الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2820/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

8 June 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2820/2016 * **

بلاغ مقدم من: ميتكو فانشيف (يمثله المحامي ميكائيل إكيمدجييف)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاح ب البلاغ

الدولة الطرف: بلغاريا

تاريخ تقديم البلاغ: 27 تشرين الأول/أكتوبر 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2020 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: عدم إجراء تحقيق فعال في ادعاءات المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

المسائل الإجرائية: المسألة نفسها قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية؛ واستنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية: المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والحق في محاكمة عادلة؛ والحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال

مواد العهد: 2(3)(أ) و7 و14(1)

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و3 و5(2)(أ) و(ب)

1- صاحب البلاغ هو ميتكو فانشيف، المواطن البلغاري المولود في 1 حزيران/يونيه 1985. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادتين 7 و14 ( 1) من العهد، مقروءتين على حدة و بالاقتران مع الفقرة 3 ( أ) من المادة 2 منه. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبلغاريا في 26 حزيران/يونيه 1992. ويمثل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 -1 في 15 أيلول/سبتمبر 2005، استقلّ صاحب البلاغ، الذي كان طالباً في السنة الثانية في جامعة صوفيا التقنية، حافلة من صوفيا إلى كاردجالي. ووصلت الحافلة إلى وجهتها في نحو الساعة 45/19. وأثناء سيره في شوارع كاردجالي سمع خطوات أقدام خلفه، وبعد لحظة هاجمه فجأةً رجل ضخم الجثة. وظن صاحب البلاغ أنها عملية سطو فلكم المهاجم في وجهه دفاعا ً عن النفس. وفي وقت لاحق، وصل رجل ثان إلى مكان الحادث وهاجم أيضاً صاحب البلاغ ولكمه. وضُرب صاحب البلاغ على رأسه بآلة صلبة وسقط في الشارع ( ) . وواصل الرجلان ضربه وركله بينما كان مُلقى على الأرض. وحاول دون جدوى الدفاع عن نفسه وهو لا يزال يعتقد أنه يتعرض للسرقة. وسأله أحد الرجلين المهاجمين: "أين الحشيش؟ أعطني الحشيش!" وفي تلك اللحظة، اعتقد صاحب البلاغ أنه يتعرض للاعتداء من قِبل تجار مخدرات يعتقدون خطأً أنه تاجر مخدرات آخر. فأجاب بأنه لا يملك أي حشيش وأنه لا يمارس هذا النوع من العمل.

2-2 وكبَّل الرجلان يدي صاحب البلاغ ووضعاه في سيارة. ويفيد صاحب البلاغ بأنه في تلك اللحظة فقط عرَّف الرجلان نفسيهما بأنهما من ضباط الشرطة. ولدى وصول الرجلين إلى مركز الشرطة، اكتشفا حدوث خطأ وأن صاحب البلاغ ليس الشخص الذي يبحثان عنه. ونُقل صاحب البلاغ إلى المستشفى حيث أمضى أربعة أيام للعلاج من الإصابات التي لحقت به نتيجة الضرب. وصدرت شهادة طبية شرعية لصاحب البلاغ تفيد بإصابته برضوض تهتّكية في رأسه وكدمات واضحة بسبب رضوض في الجلد على الجانب الأيمن من بطنه ( ) .

2-3 وفي 26 أيلول/سبتمبر 2005، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى مدير مديرية منطقة كاردجالي التابعة لوزارة الداخلية ضد الضابطين بسبب العنف الذي تعرض له. وفي 13 تشرين الأول/أكتوبر 2005، أقر المدير بأن استخدام القوة من جانب ضابطي الشرطة لم يكن متناسباً، وأنهما تصرفا بإهمال بعدم إبلاغ صاحب البلاغ أنهما ضابطا شرطة، وأنهما تعرضا لذلك لعقوبات تأديبية ( ) .

2-4 وفي تاريخ غير محدد، قدم صاحب البلاغ الشكوى نفسها إلى مكتب المدعي العام العسكري لمنطقة بلوفديف. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2005، رفض المكتب طلب إقامة دعوى جنائية ضد ضابطي الشرطة المعنيين. وفي 9 شباط/فبراير 2006، نقض مكتب المدعي العام العسكري الاستئنافي قرار مكتب المدعي العام العسكري لمنطقة بلوفديف وأمر باتخاذ إجراءات جنائية ضد ضابطي الشرطة.

2-5 وفي 28 تموز/يوليه 2006، اتهم مكتب المدعي العام العسكري لمنطقة بلوفديف الضابطين بإلحاق ضرر جسدي بسيط بصاحب البلاغ، بموجب المادة 131 ( 1)، مقروءةً بالاقتران مع المادة 130 ( 1)، والمادة 20 ( 3) من القانون الجنائي ( ) . وأقامت محكمة بلوفديف العسكرية الابتدائية دعوى جنائية (رقم2006/160). وأقام صاحب البلاغ دعوى مدنية ضد المدعى عليهما للمطالبة بتعويضات عن الأضرار المعنوية التي لحقت به، قدرها 000 8 ليفا (حوالي 800 4 دولار).

2-6 وفي 16 أيلول/سبتمبر 2006، برأت محكمة بلوفديف العسكرية المتهمين ( ) . وخلصت المحكمة إلى أن ضابطي الشرطة عرَّفا نفسيهما عندما حذرا صاحب البلاغ بقولهما "الزم مكانك! الشرطة!"، وأن الضابطين هاجما صاحب البلاغ لأنه قاومهما وهاجمهما. واعتبرت المحكمة أن القوة التي استخدمها ضابطا الشرطة تندرج في إطار القانون ولا تتجاوز في حدتها ما هو ضروري لكبح مقاومة صاحب البلاغ. واستأنف صاحب البلاغ ومكتب المدعي العام العسكري لمنطقة بلوفديف هذا القرار أمام محكمة الاستئناف العسكرية .

2-7 وفي 10 كانون الثاني/يناير 2007، ألغت محكمة الاستئناف العسكرية القرار، وأدانت المتهمين بالتسبب في إلحاق أذى بدني بسيط بصاحب البلاغ، وفرضت غرامة إدارية على كل متهم قدرها 000 1 ليفا (حوالي 604 دولارات). ( ) وأمرت المحكمة أيضا ً بدفع تعويض لصاحب البلاغ عن الأضرار المعنوية التي لحقت به، قدره 500 1 ليفا (حوالي 907 دولارات).

2 -8 وطلب المدعي العام، استنادا ً إلى المادة 422 ( 1) من قانون الإجراءات الجنائية، إلغاء ذلك القرار أمام محكمة النقض العليا، لأن الحقوق الإجرائية للمتهمين انتُهكت. ولم يتلق صاحب البلاغ الطلب الذي قدمه المدعي العام، ولم يُستدع للحضور أمام محكمة النقض العليا عند النظر في قضيته ( ) . وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2007، ألغت المحكمة قرار محكمة الاستئناف العسكرية المؤرخ 10 كانون الثاني/ يناير 2007 بكامله وأعادت القضية إلى المحكمة نفسها لإعادة النظر فيها من قِبل دائرة أخرى.

2-9 وفي 17 كانون الثاني/يناير 2008، أيدت محكمة الاستئناف العسكرية، بموجب قرارها رقم 3، قرار المحكمة الابتدائية، وهي محكمة بلوفديف العسكرية، بتبرئة المتهمين ورفضت مطالبة صاحب البلاغ بالتعويض ( ) . وأعلنت المحكمة أن الحكم نهائي وغير قابل للاستئناف.

2-10 وفي 2 حزيران/يونيه 2008، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ادعى فيها انتهاك المواد 3 و6 ( 1) و13 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وفي 10 تموز/يوليه 2014، أبلغته المحكمة بأن طلبه غير مقبول، نظرا ً لأنه لا يمتثل لمعايير المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و35 من الاتفاقية ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى الاجتهاد القضائي للجنة المعنية بحقوق الإنسان، الذي قبلت اللجنة بموجبه النظر في الأسس الموضوعية للقضايا بعد صدور قرار من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بعدم مقبوليتها، إذا لم ينظر في القضية من حيث الأسس الموضوعية ( ) .

الشكوى

3 -1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادتين 7 و14 ( 1) من العهد، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 ( أ) من المادة 2 منه.

3-2 وهو يدعي أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 7 من العهد، مقروءةً على حدة وبالاقتران بالفقرة 3 ( أ) من المادة 2 منه. وهو يؤكد أن الرضوض التي لحقت به تسبب فيها ضابطا الشرطة. وتدخل جسامة الإصابات وعددها، وكذلك شدة الآلام والمعاناة التي لحقت بصاحب البلاغ، في النطاق المادي للمادة 7 من العهد. واستخدم ضابطا الشرطة معه القوة البدنية غير المتناسبة، دون سبب مشروع واضح. ويدعي صاحب البلاغ أيضا ً أن التحقيق في ادعاءاته المتعلقة بإساءة المعاملة من قِبل الشرطة لم يكن فعالا ً ، مما يشكل انتهاكا ً للمعايير الدولية ( ) .

3-3 ويحيل صاحب البلاغ إلى اجتهاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أسينوف وآخرين ضد بلغاريا ( Assenov and others v. Bulgaria )، الذي ذهبت فيه إلى أنه عندما يدعي شخص ما أنه تعرض لسوء معاملة على أيدي الشرطة، فإن المتطلبات الإجرائية للمادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية تنطوي على التزام بإجراء تحقيق رسمي فعال ( ) . وأشارت المحكمة إلى أن التحقيق، كما هو الحال في المادة 2، ينبغي أن يجري بطريقة تفضي إلى تحديد هوية المسؤولين ومعاقبتهم. وهو يحيل أيضا ً إلى الفقرة 117 من القرار نفسه، التي أشارت فيها المحكمة إلى أن المادة 13 تكفل توافر سبيل انتصاف على الصعيد الوطني لإنفاذ جوهر الحقوق والحريات المنصوص عليها في الاتفاقية بأي كيفية لضمان إعمال هذه الحقوق والحريات في النظام القانوني المحلي. ولذلك فإن أثر تلك المادة هو اشتراط توفير سبيل انتصاف محلي يسمح للسلطة الوطنية المختصة بأن تعالج مضمون الشكوى المتعلقة بالاتفاقية وأن تمنح الانتصاف المناسب، رغم أن للدول المتعاقدة بعض السلطة التقديرية فيما يتعلق بطريقة امتثالها لالتزاماتها بموجب ذلك الحكم. ويتباين نطاق الالتزام بموجب المادة 13 تبعا ً لطبيعة شكوى مقدم الطلب بموجب الاتفاقية. وعندما يكون لدى الفرد ادعاء وجيه بأنه تعرض لسوء معاملة في انتهاك للمادة 3، فإن مفهوم الانتصاف الفعال يستلزم، بالإضافة إلى إجراء تحقيق شامل وفعال من النوع الذي تقتضيه المادة 3 أيضا ً ، إتاحة إمكانية لجوء صاحب الشكوى فعليا ً إلى إجراءات التحقيق ودفع التعويض عند الاقتضاء.

3-4 ويشير صاحب البلاغ أيضا ً إلى الفقرة 140 من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أنغيلوفا ضد بلغاريا ( Anguelova v. Bulgaria )، التي أشارت فيها المحكمة إلى أنه يجب وجود عنصر كاف من التدقيق العام في التحقيق أو نتائجه لضمان المساءلة عملياً ونظرياً، وللمحافظة على ثقة الجمهور في التزام السلطات بسيادة القانون، ولمنع أي مظهر من مظاهر التواطؤ في الأعمال غير المشروعة أو التسامح معها. وقد تختلف درجة التدقيق العام المطلوبة من حالة إلى أخرى ( ) .

3-5 ويجادل صاحب البلاغ بأن التحقيق في ادعاءاته المتعلقة بالانتهاكات التي تعرض لها على أيدي ضابطي الشرطة، على سبيل القياس، لم يكن فعالا ً ولم يكن هدفه تحديد هويتهما لغرض إسناد المسؤولية الجنائية لهما. فمن ناحية، لم يتسن لصاحب البلاغ الوصول الفعلي إلى التحقيق أثناء الإجراءات الأولية. ولم يتمكن من المشاركة أثناء استجواب ضابطي الشرطة المتهمين أو شهودهما. بل إن قانون الإجراءات الجنائية لا يتيح للضحية أي نشاط إجرائي رسمي أو مبادرة رسمية في شكل "طلبات وملاحظات وطعون". وهو يشير إلى الفقرة 86 من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أسينوف وآخرين ضد بلغاريا ، التي ذكرت فيها المحكمة أن القانون البلغاري لا يجيز لصاحب الشكوى اتخاذ إجراء للملاحقة الجنائية فيما يتعلق بجرائم يُزعم أن عملاء الدولة ارتكبوها أثناء أدائهم لواجباتهم. ويفيد صاحب البلاغ بأن ذلك يعني أن جميع إجراءات التحقيق تُتخذ بمبادرة من الهيئات العامة المعنية وتحت إشرافها، وأن الضحايا ليس لهم أي تأثير في سير تلك الإجراءات.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أيضا ً أن لجوءه إلى محكمة النقض العليا خضع لقيود لا مبرر لها. فلم يتلق صاحب البلاغ نسخة من طلب المدعي العام المقدم إلى محكمة النقض العليا لإلغاء قرار محكمة الاستئناف العسكرية ولم يُستدع للمشاركة في الإجراءات. وهو يدفع بأن محكمة النقض العليا، التي مُنع من تقديم شهادته أمامها، هي التي ألغت الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف العسكرية لصالحه. وأدى ذلك عمليا ً إلى حرمانه من التعويض عن الأضرار المعنوية، الذي منحته له محكمة الاستئناف العسكرية في حكمها النهائي.

3-7 ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك أحكام المادة 14 ( 1) من العهد. فهو يدعي أن سلطات الدولة الطرف لم تحترم حقه في الوصول الكامل إلى محكمة وفي مبدأ تكافؤ الفرص، حيث لم يُخطر بطلب المدعي العام المقدم إلى محكمة النقض العليا لإلغاء قرار محكمة الاستئناف العسكرية ولم يُستدع للمشاركة في تلك الإجراءات.

3-8 ويحيل صاحب البلاغ إلى اجتهاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية كيهايا وآخرين ضد بلغاريا ( Kehaya and others v. Bulgaria )، التي لاحظت فيها المحكمة أن نهج محكمة النقض العليا، في حكمها الصادر في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2000، كان له علاوة على ذلك أثر في إتاحة "فرصة ثانية" للدولة للحصول على إعادة نظر في نزاع سبق الفصل فيه بأحكام نهائية في إجراءات دعوى كان كيان آخر ناشئ عن الدولة، وهو سلطة إدارية متخصصة مسؤولة عن رد الممتلكات – أي لجنة الأراضي، طرفا ً فيها ومُنح جميع الوسائل الإجرائية للدفاع عن مصلحة الدولة ( ) . ومن الواضح أن إعادة النظر هذه كانت ممكنة دون أي قيود زمنية ولم يكن من الممكن منعها إلا بعد انقضاء فترة الحيازة بالتقادم. ولم يتسم هذا النهج بالتوازن وخلق حالة من عدم اليقين القانوني.

3-9 وفي هذه القضية، يرى صاحب البلاغ أن انتهاك مبدأ الاستقرار القانوني ينشأ من إمكانية إعادة فتح القضايا الجنائية المستكملة وإلغاء القرارات السارية، المشار إليها في المادة 422 ( 1) ( 5) من قانون الإجراءات الجنائية في فرضيات صيغت بطريقة غير واضحة. ويشير هذا الحكم صراحة إلى الأسس الثلاثة لإلغاء الأحكام في مرحلة النقض، على النحو المشار إليه في المادة 348 ( 1) من القانون، وهي: (أ) انتهاك القانون؛ (ب) الإخلال الموضوعي بالقواعد الإجرائية؛ (ج) العقوبة غير العادلة على نحو واضح. ويرى صاحب البلاغ أن عدم وضوح التمييز بين شروط الاستئناف في النقض بموجب المادة 348 وشروط الإلغاء بموجب المادة 422 من القانون يهيئ الظروف لتفسير متناقض وتطبيق تعسفي لشروط الإلغاء. ومن شأن الوضع غير المحدد المدة والذي لا يمكن التنبؤ به أن يقوض مبدأ الاستقرار القانوني. ويشير ضمناً مصطلح "المحاكمة العادلة" إلى اشتراطات وضوح القانون الواجب التطبيق وإمكانية التنبؤ بالنتائج القانونية لقانون معين.

3-10 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها المادة 2(3) ( أ) من العهد، حيث لم تجر تحقيقا ً عادلا ً وفعالا ً وكاملا ً في ادعاءاته المتعلقة بإساءة المعاملة على أيدي ضابطي الشرطة. ولم تقدم الدولة الطرف لصاحب البلاغ تعويضا ً عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لانتهاك حقوقه التي تكفلها المادتان 7 و14 من العهد.

3-11 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تأمر الدولة الطرف بإعادة فتح الإجراءات الجنائية ضد ضابطي الشرطة اللذين اعتديا عليه بدنيا ً وبأن تقدم له تعويضا ً كافيا ً .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدّمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 12 نيسان/أبريل 2017، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية.

4-2 وتقول الدولة الطرف إنه عقب المداهمة التي قامت بها الشرطة لغرض إلقاء القبض على تاجر مخدرات مزعوم، والتي تعرض خلالها صاحب البلاغ لأذى بدني طفيف، شُكلت لجنة تأديبية في 16 أيلول/سبتمبر 2005 بأمر من مدير مديرية منطقة كاردجالي التابعة لوزارة الداخلية. وأثناء التحقيق، أدلى صاحب البلاغ والشهود بشهادتهم، وطُلبت محاضر من ضابطي الشرطة المعنيين. وأدرجت الدولة الطرف في ردها الشهادة الطبية الشرعية رقم 264/05 المؤرخة 17 أيلول/سبتمبر 2005. ورأت اللجنة التأديبية أنه رغم التشابه بين صاحب البلاغ والشخص المطلوب بسبب شراء المخدرات، تصرف الضابطان بتهور وتجاوز، واتبعا نهجاً غير صحيح من الناحية التكتيكية، ولم يكونا مستعدين للتعامل مع المقاومة المحتملة. ولم يتأكدا من أن صاحب البلاغ يدرك أنهما من موظفي إنفاذ القانون، واستخدما قوة غير متناسبة وغير ملائمة للوضع الذي نشأ، حتى ولو كان صاحب البلاغ قد هاجم الضابطين ظناً منه أنهما يعتديان عليه لأجل سرقته. ولم يتوقف استخدام القوة حتى بعد السيطرة على صاحب البلاغ، مما يشكل خرقا ً لأحكام المادة 84 من مدونة أخلاق ضباط وزارة الداخلية. ورأت اللجنة التأديبية أن أفعالهما أسفرت عن الإضرار بسمعة ضباط وزارة الداخلية. وأمرت اللجنة بالإجراءات التالية: معاقبة أحد الضابطين بعقوبة تأديبية لمدة سنة، هي توجيه اللوم له بسبب سلوكه، ونقله إلى وظيفة أخرى ( ) ؛ ومعاقبة الضابط الآخر بعقوبة تأديبية لمدة ستة أشهر، هي توجيه اللوم له ( ) .

4-3 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أقام في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2005 دعوى قضائية (رقم 1674/05) أمام مكتب المدعي العام العسكري لمنطقة بلوفديف. وأسفر ذلك عن رفض اتخاذ أي إجراءات تمهيدية للمحاكمة وإغلاق ملف القضية. وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 2005، ألغى مكتب المدعي العام العسكري الاستئنافي الأمر، بناء على استئناف قدمه صاحب البلاغ. وفي 17 كانون الثاني/يناير 2006، وبعد الانتهاء من تحقيق جديد، أصدر مكتب المدعي العام العسكري أمرا ً جديدا ً برفض اتخاذ إجراءات ما قبل تمهيدية للمحاكمة. وفي 6 شباط/فبراير 2006، ألغى مكتب المدعي العام العسكري الاستئنافي الأمر مرة أخرى، عقب استئناف قدمه صاحب البلاغ، وصدر أمر باتخاذ الإجراءات الجنائية.

4-4 وتشير الدولة الطرف إلى أنه في 16 شباط/فبراير 2006، بدأت الإجراءات التمهيدية للمحاكمة بشأن جريمة بموجب المادة 131 ( 1)، مقروءة بالاقتران مع المادة 130 ( 1) والمادة 20 ( 2) من القانون الجنائي. وحُددت مهلة قدرها 60 يوما ً لاستكمال التحقيق، ومُدِّدت بعد ذلك مرتين. وفي الفترة من 27 إلى 29 آذار/مارس 2006، أجريت عمليات معاينة لمسرح الحادث ومنزل أحد الشهود واتُخذت إجراءات تحقيق أخرى. وفي 26 نيسان/أبريل 2006، صدر تقرير طبي شرعي عن الإصابات التي لحقت بصاحب البلاغ. وجرى أثناء التحقيق استجواب شهود عيان على الحادث.

4-5 وتوضح الدولة الطرف أنه في 30 أيار/مايو 2006 و20 حزيران/يونيه 2006 وُجهت إلى المتهميْن الاثنين تهم جنائية بارتكاب جريمة بموجب مواد القانون الجنائي المذكورة أعلاه. وانتهت الإجراءات الجنائية في 17 كانون الثاني/يناير 2008 بإصدار محكمة الاستئناف العسكرية الحكم رقم 3 بتأييد حكم البراءة الصادر من محكمة بلوفديف العسكرية ( ) .

4-6 وترى الدولة الطرف أنه ينبغي إعلان عدم قبول البلاغ لأن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد. وتؤكد أن صاحب البلاغ كان بإمكانه، وفقا ً للمادة 349 من قانون الإجراءات الجنائية، أن يطلب نقض الحكم أمام محكمة النقض العليا.

4-7 وفيما يتعلق بفعالية التحقيق، تقول الدولة الطرف إن الفترة الفاصلة بين الحادث (15 أيلول/ سبتمبر 2005) وتبرئة المتهميْن (17 كانون الثاني/يناير 2008)، التي تبلغ سنتين وأربعة أشهر، لا تتجاوز الحدود الزمنية المعقولة. وتضيف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي شكوى أثناء الإجراءات التمهيدية للمحاكمة وأن الأخطاء التي لوحظت في عملية جمع الأدلة أثناء التحقيق لم تؤثر تأثيرا ً كبيرا ً على القرارات الصادرة عن مكتب المدعي العام أو الأحكام القضائية التي تحدد الطابع القانوني للجريمة ( ) . وتؤكد الدولة الطرف أن الإجراءات الجنائية التي اتبعت تستوفي المعايير الأوروبية للتحقيق الفعال، حيث لبّت متطلبات حسن التوقيت والسرعة، والاكتمال والشمولية، والنزاهة والاستقلالية وإمكانية الإشراف العام.

4-8 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ سُمح له بممارسة حقوقه كضحية لجريمة. وقد استوفى جميع الشروط الأساسية، بما في ذلك إمكانية إقامة دعوى مدنية للحصول على تعويض. وشارك صاحب البلاغ في إجراءات المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، شخصيا ً ومن خلال محام وكّله، بما في ذلك عندما استؤنفت جلسة الاستماع في القضية بعد تأجيلها. ولذلك، تفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ أُتيحت له جميع سبل الانتصاف الفعالة المطلوبة بموجب المادة 2(3) من العهد، وتلاحظ الدولة الطرف أن هذه المادة لا تتضمن أي شرط إلزامي بأن تقدم الدولة الطرف تعويضا ً .

4-9 وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ انتهاك المادة 7، مقروءةً بالاقتران مع المادة 2(3)، لا أساس له من الصحة أيضا ً ، لأنه سُمح له بممارسة حقوقه في إطار الإجراءات الجنائية. وتشير الدولة الطرف إلى أن قضية صاحب البلاغ نُظرت وفقا ً للإجراء العام، رغم استيفاء الشروط التي يتعين النظر فيها وفقا ً للإجراء المنصوص عليه في الفصل 28 من قانون الإجراءات الجنائية، المعنون "الإعفاء من المسؤولية الجنائية بفرض عقوبة إدارية"، الذي يستبعد شخصية المدعي العام الخاص والمدعي المدني. وتدفع الدولة الطرف بأن لا جدال في أن الدعوى المدنية التي رفعها صاحب البلاغ نُظرت في جلسة استماع عادلة وعلنية من قبل محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة أنشئت بموجب القانون، على النحو المنصوص عليه في المادة 14 ( 1) من العهد. وترى الدولة الطرف أن موقف صاحب البلاغ من أن استيفاء شرط الانتصاف الفعال مشروط بنتيجة محددة يجعل البلاغ غير مقبول، نظرا ً لأن هذا التفسير يتعارض مع المبادئ الأساسية المتمثلة في المساواة بين المواطنين والمساواة في الحقوق بين الأطراف و"كشف الحقيقة الموضوعية من خلال الإجراءات الجنائية".

4-10 وتخلص الدولة الطرف إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بانتهاك المادة 7 من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 2(3) منه، وانتهاك المادة 14(1) من العهد لا أساس لها.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 أفاد صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 5 حزيران / يونيه 2017، بأن بلاغه، خلافاً لما أكدته الدولة الطرف، ينبغي قبوله لأن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ويدفع صاحب البلاغ بأن قرار محكمة الاستئناف كان نهائيا ً ، كما ورد في قرارها. ويوضح أن المادة 346 من قانون الإجراءات الجنائية تحد من نطاق المراجعة في مرحلة النقض. ووفقا ً لتلك المادة، لا تخضع أحكام محاكم الاستئناف المؤيدة لأحكام المحاكم الابتدائية للنقض أمام محكمة النقض العليا.

5-2 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تعترض على أن شدة وطبيعة العنف الذي تعرض له يندرجان في نطاق المادة 7 من العهد وأن هذا العنف وقع على أيدي ممثلي الدولة الطرف، أي على يدي ضابطي الشرطة اللذين استخدما القوة البدنية وآلات نجمت عنها عدة إصابات لصاحب البلاغ في انتهاك للمادة 7 من العهد.

5-3 وفيما يتعلق بإجراء التحقيق وتأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أي طلب أثناء الإجراءات السابقة للمحاكمة، يشير صاحب البلاغ إلى أن التحقيق أُجري نتيجة لطلبيه المقدميْن إلى مدير مديرية المنطقة التابعة لوزارة الداخلية في كاردجالي وإلى مكتب المدعي العام العسكري الإقليمي في بلوفديف. وهو يشير إلى أن الإجراءات السابقة للمحاكمة، وفقا ً لقانون الإجراءات الجنائية، تجري حصرا ً بمبادرة من هيئات التحقيق، وأن الضحية في تلك المرحلة من الإجراءات الجنائية لا يتمتع إلا بالوضع الإجرائي للشاهد. ووفقا ً للمادة 75(1) من القانون، يحق للضحية أن يُبلغ بسير التحقيق وأن يحصل على الحماية التي تكفل سلامته. ولا يحق للضحية سوى الطعن في النتائج المترتبة على انتهاء الإجراءات أو إنهائها. ويلاحظ صاحب البلاغ أن مكتب المدعي العام قَبِل ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالعنف ضده، حيث قدم المكتب، عقب التحقيق، لائحة اتهام في المحكمة ضد ضابطي الشرطة وأبقى على التهم الموجهة إليهما في جميع إجراءات المحكمة. ونتيجة لذلك، لا يمكن الزعم بأن صاحب البلاغ لم يمارس حقوقه التي يكفلها له القانون أو أنه ساهم في عدم فعالية التحقيق.

5-4 ويعارض صاحب البلاغ زعم الدولة الطرف أن ادعاءه أن التحقيق غير فعال هو ادعاء لا أساس له، لأن الإجراءات التأديبية التي اتخذت ضد ضابطي الشرطة انتهت بفرض عقوبات تأديبية. وهو يؤكد من جديد أن التحقيق في ادعاءاته المتعلقة بالانتهاكات التي تعرض لها على أيدي ضابطي الشرطة لم يكن فعالاً، حيث لم تُتح له إمكانية الوصول إلى الإجراءات الأولية ولم يتمكن من المشاركة في الإجراءات أمام محكمة النقض العليا التي ألغت الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف العسكرية. وهو يشير إلى أن الدولة الطرف لم تعترض على تلك النقطة وأن ذلك أدى عمليا ً إلى حرمانه من التعويض عن الأضرار المعنوية الذي منحته محكمة الاستئناف العسكرية في قرارها النهائي.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرِد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. ‬

6-2 ويجب على اللجنة أن تتأكد، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، مما إذا كانت المسألة نفسها قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أنه في 10 تموز/يوليه 2014، خلصت دائرة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مؤلفة من قاض واحد إلى عدم قبول شكوى صاحب البلاغ، المقدمة ضد الدولة الطرف والمتعلقة بنفس الوقائع التي يتناولها هذا البلاغ. ونظراً لأن الشكوى لم تعد قيد النظر من قِبل تلك المحكمة، لا تجد اللجنة ما يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للفقرة 2( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-3 وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، حيث كان بإمكانه أن يطلب أمام محكمة النقض العليا نقض الحكم رقم 3 الصادر في 17 كانون الثاني/يناير 2008 عن محكمة الاستئناف العسكرية. وتحيط اللجنة علما ً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من الطعن في قرار محكمة الاستئناف العسكرية، على النحو المبين في القرار نفسه. وتحيط اللجنة علما ً كذلك بحجة صاحب البلاغ أن المادة 346 من قانون الإجراءات الجنائية في بلغاريا تحد من نطاق المراجعة في مرحلة النقض وأن أحكام محاكم الاستئناف المؤيدة لقرارات المحاكم الابتدائية لا تخضع للطعن أمام محكمة النقض العليا. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم توضح كيف أن طلب الطعن بالنقض كان سيشكل سبيل انتصاف فعالا ً من الانتهاكات المطروحة أمام اللجنة. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن شروط المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

6-4 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ المقدمة بموجب المادة 14 ( 1) من العهد، وهي أن الدولة الطرف لم تحترم حقه في الوصول الكامل إلى محكمة وفي مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع، حيث لم يُستدع للمشاركة في الإجراءات أمام المحكمة العليا التي ألغت قرار محكمة الاستئناف العسكرية الذي منحته المحكمة تعويضا ً بموجبه. ومع ذلك، تحيط اللجنة علما ً أيضا ً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ سُمح له بممارسة حقوقه كضحية جريمة، وبالمشاركة في إجراءات المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، سواء شخصيا ً أم عن طريق محام وكله، بما في ذلك عند نظر القضية بعد استئناف النظر فيها. وعلاوة على ذلك، نُظرت الدعوى المدنية في جلسة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة ومحايدة. ونظراً لخلو ملف القضية من أي معلومات إضافية ذات صلة، وفي ضوء التوضيح المقدم من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت تلك الادعاءات بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد أثبت بأدلة كافية، لأغراض المقبولية، ادعاءاته المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي تكفلها المادة 7 من العهد، مقروءة على حدة وبالاقتران مع المادة 2(3)، وهي الادعاءات المتعلقة بإساءة المعاملة على أيدي ضابطي الشرطة، وعدم إجراء الدولة الطرف تحقيقاً فعالاً في تلك الادعاءات أو عدم تعويض صاحب البلاغ عن الضرر الذي لحق به. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة قبول هذه الأجزاء من البلاغ وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علما ً بحجج صاحب البلاغ أنه تعرض في 15 أيلول/سبتمبر 2005 لاعتداء من قبل ضابطي شرطة ظنا ً منهما أنه تاجر مخدرات، وأن ضابطي الشرطة لم يعرِّفاه بشخصيتهما إلا في مرحلة لاحقة، بعد أن قيدا يديه ووضعاه في سيارتهما، وأن شهادة طبية شرعية أشارت إلى إصابة صاحب البلاغ برضَّين تهتّكيين في رأسه، فضلا ً عن كدمات واضحة بسبب رضوض جلدية على الجانب الأيمن من بطنه، وأنه أمضى أربعة أيام في المستشفى لعلاج الإصابات التي لحقت به نتيجة الضرب.

7-3 وتحيط اللجنة علما ً بتوضيح الدولة الطرف أن صاحب البلاغ تعرض لأذى بدني طفيف نتيجة مداهمة قامت بها الشرطة بهدف إلقاء القبض على تاجر مخدرات مزعوم. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بالمعلومات التي قدمتها الدولة الطرف والتي تشير إلى تشكيل لجنة تأديبية في 16 أيلول/سبتمبر 2005 بموجب أمر أصدره مدير مديرية مقاطعة كاردجالي التابعة لوزارة الداخلية. وأقرت اللجنة التأديبية بأن ضابطي الشرطة استخدما القوة البدنية غير المتناسبة وغير الضرورية ضد صاحب البلاغ. وتحيط اللجنة علما ً كذلك بالمعلومات المقدمة التي تفيد بأخذ شهادات صاحب البلاغ والشهود أثناء التحقيق، وبطلب محاضر من ضابطي الشرطة المعنيين، وبفحص شهادة الطب الشرعي. وأثبتت اللجنة التأديبية أن ضابطي الشرطة لم يتأكدا من أن صاحب البلاغ أدرك أنهما من مسؤولي إنفاذ القانون وأنهما استخدما قوة غير متناسبة مع الوضع الذي نشأ، وأنهما عوقبا بعقوبات تأديبية نتيجة لذلك.

7-4 وتحيط اللجنة علما بأن الإجراءات الجنائية اتُخذت في وقت لاحق ضد الضابطين المعنيين، وانتهت بصدور قرار من محكمة الاستئناف العسكرية بتأييد قرار محكمة بلوفديف العسكرية الذي برأ ضابطي الشرطة. وتحيط اللجنة علما أيضاً بحجة الدولة الطرف أن الوفاء بشرط الانتصاف الفعال بموجب العهد لا ينبغي أن يكون مشروطا بنتيجة محددة. ومع ذلك، ترى اللجنة أن تبرئة ضابطي الشرطة المتورطين من التهم الجنائية لا تعني بالضرورة أن الأذى الذي تعرض لها صاحب البلاغ فعلا على أيدي الشرطة – والذي لم تعارضه الدولة الطرف واعترفت بها اللجنة التأديبية المعينة بأمر من مدير مديرية مقاطعة كاردجالي التابعة لوزارة الداخلية – لا يصل إلى مستوى المعاملة المنافية للمادة 7 من العهد.

7-5 وتذكِّر اللجنة بأن استعمال القوة من جانب الشرطة، وهو الأمر الذي قد يكون مبرراً في ظروف معينة، قد يُعتبر مخالفاً للمادة 7 في الظروف التي تعتبر فيها القوة المستخدمة مفرطة ( ) . وتشير اللجنة إلى الفقرة 4 من المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، التي تُلزِم الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، في سياق أداء واجبهم، بأن يستخدموا إلى أبعد حد ممكن وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة.

7-6 وتذكر اللجنة أيضا ً بأن الهدف من أحكام المادة 7 من العهد هو حماية كرامة الفرد وسلامته البدنية والعقلية من الضرر المقصود وغير المقصود على حد سواء ( ) . وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الإساءة التي تعرض لها على أيدي الشرطة مفصلة جدا ً ومؤيدة بأدلة طبية، وأن الدولة الطرف أقرت الوقائع، وأن طبيعة الإصابات التي لحقت به، ولا سيما تلك التي لحقت برأسه، استلزمت إدخال صاحب البلاغ المستشفى لمدة أربعة أيام، وأن لجنة تأديبية خلصت إلى أن ضابطي الشرطة لم يعرِّفا صاحب البلاغ بشخصيتهما على النحو الواجب واستخدما القوة غير المتناسبة وغير الضرورية ضده ( ) . وإذ تشير اللجنة إلى أن لجنة تأديبية أُنشئت داخل وزارة داخلية الدولة الطرف لم تنف أن الضرر الذي تعرض له صاحب البلاغ على أيدي الشرطة يرقى إلى مستوى المعاملة المخالفة للمادة 7 من العهد، ترى اللجنة أنه يجب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ. وبناء على ذلك، تقرر اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تصل إلى مستوى انتهاك حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 7 من العهد ‬ .

7-7 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ أنه لم يحصل على سبيل انتصاف فعال من الضرر الذي تعرض له على أيدي الشرطة، وهو ما ينتهك المادة 7 من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 2(3) منه، نظرا ً لأنه لم يحصل قط على أي تعويض عن الضرر الذي لحق به. وتذكر اللجنة بأن الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المعنوية التي لحقت بصاحب البلاغ في سياق الإجراءات الجنائية، التي أقامها ضد ضابطي الشرطة، رفضتها محكمة الاستئناف العسكرية عندما برأت ضابطي الشرطة المتهمين. وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن الدولة الطرف لم تثبت وجود سبل قانونية بديلة تمكن صاحب البلاغ من الحصول على الانتصاف الفعال بمجرد إلغاء الإدانات الجنائية وحرمان صاحب البلاغ من التعويض عن الأضرار المعنوية الذي سبق أن حُكم له به، وهو ما لا يتماشى مع التزام الدولة الطرف بتوفير الإنصاف الكافي لصاحب البلاغ ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3) منه، قد انتُهكت.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف للمادة 7 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3) منه.

9- والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك منها أن تجبر جبراً كاملاً الضرر الذي لحق بالأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وفي هذه القضية، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بجملة أمور منها توفير التعويض الكافي وتدابير الترضية المناسبة، بما فيها سداد أي أتعاب قانونية وتكاليف طبية، وكذلك تعويض الخسائر غير المالية، التي تكبدها صاحب البلاغ. ويقع على الدولة الطرف التزام أيضاً باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، تعرب اللجنة عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية وباللغات الرئيسية الأخرى للدولة الطرف.