الأمم المتحدة

CCPR/C/132/D/2833/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

10 September 2021

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2833/2016 * **

بلاغ مقدم من: خوسيه لويس بيتشاردو سالاثار (يمثله المحامي أوسوالدو خوسيه دومينغيث فلوريدو )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية فنزويلا البوليفارية

تاريخ تقديم البلاغ: 30 آذار/مارس 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 14 تموز/يوليه 2021

الموضوع: إجراءات جنائية ضد رجل أعمال مع صدور أمر بإلقاء القبض عليه

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ والحق في المساعدة القانونية؛ والحق في الدفاع؛ وحق الشخص في الاستماع إليه

مواد العهد: 2 ؛ و 9 ؛ و 14 ( 1 )، و( 2 )، و( 3 )(أ) و(ب) و(ج) و(د)

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو خوسيه لويس بيتشاردو سالاثار ، وهو مواطن فنزويلي، وُلد في 25 آب/ أغسطس 1958 . ويدّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المواد 2 ؛ و 9 ؛ و 14 ( 1 )، و( 2 )، و( 3 )(أ) و(ب) و(ج) و(د) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 10 آب/أغسطس 1978 . ويمثّل صاحبَ البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 كان صاحب البلاغ مساهماً بنسبة 45 في المائة في شركة الوساطة المالية " أونو بالوريس " (Uno Valores Casa de Bolsa)، ومالكاً لمصرف "سول" (Banco del Sol)، عن طريق الشراء. ويدعي أن الأحداث وقعت في سياق اضطهاد حكومة الدولة الطرف للمصارف وشركات الوساطة خلال عامي 2009 و 2010 .

2 - 2 وفي 5 كانون الثاني/يناير 2010 ، قدم صاحب البلاغ إلى مكتب المدعي العام شكوى ضد ليونور سارميينتو ، التي كانت نائبة رئيس شركة " أونو بالوريس "، بشأن تحويل الأموال بطريقة غير شرعية. غير أن إفادة السيدة سارميينتو أمام السلطات الفنزويلية أدت إلى مباشرة تحقيقات مع صاحب البلاغ بدعوى ارتكابه جريمتي تكوين عصابة إجرامية واختلاس أموال عامة في إطار أنشطته في الشركتيْن المذكورتيْن. وقد أدى ذلك، إلى جانب شكوى قدمتها ضد صاحب البلاغ مديرة قسم الاستشارات القانونية بالنيابة في مصرف سول، ماريانيلا أراوخو أورتادو ، إلى تدخل الدولة في إدارة المصرف وشركة الوساطة المالية، وإلى طلب النيابة العامة اتخاذ تدابير وقائية لتجميد الحسابات المصرفية لصاحب البلاغ، اعتمدتها المحكمة الابتدائية رقم 19 المكلفة بمهام المراقبة في كاراكاس، في 18 كانون الثاني/يناير 2010 .

2 - 3 وفي 12 كانون الثاني/يناير 2010 ، غادر صاحب البلاغ إقليم الدولة الطرف، وانتقل إلى ميامي (الولايات المتحدة الأمريكية)، خشية حبسه احتياطياً من دون التحقيق معه، باعتبار ذلك ممارسة شائعة ضد المصرفيين وأصحاب شركات الوساطة المالية في البلد ( ) . وفي 25 آذار/مارس 2010 ، باشر صاحب البلاغ، أمام قنصلية جمهورية فنزويلا البوليفارية في ميامي، إجراءات تعيين محاميين للدفاع عنه ( ) ، وفقاً لأحكام القانون الفنزويلي.

2 - 4 وفي 7 نيسان/أبريل 2010 ، قدم السيد دومينغيث فلوريدو ، من خلال وحدة تسجيل وتوزيع المستندات، طلباً إلى المحكمة المختصة المكلفة بمهام المراقبة لمباشرة إجراءات أدائه اليمين القانونية بصفته محامي صاحب البلاغ. وأُحيل هذا الطلب في اليوم ذاته إلى المحكمة الابتدائية رقم 5 المكلفة بمهام المراقبة في كاراكاس، التي أسندت الاختصاص، بعد شهرين من ذلك، إلى المحكمة رقم 19 المذكورة أعلاه.

2 - 5 وفي 12 أيار/مايو 2010 ، التمست النيابة العامة إلى المحكمة الابتدائية رقم 19 المكلفة بمهام المراقبة في كاراكاس إصدار أمر بتوقيف صاحب البلاغ. وأصدرت المحكمة هذا الأمر في 14 أيار/مايو 2010 ( ) . وفي 3 حزيران/ يونيه 2010 ، قدم محامي صاحب البلاغ مذكرة تكميلية لتلك المؤرخة 7 نيسان/أبريل 2010 ، شدد فيها على حق صاحب البلاغ في الاستعانة بمحام وفي المشاركة في الإجراءات والاستماع إليه في التحقيقات. غير أن المحكمة الابتدائية رقم 19 أصدرت، في 16 حزيران/ يونيه 2010 ، قراراً برفض أداء السيد دومينغيث فلوريدو اليمين القانونية محامياً لصاحب البلاغ، بسبب عدم وجود صاحب البلاغ في البلد، وبحجة ضرورة حضوره لإضفاء الطابع الرسمي على تعيين محاميه. وفي 22 حزيران/ يونيه 2010 ، قدم السيد دومينغيث فلوريدو طلباً لاستئناف هذا القرار، رُفض في 6 أيلول/سبتمبر 2010 بموجب حكم صادر عن الدائرة 8 في محكمة الاستئناف التابعة للدائرة القضائية الجنائية في منطقة كاراكاس الحضرية. وإزاء هذا الحكم، قدم صاحب البلاغ، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، طلباً للحماية القضائية الدستورية إلى الدائرة الدستورية في محكمة العدل العليا، التي أصدرت حكماً قضى برفضه في 6 حزيران/ يونيه 2011 . وشددت جميع المحاكم المعنية في قراراتها أو أحكامها على ضرورة حضور صاحب البلاغ شخصياً ليمثل أمام القضاء ويتسنى له بالتالي مباشرة إجراءات تعيين محاميه وأدائه اليمين القانونية ( ) .

2 - 6 وفي 16 أيلول/سبتمبر 2010 ، قررت المحكمة الابتدائية المكلفة بالنظر في القضية مباشرة إجراءات تسلُّم صاحب البلاغ وأشخاص آخرين بتهمة ارتكابهم جريمتي اختلاس أموال عامة وتكوين عصابة إجرامية. وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، قدم محامي صاحب البلاغ إلى محكمة العدل العليا مذكرة طلب فيها مرة أخرى السماح له بممارسة الحق في الدفاع عن صاحب البلاغ. وأعلنت محكمة العدل العليا، في حكمها الصادر في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، قبول توجيه طلب إلى الولايات المتحدة لتسليم صاحب البلاغ. وأكدت محكمة العدل العليا في ذلك الحكم ضرورة حضور صاحب البلاغ لتعيين محام، وأوضحت أن إجراءات التحقيق توجد في المرحلة التحضيرية، وأنه ستُعرض على صاحب البلاغ، بمجرد مثوله شخصياً، الوقائع والأسس وأدلة الإثبات التي تبرر ملاحقته قضائياً، وسيتقرر استناداً إليها، وإلى إجراءات أخرى، ما إذا كانت ستجري محاكمته أم لا، وأن ذلك يجعل حضوره مسألة ضرورية ( ) .

2 - 7 ويضيف صاحب البلاغ أن موظفين في دائرة الاستخبارات الوطنية البوليفارية حضروا، في 5 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، إلى مسكنه، وقاموا بتفتيش أغراضه من دون أمر قضائي. وترك هؤلاء الموظفون استدعاء لصاحب البلاغ لحضور التحقيق كشاهد، كُتب بخط اليد على ورقة عادية، ووقع عليه كبير المفتشين تشارليس كارمونا ( ) . وفي اليوم التالي، أُرسل إلى صاحب البلاغ استدعاء رسمي، وقَّع عليه مدير دائرة الاستخبارات الوطنية البوليفارية، المفوض خيسوس أريَّانو ، ليمثل أيضاً كشاهد ( ) ، رغم صدور أمر بإلقاء القبض عليه.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المواد 2 ؛ و 9 ؛ و 14 ( 1 )، و( 2 )، و( 3 )(أ) و(ب) و(ج) و(د) من العهد.

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ وقوع عدة انتهاكات للحق في المحاكمة وفق الأصول القانونية، المنصوص عليه في المادة 14 . ففي المقام الأول، يدعي صاحب البلاغ أن عدم السماح لمحاميه المعيَّن على نحو سليم بأداء اليمين القانونية أمام السلطات القضائية المعنية يشكل انتهاكاً لحقه في الدفاع. وفي المقام الثاني، يدعي صاحب البلاغ أن طلب المدعي العام وقرار المحكمة الابتدائية رقم 19 بشأن التدابير الوقائية لتجميد أصوله المالية وإلقاء القبض عليه، قبل الاستماع إليه أو إلى محامييه أو إبلاغهم على نحو واضح ودقيق ومفصل بالوقائع موضوع التحقيق الجنائي، يشكلان انتهاكاً لحقه في الدفاع وفي الاستماع إليه. وفي المقام الثالث، يدعي صاحب البلاغ أن عدم السماح لمحاميه بتقديم مذكرات أو الاطلاع على المعلومات المتعلقة بقضيته يعوق أيضاً ممارسة صاحب البلاغ حقه في الدفاع، إذ يمنعه ذلك من معرفة أدلة إدانته الموجودة بحوزة النيابة العامة. وفي المقام الرابع، يدعي صاحب البلاغ عدم استقلال السلطات العامة الفنزويلية، ولا سيما في سياق الملاحقة الجنائية لأصحاب المصارف وشركات الوساطة المالية، ويدعي عدم تعليل مختلف الهيئات القضائية قراراتها بالقدر الكافي، حيث تقتصر على استنساخ السوابق القضائية لمحكمة العدل العليا.

3 - 3 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تدين انتهاك الدولة الطرف الحقوق المذكورة أعلاه، وتطالبها بإعادة إقرار جميع الحقوق المنتهكة، وتأمرها بإلغاء أمر توقيفه وإبطال الإجراءات الجنائية المعيبة المباشَرة ضده. وعلاوةً على ذلك، يطلب صاحب البلاغ، استناداً إلى المادة 2 ( 3 ) من العهد، أن توفر له الدولة الطرف سبيل انتصاف فعالاً من الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت به جراء الإجراءات التعسفية التي دفعت به إلى المنفى.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - 1 في 10 تموز/يوليه 2017 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، أكدت فيها أنه ينبغي إعلان عدم قبوله لعدم استنفاد صاحبه سبل الانتصاف المحلية بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

4 - 2 وتوضح الدولة الطرف أن اللجنة الوطنية للأوراق المالية - وهي الهيئة المسؤولة عن تعزيز سوق رأس المال وتنظيمها ورصدها ومراقبتها - أمرت، استنادا إلى مذكرتين مؤرختين 17 كانون الأول/ ديسمبر 2009 ( ) ، بإجراء زيارات تفتيش لشركة الوساطة المالية " أونو بالوريس "، بغرض مراجعة حساباتها المالية ونظام إدارتها. وفي سياق هذه التحقيقات، اكتُشفت مخالفات أُبلغت بها النيابة العامة ( ) . وإزاء هذه المخالفات، قررت اللجنة الوطنية للأوراق المالية أيضاً، في 26 شباط/فبراير 2010 ( ) ، التدخل في إدارة الشركة ووقف عملياتها التجارية، وأبلغت النيابة العامة على النحو الواجب بهذا القرار. أما بخصوص مصرف "سول"، فقد قررت هيئة مراقبة المصارف والمؤسسات المالية الأخرى، في 18 كانون الثاني/يناير 2010 ، التدخل في إدارته بعد اكتشاف مخالفات وانتهاكات للقانون المنطبق. وكان صاحب البلاغ حينها يشغل منصب المدير الرئيسي لتلك المؤسسة المصرفية.

4 - 3 واستناداً إلى المعلومات التي قدمتها مؤسسات المراقبة المالية المذكورة، بادرت النيابة العامة إلى إجراء التحقيقات اللازمة لتحديد المسؤولية الجنائية، وأفضت هذه التحقيقات إلى إصدار أمر توقيف صاحب البلاغ في 14 أيار/مايو 2010 . ولم يتسن تنفيذ هذا الأمر، لأن صاحب البلاغ لم يكن موجوداً في البلد. وتوضح الدولة الطرف أن العائق القانوني الرئيسي لدفاع صاحب البلاغ عن مصالح يُعزى إليه هو نفسه، لعدم حضوره الإجراءات الجنائية المباشرة ضده. وتضيف الدولة الطرف أن غياب صاحب البلاغ خلال مرحلة التحقيق يدفع إلى افتراض مسؤوليته المزعومة عن المخالفات المذكورة.

4 - 4 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ رفض الحضور إلى إقليم فنزويلا للخضوع لمحاكمة تكفل ضمانات المحاكمة وفق الأصول القانونية وفقاً للنظام الدستوري والقانوني الساري. وتضيف أنه لا يجوز لصاحب البلاغ أن يطلب محاكمته غيابياً، لأن ذلك يخالف مبادئ المحاكمة وفق الأصول القانونية المنصوص عليها في المادة 49 من دستور الدولة الطرف، الساري منذ عام 1999 . وتوضح الدولة الطرف أن نص الدستور السابق لإصلاح عام 1999 لم يكن يجيز المحاكمة غيابياً إلا في حالات الجرائم المرتكبة "ضد المصلحة العامة " ( ) ، ولكن نصه الحالي لا يجيز محاكمة الشخص جنائياً إن لم يكن موجوداً في الإقليم الوطني ( ) . ولذلك، تُعلَّق جميع الإجراءات الجنائية في حالة عدم مثول المدعى عليه أو المتهم أمام القضاء، وبخاصة عندما يكون قد صدر أمر بتوقيفه وتعذر تنفيذه. وحتى يتمتع المتهم بجميع الحقوق والضمانات التي يوفرها نظام الإجراءات الجنائية الفنزويلي، فمن اللازم أن يحضر الإجراءات الجنائية، كي يتمكن خلالها من ممارسة حقه في الدفاع ( ) . وتدعي الدولة الطرف أن عدم جواز المحاكمة غيابياً معيار لا جدال فيه ومبدأ وضَّحته محكمة العدل العليا باستمرار وبشكل كاف في اجتهاداتها القضائية ( ) .

4 - 5 وتضيف الدولة الطرف أنه لا يجوز لصاحب البلاغ أن يقدم إلى اللجنة بلاغاً بدعوى أنه ضحية عدم المساواة في المعاملة، ناهيك عن ادعائه التعرض لاضطهاد سياسي مزعوم من دون الاستناد إلى أي أسس أو أدلة في هذا الصدد. وتشير إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت في أي حال من الأحوال أنه يوجد في المنفى خارج البلد لأسباب سياسية.

4 - 6 وتدعي الدولة الطرف أنه ينبغي لصاحب البلاغ أن يمثل أمام القضاء كي يعيِّن محاميه ويتمكن من تقديم جميع الدفوع الشكلية والموضوعية التي يراها ملائمة، وإلا جُمِّدت الإجراءات الجنائية. ويترتب حتماً على وجود صاحب البلاغ في حالة فرار أو تهرب من الإجراءات الجنائية المباشَرة ضده عدم تمكنه من تعيين محاميه الخاص، ويعني ذلك أيضاً أنه لا يجوز لأي شخص أن يتحقق، نيابة عنه، من وثائق ملف هذه الإجراءات الجنائية. وتوضح الدولة الطرف أنه لا يجوز الإفصاح عن المعلومات، خلال مرحلة التحقيق من الإجراءات الجنائية، إلا للأطراف المعنية، استناداً إلى المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية. وتضيف أن محكمة العدل العليا ذاتها أكدت ما يلي:

تشمل الإجراءات الجنائية مجموعة من الإجراءات التي تقتضي بالضرورة حضور المدعى عليه، إذ لا يجوز أن يوكل شخصاً آخر لتمثيله، باعتبار حضوره الضمانة الفعلية لحقه في الاستماع إليه والدفاع عن نفسه. ومن بين هذه الإجراءات تعيين محام أو محامين يثق بهم، لأن هذا الإجراء يقتضي إقراراً شخصياً خطياً من المدعى عليه نفسه، بالنظر إلى أن الاستعانة بمحام تسري منذ الإجراءات الأولية للتحقيق، أو، قطعاً، قبل إدلاء الشخص بإفادته كمدعى عليه، مما يجعل حضوره ضرورياً ( ) .

4 - 7 وتضيف الدولة الطرف أن محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان أكدت ضرورة حضور المدعى عليه أمام القضاء خلال الإجراءات الجنائية. فوفقاً لهذه المحكمة:

يَعتبر العديد من نظم الإجراءات الجنائية حضور المتهم شرطاً أساسياً للسير القانوني والعادي للقضية. وتتضمن الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان نفسها هذا الشرط. وفي هذا الصدد، تنص المادة 7 - 5 من هذه الاتفاقية على أنه "يجوز الإفراج عن المتهم شريطة وجود ضمانات تكفل مثوله أمام المحكمة"، بحيث تتمتع الدول بصلاحية وضع قوانين محلية لكفالة مثول المتهم أمام القضاء. وكما يلاحَظ، يتمثل أحد أهم أغراض الحبس الاحتياطي، الذي لا يجوز اللجوء إليه إلا في حالات استثنائية، في ضمان مثول المدعى عليه أمام القضاء، وذلك لضمان إعمال الإجراءات القضائية الجنائية والمساهمة في مكافحة الإفلات من العقاب. ويشكل كذلك ضمانة لتنفيذ الإجراءات. وبالإضافة إلى ذلك، ينص قانون فنزويلا على حظر المحاكمة غيابياً ( ) .

4 - 8 وتدعي الدولة الطرف أنه لا يجوز، بموجب النظام القانوني المحلي، أن يحاكَم غيابياً صاحب البلاغ، الهارب من العدالة، الذي لم يستنفد بالتالي فعلياً جميع سبل الانتصاف المحلية لممارسة حقه في الدفاع. وبالتالي، تُعلَّق جميع الإجراءات الجنائية في حالة تهرُّب المدعى عليه أو المتهم من المثول أمام القضاء، وبخاصة عندما يكون قد صدر أمر بتوقيفه وتعذر تنفيذه.

4 - 9 وتضيف الدولة الطرف، في الختام، أنه لم يقع أي انتهاك لحقوق صاحب البلاغ الأساسية، لأنه هارب من العدالة، وهذا سبب يمنعه من تقديم الدفوع الشكلية والموضوعية في الإجراءات الجنائية المباشَرة ضده. وليس صحيحاً أيضاً ادعاؤه أنه ضحية عدم المساواة في المعاملة لأسباب سياسية، لأنه لم يثبت أنه لاجئ سياسي، ولأن القوانين والأحكام المطبقة كانت سارية المفعول قبل ادعائه أنه حُرم من الدفاع عن نفسه. وتلفت الدولة الطرف الانتباه إلى أن صاحب البلاغ يعرض قضية تكتسي فيها مصلحته المالية الأولوية، ويسعى إلى الالتفاف على إجراءات العدالة الفنزويلية بغية مواصلة التمتع بالمزايا المالية التي كان يستفيد منها بحكم مناصبه الإدارية في الشركتيْن اللتين كان يُديرهما. وتضيف الدولة الطرف أن البلاغ يهدف إلى ضمان إفلات مصرفي من العقاب، من خلال حجج ليست لها أي قيمة إثباتية، وادعاءات خادعة بشأن اضطهاد الدولة الطرف للقطاع الخاص من دون تقديم أي دليل في هذا الصدد. وأخيراً، تدعو الدولة الطرف الهيئات الدولية إلى مراجعة ممارساتها المتعلقة بالنظر في الشكاوى التي لا تقوم سوى على تخمينات بشأن وقائع محتملة افتراضية وغير مؤكدة، أساسها الوحيد ما يرد في الصحافة والتلفزيون ووسائط وشبكات التواصل الاجتماعي من أخبار غير موضوعية وغير صحيحة ومتحيزة فيما يتعلق بحكومة الدولة الطرف، ولا تمثل سوى آراء متحيزة تخدم مصلحة جماعات صغيرة معارضة للإرادة الديمقراطية والسيادية لأغلبية الشعب.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 يدعي صاحب البلاغ، في ملاحظاته المؤرخة 2 نيسان/أبريل 2018 ، أن فراره من العدالة ليس صحيحاً، ناهيك عن تهربه من الملاحقة الجنائية. ويدعي أنه لم يجر أبداً، قبل إصدار أمر إلقاء القبض عليه في 14 أيار/مايو 2010 ، استدعاؤه ولا إخطاره بفتح تحقيقات ضده. ويدعي أن النيابة العامة طلبت، في اليوم ذاته الذي تلقت فيه شكوى السيدة أراوخو ، اتخاذ تدابير وقائية لمنعه من التصرف في ممتلكاته. ويشدد صاحب البلاغ على أنه لم يكن ثمة، إلى حدود يوم سفره إلى الولايات المتحدة، وهو 12 كانون الثاني/يناير 2010 ، أي تدبير وقائي لمنعه من مغادرة البلد ولا أي أمر بإلقاء القبض عليه. ويوضح أنه غادر إقليم الدولة الطرف عبر مطار مايكيتيا الدولي، واجتاز إجراءات مراقبة الهجرة من دون أي مشكلة، ولا يمكن بالتالي للدولة الطرف أن تتحدث بأي حال من الأحوال عن فراره أو تهربه من العدالة.

5 - 2 ويكرر صاحب البلاغ أن أمر إلقاء القبض عليه لم يصدر بشكل قانوني، إذ لم يجر استدعاؤه من قبل، ولم توجَّه إليه أي تهمة ولم يُسمح له بتعيين محام للدفاع عنه لتمكينه لاحقاً من الاطلاع على الأدلة المقدمة ضده ( ) . ويدعي أن الاستدعاءيْن اللذيْن تلقاهما للحضور كشاهد، بعد صدور أمر إلقاء القبض عليه، يشكلان نوعاً من التحايل في الإجراءات، إذ كان هدفهما استدراجه للمثول أمام القضاء كشاهد ومن ثَمَّ احتجازه بشكل غير قانوني. ويدعي صاحب البلاغ أنه لا يوجد أي دليل يثبت تورطه في ارتكاب أي جريمة.

5 - 3 ويضيف صاحب البلاغ أنه قدَّم رسمياً إلى الإنتربول طلباً لإعادة النظر في أمر التوقيف الدولي غير القانوني الذي أصدرته ضده في شباط/فبراير 2011 . ويضيف أنه ضمَّن طلبَه مذكرة خطية وأدلةً وتسجيلات شفوية لإثبات أن الدولة الطرف نفذَّت مجموعة من الملاحقات القضائية التعسفية وغير القانونية لمختلف رجال الأعمال بغرض السيطرة على الجهاز الاقتصادي والمالي برمته عن طريق نزع الملكية. ويوضح صاحب البلاغ أن لجنة الرقابة على محفوظات الإنتربول خلصت بالإجماع، بعدما قدَّم طلبه وزار المنظمة، إلى أنه تعرض للاضطهاد السياسي من جانب الدولة الطرف. وألغت هذه اللجنة، في جلستها الثالثة والثمانين المعقودة في أيار/مايو 2012 ، أمر إلقاء القبض عليه على الصعيد العالمي، وأبلغته في 8 آب/أغسطس 2012 بقرارها، الذي أرفق به رسالته الأولى إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات الدولة الطرف أنه لا يمكن لصاحب البلاغ، باعتباره هارباً من العدالة، ممارسة حقه في الدفاع ولا تعيين محام وفقاً لأحكام النظام القانوني المحلي، وأنه لم يستنفد بالتالي سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ استنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بتعيين محام للدفاع عنه، لأن محكمة العدل العليا أتيحت لها الفرصة للبت في المسألة، في سياق إجراءات التسليم التي أفضت إلى صدور الحكم المؤرخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2010، وطلب الحماية القضائية الدستورية الذي رفضته هذه المحكمة في 6 حزيران/ يونيه 2011. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ الأخرى بشأن انتهاكات حقه في المحاكمة وفق الأصول القانونية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بادعاءاته المتعلقة بالأسس الموضوعية ( ) . ولذلك، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنع قبول هذا البلاغ.

6 - 4 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم استقلال المحاكم المعنية بملاحقته الجنائية، التي تندرج في إطار المادة 14 ( 1 )، وباحتجاجه العام بالمواد 2 ؛ و 9 ؛ و 14 ( 2 )، و( 3 )(ب) و(ج) من العهد، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُدعم بما يكفي من الأدلة وتعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 5 غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ دعم بالفعل بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، الشكاوى التي قدمها بشأن حقه في المحاكمة وفق الأصول القانونية بموجب المادة 14 ( 3 )(أ) و(د) من العهد، إذ لم يُبلغ على نحو واضح ودقيق ومفصل بالتهم الموجهة إليه، ولم يُستدع قبل صدور أمر إلقاء القبض عليه ولم يُسمح له بتعيين محاميه. وبالتالي، تعلن اللجنة قبول هذه الادعاءات وتنتقل إلى النظر فيها من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لأحكام المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ أن عدم السماح لمحاميه المعيَّن على نحو سليم بأداء اليمين القانونية أمام السلطات القضائية المختصة يشكل انتهاكاً لحقه في الدفاع بموجب المادة 14 ( 3 )(د) من العهد. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن هروب صاحب البلاغ من العدالة هو الذي يمنعه من تقديم الدفوع الشكلية والموضوعية في الإجراءات الجنائية المباشَرة ضده. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ كان قد قضى أربعة أشهر خارج إقليم الدولة الطرف عندما صدر أمر حبسه احتياطياً في 14 أيار/مايو 2010 ، وأنه غادر بالتالي الإقليم بصفة قانونية. كما تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ، بالنظر إلى اعتماد تدابير وقائية لتجميد حساباته المصرفية وإلى التحقيقات المتعلقة بتدخل الدولة الطرف في إدارة الشركات التي كان مساهماً فيها، حاول تعيين محاميه في 7 نيسان/أبريل 2010 ، أي قبل شهر من صدور أمر حبسه احتياطياً.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف أنه لا يجوز لصاحب البلاغ أن يطلب محاكمته غيابياً، لأن النظام القانوني المحلي لا يجيز محاكمته جنائياً من دون أن يكون موجوداً في إقليمها الوطني، وأن جميع الإجراءات الجنائية تُعلَّق في حالة عدم مثول المدعى عليه أو المتهم أمام القضاء، وبخاصة عندما يكون قد صدر أمر بتوقيفه وتعذر تنفيذه. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يطلب محاكمته غيابياً، بل قبول تعيين محاميه كي يتمكن من الاطلاع على ملف القضية الذي يتضمن الأدلة التي قُدمت ضده والتي تَقرَّر على أساسها إصدار أمر إلقاء القبض عليه وكذلك طلب تسليمه من الولايات المتحدة. ولا ترى اللجنة كيف يمكن أن يشكل تعيين محام وتقديم الدفوع المحتملة قبل جلسة الاستماع الأولية، مثل الالتماسات أو الطعون ضد التدابير الوقائية أو طلب التسليم، انتهاكاً للحظر الدستوري للمحاكمة غيابياً. وفي ضوء هذه الوقائع، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت، في هذه القضية، حق صاحب البلاغ في الدفاع المكفول بموجب المادة 14 ( 3 )(د) من العهد.

7 - 4 وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة ألا تنظر بشكل منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ الأخرى بموجب المادة 14 ( 3 )(أ) من العهد، فيما يتعلق بحقه في إبلاغه على نحو واضح ودقيق ومفصل بالتهم الموجهة إليه، وفي استدعائه قبل اعتماد تدابير وقائية ضده.

8 - وإذ تتصرف اللجنة وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، فهي ترى أن المعلومات المعروضة عليها تبين بالفعل وقوع انتهاك للمادة 14 ( 3 )(د) من العهد.

9 - ووفقاً لأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على الدولة الطرف التزام بمنح صاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي منها ذلك منح سبيل انتصاف شامل لصاحب البلاغ الذي انتُهِكت حقوقه، ويشمل ذلك تمكينه مما يلي: (أ) تعيين محام والاطلاع بالتالي على ملف الإجراءات المباشَرة ضده؛ و(ب) تقديم الدفوع المتاحة، عن طريق محاميه، خلال التحقيق الأولي السابق لجلسة الاستماع التمهيدية. والدولة الطرف ملزمة أيضاً بتفادي وقوع انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد ، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها القضائية بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ متى ثبت حدوث انتهاك، فهي تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لتنفيذ هذه الآراء. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع.