الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2676/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 November 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2676/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: أندريه تسوكانوف ، لا يمثله محام

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 19 أيار/مايو 2015 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 18 آذار/مارس 2021

الموضوع: فرض عقوبة على المشاركة في تجمع سلمي

المسائل الإجرائية: التعارض مع العهد؛ استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: حرية التعبير؛ حرية الاجتماع؛ ضمانات المحاكمة العادلة

مواد العهد: 14 ( 3 )(د) و(ه) و 19 و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 3 و 5

1 - يُدعى صاحب البلاغ أندريه تسوكانوف ، وهو مواطن كازاخستاني وُلد في عام 1982 . يدَّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 14 ( 3 )(د) و(ه) و 19 و 21 من العهد. وقد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة للدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 . ولا يمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ صحفي، وقد تعرَّض مراراً للضرب والاعتقال، وفُرضت عليه غرامات بسبب نشاطه المهني وآرائه السياسية ومشاركته في الاحتجاجات السلمية. وفي 7 تموز/يوليه 2014 ، اتصلت به مجموعة من النساء الراغبات في الاحتجاج على تدخّل الشرطة في أنشطتهن التجارية. وتوجَّه صاحب البلاغ إلى مكان الاحتجاج لإجراء تغطية صحفية باسم قناة تلفزيونية محلية. ووصل إلى موقع الاحتجاج حوالي الساعة 00 / 22 ، وأجرى مقابلات مع عدة مشاركين، ثم قام بتصوير الاحتجاج بالفيديو. وبعد فترة وجيزة، وصلت عدة مركبات للشرطة إلى مكان الاحتجاج وبدأ أفراد الشرطة يحتجزون المشاركين ويأخذون وثائق هويتهم. وبينما كان صاحب البلاغ يواصل تصويره، اقترب منه عدة أفراد من الشرطة وطلبوا منه إبراز وثيقة هويته وحذف تسجيل الفيديو. ورفض صاحب البلاغ الامتثال، فأخذ الأفراد آلة التصوير منه وألحقوا بها أضراراً أثناء العملية، وقاموا بليّ ذراعي صاحب البلاغ خلف ظهره، واقتادوه إلى جانب عدة محتجين آخرين إلى مركز للشرطة.

2 - 2 ويشير صاحب البلاغ إلى عدم وقوع انتهاكات للنظام العام أو نزاعات أثناء الاحتجاج. ووُجهت إليه تهمة ارتكاب مخالفة إدارية بموجب المادة 355 ( 2 ) من قانون المخالفات الإدارية ( رفض الامتثال للأوامر ال قانونية الصادرة عن فرد مكلف بإنفاذ القانون). ووفقاً لصاحب البلاغ، كثيراً ما فرضت الدولة الطرف منذ عام 2013 عقوبات على المشاركين في الاحتجاجات السلمية بتهم ارتكاب جرائم مثل أعمال الشغب، أو انتهاك أنظمة المرور، أو رفض الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة، وذلك لمنعهم من تقديم شكاوى فردية أخرى إلى اللجنة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد. وأُطلق سراح الأفراد المحتجزين لدى الشرطة بعد ساعات قليلة؛ غير أن الشرطة صادرت بشكل غير مشروع بطاقة هوية صاحب البلاغ وآلة التصوير بالفيديو الخاصة به. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ أُصيب ببعض الجراح أثناء اعتقاله، فقد خضع في اليوم الذي أعقب إطلاق سراحه لفحصٍ طبي، حيث تأكدت إصابته بكدمات في وجهه وكتفه عند اعتقاله.

2 - 3 وفي 11 تموز/يوليه 2014 ، أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحب البلاغ بتهمة رفض الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة، وحكمت عليه بالاعتقال الإداري لمدة 15 يوماً. ووفقاً لصاحب البلاغ، لم تكن المحكمة نزيهة في حكمها لأن القاضي تجاهل حججه وحقيقة أنه صحفي كان يغطي نشاطاً احتجاجياً. كما لم تسمح المحكمة لشهود النفي بالإدلاء بشهاداتهم أثناء جلسة الاستماع، رغم السماح لجميع الشهود الذين استدعاهم المدعي العام بالقيام بذلك.

2 - 4 وفي تاريخ غير محدد ، استأنف صاحب البلاغ القرار القضائي أمام محكمة مدينة ألماتي ، بحجة أن قرار المحكمة الابتدائية ينتهك، في جملة أمور، حقه في حرية التعبير وحقه في التجمع السلمي. ورفضت محكمة مدينة ألماتي طلب استئنافه في 17 تموز/يوليه 2014 .

2 - 5 وفي 8 آب/أغسطس 2014 ، قدم صاحب البلاغ التماساً لإجراء استعراض قضائي إشرافي إلى مكتب الادعاء في مدينة ألماتي ، ورُفض التماسه في 25 آب/أغسطس 2014 . وفي تاريخ غير محدد، قدّم التماساً لإجراء استعراض قضائي إشرافي إلى مكتب المدعي العام، غير أن نائب المدعي العام رفض هذا الالتماس في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 .

2 - 6 وفي يومي 8 و 9 تموز/يوليه 2014 ، على التوالي، قدم صاحب البلاغ شكويين ضد أعمال غير مشروعة قام بها أفراد الشرطة أثناء الاحتجاج المذكور إلى كل من مكتب الادعاء في منطقة ألمالينسكي ومديرية التحقيقات الداخلية التابعة لإدارة الشؤون الداخلية في ألماتي . وذكر في الشكويين أنه تعرَّض لاعتقال غير مشروع وللضرب والخنق على أيدي أفراد الشرطة، وأن أضراراً لحقت بآلة تصوير الفيديو الخاصة به. وأحال مكتب الادعاء في منطقة ألمالينسكي شكوى صاحب البلاغ إلى مديرية التحقيقات الداخلية التابعة لإدارة الشؤون الداخلية في ألماتي . وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، رفضت المديرية فتح تحقيق في أعمال أفراد الشرطة لانتفاء ركن الجريمة.

الشكوى

3 - 1 يدَّعي صاحب البلاغ أن أعمال الشرطة انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد. وهو يشير إلى أنه كان يغطي احتجاجاً سلمياً بصفة صحفي؛ غير أن الشرطة لم ترغب في أن يتم بثّ لقطات الفيديو الخاصة بالاحتجاج وما أعقب ذلك من اعتقالات على شاشة التلفزيون. ولهذا السبب، قامت باعتقاله وألحقت أضراراً بآلة التصوير الخاصة به وحذفت جميع تسجيلات الفيديو.

3 - 2 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 ( 3 )(د) و(ه) من العهد لأن المحكمة الابتدائية رفضت السماح لوسائل الإعلام بحضور جلسة الاستماع، وتجاهلت حججه القانونية، ولم تسمح لشهود النفي بالإدلاء بشهاداتهم في المحكمة، رغم أن جميع الشهود الذين استدعاهم المدعي العام تمكنوا من القيام بذلك.

3 - 3 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تُلزِم الدولة الطرف بالقيام بما يلي: تقديم المسؤولين عن انتهاك حقوقه إلى المحاكمة؛ واتخاذ تدابير لإزالة القيود المفروضة بموجب تشريعات كازاخستان على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي والحق في محاكمة عادلة، خلافاً للمواد 19 و 21 و 14 من العهد، على التوالي؛ وكفالة ألا تستتبع إقامة الاحتجاجات السلمية تدخلاً غير مبرر من جانب السلطات أو اضطهاد المنظّمين والمشاركين.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 28 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، ملاحظاتها بشأن المقبولية. وهي تشير إلى أنه في الساعة 10 / 22 من يوم 7 تموز/يوليه 2014 ، وقعت سيارة دوريةٍ تابعة لشرطة مدينة ألماتي على مجموعة من الأشخاص في شارع أبيلايخان -تول-بي، وكانوا يحتلون جزءاً من الطريق ويخلقون حالة تُهدد بوقوع حوادث. وقد رفضوا الامتثال لطلب أفراد الشرطة بإخلاء الطريق، بينما كان صاحب البلاغ، الذي وُجد ضمن المجموعة، يعرقل حركة المرور. واعتُقل صاحب البلاغ بعد أن رفض الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة وتسبَّب في إصابة أحد أفراد الشرطة بجراح طفيفة، وهو ما أكده فحص طبي أُجري في 8 تموز/يوليه 2014 .

4 - 2 وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ يتعارض مع أحكام العهد، ولذا فهو غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة ليست عموماً في وضع يمكّنها من استعراض القرارات المتعلقة بالمسؤولية الإدارية أو المدنية أو الجنائية للأفراد، كما أنه لا يمكنها استعراض مسألة براءة الفرد أو إدانته.

4 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لئن طلب، في رسالته، الحصول على سبل الانتصاف، فإنه يطالب أيضاً بتقديم المسؤولين عن انتهاك حقوقه إلى المحاكمة. وتشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في قضية ه. س. م. أ. ضد هولندا ، حيث رأت اللجنة أن العهد لا ينص على الحق في طلب إخضاع شخص آخر لمحاكمة جنائية ( ) . وترى الدولة الطرف أن البلاغ يُمسي من ثمّ متعارضاً مع أحكام العهد، بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري. كما تدفع الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المتبقية التي طلبها صاحب البلاغ لا تتفق هي الأخرى مع أحكام العهد. فوفقاً للدولة الطرف، إن سبل الانتصاف المطلوبة لا تتعارض مع أحكام العهد فحسب، إنما تتطلب أيضاً أن تتجاوز اللجنة اختصاصاتها وأن تعدّل القوانين المحلية للدولة الطرف، وهو ما يُعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.

4 - 4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن صاحب البلاغ لم يُثبت بالأدلة كيف أن التشريعات المحلية تنتهك حقوقه التي تكفلها المواد 14 و 19 و 21 من العهد. وتشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في قضية إ. ز. ضد كازاخستان ، التي خلصت فيها اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يثبت بالأدلة ادعاءاته بموجب المادة 14 ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ استفاد من جميع الحقوق ووسائل الدفاع من أجل محاكمة عادلة.

4 - 5 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يعاقَب على مشاركته في الاحتجاج، بل على رفضه الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة. ولما كان يعرقل حركة المرور ولم يبتعد عندما طلبت إليه الشرطة ذلك، فإن أفعاله في تلك اللحظة كانت تشكل تهديداً للسلامة العامة. ولم يكتفِ صاحب البلاغ بعدم الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة، بل قام أيضاً بعَضِّ إصبع أحد أفراد الشرطة، الذي يُدعى أُو.، وهو ما وُصف لاحقاً على أنه إصابة بجرح طفيف في أعقاب فحص طبي خضع له المعني. ولذلك، تدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ غير مشمولة بحماية المادتين 19 و 21 وينبغي أن تكون غير مقبولة وفقاً للمادة 3 من البروتوكول الاختياري، والمادة 96 (د) من النظام الداخلي، والاجتهاد القضائي للجنة.

4 - 6 أخيراً، تعترض الدولة الطرف على مقبولية البلاغ نتيجةً لعدم استنفاد سبل الانتصاف القانونية المحلية المتاحة. وتشير الدولة الطرف إلى أنه كان يحق لصاحب البلاغ، بعد أن رفض نائب المدعي العام لكازاخستان التماسه المتعلق بإجراء استعراض قضائي إشرافي، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، توجيه طلب إلى المدعي العام لإجراء استعراض قضائي إشرافي. وتشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في قضية ت. ك. ضد فرنسا ، التي رأت فيها اللجنة أن مجرد شك صاحب البلاغ في فعالية سبل الانتصاف المحلية لا يعفيه من شرط استنفادها. وتقدم الدولة الطرف مثالاً على قضية محلية، هي قضية فيلاتوفا وكوزمينتسيف ، حيث رفضت السلطات المحلية في ألماتي ، بشكل غير مشروع، السماح لشخصين بتنفيذ إضراب عن الطعام في شقتهما. وأسفر الالتماس المقدم إلى المدعي العام لإجراء استعراض قضائي إشرافي عن صدور قرار قضائي جديد لصالح المدعى عليهما واستعادة حقوقهما وحرياتهما بالكامل. ولذا، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ ينبغي أن يكون غير مقبول وفقاً للمادتين 2 و 5 من البروتوكول الاختياري، والمادة 96 (و) من النظام الداخلي، والاجتهاد القضائي للجنة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 قدم صاحب البلاغ في رسالة مؤرخة 31 كانون الثاني/يناير 2016 تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وهو يؤكد أن حقوقه بموجب المواد 14 (د) و(ه) و 19 و 21 من العهد قد انتُهكت. ويؤكد مجدداً أن تهمة وُجهت إليه برفض الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن أحد موظفي إنفاذ القانون لمنعه من المضي في تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة. ويدفع بأن أفعاله لم تسبِّب أي تهديد للسلامة العامة، وأنه لم يقم بعَضِّ أحد ولم يعرقل حركة المرور. وكان متواجداً في مكان الاحتجاج بصفة صحفي، ويحمل بطاقة هوية إعلامية صالحة، وبين يديه آلة تصوير بالفيديو.

5 - 2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يشير إلى أن الطلب المقدم إلى المدعي العام لإجراء استعراض قضائي إشرافي لا يمكن اعتباره سبيل انتصاف فعالاً. ففي قضية فيلاتوفا وكوزمينتسيف ، التي ذكرتها الدولة الطرف في رسالتها، لم تسترد فيلاتوفا حقوقها ولم تُدفع لها التكاليف القانونية. ولم ينص الحكم الجديد الصادر عن محكمة محلية على آلية لاستعادة حقوق الجهتين المشتكيتين . وبالإضافة إلى ذلك، رفضت السلطات المحلية في مدينة ألماتي دفع تعويضات عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بالجهتين المشتكيتين، أو معاقبة الموظف المسؤول على فرض حظر غير مشروع على إضرابهما عن الطعام في تلك القضية. ولذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن استخدام الدولة الطرف للقضية المذكورة أعلاه كمثال هو استخدام غير مناسب.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 19 أيار/مايو 2016 ، ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية. وتؤكد الدولة الطرف مجدداً أن ادعاءات صاحب البلاغ غير مدعومة بأدلة وأن المحاكم المحلية فحصتها فحصاً شاملاً.

6 - 2 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه قد انتُهكت بموجب المادة 14 من العهد، تدفع الدولة الطرف بأن ادعاء صاحب البلاغ بأن المحكمة الابتدائية قد أيدت موقف الادعاء وتجاهلت حججه هو ادعاء غير مدعوم بأي وقائع. وهي تضيف بأن صاحب البلاغ يشير في بلاغه إلى أن قاضي المحكمة الابتدائية لم يفعل شيئاً سوى التقيّد بالدستور وبالقوانين المحلية، مما يُثبت، حسب تأكيد الدولة الطرف، أن الإجراءات القضائية كانت قانونية لأن المحكمة في أي بلد ديمقراطي يجب أن تتبع دستور البلد وقوانينه. وتلاحظ الدولة الطرف أن حكم محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات يستند إلى شهادات عدة شهود، وأن القرار الصادر يتضمن إشارات إلى تلك الشهادات.

6 - 3 كما تلاحظ الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه انتُهكت بموجب المادتين 19 و 21 من العهد، فضلاً عن ادعاءاته بأنه تعرَّض لعقوبات وأعمال ضرب بسبب نشاطه المهني وآرائه السياسية، لم توثَّق بأدلة. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لما ذكر في بلاغه أنه كان يريد أن يُظهر لوسائل الإعلام، عن طريق إقامة احتجاج عفوي إلى جانب مشاركين آخرين، الكيفية التي تعرقل بها الشرطة أنشطتهم، فإنه لا يستطيع الادعاء أنه كان يمارس حقه في التجمع السلمي أو في حرية التعبير. كما تشير الدولة الطرف إلى وجود تناقض في رسالة صاحب البلاغ، إذ أن صاحب البلاغ يدفع في أحد المواضع بأن مجموعة من النساء اتصلت به، فقرَّر إثر ذلك تصوير الاحتجاج عن طريق الفيديو، بينما يدَّعي لاحقاً أنه تلقى تكليفاً من محرّري القناة التلفزيونية A24 بتغطية الاحتجاج.

6 - 4 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ رفض أثناء الاحتجاج إبراز بطاقة هويته لموظف شرطة كان يرتدي زياً رسمياً، رغم أن موظف الشرطة قد أظهر بطاقة الهوية الخاصة به أمام صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، أصبح سلوك صاحب البلاغ عدوانياً تجاه موظف الشرطة إذ أنه تسبَّب في إصابته بجرح وأتلف زيه الرسمي. وتدفع الدولة الطرف بأنه كان ينبغي لصاحب البلاغ، لو كان يغطي الاحتجاج بصفة صحفي، أن يطيع القانون كمواطن، ويمتثل للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة، ويُبرز بطاقة هويته. ولذا، ترى الدولة الطرف أن أفعال صاحب البلاغ كانت غير قانونية، واستفزازية، وهي أفعال لا علاقة لها على الإطلاق بعمله كصحفي.

6 - 5 وتعترض الدولة الطرف على الطريقة التي وصف بها صاحب البلاغ الأحداث المؤدية إلى اعتقاله في 7 تموز/يوليه 2014 ، وتلاحظ أن ادعاءاته دُحضت خلال جلسة المحكمة بشهادة أفراد من الشرطة وغيرهم من الشهود، وهو ما يعكسه قرار المحكمة. وتؤكد الدولة الطرف أن الشرطة لم تمنع صاحب البلاغ من أداء عمله كصحفي، ولم تُلحق ضرراً بآلة التصوير أو تصادرها، ولم تستخدم العنف ضده. وتلاحظ الدولة الطرف أن مكتب الادعاء في منطقة ألمالينسكي ومديرية التحقيقات الداخلية التابعة لإدارة الشؤون الداخلية في ألماتي قد فحصا ادعاءات صاحب البلاغ وخلصا إلى أن الشرطة لم ترتكب انتهاكاً للقانون.

6 - 6 ووفقاً للدولة الطرف، يحاول صاحب البلاغ أن يقدم زوراً الانتهاك الإداري الذي ارتكبه على أنه تقييد لحقوقه المكفولة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ انتهك النظام العام بأفعاله أثناء الاحتجاج. وفي الوقت نفسه، فإن العهد يتيح فرض قيود على الحقوق المشمولة بالحماية بموجب المادتين 19 و 21 إذا كان المراد من فرضها حماية النظام العام.

6-7 وتلاحظ الدولة الطرف أن معاقبة صاحب البلاغ على أفعاله بموجب المادة 355(2) من قانون المخالفات الإدارية هي أقل التدابير تقييداً، وتعَدّ تدبيراً متناسباً بالنظر إلى خطورة الجرم الذي ارتكبه. إذ كان من الممكن تصنيف التسبب في إصابة موظف شرطة بجراح على أنه فعل عنفٍ مرتكب ضد موظف حكومي، وهو ما يعاقَب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات بموجب المادة 321(1) من قانون العقوبات.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7 - 1 ردَّ صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 4 آب/أغسطس 2020 ، على ملاحظات الدولة الطرف بشأن أسس البلاغ الموضوعية. وهو يلاحظ أنه يجب على المحاكم، عند الاقتضاء، وفقاً للقرار الناظم رقم 1 الصادر عن المحكمة العليا والمؤرخ 10 تموز/يوليه 2008 ، المتعلق بتطبيق الاتفاقات الدولية في كازاخستان، أن تلجأ إلى أحكام العهد لكفالة امتثال الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب الاتفاق. وفي الممارسة العملية، لا تستخدم المحاكم ولا المسؤولون الحكوميون أحكام العهد أو الوثائق الدولية الأخرى التي تنظم التجمعات السلمية، رغم أن الدستور يُرسي سيادة القواعد الدولية على القانون المحلي. ويشير صاحب البلاغ إلى أن الصحفيين لا يُعتبرون جهات مُشارِكة في التجمعات السلمية بل هم مراقبون يضطلعون بدورهم في نشر المعلومات ذات المصلحة العامة. وبالتالي، يجب على السلطات ضمان وصول الصحفيين إلى أي مناسبة عامة عوضاً عن التسبب في عرقلة نشاطهم المهني. ويشير صاحب البلاغ إلى أنه، وفقاً للمادة 35 من قانون المخالفات الإدارية، يُعفَى الشخص من المسؤولية إذا ارتكب انتهاكاً إدارياً دفاعاً عن النفس. ويدفع صاحب البلاغ بأن الشرطة هي المعتدية في هذه الحالة، وبأنه كان يستخدم حقه في الدفاع عن النفس لحماية حريته وممتلكاته. ولذلك، يرى صاحب البلاغ أن المحاكم المحلية لم تفحص بدقة جميع ملابسات قضيته، وأدانتْهُ ظلماً بالقول إنه استخدم القوة ضد الشرطة بينما كانت الشرطة الجهة المعتدية في الواقع.

7 - 2 كما يشير صاحب البلاغ إلى أنه كان يحق له تغطية الحدث وفقاً للمادة 20 من قانون وسائط الإعلام، وبصرف النظر عن كيفية تلقيه المعلومات عن الاحتجاج الذي جرى في 7 تموز/يوليه 2014 . فوفقاً للمادة المذكورة، يحق للصحفي أن يلتمس المعلومات ويطلبها ويتلقاها وينقلها؛ وأن يُجري تسجيلات الصوت والفيديو والتقاط الصور، إلا في الحالات التي يحظرها القانون؛ ويحق له أن يحضر التجمعات السلمية وغيرها من أشكال المناسبات العامة عندما يحمل بطاقة هوية إعلامية صالحة.

7 - 3 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن المواطنين يجب أن يمتثلوا للأوامر القانونية الصادرة عن الشرطة، يلاحظ صاحب البلاغ أن أي تقييد للحقوق المشمولة بالمادة 19 من العهد يجب أن ينص عليه القانون، ويجب أن يمتثل لاختبارَيْ الضرورة والتناسب الصارمين. فلا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها، ويتعين أن تتعلق هذه القيود بالغرض المحدد الذي تأسست عليه مباشرةً. وينبغي ألا تُستخدم قط لإسكات المدافعين عن الديمقراطية القائمة على تعدد الأحزاب، والمبادئ الديمقراطية، وحقوق الإنسان. ووفقاً لصاحب البلاغ، كثيراً ما يتعرَّض الصحفيون لقيود وتهديدات وتصرفات عدوانية من هذا القبيل بسبب نشاطهم المهني؛ ولذا يجب التحقيق في أي ادعاءات مماثلة على نحو شامل وسريع ومعاقبة المسؤولين عن هذه الحالات وفقاً للقانون.

7 - 4 ويعترض صاحب البلاغ على تأكيد الدولة الطرف أن معاقبته بموجب المادة 355 ( 2 ) من قانون المخالفات الإدارية تشكل أقل التدابير تقييداً، وتُعَدّ تدبيراً متناسباً بالنظر إلى خطورة الجرم المرتكب. ويلاحظ أن انتهاك المادة 355 ( 2 ) يمكن أن يعاقب عليه بفرض غرامة أو باعتقال إداري يصل إلى 15 يوماً. لكن المحاكم أصدرت بحق صاحب البلاغ أقصى عقوبة يسمح بها القانون المحلي. ووفقاً لصاحب البلاغ، يبيّن الحكم الصادر بحقه نية الدولة الطرف إسكات وتخويف الذين يمارسون التفكير الحرّ، حتى يخضع كل شخص للحكم الاستبدادي.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

8 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 6 تشرين الأول/أكتوبر 2020 ، ملاحظات إضافية بشأن الأسس الموضوعية. وهي تدفع بأن المادة 14 من العهد تنعكس تماماً في دستور كازاخستان، الذي يكفل المساواة بين الجميع أمام المحاكم والقانون. وتعتبر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ مُنِح جميع الحقوق والوسائل القانونية من أجل محاكمة عادلة، بما في ذلك حق الدفاع ودعوة الشهود. والدليل على ذلك هو أن قاضي محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات أدرج في محضر الجلسة بناءً على طلب صاحب البلاغ الشهادة الخطية لثلاثة شهود، وقد أُبقي على هذه الشهادة في قرار المحكمة.

8 - 2 وتلاحظ الدولة الطرف أن المادة 20 من قانون وسائط الإعلام تمنح الصحفيين حق حضور الاحتجاجات والمظاهرات وغيرها من المناسبات التي يجري فيها التعبير عن المصالح العامة والفردية، شرط أن يحملوا بطاقة هوية إعلامية صالحة. غير أنه تبين أثناء المحاكمة أن صاحب البلاغ رفض في أحداث 7 تموز/يوليه 2014 إبراز أي وثائق هوية عندما طلبَ إليه ذلك موظف شرطة أثناء الخدمة، وكان يرتدي الزي الرسمي. وعلاوة على ذلك، فقد تجاهل صاحب البلاغ طلب موظف الشرطة واستمر في التصرف بطريقة عدوانية، مما تسبب في إصابة الموظف بجرح وإتلاف زيه الرسمي. وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن أفعال صاحب البلاغ كانت غير قانونية واستفزازية، وأن لا صلة لها بعمله كصحفي.

8 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن الأحداث العامة تخضع للتنظيم في جميع البلدان، بما في ذلك كازاخستان. وتكفل المادة 19 ( 2 ) من العهد حرية التعبير، التي تشمل حرية التماس المعلومات وتلقيها ونقلها. وفي الوقت نفسه، تتيح الفقرة 3 فرض قيود معينة على النحو المنصوص عليه في القانون إذا كانت ضرورية لحماية حقوق الآخرين وسمعتهم، ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. كما أن المادة 21 من العهد تشمل الحق في التجمع السلمي، الذي لا يمكن تقييده بغير القيود التي تُفرض طبقاً للقانون والتي تقتضيها الضرورة في مجتمع ديمقراطي، حفاظاً على مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتدفع الدولة الطرف بأن أحكام المادتين 19 و 21 من العهد تنعكس بالكامل في التشريعات المحلية لكازاخستان. وتكفل المادة 32 من الدستور الحق في التجمع السلمي، ولا يجوز فرض قيود على هذا الحق إلا حفاظاً على مصالح الأمن القومي أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

8 - 4 وتشير الدولة الطرف إلى أن المادة 9 من قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية تنص على محاسبة منتهكي القانون. كما تلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون اتفقت مع المحكمة الدستورية للاتحاد الروسي على أن قانون المحكمة الدستورية المذكورة المتعلق بالتجمعات والاجتماعات والمظاهرات والمسيرات والاحتجاجات يمكن أن يسمح للسلطات التنفيذية بممارسة السلطة التقديرية إلى حد ما ( ) . ولذا تخلص الدولة الطرف إلى أن تنظيمها للتجمعات السلمية يتفق مع القانون الدولي والممارسات الدولية لسائر البلدان الديمقراطية.

8 - 5 وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأنه سيبدأ في 6 حزيران/يونيه 2020 نفاذ قانون جديد بشأن تنظيم التجمعات السلمية وعقدها في كازاخستان، وهو ينص على اعتماد إجراء الإخطار المبسط. فوفقاً للمادتين 10 و 11 من القانون الجديد، يتعين على منظّمي التجمعات السلمية تقديم إخطار، في شكلٍ إلكتروني أو ورقي، قبل خمسة أيام عمل من الحدث المتوخى تنظيمه. وتتم معالجة الإخطار في غضون ثلاثة أيام. وفي حال عدم تلقي ردّ في غضون ثلاثة أيام، يجوز للمنظّمين الشروع في إقامة الأحداث الخاصة بهم. لكن بالنسبة للمظاهرات والمسيرات، يجب أن يحصل المنظّمون على إذنٍ، ويتعين تقديم الطلبات لهذا الغرض إلى السلطات المحلية قبل 10 أيام عمل على الأقل من الأحداث المتوخى تنظيمها، وإصدار الإذن في غضون 7 أيام عمل.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

9 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

9 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن سبل الانتصاف التي يطلبها صاحب البلاغ تتطلب من اللجنة تجاوز اختصاصاتها وتعديل القوانين المحلية للدولة الطرف، مما يؤدي إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، ويجعل البلاغ متعارضاً مع أحكام العهد، وفق المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وبالإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن أفعال صاحب البلاغ كانت ذات طابع غير قانوني واستفزازي، وبأن ليس بإمكانه من ثمّ الادعاء بأنه كان يمارس حقه في التجمع السلمي أو في حرية التعبير. بيد أن اللجنة تشير إلى أنه في إطار الإجراء المنشأ بموجب البروتوكول الاختياري، وفي حال خلوص اللجنة إلى حدوث انتهاكات للعهد، يكون لدى اللجنة الاختصاص اللازم لتحديد تدابير جبر الضرر التي ينبغي أن تتخذها الدولة الطرف لجبر الضرر الناجم عن الانتهاكات المذكورة ومنع حدوث انتهاكات أخرى في المستقبل. وعليه، فلا يوجد ما يمنع أصحاب البلاغات من التماس تدابير جبر الضرر أو اقتراحها، رغم أن اللجنة ليست ملزَمة بأيٍّ من هذه الالتماسات ( ) . وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن تحديد ما إذا كان يسع صاحب البلاغ المطالبة بحماية حقه في التجمع السلمي أو في حرية التعبير بسبب طبيعة عمله إنما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأسس الموضوعية للقضية. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن المادة 3 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

9 - 4 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم التماساً إلى المدعي العام لإجراء استعراض قضائي إشرافي. وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي، الذي قضت فيه بأن تقديم التماس إلى مكتب الادعاء لإجراء استعراض قضائي إشرافي يتضمن، على وجه التحديد، طلب استعراض قرارات المحاكم التي أصبحت نافذة - وهو طلب يعتمد على السلطة التقديرية للمدعي العام - لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وفي هذه القضية، تحيط اللجنة علماً أيضاً بإشارة الدولة الطرف إلى قضية أدى فيها الالتماس المقدم إلى مكتب المدعي العام إلى توجيه احتجاج من المدعي العام إلى المحكمة العليا، وإلى استنتاج لاحق مؤداه أن السلطات المحلية في ألماتي رفضت بشكل غير مشروع السماح لشخصين بتنفيذ إضراب عن الطعام في شقتهما. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه قدم، في تاريخ لم يتم تحديده، التماساً إلى مكتب المدعي العام لإجراء استعراض قضائي إشرافي لقضيته الإدارية. غير أن نائب المدعي العام رفض الطلب في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 . وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن ليس هناك في المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ما يمنعها من النظر في هذا البلاغ.

9 - 5 وقبل النظر في ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3 )(ه)، يتعين على اللجنة أن تقرر أولاً ما إذا كانت العقوبات في قضية صاحب البلاغ تتعلق ب‍ "أية تهمة جزائية" بالمعنى الوارد في العهد. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنها أحالت، في اجتهادها القضائي ( ) ، إلى الفقرة 15 من تعليقها العام رقم 32 ( 2007 ) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، التي ذكرت فيها العقوبات المفروضة على الأفعال ذات الطابع الإجرامي أي التي يُنظر إليها من زاوية القانون الجنائي نظراً لغرضها وطابعها وخطورتها، بصرف النظر عن صفتها في القانون المحلي. وفي هذه القضية، عوقب صاحب البلاغ على مخالفة إدارية وحُكم عليه بالاعتقال الإداري لمدة 15 يوماً. وترى اللجنة أن هدف هذه العقوبة كان معاقبة صاحب البلاغ على أفعاله واستخدام ذلك رادعاً للمخالفات المماثلة في المستقبل - وهي أهداف مشابهة للهدف العام المنصوص عليه في القانون الجنائي ( ) . ولذا تخلص اللجنة إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ تندرج في إطار الحماية المنصوص عليها في المادة 14 من العهد.

9 - 6 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 ( 3 )(د) من العهد. وتلاحظ، من المعلومات الواردة في الملف، أن صاحب البلاغ كان ممثَّلا بمحام في جميع إجراءات المحكمة. ولذا ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم الادعاء أعلاه بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

9 - 7 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم أدلة كافية لدعم ادعاءاته المتبقية التي تثير مسائل بموجب المواد 14 ( 3 )(ه) و 19 و 21 من العهد لأغراض المقبولية. ومن ثم، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

10 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

10 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه حُكم عليه بالاعتقال الإداري لمدة 15 يوماً لأنه أدى عمله كصحفي أثناء احتجاجٍ في 7 تموز/يوليه 2014 في ألماتي . كما تحيط اللجنة علماً بما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحب البلاغ لم يعاقَب على تغطيته الاحتجاج كصحفي، بل لرفضه الامتثال للأوامر القانونية للشرطة. ورغم أن صاحب البلاغ يعترض على ادعاء أنه رفض الامتثال للأوامر القانونية للشرطة، ويدفع بأنه لم يرفض سوى إبراز وثائق هويته وحذف تسجيلات الفيديو المتعلقة بالاحتجاج، فإن اللجنة ترى أن لا لزوم لتقييم هذه الادعاءات الوقائعية ، إذ يمكن البت في ادعاءات صاحب البلاغ على افتراض أن القيود المعترض عليها قد فُرضت بدافع الحرص على السلامة العامة والنظام العام، على نحو ما أشارت إليه الدولة الطرف.

10 - 3 ويتعيّن على اللجنة أولاً أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حرية صاحب البلاغ في نقل المعلومات والأفكار مبرَّرةً بموجب أي معيار من المعايير الواردة في المادة 19 ( 3 ) من العهد. وتشير اللجنة في هذا الصدد إلى تعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) حيث ذكرت جملة أمور منها أن حرية التعبير شرط لا غنى عنه في أي مجتمع ويشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . وتلاحظ اللجنة أن المادة 19 ( 3 ) لا تجيز فرض قيود على حرية التعبير، بما في ذلك حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص القانون على هذه القيود، وفقط إذا كانت هذه القيود ضرورية لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم؛ أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، فإن أي تقييد لحرية التعبير يجب ألا يكون مفرطاً بطبيعته، أي أن يكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بسائر الوسائل التي يمكن أن تحقق الحماية المنشودة، وأن يكون متناسباً مع المصلحة المراد حمايتها ( ) .

10 - 4 وتلاحظ اللجنة أنه يتعين على الدولة الطرف توضيح ما إذا كان اعتقال صاحب البلاغ في هذه القضية يُعتبر من القيود الضرورية والمتناسبة المفروضة على حقوقه. وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن من حق الصحفي، وفقاً للمادة 20 من قانون وسائط الإعلام في الدولة الطرف، أن يلتمس المعلومات ويطلبها ويتلقاها وينقلها؛ وأن يُجري تسجيلات الصوت والفيديو والتقاط الصور إلا في الحالات التي يحظرها القانون؛ وأن يحضر التجمعات السلمية وغيرها من أشكال المناسبات العامة عندما يحمل بطاقة هوية إعلامية صالحة (الفقرة 7 - 2 ). وهي تحيط علماً أيضاً بأن الدولة الطرف تدفع بأن صاحب البلاغ رفض إبراز أي وثائق هوية عندما طلبَ إليه ذلك موظف شرطة كان يؤدي واجبه ويرتدي الزي الرسمي. ولم يدحض صاحب البلاغ هذا الادعاء. ولما كان الاحتجاج المعني قد نُظم بشكل عفوي في حوالي الساعة 00 / 22 ، فلا يبدو من غير المعقول أن يطلب أفراد من الشرطة إلى صاحب البلاغ إبراز بطاقة هويته في سياق الحفاظ على السلامة العامة والنظام العام ولأغراض التأكد من صفته كصحفي. وفي هذا الصدد، قد يُعتبر من الضروري أن يطلب أفراد الشرطة إلى صاحب البلاغ إبراز هويته. ومن ناحية أخرى، لم توضح الدولة الطرف ضرورة مصادرة آلة التصوير الخاصة بصاحب البلاغ وحذف تسجيلات الفيديو، والأهم من كل ذلك، ضرورة إصدار حكم اعتقال إداري بحقه لمدة 15 يوماً حفاظاً على السلامة العامة والنظام العام. وترى اللجنة، في ملابسات هذه القضية، أنه لم يتبيَّن أن القيود المفروضة على صاحب البلاغ مبررة ومتناسبة عملاً بالشروط المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) من العهد، رغم استنادها إلى القانون المحلي. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 ( 2 ) من العهد قد انتُهكت ( ) .

10 - 5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بمقتضى المادة 21 ، تشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، على نحو ما تكفله المادة 21 من العهد، هو حق من حقوق الإنسان الأساسية لتعبير الفرد علناً عن وجهات نظره وآرائه، ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويستتبع هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، بما يشمل تنظيم تجمع ثابت (كالاعتصام) في مكان عام. وعموماً، يحق لمنظّمي التجمعات أن يختاروا موقعاً على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدَف، ولا يجوز تقييد هذا الحق ما لم يكن التقييد مفروضاً وفق القانون وضرورياً في مجتمع ديمقراطي لخدمة مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً من أجل التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة المذكورة أعلاه، ينبغي أن تسترشد بالغرض المتمثل في تيسير هذا الحق، لا السعي إلى تقييده بقيود غير ضرورية أو غير متناسبة. لذا يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها الحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .

10 - 6 وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، الخلاف القائم بين الطرفين بشأن ما إذا كان صاحب البلاغ قد حضر الاحتجاج بصفته صحفياً أو مشاركاً. ومع ذلك، وحتى إذا اعتُبر أن صاحب البلاغ قد شارك فعلياً في احتجاج غير مصرَّح به، ترى اللجنة في هذا الصدد أن الدولة الطرف، التي تقول إن صاحب البلاغ كان من المشاركين في الاحتجاج، لم تُظهِر أن القيود المفروضة على حقوقه، أي اعتقاله الإداري لمدة 15 يوماً لمشاركته في تجمع عفوي وسلمي نُظم في 7 تموز/يوليه 2014 ، هي قيود متناسبة وضرورية حفاظاً على مصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تدفع في ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ بأن أفعال صاحب البلاغ المزعومة - عرقلة حركة المرور ورفض إبراز وثائق الهوية - تسببت في تهديد السلامة العامة (الفقرة 4 - 5 ). وتحتج الدولة الطرف في ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ بأن صاحب البلاغ قد انتهك النظام العام بأفعاله (الفقرة 6 - 6 ). وتشير اللجنة إلى أن الاحتجاج بحماية "السلامة العامة" كسبب لتقييد الحق في التجمع السلمي يستلزم تقديم إثبات بأن التجمع يشكل خطراً حقيقياً وكبيراً على سلامة الأشخاص (على حياتهم أو أمنهم الشخصي) أو يشكل خطراً مماثلاً يتمثل في إلحاق ضرر جسيم بالممتلكات. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن حجم وطبيعة التجمعات السلمية يمكن أن يسببا اضطرابات في بعض الأحيان، في حركة مرور المركبات أو حركة المشاة مثلاً؛ لكن يجب إدارة هذه الاضطرابات أو المخاطر في إطار العهد. كما ينبغي للدول الأطراف ألا تعتمد على تعريف غامض ل ‍ "النظام العام" من أجل تبرير القيود الفضفاضة المفروضة على الحق في التجمع السلمي، رغم أن التجمعات السلمية يمكن، في بعض الحالات، أن تؤدي بطبيعتها أو بشكل متعمد إلى تعطيل الأنشطة، كما أنها تتطلب قدراً كبيراً من التسامح. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي عدم اللجوء إلى حظر ما يسمى "الاضطرابات العامة" في إطار القانون المحلي على نحو غير مبرر لتقييد التجمعات السلمية ( ) . وفي هذه القضية، لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات إلى اللجنة لدعم ادعائها بأن أفعال صاحب البلاغ قد شكلت خطراً على حياة الأشخاص أو سلامتهم، أو خطراً على الممتلكات، باستثناء القول إنه كان يعرقل حركة المرور. وفي هذه الظروف، وفي غياب أي معلومات أخرى، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تفِ بعبء الالتزام الواقع على عاتقها، أي تبرير القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 . ولذلك تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 21 من العهد قد انتُهكت.

10 - 7 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ عدم التمكن من استدعاء أيٍّ من شهود النفي، وهو ما يخالف أحكام المادة 14 ( 3 )(ه) من العهد. ويؤكد صاحب البلاغ، في الوقت نفسه، أن جميع الشهود الذين تقدَّم بهم الادعاء تمكنوا من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة. وتلاحظ اللجنة، من المواد التي قدمها صاحب البلاغ، أنه على الرغم من طلب صاحب البلاغ استدعاء عدة شهود كانوا حاضرين في مكان الاحتجاج في 7 تموز/يوليه 2014 ، فقد رفض قاضي المحكمة الابتدائية السماح لهم بالإدلاء بشهاداتهم لأنهم كانوا من مالكي الشقق الذين حضروا الاحتجاج، ومن ثم فقد اعتبر أنهم لن يدلوا بشهاداتهم بطريقة موضوعية. غير أن القاضي سمح بإدراج شهاداتهم الخطية، التي أخذتها الشرطة في وقت سابق، ضمن محضر جلسة المحكمة. وتلاحظ اللجنة أيضاً ما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحب البلاغ مُنِح جميع الحقوق والوسائل القانونية من أجل محاكمة عادلة، بما في ذلك الحق في الدفاع، ودعوة شهوده، نظراً إلى أن قاضي محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات قد سمح، بناءً على طلب صاحب البلاغ، بقراءة شهادات كتابية لثلاثة شهود ضمن محاضر المحكمة.

10 - 8 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 32 ، الذي يفيد بأن المادة 14 ( 3 )(ه) تكفل حق الشخص المتهم في أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي واستجوابهم بالشروط ذاتها المطبقة في حالة شهود الاتهام. ومع أن هذا الحق ليس حقاً بلا حدود، فإنه يشمل الحق في استدعاء الشهود الذين يسلَّم بأهميتهم بالنسبة للدفاع ( ) . وترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يمكنها الوفاء بهذا الالتزام بمجرد القول إنه تمت قراءة إفادات الشهود في محضر جلسة استماع . وتطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص القانونية، يُعد هذا الضمان مهماً لكفالة فعالية دفاع المتهم ومحاميه، ويكفل للمتهم بالتالي السلطات القانونية ذاتها المتمثلة في استدعاء الشهود واستجواب أو إعادة استجواب أي شاهد يقدمه الادعاء ( ) . وفي هذه الظروف، تستنتج اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 3 )(ه) من العهد قد انتُهكت.

11 - وترى اللجنة، وهي تتصرف وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بمقتضى المواد 14 ( 3 )(ه) و 19 ( 2 ) و 21 من العهد.

12 - والدولة الطرف ملزَمة، عملاً بالمادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ والضحايا. وهذا يتطلب منها جبر الضرر جبراً تاماً لمن انتُهكت حقوقهم المشمولة بالعهد. وبناءً على ذلك، تُلزَم الدولة الطرف، في جملة أمور، بتقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل، ولا سيما عن طريق استعراض تشريعاتها الوطنية وتنفيذها لتكون متوافقة مع التزاماتها باعتماد تدابير تمكّن من إنفاذ الحقوق المعترف بها بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.

13 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغات الرسمية للدولة الطرف.

المرفق

رأي فردي لعضو اللجنة جنتيان زيبيري (رأي مخالف جزئياً)

1 - أتفق مع اللجنة على حدوث انتهاك للمادتين 19 و 21 من العهد في هذه القضية، لكنني لا أوافق على القول بحدوث انتهاك للمادة 14 ( 3 )(ه).

2 - وعلى نحو ما أوضح صاحب البلاغ، لقد وُجهت إليه تهمة بارتكاب مخالفة إدارية بمقتضى المادة 355 ( 2 ) من قانون المخالفات الإدارية لرفضه الامتثال للأوامر القانونية الصادرة عن موظف مكلف بإنفاذ القانون (الفقرة 2 - 2 ). وأدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحب البلاغ لرفض الامتثال للأوامر القانونية للشرطة، وحكمت عليه بالاعتقال الإداري لمدة 15 يوماً. ويدَّعي صاحب البلاغ أن المحكمة لم تسمح لشهود النفي بالإدلاء بشهاداتهم أثناء الجلسة، بينما سُمح لجميع الشهود الذين استدعاهم المدعي العام بالقيام بذلك (الفقرة 2 - 3 ). وتردّ الدولة الطرف بقولها إن حكم محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات استند إلى شهادات عدة شهود، وبأن القرار الصادر يتضمن إشارات إلى هذه الشهادات (الفقرة 6 - 2 ). ووفقاً للدولة الطرف، أدرج قاضي المحكمة، بناءً على طلب صاحب البلاغ، الشهادة الخطية لثلاثة شهود في محضر الجلسة، وأُبقي على هذه الشهادة ضمن قرار المحكمة (الفقرة 8 - 1 ).

3 - وعلى نحو ما أشارت إليه اللجنة - وهو ما لاقى قبول صاحب البلاغ والدولة الطرف -، لم تُدرَج في محضر جلسة المحكمة إلا الشهادة الخطية التي أدلى بها ثلاثة شهود استدعاهم صاحب البلاغ، وهي شهادة كانت الشرطة قد حصلت عليها في وقت سابق، بينما تمكَّن جميع الشهود الذين قدمهم الادعاء من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة (الفقرة 10 - 7 ). ولذلك، فإن المسألة المطروحة هنا هي معرفة ما إذا كان قرار محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات بعدم السماح للشهود الذين استدعاهم صاحب البلاغ بالمثول شخصياً في المحكمة للإدلاء بشهاداتهم، على الرغم من طلب صاحب البلاغ في هذا الصدد، يشكل انتهاكاً للمادة 14 ( 3 )(ه).

المقبولية

4 - تشير اللجنة في تعليلها بشأن مقبولية الادعاءات المقدمة بموجب المادة 14 ( 3 )(ه) إلى قرارها في قضية فولتشيك ضد بيلاروس ( ) . غير أن الفقرة التي ذكرتها اللجنة تتعلق بمقبولية الادعاءات بموجب المادة 9 ( 3 ) الرامية إلى حماية حرية الشخص وأمنه، وليس بموجب المادة 14 ( 3 ) الرامية إلى كفالة عددٍ من ضمانات المحاكمة العادلة في إطار الإجراءات الجنائية (الفقرة 6 - 5 ). وعلاوةً على ذلك رأت اللجنة في القضية المذكورة، فيما يتعلق بادعاءٍ صِيغ صياغة مماثلة وقُدّم على أساس انتهاك المادة 14 ، أنه لم يكن موثَّقاً بالأدلة الكافية، واعتبرت أنه غير مقبول (الفقرة 6 - 6 ) ( ) . في البداية، أود الإعراب عن شكوكي المتعلقة بجدوى الحديث عن تناظرٍ عام لضمانات المحاكمة العادلة في كل من سياق المحاكمات الجنائية وسياق الإجراءات الإدارية، مع تغيير ما يقتضيه اختلاف الحال. وعلاوة على ذلك، أرى أن صاحب البلاغ لم يوثّق بالأدلة مقبولية ادعائه بموجب المادة 14 ( 3 )(ه)، لأن هذا الادعاء صِيغ باعتباره حقاً مطلقاً في أن تستمع المحكمة إلى شهود النفي الذين يستدعيهم صاحب البلاغ، بينما هو يثير هذه المسألة في سياق الإجراءات الإدارية. وكنت سأوافق على القول إن ادعاء صاحب البلاغ مقبول في حال إظهاره التحيز الذي واجهه أو الضرر الذي لحق به لعدم تمكن الشهود الذين أراد أن يجري الاستماع إليهم من الإدلاء بشهاداتهم في المحكمة مباشرةً، أو في حال تعرّضه للمنع من استجواب الشهود الذين استدعاهم المدعي العام.

الأسس الموضوعية

5 - لدى تقييم ما إذا حدث انتهاك أم لا، خرجت اللجنة في خطوتها التالية عن نهجها المعتاد. وموقف اللجنة الراسخ هو أن الأمر متروك بوجه عام لمحاكم الدول الأطراف لتقييم الوقائع والأدلة في قضية معينة، ما لم يتضح أن التقييم تعسفي على نحو واضح أو أنه يبلغ حدّ إنكار العدالة، أو أن المحكمة قد انتهكت واجبها بالاستقلال والحياد ( ) . وذكرت اللجنة في الفقرة 34 من تعليقها العام رقم 32 أن الأمر يعود، في المقام الأول، إلى المجالس التشريعية المحلية للدول الأطراف في تحديد مقبولية الأدلة وكيفية تقييم محاكمها لتلك الأدلة. وفي هذه القضية، وجدت اللجنة، وهي تنظر في القضية كهيئة من الدرجة الرابعة، أنه لا يمكن للدولة الطرف الوفاء بالتزامها بقبول استدعاء شهود يسلَّم بأهميتهم بالنسبة للدفاع بمجرد القول إنه تمت قراءة إفادات الشهود في محضر جلسة الاستماع، لأن هذا يتعارض مع مبدأ تكافؤ الوسائل (الفقرة 10 - 8 ). أما القضية التي ذكرتها اللجنة باعتبارها تشكل أساساً لدعم هذا الاستنتاج العام، فلا تنطوي إلا على القليل من التشابه، إن وُجد، مع القضية قيد النظر، حيث إن القضية الأولى هي قضية جنائية تتعلق بتهم جنائية بالغة الخطورة وانتهاكات جسيمة للحق في محاكمة عادلة بمقتضى المادة 14 ( ) ، بينما تتعلق القضية قيد النظر بإجراءات إدارية. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة لا تذكر صراحةً ما إذا كان هذا الانتهاك المزعوم يمثل حالة من حالات التعسف أو إنكار العدالة أو انحياز المحاكم.

6 - وأرى، بناءً على المعلومات المعروضة علينا في هذه القضية، أن صاحب البلاغ لم يُثبت بلوغ "التحيز" المزعوم أو "عدم تكافؤ الوسائل" عتبة التعسف في تقييم الأدلة، أو بلوغهما حدّ إنكار العدالة. وكان ينبغي للجنة الخلوص إلى عدم توثيق الادعاء بموجب المادة 14 ( 3 )(ه) بما يكفي من الأدلة، أو إلى عدم انتهاك المادة 14 ( 3 )(ه).