الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2674/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

10 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2674/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: ك. ج. (يمثله المحامي ستانيسلوفاس توماس)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: ليتوانيا

تاريخ تقديم البلاغ: 5 شباط/فبراير 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثيقة المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة).

تاريخ اعتماد القرار: 19 تشرين الأول/أكتوبر 2020

الموضوع: الحياة الخاصة؛ والإجراءات المنصوص عليها في القانون؛ والتدخل غير المشروع؛ والمحاكمة العادلة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية ؛ والمقبولية – التي تفتقر بوضوح إلى أ ساس سليم؛ وإساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ الحق في الخصوصية

مواد العهد: 14(1) و17(1)

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و3 و5(2)(أ) و(ب)

1-1 صاحب البلاغ هو ك. ج.، وهو مواطن ليتواني ولد في عام 1960. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت ال حقوق المكفولة له بموجب المادتين 14(1) و17(1) من العهد. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 20 شباط/فبراير 1992. ويمثّل محام صاحبَ البلاغ.

1-2 وفي 11 كانون الثاني/يناير 2016، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تنظر في مقبوليته بمعزل عن أسسه الموضوعية. وفي 23 حزيران/يونيه 2016، قررت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، رفض طلب الدولة الطرف.

الأسس الوقائعية

2-1 في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2013، أدانت المحكمة المحلية لمنطقة سيرفينتوس صاحب البلاغ بتهمة الاحتيال. وأصبح هذا القرار نهائيا ً في 10 شباط/فبراير 2014. وشارك في الإجراءات الجنائية ف. س.، الموظف السابق ل دى صاحب البلاغ، بصفته شاه داً ضد ه . وفي مرحلة التحقيق التي تدخل في إطار الإجراءات، مُنع صاحب البلاغ من الاتصال بالسيد ف. س. لمنعه من التأثير على الشاهد قبل أن يدلي بشهادته أمام المحكمة.

2-2 وفي 4 أيار/مايو 2006، أي عشية جلسة المحكمة، اتصل ف. س. بضابط التحقيق السابق للمحاكمة لإبلاغه بالمحاولات التي بذلها صاحب البلاغ للقائه. وطرح الضابط عليه أسئلة بشأن هذه الادعاءات، ووافق ف. س. خلال هذا اللقاء على التعاون مع سلطات التحقيق، لما فيه مصلحة التحقيق، ضد صاحب البلاغ بحجة الاشتباه في ارتكابه جريمة جنائية ("التأثير غير المشروع على شاهد").

2 -3 وفي 4 أيار/مايو 2006، قدم المدعي العام طلباً إلى قاضي التحقيق السابق للمحاكمة من أجل الحصول على إذن باتخاذ إجراءات سرية ضد صاحب البلاغ بموجب مادتين من قانون الإجراءات الجنائية في ليتوانيا هما: المادة 158(1) ("إجراءات ضباط التحقيق السابق للمحاكمة الذين لا يكشفون عن هويتهم") والمادة 160 ("المراقبة"). ومن أجل تعليل الطلب، أبلغ المدعي العام قاضي المحاكمة بمحاولات صاحب البلاغ مقابلة ف. س.، مشيراً إلى أنه من المعقول افتراض أنه سيحاول التأثير على ف. س. قبل أن يدلي بشهادته في المحكمة. وكان الهدف من إجراءات التحقيق جمعَ الأدلة لمعرفة ما إذا كان من الممكن إثبات هذه الشكوك، والحصولَ على معلومات فيما يتعلق بشخصين آخرين فارّين تحوم حولهما الشبهات في قضية الاحتيال. وقد تمت الموافقة على طلب المدعي العام في 4 أيار/مايو 2006، بحيث أُذن صراحة للسيد ف. س. بالتواصل مع صاحب البلاغ وإجراء تسجيلات م ص ورة وصوتية لمحادثاتهما وفقاً لأحكام المادة 158(6) من قانون الإجراءات الجنائية (الإذن 1) ( ) . وذكر الإذن صراحة أن ف. س. وافق على التعاون مع سلطات التحقيق، وأنه اعتُزم إجراء تسجيلات، وأنه ستوضع عليه الأجهزة اللازمة. واقتصرت فترة التدخل على الفترة من 4 إلى 10 أيار/مايو 2006. وسمح الإذن كذلك لضباط التحقيق السابق للمحاكمة بمراقبة صاحب البلاغ في الفترة من 4 إلى 31 أيار/مايو 2006، وبإجراء تسجيلات صوتية و مصورة له وفقاً لأحكام المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية (الإذن 2) ( ) . وفي 9 أيار/مايو 2006، أصدر قاضي التحقيق السابق للمحاكمة إذناً آخر، بناء على طلب المدعي العام، يوافق فيه على طلب الاستماع إلى المكالمات الهاتفية لصاحب البلاغ في الفترة من 9 أيار/مايو إلى 9 حزيران/يونيه 2006.

2 -4 وفي 21 أيار/مايو 2006، تم اعتراض مكالمة هاتفية بين صاحب البلاغ وف. س. دعا فيها صاحبُ البلاغ ف. س. للقائه. وقام ضباط التحقيق السابق للمحاكمة بمراقبة اللقاء الذي جرى بين صاحب البلاغ وف. س. في محطة وقود في 24 أيار/مايو 2006 من الساعة 7/13 مساء حتى الساعة 7/55 مساء. وسُجّل الحوار الذي دار بينهما بفضل جهاز ل تسجيل ال صوت والصورة ، وكان ف. س. يحمل ميكروفونا ً . ووفقاً لنص المحادثة، حاول صاحب البلاغ إقناع ف. س. بعدم الإدلاء بشهادته ضده في الدعوى الجنائية التي كانت قائمة في ذلك الوقت مقابل الحصول على مكافأة مالية. ورفض ف. س. صراحة تغيير شهادته لصالح مقدم البلاغ ورفض قبول أي مكافأة مالية منه. وسجّل ضابط التحقيق السابق للمحاكمة اللقاء المراقَب وفقاً للبروتوكول ذي الصلة، وأرفق التسجيلات ونص المحادثة التي خضعت للمراقبة. وقد جرى قبل انتهاء التحقيق السابق للمحاكمة تدمير المعلومات المجمّعة بفضل اعتراض المحادثات الهاتفية التي جرت بين صاحب البلاغ وف. س.، إذا لم يكن لها صلة بالدعوى الجنائية القائمة.

2 -5 وفي 12 آذار/مارس 2008، أدانت المحكمة المحلية لمنطقة أليتوس صاحب البلاغ بتهمة التلاعب بالشهود وحكمت عليه بدفع غرامة قدرها 448 1 يورو (حوالى 241 2 دولاراً). وأيدت محكمة كاوناس الإقليمية هذا القرار في 8 شباط/فبراير 2009. وفي 21 أيلول/سبتمبر 2010، رفضت المحكمة العليا في ليتوانيا دعوى النقض التي قدمها صاحب البلاغ ( ) .

الشكوى

3 -1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة له بموجب المادة 17(1) من العهد، لأن السلطات المحلية تدخلت بشكل تعسفي في حياته الخاصة. ويدفع بأن الإذن بتسجيل المحادثة التي جرت بينه وف. س. وبـ "تقليد" جريمة جنائية و"التحريض عليها" كان ساريا حتى تاريخ 10 أيار/ مايو 2006 فقط. وبناء على ذلك، يحظى صاحب البلاغ، منذ 11 أيار/مايو 2006، بحماية كاملة بموجب المادة 17 من العهد. وبما أن المحادثة التي خضعت للمراقبة جرت في 24 أيار/مايو 2006، يجادل صاحب البلاغ بأن ما حدث من تدخل في حياته الخاصة لم يكن له أي أساس قانوني.

3-2 وفي هذا السياق، يشير صاحب البلاغ إلى أن الإذن الصادر في 4 أيار/مايو 2006 حدّد تحديدا ً دقيقا ً جدا ً الشروط التي يجوز بمقتضاها أن يتخذ أشخاص عاديون من غير ضباط التحقيق السابق للمحاكمة إجراءات سرية لمراقبة المعني وإجراء تسجيلات ذات صلة. ويوضح أنه أشار في الطعون التي تقدّم بها إلى المادة 8 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، التي تُعتبر المادة المماثلة للمادة 17 من العهد، وأن المحاكم رفضت مع ذلك طلباته مدعية أن إجراء المراقبة المطعون فيه قد تم وفقا ً للإذن الممنوح بموجب المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية والساري حتى 31 أيار/مايو 2006. ونتيجة لذلك، فإن اليوم الذي جرت فيه المراقبة كان مشمولاً بالإذن وفقاً للسلطات المحلية. غير أن صاحب البلاغ يحتج بعدم جواز تطبيق المادة 160 على حالته، لأنه بالنظر إلى الظروف الخاصة للقضية، ينبغي اعتبار ف. س. شخصاً اتخذ إجراء يدخل في إطار إجراءات التحقيق ويتطلب إذناً خاصاً بموجب المادة 158 من قانون الإجراءات الجنائية. ويحتج قائلا ً إن أي تفسير مغاير لذلك من شأنه أن يمنح المدعين العامين سلطة تقديرية غير مقيدة ومفرطة تخولهم تكليف أي شخص بإجراء مراقبة سرية، بما في ذلك "اصطناع" جريمة و"التحفيز" على ارتكابها، وبإجراء تسجيلات ذات صلة دون أي رقابة قضائية محايدة.

3-3 ويذكّر صاحب البلاغ بأن القيود الجائز فرضها على الحياة الخاصة يجب أن تفسَّر تفسيراً ضيقاً لكي تكون متسقة مع أحكام المادة 17 من العهد ( ) . ويشير إلى آراء اللجنة في قضية روخاس غارسيا ضد كولومبيا ( ) ويدفع بأن تأييد موقف المحكمة العليا في ليتوانيا التي اعتبرت أن التدخل الواقع في قضيته جرى وفقاً للقانون المحلي لا يمنع من اعتبار التدخل القانوني تعسفياً إذا تعارض مع أحكام العهد.

3-4 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تثبت حدوث إخلال بأحكام المادة 17(1) وأن تأمر الدولة الطرف بإعادة فتح ملف القضية الجنائية المتعلقة بصاحب البلاغ وبدفع تعويضات له.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية ( )

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 11 كانون الثاني/يناير 2016، طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ لعدم إثباته بأدلة كافية، ولإساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات، ولعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، بموجب المواد 2 و3 و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري على التوالي.

4-2 وتدفع الدولة الطرف قائلة إن عدم قانونية إجراءات التحقيق السرية يمكن أن يشكل أساساً لمطالبة ليتوانيا بجبر الأضرار الواقعة، عملاً بالمادة 6-272 من القانون المدني. وتشير الدولة الطرف إلى قرار صادر عن محكمة فيلنيوس المحلية في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2013، منحت فيه المحكمة المدعي تعويضاً عن الأضرار التي ألحقتها به الدولة إثر اصطناعها عملا ً إجراميا ً بصورة غير قانونية. وتحتج الدولة الطرف قائلة إنه بما أن صاحب البلاغ لم يلجأ إلى سبيل الانتصاف القانوني هذا فينبغي إعلان عدم مقبولية شكواه عملاً بالمادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

4-3 وترى الدولة الطرف أيضاً أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية الشكوى لعدم إثباتها بأدلة كافية عملا ً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري. وإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ يضلّل اللجنة فيما يخص المحتوى الفعلي لإجراءات التحقيق السرية التي أُذن باتخاذها عندما يذكر أن أمراً صدر في حقه يأذن لـف. س. باصطناع أعمال إجرامية، وأن حقوقه قد انتُهكت لأن الإجراء الذي اتُّخذ في إطار التحقيق قد نُفذ بعد انقضاء مدة الإذن.

4-4 وفيما يتعلق بالقوانين المحلية ذات الصلة، تدفع الدولة الطرف بأنها توفر ضمانات كافية ضد التدخل غير القانوني والتعسفي في الحياة الخاصة. وتؤكد الدولة الطرف أن دستور ليتوانيا يحدّد أن تقييد الحياة الخاصة للفرد يقتضي إذناً قضائياً. وفي سياق التحقيقات الجنائية، لا يجوز تقييد خصوصية الشخص إلا عندما وحسبما ينص قانون الإجراءات الجنائية على ذلك. وبغية الالتزام دائما بهذه الشروط، يمارس المدعي العام وقاضي التحقيق السابق للمحاكمة والمحاكم القضائية الأخرى رقابة فعلية. وتقرّ أيضاً السوابق القضائية للمحكمة العليا في ليتوانيا بضرورة الوفاء بشرط التناسب. وذُكر فيها على وجه الخصوص أن إجراءات المراقبة يجب أن يأذن بها قاضي التحقيق السابق للمحاكمة، وأن الأوامر الصادرة ينبغي أن توفر مسوغات كافية وأن تحدّد صراحة الشروط التي يجوز بموجبها اتخاذ إجراء متعلق بالتحقيق، مثل موضوع الإجراء ومدته وما إذا كان يُسمح بالقيام بتسجيلات. وتجيز أيضاً القوانين ذات الصلة التصرف في المعلومات التي تُجمَع إذا استوفيت شروط مسبقة معيّنة.

4-5 وبالعودة إلى القضية قيد النظر، توضح الدولة الطرف أن المادة 158 من قانون الإجراءات الجنائية، التي مُنح بموجبها الإذن 1، لا تسمح باصطناع أعمال إجرامية، وتشير صراحة إلى أن القيام بهذا النوع من الأعمال يقتضي الحصول على إذن منفصل بموجب المادة 159. بيد أن هذا الإذن الخاص لم يُطلب ولم يُمنح في القضية قيد النظر لأن أفعال ف. س. لم تقتض ذلك. وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن التحفيز أو التحريض على ارتكاب أعمال إجرامية محظور تماماً بموجب المادتين 158 و159 من قانون الإجراءات الجنائية. ومع ذلك، نظرت المحاكم المحلية بشكل دقيق في جميع الادعاءات التي قدمها صاحب البلاغ، وخلصت إلى أن اللقاء الذي خضع للمراقبة أجري بمبادرة صاحب البلاغ نفسه. وإضافة إلى ذلك، ومع أن ف. س. أعرب عن استعداده لمقابلة صاحب البلاغ لما فيه مصلحة التحقيق، فإنه لم يطلب مكافأة مالية ولم يقبل تغيير شهادته أمام المحكمة. وبناء على ذلك، فإن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن اصطناع ف. س. أعمالا إجرامية أو تحفيزه على ارتكابها دون صدور إذن ساري المفعول في هذا الشأن هي ادعاءات مضللة لا تستند بتاتا إلى أي أساس سليم.

4-6 وإضافة إلى ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن إجراءات التحقيق السرية التي أُذن باتخاذها بموجب الأمر الصادر في 4 أيار/مايو 2006 - وهي السماح لـلسيد ف. س. بمقابلة صاحب البلاغ وتسجيل أحاديثه معه (الإذن 1)، والسماح لضباط التحقيق السابق للمحاكمة بمراقبة صاحب البلاغ مع إمكانية إجراء تسجيلات صوتية و مصورة (الإذن 2) - تتفق مع متطلبات الصفة القانونية المكرسة في القانون المحلي والممارسة. كما ذُكر أنه يتضح من طلب المدعي العام أن المراقبة سعت إلى تحقيق هدفين مباحين وهما جمعُ أدلة تثبت أن صاحب البلاغ قد يحاول التأثير على ف. س. والحصولُ على معلومات تتعلق بشخصين آخرين فارين يشتبه في تورّطهما في قضية الاحتيال. وتؤكد الدولة الطرف أن قاضي التحقيق السابق للمحاكمة قبل الطلبات. كما تؤكد أن الإذن تضمّن، بما يتفق مع أحكام القانون المحلي ذي الصلة، نطاق إجراءات التحقيق المسموح بها ومدتها وأهدافها، وأشار إلى قبول ف. س. التعاون مع سلطات التحقيق. وأشار الإذن أيضاً إلى إمكانية إجراء +تسجيلات ووضع الأجهزة اللازمة على هذا الشخص.

4-7 وتدفع الدولة الطرف، مشيرةً إلى قرار المحكمة العليا في ليتوانيا، بأنه على الرغم من أن الأمر المطعون فيه المؤرخ 4 أيار/مايو 2006 يتضمن إذناً منفصلاً يسمح لشخص ما، وهو ف. س.، باتخاذ إجراءات سرية للمراقبة والقيام بتسجيلات ذات صلة، فإنه لا حاجة إلى ذلك لأن إجراء التحقيق المطعون فيه لا يندرج في إطار المادة 158 من قانون الإجراءات الجنائية. وتكرّر الدولة الطرف تعليل المحكمة العليا التي تشير إلى ضرورة عدم الخلط بين المادة 158 والمادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية، كما فعل خطأً قاضي التحقيق السابق للمحاكمة. ولا يجوز اعتبار مجرد تسجيل محادثة خاضعة للمراقبة إجراءً يندرج في إطار المادة 158(6). وقضت المحكمة العليا بأن تسجيل محادثة ما، حتى وإن كان يجريه شخص عادي، ينبغي أن يندرج في إطار المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية. ومن ثم، فإن الإذن 2 الذي خوّل سلطات التحقيق إخضاع صاحب البلاغ للمراقبة السرية في الفترة من 4 إلى 31 أيار/مايو 2006 وإجراء تسجيلات ذات صلة، وفّر أساسا ً قانونيا ً للتدخل. وجرى أيضاً التذكير، بناء على قرار المحكمة العليا، بأنه نظ راً إلى أن قانون الإجراءات الجنائية لا ينظم الطريقة التي تُجرى بها المراقبة من الناحية التقنية، فإنه ليس من المهم لدراسة هذه القضية تحديد ما إذا كانت المحادثة قد سجّلها، من الناحية التقنية، ضباط التحقيق السابق للمحاكمة أو شخص عادي كلّفه الضباط بذلك. وتؤيد الدولة الطرف موقف المحكمة العليا، وتفيد بأنه على الرغم من أن خبيراً أثبت أثناء الدعوى القضائية المحلية أن الميكروفون المستخدم لأغراض المراقبة قد وُضع حتما ً على ف. س. بفعل فاعل، فإنه لا يجوز في ظروف هذه القضية اعتباره شخصاً أجرى المراقبة بنفسه بل هو شخص ساعد الضباط المخوّلين على القيام بالمراقبة عن بعد وعلى تسجيل المحادثة ذات الصلة.

4-8 وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف أيضاً إلى توصيات النائب العام الصادرة في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2007 بشأن تطبيق المادتين 158 و160 من قانون الإجراءات الجنائية. وتشير التوصيات إلى أنه يجوز بموجب أحكام المادة 158 القيام بإجراءات التحقيق السرية التالية: المراقبة السرية للمراسلات؛ والتفتيش السري لمكان ما أو البحث سراً عن شخص ما؛ والمصادرة السرية؛ والدخول السري إلى مبان أو مركبات أو أشياء من أجل فحص وثائق أو أشياء معينة أو مصادرتها و/أو وضع أجهزة معينة؛ والتواصل مع الشخص قيد التحقيق وإجراء تسجيلات مصورة وصوتية متعلقة به؛ واستخدام أجهزة تقنية من أجل مراقبة المحادثات والاتصالات الأخرى. ويلاحَظ كذلك أن الإجراءات التي تتخذ بموجب المادة 158 يمكن أن تُنفذ بالاقتران مع إجراءات التحقيق المتخذة بموجب المادة 154 ("رصد وتسجيل المعلومات المرسلة عن طريق شبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية")، والمادة 159 ("اصطناع الأعمال الإجرامية") والمادة 160 ("المراقبة") من قانون الإجراءات الجنائية. وفي هذه الحالات، يجوز للمدعي العام أن يقدم طلبا ً موحّدا ً أو عدة طلبات منفصلة للحصول على الإذن. وتوضح التوصيات كذلك أنه يجوز، بموجب المادة 160، أن تشمل المراقبة، عندما تكون ضرورية، مراقبة شخص أو مركبة أو شيء من أجل رصد هذه الأفعال سراً وإجراء تسجيلات مصورة وصوتية بشأنها. وتجرى المراقبة عادة من مسافة بعيدة، دون أن يكون هناك اتصال مباشر مع الموضوع الخاضع للمراقبة ودون وضع أي معدات تقنية داخل أي مبنى أو مركبة.

4-9 ومع ذلك، تدفع الدولة الطرف بأنه حتى لو كانت المراقبة تجري عموما ً عن بعد، فإن تكليف ف. س. "بتيسير" التسجيل الصوتي من أجل الحصول على تسجيل أفضل نوعية ينبغي أن يعتبر أمرا ً قانونيا ً ومعقولاً. وتصر الدولة الطرف على أنه يجوز، بموجب المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يختار أفراد الشرطة أشخاصاً عاديين "لتيسير" التسجيلات الصوتية، شريطة أن يسمح الإذن بإجراء تسجيلات صوتية. وعلى الرغم من الدور الذي يؤديه الأشخاص العاديون في هذه السيناريوهات، ترى الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار أن ضباط التحقيق السابق للمحاكمة هم الذين يتولون المراقبة من بعيد. وتدفع الدولة الطرف بأنه قد تكون هناك حالات يجري فيها شخص عادي تحقيقات غير قانونية؛ إلا أن هذا لا ينطبق على هذه الحالة ( ) . وبناء على ذلك، فإن الإذن 1 لم يكن إلزاميا ً في ظروف هذه القضية، ولذلك لم تكن هناك حاجة إليه. وفي هذه الظروف، ومع أن إجراء التحقيق المطعون فيه قد تمّ بعد انقضاء مدة الإذن 1، فإنّ ذلك لا يؤثر على قانونية المراقبة بفعل حقيقة لا جدال فيها هي أن الإذن 2 كان لا يزال ساريا ً وقت التدخل.

4-10 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه نظ راً إلى الظروف التي تمّ فيها إجراء التحقيق - أي كونه سعى إلى تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، ولم يدم إلا لفترة قصيرة من الزمن، واستُخدم للأغراض المنشودة منه، بحيث لم يُعرقَل سير العدالة، وكون ف. س. لم يدفع صاحب البلاغ إلى ارتكاب جريمة - فإن التدخل لم يكن قانونيا ً فحسب بل كان أيضاً ضرورياً ومتناسباً مع أهدافه. وتفيد أيضاً ، كما هو موضح أعلاه، بأن القانون يشتمل على ضمانات كافية ضد التعسف. وإضافة إلى ذلك، يُحتج بأنه إذا ارتكب أحدهم جريمة جنائية، لا يمكن أن يتوقع هذا الشخص أن يُمنح نفس مستوى الحماية الممنوح للأشخاص الذين يحترمون القانون.

4-11 وفي الختام، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدّم طلبا إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي اعتبرته غير مقبول لافتقاره الواضح إلى أساس سليم. وعلى الرغم من قلة المسوغات التي قدمتها المحكمة، تحتج الدولة الطرف بأن من الممكن مع ذلك افتراض أن المحكمة ارتأت أن ادعاءات صاحب البلاغ غير مدعومة بأدلة كافية.

4-12 وفي ضوء ما تقدم، تخلص الدولة الطرف إلى أن التدخل في الحياة الخاصة لصاحب البلاغ جرى وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القانون، ونتيجة لذلك، فإن ادعاءات صاحب البلاغ مضللة ولا تستند إلى أدلة كافية، ولذلك ينبغي اعتبارها غير مقبولة عملاً بالمادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري. وتؤكد الدولة الطرف مجددا ً موقفها الذي مفاده أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية بما يتنافى مع أحكام المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

4 -13 وأكدت الدولة الطرف مجددا، في مذكرتين شفويتين مؤرختين 9 أيار/مايو 2016 و24 تشرين الأول/أكتوبر 2016، موقفها الذي مفاده أنه ينبغي للَّجنة اعتبار البلاغ غير مقبول لعدم كفاية الأدلة ولإساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات ولعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه إذا نظرت اللجنة في الأسس الموضوعية للشكوى، ينبغي لها عندئذ أن تأخذ في الاعتبار ملاحظات الدولة الطرف المؤرخة 11 كانون الثاني/يناير 2016 فيما يتعلق بمقبولية ادعاءات صاحب البلاغ وبأسسها الموضوعية، وأن تخلص إلى عدم حدوث إخلال بالمادة 17(1) من العهد للأسباب المبينة في تلك الملاحظات. وأضافت الدولة الطرف في مذكرتها الشفوية المؤرخة 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 أن صاحب البلاغ لم يقدّم أي شكوى بشأن الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد، ولذا فإن طلبه إعادة فتح الدعوى الجنائية كوسيلة انتصاف من الانتهاك المزعوم لحقوقه المكفولة له بموجب المادة 17(1) من العهد لا أساس له من الصحة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 -1 ردَّ صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف في رسالة مؤرخة 3 آذار/مارس 2016. ويصرّ صاحب البلاغ على أن أفعال ف. س.، الذي ظل يتواصل مع صاحب البلاغ وقام بلقائه في نهاية المطاف، ينبغي اعتبارها بمثابة تقليد لجريمة، ولهذا السبب كان ينبغي الحصول على إذن منفصل. وعلى أية حال، فقد وُضع جهاز التسجيل على ف. س.، وهو ما لم تنفه الدولة الطرف. وفي هذا الصدد، يشير صاحب البلاغ إلى ضرورة التمييز بين إجراءات التحقيق التي يقوم بها ضباط التحقيق السابق للمحاكمة أنفسهم دون أن يكون الأشخاص الخاضعون للمراقبة على علم بالمراقبة، وإجراءات التحقيق التي يشارك فيها بنشاط أشخاص عاديون، مثل ف. س.. ويُحتج بأنه في الحالة الثانية، يكون بطبيعة الحال للشخص العادي الذي يشارك بنشاط في الحوار المسجل أثر على الحوار أو، بوجه أعم، على مجرى الأحداث. ولهذا السبب من المهم ج داً أن يؤذن صراحة للأشخاص العاديين بالمشاركة في هذا النوع من إجراءات التحقيق. ولذلك، يصر صاحب البلاغ على أنه لا يجوز للأشخاص العاديين أن يقوموا، دون إذن رسمي، بأي تسجيل يُزمع استخدامه ضد مشتبه فيه.

5-2 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث إخلال بالمادة 17(1) من العهد وأن تأمر الدولة الطرف بإعطائه تعويضا عن الأضرار التي لحقت به وأن تعيد فتح الدعوى الجنائية المرفوعة ضده.

تعليقات إضافية من صاحب البلاغ

5-3 في رسالة مؤرخة 26 كانون الثاني/يناير 2017، كرّر صاحب البلاغ الحجج المذكورة أعلاه. وإضافة إلى ذلك، دفع بأن الدولة الطرف أقرت في ملاحظاتها بأن الأمر الوحيد الذي كان سارياً في 24 أيار/مايو 2006 كان يجيز لضباط التحقيق السابق للمحاكمة حصرا ً تولي إجراءات التحقيق. وفي تلك الفترة، كان ممنوعا ً على صاحب البلاغ وف. س. الاتصال ببعضهما. ومع ذلك، أبدى ف. س. استعداده لمقابلة صاحب البلاغ لأنه كان يعلم أن سلطات التحقيق تنوي تسجيل حديثه معه. ويدعي صاحب البلاغ أن ردود فعل ف. س. كانت مختلفة بوضوح عن ردود فعل شخص ليس على علم بالمراقبة. وعلاوة على ذلك، كان ف. س. الشخص الذي يحمل الميكروفون، وهو ما لم تنفه الدولة الطرف وما أكده أيضاً رأي خبير عُرض أثناء الدعوى المحلية. ومن الواضح أن هذه الملابسات تتجاوز المراقبة البسيطة التي أُذن للسلطات بإجرائها، وتشكل تدخلاً غير متناسب في حياته الخاصة.

5-4 وفي إشارة إلى ملاحظة الدولة الطرف المؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 2016، يدّعي صاحب البلاغ أن وقائع قضيته لا تنطوي على انتهاك لحقوقه بموجب المادة 17(1) من العهد فقط وإنما بموجب المادة 14(1) منه أيضاً بفعل عدم قانونية الأدلة المجمعة التي استُخدمت ضده.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ تقدّم بدعوى مماثلة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأن المحكمة أعلنت عدم مقبوليتها في عام 2013. وتُذكّر اللجنة بأن مفهوم "المسألة ذاتها" بالمعنى المقصود في المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري يجب أن يُفهم على أنه يعني عرض الادعاء نفسه المتعلق بالفرد نفسه أمام هيئة دولية أخرى، في حين أن الحكم المانع الوارد في هذه الفقرة يتعلق بكون المسألة ذاتها قيد النظر في هيئة أخرى في الوقت نفسه ( ) . وحتى إن قدّم الشخص نفسه هذا البلاغ إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن هذه الهيئة قد انتهت من البت فيه. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تبد أي تحفظ على المادة 5(2)(أ) يمنع اللجنة من دراسة البلاغات التي سبق أن نظرت فيها هيئة أخرى. وبناء على ذلك، فقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وفيما يتعلق بالمادة 14(1) من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثر مسألة انتهاك حقوقه المكفولة له بموجب المادة المذكورة إلا في آخر بلاغ له ودون تبرير تأخيره، مع أنه يبدو أن الوقائع التي ولّدت هذه الشكوى كانت واضحة بالفعل وقت تقديم رسالته الأولى. وعلى أي حال، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه تقدّم بشكواه أمام المحاكم المحلية كما لم يذكر أياً من الأسباب التي قد تكون منعته من القيام بذلك أو التي تثبت أن سبل الانتصاف المتاحة لن تجدي نفعاً في قضيته. وفي هذه الظروف، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بالإخلال المزعوم بالمادة 14(1) من العهد. ولذا، يجب إعلان هذا الجزء من الشكوى غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفيما يتعلق بالمادة 17(1) من العهد، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف التي مفادها أن عدم قانونية أحد إجراءات التحقيق يمكن أن يشكّل أساساً للمطالبة بتعويضات بموجب المادة 6-272 من القانون المدني الليتواني. وتذكّر اللجنة بأن المادة 5(2)(ب) لا تُلزم أصحاب البلاغ باستنفاد سبل الانتصاف القضائية أو سبل الانتصاف الأخرى إذا لم يكن احتمال نجاحها معقولا. ( ) وترى اللجنة أنه رغم ذكر الدولة الطرف سوابق قضائية منحت فيها المحاكم المحلية تعويضات بحجة اصطناع عمل إجرامي بصورة غير قانونية، فإنها لم تثبت أن سبيل الانتصاف هذا كان سيكون فعالاً حقاً في هذه القضية نظرا ً إلى امتناع المحاكم المحلية عن إعلان عدم قانونية الإجراء المطعون فيه. وبناء على ذلك، لا يمكن للجنة، استناداً إلى المعلومات المعروضة عليها، أن تخلص إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. لذا تعتبر اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في ادعاءات صاحب البلاغ ذات الصلة بالمادة 17(1) من العهد.

6-5 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي اعتبرت أن البلاغ غير مقبول بحجة إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات، والتي أفادت بأن صاحب البلاغ تعمّد تقديم معلومات مضللة بشأن المضمون الفعلي لإجراءات التحقيق السرية التي أُذن باتخاذها. وترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ تعكس اختلافاً في تفسير نطاق القانون ومضمونه ولا يجوز اعتبارها إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات.

6-6 وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الشكوى غير مدعومة بأدلة كافية بموجب المادة 17(1) من العهد. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه المكفولة له بموجب المادة 17(1) من العهد لأن السلطات المحلية تدخلت تعسفاً في حياته الخاصة باتخاذها إجراء من إجراءات التحقيق السرية وصل إلى حد تقليد عمل إجرامي والتحريض عليه دون أن يكون بحوزتها إذن مناسب ساري المفعول. وتلاحظ اللجنة حجة صاحب البلاغ التي مفادها أن الإذن الصادر في 4 أيار/مايو 2006 حدّد تحديدا ً دقيقا ً جدا ً الشروط الواجب توافرها لتمكين الأشخاص العاديين من إجراء تسجيلات سرية. ونظ راً إلى أن الإذن الذي يسمح لـف. س. بالقيام بإجراء تحقيق ضد صاحب البلاغ وبتسجيل حديثهما كان، وفقاً لصاحب البلاغ، سارياً حتى 10 أيار/مايو 2006 فقط، فإن المراقبة التي أجريت في 24 أيار/مايو 2006 بمشاركة نشطة من ف. س. لا يجوز اعتبارها مشمولة بالإذن الممنوح بموجب المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية والذي كان لا يزال سارياً في ذلك الوقت، ولذلك فإن التدخل لم يكن له أي أساس قانوني.

6-7 ومن ناحية أخرى، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف، المتفقة مع قرار المحكمة العليا، والتي مفادها أنه ينبغي عدم الخلط بين المادة 158 والمادة 160، وأن تسجيل المحادثات، حتى وإن أجراه شخص عادي، يدخل في نطاق المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية، إذ ليس من المهم لتقييم الحالة قيد النظر تحديد ما إذا كانت المحادثة قد سجلها، من الناحية التقنية، ضباط التحقيق السابق للمحاكمة أو شخص عادي أوكلوه بذلك. وتحيط اللجنة علماً بموقف الدولة الطرف الذي مفاده أن الإذن 2، الذي كان سارياً في اليوم الذي حدث فيه التدخل المطعون فيه، كان يوفر أساساً قانونياً كافياً للتدخل، وكان ضروريا ً ومتناسبا ً مع الأهداف المنشودة وهي منع الجريمة وإقامة العدل على نحو سليم.

6-8 وتشدد اللجنة كذلك على الطابع المعقد للمسألة المطروحة، وتحيط علماً بالتحليل المفصل الذي أجرته المحاكم المحلية في ليتوانيا، بما في ذلك المحكمة العليا، فيما يتعلق بمشروعية إجراء التحقيق المطعون فيه. وتذكّر اللجنة بأنه يعود عموما ً لمحاكم الدول الأطراف في العهد استعراض الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية، في دعوى بعينها، ما لم يثبت بكل وضوح أن التقييم أو التطبيق الذي تجريه المحاكم يتم بصورة تعسفية أو يشكل خطأ جليا ً أو إنكا راً للعدالة ( ) . وفي هذه الظروف، وبالنظر إلى المعلومات الواردة في ملف القضية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدّم لأغراض المقبولية أدلة كافية تثبت أن تطبيق المحاكم المحلية للتشريعات المحلية هو بمثابة تعسف واضح أو خطأ جلي أو إنكار للعدالة. ويُعَد إذاً البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7- وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) إعلان عدم مقبولية البلاغ بموجب المواد 2 و3 و5(2)(أ) و(ب) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إحالة هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ.

المرفق الأول

رأي فردي (مخالف) لعضو اللجنة فاسيلكا سانسين

1- مع كل احترامنا، نود أن نسجل اختلافنا مع ما خلصت إليه أغلبية الأعضاء فيما يتعلق بالإخلال المزعوم بالمادة 17(1) من العهد، وذلك لسببين. أولاً، نرى أن صاحب البلاغ قد استوفى المعيار المبدئي المتمثل في تقديم أدلة كافية على ادعائه لأغراض المقبولية. وثانياً، يرتبط ادعاء صاحب البلاغ ارتباطاً وثيقاً بالأسس الموضوعية للقضية، ولذلك كان ينبغي تحليله في سياق النظر في الأسس الموضوعية للقضية، مما كان أدى إلى استنتاج حدوث إخلال للأسباب التي سيتم تفصيلها فيما يلي.

2- وفي هذه القضية، لم يختلف الطرفان على اعتبار إجراء التحقيق، الذي تم في 24 أيار/ مايو 2006 بمشاركة كلا ً من ف. س. وضباط التحقيق السابق للمحاكمة، بمثابة "تدخل" في حق صاحب البلاغ في الخصوصية وهو تدخّل يتطلب أساساً قانونياً سليما ً . ولذا، فالمسألة التي ما زالت مطروحة هي معرفة ما إذا كان هذا التدخل تعسفيا ً أو غير قانوني بموجب المادة 17 من العهد.

3- وأي تدخل في الحق في الخصوصية، لكي يكون مسموحاً به بموجب المادة 17، يجب أن يستوفي الشروط المبينة في الفقرة 1 مجتمعة. وبعبارة أخرى، يجب أن يكون منصوصا ً عليه بموجب القانون؛ وأن يكون متفقا ً مع أحكام العهد وأهدافه وغاياته؛ وأن يكون مناسبا ً في الظروف الخاصة بالقضية ( ) . ولا يعدّ التدخل "غير قانوني" إذا كان يلتزم بأحكام القانون المحلي ذي الصلة، على نحو ما فسرته المحاكم الوطنية، وقد ذكّرت اللجنة بشكل صحيح بأن محاكم الدول الأطراف في العهد هي التي تتولى عموما استعراض الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية في قضية معينة ما لم يثبت أن هذا التقييم أو التطبيق تعسفي بشكل واضح أو يشكل خطأ جليا ً أو إنكارا ً للعدالة (انظر الفقرة 6-8).

4- وإضافة إلى ذلك، فإن الصفة القانونية تتعلق أيضاً بنوعية القانون، إذ تقتضي أن يكون الشخص المعني قاد راً على الاطلاع عليه وتوقع آثاره. وتستوجب إمكانيةُ توقع آثاره، في السياق الخاص لإجراءات المراقبة السرية، أن يكون القانون واضحاً بما فيه الكفاية لكي يعطي المواطنين فكرة وافية عن الظروف والأوضاع التي يحقّ فيها للسلطات العامة اللجوء إلى أي من هذه الإجراءات السرية ( ) .

5- والشروط الإجرائية والموضوعية المتعلقة بإجراءات التحقيق السرية المتخذة في هذه القضية محدّدة في المادتين 158 ("إجراءات ضباط التحقيق السابق للمحاكمة الذين لا يكشفون عن هويتهم") و160 ("المراقبة") من قانون الإجراءات الجنائية في ليتوانيا. وتنص المادة 158(6) على أنه، في حالات استثنائية، وعندما يتعذر كشف هوية أشخاص ارتكبوا جرائم، يجوز أن يتولى أشخاص من غير ضباط التحقيق السابق للمحاكمة تحقيقات بموجب الأمر المنصوص عليه في هذه المادة. وإضافة إلى ذلك، يشار إلى أن تحريض شخص على ارتكاب جريمة أمر محظور في إطار أمر المراقبة الذي يُمنح بموجب تلك المادة. وتجيز المادة 160 أن يؤذن بمراقبة شخص أو مركبة أو شيء، ولكنها لا تتضمن، خلافا ً للمادة 158، أي حكم يسمح لأشخاص عاديين باتخاذ الإجراءات المأذون بها، كما لا تشير إلى إمكانية اصطناع أفعال إجرامية والتحفيز على ارتكابها أثناء القيام بإجراءات تحقيق بموجب الإذن الممنوح.

6- ومن ثم، فإن إجراء التحقيق الذي شارك فيه ف. س. يندرج في رأينا في إطار المادة 158 التي لم يكن للسلطات المحلية إذن ساري المفعول بشأنها وقت التدخل. إن تفسير الدولة الطرف - التي تدعي أنه ليس من المهم لتقييم الحالة قيد النظر تحديد ما إذا كانت المحادثة، من الناحية التقنية، قد سجّلها ضباط التحقيق السابق للمحاكمة أو شخص عادي أوكلوه بذلك - يبدو لي تفسيراً فضفاضاً على نحو مفرط أي تعسفياً. ولو افترض المشرّع أنه من الممكن أن يكون هناك اتصال مباشر، في إطار المادة 160، بين المشتبه فيه والشخص العالم بحقيقة خضوعهما للمراقبة، لعمد إلى حظر التحريض على ارتكاب أعمال إجرامية حظرا ً صريحا ً على غرار ما تنص عليه المادة 158. ولذلك، فإن المراقبة المنصوص عليها في المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية تقتصر فيما يبدو على مراقبة المشتبه فيه من بعيد، وهو ما أيدته أيضاً توصيات النائب العام في ليتوانيا التي جاء فيها أنه في حين قد تنطوي إجراءات التحقيق السرية بموجب المادة 158 على تفاعل مع الشخص الخاضع للتحقيق، فإن المراقبة التي تجرى بموجب المادة 160 تكون عادة من بعيد (انظر الفقرة 4-8). ولو لم يشارك شخص عادي مرتبط بالسلطات مشاركة مباشرة في المحادثة التي تمت مراقبتها، لاندرجت هذه القضية بالفعل في إطار المادة 160 من قانون الإجراءات الجنائية. غير أن ظروف هذه القضية مختلفة.

7- كما دفعت الدولة الطرف بأن الإذن 1، الذي مُنح لفترة زمنية أقصر، والذي كان يخص ف. س. تحديدا ً ، لم يكن ضروريا ً ، وبأن قاضي التحقيق السابق للمحاكمة أخطأ في منح هذا الإذن (انظر الفقرة 4-7). ويمكن فهم ذلك على أنه يكشف عن وجود اختلاف بل تضارب في التفاسير التي تعطيها السلطات المحلية لنطاق المادتين 158 و160 من قانون الإجراءات الجنائية، مما يثير الشكوك حول وضوح القوانين المحلية وإمكانية توقع آثارها - وهما الشرطان المتعلقان بالنوعية اللذان يقتضيهما الطابع القانوني.

8- وفي ضوء ما تقدم، نخلص إلى أن الدولة الطرف لم تثبت استنادها إلى أساس قانوني سليم وامتلاكها إذ ناً ساري المفعول لتبرير التدخل المطعون فيه، لأن الأحكام القانونية ذات الصلة لم تمنح السلطات المعنية أي صلاحية تقديرية تعطيها الحق في تقرير القيام بإجراء التحقيق المطعون فيه بمساعدة شخص عادي عملاً بمادة قانونية (المادة 160) دون أخرى (المادة 158).

9- ولجميع هذه الأسباب، نرى أنه كان ينبغي قبول البلاغ وأن سلوك الدولة الطرف يُظهر إخلالا ً بالمادة 17(1) من العهد.

المرفق الثاني

رأي فردي (مخالف) لعضو اللجنة فورويا شويتشي

1- لا نتفق مع ما خلصت إليه أغلبية أعضاء اللجنة وهو أن صاحب البلاغ لم يُقدِّم أدلةً كافية لدعم ادعاءاته بموجب المادة 17(1) من العهد وأن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول لذلك بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

2- وتنص المادة 17(1) على أنه لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو في شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته. ولذا، يجب على اللجنة، عند النظر في حدوث إخلال بالمادة 17(1)، أن تبت في عنصرين. وعليها أولاً أن تبتّ فيما إذا كان السلوك المعني يشكل تدخلاً في خصوصيات صاحب البلاغ أو أسرته أو بيته أو مراسلاته؛ وإن كان الأمر كذلك، عليها أن تبتّ فيما إذا كان التدخل تعسفياً أو غير قانوني ( ) . وبما أن الخطوة الثانية تتعلق بالتقييم القانوني للسلوك المعني، نرى أنه ينبغي مبدئيا ً النظر فيها في مرحلة دراسة الأسس الموضوعية.

3- ولا يمكننا على وجه الخصوص قبول المسوغات التي اعتُمدت في القرار الصادر في هذه القضية. إن الأساس الرئيسي الذي استُند إليه للتوصل إلى القرار المذكور هو أن محاكم الدول الأطراف هي التي تتولى عموما استعراض الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية في قضية بعينها، ما لم يثبت أن هذا التقييم أو التطبيق تعسفي بشكل واضح أو يشكل خطأً جلياً أو إنكاراً للعدالة. ويخلص أيضاً قرار الأغلبية إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت أن التفسير الذي توصلت إليه المحاكم المحلية للدولة الطرف، بما في ذلك المحكمة العليا، فيما يتعلق بقانونية إجراءات التحقيق المطعون فيها، هو تفسير تعسفي بشكل واضح أو خطأ جلي أو إنكار للعدالة. وإذا دفعت دولة طرف قائلة إن أحد الإجراءات التي تؤدي إلى التدخل في الخصوصية هو إجراء جائز قانونا ً ، سيتوجب على صاحب البلاغ دحض هذه الحجة بإثبات أن تطبيق القانون المعني كان تعسفياً بشكل واضح أو كان يشكل خطأ جلياً أو إنكاراً للعدالة. غير أن هذا الأمر يبدو مجحفا ً جدا ً في حق صاحب البلاغ في مرحلة البت في مقبولية البلاغ ويتنافى مع صيغة المادة 17 التي تحظر مجرّد التدخل على نحو "غير قانوني ". وباعتقادنا أن الحد الأدنى للإثبات، في إطار المادة 17، ينبغي ألا يكون أعلى من الطابع "غير القانوني" بمعناه العادي، وأن الحد الأدنى اللازم لأغراض المقبولية ينبغي أن يكون أقل من الحد الأدنى اللازم عند دراسة الأسس الموضوعية.

4- وفي هذه القضية، يدعي صاحب البلاغ أن المحادثة التي أجراها مع ف. س. قد سُجِّلت بمسجل لل صوت و الصورة دون موافقته، ولم تنف الدولة الطرف هذا الأمر. ومن هنا يتبيّن أن صاحب البلاغ قد أثبت بما فيه الكفاية حدوث التدخل. وعلاوة على ذلك، هناك اختلاف واضح بين صاحب البلاغ والدولة الطرف فيما يتعلق بتفسير نطاق وجوهر القانون المحلي المتعلق بالطابع "القانوني" للتدخل. وصحيح أن تفسير الدولة الطرف مفهوم، إلا أن تفسير صاحب البلاغ لا يبدو لنا منافيا ً تماما ً للمنطق فيما يتعلق بمسألة مشاركة الأشخاص العاديين. وفي هذا الصدد، نعتقد أن صاحب البلاغ قد أثبت لأغراض المقبولية أن إجراءات التحقيق التي اتخذتها الدولة الطرف هي مبدئيا غير قانونية.

5- وعلاوة على ذلك، فحتى إن اعتبرت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت عدم قانونية الإجراءات التي اتخذتها الدولة الطرف، عليها أيضاً أن تبت فيما إذا كانت هذه الإجراءات تعسفية. ووفقاً لاجتهادات اللجنة، لا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنوا لـمفهوم "مخالفة القانون". بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف، والظلم، وعدم إمكانية التنبؤ، وعدم مراعاة الأصول القانونية، علاوة على عناصر عدم الحصافة وانعدام الضرورة والتناسب ( ) . وفي الواقع، يدفع صاحب البلاغ بأن تأييد موقف المحكمة العليا التي اعتبرت أن التدخل الحاصل في قضيته جرى وفقاً للقانون المحلي لا يمنع من اعتبار التدخل القانوني تعسفياً إذا كان يتعارض مع أحكام العهد (الفقرة 3-3). ومع ذلك، لم تنظر اللجنة في الطابع التعسفي المزعوم للإجراءات المطعون فيها.

6- وفي رأينا، ينبغي عند تقييم الطابع التعسفي للإجراءات المتخذة النظر في مدى ضرورتها وتناسبها. وفي هذه القضية، تدفع الدولة الطرف بأن التسجيل كان يهدف إلى جمع الأدلة لإثبات أن صاحب البلاغ قد يحاول التأثير على ف. س.، وإلى الحصول أيضاً على معلومات تتعلق بشخصين آخرين فارين يشتبه في تورطهما في قضية احتيال. وفيما يتعلق بالغرض الأول، صحيح أن صاحب البلاغ مُنع من الاتصال بـالسيد ف. س. لمنعه من التأثير على الشاهد قبل أن يدلي بشهادته في المحكمة. ولكن إذا كان الغرض الحقيقي هو منع صاحب البلاغ من التأثير على ف. س.، فإن أنجع طريقة لتحقيق ذلك ليست تسجيل الحديث الذي دار بين صاحب البلاغ وف. س.، بل مطالبة ف. س. بعدم الالتقاء بصاحب البلاغ. ومع ذلك، طلبت سلطات التحقيق من ف. س. الاتصال بصاحب البلاغ وتسجيل محادثتهما. وفي هذا الصدد، نعتقد أن التسجيل لم يكن ضروريا ً لمنع صاحب البلاغ من ممارسة تأثيره على ف. س.، ولا يتناسب مع هذا الغرض. ومقارنة بالغرض الأول، يبدو أن الغرض الثاني - وهو الحصول على معلومات بشأن شخصين آخرين فارين يشتبه في تورطهما في قضية الاحتيال - ينجح اختبار الضرورة. إلا أن الدولة الطرف لم تواف اللجنة بأي معلومات تبيّن ما إذا كان تسجيل محادثة صاحب البلاغ متناسباً مع هذا الغرض ومدى تناسبه معه.

7- ولجميع هذه الأسباب، نخلص إلى أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن حقه المكفول بموجب المادة 17(1) مقبول. وإضافة إلى ذلك، وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة كافية تثبت أن تسجيل محادثة صاحب البلاغ مع ف. س. كان ضروريا ً ومتناسبا ً مع الغرض المتوخى، فإن ذلك يشكل إخلالا ً بالمادة 17(1).