الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2688/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

6 December 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2688/2015 * **

المقدم من: باخيتزان توريغوزينا (لا يمثلها محام)

الشخص المدّعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 13 كانون الأول/ديسمبر 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرارات المتخذة عملاً بالمادة 92 من نظام اللجنة الداخلي التي أحيلت إلى الدولة الطرف في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، وبالمادة 93 منه التي أحيلت إلى الدولة الطرف في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (لم تصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 آذار/مارس 2021

الموضوع: منع صاحبة البلاغ من التعبير عن آرائها بوضعها زهورا أمام نصب تذكاري

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ وعدم كفاية الأدلة

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ والحق في حرية التعبير

مواد العهد: 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(ه)، و 19

1 - 1 صاحبة البلاغ هي باخيتزان توريغوزينا ، وهي مواطنة من كازاخستان مولودة في عام 1962 تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بالمادتين 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(ه) ، و 19 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 . ولا يمثل صاحبةَ البلاغ محامٍ.

1 - 2 وفي 16 آذار/مارس 2016 ، قررت اللجنة، عملاً بالمادة 93 ( 1 ) من نظامها الداخلي، متصرفة عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، دراسة مقبولية البلاغ إلى جانب أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 - 1 تدفع صاحبة البلاغ بأن يوم 16 كانون الأول/ديسمبر هو يوم استقلال كازاخستان وأحد الأعياد الوطنية الرئيسَة في البلد، وهو اليوم الذي تقام فيه أحداث وتجمعات ثقافية وسياسية عديدة. وفي ذلك اليوم من عام 2011 ، تجمع عمال نفط من مدينة جاناوزن في ساحة ل لمطالبة ب حقوقهم، التي قالوا إن السلطات تنتهكها. وفرقت السلطات المظاهرة بالقوة، مستخدمة الأسلحة والذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين، وأصيب بعض المشاركين وقتل بعضهم.

2 - 2 وقد تأثرت صاحبة البلاغ بهذه الأحداث تأثرا ً بالغا ً . وتضيف أنها تقود منظمة آر. روخ . خاك (Ar.Rukh.Khak) غير الحكومية التي تدافع عن حقوق الإنسان والحريات. وهي أيضا ً عضو في مجموعة على فيسبوك قلقة من استخدام الحكومة الذخيرةَ الحية ضد المحتجين، وقررت إحياء ذكرى الضحايا. وخططت المجموعة لوضع زهور والوقوف دقيقة صمت في العديد من المواقع في جميع أنحاء كازاخستان. وقدمت صاحبة البلاغ طلبا ً للحصول على ترخيص في تنظيم هذا الحدث العام.

2 - 3 وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 ، تلقت صاحبة البلاغ ردا ً من العمدة يشير إلى أنها غير ملزمة بطلب الترخيص في وضع الزهور أمام نصب الاستقلال التذكارية في 16 كانون الأول/ديسمبر 2012 . وتلقت أيضا ً رسالة أخرى من إدارة شرطة مدينة ألماتي ، مؤرخة 13 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، تبلغها فيها بأن طلبها استُعرض وبأنه ستكون هناك تدابير أمنية إضافية في ذلك اليوم لمنع "انتهاك ات النظام العام". وشرعت صاحبة البلاغ في حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة النشطاء الاجتماعيين إلى الحضور لإحياء ذكرى ضحايا احتجاجات جاناوزن المتوفّين.

2 - 4 وفي حوالي الساعة 11 من صباح 15 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، احتجزت الشرطة صاحبة البلاغ أثناء مغادرتها منزلها. وعلمت بعدئذ أن أفعالها فُسرت على أنها تنظيم مظاهرة. ومثلت أمام محكمة في اليوم نفسه وأدينت بانتهاك إداري بمقتضى المادة 373 ( 3 ) ( ) من مدونة المخالفات الإدارية الكازاخستانية؛ ونتيجة لذلك، حكم عليها بالاعتقال الإداري 15 يوما ً . وتدفع بأنها حصلت على ترخيص وبأنها أخطرت السلطات باعتزامها وضع زهور أمام نصب تذكاري، غير أنها اعتقلت قبل أن تتمكن من ذلك. وتؤكد أيضا ً أنها لم تكن تخطط لتنظيم مظاهرة، بل فقط لوضع زهور أمام نصب تذكاري في مكان عام.

2 - 5 وتدفع صاحبة البلاغ، إضافة إلى ذلك، بأن إدانتها استندت إلى بيان كتابي أدلت به شاهدة تُدعى س. س. قالت فيه إنها رأت صاحبة البلاغ توزع منشورات تدعو الجميع إلى حضور مظاهرة. وأنكرت صاحبة البلاغ توزيع أي شيء على الإطلاق. ولما كان اكتُفي بقراءة بيان الشاهدة من أجل المحضر دون أن تكون حاضرة، لم تتمكن صاحبة البلاغ من استجوابها أو الطعن في بيانها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن المحكمة خلصت إلى أنها مذنبة قبل المحاكمة بكثير وأنها أعلنت الحكم دون دراسة الأدلة ودون مغادرة قاعة المحكمة لإجراء مداولات.

2 - 6 واستأنفت صاحبة البلاغ الحكم أمام محكمة مدينة ألماتي ، مدّعيةً، في جملة أمور، أن المحكمة الابتدائية انتهكت حقوقها بموجب المادتين 14 و 19 من العهد. وجادلت بالقول إنها حصلت على ترخيص في عقد الحدث و إ نها لم تدع إلى تنظيم مظاهرة عامة. وإضافة إلى ذلك، اشتكت من أنها كانت محبوسة، أثناء احتجازها، في زنازين بالغة البرودة، ولم يكن يُتقيّد ب ‍  "المتطلبات الصحية"، وكان الطعام ذا نوعية متدنية جدا ً . ورفضت المحكمة استئنافها في 21 كانون الأول/ديسمبر 2012 قائلةً إنه لم ي ُ سمح ل ها إلا بوضع زهور، وحُذرت من الابتعاد عن الغرض المعلن من الحدث.

2 - 7 وتؤكد صاحبة البلاغ أن المشاركين في الحدث الذي كانت تنظمه امتثلوا شروطَ ال ترخيص الذي منحه العمدة؛ وبعبارة أخرى، وضع زهور أمام نصب الاستقلال التذكاري بين الظهر والساعة 00 / 13 من 16 كانون الأول/ديسمبر 2012 والتزام دقيقة صمت. ومع ذلك، أدانتها المحكمة بتنظيم مظاهرة غير مرخّض ب ها. وانتهت المحكمة إلى هذا الاستنتاج استنادا ً إلى أدلة ملفقة. وطلبت صاحبة البلاغ إعادة النظر في الحكم إلى مكتب مدعي كازاخستان العام، لكنه رفض شكواها في 7 شباط/فبراير 2013 . وتزعم أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف الداخلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقها في محاكمة عادلة من هيئة قضائية مستقلة الذي تحميه المادة 14 ( 1 ) من العهد. وتدعي أيضا ً أن افتراض البراءة، الذي تكفله المادة 14 ( 2 ) من العهد، قد انتهك لأن المحكمة بتّت في نتيجة القضية مسبقا ً ، وأدانتها دون الاستماع إلى حججها حتى النهاية، وأعلنت قرارا حتى دون أن تغادر قاعة المحكمة لإجراء مداولات. وتجادل بالقول إن حقوقها بمقتضى المادة 14 ( 3 )(ه) قد انتهكت أيضا ً لأن الش اهدة ال ت ي شهد ت ضدها لم ت ُدع إلى المحاكمة، ومن ثم لم ت سنح لصاحبة البلاغ فرصة استجوابه ا .

3 - 2 وتؤكد صاحبة البلاغ أنها لم تكن ترتكب أي أعمال غير مشروعة عندما ا حتجز ت ، وأنه لا الشرطة ولا المحاكم قدمت أي مبرر لتقييد حريتها في التعبير، وأن ما سلف يشكل انتهاكا ً لحقوقها بموجب المادة 19 . وتلاحظ أن المحاكم لم تذكر في قراراتها أحكام العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 22 كانون الثاني/يناير 2016 ، طعنت الدولة الطرف في مقبولية البلاغ. ورغم السماح لصاحبة البلاغ بوضع زهور في 16 كانون الأول/ديسمبر 2012 ، فقد بدأت بدعوة أشخاص آخرين، عن طريق الإنترنت، للمشاركة في نشاط غير مرخَص فيه. وتلقت شرطة بلدية ألماتي بيانا ً من س. س. ادعت فيه أنها رأت صاحبة البلاغ توزع منشورات تدعو الناس إلى المشاركة في الحدث.

4 - 2 ويمكن اعتبار بلاغ مقدم إلى اللجنة غير مقبول إن لم تكن الادعاءات في إطار العهد. فصاحبة البلاغ تدفع بأن حقوقها بموجب المادة 14 من العهد انتهكت، لكنها لا تذكر أي حقوق. ويضاف إلى ذلك أنها لم تدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية ادعاءاتها بمقتضى المادتين 14 و 19 من العهد. ويتجلى من اجتهادات اللجنة المكرسة ( ) وجود قضايا خلصت فيها اللجنة إلى أن ادعاءات أصحاب البلاغات بموجب المادة 14 ( 1 ) و( 3 ) (د)-(ه) لم تُدعم بما يكفي من الأدلة، واعتُبرت القضايا غير مقبولة.

4 - 3 وتجادل الدولة الطرف بقولها إن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف الداخلية المتاحة. وتلاحظ أن تشريعاتها تنص على إمكانية المراجعة القضائية للأحكام في القضايا الإدارية. فيتعين على المدعي العام أو ن و اب ه أو نائباته أن يقدموا طلبا ً لإجراء هذه المراجعة إلى المحكمة العليا. وتدفع الدولة الطرف بأنه لم يُطعن في الإجراءات القضائية المذكورة في البلاغ أمام المحكمة العليا. ورفعت صاحبة البلاغ شكوى إلى مكتب المدعي العام لكن الجواب الذي تلقته أصدره نائب المدعي العام. ولذلك يحق لها أن تلتمس من المدعي العام نفسه إجراء مراجعة إضافية. ولا يعفي "مجرد الشك" في عدم فعالية سبيل من سبل ال انتصاف صاحبة َ البلاغ من استنفاده ( ) . وتفيد الدولة الطرف بأن محكمة المراجعة القضائية الرقابية اتخذت إجراءات، مثل قراراتها الصادرة في 29 نيسان/أبريل 2015 . وقررت الهيئة الرقابية بالمحكمة العليا أيضا ً أن تعتبر غير قانوني قرارَ محكمة مدينة ألماتي الصادر في 14 آذار/ مارس 2014 وقرار محكمة النقض الصادر في 20 أيار/مايو 2014 . ففي القرار الأخير، ذكرت المحكمة العليا أن الإضراب عن الطعام الذي نظمه شخصان في شقتهما لم يكن غير قانوني وطلبت من عمدة ألماتي جبر الأضرار الناجمة عن الانتهاكات التي وقعت. وتعتبر الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد سبل الانتصاف الداخلية المتاحة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 تدفع صاحبة البلاغ، في تعليقاتها المؤرخة 1 شباط/فبراير 2016 ، بأن الحدث الذي جرى في 16 كانون الأول/ديسمبر 2012 والمتمثل في وضع زهور أمام نصب تذكاري والذي حصلت على ترخيص بشأنه، كان مخططا ً له على أساس أنه عمل سلمي. ومع ذلك اعتقلت قبل بدء الحدث بكثير، وادعت السلطات أنها كانت تخطط لتنظيم حدث غير مرخص فيه دون أي دليل. وحكم عليها بالاعتقال الإداري 15 يوما ً . وفي الوقت نفسه، تمكن أصدقاء لصاحبة البلاغ من وضع زهور في ذلك اليوم دون أي مشاكل.

5 - 2 وتصر الدولة الطرف على أن الترخيص مطلوب لتنظيم مناسبات عامة. وتحيل صاحبة البلاغ إلى اجتهادات اللجنة التي جاء فيها أن هذا الشرط ينتهك العهد ( ) . فالدولة الطرف لم توضح في جوابها سبب رفضها تنفيذ التزامات قطعتها تستند إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

5 - 3 ويقيد عمدة ألماتي الحق في تنظيم التجمعات السلمية. فعلى سبيل المثال، يُسمح للوكالات الحكومية بتنظيم أحداث رسمية في ميدان الجمهورية، لكن يطلب من المنظمات غير الحكومية تنظيم أحداثها في الميدان الواقع خلف سينما "ساري-أركا". وتؤيد المحاكم دائما ً موقف الحكومة ولا تعمد إلى تحليل وفقا ً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

5 - 4 ثم إن حجة الدولة الطرف التي تذهب إلى أنه كان في إمكان صاحبة البلاغ تقديم طعون إضافية إلى مكتب المدعي العام هي أيضا ً غير مقنعة. فالحال أن الطعون المقدمة إلى ذلك المكتب غير فعالة، وتؤكد اجتهادات اللجنة هذا الأمر. ومع ذلك قدمت صاحبة البلاغ طعون مراجعة قضائية إشرافية إلى مكتب المدعي العام في ألماتي ومكتب المدعي العام لكازاخستان، لكن طلبيها كليهما رفضا ً . وتطلب إلى اللجنة أن تعتبر شكواها مقبولة وأن ت خلص إلى وجود انتهاكات للمواد ذات الصلة.

ملاحظات الدولة الطرف الإضافية بشأن المقبولية وملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 تكرّر الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 19 تموز/يوليه 2016 ، موقفها السابق. فقد اتُّهمت صاحبة البلاغ بارتكاب مخالفة إدارية وأدينت بسببها وحكم عليها بالاعتقال الإداري 15 يوما ً . و مع أنها طلبت ترخيصا ً من السلطات لوضع زهور، فقد دعت آخرين، بواسطة الإنترنت، إلى المشاركة في حدث غير مرخص ب ه. وفيما يلي بعض الرسائل التي نشرتها: "تعالوا من فضلكم إلى ساحة الجمهورية في ألماتي ظهر يوم 16 كانون الأول/ديسمبر"؛ و"نتذكر أبطال زيلتوكسان ، ونتذكر من لقوا حتفهم في جاناوزن "؛ و "هل لديك أفكار بشأن كيفية تعبئة الناس لهذا الحدث؟" وإضافة إلى ذلك، قدمت شاهدة تُدعى س. س. بيانا ً كتابيا ً ورد فيه أنها رأت صاحبة البلاغ وهي توزع منشورات تدعو الناس إلى المشاركة في الحدث في 16 كانون الأول/ديسمبر 2012 .

6 - 2 وتدفع الدولة الطرف بأن هذه ال أحداث العامة ت ستلزم من المنظمين تقديم طلب للحصول على ترخيص. ويجب تقديم الطلب إلى السلطات المحلية قبل الحدث ب ‍  10 أيام. ويجب على المنظمين أن يبينوا في طلباتهم الغرض والوقت والمكان وعدد المشاركين وأسماء المنظمين وأسماء المسؤولين عن الأمن أثناء الحدث . بيد أن صاحبة البلاغ لم تقدم طلبا ً من هذا القبيل واعتُبرت أفعالها، بحقّ، انتهاكا ً للمادة 373 ( 3 ) من مدونة المخالفات الإدارية التي تحكم تنظيم المناسبات العامة.

6 - 3 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحبة البلاغ لم تدعم ادعاءاتها بمقتضى المادة 14 من العهد بأدلة كافية. ومن الواضح من المحاضر أن الدولة الطرف منحتها جميع الحقوق المنصوص عليها في القوانين واللوائح. وقررت المحاكم عن حق أنه لا حاجة إلى استدعاء الشاهدة س. س. للإدلاء بشهادتها في المحكمة.

6 - 4 ولم تدعم صاحبة البلاغ أيضا ً ادعاءاتها بموجب المادتين 19 و 21 من العهد بما يكفي من الأدلة. واللوائح المعمول بها، مثل قاعدة الأيام العشرة لطلب ترخيص في تنظيم حدث عام، تحمي النظام العام، بما في ذلك حياة المنظمين والمشاركين في ال حدث الم خطَّط له وصحتهم. واعتمدت السلطات المحلية أكثر من 200 لائحة تحدد أكثر من 500 موقع ل أحداث من هذا القبيل وأكثر من 340 طريقا ً للمظاهرات السلمية. فإن تَعذّر تنظيم الحدث ، لأسباب شتى، في الوقت والساعة المطلوبين، ت قدم السلطات المحلية حلولا ً بديلة.

6 - 5 وتنص المادة 19 من العهد على قيود مرخَّص بها. وتدفع الدولة الطرف بأنها درست الممارسات المتبعة في بلدان عدة أخرى، وخلصت إلى أن القيود المفروضة على الأحداث العامة في بعض البلدان أشد صرامة من مثيلتها في كازاخستان. ففي مدينة نيويورك مثلاً، يتعين طلب الترخيص قبل 45 يوماً من تنظيم الحدث المخطط له وتوضيح الطريق الذي سيسلكه المشاركون بدقة. ويحق لسلطات المدينة أن تنقل موقع الحدث إن كان الموقع المطلوب غير مقبول. ولدى سلطات أخرى، مثل السلطات السويدية، قائمة سوداء بالمنظمات المحظورة سابقاً. وفي فرنسا، يحق للسلطات المحلية أن تحظر أي مظاهرة وللسلطات في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية أن تفرض حظراً مؤقتاً ولا يجوز تنظيم أحداث في الشوارع إلا بعد الحصول على ترخيص من الشرطة. وفي ألمانيا، يجب الحصول على ترخيص من السلطات لتنظيم أي "حدث جماهيري أو اجتماع أو مظاهرة"، سواء في مكان مغلق أو مفتوح. ووافقت اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون (لجنة البندقية) في اجتماعها المعقود يومي 16 و 17 آذار/مارس 2012 على أن "بعض القضايا" المرتبطة بتنظيم الأحداث العامة يجب أن تترك لتقدير السلطات المحلية.

6 - 6 ولذلك تدفع الدولة الطرف بأنها اعتمدت قوانين ولوائح تتعلق بالتجمعات السلمية تتوافق مع المعايير الدولية وممارسات بلدان أخرى. ويمارس مواطنوها الحق في التجمع السلمي بحرية وعلى نطاق واسع. ف خلال الفترة من 2012 إلى 2015 ، عُقد 130 حدثا ً عاما ً بشأن قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية شتى. ولم تلاحَق صاحبة البلاغ قضائيا ً بسبب تعبيرها عن رأيها وإنما بسبب تنظيمها مظاهرة غير قانونية لم تحصل بشأنها على ترخيص. وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعتبر البلاغ غير مقبول وغير مدعوم بأدلة كافية بموجب المواد 2 و 3 و 5 من البروتوكول الاختياري.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 3 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف الداخلية بعدم استفادتها من الإمكانية المتبقية المتمثلة في المراجعة القضائية الرقابية أمام المحكمة العليا وإمكانية إعادة النظر في القرارات القضائية. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها التي رأت فيها أن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام لطلب إجراء مراجعة لقرارات المحاكم التي أصبحت نافذة يتوقف على السلطة التقديرية للمدعي العام ويشكل سبيل انتصاف استثنائيا ً . ولذلك يجب على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول أن توفر هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ضوء ملابسات القضية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت التماسات لإجراء مراجعة قضائية رقابية لاحتجازها الإداري إلى مكتب المدعي العام في ألماتي ومكتب المدعي العام لكازاخستان، وأن هذه الالتماسات رفضت. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت بما يكفي أن تقديم مزيد من الطعون المطالِبة بالمراجعة القضائية الرقابية إلى سلطات النيابة العامة كان من شأنه أن يشكل سبيل انتصاف فعالاً في قضية صاحبة البلاغ. وعلى هذا، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبة البلاغ في إطار المادة 14 ( 1 ) و( 2 ) و( 3 )(ه) من العهد، ومؤداها أن الدولة الطرف انتهكت حقها في محاكمة عادلة من هيئة قضائية مستقلة، وحقها في افتراض براءتها، وحقها في استجواب شهود الإثبات أو طلب استجوابهم وفي حضور شهود النفي واستجوابهم وفق الشروط نفسها التي يخضع لها شهود الإثبات. غير أن اللجنة ترى أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية على هذه الادعاءات لأغراض المقبولية؛ واستنادا ً إلى الدفوع التي قدمها الطرفان، لم تقدم صاحبة البلاغ ادعاءاتها في إطار المادة 14(1) و(2) و(3)(ه) في استئنافها أمام محكمة مدينة ألماتي . ولذلك ترى اللجنة أن هذه الادعاءات غير مقبولة بمقتضى المادتين 2 و 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 وتحيط اللجنة علماً بما ذكرته الدولة الطرف من أن البلاغ غير مقبول بم وجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري لأن صاحبة البلاغ لم تدعم ادعاءاتها بم قتضى المادة 19 من العهد بأدلة كافية. غير أن اللجنة ترى، بالنظر إلى عدم وجود أي مواد أخرى معروضة عليها، أن صاحبة البلاغ دعمت ادعاءها انتهاك المادة 19 من العهد بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن هذا الجزء من البلاغ مقبولاً وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحبة البلاغ أن اعتقالها وما تلاه من احتجاز إداري 15 يوما ً يبلغان حد تقييد حقها في نقل ال معلومات و ال أفكار، الأمر الذي يتعارض مع المادة 19 ( 3 ) من العهد. وتحيط علما ً أيضا ً بادعاءات صاحبة البلاغ أنه لا يمكن اعتبار هذا التقييد مشروعا ً لأغراض العهد لأن المحاكم لم توضح قط سبب اعتقالها ومنعها من وضع زهور أمام النصب التذكاري. وتحيط علماً كذلك بادعاءات الدولة الطرف أن العقوبات فُرضت وفقاً للوائح البلدية وأن أحكام قوانينها المتعلقة بالأحداث العامة متوافقة مع المادة 19 ( 3 ) من العهد. لذا يجب على اللجنة أن تحدد ما إذا كان يمكن تبرير اعتقال صاحبة البلاغ الإداري، الذي شكل ت قي ي د ا ً ل حقها في حرية التعبير، بمقتضى المادة 19 ( 3 ) من العهد.

8 - 3 وتحيل اللجنة إلى الفقرة 2 من تعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) الذي ذكرت فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النماء التام للفرد، وهما ضروريان لكل مجتمع ويشكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية. وت جيز المادة 19 ( 3 ) من العهد فرض بعض القيود على حرية التعبير، شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ و (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة ( ) . ويجب أن يكون جميع القيود المفروضة على حرية التعبير " م نص وصا ً عليها في القانون"، ولا ي باح فرضها إلا لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) ويجب أن تستوفي معيارَي الضرورة والتناسب الصارمين. ولا بد من احترام مبدأ التناسب، ليس في القانون الذي يحدد إطار القيود فحسب ، بل عند تطبيق السلطات الإدارية والقضائية القانونَ أيضاً ( ) . وعندما تحتج دولة طرف بسبب مشروع لتقييد حرية التعبير، يجب أن تثبت بطريقة محددة وخاصة بكل حالة على حدة الطبيعةَ المحددة لتهديد أي من الأسباب الواردة في المادة 19 ( 3 ) التي أدت بها إلى تقييد حرية التعبير و مدى ضرورة الإجراء المعين المتخذ وتناسبه، لا سيما بإقامة صلة مباشرة وآنية بين التعبير والتهديد ( ) .

8 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف ادعت بوجه عام أن القيود المفروضة على حرية التعبير التي ترخّص بها قوانينها متسقة مع صيغة المادة 19(3) من العهد، وأن العقوبات المفروضة على صاحبة البلاغ ينص عليها القانون الوطني، لكنها لم تقدم أي حجج بشأن توافق الأحكام القانونية التي كانت أساس تقييد حرية صاحبة البلاغ في التعبير مع معياري الضرورة والتناسب اللذين تنص عليهما المادة 19(3) من العهد ( ) . ولم توضِّح الدولة الطرف أيضاً الكيفية التي أخذت بها السلطات الإدارية والقضائية هذين المعيارين في الحسبان في القضية محل النظر. وعليه، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم توفَّق في تبرير كون احتجاز صاحبة البلاغ إداريا ً 15 يوما ً ضرورياً ومتناسباً مع الهدف المشروع المنشود، على النحو المبين في المادة 19(3) من العهد. وتخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 19 من العهد قد انتهكت.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوقَ صاحبة البلاغ بمقتضى المادة 19 من العهد. ‬

10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام ب أن توفر لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعالا ً . ويقتضي منها ذلك جبر الأضرار التي لحقت بمن انتُهِكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً تاماً. وعلى هذا، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض كاف لصاحبة البلاغ ، بما في ذلك تسديد أي تكاليف قانونية تكبدتها. وهي ملزمة أيضاً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها