الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2988/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 December 2021

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2988/2017 * **

بلاغ مقدم من: فيليب روديار بسيس (يمثله المحامي فريدريك فابر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 1 آذار/مارس 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 13 حزيران/ يونيه 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 آذار/مارس 2021

الموضوع: حماية الأسرة؛ الخصوصية؛ حرية التعبير؛ المحاكمة العادلة؛ المشاركة في الحياة العامة

المسائل الإجرائية: المقبولية؛ عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ الحق في الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في شؤون الأسرة؛ الحق في حرية التعبير

مواد العهد: 2 ( 3 )، و 14 ( 1 )، و 17 ، و 19 ، و 25

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5 ( 2 )(أ)

1 - صاحب البلاغ هو فيليب روديار بسيس ، وهو مواطن فرنسي مولود في تونس عام 1954 . ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 والمادتين 14 و 19 من العهد. وقد انضمت فرنسا إلى البروتوكول الاختياري في 17 شباط/فبراير 1984 . ويمثّل صاحبَ البلاغ المحامي فريديريك فابر.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 كان صاحب البلاغ جرّاح أسنان وقت وقوع الأحداث. ومارس مهنة المحاماة بعد إقصائه اسمه مدى الحياة من الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان. وعمل كذلك صحفياً مستقلاً في المجلة المهنية لأطباء الأسنان المستقلين ( Indépendentaire ) التي كان يكتب فيها عموداً بعنوان "العدالة والظلم".

2 - 2 وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 ، نشر صاحب البلاغ في المجلة المهنية لأطباء الأسنان المستقلين رسالةً مفتوحةً وجّهها إلى رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، ألان جوبيه، يشرح فيها الخلل الوظيفي في الإجراءات ال متعلقة بالهيئات المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب في فرنسا. ومُنح المجلس الوطني للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان حق الرّد في العدد 44 من المجلة. وقد قوبلت هذه السابقة بعداوة داخل المجلس. وعلاوة على هذه الحادثة، كان صاحب البلاغ من بين المحرضين على رفع دعوى في عام 2006 أسفرت عن فرض غرامة على الهيئة وعلى عضو في المجلس.

2 - 3 وفي 27 تموز/يوليه 2007 ، تلقى صاحب البلاغ شكوى قدمها ضده كل من المجلس الوطني للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان والمجلس المحلي للهيئة نفسها في باريس، إلى الدائرة التأديبية الابتدائية التابعة لدائرة إيل دو فرانس. وألقي عليه اللوم لما كتبه عن رحيل رئيسٍ سابقٍ لمحاكم المجلس الوطني للهيئة، عقب صدور حكم جنائي بإدانة الهيئة، واصفاً رحيله بأنه "متنفّس". واتُّهم كذلك بدعوة الممارسين، من خلال مقالاته، إلى الكف عن دفع عدّة اشتراكات للهيئة وبالدعاية لتدريبات مدفوعة الأجر من خلال انتقاد التدريبات التي تنظمها الهيئة.

2 - 4 وفي 11 أيلول/سبتمبر 2008 ، رأى المقرر في الدائرة التأديبية الابتدائية التابعة للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان أنّ على الرغم من أنّ صاحب البلاغ هو كاتب المقال المطعون فيه فعلاً، فهو ليس مسؤولاً عن الإعلانات المضمنة فيه وليس مستفيداً منها.

2 - 5 وفي 12 كانون الأول/ديسمبر 2008 ، أدانت الدائرة التأديبية الابتدائية صاحب البلاغ وشطبت اسمه من الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان مدى الحياة.

2 - 6 وفي 12 كانون الثاني/يناير 2009، قدم صاحب البلاغ مذكرة استئناف يعرض فيها الخروقات التي تشوب الإجراءات المتخذة ضده، محتجاً بالمادة 14 من العهد، وبما تعرّض له بسبب آرائه، بالمعنى المقصود في المادة 19 من العهد. وفي 31 تموز/يوليه 2009، قدم أيضاً شكوى على أساس الشك المشروع إلى مجلس الدولة ضد أعضاء محكمة المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب لأنهم كانوا من المدّعين والقضاة في الوقت ذاته. وفي 10 أيلول/سبتمبر 2009، رفض مجلس الدولة الطلب الذي قدمه لتنحي القضاة.

2 - 7 وحكمت الدائرة التأديبية الوطنية التابعة للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان في 18 آذار/ مارس 2010 ، على صاحب البلاغ بمنعه من ممارسة المهنة لمدة ثمانية عشر شهراً، مع وقف التنفيذ لمدة اثني عشر شهراً. ورفض مجلس الدولة، بالأمر الصادر في 5 آب/أغسطس 2010 ، الطلب الذي قدّمه من أجل تعليق تنفيذ القرار. وفي 27 حزيران/يونيه 2011 ، ألغى مجلس الدولة الحكم بإدانة صاحب البلاغ. وزُعم أنه قدم حججه بشأن الأسس الموضوعية بعد فوات الأوان. وأحال مجلس الدولة القضية إلى الدائرة التأديبية الوطنية.

2 - 8 وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، قدمت نقابة أطباء الأسنان المتضامنين والمستقلين مذكرة إلى الدائرة التأديبية الوطنية بموجب المادة 14 من العهد، دعماً لصاحب البلاغ، وادّعت فيها أنّ جلسة الاستماع لم تكن علنية، وأنّ صاحب البلاغ لم يتسنّ له التكلم، وأنّ المحامي الذي يمثّل معارضيه يمثّل أيضاً سبعة قضاة من أصل تسعة، وأنّ القضاة عيّنهم المدّعون ودفعوا لهم أجوراً أو أنهم بكل بساطة من جملة المدّعين أنفسهم.

2 - 9 وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، رفضت الدائرة التأديبية الوطنية طعن صاحب البلاغ. وبناء عليه، أُيّد قرار الدائرة التأديبية الابتدائية الصادر في 12 كانون الأول/ديسمبر 2008 والمتعلق بإقصاء صاحب البلاغ.

2 - 10 وقدم صاحب البلاغ استئنافاً جديداً إلى مجلس الدولة ادّعى فيه انتهاك حقوقه بموجب المادتين 14 و19 من العهد. ورُفض استئنافه مرة أخرى من دون ذكر أي سبب في 4 نيسان/أبريل 2012.

الشكوى

3 - 1 يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادتين 14 و 19 من العهد. وبموجب المادة 19 ، يدعي صاحب البلاغ أن إقصاءه يعزى إلى أنّه قدم شكوى ضد قضاة مجلس الدولة وأعضاء المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب ، وأنّه ندّد علناً بالعقوبات المجحفة التي فرضتها تلك المحاكم وبالمكافآت المدفوعة إلى قضاة هذه المحاكم دون مسوغ ( ) . ويؤكد صاحب البلاغ، محتجاً بالفقرة 3 من المادة 19 من العهد، أنّ العقوبة التي فُرضت عليه ليست ضرورية أو مبرّرة في مجتمع ديمقراطي، وتنال من حريته في التعبير.

3 - 2 ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً أن الإجراءات القضائية لم تراعِ حقوقه بموجب المادة 14 من العهد وأن جلسة الاستماع في المحكمة الابتدائية التي أسفرت عن إقصائه مدى الحياة لم تكن علنية.

3 - 3 ويؤكد صاحب البلاغ أنه قدم طلبين لتنحي القضاة على أساس الشك المشروع في قضاة في المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب إلى مجلس الدولة الذي رفض كليهما. وطلب صاحب البلاغ وقف تنفيذ القرار المتخذ بشأنه محتجاً، في جملة أمور، بحضور السيد دي فولبيليير عند إصدار الحكم في حقه، رغم مشاركته في الاجتماع الذي قرر فيه المجلس الوطني للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان تقديم شكوى في حقه. ويؤكد صاحب البلاغ أن تقرير الشكوى المؤرخ 13 نيسان/أبريل 2007 قد أعيدت كتابته في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، كي يشير إلى أن أعضاء المجلس الوطني للهيئة المؤهّلين للانضمام إلى دائرة الاستئناف التأديبية التابعة للمجلس المسؤول عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب قد غادروا القاعة قبل اتخاذ القرار. غير أن التقرير الأول المؤرخ 13 نيسان/أبريل 2007 لم يأت على ذكر هذه المسألة الشكلية. ويدّعي صاحب البلاغ وجود شكوك مشروعة في صياغة تقرير ثانٍ بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ينصّ على عكس ذلك.

3 - 4 وقد رأى مجلس الدولة في البداية أن انتظار حكم القضاة ضرورة حتمية كي يتسنى طلب تنحيهم، ولكن إذا كان القضاة المطعون في أهليتهم قد اتخذوا قراراً فعلاً، فيكون الأوان قد فات لرفع أي دعوى لتنحيهم. وفي خطوة ثانية، رفض مجلس الدولة في 4 نيسان/أبريل 2012 الطلب الثاني للتنحي، دون ذكر الأسباب هذه المرة.

3 - 5 ويدفع صاحب البلاغ بأن القضاة يتقاضون أجوراً من المدعين. ويؤكد أيضاً أن المجلس الوطني للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان هو الذي يدفع أجوراً لأعضاء الدائرة التأديبية الوطنية، لأسباب مبهمة ودون أساس قانوني، على نحو ما أشارت إليه محكمة تدقيق الحسابات في تقريرها الصادر في شباط / فبراير 2017 .

3 - 6 ويدفع صاحب البلاغ بأن تخلّف الدولة الطرف عن حمايته من التدخل غير المشروع في ممارسة حرية التعبير وفي ضمان حقه في محاكمة عادلة، يشكل انتهاكا ً للفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف في 14 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتطلب إلى اللجنة أن تعتبر البلاغ غير مقبول.

4 - 2 وتقر الدولة الطرف بأن البلاغ الذي قدمه صاحب البلاغ يتعلق بحقوق في دعوى مدنية بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. كما تقر بأن المنازعات القضائية المعروضة على محاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب الفرنسية يجب أن تستوفي مقتضيات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ( ) . غير أن الدولة الطرف ترفض الحجج التي أثارها صاحب البلاغ بشأن الطابع غير العلني لجلسة الاستماع وعدم حياد المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب . وترفض الدولة الطرف أيضاً ادعاء صاحب البلاغ انتهاكها المادة 19 من العهد.

4 - 3 وتذكّر الدولة الطرف بأن الفقرة 1 من المادة 14 من العهد تنص على أن الطابع العلني لجلسات الاستماع يقتصر معناه على السماح للجمهور الراغب في الحضور بالالتحاق بالجلسات، وإبلاغ الجمهور في الوقت المناسب ( ) . وتذكّر أيضاً أن القانون الوطني يعترف بالقاعدة التي تقضي بعلنية جلسات الاستماع باعتبارها سابقةً قضائيةً تُفرض على المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب التي تبتّ في المسائل التأديبية، عملاً بالفقرة 1 من المادة 6 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، وهي نظير الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ( ) . وهذه القاعدة مسلّم بها الآن في قانون الصحة العامة ( ) .

4 - 4 وتدفع الدولة الطرف بأن الحاجة إلى معرفة رمز الدخول إلى العنوان رقم 27 شارع جينو ، باريس، وهو مقر الدائرة التأديبية في المحكمة الابتدائية في إيل دو فرانس، حيث عُقدت الجلسة، لا يؤثر في الطابع العلني لجلسة الاستماع. وتدّعي خلافاً لمزاعم صاحب البلاغ، أن هذا المبنى المجهز بهاتف داخلي كان متاحاً للجمهور، وأنّ أحد الحراس ظلّ حريصاً على إبقاء الباب الأمامي للمبنى مفتوحاً على الدوام. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن قائمة جلسات الاستماع التي عقدتها الدائرة التأديبية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 كانت قد نُشرت قبل ثمانية أيام من الجلسة. وفيما يتعلق بالوصول إلى الدائرة التأديبية الوطنية التي تقع في 16 شارع سبونتيني في باريس، تشير الدولة الطرف إلى أنّ باب مدخل المبنى مجهز بزر فتح آلي، وأنّ باب الدرج المؤدي إلى محكمة الاستئناف مجهزٌ بهاتف داخلي. ويمكن في أي وقت من بداية الجلسة إلى نهايتها الدخول إلى المبنى حيث يوجد كاتبٌ على مدار الساعة. وتذكّر الدولة الطرف بأن قائمة جلسات الاستماع كانت قد نُشرت قبل ثمانية أيام من جلسة الاستماع.

4 - 5 وتقول الدولة الطرف إن القرار الصادر في 18 آذار/مارس 2010 ، والقرار المؤرخ 24 تشرين الأول/أكتوبر 2011 والصادر بعد إحالة القضية إلى مجلس الدولة، يشيران إلى الطابع العلني لجلستي الاستماع المعقودتين في 3 كانون الأول/ديسمبر 2009 و 13 تشرين الأول/أكتوبر 2011 ، اللتين كان خلالها الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ محل النظر. ولم يكن صاحب البلاغ حاضراً أو مُمثلّاً في الجلسة الأولى، بيد أنّ محاميه مثّله في الجلسة الثانية وأدلى فيها بملاحظات دون أن يطعن في الطابع العلني للجلسة. وتلاحظ الدولة الطرف أنّ في حال لم تنظر الدائرة التأديبية، بإحالة من مجلس الدولة، في الشكاوى المتعلقة بالأسس الموضوعية للعقوبة التي فُرضت على صاحب البلاغ في المحكمة الابتدائية، على نحو ما يزعم، فإنّ ذلك يعود إلى تقديم الشكاوى بعد فوات الأوان لا غير.

4 - 6 وترفض الدولة الطرف الحجة القائلة بأن جلسة الاستماع التي عقدها مجلس الدولة للنظر في طعن صاحب البلاغ لم تكن علنية. وتقول إن القرار الأول الذي اتخذه مجلس الدولة، والصادر في 27 حزيران/يونيه 2011 ، سبقته جلسة علنية في 25 أيار/مايو 2011 . وكان بإمكان محامي صاحب البلاغ، خلال هذه الجلسة أو الجلسة التي سبقت قرار مجلس الدولة المؤرخ 4 نيسان/أبريل 2012 ، أن يدلي بملاحظاته ويقدم مذكرةً إثر قراءة استنتاجات المقرر العام. ولهذا السبب، تدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قد تمتع بالضمان الذي يقضي بالنظر في قضيته علناً في جميع مراحل الإجراءات.

4 - 7 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للادعاء القائل بأن المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب ليس مستقلة وحيادية، تدفع الدولة الطرف بأن أعضاء هذه المحاكم، وهم ينظرون في إطار مهامهم القضائية في شكاوى لا يقدمونها هم ضد جراحي الأسنان، يضمنون شروط الاستقلال والحياد وفقاً لمقتضيات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ( ) .

4 - 8 وتذكّر الدولة الطرف بأن أعضاء المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب يستوفون الضمانات المطلوبة للاستقلال والحياد: فهم يُنتخبون لمدة ست سنوات قابلة للتجديد كل ثلاث سنوات (إبّان وقوع الأحداث) ( ) ، ولا يخضعون للسلطة الهرمية للمجلس الإقليمي للهيئة أو لمجلسها الوطني. وتذكر الدولة الطرف كذلك بأن الدائرة التأديبية الابتدائية يرأسها عضو عامل أو عضو فخري في هيئة المستشارين لدى المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية، بينما يرأس الدائرةَ التأديبية الوطنية عضو في مجلس الدولة. ورؤساء هذه الدوائر هم قضاة محترفون ومستقلون عن المجلس الإقليمي للهيئة ومجلسها الوطني، اللذين لا يتدخلان في تعيين القضاة.

4 - 9 وتوضح الدولة الطرف أن القانون الوطني يحظر على القاضي أن يمارس مهام التحقيق وتوجيه الاتهام والمحاكمة بمفرده. وفي هذا الصدد، ينصّ قانون الصحة العامة وقت وقوع الأحداث على الفصل في الوظائف بين المهمة القضائية التي تقع على عاتق أعضاء المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب ، والمهمة التي تقع على عاتق المجلس الوطني للهيئة وتتمثل في ضمان امتثال جراحي الأسنان لقواعد الأخلاقيات المهنية ( ) . ويحظر قانون الصحة العامة بصفة خاصة العضوية في محكمة الاستئناف على من شارك في جلسة المجلس الوطني للهيئة التي أجري فيها التصويت على الشكوى ضد الممارس المعني، أو التي صدر فيها قرار بخصوص الطعن في قرار الدائرة التأديبية الابتدائية. ولذلك تشير الدولة الطرف إلى أن أعضاء المجلس، الذين هم أيضاً أعضاءٌ في الدائرة التأديبية، ينسحبون من جلسات المجلس الوطني للهيئة، عندما يتضمن جدول أعمالها تصويتاً على إحدى الشكاوى ( ) . وتؤكد الدولة الطرف في القضية الراهنة التقيد التام بهذا المبدأ، وفقاً لأحكام قانون الصحة العامة، أثناء جلسة المجلس الوطني للهيئة في 13 و 14 نيسان/أبريل 2007 ، التي اتُخذت فيها إجراءات تأديبية في حق صاحب البلاغ. وتشير الدولة الطرف إلى أن محضر هذه الجلسة المعروض على الدائرة التأديبية الوطنية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، يبيّن أن رئيس الدائرة المذكورة والخبراء الاستشاريين فيها - أي السيد دي فولبيليير ، وهو عضو في مجلس الدولة، والسيد بوشيه والسيد موتارد والسيد فاديلا والسيد فولبيليير - غادروا الجلسة عند النظر في اقتراح تقديم الشكوى. ووافق المجلس الوطني للهيئة على المحضر في جلسته المعقودة في 22 حزيران/يونيه 2007 . وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تدحض الامتثال لهذا الإجراء الشكلي.

4 - 10 وفيما يتعلق بغياب تعليل لقرار مجلس الدولة الصادر في 4 نيسان/أبريل 2012، ترى الدولة الطرف أن الدائرة التأديبية الوطنية علّلت بما يكفي قراريها الصادرين في 18 آذار/مارس 2010 و24 تشرين الأول/أكتوبر 2011، ولذلك لم يُطلب إلى المحكمة الإدارية العليا أن تقدم تفاصيل عن الأسباب التي رفضت على أساسها ادعاء صاحب البلاغ، وترى أن هذا لا يتعارض مع الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ( ) .

4 - 11 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ كان بوسعه أن يطعن في حياد أعضاء الدائرة التأديبية الوطنية أمام المحاكم الداخلية، وفقاً للمادة L 4126 - 2 من قانون الصحة العامة بالصيغة المعمول بها وقت وقوع الأحداث. وتلاحظ الدولة الطرف أن الدائرة التأديبية الوطنية أصدرت في غضون ذلك حكماً في 18 آذار/مارس 2010 بشأن طلب صاحب البلاغ، في القرار ذاته الذي تضمن الحكم الذي أصدرته بشأن طعن الممارس في القرار المؤرخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2008 . وقد رأت الدائرة التأديبية الوطنية أن طلب صاحب البلاغ لا يستوفي متطلبات المقبولية إذ إنه لم يلتمس تنحي أحد أعضاء المحكمة المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب ، حسبما تسمح به أحكام المادة L 721 - 1 من قانون القضاء الإداري، بل طلب تنحي جميع أعضائها، ومن ثمّ إحالة القضية إلى مجلس الدولة. وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان بوسعه في أي مرحلة من مراحل الإجراءات أن ينتقد تشكيل هيئة المحكمة، وأن ليس ثمة ما يدعو إلى التشكيك في حياد القضاة في هذه القضية أو استقلالهم.

4 - 12 وتؤكد الدولة الطرف أساساً أن الادعاء الذي يفيد بانتهاك المادة 19 من العهد غير مقبول نظراً لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية بمقتضى الفقرة 2 ( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وترى أن صاحب البلاغ كان قادراً على إثارة هذا الادعاء أمام المحاكم التأديبية الوطنية وأمام مجلس الدولة. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يطعن في الأسس الموضوعية للحكم الصادر عن الدائرة التأديبية الابتدائية إلا بعد فوات الأوان، أي بعد انقضاء المهلة المحددة للاستئناف في 20 و 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 . وبذلك سقط حقه في هذا الطعن ( ) . وعليه، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يسعه ادعاء أن مجلس الدولة لم "يحمه" بالمعنى المقصود في المادة 19 من العهد، لأنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم لتلك المادة.

4 - 13 وفي المقابل، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن أنّ ادعاء انتهاك المادة 19 من العهد لا أساس له من الصحة. وفي حين تقر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ، بصفته جراح أسنان، يتمتع بالحق في حرية التعبير الذي تكفله المادة 19 من العهد، إلا أنها تشير إلى أن القيد المفروض على ممارسة صاحب البلاغ لحرية التعبير منصوص عليه في القانون، وهو قيد ضروري ومتناسب مع الأسباب التي فُرض على أساسها.

4 - 14 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، باعتباره جراح أسنان ونظرا ً لمزاولته عملاً تنظمه هيئة مهنية، كان خاضعاً لواجبات ومسؤوليات خاصة في ممارسة حقه في حرية التعبير، تنص عليها المواد من R 4127 - 201 إلى R 4127 - 284 من قانون الصحة العامة. وترى الدولة الطرف أيضا ً أن تقييد حرية صاحب البلاغ في التعبير بفرض عقوبة الإقصاء يتوخى هدفاً مشروعاً يرد ضمن أسباب التقييد التي تجيزها الفقرة 3 من المادة 19 من العهد، والتي تشمل احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم. كما ترى أن صاحب البلاغ مارس مهنة جراحة الأسنان باعتبارها عملاً تجارياً، من خلال اللجوء إلى الدعاية، وهو ما ينتهك المادتين R 4127 - 215 و R 4127 - 225 من قانون الصحة العامة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 قدم صاحب البلاغ في 5 أيار/مايو 2018 ، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يكرر الحجج التي ساقها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ويندد بشدة العقوبة المفروضة عليه، مؤكداً أن إقصاءه مدى الحياة لا يحرمه من إمكانية ممارسة مهنة طب الأسنان في أوروبا فحسب بل في جميع أنحاء العالم. ويدّعي صاحب البلاغ أنه مارس حريته في التعبير بصفته مبلّغاً عن المخالفات ورئيساً لنقابة جراحي الأسنان. ولهذا فهو يعترض على حظر ممارسة حريته في التعبير. ويشير صاحب البلاغ إلى أنّ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت قد ذكّرت بأن مجرد توجيه التوبيخ إلى الطبيب يشكل انتهاكاً لحريته في التعبير بالمعنى المقصود في المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) .

5 - 2 ويؤكّد صاحب البلاغ أن الانتقادات التي تسبّبت في ملاحقته تستند إلى وقائع موضوعية وحقائق تتعلق بقاضٍ في مجلس الدولة، هو رئيس الدائرة التأديبية الوطنية التابعة للهيئة الوطنية لجرّاحي الأسنان. ويدفع صاحب البلاغ بأنّ انتقاد القاضي حق أساسي للمواطنين في مجتمع ديمقراطي، وبأنّ إجراء مراقبة خارجية لأعمال القضاة ضرورةٌ تكتسي أهمية قصوى.

5 - 3 ويدعي صاحب البلاغ أن الإجراءات المتخذة في حقه لم تكن نتيجة لجوئه إلى الدعاية لاجتذاب المرضى، خلافاً لأقوال الدولة الطرف. فقد اتُّهم بإنشاء شركة محدودة المسؤولية من أجل إلقاء محاضرات مدفوعة الأجر. غير أن الشركة المزعومة لم يكن لها وجود على الإطلاق. ويشير صاحب البلاغ إلى اتهامه بنشر إعلانات في سبيل الدعاية لدورة تدريبية، ترد فيها العبارة التالية: "لأن بعض النصائح لم تكتب". ويذكّر في هذا الصدد، بأن هذه العبارة تستخدم في مؤتمرات أخرى ولم يأت بها من عنده. ويؤكد صاحب البلاغ أنه ليس مسؤولا ً عن الإعلانات الصادرة عن مؤسسات التدريب التي تدعوه لإلقاء محاضرات. ويذكّر بأن الشكوى القائمة على الدعاية لم تؤيد في الاستئناف.

5 - 4 وفيما يتعلق بانتهاك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، يدفع صاحب البلاغ بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت فرنسا لانتهاكها الفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في حالة تماثل الحالة المعروضة على اللجنة وتتعلق بسلوك الدولة الطرف تجاه المحاكم التأديبية ( ) . ويرفض صاحب البلاغ ما قدمته الدولة الطرف من حجج تفيد بأن المحكمة انتهت إلى أن المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب الفرنسية تمتثل للفقرة 1 من المادة 6 من الاتفاقية.

5 - 5 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن جلسات الاستماع لم تكن علنية بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ويذكّر بأن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأت أن المحاكم المتصلة بالهيئات المهنية ملزمة بأن تكفل علنية جلسات الاستماع، على نحو ما ذكّرت به المحكمة الدولةَ الطرف في قضية سيري ضد فرنسا ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة قد استنتجت فعلاً أن مجلس الدولة لاحظ، وقت وقوع الأحداث، عدم اكتراث الدولة الطرف لالتزام المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب بأن تكفل علنية جلسات الاستماع ( ) . وأشارت المحكمة كذلك إلى الطابع غير العلني للمرافعات أمام المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب الفرنسية ( ) .

5 - 6 وفيما يتعلق بعلنية جلسة الاستماع في الدرجة الابتدائية، يرى صاحب البلاغ أن ما ادعته الدولة الطرف بشأن عرض جدول أعمال الجلسة قبل ثمانية أيام من عقدها، دون الإشارة إلى مكان عرضه، هو أمر مبهم للغاية بحيث لا يمكن أخذه في الاعتبار. ويؤكد صاحب البلاغ أن جدول الأعمال، على افتراض أنه عُرض عملاً بالإجراء الشكلي، لم يكن ليُعرض إلاّ داخل مبنى خاص ومغلق أمام الجمهور ولا يتسنى الدخول إليه إلاّ بالإحاطة علماً برمز الدخول. ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن الدولة الطرف لم تثبت أنّ الحارس الذي عينته المحكمة المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب لأغراض الإجراءات القضائية كان حاضراً، على نحو ما ذكرت، لتمكين الجمهور من حضور جلسة الاستماع. ويشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا أمراً بالمثول كان بحوزتهم رمز الدخول المخصص للاستعمال في يوم الجلسة، وهو ما يدلّ على أنّ قاعة المحكمة لم تكن مفتوحة للجمهور، كما يشير إلى عدم وجود أيّ لافتة قد توحي للمواطن بأنّ المبنى يضمّ محكمةً تأديبيةً أو أنّ جلسات استماع تُعقد فيه.

5 - 7 وفيما يتعلق بالطابع العلني لجلسة الاستئناف، يقول صاحب البلاغ إن التوضيحات التي قدمتها الدولة الطرف في إفادتها بشأن إمكانية الدخول إلى مقر الدائرة التأديبية الوطنية، وهو "مبنى برجوازي في حيّ موسر في باريس" لا يمكن تمييزه بأي حال من الأحوال عن المباني الأخرى في الدائرة، تكفي في حد ذاتها لإثبات عدم إمكانية الوصول إلى قاعة المحكمة. وينكر صاحب البلاغ أن تكون قائمة جدول الأعمال قد نشرت قبل جلسة الاستئناف بثمانية أيام. ويرى أنّ ضرورة البحث عن المجلس الوطني للهيئة، واستخدام الهاتف الداخلي، ورن الجرس، ثم الكشف عن الهوية لدخول مبنى ليس فيه أيّ إشارة توحي بأنّه مقر محكمة، تشهد على أن الوصول إلى هذا المقرّ غير متاح للجمهور.

5 - 8 ويشير صاحب البلاغ إلى أن ترؤس قاضٍ من المحكمة الإدارية على المحكمة الإقليمية، وترؤس قاضٍ من مجلس الدولة على المحكمة الوطنية، لا يشكل ضماناً للاستقلال، لأن كلا القاضيين يتلقى أجراً من الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان، وهي الطرف المدّعي في هذه القضية ( ) . وهو ما أشارت إليه محكمة تدقيق الحسابات في تقريرها الصادر في شباط/فبراير 2017 ، الذي انتهى إلى وجود تضارب في المصالح ( ) .

5 - 9 أما بخصوص البت فيما إذا كان أعضاء الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان، الذين كانوا أيضاً أعضاءً في المحكمة الوطنية، قد انسحبوا وقت التصويت على الإجراءات المتخذة ضد صاحب البلاغ، فإن هذا الأخير يكرر شكوكه في صحة المحضر الثاني (الصادر بعد ثلاثين شهرا ً من تاريخ الجلسة) الذي يوثق الامتثال لهذا الإجراء الشكلي. ويدفع صاحب البلاغ بأن المحضر الثاني لم يصدر إلاّ ليثبت للمجلس الوطني للهيئة أن القضاة غادروا قاعة الاجتماع عند البت في الشكوى المقدمة ضد صاحب البلاغ. ويضيف قائلاً إنّ محضر دورة المجلس الوطني لم يُوقَّع، خلافاً لأحكام المادة R 4126 - 1 من قانون الصحة العامة، وهو ما يجعله غير مقبول بحكم الواقع. ويرى صاحب البلاغ أن مشاركة السيد دي فولبيليير في جميع دورات المجلس الوطني إجبارية بموجب القانون، لأن المجلس الوطني للمهن الطبية والمساعدين الطبيين يحظى بدعم عضو في مجلس الدولة يحقّ له التصويت ويعيّنه وزير العدل. وبما أن السيد دي فولبيليير كان عضو مجلس الدولة الوحيد في خدمة المجلس الوطني وقت وقوع الأحداث، يرى صاحب البلاغ أنه كان حاضراً حتماً في جميع دوراته. وأخيرا ً ، فإن وزارة الصحة العامة لم تقدّم إلى صاحب البلاغ ما يثبت أنّ محضر الجلسة أحيل إليها، وهذا يدعو إلى الشك في موثوقية المحضر المذكور.

5 - 10 ويدّعي صاحب البلاغ أن كون محامي الخصم هو المحامي المعتاد للعديد من مجالس المقاطعات التابعة للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان، وكون القضاة أعضاء ومنتخبين في مجالس المقاطعات نفسها، يطرحان مشكلة حقيقية بشأن استقلال المحكمة المكلّفة بالنظر في القضية. ويدفع بأن الحق في طلب تنحي القضاة، حيثما ينص عليه القانون الوطني، يجب أن يكون فعالاً وملموساً وحقيقياً. ويؤكد أن طلب التنحي على أساس الشك المشروع يجب تقديمه قبل أن يصدر القاضي قراره ( ) . ويرى أن طلب التنحي الذي قدّمه لم يُستعرض من حيث الأسس الموضوعية في عدة جوانب منه، لا سيما مشاركة السيد دي فولبيليير بصفته رئيس المحكمة التأديبية المكلّفة بالنظر في الشكوى؛ واختيار المجلس الوطني للهيئة للقضاة وتعيينهم ودفع أجورهم، في حين أن المجلس هو صاحب الشكوى؛ وتلقي السيد دي فولبيليير أجراً من المجلس الوطني دون أساس قانوني؛ وارتباط السيد دي فولبيليير وقضاة المجلس الوطني ارتباطاً مباشراً بشكوى صاحب البلاغ. ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً أن السيد دي فولبيليير نفسه اتخذ قراراً بشأن تنحيه عن منصبه وأنه صادق على المحضر الثاني لدورة المجلس الوطني، الذي يشير إلى مغادرته قبل إثارة موضوع الشكوى المقدمة ضد صاحب البلاغ. ويوضح صاحب البلاغ أن الدائرة التأديبية الوطنية لم تتمكن من إعادة النظر في طلب التنحي، خلافاً لما يرد في ملاحظات الدولة الطرف. ويشير إلى أن مجلس الدولة بتّ في المسألة ولم يرد على حججه.

5 - 11 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 19 من العهد، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن بلاغه مقبول. ويدّعي أنه لم يحاكم على خطأ مهني، بل على آرائه، وأنّ حججه لم يُنظر فيها. ويذكّر صاحب البلاغ بأن الاتهامات التي أدين بسببها استخدمتها محكمة مراجعي الحسابات، التي استجوبته قبل أن تصدر تقريرها في شباط/فبراير 2017 الذي يتعلق على وجه الخصوص بتحيز قضاة المحاكم التأديبية، وما تلقّوه من أجور مثيرة للريبة، وعدم تمتع الممارسين الخاضعين لقرارات المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب بوسيلة للدفاع. ويرى صاحب البلاغ أنه وجه انتقادات إلى أشخاص مكلفين بخدمة عامة في سبيل المصلحة العامة، ويرى أن هذه الانتقادات يجب أن يتاح لها حيز أكبر مما أتيح للانتقادات الموجهة إلى شخص ما ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأن القانون لا ينص على تقييد حرية التعبير. ويؤكد مجدداً أن انتقاد القرارات التي يتخذها القاضي أثناء أداء مهامه القضائية ليس محظوراً.

ملاحظات إضافية من الطرفين

صاحب البلاغ

6 - 1 يقدّم صاحب البلاغ في رسالته الإضافية المؤرخة 13 تموز/يوليه 2017 ادعاءات جديدة تستند إلى انتهاك الدولة الطرف للمادتين 17 و 25 مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. ويذكر صاحب البلاغ أنه أُقصي من نقابة المحامين في باريس في 29 نيسان/أبريل 1997 بسبب التناقض الناجم عن ممارسته مهنتي المحاماة وجراحة الأسنان بالتزامن. ورُفضت الطعون التي قدمها إلى محكمة الاستئناف في باريس ومحكمة النقض في 25 شباط/فبراير 1998 و 4 تموز/يوليه 2000 على التوالي. وفي 23 تموز/يوليه 2002 ، قدم صاحب البلاغ طلباً إلى وزير العدل لإلغاء أحكام المادة 115 من المرسوم رقم 91 - 1197 المؤرخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1991 الذي ينظم مهنة المحاماة. وبعد أن اتخذ وزير العدل قراراً ضمنياً بشأنه من خلال التزامه الصمت، قدّم صاحب البلاغ إلى مجلس الدولة طلباً قوبل بالرفض في 28 حزيران/يونيه 2004 . ثمّ قدّم صاحب البلاغ طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أعلنت عدم مقبوليته في 13 أيلول/سبتمبر 2011 . وعلى الرغم من قرار المحكمة، يرى صاحب البلاغ أن طلبه مقبول أمام اللجنة ( ) .

6 - 2 وفي 3 أيلول/سبتمبر 2012 ، أعيد إدراج صاحب البلاغ إلى قائمة نقابة المحامين في باريس بعد إقصائه مدى الحياة من الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان. ويرى أنّ الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 17 ، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مدّعياً أن منعه من ممارسة مهنتي المحاماة وجراحة الأسنان في آن واحد يشكل تدخلاً تعسفياً في حياته الخاصة ( ) . ويدّعي صاحب البلاغ أيضاً حدوث انتهاك للمادة 25 مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. ويرى أنه لم يتمكن من مزاولة مهنة المحاماة التي تندرج ضمن الوظائف العامة بالمعنى المقصود في المادة 25 من العهد.

الدولة الطرف

7 - 1 في 4 حزيران/يونيه 2018، قدمت الدولة الطرف تعليقاتها على الملاحظات الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ في 13 تموز/يوليه 2017 . ولاحظت الدولة الطرف أنّ الرسالة الإضافية التي قدّمها صاحب البلاغ تتعلق بالتوافق مع أحكام العهد التي تحظر على المحامين ممارسة مهنة جراحة الأسنان بالتزامن، خلافاً لما يرد في الرسالة الأولى التي قدّمها في 1 آذار/مارس 2017؛ كما لاحظت أن المسألتين منفصلتان تماماً ولا يجمعهما أي رابط في الواقع. وترى الدولة الطرف أن المعلومات الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ، تشكل إساءةً لاستعمال الحق في تقديم بلاغ فردي نظراً لتقديمها بعد فوات الأوان ودون تعليل لهذا التأخير. وتذكّر بأن القرارين الأخيرين فيما يتصل بهذا الطلب، وهما القرار الصادر عن محكمة النقض في 4 تموز/يوليه 2000، والقرار الصادر عن مجلس الدولة في 28 حزيران/يونيه 2004، كانا قد صدرا قبل ما يفوق خمس سنوات من تقديم صاحب البلاغ للرسالة الإضافية ( ) .

7 - 2 وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدّم ما يبيّن أنه ضحية بالمعنى المقصود في المادة 1 من البروتوكول الاختياري، وقت تقديمه للبلاغ. وترى اللجنة في هذه القضية أن صاحب البلاغ لم يعد مشمولاً بقاعدة عدم التوافق بين مهنتي المحاماة وجراحة الأسنان، المنصوص عليها في المادة 115 من المرسوم رقم 91 - 1197 ، نظراً لإقصائه نهائيّاً من نقابة المحامين في باريس في 29 نيسان/ أبريل 1997 . ولذلك لا يمكن اعتبار صاحب البلاغ ضحية. وتشير إلى أن المعلومات الإضافية الذي قدّمها صاحب البلاغ تشكل اعتراضاً نظرياً على حظر الممارسة المتزامنة وفقاً المادة 115 من المرسوم رقم 91 - 1197 ، لأن صاحب البلاغ لم يعد معرّضاً لأن تطبق عليه هذه القاعدة شخصياً. وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 17 و 25 من العهد غير مقبولة لأنه لم يثرها إطلاقاً على الصعيد الداخلي. وعلاوة على ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن الادعاء بموجب المادة 25 من العهد غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي لأن مفهوم الوظيفة العامة لا يشمل مهنة المحاماة ( ) . وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن ادعاء انتهاك المادة 17 من العهد غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي لأن صاحب البلاغ لم يوضح، من ناحية، الطريقة التي ينال بها عدم التوافق بين مهنتي المحاماة وجراحة الأسنان من حقه في احترام مكان عمله، ومن ناحية أخرى، السبب الذي يجعل تعذّر مزاولة المحاماة وجراحة الأسنان بالتزامن يؤثر في حقه في حرمة الحياة الخاصة.

7 - 3 وفي المقابل، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تعلن عدم استناد الرسالة الإضافية التي قدّمها صاحب البلاغ إلى أسس موضوعية. وتجادل في هذه القضية بأن التدخل الذي يدّعي صاحب البلاغ أنه ينتهك المادة 17 من العهد، منصوص عليه في القانون ( ) ، لا سيما في الفقرة الأولى من المادة 115 من المرسوم رقم 91 - 1197 الذي يحظر ممارسة المهنتين بالتزامن، كما ترى أن التدخل في الحياة الخاصة لصاحب البلاغ كان معقولاً ومتوافقاً مع أهداف العهد ومقاصده.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب أن تبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقا ً للمادة 97 من نظامها الداخلي، فيما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف تنتهك حقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 14 والمادة 19 من العهد، وكذلك المادتان 17 و 25 مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

8 - 4 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ من حيث الاختصاص الموضوعي، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية الادعاء بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وأقرت بأن المنازعة المعروضة على المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب الفرنسية يجب أن تستوفي شروط الفقرة 1 من المادة 14 من العهد ( ) .

8 - 5 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تطعن في مقبولية البلاغ بموجب المادة 19 من العهد، بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتشير اللجنة في هذا الصدد، إلى حجة الدولة الطرف القائلة بأن صاحب البلاغ أثار الادعاء المستند إلى هذه المادة بعد فوات الأوان، أي بعد انقضاء المهلة المحددة للاستئناف. وتحيط اللجنة كذلك علماً بحجة صاحب البلاغ التي تفيد بأن بلاغه مقبول بموجب المادة 19 من العهد، نظراً لملاحقته بسبب انتقادات وجّهها إلى أشخاص مكلفين بأداء خدمة عامة من أجل النفع العام. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة على أنه أثار ادعاءاته بموجب المادة 19 من العهد وأنها كانت محلّ نظر المحاكم الوطنية. وتؤكد اللجنة مجدداً على القاعدة التي تقتضي أن تكون جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت لكي يكون البلاغ مقبولاً. ولذلك فالبلاغ الذي قدّمه صاحب البلاغ غير مقبول بموجب المادة 19 من العهد بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

8 - 6 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدّعي في الرسالة الإضافية التي قدّمها في 13 تموز/ يوليه 2017 حدوث انتهاك للمادتين 17 و 25 ، مقروءتين بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد. وتشير إلى حجة الدولة الطرف ومفادها أن الرسالة الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ تطرح وقائع جديدة اتُّخذت بشأنها قرارات غير قابلة للطعن على الصعيد الداخلي، صدرت على التوالي عن محكمة النقض في 4 تموز/يوليه 2000 ، وعن مجلس الدولة في 28 حزيران/يونيه 2004 . وتلاحظ اللجنة أن الرسالة الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ تطرح وقائع حكمت فيها المحاكم الوطنية منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاماً. وترى اللجنة، أن تقديم البلاغ بعد هذه الفترة الزمنية الطويلة، في ظل غياب تفسير مقنع لهذا التأخير، يشكل إساءةً لاستعمال الحق في الشكوى بموجب المادة 99 ( ج ) من النظام الداخلي للجنة، ولذلك فهي تعلن عدم قبول الرسالة الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ ( ) . وتلاحظ اللجنة أن الرسالة الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ تشير إلى إقصائه من قائمة نقابة المحامين في باريس الذي يختلف عن إقصائه من الهيئة الوطنية لجراحي الأسنان، وهو الموضوع الرئيسي في هذه البلاغ. وتشير اللجنة أيضاً إلى حجة الدولة الطرف ومفادها أن الادعاءات التي أثارها صاحب البلاغ لم تُعرض إطلاقاً على المحاكم الداخلية، وأن ذلك يستوجب إعلان عدم مقبولية الرسالة الإضافية بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة بناءً على ما قدمه صاحب البلاغ، أنّه لم يعرض ادعاءاته بموجب المادتين 17 و 25 من العهد على المحاكم الداخلية.

8 - 7 وفي ضوء ما سبق، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المواد 17 و 19 و 25 من العهد غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف. وفيما يتعلق بالادعاءات بموجب المادتين 17 و 25 من العهد، التي ترد في الرسالة الإضافية المقدمة في 13 تموز/يوليه 2017 ، تعلن اللجنة عدم قبولها لعدم تقديمها في الوقت المناسب. ومع ذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد تستند إلى أسس كافية، وتعلن أن البلاغ مقبول فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 ، بقراءتها على حدة وبالتزامن مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 وفقا ً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

9 - 2 وتذكّر اللجنة بأن أحكام المادة 14 من العهد تهدف عموماً إلى إقامة العدل على نحو سليم ( ) . وتحيط علما ً بادعاء صاحب البلاغ ومفاده أن تنديده العلني بأعضاء المجلس الوطني للهيئة الوطنية لجراحي الأسنان أفضى إلى إقصائه من قائمة الهيئة مدى الحياة، وأن مختلف جلسات الاستماع في الدعوى المرفوعة ضده لم تكن منتظمة لكونها لم تكن علنية ولأنه لم يتمكن من تقديم طلب لتنحي القضاة، وهو ما ينتهك الفقرة 1 من المادة 14 من العهد. وتحيط اللجنة علماً بطعن صاحب البلاغ في استقلال قضاة المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب وحيادهم في جميع مراحل الإجراءات. وتلاحظ أن الدولة الطرف تقرّ بأن المنازعات القضائية المعروضة على هذه المحاكم يجب أن تستوفي متطلبات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

9 - 3 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ ومفادها أن المحاكم لم تمتثل لمقتضيات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، وأن محامي الخصم هو المحامي نفسه الذي يمثّل العديد من مجالس المقاطعات، بما يشمل المجلس الذي باشر الإجراءات التأديبية ضد صاحب البلاغ. وتحيط اللجنة كذلك علماً بادعاء صاحب البلاغ أن تشكيل المحكمة المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب انتهك حقه في محاكمة عادلة، وأن القضاة أخلّوا بواجب الحياد، وأن المحاكم العليا لم تحمه من هذه الانتهاكات. وتلاحظ اللجنة إشارة صاحب البلاغ إلى أنّ القضاة تلقوا أجوراً من "المدعين" وأنّ طلبات التنحي التي قدّمها لم تؤخذ في الاعتبار. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة تأكيد الدولة الطرف أن قضاة المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب كانوا منتخبين لمدة ست سنوات قابلة للتجديد كل ثلاث سنوات إبّان وقوع الأحداث، وأنهم لم يكونوا خاضعين للسلطة الهرمية للمجلس الإقليمي للهيئة أو لمجلسها الوطني. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف أكدت أن قضاةً محترفين ومستقلين عن مجلس الهيئة الإقليمي ومجلس الهيئة الوطني كانوا على رأس الدائرة التأديبية الابتدائية والدائرة التأديبية الوطنية، وأنّ المجلسين لا يتدخلان في تعيينهم. وفي حين تحيط اللجنة علماً بتحفظات صاحب البلاغ على المحضر المتعلق باجتماع المجلس الوطني للهيئة في 13 و 14 نيسان/أبريل 2007 ، والمعروض على الدائرة التأديبية الوطنية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2009 ، إلاّ أنها تلاحظ حجة الدولة الطرف ومفادها أن هذا المحضر يبرهن على انسحاب الأعضاء الذين شاركوا في البت في الشكوى المقدمة ضد صاحب البلاغ، أثناء اجتماع المجلس الوطني للهيئة في 13 و 14 نيسان/أبريل 2007 ، من أجل ضمان استقلال المحكمة المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب ؛ وعلى المنوال ذاته، كان رئيس الدائرة التأديبية الوطنية والخبراء الاستشاريين فيها قد انسحبوا من الجلسة عند النظر في اقتراح تقديم الشكوى. وقد نظرت المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب في هذه الوقائع وليس للّجنة أن تعيد النظر فيها، إلا في حالة الامتناع عن إحقاق الحق أو الخطأ البيّن في التقييم. وتلاحظ اللجنة أن قرارات المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب استعرضها مجلس الدولة الذي رفض طعن صاحب البلاغ للمرة الثانية في 4 نيسان/أبريل 2012 . فضلاً عن ذلك، وبصرف النظر عن الانتقادات المتعلقة بغياب تعليلٍ لقرار المحكمة الإدارية العليا، فإنّ صاحب البلاغ لم يبيّن الطابع التعسفي للقرار المذكور.

9 - 4 وتلاحظ اللجنة أن إقرار الدولة الطرف بضرورة وفاء المنازعات القضائية المعروضة على المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب بمتطلبات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، يفترض أن تكون هذه المحاكم مستقلة ومحايدة. وتشير إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت بما فيه الكفاية أنّ قرار إقصائه لم يكن متناسباً مع الأفعال التي اتهم بارتكابها. وتذكّر اللجنة بأن ضمانات الاستقلال تشير إلى إجراءات تعيين القضاة ومؤهلاتهم وأمنهم الوظيفي، والشروط التي تحكم ترقيتهم ونقلهم وتعليق ممارسة أعمالهم ووقفها، واستقلال الهيئة القضائية استقلالاً فعلياً عن التدخل السياسي من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية ( ) ، في حين تشير ضمانات الحياد، من ناحية، إلى حماية النزعات الشخصية أو التحامل أو أي شكل من أشكال المحاباة، وإلى أن تبدو الهيئة القضائية محايدة في عين المراقب النزيه، من ناحية أخرى ( ) . وتلاحظ اللجنة غياب ما يثبت تدخّلاً من السلطات العامة في الإجراءات القضائية، حتى وإن كان قضاة المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب منتخبين وقت وقوع الأحداث. وتلاحظ أيضا ً في ضوء الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ، أنّ من غير الممكن لها أن تذهب إلى أبعد من مجرد الأقوال أو الافتراضات لتستنتج أن المحاكم التي مثل أمامها صاحب البلاغ لم تكن مستقلة أو محايدة. وتشير اللجنة كذلك إلى عدم وجود ما يكفي من الأدلة لدعم ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بمشاركة أعضاء من المحاكم في تقديم الشكوى وفي القرارات المتخذة في حقه، في حين أنّ غيابهم موثّق في المحضر الصادر عن الهيئات القضائية في هذا الصدد. وتلاحظ اللجنة فضلا ً عن ذلك، أنّ صاحب البلاغ يثير مسائل نظمية تتعلق بأداء المحاكم المسؤولة عن مراعاة أخلاقيات مهنة الطب في فرنسا، في حين لم يقدّم أدلةً كافيةً تبيّن بشكل ملموس الطريقة التي انتُهكت بها حقوقه بموجب الفقرة 1 من المادة 14 من العهد.

9 - 5 وفيما يتعلق بعدم علنية جلسات الاستماع بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن جلسة المرحلة الابتدائية، شأنها شأن جلسة الاستئناف، عُقدت في مكان خاص وغير متاح للجمهور، يتطلب الوصول إليه الاطّلاع على رمز الدخول. وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأن جداول أعمال الجلسات لم تكن متاحة للجمهور قبل جلسات الاستماع في قضيته. غير أنها تلاحظ حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن ضرورة الاطلاع على رمز الدخول من أجل الوصول إلى مقر الدائرة التأديبية الابتدائية لا تنال من الطابع العلني للجلسة. وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجج الدولة الطرف ومفادها أن مقر الدائرة التأديبية الوطنية كان مجهزاً في مرحلة الاستئناف بهاتف داخلي، وأنّ سكرتيرة أو سكرتيرا كان حاضراً على الدوام في المقر المذكور، وأن الوصول إلى المقارّ ظلّ متاحاً في أي وقت منذ بداية الجلسة وحتى نهايتها، وأن جداول أعمال الجلسات كانت قد عُرضت، في كلتا المرحلتين، قبل ثمانية أيام من انعقادها.

9 - 6 وتذكّر اللجنة بالالتزام بعلنية جلسات الاستماع، الذي يكفل نزاهة الإجراءات ويوفر بالتالي ضمانة مهمة لصالح الفرد والمجتمع على وجه العموم ( ) . وتذكر أيضا ً بأن المحكمة يقع عليها، في سبيل الوفاء بمقتضيات الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، إطلاع الجمهور على زمان ومكان الجلسات الشفهية وتوفير مرافق ملائمة، في حدود معقولة، لمن يرغب الحضور من الجمهور وأن تضع في اعتبارها جملة أمور منها ما تحظى به القضية من أهمية ومدة الجلسة الشفهية، والتاريخ الذي قُدّم فيه طلب علنية الجلسة ( ) . وتشير اللجنة في هذه القضية إلى أن الراغبين في الحضور، ولا سيما صاحب البلاغ الذي مثّله محاميه في الجلسة الثانية المعقودة في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2011، لم يُمنعوا من المشاركة في مختلف جلسات الاستماع التي تشهد المحاضر على طابعها العلني، وهو ما لم يطعن فيه صاحب البلاغ في ذلك الوقت. وتلاحظ أن صاحب البلاغ لم يثبت عدم نشر قائمة جدول الأعمال قبل ثمانية أيام من جلسات الاستماع، سواء في المحكمة الابتدائية أو في مرحلة الاستئناف. كما تلاحظ أنّه لم يثبت حظر الدخول إلى قاعات المحكمة على أصدقائه أو أقاربه، أو أي شخص آخر قد يكون له اهتمام بالإجراءات القضائية ( ) .

9 - 7 وفي ضوء ما سبق، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت الطريقة التي تشكّل بها مختلف جلسات الاستماع التي أفضت إلى إدانته انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 من العهد. ولذلك تستنج اللجنة أنّ ليس لها أن تخلص، في ضوء الوقائع المعروضة عليها، إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 ، مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

10 - وترى اللجنة، عملا ً بالفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن أي انتهاك من الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 ، مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.