها مسؤولة بموجب الاتفاقية، وتكرر أن الشكوى تفتقر أيضاً إلى الأسس الموضوعية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

7-1 في 20 شباط/فبراير 2019 ، كرر صاحب الشكوى أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الصادر في 2 حزيران/يونيه 2016 لا يمنع اللجنة بموجب المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية من النظر في هذا البلاغ.

7-2 ويذكِّر صاحب الشكوى بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت طلبه دون بيان الأسس المحددة للرفض، حيث أشارت إشارةً عامة إلى المادتين 34 و35 من الاتفاقية.

7-3 وعلاوة على ذلك، احتجت الدولة الطرف عن خطأ بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قررت في نهاية الأمر عدم قبول قضية صاحب الشكوى استناداً إلى المادة 35(3)( أ)، لأن قضية صاحب الشكوى لا تندرج ضمن اختصاص الاتفاقية. وليس لحجج الدولة الطرف في إنكار الولاية القضائية على صاحب الشكوى طوال فترة احتجازه في خليج غوانتانامو صلة بالموضوع لأغراض المقبولية. وتبدو حجج الدولة الطرف محاولة متناقضة لتجنب التزامها القانوني المطلق بموجب الاتفاقية بأن تكفل عدم وجود أي ثغرة في حماية حقوق الإنسان بسبب قيود غير ملاءمة ومصطنعة على الولاية القضائية الإقليمية ( ) .

7-4 ولا تقدم الدولة الطرف أي عنصر جديد للاحتجاج بعدم وجود ما يمنع اللجنة بموجب المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية من دراسة البلاغ. وعلاوة على ذلك، لا تطعن الدولة الطرف في الوقائع المادية المقدمة في بادئ الأمر. ويكرر صاحب الشكوى ما ذكره من أن صدور قرار عام بعدم المقبولية من هيئة أخرى معنية بحقوق الإنسان لا يعني أن المسألة نُظرت بأي شكل من الأشكال من حيث الأسس الموضوعية، أي دُرست بالمعنى المقصود في المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية، على النحو الذي تؤكده السوابق القضائية للجنة. وفي قضية ه. أ. ضد السويد ( ) ، استنتجت اللجنة " أن التعليل المقتضب الذي قدمته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ... لا يسمح للجنة بالتحقّق من المدى الذي بلغته المحكمة في نظرها في طلب صاحب الشكوى ، بما في ذلك تحديد ما إذا كانت قد أجرت تحليلاً شاملاً للعناصر المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية ". ويتسق هذا الموقف مع الاجتهاد القضائي الراسخ لهيئات معاهدات أخرى تابعة للأمم المتحدة، بما فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) . وعلاوة على ذلك، لا يتعلق هذا البلاغ "بالمسألة نفسها" لأغراض المقبولية المعروضة على هذه اللجنة ( ) ، لأن مجموعة الانتهاكات التي ادعاها صاحب الشكوى أوسع من الادعاءات المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) . وبما أن تلك المحكمة لم تتوصل إلى أي قرار موضوعي بشأن حالة صاحب الشكوى أو بشأن انتهاكات بلجيكا لالتزاماتها الدولية، ينبغي اعتبار هذا البلاغ مقبولاً.

7-5 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يؤكد صاحب الشكوى أن ادعاءاته تندرج في إطار الولاية القضائية للدولة الطرف لأغراض المادة 2 من الاتفاقية – معارضة حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الولاية القضائية خارج الإقليم لاتزال استثناء في القانون الدولي لحقوق الإنسان ( ) . ورأت اللجنة أن نطاق الإقليم بموجب المادة 2 يجب أن يشمل أيضاً الحالات التي تمارس فيها دولة طرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، بحكم الواقع أو بحكم القانون، السيطرة على الأشخاص المحتجزين، الأمر الذي يعزز المادة 5(1)( ب) التي تشترط أن تتخذ الدولة الطرف التدابير اللازمة لممارسة ولايتها القضائية "متى كان المتهم بارتكاب الجريمة أحد رعايا الدولة" ( ) . ولا يُقصد بـ "إقليم الدولة " امتدادها المادي أو الجغرافي فحسب، بل أيضاً امتدادها خارج الحدود الإقليمية ليشمل الاختصاص الشخصي للدولة على الأشخاص المحتجزين ( ) . ويحتج صاحب الشكوى بأن القرار الصادر في قضية هيكس ضد أستراليا لا ينطبق في هذه القضية، بالنظر إلى الطابع المطلق وغير القابل للتقييد لحظر التعذيب، المقبول كمبدأ قانوني دولي عرفي. وعلاوة على ذلك، فإن التحقيق الذي أجراه في خليج غوانتانامو المحققون البلجيكيون التابعون لوحدة مكافحة الإرهاب الاتحادية، بصفتهم الرسمية، يُعد أنشطة استخبارية تضطلع بها بلجيكا وتترتب عليها مسؤولية كاملة من قِبل الدولة ( ) .

7-6 وفيما يتعلق بحجة السلطات البلجيكية أنه لم تتوافر لها أي سبل لإطلاق سراح صاحب البلاغ قبل الاتفاق المؤرخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ( ) ، ولا أي سلطة مباشرة أو غير مباشرة، بحكم الواقع أو بحكم القانون، للتمكن من نقله من خليج غوانتانامو، يكرر صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 2(1) و (2) من الاتفاقية. فالسلطات البلجيكية كانت على علم بأفعال التعذيب التي ترتكب ضد صاحب الشكوى، الذي هو مواطن بلجيكي، أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو، ولكنها لم تتخذ أي إجراء لمنع أو وقف هذا التعذيب، بطرق منها، على الأقل، طلب إعادته إلى وطنه. والواقع أن السلطات البلجيكية شاركت في الاستجواب غير القانوني لصاحب الشكوى وما اقترن بالاستجواب من تعذيب من قِبل الولايات المتحدة، حيث كان المحققون البلجيكيون يبلغون سلطات الولايات المتحدة فوراً بأي معلومات يحصلون عليها من صاحب الشكوى. وبصفة عامة، لم يكن الغرض من الاستجوابات التي أجراها المحققون البلجيكيون في خليج غوانتانامو، بأي حال من الأحوال، هو الإفراج عن صاحب الشكوى أو نقله أو الاطمئنان على سلامته.

7-7 وعلاوة على ذلك، يدحض صاحب الشكوى ادعاء الدولة الطرف أن السلطات البلجيكية لم يكن لديها سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تعذب صاحب الشكوى، وأشار إلى أن اللجنة حذرت بلجيكا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2001 بالتزامها غير القابل للانتقاص، بوصفها دولة طرفاً في الاتفاقية، في ضوء مختلف ردود فعلها على أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 ( ) . وكما سبق بيانه، كانت السلطات البلجيكية على علم باعتقال صاحب الشكوى على أيدي السلطات الباكستانية وبنقله إلى الاحتجاز لدى الولايات المتحدة. وأُبلغت بلجيكا أيضاً على وجه السرعة بظروف احتجازه غير المشروع في خليج غوانتانامو. وبالإضافة إلى ذلك، كانت بلجيكا على علم بأن الولايات المتحدة تحاول تجنب التز اماتها الدولية عندما نقلت المحتجزين إلى مكان ليس جزءاً من إقليم الولايات المتحدة وأعلنت بطلان معاهدات ومبادئ القانون الإنساني الراسخة منذ أمد طويل.

7-8 وفيما يتعلق بعدم اتخاذ أي إجراء لمنع أو وقف تعذيب صاحب الشكوى، تبين بلجيكا عدداً من الزيارات والاستجوابات والتفاعلات المتواترة مع سلطات الولايات المتحدة من قِبل المسؤولين ال بلجيكيين ، الذي أصروا على أن جميع هذه الأنشطة كانت "لصالح" صاحب الشكوى وبهدف الإفراج عنه أو نقله. وعلى وجه الخصوص، تؤكد الدولة الطرف أن المحقق الاتحادي المعني بمكافحة الإرهاب، السيد كلاربوتس ، تبادل المعلومات التي نتجت عن استجوابه صاحب الشكوى في خليج غوانتانامو مع سلطات الولايات المتحدة وبلجيكا من أجل الحصول على موافقة على نقل أو إعادة صاحب الشكوى إلى وطنه. ومما يستعصي على الفهم أن هذه الجهود الدبلوماسية الكثيرة المزعومة، التي بُذلت على مدى ثلاث سنوات، لم تنجح في تأمين نقل صاحب الشكوى من الاحتجاز في خليج غوانتانامو أو الإفراج عنه. ويبدو أن بلجيكا لم تتخذ أية تدابير مجدية لمنع سلطاتها أو الأشخاص الذين يتصرفون بصفة رسمية من الموافقة على أعمال التعذيب أو سوء المعاملة التي ترتكب في خليج غوانتانامو أو غض الطرف عنها، بل إن بلجيكا شاركت في واقع الأمر في تعذيب صاحب الشكوى عن طريق استجوابه، وهو ما ينتهك المادة 2 من الاتفاقية.

7-9 وقد تواطأت السلطات البلجيكية في التعذيب، أولاً بإيفاد خبراء اتحاديين في مكافحة الإرهاب من دائرة الاستخبارات البلجيكية إلى خليج غوانتانامو للمشاركة في استجواب صاحب الشكوى، ثم بتبادل معلومات غير مثبتة تدين صاحب الشكوى مع سلطات الولايات المتحدة، بدلا ً من المحاولة الجادة لبذل جهود دبلوماسية. و بناءً على دعوة من سلطات الولايات المتحدة، وبإذن من المدعي العام الاتحادي البلجيكي، استجوب ضابط الاتصال بالشرطة الاتحادية البلجيكية والمحقق في مكافحة الإرهاب، المتمركز في واشنطن العاصمة، السيد كلاربوتس، صاحب الشكوى عدة مرات أثناء زياراته الثلاث إلى خليج غوانتانامو في الفترة بين نيسان/أبريل 2002 وشباط/فبراير 2004. واعتُبرت المشاركة المماثلة من قِبل مسؤولين حكوميين آخرين شكلا ً من أشكال التواطؤ في إساءة معاملة وتعذيب المحتجزين في الخارج. وخلص المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، في تقريره المؤقت لعام 2015 ، إلى أن التواطؤ في حد ذاته يمكن أن يتجاوز الحدود الإقليمية، وذلك مثلاً عندما يتواجد الشخص ضحية الانتهاك في إقليم خارج "سيطرة الدولة المتواطئة" ويخضع لسيطرة الدولة الأساسية صاحبة الشأن. وبما أن السيد كلاربوتس تبادل المعلومات الناتجة عن استجوابه لصاحب الشكوى في خليج غوانتانامو مع سلطات الولايات المتحدة وبلجيكا، وتراسل مباشرة مع مكتب المدعي العام الاتحادي البلجيكي، فيكون تأكيد أن السيد كلاربوتس أبلغ المعلومات المذكورة أعلاه لصالح صاحب الشكوى من أجل الإفراج عنه، لا تدعمه أدلة. بل على العكس من ذلك، يتبين من الأدلة الوقائعية للقضية أنه جرى تبادل معلومات سرية وغير مثبتة وضارة بصاحب الشكوى.

7-10 ويكرر صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادتين 6(1) و (2) و 7(1) ، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادتين 12 و 13 من الاتفاقية، وذلك بعدم إجرائها تحقيقاً مع الموظفين العموميين المتورطين في أعمال التعذيب المرتكبة ضد صاحب الشكوى أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو، وعدم مقاضاتهم، رغم أن الموظفين العموميين البلجيكية المسؤولين عن هذه الأفعال كانوا متواجدين ولا يزالون متواجدين في الإقليم البلجيكي. وانتهكت الدولة الطرف أيضاً المادتين 12 و 13 من الاتفاقية بعدم إجراء السلطات البلجيكية المختصة تحقيقاً فورياً ونزيهاً في أفعال التعذيب، رغم وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بارتكاب التعذيب ضد شخص يخضع لولاية الدولة الطرف، وبعدم إجراء السلطات المختصة للدولة الطرف دراسة فورية ونزيهة لقضية صاحب الشكوى، رغم طلباته المتكررة.

7-11 ويوضح صاحب الشكوى أنه لم يستطع أن يقيم دعوى مدنية إلا في عام 2011 ، بعد أن تلقى تقريراً طبياً نفسياً في 18 حزيران/يونيه 2010 بشأن عواقب المعاملة التي تعرّض لها. ولم تتخذ الدولة الطرف التدابير اللازمة للتحقيق مع المشتبه فيهم ومقاضاتهم لدورهم في أعمال التعذيب التي ارتكبت ضد صاحب الشكوى، ولم تجر القاضية الاتحادية، السيدة فان دي فوردي، ولا المدعي العام الاتحادي، السيد برنار، ولا القاضي فرانسن، قاضي التحقيق، أي تحقيق حقيقي في ادعاءات صاحب الشكوى أنه تعرّض للتعذيب على أيدي سلطات الولايات المتحدة أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو. وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحب الشكوى أن سعيه إلى العدالة في بلجيكا (أ) أُحبط بسبب الإجراءات غير الضرورية والمعقدة والعوائق القضائية وعدم تحمل المسؤولية القضائية؛ (ب) لم يُعالج بطريقة مستقلة، لأن الشكوى المقدمة ضد اثنين من أعضاء مكتب المدعي العام الاتحادي أُحيلت أولاً إلى نفس مكتب المدعي العام الاتحادي، ثم إلى المدعي العام الذي كان قد نُقل مؤخراً من نفس مكتب المدعي العام الاتحادي؛ (ج) لم يُجر بطريقة شاملة، بالنظر مثلاً إلى عدم خضوع أيٍ من الأشخاص المعنيين للاستجواب أو التحقيق؛ (د) لم يُكلل بالنجاح لأن المدعي العام قرر رفض الدعوى استناداً فقط إلى الملاحظات الخطية لقاضيين اتحاديين قُدمت الشكوى ضدهما، دون الاستماع إلى الشخصين المشتبه فيهما أو إلى صاحب الشكوى. ولم تفتح تحقيقات رسمية إلا في أيلول/سبتمبر 2014 - أي بعد أكثر من 12 عاماً من بدء احتجاز صاحب الشكوى وبعد تسعة أعوام من إعادة صاحب الشكوى إلى بلجيكا. ولم تتحرك السلطات البلجيكية إلا بعد أن أُقيمت دعوى مدنية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.

7-12 ويضيف صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 10 من الاتفاقية، بعدم تقديمها التثقيف والتدريب والتوعية في مجال الحظر المطلق للتعذيب إلى موظفيها المكلفين بإنفاذ القوانين، وإلى موظفيها العموميين، وإلى الأشخاص الآخرين المعنيين باحتجاز أو استجواب أو معاملة أي فرد معرّض لأي شكل من أشكال الاعتقال أو الاحتجاز أو السجن - وخاصةً فيما يتعلق باحتجاز صاحب الشكوى واستجوابه ومعاملته اللاإنسانية في خليج غوانتانامو. وانتهكت الدولة الطرف أيضاً التزاماتها بموجب المادة 14 من الاتفاقية لأنها لم تكفل حصول صاحب الشكوى على الانتصاف، بما في ذلك إعادة التأهيل، مما تعرض له من تعذيب أثناء احتجازه في خليج غوانتانامو ، ولا سيما بعدم إجراء السلطات البلجيكية تحقيقاً سليماً وجدياً في ادعاءات صاحب الشكوى تعرضه للتعذيب ( ) .

7-13 وفي الختام، يؤكد صاحب الشكوى أن بلجيكا لم تعترف به على الإطلاق ضحية للتعذيب ، وهي دولة من واجبها حمايته، بل عُومل كعدو. وقد بدأ ذلك في خليج غوانتانامو، حيث كان يُصنف ويُعامل بشكل جائر على أنه "مقاتل عدو غير قانوني"، ولا يزال يُعامل كعدو حتى هذا اليوم في بلجيكا، حيث يوصم بأنه "محتجز سابق في خليخ غوانتانامو" . والرغبة الوحيدة لصاحب الشكوى هي أن يلم شعث حياته وأن يعيش حياة عادية مع أسرته. وهو يطلب أن توفر له الدولة الطرف الجبر الكامل - بوصفه ضحية لتعذيب موثق جيداً – تتحمل بلجيكا مسؤولية كبيرة عنه.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

8-1 في 5 نيسان/أبريل 2019 ، أفادت الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى أقام في 31 كانون الأول/ديسمبر 2018 دعوى ضد بلجيكا أمام محكمة بروكسل الابتدائية للمطالبة بالمسؤولية المدنية غير التعاقدية والحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت به بسبب التصرفات غير القانونية للدولة الطرف، وهي: التعاون النشط مع سلطات الولايات المتحدة، وعدم تقديم أي مساعدة فعالة له أثناء احتجازه التعسفي ومعاملته اللاإنسانية في خليج غوانتانامو، وهو ما ينتهك المادتين 3 و 5 من الاتفاقية. وادعى صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تجر فوراً تحقيقاً جنائياً، في الفترة من عام 2011 إلى عام 2016 ، لتحديد الموظفين التابعين للدولة الطرف المسؤولين عن انتهاك المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان مقروءة بالاقتران مع المادة 13 منها.

8-2 وطلب صاحب الشكوى تعويضاً مؤقتاً قدره 000 200 يورو، بالإضافة إلى الفوائد وتكاليف الإجراءات. وفي جلسة الاستماع التمهيدية، المعقودة في 11 كانون الثاني/يناير 2019، وُضع جدول زمني لتبادل الآراء بين الأطراف، وتحدد عقد جلسة عامة في 5 حزيران/يونيه 2020. وأكدت الدولة الطرف أن صاحب الشكوى قدَّم إلى محكمة بروكسل الابتدائية نفس الادعاءات، ومن ثم ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة.

تعليقات إضافية مقدَّمة من صاحب الشكوى

9-1 في 15 أيار/مايو 2019 ، قدم صاحب الشكوى تعليقات إضافية رداً على ملاحظات حكومة بلجيكا بشأن المقبولية، المقدمة في 5 نيسان/أبريل 2019.

9-2 ويرى صاحب الشكوى أن حجة الدولة الطرف بعدم المقبولية بسبب الإجراءات المتوازية الجارية لتحديد المسؤولية المدنية غير التعاقدية عن الأضرار في بلجيكا ، حجة خاطئة. وترى الدولة الطرف أن الدعوى المدنية المقامة في 31 كانون الأول/ديسمبر 2018 سقطت بالتقادم، حيث ادعت الدولة الطرف أن مهلة الخمس سنوات المحددة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار قد انقضت. ويرى صاحب الشكوى أن الدولة الطرف تهدف إلى إغلاق الإجراءين بحجة عدم المقبولية ، بدلا ً من الاعتراف بتعرض صاحب الشكوى للتعذيب أثناء احتجازه غير المشروع في خليج غوانتانامو.

9-3 ويجب أن تُرفض بحزم محاولة الدولة الطرف رفض الدعوى، لأن الدعوى لا تدعمها أحكام الاتفاقية. ووفقاً للمادة 22(5)(أ) من الاتفاقية ، يتعين على اللجنة ألا تنظر في أي بلاغ إلا إذا تأكدت من أن "المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية". وهذا يعني أن الإجراءات المتعلقة بالمسألة نفسها بموجب معاهدات حقوق الإنسان الدولية أو الإقليمية هي وحدها التي تصلح لمنع النظر في البلاغ ( ) ، في حين أن الدعوى المدنية المحلية التي قدمها صاحب الشكوى لا يشملها هذا الحكم.

9-4 وتشترط المادة 22(5)( ب) أن يستنفد الشخص جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، إلا إذا كان طلب سبل الانتصاف قد طال أمده بصورة غير معقولة أو كان من غير المرجح أن يفضي إلى انتصاف فعال للضحية. وقدم صاحب الشكوى تفاصيل عن تلك المسائل في تعليقاته المؤرخة 11 أيلول/سبتمبر 2017 ، واعترفت الدولة الطرف، في ردّها المؤرخ 6 آب/ أغسطس 2018، باستنفاد صاحب الشكوى لجميع سبل الانتصاف المحلية ( انظر الصفحة 6 أعلاه). وبالإضافة إلى ذلك، خلصت اللجنة إلى أنه إذا كانت الدولة المعنية لا تطرح أي اعتراضات على هذه النقطة، فتفترض اللجنة أن جميع سبل الانتصاف المتاحة قد استُنفدت ( ) .

9-5 وعلاوة على ذلك، ذكرت اللجنة أنه عندما تُتاح سبل انتصاف متعددة، يكفي أن يُستنفد أحد هذه السبل دون جدوى. ولا يتعين على الضحية أن يسلك طرقاً متعددة لالتماس الانتصاف، كاتخاذ الإجراءات الجنائية والمدنية، التي ستؤدي بالضرورة إلى نفس النتيجة، لكي يقدم التماساً إلى اللجنة. ولذلك فإن الشكوى الجنائية التي قدمها صاحب الشكوى كافية ومناسبة للوفاء بالمتطلبات الاجرائية لتقديم شكوى إلى اللجنة، التي لا تشترط استنفاد الإجراءات المدنية كذلك.

9-6 وتشترط المادة 22(5)( ب) من الاتفاقية أن يستنفد أصحاب الشكاوى سبل الانتصاف الفعالة، حيث ذكرت اللجنة أنه يقع في نطاق اختصاصها تقييم ما إذا كانت سبل الانتصاف المحلية هي سبل ملائمة "للبت في ادعاءات صاحب البلاغ" ( ) . ويحتج صاحب الشكوى بأن الإجراءات المالية المدنية التي اتُخذت ضد بلجيكا لم تكن كافية للغرض الذي كان يتوخاه صاحب الشكوى في ذلك الوقت، أي مثول المسؤولين عن سوء معاملته أمام العدالة. وعلاوة على ذلك، يجب استنفاد "سبل الانتصاف الفعالة" فقط. وتطالب السوابق القضائية المتعلقة بالتعذيب بعرض المسألة على السلطات العامة لكي يتسنى التحقيق فيها ولكي يمكن للمدعي العام للدولة أن يوجه تهماً، وهو تماماً ما كانت تستهدفه الدعوى الجنائية التي أقامها صاحب الشكوى؛ وفيما يتصل بهذه التهم الخطيرة، لا يتعين على صاحب الشكوى إقامة دعوى للمطالبة بالتعويض عن الأضرار، لأن التعويضات وحدها ليست كافية لتشكيل سبيل انتصاف فعال ( ) .

9-7 و عندما تنطوي القضية على أفعال تعذيب ، قد تحكم اللجنة بقبول البلاغ – حتى وإن لم يستنفد صاحب الشكوى سبل الانتصاف المحلية - إذا أ ُ بلغت محاكم الدولة الطرف وكانت على علم بأن الشخص تعرّض للتعذيب. ووفقاً للمادة 12 من الاتفاقية، يقع على الدول الأطراف التزام ببدء المحاكمات بحكم الاختصاص إن وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بارتكاب عمل من أعمال التعذيب، حتى وإن لم يوجِّه الضحية اتهامات أو يتخذ إجراءات ( ) .

9-8 وفي الختام، فإن الدعاوى المدنية التي أقامها الآن صاحب الشكوى ليست إجراءً من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بموجب المادة 22(5)( أ)، ولا سبيل انتصاف يجب استنفاده بموجب المادة 22(5)( ب) من الاتفاقية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

10-2 وتذكّر اللجنة بأنه يتعين عليها، وفقاً للمادة 22(5)( أ) من الاتفاقية، ألا تنظر في أي بلاغ يقدمه فرد ما إلا إذا تأكدت من أن المسألة لم تُنظر ولا يجري نظرها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

10-3 وترى اللجنة أن أي بلاغ يُعتبر جرى بحثه، أو يجري بحثه، بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية إذا كان هذا البحث يتعلق أو تعلق بالمسألة ذاتها بالمعنى المشمول بالمادة 22(5)( أ). ويجب أن يُفهم من المسألة نفسها أنها تتعلق بالأطراف ذاتها والوقائع ذاتها والحقوق الموضوعية ذاتها ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى قدم في 4 نيسان/أبريل 2016 دعوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد بلجيكا، يتهمها بانتهاك المادتين 3 و13 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، (سُجل الطلب بالرقم 20232/16)، وأعلنت المحكمة عدم قبول الدعوى في 2 حزيران/يونيه 2016 بقرار من قاضٍ واحد (انظر الفقرتين 2-17 و4-3 أعلاه). وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن المسألة نفسها سبق النظر فيها لأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان سبق لها أن اعتبرت القضية غير مقبولة لأسباب تتصل بالأسس الموضوعية للقضية لا لأسباب إجرائية (انظر الفقرات من 4-1 إلى 4-4 أعلاه). واحتجت الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تخلص عموماً إلى عدم المقبولية إذا كانت الدولة المدعى عليها لا تمارس الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية، وأكدت الدولة الطرف في الوقت نفسه أن الأسس الإجرائية الرسمية لقبول الدعوى قد استوفيت (انظر الفقرة 6-5 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة صاحب الشكوى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت بعدم قبول طلب صاحب الشكوى لعدم استيفاء معايير المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، دون أن تقدم المحكمة أي توضيح للأسباب المحددة التي أدت إلى هذا الاستنتاج. ورأى صاحب الشكوى أن هذا "الرفض الشامل" لا يمكن اعتباره نظراً في القضية في سياق المادة 22(5)( أ)، وأن من المستحيل تحديد ما إذا كانت القضية اعتُبرت غير مقبولة من قِبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لأسباب إجرائية فقط أو أيضاً لأسباب موضوعية (انظر الفقرات من 5-1 إلى 5-5، ومن 7-2 إلى 7-4 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أن دعوى صاحب الشكوى المقدمة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تشير فيما يبدو، باستثناء الادعاءات المقدمة بموجب المادة 10 من الاتفاقية، إلى الوقائع نفسها المتعلقة بالتعذيب وعدم إجراء تحقيق، وهي وقائع مماثلة للوقائع المثارة في هذا البلاغ (انظر الفقرتين 2-17 و5-5 أعلاه). وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى أنها مقيدة بادعاءات صاحب الشكوى المتعلقة بالوقائع والأدلة، مع احتفاظها بسلطة تقديرية في تقييم المطالبات القانونية النابعة من الشكوى.

10-4 وبينما تشير اللجنة إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تدرج في قرارها تعليلاً مفصلاً لاستنتاجها عدم المقبولية، تلاحظ اللجنة أن الطلب رقم 20232/16 قدمه نفس صاحب الشكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، واستند إلى نفس الوقائع، ويتعلق أساساً بنفس الحقوق الموضوعية التي استشهد بها في هذا البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن المسألة نفسها سبق النظر فيها في إطار إجراء دولي آخر بالمعنى المقصود في المادة 22(5)( أ)، وأُعلن عدم قبولها لعدم كفاية الأدلة. وبناءً على ذلك، تعتبر اللجنة أن شروط المادة 22(5)( أ) من الاتفاقية لم تُستوف في هذه القضية ومن ثم فإن الشكوى غير مقبولة.

10-5 وفي ضوء هذا الاستنتاج المشار إليه أعلاه، لا ترى اللجنة ضرورة النظر بشكل مستقل في حجج الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول أيضاً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، أو لأن ادعاءات صاحب الشكوى ظاهرة البطلان.

10-6 وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب أحكام المادة 22 ( 5 ) ( أ) من الاتفاقية؛

(ب) أن يُبلغ صاحب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

المرفق

[الأصل: بالفرنسية]

رأي فردي (مخالف) من عبد الوهاب هاني

1- إنني لا أتفق مع قرار عدم قبول هذه الشكوى الذي يحيد عن السوابق القضائية للجنة وي هدد انسجام قراراته ا .

2- و وفقا ً ل لمادة 22 ( 5 ) ( أ) من الاتفاقية، لا تنظر اللجنة في أي بلاغ ما لم تتأكد من أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

3- لقد استندت اللجنة في اجتهادها إلى مبدأ أن أي بلاغ يُعتبر جرى بحثه، أو يجري بحثه، بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية إذا كان هذا البحث يتعلق أو تعلق بالمسألة ذاتها بالمعنى المشمول بالمادة 22(5)(أ) من الاتفاقية . ويُقصد "بالمسألة نفسها" أن تكون المسألة م تعلق ة بنفس الأطراف ونفس الوقائع ونفس الحقوق ( ) .

4- وفي 2 حزيران/يونيه 2016، أي بعد أقل من شهرين من تقديم صاحب الشكوى طلبه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، قررت المحكمة، المنعقدة بقاضٍ واحد، عدم قبول الطلب، على أساس أن شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاق ية الأوروبية لحقوق الإنسان لم تُستوف ، دون أن توضح المحكمة تحليلها والأسباب المحددة التي أدت إلى هذا الاستنتاج.

5- ولذلك، لا يمكن للجنة أن تعرف إلى أي مدى نظرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في طلب صاحب الشكوى، ولا سيما ما إذا كانت قد أجرت تحليلاً متعمقاً للعناصر المتعلقة بالأسس الموضوعية للقضية، وهو أمر أساسي لتحديد ما إذا كانت "المسألة" نُظرت أم لا ( ) .

6- وإن المبرر ال واضح ل قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هو الذي كان يمكن أن يسمح للجنة بالبت فيما إذا كان الطلب نُظر بالفعل ، وليس "ا شتباه النظر" القائم على إشارة غامضة ومجردة إلى محتويات المادتين 34 و35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

7- وب استناد اللجنة في قرارها إلى " اشتباه النظر" من قِبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، تحيد اللجنة ع ن سوابقها القضائية وتهدد انسجام قراراته ا .

8- وإن ال اتفاقية واضح ة تماما ً في التمييز بين مرحل ة النظر في مقبولية البلاغ و مرحلة النظر في أسسه الموضوعية. وت حدد الفقرة 1 من المادة 22 " اختصاص اللجنة في تلقي البلاغات والنظر فيها " ، في حين أن الفقرة 5 (أ) من نفس المادة تنص على أن " المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها ". و لا ينطبق مبدأ سبق النظر في الدعوى على اللجنة إلا عندما تكون المسألة نفسها قد نُظرت أو قيد النظر من حيث الجوهر على النحو الواجب.

9- ومن ناحية أخرى ، فإن أحكام الاتفاقية تغطي طائفة أوسع من الحقوق المستقلة والالتزامات المحددة ، التي أثارها صاحب الشكوى، مثل المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

10- وفي ظل هذه الظروف، كان ينبغي للجنة أن تعلن قبول البلاغ وأن تشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

11- وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية، سيقتصر النقاش، لغرض التقيد ب الحد الأقصى لعدد الكلمات، على الامتثال ل لمادتين 2 و14 من الاتفاقية.

12- ولتقييم الامتثال للمادة 2 من الاتفاقية، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الدولة الطرف قد مارست ، بشكل مباشر أو غير مباشر، بحكم الواقع أو بحكم القانون ، السيطرة على صاحب الشكوى والمواطنين الآخرين المحتجزين في غوانتانامو (في إقليم آخر) ( ) ، وما إذا كان ممثلو الدولة الطرف ( ) ال ذين أذن وا باستجواب صاحب الشكوى في غوانتانامو وشارك وا فيه ي مارس ون سيطر ة كافية عليه ( ) ، عن طريق تطبيق الولاية القضائية الشخصية للدولة الطرف على رعاياها الذين تحتجزهم سلطة أجنبية .

13- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها الشواغل التي أعرب ت عنها، منذ عام 2002 ، بشأن الوضع القانوني ل لمحتجزين في خليج غوانتانامو ومعاملتهم، تؤكد اللجنة مجدداً أن ه إذا كانت سلطات الدولة الطرف، أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية أو تحت مظلة القانون، على علم أو لديهم أسباب معقولة تدعو إلى ا لاعتقاد بارتكاب أفعال التعذيب أو إساءة المعاملة دون بذل العناية الواجبة لمنع هذه الأعمال أو لل تحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها بغرض معاقبتهم وفقا ً للاتفاقية، يجب اعتبار الدولة الطرف مسؤولة واعتبار موظف ي ها مرتكبين لهذه الأفعال أو متواطئين فيها أو مسؤولين بطريقة أخرى بموجب الاتفاقية عن موافقتهم ، صراحة أو ضمناً ، على ارتكاب الأفعال المحظورة.

14- وفي ظروف هذه القضية، لم تبذل الدولة الطرف العناية الواجبة لمنع تعرّض صاحب الشكوى للتعذيب على يد السلطات الأمريكية مع إفلات مرتكبيه من العقاب، الأمر الذي يمكن أن يعتبر إذناً فعلياً بارتكاب التعذيب يصل إلى درجة ال تواطؤ.

15- و ينبغي أن تُعد ا لدولة الطرف مسؤولة جزئيا ً عن عدم اتخاذ تدابير فعالة لمنع تعرّض صاحب الشكوى للتعذيب، وهو ما يخالف ا لفقرتين 1 و2 من المادة 2 من الاتفاقية.

16- وأخيرا ً ، لم تخرج السلطات البلجيكية من حالة التقاعس إلا بعد تقديم دعوى مدنية في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، ولم تقدم أي تعويض لصاحب الشكوى ، الذي لم يكن لديه أي سبيل انتصاف فعال، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية ( ) .