الأمم المتحدة

CAT/OP/27/1

Distr.: General

18 January 2016

Arabic

Original: Spanish

البروتوكول الاختياري ل اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

18 January 2016

English

Original: Spanish

اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

منع تعذيب وإساءة معاملة النساء المسلوبة حريتهن *

أولا ً- مقدم ة

١- ت صدر هذه الوثيقة وفقاً لولاية اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب المنصوص عليها في المادة 11 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

٢- وراكمت اللجنة الفرعية تجربة عدة سنوات فيما يتعلق بزيارة أماكن سلب الحرية في الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري المنتمية إلى مناطق مختلفة من العالم. وإنها لقيمة مضافة بالنسبة لهيئة منشأة بموجب معاهدة من معاهدات حقوق الإنسان أن تستطيع إجراء بعثات ميدانية وتجمع من مصادر مباشرة معلومات عن وضع الأشخاص المسلوبة حريتهم، عن طريق الملاحظة وإجراء استجوابات فردية وجماعية وعقد اجتماعات عمل مع السلطات ومنظمات المجتمع المدني، والقيام، بناء على تحليلها لهذه المعلومات، بإعداد تقرير زيارة يتضمن توصيات محدّدة وذات سياق بشأن منع التعذيب وإساءة المعاملة في البلدان التي زارتها.

3- وفي إطار هذا العمل، وقفت اللجنة الفرعية على أوضاع محددة تتعلق بأشخاص مسلوبة حريتهم ينتمون إلى مجموعات عانت تاريخياً من التمييز، من بينها النساء.

4- وينبغي الإقرار بأن الجانب الجنساني للتعذيب لم يناقش مناقشة كافية على الرغم من أن مسألة التعذيب تثير قلقاً كبيراً في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان والعمل الذي تضطلع به الهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان. وهكذا، فإن مخاطر التعذيب أو إساءة المعاملة التي تواجهها النساء المسلوبة حريتهن تحديداً لم تحظ حتى اليوم سوى باهتمام محدود ( ) .

5- وتعلم اللجنة الفرعية أن أفعال التعذيب وإساءة المعاملة التي تتعرض لها النساء تقع في ظروف مختلفة ولا تنحصر في السجون أو غيرها من أماكن سلب الحرية.

6- وتشمل الأسباب العامة للتعذيب وإساءة المعاملة تسامح المجتمع مع العنف وقبوله له كوسيلة "لتسوية" النزاعات، ونشوء هيكل هرمي لعلاقات القوة تتعرض في إطاره فئات معينة من الناس ، مثل النساء، للتحقير والاستخفاف والإهمال والشيطنة والتجريد من الإنسانية . أما الأسباب غير المباشرة فتشمل إنكار الدولة لوجود ممارسة التعذيب وفي إفلات المذنبين من العقاب ( ) .

7- ولاحظت لجنة مناهضة التعذيب ما يلي:

" ونظراً إلى أن عدم ممارسة الدولة الحيطة الواجبة للتدخل بهدف وقف أعمال التعذيب ومعاقبة مرتكبيها وتوفير سبل الانتصاف لضحاياها يسهِّل على الجهات غير التابعة للدولة ويمكنها من ارتكاب أفعال غير مسموح بها بموجب الاتفاقية و الإفلات من العقاب، فإن لا مبالاة الدولة أو تقاعسها يمثل شكلاً من أشكال التشجيع على ارتكاب هذه الأفعال و/أو الإذن الفعلي بارتكابها. و قد طبَّقت اللجنة هذا المبدأ على الدول الأطراف التي تعجز عن منع العنف القائم على نوع الجنس، كالاغتصاب، والعنف المنزلي وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث والاتجار بالأشخاص، وعن توفير الحماية لضحايا هذا العنف ( ) ".

8- وتود اللجنة الفرعية التوضيح أن هذه الوثيقة تركز تحديدا على وضع النساء المسلوبة حريتهن.

9- وتمثل النساء المسلوبة حريتهن أقلية ضمن نزلاء السجون في العالم، إذ تتراوح نسبتهن بين 2 و9 في المائة من مجموع السجناء في معظم البلدان ( ) . وفي سياق سلب الحرية، صُنّفت حقوق النساء في أحسن الأحوال ضمن الحقوق المعترف بها لفرد يفترض أنه محايد وهو في الواقع قائم على نموذج ذكوري أو أُهملت بكل بساطة أو حُجبت؛ وبعبارة أخرى، اتّبع نهج يركز على الذكور في التعامل مع هذه الحقوق. وعلى سبيل المثال، خلُصت اللجنة الفرعية إلى عدم اعتماد أي نهج منظّم من جانب الدول لمعاجلة الجريمة الأنثوية التي ترتبط على نحو وثيق بتلبية الاحتياجات الأساسية لأسر النساء المعوزات ربّات الأسر، وعدم إيلاء أي اعتبار للحالات التي ترتبط بالنساء تحديدا، مثل تورّطهن في نسبة مرتفعة من جرائم التجارة في المخدرات على نطاق صغير، ووصولهن المحدود إلى العدالة، وعجزهن عن جمع مبلغ الكفالة، وتفاقم الوصم الذي يتعرضن له عندما يتجاوزن نطاق الأدوار المنوطة بهن على أساس نوع الجنس.

10- ولم تعتمد الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا في كانون الأول/ديسمبر 2010 قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك) ( ) ، التي تتناول الاحتياجات الخاصة والمهملة منذ فترة طويلة للنساء المعتقلات.

11- وفي هذا السياق، تعتزم اللجنة الفرعية الاضطلاع بمهمة تحليل الكيفية التي عولجت بها بالتحديد مخاطر التعذيب وإساءة المعاملة التي تواجهها النساء المسلوبة حريتهن خلال زياراتها، والطريقة التي يمكن أن تتبعها لإدراج نهج يراعي نوع الجنس في جهودها الرامية إلى منع التعذيب.

ثانيا ً - الالتزام بمنع التعذيب وإساءة المعاملة

12 - تنص الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية على أن تتخذ ك ل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية أو أية إجراءات أخرى فعالة لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي .

13 - وهكذا، فإن كل الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري والاتفاقية ملتزمة بمنع التعذيب وغيره من إساءة المعاملة، سواء ارتكبهما مسؤولون حكوميون أو أفراد من الخواص . وتشدّد اللجنة على أن الدول الأطراف تتحمل مسؤولية منع أعمال التعذيب وإساءة المعاملة في جميع سياقات سلب الحرية أو تقييدها، بما في ذلك مثلاً في السجون والمستشفيات والمدارس والمؤسسات التي تعمل في مجال رعاية الأطفال أو المسنين أو المصابين بأمراض عقلية أو الأشخاص ذوي الإعاقة، وفي الخدمة العسكرية وفي المؤسسات الأخرى، فضلا ً عن السياقات التي يفضي فيها عدم تدخل الدولة إلى تشجيع وتعزيز خطر الضرر الناجم عن جهات خاصة ( ) .

14 - وترى اللجنة الفرعية أن الالتزام بمنع التعذيب وإساءة المعاملة ينبغي أن يشمل " أكبر قدر ممكن من الأمور التي من شأنها أن تسهم في حالة معينة في تقليل احتمال أو خطر وقوع التعذيب أو سوء المعاملة. ولا يستلزم هذا النهج فحسب أن يحصل الوفاء بالالتزامات والمعايير الدولية بل كذلك أن تولى العناية لكل العوامل الأخرى ذات الصلة بتجربة ومعاملة المحرومين من حريتهم التي ستك ون بحكم طبيعتها محددة السياق ( ) ".

15- وتقر اللجنة بأن بعض الأقليات أو الأفراد أو السكان المهمشين يتعرضون على نحو خاص لخطر التعذيب وبأن حمايتهم تشكل من ثم جزءا من الالتزام بمنع التعذيب أو إساءة المعاملة ( ) . وعلاوة على ذلك، تقر اللجنة الفرعية بأنه على الرغم من أن كل الأشخاص المحتجزين يعانون من الضعف فإن بعضهم يعاني من حالة ضعف خاص، مثل النساء والشباب وأفراد الأقليات والرعايا الأجانب والأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص الذين يعتمدون اعتماداً شديداً على المساعدة الطبية أو النفسية أو يعانون من مشاكل صحية أو نفسية خطيرة ( ) .

16 - ولاحظت اللجنة أن تقارير الدول الأطراف غالبا ً ما تفتقر إلى ما يكفي من المعلومات الدقيقة بشأن تنفيذ الاتفاقية فيما يتعلق بالنساء. وأكّدت اللجنة أن نوع الجنس يشكل عاملاً رئيسياً يتقاطع مع عناصر أخرى مثل العرق والجنسية والدين والميل الجنسي والسن ومركز المهاجر لتحديد الطرق التي قد تخضع النساء والفتيات أو يتعرضن بها للتعذيب أو إساءة المعاملة. وتشمل هذه العناصر سلب الحرية ( ) . وترى اللجنة الفرعية أنه يجب أيضا ً مراعاة عوامل أخرى مثل الهوية الجنسانية.

ثالثا ً - العلاقة بين التعذيب والتمييز ضد النساء

17 - تؤكد اللجنة أن مبدأ عدم التمييز مبدأ عام أساسي في مجال حماية حقوق الإنسان وهو ضروري لتفسير الاتفاقية وتطبيقها. وتحظر الاتفاقية أعمالاً محدَّدة عندما ترتكب "لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه". وتشدد اللجنة على أن استخدام العنف أو الإيذاء النفسي أو البدني على نحو تمييزي يشكل عاملا مهما في تحديد ما إذا كان الفعل يشكّل تعذيبا ً ( ) .

18- وتنص المادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على أن مصطلح "التمييز ضد المرأة" يعني أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الم يادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط ال تمتع بهذه الحقوق أ و ممارست ها لها، ب صرف النظر عن حال تها الزوجية ، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

19- وتؤكد اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة أ نه على الرغم من أن الاتفاقية لا تشير سوى إلى التمييز ضد المرأة على أساس الجنس، فإنه يوجد تفسير شامل للاتفاقية يشير إلى أنها تغطي كذلك التمييز ضد المرأة على أساس نوع الجنس. وفي حين أن مصطلح "جنس" يشير إلى الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة، يشير مصطلح "جنساني" إلى ال هوي ات و ال سمات و ال أدوار المجتمعية ل لمرأة والرجل، و إلى ال تفسير الاجتماعي والثقافي الذي يعطيه المجتمع لتلك الف رو ق البيولوجية ، مما يسفر عن نشأة علاقات هرمية بين المرأة والرجل و عن توزيع ا لسلطة والحقوق على نحو يحابي الرجل على حساب المرأة. ووضع المرأة والرجل داخل المجتمع يتوقف على عوامل سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية ودينية وإيديولوجية وبيئية ، ويمكن أن يغيره المجتمع أو الجماعة المحلية أو الثقافة ( ) .

20- وشددت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة على أن العنف القائم على نوع الجنس، الذي يوهن أو يحبط تمتع النساء بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، يشكل تمييزا ً بالمعنى الوارد في الاتفاقية. وتشمل هذه الحقوق والحريات الحق في عدم الخضوع للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويشمل العنف القائم على نوع الجنس - أي العنف الذي يستهدف المرأة لأنها امرأة أو يمسّ النساء بصورة مفرطة - ارتكاب أفعال تتسبب في أضرار أو معاناة جسدية أو ذهنية أو جنسية، والتهديد بارتكاب هذه الأفعال، والإكراه وغيره من أشكال سلب الحرية ( ) .

21- وفي هذا السياق، ترى اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب أن مبدأ المساواة وعدم التمييز يشمل حظر المعاملة المختلفة عندما تكون هذه المعاملة تعسفية وتتسبب في الغبن لامرأة أو لمجموعة من النساء إلى حد يوهن أو يحبط ممارسة حقوق الإنسان، وكذا الإقرار بالاختلاف عندما يكون هذا الإقرار سبيلا ً معقولا ً وضروريا ً ومتناسبا ً لبلوغ التمتع الفعال بحقوق الإنسان.

رابعاً- حالة النساء المسلوبة حريتهن

22- أجرت اللجنة الفرعية أكثر من 20 زيارة عادية إلى الدول الأطراف زارت خلالها مختلف أماكن سلب الحرية، بما فيها السجون ومخافر الشرطة ومراكز المجرمين الأحداث ومراكز الإيواء ومستشفيات الأمراض العقلية.

23 - ولاحظت اللجنة الفرعية في عدة مناسبات حالات عديدة تعرضت فيها النساء المسلوبة حريتهن لسوء المعاملة بل حتى للتعذيب.

ألف - العنف

24- تلقّت اللجنة الفرعية في العديد من البلدان التي زارتها شكاوى من النساء المسلوبة حريتهن، بمن فيهن النساء الحوامل، تفيد بأنهن تعرضن لسوء المعاملة والتعذيب الجسدي، ولا سيما عند توقيفهن واستجوابهن.

25- وغالبا ً ما تتعلق هذه الادّعاءات بأشكال مختلفة من العنف الجسدي من جانب موظفين في الشرطة أو ذكور من موظفي السجون، ويشمل ذلك الابتزاز الجنسي والاعتداء الجنسي وحتى الاغتصاب. ووقفت اللجنة الفرعية على حالات تشجع فيها النساء المحتجزات على البغاء، وحالات مورس فيها العنف الجنسي فيما بين المريضات واستخدمت القوة بصورة غير مناسبة من جانب موظفي مستشفى الأمراض العقلية، وحالات استطاع فيها أشخاص غرباء الدخول إلى المستشفى والاعتداء على المريضات بسبب انعدام الحراسة في محيط المستشفى.

2 6- والتدابير التي يُفترض أنها تُتّخذ بنية حماية النساء اللواتي يتعرضن لأعمال العنف ويبلغن عنها وهن مسلوبات الحرية قد تسفر عن انتهاكات أخرى لحقوقهن، كما هو الحال عندما تودع النساء في الحبس الانفرادي في إطار "تدابير الحماية".

27- وفي بعض الدول الأطراف، يُطلب إلى السجينات عند تفتيشهن أن ينزعن ملابسهن أمام الملأ ويجلسن القرفصاء للخضوع لعمليات تفتيش جسدية وليجة، بما في ذلك سبر اقتحامي للمهبل والشرج. ومثل هذه الممارسات المهينة تطال أيضا ً النساء اللواتي يزرن مرافق الاحتجاز، ويفتشن في بعض الأحيان من قبل حراس ذكور. وترى محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، بالاستناد إلى المعيار الفقهي والقانوني السائد في القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي المقارن، أن الاغتصاب لا يعني بالضرورة، كما كان يظن في السابق، ممارسة علاقة جنسية غير توافقية عن طريق الولوج المهبلي. وأفادت المحكمة بما يلي: "يجب أن يفهم الاغتصاب الجنسي أيضا ً على أنه ممارسة لأي فعل من أفعال الولوج المهبلي أو الشرجي من دون موافقة الضحية، وذلك باستخدام أدوات أو غير ذلك من أعضاء المعتدي ..." ( ) . وتتفق اللجنة الفرعية على أن عمليات تفتيش المهبل أو الشرج يمكن أن تشكل عنفا جنسيا ويجب من ثم منع ها ( ) .

باء - الصحة

28- يمثل حق النساء في الصحة مشكلة عويصة في أماكن سلب الحرية، وبخاصة في المرافق المختلطة، لأنه غالبا ً ما لا توجد عاملات طبيات يوفرن الرعاية الطبية والمتابعة المناسبتين. وفي بعض الحالات، تزور بعض الطبيبات السجون بين مرة في الأسبوع ومرة في الشهر لتزويد السجينات بالرعاية الطبية، لكن هذه الزيارات غير كافية. وفي غالب الأحيان، لا يوجد في مرافق الاحتجاز أطباء أمراض النساء والتوليد لتوفير الرعاية الطبية الملائمة والمناسبة من حيث الوقت للنساء الحوامل أو المرضعات، أو بصفة أعم، لتلبية احتياجات السجينات من حيث الصحة الجنسية والإنجابية. وعموما لا تراعى احتياجات المرأة الحامل أو المرضعة إلى حمية غذائية خاصة. وفي بعض السجون، لا تتاح الفوط الصحية بالمجان ويجب أن يوفرها الأقارب والأصدقاء أو أحيانا منظمات غير حكومية أو مجموعات دينية أو جهات متطوعة.

29- وفي سجون الرجال التي جُهّز جزء أو جناح منها لاستقبال السجينات، يكون الوصول إلى الماء محدودا كون مرافق الإصحاح توجد في المناطق الخاصة بالرجال. وهكذا يتعين على النساء إما أن يعتمدن على الموظفين الأمنيين لتزويدهن بخراطيم مائية لملء الحاويات أو أن يملأنها بأنفسهن، ولكن لا يمكنهن فعل ذلك سوى في أوقات محددة من أجل تفادي الاتصال مع السجناء الذكور.

30- وخلال بعض الزيارات، اطلعت اللجنة الفرعية على حالات انتحار أو محاولات انتحار في صفوف النساء المسلوبة حريتهن. وفي العديد من الأحيان، تتصل هذه الحالات بعوامل مثل ظروف الحبس الشاقة، والوقت القليل جدا الذي تقضيه السجينات خارج الزنزانة، وفرص العمل والتعليم والترفيه القليلة أو المنعدمة، والقيود المفروضة على الزيارات. وخلصت اللجنة الفرعية إلى أن رد المؤسسات في مواجهة هذه المشاكل تمثل أحياناً في اللجوء إلى استخدام كميات مفرطة من أدوية العلاج النفسي لترويض النساء، وهو إجراء غير مقبول البتة .

جيم - العلاقات مع أفراد الأسر والعشراء

31- خلصت اللجنة الفرعية إلى أن إحدى الشواغل الأكثر إلحاحاً بالنسبة للنساء المسلوبة حريتهن يتعلق بوضع أولادهن القصّر، وبخاصة الأطفال الصغار جداً. ومما لا شك فيه أن غياب الأم يمكن، بالنظر إلى انتشار القوالب النمطية الجنسانية التي توكل إلى المرأة دور رعاية الأطفال، أن يفضي إلى حرمان الأطفال من الرعاية. بل من الأرجح أن يكون هذا هو الحال نظراً إلى الطبيعة الانتقائية لنظام العدالة الجنائية، مما يعني أن معظم الأشخاص مسلوبي الحرية، بمن فيهم النساء، ينتمون إلى أفقر شرائح المجتمع.

32- وفي بعض الدول الأطراف، يُسمح للأطفال الصغار بالبقاء مع أمهاتهم، بيد أن ه لا تشملهم دائما ً ميزانية المؤسسة ومن ثم لا يُؤخذون في الاعتبار عند تحديد الوجبات الغذائية. وهكذا، يتعين على الأمهات تقاسم طعامهن وتقليص وجبتهن الشخصية وهو ما تترتب عليه عواقب وخيمة بالنسبة للمرضعات منهن. وفي بعض مرافق الاحتجاز التي زارتها اللجنة الفرعية، لا يخصص حتى حيز مكاني كافٍ لإيواء هؤلاء الأطفال ومن ثم فإنهم يعيشون في ظروف الاكتظاظ ذاتها التي هي بالفعل مصدر قلق. وفي بعض الحالات، إما يحرم الأطفال من العلاج الطبي كليا ً أو يعالجون بقدر أقل مما هو موصى به. وعلاوة على ذلك، لا تتاح دائما اللقاحات و/أو لا يوجد أطباء الأطفال.

33- وتلقت اللجنة الفرعية تقارير مقلقة عن نساء لديهن أطفال في السجن يُحرمن من حقهن في الاحتفاظ برعاية أطفالهن بعد بلوغهم سن الثانية ويُعرَضون في بعض الحالات للتبني. وتشكل هذه الممارسة بوضوح تعذيبا ً نفسيا ً .

34 - وتلقّت اللجنة الفرعية أحيانا ً شكاوى بشأن قيود تُفرض على الزيارات كعقاب للنساء، وهو ما يتسبب في حالات من الغضب والحزن والإحباط.

35- وتجدر الإشارة أيضا ً إلى أن النساء يمثلن أقلية من مجموع الأشخاص المسلوبة حريتهم ومن ثم يودعن في عدد محدود جدا من المؤسسات التي غالبا ً ما تبعد بمسافة طويلة عن مكان وجود أقاربهن الذين يتعسّر عليهم لذلك كثيرا ً زيارتهن بانتظام.

36- ويتمثل عامل آخر في إمكانية تعرض النساء اللواتي لهن أقارب مسجونون في أماكن بعيدة لأشكال مختلفة من سوء المعاملة في حال اضطررن إلى قطع مسافات طويلة لزياراتهم؛ وقد يحدث هذا الأمر مثلا ً عندما يكون أقاربهن خاضعين لظروف احتجاز أمنية مشددة.

37- وفيما يتعلق بالزيارات الزوجية، لاحظت اللجنة الفرعية وجود معاملة تمييزية في بعض الحالات. ففي أحد سجون النساء، لا يسمح بزيارة العشير لمدة زمنية طويلة وتطبق أسعار باهظة وأعلى من تلك المطبقة في سجون الرجال من أجل استخدام مرافق الزيارات الزوجية. وفي مرفق آخر لاحتجاز النساء، تفرض إجراءات معقّدة جدا للحصول على ترخيص بزيارة زوجية، وهو ما يتناقض مع السهولة التي يوافق بها للرجال على مثل هذه الزيارات. وهكذا، فإنه لا يستطيع أن يستفيد من هذا النوع من الاتصال العاطفي سوى عدد قليل جدا ً من النساء، وتصاب النساء بالقلق والإحباط من طول فترة انتظارهن قبل الحصول على رد على طلباتهن.

دال - الأنشطة المهنية والتعل ي م ية والترفيه ية

38- خلصت اللجنة الفرعية من خلال زيارتها لبعض المرافق أن فرص العمل لا تتاح، أو تكاد لا تتاح، للنساء السجينات.

39- وفي بعض الحالات، يعزى هذا الوضع إلى وجود النساء في سجون مختلطة لم تصمم في الأصل لاستقبالهن غير أنه أجريت عليها تحويرات كي تفي هذا الغرض في ظل عدم وجود البنية التحتية الضرورية. ومن أجل منع الاتصال بين السجناء والسجينات، تُمنع النساء المودعات في هذه المرافق البدائية من الوصول إلى الأماكن المشتركة حيث تجري الأنشطة المهنية أو التعليمية أو التمرينية أو الرياضية أو الترفيهية. وبما أن العمل أو المشاركة في برامج تعليمية يشكلان في العديد من البلدان عاملين مهمين للبت في تحديد أهلية الاستفادة من تخفيض للعقوبة وإخلاء سبيل مشروط، فإن النساء أكثر تضرراً من عدم وصولهن إلى هذه الأنشطة.

40- ومن حالات التمييز الجنساني الواضحة التي وقفت عليه اللجنة الفرعية حالة تضم مجرمين أحداث. فقد كان في هذه الحالة سجناء من الذكور الأحداث يتابعون برنامجا ً تعليميا ً بدعم هيئة من هيئات الأمم المتحدة في حين لم يكن بإمكان نظيراتهم الإناث الاستفادة من هذا البرنامج.

41- ووقفت اللجنة الفرعية أيضاً على حالات استغلال في العمل وحالات عمل قسري في صفوف النساء المسلوبة حريتهن حيث كان يطلب منهن إنجاز أعمال شاقة لمدة 12 ساعة كل يوم - تتمثل في نقل أحمال ثقيلة من دون أي ملابس واقية - ثم العمل لساعتين إضافيتين لتنظيف مرافق السجن، وذلك مقابل مبلغ زهيد في أحسن الأحوال. وفي حال اشتكت النساء من الوضع أو رفضن العمل فإنهن يعاقبن من خلال إجبارهن على الاضطلاع بمهام مهينة مثل تنظيف مراحيض في حالة مريعة دون الاستعانة بقفازات أو غيرها من أشكال الوقاية.

42- وفي حالات أخرى، خلصت اللجنة الفرعية إلى أن فرص العمل المتاحة للنساء المسلوبة حريتهن تعزّز القوالب النمطية الجنسانية المتصلة بالأدوار التقليدية داخل الأسرة والمجتمع (النسيج وصنع المكرميات وامتهان الحرف اليدوية وتصفيف الشعر والغسيل والكي) في حين تتاح للرجال فرص أكبر للحصول على تعليم عال والمشاركة في أنشطة رياضية وترفيهية.

هاء- فصل الرجال عن النساء

43- لاحظت اللجنة الفرعية وجود أماكن عديدة لسلب الحرية لا تُحترَم فيها قاعدة الفصل بين النساء والرجال. والأكثر شيوعاً هو أن يضطلع موظفون ذكور بمهام الحراسة الأمنية نظرا ً لعدم وجود عدد كاف من الحارسات. بيد أن احترام هذه القاعدة يفضي أحيانا إلى مشاكل أخرى، كما هو الحال في المؤسسات المختلطة حيث قد تؤدي إلى حالة عزل بحكم الواقع إن لم تكن محتجزة بها سوى سجينة واحدة أو سجينات قليلات.

44- ولاحظت اللجنة الفرعية عدم الفصل بين المراهقات والنساء البالغات في بعض الحالات. وباتت بعض المراهقات شبه أمات لدى النساء البالغات كي يتمكنن من تكملة وجبتهن الغذائية اليومية.

واو - التمييز المتعدد

45 - لاحظت اللجنة الفرعية أن اجتماع عوامل مختلفة من شأنه أن يزيد من احتمال التعذيب وإساءة المعاملة. وقد يحدث هذا مثلا ً عندما ينضاف التمييز القائم على الجنس إلى التمييز القائم على الميل الجنسي والسن ونوع الجريمة المرتكبة ونظم الاحتجاز الاستثنائية (مثل الاحتجاز على ذمة التحقيق) والإثنية ومركز ال مهاجر والأمراض العقلية.

46- وعلى سبيل المثال، لاحظت اللجنة الفرعية في حالة الميل الجنسي أن العلاقات الجنسية المثلية، سواء بين نساء بالغات أو مراهقات، تعتبر جريمة في بعض المؤسسات ومن ثم يعاقَب عليها. وأحيانا، تتسبب أي حركة من الحركات الحبية في الإيداع في الحبس الانفرادي. ومن بين أشكال التمييز الأخرى التي تستهدف المثليات منع الاتصال الجسدي والحرمان من حق الزيارة الحميمية والفصل في الأنشطة الدينية والثقافية.

47- وأشارت اللجنة الفرعية أيضا ً إلى حالات ينتمي فيها عدد كبير من الأشخاص المسلوبة حريتهم إلى مجموعة إ ثنية عانت تاريخياً من التمييز. وعلى الرغم من وجود وحدات خاصة في بعض سجون الرجال لمراعاة وضع أفراد هذه المجموعة فإن سجون النساء تفتقر إلى مثل هذه الترتيبات.

48- وخلال بعض الزيارات، اطّلعت اللجنة الفرعية على ادّعاءات متسقة مفادها أن النساء المصابات بإعاقة ذهنية يتعرضن لإساءة المعاملة، بغرض إبقائهن تحت السيطرة فيما يبدو.

خامساً- منع تعرض النساء المسلوبة حريتهن للتعذيب وإساءة المعاملة

49- تتوخّى هذه العملية التي تستعرض التجربة التي راكمتها اللجنة الفرعية خلال زياراتها إلى أماكن سلب الحرية التي تضم النساء تقديم لمحة عامة منهجية عن النتائج التي خلصت إليها اللجنة فيما يتعلق بهذه المجموعة بعينها قصد تحديد القضايا الخاصة التي يجب أن تراعى خلال زيارة أي هيئة وطنية أو دولية معنية بمنع التعذيب وإساءة المعاملة، وبالتالي صياغة توصيات فعالة وذات صلة.

50- وعند زيارة مراكز سلب الحرية وإعداد تقارير مشفوعة بتوصيات في هذا الصدد، ينبغي استحضار عدم تكافؤ علاقات القوة بين الرجال والنساء الذي لا يزال مترسخاً إلى حد ما في جلّ مناطق العالم.

51- ويجدر التذكير بأن انعدام التناسق الجنساني يتجسد من خلال العنف القائم على نوع الجنس والتمييز في توفير أمور من بينها الحق في العمل والتعليم والصحة والترفيه والعلاقات الجنسية والأسرية. وتتفاقم أشكال العنف والتمييز هذه عندما تقترن بعناصر أخرى مثل الطبقة الاجتماعية والسن والميل الجنسي والجنسية ومركز المهاجر والحالة الصحية ونوع الجريمة المرتكبة ونظم الاحتجاز الاستثنائية. وفي كل حالة، سينظر فيما إذا كانت أشكال العنف والتمييز هذه، التي قد تشكل تعذيبا ً أو إساءة معاملة، مجتمعة أم لا، وستقدم توصيات محددة بحسب الوضع.

52- وضمّنت اللجنة الفرعية عدد من تقاريرها المتعلقة بزياراتها توصية عامة بشأن وضع سياسة للسجون تراعي البُعد الجنساني وفقا ً لقواعد بانكوك. ومما لا شك فيه أن هذه القواعد تشكّل مرجعا ً ضروريا ً لتنفيذ المعايير الدولية الدنيا لحماية النساء المسلوبة حريتهن ومنع تعذيبهن وإساءة معاملتهن.

53- وعندما تقدم هذه الهيئات توصيات إلى الدول الأطراف المعنية ردا ً على ادعاءات تعذيب النساء المسلوبة حريتهن وإساءة معاملتهن، ينبغي أن تركز على واجب الدول الأطراف في التحقيق في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان هذه ومعاقبة مرتكبيها وتقديم الجبر إلى الضحايا، وأن تؤيد حظر التمييز على أساس نوع الجنس.

54- وتذكر اللجنة الفرعية بأن الضمانات الرئيسية المطبقة على جميع الأشخاص المسلوبة حريتهم، بمن فيهم النساء، تشمل توافر سبل الانتصاف القض ائية وغيرها من السبل التي يمكن أن يستخدمها الأشخاص الذين يواجهون خطر التعرض للتعذيب وإساءة المعاملة لكي يمكن النظر في شكاواهم بصورة سريعة ونزيهة والدفاع عن حقوقهم والطعن في مدى مشروعية احتجازهم أو معاملتهم ( ) .

55- ومن بين أعوص المشاكل التي واجهتها اللجنة الفرعية خلال زياراتها الظروف المادية السيئة لأماكن الاحتجاز التي غالبا ً ما يصاحبها الاكتظاظ. وتظهر هذه المشكلة الخطيرة أيضا ً في مراكز سلب حرية النساء.

56- لكن بما أن هذه المشكلة كبيرة وعويصة فإنه يجدر التذكير بأن ظروف الاحتجاز لا تثير مسائل المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة فحسب بل يمكن كذلك أن تشكل في بعض الظروف وسيلة للتعذيب، في حال استُخدمت على نحو يتوافق مع أحكام المادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

57- وبناء عليه، تؤدي التوصيات المتعلقة بظروف الاحتجاز دورا ً حاسما ً في المنع الفعال وستتناول سلسلة واسعة من المسائل، منها تلك المتصلة بالظروف المادية وأسباب الإيداع في السجن ومستوياته وتوفير مجموعة واسعة من المرافق والخدمات والاستفادة منها ( ) .