الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2547/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

3 February 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2547 / 2015 * **

المقدم من: أرمان كولومبيتوف (يمثله محامٍ من المنظمة غير الحكومية "مؤسسة الروح حق "(Ar.Rukh.Khak))

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: 2 أيلول/سبتمبر 2014 ( تاريخ تقديم الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 11 كانون الأول/ديسمبر 2014 ( لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

الموضوع: معاقبة صاحب البلاغ على التعبير عن رأيه؛ والمحاكمة غير العادلة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف الداخلية؛ ومدى إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: حرية التجمع؛ وحرية التعبير؛ والمحاكمة العادلة

مواد العهد: 14 ( 3 )( د ) و(ز) و 19 و 21 .

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5 ( 2 )( ب )

1 - صاحب البلاغ هو أرمان كولومبيتوف، وهو مواطن كازاخستاني وُلد عام 1984 . ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 14 ( 3 )( د ) و(ز) و 19 و 21 من العهد. و قد بدأ نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة لكازاخستان في 30 حزيران/يونيه 2009 . ويمثل صاحبَ البلاغ محام .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 صاحب البلاغ رائد أعمال خاص يعيش في ألماتي. وفي 15 شباط/فبراير 2014 ، شارك في مظاهرة سلمية في ألماتي احتجاجاً على تخفيض قيمة العملة الوطنية الكازاخستانية (تنغي) بنسبة 30 في المائة . واتَّفَق أنه كان على مقربة من المظاهرة، وعندما اكتشف أمرها، قرر عفوياً الانضمام إليها، دون أن يخطط لذلك مسبقاً. وألقت الشرطة القبض على مشاركين في المظاهرة، من بينهم صاحب البلاغ.

2 - 2 وفي اليوم نفسه أدانت محكمة ألماتي الإدارية المتخصصة المشتركة بين المقاطعات صاحبَ البلاغ بمقتضى المادة 373 ( 1 ) من مدونة المخالفات الإدارية بانتهاكه التشريعات المتعلقة بتنظيم التجمعات والمسيرات والاجتماعات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتسييرها، وغرّمته بمبلغ 040 37 تنغي (نحو 200 دولار أمريكي). ويدعي أنه لم يُوكَّل له محام بعد اعتقاله ، رغم طلبه إياه، وأن أفراد أسرته والصحفيين والمراقبين من منظمات حقوق الإنسان مُنعوا حضور جلسة الاستماع.

2 - 3 واستأنف صاحب البلاغ الحكم أمام محكمة مدينة ألماتي في 25 شباط/فبراير 2014 ، لكن استئنافه رُفض في 6 آذار/مارس 2014 .

2 - 4 وقدم صاحب البلاغ طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرار المحكمة الابتدائية إلى مكتب المدعي العام في ألماتي في 31 آذار/مارس 2014 وإلى النيابة العامة لكازاخستان في 5 أيار/ مايو 2014 . لكن الطلبين رُفضا يومي 11 نيسان/أبريل 2014 و 10 حزيران/يونيه 2014 على التوالي.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادتين 19 و 21 من العهد بسبب العقوبات المفروضة عليه نتيجة مشاركته في مظاهرة سلمية احتجاجاً على تخفيض قيمة العملة.

3 - 2 ويدعي أن حقوقه بموجب المادة 14 ( 3 )( د ) من العهد انتُهكت لأنه لم يوكَّل له محام بعد اعتقاله، و ل أن أفراد أسرته والصحفيين والمراقبين من منظمات حقوق الإنسان مُنعوا حضور جلسة الاستماع. ويدعي أيضاً ، دون أن يقدم تفاصيل، أن حقوقه بموجب المادة 14 ( 3 )( ز ) من العهد انتُهكت.

3 - 3 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن توصي الدولة الطرف بما يلي: أن تقدم إلى العدالة من انتهكوا حقوقه ( ) ؛ وأن تعوضه عما لحقه من أضرار معنوية ومادية، بما في ذلك مبلغ الغرامة؛ وأن تعتمد تدابير لرفع القيود المفروضة على الحق في حرية التجمع السلمي في تشريعات الدولة الطرف، ووضع حد لانتهاكات الحق في محاكمة عادلة بم قتضى المادتين 14 ( 3 )( د ) و 14 ( 3 )( ز ) من العهد؛ وأن تضمن، على سبيل الاستعجال، ألا يعقُب الاحتجاجات السلمية تدخل غير مبرر من سلطات الدولة في شؤون المشاركين في الاحتجاجات ومقاضاته ا إياه م .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في مذكرة شفوية مؤرخة 26 آذار/مارس 2015 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة اعتباره غير مقبول و غير مدعوم بأدلة.

4 - 2 وتذكّر الدولة الطرف بوقائع القضية وتلاحظ أن صاحب البلاغ شارك في حدث جماهيري غير مرخص فيه . وكان المشاركون يعكّرون صفو غيرهم ويرددون الشعارات ويحثون الآخرين على الانضمام إليهم. وطلبت الشرطة من المشاركين وقف الحدث غير المرخص فيه، لكنهم تجاهلو ا الطلب .

4 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ عوقب على انتهاكه ال أمر المتعلق ب تنظيم الأحداث الجماهيرية، وهو ما يشكل مخالفة إدارية بمقتضى المادة 373 ( 1 ) من مدونة المخالفات الإدارية. وتدفع أيضاً بأنه لم يطلب محامياً أو أي ممثل آخر.

4 - 4 ولا توافق الدولة الطرف على حجج صاحب البلاغ، وهي أن أفعاله لم تشكل جريمة لأن الحدث كان عفويا وأنه لم يتمكن من ثم من الحصول على ترخيص مسبق، وأنه تَصادف أنه كان على مقربة من المظاهرة وقرر الانضمام إليها. وتدفع بأن الحقوق المكرسة في المادتين 19 و 21 من العهد تخضع لبعض القيود. وتفيد بأن حرية التجمع السلمي غير محظورة في كازاخستان، لكنها توضح أن تنظيم التجمعات يستوجب اتباع إجراءات معينة. وتشير في هذا الصدد إلى المادة 32 من الدستور وإلى المادتين 2 و 9 من القانون المتعلق بتنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتسييرها، التي يتعين على المنظمين بمقتضاها أن يطلبوا ترخيصا من السلطات المحلية لتنظيم تجمع، وإلا تعرّض من يخالفون الأمر للمساءلة.

4 - 5 وترى الدولة الطرف من الضروري فرض قيود معينة على الحق في حرية التجمع. وتبين التجربة الأوروبية الأخيرة أن إعمال جزء معين من المجتمع الحقّ في حرية التجمع قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بالدولة والممتلكات الخاصة والنقل، ضمن أمور أخرى، حتى وإن بدأت الأحداث الجماهيرية سلميا. ولذلك من الضروري تنظيم (وليس حظر) تسيير الأحداث الجماهيرية.

4 - 6 وتوضح الدولة الطرف أن الحدث الذي شارك فيه صاحب البلاغ كان يمكن أن يثير ردود فعل من أشخاص آخرين لم يرغبوا في أن تُفرض عليهم وجهات نظر غيرهم. وقد تسبب هذا الحدث في الإخلال بالسلم والسلامة العامة وعرقل عمل النقل العام والبنية التحتية لأنه أقيم في مكان غير ملائم حيث يرتاح الناس ويعمل فيه النقل العام. وتقع على من يرغبون في ممارسة حقهم في المشاركة في هذه الأحداث التزامات ومسؤوليات محددة لأن أفعالهم قد تكون لها عواقب وخيمة. لذا، فإن القيود المفروضة تشكل استجابة مناسبة قانوناً. وفي القضية محل النظر، تمكنت الشرطة من قمع الأفعال غير القانونية التي ارتكبها صاحب البلاغ وأشخاص آخرون في الوقت المناسب. ونتيجة لذلك، مُنع حدوث تَبِعات خطيرة.

4 - 7 وتدفع الدولة الطرف بأن أماكن محددة خُصصت لإقامة أحداث عامة لضمان حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، وسلام تهم ، وسير العمل الطبيعي للنقل العام والبنية التحتية، وحماية المساحات الخضراء والمعالم المعمارية. وتذكّر بأن القانون الدولي لحقوق الإنسان يقر بضرورة فرض بعض القيود على حرية التجمع.

4 - 8 وعلى هذا، تدّعي الدولة الطرف أن إعمال الحق في حرية التجمع في كازاخستان يتوافق تماماً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

4 - 9 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يُعتبر مسؤولا بسبب تعبيره عن رأيه، بل بسبب انتهاكه الأمر المتعلق بتنظيم حدث جماهيري عُبر فيه عن هذا الرأي.

4 - 10 وتدفع الدولة الطرف بأن حجج صاحب البلاغ بشأن انتهاك حقوقه بموجب المادة 14 من العهد ب ُ حث ت وتَبيّن أن لا أساس لها من الصحة. وأُبلغ جميعَ حقوقه، وقد أكد هذ ا الأمر بتوقيعه. وإضافة إلى ذلك، لا يوجد في الملف الإداري سجلات للمحكمة تتضمن طلب صاحب البلاغ السماح بحضور ممثليه أو مراقبين.

4 - 11 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن إجراءات الشرطة تجاه المشاركين في الحدث الجماهيري كانت مشروعة لأنها كانت تهدف إلى وقف انتهاك القانون.

4 - 12 وتدفع الدولة الطرف، إضافة إلى ذلك، بأن تشريعات كازاخستان لا تعترف بمفهوم الأحداث الجماهيرية العفوية. فكل هذه الأحداث يجب أن تنظَّم وتقام وفق القانون المتعلق بتنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتسييرها.

4 - 13 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنها درست الممارسة المتبعة في بلدان أخرى عدة، وخلصت إلى أن القيود المفروضة على الأحداث العامة في بعض البلدان أكثر صرامة من مثيلتها في كازاخستان. ففي مدينة نيويورك، مثلاً، من الضروري طلب الإذن 45 يوماً قبل الحدث وبيان الطريق الذي يسلكه. ويحق لسلطات المدينة نقل موقعه. ولدى سلطات أخرى، مثل السلطات السويدية، قائمة سوداء بأسماء منظمي المظاهرات التي سبق حظرها أو تفريقها. وفي فرنسا، يحق للسلطات المحلية أن تحظر أي مظاهرة؛ وفي المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، يحق للسلطات أن تعتمد الحظر المؤقت. وفي المملكة المتحدة أيضاً ، لا يُسمح بأحداث الشوارع إلا بعد الحصول على إذن من سلطات الشرطة. وفي ألمانيا، يجب أن يحصل منظمو أي حدث جماهيري أو اجتماع أو مظاهرة، في الداخل أو الخارج، على إذن من السلطات.

4 - 14 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يطلب من النيابة العامة أن تقدم طلباً لإجراء مراجعة قضائية رقابية في قضيته؛ ومن ثم فهو لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 في 4 نيسان/أبريل 2015 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. فهو يدفع بأن الدولة الطرف لم توضح لماذا كان من الضروري أن تفرض عليه غرامة إدارية رغم أن الحقوق المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 من العهد مكفولة في كازاخستان ولا يجوز تقييدها إلا في ظروف معينة. ويكرر أن حقه في محاكمة عادلة قد انتهك، وأنه لم يوكَّل له محام، رغم طلبه، عندما ألقي القبض عليه. ويدفع أيضاً بأنه لم يتمكن من تقديم أي التماسات خطية في المحكمة، وأن التماساته الشفوية أُغفلت. وإضافة إلى ذلك، لم تحتفظ المحكمة بنسخة من محاضر الجلسات.

5 - 2 ويدّعي صاحب البلاغ أن الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة الطرف تقضي بتوخي التناسب في أية قيود تفرض على حرية التجمع وتطبيقها وفق ما تستلزمه الظروف الخاصة بكل حالة، وأنه ينبغي تقليص تدخل السلطات في عملية تنظيم الأحداث العامة إلى أدنى حد. ويدعي أيضاً أن الدولة الطرف تجاهلت هذه المبادئ وانتهكتها.

5 - 3 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف القائلة إن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، يدعي هذا الأخير أن تقديم طلب إجراء مراجعة قضائية رقابية إلى المدعي العام لا يشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً. ويشير إلى أنه قدم طلبين من هذا القبيل إلى مكتب المدعي العام لألماتي وإلى النيابة العامة، لكن الطلبين رُفضا.

5 - 4 ويحيل صاحب البلاغ إلى التقرير الذي أصدره المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات عقب زيارته كازاخستان في كانون الثاني/يناير 2015 حيث انتقد النهج التقييدي للحق في حرية التجمع في البلد ( ) . ويحيل أيضاً إلى المبادئ التوجيهية المتعلقة بحرية التجمع السلمي ( ) التي وضعتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في عام 2007 ، ويشير إلى التزام الدولة الطرف باتباعها. ويدفع بأنه إن كانت المادة 10 من القانون المتعلق بتنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتسييرها تجيز للسلطات المحلية تنظيم الإجراءات المتصلة بالتجمع السلمي، فإنها لا تمنحها سلطة تحديد الأماكن الدائمة التي تقام فيها التجمعات، ولا تجيز، على وجه الخصوص، حصرها في مكان واحد. ويضيف في هذا السياق أن أي قيْد يُفرض على الحق في حرية التجمع ينبغي أن يكون متناسبا ً ، وينبغي ألا يكون تطبيقه تلقائياً بل يجب أن يخضع للمراجعة حسب كل حدث على حِدة، مع مراعاة الظروف المحيطة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 31 آذار/مارس 2016 ، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. فهي تدعي أنه لم يحدث أي انتهاك للحقوق المكفولة لصاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد. وتكرر حججها المت صل ة بعدم المقبولية، وتشدد على أن حرية التجمع غير محظورة في كازاخستان، لكنها تخضع لبعض القيود.

6 - 2 وتدحض الدولة الطرف ما ورد في أقوال صاحب البلاغ من أنها لم توضح ضرورة تقييد حقوقه. وتذكّر بأن الحقوق المكرسة في المادتين 19 و 21 من العهد خاضعة لقيود . فمع أن حرية التجمع غير محظورة في كازاخستان، فإنه يمكن تقييدها لحفظ الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وفي كازاخستان، يعدّ الحفاظ على النظام العام أهم عنصر من عناصر احترام حقوق الإنسان التي يكفلها القانون. ويتعين على الموظفين المفوّضين أن يوقفوا انتهاكات النظام العام والمخالفات الإدارية.

6 - 3 وتلاحظ الدولة الطرف أن القيود المفروضة على الحق في حرية التجمع، لا سيما فيما يتعلق ب مكان الأحداث الجماهيرية، تتوافق مع أحكام العهد. و القرار رقم 167 الصادر عن "الأكيمات " ( Akimat ) ( ) قرار اعتمدته هيئة شرعية في نطاق اختصاصها. وتدفع الدولة الطرف بأن القرار لا يبيح التمييز على أساس سياسي؛ فهو يكتفي بالتوصية بأماكن الأحداث الجماهيرية. لذا، يمكن للأكيمات تحديد المكان - الساحة خلف سينما "ساري - أرْكا" (Sary-Arka)- المخصص للأحداث الرسمية وجميع الأحداث الأخرى حسب الظروف.

6 - 4 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه ينبغي اعتبار شكوى صاحب البلاغ غير مقبولة لتنافيها مع أحكام العهد، لأن الانتهاك المزعوم في شكوى من الشكاوى ينبغي أن يتعلق بالحقوق التي يحميها العهد. واللجنة عموماً ليست مخوَّلةً إعادةَ النظر في حكم صادر عن المحاكم الوطنية، ولا إعادة النظر في مسألة البراءة أو الإدانة. وهي أيضاً ليست مخوّلة عموماً استعراض تقييم الوقائع والأدلة التي تجريها المحاكم والسلطات الوطنية، ولا إعادة النظر في تفسير القانون الوطني، ما لم يتمكن صاحب البلاغ من أن يثبت أن هذا التقييم تعسفي أو يبلغ حد الخطأ البيّن أو إساءة تطبيق أحكام العدالة، أو أن المحاكم لم تف بواجبها المتمثل في التحلي بالاستقلالية والنزاهة.

6 - 5 وتدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ تتعارض مع المبادئ المذكورة أعلاه. فقد طلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تتجاوز نطاق اختصاصها وأن تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة وأن تؤثر في السياسات العامة في مجال حقوق الإنسان تأثيراً مباشراً. وفي الوقت نفسه، لم يقدم أي استنتاجات مدعومة بأدلة أو استنتاجات من خبراء تثبت أن القانون الوطني المت صل بحرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير يتعارض مع المعايير الدولية.

6 - 6 وتدفع الدولة الطرف، إضافة إلى ذلك، بأن الاستئناف لدى النيابة العامة سبيل انتصاف فعال. وتضرب ثلاثة أمثلة على استئنافات لدى النيابة العامة تكللت بالنجاح.

6 - 7 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة بم قتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري والمادة 99 ( ب ) من النظام الداخلي لأن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات عن سبب عدم تمكّنه من رفع شكواه شخصياً.

6 - 8 وتكرر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يُعتبر مسؤولاً بسبب إعماله حقه في حرية التجمع وإنما بسبب انتهاكه الأمر المتعلق بإعمال هذا الحق على النحو الذي ينص عليه القانون. فقد انتهك الحدث الجماهيري الذي شارك فيه صاحب البلاغ النظام العام؛ ولهذا السبب كانت التدابير المطبقة متناسبة ومبررة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترض على مقبولية البلاغ لأن صاحبه، في رأي الدولة الطرف، لم يقدم التماساً إلى النيابة العامة لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارات التي أصدرتها المحاكم في القضية. بيد أنها تلاحظ أيضاً أن صاحب البلاغ قدم في 5 أيار/مايو 2014 التماساً إلى النيابة العامة لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقضيته الإدارية. غير أن نائب المدعي العام لكازاخستان رفض طلبه في 10 حزيران/ يونيه 2014 . وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة ومفادها أن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام بإجراء مراجعة لقرارات قضائية أصبحت نافذة، وهو أمر يتوقف على سلطة المدعي العام التقديرية، لا يشكل سبيل انتصاف يتعين استنفاده لأغراض المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7 - 4 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومؤداها أن البلاغ غير مقبول لأن الذي قدمه إلى اللجنة إنما هو محامي صاحب البلاغ. وتذكّر اللجنة في هذا الخصوص بأن المادة 99 ( ب ) من نظامها الداخلي تنص على أن أي بلاغ ينبغي أن يقدمه عادةً الفرد المعني شخصياً أو ممثله؛ أما البلاغ الذي يقدم نيابة عن ضحية مزعومة فيجوز قبوله متى اتضح أن الشخص المعني لا يمكنه تقديم البلاغ بنفسه. وفي القضية موضع النظر، تلاحظ اللجنة أن الضحية المزعومة قدّم شكواه بنفسه. وتمكّن صاحب البلاغ لاحقاً من توكيل محام قدم تفويضاً موقَّعاً وفق الأصول للتصرف نيابةً عنه أمام اللجنة. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن المادة 1 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

7 - 5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ، الذي سِيق في إطار المادة 14 ( 3 )( د ) ، أنه لم يُسمح لممثليه القانونيين بدخول قاعة المحكمة، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن صاحب البلاغ لم يطلب أن يمثله محام لا في مركز الشرطة ولا في المحكمة. وترى اللجنة، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، أن صاحب البلاغ لم يثبت هذا الجزء من البلاغ بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعتبره من ثم غير مقبول بم قتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ‬ ‬

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات تدعم ادعاءاته بموجب المادة 14 ( 3 )( ز ) من العهد. وبناء عليه، ترى أن هذا الجزء من البلاغ غير مثبت بأدلة كافية لأغراض المقبولية وتعلن من ثم أنه غير مقبول ب مقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7 - 7 وتشير اللجنة إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ المتبقية، التي تثير قضايا في إطار المادتين 19 و 21 من العهد، قد أُثبتت بأدلة كافية لأغراض المقبولية. وبناء عليه، تعلن مقبوليتها وتمضي إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع بموجب المادة 21 من العهد انتُهك لأنه ألقي عليه القبض وحوكم وغُرّم في 15 شباط/فبراير 2014 بسبب مشاركته في حدث جماهيري غير مرخص فيه احتجاجاً على تخفيض الحكومة قيمةَ العملة الوطنية. وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان لا بد منه ليعبر الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويمكّن الأفراد من التعبير عن أنفسهم جماعياً والمشاركة في تشكيل مجتمعاتهم. والحق في التجمع السلمي مهم في حد ذاته لأنه يحمي قدرة الناس على ممارسة الاستقلال الذاتي الفردي في تضامن مع الآخرين. وهو يشكل أيضاً ، إلى جانب حقوق أخرى ذات صلة، الأساس ذاته لنظام الحوك م ة القائمة على المشاركة استناداً إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية ( ) . وبالنظر إلى الطابع التعبيري للتجمعات، يجب، قدر المستطاع، تمكين المشاركين من تسييرها على مرأى ومسمع من الجمهور المستهدف ( ) ، ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إن فُرض وفقاً للقانون وكان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لدواعي الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولئن كان يجوز أحياناً تقييد الحق في التجمع السلمي، فإن مسؤولية تبرير أي قيود تقع على عاتق السلطات ( ) . ويجب أن تكون السلطات قادرة على إثبات استيفاء أي قيود شرط الشرعية، وإثبات أنها ضرورية لسبب واحد على الأقل من الأسباب المباحة لفرض القيود المذكورة في المادة 21 من العهد ومتناسبة مع هذا السبب. ويمثل عدم الوفاء بهذا الواجب انتهاكاً للمادة 21 ( ) . وينبغي أن يستهدي فرض أي قيود بهدف تيسير هذا الحق بدلاً من السعي إلى تقييده تقييداً غير ضروري وغير متناسب ( ) . ويجب ألا تكون القيود تمييزية أو مخلة بجوهر الحق أو هادفة إلى ردع المشاركة في التجمعات أو ذات أثر مثبط ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن ن ُ ظم الترخيص، حيث يتعين على الراغبين في التجمع أن يطلبوا إذناً (أو رخصة) من السلطات، تقوض فكرة كون التجمع السلمي حقا أساسيا ( ) . وحيثما استمر فرض هذه المقتضيات، وجب أن تعمل من الناحية التطبيقية عملَ نظام ا لإخطار، إذ إن الترخيص ينبغي أن يُمنح تلقائيا إن لم توجَد أسباب قاهرة تحول دون ذلك. وينبغي أيضاً ألا تشتمل هذه النظم أيضاً على إجراءات مفرطة في البيروقراطية ( ) . أما نظم الإخطار، فيجب ألا تعمل من الناحية التطبيقية عملَ نظم ا لترخيص ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن التجمعات العفوية، التي تكون في العادة رداً مباشراً على أحداث راهنة، سواء أكانت منسقة أم لا، تحظى هي الأخرى بالحماية بموجب المادة 21 ( ) .

8 - 4 وتلاحظ اللجنة أن الالتزام القاضي باحترام التجمعات السلمية وتأمينها يفرض واجبات سلبية وإيجابية على الدول قبل التجمعات وأثناءها وبعدها. ويستلزم الواجب السلبي عدم التدخل غير المبرر في التجمعات السلمية. فالدول ملزمة، مثلاً، بعدم حظر التجمعات السلمية أو تقييدها أو منعها أو تفريقها أو عرقلتها دون مبرّر مقنع، وبعدم معاقبة المشاركين أو المنظّمين دون سبب مشروع ( ) . وإضافة إلى ذلك، على الدول الأطراف واجبات إيجابية معيّنة لتيسير التجمعات السلمية ومساعدة المشاركين على تحقيق أهدافهم. وعلى هذا، يجب على الدول أن تهيئ بيئة مواتية لممارسة الحق في التجمع السلمي دون تمييز، وأن تضع إطاراً قانونياً ومؤسسياً يسمح بممارسة هذا الحق فعليا. وقد يلزم أحيانا أن تتخذ السلطات تدابير محددة. فعلى سبيل المثال، قد تحتاج إلى إغلاق الشوارع أو إعادة توجيه حركة المرور أو توفير الأمن. وعند الاقتضاء، يجب على الدول أيضاً حماية المشاركين من إساءة المعاملة التي قد ترتكبها جهات فاعلة من غير الدول، مثل التدخل أو العنف الذي يمارسه أفراد آخرون من الجمهور والمتظاهرون المضادون ومقدمو الخدمات الأمنية ( ) . ويضاف إلى ذلك أن من واجب الدول أن تحمي المشاركين من جميع أشكال إساءة المعاملة والاعتداءات التي تنطوي على تمييز ( ) . ولا يعدّ احتمال أن يثير تجمع سلمي ردود فعل سلبية أو حتى عنيفة من بعض أفراد الجمهور سبباً كافياً لحظر التجمع أو تقييده. والدول ملزمة باتخاذ جميع التدابير المعقولة التي لا تحمّلها أعباء غير متناسبة لحماية جميع المشاركين والسماح بهذه التجمعات دون انقطاع ( ) .

8 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن سلطات الدولة الطرف أو محاكمها لم تبرر فرض غرامة إدارية عليه بسبب مشاركته في تجمع سلمي وإن كان غير مرخص فيه. وتحيط علماً أيضاً بدفع الدولة الطرف بأن القيد فُرض على صاحب البلاغ وفقاً لمدونة المخالفات الإدارية وأحكام قانون تنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية وتسييرها . وتحيط اللجنة علماً، إضافة إلى ذلك، بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن الهدف من شرط تقديم الطلب هو حماية النظام العام، وكذلك حقوق الآخرين وحرياتهم. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن فرض القيود قد يكون قانونياً بم قتضى القانون الوطني، لكن القبض عليه وإدانته لم يكونا ضروريين في مجتمع ديمقراطي من أجل تحقيق الأهداف المشروعة التي احتجت بها الدولة الطرف. ويدفع صاحب البلاغ بأن الاحتجاج، ردّاً على قضية هامة تتمثل في تخفيض قيمة عملة كازاخستان الوطنية بنسبة 30 في المائة، كان سلمياً ولم يكن فيه ضرر أو تهديد لأي شخص أو أي شيء.

8 - 6 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف استندت إلى أحكام قانون الأحداث العامة الذي يشترط تقديم طلب قبل عقد الحدث بعشرة أيام والحصول على ترخيص من السلطات التنفيذية المحلية ؛ وكلا الشرطين يفرضان قيوداً على الحق في التجمع السلمي. وتذكّر اللجنة بأن حرية التجمع حق وليست امتيازاً. ويقتضي امتثال العهد أن تستوفي القيود المفروضة على هذا الحق المعايير الواردة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد، حتى إن كانت القوانين الوطنية تجيز هذه القيود. وتحيط اللجنة علماً بملاحظة الدولة الطرف ومؤداها أن إلقاء القبض على صاحب البلاغ كان ضرورياً لحماية النظام العام، لأن المشاركين في التجمع أزعجوا الناس وسير عمل النقل العام. وتلاحظ في هذا الصدد أن القيود المفروضة لحماية "حقوق الآخرين وحرياتهم" قد ترتبط بحماية الحقوق التي يكفلها العهد أو حقوق الإنسان الأخرى المكفولة للأشخاص غير المشاركين في التجمع. وتشكل التجمعات، في الوقت نفسه، استخداماً مشروعاً للأماكن العامة وغير العامة ، ولأنها قد تتسبب بطبيعتها في اضطرابات معينة للحياة العادية، فإنه يتعين مراعاة هذه الاضطرابات ما لم تفرض عبئاً غير متناسب، إذ سيتعين على السلطات حينها أن تكون قادرة على تقديم مبررات مفصلة لأي قيود ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن مصطلح "النظام العام" يشير إلى مجموع القواعد التي تكفل حسن سير المجتمع، أو مجموعة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، وهو ما يعني أيضاً احترام حقوق الإنسان، بما فيها الحق في التجمع السلمي ( ) . وينبغي ألا تعتمد الدول الأطراف على تعريف غامض لمصطلح "النظام العام" لتبرير فرض قيود مفرطة على الحق في التجمع السلمي ( ) . وقد تكون التجمعات السلمية أحياناً مخلّة بالنظام بطبيعتها أو قصداً وتتطلب التحلي بدرجة كبيرة من التسامح. ومصطلح "النظام العام" ليس مرادفاً لـمصطلح "القانون والنظام"، وينبغي عدم استخدام حظر "الفوضى العامة" في القانون المحلي استخداماً غير ملائم لتقييد التجمعات السلمية. ( ) وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح لطبيعة الاضطرابات التي تسبب فيها التجمع المعني، ولا هي قدمت أي معلومات عن كيفية تجاوزها عتبة الاضطراب المسموح به.

8 - 7 وتذكّر اللجنة بأن المادة 21 من العهد تنص على وجوب أن تشكل القيود تدابير "ضرورية في مجتمع ديمقراطي". ولذلك يجب أن تكون القيود ضرورية ومتناسبة في سياق مجتمع قائم على الديمقراطية وسيادة القانون والتعددية السياسية وحقوق الإنسان، لا مجرد أن تكون معقولة أو مناسبة ( ) . ويجب أن تشكل هذه القيود استجابات مناسبة لضرورة اجتماعية ملحة تتصل بأحد الأسباب التي تبيحها المادة 21 . ويجب أيضاً أن تكون الأقل تدخلاً من بين التدابير التي قد تؤدي وظيفة الحماية ذات الصلة ( ) . و إضافة إ لى ذلك، يجب أن تكون متناسبة، وهو ما يتطلب تحديد قيمتها من خلال الموازنة بين طبيعة التدخل وتأثيره الضار على ممارسة الحق، من جهة، والفائدة المترتبة على أحد أسباب التدخل، من جهة أخرى ( ) . وفي حال رجحان الضرر على الفائدة، يكون التقييد غير متناسب، ومن ثم غير مباح. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تثبت أن فرض غرامة إدارية على صاحب البلاغ بسبب مشاركته في احتجاج عام سلمي ضروريٌ في مجتمع ديمقراطي لتحقيق غرض مشروع أو يتناسب مع هذا الهدف وفقاً للشروط الصارمة الواردة في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتذكّر اللجنة بأن أي قيود تفرض على المشاركة في التجمعات السلمية ينبغي أن تستند إلى تقييم متمايز أو فردي لسلوك المشاركين في التجمع المعني. وي ُ فترض أن من غير المتناسب فرض قيود شاملة على التجمعات السلمية ( ) . ولهذه الأسباب تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم توفَّق في تبرير تقييد حق صاحب البلاغ. وبذلك تكون قد انتهكت المادة 21 من العهد.

8 - 8 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التعبير بموجب المادة 19 من العهد قد انتهك. لذا، يجب أن تقرر ما إذا كانت القيود التي فرضت على صاحب البلاغ جائزة بسبب قيد واحد من القيود التي تبيحها المادة 19 ( 3 ) من العهد.

8 - 9 وتلاحظ اللجنة أن فرض عقوبة على صاحب البلاغ بسبب تعبيره عن آرائه عن طريق المشاركة في احتجاج عام هو تدخّل في حقه في نقل مختلف ضروب المعلومات والأفكار الذي تحميه المادة 19 ( 2 ) من العهد. وتذكّر بأن المادة 19 ( 3 ) من العهد تجيز فرض بعض القيود شريطة أن تقتصر على ما ينص عليه القانون، وتكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وذكرت اللجنة في تعليقها العام رقم 34 ( 2011 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير أن هاتين الحريتين شرطان لا غنى عنهما لتحقيق النمو الكامل للفرد وأنهما عنصران أساسيان من عناصر أي مجتمع. و ذكرت أيضاً أنهما تشكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية. ويجب أن يتوافق أي تقييد لهما مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارمين. ولا يجوز تطبيق القيود إلا للأغراض التي وُضعت لأجلها، ويجب أن تتعلق مباشرة بالغرض المحدد الذي تأسست عليه. وتُذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف هي التي يجب أن تُثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد ( ) .

8 - 10 وفيما يتعلق بتقييد حرية صاحب البلاغ في التعبير، تذكّر اللجنة بأن الخطاب السياسي يحظى بكثير من التيسير والحماية بوصفه شكلا ً من أشكال التعبير ( ) . وتحيط علماً بادعاء صاحب البلاغ أن هدف التجمع كان احتجاجاً على تخفيض الحكومة قيمة العملة الوطنية بنسبة 30 في المائة. ونظراً لعدم ورود أي معلومات وجيهة من الدولة الطرف توضح كيفية تَوافُق التقييد مع أحكام المادة 19 ( 3 ) من العهد، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 19 ( 2 ) من العهد.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بم قتضى المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف المادتين 19 و 21 من العهد.

10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )( أ ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الضرر جبراً تاماً لمن انتُهِكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الإجراءات المناسبة لتقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ ورد قيمة الغرامة التي فُرضت عليه وأي تكاليف قانونية تكبدها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وتكرر اللجنة في هذا الصدد أنه ينبغي للدولة الطرف، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، أن تراجع تشريعاتها وممارساتها مراجعةً تكفل التمتع الكامل فيها بالحقوق التي تنص عليها المادتان 19 و 21 من العهد، بما في ذلك تنظيم التجمعات والاجتماعات والمسيرات والمواكب والاعتصامات والمظاهرات السلمية في الدولة الطرف وتسييرها.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ في مسألة وقوع انتهاك لأحكام العهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 منه، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وتوفر لهم سبل انتصاف فعالة متى ثبت وقوع انتهاك، تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.