الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2521/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 March 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2521/2015 * **

بلاغ مقدم من: إرمك ناريمباييف

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 2 أيلول/سبتمبر 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 8 كانون الثاني/يناير 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: المشاركة في احتجاج سلمي غير مرخص به؛ والمحاكمة العادلة

المسألة الإجرائية: مدى إثبات الادعاءات بالأدلة

المسائل الموضوعية: حرية التعبير؛ وحرية التجمع؛ وضمانات المحاكمة العادلة

مواد العهد: 14 ( 3 )(د) و(ز)، 19 ، 21 .

مادة البروتوكول الاختياري: 2

1 - صاحب البلاغ هو إرمك ناريمباييف ، مواطن كازاخستاني مولود في عام 1970 . وهو يدَّعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقه التي تكفلها المواد 14 ( 3 )(د) و(ز)، و 19 ، و 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 أيلول/سبتمبر 2009 . ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ مدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس لمنظمة غير حكومية معنية بشؤون "العاملين والعاطلين عن العمل". وفي 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، أيَّد تقديم التماس إلى مكتب الأمم المتحدة في ألماتي احتجاج اً على استخدام الاتحاد الروسي منصة إطلاق المركبات الفضائية في مدينة بايكونور لإطلاق صاروخ. ويرى صاحب البلاغ أن الإضرار بالبيئة وصحة شعب كازاخستان من جراء هذا الفعل أمر غير مقبول. ويدعي أن جميع الدول المتحضرة باستثناء الاتحاد الروسي أوقفت استخدام غاز الهبتيل ، الذي يُستعمل في إشعال القذائف. وفي تموز/يوليه 2013 ، انفجر صاروخ، أُشعل بالهبتيل ، بعد دقيقة من إطلاقه وسقط على الأرض. وذكرت شركة التأمين المعنية أن الصاروخ أطلق نحو 500 طن من الوقود الذي يحتوي على الهبتيل والأميل ، وكلاهما من المواد السامة للغاية. ويؤكد صاحب البلاغ أن الهبتيل شديد السمية ويمكنه التفاعل مع العديد من الأجهزة البشرية، مثل الأعضاء الداخلية والجهاز العصبي المركزي والجهاز الدوراني .

2 - 2 وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، حكمت المحكمة الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في ألماتي بتغريم صاحب البلاغ 550 86 تنغي لمشاركته في نشاط غير مرخص به، وذلك بموجب أحكام قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية . وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، أيّدت محكمة الاستئناف الحكم.

2 - 3 وطلب صاحب البلاغ من مكتب الادعاء ومكتب المدعي العام في ألماتي إجراء مراجعة قضائية لقرار محكمة الاستئناف. وفي 25 نيسان/أبريل 2014 ، رأى أحد نواب المدعي العام لمدينة ألماتي عدم وجود مبرر لإجراء مراجعة قضائية للقضية. وفي 14 تموز/يوليه 2014 ، رفض نائب آخر للمدعي العام الالتماس. وبذلك، يفيد صاحب البلاغ بأن جميع سبل الانتصاف المحلية استُنفدت.

2 - 4 ويدعي صاحب البلاغ أن لكل شخص، بموجب المادة 14 ( 3 )(د)، الحق في الدفاع عن نفسه في حضور محام، غير أن ذلك لم يحدث في قضيته. وبالإضافة إلى ذلك، لم تستجوب المحكمة شهود الشرطة الذين أدت شهاداتهم إلى تغريم صاحب البلاغ.

2 - 5 وانتُهكت أيضاً أثناء المحاكمة حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 14 ( 3 )(د) و(ز)، حيث لم يُبلَّغ قط بتاريخ النظر في الاستئناف، الذي جرى في غيابه.

2 - 6 وبالإضافة إلى ذلك، يفيد صاحب البلاغ بأن القضاة تصرفوا بطريقة متحيزة، حيث تجاهلوا حججه وشهادة أحد شهوده، وتجاهلوا كذلك قواعد القانون الوطني والدولي لحقوق الإنسان، وتصرفوا بوضوح لصالح الشرطة. وعاملت المحكمة صاحب البلاغ منذ بداية المحاكمة على أنه مجرم.

2 - 7 ويشير صاحب البلاغ إلى السوابق القضائية للجنة بشأن حرية التعبير، ولا سيما آرائها في قضية أوليشكيفيتش ضد بيلاروس (البلاغ رقم 1785 / 2008 ) وقضية بروتسكو وتولشين ضد بيلاروس (البلاغان رقم 1919 / 2009 ورقم 1920 / 2009 )، التي خلصت فيها اللجنة إلى أن القيود المفروضة على حرية أصحاب البلاغ في التعبير لا مبرر لها.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه التي تكفلها المادة 14 ( 3 )(د) من العهد انتُهكت لأنه لم يُخطر قط بموعد النظر في الاستئناف، ولأن المحكمة نظرت في استئنافه في غيابه. ولم يراع القاضي الذي ترأس جلسة المحكمة الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات في ألماتي أن صاحب البلاغ لم تثبت إدانته قط، ولم يستجوب عدد اً من الشهود الذين لهم صلة بالموضوع.

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ أنه اعترف أثناء المحاكمة بأنه كان حاضراً عند تسليم الالتماس إلى مكتب الأمم المتحدة، ولكنه أنكر أي ذنب. ولم يأخذ القاضي الذي ترأس الجلسة في الاعتبار ما قدمه صاحب البلاغ من ملاحظات مفادها أنه لم ينظم الحدث ولم يتدخل أو يُجر مقابلات وأنه كان مجرد مراقب. وأوضح أيضاً أن قانون المخالفات الإدارية ينطوي على عوامل تعفيه من المسؤولية عن الحدث المعني ( ) .

3 - 3 ويدعي صاحب البلاغ أن المحكمة تجاهلت أن القانون الوطني والدولي على السواء يمنحانه حقاً في المشاركة في تسليم الالتماس. فالمادة 22 من دستور كازاخستان والمادة 19 من العهد تعترفان بحرية التعبير، بما في ذلك الحق في اعتناق آراء والتماس وتلقي ونشر جميع أنواع المعلومات والأفكار وأشكال التعبير الفني، بغض النظر عن الحدود الوطنية، شفوياً أو كتابةً أو عن طريق الصحافة أو بوسائل أخرى.

3 - 4 وكان النشاط الذي جرى في 30 أيلول/سبتمبر 2013 نشاط اً سلمياً لم يشكل تهديداً لأمن الدولة ولم ينتهك حقوق الآخرين أو حرياتهم. ولا يجوز، بموجب المادة 21 من العهد، فرض قيود على ممارسة الحق في التجمع السلمي إلا تلك التي تُفرض طبق اً للقانون وتكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن القومي أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتفيد اللجنة بأنه لا ينبغي للدول، عند فرض قيود، أن تعرِّض للخطر مبدأ الحق في حرية التجمع. وينبغي أن يوجد ما يبرر ضرورة فرض القيود بموجب أحد الاستثناءات المذكورة أعلاه.

3 - 5 وبموجب حكم المحكمة العليا الصادر في 10 تموز/يوليه 2008 ، يقع على كازاخستان التزام بحماية حقوق وحريات جميع الأشخاص الخاضعين لولايتها، بما يتوافق مع الدستور والالتزامات الدولية للدولة.

3 - 6 ويرى صاحب البلاغ أن الهدف من الغرامة التي فُرضت عليه هو معاقبته على تسليمه التماساً إلى مكتب الأمم المتحدة في ألماتي ، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقه في حرية التعبير وحرية التجمع اللتين تكفلهما المادتان 19 و 21 من العهد. ولم تقدم السلطات ما يبرر ضرورة فرض القيود.

3 - 7 ويرى صاحب البلاغ أن تسليم التماس لا يمكن أن يوصف بأنه تجمع، إذ لم يحضر ذلك النشاط سوى خمسة أو ستة أشخاص. ولا يمكن أن تكون مشاركته كمراقب مبرراً لدفع غرامة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُقدم أي دليل، ولا تتناسب استنتاجات المحكمة مع الظروف الوقائعية للقضية. واستندت المحكمة في قرارها بإدانة المتهم إلى تقرير الشرطة بشأن ارتكاب جريمة. ولم يشكل تقديم الالتماس أي تهديد للأمن القومي أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وهكذا، يرى صاحب البلاغ أن المنظمين لم يكن يتعين عليهم إبلاغ السلطات بالإجراء المزمع اتخاذه.

3 - 8 ويرى صاحب البلاغ أن الدول لا يجب عليها فحسب أن تكفل الحق في التجمع السلمي، بل أن تتجنب أيضاً فرض قيود غير مباشرة لا مبرر لها على إعمال ذلك الحق.

ملاحظات مقدمة من الدولة الطرف

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 1 نيسان/أبريل 2015 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتسرد الدولة في هذه المذكرة وقائع القضية على النحو التالي: في نحو الساعة 11 من يوم 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، نظم صاحب البلاغ بالاشتراك مع أعضاء منظمة غير حكومية، دون إذن مسبق من السلطات المحلية وبهدف جذب انتباه المواطنين، احتجاجاً أمام مبنى الأمم المتحدة في ألماتي للتنديد باستخدام غاز الهبتيل في إشعال صواريخ البروتون التي أُطلقت من منصة إطلاق المركبات الفضائية في مدينة بايكونور . ووزع صاحب البلاغ منشوراً من مقاس A3 كُتب عليه "إذا أذنت الحكومة بصواريخ البروتون، فأنا أعارضها".

4 - 2 وأوضح ممثلو مكتب المدعي العام للمشاركين في هذا الإجراء أن شروط قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية يجري انتهاكها، ولكن المشاركين لم يستجيبوا للاقتراح الداعي إلى وقف أعمالهم غير المشروعة.

4 - 3 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2013 أيضاً، حُرر في حق صاحب البلاغ محضر رسمي بشأن ارتكاب جريمة، وذلك بموجب المادة 373 ( 3 ) من قانون المخالفات الإدارية. وأصدرت المحكمة الإدارية المتخصصة المشتركة بين الدوائر في ألماتي حكماً في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2013 بتغريم صاحب البلاغ 550 86 تنغي. وقد ثبتت إدانة صاحب البلاغ على النحو الواجب، استناداً إلى المحضر الرسمي المذكور أعلاه المؤرخ 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، بعد أن أجرت المحكمة تقييماً لإفادات صاحب البلاغ، وشهادات الشهود، وغير ذلك من الأدلة الواردة في الملف.

4 - 4 وطعن صاحب البلاغ في ذلك الحكم. وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، أيدت محكمة مدينة ألماتي حكم المحكمة الابتدائية.

4 - 5 واستأنف صاحب البلاغ الحكم أمام مكتب الادعاء ومكتب المدعي العام لمدينة ألماتي ، وطلب إجراء مراجعة قضائية لقرارات المحكمة الصادرة في القضية. ولم ير مكتب المدعي العام سبباً لإجراء هذه المراجعة.

4 - 6 وتعتقد الدولة الطرف أن البلاغ الذي قدمه صاحب البلاغ لا يقوم على أي أساس ولا يمكن قبوله. وقد ثبت على النحو الواجب في المحكمة أن صاحب البلاغ شارك في تسليم التماس في إطار نشاط غير مصرح به بالقرب من مبنى الأمم المتحدة في يوم 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، ولم يعترض صاحب البلاغ على ذلك. غير أن صاحب البلاغ يعترض على أن أفعاله تشكل جريمة، حيث يرى أنه لم يشارك إلا بصفة مراقب وكان يمارس فقط حقه في التجمع السلمي وحقه في حرية التعبير.

4 - 7 غير أنه ثبت في الوقت نفسه، من خلال إفادات الشهود ومواد أخرى في ملف القضية، أن صاحب البلاغ كان أحد منظمي النشاط ومن أبرز المشاركين فيه، وشملت مشاركته في النشاط حمل يافطة.

4 - 8 وبصورة عامة، يمكن فرض قيود على الحق في حرية التعبير. فالمادة 19 ( 3 ) من العهد توضح أن بالإمكان تقييد هذا الحق إذا نص القانون على ذلك وكانت القيود ضرورية لكفالة أمرين هما: (أ) احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ (ب) حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

4 - 9 وتحمي المادة 21 من العهد الحق في التجمع السلمي. ويخضع هذا الحق أيضاً للقيود المنصوص عليها في القانون والتي تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي للحفاظ على الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

4 - 10 وقد نُقلت هذه الشروط إلى القانون الوطني. فالمادة 32 من الدستور تحمي الحق في التجمع السلمي. ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا بموجب القانون ولمصلحة أمن الدولة أو النظام العام أو الدفاع أو الصحة، ولحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتشترط المادة 2 من قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية أن تُنظم هذه الأحداث بإذن من السلطات المختصة. وتنص المادة 9 من القانون نفسه على اعتبار منتهكي هذه الشروط مسؤولين إدارياً بموجب القانون.

4 - 11 وبالتالي، فإن الاجتماعات والتجمعات والمسيرات والاعتصامات السلمية والأنشطة الأخرى المماثلة ليست محظورة في كازاخستان بل تخضع للتنظيم، بوسائل منها فرض قيود معينة.

4 - 12 وتعترف المصادر الديمقراطية للقانون المكتوب، مثل توصيات مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بالحاجة إلى فرض قيود معينة على الحق في حرية تكوين الجمعيات.

4 - 13 وتلاحظ الدولة الطرف أن ممارسة بعض شرائح المجتمع للحق في حرية التجمع قد أضرت بالدول في السنوات الأخيرة في أوروبا. فقد حدثت مثلاً مذابح، وتدهور في ممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة، وانقطاع في عمل شبكات الأعمال التجارية والنقل. وكانت هذه الأعمال تبدأ دائماً كتجمعات سلمية. ومن ثم، يجب تنظيم - لا منع - عقد مثل هذه الأنشطة، بطرق منها مطالبة المنظمين بالحصول على إذن من السلطات المختصة.

4 - 14 وفيما يتعلق بالقضية قيد النظر، تلاحظ الدولة الطرف أن القيام بهذه الأعمال العفوية غير المأذون بها في أماكن غير مناسبة، مثل الأماكن ذات حركة المرور الكثيفة أو الأماكن التي قد يؤدي التعبير فيها عن الرأي إلى ردود فعل عنيفة من قِبل أفراد آخرين في المجتمع، قد يخل بالهدوء والسلامة في المناطق المحيطة وبسير العمل الطبيعي لمرافق النقل والهياكل الأساسية. وهكذا، كان من الواضح أن الإجراء الذي شارك صاحب البلاغ في تنظيمه قد أخل بالنظام العام، وشكَّل تهديداً لصحة وسلامة صاحب البلاغ نفسه وآخرين أيضاً، ويشكل كذلك تهديداً خطيراً للأمن العام.

4 - 15 وينطوي التمتع بحرية التعبير وحرية التجمع على التزامات ومسؤوليات معينة، لأن إساءة استغلالهما يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة. فمن الممكن أن يعطلا الأداء الطبيعي لشبكات النقل وأن ينجم عنهما اضطراب جماعي وأشكال أخرى من السلوك المعادي للمجتمع. ولهذا السبب، فُرضت قيود على هذين الحقين، بوسائل منها تحديد المسؤولية الإدارية عن انتهاكات القانون المنظم لهذه الأحداث. وبفضل تدخل الشرطة في الوقت المناسب، لم تحدث أي عواقب وخيمة نتيجة للفعل غير القانوني الذي قام به صاحب البلاغ.

4 - 16 وتضيف الدولة الطرف أن الحق في حرية التجمع والحق في عقد اجتماعات، في العديد من البلدان المتقدمة، مقيد بقوانين خاصة. وفي كازاخستان، حددت السلطات المحلية أماكن معينة لعقد الاجتماعات.

4 - 17 وتلاحظ الدولة الطرف أن تنظيم تجمع في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، يتطلب تقديم طلب قبل عقد التجمع بـ 45 يوماً، مع بيان دقيق لخط السير؛ ويجوز للسلطات أن تحدد مساراً آخر. وفي السويد، يُدرج منظمو الاجتماعات التي رُفضت أو فُضت في قائمة سوداء. وفي فرنسا، يجوز للسلطات أن ترفض عقد أي اجتماع. وفي المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، يجوز فرض وقف مؤقت للاجتماعات، ولا يجوز عقد الاجتماعات إلا بإذن من الشرطة. وفي ألمانيا، يجب أن يصدر أولاً إذن من السلطات بتنظيم أي نشاط جماهيري أو تجمع أو مظاهرة، سواء في الأماكن المغلقة أم المفتوحة.

4 - 18 وهكذا، فإن التنظيم القانوني للأنشطة الجماهيرية في كازاخستان يتطابق تمام اً مع قواعد القانون الدولي، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد، ويتطابق كذلك مع الممارسة في الديمقراطيات المتقدمة.

4 - 19 وتوضّح الدولة الطرف ممارستها فيما يتعلق بالأنشطة الجماهيرية. فيجب أن يقدم منظمو النشاط المخطط له طلباً إلى الهيئة التنفيذية المحلية. وتجيز المادة 9 من قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية محاسبة منتهكي القانون.

4 - 20 ويُستشف من المواد التي يضمها ملف القضية عدم صدور أي ترخيص من أي مسؤول محلي بشأن عقد أي اجتماع أو تجمع أو اعتصام في 30 أيلول/سبتمبر 2013 بجوار مبنى الأمم المتحدة في ألماتي . ولا يعترض على هذه الحقيقة صاحب البلاغ، الذي قرر عمداً انتهاك القانون. وقد أجرت المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف تقييماً لحجة صاحب البلاغ أنه لم يرتكب أي جريمة بمشاركته النشطة في اجتماع غير مرخص، وأعلنت المحكمتان أن حجته لا أساس لها. ولم يُعاقب صاحب البلاغ لأنه أعرب عن رأيه بحرية، بل لأنه انتهك الأمر المتعلق بتنظيم أنشطة اجتماعية - ثقافية على النحو الذي ينص عليه القانون.

4 - 21 وتفيد الدولة الطرف بأن المحكمة قد نظرت في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة - وهي أنه لم يُبلَّغ بحقه في أن يمثله محامٍ، وأن جلسة الاستئناف عُقدت في غيابه - وأنها أعلنت أنها لا تقوم على أي أساس. وتجدر الإشارة إلى أن صاحب البلاغ ق تلقى، لدى إعداد المحضر الإداري للجريمة وأثناء المحاكمة، شرح اً لحقوقه، وأنه لم يطلب تعيين محام للدفاع عنه. وقد أطلعت المحكمة الابتدائية صاحب البلاغ على جميع حقوقه الإجرائية بموجب المادة 584 من قانون المخالفات الإدارية، بما في ذلك حقه في أن يمثله محام. ويشهد على ذلك توقيع صاحب البلاغ على الاستمارة ذات الصلة.

4 - 22 وتورد المادة 589 من قانون المخالفات الإدارية قوائم بالحالات التي يكون فيها حضور محامي الدفاع إلزامياً. ولا تبرر ظروف هذه القضية إدراجها في تلك القائمة.

4 - 23 وتجيز المادة 584 ( 2 ) من قانون المخالفات الإدارية النظر في أية قضية في غياب المتهم إذا وُجدت معلومات تفيد بأنه أُبلغ على النحو الواجب بمكان الجلسة ووقتها، وإذا لم يرد طلب بالتأجيل. وقد اقتنعت محكمة الاستئناف بأن صاحب البلاغ أُخطر على النحو الواجب وقررت، نظراً لعدم ورود طلب تأجيل، المضي في النظر في الاستئناف في غياب صاحب البلاغ.

4 - 24 وعلاوةً على ذلك، تعتقد الدولة الطرف أيضاً أن القضية غير مقبولة لأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة. فهو، مثلاً، لم يطلب مباشرة إلى المدعي العام إجراء مراجعة قضائية للطعن في قرار نائب المدعي العام.

4 - 25 وفي الختام، ترى الدولة الطرف أن سلطاتها احترمت أحكام العهد، عندما اعتبرت صاحب البلاغ مسؤولاً عن ارتكاب جريمة إدارية. وبذلك فإن البلاغ لا تدعمه أدلة ولا يمكن قبوله.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 قدم صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 21 أيار/مايو 2015 ، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يؤكد أن تسليم الالتماس في 30 أيلول/سبتمبر 2013 لم يشكل تهديداً للدولة أو للأمن العام، ولم ينتهك النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. بل إن القضايا التي أثيرت أثناء الحملة تتعلق بحماية الأمن العام والصحة العامة. فالهبتيل يحتوي على مواد شديدة السمية يمكن أن تؤثر سلبياً على صحة الإنسان. وقد تخلت جميع البلدان المتحضرة، بما فيها الاتحاد الروسي، عن استخدام الهبتيل في أراضيها. وفي المناطق التي لا يزال الغاز يُستخدم فيها، يعاني الناس من مجموعة واسعة من الأمراض. وقد أعدّت مجموعة من الناشطين التماس اً ضد استخدام الاتحاد الروسي للهبتيل في كازاخستان وأرادوا تسليمه إلى مكتب الأمم المتحدة في ألماتي . وقد حضر صاحب البلاغ، وهو ناشط ورئيس منظمة غير حكومية، لدعم هذا العمل عندما علم به من مواقع التواصل الاجتماعي.

5 - 2 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الحق في حرية التعبير والحق في التجمع يجوز تقييدهما. بيد أن الدولة الطرف لم توضح سبب عدم تمكن مواطن من التعبير عن رأيه أو سبب منع تجمع سلمي وفرض غرامة إدارية على المشاركين فيه. لقد أرادت السلطات قمع مشاركة المجتمع المدني وإخطار المواطنين بأنه لا يجوز لهم التعبير عن رأيهم أو المجاهرة بمطالبهم.

5 - 3 ويشير صاحب البلاغ إلى المبادئ التوجيهية لعام 2007 بشأن حرية التجمع السلمي ، الصادرة عن مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تقضي بأن الحق في حرية التجمع السلمي حق أساسي وينبغي التمتع به دون تنظيم خارجي قدر الإمكان. ولا يجب أن يُشترط على الراغبين في المشاركة في تجمع سلمي الحصول على إذن. وينبغي أن تنص التشريعات بشكل لا لبس فيه على افتراض لصالح حرية التجمع. ويجب على الدول أن تحمي التجمعات السلمية وأن توفر مجموعة آليات وإجراءات تكفل التنفيذ العملي الفعال لحرية التجمع، دون تنظيم بيروقراطي لا مبرر له. ويجب أن تكون القيود على حرية التجمع متناسبة. ويجب على السلطات أن تختار أقل شكل من أشكال التدخل حدةً في عرقلة الحق في التجمع السلمي.

5 - 4 ويدعي صاحب البلاغ أن التسليم العلني للالتماس كان وسيلة للتعبير عن رأي، وهي وسيلة لا تهدد سلطة الدولة أو النظام العام، ولذلك لم يكن من الضروري اعتراضها.

5 - 5 ويوضح صاحب البلاغ أن قمع النشاط المدني قد تكون له عواقب مأساوية. وهو يستشهد، في سياق تأييد ذلك الرأي، بتقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات عن زيارته إلى كازاخستان، الذي أشار في عام 2015 إلى أن الأشخاص الذين لا يمكنهم التعبير عن عدم الرضا سلمياً هم عرضة للتعبير عن رأيهم باستخدام العنف أو عرضة لأن يجدوا عزاءهم في الفكر المتطرف ( ) .

5 - 6 ويتناول صاحب البلاغ الأمثلة التي ضربتها الدولة الطرف لبلدان أخرى تفرض ضوابط على حرية التجمع. ففيما يتعلق بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يجب تقديم طلب يبين مسار التجمع قبل 45 يوماً من تنظيمه، يشير صاحب البلاغ إلى أن هذا الحق لا يمكن إعماله في كازاخستان، لأن السلطات حددت الساحة القريبة من سينما "Sary-Arka" في ألماتي كموقع لعقد التجمعات الجماهيرية. وهكذا لا توجد للكيانات الخاصة في ألماتي ، وفي أماكن أخرى، سوى منطقة واحدة مخصصة للتجمعات الجماهيرية.

5 - 7 ويضيف صاحب البلاغ أنه رغم أن الطعن في أي استئناف أمام مكتب الادعاء ليس سبيل انتصاف فعالاً، فإنه قدم طعناً أمام ذلك المكتب وإلى المدعي العام.

5 - 8 ويفيد صاحب البلاغ بأن القضاة الذين نظروا في قضيته تبنَّوا على الفور موقف السلطات، دون مراعاة المعايير الدولية وبتجاهل طلبات صاحب البلاغ الشفوية، مما يشكل انتهاكاً للمادة 14 من العهد. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُحتفظ بأي محضر للمحاكمة. ولم يتمكن صاحب البلاغ من تقديم أي طلبات خطية. ولا يتضمن ملف القضية ما يفيد بأنه رفض تلقي المساعدة من محام. وإضافةً إلى ذلك، لم يُبلَّغ صاحب البلاغ بتاريخ ومكان جلسة الاستئناف، ونتيجة لذلك لم يحضر تلك الجلسة ولم يتمكن من الدفاع عن مصالحه في المحكمة.

5 - 9 ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف ترفض النظر في موضوع انتهاك حقه في حرية التعبير وحقه في التجمع السلمي.

5 - 10 ولتحسين الوضع في كازاخستان، يقترح صاحب البلاغ، في جملة أمور، ما يلي: (أ) أن تعتمد السلطات قانوناً جديداً بشأن حرية التجمع السلمي يتوافق مع الدستور والمعايير الدولية؛ (ب) أن يشترط القانون الجديد على المنظمين إخطار السلطات – لا التماس الإذن منها - و أن يتخذ الإخطار شكل خطاب أو أي شكل من أشكال الرسالة الإلكترونية أو وسائل الاتصال الأخرى؛ (ج) أن تلتزم السلطات الحكومية المحلية بالإقرار باستلام الإخطار في يوم استلامه، وأن يُنشر جدول زمني على شبكة الإنترنت في مواقع التواصل الاجتماعي، لأغراض الشفافية، أو أن تحتفظ به السلطات المحلية؛ (د) أن تُقدم الإخطارات في غضون مدة تمتد من 45 يوماً إلى ثلاثة أيام قبل تنظيم النشاط؛ (ه) أن تقرر المحكمة ما يُفرض على التجمعات من قيود أو حظر. وينبغي أن يقع عبء إثبات وجود أسباب لمنع التجمع على عاتق السلطات الحكومية المحلية ("الجهة الحاكمة" على وجه التحديد).

ملاحظات إضافية

من الدولة الطرف

6 - أفادت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 30 تموز/يوليه 2015 ، بعدم وجود ملاحظات أخرى لديها، وأحالت إلى رسالتها الأولى. وتؤكد الدولة الطرف مجدداً عدم حدوث أي انتهاك لحقوق صاحب البلاغ، وتدفع بأنه ينبغي إعلان عدم مقبولية القضية.

من صاحب البلاغ

7 - 1 قدَّم صاحب البلاغ تعليقات إضافية في رسالة مؤرخة 14 أيلول/سبتمبر 2015 . ويشير إلى أنه، عقب تقديم البلاغ المتعلق بقضيته إلى اللجنة، تعرض للاعتقال الإداري في تموز/يوليه وآب/ أغسطس 2015 لمدة 15 يوماً و 20 يوماً على التوالي، بسبب عقد اجتماعات أخرى غير مرخصة.

7 - 2 ويكرر صاحب البلاغ أن تدني الوضع المتعلق بحرية التجمع في الدولة الطرف سُجِّل في عام 2015 من قِبل المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات. فقد لاحظ المقرر الخاص في تقريره، في جملة أمور، أنه على الرغم من أن الدستور يكفل الحق في التجمع السلمي، فإن نهج السلطات في تنظيم حرية تكوين الجمعيات يجرد هذا الحق من معناه. ويُلزِم قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية منظمي أي اجتماع بالحصول على إذن من السلطات المحلية قبل عشرة أيام على الأقل من تاريخ الحدث المقرر.

7 - 3 وبالإضافة إلى ذلك، يرى صاحب البلاغ أن حظر عقد تجمعات سلمية في جميع الأماكن عدا مكاناً واحداً يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

7 - 4 ويشير صاحب البلاغ إلى أن السلطات اعترفت بأن أحكام قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية تتعارض مع القانون الدولي. ففي عام 2007 ، خلصت لجنة حقوق الإنسان، وهي هيئة استشارية في المكتب التنفيذي للرئيس، إلى أن القانون لا يفي بالمعايير الدولية. وفي عام 2010 ، قبلت كازاخستان، في إطار الاستعراض الدوري الشامل، توصيات تدعو إلى اعتماد قانون جديد أقل تقييداً بشأن التجمعات الجماهيرية. وقد أكدت السلطات هذه النية في عام 2014 في إطار الاستعراض الدوري الشامل ( ) .

من الدولة الطرف

8 - أشارت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 4 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، إلى عدم وجود ملاحظات أخرى لديها. وهي تكرر موقفها السابق وتشدد على أنه ينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ.

من صاحب البلاغ

9 - في رسالة مؤرخة 31 كانون الثاني/يناير 2016 ، يكرر صاحب البلاغ تعليقاته السابقة بكاملها.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

10 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

10 - 2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

10 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية البلاغ، لأن صاحب البلاغ لم يقدم مباشرة إلى المدعي العام، في إطار إجراءات المراجعة القضائية أمام المحكمة العليا، طعن اً في قرار نائب المدعي العام رفض طلب مراجعة القضية. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحب البلاغ أنه قدم في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 طلباً إلى مكتب الادعاء في ألماتي ثم إلى مكتب المدعي العام في إطار إجراءات المراجعة القضائية. وقد رفض مكتب الادعاء الالتماس الأول ورفض نائب المدعي العام الالتماس الثاني. وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي الذي قضت فيه بأن تقديم التماس إلى مكتب الادعاء ، الذي يخضع للسلطة التقديرية للمدعي العام، لإجراء مراجعة قضائية لقرارات محكمة دخلت حيز النفاذ، لا يشكل سبيل انتصاف استثنائياً ينبغي استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

10 - 4 وادعي صاحب البلاغ فقط انتهاك حقوقه التي تكفلها المادة 14 من العهد. وهو يدعي، تحديداً، ما يلي: (أ) أنه لم يُخطر بتاريخ النظر في استئنافه؛ (ب) أن القاضي الذي ترأس الجلسة لم يأخذ في الاعتبار عدم إثبات التهمة التي أُدين بها ؛ (ج) أن الشهود لم يُستجوبوا؛ (د) أنه عومل كمجرم منذ بداية المحاكمة؛ (ه) أنه لم يُعيَّن له محامٍ. غير أن اللجنة تلاحظ إفادة الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة قد نظرت فيها المحكمة وأعلنت عدم استنادها إلى أي أساس ، وأن إدانته قد أُثبتت بالكامل استناد اً إلى محضر المخالفة الإدارية وأقوال صاحب البلاغ وشهادات الشهود وأدلة أخرى في الملف، وبأن صاحب البلاغ أُخطر على النحو الواجب بتاريخ النظر في استئنافه. وبالنظر إلى عدم تقديم أي معلومات إضافية أو تفاصيل أخرى تدعم الادعاءات، وفي ضوء التوضيح الذي قدمته الدولة الطرف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت بأدلة كافية هذا الجزء من ادعائه لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

10 - 5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بأدلة كافية ادعاءاته المقدمة بموجب المادتين 19 و 21 من العهد لأغراض المقبولية. وبناءً عليه، تعلن قبول هذه الادعاءات وتنتقل إلى النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

11 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

11 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع، الذي تكفله المادة 21 من العهد، قد انتُهك بفرض غرامة عليه بسبب مساعدته في تسليم التماس إلى مكتب الأمم المتحدة في ألماتي في 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، وأن كلاً من الشرطة والمحاكم لم تحاول تبرير القيود التي فُرضت على حقوقه استناداً إلى أي هدف من الأهداف المشروعة المنصوص عليها في المادة 21 من العهد.

11 - 3 وتشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي هو حق أساسي من حقوق الإنسان لا يستغني عنه الفرد للتعبير علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي ( ) . ويستتبع الحق في التجمع السلمي إمكانية المشاركة في تجمع سلمي بقصد تأييد أو رفض قضية معينة أو أخرى. ويمكِّن حق الإنسان الأساسي في التجمع السلمي الأفراد من التعبير الجماعي عن آرائهم والمشاركة في تشكيل مجتمعاتهم. والحق في التجمع السلمي مهم في حد ذاته لأنه يحمي قدرة الناس على ممارسة الاستقلال الذاتي الفردي في إطار من التضامن مع الآخرين. ويشكل هذا الحق أيضاً، إلى جانب حقوق أخرى ذات صلة، الركيزة الأساسية لأي نظام حكم تشاركي قائم على الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية ( ) . ولا يجوز تقييد هذا الحق إلاّ إذا كان التقييد منصوصاً عليه في القانون وكان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لمصلحة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

11 - 4 وتذكِّر اللجنة بأنه إن جاز في حالات معينة تقييد الحق في التجمع السلمي، فإن عبء تبرير أي قيود يقع على عاتق السلطات ( ) . ويجب أن تكون السلطات قادرة على إثبات أن أي قيد من القيود المفروضة يفي بشرط المشروعية، وأنه أيضاً ضروري لأساس واحد على الأقل من الأسس المسموح بها لفرض القيود المذكورة في المادة 21 ومتناسب معه، على النحو المبين أدناه. ويمثل عدم الوفاء بهذه المسؤولية انتهاكاً للمادة 21 ( ) . وينبغي أن يكون الهدف من فرض أية قيود على ممارسة أي حق هو تيسير ممارسة هذا الحق لا السعي إلى وضع قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على ممارسته ( ) .

11 - 5 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن المادة 21 من العهد توجب أن يكون فرض أية قيود ضروري اً في مجتمع ديمقراطي. ويجب أيضاً أن تكون القيود هي الأقل تدخلاً من بين التدابير التي قد تؤدي وظيفة الحماية ذات الصلة ( ) . وعلاوة على ذلك، يجب أن تكون هذه القيود متناسبة، وهو ما يتطلب تقييمها من خلال الموازنة بين طبيعة التدخل وتأثيره الضار على ممارسة الحق، من جهة، والفائدة المترتبة على أحد أسباب التدخل، من جهة أخرى. وفي حال رجحان الضرر على الفائدة، يكون التقييد غير متناسب وبالتالي غير مسموح به ( ) .

11 - 6 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أنه عندما تفرض دولة ما قيداً على الحقوق التي يكفلها العهد، يجب على الدولة أن تثبت أن هذا القيد ضروري في الحالة المعنية. ولا بد أن تكون أية قيود تُفرض على الحقوق التي تكفلها المادة 21 من العهد متفقة مع معياري الضرورة والتناسب الصارمين وأن تُطبق فقط للأغراض التي وُضعت من أجلها وأن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي اقتضى فرضها ( ) .

11 - 7 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن القيام بعمل عفوي غير مرخص في أماكن غير مناسبة ذات حركة مرور كثيفة أو قد يثير التعبير عن الرأي فيها، كما في هذه القضية، ردود فعل عنيفة من جانب أفراد آخرين من المجتمع، من شأنه أن ينتهك الهدوء والسلامة في المناطق المحيطة وأن يخل بسير العمل العادي لمرافق النقل والهياكل الأساسية. وتلاحظ اللجنة، في هذا الصدد، أن إمكانية أن يثير تجمع سلمي ردود فعل سلبية أو حتى عنيفة من جانب بعض أفراد الجمهور ليس سبباً كافياً لحظر التجمع أو تقييده ( ) . ويقع على عاتق الدول التزام باتخاذ جميع التدابير المعقولة التي لا تفرض عليها أعباء غير متناسبة لحماية جميع المشاركين وللسماح بعقد هذه التجمعات دون إعاقتها ( ) .

11 - 8 وتلاحظ اللجنة أن كلاً من الدولة الطرف والمحاكم المحلية لم تحتج بأية أسباب محددة، على النحو الذي تقتضيه المادة 21 من العهد، لدعم ضرورة فرض القيود على صاحب البلاغ ( ) . ولم توضح الدولة الطرف، في ظروف هذه القضية تحديداً، لماذا اعتُبر الحصول على إذن رسمي مسبق من السلطات المحلية قبل تسليم التماس بالاشتراك مع خمسة أو ستة أشخاص آخرين إجراءً ضرورياً لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن اشتراط طلب إذن من السلطات يقوض فكرة أن التجمع السلمي حق أساسي ( ) . فنظم الإخطار التي تُلزِم الراغبين في تنظيم تجمع سلمي بإبلاغ السلطات مسبقاً به وبتقديم تفاصيل عن بعض سماته البارزة هي نظمٌ يجوز العمل بها بالقدر اللازم لمساعدة السلطات على تيسير عقد التجمعات السلمية بسلاسة وحماية حقوق الآخرين ( ) . ولم تثبت الدولة الطرف أيضاً أن التدبير المتخذ، أي إدانة صاحب البلاغ وفرض غرامة عليه بموجب المادة 373 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية، هو الإجراء الأقل تدخلاً في طبيعته أو أنه متناسب مع المصلحة التي تسعى الدولة الطرف إلى حمايتها ( ) . وترى اللجنة، في ظروف هذه القضية، أنه لم يثبت أن القيود التي فُرضت على صاحب البلاغ مبررة بموجب هدف مشروع أو أنها ضرورية لتحقيق ذلك الهدف ومتناسبة معه وفقاً للشروط المنصوص عليها في المادة 21 من العهد. ولذلك تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 21 من العهد انتُهكت.

11 - 9 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير، الذي تكفله المادة 19 من العهد، انتُهِك أيضاً. لذا، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كانت القيود التي فُرضت على صاحب البلاغ تندرج ضمن القيود التي يجوز فرضها بموجب المادة 19 ( 3 ) من العهد.

11 - 10 وترى اللجنة أن معاقبة صاحب البلاغ بسبب إعرابه عن آرائه عن طريق المشاركة في تقديم التماس احتجاج هو تدخل في حقه في نقل مختلف ضروب المعلومات والأفكار، الذي تكفله المادة 19 ( 2 ) من العهد. وتذكِّر اللجنة بأن المادة 19 ( 3 ) من العهد تسمح بفرض قيود معينة، إذا كانت منصوصاً عليها في القانون وكانت ضرورية لحماية حقوق الآخرين وسمعتهم أو لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وقد ذكرت اللجنة في تعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) أن ممارسة هذه الحريات شرط لا غنى عنهما لتحقيق النماء الكامل للفرد، وعنصر أساسي لأي مجتمع، وركن أساسي في كل مجتمع حر وديمقراطي. ويجب أن يتوافق أي قيد على ممارسة هذه الحريات مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارمين. ويجب ألا تُطبق هذه القيود إلا للأغراض التي وُضعت من أجلها وأن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي اقتضى فرضها. وتُذكّر اللجنة بأنه يقع على عاتق الدولة الطرف أن تثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد ( ) .

11 - 11 وفيما يتعلق بتقييد حرية صاحب البلاغ في التعبير، تذكّر اللجنة بأن الخطاب السياسي يتمتع بمستوى عالٍ من التيسير والحماية بوصفه شكلاً من أشكال التعبير ( ) . وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه عوقب بسبب مشاركته في تسليم التماس إلى مكتب الأمم المتحدة في ألماتي ، احتجاجاً على استخدام الاتحاد الروسي للهبتيل في إشعال الصواريخ التي أطلقت من بايكونور ، كازاخستان. ونظراً لعدم ورود أي معلومات ذات صلة من الدولة الطرف توضح كيف يتفق التقييد المفروض مع أحكام المادة 19 ( 3 ) من العهد، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 19 ( 2 ) من العهد.

12 - واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للمادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك كازاخستان لحقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد.

13 - والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي ذلك منها أن تمنح الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الإجراءات المناسبة لتقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ ورد قيمة الغرامة التي فُرضت عليه وأي تكاليف قانونية تكبدها. ويقع على الدولة الطرف التزام أيضاً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تكرر اللجنة أن الدولة الطرف ينبغي لها، وفقاً لالتزامها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، أن تراجع تشريعاتها وممارساتها من أجل ضمان التمتع الكامل على أراضيها بالحقوق التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد ( ) .

14 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، عندما أصبحت طرفاً في البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك لأحكام العهد أم لا وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة التثبت من حدوث انتهاك، فإنها تعرب عن رغبتها في أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ آرائها. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر آراء اللجنة وترجمتها إلى اللغات الرسمية للدولة الطرف ونشرها على نطاق واسع.