الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2731/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

21 January 2021

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 (الفقرة 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2016/2731* **

بلاغ مقدم من:

ديبورا كيتوميني وآخرون (يمثلهم محامون من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب، والمركز الكندي للعدالة الدولية)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

أصحاب البلاغ وباسكال كابونغولو

الدولة الطرف:

جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم الشكوى:

8 شباط/فبراير 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 18 شباط/فبراير 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء:

6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع:

الإعدام خارج نطاق القانون

المسألة الإجرائية:

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية:

الحق في الحياة؛ والحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وأمن الشخص؛ والتدخل غير القانوني في حرمة المنزل؛ والحق في الحياة الأسرية

مواد العهد:

2 (الفقرة 3 )، و 6 (الفقرة 1 ) و 7 ، و 9 (الفقرة 1 )، و 17 ، و 23

مواد البروتوكول الاختياري:

2 ، و 5 (الفقرة 2 )

1 - أصحاب البلاغ هم ديبورا كيتوميني كاسيبا (مواطنة كونغولية وكندية)، وهيري كابونغولو (مواطن كونغولي وكندي)، وباتريك باراكا كابونغولو (مواطن كونغولي)، وباسكال دوبونور كيبيمبي (مواطن كونغولي وكندي)، وديفين كيبيمبي (مواطنة كونغولية). وهم يدفعون بأن باسكال كابونغولو كيبيمبي ، زوج ديبورا كيتوميني كاسيبا ووالد باقي أصحاب البلاغ، وهو مولود في عام 1950 ، كان ضحية اغتيال تتحمل مسؤوليته الدولة الطرف بموجب المادة 6 (الفقرة 1 ) مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) من العهد، وكذلك بموجب المادة 9 (الفقرة 1 ) منه. ويدفع أصحاب البلاغ أيضاً بأنهم هم كذلك ضحايا انتهاك المادتين 7 و 17 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) والمادة 23 من العهد. وقد انضمت جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 . ويمثل أصحاب البلاغ محامون من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب والمركز الكندي للعدالة الدولية، وهما منظمتان غير حكوميتان.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

2 - 1 في سياق ما شهده شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية على مدى العقدين الماضيين من نزاعات وعدم استقرار دائم، يعمل المدافعون عن حقوق الإنسان في ظروف أمنية هشّة للغاية. وتتعرض حقوقهم وحرياتهم لانتهاكات منهجية ومتعددة في إطار الإفلات العام للمتورطين في هذه الانتهاكات من العقاب.

2 - 2 وقد كان باسكال كابونغولو أحد المدافعين عن حقوق الإنسان الملتزمين بمكافحة الفساد والإفلات من العقاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهو حاصل على تكوين صحفي، وكان يشغل وظيفة أمين تنفيذي في منظمة "ورثة العدالة"، وهي منظمة معنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في منطقة البحيرات الكبرى، وبالأساس في مق اطعة كيفو الجنوبية ( ) . وفي عامي 2000 و 2003 ، تلقى السيد باسكال كابونغولو ، في أعقاب تنديده بالفساد والإفلات من العقاب في القوات المسلحة، استدعاء من السلطات الإقليمية وتعرض لمحاولات اعتداء وأعمال تهديد وترهيب ( ) .

2 - 3 وفي حوالي الساعة 3 : 30 من صباح يوم 31 تموز/يوليه 2005 ، اقتحم ثلاثة رجال يحملون السلاح ويرتادون أقنعة وزي اً رسمي اً منزل باسكال كابونغولو في مدينة بوكافو ومسكوه ثم أطلقوا النار عليه. وقد كان أصحاب البلاغ وأفراد آخرون من الأسرة حاضرين خلال هذا الاعتداء، لكنهم لم يصابوا. وسرق الرجال الثلاثة حاسوب باسكال كابونغولو وبعض أمتعته الشخصية قبل أن يلوذوا بالفرار. وقد نقلت الزوجة، بمساعدة الجيران، جثة باسكال كابونغولو الهامدة إلى أقرب مركز صحي. غير أنه عند وصولهم إلى مستشفى بوكافو العام، لم يكن بوسع الأطباء سوى معاينة وفاته. ونظرا لما يتمتع به باسكال كابونغولو من مكانة مرموقة وشهرة دولية، فإن منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان ندّدت فورا ودوليا بما حدث ( ) .

2 - 4 وفي اليوم التالي، حضر عدة جنود إلى منزل العائلة وباشروا التحقيقات، حيث تمكنوا من جمع ثلاثة أو أربعة أغلفة رصاص عُثر عليها في المنزل. وفي اليوم نفسه، ألقي القبض على ضابطين - هما الملازم ب. ل. والقبطان ج. س. - وأودعا سجن بوكافو المركزي للاشتباه في صلتهما باغتيال باسكال كابونغولو . وبعد أيام من ذلك، أَخرج الملازم ت. أ. الضابطين ب. ل. وج . س. من الحبس بطريقة غير قانونية، قبل أن يجري توقيفهما مجدد اً ساعات بعد ذلك ( ) . وفي أعقاب هذا الحادث، وضع كاتب سجن بوكافو المركزي شكوى ضد الملازم ت. أ. والملازم ر. والرائد ج.، مؤرخة 4 آب/أغسطس 2005 ، وموجّهة إلى الادعاء العام العسكري الأعلى في بوكافو . وقد ندّدت هذه الشكوى بالعملية التي نظمها الملازم ت. أ. لتهريب المشتبه فيهما قتل السيد باسكال كابونغولو .

2 - 5 وبعد اغتيال باسكال كابونغولو ، تلقّى أصحاب البلاغ تهديدات وباتوا لا يشعرون بالأمان في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وهكذا، اضطروا إلى مغادرة البلد على وجه السرعة بحثاً عن ملجأ في كمبالا، بأوغندا. وقد قضت الأسرة مدة سنة تقريب اً في أوغندا في ظروف صعبة، قبل أن تحصل على وضع اللاجئ وتستقر في كندا في أيلول/سبتمبر 2006 .

2 - 6 وفي 5 آب/أغسطس 2005 ، قدمت ديبورا كيتوميني شكوى ضد أشخاص مجهولين لدى الادعاء العام العسكري الأعلى في بوكافو بدعوى قتل زوجها. وفي 6 آب/أغسطس 2005 ، شكّل نائب والي مقاطعة كيفو الجنوبية، د. ك. ك.، لجنة مستقلة للتحقيق في اغتيال باسكال كابونغولو . وفي 10 آب/أغسطس 2005 ، قدم الادعاء العام العسكري في كيفو الجنوبية التماس اً إلى قائد المنطقة العسكرية العاشرة في بوكافو لطلب إحالة الملازم ت. أ. والملازم ر. والرائد ج. على الادعاء العام العسكري الأعلى. ويشتبه ف ي العسكريين الثلاثة تنظيم عملية هروب المشتبه فيهما قتل باسكال كابونغولو ، وهما الملازم ب. ل. والقبطان ج. س. وبالإضافة إلى هذه التهمة، وُجهت إلى العسكريين الثلاثة تهمة خرق التعليمات والشروع في القتل. وفي الالتماس نفسه، طلب الادعاء العام العسكري إعادة القبطان ج. س. والملازم ب. ل. إلى السجن المركزي بموجب مذكرة التوقيف المؤقتة المسجلة باسمهما.

2 - 7 وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر 2005 ، قدّم أحد محامي ديبورا كيتوميني التماساً إلى الادعاء العام العسكري الأعلى في بوكافو للحصول على نسخة من الملف القضائي.

2 - 8 وفي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ، خلص التقرير النهائي للجنة التحقيق إلى أن العريف في الجيش ب. ل. م.، الذي كان من بين العسكريين الثلاثة الحاضرين في تلك الليلة، هو من أطلق النار على الضحية من مسافة قريبة. وندّدت اللجنة بسلوك الملازم ت. أ. الذي حاول، ضمن أمور أخرى، تقديم الأموال لعسكريين من أجل الفرار إلى الخارج وتحملهما مسؤولية الاغتيال كاملة. واقترحت لجنة التحقيق في الختام "إحالة جميع الجناة المزعومين في جريمة قتل باسكال كابونغولو على العدالة، وفي هذه الحالة على المحكمة العسكرية لحامية بوكافو ".

2 - 9 وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ، بوشرت إجراءات المحاكمة في قضية قتل باسكال كابونغولو في المحكمة العسكرية لحامية بوكافو . وقد عُقدت على الأقل أربع جلسات في الأسابيع التالية، ووُجّهت التّهم إلى ستة أفراد وأدينوا بتهم مختلفة ترتبط بقتل باسكال كابونغولو . وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2005 ، أصدرت المحكمة حكماً لإعلان عدم أهليتها للنظر في القضية لأنه يوجد ضمن المتهمين الملازمُ ت. أ. ونائبُ الوالي د. ك. ك. اللذين تشملهما الولاية القضائية للمحكمة العسكرية العليا أو محكمة العدل العليا ( ) . وفي أعقاب صدور هذا الحكم، أسفرت سلسلة من أعمال الترهيب والتلاعب السياسي، التي ندّدت بها عدة منظمات لحقوق الإنسان في عام 2006 ، عن تقويض سير الإجراءات القضائية في هذه القضية وتأجيل استئناف المحاكمة. وفي غضون ذلك، رُقّي الملازم ت. أ.، على الرغم من الإجراءات التي كانت قد بوشرت ضده ولم يبت فيها بعد، إلى رتبة قائد لواء متكامل في غوما ، بمقاطعة كيفو الشمالية.

2 - 10 وقد تضاعفت الجهود المبذولة لاستئناف المحاكمة في الأشهر التالية. وفي أيار/مايو 2006 ، بعثت منظمة العفو الدولية رسالة إلى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا، تطلب فيها على وجه الخصوص مواصلة التحقيق في اغتيال باسكال كابونغولو واعتقال المسؤولين عن ذلك، وفقاً للصكوك الدولية التي التزمت بها جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد دأبت منظمة "ورثة العدالة" على تخليد الذكرى السنوية لوفاة باسكال كابونغولو ، مذكّرة كل عام، من خلال منشورات أو أنشطة مختلفة، بضرورة تحقيق العدالة في هذه القضية.

2 - 11 وفي 23 أيار/مايو 2007 ، قدّم الملازم ب. ل.، الذي ظل محتجزاً رهن المحاكمة، التماس اً يطلب فيه الاستئناف السريع للمحاكمة المتعلقة بقتل باسكال كابونغولو ، مستنكراً احتجازه غير القانوني لأزيد من اثنين وعشرين شهراً. وفي 31 تموز/يوليه 2007 ، بعثت الشبكة الوطنية للمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية رسالة موقّعة من 75 مدافع اً من المدافعين عن حقوق الإنسان الكونغوليين إلى الرئيس جوزيف كابيلا تطلب منه فيها اتخاذ ما يلزم للمضي قدماً في هذه الإجراءات. وفي 23 آب/أغسطس 2008 ، بعثت الشبكة رسالة أخرى إلى السلطات القضائية الكونغولية لطلب إعادة فتح الإجراءات القضائية.

2 - 12 وفي 29 آب/أغسطس 2008 ، أعلنت المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية عدم أهليتها للنظر في القضية لأنه يوجد ضمن المتهمين نائب الوالي د. ك. ك. الذي يشمله اختصاص محكمة العدل العليا، وأحالت القضية إلى المحكمة العليا. غير أن المعلومات المتضاربة التي جمّعها أصحاب البلاغ تفيد بأنه في الوقت الذي أوحى هذا القرار بأن القضية ستحال إلى المحكمة العليا، فإنها أحيلت بداية إلى المحكمة العسكرية العليا. ولم يُحل الملف من الادعاء العام العسكري لدى المحكمة العسكرية العليا إلى المدعي العام للجمهورية أمام المحكمة العليا إلا في عام 2009 .

2 - 13 وقد اتُّخذت في السنوات التالية عدة تدابير - تمثّلت في رسائل والتماسات وبيانات صحفية وحملات عامة - للتنديد بالخروقات التي شابت الإجراءات القضائية في قضية باسكال كابونغولو ، ولدعوة السلطات إلى متابعتها بصورة فورية لضمان تقدم الإجراءات، وبالتالي معرفة الحقيقة بشأن جريمة الاغتيال، ولتحديد المتورطين فيها وضمان محاكمتهم محاكمة مستقلة وعادلة ( ) . وطوال عام 2015 ، بذل أصحاب البلاغ جهوداً متعدّدة لتحديد مكان ملف القضية والمضي بالإجراءات قدم اً. وعلى الرغم من المقابلات التي جرت مع موظفي المحكمة العسكرية العليا ( ) وغيرها من الهيئات المعنية، فضلاً عن المراسلات التي دارت بين الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب ومحامي ديبورا كيتوميني وبين السلطات الوطنية ( ) ، لم يُعثر على أي ملف يتعلق بمقتل باسكال كابونغولو .

2 - 14 وبعد مرور عشر سنوات على اغتيال باسكال كابونغولو ، لم تحصل الأسرة بعدُ على الحقيقة والعدالة، ولا على أي شكل من أشكال التعويض عن الأضرار التي لحقتها. ولم تُكشف ملابسات وفاة باسكال كابونغولو ، ومازال الأشخاص الذين يزعم أنهم نفذوا عملية قتله وأمروا بها أحرار اً طلقاء. وقد عانى جميع أفراد الأسرة من صدمات نفسية نتيجة هذه الأحداث. وحتى اليوم، لا يزال أصحاب البلاغ يخشون الانتقام وظهور المعتدين عليهم في أي وقت.

2 - 15 ويدفع أصحاب البلاغ بـ: (أ) أن جميع التدابير المتاحة قد اتُّخذت لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ و(ب) أن سبل الانتصاف هذه تأخّرت إلى حدّ غير معقول، لأنه بعد عشر سنوات من وقوع الجريمة وتقديم شكوى لا تزال جريمة اغتيال باسكال كابونغولو دون عقاب؛ و(ج) أن سبل الانتصاف قد أثبتت عدم فعاليتها وعدم وجود أي فرصة موضوعية لنجاحها، بالنظر إلى موقف السلطات السلبي واستحالة تحديد مكان ملف القضية والوصول إليه؛ و(د) أن لجوء أصحاب البلاغ إلى سبل الانتصاف المحلية يشكّل خطر اً عليهم، فقد فروا من جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب ما تعرضوا له من تهديدات ومحاولات ترهيب على يد المزعوم تورطهم في اغتيال باسكال كابونغولو .

الشكوى

3 - 1 يدّعي أصحاب البلاغ أن الدولة الطرف تتحمل المسؤولية المباشرة عن حرمان باسكال كابونغولو التعسفي من حقه في الحياة، وهو ما يشكّل انتهاكاً للمادة 6 (الفقرة 1 ) من العهد.

3 - 2 ورغم إجراء التحقيقات في عام 2005 ومباشرة المحاكمة أمام محكمة الحامية العسكرية، ورغم اتّخاذ أصحاب البلاغ الخطوات اللازمة لدى السلطات القضائية والسياسية الوطنية، تظل الإجراءات القضائية تراوح مكانها. ولم تُكشف بعدُ ملابسات وفاة باسكال كابونغولو ، ومازال الأشخاص الذين يُزعم أنهم أمروا بقتله أحرار اً طلقاء. والدولة الطرف لم تكتف بعدم إجراء التحقيقات الكافية فحسب، بل إن سلطاتها لم تستجب لطلب أصحاب البلاغ الاطّلاع على الملف بعدم تحديدها مكان ملف القضية وعدم توضيحها الشوط الذي قطعته القضية. ولم يقدّم أي تفسير لأسباب عدم التقدّم في الملف خلال كل هذه السنوات. وبعد مرور عشر سنوات على اغتيال باسكال كابونغولو ، لم تحصل أسرته بعدُ على الحقيقة والعدالة، ولا على أي شكل من أشكال التعويض عن الأضرار التي لحقتها. وهذا الحرمان من العدالة، الذي يجب تحليله في السياق العام لإفلات المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من العقاب، والذي يتفشى في البلد منذ سنوات ( ) ، يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادة 2 (الفقرة 3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 6 (الفقرة 1 ) من العهد فيما يتعلق بباسكال كابونغولو .

3 - 3 وكان باسكال كابونغولو قد تعرّض لعدة تهديدات ومحاولات ترهيب واعتداء قبل 31 تموز/ يوليه 2005 ، ارتباط اً بأنشطته كمدافع عن حقوق الإنسان. وعلى وجه الخصوص، كان الملازم ت. أ. قد هدّد باسكال كابونغولو علن اً أثناء جلسة استماع أمام الادعاء العام العسكري في عام 2003 ، بالقتل إذا لم يوقف أنشطة التحقيق في اتهامه بالفساد المرتبط بقطاع التعدين (انظر الحاشية السفل ية 2 ). وقد كانت السلطات الوطنية على علم بهذه التهديدات، لكنها لم تتعامل بجدية مع الضرورة الموضوعية لحمايته ولم تتّخذ أي تدابير ذات صلة في هذا الصدد. واللجوء المنهجي لأعمال العنف، بما فيها أعمال القتل، ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في كيفو الجنوبية يؤكّد وصف المدافعين عن حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية كفئة سكانية ضعيفة تحتاج إلى حماية حكومية خاصة. ونتيجة لذلك، لم تفِ الدولة الطرف بواجبها في تمكين باسكال كابونغولو من تدابير الحماية المناسبة قبل فوات الأوان، مما يشكل انتهاكاً لحقه في الأمن كما تنص عليه المادة 9 (الفقرة 1 ) من العهد.

3 - 4 وقد عانى أصحاب البلاغ جراء فقدان الزوج والأب وعاشوا المحن بسبب ما تلقوه من تهديدات قبل الأحداث وبعدها. وينضاف إلى ذلك معاناتهم من الفزع المرتبط بضرورة الفرار السريع من بلدهم بسبب الخطر. وعلاوة على ذلك، أدّى عدم تحقيق العدالة بعد مرور أكثر من عشر سنوات، على الرغم من اتخاذ خطوات عديدة في هذا الصدد، إلى تواصل حالة الفزع داخل الأسرة التي لم تستطع قط إقامة حدادها. وحالة الشك والترقّب الناجمة عن إنكار السلطات للعدالة وتبنيها مواقف سلبية وعدم مبالاتها، من خلال عدم تقديمها تفسيراً لحالة الإجراءات وعدم ضمانها اطلاع أصحاب البلاغ على ملف القضية، إنما تزيد من المعاناة الشديدة للأسرة. ويؤكد أصحاب البلاغ أن المعاناة التي تكبدوها، إلى جانب عدم إجراء الدولة الطرف التحقيق السريع والشامل والفعال، تشكّل معاملة مخالفة لأحكام المادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) من العهد.

3 - 5 وبالإضافة إلى ذلك، تعرضت الحياة الخاصة لأصحاب البلاغ وأسرهم ومنازلهم لعديد التدخلات غير القانونية في السنوات التي سبقت جريمة القتل وتلتها. وقد أسفرت التهديدات ومحاولات الترهيب العديدة عن إرباك حياتهم الأسرية بين عامي 2003 و 2005 . وفي 31 تموز/يوليه 2005 ، اقتُحم منزل الأسرة في منتصف الليل من قبل رجال مسلحين جرى التعرف على هويتهم على أنهم موظفون حكوميون. وبعد وفاة باسكال كابونغولو ، الزوج والأب، لم يحصل أصحاب البلاغ على أي حماية لأسرتهم. وعلاوة على ذلك، أجبرهم التهديدات على الفرار من بلدهم واللجوء أولاً إلى أوغندا ثم إلى كندا، تاركين وراءهم كل شيء. ولذلك، تشكّل هذه الأحداث تدخلاً خطيراً غير قانوني وتعسّفي في حياتهم الخاصة وفي حرمة أسرهم ومنازلهم، بما يشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادتين 7 و 17 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) والمادة 23 من العهد.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - في 18 شباط/فبراير 2016 و 3 شباط/فبراير 2017 و 28 أيار/مايو 2018 و 14 أيلول/سبتمبر 2018 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف أن توافيها بتعليقاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتأسف اللجنة لعدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات عن مقبولية ادعاءات أصحاب البلاغ أو أسسها. وتذكِّر اللجنة بأن المادة 4 (الفقرة 2 ) من البروتوكول الاختياري تلزم الدول الأطراف بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وبأن توافي اللجنة بكلّ ما لديها من معلومات. ونظراً لعدم رد الدولة الطرف، يجب إيلاء ادعاءات أصحاب البلاغ ما تستحقه من اهتمام بقدر ما هي مدعومة بالأدلة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

5 - 2 وقد تأكّدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5 - 3 وبخصوص مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات معمّقة فيما تُبلَّغ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، لا سيما إذا تعلّق الأمر بانتهاك الحق في الحياة، وإنما يشمل أيضاً ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة كل من يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ( ) . وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها القضائية التي تنص على أنه لا بد لصاحب البلاغ، لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، استنفاد جميع سبل الانتصاف القضائية أو الإدارية التي تتيح له فرصة معقولة للانتصاف ( ) . وتحي ط اللجنة علما بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية أي من الادعاءات المقدمة. وتحيط علم اً أيضاً بالمعلومات والوثائق التي قدّمها أصحاب البلاغ بشأن الشكاوى والطلبات الموجّهة عن طريق ممثليهم إلى مختلف سلطات الدولة الطرف، والتي لم يفض أي منها فيما يبدو إلى إتمام المحاكمة الجنائية. وتلاحظ اللجنة أنه انقضت 15 سنة على بدء المحاكمة في قضية اغتيال باسكال كابونغولو في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ، دون البت في الأسس الموضوعية ودون تحديد مكان ملف القضية. وتلاحظ أيضاً أن أصحاب البلاغ أُجبروا على الفرار من البلد وحصلوا على صفة اللاجئ في كندا، بحيث لا يتوقع منهم اتباع سبل انتصاف قانونية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ( ) . ومن ثم، ترى اللجنة عدم وجود ما يمنعها، بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، من النظر في البلاغ.

5 - 4 وتلاحظ اللجنة أن أصحاب البلاغ أثاروا أيضاً انتهاكاً للمادة 9 (الفقرة 1 ) من العهد، لأن الدولة الطرف لم تلتزم بتوفير تدابير الحماية المناسبة لباسكال كابونغولو قبل وفاته. غير أنها ترى أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا ادعاءاتهم بما فيه الكفاية في هذا الصدد، وتلاحظ أن السيد باسكال كابونغولو لم يتخذ على ما يبدو أي إجراء أمام السلطات الوطنية فيما يتعلق بادعاءات المس بأمنه. وبناء عليه، تعتبر اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 والمادة 5 (الفقرة 2 (ب)) من البروتوكول الاختياري.

5 - 5 غير أن اللجنة ترى أن أصحاب البلاغ قدموا ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتهم الأخرى لأغراض المقبولية، وتشرع من ثم في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 2 (الفقرة 3 )، والمادة 6 (الفقرة 1 ) والمواد 7 و 17 و 23 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 (الفقرة 1 ) من البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات أصحاب البلاغ، وتذكر باجتهادها القانوني الذي يقضي بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان بحوزة الدولة الطرف فقط . والدولة الطرف ملزمةٌ ( ) ، بموجب المادة 4 (الفقرة 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات التي تنسب لها ولمن يمثلها ارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبأن توافي اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) . وفي حال لم تقدّم الدولة الطرف أي توضيح في هذا الشأن، فإنه يتعين إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معلّلة بما فيه الكفاية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات أصحاب البلاغ أن باسكال كابونغولو قُتل في 31 تموز/يوليه 2005 على يد ثلاثة رجال بزي عسكري في منزله وبحضور زوجته وأطفاله. وتلاحظ اللجنة بعد ذلك أن المحاكمة الجنائية التي بدأت في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 بشأن قتل باسكال كابونغولو وجّهت التهم بالأساس إلى عسكريين. غير أنه بعد مرور خمسة عشر عاماً، لم يتّخذ أي قرار بشأن الأسس الموضوعية، بل أصبح متعذر اً تحديد مكان ملف القضية. وفي غياب أي تفنيد من الدولة الطرف، تولي اللجنة ادعاءات أصحاب البلاغ المراعاة الواجبة وتخلص إلى أن الدولة الطرف حرمت باسكال كابونغولو من الحق في الحياة في ظروف خطيرة للغاية، إذ يبدو جلي اً أنه تعرض للإعدام خارج إطار القانون على أيدي موظفين حكوميين، مما يشكل انتهاكاً للمادة 6 (الفقرة 1 ) من العهد.

6 - 4 وتحيط اللجنة علماً بما عاناه أصحاب البلاغ من ضيق ومحن جراء إعدام باسكال كابونغولو باعتبارهم أقارب مباشرين. وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف أيضاً عن انتهاك المادة 7 من العهد في حق أصحاب البلاغ ( ) .

6 - 5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يبرر أو يوضح ما إذا كان العسكريون قد اقتحموا منزل أسرة باسكال كابونغولو في منتصف الليل بالقوة ودون أمر قضائي، وعنّفوه بحضور أصحاب البلاغ. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن أصحاب البلاغ تعرضوا للتهديد بعد الاغتيال واضطروا إلى مغادرة البلد لطلب الحصول على صفة لاجئ في كندا. ونظراً لعدم وجود تعليقات من الدولة الطرف وفي ضوء جميع ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن هذه الوقائع تشكل تدخل اً تعسفياً وغير قانوني في خصوصيات أصحاب البلاغ وانتهاك اً لحرمة منزلهم وأسرهم. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت حقوق أصحاب البلاغ التي تكفلها المادة 17 من العهد ‬ ( ) .

6 - 6 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 23 (الفقرة 1 ) من العهد ‬ ( ) .

6 - 7 ويحتج أصحاب البلاغ بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، التي تلزم الدول الأطراف بأن تضمن للأفراد سبل انتصاف متاحة وفعالة وقابلة للإنفاذ من أجل إعمال الحقوق التي يكفلها العهد. وتُذكِّر اللجنة بأنها تولي الأهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن تقاعس دولة طرف عن التحقيق في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك واضح للعهد.

6 - 8 وفي هذه القضية، طلب أصحاب البلاغ، بل وحتى أحد المتهمين، مراراً مواصلة المحاكمة الجنائية المتعلقة بقتل باسكال كابونغولو ، والتي بدأت في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ، لتوضيح ملابسات وفاته. وبدلاً من مباشرة هذه الإجراءات، ورغم أنه كان من الواضح أن تنفيذ الإعدام تم خارج نطاق القضاء من طرف موظفين حكوميين، يبدو أن سلطات الدولة الطرف رفضت المضي فيها بعد إعلان عدم أهلية المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية في 29 آب/أغسطس 2008 . وعلاوة على ذلك، يبدو أن سلطات الدولة الطرف لم تعد قادرة على تحديد مكان ملف القضية، وهو ما يواصل حرمان أصحاب البلاغ من أي سبيل انتصاف فعال لتسليط الضوء على قضية مقتل باسكال كابونغولو . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق باسكال كابونغولو بموجب المادة 2 (الفقرة 3 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 6 من العهد، وانتهاك لحقوق أصحاب البلاغ بموجب المادة 2 (الفقرة 3 ) مقروءة بالاقتران مع المادة 7 منه.

7 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن ارتكاب الدولة الطرف انتهاكات لحقوق باسكال كابونغولو المكفولة بموجب المادة 6 من العهد، وكذلك الفقرة 3 من المادة 2 مقروءةً بالاقتران مع المادة 6 منه. وتلاحظ اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 (الفقرة 3 ) والمادة 17 من العهد.

8 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لأصحاب البلاغ. ويجب على الدولة الطرف أن تمنح تعويضاً كاملاً للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد. وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ التدابير المناسبة من أجل: (أ) أن تواصل بصورة سريعة وفعالة وشاملة ومستقلة ومحايدة وشفافة إجراءات التحقيق والمحاكمة الجنائية في قضية مقتل باسكال كابونغولو ؛ وأن تزوّد أصحاب البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذه الإجراءات؛ و(ب) أن تقاضي المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة وتحاكمهم وتعاقبهم؛ و(ج) أن توفّر التعويض الكافي وتدابير الترضية المناسبة لأصحاب البلاغ. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً بمنع وقوع انتهاكات مماثلة للعهد في المستقبل.

9 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف أقرّت، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد، وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها، أو الخاضعين لولايتها، الحقوق المعترف بها في العهد وبأن توفر سبيل انتصاف فعال في حالة إثبات حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.