الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2891/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 May 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2891/2016 * **

بلاغ مقدم من: غالينا بيلوفا ، وليونيد سودالينكو ، وأناتولي بوبلافني (لا يمثلهم محام)

الشخص المدعي أنه ضحية: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 31 آذار/مارس 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 آذار/مارس 2021

الموضوع: رفض السلطات الترخيص لتنظيم تجمع سلمي؛ حرية التعبير؛ سبيل الانتصاف الفعال

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ مستوى إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ حرية التعبير؛ سبيل الانتصاف الفعال

مواد العهد: 2 ( 2 )، و( 3 )، و 19 ، و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 ، و 5 ( 2 )(ب)

1 - أصحاب البلاغ هم غالينا بيلوفا ، وليونيد سودالينكو ، وأناتولي بوبلافني ، وهم مواطنون بيلاروسيون مولودون في عام 1958 ، و 1966 ، و 1958 على التوالي. ويدعون أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد مقروءتين بالاقتران مع مادتيه 2 ( 2 )، و( 3 ). وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992 . ولا يمثل محام أصحاب البلاغ.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - 1 في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، التمس أصحاب البلاغ ترخيصاً من اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل لتنظيم تجمع سلمي في شارع سوفيتسكايا بمدينة غوميل ، ينطلق من ميدان لينين حتى متجر غوميل يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 2014 - يوم حقوق الإنسان - للتعبير عن دعمهم للسجناء السياسيين في بيلاروس.

2 - 2 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، رفضت اللجنة التنفيذية طلب أصحاب البلاغ استناداً إلى المادة 9 من قانون الفعاليات العامة لعام 1997 . وتنص هذه المادة على أنه لا يجوز تنظيم أي فعاليات عامة على مسافة تقل عن 50 متراً من مباني المؤسسات العامة، بما في ذلك مباني السلطات التنفيذية والإدارية المحلية، أو أقل من 200 متر من ممرات تحت أرضية للمشاة أو مباني وكالات البث التلفزيوني أو الإذاعي. ومُنع تنظيم هذا التجمع أيضاً لعدم تقديم أصحاب البلاغ عقوداً مبرمة مع الجهات المعنية المقدمة للخدمات الحضرية لضمان تقديم الخدمات الطبية أثناء الفعالية، وتنظيف المكان فيما بعد على النحو المطلوب بموجب المادة 3 من قرار اللجنة التنفيذية رقم 775 المؤرخ 15 آب/أغسطس 2013 بشأن تنظيم الفعاليات العامة في مدينة غوميل .

2 - 3 وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، طعن أصحاب البلاغ في قرار اللجنة التنفيذية أمام محكمة غوميل المحلية المركزية، التي رفضت طلبهم في 22 كانون الثاني/يناير 2015 . وأيدت المحكمة الأسباب التي استندت إليها اللجنة التنفيذية، وأضافت أن أصحاب البلاغ نظموا فعالية عامة في مكان غير المكان المحدد لهذا الغرض في القرار رقم 775 .

2 - 4 وفي 29 كانون الثاني/يناير 2015 ، رفع أصحاب البلاغ دعوى نقض لقرار محكمة غوميل المحلية المركزية أمام محكمة غوميل الإقليمية، التي رفضتها بدورها في 17 آذار/مارس 2015 .

2 - 5 ورُفضت طعون أخرى قدمها أصحاب البلاغ بموجب إجراء المراجعة القضائية أمام رئيس محكمة غوميل الإقليمية في 15 أيار/مايو 2015 ، وأمام رئيس المحكمة العليا في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، و 24 أيلول/سبتمبر، و 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 على التوالي.

2 - 6 وقدم أصحاب البلاغ أيضاً طلبين لإجراء مراجعة قضائية إلى مكتب المدعي العام في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، و 1 شباط/فبراير 2016 ، رُفضا في 28 كانون الثاني/يناير 2016 ، و 21 آذار/مارس 2016 على التوالي.

الشكوى

3 - 1 يدعي أصحاب البلاغ أن رفض السلطات الوطنية طلبهم تنظيم تجمعهم يشكل انتهاكاً لحقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع مادتيه 2 ( 2 ) و( 3 ).

3 - 2 ويدعي أصحاب البلاغ أن كلا من اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل ، والمحاكم المحلية، لم تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حقوقهم بموجب القرار رقم 775 تبررها دواعي الأمن العام أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو فيما إذا كانت هذه القيود ضرورية لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ويدعي أصحاب البلاغ أيضاً أن القرار رقم 775 ، الذي يخصص مكاناً واحداً نائياً عن مدينة غوميل لتنظيم جميع الفعاليات العامة، ويشترط إبرام عقود مسبقة مع الجهات المقدمة للخدمات في المدينة لتغطية تكاليف الخدمات، يقيِّد دون مبرر جوهر الحقوق المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.

3 - 3 ويشير أصحاب البلاغ إلى أن الدولة الطرف، بتصديقها على العهد، التزمت بموجب مادته 2 ، باحترام وضمان جميع الحقوق الفردية المدرجة في العهد، وباعتماد القوانين أو التدابير الأخرى الضرورية لإعمال الحقوق المنصوص عليها فيه. ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف لا تفي بالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع مادتيه 19 و 21 ، لأن قانون الفعاليات العامة يتضمن أحكاماً ملتبسة وغامضة. فالمادة 9 من القانون مثلاً تجيز لرؤساء اللجان التنفيذية المحلية حقاً تقديرياً لتحديد مواقع ثابتة بعينها لتنظيم التجمعات السلمية، من دون إعطاء أي مبرر لذلك.

3 - 4 ويطلب أصحاب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بمواءمة تشريعاتها، لا سيما قانون الفعاليات العامة، والقرار رقم 775 الصادر عن اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل ، مع المعايير الدولية المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 تدفع الدولة الطرف في مذكرتها الشفوية المؤرخة 10 شباط/فبراير 2017 بأن البروتوكول الاختياري يجيز للأفراد الذين يدعون انتهاك أيٍّ من حقوقهم المنصوص عليها في العهد واستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة تقديم بلاغ خطي إلى اللجنة.

4 - 2 وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل رفضت في 4 كانون الأول/ديسمبر 2014 طلب أصحاب البلاغ تنظيم تجمع يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، وأشارت بشأن ذلك إلى قانون الفعاليات العامة لعام 1997 ، والقرار رقم 775 الصادر عن اللجنة التنفيذية في 15 آب/أغسطس 2013 بشأن تنظيم الفعاليات العامة في مدينة غوميل .

4 - 3 وأيدت محكمة غوميل المحلية المركزية قرار اللجنة التنفيذية. ورفضت محكمة غوميل الإقليمية طعن أصحاب البلاغ. ورفضت أيضاً طعوناً أخرى تتصل بإجراء المراجعة القضائية. غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، لأنه لا المدعي العام ولا رئيس المحكمة العليا نظر في طلبات أصحاب البلاغ المتعلقة بإجراء مراجعة قضائية.

4 - 4 وتؤكد الدولة الطرف أن السلطات منعت التجمع بسبب عدم تقديم أصحاب البلاغ أي عقد مبرم مع الجهات المعنية المقدمة للخدمات الحضرية، وهو شرط يرمي إلى ضمان تقديم الخدمات الطبية أثناء الفعالية وتنظيف المكان فيما بعد، عملاً بالمادة 3 من القرار رقم 775 للجنة التنفيذية. وإضافة إلى ذلك، كان المكان الذي اختاره المنظمون لتجمعهم على بعد أقل من 200 متر من ممر تحت أرضي للمشاة ومباني وكالات البث التلفزيوني والإذاعي، وهو أمر محظور بموجب قانون الفعاليات العامة.

4 - 5 وترفض الدولة الطرف ادعاءات أصحاب البلاغ بأن حقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع مادتيه 2 ( 2 )، و( 3 )، قد انتُهكت. وتلاحظ أن هذه الحقوق مكفولة بموجب المادتين 33 ، و 35 من الدستور. وتخلص إلى أن أحكام قانون الفعاليات العامة تمتثل المادتين 19 ( 3 )، و 21 من العهد، ولا ينبغي اعتبارها قيداً على الحق في حرية التعبير وحرية التجمع السلمي.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 لاحظ أصحاب البلاغ في 17 آذار/مارس 2017 أن تقديم طعن في إطار إجراء المراجعة القضائية لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً. ويدفعون بأن هذا الإجراء يخضع للسلطة التقديرية المخولة للمدعي العام أو القاضي، ولا يترتب عليه النظر في القضية استناداً إلى أسسها الموضوعية. وكان أصحاب البلاغ قد طعنوا من دون جدوى في الحكم بموجب إجراء المراجعة القضائية، بما في ذلك أمام رئيس المحكمة العليا والمدعي العام.

5 - 2 ويشير أصحاب البلاغ إلى ملاحظات الدولة الطرف المتعلقة بأحكام القانون، ويوجهون انتباه اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تمتثل توصيات المنظمات الدولية بتعديل قانون الفعاليات العامة وجعله يتماشى مع المعايير الدولية ( ) . ويلاحظ أصحاب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم تتبع آراء اللجنة الأخرى التي دعت ضمنها بيلاروس إلى استعراض تشريعاتها الوطنية وجعلها متوافقة مع التزاماتها.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بملاحظات الدولة الطرف، التي تلمح فيها إلى أن أصحاب البلاغ لم يستنفدوا سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن المدعي العام أو رئيس المحكمة العليا لم ينظرا في طلباتهم بشأن إجراء مراجعة قضائية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة أصحاب البلاغ بأنهم طعنوا بالفعل في قرارات المحكمة المتعلقة بقضيتهم بموجب إجراء المراجعة القضائية، أي بتوجيه طلبهم إلى رئيس المحكمة العليا والمدعي العام، لكن من دون جدوى. وتشير اللجنة كذلك إلى اجتهاداتها السابقة التي ارتأت فيها أن تقديم التماس إلى المدعي العام لأغراض إجراء مراجعة قضائية للقرارات التي أصبحت نافذة، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للمدعي العام، لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن تقديم طلبات إلى رئيس المحكمة لإجراء مراجعة قضائية لقرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ، وتعتمد على السلطة التقديرية للقاضي، يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف إثبات أن هناك احتمالاً معقولاً بأن توفر هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ظروف القضية ( ) . ولمـَّا لم تقدم الدولة الطرف أي توضيحات إضافية بشأن هذه القضية، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من دراسة هذا البلاغ.

6 - 4 ويدعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع مادته 2 ( 2 ). وتؤكد اللجنة مجدداً أنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام المادة 2 أساساً لادعاء يرد في بلاغ ما بموجب البروتوكول الاختياري، مقترنة بأحكام أخرى من العهد، إلا إذا كان عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 سبباً مباشراً لانتهاك منفصل للعهد، وكان لذلك تأثير مباشر على الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) . ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ سبق أن ادعوا انتهاك حقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 جراء تفسير القوانين القائمة للدولة الطرف وتطبيقها، ولا ترى أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً التزاماتها العامة بمقتضى المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع مادتيه 19 و 21 ، إجراءٌ منفصل عن النظر في مسألة انتهاك حقوق أصحاب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد. ولهذا السبب، ترى اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ في هذا الصدد تتعارض مع المادة 2 من العهد، وهي من ثم غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6 - 5 ويدّعي أصحاب البلاغ فضلاً عن ذلك أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع من المادة 2 ( 3 ). وفي ظل عدم تضمين الملف معلومات إضافية وجيهة، ترى اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا ادعاءاتهم بما يكفي لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 6 وتلاحظ اللجنة أن ادعاءات أصحاب البلاغ كما قدموها تثير قضايا بموجب المادتين 19 ( 2 ) و 21 من العهد، وترى أنها ثبتت بما يكفي لأغراض المقبولية، وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات أصحاب البلاغ أن حقهم في حرية التعبير وحرية التجمع قُيّد، الأمر الذي ينتهك كلاًّ من المادة 19 والمادة 21 من العهد، إذ رُفض الترخيص لهم بتنظيم تجمع سلمي دعماً للسجناء السياسيين في بيلاروس. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاءات أصحاب البلاغ بأن السلطات لم توضح السبب الذي يجعل فرض قيود على تنظيم تجمعهم ضرورياً للحفاظ على الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة، أو حقوق الآخرين وحرياتهم، كما تقتضيه المادة 19 ( 3 )، والجملة الثانية من المادة 21 ، وأنهم يعتبرون هذه القيود غير قانونية بناء على ذلك.

7 - 3 وتلاحظ اللجنة ادعاء أصحاب البلاغ أن حقهم في التجمع السلمي المكفول بموجب المادة 21 من العهد قد انتُهك أيضاً عندما رفضت اللجنة التنفيذية لمدينة غوميل الترخيص لهم بتنظيم تجمع سلمي. وتذكّر اللجنة في تعليقها العام رقم 37 ( 2020 ) بأنه يجوز تنظيم التجمعات السلمية، من حيث المبدأ، في جميع الأماكن التي يمكن للجمهور الوصول إليها أو التي ينبغي أن تتاح له إمكانية الوصول إليها، مثل الساحات العامة والشوارع. ولا ينبغي إبعاد التجمعات السلمية إلى مناطق نائية يتعذر فيها جذب اهتمام الفئات المستهدفة أو عامة الجمهور. وكقاعدة عامة، لا يمكن فرض حظر شامل على جميع التجمعات في العاصمة ، أو في جميع الأماكن العامة باستثناء مكان واحد محدد داخل المدينة، أو خارج وسط المدينة، أو في جميع شوارع المدينة ( ) . وبوجه عام، لا تتفق مع أحكام المادة 21 الشروطُ التي تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه إما بترتيب ضبط النظام أو الأمن، أو تقديم المساعدة الطبية أو التنظيف، أو أي خدمات عامة أخرى مرتبطة بالتجمعات السلمية وإما بالمساهمة في دفع تكاليف ذلك ( ) .

7 - 4 وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما كانت، سواء في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت؛ أو في الفضاءين العام والخاص؛ أو فيهما معاً. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات ووقفات الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . ويحق عموماً لمنظمي أي تجمع اختيار مكان على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يُسمح بفرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا كان القيد (أ) مفروضاً بموجب القانون؛ ( ) و(ب) ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لخدمة مصالح الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف ما قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع وبين المصالح العامة المشار إليها سابقاً، ينبغي أن تستهدي بالغرض القاضي بتيسير إعمال هذا الحق عوضاً عن توخّي تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة ( ) . وبناء على ذلك، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها الحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

7 - 5 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة النظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق أصحاب البلاغ في التجمع السلمي مبررة بمقتضى أي معيار من المعايير المبيّنة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وفي ضوء المعلومات المتاحة قيد الملف، رُفض طلب أصحاب البلاغ تنظيم تجمعهم لأن: المكان الذي اختير لا يتطابق مع المكان الوحيد الذي حددته السلطات التنفيذية للمدينة؛ فالمكان المحدد للتجمع يوجد على مسافة أقل من 50 متراً من مباني المؤسسات العامة، بما في ذلك السلطات التنفيذية والإدارية المحلية، وأقل من 200 متر من ممر تحت أرضي للمشاة ومباني وكالات البث التلفزيوني والإذاعي؛ ولم يقدم أصحاب البلاغ أي عقد مبرم مع الجهات المعنية المقدمة للخدمات الحضرية لضمان الخدمات الطبية أثناء الفعالية، وتنظيف المكان فيما بعد. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أن لا السلطات التنفيذية لمدينة غوميل ولا المحاكم المحلية قدمت عملياً أي تبرير أو توضيح للكيفية التي جعلت احتجاج أصحاب البلاغ ينتهك الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياتهم، وفق ما تنص عليه المادة 21 من العهد. ولم تثبت الدولة الطرف أنها اتخذت أي تدابير بديلة لتيسير ممارسة أصحاب البلاغ حقوقهم المكفولة بموجب المادة 21 .

7 - 6 وفي ظل عدم ورود أي توضيحات من الدولة الطرف بشأن هذه المسألة، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق أصحاب البلاغ المكفولة بموجب المادة 21 من العهد.

7 - 7 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء أصحاب البلاغ بأن حقهم في حرية التعبير قد قُيِّد بصورة غير قانونية، إذ رُفض الترخيص لهم بتنظيم تجمع للتَّعبير علناً عن دعمهم للسجناء السياسيين في بيلاروس. ولهذا السبب، فالمسألة المعروضة على اللجنة هي تحديد ما إذا كان منع السلطات التنفيذية للمدينة أصحابَ البلاغ من تنظيم تجمع سلمي يبلغ حد انتهاك المادة 19 من العهد.

7 - 8 وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بتعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) حيث أشارت في جملة أمور منها إلى أن حرية التعبير عنصر لا غنى عنه من عناصر أي مجتمع، ويشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتحيط علماً بأن المادة 19 ( 3 ) من العهد لا تجيز فرض بعض القيود على حرية التعبير، بما فيها حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص عليه القانون وشريطة أن تكون ضرورية لاحترام حقوق الغير أو سمعتهم، أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألا يكون أي قيد على حرية التعبير فضفاض الطابع، أي أن التدابير التقييدية يجب أن تكون مناسبة لتحقيق وظيفتها الحمائية، ويجب أن تكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة، ويجب أن تكون متناسبة مع المصلحـة الـتي ستحميها ( ) . وتذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف إثبات أن القيود المفروضة على حقوق أصحاب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 من العهد ضرورية ومتناسبة ( ) .

7 - 9 وتلاحظ اللجنة أن تقييد تنظيم التجمعات في بعض الأماكن المحددة سلفاً لا يستوفي، على ما يبدو، معياري الضرورة والتناسب المنصوص عليهما في المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن لا الدولة الطرف ولا محاكمها الوطنية قدمت أي توضيح عن السبب الذي يجعل القيود المفروضة ضرورية لهدف مشروع ( ) . وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن القيود المفروضة على أصحاب البلاغ، رغم استنادها إلى القانون المحلي، غير مبررة لأغراض المادة 19 ( 3 ) من العهد. ولمــَّا كانت الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح، فإن اللجنة تخلص إلى أن حقوق أصحاب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 من العهد قد انتُهكت.

8 - وترى اللجنة، وهي تتصرف وفقاً المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق أصحاب البلاغ المكفولة بموجب المادتين 19 ، و 21 من العهد.

9 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر الذي لحق بمن انتُهِكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً تاماً. وبناءً على ذلك، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض مناسب لأصحاب البلاغ. ويتعين عليها أيضاً اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف استعراض إطارها المعياري بشأن التجمعات العامة، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، بما يكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 ، و 21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن للجنة اختصاص البت في مدى حدوث انتهاك للعهد، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بضمان تمتع جميع الأفراد الموجودين في أراضيها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبإتاحة سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ في حال ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف ، في غضون 180 يوماً، معلومات عما اتخذته من تدابير لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب إليها أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.