الأمم المتحدة

CCPR/C/132/D/2509/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

15 December 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2509/2014 * **

بلاغ مقدم من : شاريب كوراكباييف ورايخان سابديكينوفا (تمثلّهما المحامية باكتزان تواريغوجينا )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا : شاريب كوراكباييف

الدولة الطرف : كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ : 6 أيار/مايو 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 19 تموز/يوليه 2021

الموضوع : مساءلة رئيس تحرير إحدى الصحف بموجب الإجراء الإداري عن مخالفة القانون المتعلق بوسائط الإعلام

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية : الحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة؛ حرية التعبير؛ الحق في المساواة في التمتع بحماية القانون دون أي تمييز

مواد العهد : 14 و 19 و 26

مواد البروتوكول الاختياري : 2 و 5 ( 2 )(ب)

1 - 1 كان شاريب كوراكباييف هو صاحبَ البلاغ الأول، وهو مواطن كازاخستاني مولود في عام 1961 . وادّعى عند تقديم البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 14 و 19 و 26 من العهد. وبعد وفاة السيد كوراكباييف في 14 آب/أغسطس 2018 ، أكدت زوجته رايخان سابديكينوفا ، وهي مواطنة كازاخستانية من مواليد عام 1961 ، رغبتها خطيّاً في 17 أيار/مايو 2021 في أن تتابع الإجراءات أمام اللجنة في هذا البلاغ ( ) . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 . وتمثّل كلا صاحبي البلاغ محامية ( ) .

1 - 2 طلبت الدولة الطرف إلى اللجنة، في 19 شباط/فبراير 2015 ، عملا ً بالفقرة 1 من المادة 93 من النظام الداخلي للجنة، أن تدرس مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية. وقررت اللجنة، في 1 أيار/ مايو 2015 ، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم الموافقة على طلب الدولة الطرف.

الأسس الوقائعية ( )

2 - 1 كان صاحب البلاغ رئيس تحرير صحيفة برافدا كازاخستانا التي تملكها جمعية عامة، هي الحزب الشيوعي الكازاخستاني. وعملا ً بالإجراءات المتبعة، حصل صاحب برافدا كازاخستانا في 8 شباط/ فبراير 2007 على رقم تسجيلٍ من وزارة الثقافة والإعلام في كازاخستان. وعند تغيير رئيس تحرير برافدا كازاخستانا خلال عام 2007 ، قُدّم إلى وزارة الثقافة والإعلام طلبٌ على النحو الواجب للحصول على رقم تسجيل جديد في 25 آب/أغسطس 2007 . غير أنّ صاحب البلاغ، في ذلك الوقت، لم يكن بعد رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا. وكان من المعتاد آنذاك أن ترسل وزارة الثقافة والإعلام جميع الشهادات الجديدة التي تحمل أرقام تسجيلها إلى السلطات المحلية ( akimats ) ( ) ، التي تتولى بدورها إخطار وسائط الإعلام المطبوعة المعنية بإصدار الشهادات الجديدة. وتمدّ السلطات المحلية وسائل الاعلام المطبوعة بالشهادات الجديدة مقابل استلامها للشهادات القديمة.

2 - 2 وبقيت برافدا كازاخستانا تحمل رقم التسجيل القديم في جميع الطبعات، في ظلّ غياب أي ردّ من وزارة الثقافة والإعلام على طلبها لرقم تسجيل جديد. وفي غضون ذلك، أُلغي شرط التقدم بطلب الحصول على رقم تسجيل جديد.

2 - 3 وفي 9 أيلول/سبتمبر 2013 ، أعدّت إدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي تقريراً عن جريمة إدارية يتعلّق بصاحب البلاغ. فقد اتُّهم صاحب البلاغ، وفقاً للتقرير، بارتكاب جريمة إدارية بإشارته إلى رقم التسجيل القديم في برافدا كازاخستانا ( ) ، على الرغم من أن وزارة الثقافة والإعلام أصدرت له رقم تسجيل جديدا ً في 25 آب/أغسطس 2007 . ووُجّهت إليه تهمة ارتكاب جريمة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 350 من قانون الجرائم الإدارية (نشر طبعة تحمل علامةَ ناشرٍ غير واضحة أو زائفة عمداً). ووفقاً للتقرير نفسه، أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في 9 آب/أغسطس 2013 صاحب البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب الفقرة 1 من المادة 350 من قانون الجرائم الإدارية ( ) وغرّمته ما يعادل خمسة مؤشرات حسابية شهرية، ولكن دون الحكم بمصادرة أي طبعة من طبعات برافدا كازاخستانا. وكان صاحب البلاغ، وفقاً للتقرير، قد ارتكب الجريمة الإدارية ذاتها مراراً وتكراراً في غضون سنةٍ من تحميله المسؤولية بموجب الإجراء الإداري.

2 - 4 واحتج صاحب البلاغ، أثناء نظر محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في قضيته الإدارية، بأنه لم يكن يعلم أن وزارة الثقافة والإعلام كانت قد أصدرت رقم تسجيل جديدا ً في 25 آب/أغسطس 2007 . وأوضح أن جميع طبعات برافدا كازاخستانا تحمل آخر رقم تسجيل معروف يرد في شهادة التسجيل الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام في 8 شباط/فبراير 2007 . وذكر صاحب البلاغ أيضا ً أن شهادة التسجيل الأصلية كانت في حوزة هيئة التحرير في برافدا كازاخستانا وأنّه لم يتلقّ، على حدّ علمه، أي ردّ من وزارة الثقافة والإعلام على طلب رقم تسجيل جديد، الذي قُدّم في 25 آب/أغسطس 2007 .

2 - 5 وفي 26 أيلول/سبتمبر 2013 ، أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحب البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 350 من قانون الجرائم الإدارية. ورجحت المحكمة، خلافاً لمتطلبات الفقرة 1 من المادة 15 من قانون وسائط الإعلام، أنّ صاحب البلاغ عمد مراراً وتكراراً، بصفته رئيس تحرير برافدا كازاخستانا ، إلى نشر طبعات من الصحيفة تحمل رقم التسجيل القديم ( ) ، على الرغم من أنّ رقماً جديداً سبق أن صدر. وحُكم على صاحب البلاغ بدفع غرامة قدرها عشرة مؤشرات حسابية شهرية (ما قيمته 310 17 تنغي، أي حوالي 70 يورو).

2 - 6 وبقرار منفصل اعتمدته أيضاً محكمة ألماتي الإدارية المشتركة بين المقاطعات في 26 أيلول/ سبتمبر 2013 ، أُدين الحزب الشيوعي الكازاخستانيّ بصفته مالك برافدا كازاخستانا ، بارتكاب جريمة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 350 من قانون الجرائم الإدارية بسبب إشارته إلى رقم التسجيل القديم في طبعة الصحيفة المنشورة في 11 أيلول/سبتمبر 2013 ، رغم أن وزارة الثقافة والإعلام أصدرت رقم تسجيل جديداً في 25 آب/أغسطس 2007 . وبموجب القرار نفسه، فرضت محكمة ألماتي الإدارية المشتركة بين المقاطعات على الحزب الشيوعي الكازاخستاني أمراً بتعليق نشر برافدا كازاخستانا لمدة ثلاثة أشهر ( ) .

2 - 7 وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، قدّم صاحب البلاغ طعناً في قرار محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في محكمة مدينة ألماتي . وادّعى في الطعن الذي قدّمه، في جملة أمور، عدم وجود ضرورة موضوعية تدعو إدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي إلى التحقق من أنشطة برافدا كازاخستانا مرتين في أقل من عام، كما ادّعى أن هذه الرقابة طريقةٌ تستعملها السلطات لممارسة الضغط السياسي على وسائط الإعلام المستقلة والمعارضة، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 20 من دستور كازاخستان وللمادة 19 من العهد. وذكر صاحب البلاغ أيضاً أن رقم التسجيل القديم كان يرد في جميع طبعات برافدا كازاخستانا على مرّ السنوات الستّ الماضية (من عام 2007 إلى عام 2013 )، بما يشمل الفترة التي سبقت تولّيه منصب رئيس التحرير. واحتجّ صاحب البلاغ، مشيراً إلى الفقرة 1 من المادة 69 والفقرتين 1 و 5 من المادة 580 من قانون الجرائم الإدارية، بضرورة إنهاء الإجراءات الإدارية المتخذة في حقه، نظرا ً لانقضاء فترة التقادم المتصلة بالجرائم الإدارية المنسوبة إليه، والمحددة بشهرين. وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، رفض مجلس الاستئناف المعني بالقضايا المدنية والإدارية في محكمة مدينة ألماتي طعن صاحب البلاغ.

2 - 8 وفي تاريخ غير محدد، قدّم صاحب البلاغ طلباً إلى مكتب المدعي العام لألماتي ، من أجل إعادة النظر في القرارات الصادرة عن محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات ومجلس الاستئناف في محكمة مدينة ألماتي . وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 2013 ، ردّ نائب المدعي العام لألماتي على صاحب البلاغ بقوله بعدم وجود أسباب تدعو إلى الشروع في إعادة النظر في قرارات المحكمة التي سبق أن دخلت حيز النفاذ. وقدّم صاحب البلاغ في 17 كانون الثاني/يناير 2014 ، طلباً مماثلاً إلى مكتب المدعي العام لكازاخستان. وفي 21 شباط/فبراير 2014 ، قرّر نائب المدعي العام لكازاخستان عدم وجود أسباب تدعو إلى الشروع في إعادة النظر في قرارات المحكمة المتخذة في حق صاحب البلاغ، ورُفِض طلبه على هذا الأساس. ومن ثمّ أكّد صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

الشكوى

3 - 1 ادّعى صاحب البلاغ، وقت تقديم البلاغ، أنّ سلطات الدولة الطرف ومحاكمها قد أخضعته، عن طريق تحميله المسؤولية بموجب الإجراء الإداري، وأمرِه بدفع غرامات إدارية، وفرض تعليق لمدة ثلاثة أشهر على نشر برافدا كازاخستانا ، لمجرد الإشارة إلى آخر رقم تسجيل معروف في طبعات الصحيفة، لقيودٍ غير مبررة على حقه في حرية التعبير، ومن ثمّ انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 19 من العهد. وقال صاحب البلاغ أيضاً إن إدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي لم تحدد، لا هي ولا المحاكم، من الذي انتُهكت حقوقه جراء إصدار طبعات من برافدا كازاخستانا تحمل رقم التسجيل القديم، وأيّ أفعال منسوبة إليه أسفرت عن الانتهاكات المزعومة.

3 - 2 وادّعى صاحب البلاغ أيضاً أن محاكم الدولة الطرف اتخذت في قضيته نهجاً اتهامياً منذ بداية الإجراءات الإدارية وتغاضت عن حججه، وهو ما ينتهك المادة 14 من العهد.

3 - 3 وادّعى صاحب البلاغ علاوة على ذلك، عدم وجود ضرورة موضوعية تدعو إدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي إلى التحقق من أنشطة برافدا كازاخستانا مرتين في أقل من عام، كما ادّعى أن هذه الرقابة وسيلةٌ تستعملها السلطات لممارسة الضغط السياسي على وسائط الإعلام المستقلة والمعارضة، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 26 من العهد. وفضلاً عن ذلك، احتج صاحب البلاغ بأنّ تدخل سلطات الدولة الطرف غير المبرر في أنشطة برافدا كازاخستانا مثالٌ واضحٌ على محاولة إسكات وسائط الإعلام المستقلة والمعارضة في كازاخستان.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدّمت الدولة الطرف في مذكرة شفوية مؤرخة 19 شباط/فبراير 2015 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وذكّرت بالوقائع التي يستند إليها هذا البلاغ. وأشارت على وجه الخصوص إلى أن وزارة الثقافة والإعلام أسندت في 25 آب/أغسطس 2007 رقم تسجيل جديدا ً إلى برافدا كازاخستانا على أساس الطلب الذي تقدّم به مالكها في 25 آب/أغسطس 2007 . وعلى الرغم من إصدار رقم تسجيل جديد لفائدة برافدا كازاخستانا ، إلاّ أنها ظلّت تحمل رقم التسجيل القديم الصادر في 8 شباط/فبراير 2007 . وتشير الدولة الطرف بالتحديد إلى طبعة برافدا كازاخستانا التي نُشرت في 11 أيلول/سبتمبر 2013 .

4 - 2 وتدفع الدولة الطرف بأن تحميل المسؤولية لشخصٍ ارتكب جريمة إدارية مستمرّة تتعدى على المصالح العامة ومصالح الدولة المكفولة بالقانون، لا يكون ممكناً بموجب الإجراء الإداري بعد مرور شهرين من اكتشاف الجريمة الإدارية المعنية، وذلك عملاً بالفقرة 3 من المادة 69 من قانون الجرائم الإدارية. وتُعتبر الجريمة الإدارية مستمرةً إذا اتسمت بتنفيذٍ متواصل لركن منفرد من أركانها في فعلٍ محظور معين، ولم تكن قد اكتملت وقت اكتشافها ( ) . وبما أن صاحب البلاغ، بصفته رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا ، ما فتئ يشير إلى رقم التسجيل القديم اعتبارا ً من تاريخ إصدار رقم التسجيل الجديد حتى تاريخ نشر طبعة 11 أيلول/سبتمبر 2013 ، ينبغي احتساب فترة التقادم المحددة لمساءلة صاحب البلاغ بموجب الإجراء الإداري اعتباراً من التاريخ الذي نُشرت فيه آخر طبعة من برافدا كازاخستانا ، أي انطلاقا ً من 11 أيلول/سبتمبر 2013 . وعندما كانت إدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي تعدّ تقريراً عن الجريمة الإدارية فيما يتعلق بصاحب البلاغ (انظر الفقرة 2 - 3 أعلاه)، لم تكن فترة التقادم المحددة بشهرين لمساءلته بموجب الإجراء الإداري قد انقضت بعد.

4 - 3 وتذكّر الدولة الطرف بأن محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات أدانت صاحب البلاغ في 26 أيلول/سبتمبر 2013 بارتكاب جريمة إدارية بموجب الفقرة 2 من المادة 350 من قانون الجرائم الإدارية، وحُكم عليه بدفع غرامة قدرها عشرة مؤشرات حسابية شهرية، ولكن دون الحكم بمصادرة أيّ من طبعات برافدا كازاخستانا أو المعدات المستخدمة في إنتاج مخرجات وسائط الإعلام وتوزيعها. وأيدت محكمة مدينة ألماتي قرار المحكمة الابتدائية في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2013 . وعلى الرغم من أن فترة التعليق المفروضة عملاً بقرار محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات (انظر الفقرة 2 - 6 أعلاه)، قد انقضت في 26 كانون الأول/ديسمبر 2013 ، إلاّ أن برافدا كازاخستانا لم يُستأنف نشرها بمبادرة من مالكها اعتباراً منذ ذلك التاريخ. والواقع أنّ السلطات المختصة في الدولة الطرف تلقّت كل ثلاثة أشهر إخطارات من مالك الصحيفة بتعليق نشرها لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

4 - 4 أمّا فيما يتعلق بحجة صاحب البلاغ ومفادها أنه لم يكن رئيس تحرير برافدا كازاخستانا وقت تحميله المسؤولية بموجب الإجراء الإداري، فإن الدولة الطرف تدفع بأن ادعاءه لا يقوم على أي أساس لأن الطبعتين المنشورتين في 11 و 18 أيلول/سبتمبر 2013 ( ) تشيران إليه بصفة رئيس التحرير. وتضيف الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يُثر هذه الحجة بعينها على الصعيد المحلي.

4 - 5 وتذكّر الدولة الطرف كذلك بأن الحق في حرية التعبير ينطوي على واجبات ومسؤوليات خاصة، ويمكن أن يخضع إذن لبعض القيود المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. وتضيف أن الفقرة 1 من المادة 20 من دستور كازاخستان تكفل حرية التعبير والحرية الفنية وتحظر الرقابة. وبموجب الفقرة 3 من المادة 20 من الدستور، لا يجوز التشجيع على إدخال تغييرات قسرية على النظام الدستوري وانتهاك سلامة الجمهورية وتقويض أمن الدولة أو شنّ حملات إعلامية تدعو إليها، أو الدعاية للحرب وللتفوق الاجتماعي والعنصري والوطني والديني والعشائري، أو الترويج لثقافة القسوة والعنف. وتضع ضرورة ضمان الامتثال لهذه المبادئ الرئيسية المكرسة في القانون الدولي مسؤوليةً خاصةً على عاتق وسائط الإعلام، لأن عدم الامتثال لها من شأنه أن يهدد الأمن الوطني وأن يؤدي إلى عواقب وخيمة أخرى. ولهذا السبب، يضع القانون عدداً من الشروط الموضوعية لوسائط الإعلام، بما يشمل المعلومات التي يجب الإشارة إليها في منشوراتها.

4 - 6 وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن تقييد الحقوق والحريات الفردية لا يجوز إلا بموجب القانون، وبالقدر الذي تقتضيه حماية النظام الدستوري والعام، وحقوق الآخرين وحرياتهم وصحتهم وآدابهم. ومتطلبات وسائط الإعلام منصوصٌ عليها تحديداً في قانون وسائط الإعلام. وبموجب الفقرة 1 من المادة 15 من ذلك القانون، ينبغي أن تشتمل كل نسخة مطبوعة على البيانات المطلوبة، ومنها رقم شهادة التسجيل وتاريخ إصدارها واسم الوكالة التي أصدرتها. وبموجب الفقرة 2 من المادة 25 من القانون نفسه، تقع على عاتق مالك الوسيلة الإعلامية وموزعها ورئيس تحريرها، المسؤولية عن انتهاك التشريعات المتعلقة بوسائط الإعلام. وعملاً بالمادة 13 من قانون وسائط الإعلام، ينبغي أن يكون الانتهاك المتكرر لشرط الإشارة إلى البيانات المطبوعة الأساسَ الذي يقوم عليه تعليقُ نشر وسيلةٍ إعلاميةٍ ما أو توزيعها. ولا يجوز تعليق أنشطة من هذا القبيل إلا بناءً على قرار صادر عن المحاكم أو مالك الوسيلة الإعلامية المعنية.

4 - 7 وتقول الدولة الطرف إنّ صاحب البلاغ، والحزب الشيوعي الكازاخستاني بصفته مالكاً لصحيفة برافدا كازاخستانا ، قد انتهكا الشروط المذكورة أعلاه والمنصوص عليها في قانون وسائط الإعلام، ومن ثمّ خضع كلاهما للمساءلة بموجب القانون الإداري. وبدأ نفاذ القرار المتخذ بشأن صاحب البلاغ الذي صدر عن محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في 26 أيلول/سبتمبر 2013 ، ونظر مكتب المدعي العام لألماتي ومكتب المدعي العام لكازاخستان في مشروعية قرارات المحكمة في قضيته في عدة مناسبات (انظر الفقرة 2 - 8 أعلاه). وبذلك، تكون سلطات الدولة الطرف ومحاكمها قد امتثلت لمقتضيات المواد 14 و 19 و 26 من العهد، في تحميلها صاحب البلاغ المسؤولية بموجب الإجراء الإداري. وفي ضوء ما تقدم، ينبغي للجنة أن تعلن أن هذا البلاغ لا أساس له من الصحة وغير مقبول.

4 - 8 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتُذكّر بأن نائب المدعي العام لكازاخستان رفض طلبه إجراءَ مراجعة قضائية رقابية للإجراءات الإدارية التي حُمّل على أساسها المسؤولية بموجب الإجراء الإداري. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن قانون الجرائم الإدارية ينص على إجراء استثنائي كان بإمكان صاحب البلاغ أن يُقدّم بموجبه طلباً للشروع في إجراء مراجعة قضائية رقابية بشأن قضيته الإدارية أمام المحكمة العليا، إلى المدعي العام لكازاخستان مباشرةً، من خلال إرفاق نسخة من الرد الذي تلقاه من نائب المدعي العام. وبما أن صاحب البلاغ لم يقدم هذا الطلب، ينبغي إعلان عدم مقبولية بلاغه أمام اللجنة بموجب الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

5 - 1 قدّم صاحب البلاغ في 21 نيسان/أبريل 2015 ، تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وذكّر بحجة الدولة الطرف ومفادها أنّ برافدا كازاخستانا لا تزال تحمل رقم التسجيل القديم الصادر في 8 شباط/فبراير 2007 ، رغم إصدار رقم تسجيل جديد لها في 25 آب/أغسطس 2007 ، (انظر الفقرة 4 - 1 أعلاه). وقال صاحب البلاغ في هذا الصدد إنّه في حال إصدار شهادة تسجيل جديدة لفائدة برافدا كازاخستانا ، كان ينبغي للسلطات المختصة، وفقا ً للقواعد، أن تسحب شهادة التسجيل القديمة وتحذف رقمها من دفتر المحاضر والتسجيلات، وهو ما لم يحدث في هذه القضية. فإذا ظلّت بحوزته الوثيقة الأصل من شهادة التسجيل القديمة، كان ينبغي إذن أن يقع الخطأ على وزارة الثقافة والإعلام وإدارة السياسات الداخلية للسلطات المحلية في ألماتي وليس عليه (انظر الفقرة 2 - 1 أعلاه). وبما أن برافدا كازاخستانا ظلّت تحمل رقم التسجيل الوارد في شهادة التسجيل التي كانت بحوزة صاحب البلاغ، لم يكن من المبرر والمنصف أن يُدان بارتكاب جريمة إدارية وأن تُغلق الصحيفة.

5 - 2 أمّا فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ أدين بارتكاب جريمة إدارية مستمرة، وبأنه حُمّل المسؤولية بموجب الإجراء الإداري قبل انقضاء فترة التقادم المحددة بشهرين لهذا النوع من الجرائم في القانون المحلي (انظر الفقرة 4 - 2 أعلاه)، كرر صاحب البلاغ حجته السابقة ومفادها أن الجريمة المزعومة ارتُكبت في عام 2007 قبل أن يتولى منصب رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا (انظر الفقرة 2 - 1 أعلاه) وبذلك لا يمكن تحميله المسؤولية عن أفعال لم يرتكبها.

5 - 3 وأكد صاحب البلاغ أيضاً، مشيراً إلى ملاحظات الدولة الطرف (انظر الفقرة 4 - 5 أعلاه)، أنّ الدافع إلى تحميله المسؤولية عن ارتكاب جريمة إدارية يكتسي طابعاً سياسياً. وقال على وجه الخصوص، إنّ سلطات الدولة الطرف لا تريد أن يُتاح لسكانها الوصول إلى وسائط الإعلام المستقلة والمعارضة، وأن ذلك يستتبع إغلاق وسائط الإعلام "غير المرغوب فيها"، في انتهاك للمادة 20 من الدستور والمادة 19 من العهد، كي يظلّ السكان في غفلة من أمرهم. ودفع صاحب البلاغ بأن للجميع الحق في حرية التعبير، بما يشمل في هذه القضية برافدا كازاخستانا ، ويتضمن هذا الحق حريتهم في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارونها.

5 - 4 ودفع صاحب البلاغ أيضاً بأنّ العقوبة الإدارية ينبغي أن تكون عادلة ومتناسبة مع طبيعة الجريمة والظروف التي ارتُكبت فيها. وينبغي أن تكون أي قيود متناسبة، كما ينبغي لسلطات الدولة الطرف أن تسعى إلى الحدّ من تدخّلها إلى أدنى درجة في مجرى تطوّر روح المبادرة. وعلاوة على ذلك، ينبغي ألاّ تُطبَّق القيود المنصوص عليها في القانون تلقائيّاً ودون إيلاء المراعاة الواجبة للظروف الخاصة في كل حالة. وذكر صاحب البلاغ في هذا الصدد أن المحاكم اتخذت في قضيته نهجاً اتهامياً منذ بداية الإجراءات الإدارية وتغاضت عن حججه، وهو ما ينتهك المادة 14 من العهد.

5 - 5 ودفع صاحب البلاغ، فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية (انظر الفقرة 4 - 8 أعلاه)، بأنّ اللجوء إلى مكتب المدعي العام ليس سبيل انتصاف فعال يتعيّن استنفاده لأغراض الفقرة 2 (ب) المادة 5 من البروتوكول الاختياري. ومع ذلك، فقد قدّم طلبات إلى مكتب المدعي العام لألماتي ومكتب المدعي العام لكازاخستان للشروع في إجراءات المراجعة القضائية الرقابية بشأن قضيته الإدارية، ولكن هذه الطلبات قوبلت بالرفض. وبذلك استُنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - كررت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 30 تموز/يوليه 2015 ، موقفها السابق بأنه ينبغي للجنة إعلان عدم مقبولية هذا البلاغ وبعدم حدوث أي انتهاكات لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7 - 1 في 15 أيلول/سبتمبر 2015 ، قدّم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية، مكرراً ادعاءاته الأولى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 14 و 19 و 26 من العهد. وذكّر صاحب البلاغ أيضاً بأنه كان رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا التي يملكها الحزب الشيوعي الكازاخستاني، وبأنها أُغلِقت بناءً على قرار من المحكمة. وأضاف قائلاً إنّ سلطات الدولة الطرف قد شرعت فعلاً، بتحميله المسؤولية عن جريمة إدارية، في شن حملة تمييزية على جميع الشيوعيين في كازاخستان بسبب رأيهم السياسي.

7 - 2 وقال صاحب البلاغ أيضاً، مشيراً إلى المادة 14 من الدستور التي تكفل المساواة والحماية من التمييز، إن رؤساء التحرير في وسائل إعلام مستقلة أخرى ما زالوا يُغرَّمون جوراً بناءً على تقارير عن جرائم إدارية تعدّها السلطات المحلية على أُسس عارية من الصحة، وإن أنشطة هذه الوسائل الإعلامية تخض ع للتعليق لمدة ثلاثة أشهر.

معلومات إضافية من الدولة الطرف

8 - كررت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 4 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، موقفها السابق بأنه ينبغي للجنة إعلان عدم مقبولية هذا البلاغ وبعدم حدوث أي انتهاكات لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب العهد.

معلومات إضافية من صاحب البلاغ

9 - أعلم صاحب البلاغ اللجنة في 31 كانون الثاني/يناير 2016 ، أنّه يتمسك بادعاءاته الأولية وأنّه ليس لديه أي تعليقات أخرى على المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2015 .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولا ً بموجب البروتوكول الاختياري.

10 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

10 - 3 وتلاحظ اللجنة في البداية أن صاحب البلاغ الأول، شاريب كوراكباييف ، توفي في 14 آب/ أغسطس 2018 ، وأن أرملته، رايخان سابديكينوفا ، أعربت في 17 أيار/مايو 2021 عن رغبتها في متابعة الإجراءات المعروضة على اللجنة نيابة عنه. ولم تعترض الدولة الطرف على أهلية أرملة صاحب البلاغ في متابعة البلاغ ( ) .

10 - 4 وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة أنّه في حالة وفاة صاحب البلاغ أثناء سير الإجراءات، يجوز من حيث المبدأ لأقرب أقربائه أو لأحد ورثته أن يتابع البلاغ، شريطة أن تكون له أو لها مصلحة مشروعة فيه. وبناءً على ما تقدم، وبالنظر إلى مضمون ادعاءات السيد كوراكباييف ، تقبل اللجنة أنّ رايخان سابديكينوفا ، باعتبارها من أقرب أقرباء السيد كوراكباييف ، لديها مصلحة مشروعة في متابعة هذا البلاغ عوضاً عن زوجها الراحل.

10 - 5 وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأنّ صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له، بعدم تقديمه طلباً إلى المدعي العام لكازاخستان من أجل الشروع في مراجعة قضائية رقابية بشأن قضيته الإدارية أمام المحكمة العليا. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها القضائية التي جاء فيها أن التماس مراجعة قضائية رقابية من مكتب المدعي العام، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للنيابة العامة، من أجل طلب مراجعة قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ، لا يشكل سبيل انتصاف يتعيّن استنفاده لأغراض الفقرة 2 (ب) المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أنّ صاحب البلاغ قدم طلباً إلى مكتب المدعي العام للشروع في مراجعة قضائية رقابية في قضيته الإدارية أمام المحكمة العليا وأنّ نائب المدعي العام لكازاخستان رفض طلبه بحجة أنه لا يستند إلى أي أساس. وبناء عليه، ترى اللجنة في ظلّ هذه الظروف أن الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من دراسة هذا البلاغ.

10 - 6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد ومفادها أنّ سلطات الدولة الطرف مارست ضده التمييز بسبب رأيه السياسي، لأنه كان رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا المستقلة والمعارضة، وهي إحدى وسائط الإعلام "غير المرغوب فيها" التي أُغلقت في كازاخستان كي يظل السكان في غفلة من أمرهم. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تردّ على هذا الادعاء بالتحديد. ولكن في ظل غياب مزيد من المعلومات المفصلة أو التوضيحات أو الأدلة التي تدعم هذا الادعاء في الملف، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات لم تُدعَّم بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10 - 7 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف ومحاكمها، من خلال تحميله المسؤولية بموجب الإجراء الإداري بصفته رئيس التحرير لصحيفة برافدا كازاخستانا ، وأمره بدفع غرامات إدارية، وإجبار مالك الصحيفة على تعليق نشرها لمدة ثلاثة أشهر لمجرد إشارته إلى آخر رقم تسجيل معروف في طبعات الصحيفة المنشورة، قد أخضعته لقيود غير مبررة على حقه في حرية التعبير أثناء إجراءات قضائية لم تستوف متطلبات الإنصاف والاستقلال، ومن ثمّ انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 14 و 19 من العهد.

10 - 8 ووفقا ً لصاحب البلاغ، فإن تدقيق سلطات الدولة الطرف تدقيقاً خاصاً في أنشطة برافدا كازاخستانا ورئيس التحرير قائمٌ على دوافع سياسية، لأن الصحيفة اتّخذت لنفسها موقع الوسيلة الإعلامية المستقلة والمعارضة. وتلاحظ اللجنة أيضا ً حجج الدولة الطرف ومفادها أنّ صاحب البلاغ حُمّل المسؤولية بموجب الفقرة 2 من المادة 320 من قانون الجرائم الإدارية لأنه لم يكفل امتثال برافدا كازاخستانا لمتطلبات قانون وسائط الإعلام، وأنّ قرار عدم استئناف النشر اتخذه الحزب الشيوعي الكازاخستاني بصفته مالكاً للصحيفة، بعد انقضاء فترة التعليق المفروضة لمدة ثلاثة أشهر على نشر الصحيفة (انظر الفقرة 4 - 3 أعلاه). وتحيط اللجنة علماً كذلك بأن صاحب البلاغ والدولة الطرف لا يتفقان على ما إذا كانت فترة التقادم المنصوص عليها في الفقرة 3 من المادة 69 من قانون الجرائم الإدارية تنطبق على الجرائم الإدارية المنسوبة إليه.

10 - 9 وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 من العهد تشير أساساً إلى تقييم الأدلة المقدمة أثناء سير الدعوى وتطبيق التشريعات الوطنية، وهما مسألتان تعودان من حيث المبدأ إلى المحاكم الوطنية، ما لم يكن تقييم الأدلة أو تطبيقها بائن التعسف أو يشكل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة، أو أن المحكمة قد انتهكت بصورة أخرى التزامها بالاستقلال والحيادية ( ) . وترى اللجنة في هذه القضية أنّ صاحب البلاغ لم يثبت، لأغراض المقبولية، أن سير الدعوى في قضيته كان بائن التعسف أو شكّل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة، ولم يقدّم أدلّة على أن المحكمة انتهكت بصورة أخرى التزامها بالاستقلال والحيادية. ومن ثمّ، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ لم يُشفع بما يكفي من الأدلة، وبذلك تعتبره غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10 - 10 ومع ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد قدم أدلة كافية، لأغراض المقبولية، على ادعاءاته بموجب المادة 19 من العهد. وبناء عليه، تعلن هذا الجزء من البلاغ مقبولا ً وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

11 - 1 تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الغرامات الإدارية المفروضة عليه والحكم على مالك الصحيفة بتعليق نشر برافدا كازاخستانا لمدة ثلاثة أشهر يُعتبران قيداً على حقه في نقل المعلومات والأفكار على شكل مطبوع وهو ما يتعارض مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أنّ أي قيود مفروضة ينبغي أن تكون متناسبة وأن تسعى إلى تحقيق هدف مشروع. وعلاوة على ذلك، ينبغي ألا تُطبَّق القيود المنصوص عليها في القانون تلقائيّاً ودون إيلاء المراعاة الواجبة للظروف الخاصة في كل حالة. وتحيط اللجنة علماً بالحجج التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن المحاكم المختصة فرضت العقوبات على صاحب البلاغ وفقاً للقانون المحلي، وأن ّأحكام دستورها وقانون وسائط الإعلام فيما يتصل بالقيود المسموح بها تتماشى مع الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. وعلى اللجنة إذن أن تحدد ما إذا كانت العقوبات المفروضة على صاحب البلاغ وعلى برافدا كازاخستانا ، التي شكلت قيداً على حق صاحب البلاغ في حرية التعبير، يمكن تبريرها بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من العهد.

11 - 2 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 ( 2011 )، الذي ينص على أنّ حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد. وأنهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع، ويشكلان حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (الفقرة 2 ). ووفقا ً للفقرة 3 من المادة 19 من العهد، يجوز إخضاع الحق في حرية التعبير لبعض القيود، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ و(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. ويجب أن تكون جميع القيود المفروضة على حرية التعبير "محددة بنص القانون"؛ ولا يجوز فرضها إلا لسبب من الأسباب المبينة في الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 3 من المادة؛ ويتعين أن تكون متلائمة مع اختبارات صارمة تتعلق بالضرورة والتناسب. ولا بد من احترام مبدأ التناسب، لا في القانون الذي يحدد إطار القيود وحده، بل أيضاً في تطبيقه من جانب السلطات الإدارية والقضائية ( ) . وعندما تحتج دولةٌ طرف بأساس مشروع لفرض قيود على حرية التعبير، فإنّ عليها أن تثبت بطريقة محددة وخاصة بكل حالة على حدة الطبيعة المحددة للتهديد الذي يتعرض له أي من العناصر المذكورة في الفقرة 3 من المادة 19 تسبب في تقييد حرية التعبير، وضرورة الإجراء المعين المتخذ ومدى تناسبه، ولا سيما بإقامة صلة مباشرة وواضحة بين التعبير والتهديد ( ) .

11 - 3 وتذكّر اللجنة بأن لا غنى لأي مجتمع عن الصحافة أو غيرها من وسائط الإعلام التي تكون حرة وغير خاضعة للرقابة وتعمل بدون عراقيل وذلك لضمان حرية الرأي وحرية التعبير والتمتع بالحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد، وبأنها تشكّل حجر الزاوية لمجتمع تسوده الديمقراطية ( ) . ويُعتبر تبادل المعلومات والآراء بحرية حول مسائل تتعلق بالشؤون العامة والشؤون السياسية بين المواطنين والمرشحين والممثلين المنتخبين أمراً أساسياً. وينطوي ذلك على وجود صحافة حرة ووسائط إعلام أخرى قادرة على التعليق على المسائل العامة بدون رقابة أو قيد وعلى إعلام الرأي العام. ويتمتع الجمهور أيضاً بحق مقابل في تلقي ما تنتجه وسائط الإعلام ( ) . وينبغي للدول الأطراف أن تضمن أن يكون الإطاران التشريعي والإداري لتنظيم وسائط الإعلام متفقين مع أحكام الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. ويتنافى رفض السماح بنشر الصحف وغيرها من وسائط الإعلام المطبوعة مع المادة 19 ، إلا إذا جاء هذا الرفض في الظروف الخاصة التي تتعلق بتطبيق أحكام الفقرة 3 من المادة 19 من العهد. ولا يمكن أن تشمل هذه الظروف الخاصة على الإطلاق فرض حظر على منشور معين، إلا إذا كانت هناك إمكانية لحظر محتوى معين غير قابل للاقتطاع حظراً مشروعاً بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من العهد ( ) . كما أن فرض العقوبات على المنابر الإعلامية أو دور النشر أو الصحفيين لمجرد أنهم يوجهون انتقادات للحكومة أو للنظام الاجتماعي والسياسي الـذي تتبنـاه الحكومة لا يمكن أبداً أن يكون بمثابة قيد ضروري على حرية التعبير ( ) .

11 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، إذ تدَّعي عموماً أن القيود المفروضة على حرية التعبير المأذون بها حسب دستورها وقانون وسائط الإعلام تتفق مع صياغة الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، وأن العقوبات المفروضة على صاحب البلاغ منصوصٌ عليها في القانون المحلي، لم تقدم أي حجج بشأن توافق الأحكام القانونية التي اتُّخذت أساساً لتقييد حرية صاحب البلاغ في التعبير مع معايير الضرورة والتناسب بموجب الفقرة 3 من المادة 19 من العهد ( ) . ولا تبيّن الدولة الطرف أيضاً كيف راعت السلطات الإدارية والقضائية هذه المعايير في القضية قيد النظر. ولذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تبرّر ما فُرِض من عقوبات متعددة وشديدة على صاحب البلاغ وعلى برافدا كازاخستانا باعتبارها ضرورية ومتناسبة مع الهدف المشروع المنشود، على نحو ما تبيّنه الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، ولا سيما في ضوء الطبيعة التقنية، وأحياناً الواهية، للمخالفات التي عوقب عليها صاحب البلاغ في نهاية المطاف. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد قد انتُهكت.

12 - وترى اللجنة، بناء على الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 2 من المادة 19 من العهد.

13 - والدولة الطرف ملزمة عملاً بالفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضاً كاملاً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد. وعلى هذا، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض كاف للسيدة سابديكينوفا ، بما يشمل سداد أي تكاليف قانونية وغرامات إدارية تكبدها السيد كوراكباييف . والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة من جديد أن الدولة الطرف ينبغي لها، عملاً بالتزاماتها بموجب الفقرة 2 من المادة 2 من العهد، أن تراجع تشريعاتها بما يكفل التمتع الكامل في الدولة الطرف بالحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 19 من العهد، ومنها الحق في نقل المعلومات والأفكار على شكل مطبوع.

14 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة حدوث انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد داخل إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً أن تنشر هذه الآراء وتعمّمها على نطاق واسع بجميع اللغات الرسمية للدولة الطرف.