الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2952/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

18 November 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2952 / 2017 * ** ***

بلاغ مقدم من: ماتانات باليار جيزي غوربانوفا وسعدات باليار جيزي مرادهازيلوفا (يمثلهما المحاميان دانيال بول وبيتر موزني)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبتا البلاغ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

الدولة الطرف: أذربيجان

تاريخ تقديم البلاغ: 7 شباط/فبراير 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 15 شباط/فبراير 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 16 آذار/مارس 2021

الموضوع: اعتقال واحتجاز وتغريم بسبب النشاط الديني لشهود يهوه

المسألة الإجرائية: المقبولية - ادعاءات ظاهرة البطلان

المسائل الموضوعية: الاعتقال والاحتجاز التعسـفيان؛ التمييز؛ حرية التعبير؛ حرية الدين؛ الأقليات – حق المرء في التمتع بثقافته

مواد العهد: 9 ( 1 ) و 18 ( 1 ) و( 2 )، و 19 ( 1 ) و( 2 )، و 26 و 27

مادة البروتوكول الاختياري: 2

1 - صاحبتا البلاغ هما ماتانات باليار جيزي غوربانوفا وسعدات باليار جيزي مرادهازيلوفا، وهما مواطنتان من أذربيجان ولدتا في 1963 و 1966 تباعاً. وتدّعيان أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 9 ، والفقرتين 1 و 2 من المادة 18 ، والفقرتين 1 و 2 من المادة 19 ، والمادتين 26 و 27 من العهد. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف في 27 شباط/فبراير 2002 . ويمثل صاحبتي البلاغ محاميان.

الوقائع كما عرضتها صاحبتا البلاغ

2 - 1 صاحبتا البلاغ شقيقتان وتعيشان في مقاطعة زاغاتالا. وتنتميان إلى شهود يهوه، وهي طائفة مسيحية يلقي أعضاؤها المواعظ علناً. ويشكل شهود يهوه أقلية دينية في أذربيجان، حيث غالبية السكان من المسلمين. وليست صاحبتا البلاغ من أعضاء جماعة شهود يهوه الدينية، وهي منظمة دينية مسجلة يقع عنوانها القانوني في باكو. وقد تصرفت صاحبتا البلاغ بصفتهما الفردية في الأحداث المحيطة بهذه المسألة.

2 - 2 وأجرت صاحبتا البلاغ في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، محادثة قصيرة وممتعة عن الدين مع امرأة التقتا بها في الشارع. ودعت هذه المرأة صاحبتي البلاغ إلى منزلها. وغادرت صاحبتا البلاغ المنزل بعد التحدث معها هناك ( ) . ثم ألقي القبض على صاحبتي البلاغ في الشارع على أيدي ضباط من مركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا، كانوا قد جاءوا إلى المنزل بعد تلقي معلومة مجهولة المصدر. واقتادت الشرطة صاحبتي البلاغ إلى مركز الشرطة حيث احتُجزتا لمدة أربع ساعات. وأبلغت الشرطة صاحبتي البلاغ بأنهما قيد التحقيق بتهمة توزيع منشورات غير قانونية. ووجهت الشرطة إلى صاحبتي البلاغ إساءات لفظية ( ) ، ووبختهما، وأشارت إليهما بقراءة القرآن. وصودرت المواد المكتوبة بحوزة صاحبتي البلاغ وأُرسلت إلى اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية ( ) . وأُطلق سراح صاحبتي البلاغ ولكن تلقّتا أمراً بالعودة إلى مركز الشرطة في اليوم التالي. واستمر ذلك لعدة أيام إلى أن وُجّهت إليهما في نهاية المطاف تهمة ارتكاب مخالفة إدارية.

2 - 3 واكتشفت الشرطة فيما بعد أنها أخطأت التصرف بمصادرة المواد المكتوبة بحوزة صاحبتي البلاغ - ومنها الكتاب المقدس - التي لم تكن غير قانونية، بل كانت اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية قد وافقت عليها. وبناء على ذلك، عُلّقت الدعوى المرفوعة على صاحبتي البلاغ في 29 كانون الأول/ديسمبر 2014 . وفي التاريخ نفسه، قدمت صاحبتا البلاغ شكاوى ضد مركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا أمام محكمة زاغاتالا المحلية، طلباً للتعويض عن الاعتقال والاحتجاز والتهم الموجهة إليهما. ورُفضت شكاواهما في تاريخ غير محدد ( ) .

2 - 4 وبعد انقضاء فترة التقادم التي يجيزها القانون لمدة شهرين ( ) ، اتهمت الشرطة صاحبتي البلاغ بممارسة نشاط ديني خارج عنوان مسجل. وفي ذلك انتهاك للمادة السابقة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية، التي كانت سارية حتى 1 آذار/مارس 2016 ( ) . وأقيمت الدعوى مجددا ً في 22 نيسان/ أبريل 2015 على السيدة مرادهازيلوفا، وفي 1 أيار/مايو 2015 على السيدة غوربانوفا ( ) .

2 - 5 وفي 15 أيار/مايو 2015 ، أدانت محكمة زاغاتالا المحلية صاحبتي البلاغ بانتهاك المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية، وأمرت كلتيهما بدفع غرامة باهظة قدرها 500 1 مانات أذربيجاني، أي ما يعادل نحو 255 1 يورو على أساس سعر الصرف الرسمي للمصرف المركزي لجمهورية أذربيجان آنذاك ( ) . وكانت صاحبتا البلاغ عاطلتين عن العمل، وكان نصيب الفرد السنوي من الدخل في أذربيجان يبلغ 597 10 مانات. ورغم أن صاحبتي البلاغ ليستا من أعضاء جماعة شهود يهوه الدينية، فقد رأت المحاكم المحلية أن القانون المحلي يحظر على الجمعيات الدينية ممارسة أي نشاط ديني خارج عنوان مسجل على نحو قانوني، وأن صاحبتي البلاغ خالفتا القانون بالتعبير عن معتقداتهما الدينية خارج عنوان من هذا القبيل.

2 - 6 واحتجت صاحبتا البلاغ، خلال الإجراءات القضائية المحلية، بحقهما في المجاهرة بمعتقداتهما الدينية. واستأنفت صاحبتا البلاغ، في 23 حزيران/يونيه 2015 ، حكمي الإدانة الصادرين في حقهما أمام المجلس الجنائي لمحكمة الاستئناف في شاكي ( ) . وفي 15 تموز/يوليه 2015 ، رفضت محكمة الاستئناف طلبي الطعن ( ) . وتؤكد صاحبتا البلاغ عدم إتاحة أي سبيل انتصاف محلي إضافي لهما.

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبتا البلاغ أن الدولة الطرف، باعتقالهما واحتجازهما واتهامهما وتغريمهما بسبب ممارسة نشاط ديني خارج عنوان مسجل، قد انتهكت حقوقهما بموجب الفقرة 1 من المادة 9 والفقرتين 1 و 2 من المادة 18 والفقرتين 1 و 2 من المادة 19 والمادتين 26 و 27 من العهد.

3 - 2 واعتقلت الشرطة صاحبتي البلاغ بسبب إجراء محادثة عن الدين في منزل لم يكن عنوانه عنواناً قانونياً لمنظمة دينية مسجلة، في انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 من العهد، واحتجزتهما لأكثر من أربع ساعات. ولم تفرج الشرطة عن صاحبتي البلاغ إلا بشرط عودتهما إلى مركز الشرطة، وهو ما فعلتاه على مدى اليومين التاليين. وعليه، حُرمت صاحبتا البلاغ لما يزيد عن ثلاثة أيام من حريتهما وظلتا تحت سلطة الشرطة ومراقبتها. ولم تشاركا طوعاً في التحقيق ولم يكن بوسعهما المغادرة.

3 - 3 وكان اعتقال صاحبتي البلاغ غير قانوني. وبموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد، يكون الاعتقال أو الاحتجاز تعسفيّاً إذا شكّل عقاباً على الممارسة المشروعة للحقوق التي يكفلها العهد. وهذا الاعتقال أو الاحتجاز تعسفيٌّ حتى عندما يأذن به القانون المحلي، إذا كان القانون نفسه معيباً. وكان الغرض الأساسي من الاعتقالات في هذه القضية معاقبة صاحبتي البلاغ وإعاقة حرية ممارستهما الدين والتعبير. وقد تبيّن هذا الغرض عندما تحرشت بهما الشرطة أثناء احتجازهما، بما يشمل توبيخهما لعدم حيازتهما إذنا بالوعظ، والإشارة عليهما بقراءة القرآن.

3 - 4 ولا يمكن تبرير احتجاز صاحبتي البلاغ، لأن الدولة الطرف لم يكن لديها أي سبب مشروع للتدخل في أنشطتهما. ولم تقدم السلطات أي أدلة على ضرورة احتجاز صاحبتي البلاغ في مركز الشرطة خلال ثلاثة أيام منفصلة. وقد كانت صاحبتا البلاغ تمارسان الحريات التي يكفلها العهد ممارسةً سلمية.

3 - 5 وانتهكت الدولة الطرف حقوق صاحبتي البلاغ بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة 18 من العهد باعتقالهما بسبب مناقشة معتقداتهما الدينية ومن ثمّ المجاهرة بها؛ وبتخويفهما وتشجيعهما، أثناء احتجازهما لدى الشرطة، على التخلي عن معتقداتهما الدينية واعتناق العقيدة الإسلامية؛ وبالمعاقبة على التعبير عن المعتقدات الدينية خارج العناوين المسجلة.

3 - 6 ويجب أن تقي ي م سلطة ال دولة في قصر النشاط الديني على العناوين المسجلة للجمعيات الدينية في ضوء العواقب التي تنشأ عن ذلك بالنسبة للأفراد الذين يشاطرون الجمعية معتقداتها. وفي هذه القضية، تمثلت العواقب بالنسبة إلى صاحبتي البلاغ في اعتقالهما، وتخويف الشرطة لهما، وفي ملاحقات قضائية متعددة، وإدانات وغرامات باهظة. وعلاوة على ذلك، فالإجراءات التي اتخذتها الدولة الطرف غير منصوص عليها في القانون، لأن المحاكم كان ينبغي لها أن تفسر القانون المعني من أجل منع انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وفضلا ً عن هذا، لم يكن لإجراءات الدولة الطرف أي هدف مشروع. ولا توجد أي أدلة على أن صاحبتي البلاغ قد هددتا النظام العام بأي شكل من الأشكال، ولم تُقدَّم أي حجة على أن حظر النشاط الديني خارج عنوان قانوني مسجل ضروريٌّ في مجتمع ديمقراطي.

3 - 7 وانتهكت الدولة الطرف حقوق صاحبتي البلاغ بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة من العهد من خلال سوء تطبيق قانون الجرائم الإدارية ومنع صاحبتي البلاغ من التعبير عن معتقداتها الدينية خارج عنوان مسجل للجمعية. وتترتب على هذا التقييد آثارٌ بالغة تمسّ من حقوق جميع مواطني أذربيجان في نقل الأفكار وتلقيها. إذ تجرّم الدولة الطرف في الواقع أي خطاب يلقيه أشخاص ينتمون إلى أي دين من الأديان إذا أُلقي ذلك الخطاب خارج عنوان محدد. ويكون التعبير عن الأفكار الدينية عن طريق الإنترنت والإذاعة والتلفزيون، أو الدعوات إلى الصلاة غير قانونيٍّ.

3 - 8 ولم يكن التدخل في حقوق صاحبتي البلاغ بموجب المادة 19 من العهد ضرورياً أو متناسباً. إذ لم تشكل أنشطة صاحبتي البلاغ أي تهديد للنظام العام. ولا تبرر معلومة مجهولة المصدر تلقتها الشرطة عن صاحبتي البلاغين ملاحقتهما قضائياً. بل على العكس من ذلك، من واجب الشرطة أن تحمي الأفراد المنتمين إلى الأقليات من أعمال التعصب. هذا إلى أنّ التدخل غير منصوص عليه في القانون، ولم يسعَ إلى تحقيق هدف مشروع، وغير ضروري في مجتمع ديمقراطي للأسباب المذكورة أعلاه.

3 - 9 وقد انتهكت الشرطة حقوق صاحبتي البلاغ بموجب المادتين 26 و 27 من العهد، بحرمان صاحبتي البلاغ من حقهما في المجاهرة بدينهما وإقامة شعائره. فلا يجوز أن تقتصر حرية الدين والتعبير على موقع جغرافي معين. ولغرض تقييد النشاط الديني لطائفة دينية من الأقليات، تعرضت صاحبتا البلاغ ل لعقاب بسبب ارتباطهما بأقلية دينية. وعندما تُحرم أقلية دينية من الحق في التواصل والتعبير عن المعتقدات دون عوائق، لا يمكن لتلك الأقلية أن تكون قائمة عمليّاً.

3 - 10 والواقع أن الدولة الطرف أظهرت تعصباً تجاه شهود يهوه بطرق شتى. فقد داهمت الشرطة اجتماعات دينية لشهود يهوه، وفرضت السلطات رقابة على منشوراتهم الدينية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية ( )

4 - 1 ترى الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 2017 أن الموقع الجغرافي لأذربيجان وتاريخها والتكوين الإثني لسكانها، من أسباب تعايش الناس من مختلف المعتقدات الدينية، ومنها الوثنية والزرادشتية واليهودية والمسيحية والإسلام، جنبا ً إلى جنب في البلد. وما فتئت درجةٌ عالية من التسامح قائمة على الدوام بين الجماعات الإثنية والدينية في البلد. والواقع أن التسامح هو السمة السائدة للأفراد الذين يعيشون في أراضي الدولة الطرف. ويُحتفل سنوياً باليوم الدولي للتسامح في 16 تشرين الثاني/نوفمبر منذ عام 1995 . وتستضيف باكو المنتدى العالمي للحوار بين الثقافات الذي يُنظّم سنوياًّ. وتعمل الكنائس المسيحية والكُنُس اليهودية والعديد من المؤسسات التعليمية المسيحية واليهودية الأخرى بحرية في البلد. وتقدم لهم الدولة الطرف كل الدعم اللازم. ومن بين أولويات السياسات لحكومة أذربيجان أن تحافظ على التسامح وتروج له، على الصعيدين المحلي والدولي على السواء. ويتجلى ذلك في موقف الحكومة تجاه الناس من مختلف المعتقدات الدينية، وطبيعة النظام القانوني المحلي، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لترميم المعالم الدينية والتاريخية وتنظيمها مؤتمرات دولية بشأن مسألة التسامح.

4 - 2 وتبلغ نسبة المسلمين من سكان أذربيجان 96 في المائة تقريبا؛ أما النسبة المتبقية، وهي 4 في المائة، فهي تمثل أعضاء من ديانات أخرى، ومنها الديانات المسيحية واليهودية والبهائية والكريشناتية. وجلّ أشكال المسيحية مُمثَّلة في البلد. ويوجد في أذربيجان ما يفوق 000 2 مسجد وثلاث عشرة كنيسة وسبعة كُنُس يهودية مفتوحة للعبادة، وسُجِّل ما يزيد على 650 طائفة دينية.

4 - 3 وفيما يتعلق بالقانون المحلي المعني، تنص المادة 1 من قانون حرية الدين في الجزء ذي الصلة على ألا تخضع حرية الدين إلا للقيود الضرورية لمصالح الدولة والسلامة العامة، من أجل حماية الحقوق والحريات الممتثلة للالتزامات الدولية لأذربيجان. ووفقا ً للمادة 5 من القانون، يجب أن يُفصل الدين والطوائف الدينية عن الدولة، وأن يتساوى جميعها أمام القانون. وتنص المادة 22 من القانون على أن المنظمات الدينية لا يجوز أن تعمل إلا بعد تسجيلها لدى السلطة التنفيذية المختصة، وإدراجها في السجل الحكومي للمنظمات الدينية، وتعيينها رجل دين أو امرأة دين في دار العبادة المدرجة بصفتها عنواناً قانونياً للمنظمة. وتنص المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية، التي كانت سارية آنذاك، على أن عمل منظمة دينية خارج عنوانها القانوني المسجل يُعاقَب عليه بغرامة تتراوح بين 500 1 و 000 2 مانات.

4 - 4 وانتهكت صاحبتا البلاغ في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، قواعد السلوك الخاصة بالمنظمات الدينية من خلال نشاطهما خارج العنوان القانوني المسجل لجماعة شهود يهوه الدينية. وكان العنوان القانوني للجماعة يقع في باكو، في حين كانت صاحبتا البلاغ تنشطان في مدينة زاغاتالا.

4 - 5 وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، قرر فريق التحقيق التابع لمركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا رفع دعوى على صاحبتي البلاغ. وفي 26 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، تولى ضباط من مركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا صياغة محضري جريمة إدارية في حق صاحبتي البلاغ، وأرسلوهما إلى محكمة زاغاتالا المحلية للنظر فيهما. وقدمت كل من السيدة مرادهازيلوفا والسيدة غوربانوفا في 26 و 29 كانون الأول/ديسمبر 2014 على التوالي، شكوى إلى محكمة زاغاتالا المحلية، طلباً لإلغاء قرار فريق التحقيق التابع لمركز الشرطة في مقاطعة زاغاتالا. وفي التاريخين نفسيهما، علّقت المحكمة المحلية النظر في قضيتي الجريمة الإدارية المرفوعتين على صاحبتي البلاغ. وفي 12 كانون الثاني/يناير 2015 ، رفضت محكمة زاغاتالا المحلية كلتا الشكويين وأيدت قرار فريق التحقيق المؤرخ 15 كانون الأول/ ديسمبر 2014 . وفي 8 نيسان/أبريل 2015 ، رفضت محكمة الاستئناف في شاكي الطعن الذي تقدمت به صاحبتا البلاغ، وأكدت قرار المحكمة المحلية.

4 - 6 واستؤنف النظر في قضيتي الجريمة الإدارية المرفوعتين على صاحبتي البلاغ عملا ً بقراري محكمة زاغاتالا المحلية المؤرخين 22 نيسان/أبريل و 1 أيار/مايو 2015 . وفي 15 أيار/مايو 2015 ، أدانت المحكمة ذاتها صاحبتي البلاغ بانتهاك المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية، التي كانت سارية حتى 1 آذار/مارس 2016 . وحُكم على كلّ من صاحبتي البلاغ بدفع غرامة قدرها 500 1 مانات. وفي 15 تموز/يوليه 2015 ، رفضت محكمة الاستئناف طلبي الطعن اللذين قدمتهما صاحبتا البلاغ.

4 - 7 وفيما يتعلق بادعاء صاحبتي البلاغ بموجب المادة 18 من العهد، شكّلت العقوبات الإدارية المفروضة على صاحبتي البلاغين قيداً مسموحاً به على ممارستهما الحق في حرية الدين. وبموجب الفقرة 3 من المادة 18 من العهد، لا يجوز أن يُفرَض على هذا الحق إلا القيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. وينص القانون على التدخل موضع النظر في هذه القضية، وتحديداً في المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية. وكانت صاحبتا البلاغ على دراية بهذا القانون الذي كان في متناولهما الاطلاع عليه. وقد صيغ القيد الوارد في ذلك الحكم بدقة كافية تخول لصاحبتي البلاغ إدراك نتائج أفعالهما سلفاً.

4 - 8 وعلاوة على ذلك، فهذا التقييد متناسب مع الهدف المشروع ألا وهو حماية النظام العام، وتعايش مختلف الجماعات ( ) ، وحقوق الآخرين وحرياتهم. وكان العنوان القانوني لمنظمة شهود يهوه يقع في باكو التي تبعد نحو 450 كيلومترا ً تقريبا ً عن زاغاتالا حيث كانت تنشط صاحبتا البلاغ.

4 - 9 وبالإضافة إلى ذلك، فإن التقييد ضروري في مجتمع ديمقراطي. وللأفراد حرية التمسك بمعتقدات دينية أو التخلي عنها، وحرية ممارسة الدين أو عدم ممارسته ( ) . وتتضمن العديد من "آراء" شهود يهوه تصريحات مهينة موجهة إلى الطوائف المسيحية واليهودية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع في أذربيجان. ولذلك من الضروري حماية الأفراد المعتنقين لديانات ومعتقدات أخرى من العبارات المهينة التي يصرح بها شهود يهوه خارج دار العبادة الخاصة بهم. وفي المجتمعات الديمقراطية التي يتعايش فيها الناس من مختلف المعتقدات الدينية، يمكن أن تكون القيود المفروضة على حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته ضروريّةً من أجل التوفيق بين مصالح مختلف الجماعات، وضمان احترام معتقدات الجميع. وهذا ما يُستمدّ من المادة 2 والفقرة 3 من المادة 18 من العهد. وتؤدي الدولة الطرف دور الجهة المحايدة والنزيهة التي تنظم ممارسة مختلف الأديان، ولا تقيّم شرعية المعتقدات الدينية أو الطرق التي يُعبّر بها عن تلك المعتقدات. ويقتضي هذا الواجب من الدولة الطرف ألا تستأصل سبب التوتر عن طريق القضاء على التعددية، بل أن تكفل التسامح المتبادل بين الجماعات المتعارضة ( ) . فالتعددية والتسامح والانفتاح الفكري من سمات المجتمع الديمقراطي. وعلى الرغم من وجوب إخضاع المصالح الفردية إلى مصالح الجماعة في بعض الأحيان، إلاّ أن الديمقراطية لا تعني ببساطة أن آراء الأغلبية يجب أن تسود دوماً. ويتعين تحقيق توازن يضمن معاملة الأشخاص المنتمين إلى الأقليات معاملة عادلة ويحول دون أي إساءة استخدام لمركز قوة مهيمن. وفي حين يحمي العهد حقوق الآخرين وحرياتهم، يجب التسليم بأن ضرورة حمايتهم قد تدفع الدول الأطراف إلى تقييد حقوق أو حريات أخرى منصوص عليها أيضاً في العهد. وهذا السعي المستمر إلى تحقيق توازن بين الحقوق الأساسية لكل فرد هو بالتحديد ما يشكل تحديداً أساس مجتمع ديمقراطي.

4 - 10 وسلطات الدولة الطرف أقدر من محكمة دولية على تقييم الاحتياجات والظروف المحلية . وفي مسائل السياسات العامة التي يمكن داخل مجتمع ديمقراطي أن تختلف الآراء على نحو معقول بشأنها اختلافا ً كبيرا ً ، ينبغي إيلاء دور المشرّع المحلي أهمية خاصة ( ) . وهذا هو الحال، لا سيما عندما تكون المسائل المتصلة بالعلاقة بين الدولة والأديان على المحك. ومن ثمّ ففيما يتعلق بالمادة 18 من العهد، ينبغي منح الدولة هامشاً كبيراً من التقدير كي تحدّد ما إذا كان من الضروري تقييد حق المرء في المجاهرة بدينه أو معتقداته وإلى أي مدى يمكنه القيام بذلك . ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية شاهين ضد تركيا أن هذا الهامش الكبير من التقدير ينطبق عند تقييم القواعد التنظيمية لارتداء الرموز الدينية في المؤسسات التعليمية ( ) . ورأت المحكمة أن من المستحيل تمييز مفهوم موحّد في جميع أنحاء أوروبا عن أهمية الدين في المجتمع، وأن معنى التعبير العلني عن معتقد ديني أو أثره يختلف باختلاف الوقت والسياق. ولاحظت المحكمة نتيجة لذلك، أن القواعد في هذا المجال من شأنها أن تختلف من بلد إلى آخر، وفقا ً للتقاليد الوطنية والمتطلبات التي تفرضها ضرورة حماية حقوق الآخرين وحرياتهم والحفاظ على النظام العام. وخلصت المحكمة إلى أن اختيار نطاق هذه القواعد وشكلها يجب أن يرجع حتما ً إلى الدولة الطرف المعنية.

4 - 11 وتشير الدولة الطرف أيضا ً إلى قضية معهد أوتو - بريمينغير ضد النمسا التي قررت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن السلطات النمساوية تصرفت على نحو مشروع من خلال ضمان السلام الديني في منطقة معينة، والحيلولة دون شعور بعض الأفراد باستهدافهم بهجمات على معتقداتهم الدينية بأسلوب غير مبرر ومهين ( ) . ورأت المحكمة أن السلطات المحلية، وهي المؤهلة أكثر من قاضٍ دولي، يعود إليها تقييم ضرورة هذا التدبير في ضوء الأوضاع المحلية.

4 - 12 ومن المهام الأساسية للدولة الحفاظ على السلام الديني ومنع أي تمييز ضد ديانات أو جماعات دينية معينة أو أي اعتداءات على المعتقدات الدينية للآخرين. ويعيش سويّا ً في إقليم الدولة الطرف أفراد ينتمون إلى العديد من الديانات والجماعات الإثنية. وينبغي أيضا ً مراعاة أن إحدى صاحبتي البلاغ لم تفِ بالتزاماتها بموجب حكم المحاكم المحلية، ولم تدفع الغرامة المطلوبة.

تعليقات صاحبتي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5 - 1 تؤكد صاحبتا البلاغ في تعليقات مؤرخة 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، أن الدولة الطرف لم تعترض في ملاحظاتها على ادعاءات أساسية معينة وردت في شكواهما. وتأكيد الدولة الطرف أن آراء شهود يهوه تتضمن عبارات مهينة موجهةٍ إلى الطوائف المسيحية واليهودية هو تأكيد خاطئ ولا يستند إلى أي أدلة قدمتها الدولة الطرف. والواقع أن اللجنة الحكومية المعنية بالعمل مع الجمعيات الدينية كانت قد استعرضت المؤلفات الدينية التي صودرت من صاحبتي البلاغ وكانت قد وافقت عليها. فما من دليل إذن على أن المؤلفات تتضمن أي عبارات مهينة. وعلى المنوال ذاته، ما من دليل على أن صاحبتي البلاغ نفسيهما أوردتا أي تصريحات مهينة ضد أي طائفة دينية. والادعاء الجريء الذي قدمته الدولة الطرف ضد شهود يهوه هو في حد ذاته مظهرٌ من مظاهر التعصب الديني. إذ يسترشد شهود يهوه بمبدأ الكتاب المقدس لاحترام الناس من جميع الأطياف. ويتّبعون وصية يسوع المسيح بأن يحب المرء جاره بقدر ما يحب نفسه. وهم يسعون بذلك إلى إظهار محبة الجوار والاحترام العميق تجاه الناس من جميع الأعراق والجنسيات والأديان.

5 - 2 وما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحبتي البلاغ كانتا تعقدان اجتماعا ً دينيّاً غير صحيح ولا تؤيده أي أدلة وقائعية. فقد اكتفت صاحبتا البلاغ بالمشاركة في محادثة سلمية وخاصة عن معتقداتهما الدينية مع امرأة دعتهما إلى منزلها. ولا يمكن تفسير محادثة خاصة بين ثلاثة أشخاص على أنها "تجمع ديني". ولم تتعدّ صاحبتا البلاغ العمل بوصية يسوع المسيح بنقل بشارة الكتاب المقدس عن ملكوت الله.

5 - 3 وتتناقض ملاحظات المنظمات الدولية في السنوات الأخيرة مع تأكيد الدولة الطرف على موقفها المتسامح تجاه الأقليات الدينية. ففي تقرير صدر في عام 2011 ، أشارت اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب إلى ما تبديه الدولة الطرف من تعصب ديني تمييزي وإلى معاملة الشرطة الجائرة للأقليات الدينية غير المسجلة، ومنها شهود يهوه ( ) . وقد أعربت اللجنة ذاتها عن قلقها بشأن ادعاءات التدخل في الأنشطة الدينية ومضايقة أعضاء الجماعات الدينية، بمن فيهم شهود يهوه، وارتفاع عدد حالات الاعتقالات والاحتجازات والعقوبات الإدارية أو الجنائية التي تستهدفهم ( ) .

5 - 4 ولم تردّ الدولة الطرف على ادعاءات صاحبتي البلاغ بموجب المواد 9 أو 19 أو 26 أو 27 من العهد. وفيما يتعلق بالمادة 18 من العهد، لم توضح الدولة الطرف كيف كان بإمكان صاحبتي البلاغ، وهما ليستا من أعضاء الجمعية الدينية المسجلة في باكو، أن تتوقعا إمكانية انطباق المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية على المحادثة الدينية الخاصة التي أجرتاها في زاغاتالا. وادعاء الدولة الطرف بأن صاحبتي البلاغ كانتا على دراية بهذا الحكم هو ادعاء غير صحيح. وتوضح صياغة الحكم أنه يستهدف الكيانات القانونية المسجلة وليس التعبير الشخصي للأفراد عن المعتقد الديني. ووفقا ً لتفسير الدولة الطرف، يُعاقَب بموجب هذا الحكم كل مواطن أذربيجاني يعبر عن آرائه الدينية الشخصية في محادثات خاصة، ما لم تُجرَ المحادثة في العنوان القانوني لجمعية دينية مسجلة. وفي حال ينتمي أفرادٌ إلى ديانة ليس لها عنوان قانوني مسجل في أذربيجان، فلن يسمح لهؤلاء الأفراد بإبداء آرائهم الدينية. وهذا التفسير يتعارض مع جوهر المادتين 18 و 19 من العهد. ولا ينازع أحدٌ في أن صاحبتي البلاغ لا تنتميان إلى كيان قانوني ديني. وهما لم تتصرفا بالنيابة عن طائفة دينية مسجلة، بل شاركتا في محادثات عن مواضيع دينية بصفتهما الشخصية. ويترتب على ذلك أن المادة 299 - 0 - 4 من قانون الجرائم الإدارية لم تُصَغ بدقة كافية لتمكين صاحبتي البلاغ من توقع معاقبتهما على التحدث عن معتقداتهما الدينية سرا ً . وعليه، فالتدبير موضع النظر لم ينص عليه القانون.

5 - 5 وعلاوة على ذلك، يفتقر هذا التدبير إلى هدف مشروع. فقد عوقب صاحبتا البلاغ على المشاركة في مجرد محادثة خاصة وسلمية. ولا توضّح الدولة الطرف كيف عرّضت محادثة صاحبتي البلاغ الخاصة النظامَ العام للخطر، أو كيف اقتضت المحادثة حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتأكيد الدولة الطرف أن آراء شهود يهوه تتضمن عبارات مهينة هو تأكيد خاطئ ولا يرد في أي حكم من أحكام المحاكم المحلية، أو في المواد التي قدمتها الدولة الطرف. وخلافاً لما أكدته الدولة الطرف، فالواقع أنها أجرت تقييماً لشرعية المعتقدات الدينية التي تعتنقها صاحبتا البلاغ ولطريقة تعبيرهما عنها. وقد حاكمت الدولة الطرف صاحبتي البلاغ وأدانتهما لمجرد مجاهرتهما بمعتقداتهما الدينية خارج دار العبادة. وهذا يبرهن على تعصب صارخ تجاه أديان الأقليات.

5 - 6 وفضلا ً عن ذلك، ليس من الضروري في مجتمع ديمقراطي أن تُعاقَب صاحبتا البلاغ على محادثتهما الدينية السلمية. ويصعب إدراك كيف يمكن لحظر التعبير عن المعتقدات الدينية الشخصية خارج دار العبادة أن يتوافق مع المبادئ الديمقراطية للتعددية والتسامح والانفتاح الفكري. ورغم أن الدولة الطرف تستشهد بحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية كوكيناكيس ضد اليونان ، وهي قضية مماثلة من الناحية الوقائعية، فإن تعليل المحكمة في تلك القضية يتناقض مع موقف الدولة الطرف. وعلاوة على ذلك، فالغرامات الباهظة المفروضة غير متناسبة وتبيّن الموقف العدائي للمحاكم المحلية تجاه صاحبتي البلاغ.

5 - 7 وفيما يتعلق بتأكيد الدولة الطرف أن إحدى صاحبتي البلاغ لم تدفع الغرامة، فقد سددت السيدة غوربانوفا مبلغ 50 مانات من قيمة الغرامة في 9 أيلول/سبتمبر 2016 ، ولم يكن باستطاعتها أن تدفع المزيد. وفي 31 مارس/آذار 2017، استعاضت محكمة زاغاتالا المحلية عمّا تخلد بذمتها من الغرامة بعقوبة أداء ما يعادل 200 ساعة من الخدمات العامة، وهو ما أتمّته ( ) . ولم تدفع السيدة مرادهازيلوفا الغرامة المفروضة عليها لأن وضعها المالي لا يسمح بذلك. ومع ذلك، فالحكم الصادر في حقها قابلٌ للتنفيذ، ويمكن لمنفّذ الأحكام القضائية في أي وقت أن يطلب إلى المحكمة معاقبتها على عدم دفعها الغرامة. وقد يؤدي ذلك إلى سجنها، عملا ً بقانون الجرائم الإدارية.

5 - 8 ولا تعترف الدولة الطرف، عند الاحتجاج بهامش التقدير المتاح لها، بأن المسألة المطروحة تنطوي على الظروف التي يجوز فيها للدولة الطرف أن تتدخل في محادثة دينية خاصة. وأدانت الدولة الطرف صاحبتي البلاغ وعاقبتهما على إبداء آراء أقليات دينية، في حين وبخت كذلك المرأة الثالثة التي شاركت بمحض إرادتها في المحادثة. وفي ظل هذه الظروف، ينبغي أن تُمنح الدولة الطرف هامشاً ضيّقاً من التقدير.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 ووفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البرتوكول الاختياري، تأكدت اللجنة من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أيّ إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتلاحظ اللجنة أنّ الدولة الطرف لم تطعن في حجة صاحبتي البلاغ بأنهما استنفدتا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، على نحو ما تقضي به الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة أن صاحبتي البلاغ قد أثارتا مضمون ادعاءاتهما بموجب العهد، عند الطعن دون جدوى في إداناتهما أمام محكمة الاستئناف. وتبعا ً لذلك، ترى اللجنة أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

6 - 4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبتي البلاغ بموجب المادتين 26 و 27 من العهد، ترى اللجنة أن صاحبتي البلاغ لم تقدما ما يكفي من المعلومات لدعم هذه الادعاءات لأغراض المقبولية، خاصّةً فيما يتصل بأي معاملة تفاضلية تعرضتا لها مقارنة بأفراد ينتمون إلى ديانات أخرى وينتظمون في النشاط عينه. وعليه، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُشفع بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن عدم مقبوليتها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية هذا البلاغ، وترى أن صاحبتي البلاغ قدمتا ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءاتهما بموجب الفقرة 1 من المادة 9 والفقرتين 1 و 2 من المادة 18 والفقرتين 1 و 2 من المادة 19 من العهد لأغراض المقبولية. ومن ثم تعلن اللجنة مقبولية هذه الادعاءات وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبتي البلاغ بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة 18 من العهد، تذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 22 الذي لا يُسمح بموجبه بفرض قيود معينة على الحق في حرية مجاهرة المرء بدينه أو بمعتقداته، إلا إذا كانت تلك القيود منصوصاً عليها في القانون وضروريةً لحماية السلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية. ويجوز للفرد ممارسة حريته في المجاهرة بدينه أو عقيدته بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة ( ) . وعلاوة على ذلك، يجب تفسير الفقرة 3 من المادة 18 تفسيرا ً دقيقا ً ، ولا يجوز تطبيق القيود المفروضة على حرية المرء في المجاهرة بدينه أو معتقداته إلا للأغراض التي وضعت من أجلها، كما يجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تستند إليه وأن تكون متناسبة معه ( ) .

7 - 3 وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علما ً بحجة صاحبتي البلاغ ومفادها أن الدولة الطرف انتهكت حقهما في إظهار معتقداتهما الدينية المكفول بموجب الفقرتين 1 و 2 من المادة 18 من العهد، باعتقالهما بسبب مناقشة معتقداتهما الدينية والتعبير عنها أثناء محادثة خاصة في منزل فرد آخر؛ وبالمعاقبة على التعبير عن العقيدة الدينية خارج العناوين القانونية المسجلة للمنظمات الدينية بموجب المادة 299 - 0 - 4 سابقاً من قانون الجرائم الإدارية. وتحيط اللجنة علما ً بموقف الدولة الطرف ومفاده أن هذا الحكم يسعى إلى تعزيز الهدف المشروع المتمثل في حماية النظام العام وضمان التعايش المنسجم بين مختلف الجماعات الدينية في البلد. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أن تقييد ممارسة النشاط الديني خارج دور العبادة المسجلة ضروري في مجتمع ديمقراطي، لأن العديد من آراء شهود يهوه يتضمن تصريحات تهين الطوائف المسيحية واليهودية التي تشكل جزءا ً لا يتجزأ من المجتمع في أذربيجان. وتلاحظ اللجنة موقف الدولة الطرف ومفاده ضرورة حماية الأفراد المنتمين إلى ديانات أخرى من العبارات المهينة الصادرة عن شهود يهوه خارج دار العبادة الخاصة بهم، من أجل ضمان احترام معتقدات الجميع.

7 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تقدم أي دليل يبيّن أن المجاهرة السلمية بالمعتقدات الدينية التي تعتنقها صاحبتا البلاغ قد أخلّت بأي شكل من الأشكال بالاستقرار الاجتماعي في إقليمها. وتلاحظ اللجنة أيضا ً تأكيد صاحبتي البلاغ أن المواد التي يوزعها شهود يهوه لا تتضمن تصريحات مهينة موجهة إلى الطوائف المسيحية واليهودية. وتشير اللجنة كذلك إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل على أنّ صاحبتي البلاغ، أو أنّ شهود يهوه عموماً، أدلوا بتصريحات مهينة، أو عمدوا إلى توزيع موادّ تتضمن مثل هذه التصريحات تجاه أفراد من معتقدات دينية أخرى. وتشير اللجنة إلى أن قرارات المحكمة المحلية، التي أدانت صاحبتي البلاغ بارتكاب الانتهاك الإداري، لم تكشف أي تصريحات مهينة أو عدائية أو تشر إلى أي تصريحات من هذا القبيل أدلت بها صاحبتا البلاغ أثناء مناقشتهما الدينية، أو تضمنتها المواد التي وزعتاها. وتلاحظ اللجنة أيضا ً وفقا ً للوثائق المقدمة إليها، أن الشرطة أقرّت بأن المؤلفات الدينية التي صودرت من صاحبتي البلاغ يوم اعتقالهما، كانت السلطة المحلية المختصة قد استعرضتها وأذنت بتوزيعها. وتلاحظ اللجنة أن برغم ما أشارت إليه الدولة الطرف من ضرورة الحفاظ على السلام والوئام في مجتمع متعدد الأديان، إلاّ أنها لم تشر إلى أي ظروف محددة كان يمكن من خلالها أن تفضي أفعال صاحبتي البلاغ إلى إثارة توترات خطيرة بين الأديان أو تفاقمها، أو إلى جو من العداء والكراهية بين الطوائف الدينية في أذربيجان، بحيث كان بإمكان تلك الأعمال أن تمثل تهديداً للسلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة بالمعنى المقصود في الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

7 - 5 وفضلا ً عن ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعرب عن أي شواغل معينة تتعلق بالمرأة التي دعت صاحبتي البلاغين إلى بيتها لمناقشة عقيدتهن. وتلاحظ اللجنة على سبيل المثال، عدم وجود ما يبيّن أن المرأة اعترضت على دخول صاحبتي البلاغ أو على خطابهما الديني، أو عجزها عن إعمال فكرها من تلقاء نفسها، أو ما إذا كانت على علاقة بصاحبتي البلاغ أو تعتمد عليهما أو تربطها بهما صلة قائمة على تسلسل هرمي بحيث قد تشعر بالإكراه أو الضغط أو تخضع للتأثير بغير وجه حق من خلال مجاهرتهما بمعتقداتهما الدينية ( ) .

7 - 6 وترى اللجنة كذلك أن الدولة الطرف حتى لو استطاعت أن تثبت أن نشاط صاحبتي البلاغ يشكل تهديدا ً محددا ً وجسيما ً للسلامة والنظام العامين، فهي لم تثبت أن الإجراءات التي اتخذتها متناسبة مع الحفاظ على السلامة والنظام العامين. وترى اللجنة على وجه التحديد أن إدانة صاحبتي البلاغ والغرامة التي فرضتها المحاكم على كلتيهما - وهي تعادل حوالي 255 1 يورو - قيدتا بدرجة كبيرة قدرتهما على المجاهرة بمعتقداتهما الدينية. ولم تحاول الدولة الطرف أيضا ً أن تبرهن على أن الإجراءات التي اتخذتها الشرطة والمحاكم المحلية هي أقل التدابير تقييداً بين التدابير اللازمة لضمان حماية حرية الدين أو المعتقد. وتخلص اللجنة إلى أن العقوبة المفروضة على صاحبتي البلاغ ترقى إلى درجة تقييد حقهما في إظهار دينهما بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد، وأن السلطات المحلية والدولة الطرف لم تُثبت أن التقييد يمثّل تدبيراً متناسباً وضرورياً تلبيةً لغرض مشروع تحدده الفقرة 3 من 18 من العهد. وتبعا ً لذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، باعتقالها صاحبتي البلاغ واحتجازهما واتهامهما وتغريمهما بسبب الدخول في مناقشة دينية، قد انتهكت حقوقهما المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد.

7 - 7 وتشير اللجنة فيما بعد إلى ادعاء صاحبتي البلاغين أن الشرطة اقتادتهما إلى مركز شرطة واحتجزتهما لمدة أربع ساعات بسبب محادثة عن الدين أجرتاها في منزل لم يكن عنوانا ً قانونيا ً مسجلا ً . وتشير اللجنة أيضا ً إلى ادعاءات صاحبتي البلاغ أنهما كانتا مطالبتين بالعودة إلى مركز الشرطة في كلا اليومين التاليين. وتحيط اللجنة علما ً ببيان شخصي أدلت به إحدى صاحبتي البلاغ أثناء الإجراءات المحلية، جاء فيه أنّ صاحبتي البلاغ طُلب منهما التوقيع على إفادة قبل مغادرة مركز الشرطة في وقت مبكر من مساء يوم اعتقالهما، ووُجّهت إليهما تعليمات بالعودة في اليوم التالي. وطُلب من صاحبتي البلاغ في اليوم التالي التوقيع على إفادة أخرى، ولم يُبلغهما ضابط من الشرطة، إلاّ عند عودتهما في اليوم الثالث، بأن أفعالهما قد تؤدي إلى توجيه تهم جنائية إليهما ومن المرجح أن تؤدي إلى دفع غرامة إدارية. وتحيط اللجنة علما ً بما أدلت به صاحبتا البلاغ من أنهما لم تشاركا طوعا ً في التحقيق ولم تكن لهما حرية المغادرة في أي مناسبة من المناسبات التي كانتا فيها في مركز الشرطة.

7 - 8 وعلى اللجنة أن تتأكد أولاً من أن صاحبتي البلاغ سُلبتا حريّتهما بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 9 من العهد. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 35(2014) الذي ذكرت فيه أن الحرية الشخصية لا تُسلب بالموافقة الطوعية. وذكرت أيضاً أن الأفراد الذين يذهبون طواعية إلى مراكز الشرطة للمشاركة في التحقيقات، والذين يدركون أنهم أحرار ويستطيعون الخروج في أية لحظة، لا يدخلون في عداد الأشخاص الذين تسلب حريتهم ( ) . وتلاحظ اللجنة في المقابل ادعاء صاحبتي البلاغ أن مرافقتهما الشرطة إلى مركز الشرطة لم تكن صادرة عن إرادة حرة، ولم تكن لديهما حرية مغادرة الحبس لدى الشرطة لمدة أربع ساعات تعرضتا أثناءها إلى التوبيخ وطُلب منهما قراءة القرآن. ورغم الإفراج عنهما في تلك الليلة، فقد طُلب منهما العودة إلى مركز الشرطة في اليومين التاليين، وإن لم توجه إليهما تهمة ارتكاب انتهاك. وفي ظل غياب معلومات من الدولة الطرف تشير إلى وجود أساس وجيه ومبرر لاحتجاز صاحبتي البلاغ لدى الشرطة والاحتفاظ بهما في مركز الشرطة لمدة أربع ساعات، ومعلومات تؤكد أن صاحبتي البلاغ كان بوسعهما أن تقررا بحرية عدم مرافقة ضباط الشرطة إلى مركز الشرطة، أو أن تغادراه بعد وصولهما إليه في أي وقت من الأوقات دون مواجهة عواقب وخيمة، تخلص اللجنة إلى أن صاحبتي البلاغ أُجبرتا على مرافقة الشرطة إلى المركز والبقاء فيه حتى إطلاق سراحهما، وأنهما بذلك سُلبتا حريتهما.

7 - 9 وإذ تلاحظ اللجنة ادعاء صاحبتي البلاغ أنهما اعتقلتا واحتجزتا لمدة أربع ساعات، فإنها تشير إلى تعليقها العام رقم 35 الذي ذكرت فيه أن مصطلح "الاعتقال" يشير إلى أي توقيف للأشخاص كبداية لسلب حريتهم ، ويشير مصطلح "الاحتجاز" إلى سلب الحرية الذي يبدأ بالاعتقال ويستمر منذ لحظة الإيداع في الحبس حتى لحظة الإفراج. ولذلك تلاحظ اللجنة أن المادة 9 من العهد لا تقضي بأن يكون للاحتجاز مدة دنيا كي يكون تعسفياً أو غير قانوني. وتذكّر اللجنة أيضاً بأن الاعتقال بالمعنى المقصود في المادة 9 من العهد لا ينبغي أن ينطوي على اعتقال رسمي على النحو المحدد في القانون المحلي ( ) . وبناء عليه، ترى اللجنة أن صاحبتي البلاغ اعتُقلتا واحتُجزتا بالمعنى المقصود في المادة 9 من العهد.

7 - 10 وفي سياق التذكير بأن الفقرة 1 من المادة 9 من العهد تنص على أن الحرمان من الحرية يجب ألا يكون تعسفياً، وأن ينفَّذ في ظل احترام سيادة القانون ( ) ، يجب على اللجنة أن تقيّم بعد ذلك ما إذا كان اعتقال صاحبتي البلاغ واحتجازهما إجراءين تعسفيين أو غير قانونيين. وتذكّر اللجنة بأن الحماية من الاحتجاز التعسفي يجب أن تطبق على نطاق واسع، وبأنه لا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم والإجحاف وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأن إجراءات الاعتقال أو الاحتجاز بسبيل العقاب على ممارسة الحقوق المشروعة التي يكفلها العهد تشكّل أفعالا ً تعسفية، بما فيها ممارسة الحق في حرية الدين ( ) . وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبتي البلاغ غير المطعون فيها ومفادها أنهما أُبلغتا في مركز الشرطة بأنهما قيد التحقيق بتهمة توزيع منشورات غير قانونية؛ وأنه قد أُفرج عنهما من الاحتجاز بشرط الحضور إلى مركز الشرطة في اليومين التاليين؛ وأن ضباط الشرطة عرضوهما على قاضٍ واتهموهما بانتهاك إداري بعد يومين من الإفراج عنهما. وتذكّر اللجنة أيضا ً بأن على الرغم من مصادرة المؤلفات الدينية من صاحبتي البلاغين فور اعتقالهما ، إلاّ أن الدعوى الجنائية المرفوعة عليهما عُلّقت بعد أن قررت الشرطة أن المنشورات التي ادُّعي أنها غير قانونية كانت السلطة المحلية المعنية قد وافقت عليها فعلا ً . وفي ظل هذه الظروف التي تبيّن عدم التيقن من المسوّغ القانوني لاعتقال صاحبتي البلاغ واحتجازهما، ترى اللجنة أن تصرفات الشرطة تفتقر إلى مجاراة الأعراف والقدرة على التنبؤ ومراعاة ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. وبذلك تخلص اللجنة إلى أن صاحبتي البلاغ اعتُقلتا واحتُجزتا تعسفاً في انتهاك لحقوقهما المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 9 من العهد. ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

7 - 11 ولا ترى اللجنة، في ضوء ما خلصت إليه، ضرورة النظر فيما كانت الوقائع نفسها تشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحبتي البلاغ المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 9 والمادة 18 من العهد.

9 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحبتي البلاغ. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضات كاملة للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم بموجب العهد. وتبعا ً لذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بأمور منها منح صاحبتي البلاغ تعويضاً مناسباً يشمل سداد الجزء الذي دفعته السيدة غوربانوفا من الغرامة، وإلغاء الغرامة المفروضة على كلتا صاحبتي البلاغ، ورد تكاليف الرسوم القضائية فيما يتصل بالقضايا المعنية. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، بسُبل منها مراجعة تشريعاتها وأنظمتها و/أو ممارساتها المحلية.

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة حدوث انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه ، بأن تكفل الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبأن تمنحهم سبل انتصاف فعالة عندما يثبت حدوث انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب أيضاً إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع باللغات الرسمية لديها.

المرفق

رأي مشترك بين أعضاء اللجنة فوتيني بزاغتزيس وخوسيه مانويل سانتوس بيس وجنتيان زيبيري (مخالف جزئيا ً )

1 - نتفق مع الاستنتاج الذي توصلت إليه هذه الآراء، وهو أن الدولة الطرف انتهكت بالفعل حقوق صاحبتي البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 18 من العهد. ومع ذلك، لا يمكننا الموافقة على استنتاج حدوث انتهاك للفقرة 1 من المادة 9 .

2 - فقد سوغت اللجنة هذا الانتهاك بقبول ادعاء صاحبتي البلاغ أنهما اعتقلتا واحتجزتا لمدة أربع ساعات في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، فضلا ً عن أمرهما بالعودة إلى مركز الشرطة في اليومين التاليين. ورأت اللجنة أن صاحبتي البلاغ سُلبتا بذلك من حريتهما وأن تصرفات الشرطة تفتقر إلى مجاراة الأعراف والقدرة على التنبؤ ومراعاة ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة. ورغم أننا نتفهم هذا الاستدلال الذي أجمع عليه أغلبية أعضاء اللجنة، فلا نعتقد أنه يطابق الوقائع المعروضة في هذه القضية.

3 - والأساس المنطقي الذي قاد إلى استنتاج اللجنة هو أن الشرطة اقتادت صاحبتي البلاغ بالقوة إلى مركز للشرطة واحتجزتهما، بسبب تحدثهما عن الدين في منزل لم يكن عنوانا ً قانونيا ً مسجلا ً . ونظراً لعدم تمكن صاحبتي البلاغ من مغادرة مركز الشرطة على ما يبدو، فقد تعرضت صاحبتا البلاغ بذلك للاعتقال التعسفي. بيد أن هذا الاستدلال الذي أجمعت عليه أغلبية اللجنة يستتبع في حد ذاته عيب المصادرة على المطلوب، ما دام السبب الرئيسي وراء التوصل إلى حدوث انتهاك للمادة 9 هو النتيجة المباشرة للتوصل إلى حدوث انتهاك للمادة 18 .

4 - وأجرت السلطات المحلية تحريا في هذه القضية، بعد تلقي معلومة مجهولة المصدر (الفقرة 2 - 2 ). غير أن هذه القضية ليست دعوى جنائية (انظر الحاشية 9 )، بل هي إجراء إداري (الفقرة 4 - 5 ). وعلى نحو ما تلاحظ الدولة الطرف (الفقرة 4 - 4 )، انتهكت صاحبتا البلاغ قواعد السلوك الخاصة بالمنظمات الدينية بممارسة نشاط خارج العنوان القانوني المسجل لجماعة شهود يهوه الدينية، الواقع في باكو، وفقا ً للقانون الوطني لحرية العقيدة الدينية، في حين أن صاحبتي البلاغ مارستا نشاطاً في مدينة زاغاتالا ولم تكونا من أعضاء الطائفة الدينية المذكورة، على نحو ما تُقرّان به هما نفساهما (الفقرة 2 - 1 ، الحاشية 1 ). وعليه، اشتُبه في أن صاحبتي البلاغ مارستا نشاطاً دينيّاً خارج عنوان مسجل (الفقرة 2-4) وتبين في نهاية المطاف انتهاكهما ل لقانون بالإعراب عن معتقداتهما الدينية خارج عنوان من هذا القبيل (الفقرتان 2 - 5 و 4 - 4 ، والحاشية 10). ولدينا إذن في ظاهر الأمر دافعٌ قانونيٌ لتدخل الشرطة، حتى وإن أصابت اللجنة في استنتاجها أن القيود المفروضة على حقوق صاحبتي البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 18 لم تكن متناسبة (الفقرة 7 - 6 ).

5 - ولدينا أيضا ً دافع قانوني لنقل صاحبتي البلاغ إلى مركز الشرطة، نظراً إلى الاشتباه في انتهاكهما القانون وضبطهما في حالة تلبس إذا جاز التعبير. ويستلزم ذلك، في العديد من الولايات القضائية، ضرورة مرافقة المشتبه فيهم لضباط الشرطة لغرض تحديد هويتهم وتحرير جميع المحاضر اللازمة التي ستمكّن المحاكم لاحقاً من النظر في القضية، عند الاقتضاء.

6 - أما فيما يتعلق بالإبقاء على صاحبتي البلاغ لبضع ساعات في مركز الشرطة بعد الظهر عند احتجازهما لدى الشرطة، كان لا بد من تحرير محاضر مكتوبة للأحداث المشتبه فيها وتوقيع صاحبتي البلاغ عليها، على نحو ما تؤكد إحداهما على الأقل (الفقرة 7 - 7 ). وتحرير هذه المحاضر الخطية للجرائم الإدارية (الفقرة 4 - 5 ) أساسيٌّ من أجل حماية حقوق صاحبتي البلاغ، إذ بالإحاطة علماً بهذه المحاضر، تطّلع صاحبتا البلاغ بحكم الواقع على الأسباب الكامنة وراء تدخل الشرطة، وتدركان وضعهما في الإجراءات، ومن ثمّ تتمكنان أيضاً من البدء في إعداد دفاعهما. وعلاوة على ذلك، فالفترة الزمنية المحدودة التي احتُجزت خلالها صاحبتا البلاغ في مركز الشرطة - وهي تقل بكثير عن 4 ساعات - تبدو معقولة في ظل هذه الظروف، بالنظر إلى أن عمل الشرطة قد يستغرق وقتا ً طويلا ً .

7 - ووقعت صاحبتا البلاغ في اليوم التالي على إفادة أخرى، وأُعلمتا على النحو الواجب في اليوم الثالث، بأنهما ستُتّهمان بارتكاب جريمة إدارية وربما تُفرض عليهما غرامة إدارية. ومع ذلك، كانت لصاحبتي البلاغ الحرية في الحضور إلى مركز الشرطة ومغادرته. وبذلك لم تكن حالتهما مختلفةً عن حالة أي مواطن آخر يتعاون مع الشرطة، بصفته شاهداً أو ضحية أو مدعى عليه على سبيل المثال.

8 - ومن المتوقع عموما ً من المواطنين الملتزمين بالقانون المساعدة في التحقيقات التي يجريها الموظفون المسؤولون عن إنفاذ القانون، لا سيما إذا ألقي القبض عليهم فيما يمكن اعتباره تلبّساً بالجريمة. وقد تشتمل تحقيقات الشرطة، في كثير من الأحيان، على استجواب اعتيادي للأفراد في مراكز الشرطة، لغرض التثبت من الوقائع ومعالجة الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات أو الجرائم، دون أن يشكل ذلك بالضرورة سلباً تعسفياً أو غير قانوني للحرية. وإذا استُدعي شخص ما إلى محكمة أو إلى مركز شرطة، فهو لا يُعَدّ بالضرورة معتقلاً أو محتجزاً، وإنما يظل تحت تصرف السلطات إلى أن يتحقق الغرض الذي استُدعي من أجله. وهذا ما حدث في هذه القضية، إذ كان لصاحبتي البلاغ حرية مغادرة مركز الشرطة بمجرد تحرير الوثائق القانونية اللازمة وتوقيعها.

9 - ولم يثبت في رأينا أنّ إجراءات التحقيق هذه التي اتخذتها الشرطة فرضت قيوداً لا مبرر لها على حقوق صاحبتي البلاغ أو تجاوزت ما كان ضرورياً إلى حد معقول من أجل التيقن مما إذا كان قد حدث انتهاك للقانون المحلي. وعليه، فالإجراءات المذكورة لم تكن تعسفية. ونرى بناءً على ذلك أن الدولة الطرف لم تنتهك حقوق صاحبتي البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من العهد.