الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2772/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

12 July 2021

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فيما يتعلق بالبلاغ رقم 2772/2016 * ** ***

بلاغ مقدم من: إيميل بيسيموا موهيرهي (يمثله محام من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم البلاغ: 24 آذار/مارس 2016 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 7 حزيران/يونيه 2016 ( لم يصدر في شكل وثيقة ) ‬

تاريخ اعتماد الآراء: 23 آذار/مارس 2021

الموضوع: التعذيب والاحتجاز التعسفي

المسائل الإجرائية: عدم تعاون الدولة الطرف

المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والمحاكمة العادلة؛ والحق في الحرية؛ والتدخل التعسفي في شؤون الأسرة

مواد العهد: المواد 2 ( 3 ) ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 14 ( 3)( ب ) و(ز)، و 17 ، و 23

مواد البروتوكول الاختياري: 2 ، و 3 ، و 5 ( 2 )

1 - 1 صاحب البلاغ هو إيميل بيسيموا موهيرهي ، وهو مواطن من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وُلد في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1983 . ويدعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف لحقوقه المحمية بموجب المواد 7 ، و 9 ، و 10 ، مقروءة منفردةً وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، والمواد 14 ( 3 ) ( ب ) و(ز)، و 17 ، و 23 من العهد. وقد انضمت جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 . ويمثل صاحبَ البلاغ محام من المنظمة غير الحكومية "الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب".

1 - 2 وفي 7 حزيران/يونيه 2016 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، اتخاذ إجراءات تكفل حماية صاحب البلاغ وأسرته أثناء دراسة البلاغ من قبل اللجنة، وذلك عملاً بأحكام المادة 95 من نظامها الداخلي.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 يرتزق صاحب البلاغ من عمله التجاري الصغير في بوكافو ، بمقاطعة كيفو الجنوبية، وهي منطقة معروفة منذ سنوات بالانتهاكات العديدة التي ترتكبها السلطات بحق السكان. وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 2014 ، في حوالي الساعة السادسة صباح اً، أُلقي القبض على صاحب البلاغ على يد أفراد من وكالة الاستخبارات الوطنية اقتحموا منزله، ثم اقتادوه إلى مكتبهم واحتجزوه، دون إظهار أمر بالقبض عليه. وأودِع صاحب البلاغ على الفور في الحبس الانفرادي، في زنزانة بالكاد أكبر من خزانة، حيث لم يكن يستطيع الجلوس أو الاستلقاء. ولم يُطلَع على أسباب اعتقاله إلا بعد مضي بضع ساعات، حوالي الساعة العاشرة صباح اً، بعد تعرضه للتعذيب خلال استجوابه.

2 - 2 وأثناء هذا الاستجواب، اتهم ه. ك. – وهو ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية كان حاضر اً وقت الاعتقال – صاحبَ البلاغ بسرقة مبلغ 844 172 دولار اً من دولارات الولايات المتحدة من د. س. ، أحد أبناء أعمامه/أخواله وشريكه السابق. واتهمه ه. ك. باستخدام هذه الأموال لاقتناء ممتلكات، بما في ذلك منزل تم شراؤه مؤخر اً. وأثناء الاستجواب، لم تسنح لصاحب البلاغ فرصة الدفاع عن نفسه، رغم وجود أدلة يمكن أن تثبت براءته، بما في ذلك الدفاتر المحاسبية التي كان يمسكها، هو وشريكه د. س. ، في ذلك الوقت. وأمام رفض صاحب البلاغ الاعتراف، حرَّر ه. ك. اعتراف اً كاذب اً على ورقة. ثم طلب من صاحب البلاغ التوقيع على الوثيقة دون أن يتيح له الفرصة لقراءة محتواها قبل التوقيع. وأمام رفض صاحب البلاغ، أمسك ه. ك. بهراوة وأجبر صاحب البلاغ على الاستلقاء على بطنه وبدأ يضربه بعنف على ظهره وأردافه. ونتيجة ما قاساه صاحب البلاغ من آلام لا تطاق، قَبِل، باكياً، التوقيع على الأوراق التي قدمها له ه. ك. وبعد التوقيع على الوثيقة، أودِع صاحب البلاغ مرة أخرى الزنزانة، ولم يُسمح له بالمغادرة .

2 - 3 ومنذ ذلك الحين، تعرض صاحب البلاغ لظروف احتجاز سيئة، وحُرم أيضاً من حقوقه في استشارة محام، وفي أن يقدَّم إلى قاض، وأن يرى أسرته، ويحصل على الرعاية الطبية، وأن يتلقى الغذاء بصورة منتظمة ( ) . وتعرض صاحب البلاغ مجدد اً للتعذيب عندما استدعى ه. ك. والدَه والمدعو د. س. بعد بضعة أيام للحضور في مكاتب وكالة الاستخبارات الوطنية. وخلال هذه المواجهة، حاول ه. ك. مرة أخرى انتزاع اعتراف بالقوة من صاحب البلاغ، دون أن يوجّه إلى د. س. أي أسئلة. وأمام إصرار صاحب البلاغ، أمسك ه. ك. بهراوة وانهال عليه ضرباً لمدة عشرين دقيقة تقريباً، في حين توسل إليه والد صاحب البلاغ أن يتوقف. ولما نفدت قدرة صاحب البلاغ على التحمل، قَبِل في نهاية المطاف التوقيع على الأوراق التي عُرضت عليه. وبسبب هذه الحادثة، يعاني صاحب البلاغ من آثار جسدية كبيرة، تتمثل تحديداً في كسر في ساعده الأيمن أصيب به أثناء محاولته حماية نفسه من الضرب بالهراوة.

2 - 4 وأثناء احتجازه، أبلغ صاحب البلاغ ل.، وهو ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية في مكتب الاستقبال، مرار اً وتكرار اً بما كان يتكبده من معاناة وألم من جراء الضرب بالهراوات والجلد. وطلب صاحب البلاغ العلاج أو على الأقل الحصول على الأدوية لتهدئة الألم. وتولى ل. تدوين شكاوى صاحب البلاغ في دفتر المظالم، من دون أن يتبع ذلك أي إجراءات تُذكر. ولم يتلق صاحب البلاغ أي علاج من آثار الضرب الذي تعرض له.

2 - 5 وفي صباح كل يوم، حوالي الساعة السابعة والنصف، كان صاحب البلاغ يشاهد، من خلال نافذة صغيرة من الزجاج المدخن، د. س. وهو يعبر بوابات الدخول إلى مباني وكالة الاستخبارات الوطنية، على متن سيارة كان ينزل منها برفقة ه. ك. وفي مناسبات عديدة، شاهد صاحب البلاغ من خلال نفس النافذة، د. س. يعطي نقوداً للحارس الذي يتولى فتح بوابة الدخول ولضباط الشرطة العسكرية في مكاتب الوكالة. وقد بددت هذه المشاهد في نهاية المطاف آمال صاحب البلاغ في أن يخرج يوم اً ما من الوضع الذي هو فيه.

2 - 6 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، رفع محامي صاحب البلاغ شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام في بوكافو ضد د. س. على أساس الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والقذف، مشيراً إلى حوادث التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ ( ) . وخوفاً من الانتقام المباشر من صاحب البلاغ، نظر اً لوضعه الهش بوصفه محتجزاً لدى وكالة الاستخبارات الوطنية، لم يذكر محامي صاحب البلاغ ه. ك. في الشكوى الجنائية. وعلى إثر تقديم هذه الشكوى، عهد المدعي العام بالقضية إلى ضابط في الشرطة القضائية لم يبادر إلى فتح تحقيق أولي حقيقي، لا سيما بالنظر إلى حالة صاحب الشكوى الذي كان محتجز اً في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية. وبالتالي، لم يُحرَز أي تقدم في دراسة هذا الملف منذ ذلك الحين. وبالإضافة إلى ذلك، اتخذت المنظمة غير الحكومية المحلية للعمل الاجتماعي من أجل التنمية، موموشو مودوسا ، في 9 كانون الثاني/يناير 2015 ، خطوات لنقل صاحب البلاغ وملف قضيته إلى مكتب المدعي العام، بتقديم شكوى بسبب الاعتقال غير القانوني وجهتها إلى المدعي العام لدلى محكمة الاستئناف في بوكافو .

2 - 7 وفي 14 كانون الثاني/يناير 2015 ، قدم د. س. التماس اً إلى رئيس محكمة بوكافو التجارية لإصدار تكليف مباشر بالحضور ضد صاحب البلاغ. وفي 15 كانون الثاني/يناير 2015 ، أصدر الرئيس أمر اً يأذن فيه لصاحب الالتماس، د. س. ، باستدعاء صاحب البلاغ دون إبطاء للمثول أمام المحكمة التجارية في 21 كانون الثاني/يناير 2015 ، بينما كانت القضية لا تزال قيد التحقيق لدى مكتب المدعي العام. وفي الجلسة الأولى أمام المحكمة التجارية، دفع صاحب البلاغ بعدم اختصاص المحكمة. ورُفض هذا الاعتراض في 23 كانون الثاني/يناير 2015 بحكم تمهيدي، أعلنت بموجبه المحكمة أنها مختصة. وفي 31 كانون الثاني/يناير 2015 ، استأنف صاحب البلاغ هذا القرار، ولذلك أوقِف النظر في القضية لدى المحكمة التجارية وأحيل الملف إلى محكمة الاستئناف للبت في مسألة الاختصاص. وفي 26 شباط/ فبراير 2015 ، أصدرت محكمة الاستئناف في بوكافو قرارها الذي أعلنت فيه عدم اختصاص المحكمة التجارية بالنظر في القضية، وأحالت ملف القضية إلى محكمة الصلح في بوكافو للنظر في الأسس الموضوعية. ثم رفع د. س. شكوى أثار فيها شكاً معقولاً بخصوص نزاهة محكمة الصلح أمام محكمة الاستئناف في بوكافو ، التي رفضت الشكوى. وأخير اً، قرر د. س. عدم متابعة الدعوى ضد صاحب البلاغ لعدم كفاية الأدلة.

2 - 8 واستمر احتجاز صاحب البلاغ في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية حتى 14 كانون الثاني/ يناير 2015 ، عندما اقتيد إلى مكتب المدعي العام في بوكافو الذي أصدر بحقه مذكرة توقيف تحفظي. وفي 15 كانون الثاني/يناير 2015 ، اقتيد صاحب البلاغ مرة أخرى إلى مكتب المدعي العام، حيث استمع مساعد المدعي العام إلى أقواله بحضور محاميه. وخلال الجلسة، تحدث صاحب البلاغ عن حوادث التعذيب التي تعرض لها خلال الفترة التي قضاها في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية. وفي نهاية الجلسة، أعيد صاحب البلاغ إلى سجن بوكافو المركزي.

2 - 9 ولم تسنح لصاحب البلاغ الفرصة لمقابلة محاميه أو التحدث إليه إلا اعتباراً من ذلك التاريخ - أي بعد تسعة وعشرين يوم اً من اعتقاله. وفي 19 كانون الثاني/يناير 2015 ، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى المدعي العام من أجل الإفراج المؤقت، لكنه لم يتلق أي رد. وفي وقت لاحق، عُقدت جلسة استماع في 27 كانون الثاني/يناير 2015 أمام محكمة الصلح في بوكافو للبت في قرار احتجازه السابق للمحاكمة. وفي تلك الجلسة، لم يتلق صاحب البلاغ مساعدة قانونية، وأمرت المحكمة باحتجازه رهن المحاكمة.

2 - 10 وفي 18 شباط/فبراير 2015 ، قدم صاحب البلاغ طلب اً للإفراج المؤقت أمام محكمة الصلح في بوكافو . وفي 19 شباط/فبراير 2015 ، رفضت المحكمة طلبه على أساس وجود مؤشرات جدية على إدانته بالتهم الموجهة إليه. وفي 20 شباط/فبراير 2015 ، استأنف صاحب البلاغ هذا القرار، ولكن في أوائل آذار/ مارس 2015 ، أيدت محكمة المنطقة القضائية في بوكافو قرار المحكمة الابتدائية ورفضت الاستئناف.

2 - 11 وفي 27 شباط/فبراير 2015 ، ونظرا لعدم اتخاذ أي إجراء بشأن الشكوى الجنائية المقدمة في 20 كانون الأول/ديسمبر 2014 ضد د. س. بسبب الاحتجاز والاعتقال التعسفيَّيْن والادعاءات المسيئة، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى محكمة المنطقة القضائية في بوكافو لإصدار تكليف مباشر بإحضار ه. ك. و د. س. من أجل التعذيب والاحتجاز والاعتقال التعسفيَّيْن. وعُقدت الجلسة التمهيدية لهذه القضية في 19 آذار/مارس 2015 . ولم يحضر ه. ك. في حين حضر د. س. يساعده محاميان. وصرّحت المحكمة أنها تجلس للنظر في الشكوى المرفوعة ضد المتهميْن وأعلنت أن المتهم ه. ك. تخلف عن المثول أمام المحكمة. وفي تلك الجلسة، أثار محامو الدفاع اعتراضات أولية على جملة أمور، بينها الترخيص المسبق من المدير العام لوكالة الاستخبارات الوطنية، وهو شرط أساسي لمحاكمة ضباط الوكالة، مثل ه. ك . ( ) وفي 30 تموز/يوليه 2015 ، رفضت المحكمة جميع الاعتراضات التي أثارها محامو الدفاع وأحالت القضية إلى الجلسة العلنية المقررة في 13 آب/أغسطس 2015 . وخلال تلك الجلسة، استأنف د. س. الحكم التمهيدي الصادر عن محكمة المنطقة القضائية في بوكافو . وفي 7 شباط/فبراير 2016 ، استمعت محكمة الاستئناف إلى المرافعات الشفوية للطرفين بشأن الاستئناف ورُفعت الجلسة للمداولة. وفي تموز/ يوليه 2017 ، رفضت محكمة الاستئناف الاعتراض الذي أثاره د. س. وأحالت القضية مرة أخرى إلى محكمة المنطقة القضائية في بوكافو . ولا تزال القضية جارية منذ ذلك الحين.

2 - 12 واستمر احتجاز صاحب البلاغ السابق للمحاكمة في سجن بوكافو المركزي حتى 6 حزيران/ يونيه 2015 ، عندما وافقت المحكمة في نهاية المطاف على الطلب الثاني الذي تقدم به محاميه في 3 حزيران/يونيه 2015 من أجل الإفراج المؤقت. وفي 29 حزيران/يونيه 2015 ، قُبل صاحب البلاغ لإجراء فحوص طبية وتلقي العلاج الكامل في المستشفى العام في بانزي ، حيث تكفل بحالته طبيب شرعي متخصص في الجراحة. ويشير التقرير الطبي، الذي أُعدّ في 3 تموز/يوليه 2015 ، إلى "حالة عامة تتسم بالقلق؛ [...] على مستوى الصدر: سحجات مستقيمة، موازية لمستوى الجانب الخلفي من الجذع [...] وتشوه وتقوّس الساعد... وحركة الكب والبسط محدودة". ويشير التقرير أيض اً إلى وجود "كسر قديم في عظميْن من عظام الساعد الأيمن وآثار ضرب وإصابات ناتجة عن التعرض لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، "التعذيب"، انظر آثار الجلد على مستوى الظهر". كما يشير إلى أن "تقييم الأضرار [...] يكشف عن عجز مؤقت عن العمل لمدة 60 يوما ً ؛ وإعاقة جزئية دائمة بنسبة 25 في المائة؛ ودرجة عالية من الألم والمعاناة 6 / 7 ؛ وضرر جمالي طفيف 3 / 7 " ( ) .

2 - 13 ورغم الإفراج عن صاحب البلاغ، فإن الشكوى المقدمة ضد د. س. لا تزال جارية، ولم تتوقف التهديدات الموجهة إليه قط. فقد ظل صاحب البلاغ وأفراد أسرته يتعرضون لمحاولات الترهيب أو الاعتداءات المباشرة، سواء في الشارع أو في مركز الشرطة أو في المنزل ( ) . وفي كل مرة كان أفراد من أسرة د. س. ينفذون أعمال العنف بهدف تخويف صاحب البلاغ أو الحصول على الأموال التي يفترض أنه سرقها.

2 - 14 وفي 15 تموز/يوليه 2015 ، ألقي القبض على صاحب البلاغ مرة أخرى في منزله، دون مذكرة توقيف، وخضع للاستجواب والاحتجاز لعدة ساعات، واتُّهم هذه المرة بسرقة منزل د. س. وتأكدت السلطات بسرعة من أن صاحب البلاغ كان لا يزال محتجزا في سجن بوكافو المركزي وقت وقوع عملية السطو المزعومة، ومن ثم فإن التهم الموجهة إليه لا أساس لها من الصحة. وأُطلق سراح صاحب البلاغ بُعيد ساعات فقط من اعتقاله.

2 - 15 وفي 2 آذار/مارس 2015 ، أرسلت المنظمة غير الحكومية "الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب" طلب اً للتدخل العاجل بالنيابة عن صاحب البلاغ إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حتى يتسنى للإجراءات الخاصة المعنية اتخاذ إجراءات للمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه. وفي وقت لاحق، في 8 أيار/مايو 2015 ، قدمت الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب طلب اً فردي اً إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بشأن احتجاز صاحب البلاغ. وفي 3 أيلول/سبتمبر 2015 ، اعتمد الفريق العامل آراءه بشأن قضية صاحب البلاغ، حيث اعتبر أن عمليات الاعتقال والاحتجاز المتكررة التي تعرض لها صاحب البلاغ هي إجراءات تعسفية، وأن العنف الذي تعرض له في مباني وكالة الاستخبارات الوطنية يرقى إلى أعمال تعذيب. وأوصى الفريق العامل، في استنتاجاته، بأن تتخذ حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية جميع التدابير اللازمة لجبر الضرر المادي والمعنوي الخطير الذي لحق بصاحب البلاغ، وذلك بمنحه تعويضاً شاملاً وفقاً للفقرة 5 من المادة 9 من العهد. وطلب إلى الحكومة، علاوة على ذلك، أن تحقق في ظروف انتهاك حقوقه من أجل تحديد المسؤوليات والتحقق من أن ينال كل مذنب جزاءه ( ) .

2 - 16 ومنذ ذلك الحين، يتابع صاحب البلاغ بانتظام الإجراءات الوطنية التي شرع فيها. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2015 ، بعث برسالة إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يطلب فيها التدخل في قضيته من أجل إنصافه وجبر ما لحقه من أضرار. وفيما يتعلق بالإجراءات الجنائية أمام محكمة الصلح التي لم يُبت فيها بعدُ، استخدم د. س. سلسلة من "أساليب المماطلة" لمنع محاكمة صاحب البلاغ في غضون فترة زمنية معقولة أو إطلاق سراحه دون قيد أو شرط. أما فيما يتعلق بإجراء التكليف المباشر بالحضور ضد د. س. و ه. ك.، فإن بطء الإجراءات القضائية يحول دون السير الطبيعي للقضية، رغم المساعي التي بذلها صاحب البلاغ للتعجيل بالإجراءات. ولا تزال الحالة الاقتصادية لصاحب البلاغ وأسرته هشة للغاية. فالأسرة تكافح لكسب قوتها بالاعتماد على التجارة الصغيرة في الدقيق والمنيهوت .

2 - 17 وأخيراً يدعي صاحب البلاغ ما يلي: (أ) أن جميع التدابير المتاحة قد اتُّخذت لاستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ و(ب) أن سبل الانتصاف هذه تأخرت إلى حد غير معقول، حيث لم يُفتح تحقيق في ادعاءاته بالتعذيب، على الرغم من أنه أثار تعرضه للتعذيب في كانون الأول/ديسمبر 2014 لدى ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية وفي شكواه إلى مكتب المدعي العام في بوكافو ، إلا على إثر الشكوى التي رفعها في 27 شباط/فبراير 2015 إلى محكمة المنطقة القضائية في بوكافو ، ولأن قرار الإفراج المؤقت عنه لم يصدر إلا بعد تقديمه ثلاثة التماسات للغرض وبقي رهن الاحتجاز لمدة ستة أشهر، رغم الشوائب الجوهرية والإجرائية الواضحة التي شابت قرار اعتقاله واحتجازه؛ و(ج) أنه تبيّن أن سبل الانتصاف غير فعالة، لأن الشكوى الجنائية الأولى التي رفعها في كانون الأول/ديسمبر 2014 لم تحظ بالمتابعة، وظل الإجراء المتعلق بالتكليف المباشر بالحضور معلقاً لدى محكمة الدرجة الأولى في انتظار الفروغ من النظر في الاعتراضات الأولية الذي دام اثني عشر شهر اً تقريب اً من تاريخ إثارة الاعتراضات المذكورة؛ و(د) أن صاحب البلاغ يعرض نفسه للخطر إذا مارس سبل الانتصاف المحلية بعد محاولات الترهيب والتهديد التي دفعت صاحب البلاغ وأفراد أسرته إلى مغادرة حيِّهم في آب/أغسطس 2015 .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ انتهاك الدولة الطرف للمواد 7 ، و 9 ، و 10 ، مقروءة منفردةً وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، والمواد 14 ( 3 ) ( ب ) و(ز)، و 17 ، و 23 من العهد.

3 - 2 فقد تعرض صاحب البلاغ لسوء معاملة بالغة الخطورة سببت له معاناة شديدة وما زالت تؤثر على صحته. وقد ارتكب أعمال التعذيب هذه ه. ك.، وهو ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية، بهدف انتزاع اعتراف منه بالقوة أثناء احتجازه التعسفي في مقر الوكالة في الفترة من 17 كانون الأول/ ديسمبر 2014 إلى 14 كانون الثاني/يناير 2015 ، في انتهاك للمادة 7 من العهد.

3 - 3 ثم يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض لظروف احتجاز سيئة طوال فترة احتجازه، من 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى 6 حزيران/يونيه 2015 . وتشكل هذه الظروف، إلى جانب الحبس الانفرادي المطول، وصغر حجم الزنزانة التي أودِع فيها في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية، والتي لم يكن ممكن اً التحرك فيها بحيث اضطر إلى البقاء في نفس الوضع، ومنع الاتصال بأسرته ومحاميه، والحرمان من المساعدة الطبية، والتهديدات التي تعرض لها، اعتداءات على كرامة صاحب البلاغ وسلامته البدنية والمعنوية، وتمثل انتهاك اً للمادتين 7 و 10 من العهد.

3 - 4 علاوة على ذلك، فعلى الرغم من التقارير العديدة التي قدمها صاحب البلاغ عن تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة إلى مختلف السلطات، أول اً إلى سلطات وكالة الاستخبارات الوطنية، ثم إلى سلطات سجن بوكافو المركزي، وأخير اً إلى المحاكم، بتقديم شكويين جنائيتين وعدة طلبات للإفراج المؤقت، لم يُفتح أي تحقيق حتى آذار/مارس 2015 ، أي بعد نحو ثلاثة أشهر من تقديم ادعاءاته الأولى في هذا الصدد. وعلى الرغم من المساعي التي بذلها صاحب البلاغ، لا تزال الإجراءات القضائية أمام المحكمة الابتدائية متعثرة، ولم يُتَّخذ حتى الآن أي إجراء للقيام بتحقيق جدي. بل على العكس من ذلك، أبطأت السلطات الكونغولية الإجراءات بعدم احترامها الآجال القانونية أو بعدم معاقبة المتهمين على ما مارسوا من أساليب المماطلة. ويرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تكفل له سبيل انتصاف فعال اً، في انتهاك للفقرة 3 من المادة 2 ، مقروءةً بالاقتران مع المادتين 7 و 10 من العهد.

3 - 5 ويدعي صاحب البلاغ أيض اً انتهاك حقه في الحرية عندما سلبه ضباط وكالة الاستخبارات الوطنية حريتَه تعسفاً في الفترة من 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى 14 كانون الثاني/يناير 2015 . وفي وقت لاحق، انتُهك حقه في الحرية أيض اً عندما وُضع رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في سجن بوكافو المركزي في الفترة من 14 كانون الثاني/يناير إلى 6 حزيران/يونيه 2015 ، دون احترام الشروط التي ينص عليها القانون الكونغولي، لأن الأدلة التي أثارتها المحكمة لإدانة صاحب البلاغ تستند فقط إلى أقوال د.س. وإلى الوثائق التي أُجبر صاحب البلاغ على توقيعها تحت التعذيب وسوء المعاملة، دون أن يتمكن من الاطلاع على مضمونها مسبقا ً ( ) . لذا، يؤكد صاحب البلاغ أن احتجازه، الذي لم يكن له أساس قانوني ولم يحترم الضمانات الإجرائية، كان تعسفي اً منذ البداية. وأخير اً، انتُهك حقه في الحرية في 15 تموز/يوليه 2015 ، عندما أُلقي القبض على صاحب البلاغ مرة أخرى دون مذكرة توقيف واحتُجز لأغراض الاستجواب، قبل أن يطلق سراحه بعد ساعات قليلة. علاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت طوال فترة احتجازه حقه في احترام الضمانات الإجرائية المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، بما في ذلك حقه في أن يُبلغ بأسباب اعتقاله، بموجب الفقرة 2 ، وحقه في أن يقدم إلى قاض أو سلطة مختصة في أقرب وقت ممكن، بموجب الفقرة 3 ( ) ، وحقه في الرجوع إلى محكمة بموجب الفقرة 4 ( ) . وأخير اً، لم يُحترم حق صاحب البلاغ في الحصول على تعويض وفي إجراء تحقيق شامل في الانتهاكات التي تعرض لها أثناء الاحتجاز، عمل اً بالفقرة 5 من المادة 9 ، ولأغراض الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وبناء عليه، يدعي صاحب البلاغ أيض اً أن الدولة الطرف قد انتهكت الفقرة 3 من المادة 2 ، مقروءةً بالاقتران مع المادة 9 من العهد.

3 - 6 وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بضمان محاكمة عادلة له، ولا سيما بسبب قبول الاعترافات التي انتُزعت منه تحت التعذيب في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية كأدلة إثبات في إطار الإجراءات القضائية ضده. ولم يتمكن صاحب البلاغ من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه في مقر الوكالة، بما في ذلك أثناء الاستجوابات والمواجهات التي خضع لها، مما اضطره إلى التوقيع على وثائق دون أن يتمكن من قراءتها مسبق اً. وعلاوة على ذلك، لم يتمكن صاحب البلاغ، أثناء جلسة الاستماع التي عقدتها محكمة الصلح في 27 كانون الثاني/يناير 2015 ، والتي كان من المقرر أن تبت في قانونية احتجازه السابق للمحاكمة، من الحصول على مساعدة قانونية، في انتهاك صارخ للمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية. وأخير اً، لم يتسنّ له الاطلاع بالكامل على الوثائق اللازمة للطعن بفعالية في التهم الموجهة إليه ( ) . وفي هذا الصدد، لم تَفِ الدولة الطرف بالتزاماتها تجاه صاحب البلاغ بموجب الفقرتين 3 ( ب ) و(ز) من المادة 14 من العهد.

3 - 7 ثم يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للعديد من التدخلات غير القانونية في خصوصيته وأسرته ومنزله. ففي 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 و 15 تموز/يوليه 2015 ، تعرض صاحب البلاغ لاعتقالين تعسفيين وعنيفين على أيدي عملاء الدولة، وفي كل مرة تُنفَّذ العملية ليلاً في منزله. وقد شكلت الانتهاكات التي تعرض لها صاحب البلاغ خلال فترة احتجازه تدخلاً تعسفياً في خصوصيته، وأثرت على حياته المهنية، وعلى صحته البدنية والنفسية، وعلى حياته الأسرية. لذا، يعتبر أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 1 7 من العهد.

3 - 8 أخير اً، يدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 23 من العهد، لأن الجرائم والاعتداءات والتهديدات التي تعرض لها هو وأسرته أثرت تأثير اً خطير اً على الأسرة وعلى الحياة الأسرية. أول اً، كان لغيابه لأكثر من ستة أشهر أثر خطير على الظروف الاقتصادية لأسرته. ثاني اً، تسبب احتجازه التعسفي المطول في تفكك الأسرة وأثر سلباً على الصحة النفسية لمختلف أفراد الأسرة. وأخير اً، فإن الأضرار التي لحقت بصحة صاحب البلاغ النفسية والتهديدات والاعتداءات التي ارتُكبت في منزله واستهدفت أفراد أسرته بشكل مباشر أوجدت مناخاً يتسم بانعدام الأمن والخوف والترهيب دفع الأسرة إلى مغادرة الحي في آب/أغسطس 2015 .

3 - 9 ويطلب صاحب البلاغ الحصول على الجبر المناسب، بما في ذلك تدابير التعويض المالي عن الأضرار المادية وغير المادية التي لحقت به، وإعادة التأهيل الجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي، والترضية، فضل اً عن ضمانات بعدم التكرار مصحوبة باعتذار علني موجه إلى الضحية.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - طلبت اللجنة، في 7 حزيران/يونيه 2016 و 25 كانون الثاني/يناير 2017 و 3 تموز/يوليه 2017 و 14 أيلول/سبتمبر 2018 ، إلى الدولة الطرف أن توافيها بملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتأسف اللجنة لعدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات عن مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكِّر اللجنة بأن المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري تُلزم الدول الأطراف بأن تدرس بحسن نية جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وبأن تقدم إلى اللجنة كلّ ما لديها من معلومات. ونظراً لعدم ورود أي رد من الدولة الطرف، يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ ما تستحقه من اهتمام مادامت هذه الادعاءات مدعومة بالأدلة.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5 - 2 ووفقاً للفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، يجب على اللجنة أن تتحقق من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن قضية صاحب البلاغ قد نظر فيها الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الذي أصدر آراءه في 3 أيلول/سبتمبر 2015 . ولما كان الفريق العامل قد فرغ من النظر في القضية قبل تقديم هذا البلاغ إلى اللجنة، فإن هذه الأخيرة لن تبت في مسألة ما إذا كان نظر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في قضية ما يشكل إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود في الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . لذا، ترى اللجنة أن ليس هناك ما يحول دون قبول البلاغ بموجب هذا الحكم.

5 - 3 وبخصوص مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات معمّقة فيما تُبلَّغ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، وإنما يشمل أيضاً ملاحقة كل من يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وتشير اللجنة، من جهة أخرى، إلى اجتهاداتها السابقة التي مفادها أنه يجب على صاحب البلاغ، لأغراض المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري، أن يستنفد جميع سبل الانتصاف الإدارية أو القضائية التي تتيح له فرصة معقولة للانتصاف ( ) . وتحيط اللجنة علم اً بأن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية أي من الادعاءات المقدمة. وتحيط علماً أيضاً بالمعلومات والوثائق التي قدّمها صاحب البلاغ بشأن الشكاوى والطلبات التي رفعها إلى مختلف سلطات الدولة الطرف، والتي لم يفض أي منها فيما يبدو إلى فتح تحقيق. وتلاحظ اللجنة أن فترة ست سنوات قد انقضت منذ أن قدم صاحب البلاغ شكواه الأخيرة في 27 شباط/ فبراير 2015 من أجل التعذيب والاحتجاز والاعتقال التعسفييْن، دون أن يُتَّخذ أي قرار بشأن الأسس الموضوعية. وبناءً عليه، لما كان سبيل الانتصاف المحلي هذا استغرق مدة زمنية تتجاوز حدود المعقول، ومن ثم فهو لا يسمح لصاحب البلاغ بإثارة انتهاك حق من حقوقه بطريقة مجدية، تعتبر اللجنة أن سبيل الانتصاف هذا غير فعال بل ودون جدوى، وأن أحكام الفقرة 2 ( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

5 - 4 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته لأغراض المقبولية، ومن ثم فهي تشرع في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك المواد 7 و 9 و 10 ، مقروءةً منفردةً وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، والمواد 14 ( 3 ) ( ب ) و(ز)، و 17 ، و 23 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحب البلاغ، وتذكّر باجتهاداتها السابقة التي مفادها أن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة أن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن المعلومات اللازمة تكون في أغلب الأحيان بحوزة الدولة الطرف فقط ( ) .

6 - 3 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد التي تفيد بما يلي: (أ) أن المعاملة التي يزعم أنه تعرض لها أثناء احتجازه في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية في الفترة من 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى 14 كانون الثاني/يناير 2015 تشكل تعذيبا؛ و(ب) أنه احتُجز في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية في ظروف يرثى لها؛ و(ج) أنه احتُجز في الحبس الانفرادي من 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى 14 كانون الثاني/يناير 2015 ، دون إمكانية مغادرة زنزانة بالكاد أكبر من خزانة، مساحتها محدودة جداً لدرجة أنه لم يكن قادراً على التحرك داخلها، وكان مضطراً إلى البقاء دائماً في نفس الوضع. وتلاحظ اللجنة أن الحبس الانفرادي لمدد مطولة للشخص المحتجز أو المسجون قد يندرج ضمن الأفعال المحظورة بمقتضى المادة 7 من العهد ( ) . ثم تحيط اللجنة علماً بالادعاءات التي مفادها أن صاحب البلاغ تعرض للضرب المبرح بهراوة نتيجة لرفضه الاعتراف أثناء الاستجوابيْن، وأن والده أُجبر على مشاهدة ذلك أثناء الاستجواب الثاني. وتلاحظ اللجنة كذلك أن هذه الأفعال ارتكبها ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية بهدف انتزاع اعتراف قسري منه. وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن مختلف علامات التعذيب، بما في ذلك كسر في الساعد الأيمن، الموصوفة في تقرير الطب الشرعي المؤرخ 3 تموز/ يوليه 2015 ، الذي يشير إلى إعاقة جزئية دائمة بنسبة 25 في المائة، تؤكد هذه الادعاءات. ونظر اً لخطورة التهم، وفي ظل عدم ورود أي معلومات من الدولة الطرف تدحضها، تخلص اللجنة في هذه القضية إلى حدوث انتهاك للمادة 7 من العهد.

6 - 4 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة، على حِدَة، في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد.

6 - 5 وفيما يتعلق بالمادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بما يلي: ( أ) أنه اعتُقل دون أمر قضائي أو أساس قانوني من قبل ضباط وكالة الاستخبارات الوطنية، وسُلب حريتَه تعسف اً في الفترة من 17 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى 14 كانون الثاني/يناير 2015 ، أثناء احتجازه في مقر الوكالة، ثم في الفترة من 14 كانون الثاني/يناير 2015 إلى 6 حزيران/يونيه 2015 ، أثناء احتجازه في سجن بوكافو المركزي، في انتهاك للفقرة 1 ؛ و(ب) لم يُبلغ بأسباب اعتقاله، في انتهاك للفقرة 2 ؛ و(ج) لم يقدَّم إلى قاض أو سلطة مختصة في أقرب وقت ممكن، في انتهاك للفقرة 3 ؛ (د) لم يتسنَّ له الرجوع إلى محكمة، في انتهاك للفقرة 4 ؛ و(ه) لم تتوفر له إمكانية للحصول على تعويض، في انتهاك للفقرة 5 . وفي غياب أي معلومات من الدولة الطرف تدحض هذه الادعاءات، تخلص اللجنة إلى أن اعتقال صاحب البلاغ واحتجازه إجراءان تعسفيان وأن حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 من العهد قد انتُهكت ( ) .

6 - 6 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب المادتين 7 و 9 من العهد، مقروءتيْن بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، قد انتهكت نتيجة لعدم وجود سبل انتصاف فعالة من هذه الانتهاكات. وفي هذه القضية، مرت أكثر من ست سنوات على الشكوى الجنائية التي رفعها صاحب البلاغ في 20 كانون الأول/ديسمبر 2014 إلى النيابة العامة ضد د.س.، بسبب أعمال التعذيب والاحتجاز والاعتقال التعسفييْن، دون إجراء تحقيق فوري وسريع. وفي وقت لاحق، في 27 شباط/فبراير 2015 ، قدم صاحب البلاغ طلب اً إلى محكمة المنطقة القضائية في بوكافو لإصدار تكليف مباشر بالحضور ضد ه. ك. و د. س. بسبب أعمال التعذيب والاحتجاز والاعتقال التعسفيين، ولا تزال القضية قيد التحقيق في إطار إجراءات الدرجة الأولى، رغم المساعي التي بذلها صاحب البلاغ للتعجيل بالنظر في طلبه. وإذ تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي أسباب تبرر عدم اتخاذها أية تدابير لمعالجة الانتهاكات المزعومة، فإنها تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 7 و 9 ، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

6 - 7 وتلاحظ اللجنة أيض اً ادعاءات صاحب البلاغ التي مفادها أنه لم يتمكن من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية، وأثناء الاستجوابات والمواجهات التي تعرض لها، والتي اضطر في أعقابها إلى التوقيع على وثائق دون أن يتمكن من قراءتها مسبق اً، وأثناء جلسة محكمة الصلح في 27 كانون الثاني/يناير 2015 ، والتي كان من المفروض أن تبت في قانونية احتجازه السابق للمحاكمة، وأنه لم يتمكن من الحصول دون عوائق على الوثائق اللازمة للطعن في التهم الموجهة إليه بشكل فعال. وفي غياب أي طعن من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن هذه القيود تشكل انتهاك اً للفقرة للمادة 14 ( 3 ) (ب) من العهد، من حيث إن صاحب البلاغ لم تتوافر له التسهيلات اللازمة خلال مختلف مراحل الإجراءات لإعداد دفاعه والاتصال بمحاميه.

6 - 8 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ بأنه تعرض أثناء احتجازه للتعذيب على يد ضابط في وكالة الاستخبارات الوطنية استخدم القوة لإجباره على توقيع اعتراف. ويدعي أن هذه الاعترافات استُخدمت لسلبه حريتَه تعسفاً، في انتهاك لحقوقه بموجب المادة 14 ( 3 ) ( ز ) من العهد. وفي ضوء استنتاجات اللجنة بشأن انتهاك الحقوق المكفولة بموجب المادة 7 ، وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تحقّق في ادعاءات التعذيب التي أدلى بها صاحب البلاغ وأن الاعترافات التي انتُزِعت منه بالقوة احتُفظ بها كدليل واستُخدمت كأساس لتسويغ احتجازه السابق للمحاكمة، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها له المادة 14 ( 3 )( ز ) من العهد ( ) .

6 - 9 وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن ضباط وكالة الاستخبارات الوطنية اقتحموا منزل صاحب البلاغ للقبض عليه، وأن صاحب البلاغ ظل هو وأسرته يتعرضون للتخويف في الشارع أو في منزلهم بعد الإفراج المؤقت عنه. وتلاحظ اللجنة أيض اً أنه نتيجة لمحاولات التخويف والتهديد هذه، أُجبر صاحب البلاغ على تغيير مكان إقامته في آب/أغسطس 2015 . وتذكر اللجنة بأن الفصل التعسفي لصاحب البلاغ عن بقية أفراد أسرته والاعتداء على حياتهم الأسرية قد يثيران مسائل بموجب المادة 17 من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 23 ( 1 ). ونظراً لعدم ورود تعليقات من الدولة الطرف وفي ضوء جميع ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن هذه الوقائع تشكل تدخلاً تعسفياً وغير قانوني في خصوصية صاحب البلاغ وانتهاكاً لحرمة منزله وأسرته. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 17 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 23 من الاتفاقية ( ) .

7 - واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 7 و 9 من العهد، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المواد 2 ( 3 ) ، و 14 ( 3 ) ( ب ) و(ز)، وبموجب المادة 17 ، مقروءةً بمفردها وبالاقتران مع المادة 23 من العهد.

8 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 ) ( أ ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر الأضرار التي لحقت بمن انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد جبراً تاماً. وفي هذه القضية، يقع على الدولة الطرف التزام بالقيام بما يلي: (أ) أن تتابع على وجه السرعة، وعلى نحو فعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف، التحقيق والإجراءات الجنائية المتعلقيْن بالوقائع التي ادعى صاحب البلاغ حدوثها فيما يتعلق باعتقاله واحتجازه وتعذيبه أثناء احتجازه في مقر وكالة الاستخبارات الوطنية؛ و(ب) أن تلاحق جنائياً المسؤولين عن أي انتهاكات ارتُكبت وتحاكمهم وتعاقبهم بعقوبات تتناسب مع خطورة الانتهاكات؛ و(ج) أن تمد صاحب البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج التحقيق؛ و(د) أن تكفل لصاحب البلاغ الاستفادة بالمجان من تدابير إعادة التأهيل البدني والنفسي ومن العلاجات الطبية الملائمة؛ و(ه) أن تمنح صاحب البلاغ تعويضاً كافياً وتدابير ترضية مناسبة. ويتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تكفل عدم تكرار انتهاكات مماثلة في المستقبل.

9 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرّت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة بالبتّ فيما إذا كان العهد قد انتُهك أم لا، وتعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغة الرسمية.

المرفق

[الأصل: ب الإنكليزية]

رأي فردي لعضو اللجنة جنتيان زيبيري (مخالف جزئيا ً )

1 - أنا متفق مع ما خلصت إليه اللجنة من حدوث انتهاك للمادتين 7 و 9 ، مقروءتيْن منفردتيْن وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، والمادتين 14 ( 3 ) ( ب ) و (ز) و 17 من العهد. غير أنه كان ينبغي إعلان عدم قبول الادعاء المتعلق بانتهاك المادة 23 ، لأن صاحب البلاغ لم يُثر هذا الانتهاك على نحو كاف أمام السلطات المحلية. زد على ذلك أن الممارسة العامة للجنة هي أن تعتبر تطبيق المادة 23 غير ضروري متى خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادتين 7 و 9 ( ) .

2 - ولا تقدم اللجنة تفسير اً للأسباب التي جعلتها تقبل ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 23 ، حيث إنها أعلنت قبول الادعاء إلى جانب الادعاءات بموجب المادة 17 ، من دون التعمق في مناقشة المسألة. وبينما تلاحظ اللجنة مع الأسف أن الدولة الطرف لم تف، مرة أخرى، بواجبها التعاون مع اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري، حيث إنها لم تستجب للدعوات التي وجهتها إليها من أجل تقديم ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية لفترة تزيد على سنتين، لا يسعها إلا أن تعرب عن الارتياح لأن صاحب البلاغ أثار أمام الهيئات المختصة المحلية الادعاءات المعروضة عليها لاستيفاء شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

3 - وفي القضية قيد النظر، رفع صاحب البلاغ على الصعيد المحلي دعاوى تتعلق بانتهاكات المواد 7 ، و 9 ، و 10 ، و 14 ، ولكنه لم يثر انتهاك حقوقه بموجب المادة 23 . وتقدم صاحب البلاغ بطلب إلى محكمة المنطقة القضائية في بوكافو (محكمة ذات اختصاصات واسعة) من أجل محاكمة ه. ك. ود. س. بتهمة التعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفيين ( ) ، وتابع بانتظام الإجراءات الوطنية التي باشرها ( ) . وقد أبلغ في مناسبات عديدة مختلف السلطات بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة، وأول هذه السلطات وكالة الاستخبارات الوطنية؛ ثم في مرحلة ثانية سلطات سجن بوكافو المركزي؛ وأخيراً، في مرحلة ثالثة، المحاكم التي قدم إليها شكوييْن جنائيتيْن وعدة طلبات من أجل الإفراج بكفالة ( ) . غير أن صاحب البلاغ لم يُثر فيما يبدو في إطار مختلف الشكاوى التي رفعها إلى السلطات المحلية أي ادعاء ذا صلة بانتهاك المادة 23 . ونظر اً للمدة الطويلة التي قضاها صاحب البلاغ في متابعة الإجراءات أمام السلطات المحلية، فإنه من الصعب فهم الأسباب التي جعلته لا يثير الادعاء المتعلق بانتهاك المادة 23 أمام نفس السلطات، رغم ما يدعى من ضغوط أو تهديدات تعرض لها. ومن ثم، كان ينبغي إعلان عدم قبول هذا الادعاء.