الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2526/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

22 July 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2526/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: زافلون ميرزاخودشايف (لا يمثله محام)

الشخص المُدّعى أنه ضحية: صاحب البلا غ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: 10 أيلول/سبتمبر 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 9 كانون الثاني/ يناير 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: الحرمان من المحاكمة العادلة

المسائل الإجرائية: لا يوجد

المسائل الموضوعية: المحاكمة العادلة؛ وقرينة البراءة؛ والمحاكمة غيابياً؛ والتمييز على أساس الأصل العرقي

مواد العهد: 2 ( 1 )، و 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(د) و(ه)، و 17 ( 1 )، و 27

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو زافلون ميرزاخودشايف ، وهو مواطن قرغيزي من أصل أوزبكي، ولد في عام  1964 ، ويوجد حالياً بالمنفى رفقة أسرته ( ) . ويدعي أنه ضحية انتهاك قيرغيزستان لحقوقه المكفولة بموجب المواد 2 ( 1 )، و 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(د) و(ه)، و 17 ( 1 )، و 27 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ في قيرغيزستان في 7 كانون الثاني/يناير 1995 . ولا يمثل صاحبَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ من أصل أوزبكي وكان يعيش في مدينة أوش بقيرغيزستان ويعمل فيها. وفي عام  2010 ، كان مديرا ً للقناة التلفزيونية ميزون ، وهي محطة تلفزيونية خاصة مستقلة. وأدت أعمال الشغب التي حدثت في نيسان/أبريل 2010 إلى الإطاحة بالرئيس آنذاك، كورمانبيك باكييف ، وإقامة حكومة مؤقتة. وتصاعدت التوترات السياسية والعرقية. وواصلت شركة التلفزيون حيث كان يعمل صاحب البلاغ عملها خلال تلك الفترة. ووفقا ً لصاحب البلاغ، فإن القناة التلفزيونية ميزون ، وبالتعاون مع الإدارة الإقليمية لمدينة أوش ورئيس بلديتها وممثلي المجتمع المدني، كانت تبث دعوات إلى التوصل إلى اتفاق بين الأعراق وتحقيق وفاق سياسي. وفي أيار/مايو وحزيران/يونيه 2010 ، شُنّت هجمات عديدة على أفراد من أصول أوزبكية في مدينتي ومنطقتي أوش وجلال آباد ( ) .

2 - 2 وفيما بعد، اتُّهِم صاحب البلاغ بأنه من بين المسؤولين عن إثارة الصراع العرقي. وهو يفيد بأن الأسباب الرئيسية التي استندت إليها الاتهامات الجنائية الموجهة ضده هي بث قناة ميزون لمسيرة نُظِّمت في 15 أيار/مايو 2010 في مدينة جلال أباد. ويؤكد صاحب البلاغ أنه لم يكن حاضرا ً فعليا ً خلال أحداث أيار/مايو وحزيران/يونيه 2010 في جلال أباد، كما أنه لم يشارك في تنظيم المسيرة التي شارك فيها ما بين 000 6 و 000 7 شخص. وقد بقي في مدينة أوش خلال هذه الفترة. ووفقا ً له، فقد أظهرت المواد التي بُثَّت زعماءَ أوزبك وقيرغيز وهم يتحدثون خلال المسيرة. واستغرقت هذه المواد الإعلامية من أربع إلى سبع دقائق ولم تتضمن أي تعليق صحفي. وقال إن من مسؤولية القناة المهنية إعلام الجمهور بالأحداث ذات الأهمية العامة. وكان صاحب البلاغ يشارك في مؤتمر في بيشكيك في الفترة من 5 إلى 10 حزيران/يونيه 2010 . وهو لم يتمكن من الوصول إلى منزله لمدة يومين بسبب الفوضى التي عرفتها المدينة. وكان آخر بث للقناة الساعة الرابعة صباحا ً في 10 حزيران/يونيه 2010 ، وظهر فيه عمدة أوش وممثل عن وزارة الشؤون الداخلية وهما يدعوان المواطنين إلى التزام الهدوء. وفي حزيران/ يونيه 2010 ، تلقى صاحب البلاغ تحذيرات وتهديدات بالقتل عبر الهاتف في عدة مناسبات. وخوفا ً على حياته وسلامة أسرته، غادر البلد في موعد غير محدد في أواخر حزيران/يونيه.

2 - 3 وفي 16 حزيران/يونيه 2011 ، أصدر البرلمان قرارا ً بشأن المعلومات الواردة من اللجنة البرلمانية المؤقتة المعنية بالتحقيق في أحداث عام  2010 . وفي انتهاك لمبدأ قرينة البراءة، أشارت الفقرة 7 من القرار إلى صاحب البلاغ بوصفه أحد منظمي الأحداث المأساوية ومشاركا ً في الأنشطة القومية والانفصالية. وتضمنت الفقرة 21 من القرار تعليمات إلى القضاء بإتمام الإجراءات القضائية على وجه السرعة، وهو ما يعتبر تدخلا ً مباشرا ً في العملية القضائية.

2 - 4 وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، ودون علم صاحب البلاغ، أصدرت محكمة مدينة جلال آباد حكما ً غيابيا ً في حقه بالسجن لمدة 14 عاما ً ، وأدانته بتهمة الضلوع في أعمال انفصالية وتنظيم اضطرابات جماعية وأعمال قتل من بين جملة أمور. ويدعي صاحب البلاغ أنه لم يُبَلَّغ بموعد المحاكمة وأنه لم يتمكن من توكيل ممثل قانوني ينوب عنه في الجلسة. وعلم بالحكم الصادر في حقه بعد ذلك من وسائل الإعلام.

2 - 5 واستأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة جلال آباد الإقليمية. ورُفِض طعنه في 31 كانون الثاني/يناير 2012 .

2 - 6 وفي 24 آذار/مارس 2014 ، استأنف صاحب البلاغ الحكم أمام المحكمة العليا وفق إجراء المراجعة القضائية الرقابية. ورُفِض طعنه في 13 أيار/مايو 2014 .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة 14 من العهد. وكان للقرار البرلماني الصادر في 16 حزيران/يونيه 2011 أثر سلبي على المحاكم، وحدد نتيجة المحاكمة مسبقا ً ، وعليه، فقد انتُهِك حقه في أن يحاكم أمام محكمة عادلة ونزيهة. وبما أن القرار اعتُمِد قبل انتهاء محاكمة صاحب البلاغ، فقد انتهَك حقه في افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته.

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة 14 ( 3 )(د) من العهد، لأن المحكمة الابتدائية لم تخطره بتاريخ المحاكمة وحكمت عليه غيابيا ً . وفي هذا الصدد، فإنه يدعي حدوث انتهاك للمادة 14 ( 3 )(ه) من العهد، لأنه لم يتمكن من مواجهة شهود الإثبات الذين أدلوا بشهاداتهم ضده ولا هو تمكن من استدعاء شهود دفاع لأخذ إفاداتهم.

3 - 3 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 2 والمادة 27 من العهد، ويشير إلى أن الحكم الصادر في حقه حكم تمييزي وراجع إلى كونه من أصول أوزبكية.

3 - 4 وفي الأخير، فإنه يدعي وجود انتهاك لحقوقه بموجب المادة 17 من العهد، لأنه محاكمته محاكمة جائرة أمر أسفر عن تلطيخ شرفه وألحق صفة المجرم به وأثر على حياته الأسرية. واضطر هو وأسرته إلى الفرار إلى الخارج وحرموا من إمكانية العودة إلى وطنهم.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 في مذكرة شفوية صادرة بتاريخ 15 تموز/يوليه 2015 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، وأكدت أن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بادعاءاته. وتعترض الدولة الطرف على عدد من الأقوال التي دفع بها صاحب البلاغ باعتبارها أكاذيب.

4 - 2 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ نفسه يشير إلى أن التوترات السياسية والعرقية تصاعدت تزامنا ً مع الأحداث المذكورة. وعليه، فقد كان على معرفة تامة بخطورة الوضع الذي كان ليؤدي بسهولة إلى تصاعد وتيرة الصراع.

4 - 3 وتفيد الدولة الطرف أنه عقب الانقلاب الذي حدث في 7 نيسان/أبريل 2010 ، اشتدت وبحدة، كثير من التهديدات الكامنة من قبيل النزعات الإقليمية والقومية والانفصالية. ووفقا ً للدولة الطرف، فإن قناة ميزون بثت مسيرة جلال آباد مرارا ً وتكرارا ً ، وإنه ما من شك في أن هذا البث المتكرر أشعل فتيل الصراع. وفي هذا الصدد، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ شوه ظروف هذه الحادثة الرئيسية من أجل التملص من المسؤولية.

4 - 4 وتدحض الدولة الطرف تأكيد صاحب البلاغ أن مواطنين من أصل أوزبكي ومواطنين من أصل قيرغيزي شاركوا في المسيرة، وتقول إن الأوزبك كانوا الحاضرين الوحيدين فيها. كما تعترض على التأكيد بأن شريط الفيديو الخاص بالمسيرة بث مرة واحدة وأنه لم يستمر إلا من أربع إلى سبع دقائق. وتقول إنه يمكن تفنيد هذا الادعاء الكاذب بسهولة عبر أدلة وافرة. وعلاوة على ذلك، فإن النسخة التي أذيعت كانت أكثر اكتمالا ً من النسخة المتاحة على شبكة الإنترنت، وتضمنت مشاهد تحرض على الكراهية بين الأعراق، ويبدو أن هذه المشاهد حذفت من النسخة الموجودة على الإنترنت.

4 - 5 وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ، ورغم إدراكه التام للعواقب المحتملة لأعماله، ساهم في حشد الشباب الأوزبكي حول القادة الانفصاليين وإن كان يواصل إنكار العلاقة السببية الواضحة بين الأحداث التي وقعت في جلال آباد والصراعات التي دارت في مدينة أوش في حزيران/يونيه 2010 .

4 - 6 وتؤكد الدولة الطرف أيضا ً أن القوات العسكرية وقوات الأمن شاركت في الصراع دون أن تميل إلى جانب أي من الطرفين المتخاصمين. وتعترض الدولة الطرف على تأكيد صاحب البلاغ أنه في الساعة الرابعة صباحا ً من 10 حزيران/يونيه 2010 ، كان هناك بث تلفزيوني يظهر فيه عمدة أوش وممثل عن وزارة الشؤون الداخلية وهما يدعوان إلى التزام الهدوء. وتضيف أن الأحداث المعنية لم تبدأ إلا في وقت متأخر من مساء اليوم نفسه، مما يجعل من المستحيل عرض البث التلفزيوني المذكور في الصباح الباكر. ولذلك السبب نفسه، تنفي الدولة الطرف تأكيد صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من بلوغ منزله ليومين.

4 - 7 كما تنفي الدولة الطرف تأكيد صاحب البلاغ أن البرلمان لا يحق له استخلاص أي استنتاجات قبل أن تصدر المحاكم حكمها. وتوضح أن الهيئة التشريعية تحظى بكامل الحق في مناقشة نتائج أنشطة لجان تقصي الحقائق التي أنشأتها. وفي الوقت نفسه، فإن هذه المناقشات لا تتعارض مع استقلال السلطة القضائية، والمحكمة هي من يعلن الحكم النهائي حصرا ً .

4 - 8 وتقول الدولة الطرف إن المواطنين الأوزبك يتمتعون بكافة الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية داخل أراضيها. وعليه، فإن أي اتهامات بالقومية موجهة ضد السلطات لا أساس لها من الصحة.

4 - 9 وفي الوقت نفسه، تشير الدولة الطرف إلى أنه يعاقب جنائيا ً على الدعوات الانفصالية التي يطلقها بعض زعماء المجتمع الأوزبكي. وكان صاحب البلاغ، بصفته مديرا ً لقناة ميزون ، من بين الأشخاص الذين شاركوا في مؤامرة إجرامية مع قادرجان باتيروف (مؤسس جامعة الصداقة الشعبية). وقام صاحب البلاغ بنشاط بدعم السيد باتيروف في تحقيق نيته الإجرامية (ولا سيما التحريض على التوترات العرقية والإقليمية والاضطرابات العامة والاستيلاء على الممتلكات وتدميرها)، وهو ما يمثل خرقا ً للمادة23 من قانون وسائط الإعلام. وحاول السكان المحليون وقف هذه الأنشطة الإجرامية في أيار/مايو 2010 ، وتعرضوا لهجوم شديد من جانب أنصار السيد باتيروف . وهو ما أدى إلى تصاعد المنازعات العرقية في مدينة أوش وفي منطقتي جلال آباد وأوش، حيث قتل العديدون أو جرحوا.

4 - 10 وكان صاحب البلاغ من بين الذين خضعوا فيما بعد لمحاكمات جنائية وأدينوا غيابياً بينما كانوا في مخابئهم. وخلال المحاكمة، مثل صاحب البلاغ محام، ولم يقدم الدفاع أي التماس أو شكوى بشأن أي انتهاك للمحاكمة وفق الأصول القانونية أو للحقوق الإجرائية لصاحب البلاغ. وقد ثبتت إدانة هذا الأخير ثبوتاً كاملاً. وتلاحظ الدولة الطرف أنه نظراً للتغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها المحاكمة، لا بد أن يكون صاحب البلاغ قد علم بالحكم الصادر بحقه في الأخبار، وهو ما يؤكده كون محاميه استأنف القرار أمام المحاكم العليا. وتخلص الدولة الطرف إلى أنه على الرغم من أن المحكمة العليا أيدت قرار المحكمة الابتدائية، فإن الحقوق الإجرائية لصاحب البلاغ كانت مكفولة بالكامل في جميع مراحل المحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لصاحب البلاغ استئناف الحكم في حال الكشف عن ملابسات جديدة.

4 - 11 وتنفي الدولة الطرف ادعاء صاحب البلاغ بأن الحكم الصادر بحقه يكشف عن تمييز على أساس العرق. وفي هذا الصدد، تبلغ الدولة الطرف اللجنة بأن 51 في المائة فقط ممن يعتبرون مسؤولين جنائيا ً عن أحداث حزيران/يونيه 2010 هم من أصل أوزبكي.

4 - 12 وأخيرا ً ، تكرر الدولة الطرف تأكيد موقفها بأنه لا يمكن النظر في البلاغ من حيث الأسس الموضوعية لأن المحاكم أثبتت جميع التهم الموجهة إلى صاحب البلاغ على نحو كامل، وهذا البلاغ لا يستند إلى أدلة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 في 2 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، طعن صاحب البلاغ في ملاحظات الدولة الطرف. وهو يدعي أنه لم يحرف ملابسات الأحداث المعنية.

5 - 2 وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف بأن البث التلفزيوني المتكرر للمسيرة كان من بين العوامل التي أدت إلى نشوب النزاع لاحقا ً ، يؤكد صاحب البلاغ مجددا ً أنه لم يبث سوى مرة واحدة، وأنه استمر من أربع إلى سبع دقائق ولم يتضمن أي تعليقات.

5 - 3 وينفي صاحب البلاغ الادعاء بأن الأوزبك كانوا المشاركين الوحيدين في مسيرة 15 أيار/ مايو 2010 . ويمكن تأكيد ذلك من خلال أشرطة الفيديو وإفادات الشهود. ويشير صاحب البلاغ بالتحديد إلى أن رئيس منطقة جلال آباد، السيد أسانوف ، وهو من أصل قرغيزي، ألقى خطابا ً باللغة القرغيزية خلال المسيرة استغرق 13 دقيقة.

5 - 4 كما يدعي صاحب البلاغ أنه لا يمكن أن تكون حلقة البث قد عُدِّلت بعد بثها على شاشة التلفزيون وقبل نشرها على شبكة الإنترنت لأن ضباط مكتب المدعي العام في جلال أباد صادروا النسخة الأصلية أثناء عملية تفتيش. وهو يوضح كذلك أن المحرر قام بالفعل بحذف عدد من المشاهد الحساسة قبل بث شريط الفيديو. وعلاوة على ذلك، لا توجد صلة بين خطاب ألقاه السيد باتيروف أمام السكان الأوزبك في قرية كيزيل كيشتاك وأنشطة قناة ميزون ، لأن هذه الأخيرة لم تسجل هذا الحدث بالذات ولم تبثه. وينكر صاحب البلاغ أيضا ً أن يكون هو أو زملائه قد ساهموا عن قصد في حشد الشباب الأوزبكي حول القادة الانفصاليين. وهم لم يسعوا إلا إلى أداء واجبهم المتمثل في إعلام الجمهور بما يحدث. ويرى صاحب البلاغ أن برامج تلفزيون ميزون كانت تهدف إلى تهدئة السكان المحليين والتحذير من المخاطر المحتملة لمثل هذه الحوادث.

5 - 5 ويكرر صاحب البلاغ تأكيده أن مداخلة عمدة مدينة أوش وممثل عن وزارة الشؤون الداخلية قد أذيعت، وكذلك عجزه عن الوصول إلى منزله لمدة يومين. ووفقا ً لصاحب البلاغ، فإنه ونتيجة لخطأ مطبعي، أشير في وصف الأحداث إلى تاريخ 10 حزيران/يونيه، بيد أن البث جرى في الواقع في الساعة الرابعة من صباح 11 حزيران/يونيه، وهو لم يتمكن من العودة إلى منزله بعد ذلك التاريخ.

5 - 6 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أن البرلمان انتهك الأحكام الدستورية والقانون المحلي بزعم أنه مذنب قبل صدور أي قرار من المحكمة. كما يوضح أنه لم يتهم قط السكان القيرغيز أو السلطات القيرغيزية بكونهم قوميين أو  شوفينيين ، وإنما كان يشير إلى مسؤولين وجماعات معينة فقط.

5 - 7 ويشير صاحب البلاغ كذلك إلى الملاحظات الختامية التي اعتمدتها لجنة القضاء على التمييز العنصري واللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) . ووفقا ً لما ذكره، فإنها تقدم صورة لحالة العلاقات بين الأعراق في الدولة الطرف (ولا سيما وضع السكان الأوزبك) تختلف عن الحالة التي أكدتها الدولة الطرف في تقاريرها المقدمة إلى اللجنة. ويشير صاحب البلاغ أيضا ً إلى تقرير اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن الأحداث التي وقعت في جنوب قيرغيزستان، والذي يدعي أنه يؤكد عدم وجود مطالب انفصالية خلال أحداث حزيران/يونيه 2010 .

5 - 8 وينفي صاحب البلاغ ادعاءات الدولة الطرف بشأن وجود مؤامرة إجرامية بينه وبين السيد باتيروف ، الذي قيل إنه يمول تلفزيون ميزون . ويقول إن جميع الادعاءات من هذا النوع كاذبة، لأن السيد باتيروف لم يقدم قط أي موارد مالية أو لوجستية إلى شركة التلفزيون التي كان يعمل بها صاحب البلاغ، ولم تكن هناك أي صلة إجرامية بينهما.

5 - 9 ويتناول صاحب البلاغ أيضا ً المخالفات الإجرائية التي يزعم أنها حدثت أثناء المحاكمة. ووفقا ً له، فإن قضيته الجنائية فتحت في 19 أيار/مايو 2010 ، أي قبل 25 يوما ً من مغادرته البلد. بيد أن المحقق لم يوجه إليه التهم بحضور محاميه ولم يبلغه بطبيعة هذه التهم. وبموجب قانون الإجراءات الجنائية، تعتبر مشاركة المدعى عليه أثناء إقامة محاكمة أمام محكمة ابتدائية إلزامية بوجه عام. ويشير صاحب البلاغ إلى حجة الدولة الطرف بأنه، وكما أقرت بذلك الدائرة الدستورية للمحكمة العليا، يجوز إجراء المحاكمة والحكم غيابيا ً على المدعى عليه على أن يكون هذا الأخير خارج الدولة الطرف ويرفض المثول أمام المحكمة. غير أن المحكمة خلصت إلى هذا الاستنتاج في 21 شباط/فبراير 2014 (أي بعد صدور الحكم بحقه). وعلاوة على ذلك، فهو لم يرفض أبدا ً المثول أمام المحكمة كما لم يختبئ قط من السلطات. ولم يكتشف صاحب البلاغ إدانته إلا من خلال الإنترنت ونشرات الأخبار في وسائط الإعلام، وهو ما جعل من المستحيل على محاميه أن يستعد للمحاكمات أمام المحاكم العليا. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه اكتشف فيما بعد أن محاميه تعرض لضغوط شديدة أثناء الإجراءات القضائية، بل إنه تعرض للضرب في 21 كانون الثاني/يناير 2012 .

5 - 10 وأخيرا ً ، يشير صاحب البلاغ إلى الملاحظات الختامية بشأن تقارير قيرغيزستان الدورية، من التقرير الخامس إلى التقرير السابع، التي اعتمدتها لجنة القضاء على التمييز العنصري، والتي لاحظت فيها اللجنة أن الأوزبك كانوا الضحايا الرئيسيين لأحداث حزيران/يونيه 2010 ، وأنهم كانوا أكثر الناس تعرضا ً للمحاكمة والإدانة ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها بموجب المادة 17 ( 1 ) من العهد إذ لُطِّخت سمعته كونه وصف بالمجرم وتأثرت حياته العائلية بذلك. بيد أن اللجنة تلاحظ أنه وفقاً للمعلومات المتاحة، لا يبدو أن هذه الادعاءات قد أثيرت في الإجراءات المحلية. وبناء على ذلك، فإن هذا الجزء من البلاغ، الذي يثير مسائل بموجب المادة 17 ( 1 ) من العهد، غير مقبول لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

6 - 4 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأنه استنفد سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة، وهو ما أكدته الدولة الطرف. وعليه، تعتبر اللجنة أن مقتضيات الفقرة ( 2 )(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استُوفيت فيما يتعلق بادعاءاته المتبقية.

6 - 5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي انتهاك حقوقه بموجب الفقرة ( 1 ) من المادة 2 من العهد. وهي تشير إلى آرائها السابقة بهذا الخصوص، التي ذهبت فيها إلى أن أحكام المادة 2 من العهد، التي تُقر الالتزامات العامة للدول الأطراف، لا يمكن أن تنشأ عنها، وحدها بمعزل عن غيرها، مطالبات في أي بلاغات بموجب البروتوكول الاختياري ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 6 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب البلاغ يدعي أنه لم يُبلَّغ بمحاكمته وبالحُكم عليه غيابياً، وأن في ذلك انتهاك لحقوقه في أن يُحاكم حضورياً ويواجه شهود الإثبات على نحو ما يرد في المادة 14 ( 3 )(د) و (ه) من العهد. وتذكر اللجنة بأنه وفقاً للمادة 14 ( 3 ) من العهد، لكل شخص، امرأة كانت أم رجلاً، الحق في أن يُحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره. ولا يمكن تأويل هذا النص، وغيره من شروط أصول المحاكمة المكرسة في المادة 14 ، على أنه لا يجيز المحاكمات غيابياً، بصرف النظر عن أسباب غياب الشخص المتهم ( ) . والمحاكمات غيابياً في الواقع مسموح بها في بعض الظروف كأن يرفض المتهم مثلاً ممارسة حقه في أن يكون حاضراً بالرغم من إخطاره بالمحاكمة قبل موعدها بوقت كاف، وذلك حرصاً على سلامة إقامة العدل. وقد ارتأت اللجنة في الماضي أن المحاكمة غيابياً لا تتعارض مع المادة 14 ، طالما أن المتهم، امرأة كانت أم رجلاً، قد استُدعي في الوقت المناسب، وأُبلغ بالدعوى المرفوعة عليه ( ) . ولكي تمتثل الدولة الطرف لمقتضيات المحاكمة العادلة عند محاكمة شخص ما غيابياً، يجب عليها أن تبرهن على أنها احترمت هذه المبادئ ( ) .

6 - 7 وتعترف اللجنة مع ذلك بضرورة وجود حدود معينة للجهود التي يُتوقع بشكل معقول أن تبذلها السلطات المختصة من أجل الاتصال بالمتهم ( ) . ولم تنكر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ حوكم غيابياً وفقا ً للقانون المحلي الذي يجيز محاكمة المدعى عليهم غيابياً إذا كانوا خارج قيرغيزستان ويتهربون من المثول أمام المحكمة. وتلاحظ اللجنة إفادة صاحب البلاغ بأنه غادر قيرغيزستان مع أسرته في منتصف حزيران/يونيه 2010 (بعد 25 يوما ً من فتح التحقيق الجنائي في 19 أيار/مايو 2010 ، وفقا ً لصاحب البلاغ) وأنه لم يبلغ بالمحاكمة ولم يعرف بالحكم إلا من خلال وسائط الإعلام. بيد أنها تلاحظ أنه كان ممثلا ً قانونيا ً وأن الملف لا يحتوي على أي معلومة تشير إلى أن محاميه لم يكن على اتصال به طوال العملية الجنائية. وفي هذه الحالة، فإن اللجنة ترى أنه، ونظرا ً إلى أن صاحب البلاغ كان في المراحل الأولى من الإجراءات الجنائية مجرد شاهد لا متهما ً ثم انتقل مع أقربائه إلى بلد آخر، سيكون من غير المعقول أن تطلب من الدولة الطرف الاتصال بصاحب بلاغ ممثل قانونيا بعد أن يكون هو وأسرته قد اختبأوا ثم غادروا البلد بعد ذلك. وباعتبار هذه العوامل مجتمعة، تستنتج اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم، في هذه الظروف بالتحديد، أدلة كافية لادعائه بانتهاك المادة 14 ( 3 )(د) و(ه) من العهد، وأن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 8 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أن المادة 27 من العهد قد انتُهكت، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات كافية لتمكين اللجنة من النظر فيما إذا كانت وقائع البلاغ تثير مسائل بموجب هذه المادة من العهد. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن هذا الجزء من البلاغ غير مدعوم بالأدلة، وأنه غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 9 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد قدم أدلة كافية، لأغراض المقبولية، تثبت ما تبقى من ادعاءاته التي تثير مسائل بموجب المادتين 14 ( 1 ) و( 2 ) من العهد. وعليه، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن القرار الذي اتخذه برلمان قيرغيزستان في 16 حزيران/ يونيه 2011 حرمه من أي إمكانية لأن تكون المحاكمة عادلة ولأن تُحترم قرينة البراءة لأن هذا القرار أثَّر على نتيجة المحاكمة، وأن في ذلك انتهاك لحقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 2 ) من العهد ولحقه المنصوص عليه في المادة 14 ( 1 ) بأن يُحاكم أمام محكمة نزيهة ومحايدة. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الفرع التشريعي في الحكومة يتمتع بصلاحية مناقشة نتائج عمل لجانها المعنية بتقصي الحقائق، وأنه لا ينبغي أبداً اعتبار المناقشات في البرلمان تدخلاً في العمل المستقل للسلطة القضائية، وذلك لأن المحاكم هي من يتخذ القرارات النهائية دائماً. وتذكر اللجنة باجتهاداتها القضائية السابقة ( ) على النحو المبين في تعليقها العام رقم  32 ( 2007 ) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، الذي ينص على أن افتراض البراءة، وهو أمر أساسي لحماية حقوق الإنسان، يلقي بعبء إثبات الاتهام على الادعاء، ويكفل عدم افتراض الإدانة إلى أن تثبت التهمة بما لا يدع مجالا ً للشك، ويقتضي معاملة المتهمين بجرائم جنائية وفقا ً لهذا المبدأ. وتلاحظ اللجنة أنه في الوقت الذي يصف نص القرار البرلماني صاحب البلاغ والمتهمين معه بأنهم نظَّموا وارتكبوا الأحداث المأساوية التي وقعت في أوش وجلال آباد في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيه 2010 ، فإنها توصي أيضاً بأن تكفل المحكمة العليا في قيرغيزستان الشفافية الكاملة في الإجراءات الجنائية المقامة على الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم فيما يتصل بالأحداث المذكورة، وأن يُسمح لأقارب المتهمين وممثلي المنظمات الدولية بالدخول إلى قاعة المحكمة خلال المحاكمة. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات تشير إلى الكيفية التي قد يكون القرار - وهو وثيقة سياسية - أثر بها على الإجراءات الجنائية في قضيته. وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع التي عرضها عليها صاحب البلاغ لا تسمح لها بالقول بانتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 2 ). وبناء على ذلك، لا ترى اللجنة أيضاً أي انتهاك لحقه المنصوص عليه في المادة 14 ( 1 ) من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادتين 14 ( 1 ) و( 2 ) من العهد.

المرفق الأول

رأي فردي (مخالف) لعضو اللجنة فورويا شويتشي ، انضم إليه في جزء منه عضوَا اللجنة ديفيد مور وإيلين تيغرودجا

1 - لا يستطيع السيد فورويا والسيد مور الاتفاق مع الرأي الذي اعتمدته اللجنة القاضي بعدم مقبولية ادعاء صاحب البلاغ أن محاكمته غيابيا ً (الفقرة 6 - 6 ) تشكل انتهاكا ً للمادة 14 ( 3 )(د) و(ه)، ولا يوافق كل من السيد فورويا والسيدة تيغرودجا على استنتاج اللجنة بأن قرار البرلمان الذي يصف صاحب البلاغ والمتهمين معه بالمشاركين في تنظيم وارتكاب الأحداث المأساوية التي وقعت في أوش وجلال آباد في أيار/مايو وحزيران/يونيه 2010 لا يشكل انتهاكا ً للمادة 14 ( 2 ) (الفقرة 7 - 2 ).

المحاكمة غيابياً

2 - وفقاً للمادة 14 ( 3 )(د) من العهد، لكل شخص، امرأة كانت أم رجلاً، الحق في أن يُحاكم حضورياً وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره. ومن ناحية أخرى، وكما تشير الآراء الحالية، قد تكون الإجراءات الجنائية في غياب المتهم في بعض الظروف مسموحا ً بها لمصلحة إقامة العدل على النحو السليم، أي عندما يرفض المتهم ممارسة حقه في الحضور، رغم إبلاغه بالإجراءات قبل موعدها بوقت كاف. ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان ملاحظة أن المحاكمة بحضور المتهم مبدأ، بينما المحاكمة غيابياً هي الاستثناء.

3 - ولذلك، أكدت اللجنة أن المحاكمة الغيابية لا تتوافق مع المادة 14 إلا عندما يُستدعى المتهم في الوقت المناسب ويبلغ بالإجراءات المتخذة ضده. والسبب في ذلك هو أن الممارسة الفعلية للحقوق المنصوص عليها في المادة 14 تفترض مسبقاً اتخاذ الخطوات اللازمة لإبلاغ المتهم في وقت سابق بالدعوى القانونية المرفوعة عليه (المادة 14 ( 3 )(أ)). ويشترط في الحكم الغيابي، على الرغم من غياب المتهم، تقديم كل الإخطارات التي تقتضيها أصول المحاكمة لإبلاغه بتاريخ ومكان محاكمته وطلب حضوره. وعند عدم القيام بذلك، لا يمنح المتهم الوقت الكافي والتسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه (المادة 14 ( 3 )(ب)) ولا يمكنه الدفاع عن نفسه من خلال محام يختاره بنفسه (المادة 14 ( 3 )(د))، كما أنه لا تتاح له الفرصة لمواجهة شهود الإثبات أو استجوابهم وضمان حضور شهود الدفاع واستجوابهم نيابة عنه (المادة 14 ( 3 )(ه)).

4 - ولما كانت المحاكمة غيابياً استثناءً فيما يتعلق بالمادة 14 ( 3 )(د)، فإن على الدولة الطرف أن تثبت أنها اتخذت الخطوات اللازمة لإخطار المتهم بالمعلومات عن الإجراءات القانونية. واعترفت اللجنة بضرورة وجود حدود معينة للجهود التي يُتوقع بشكل معقول أن تبذلها السلطات المختصة من أجل الاتصال بالمتهم. بيد أنه حتى إذا كانت هناك صعوبات معينة في الاتصال بالمتهم، فإن الدولة الطرف لا تزال ملزمة بإثبات أنها بذلت بالفعل جهودا ً استباقية كافية لإبلاغ المتهم بالتهم الجنائية وإخطاره بتاريخ ومكان الإجراءات الجنائية.

5 - بيد أن صاحب البلاغ يدعي، في هذه القضية، أن الدولة الطرف لم تتخذ أي تدابير للاتصال به قبل بدء الإجراءات الجنائية، وهو ادعاء لم تدحضه الدولة الطرف. ففي الواقع، لم تقدم هذه الأخيرة أي معلومات إلى اللجنة فيما يتعلق بالخطوات الملموسة التي اتخذتها لإبلاغ صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه، أو إخطاره بالدعوى القضائية.

6 - وفي هذه الظروف، أستنتج السيد فوريا ً والسيد مور أن ادعاء صاحب البلاغ مقبول، وأن المحاكمة التي شرعت فيها الدولة الطرف دون حضور صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً لحقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 3 )(د).

القرار البرلماني

7 - وفقاً لتعليق اللجنة العام رقم  32 ( 2007 )، فإن قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة 14 ( 2 ) تقتضي معاملةَ الشخص المتهم بارتكاب فعل جنائي وفقاً لهذا المبدأ. وفي هذا الصدد، يتجاوز الالتزام الذي يترتب على قرينة البراءة تصرف القاضي المعني والمدعي العام خلال إقامة الدعوى الجنائية. وفي سياق اجتماعي أوسع، تُفترض براءة المتهم والمشتبه فيه إلى أن تحكم محكمة مختصة بإدانتهما. ولهذا الغرض، يشير التعليق العام إلى أن من واجب جميع السلطات العامة الامتناع عن الإدلاء بتصريحات عامة تؤكد إدانة المتهم، ويتعين على وسائط الإعلام تجنب التغطية الإخبارية التي تمس بقرينة البراءة.

8 - ومن أجل إثبات انتهاك قرينة البراءة، لا أهمية في رأينا لما إذا كان من شأن تصريحات السلطات العامة أو تغطية وسائط الإعلام مثلاً أن يؤثرا فعلاً على نتيجة الدعوى الجنائية. فالمعاملة التي تلمح إلى أن المتهم أو المشتبه فيه مذنب يمكن أن تشكل في حد ذاتها انتهاكاً لقرينة البراءة.

9 - وترى الآراء الحالية أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات تشير إلى الكيفية التي كان من الممكن أن يؤثر بها القرار - وهو وثيقة سياسية - على الدعوى الجنائية في قضيته، ثم تخلص إلى أنه لا يوجد انتهاك لحقه المنصوص عليه في المادة 14 ( 2 ). ومع ذلك، فالأمر الحاسم في هذه القضية ليس ما إذا كان للقرار تأثير على الدعوى الجنائية المتعلقة بصاحب البلاغ، بل ما إذا كان قد أوحى بأنه مذنب. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن القرار يذكُر صراحة صاحب البلاغ بالاسم بوصفه أحد مرتكبي الأفعال التي اتُّهم بها جنائياً. وبالرغم من أن للبرلمان سلطة مناقشة نتائج عمل لجانه المعنية بتقصي الحقائق، فإنه يتعين عليه، بوصفه هيئة من هيئات الدولة الطرف، معاملة أي شخص وفقاً لمبدأ قرينة البراءة.

10 - وبناء عليه، يستنتج كل من السيد فورويا والسيدة تيغرودجا أن اعتماد البرلمان القرار المذكور، الذي يشير بوضوح إلى إدانة صاحب البلاغ قبل أن تقرر محكمة مختصة ذلك، يشكل انتهاكا ً لحقه بموجب المادة 14 ( 2 ).

المرفق الثاني

رأي فردي (مخالف) لعضو اللجنة جينتيان زيبيري

1 - مع الأسف، أنا لا أتفق مع ما خلصت إليه اللجنة من أن ادعاء صاحب البلاغ بانتهاك المادة 14 ( 3 )(د) بشأن محاكمته غيابياً غير مقبول (الفقرة 6 - 6 ). وعلى عكس ما رأته اللجنة (الفقرة 7 - 2 )، فإنني أزعم أن قرار البرلمان الذي يصف صاحب البلاغ والمتهمين معه بأنهم منظمو ومرتكبو الأحداث المأساوية التي وقعت في أوش وجلال آباد في أيار/مايو وحزيران/يونيه 2010 يمثل انتهاكا ً لقرينة البراءة بموجب المادة 14 ( 2 ).

المحاكمة غيابياً

2 - تؤكد المادة 14 ( 3 )(د) أنه يحق للشخص المتهم بارتكاب جريمة حضور المحاكمة. ويفسر تعليق اللجنة العام رقم  32 ( 2007 ) أن المحاكمات الغيابية "لا تتوافق مع الفقرة 3 (د) من المادة 14 إلا إذا اتُّخذت الخطوات الضرورية لاستدعاء الأشخاص المتهمين في الوقت المناسب وإبلاغهم مقدماً بتاريخ ومكان المحاكمة ودعوتهم للحضور" ( ) . وفي القضية قيد النظر، تدعي الدولة الطرف فقط أن صاحب البلاغ كان مختبئا ً (الفقرة 4 - 10 )، بينما يؤكد صاحب البلاغ أنه لم يختبئ وأنه منذ فتح قضيته الجنائية في 19 أيار/مايو 2010 وحتى لحظة مغادرته البلد، أي بعد 25 يوما ً ، واصل العمل كالمعتاد في مكتبه في أوش وحضر مؤتمرا ً في بيشكيك (الفقرة 5 - 9 ).

3 - وفي حين أن هناك استثناءات للحق في حضور المحاكمة وحدودا ً لما يمكن توقعه من السلطات المختصة للاتصال بالمتهمين، فقد ارتأت اللجنة أن "الحكم غيابيا ً يتطلب أن يجرى إخطار المتهم على نحو مناسب بموعد ومكان محاكمته وطلب حضوره، بغض النظر عن غيابه" ( ) . وللأسف، لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات إلى اللجنة فيما يتعلق بالخطوات الملموسة التي اتخذتها لإبلاغ صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه، أو إخطاره بالدعوى القضائية. ونظرا ً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات من هذا القبيل، تشكل المحاكمة الغيابية انتهاكا ً لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3 )(د).

القرار البرلماني الصادر في 16 حزيران/يونيه 2011

4 - تنص المادة 14 ( 2 ) على أن لكل متهم بجريمة جنائية الحق في افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقا ً للقانون. ويفسر تعليق اللجنة العام رقم  32 ( 2007 ) أن "افتراض البراءة، وهو أساسي لحماية حقوق الإنسان، يفرض على الادعاء عبء إثبات الاتهام، ويكفل عدم افتراض الإدانة إلى أن يثبت الاتهام بما لا يدع مجالاً للشك، ويقتضي معاملة المتهمين بجرائم جنائية وفقاً لهذا المبدأ" ( ) . وعليه، فإن من "واجب جميع السلطات العامة الامتناع عن إصدار أحكام مسبقة عن محاكمة ما، وذلك مثلا ً عبر الامتناع عن الإدلاء بتصريحات عامة تؤكد إدانة المتهم" ( ) . وهذا الالتزام العام المفروض على السلطات العامة مهم لضمان أقصى قدر من الاحترام للمبدأ الأساسي المتمثل في افتراض البراءة.

5 - وفي القضية قيد النظر، يذكر قرار البرلمان صراحة صاحب البلاغ بالاسم بوصفه أحد مرتكبي الأحداث التي اتهم بارتكابها جنائيا ً (الفقرة 7 - 2 ). وينبغي أن تكون هذه الحقيقة كافية للتوصل إلى انتهاك افتراض البراءة بموجب المادة 14 ( 2 ). وللأسف، فإن اللجنة تنقل عبء الإثبات إلى صاحب البلاغ، إذ تتوقع منه أن يقدم معلومات تبين كيف يمكن للقرار، وهو وثيقة سياسية، أن يؤثر على الإجراءات الجنائية في قضيته (الفقرة 7 - 2 ). ويتعارض هذا النهج مع مغزى المادة 14 ( 2 ) من العهد والتعليق العام رقم  32 ( 2007 )، فخلافا ً لما يقتضيه التعليق العام، صدر بيان عام يحكم مسبقا ً ، ولأول وهلة، على افتراض براءة المتهم. ولذلك، فإنه يقع على عاتق الدولة الطرف أمر إثبات أن هذا السلوك الذي بدر عن أجهزتها أو مسؤوليها لم يؤثر سلبا ً على افتراض البراءة والإجراءات الجنائية.

6 - ومن ثم فإن اعتماد البرلمان القرار المذكور، الذي يشير بوضوح إلى أن صاحب البلاغ مذنب قبل أن تتاح الفرصة لمحكمة مختصة لتقييم الأدلة والتوصل إلى تلك النتيجة، يشكل انتهاكا ً لحقه في افتراض براءته بموجب المادة 14 ( 2 ).