اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2843/2016 * **
بلاغ مقدم من: فاطمة الرسيوي (يمثلها محام من منظمة الكرامة)
الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ وصادق الرسيوي (زوج صاحبة البلاغ)
الدولة الطرف: الجزائر
تاريخ تقديم البلاغ: 7 أيلول/سبتمبر 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2020
الموضوع: الاختفاء القسري
المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية
المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحرية الفرد والأمان على شخصه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية
مواد العهد: المواد 2 ( 2 ) و( 3 ) و 6 ( 1 ) و 7 و 9 و 10 ( 1 ) و 16 و 19 و 23 ( 1 )
مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 3 و 5 ( 2 )
1 - صاحبة البلاغ هي فاطمة الرسيوي ، وهي مواطنة جزائرية. وتدّعي صاحبة البلاغ أن زوجها صادق الرسيوي ، المولود في عام 1942 ، وهو أيضاً مواطن جزائري، كان ضحية اختفاء قسري يُعزى إلى الدولة الطرف، مما يشكل انتهاكاً للمواد 2 ( 3 ) و 6 و 7 و 9 و 10 و 16 و 23 ( 1 ) من العهد. وتؤكد صاحبة البلاغ أيضاً أنها تعرضت لانتهاك حقوقها بموجب المواد 2 ( 3 ) و 7 و 23 ( 1 ) من العهد. وهي تدّعي أخيراً أن الدولة الطرف، من خلال تشريعاتها المحلية، انتهكت الالتزام العام الذي يقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989 . ويمثّل صاحبة البلاغ محام من منظمة الكرامة.
الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ
2 - 1 عاش صادق الرسيوي ، وهو أب لثمانية أطفال، في غرداية وكان "ضابطاً عسكرياً سابقاً" في جيش التحرير الوطني، الذي أُسس في عام 1954 للكفاح من أجل استقلال الجزائر. وبالنظر إلى مهاراته ودرايته بالمنطقة، إذ عمل بها لفترة طويلة، طلبت منه السلطات الجزائرية ترؤس ميليشيا محلية لدعم عمل أجهزة الأمن، وهو اقتراح رفضه صادق الرسيوي مراراً وتكراراً.
2 - 2 وفي يوم من أيام أوائل شهر آذار/مارس 1996 ، حوالي الساعة 30 / 11 صباحا ً ، كان صادق الرسيوي في منزله عندما وصل جنود من منطقة غرداية على متن عدة مركبات رسمية ( ) . وقاموا بمحاصرة وتفتيش منزله، قبل أن يعتقلوه ويقتادوه إلى منطقة غرداية العسكرية ( ) .
2 - 3 وفي 17 و 18 آذار/مارس 1996 ، تمكنت صاحبة البلاغ من زيارة زوجها مرتين، ولا سيما مده بأدوية لعلاج مرض السكري الذي كان يعاني منه. وأُبلغت صاحبة البلاغ في زيارتها التالية بأن زوجها نُقل إلى ورقلة. وبعد ذهابها إلى ذلك المكان، أُبلغت بأنه لم يسجل قط وجود صادق الرسيوي هناك. وقد عادت عدة مرات إلى القطاع العسكري لغرداية من أجل الاستفسار عن مصير زوجها. وكان يؤكد لها في كل مرة أنه لم يعد هناك كما أُمرت بعدم المجيء مجدداً. ولم تسمع صاحبة البلاغ أية أخبار عن زوجها منذئذ.
2 - 4 وقد قامت صاحبة البلاغ بمساعٍ عديدة لدى المؤسسات القضائية والإدارية الوطنية للحصول على معلومات بشأن حالة صادق الرسيوي ، بما في ذلك إرسال رسائل إلى مختلف الهيئات الإدارية والحكومية ( ) . وظلت تلك المساعي عديمة الجدوى. وهكذا، بعثت صاحبة البلاغ في 9 حزيران/ يونيه 1996 رسالة إلى قائد القطاع العسكري في ورقلة تطلب منه فيها معلومات بشأن مصير زوجها، لكنها ظلت دون ردّ. وقدمت الطلب نفسه إلى قائد القطاع العسكري في غرداية في 1 تشرين الأول/أكتوبر 1996 ، وبقي دون ردّ أيضاً.
2 - 5 وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 1997 و 21 حزيران/ يونيه 1998 و 20 أيلول/سبتمبر 1998 و 24 تموز/يوليه 2000 ، وجهت صاحبة البلاغ رسائل إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة غرداية، دون جدوى. وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 1996 و 11 أيار/مايو 1998 و 24 تموز/يوليه 2000 ، راسلت صاحبة البلاغ رئيس المرصد الوطني لحقوق الإنسان. وطلبت مساعدته لاستجلاء ظروف اختفاء زوجها.
2 - 6 وفي 12 نيسان/أبريل و 20 حزيران/يونيه 1998 ، وجهت صاحبة البلاغ رسائل إلى وسيط الجمهورية تطلب فيها تدخله لدى المؤسسات المعنية ( ) . ثم أرسلت في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1999 رسالة إلى وزيري الدفاع والعدل أوضحت فيها أنها لم تتلق أي ردّ من الإدارات التي قامت بمراسلتها وطلبت فتح تحقيق بشأن اختفاء زوجها. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 ، وجهت صاحبة البلاغ رسالتين إلى كل من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والجماعات المحلية، طالبة منهما مساعدتها. وفي 16 آذار/ مارس 2002 ، أوضحت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها لصاحبة البلاغ أنه اتضح بعد عمليات التفتيش التي قام بها درك غرداية أن أجهزة الأمن لم تعتقل صادق الرسيوي ( ) . ثم راسلت صاحب البلاغ رئيس اللجنة في 30 نيسان/أبريل 2002 لتطلب منه مواصلة البحث.
2 - 7 ولم يُفتح أي تحقيق رغم ما بذلته صاحبة البلاغ من جهود. وتؤكد صاحبة البلاغ أنه لم يعد يجوز لها قانوناً اللجوء إلى هيئة قضائية، بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمِّن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وعليه، فقد أصبحت سبل الانتصاف المحلية منعدمة كلياً، وهي لم تكن مفيدة وفعالة على أي حال. وينص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على أنه "لا يخول لأي كان، في الجزائر أو خارجها، أن يتذرع بما خلفته المأساة الوطنية من جراح أو يعتد به بقصد المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أو زعزعة أركان الدولة، أو المساس بشرف جميع أعوانها الذين أخلصوا في خدمتها، أو تشويه صورة الجزائر على الصعيد الدولي" ، ويرفض "كل زعم يقصد به تحميل مسؤولية ظاهرة الاختفاء المتعمد للدولة". وينص ميثاق السلم والمصالحة الوطنية على أن "الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على جميع قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن".
2 - 8 وتفيد صاحبة البلاغ بأن الأمر رقم 06 - 01 يحظر اللجوء إلى القضاء تحت طائلة الملاحقة الجنائية، وهو ما يعفي الضحايا من واجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويحظر هذا الأمر تقديم أي شكوى بشأن الاختفاء أو الجرائم الأخرى، وتنص المادة 45 منه على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدفاع والأمن للجمهورية، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمة، والحفاظ على مؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية". ويجب على السلطة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول كل إبلاغ أو شكوى، بموجب هذا الحكم. وبالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي: "يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3 ) سنوات إلى خمس ( 5 ) سنوات وبغرامة من 000 250 إلى 000 500 [دينار جزائري] كل من تذرع بما خلفته المأساة الوطنية من جراح أو اعتد به، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، بقصد المساس بمؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، أو زعزعة أركان الدولة، أو المساس بشرف جميع أعوانها الذين أخلصوا في خدمتها، أو تشويه صورة الجزائر على الصعيد الدولي". وتباشر النيابة العامة المتابعات الجزائية تلقائياً. وفي حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه المادة".
2 - 9 وتضيف صاحبة البلاغ أن هذا الأمر هو بمثابة عفو فعلي عن الجرائم المرتكبة خلال العقد الماضي، بما فيها أشد الجرائم خطورة، مثل الاختفاء القسري. وهو يمنع أيضاً اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا، تحت طائلة الحبس ( ) . ومن الواضح أن السلطات الجزائرية، بما فيها السلطات القضائية، ترفض إثبات مسؤولية أجهزة الأمن، التي يُزعم أن أعوانها متورطون في اختفاء صادق الرسيوي قسراً. وهذا الرفض يعوق فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته.
الشكوى
3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أن زوجها عُرّضَ للاختفاء قسري من قبل عناصر قوات الأمن الجزائرية، وبالتالي يمكن أن يعزى ذلك إلى الدولة الطرف، وفقاً لتعريف حالات الاختفاء القسري الوارد في المادة 7 ( 2 )(ط) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وعلى الرغم من أن العهد لا يتضمن حكماً محدداً يشير صراحةً إلى حالات الاختفاء القسري، فإن هذه الممارسة تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن الشخصي. وتدعي صاحبة البلاغ، في هذه القضية، أن الدولة الطرف انتهكت المواد 6 ( 1 ) و 7 و 9 ( 1 إلى 4 ) و 10 ( 1 ) و 16 و 23 ( 1 )، فضلاً عن المادة 2 ( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد.
3 - 2 وتُذكِّر صاحبة البلاغ بالطابع الأسمى للحق في الحياة، وبالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف ليس فقط بالامتناع عن سلب الشخص حقه في الحياة سلباً تعسفياً، ولكن أيضاً بمنع أي فعل ينطوي على انتهاك للمادة 6 من العهد وبالمعاقبة عليه، ولو كان الجاني أو الجناة من أعوان الدولة. وتُذكِّر صاحبة البلاغ أيضاً بالالتزام الواقع على عاتق الدولة بحماية حياة الأشخاص الموجودين رهن الاحتجاز، وبالتحقيق في جميع حالات الاختفاء، إذ من شأن عدم التحقيق أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 ، بما في ذلك حين لا يكون أعوان الدولة مسؤولين عن الاختفاء. وتؤكد صاحبة البلاغ أن زوجها قد اعتُقل في آذار / مارس 1996 وأخذته عناصر قوات الأمن إلى مركز غرداية العسكري. وجاء اختفاؤه بعد رفضه الانضمام إلى الميليشيات الجزائرية التي كانت تقوم بعمليات تحت رقابة الدولة. ولم يسمع أقارب صادق الرسيوي أية أخبار عنه منذ أكثر من عشرين عاماً. كما أن فرصهم في العثور عليه على قيد الحياة ضئيلة. وقد تكون وفاته حدثت أثناء الاحتجاز، نتيجة للتعذيب أو للإعدام خارج نطاق القانون. وكان يجب ذكر احتجاز صادق الرسيوي في السجلات، وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية الجزائري. وهذه العوامل، مقترنة بعدم فتح تحقيق، تشهد على عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها، مما يشكل انتهاكاً للمادة 6 ( 1 ) من العهد.
3 - 3 وتُشير صاحبة البلاغ أيضاً إلى أن الحق في عدم التعرض للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حق مطلق يجب التقيد به. ويهيِّئ الاحتجاز مع منع الاتصال تلقائيا بيئة مواتية لممارسة التعذيب، لأن الفرد يكون محروماً من حماية القانون. وهي تذكِّر باجتهادات اللجنة التي أشارت إلى أن هذه الممارسة يمكن أن تشكل في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 7 من العهد. وأشارت صاحبة البلاغ إلى التزام الدولة الطرف بفتح تحقيق بمجرد تقديم ادعاء بحدوث احتجاز سرّي أو بمجرد علمها بذلك . وقد سبق للجنة أن شددت على أن قوانين العفو تتعارض عموماً مع واجب الدول المتمثل في التحقيق مع أي شخص مسؤول عن الاحتجاز مع منع الاتصال ومعاقبته ( ) . وتؤكد صاحبة البلاغ أن احتجاز صادق الرسيوي ظل يكتسي طابع السرية لأكثر من عشرين عاماً، في غياب التسجيل أو أي إجراء آخر كان يمكن أن تُحاط الأسرة علماً به. ولم تتمكن أسرته من الاتصال به خلال تلك الفترة، وخاصة منذ 18 آذار/مارس 1996 . وبالنسبة للشخص المحتجز، تمثّل استحالة الاتصال بالعالم الخارجي التي تطبع الاحتجاز مع منع الاتصال، معاناة نفسية جسيمة ومن الخطورة بحيث يمكن أن تندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد. و من ثم فإن صاحبة البلاغ تؤكد أن صادق الرسيوي هو ضحية انتهاك المادة 7 . وتشكل حالة الكرب والشدّة وعدم التيقّن الناجمة عن الاختفاء وعدم اعتراف السلطات وعدم إجراء تحقيق في ذلك لأكثر من عشرين عاماً حالة معاملة لا إنسانية، وبالتالي انتهاكاً للمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.
3 - 4 وتُذكّر صاحبة البلاغ كذلك بأن حق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه المعترف به في المادة 9 من العهد، يحظر الاعتقال والاحتجاز التعسفيين ويفرض على الدولة الطرف توفير عدد من الضمانات الإجرائية. وفيما يتعلق بالمادة 9 من العهد، تدّعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق زوجها في إطار: (أ) الفقرة 1 ، لأن صادق الرسيوي هو ضحية للحرمان التعسفي من الحرية من طرف الشرطة العسكرية؛ و(ب) الفقرة 2 ، لأن الموظفين الذين ألقوا القبض على صادق الرسيوي لم يذكروا أسباب ذلك، ولم يقدموا أي أمر ذي صلة، ولأنه لم يتلقّ قط أي إعلام رسمي منذ إلقاء القبض عليه؛ و(ج) الفقرة 3 ، لأن صادق الرسيوي لم يُعرض على قاضٍ مختص بعد إلقاء القبض عليه، ولا حوكم ولا أُفرج عنه، ولأن السنوات العشرين التي انقضت منذ إلقاء القبض عليه تجاوزت بكثير المدة القصوى للاحتجاز لدى الشرطة المتمثلة في اثني عشر يوماً والمنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم المتصلة بالإرهاب ؛ و(د) الفقرة 4، لأن صادق الرسيوي لم يتمكّن إطلاقاً من الطعن في قانونية احتجازه، نظراً إلى كونه مستثنى من حماية القانون.
3 - 5 وتُشير صاحبة البلاغ أيضاً إلى الطابع الأساسي والعالمي للمبدأ الذي مفاده "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني"، كما ورد ذلك في المادة 10 ( 1 ) من العهد. وقد حُرِم صادق الرسيوي من أي اتصال بالعالم الخارجي منذ نقله من غرداية إلى مكان احتجاز مجهول. ويتسبب الاحتجاز مع منع الاتصال بطبيعته في معاناة تتسم بما يكفي من الخطورة لجعلها توصف بأنها أعمال تعذيب، بل إنه يتيح أيضاً ممارسة الأفعال اللا إنسانية. ولأن صادق الرسيوي تعرّض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 7 من العهد، فإنه كان بالأحرى ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 10 لأن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تتعارض بطبيعتها مع احترام الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.
3 - 6 وتُذكِّر صاحبة البلاغ كذلك بأن لكل فرد الحق في أن يُعتَرف له بشخصيته القانونية. وتحيل صاحبة البلاغ، في هذا الصدد، إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد، التي مفادها أن الأشخاص المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة ويخضعون للاحتجاز مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في أن يُعترف لهم بالشخصية القانونية، على النحو المكرس في المادة 16 من العهد ( ) . وبناء عليه، يشكل احتجاز صادق الرسيوي مع منع الاتصال انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادة 16 من العهد.
3 - 7 وإذ تُشير صاحبة البلاغ إلى أن الفقرة 1 من المادة 23 من العهد تنصّ على الحق في حماية الأسرة، فإنها تدفع بأن اختفاء صادق الرسيوي قد حرم أسرته من والد وزوج، وهو يشكّل من ثم انتهاكاً لتلك المادة.
3 - 8 وتُذكِّر صاحبة البلاغ بأن المادة 2 ( 3 ) من العهد تضمن إمكانية الحصول على سبل انتصاف فعالة لأي شخص يدّعي وقوع انتهاك لأي حق من حقوقه التي يحميها العهد. وكان بحكم الواقع يستحيل على صادق الرسيوي ، ضحية الاختفاء القسري، أن يسلك أي سبيل من سبل الانتصاف. واستناداً إلى اجتهادات اللجنة، تُذكِّر صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف ملزمة بإجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، وبمقاضاة الأشخاص المزعوم تورطهم فيها وبمعاقبتهم؛ وهي ترى أن الدولة الطرف، بعدم استجابتها لطلبات زوجة الضحية، تكون قد أخلت بالالتزامات الواقعة على عاتقها موجب المادة 2 من العهد. ويشكل الأمر رقم 06 - 01 ، ولا سيما المادة 45 منه، إخلالا من جانب الدولة الطرف بالتزامها بضمان سبيل انتصاف فعال. وبناء على ذلك، طلبت صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تعترف بحدوث انتهاك المادة 2 ( 3 )، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 من العهد.
3 - 9 وأخيراً، يشكل الأمر 06 - 01 خرقاً للواجب العام المنصوص عليه في المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 . ومن ثم، فقد اتخذت الدولة الطرف، باعتمادها هذا الأمر، ولا سيما المادة 45 ، تدبيراً تشريعياً يحرم من الآثار الفعلية لحقها في الحصول على سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان، انتهاكاً للمادة 2 ( 3 ) من العهد، وذلك بتجريمها بموجب المادة 46 من الأمر، بالإضافة إلى ذلك، أي تعبير سلمي عن مظالمها أو أي دعاية للوقائع المزعومة، منتهكة بذلك حق صاحبة البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد. وترى صاحبة البلاغ أنه بفعل وجود ذلك الأمر، وعلى وجه التحديد المواد المذكورة أعلاه التي سبق للجنة أن أشارت مراراً وتكراراً إلى عدم توافقها مع العهد، لم تنفذ الدولة الطرف قط توصيات اللجنة في جميع القرارات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري التي تندرج في إطار الأمر المذكور.
3 - 10 وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة بأن تعترف بحدوث انتهاك للمواد 2 ( 3 )، و 6 ( 1 )، و 7 ومن 9 ( 1 ) إلى 9 ( 4 )، و 10 ( 1 )، و 16 و 23 ( 1 ) من العهد فيما يتعلق بصادق الرسيوي ؛ وتطلب إليها، ثانياً، أن تعترف بانتهاك المواد 2 ( 3 ) و 7 و 23 ( 1 ) من العهد فيما يتعلق به. وتطلب إليها، ثالثاً، أن تلاحظ أن الأمر 06 - 01 ، ولا سيما المادتان 45 و 46 منه، يشكل انتهاكاً للالتزام العام بموجب المادة 2 ( 2 )، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة، علاوة على ذلك، أن تحث الدولة الطرف على ما يلي: (أ) إطلاق سراح صادق الرسيوي إذا كان لا يزال على قيد الحياة؛ و(ب) ضمان حصولها على سبيل انتصاف فعال من خلال إجراء تحقيق دقيق وفعال في الاختفاء القسري لزوجها وإبلاغها بنتائج التحقيق؛ و(ج) مباشرة إجراءات جنائية ضد المسؤولين المزعومين عن اختفاء صادق الرسيوي وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ و(د) تقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ وإلى أصحاب الحقوق من أقارب صادق الرسيوي عما تعرض له من انتهاكات. وفي الأخير، تطلب إلى اللجنة أن تُلزِم السلطات الجزائرية بإلغاء المواد المذكورة من الأمر رقم 06 - 01 .
ملاحظات الدولة الطرف
4 - 1 في تعليقها على الأُسس الموضوعية للادعاءات، دعت الدولة الطرف اللجنة، في 3 نيسان / أبريل 2017 ، إلى الاستناد إلى المذكرة المرجعية للحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية.
4 - 2 وتعتبر الدولة الطرف أن البلاغات التي تُحمِّل أعوان الدولة أو أشخاص آخرين تصرفوا تحت إمرة السلطات العمومية المسؤولية عن وقوع حالات الاختفاء القسري أثناء الفترة من 1993 إلى 1998 يجب النظر فيها "وفقاً لنهج شامل". وتعتبر الدولة الطرف أن مثل تلك البلاغات يجب إدراجها في السياق الأشمل للوضع الاجتماعي السياسي والظروف الأمنية السائدة في البلد في فترة كانت فيها الحكومة منهمكة في مكافحة شكل من الإرهاب كان يسعى إلى إحداث انهيار للدولة الجمهورية. ففي هذا السياق، وعملاً بالمادتين 87 و 91 من الدستور، اتخذت الحكومة الجزائرية إجراءات وقائية وقامت، وفقاً للمادة 4 ( 3 ) من العهد، بإبلاغ الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة بأنها أعلنت حالة الطوارئ في البلد.
4 - 3 وقدمت الدولة الطرف توضيحات بشأن السياق الذي كان سائداً أثناء حدوث الوقائع ( 1993 - 1998 ). وهي توضيحات تكررها الدولة الطرف باستمرار بمناسبة جميع البلاغات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري ( ) .
تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5 - 1 قدمت صاحبة البلاغ في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2018 تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وتشير إلى أن تلك الملاحظات غير ملائمة لأنها تشير إلى وثيقة موحدة مؤرخة تموز/يوليه 2009 موجهة إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وليس إلى اللجنة. ولا تذكر ملاحظات الدولة الطرف تفاصيل القضية ولا تقدم أي ردّ بشأن الظروف الخاصة لاختفاء صادق الرسيوي .
5 - 2 ووفقاً لصاحبة البلاغ، يشكك ردّ الدولة الطرف في التزامها بالتعاون بحسن نية مع اللجنة، وهو واجب ينبع - كما أشارت اللجنة إلى ذلك في الفقرة 15 من تعليقها العام رقم 33 ( 2008 ) - من تطبيق مبدأ حسن النية في سياق احترام جميع الالتزامات التعاهدية . وتشير صاحبة البلاغ إلى أن اللجنة أوصت الدولة الطرف، في ملاحظاتها الختامية على التقرير الدوري الرابع للجزائر، بأن تتعاون معها بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية والتوقف عن الإحالة إلى "المذكرة"، وتقديم ردّ فردي ومحدد بشأن ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وكانت اللجنة قد أعربت أيضاً في ملاحظاتها الختامية عن قلقها إزاء الاستخدام المنهجي لتلك "المذكرة" التي لا تقدم رداً جوهرياً على الادعاءات التي يقدمها أصحاب البلاغات في جميع الحالات التي تغطي الفترة من 1993 إلى 1998 ، بل وأحياناً خارج تلك الفترة ( ) .
5 - 3 وذكِّرت اللجنة في اجتهاداتها السابقة بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تتذرع بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو يمكن أن يقدّموا بلاغات إلى اللجنة ( ) وترى صاحبة البلاغ أن اعتماد الدولة الطرف للميثاق أو "آلية تسوية داخلية شاملة" ليس من التدابير الكافية للوفاء بالتزاماتها التعاهدية المتمثلة في التحقيق والملاحقة القضائية والجبر، وأن تلك التدابير لا يمكن أن يُحتج بها لدى اللجنة على نحو صحيح، ولا أن تشكل سبباً لعدم مقبولية البلاغ.
5 - 4 وعلاوة على ذلك، أعادت اللجنة في تعليقاتها الختامية على التقرير الدوري الرابع للجزائر الإعراب عن قلقها العميق، الذي أعربت عنه مراراً، ولا سيما في سياق آرائها، فيما يتعلق بالمادة 45 من الأمر 06 - 01 ، التي تعوق أي سبيل انتصاف فعال ومتاح لضحايا انتهاكات أحكام العهد التي يرتكبها الأعوان المكلفون بإنفاذ القوانين، بما في ذلك القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وتعزز الإفلات من العقاب. ومن ثم، فإنها أعادت الإعراب فيها عن قلقها إزاء الانتهاكات العديدة والخطيرة التي يُزعم أنها ارتُكبت والتي لم تتم ملاحقة مرتكبيها أو إدانتهم ( ) .
5 - 5 وتعتبر صاحبة البلاغ أن اعتراض الدولة الطرف على اختصاص اللجنة بدعوى أنه ينبغي النظر في حالات الاختفاء القسري في الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 وفقاً لنهج شمولي وغير فردي هو اعتراض غير ذي بال؛ إذ سبق للدولة الطرف أن صدقت على العهد وعلى بروتوكوله الاختياري وهي بذلك اعترفت باختصاص اللجنة فيما يتعلق بالنظر في البلاغات التي يقدمها الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المنصوص عليها في العهد . وتشدد صاحبة البلاغ أيضاً على أن إعلان حالة الطوارئ على النحو المنصوص عليه في المادة 4 من العهد لا يؤثر بأي حال في حظر الاختفاء القسري، أو في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. وأضافت أيضاً أنه يفهم ضمناً من المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري أنه من واجب الدولة الطرف أن تحقق بحسن نية في كل ما يُوجه لممثليها من ادعاءات بانتهاك أحكام العهد، وأن تزود اللجنة بما لديها من معلومات في هذا الشأن ( ) .
5 - 6 وترى صاحبة البلاغ أخيراً أن الدولة الطرف انتهكت الالتزام العام الذي يقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. والواقع أن السبب الرئيسي لعدم فعالية أي سبيل انتصاف داخل الدولة الطرف يكمن في أنه يستحيل قانوناً على صاحب البلاغ تقديم تظلم أمام محاكم الدولة الطرف بموجب المادة 45 من الأمر 06 - 01 . ويكمن أثر ذلك الأمر في تسجيل الاستحالة القانونية لتقديم استئناف فعال في الإطار التشريعي للدولة الطرف، في انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد، ولكن أيضاً في تجريم أي تعبير سلمي عن مظالمها أو أية دعاية بشأن الوقائع المزعومة، في انتهاك لحقها في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد. وما دامت أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المذكورة أعلاه سارية، لن تتوفر لأسر الضحايا أية وسائل قانونية لإعمال حقوقها بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد، أو حتى التحدث علناً عن الانتهاكات المرتكبة ضد ذويها، مما يعرضها للحكم بالسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، في انتهاك للمادة 19 من العهد.
عدم تعاون الدولة الطرف
6 - في 12 تشرين الأول/أكتوبر و 13 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، طُلب إلى الدولة الطرف تقديم ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي ردّ وتعبر عن أسفها لامتناع الدولة الطرف عن تقديم أي معلومات بهذا الشأن. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات التي تنسب لها ولمن يمثلها بارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبأن توافي اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) .
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
7 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.
7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ التي ترى أنها قد استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ أن الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنها كانت قد أعربت عن قلقها في عام 2018 لأن الدولة الطرف ظلت، على الرغم من طلباتها المتكررة، تحيل بصورة منهجية إلى وثيقة عامة نموذجية تُعرف باسم "مذكرة"، دون تقديم ردود محددة على ادعاءات أصحاب البلاغات. وبناءً على ذلك، حثت اللجنة الدولة الطرف على أن تتعاون معها بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية والتوقف عن الإحالة إلى "المذكرة"، وتقديم ردود محددة وفردية على ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) .
7 - 4 وتذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر فقط على إجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تُبلَّغ بها سلطاتها، ولا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل من واجبها أيضاً ملاحقة كل شخص يُزعم أنه ضالعٌ في تلك الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وقد نبَّهت أسرة صادق الرسيوي السلطات المختصة مراراً وتكراراً إلى تعرض الضحية للاختفاء القسري، ولكن الدولة الطرف لم تباشر أي تحقيق شامل ودقيق في هذا الادعاء الخطير. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف تفسيراً محدداً في ملاحظاتها بشأن قضية صادق الرسيوي يُمكن أن يُستنتج منه أن ثمة سبيل انتصاف فعال قد بات متاحاً. ويضاف إلى ذلك أن تطبيق الأمر 06 - 01 لا يزال مستمراً، مع أن اللجنة أوصت بمواءمته مع العهد ( ) . وقد ذكرت اللجنة في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للدولة الطرف أنها تأسف لعدم توفير سبيل انتصاف فعال للأشخاص المفقودين و/أو أسرهم، وعدم اتخاذ تدابير لاستجلاء حقيقة اختفاء الأشخاص المفقودين، وتحديد مكان وجودهم وإعادة رفات من توفي منهم إلى أسرته ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لا شيء يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.
7 - 5 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تؤكد أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 ، لأن الدولة الطرف، باعتمادها الأمر 06 - 01 ، اتخذت تدبيرا تشريعيا يحرم من الآثار الفعلية للحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان، في انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد، وبتجريمها أيضاً لأي تعبير سلمي أو أية دعاية بشأن الوقائع المزعومة، في انتهاك لحق صاحبة البلاغ في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد. وتشير اللجنة أيضاً إلى اجتهاداتها السابقة التي تفيد بأنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام المادة 2 ( 2 ) في ادعاء يرد في بلاغ ما مقدم بمقتضى البروتوكول الاختياري مقترناً بأحكام أخرى من العهد، إلا إذا كان عدم تقيّد الدولة الطرف بالتزاماتها في إطار المادة 2 هو السبب المباشر لحدوث انتهاك منفصل للعهد يؤثّر مباشرة على الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) . وتُذكِّر اللجنة أيضاً باجتهاداتها التي مفادها أنه لا يجوز لأي شخص أن يدعي أنه ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري إلا إذا انتهكت حقوقه بالفعل، وأنه لا يجوز لأي شخص أن يطعن، نظرياً ومن خلال دعوى الحِسبة، في قانون أو ممارسة يراها منافية للعهد ( ) . وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم معلومات كافية توضح كيف أن الأمر 06 - 01 قد طبق عليها فعلاً من منظور المادة 19 من العهد. ولذلك، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تدعم تلك الادعاءات بما يكفي من الأدلة، وتعلن بالتالي عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
7 - 6 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة، في ضوء التغيير الذي حدث في الإطار القانوني في عام 2006 ، أن صاحبة البلاغ لم تتمكن من إعمال حقها في الحصول على سبيل انتصاف فعال للإبلاغ عن اختفاء زوجها في عام 1996 ، نظراً لعدم وجود أي سبيل من سبل الانتصاف يفي بهذا الغرض. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن هذا البلاغ قُدم إليها في عام 2016 . وتذكّر بأن المادة 99 (ج) من نظامها الداخلي تنص على أنه قد يُساء استخدام الحق في تقديم البلاغات عندما يُقدَّم البلاغ بعد خمس سنوات من استنفاد صاحبه لسبل الانتصاف المحلية. وتُعطي صياغة هذا الحكم سلطة تقديرية للجنة، التي يمكنها أن تحدد الحالات التي لا يمكن أن تُطبق عليها بصرامة. وقد سبق أن استعرضت اللجنة حالات للاختفاء القسري ضد الدولة الطرف. فعلى سبيل المثال، أُحيلت إلى اللجنة قضية محمود بوجمعة في عام 2013 ، ولو أن اختفاءه حدث في عام 1996 ( ) . وتلاحظ اللجنة أنه في قضية بوجمعة ضد الجزائر ، لم تثر الدولة الطرف الطابع التعسفي للبلاغ ، كما فعلت في هذه القضية. وبالإضافة إلى ذلك، أتيحت الفرصة للجنة في عام 2007 وفي عام 2018 ، لملاحظة أن الأمر 06 - 01 يحظر مقاضاة عناصر قوات الدفاع والأمن، ويبدو أنه يعزز الإفلات من العقاب ( ) . وترى اللجنة أن مناخ الإفلات من العقاب هذا، الذي يدعمه حظر اللجوء قانوناً إلى هيئة قضائية، له أثر سلبي لا جدال فيه على قدرة الضحايا على إعمال حقهم في سبيل انتصاف فعال، ليس على الصعيد الوطني فحسب، بل على الصعيد الدولي أيضاً. ويمكن أن يؤدي إعلان عدم مقبولية هذا البلاغ من أجل إساءة استخدام الحقوق إلى تشجيع الدولة الطرف على مواصلة عرقلة حق ضحايا انتهاك الحق في الحياة في الحصول على سبيل انتصاف فعال. وتشير اللجنة أيضاً إلى أن الاختفاء القسري يكتسي طابعاً مستمرا، وأن واجب التحقيق هو أيضاً ذو طابع مستمر، وهو ما يُقوضه ذلك القانون وآثاره في هذه القضية. ولذلك، لا ترى اللجنة أن هذا البلاغ يشكل إساءة لاستخدام للقانون في الظروف الخاصة لهذه القضية.
7 - 7 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتها لأغراض المقبولية، ومن ثم فهي تشرع في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 2 ( 3 )، والمادة 6 ( 1 ) والمواد 7 و 9 و 10 ( 1 ) و 16 و 23 ( 1 ) من العهد.
النظر في الأسس الموضوعية
8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتيحت لها، وفق ما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.
8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإشارة إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي كانت قد قدّمتها سابقاً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وإلى اللجنة فيما يتصل ببلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها القائل إنه سبق تسوية مثل هذه القضايا في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها وإلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر وتذكِّر بأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا، أو يمكن أن يقدّموا، بلاغات إلى اللجنة. وتقضي أحكام العهد بأن تبدي الدولة الطرف حرصاً على مصير كل شخص وبأن تعامل كل شخص معاملة تحترم كرامة الإنسان الأصيلة فيه. ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تُدخل التعديلات التي أوصت بها اللجنة، فإن الأمر رقم 06 - 01 يُسهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية، ولذلك لا يمكن اعتباره متفقاً مع أحكام العهد ( ) .
8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتُذكّر باجتهاداتها التي تفيد بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة وأن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن الدولة الطرف غالباً ما تكون المالكة الوحيدة للمعلومات اللازمة ( ) . والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات التي تنسب لها ولمن يمثلها بارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبأن توافي اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) . وفي حال لم تقدم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الشأن، فإنه يتعين إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية.
8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإن الاختفاء القسري يشكل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تمثل انتهاكاً مستمراً لعدة حقوق مكرسة في هذا الصك، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه ( ) .
8 - 5 وتلاحظ اللجنة أن آخر مرة شاهدت فيها صاحبة البلاغ صادق الرسيوي كانت في 18 آذار/ مارس 1996 ، حين كان رهن الاحتجاز في القطاع العسكري لغرداية. وتحيط علماً بأن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يسمح بتحديد مصير صادق الرسيوي ولم تؤكد قط احتجازه. وتذكّر اللجنة بأن سلب الشخص حريته ثم رفض الاعتراف بذلك، أو رفض الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان ذلك الشخص من حماية القانون وتعريض حياته لخطر مستمر وجسيم تُعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي القضية قيد النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات قد تبين أنها وفت بالتزامها بحماية حياة صادق الرسيوي . وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بحماية حياة صادق الرسيوي ، وهو ما يشكّل انتهاكاً للمادة 6 ( 1 ) من العهد.
8 - 6 وتقر اللجنة بمدى المعاناة الناجمة عن الاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي لأجلٍ غير مسمى. وتذكّر بتعليقها العام رقم 20 ( 1992 ) الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ تدابير لمنع الاحتجاز مع منع الاتصال. وتلاحظ أنه في هذه القضية، بعد أن رأت صاحبة البلاغ زوجها مرتين في القطاع العسكري لغرداية، في 17 و 18 آذار/مارس 1996 ، لم تصلها قط أي معلومات أخرى عن مصيره أو عن مكان احتجازه بعد ذلك، مع أنها حاولت عدة مرات زيارة أماكن الاحتجاز حيث كان أصلاً والتي قد يكون نُقل منها، ورغم أنها رفعت إلى سلطات الدولة عدة التماسات متتالية. وعليه، ترى اللجنة من المحتمل أن يكون صادق الرسيوي ، الذي اختفى في 18 آذار/مارس 1996 ، لا يزال قيد الاحتجاز مع منع الاتصال لدى السلطات الجزائرية. وبالنظر إلى عدم تقديم الدولة الطرف توضيحات بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن هذا الاختفاء يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد في حق صادق الرسيوي ( ) .
8 - 7 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءات انتهاك المادة 10 من العهد ( ) .
8 - 8 وتحيط اللجنة علماً بحالة القلق والكرب التي يسببها اختفاء صادق الرسيوي لصاحبة البلاغ وأسرتها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً. وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاكٍ للمادة 7 مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد في حق صاحبة البلاغ ( ) .
8 - 9 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ التي مفادها أن صادق الرسيوي احتُجز تعسفاً ودون أمر قضائي، ولم توجه إليه تهمة، ولم يُعرض على سلطة قضائية يمكنه الطعن أمامها في مشروعية احتجازه. ونظراً إلى عدم ورود أي معلومات أخرى من الدولة الطرف في هذا الصدد، فإن اللجنة ترى أنه يجب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى انتهاك حقوق صادق الرسيوي بمقتضى المادة 9 من العهد ( ) .
8 - 10 وترى اللجنة أن حرمان الشخص عمداً من الحماية القانونية يشكل إنكاراً لحق ذلك الشخص في الاعتراف بشخصيته القانونية، ولا سيما عندما توضع عراقيل بصورة منهجية أمام جهود أقارب الضحية الرامية إلى ممارسة حقهم في الوصول إلى سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح مقنع بشأن مصير صادق الرسيوي ولا بشأن مكان وجوده، على الرغم من المساعي التي بذلها أقاربه، وعلى الرغم أيضاً من أنه كان في عهدة سلطات الدولة الطرف عندما شوهد آخر مرة. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء صادق الرسيوي قسراً منذ ما يزيد على أربعة وعشرين عاماً حرمه من حماية القانون وحرمه من حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.
8 - 11 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءات انتهاك المادة 23 ( 1 ) من العهد ( ) .
8 - 12 وتحتج صاحبة البلاغ أيضاً بأحكام المادة 2 ( 3 ) من العهد، التي تلزم الدول الأطراف بأن تضمن لأي شخص سبل انتصاف متاحة وفعالة وقابلة للإنفاذ من أجل إعمال الحقوق التي يكفلها العهد. وتُذكِّر اللجنة بأنها تولي الأهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للعهد.
8 - 13 وفي هذه القضية، نبّهت صاحبة البلاغ السلطات المعنية مراراً إلى اختفاء زوجها دون أن تجري الدولة الطرف تحقيقاً شاملاً ودقيقاً في حالة الاختفاء، ولم تتلقّ صاحبة البلاغ أي معلومات في هذا الصدد. وعلاوة على ذلك، فإن عدم توفر إمكانية قانونية للجوء إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 يحرم صادق الرسيوي وصاحبة البلاغ حتى الآن، من أي فرصة للوصول إلى سبيل انتصاف فعال لأن ذلك الأمر يمنعهما من اللجوء إلى العدالة لاستجلاء ملابسات جريمة الاختفاء القسري التي هي من أشد الجرائم خطورة ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 2 ( 3 ) مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد في حق صادق الرسيوي ، وانتهاك المادة 2 ( 3 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد في حق صاحبة البلاغ.
9 - وتخلص اللجنة، متصرفةً وفقاً للمادة 5(4) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات الدولة الطرف للمواد 6 و7 و9 و16 من العهد، وللمادة 2(3) مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، في حق صادق الرسيوي . وتسجّل اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد في حق صاحبة البلاغ.
10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف الالتزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر ضرر الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد جبراً كاملاً. وفي هذه القضية، تُلزَم الدولة الطرف بما يلي: (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ونزيه ومستقل في اختفاء صادق الرسيوي وتزويد صاحبة البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج ذلك التحقيق؛ و(ب) الإفراج فوراً عن صادق الرسيوي إن كان لا يزال محتجزاً مع منع الاتصال؛ و(ج) إعادة رفات صادق الرسيوي ، في حالة وفاته، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ و(د) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و(ه) منح صاحبة البلاغ وصادق الرسيوي إذا كان على قيد الحياة تعويضاً كافياً وتدابير ترضية مناسبة. وبصرف النظر عن الأمر رقم 06 - 01 ، يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على أن يمارس ضحايا الجرائم مثل التعذيب، والإعدام خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، حقهم في سبيل انتصاف فعال دون عراقيل. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل تلك الانتهاكات في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف أن تعيد النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، وأن تلغي على وجه الخصوص، أحكام الأمر المذكور التي تتنافى مع أحكام العهد، حتى يتسنى التمتع بالحقوق المكرسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.
11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها، والخاضعين لولايتها، الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال وقابل للإنفاذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.