الأمم المتحدة

CCPR/C/130/D/2429/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 February 2021

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2429/2014 * **

المقدم من: كورمانبيك شينيبيكوف (يمثله المحامي أوتكير جبّاروف )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: 20 كانون الأول/ديسمبر 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من نظام اللجنة الداخلي، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 حزيران/ يونيه 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 30 تشرين الأول/أكتوبر 2020

الموضوع: التعذيب؛ والاحتجاز التعسفي

المسائل الإجرائية: لا توجد

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ وعدم إجراء تحقيق فعال؛ والاحتجاز التعسفي؛ وقرينة البراءة

مواد العهد: 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 2(2) و(3)(أ)، و9(1) و(3) و(4)، و10(1)، و14(2) و(3)(ز)

مواد البروتوكول الاختياري: 2، و5(2)(ب)

1- صاحب البلاغ هو كورمانبيك شينيبيكوف ، وهو مواطن من قيرغيزستان، مولود في عام 1980. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3)(أ)، والمواد 9(1) و(3) و(4)، و10(1)، و14(2) و(3)(ز) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 7 كانون الثاني/يناير 1995. ويمثل محام صاحبَ البلاغ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في 22 نيسان/أبريل 2007، في الساعة 11:00، ألقى عناصر تابعون لدائرة الشرطة في مقاطعة أكسي القبض على صاحب البلاغ للاشتباه في سرقته ماشيةً. ولدى إلقاء القبض عليه، اعترف طوعاً بسرقة بقرة مع شريك له في 17 نيسان/أبريل 2007. وأثناء وجوده في مركز شرطة مقاطعة أكسي، ضربه أربعة من عناصر الشرطة لرفضه الاعتراف بسرقات عدة أخرى للماشية وقعت في المنطقة في وقت سابق. أولاً، اقتاد عناصر الشرطة صاحب البلاغ إلى مكتب المحقق ب.، حيث قيدوا يديه خلف ظهره ولكموه على رأسه مرات عدة، ثم وضعوا كيساً بلاستيكياً على رأسه، الأمر الذي جعله يختنق. وبعد أن فقد وعيه وسقط على الأرض، ركلوه على معدته وكليتيه. ثم اقتادوه إلى قاعة الرياضة بمركز الشرطة حيث واصلوا لكمه وركله وضرب قدميه بهراوات، ثم أعطى أحدهم، واسمه د.، صاحب البلاغ فلفلاً حاراً وأجبره على مضغه. وبعدئذ، اقتيد إلى غرفة أخرى بالقرب من مكتب المحقق، حيث خلعوا سرواله وجعلوه يجثم وعلى رأسه كيس من البلاستيك، وقيدوا قدميه ويديه وأدخلوا جسماً معدنياً في فتحة شرجه، الأمر الذي أدى إلى فقدانه الوعي مرة أخرى. ولما لم يتمكن من تحمل الألم، اعترف بست سرقات للماشية.

2-2 وفي 23 نيسان/أبريل 2007، دعت الشرطة طاقماً تلفزيونياً إلى مركز الشرطة وأجبروا صاحب البلاغ على الاعتراف بجميع السرقات تلك على الكاميرا. وبعد أسبوع، بث التلفزيون الوطني برنامجاً يتضمن اعترافه.

2-3 وفي 25 نيسان/أبريل 2007، اتُّهم صاحب البلاغ رسمياً بجميع الجرائم التي اعترف بها. واستندت التهم إلى اعترافه فقط. وفي اليوم نفسه، أمر المدعي العام لمقاطعة أكسي باحتجازه قبل المحاكمة لمدة شهرين.

2-4 وفي 26 نيسان/أبريل 2007، أرسل رئيس بلدية أكسي رسالة إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي ذكر فيها أنه يرجو أن يتوصل مكتب المدعي العام للمقاطعة إلى حل قضايا أخرى تتعلق بسرقة الماشية، وأنه ينبغي معاقبة صاحب البلاغ وشريكه العقاب المناسب، وأنه سيتولى شخصياً مراقبة قضية صاحب البلاغ.

2-5 وفي 25 نيسان/أبريل 2007، قال صاحب البلاغ لأخيه خلال زيارته له إنه عُذب وأُجبر على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها. وقال له أيضا ً إنه لم يجرأ على الحديث عن التعذيب وعن إكراهه على الشهادة ضد نفسه أثناء الاحتجاز، لكنه سيفعل ذلك أثناء المحاكمة.

2-6 وفي 26 نيسان/أبريل 2007، اتصل أخو صاحب البلاغ بمنظمة حقوق الإنسان غير الحكومية المحلية، واسمها "الأمل والسلام"، لطلب المعونة القضائية. وفي اليوم نفسه، رفعت المنظمة شكوى إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي بشأن التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ في 22 نيسان/أبريل 2007. وفي اليوم نفسه أيضا، بدأ مكتب المدعي العام لمقاطعة أكسي تحقيقاً في ادعاءات صاحب البلاغ. وبعد أن انتهى ذلك إلى علم عناصر دائرة الشرطة في مقاطعة أكسي، ضربوه مرة أخرى وحذروه من أنه إن لم ينكر أمام مكتب المدعي العام أي سوء معاملة، فإنه سيتحمل عواقب ذلك. وفي 27 نيسان/أبريل 2007، استجوب نائب المدعي العام للمقاطعة صاحب البلاغ بشأن ادعاءاته وطلب منه إجراء فحص طبي شرعي. لكنْ لما كان خائفاً من رد فعل الشرطة، أنكر أنه عُذب، ورفض الخضوع لفحص طبي شرعي، وعزا إصاباته إلى سقوطه من على صهوة حصان. وفي 4 أيار/مايو 2007، رفض نائب المدعي العام للمقاطعة فتح تحقيق جنائي لعدم وجود جريمة.

2-7 وبسبب الضرب الذي تعرض له صاحب البلاغ، أصيب بألم حاد في كليتيه. وفي بداية أيار/ مايو 2007، تمكن من إرسال مذكرات عدة إلى أخيه يصف فيها ألمه ويسمي عناصر الشرطة المسؤولين عن إصاباته. وفي 18 أيار/مايو 2007، طُلبت سيارة إسعاف لصاحب البلاغ بسبب الألم في كليتيه. ونصح المساعد الطبي موظفي مرفق الاحتجاز بتصوير كليتي صاحب البلاغ بالموجات فوق الصوتية وتحليل بوله. ومع ذلك، لم يُجرَ أي من الفحصيْن.

2-8 وفي 31 أيار/مايو و1 حزيران/ يونيه 2007، قدم محامي صاحب البلاغ التماسات إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي يطلب فيها إجراء فحص طبي عاجل له وإدخاله المستشفى بسبب الإصابات التي لحقت به نتيجة التعذيب. وفي 1 حزيران/ يونيه 2007، خضع صاحب البلاغ لفحص في مستشفى مقاطعة أكسي حيث شُخص إصابته بكدمات في الأغشية الرخوة على ساعديه ورأسه وجسمه وإصابات في كليتيه قد تكون ناجمة عن جسم حاد. ورغم توصية الأطباء بإدخاله المستشفى لتلقي العلاج، أعيد إلى مرفق الاحتجاز.

2-9 وفي 6 حزيران/ يونيه 2007، رفع محامي صاحب البلاغ شكوى أخرى إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي عرض فيها تفاصيل عن التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ على أيدي الشرطة. وأرفق بالشكوى نتائج الفحص الطبي لصاحب البلاغ، وإفادة خطية مشفوعة بيمين موقعة من زميل صاحب البلاغ في الزنزانة الذي شهد معاناته، ونسخاً من المذكرات التي تمكن صاحب البلاغ من إرسالها إلى أخيه من مكان احتجازه. ورفع المحامي شكوى أخرى إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي في 7 حزيران/ يونيه 2007. وفي 15 حزيران/ يونيه 2007، رفض مساعد المدعي العام لمقاطعة أكسي فتح تحقيق جنائي لعدم وجود دليل على أن الشرطة هي التي تسببت في الإصابات وأن صاحب البلاغ نفسه أنكر في السابق تعرضه للتعذيب. واستند الرفض إلى شهادة صاحب البلاغ نفسه التي أدلى بها في 27 نيسان/أبريل 2007 وإلى التوضيحات التي قدمها ثلاثة من عناصر الشرطة الأربعة الذين اتهمهم صاحب البلاغ بتعذيبه.

2-10 وفي 12 حزيران/ يونيه 2007، عقب استئناف صاحب البلاغ، أفرجت محكمة مقاطعة أكسي عن صاحب البلاغ من الاحتجاز السابق للمحاكمة. غير أنه بعد مرور نصف ساعة على ذلك، تحت ضغط ضحايا الجرائم المزعومة، ألغى القاضي قراره وأمر بوضع صاحب البلاغ رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وفي 13 حزيران/ يونيه 2007، استأنف محامي صاحب البلاغ قرار محكمة مقاطعة أكسي واشتكى من تصرفات القاضي إلى رئيس محكمة جلال آباد الإقليمية. وفي 14 حزيران/ يونيه 2007، نُقل صاحب البلاغ إلى مستشفى مقاطعة أكسي لتلقي العلاج. وفي 25 حزيران/ يونيه 2007، أُطلق سراحه من المستشفى في انتظار المحاكمة.

2-11 وفي 31 تموز/يوليه 2007، أدانت محكمة مقاطعة أكسي صاحب البلاغ بتهمة سرقة ماشية وغرَّمته.

2-12 وفي 9 آب/أغسطس 2007، استأنف صاحب البلاغ أمام محكمة مقاطعة أكسي قرار مساعد المدعي العام لمقاطعة أكسي المؤرخ 15 حزيران/ يونيه 2007 عدم فتح تحقيق جنائي. وفي 20 آب/أغسطس 2007، رفضت محكمة مقاطعة أكسي استئنافه. وجاء في حكم المحكمة عدم وجود دليل على التعذيب لأن عناصر الشرطة أنكروه، وعزا صاحب البلاغ نفسه إصاباته إلى سقوط من على صهوة حصان. وفي 30 آب/أغسطس 2007، استأنف صاحب البلاغ هذا الحكم أمام محكمة جلال آباد الإقليمية. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2007، أيدت محكمة جلال آباد الإقليمية قرار المحكمة المحلية. وفي 6 شباط/فبراير 2008، أكدت المحكمة العليا في قيرغيزستان أحكام المحاكم الأدنى درجة.

2-13 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي موظفي إنفاذ القانون وأن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد ولم تحقق في شكاواه بفعالية، الأمر الذي ينتهك المادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(2) و(3)(أ) من العهد.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة 9(3) و(4) من العهد، لأن المدعي العام للمقاطعة الذي أمر باحتجازه قبل المحاكمة لم يكن مؤهلاً لممارسة السلطة القضائية في هذا الصدد. ورغم توصية اللجنة إلى الدولة الطرف في ملاحظاتها الختامية المؤرخة 24 تموز/يوليه 2000 ( ) ، لضمان مثول جميع المعتقلين أمام قاضٍ على جناح السرعة، لم يوقع الرئيس التعديلات ذات الصلة على القانون حتى 25 حزيران/ يونيه 2007.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة 10(1) من العهد لأنه كان محتجزاً قبل المحاكمة دون أن يحصل على مساعدة طبية جيدة رغم تدهور حالته الصحية وتوصيات الأطباء بإدخاله المستشفى. ويدفع بأن الدولة الطرف لم تتقيد، في قضيته، بالمعايير الدنيا للاحتجاز بخصوص توفير الرعاية الطبية والعلاج للسجناء المرضى، وفقاً للقاعدة 22 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.

3-4 ويدفع صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب المادة 14(2) من العهد انتهكت بالبرنامج التلفزيوني الذي بث اعترافه الحاصل بالإكراه على شاشة التلفزيون الوطني، وبالرسالة الموجهة من عمدة مقاطعة أكسي إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي. ويدعي أن الرسالة التي بعث بها العمدة والتي تفيد بأنه ينبغي أن يُعاقب العقاب المناسب وأن العمدة سيراقب قضية صاحب البلاغ شخصياً، أدت إلى عدم إجراء مكتب المدعي العام للمقاطعة تحقيقاً مناسباً في الادعاءات التي تفيد بأنه عُذب.

3-5 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة 14(3)(ز) من العهد لأنه أُجبر على الاعتراف تحت التعذيب.

3-6 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة ما يلي: (أ) أن تطلب إلى الدولة الطرف إجراء تحقيق فعال وشفاف في ادعاءاته تعرضه للتعذيب، ومقاضاة الجناة في حال ثبوتها؛ و(ب) أن تطلب إليها تعويضه تعويضاً كافياً؛ و(ج) أن توصيها بإنشاء هيئة مستقلة للتحقيق في ادعاءات التعذيب؛ و(د) أن توصيها أيضا بتعديل تشريعاتها لضمان إجراء التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان وفقاً للمبادئ والضمانات التي ينص عليها العهد؛ و(ه) أن تطلب إليها اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 6 شباط/فبراير 2015، ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية. وتدفع بأن صاحب البلاغ قُبض عليه في 22 نيسان/أبريل 2007 للاشتباه في سرقته ماشية. وفي 31 تموز/يوليه 2007، أدين وحكم عليه بدفع غرامة قدرها 000 10 سوم. ولم يستأنف صاحب البلاغ هذا الحكم.

4-2 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ رفض، أثناء تحقيق المدعي العام في ادعاءات التعذيب، إجراء فحص طبي شرعي وأنكر تعرضه للتعذيب. وأسفرت التحقيقات عن رفض مساعد المدعي العام المحلي فتح تحقيق جنائي. وأيدت محكمة مقاطعة أكسي ومحكمة جلال آباد الإقليمية والمحكمة العليا قرار الرفض هذا في وقت لاحق.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5-1 في 7 أيار/مايو 2015، قدّم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. ويكرر أنه رفض الخضوع لفحص طبي لأنه كان يخشى أن يضربه عناصر الشرطة انتقاماً منه، خاصة أنه كان في متناولهم بسهولة أثناء احتجازه لدى دائرة شرطة مقاطعة أكسي. ولردعه عن الشكوى، هدده عناصر الشرطة وضربوه قُبيل استجواب نائب المدعي العام إياه في 27 نيسان/أبريل 2007. ويشير إلى أنه خضع، على أية حال، لفحص طبي كشف عن إصاباته.

5-2 ويجادل صاحب البلاغ بأنه لا توجد سبل انتصاف قانوني محلية في قيرغيزستان يمكن أن تثبت وجود انتهاك لافتراض البراءة، وهو سبب عدم استئنافه الحكم الصادر في حقه، ويرى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6-2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 2(2) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 منه. وتكرر أنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام المادة 2 في سياق ادعاء يرد في بلاغ مقدم في إطار البروتوكول الاختياري، بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد، إلا إن كان عدم تقيّد الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لانتهاك منفصل للعهد يؤثر مباشرة في الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) . وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن صاحب البلاغ يدّعي حدوث انتهاك للمادة 2(2)، بالاقتران مع المادة 7، لأن الدولة الطرف لم تتخذ تدابير لمنع التعذيب والتحقيق بفعالية في شكاواه، وتوفير سبل انتصاف فعالة له. غير أن اللجنة ترى، استناداً إلى المعلومات الواردة في الملف، أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية على هذا الادعاء لأغراض المقبولية بطريقة تجعلها متميزة عن الادعاءات التي قدمها بموجب المادة 7، وتعلن أنه غير مقبول بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-4 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف القانوني المتاحة محلياً. وتلاحظ أن الدولة الطرف، وإن كانت لا تدعي عدم مقبولية ادعاءات صاحب البلاغ بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدفع بأن صاحب البلاغ لم يستأنف الحكم الصادر عن محكمة مقاطعة أكسي المؤرخ 31 تموز/يوليه 2007، الأمر الذي يجعل ادعاءه انتهاك المادة 14(2) غير مقبول. وتذكّر اللجنة بأن الغرض من المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري هو، في جملة أمور، توجيه ضحايا انتهاكات أحكام العهد المحتمَلين إلى أن يلتمسوا، في المقام الأول، ترضية من السلطات المختصة في الدولة الطرف، وتمكين الدول الأطراف في الوقت نفسه من النظر، بالاستناد إلى الشكاوى الفردية، في تنفيذ أحكام العهد، داخل أراضيها ومن قبل أجهزتها، وعند الاقتضاء، تصحيح الانتهاكات التي تحدث قبل رفع القضية إلى اللجنة كي تنظر فيها ( ) . وتحيط اللجنة علماً بما ورد في إفادة صاحب البلاغ من أنه لا توجد سبل انتصاف قانوني محلية متاحة في قيرغيزستان يمكن من خلالها إثبات انتهاك قرينة براءته بموجب المادة 14(2) من العهد (انظر(ي) الفقرتين 3-4 و5-2 أعلاه)، لكنها تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يُثر هذا الادعاء سواء أثناء المحاكمة أو في أي وقت بعدئذ، وأنه لم يتسنّ للمؤسسات المحلية، نتيجة لذلك، مراجعة امتثال العهد بخصوص هذا الادعاء. وتذكّر اللجنة بأن مجرد الشك في فعالية سبل الانتصاف المحلية لا يعفي صاحب البلاغ من شرط استنفادها وبأن مسؤولية تنفيذ القواعد الإجرائية المعقولة تقع على عاتق صاحب البلاغ ( ) . وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن ادعاء صاحب البلاغ المتعلق بانتهاك المادة 14(2) من العهد غير مقبول بمقتضى المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-5 ويبدو أن البلاغ يثير أيضاً قضايا في إطار المادة 9(1) من العهد تتصل بادعاء صاحب البلاغ بشأن التعسف في احتجازه وإجراءات المراجعة القضائية لقرار الاحتجاز، وإن كان صاحب البلاغ لم يطرح هذه المسائل في بلاغه.

6-6 وفيما يتعلق بالادعاءات المتبقية بموجب المادة 7، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3)(أ)، والمواد 9(3) و(4)، و10(1)، و14(3)(ز)، من العهد، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ حاول، رغم عدم استئنافه الحكم الجنائي الصادر في حقه، أن يلتمس ترضية السلطات المختصة في الدولة الطرف والانتصاف عن الانتهاكات من خلال شكاواه إلى مكتب المدعي العام والمحاكم، حتى المحكمة العليا. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذه الادعاءات، وتعتبرها مدعومة بأدلة كافية، لأغراض المقبولية، وتمضي في نظرها في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، حسبما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن عناصر تابعين لدائرة الشرطة في مقاطعة أكسي ألقوا القبض عليه في 22 نيسان/أبريل 2007، في الساعة 11:00، للاشتباه في سرقته ماشيةً. وأثناء وجوده في مركز شرطة مقاطعة أكسي، ضربه أربعة من عناصر الشرطة لرفضه الاعتراف بسرقات عدة للماشية وقعت في المنطقة في وقت سابق. وأفاد بأنه قُيدت يداه ولُكم رأسه، ورُكل في معدته وكليتيه، ووُضع كيس بلاستيكي على رأسه، الأمر الذي جعله يختنق ويفقد وعيه، وضُرب على قدميه بهراوات وأُجبر على مضغ فلفل حار، وأُدخل جسم معدني فتحةَ شرجه، الأمر الذي جعله يفقد وعيه مجددا ً . ولما لم يتمكن من تحمل الألم، اعترف بست سرقات للماشية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم رواية مفصلة للمعاملة التي يدعي أنه عومل بها، مدعومة بدليل طبي. وجاء في تقرير الفحص الطبي الذي خضع له في مستشفى مقاطعة أكسي في 1 حزيران/ يونيه 2007، أي بعد خمسة أسابيع من إلقاء القبض عليه، أن التشخيص ظل على ما هو عليه: كدمات في الأغشية الرخوة على ساعديه ورأسه وجسمه وإصابات في كليتيه قد تكون ناجمة عن جسم حاد. وفي 14 حزيران/ يونيه 2007، نُقل إلى مستشفى مقاطعة أكسي لتلقي العلاج. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف التي تذهب إلى أن صاحب البلاغ رفض، أثناء التحقيق الذي أجراه مكتب المدعي العام للمقاطعة في ادعاءات التعذيب في 27 نيسان/أبريل 2007، الخضوع لفحص طبي شرعي، وأنكر أن يكون تعرض للتعذيب. ويجادل في هذا الصدد بأنه رفض هذا الفحص لأنه كان يخشى أن يضربه عناصر الشرطة انتقاماً منه، خاصة أنه كان في متناولهم بسهولة أثناء احتجازه لدى دائرة شرطة مقاطعة أكسي. والحال أنه يدعي أن عناصر من الشرطة ضربوه قُبيل استجواب نائب المدعي العام للمقاطعة إياه في 27 نيسان/أبريل 2007 (انظر(ي) الفقرتين 2-6 و5-1).

7-3 وتذكِّر اللجنة بأن الدولة الطرف مسؤولة عن أمن أي شخص تحتجزه، وأنه، عندما تبدو على أي محتجَز علامات إصابة، يتعين على الدولة الطرف أن تقدم الأدلة التي تثبت عدم مسؤوليتها ( ) . وقد رأت اللجنة في مناسبات عديدة أن عبء الإثبات في قضايا من هذا القبيل لا يمكن أن يقع على عاتق صاحب البلاغ بمفرده، لا سيما بالنظر إلى أن الدولة الطرف هي وحدها التي يمكنها عادةً الحصول على المعلومات ذات الصلة ‬ ( ) . ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف أي حجج محددة لتكذيب ادعاءات صاحب البلاغ، تقرر اللجنة أنه يجب إيلاء ادعاءاته ما تستحق من اعتبار.

7-4 وفيما يخص التزام الدولة الطرف بالتحقيق كما يجب في ادعاءات تعرّض صاحب البلاغ للتعذيب، تذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن التحقيق الجنائي وما يترتب عليه من مقاضاة سبيلان ضروريان للانتصاف عن انتهاكات حقوق الإنسان، مثل الحقوق التي تحميها المادة 7 من العهد ( ) . وتذكّر أيضاً بأنه يتعين على كل دولة طرف، ما إن تُقدَّم شكوى تتعلق بسوء معاملة تتعارض مع المادة 7، أن تحقق فيها على الفور وبنزاهة لجعل سبيل الانتصاف فعالاً ( ) .

7-5 وتشير اللجنة إلى أن الشكوى الأولية بشأن التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ قُدمت، في القضية محل النظر، إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي في 26 نيسان/أبريل 2007. وتلاحظ أنه على الرغم من سرعة شروع مكتب المدعي العام المحلي في التحقيق في ادعاءات التعذيب، فقد أُغلق التحقيق في 4 أيار/مايو 2007 بعد أن أنكر صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب ورفض الخضوع لفحص طبي لإصاباته خوفاً من الانتقام. وتشير اللجنة أيضا ً إلى أن محامي صاحب البلاغ قدم في 31 أيار/مايو و1 و6 و7 حزيران/ يونيه 2007 التماسات عدة إلى المدعي العام لمقاطعة أكسي تفصّل القول في ادعاءات صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب وتطلب إجراء فحص طبي عاجل له وإدخاله المستشفى بسبب الإصابات التي لحقت به نتيجة التعذيب. وتلاحظ اللجنة أن محامي صاحب البلاغ قدم، إلى جانب الشكوى، نتائج الفحص الطبي الذي كشف عن إصابات صاحب البلاغ، وإفادة خطية مشفوعة بيمين موقعة من زميل صاحب البلاغ في الزنزانة الذي شهد معاناته ونسخاً من المذكرات التي تمكن صاحب البلاغ من إرسالها إلى أخيه من مكان احتجازه. غير أن مساعد المدعي العام لمقاطعة أكسي رفض مرة أخرى في 15 حزيران/ يونيه 2007 فتح تحقيق جنائي في ادعاءات صاحب البلاغ استناداً إلى الشهادة التي أدلى بها صاحب البلاغ في 27 نيسان/أبريل 2007 تحت وطأة الإكراه لأنه كان يخشى تعرضه لأعمال انتقامية وإلى الإيضاحات التي قدمها ثلاثة من عناصر الشرطة الأربعة الذين اتهمهم صاحب البلاغ بتعذيبه. ولا يوجد في ملف القضية ما يدل على أن المراجعة التي أجرتها المحاكم فيما بعد لقرار مساعد المدعي العام رفضَ فتح تحقيق جنائي لعدم وجود جريمة قد تجاوزت نطاق التحقيق الأول الذي أجراه مكتب المدعي العام المحلي. وفي ظل عدم وجود أي معلومات وجيهة، وبالنظر إلى ملابسات القضية موضع النظر، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للحقوق المكفولة لصاحب البلاغ بمقتضى المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادتين 2(3)(أ) و14(3)(ز) من العهد.

7-6 وفي ضوء الاستنتاجات السابقة، لن تنظر اللجنة في ادعاء صاحب البلاغ في إطار المادة 10(1) من العهد.

7-7 وادعى صاحب البلاغ أيضا انتهاك المادة 9(3) من العهد لأن المدعي العام، وليس القاضي، هو من أقر وضعه رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وتذكّر اللجنة بأنه وفقا ً للأحكام الواردة في تعليقها العام رقم 35(2014) يجب أن يمثل المحتجز دون إبطاء أمام قاض أو أحد الموظفين المخوّلين قانونا ً مباشرة وظائف قضائية، وأن من الطبيعي في الممارسة السليمة للسلطة القضائية أن تباشرها هيئة مستقلة وموضوعية ونزيهة. وتكرر اللجنة في هذا السياق أنه لا يمكن اعتبار المدعي العام موظفاً يمارس سلطة قضائية بموجب المادة 9(3) من العهد ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن الوقائع المذكورة أعلاه تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بمقتضى المادة 9(3) من العهد. ‬

7-8 وتشير اللجنة أيضاً إلى ادعاء صاحب البلاغ الذي لا جدال فيه أن محكمة مقاطعة أكسي أطلقت سراحه في 12 حزيران/ يونيه 2007 من الاحتجاز السابق للمحاكمة. غير أنه بُعيد ذلك، تحت ضغط ضحايا الجرائم المزعومة، ألغى القاضي شفويا ً قراره وأمر بوضع صاحب البلاغ رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة مرة أخرى. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بأن المادة 9(4) تشترط أن يكون للمحكمة التي تعيد النظر سلطة إصدار أمر بالإفراج عمن يُحتجز احتجازا غير قانوني، وأنه عندما يصبح الأمر القضائي بالإفراج بموجب المادة 9(4) نافذاً، يجب امتثاله فوراً؛ ومن شأن استمرار الاحتجاز أن يكون تعسفياً، الأمر الذي ينتهك المادة 9(1) ( ) . واستناداً إلى الوثائق المقدمة، ترى اللجنة أن قرار محكمة مقاطعة أكسي الإفراج عن صاحب البلاغ من الاحتجاز السابق للمحاكمة لم يُلغ قط بقرار رسمي؛ وبدلاً من ذلك، ظل رهن الاحتجاز حتى 14 حزيران/ يونيه 2007 عندما نُقل إلى المستشفى. ولما لم تقدم الدولة الطرف أي تفسير في هذا الصدد، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 9(1) من العهد. وفي ضوء هذا الاستنتاج، لن تدرس اللجنة على حِدَة ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 9(4) من العهد.

8- واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 2(3)(1) و14(3)(ز) و9(1) و(3) منه.

9- وعملاً بالمادة 2(3)(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا يقتضي منها جبر ما يلحق من انتُهِكت حقوقهم المكفولة بالعهد جبراً تاماً. وبناء على ذلك، يقع على الدولة الطرف التزام بأمور منها اتخاذ التدابير المناسبة لإجراء تحقيق عاجل ونزيه في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعذيبه، ومقاضاة الجناة إن ثبتت هذه الادعاءات، ومنحه التعويض الكافي. والدولة الطرف ملزمة أيضا ً باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة بتحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.