الأمم المتحدة

CCPR/C/134/D/3320/2019

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 June 2022

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3320/2019 * **

بلاغ مقدم من : صالح ظريف وخوخة رفراف (تمثلهما المحامية نصيرة ديتور، من تجمع عائلات المفقودين في الجزائر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبا البلاغ وعمر ظريف (ابن صاحبي البلاغ)

الدولة الطرف : الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 20 كانون الثاني/يناير 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 15 آذار/مارس 2019 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 4 آذار/مارس 2022

الموضوع : اختفاء قسري

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية : الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحرية الفرد وأمنه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد : 2 ( 2 ) و( 3 )، و 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 14 ، و 16

مواد البروتوكول الاختياري : 2 ، و 3 ، و 5 ( 2 )

1 - 1 صاحبا البلاغ هما صالح ظريف وزوجته خوخة رفراف ، مواطنان من الجزائر. وهما يدعيان أن ابنهما، عمر ظريف ، المولود في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1968 ، وهو أيضاً مواطن جزائري، ضحية اختفاء قسري منسوب إلى الدولة الطرف، الأمر الذي ينتهك المواد 2 ( 2 ) و( 3 )، و 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 من العهد. ويزعمان أنهما ضحيتان لانتهاك حقوقهما بموجب المواد 2 ( 2 ) و( 3 )، و 7 ، و 14 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الملحق به حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 12 كانون الأول/ ديسمبر 198 9 . و ت مثل صاحبيْ البلاغ المحامية نصيرة ديتور، من تجمع عائلات المفقودين في الجزائر.

1 - 2 وفي 4 تموز/يوليه 2019 ، قررت اللجنة، بواسطة المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم فصل النظر في مقبولية البلاغ عن أسسه الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 كان السيد عمر ظريف ، وهو غير متزوج، يعمل في ورشته للنجارة في بلدية القليعة وكان يعيش مع عائلته في بربيسة. وفي 29 كانون الثاني/يناير 1995 ، ألقى دَرَكيّون القبض على شقيقه علال ظريف واقتادوه إلى مقر درك بربيسة ( ) . وفي 9 حزيران/يونيه 1995 ، ألقى دركيون القبض على عمر ظريف وهو في طريق عودته إلى منزله مع أربعة من أصدقائه. وكان الدركيون يرتدون زيا ً رسميا ً ومسلحين ويتنقلون في مركبات رسمية. وقالوا له إن لديهم أوامر باعتقاله وأخذه إلى الدرك. وتمكن الأصدقاء الأربعة من معرفة هوية دركي َّ ين منهم ، قائد اللواء ب. والحارس البلدي أ. س. فسكان البلدية يعرفان الرجلين معرفة جيدة لأنه يقال إنهما مسؤولان عن معظم حالات الاختفاء التي حدثت في المدينة آنئذ.

2 - 2 وذهبت خوخة رفراف، بعد إبلاغها الأمرَ، بمعيّة ابنتها إلى درك بربيسة للحصول على معلومات عن اعتقال ابنها. وأخبرها قائد اللواء بأن عمر كان هناك بالفعل، وأن شخصا ً ما شكاه ، وأنه سيفرج عنه بعد التحقيق. واتّسمت أقواله بالمراوغة بخصوص أسباب الاعتقال. وتردّدت خوخة رفراف على مقر اللواء مرات عدة، لكنها لم تتمكن قط من الحصول على مزيد من المعلومات. وفي عام 1996 ، نم ت إلى علم الأسرة شائعة مفادها أن عمر في معسكر بجنوب البلاد ، لكن صاحبي البلاغ تلقّيا في عام 2011 معلومات تفيد بأن عمر لا يزال في مقر درك بربيسة.

2 - 3 وتوجّه صاحبا البلاغ إلى السلطات المختصة، الإدارية والقضائية على السواء، من أجل استجلاء أسباب احتجاز ابنهما ومعرفة مصيره. ففيما يتعلق بالسلطات الإدارية، بعثت خوخة رفراف أوّلا ً رسالتين - في 28 و 31 آب/أغسطس 1997 - إلى وسيط الجمهورية، الذي أجابها في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1997 ، مشي راً إلى أنه م ا وصلت ا إليه وأنه أحال الملف إلى الدوائر المختصة للحصول على مزيد من المعلومات وأنه سيخبرها بما ينتج عن متابعة طلبها. وفي عام 1997 ، تلقى صالح ظريف رسالة أخرى من وسيط الجمهورية يخبره فيها بأنه تلقى بالفعل رسالته المتعلقة بأفراد أسرته وأنه لن يتوانى في إطلاعه على ما يحصل عليه من نتائج.

2 - 4 وفي 3 كانون الثاني/يناير 1998 ، بعثت خوخة رفراف رسالة إلى وزير العدل. وفي رسالة مؤرخة 25 آب/أغسطس 1998 ، طُلب إليها المجيء في 28 تشرين الأول/أكتوبر 1998 إلى مكتب الاستقبال في الولاية بشأن اختفاء عمر. وفي 24 آب/أغسطس و 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 ، بعث صاحبا البلاغ رسالتين أخريين إلى وزير العدل. وفي 30 آب/أغسطس 1999 ، بعثت خوخة رفراف رسالة إلى رئيس الجمهورية أعربت فيها عن قلقها وسائر أفراد أسرتها، وطلبت معرفة الحقيقة وانخراط السلطات في البحث عن ابنها انخراطا ً حقيقيا ً . وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 1999 ، وق ّ ع العديد من أقارب المختفين - بمن فيهم خوخة رفراف - رسالة مشتركة موجهة إلى رئيس الجمهورية. وفي 13 نيسان/ أبريل 2003 ، رفع صالح ظريف مجد داً شكوى إلى وزير العدل ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها. وفي 27 آب/أغسطس 2006 ، بعثت خوخة رفراف مرة أخرى رسائل إلى وزير العدل ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها ووزير الداخلية. وذكّرت فيها السلطات بأنها بذلت المساعي نفسها لمدة عشر سنوات لمعرفة مكان ابنها، لكنها لم تحصل على جواب.

2 - 5 وفي 7 أيلول/سبتمبر 2006 ، تلقى صاحبا البلاغ ردا ً من رئيس الحكومة أقر فيه بتلقيه الرسالة التي بُعثت في وقت سابق وأشار إلى أنه أحال الطلب إلى اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها. وفي 27 كانون الأول/ديسمبر 2006 ، تلقى صاحبا البلاغ ردا ً آخر من مكتب الرئاسة طلب فيه إليهما المثول أمام المحكمة الأقرب إلى منزلهما كي يبذلوا المساعي اللازمة للحصول على تعويض عملا بالأمر رقم 06 - 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتعلق بتنفـيذ ميثـاق السلم والمصالحة الوطنيـة. ورفض صاحبا البلاغ هذا التعويض رفضا ً قاطعا ً ، الأمر الذي يعني ضم ناً تخليهما عن المساعي التي سع يا ها لاكتشاف الحقيقة بشأن مصير ابنهما.

2 - 6 وفي 13 آذار/مارس 2007 ، توجه صاحبا البلاغ إلى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. وفي 11 أيار/مايو 2009 ، أرسلا شكوى جديدة إلى رئيس الجمهورية ووزير العدل ووزير الداخلية. وفي 12 حزيران/يونيه 2011 ، توجها مرة أخرى إلى رئيس الجمهورية ووزير العدل، طالبَين إلى الدولة إعمال حقهما في إجراء تحقيق فعال من أجل معرفة أسباب اعتقال ابنهما والحقيقة عن مصيره. وأشارا في تلك الرسالة إلى الصكوك الدولية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، مثل العهد والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. ولم يتلقيا أي رد على هذه الطلبات الأخيرة.

2 - 7 وفيما يخص سبل الانتصاف القضائية، استدعت الشرطة القضائية في تيبازة صالح ظريف في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 بشأن اختفاء ابنه. وفي 4 آذار/مارس 1999 ، تلقت خوخة رفراف استدعاء من محكمة البليدة العسكرية يأمرها بالمثول أمام المحكمة في 19 نيسان/أبريل 199 9 . وفي تاريخ غير محدد، رفعا شكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة البليدة العسكرية للاستعلام عن التقدم المحرز في التحقيق. وأعلماه بأن الدرك استمع إليهما بناء على طلبه، لكنهما لم يتلقيا أي أخبار جديدة منذئذ.

2 - 8 ونظ راً إلى جمود السلطات، رفع صالح ظريف في 13 أيلول/سبتمبر 2004 شكوى جديدة على الحارسين البلديين اللذين اعتقلا ابنه إلى قاضي التحقيق لدى محكمة القليعة، دون أن يُتخذ أي إجراء في هذا الصدد. وفي 27 آب/أغسطس 2006 ، رفعت خوخة رفراف شكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة. وفي 21 شباط/فبراير 2007 ، كررت طلبها إلى الوكيل إجراء تحقيق للكشف عن مصير ابنها. ومع ذلك، لم يُتخذ أي إجراء بشأن هذه الشكاوى. ثم رفعا شكوى جديدة في 11 أيار/مايو 2009 إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة يطلبان، مرة أخرى، إجراء تحقيق. وتلقيا ردّين، جاء في أحدهما أن الملف أحيل إلى اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها، وأن هذه الهيئة ليست مختصة في إجراء تحقيق. فكرّرا رفضهما الحصول على تعويض وطلبا معرفة الحقيقة.

2 - 9 وفي 12 حزيران/يونيه 2011 ، رفعت خوخة رفراف شكوى إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة تطلب فيها إجراء تحقيق. وفي تاريخ غير محدد، رفع صاحبا البلاغ شكوى أيضاً إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة البليدة العسكرية، موضحين أنهما قدما طلبا إلى محكمة القليعة المدنية، لكن شكواهما لم تتكلل قط بالنجاح حتى الآن.

2 - 10 ورُفعت قضية عمر ظريف أيضاً إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في 25 حزيران/يونيه 200 9 . وبعد مرور 7 أعوام على رفع القضية، لم تحلّها السلطات الجزائرية بعدُ ( ) .

2 - 11 ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها صاحبا البلاغ، لم تجر السلطات الحكومية المختصة أي تحقيق. ويؤكد صاحبا البلاغ أنه أصبح من المستحيل قانو ناً الآن أن يلجآ إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 0 1 . وعليه، لم تعد هناك سبل انتصاف داخلية متاحة، وهي لم تكن فعالة ولا ذات جدوى على أية حال. فميثاق السلم والمصالحة الوطنية ينص على أن "الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن" .

2 - 12 ويفيد صاحبا البلاغ بأن الأمر رقم 06 - 01 يمنع من اللجوء إلى القضاء تحت طائلة رفع دعوى جنائية ، وهو ما يعفي الضحايا من واجب استنفاد سبل الانتصاف المحلية. فهذا الأمر يحظر رفع أي شكوى بشأن الاختفاء أو جرائم أخرى. فالمادة 45 منه تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبم قتضى هذا الحكم، على السلطة القضائية المختصة التصريح بعدم قبول كل إبلاغ أو شكوى. وإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي:

يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3 ) سنوات إلى خمس ( 5 ) سنوات وبغرامة من 000 250 دج إلى 000 500 دج، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية. تبــاشر النيــابة العـامّة المتابعات الجزائية تلقائيا. في حالة العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه المادّة.

الشكوى

3 - 1 يطلب صاحبا البلاغ من اللجنة أن تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق عمر ظريف بمقتضى المواد 2 ( 2 ) و( 3 )، و 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 من العهد، وحقوقهما بموجب الم واد 2 ( 2 ) و( 3 )، و 7 ، و 14 من العهد.

3 - 2 ويدعيان أن ابنهما وقع ضحية اختفاء قسري. ويؤكدان أنه رغم عدم وجود أي حكم من أحكام العهد يشير صراحةً إلى الاختفاء القسري، فإن الممارسة تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في أمان الفرد على شخصه.

3 - 3 ويذكّر صاحبا البلاغ بالتطور الذي طرأ على اجتهادات اللجنة فيما يخص الاختفاء القسري، ويريان أن مجرد وجود خطر يهدد بأن يفقد الشخص حياته في سياق هذا الاختفاء يكفي لاستنتاج وقوع انتهاك مباشر للمادة 6 من العهد. ويذكّران أيضاً بالوقائع التي تكتنف اختفاء ابنهما ويريان أنه بالنظر إلى الوقت الذي مضى - أي 21 عاما ً - وإلى عدم وجود أي معلومات، فإن ثمة شكوكا ً قويّة في أنه توفي أثناء احتجازه وهو تحت حماية السلطات. ونظراً لعدم إجراء تحقيق شامل في اختفاء عمر ظريف، يرى صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف لم تلتزم بواجبها القاضي بحماية حقه في الحياة واتخاذ تدابير للتحقيق فيما حدث له، الأمر الذي ينتهك المادة 6 ( 1 ) من العهد.

3 - 4 ويذكّر صاحبا البلاغ، إضافة إلى ذلك، بملابسات اختفاء ابنهما، وهي الافتقار التام إلى معلومات عن احتجازه وعن حالته الصحية، وكذلك عدم التواصل مع أسرته والعالم الخارجي. ويذكّران أيضاً بأن الاحتجاز التعسفي المطول يزيد من احتمال التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويشيران إلى اجتهادات اللجنة فيؤكدان أيضاً أن القلق والحيرة والكرب الناجم عن اختفاء عمر ظريف وأمر السلطات إياهما باتباع إجراءات التعويض المنصوص عليها في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية يعدّان شكلين من أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لأسرته. وبالمثل، فإن اختفاء أحد أشقاء عمر ظريف أيضاً وعدم سعي السلطات في أي وقت من الأوقات إلى تخفيف هذه المعاناة من خلال إجراء تحقيقات فعالة للكشف عن أسباب اعتقال الابنين ومصيريهما يسهم في معاناة صاحبي البلاغ وإحباطهما وقلقهما البالغ والمستمر. وبناء على ذلك، يدعيان أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك المادة 7 من العهد في حقهما وحق عمر ظريف.

3 - 5 ويؤكد صاحبا البلاغ - وهما يأخذان في الحسبان كون عمر ظيف كان محتجزاً مع منع الاتصال دون أن تتاح له إمكانية توكيل محام ودون أن يبلَّغ أسبابَ اعتقاله أو التهم الموجهة إليه، وكون احتجازه لم يرد في سجلات الاحتجاز لدى الشرطة، وأنه لا توجد أي معلومات رسمية عن مكان وجوده أو مصيره - أنه حُرم حقَّه في الحرية وال أ من وأنه لم يتمكن من الطعن لدى محكمة. وعليه، يريان أن عمر ظريف حُرم الضمانات المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، لا سيما الاستفادة من سبيل انتصاف فعال، وهو ما أدى إلى انتهاك حقوقه بمقتضى هذه المادة.

3 - 6 ثم يؤكد صاحبا البلاغ أنه بسبب عدم إجراء السلطات الجزائرية تحقيقاً، سُلب عمر ظريف حريته ولم يعامل معاملة إنسانية تحفظ كرامته، الأمر الذي ينتهك حقوقه بموجب المادة 10 من العهد.

3 - 7 ويؤكد صاحبا البلاغ ، في معرض تذكيرهما بالمادة 14 من العهد، وكذلك بالفقرة 9 من تعليق اللجنة العام رقم 32 ( 2007 )، أن جميع المساعي التي بُذلت لدى السلطات القضائية وغير القضائية باءت بالفشل. وإضافة إلى ذلك، يحول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والمادة 45 من الأمر رقم 06 - 01 دون اتخاذ أي إجراء قضائي في حق أعوان الدولة، الأمر الذي يمنع صاحبي البلاغ من الدفاع عن قضيتهما. إذنْ، فقد انتهكت الدولة الطرف حقوقهما بموجب المادة 14 من العهد.

3 - 8 ثم يذكّر صاحبا البلاغ بأحكام المادة 16 من العهد واستمرارية سوابق اللجنة التي تفيد بأن تعمّد حرمان شخص ما من حماية القانون فترة ً طويلة يمكن أن يكون بمثابة امتناع عن الاعتراف له بالشخصية القانونية إن كان الضحية في عهدة سلطات الدولة حين شوهد آخر مرة، وما إن كانت أُعيقت على الدوام جهودُ أقاربه في طريق الوصول إلى سبل انتصاف فعالة، بما فيها المحاكم. ويحيلان في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد ( ) ، حيث رأت اللجنة أن المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة والمحتجزين مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في أن يُعترف لهم بالشخصية القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة 16 من العهد. وعليه يزعمان أن السلطات الجزائرية، بإبقائها على عمر ظريف محتجزاً دون إبلاغ أسرته وأقاربه ذلك رسمياً تكون قد حرمته حماية القانون ومنعته التمتع بحقه في الاعتراف له بشخصيته القانونية، الأمر الذي ينتهك المادة 16 من العهد.

3 - 9 ويرى صاحبا البلاغ أن الأمر رقم 06 - 01 ي خلّ بالالتزام العام للدولة الطرف المكرّس في المادة 2 ( 2 ) من العهد، من حيث إن هذا الحكم يقتضي أيضاً تحمّل الدول الأطراف التزاماً سلبياً بعدم اعتماد إجراءات منافية لأحكام العهد. فبإقدام الدولة الطرف على اعتماد هذا الأمر، سِيّما المادة 45 ، تكون قد اتخذت إجراء تشريعياً يمنع التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد ( ) ، خاصة الحق في سبيل انتصاف فعال عن انتهاكات حقوق الإنسان. ومنذ أن صدر هذا الأمر، تعذر على صاحبي البلاغ اللجوء إلى العدالة. ويريان أن الإخلال بالالتزام المنصوص عليه في المادة 2 ( 2 ) من العهد، مِن طريق الفعل أو الامتناع عن الفعل، يمكن أن تنشأ عنه مسؤولية الدولة الطرف الدولية ( ) . ويؤكدان أن الشكاوى التي قدماها لم تُعالج رغم جميع المساعي التي بذلاها بعد بدء نفاذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ولذلك، فهما يعتبران أنهما تضر راً من هذا الحكم التشريعي الذي يتعارض مع المادة 2 ( 2 ) من العهد.

3 - 10 ويضيف صاحبا البلاغ أن أحكام الأمر رقم 06 - 01 تتعارض مع المادة 2 ( 3 ) من العهد لأنها تمنع رفع دع ا وى جنائية على المدّعى اقترافهم جرائم اختفاء قسري عندما يكون الأشخاص الذين اقترفوها من أعوان الدولة. وهذا الأمر هو بمثابة عفو بحكم الواقع عن مجترحي الجرائم التي وقعت خلال العقد الماضي، بما فيها الجرائم الأشد خطورة مثل الاختفاء القسري. وهو يمنع أيضاً ، تحت طائلة الحبس، اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا ( ) . وتَبين أن المساعي التي بذلها صاحبا البلاغ لدى السلطات الجزائرية قبل اعتماد هذا الأمر وبعده غير ذات جدوى، إذ إنهما لم يتلقيا أي جواب عن مصير عمر ظريف. ويحول هذا الرفض دون فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته. وتنص المادة 2 ( 3 ) من العهد على جبر أضرار الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد ( ) . ولا تنص المواد من 27 حتى 39 من الأمر رقم 06 - 01 سوى على تعويض مالي بسيط مشروط بإصدار حكم وفاة في أعقاب فشل عملية التحقيق، إذ إن المادة 38 تستبعد أي شكل آخر من أشكال الجبر. ولكن في الممارسة لا يُجرى أي تحقيق في مصير المختفي ولا بشأن مرتكبي الاختفاء. ويذكّر صاحبا البلاغ بأن اللجنة رأت أن الحق في سبيل انتصاف فعال يشمل بالضرورة الحق في جبر كاف والحق في معرفة الحقيقة، وأوصت الدولة الطرف بأن تلتزم بضمان توفير سبيل انتصاف فعال للمختفين و/أو أسرهم وأن تحرص على حسن متابعة ذلك والتأكد من احترام الحق في التعويض والجبر على أكمل وجه ممكن ( ) . وعلى هذا، يريان أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 منه.

3 - 11 ويطلب صاحب ا البلاغ إلى اللجنة أن تلتمس من الدولة الطرف إصدار أمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة لأجل الآتي: (أ) العثور على عمر ظريف واحترام التزامها بموجب المادة 2 ( 3 ) من العهد؛ و(ب) تقديم المسؤولين ماديا ً وفكريا ً عن الاختفاء القسري هذا إلى السلطات المدنية المختصّة قصد ملاحقتهم قضائيا وفقاً للمادة 2 ( 3 ) من العهد؛ و(ج) ضمان جبر ضرر عمر ظريف، إن كان لا يزال على قيد الحياة، وأسرته جبراً كافياً وفعّالاً وفورياً وفقاً للمادتين 2 ( 3 ) و 9 من العهد، بما في ذلك تعويض كاف ومتناسب مع خطورة الانتهاك وإعادة تأهيل تامة وضمانات بعدم التكرار. وفي الختام، يطلبان إلى اللجنة أن تُلزِم السلطات الجزائرية بإلغاء المواد من 27 حتى 39 والمادتين 45 و 46 من الأمر رقم 06 - 0 1 .

ملاحظات الدولة الطرف

4 - في 2 نيسان/أبريل 2019 ، دعت الدولة الطرف اللجنة إلى الاستناد إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. ولما كانت اللجنة رفضت النظر في مقبولية الشكوى بمعزل عن الأسس الموضوعية، فقد أحالت الدولة الطرف اللجنة مجددا ً ، في 16 كانون الأول/ديسمبر 2020 ، على المذكرة المرجعية المشار إليها آنفاً، معترضةً على مقبولية البلاغات التي تُعرض على اللجنة ويكون موضوعها تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ومن ثم دعت اللجنة إلى عدم النظر في الأسس الموضوعية.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 30 حزيران/يونيه 2019 ، قدم صاحبا البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويؤكدان في هذا الصدد أن الملاحظات لا تتطرق بتاتا إلى مقبولية البلاغ أو خصائص القضية أو الطعون التي تقدمت بها أسرة الضحية، الأمر الذي يدل على عدم جدية السلطات الجزائرية وازدرائها الإجراءَ المعروض على اللجنة. ويؤكدان أيضاً أن هذه الملاحظات قد عفّى عليها الزمن لأن تاريخها يعود إلى تموز/يوليه 200 9 .

5 - 2 وخلص صاحبا البلاغ - في معرض تذكيرهما بأن الطعون التي قدماها لم يسفر أي منها عن فتح تحقيق فوري أو دعاوى جنائية وأن السلطات الجزائرية لم تَسُق أي عنصر ملموس يوحي ببذل جهود بحث فعلية للعثور على عمر ظريف وكشف المسؤولين عن اختفائه - إلى استنفادهما سبل الانتصاف المحلية وأن اللجنة يجب أن تعتبر الشكوى مقبولة.

5 - 3 وإذ يحيل صاحبا البلاغ إلى اجتهادات اللجنة التي مؤداها أنه لا يجوز الاحتجاج بميثاق السلم والمصالحة الوطنية في حق الأشخاص الذين يقدمون بلاغاً فردياً، يذكّران بأن أحكام الميثاق لا تمثل بأي شكل من الأشكال معالجة ملف المختفين معالجة مناسبة، لأن هذه المعالجة تفترض احترام الحق في معرفة الحقيقة، والعدالة، والجبر التام.

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف طعنت في مقبولية البلاغ في 2 نيسان/أبريل 2019 واستندت في ذلك إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي 4 تموز/يوليه 2019 و 3 أيلول/سبتمبر 2020 ، طُلب إلى الدولة الطرف تقديم ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية. وتشير اللجنة إلى أنها لم تتلق أي رد، وتعرب عن أسفها لعدم تعاون الدولة الطرف بخصوص تقديم ملاحظاتها بشأن هذه الشكوى. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تنظر بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك أحكام العهد التي تنسب إليها وإلى ممثليها، وأن توافي اللجنة بما تملك من معلومات ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في أي بلاغ، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إن كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ حالةَ الاختفاء هذه. بيد أنها تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق الاتفاقيات لمجلس حقوق الإنسان ليست عموما ً جزءا ً من إجراء تحقيق دولي أو تسوية دولية بالمعنى المقصود من المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وعليه، ترى أن دراسة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قضيةَ عمر ظريف لا تجعل البلاغ غير مقبول استناداً إلى هذا الحكم.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحبي البلاغ أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المتاحة، وأن الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية الصادرة عن الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتذكّر في هذا الصدد بأنها أعربت مرا راً وتكرا راً عن قلقها من تجاهل الدولة الطرف طلباتها المتكررة، إذ دأبت دوماً على الإحالة على وثيقة عامة نموذجية تُعرف باسم "المذكرة"، من دون الرد بالضبط على ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وبناءً على ذلك، حثّت الدولة الطرف على أن تتعاون بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية بالتوقف عن الإحالة إلى "المذكرة" وتقديم رد محدد وفردي على ادعاءات أصحاب البلاغات.

7 - 4 وتذكّر اللجنة بعدئذ بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تُبلَّغُها سلطاتها فحسب، لا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل ي ُ جاوزه إلى ملاحقة كل شخص يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . و تلاحظ اللجنة في القضية محل النظر أن صاحبي البلاغ نبها السلطات المختصة في مناسبات عدة على ابنهما، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق في هذا الادعاء الخطير. ويضاف إلى ذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أي تفسير محدد في ملاحظاتها ر داً على قضية عمر ظريف يمكن أن يؤدي إلى استنتاج مفاده أن سبيل انتصاف فعالا سيكون متاحا، بينما يستمر تطبيق الأمر رقم 06 - 01 ، وهو ما ي فضي إلى تقليص نطاق تطبيق العهد، رغم توصيات اللجنة بمواءمته مع العهد ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أن لا شيء يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للمادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 ويضاف إلى ذلك أنه بالنظر إلى أن البلاغ قد يشكل إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات عندما يقدم بعد خمس سنوات من استنفاد صاحبه ل سبل الانتصاف المحلية -حتى لو أن الدولة الطرف لم ت ثره في القضية موضع النظر- تذكّر اللجنة بالطابع المستمر للاختفاء القسري، الأمر الذي يعني ضم ناً أن واجب إجراء تحقيق هو في حد ذاته مستمر، وهو ما أبطله الأمر رقم 06 - 01 وآثاره في القضية قيد النظر ( ) . وبناء على ذلك، لا ترى اللجنة، ضمن الملابسات الخاصة بالقضية محل النظر، أن هذا البلاغ يشكل إساء استخدام للحق.

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ أثارا أيضاً انتهاكاً منفصلاً لحقوقهما بمقتضى المادة 2 ( 2 ) و( 3 ) من العهد. وإذ تذكّر باجتهاداتها التي رأت فيها أن أحكام المادة 2 من العهد تضع التزامات عامة على عاتق الدول الأطراف، ولا تعتبر، بمفردها، أساساً يمكن الاستناد إليه لتقديم ادعاء منفصل بموجب البروتوكول الاختياري، إذ لا يمكن الاحتجاج بها إلا مقترنة بمواد موضوعية أخرى ينص عليها العهد ( ) ، فإنها تعتبر ادعاءات صاحبي البلاغ بموجب المادة 2 ( 2 ) و( 3 ) من العهد، المحتجّ بها بطريقة منفصلة، غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

7 - 7 غير أن اللجنة ترى أن صاحبي البلاغ قدما ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتهما الأخرى لأغراض المقبولية، وتشرع من ثم في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك المواد 6 ( 1 )، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 14 ، و 16 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ).

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بالإحالة إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي سبق أن قدّمتها إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي وإلى اللجنة بخصوص بلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها القائل بأنه سبقت تسوية قضايا من هذا القبيل في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها ( ) ، وتذكّر بأنه لا يمكن الدولةَ الطرف أن تحتج بأحكام هذا الميثاق في حق أشخاص يحتجون بأحكام العهد أو قدموا أو يمكن أن يقدّموا بلاغات إلى اللجنة ( ) . وبالنظر إلى عدم إدخال الدولة الطرف التعديلات التي أوصت بها اللجنة، فإن الأمر رقم 06 - 01 يسهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية، ولذلك لا يمكن اعتباره، كما هو، متوافقاً مع أحكام العهد ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحبي البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتُذكّر باجتهاداتها التي تفيد بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، خاصة وأن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن الدولة الطرف غالباً ما تكون المالكة الوحيدة للمعلومات اللازمة ( ) . والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تنظر بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك العهد المنسوب إليها وإلى ممثليها، وأن توافي اللجنة بما تملك من معلومات ( ) . فإن لم تقدم الدولة الطرف أي توضيح في هذا الشأن، تَعَيّن إيلاء ادعاءات صاحبي البلاغ ما يلزم من اهتمام ما دامت مدعومة بما يكفي من الأدلة.

8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإن الاختفاء القسري يشكل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تنتهك العديد من الحقوق المكرسة في هذا الصك انتهاكاً مستمراً، مثل الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية والأمن ( ) .

8 - 5 وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ رَأَيا ابنهما آخر مرة قبل 9 حزيران/يونيه 1995 عندما كان عائ داً إلى منزله مع أربعة أصدقاء. وتمكن أصدقاؤه من معرفة هوية دركيَّين من درك بربيسة؛ وعندما ذهبت خوخة رفراف إلى مقر الدرك للحصول على معلومات عن اعتقال ابنها، أكد لها أحد هذين الدركيين - الذي كان قائد اللواء - وجود عمر ظريف في مقر الدرك. وتحيط اللجنة علماً بكون الدولة الطرف لم تقدّم أي دليل يسمح بتحديد مصير عمر ظريف. وتذكّر بأن سلب شخص حريته ثم عدم الاعتراف بذلك أو عدم الكشف عن مصير المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان هذا الشخص من حماية القانون وتعريض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وتلاحظ، في القضية موضع النظر، أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يمكن أن يثبت أنها وفت بالتزامها بحماية حياة عمر ظريف. وتخلص، بناءً عليه، إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بحماية حياة عمر ظريف، وهو ما ينتهك المادة 6 ( 1 ) من العهد.

8 - 6 وتقر اللجنة بمدى المعاناة الناجمة عن الاحتجاز دون اتصال بالعالم الخارجي لأجلٍ غير مسمى. وتذكّر بتعليقها العام رقم 20 ( 199 2 ) الذي أوصت فيه الدول الأطراف باتخاذ تدابير تمنع الاحتجاز مع منع الاتصال. وتلاحظ في القضية قيد النظر أن صاحبي البلاغ، بعد أن حصلا على معلومات من قائد اللواء، الذي أكد وجود ابنهما في مقر درك بربيسة، لم يتلقيا قط أي معلومة عن مصيره أو مكان احتجازه رغم رفعهما الالتماس تلو الآخر مرات عدة إلى السلطات الحكومية. وعليه، ترى اللجنة أن السلطات الجزائرية قد تكون لا تزال تحتجز عمر ظريف، الذي اختفى في 9 حزيران/يونيه 1995 ، مع منع الاتصال. ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن اختفاء عمر ظريف ينتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 7 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في ادعاءات انتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

8 - 8 و عن ادعاءات انتهاك المادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بزعم صاحبي البلاغ أن عمر ظريف اعتقل تعسفا دون مذكرة قضائية ولم توجه إليه تهمة ول م ي مثل أمام سلطة قضائية تخوله الطعن في قانونية احتجازه. ولما لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي إيلاء ما يلزم من اعتبار لادعاءات صاحبي البلاغ ( ) ، و تخلص من ثم إلى أن حقوق عمر ظريف انتهكت بموجب المادة 9 من العهد ( ) .

8 - 9 وترى اللجنة أن حرمان الشخص عمداً من حماية القانون يشكل إنكاراً لحقه في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، سِيّما عندما تعرقَل على الدوام جهود أقاربه من أجل ممارسة حقهم في الحصول على سبيل انتصاف فعال ( ) . وفي القضية محل النظر، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن مصير عمر ظريف ولا بشأن مكان وجوده، رغم المساعي التي بذلها أقاربه ورغم وجوده في عهدة سلطات الدولة الطرف آخر مرة شوهد فيها. وتخلص إلى أن اختفاء عمر ظريف قسراً منذ ما يزيد على 26 عاماً قد حرمه حمايةَ القانون وحقَّه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وهو ما ينتهك المادة16 من العهد.

8 - 10 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحالة القلق والكرب التي يسببها اختفاء عمر ظريف لصاحبي البلاغ منذ أكثر من 26 عاماً. وترى في هذا الصدد أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوقهما بم قتضى المادة 7 من العهد ( ) .

8 - 11 وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ لم يحتجا صراحة بانتهاك المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، لكنهما يشيران إلى الالتزام الذي يفرضه هذا الحكم على الدول الأطراف بأن تضمن لكل شخص توفر سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ لإعمال الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر اللجنة بأنها تعلق أهمية على إنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة للنظر في الشكاوى المتصلة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر بتعليقها العام رقم 31 ( 200 4 ) حيث تشير على وجه الخصوص، في الفقرة 15 ، إلى أن عدم تحقيق دولة طرف في انتهاكات مزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك منفصل للعهد.

8 - 12 وفي القضية م وضع النظر، أخطر صاحبا البلاغ السلطات المختصة مراراً باختفاء ابنهما دون أن تحقق الدولة الطرف في هذا الاختفاء ودون أن تخبرهما بمصيره. ثم إن استحالة اللجوء قانو ناً إلى هيئة قضائية بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 يحرم عمر ظريف وصاحبي البلاغ حتى الآن أيَّ فرصة للحصول على سبيل انتصاف فعال لأن الأمر المذكور يمنع اللجوء إلى العدالة لاستجلاء ملابسات أشد الجرائم خطورة ، من مثل الاختفاء القسري ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق عمر ظريف بمقتضى المادة 2 ( 3 ) مقترنة بالمواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، ولحقوق صاحبي البلاغ بموجب المادة 2 ( 3 )، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد.

8 - 13 وفي ضوء ما تقدم، لن تنظر اللجنة بشكل منفصل في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 14 من العهد.

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات الدولة الطرف حقوق عمر ظريف بمقتضى المواد 6 و 7 و 9 و 16 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. وترى أيضاً انتهاك الدولة الطرف حقوقَ صاحبي البلاغ بموجب المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 )، من العهد.

10 - وتُل ز م المادة 2 ( 3 ) من العهد كل دولة طرف بأن توفر لصاحبي البلاغ سبيل انتصاف فعالا. ويقتضي منها ذلك أن تعيد من انتُهِكت حقوقهم المعترف بها في العهد إلى الوضع الذي كان قائماً من قبل. ففي القضية قيد النظر، تُلزَم الدولة الطرف بما يلي: (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف في اختفاء عمر ظريف وموافاة صاحبيْ البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و(ب) الإفراج فوراً عن عمر ظريف إن كان لا يزال محتجزا مع منع الاتصال؛ و(ج) إعادة رفات عمر ظريف، في حال وفاته، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ و(د) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات التي ا قتُرفت جنائيا و م حاكمهم و م عاقبهم بعقوبات تتناسب مع خطورة الانتهاكات؛ و(ه) تعويض صاحبي البلاغ وعمر ظريف، إن كان على قيد الحياة، تعويض ا كاف يا ، إضافة إلى إمكانية الحصول على أي علاج طبي ونفسي قد يحتاجونه. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ تدابير لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، إضافة إلى ضمان عدم إعاقة حق ضحايا الانتهاكات الجسيمة مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري في سبيل انتصاف فعال. وترى اللجنة في هذا الصدد أنه ينبغي أن تعيد الدولة الطرف النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر رقم 06 - 01 التي تتنافى مع العهد، كي يتسنى التمتع بالحقوق المكرسة في العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

11 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد أقرّت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في البتّ فيما إن كان العهد قد انتُهك أم لا، وتعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت الانتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع هذه الآراء موضع التنفيذ. والدولة الطرف مدعوة أيضاً إلى نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.