الأمم المتحدة

CCPR/C/133/D/3215/2018

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 December 2021

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 3215/2018 * **

بلاغ مقدم من: فيليب روديار بسيس (يمثله المحامي فريدريك فابر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 13 تشرين الأول/أكتوبر 2021

الموضوع: حرية التعبير؛ المحاكمة العادلة؛ الحرية النقابية

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: الحق في محاكمة عادلة؛ الحق في حرية التعبير؛ الحق في الحرية النقابية

مواد العهد: 14 و19 و22

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و5 (الفقرة 2(أ))

1 - 1 يُدعى صاحب البلاغ فيليب روديار بسيس، وهو مواطن فرنسي وُلد عام 1954 في تونس. يدَّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بمقتضى المواد 14 و19 و22 من العهد. وقد انضمت فرنسا إلى البروتوكول الاختياري في 17 شباط/فبراير 1984 . ويمثل صاحب البلاغ المحامي فريديريك فابر.

1 - 2 في 13 حزيران/يونيه 2017، سُجل بلاغ سابق مقدم من صاحب البلاغ (رقم 2988/2017)، مؤرخ 1 آذار/مارس 2017، يدَّعي فيه المعني تعرضه لانتهاك حرية الرأي بمقتضى المواد 2 (الفقرة 3 ) و14 و19 من العهد. وفي سياق ذلك البلاغ، طعن صاحب البلاغ في قرار صادر عن الغرفة التأديبية الوطنية للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان بشأن عزله من الرابطة، في أعقاب قيامه بكتابة مقالات تندّد باختلالات النظام وبإساءة استعمال الأعضاء لوظائفهم. وفي 12 أيلول/سبتمبر 2017، وافق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة على إرفاق البلاغ المؤرخ 13 حزيران/يونيه 2017 برسالة أخرى لصاحب البلاغ، مؤرخة 13 تموز/يوليه 2017، يدفع فيها المعني بادعاءات جديدة بمقتضى المادتين 17 و 25 من العهد بشأن استحالة ممارسة مهنة جراحة الأسنان ومهنة المحاماة في آن واحد.

1 - 3 ويخضع هذا البلاغ، المؤرخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017 والمتعلق بوقائع وشكاوى مختلفة، لدراسة منفصلة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 يمارس صاحب البلاغ مهنة المحاماة وهو رئيس سابق لنقابة أطباء الأسنان المتضامنين والمستقلين . وعند وقوع الأحداث، كان يعمل أيضاً جرّاح أسنان قبل أن تُشطب عضويته من الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان.

2 - 2 نشر صاحب البلاغ مقالاً على مدونة الويب النقابية لأطباء الأسنان المتضامنين والمستقلين، بصفته رئيساً لهذه النقابة. وندَّد في ذلك المقال بتجاوزات المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، والعلاقات المريبة القائمة بين المجلس والاتحاد الفرنسي لصحة الفم، والاستخدام غير القانوني للاشتراكات الترتيبية من جانب المجلس والأفعال غير المشروعة التي يرتكبها أعضاؤه، والاستعمال المشكوك فيه لأموال المجلس، والمبالغ التي تلقاها مستشارو الدولة دون مبرر، والابتزاز التأديبي الذي تعرَّض له صاحب البلاغ.

2 - 3 ويستنكر صاحب البلاغ قيام بعض أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان باستغلال وظائفهم لغرض غير مشروع. وقرر أربعة من هؤلاء الأعضاء استدعاء صاحب البلاغ أمام محكمة باريس الابتدائية بتهمة التشهير. واستند أصحاب الشكوى في اتهامهم إلى المقاطع الواردة في المقال المطعون فيه بشأن الاستخدام غير النظامي للاشتراكات الترتيبية، والأفعال غير المشروعة التي ارتكبها أعضاء المجلس الوطني، والابتزاز التأديبي.

2 - 4 في 12 كانون الثاني/يناير 2012 ، أصدرت محكمة باريس الابتدائية أربعة أحكام بالبراءة بحق صاحب البلاغ وأمرت كل مشتكٍ من المشتكين الأربعة بدفع مبلغ 500 يورو له. وفي 10 نيسان/ أبريل 2014 ، استأنف المشتكون هذه الأحكام.

2 - 5 وأدانت محكمة الاستئناف في باريس صاحب البلاغ في حكمها المؤرخ 10 نيسان/أبريل 2014 لما صدر عنه من ادعاءات بشأن استخدام مريب للاشتراكات الترتيبية من جانب المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان والابتزاز التأديبي. وهو متهم بعدم إبداء حسن النية وعدم تقديم أي أدلة لإثبات الوقائع أو الطابع الفعلي لاختلاس الاشتراكات المذكورة. ورأت محكمة الاستئناف أنه لا يتعين على أعضاء المجلس أن يضطلعوا، على أساس فردي، بمهام المصلحة العامة، غير أن بإمكانهم تحقيقها عن طريق العمل سوياً.

2 - 6 واستأنف صاحب البلاغ الحكم بالنقض، حيث طلب إلى محكمة النقض تأكيد الحكم المؤرخ 12 كانون الثاني/يناير 2012 . وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، رفضت محكمة النقض إجراءات استئناف صاحب البلاغ واعتبرت أن محكمة الاستئناف في باريس قد قيَّمت بالفعل معنى الادعاءات المطعون فيها ونطاقها، ورأت أنه لم يجرِ إثبات الوقائع المتعلقة بالتشهير. كما استبعدت محكمة الاستئناف إمكانية الاستفادة من حسن النية بحق صاحب البلاغ.

2 - 7 وفي 26 أيار/مايو 2016 ، قدم صاحب البلاغ التماساً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مدّعياً أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 10 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2016 ، أبلغته المحكمة المذكورة بعدم مقبولية التماسه، بناءً على قرار اتخذه قاض منفرد، لأن الطلب لا يستوفي شروط المادتين 34 و 35 من  الاتفاقية.

2 - 8 وفي 23 شباط/فبراير 2017 ، نشر ديوان المحاسبات تقريراً بعنوان "L’Ordre national des chirurgiens-dentistes : retrouver le sens de ses missions de service public" في أعقاب تحقيق أجراه الديوان في شروط ممارسة مهام الخدمة العامة للرابطة ومختلف جوانب إدارتها. ويشير ديوان المحاسبات، في تقريره، إلى الإدارة المالية السيئة لأعضاء الرابطة فيما يتعلق بالاشتراكات السنوية.

الشكوى

3 - 1 يشكو صاحب البلاغ من الطابع التعسفي لقرار محكمة الاستئناف في باريس بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد. ويؤكد أنه ما كان ينبغي استدعاء المشتكين الأربعة، أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، بالمعنى المقصود في المادة 32 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 بشأن حرية الصحافة، التي تتعلق بالتشهير بالأشخاص العاديين، بل بالمعنى المقصود في المادة 31 من ذلك القانون، التي تتعلق بالتشهير بالأشخاص المكلفين بأداء مهام الخدمة العامة. ولذلك، يدفع صاحب البلاغ بأن المشتكين الأربعة، الذين يمثلهم نفس المحامين، تصرفوا معاً في أداء مهمة من مهام الخدمة العامة، لا كأشخاص عاديين، باسم المجلس. ووفقاً للمعنى المقصود في المادة 14 من العهد، يرى صاحب البلاغ أن قرار محكمة الاستئناف في باريس، الذي أكدته محكمة النقض، هو قرار تعسفي نظراً إلى أن المحكمتين لم تأخذا في الاعتبار الخطأ الإجرائي الذي ارتكبه المشتكون ولم تتخذا جزاءات بشأنه. ويؤكد صاحب البلاغ أن المحاكم المحلية أساءت تفسير كتاباته بغية إدانته. ويضيف أنه لم يذكر قط أي إقامة ترفيهية أو فترة استجمام للإشارة إلى اجتماع عقده المجلس في منطقة لا بول في عام 2005، بل أشار تماماً إلى عقد مؤتمر. كما أنه لم يزعم خيانة الأمانة، بل القيام بـ "تحويل لتغطية تكاليف مؤتمر يسجل عجزاً".

3 - 2 ويستنكر صاحب البلاغ حصول محامية المشتكين على مساعدة المحامي الرسمي للمجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، الذي يتمثل دوره في مكافحة أي منافسة غير مشروعة. ويذكر صاحب البلاغ أن القانون لا يسمح للرابطة بأن تتصرف على هذا النحو نظراً إلى أن المجلس ليس نقابة وإنما هو رابطة مهنية مكلفة بأداء مهمة من مهام الخدمة العامة. ويدَّعي صاحب البلاغ أن المحاكم لا يمكنها أن تقاضيه إلا بتهمة التشهير بشخص مكلف بأداء مهمة من مهام الخدمة العامة، لا بتهمة التشهير بأشخاص عاديين.

3 - 3 ويدَّعي صاحب البلاغ، بمقتضى المادة 19 من العهد، أن العقوبة المفروضة عليه تمسّ بحريته في التعبير. ويؤكد أن الوقائع التي يشجبها في مقاله قد ثبتت في وقت لاحق في تحقيق أجراه ديوان المحاسبات، على النحو المبين في تقرير الديوان المؤرخ 23 شباط/فبراير 2017 . وفي هذا التقرير، يشجب ديوان المحاسبات العديد من الاختلالات القائمة في الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان.

3 - 4 ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أن حريته في التعبير النقابي بالمعنى المقصود في المادة 22 من العهد قد انتُهكت. ويرى أنه قد تصرَّف بصفته رئيساً نقابياً بواسطة مدونة نقابية ضد أعضاء في الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان. ويؤكد أن هؤلاء الأعضاء استخدموا سلطاتهم الممنوحة في إطار أداء مهمة من مهام الخدمة العامة لاستبعاده من المهنة وتفكيك نقابته.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 25 أيلول/سبتمبر 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تعلن عدم مقبوليته.

4 - 2 وفيما يتعلق بالادعاء بمقتضى المادة 19 مقروءة بالاقتران بالمادة 22 من العهد، تدفع الدولة الطرف بأن الوقائع التي عرضها صاحب البلاغ سبق النظر فيها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم طلباً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الوقائع نفسها، وأنه أُبلغ بواسطة رسالة مؤرخة 15 كانون الأول/ ديسمبر 2016 بأن طلبه غير مقبول بمقتضى المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. وتذكّر الدولة الطرف أيضاً بالتحفظ الذي أبدته على الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 لدى انضمامها إلى البروتوكول الاختياري. وتُذكّر بممارسة اللجنة التي لا تُجيز اعتبار أن أي مسألة "بُحثت" في إطار إجراء آخر من الإجراءات الدولية إذا كانت القضية المعنية قد رُفضت لأسباب إجرائية بحتة. وعلى العكس من ذلك، فإن قرار عدم المقبولية الذي يصدر بعد النظر في الأسس الموضوعية لقضية ما، ولو على نحو محدود، يُعتبر بحثاً للقضية بمقتضى الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

4 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأن المادتين 34 و35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حدَّدتا ستة أسباب لعدم المقبولية هي: (أ) إذا جرى تجاوُز مهلة تقديم الطلب المحددة بستة أشهر، بدءاً من تاريخ صدور القرار الوطني النهائي؛ و(ب) إذا كان الطلب مجهول المصدر؛ و(ج) إذا عُرض الطلب على هيئة قضائية دولية أخرى معنية بالتحقيق أو التسوية؛ و(د) إذا لم تُستنفد سبل الانتصاف الوطنية؛ و(ه) إذا كان الطلب ينم بوضوح عن سوء في المسوغات أو في الاستعمال؛ و(و) إذا لم يتعرض صاحب الطلب لأي ضرر هام. ونظراً إلى أن الطلب قُدّم، مع الكشف عن اسم مقدّمه، في غضون مهلة الستة أشهر إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فحسب، وإلى أن سبل الانتصاف الوطنية قد استُنفدت، وإلى أن الحكم على صاحب البلاغ بدفع تعويض للمدّعين بحق مدني يشكل ضرراً، فإن الدولة الطرف تستنتج أن المحكمة رفضت الطلب على أساس أنه ينم بوضوح عن سوء في المسوغات أو في الاستعمال. وفي كلتا الحالتين، ترى الدولة الطرف أن هذا الاستنتاج يعني أن المحكمة الأوروبية نظرت، بالضرورة، في الادعاءات التي أثارها صاحب البلاغ.

4 - 4 وفيما يتعلق بمقبولية البلاغ على أساس الادعاء المقدم بمقتضى انتهاك المادة 14 من العهد، تلاحظ الدولة الطرف، في المقام الأول، أن هذه المادة لا تضمن إلا المساواة الإجرائية والإنصاف، ولا يمكن تفسيرها على أنها تضمن عدم وجود خطأ من جانب المحكمة المختصة ( ) . وترى الدولة الطرف أنه ليس للجنة تقييم الوقائع والأدلة ( ) ما لم يكن التقييم الذي تم للأدلة تعسفياً بشكل واضح ويمثّل إنكاراً للعدالة ، أو ما لم تكن المحكمة قد انتهكت التزامها بالاستقلالية والحياد ( ) . وترى الدولة الطرف أيضاً أن صاحب البلاغ، في هذه القضية، لا يطعن إلا في تقييم الوقائع والعناصر القانونية على النحو الصادر عن قرارات المحاكم المحلية، مدعياً أن محكمة الاستئناف في باريس أخطأت قانوناً عند النظر في الوقائع التي زعمتها الأطراف المدنية بالاستناد إلى أحكام المادة 32 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 ، التي تتعلق بالتشهير بأشخاص عاديين، في حين كان ينبغي لها النظر إلى الأطراف المدنية باعتبارها "هيئة مشكَّلة" تعمل باسم الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، بالمعنى المقصود في المادة 31 من ذلك القانون. وبالتالي، فإن ادعاءات صاحب البلاغ تتعلق حصراً بالتصنيف القانوني لوقائع القضية بمقتضى أحكام القانون المحلي.

4 - 5 ثانياً، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية بمقتضى الفقرة 2 ( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لأنه لم يحتج بحقه في محاكمة عادلة أمام محكمة النقض، وأنه يجب على اللجنة، بناءً على ذلك، أن تعلن عدم مقبولية الادعاء على أساس انتهاك المادة 14 من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يرى أن عدم استجابة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لادعاءاته لا يحول دون النظر في بلاغه. ويدفع بأن اللجنة قد أثبتت، في نهجها الجديد إزاء هذه المسائل، أن تعليل المحكمة الموجز بشأن بلاغ فردي لا يعني أن المسألة قد بُحثت بالفعل ( ) ، وأن الرفض لسبب إجرائي لا يمكن اعتباره بحثاً بالمعنى المقصود في الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . ويذكّر صاحب البلاغ بأن رسالة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، المؤرخة 15 كانون الأول/ديسمبر 2016 ، لا تتضمن أي تفسير لقرار الرفض. ويدحض صاحب البلاغ حجة الدولة الطرف بأن القاضي، محتجاً بأسباب عدم المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، كان سيرفض بالضرورة الطلب لأنه ينم بوضوح عن سوء في المسوغات أو في الاستعمال. ويخلص صاحب البلاغ إلى أن من المستحيل معرفة السبب وراء رفض القاضي للطلب.

5 - 2 ويدَّعي صاحب البلاغ أن التماس الدولة الطرف بشأن عدم المقبولية، بمقتضى المادة 14 من العهد، لا يصلح. وهو يؤكد أن الدولة الطرف لم تأخذ في الاعتبار الطابع التعسفي لتفسير الوقائع الذي قدمته محكمة الاستئناف في باريس، في انتهاكٍ للمادة 14 من العهد ( ) . ويرى صاحب البلاغ أنه ما كان ينبغي إدانته بتهمة التشهير لأن الوقائع التي استنكرها بكلماته هو لا بكلام صادر عن محكمة الاستئناف في باريس هي أقوال صحيحة ومعترف بها في النهاية. ويرى صاحب البلاغ أن تقييم محكمة الاستئناف للوقائع الذي أدى إلى إدانته كان تقييماً تعسفياً.

5 - 3 ويدفع صاحب البلاغ بأنه يجب رفض الطعن في مقبولية البلاغ بمقتضى المادتين 31 و 32 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 . وهو يدحض حجة الدولة الطرف القائلة بأن محكمة الاستئناف في باريس اكتفت بتفسير القانون عن طريق عدم اختيار تطبيق المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 . ويرى صاحب البلاغ أن الدائرة الجنائية لمحكمة النقض، حين خلصت إلى عدم جواز تكليف الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان وأعضائها بمهمة ذات مصلحة عامة، قد ارتكبت فعلاً تعسفياً هو تأكيد إدانة تعسفية صادرة عن محكمة الاستئناف في باريس بحقّه. ويرى صاحب البلاغ أن محكمة الاستئناف لو اعتمدت على المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 ، لا على المادة 32 من ذلك القانون، لكانت وجدت خطأ في الاستدعاءات الأربعة وخلصت إلى تبرئته نتيجةً لوقوع خطأ إجرائي.

5 - 4 وأخيراً، يرى صاحب البلاغ أنه لا بد من رفض جميع اعتراضات عدم المقبولية التي قدمتها الدولة الطرف نظراً لأن ادعاءاته المقدمة بمقتضى عدم الالتزام بالمواد 14 و 19 و 22 من العهد هي ادعاءات قائمة على حجج متينة وأسسٍ سليمة.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 في 24 كانون الثاني/يناير 2019 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ.

6 - 2 وفيما يتعلق بالادعاء المقدم بمقتضى المادة 14 من العهد، تؤكد الدولة الطرف من جديد أنه ليس للجنة أن تفحص أو تقيّم الوقائع والأدلة ما لم يكن سير المحاكمة أو التقييم الذي جرى للوقائع والأدلة تعسفياً على نحو واضح أو إنكاراً للعدالة ( ) ، وأن العهد يكفل عدالة الإجراءات علماً أنه لا يمكن تفسيره على أنه يضمن عدم وقوع خطأ من جانب المحاكم المختصة ( ) .

6 - 3 وفيما يتعلق بالتصنيف الجنائي المعتمد، تدحض الدولة الطرف الادعاء استناداً إلى الطابع التعسفي للحل الذي اعتمدته المحاكم الوطنية. وتؤكد أن هذا الحل ينبع من تطبيق قاعدة قائمة ( ) وأن المحاكم الوطنية قدمت تعليلاً متيناً بشأنه ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن خيار اعتبار أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان مجرد "أشخاص عاديين"، لا "مواطنين مكلفين بأداء مهمة من مهام الخدمة العامة" بالمعنى المقصود في المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 هو مجرد تطبيق للسوابق القضائية المستقرة لمحكمة النقض، ومن ثم كان متوقعاً تماماً بالنسبة لصاحب البلاغ. وتذكّر الدولة الطرف بأن محكمة النقض ترى أن الموظفين الذين لم تُسند إليهم سلطات عامة، أي الذين لا يمارسون الصلاحيات المنبثقة عن السلطة العامة، حتى وإن كانت "المصلحة العامة" مرتبطة بخدماتهم، لا يندرجون ضمن فئة "المواطنين المكلفين بأداء خدمة عامة" بالمعنى المقصود في المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يستطيع الادعاء بأن محكمة الاستئناف في باريس ومحكمة النقض برفضهما تطبيق المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 على المطالبة قد "خلطتا بين النظام النقابي والمهني" و"أنكرتا أن الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان قد عُهد إليها بمهمة من مهام الخدمة العامة"، مما أدى إلى اتخاذ قرار تعسفي، حيث أن مهمة الخدمة العامة هذه، على افتراض أنها نشأت، ليست كافية لجعل أعضاء الرابطة "مواطنين يُعهد إليهم بأداء خدمة عامة" بالمعنى المقصود في المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 . وترى الدولة الطرف أنه وفقاً للقانون والسوابق القضائية، استدعت الأطراف المدنية صاحب البلاغ على أساس التشهير بشخص عادي، وأنه يمكن الإشارة، علاوة على ذلك، إلى أن هذا التجريم أقل حدَّة من ذلك القائم على أساس المادة 31 من القانون نفسه. وتطبيقاً لهذه السوابق القضائية، رفضت المحاكم الوطنية حجج صاحب البلاغ.

6 - 4 وفيما يتعلق بالإنكار المزعوم للعدالة، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ يبدو أنه يستنتج مفهوم إنكار العدالة من الخطأ القانوني المزعوم الذي ارتكبته المحاكم الوطنية. وتؤكد الدولة الطرف أن تسوية مطالبة بطريقة غير مواتية لصاحب البلاغ، أو حتى ارتكاب خطأ قانوني مزعوم، لا يشكل إنكاراً للعدالة بالمعنى المقصود في المادة L141-3 من قانون تنظيم المحاكم، التي تنص على أن "إنكار العدالة يحدث حين يرفض القضاة الاستجابة للطلبات أو يُهملون النظر في القضايا الجاهزة للمحاكمة والتي حان وقت البت فيها". وتشير السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تطورت بشأن مسألة "الإنكار الصارخ للعدالة"، إلى محاكمة متعارضة بشكل واضح مع مبادئ المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الحق في محاكمة عادلة ( ) . وتذكّر الدولة الطرف بأن محامٍ ساعد صاحب البلاغ في جميع مراحل الإجراءات، وأن صاحب البلاغ كان قادراً على تقديم ملاحظاته بشأن التهم الموجهة إليه، وأن القضاة أجابوا تحديداً على الحجج والالتماسات التي أثارها.

6 - 5 وترفض الدولة الطرف ادّعاء صاحب البلاغ بأن محامي الأطراف المدنية كان هو نفسه محامي الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، وأنه كان من الضروري له أن يقدم أربع مذكرات دفاع منفصلة. وتشدد الدولة الطرف على أن هذه الظروف لا تشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في محاكمة عادلة، لأنه يبقى للأطراف الحرية في التقدم بمفردها أو جماعياً إلى محكمة الجنايات وفي الحصول على مساعدة محام من اختيارها. وتلاحظ الدولة الطرف أنه لا يوجد في الملف ما يثبت أن المحاكم الوطنية كانت تفتقر إلى الاستقلالية أو الحياد في معالجة الإجراءات.

6 - 6 وفيما يتعلق بالخطأ المزعوم في تقييم الوقائع، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ يكتفي بالتشكيك في تقييم المحاكم الوطنية دون أن يبيّن كيف أن القرارات الصادرة في الإجراءات المتعلقة به "تشكل خطأ واضحاً" ( ) ، بقوله إن المحاكم الوطنية لم تخطئ في تقييم الوقائع فحسب، بل إن هذا الخطأ واضح تماماً. وتدفع الدولة الطرف بأن محكمة الاستئناف في باريس لم تشوّه أقوال صاحب البلاغ ولم تُضِفْ عناصر لا صلة له بها، إنما اعتمدت على "العناصر الخارجية" الكفيلة بإعطاء النص المطعون فيه معناه الحقيقي. وتضيف الدولة الطرف بأن عبارات واردة في رسالة صاحب البلاغ من قبيل "رحلات الاستجمام المحض" أو "الرحلة الترفيهية لحضور "مؤتمر"" تؤدي إلى استنتاج مفاده أن مؤتمر لا بول، وفقاً لصاحب البلاغ، لم يكن سوى مناسبة لتمويه رحلة ترفيهية، مما يعزز التحليل الذي أجرته محكمة الاستئناف في باريس في هذا الصدد.

6 - 7 وتدفع الدولة الطرف بأن المحاكم الوطنية لم ترتكب هي الأخرى خطأ واضحاً في استنتاجها أن أقوال صاحب البلاغ بشأن استخدام الاشتراكات الترتيبية هي أقوال تشهيرية، حيث أن هذه الأقوال تنسب إلى أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان ارتكاب جرم خيانة الأمانة. وتضيف الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ اتهم أعضاء المجلس، على نحو ما أشارت إليه محكمة الاستئناف في باريس، بتدبير اختلاس أموال متأتية من الاشتراكات الترتيبية لأغراض تتعارض مع وجهتها، وبالاستفادة منها، وهو ما يصف جرم خيانة الأمانة. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ ليس على حق في تأكيده أن محكمة الاستئناف في باريس أضافت كلاماً إلى أقواله، ولا سيما أنه قدم بنفسه، في 26 شباط/ فبراير 2008 ، شكوى بتهمة خيانة الأمانة نتيجةً للاستخدام المشبوه للاشتراكات الترتيبية من أجل تمويل مؤتمر لا بول في تشرين الأول/أكتوبر 2005 ( ) .

6 - 8 وتؤكد الدولة الطرف أنه لم يجرِ الاحتجاج بالأدلة المتعلقة بالانحراف المؤسسي للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان أمام محكمة الاستئناف في باريس أو أمام محكمة النقض. ولذا لا يمكن لصاحب البلاغ أن ينتقد المحاكم المحلية لعدم استجابتها لالتماس لم يقدَّم. وبناءً عليه، ترى الدولة الطرف أن قرارات المحاكم الوطنية لم تكن "تعسفية بشكل واضح" ولا خاطئة على نحو واضح ولا تمثّل إنكاراً للعدالة. ومن ثم، فإن ادّعاء صاحب البلاغ بأن هذه القرارات تنتهك المادة 14 من العهد هو ادّعاء لا يستند إلى أساس سليم.

6 - 9 وفيما يتعلق بالادعاءات القائمة على انتهاك المادتين 19 و 22 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن من غير المعتاد الاحتجاج بانتهاك المادة 19 من العهد بالاقتران بانتهاك المادة 22 ، نظراً إلى أن هاتين المادتين قائمتان بذاتهما ومستقلتان ولا يُقصد الاحتجاج بهما معاً في إطار التظلم نفسه.

6 - 10 وترى الدولة الطرف أن التدخل في حق صاحب البلاغ في حرية التعبير وفي حقه في الحرية النقابية، في هذه القضية، منصوص عليه في قانون واضح متاح للجميع، وقد كان من المتوقع تطبيق السوابق القضائية ذات الصلة بالنسبة للمعني . وتدفع الدولة الطرف بأن إدانة صاحب البلاغ في إطار إجراءات مدنية بتهمة التشهير تقوم على هدف مشروع - هو في هذه الحالة "احترام حقوق الآخرين أو   سمعتهم" - وأن كتابات صاحب البلاغ مسَّت بشرف وسمعة الأطراف المدنية، التي اتهمها، من ناحية، بتنظيم وتمويل عطلة نهاية أسبوع في منطقة لا بول باستعمال الاشتراكات الترتيبية تحت ستار تنظيم مؤتمر هناك – وهي وقائع تصف جرم خيانة الأمانة – وباللجوء إلى الإجراءات التأديبية لغرض وحيد هو إسكات معارضيها، من ناحية أخرى. وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل لدعم ادعائه القائل بأن سبب التدخل في حقه في حرية التعبير هو فرض رقابة عليه. وتؤكد الدولة الطرف أن التدخل كان متناسباً وأن إدانة صاحب البلاغ في إطار إجراءات مدنية كانت ضرورية في مجتمع ديمقراطي. وهي تضيف أن المحاكم الوطنية لم تُدِن صاحب البلاغ نتيجةً للانتقادات العامة الموجهة إلى الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان بصفته مسؤولاً نقابياً، بل لأنه نسب إلى أربعة أعضاء في الرابطة سلوكاً محدداً للغاية يمسّ بشرفهم وسمعتهم. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن المحاكم الوطنية قد أخذت في الاعتبار تماماً السياق الذي صدرت فيه أقوال صاحب البلاغ عند موازنة المصالح بين الحق في حرية التعبير في الإطار النقابي وحق الأطراف المدنية في أن يُصان شرفها ويُولَى الاعتبار لها.

6 - 11 وتدفع الدولة الطرف بأن المحاكم الوطنية اضطرت إلى البحث عن أساس وقائعي للأقوال الصادرة عن صاحب البلاغ في إطار تحليلها لحسن نيته. وتشير الدولة الطرف إلى أن الانتقادات الواردة في تقرير ديوان المحاسبات، المؤرخ شباط/فبراير 2017 ، لا تتعلق بالتهم المحددة التي أُدين صاحب البلاغ على أساسها في إطار إجراءات مدنية، ولا تشير بأي حال من الأحوال إلى أي استخدام غير مشروع للنُظم الترتيبية من جانب أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطني لجرّاحي الأسنان بغية الإضرار بمعارضيهم. وترى الدولة الطرف أن التدخل في حرية صاحب البلاغ في التعبير النقابي يتناسب مع الهدف المنشود في ظل مراعاة الطابع المدني للإدانة. وتذكّر بأن صاحب البلاغ لم يُدَن جنائياً على أساس أقواله التشهيرية نظراً إلى أن محكمة الجنايات قد برَّأته. وصنَّفت محكمة الاستئناف في باريس الأقوال المطعون فيها باعتبارها أقوالاً خاطئة بالمعنى المدني للمصطلح، وهو ما أدَّى، بالتالي، إلى إصدار أمر إلى صاحب البلاغ بتعويض الأطراف المدنية عن الضرر الذي لحق بها.

6 - 12 ومن ثم، تدفع الدولة الطرف بأنه يُستنتج مما ورد أعلاه أنه تمت مراعاة التوازن العادل، في ظروف القضية، بين ضرورة حماية حق صاحب البلاغ في حرية التعبير وضرورة حماية حقوق المشتكين وسمعتهم. وبناءً عليه، ترى الدولة الطرف أنه لم يحدث أي انتهاك للمادة 19 من العهد، مقروءة في ضوء المادة 22 .

تعليقات صاحب البلاغ على الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7 - 1 ينفي صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 7 أيار/مايو 2019 ، دعوة الأخصائيين الممارسين إلى الامتناع عن دفع اشتراكاتهم، لكنه يؤكد أنه طلب إليهم عدم دفع اشتراك ثانٍ دون داع. وهو يرى أن عزله من الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان جاء نتيجةً لفضحه فساد أعضاء الرابطة، لا نتيجةً لخطأ أو   لسوء تصرف طبي. ويذكّر صاحب البلاغ بأن المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية سبق أن استنكرت في عام 2007 مبلغ التعويضات المدفوع من أعضاء رابطة الأطباء لأنفسهم. وهو يؤكد أنه على الرغم من هذا الاستنكار، اتَّبعت الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان الممارسة نفسها التي تتبعها رابطة الأطباء.

7 - 2 ويؤكد صاحب البلاغ أن الوقائع التي يندد بها في هذه القضية، الصادرة عن أعضاء الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان، خطيرة للغاية. وقد كشفت المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية هذه الوقائع، وأثبتها بعد ذلك ديوان المحاسبات في تقريره المؤرخ شباط/فبراير 2017 . ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن محكمة النقض أقرَّت بأن الحقائق التي ندد بها تقوم على أساس وقائعي، ولكنها حسب قوله حقائق غير معترف بها. ويرى صاحب البلاغ أن توصيف "الأساس الوقائعي الكافي" الذي أشارت إليه الدولة الطرف غير دقيق على الإطلاق. كما يرى أن السوابق القضائية التي تشير ضمناً إلى إمكانية النطق بالإدانة إذا كانت الأقوال "خالية من أساس وقائعي كافٍ وتشكل اعتداء شخصياً يتجاوز حدود حرية التعبير" ( ) غير دقيقة على الإطلاق ولا يمكن التنبؤ بها.

7 - 3 ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أن الدولة الطرف انتهكت المادة 14 من العهد لأنه تلقى، من جهة، أمراً على الرغم من عدم صدور إدانة جنائية بتعويض الأطراف المدنية أي دون مراعاة تبرئته، وقد منعته المحاكم المحلية من جهة أخرى من استغلال الخطأ الإجرائي الثاني الذي ارتكبته الأطراف المدنية، التي كان يجب استدعاؤها بالمعنى المقصود في المادة 31 من قانون 29 تموز/يوليه 1881 .

7 - 4 ويؤكد صاحب البلاغ أن الأطراف المدنية الأربعة استدعته للمثول في إطار ولايتها العامة وصلاحياتها المنبثقة عن السلطة العامة. وهو يرى أنه حين يستخدم رئيس المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان وثلاثة من أعضاء المجلس الموارد المالية للمجلس من أجل الدفاع عن أنفسهم في تهم تتعلق بممارسة مهامهم، فإنهم يتصرفون تماماً في إطار تفويضهم الانتخابي داخل الرابطة المذكورة.

7 - 5 وينوّه صاحب البلاغ بأن ديوان المحاسبات أكد بالفعل أن لدى الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان مهمة تندرج في إطار الخدمة العامة، وصلاحيات منبثقة عن السلطة العامة. وهو يذكّر في معرض دعم تحليله بعنوان تقرير ديوان المحاسبات المؤرخ شباط/فبراير 2017 : "L’Ordre national des chirurgiens-dentistes: retrouver le sens de ses missions de service public". ويذكّر صاحب البلاغ أيضاً بأنه يجوز الطعن في قرارات الرابطة أمام مجلس الدولة باعتباره الجهاز المسؤول عن استعراض أفعال السلطة العامة.

7 - 6 ويشدد صاحب البلاغ على أن عبارة "خيانة الأمانة" التي استخدمتها محكمة الاستئناف في باريس، ومحكمة النقض بعد ذلك، لتصنيف وصف الوقائع، غير واردة في النص المطعون فيه. ويؤكد أن الحكم الذي أصدره قاضي المحكمة الجنائية بحقه بالتعويض عن الضرر وفقاً للقانون المدني، دون مراعاة تبرئته، في إطار الإجراءات نفسها وبشأن الوقائع نفسها والتهمة نفسها والقانون الجنائي نفسه، هو حكم تعسفي ويمثل إنكاراً للعدالة لأن تبرئته لا تنطبق بذلك.

7 - 7 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بمقتضى المادتين 19 و 22 من العهد، حيث تعرَّض للملاحقة القضائية والمعاقبة على جريمة رأي بينما كان يمارس حريته النقابية. ويرى أن إدانته ليست سوى نتيجة لنضاله النقابي وت شكل مساساً بحريته في التعبير بصفته ممثلاً نقابياً. ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن التهم الموجهة إليه تستند إلى تفسير المحاكم الجنائية لرسالته المفتوحة، وقد استُعيض فيها عن عبارات من قبيل "مؤتمر" لوصف الإقامة في منطقة لا بول بعبارة "الاستجمام"، في حين يؤكد تقرير المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية، المؤرخ حزيران/يونيه 2013 ، وتقرير ديوان المحاسبات، المؤرخ شباط/فبراير 2017 ، صحة الوقائع التي ندد بها. وهو يؤكد من جديد أن العدالة الترتيبية تعسفية لأنه عُزل لمدى الحياة من مهنة جراحة الأسنان، في جميع أنحاء العالم، بسبب جريمة رأي.

7 - 8 ويرى صاحب البلاغ، خلافاً لتأكيدات الدولة الطرف بأن إدانته متناسبة لأنها مجرد إدانة مدنية، ونظراً إلى أن مبلغ العقوبة المذكورة أمام محكمة الاستئناف في باريس هو 000 26 يورو بالإضافة إلى تكاليف ونفقات الإجراءات، أن هذه العقوبة خطيرة للغاية بالنسبة لمتهم تمت تبرئته.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ، الذي يؤكد أن الدولة الطرف تنتهك حقوقه المكفولة بمقتضى المواد 14 ( 1 ) و 19 و 22 من العهد.

8 - 4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طلباً يستند إلى الوقائع نفسها. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2016 ، تلقى صاحب البلاغ رسالة تبلغه بأن قاضياً منفرداً أعلن "عدم مقبولية طلبه بحجة عدم استيفاء شروط المقبولية المنصوص عليها في المادتين 34 و 35 من الاتفاقية". وتذكّر اللجنة بأن فرنسا أبدت، عند تصديقها على البروتوكول الاختياري، تحفظاً يستثني من اختصاص اللجنة المسائل التي يجري بحثها، أو سبق أن جرى بحثها، في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 5 وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي المتعلق بالمادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري ( ) ، وتذكّر بأنه إذا استندت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في إعلان عدم مقبولية طلب ما ليس إلى أسسه الإجرائية فحسب، بل أيضاً إلى أسس تشمل إلى حد ما النظر في أسسه الموضوعية، يجب اعتبار أنه تم النظر في المسألة بالمعنى المقصود في التحفظات على المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري ( ) . ومن ثم، فإن اللجنة هي التي تقرر ما إذا كانت المحكمة قد تجاوزت، في هذه القضية، مجرد بحث معايير المقبولية الرسمية البحتة.

8 - 6 وتلاحظ اللجنة الطابع الموجز للتعليل الذي ساقته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الرسالة الموجهة إلى صاحب البلاغ، حيث أن الرسالة لم تقدم أي حجة أو توضيح بشأن القاعدة التي استند إليها قرار عدم المقبولية فيما يخص الأسس الموضوعية ( ) . وفي ضوء هذه الظروف الخاصة، ترى اللجنة أنها ليست في وضع يمكّنها من أن تؤكد بشكل قاطع أنه تم النظر، ولو بشكل محدود، في الأسس الموضوعية للقضية التي عرضها صاحب البلاغ ( ) بالمعنى المحدد في التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف. ولذا ترى اللجنة أن التحفظ الذي أبدته الدولة الطرف بشأن المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري لا يشكل، في حد ذاته، عائقاً يحول دون نظر اللجنة في الأسس الموضوعية ( ) .

8 - 7 وتشير اللجنة إلى اعتراض الدولة الطرف على المقبولية بمقتضى المادة 14 من العهد، بحجة عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف بأن الادّعاء بموجب هذه المادة لم يُحتج به أمام محكمة النقض. وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة صاحب البلاغ بأن بلاغه يجب أن يُعتبر مقبولاً مع مراعاة المادة 14 من العهد لأن تفسير الوقائع من جانب محكمة الاستئناف في باريس كان تعسفياً. غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة على أن ادعاءاته قُدمت بالفعل بمقتضى المادة 14 من العهد وأن المحاكم الوطنية قد نظرت فيها. وتكرر اللجنة تأكيد القاعدة القائلة بأنه لكي يكون البلاغ مقبولاً، يجب أن تكون جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت.

8 - 8 وفي ضوء ما ورد أعلاه، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمادة 14 من العهد غير مقبولة لعدم استنفاد سبل الانتصاف. ومع ذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بمقتضى المادتين 19 و 22 من العهد تقوم على أساس كافٍ، وتعلن مقبولية البلاغ، وتمضي في نظرها في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن الحكم الصادر بحقه عن محكمة الاستئناف في باريس بدفع تعويضات مدنية للمشتكين رغم تبرئته يشكل انتهاكاً لحقه في حرية التعبير الذي تكفله المادتان 19 و 22 من العهد. كما تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الوقائع التي ندد بها في مقاله قد أكدها ديوان المحاسبات في وقت لاحق في تقريره المؤرخ 23 شباط/فبراير 2017 . وتحيط اللجنة علماً كذلك بحجة الدولة الطرف بأن التدخل في حق صاحب البلاغ في حرية التعبير وحقه في الحرية النقابية منصوص عليه في قانون واضح متاح للجميع، وأنه كان من المتوقع تطبيق السوابق القضائية ذات الصلة بالنسبة للمعني، مما يُظهر أن إدانته تمثّل قراراً قانونياً ومتوقعاً ومتناسباً يرمي إلى تحقيق هدف مشروع، وهو في هذه الحالة احترام حقوق أو سمعة الآخرين. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن الكتابات المطعون فيها تمسّ بشرف وسمعة الأطراف المدنية، التي اتهمها صاحب البلاغ بتنظيم وتمويل عطلة نهاية الأسبوع في منطقة لا بول في تشرين الأول/أكتوبر 2005 باستخدام الاشتراكات الترتيبية - وهي وقائع تشكل خيانة للأمانة – وبإساءة استعمال الإجراءات التأديبية بهدف قمع معارضيها.

9 - 3 غير أن اللجنة تلاحظ أنه رغم إنكار صاحب البلاغ أنه اتهم المشتكين بخيانة الأمانة، فإنه قدم شكوى ضدهم بشأن هذه المسألة أمام محكمة الجنايات في باريس. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تُجيب بأن صاحب البلاغ لم يُثبت التهم الموجهة إلى المشتكين بالإشارة إلى إسنادات محددة، وأن نشر تقرير ديوان المحاسبات في شباط/فبراير 2017 لا يمكن أن يعفي صاحب البلاغ من واجبه باحترام سمعة الآخرين. والواقع أن الانتقادات التي وُجهت في تقرير ديوان المحاسبات لا تتعلق بالتهم المحددة التي أُدين على أساسها صاحب البلاغ في إطار إجراءات مدنية، ولا تشير بأي حال من الأحوال إلى أي استخدام تعسفي للنُظم الترتيبية من جانب أعضاء المجلس الوطني للرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان بغية الإضرار بمعارضيهم.

9 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بأن إدانته ليست سوى نتيجة لنضاله النقابي وتشكل مساساً بحريته في التعبير، وأنه عوقب في النهاية على جريمة رأي. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يُدَن في إجراءات جنائية بل في إجراءات مدنية فحسب من جانب محكمة الاستئناف في باريس، نتيجةً لأقوال مطعون فيها صُنفت على أنها سوء سلوك وتسبَّبت في الإضرار بالمشتكين. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يرى أن الحكم الصادر بحقه عن محكمة الاستئناف في باريس بدفع مبلغ 000 26 يورو، بالإضافة إلى تكاليف ونفقات الإجراءات، ليس ضرورياً ولا متناسباً. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن التدخل في الحرية النقابية لصاحب البلاغ كان متناسباً مع الهدف المنشود نظراً للطابع المدني للإدانة، في أعقاب اتهامه أربعة أعضاء في الرابطة الوطنية لجرّاحي الأسنان باعتماد سلوك يمسّ بشرفهم وسمعتهم. كما تؤكد الدولة الطرف أن المحاكم الوطنية قد أخذت في الاعتبار السياق الذي صدرت فيه أقوال صاحب البلاغ عند موازنة المصالح بين الحق في حرية التعبير في الإطار النقابي وحق الأطراف المدنية في أن يُصان شرفها ويُولَى الاعتبار لها، وقد توصلت إلى توازن عادل عند إجراء هذا التقييم.

9 - 5 وبناءً على ذلك، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان تقييد حرية التعبير المكفولة لصاحب البلاغ مشروعاً بمقتضى المادة 19 من العهد. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأنه يُسمح بفرض قيود على هذا الحق في مجالين حصريين فحسب، قد يتعلقان إما باحترام حقوق أو سمعة الآخرين، أو بحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. ومع ذلك، فعندما تفرض دولة طرف قيوداً على ممارسة حرية التعبير، لا يجوز أن تمسّ هذه القيود بالحق نفسه ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يبيّن كيف أن الحكم المدني الصادر بحقه لا يُراد به حماية حقوق المشتكين وسمعتهم على نحو ما تؤكده الدولة الطرف في ملاحظاتها.

9 - 6 وتؤكد اللجنة، وفقاً للمادة 22 من العهد، أن صاحب البلاغ لم يبيّن كيف أن الدولة الطرف انتهكت التزامها بضمان حق صاحب البلاغ في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين، بما في ذلك الحق في تشكيل نقابات والانضمام إليها لحماية مصالحه. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن القيود التي ادَّعى صاحب البلاغ فرضها لا تتعلق بحرية تكوين الجمعيات في حد ذاتها، بل بحرية التعبير، مع مراعاة المادة 19 من العهد.

9 - 7 وتحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأن محاكم الدولة الطرف فسّرت أقواله على أنها تُجرّمه قصد التمكن من إدانته. كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن اتهامات صاحب البلاغ تشير إلى جريمة خيانة الأمانة، التي كانت موضوع شكوى محددة مقدمة من صاحب البلاغ ضد المشتكين.

9 - 8 وتشير اللجنة إلى أن القرارات القضائية المقدمة لإجراء تقييمها لا تسمح لها بأن تستنتج أنها اعتُمدت ضد صاحب البلاغ بسبب انتمائه إلى نقابة أطباء الأسنان المتضامنين والمستقلين. وتشير أيضاً إلى أن صاحب البلاغ لم يتمكن من أن يُثبت أن القيود التي يدَّعي أن الدولة الطرف فرضتها تعوق حريته في التعبير النقابي وتتعارض مع المادتين 19 و 22 من العهد.

9 - 9 وفي ضوء ما ورد أعلاه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يُثبت كيف أن الحكم عليه بتعويض المشتكين في إطار الإجراءات المدنية يشكل انتهاكاً للمادتين 19 و 22 من العهد. ولذلك، تستنتج اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث أي انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بمقتضى المادتين 19 و 22 من العهد.

10 - واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، تستنتج أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث أي انتهاك من جانب الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بمقتضى المادتين 19 و 22 من العهد.