الأمم المتحدة

C ERD/C/89/D/52/2012

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

Distr.: General

8 June 2016

Arabic

Original: French

لجنة القضاء على التمييز العنصري

رأي اللجنة بموجب المادة 14 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 52/2012 * **

المقدم من :

لوران غابري غاباروم (تمثله المحامية كاتي فَرّان)

الشخص المدعى أنه ضحية :

صاحب البلاغ

الدولة الطرف :

فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ :

19 آذار/مارس 2012 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ هذا القرار :

١٠ أيار/مايو ٢٠١٦

الوثائق المرجعية :

الرأي المعتمد بموجب المادة الثامنة عشرة من النظام الداخلي للجنة. وأحيل البلاغ إلى الدولة الطرف بتاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر 2012.

الموضوع :

التمييز في الحصول على عمل، والحق في المساواة في المعاملة أمام المحاكم وغيرها من السلطات القضائية، والحماية من أفعال التمييز العنصري وسبل الانتصاف الفعالة بشأنه ا ، وانقلاب عبء الإثبات

المسائل الموضوعية :

التمييز على أساس الأصل القومي أو الإثني ، وانقلاب عبء الإثبات

المسائل الإجرائية :

مدى استناد الادعاءات إلى أدلة

مواد الاتفاقية :

من 2 إلى 6

١- صاحب البلاغ المؤرخ 19 آذار/مارس 2012 هو لوران غابري غاباروم ، فرنسي ال جنسية ، ولد في تشاد في 11 آب/أغسطس 1950. وتمثله المحامية كاتي فَر ّان. ويزعم أنه ضحية انتهاك فرنس ا ل لمواد 2 و3 و4 و5 و6 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (يشار إليها فيما يلي بـ "الاتفاقية") ( ) .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وظفت شركة رونو صاحب البلاغ في 15 أيلول/سبتمبر 1975 بصفته عامل إنتاج (الفئة باء). وفي 1 نيسان/أبريل 1980، عُين حارس اً ليل ياً ، وشغل عدة وظائف مختلفة داخل الشركة. وبدأت الممارسات التمييزية في حقه من طرف الشركة في نيسان/أبريل 1982 عندما أبدى رغبته في التقدم لوظيفة إطار إداري . فقرر حينئذ مواصلة دراسته الجامعية كي يتسنى له التقدم لوظائف عليا متى حصل على الشهادة ( ) .

٢-٢ ويرى أن شركة رونو بدأت تعرقل إرادته الارتقاء داخل الشركة عندما أعرب عن رغبته في تلقّي تدريب داخلي. فرفضت الشركة أن يتلقى التدريب في مقر الشركة الأم وأجبرته على التقدم إلى أحد فروعها: شركة الاستئجار والنقل (CAT) . ومع أن رونو ليست طرفا ً في الاتفاق، فقد تدخلت لتمديد فترة تدريب ه من جانب واحد لمدة ثلاثة أشهر، الأمر الذي يخلّ بالبنود المتعلقة بالمدة القصوى التي حددها الاتفاق ( ) . وسمح هذا التدريب، الذي لم تقرّه الجامعة، بأن يؤدي صاحب البلاغ مهام إطار من أطر الشركة دون أن يجني منه فائدة ( ) .

٢-٣ وبعد أن التحق مجددا ً بوظيفة حارس ليل ي في 1 كانون الثاني/يناير 1983، مع استمراره في الدراسة في الجامعة، أبلغته رونو في 1 شباط/فبراير 1983 بالالتحاق قسراً بفريق النوبة النهارية، الأمر الذي منعه من الدراسة في النهار. وللتوفيق بين دراسته وعمله داخل ال شركة ، قدم طلب إجازة تدريب فردية في أيار/مايو 1983 لم يُقبل إلا بعد مضي خمسة أشهر. وفي آذار/مارس 1984، حَرَمته الشركة من إجراء تدريب ميداني كان واجبا ً عليه في إطار دراسته، الأمر الذي منعه من مواصلة دراسته بصورة طبيعية. ولم يتمكن من التدريب، بعد تأخيرٍ، مقارنةً بال زملا ء من دفعته في الدراسة دام شهورا ً عدة ، إلا في 15 أيار/مايو 1984 بفضل دعم جامعته.

٢-٤ وفي 26 حزيران/يونيه و17 أيلول/سبتمبر 1984، بعث إلى رونو رسائل يطلب فيها إعادة تقييم وضعه في ضوء الشهادات التي حصل عليها. ولما لم يتلقّ ردا ً ، أخبر نقابات الشركة بوضعه في رسالة مؤرخة 27 أي لول/سبتمبر 1984. ويؤكد أنه تل ت ذلك ردود فعل عنصرية من رؤسائه. ويزعم أن أحد مسؤولي الشركة، م. ب.، قال له: "أعلم أن الرفاهية التي ننعم بها قد تخلق لنا حُسّادا ً ، لكنني لا أستطيع أن أسلك مسلك الخائن الذي يرقّي شخصا ً أسود اللون ليصبح إطارا ً إدارياً [...]. إن الحصول على شهادة للتعليم العالي شيء، وقيادة موظفين بيضاً شيء آخر [...] أقترح عليكم، إذا وافقتم، منصب موظف أو تقني أو مشرف مباشر، وهو منصب جيد بالنسبة إلى شخص أسود اللون. الأمر متروك لكم الآن ل مدة أقصاها 48 ساعة [...] ( ) . ورُقّي صاحب البلاغ في نهاية المطاف إلى رتبة إطار في 1 كانون الثاني/يناير 1985. وأصبح من ثم أول موظف من أصل أفريقي يشغل منصبا ً من هذا النوع داخل الشركة. ويرى صاحب البلاغ أن إدارة شؤون الموظفين في الشركة نظرت إلى هذه الترقية على أنها خزي فوضعت استراتيجية للتخلص منه. ومن أصل 130 شخصا ً مثبّتا ً في وظيفته، كان هو الشخص الوحيد الذي يعمل بصفته "موظفا ً غير مرسّم على وظيفة ثابتة " ( ) ، مع أن أهمية شهاداته فيها ما يجد فيه ربّ عمله مبتغاه لتعيينه في منصب حقيقي بمهام ومسؤوليات واضحة.

٢-٥ وفي عام 1986، وضعت شركة رونو ، بسبب ظرف اقتصادي صعب، خطة لإعادة الهيكلة الاقتصادية أدت إلى إلغاء مئات الوظائف، بما فيها وظيفة صاحب البلاغ. ويرى صاحب البلاغ أن شركة رونو مارست عليه ضغوطا ً بإيهامه بأنها حصلت على الإذن بإقالته في إطار الخطة الاجتماعية التي وُضعت بسبب تلك الأزمة الاقتصادية. ويشير إلى أن ال شركة اقترحت عليه في 8 نيسان/أبريل 1986 التخلي عن جنسيته الفرنسية وقبول مساعدة للعودة إلى وطنه تشاد. هذه المساعدة مخصصة للعمال المهاجرين، علما ً بأنه فرنسي. لذا، طلب دعم " حركة مناهضة العنصرية وتوطيد الصداقة بين الشعوب " ، التي استفسرت شركة رونو ، في رس الة مؤرخة 18 حزيران/يونيه 1986 عن أعمال التمييز في حق صاحب البلاغ. وفي رسالة مؤرخة 8 تموز/يوليه 1986، لم تعترض الشركة على وقائع التمييز، مكتفيةً بالقول إنه ا لم ت تمكن من إيجاد وظيفة له لأن شهاداته "تتعلق بمجال تقني بعيد جدا ً عن الصبغة الصناعية لشركة رونو ". ويؤكد صاحب البلاغ أنه أقدم على " إضراب عن الطعام من أجل الكرامة" في سيارة تخييم أمام إدارة رونو ، وذلك بعد أن تعرض لضغوط الشركة لقبول اقتراح المساعدة على العودة إلى تشاد. وحظي تحرّكه هذا بتأييد الكنيسة الكاثوليكية والنقابات وبعض البرلمانيين. وقال إن شركة رونو اعترفت، بفضل هذه الدعاية، بأنها اقترحت عليه المساعدة على العودة إلى وطنه مع أن جنسيته فرنسية. وبررت ما اعتبرته خطأ ً بشريا ً بكون أحد موظفي الشركة انتهى إلى أن جنسية صاحب البلاغ أجنبية بسبب لون بشرته ( ) . وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1986، في أعقاب إضراب صاحب البلاغ عن الطعام، وُقع اتفاق بينه وبين شركة رونو جاء فيه أن الشركة تضع حدا ً لإجراء الإقالة وتتعهد بعرض دورة تدريبية عليه مدتها نحو سنة وتخصيص وظيف ة له داخل الشركة ( ) .

٢-٦ ويدعي صاحب البلاغ أن شركة رونو ، ردّاً على الضغوط الخارجية، جمعت ثلّة من علماء الاجتماع البارزين المتخصصين في الهجرة لإعداد دراسة عن شخصية صاحب البلاغ المتهم بأنه عاجز، بسبب أصله العرقي، عن الت كيف مع قِي َ م المجتمع الفرنسي وأعرافه . وقال إن لجنة التحكيم رأت أنه مؤهل تماما ً لشغل منصب إداري وأوصت الشركةَ بتعيينه في فرع إدارة الأجور أو بورصة العمل داخل الشركة. وأضاف أن رونو لم تنفذ هذه التوصيات وادعت أنه لا يمكنها الإبقاء عليه إلا إذا عُين في الفرع من الشركة المعني بالبحوث. وفي كانون الأول/ ديسمبر 1986، تنفيذا ً للاتفاق الذي أنهى إضراب صاحب البلاغ عن الطعام، عرضت عليه الشركة إعداد بحث لدى مركز أبحاث الرفاه (CEREBE)، وهو جمعية بحثية تُعنى بالتعددية الثقافية تابعة للمركز الوطني للبحث العلمي. وفي كانون الثاني/يناير 1987، أرسلت رونو إلى صاحب البلاغ اتفاقا ً قصد إلحاقه ب المركز المذكور مدة سنة لإعداد بحث عن إقامة شبكة زراعية في الكاميرون وكوت ديفوار. و يدعي صاحب البلاغ أنه لم يكن لديه خيار سوى قبول هذه المهمة.

٢-٧ وعاد صاحب البلاغ إلى فرنسا في 3 أيار/مايو 1989. ولم تقترح عليه شركة رونو أي وظيفة تتناسب ومؤهلاته، لكن ها فرضت عليه دورة تدريبية جديدة ل مد ة طويلة. وفي 12 آذار/مارس 1991، أمرت الشركة بتثبيت صاحب البلاغ بتعيينه في منصب ملحق اتصالات مهمته الوحيدة كتابة موجزات إخبارية أسبوعية. وهكذا، "وُضع على الرفّ " وعُرّض لمضايقات معن و ية مدة 9 سنوات ( ) . وفي عام 1997، أبلغته الشركة بأن من العبث أن يتطلع إلى مستقبل مهني فيها ( ) . ويزعم أن لجنة التطوير الوظيفي في الشركة دأبت على رفض طلبات الحراك الوظيفي التي حظيت بتأييد رؤسائه، رغم أن الكوادر يعينون في وظائف جديدة كل ثلاث سنوات في المتوسط. ويؤكد أن اللجنة تسيطر عليها أقلية متطرفة وعنصرية وكارهة للأجانب ولا تستند إلى معايير موضوعية محددة سلفا ً ويمكن التحكم فيها تيسّر الحراك الوظيفي أو الترقية أو زيادة الأجور ( ) .

٢-٨ وفي 1 حزيران/يونيه 2000، عُين صاحب البلاغ في منصب إطار من الفئة 3 ألف يستلزم قدرا ً ضئيلا ً من المؤهلات. وفي هذا المنصب، كان يتلقى أجرا ً أقل من أجور زملائه الذين يؤدون نفس المهام ( ) . وفي 1 تموز/يوليه 2000، عُين في منصب مسؤول عن مهمة لدى "إدارة المبيعات الخاصة - ال تصدير" بصفة غير رسمية، أي غير قانونية. وكان الأمر يتعلق في الواقع بمنصب وهمي دون مهام محددة ( ) . ولم تُضْف َ الصفة الرسمية على مهمته - لأول مرة تكون بطاقة مهم ّ ته مكتوبة - إلا في 16 كانون الثاني/يناير 2001 إبان لقاء تقييمه السنوي. وهكذا، كان الإطار الوحيد من هذا المستوى الذي يظل عمداً دون مهام محددة في ظروف مهينة. وكان مجلس منازعات العمل بباريس ذكر أن الشركة اعتبرت ه "مستبعداً من عملية الإنتاج" ( ) . وفي كانون الأول/ديسمبر 2002، انتُخب عضوا ً في مجلس منازعات العمل. وتدهور وضعه منذئذ لأنه لم يتلق أي مهمة بعدئذ.

٢-٩ وفي 19 آذار/مارس 2003، رفع صاحب البلاغ دعوى على شركة رونو قصد الاعتراف بتعرضه لتمييز مهني ذي طابع عنصري منذ عام 1982 ( ) . وأدان مجلس منازعات العمل في باريس، في حكمه الصادر في 11 كانون الثاني/يناير 2005، شركة رونو بأن تدفع إلى صاحب البلاغ غرامة قدرها 000 120 يورو (أي 000 60 يورو في إطار النفاذ المؤقت) باعتبارها تعويضا ً عن الضرر الذي لحق به بسبب "عدم التنفيذ المنصف " للعقد من قبل رب العمل. ورأ ى مجلس العمل أنه لم يظهر من الشركة أي عمل من أعمال التمييز العنصري في حق صاحب البلاغ قبل عام 1991. لكن المجلس رأى أن "ظواهر مريبة" وقعت ابتداء من هذا التاريخ، الأمر الذي يوحي ب أن صاحب البلاغ عومل معاملة غير مناسبة، تجلّت خاصة في تطوره الوظيفي البطيء نسبيا ً ، والمكافآت المحدودة التي مُنحت له ( ) ، وقلة المهام التي أُسندت إلي ه، وكونه لم يستفد من برنامج الحراك إلا بعد تسع سنوات م ن العمل في الشركة، علما ً بأنه لم يفتأ يطلب الترقية وهو يعوّل على دعم رؤسائه. لك ن مجلس منازعات العمل رأ ى مع ذلك أنه لا يمكن وصف معاملة فقدان الحظوة هذه بأنها تنطوي على تمييز عنصري، ل أن هذا الاتهام لا يستند إلى أي دليل ملموس أو واقعة موضوعية أو وثيقة ( ) .

٢-١٠ وطعن صاحب البلاغ في الحكم المذكور معتبراً أنه أغفل مراعاة بُعْد التمييز العنصري الذي تعرض له والذي ينتهك المادة L122-45 من قانون العمل ( ) . وبالنظر إلى الضجة الإعلامية بشأن صاحب البلاغ، لاسيما بسبب " الإضراب عن الطعام من أجل الكرامة"، تدخل طواعيةً في الإجراءات العديد من الجمعيات والحركات المناهضة للتمييز العنصري ( ) . وبموجب أمر أصدرته محكمة الاستئناف بباريس في 12 أيلول/سبتمبر 2006 يلغي الحكم، رفضت كل طلبات صاحب البلاغ وأدانته بسداد 000 60 يورو. فقد رأت أنه لم يَثْبت أي عنصر من عناصر التمييز الظاهر في الفترة الممتدة من عام 1975 إلى عام 1985. وأكدت أيضا أنه لم يُقدَّم أي دليل يثبت أن صاحب البلاغ أُقصي منذ نيسان/أبريل 1985. و بالمث ل ، أشارت المحكمة إلى أن ملف صاحب البلاغ لم يكن يتضمن أي مستند يبرهن على الملاحظات الفظّة أو الشتائم العنصرية المذكورة. لذلك، رأت المحكمة أن ادعاءات صاحب البلاغ ب أنه كان عرضة لـ "ثقافة التعصب العنصري" داخل الشركة تظل قدحاً غير مدعوم بأدلة.

٢-١١ ولاحظت المحكمة إضافة إلى ذلك أنه أتيح لصاحب البلاغ فرصة اختيار الدراسات التي يريدها ( ) ، وأنه رُقّي إلى رتبة إداري داخلي، وكان مساره المهني معقولا ً ولم يَثْبت أنه لم يكن متسقا ً مع تقييماته السنوية. وإذا كانت المحكمة رأت أن مدة التثبي ت "تبدو طويلة"، فإنها اعتبرت هذا الظرف يُعزى إلى مسار صاحب البلاغ، وأن هذا الأخير تعرض لإجراء الإقالة بسبب الصعوبات الاقتصادية التي واجهتها الشركة في عام 1986 ، وقد أُوقف في حالة صاحب البلاغ عقب إبرام اتفاق بينه وبين الشركة ( ) . وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ أنه لم تُسند إليه أي مهمة محددة عندما كان يعمل إدارياً من الفئة 3 ألف في "إدارة المبيعات الخاصة - ال تصدير" ( ) ، رأت المحكمة أن تقييمَي صاحب البلاغ في عامي 2001 و2002 ( ) اللذين قُدما إليها يثبتان وجود وظيفة حقيقي ة ( ) . وخلصت المحكمة أيضا ً إلى أنه يتوجب على صاحب البلاغ أن يبرهن على وجود نظام لفقدان الحظوة بكل السبل، لا سيما بمقارنة وضعه بوضع زملائه مقارنة عملية. ورأت المحكمة في هذه الحال أنه لا يوجد أي عنصر من العناصر المقدمة أثناء الإجراءات يسمح باستنتاج أن صاحب البلاغ تعرض للتمييز مقارنة بزملائه في إطار تطوره الوظيفي ( ) . ورأت المحكمة في الختام أن كون صاحب البلاغ اتهم مرات عدة علناً شركة رونو بالتمييز العنصري وأنه غير راض عن مساره المهني لا يكفيان لإثبات وجود تمييز في حقه ( ) .

٢-١٢ ثم طعن صاحب البلاغ بطريق النقض. وبمقتضى أمر صادر في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2007، حصلت شركة رونو على إسقاط ا لطعن على أساس أن صاحب البلاغ لم يسدد مبلغ 000 60 يورو الذي أدين بدفعه في مرحلة الاستئناف ( ) . وبأمر مؤرخ 4 آذار/ مارس 2011، أذنت محكمة النقض ب إعادة تسجيل القضية بعد دفع المبلغ المطلوب. وفي 22 أيلول/سبتمبر 2011، أعلنت محكمة النقض في آخر المطاف أن الطعن غير مقبول عملاً بالمادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية التي تجيز لها رفض الطعون التي لا أساس لها من الصحة.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 2 من الاتفاقية لأنه يرى أن فرنسا لم تتخذ التدابير الفعالة لتجريم السلوك ي ات العنصرية والمنطوية على كراهية الأجانب أو لمكافحة نزوع شركة رونو إلى وصم الفرنس ي ين من أصل أفريقي وتنميطهم بناء على لونهم أو أصلهم القومي أو الإثني - العرقي، الأمر الذي ينتهك مبادئ الاتفاقية ( ) .

٣-٢ ويرى صاحب البلاغ أيضا ً أن الدولة الطرف انتهكت المادة 3 من الاتفاقية بتجاهلها هذه الممارسات ( ) التي قد ت كون لها عواقب وخيمة على توظيف الأفارقة من قبل شركات أخرى. ويؤكد أنه عانى نفسيا ً معاناة شديدة بسبب إجباره على العمل مع شركات أخرى، مثل الشركة التجارية لغرب أفريقيا (التي يرتبط اسمها بممارسة الرق القديمة) أو في أفريقيا أو بسبب الصعوبات التي اصطدم بها للترشح لبعض المناصب داخل الشركة.

٣-٣ ويرى صاحب البلاغ أيضا ً أن جميع السلوك ي ات التي تنطوي على تمييز، خاصة الأقو ا ل العنصرية التي وُجهت له، سببت له معاناة نفسية شديدة، الأمر الذي ينتهك المادة 4 من الاتفاقية.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أنه عانى معاناة شديدة نفسيا ً ومعنويا ً بسبب إدارة مساره الوظيفي بناء على معايير تنطوي على تمييز بسبب أصله القومي والإثني - العرقي هَدَفُه تكريس "نموذج مهيمن"، أي استحالة الحصول على وظيفة تتوافق مع مهاراته ومؤهلاته؛ وواجب إنجاز دورة تدريبية طويلة الأجل لدى عودته إلى فرنسا في عام 1989 ( ) ؛ وتعيينه في منصب إطار دون مهام رغم وجود مناصب تتوافق مع مؤهلاته؛ و"وضعه على الهامش" من عام 1991 إلى عام 2000 ومنذ تموز/يوليه 2000 داخل "إدارة المبيعات الخاصة - ال تصدير" ( ) ؛ و منحه راتب اً يقل بنسبة 10 في المائة عن متوسط ما يتقاضاه الأطر، الأمر الذي يخلّ بالمادة 5 من الاتفاقية. ويرى أيضا ً أن الدولة الطرف انتهكت المادة 5 من الاتفاقية لأنها لم تتخذ تدابير فعالة لتعديل أو إلغاء أو إبطال القوانين التي تنشئ التمييز العنصري أو تديمه، لا سيما منها الم ادت ا ن 1009-1 و1014 من قانون الإجراءات المدنية بشأن الطعن بطريق النقض، التي تميّز إنكار العدالة.

٣-٥ ويزعم صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها المنصوص عليها في المادة 6 من الاتفاقية. فه ي لم تمتثل، من جهة، لالتزامها القاضي بأن توفر للأفراد سبل انتصاف فعالة عن الانتهاكات المرتكبة؛ ولم تمتثل، من جهة أخرى، لالتزامها القاضي باتخاذ جميع التدابير اللازمة بحيث يتحلى القضاء الفرنسي بالنزاهة التامة ( ) . ويرى صاحب البلاغ أن الأحكام القانونية التي كان يمكن أن تسمح بإدانة شركة رونو لم تطبق، خاصة المادة L122-45 من قانون العمل، التي استحدثها القانون رقم 2001-1066 الذي قلب عبء الإثبات لصالح الموظف ( ) ، والمادة 225 من قانون العقوبات التي تعرّف التمييز وتعاقب عليه باعتباره جُنحة. وفيما يتعلق بقرار مجلس منازعات العمل الصادر في 11 كانون الثاني/يناير 2005 والحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في باريس في 12 أيلول/سبتمبر 2006، يرى صاحب البلاغ أنهما لم يأخذا في الحسبان ادعاءاته بشأن التمييز العنصري الذي قال إنه تعرض له.

٣-٦ وطلب صاحب البلاغ إلزام الدولة الطرف بالوفاء بالتزاماتها الدولية، لاسيما توفير سبل انتصاف فعالة من التمييز العنصري أمام المحاكم. ويرى في هذا الصدد أنه يجب عدم رفض الشكاوى بذريعة أن قرار "الطعن غير مقبول". وطلب أيضا ً أن تتخذ الدولة الطرف جميع التدابير الضرورية لمنع اتخاذ قرارات في حقه مجددا ً تفضي إلى أعمال تمييز وتحريض على الكراهية العنصرية، بإجبار شركة رونو خاصة على الإحجام عن أي ترهيب وضغط وانتقام ومناورات مماط َ لة قد تصدّه عن ممارسة حقه في سبل الانتصاف الفعالة أمام المحاكم.

٣-٧ ويرى صاحب البلاغ أن الغالب على السلطات القضائية الفرنسية أن لديها تصورا ً خاطئا ً عن عناصر القضية لأن لدى الدولة الطرف أسهما ً في الشركة. ويرى أيضا ً أن فرنسا لا تملك وسائل ناجعة لمكافحة التمييز العنصري. لذا، لم تقدم طعنا ً لدى الهيئة العليا للمساواة ومكافحة التمييز ، لأن هذه الهيئة ليس ت وسيلة فعالة لمكافحة التمييز. فرغم زيادة عدد المطالبات بسبب التمييز العنصري لدى هذه الهيئة، لم يزد عدد الإدانات القضائية في هذا المضمار . أضف إلى ذلك أن الهيئة تعوزها النزاهة لأن م. ل. س.، الذي عُين رئيسا ً لها في عام 2005، كان أيضا ً رئيس مجلس إدارة شركة رونو منذ عام 2005 بعد أن كان مديرها العام.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٤-١ في 4 آذار/مارس 2013، أبدت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وذكرت أن مستندات الإجراءات أمام المحكمة المحلية أعيدت إلى الأطراف. وبناء على ذلك، لا تستطيع الدولة الطرف أن تقدم للجنة الوثائق التي قدمتها شركة رونو أمام المحاكم الوطنية.

النظر في المقبولية

٤-٢ ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تدعم الشكوى المتعلقة بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية لأنه اكتفى بالتأكيد على أن الدولة الطرف تجاهلت ممارسات التمييز العنصري التي ارتكبتها شركة رونو أثناء وضعها نظام " إسكادر الثاني" ESCADRE II)) دون أن يقدم أي دليل لدعم هذه الادعاءات. وأضافت الدولة الطرف أنه إذا كانت اللجنة تعتبر ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الشأن مدعومة بأدلة كافية، فإنها ترى أنه ينبغي اعتبارها غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية لأن صاحب البلاغ لم يحتج قط بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية أمام المحاكم المحلية.

النظر في الأسس الموضوعية

٤-٣ فيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك المواد 2 و4 و5 و6 من الاتفاقية، لاحظت الدولة الطرف أن ه ، بخلاف ما يدعيه، استفاد من الحق في المثول أمام محكمة نزيهة ومن جميع الضمانات المتصلة بذلك إبان الإجراءات أمام المحاكم الوطنية.

٤-٤ وأشارت الدولة الطرف إلى أن ادعاء رفض المحاكم الوطنية، مبدئيا ً ، إدانة شركة رونو بسبب التمييز العنصري، بالنظر إلى روابطها التاريخية بالدولة، وكون الرئيس التنفيذي لشركة رونو في الفترة بين 1992 و 2005، السيد ل. س.، أصبح رئيسا ً للهيئة العليا للمساواة ومكافحة التمييز في عام 2005، لا أساس له من الصحة. ولاحظت ال دولة الطرف أن الهيئة جهاز مستقل ولا ي ملك أي سلطة للتدخل في قرارات المحاكم. وأشارت الدولة الطرف من جهة أخرى إلى أن العدالة المحلية سبق أن أدانت شركة رونو بسبب أعمال تمييز عنصري ونقابي ( ) .

٤-٥ وفيما يتعلق بادعاء تعرض صاحب البلاغ لإنكار العدالة من قبل محكمة النقض التي رفضت طعنه بطريق النقض وحرمانه من سبل الانتصاف الفعالة، لاحظت الدولة الطرف أن سوابق اللجنة تقضي بأنه لا يُطلب من الدول الأطراف أن يرفع أصحاب البلاغات تظلّماتهم إلى محاكم النقض ( ) . وأكدت الدولة الطرف أن القرار الصادر في 22 أيلول/سبتمبر 2011 الذي رفضت محكمة النقض بموجبه طعن صاحب البلاغ اتُّخذ بناء على المادة 1014 من قانون الإجراءات المدنية الذي يبيح للهيئة المصغّرة في الدائرة الاجتماعية أن تعلن عدم مقبولية الطعون غير المقبولة أو التي لا تستند إلى وجه جدّي للنقض ( ) .

٤- ٦ و عن ادعاءات صاحب البلاغ أن مجلس منازعات العمل ومحكمة الاستئناف استبعد ا ادعاءات تعر ّ ضه للتمييز دون مراعاة الأدلة التي تثبتها، أكدت الدولة الطرف أن اللجنة غير مختصة ل لنظر في الطريقة التي تفسر بها المحاكم المحلية الوقائع والتشريعات الوطنية، ما لم تكن القرارات واضحة التعسف أو تبلغ حد إنكار العدالة ( ) . وترى الدولة الطرف في القضية محل النظ ر أن أمر محكمة الاستئناف مستفيض ودقيق وأنه لا يُمْكن ل صاحب البلاغ أن يشكك في هذا القرار لمجرد كونه لا يصب في مصلحته.

٤-٧ وأشارت الدولة الطرف إضافة إلى ذلك إلى أنه نُظر في شكوى صاحب البلاغ في المرحلة الابتدائية في مجلس منازعات العمل وفي مرحلة الاستئناف في محكمة الاستئناف ببذل العناية الواجبة ووفقا ً للتشريعات المحلية المعمول بها وقت الوقائع. ولاحظت المحكمتان أن صاحب ا لبلاغ لم يثبت التمييز العنصري وأن الدولة الطرف وفت بالتزاماتها التعاهدية ( ) .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في 13 أيار/مايو 2013، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية الشكوى وأسسها الموضوعية. وزع م ، في معرض إ شار ته إلى سوابق اللجنة، أن شكواه بمقتضى المادة 3 مقبولة ( ) . ويرى أنه أثبت أن انتهاكات المادتين 3 و6 من الاتفاقية مرتبطة بعضها ببعض، لأنه رغم إبلاغه المحاكم الوطنية بأن برنامج " إسكادر الثاني" ي ُ عد ّ سياسة للتمييز الاجتماعي والمهني تهدف إلى عرقلة الترقية المهنية للفرنسيين من أصل أفريقي، فإن المحاكم لم تبت في الموضوع. ويشير أيضا ً إلى أنه بالنظر إلى مبادئ القانون الدولي المعترف بها عموما ً والتي تحيل إليها المادة 11-3 من الاتفاقية وسوابق اللجنة ( ) ، لا تفرض قاعدة استنفاد سبل الانتصاف المحلية أن يحتج صاحب البلاغ أمام المحاكم الوطنية بأحكام الاتفاقية التي يستنكر انتهاكها. يكفي إذن أن يتعلق الطلب المقدم إلى اللجنة بموضوع الإجراء الوطني، وهذا ما تَحقق في القضية موضع النظر.

٥- ٢ وفيما ي خص انتهاك المواد 2 و4 و5 و6 من الاتفاقية، يشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف تتستر وراء الدافع الذي أخذت به محكمة الاستئناف في قرارها المؤرخ 22 أيلول/سبتمبر 2011 التي رأت فيه أنه لم يثبت كيف تأثر وضعه الشخصي بأفعال شركة رونو . ويزعم أنه قدم طلبه إلى اللجنة كي تثبت أن محكمة الاستئناف استبعدت عمداً الأدلة التي قدمها معتبرة أن ه لا يوجد أي عنصر ملموس ولا أي وثيقة ولا أي واقعة موضوعية تثبت ادعاءاته. و يرى أن هذا القرار إنكار للعدالة.

٥-٣ ويردد صاحب البلاغ حججه بأن التمييز الذي تعرض له من قبل شركة رونو تجلى طوال مساره المهني. وعن ادعاءاته أنه أقيل تقريبا ً لأسباب اقتصادية دون أن تأذن المديرية الإقليمية للعمل والعمالة لشركة رونو بالتسريح ، يحيل إلى وثيقة قدمها إلى اللجنة جاء فيها أن الإذن ب الإقالة شمل 415 موظفا ً في المركز الصناعي لبيانكور و113 موظفا ً في المقر. ويرى أن شركة رونو أبقت عمدا ً على الالتباس بين "موظفي التأطير" و"موظفي المقر"، واستنتج من ذلك أنه لم يكن في جملة الأشخاص الذين رُخص ب إقالتهم. وكرر أيضا ً أنه يوجد داخل شركة رونو سياسة تمييز مؤسسي ة ( ) .

٥-٤ وعن ملاحظات الدولة الطرف التي ورد فيها أن المحاكم الوطنية سبق أن اعتمدت قرارات تدين شركة رونو ، قال صاحب البلاغ إنه يرى أن جميع القرارات القضائية التي ذكرتها الدولة الطرف إلا واحدة تشير إلى الاعتراف بوجود تمييز نقابي لا تمييز عنصري ( ) . القرار الوحيد الذي يتعلق بالتمييز العنصري اتخذ في حالة مماثلة لحالته وفي تاريخ لاحق ل لقرار المعتمد في قضيته ( ) . ويرى أن "نضال"[ـه] مهد الطريق أمام قضايا مماثلة، ويؤكد وجود سياسة ل لتمييز العنصري في شركة ر ونو .

٥-٥ ويزعم صاحب البلاغ أن مجلس منازعات العمل ومحكمة الاستئناف أعوزتهما النزاهة في حالته، ومن ثم كانت قراراتهما تعسفية وتعد إنكارا ً للعدالة ( ) .

٥-٦ ويؤكد صاحب البلاغ أن محكمة الاستئناف لم تطبق القواعد المتعلقة بعبء الإثبات في مجال التمييز، الأمر الذي يعد إنكارا للعدالة. وينص قانون العمل (المادة L1134-1 ) ( ) على أن رب العمل هو من يتعين عليه أن يثبت أنه لم يستند إلى معيار غير قانوني لتبرير التباين في المعاملة. لكن المحكمة لم تسع إلى إيجاد تفسير للاختلاف في المعاملة الذي تعرض له صاحب البلاغ. وهكذا، لم تتساءل المحكمة عن الأسباب التي جعلت صاحب البلاغ الموظف الوحيد من أصل أفريقي من بين 130 موظفا ً حصلوا على ترقية في عام 1985، والإطار الوحيد الذي عُين رسميا ً في منصب "موظف بدون وظيفة ثابتة " دون "ممارسة مهام"، علما ً بأن مناصب عدة تتوافق مع مؤهلاته كانت متاحة. ويرى صاحب البلاغ أيضا ً أن المحكمة لم تتساءل عن الأسباب التي جعلت منه الإطار الوحيد المعني بمشروع الإقا لة لأسباب اقتصادية. وبالمثل، لم تهتم المحكمة بالمساعدة على "العودة إلى الوطن " التي عُرضت على صاحب البلاغ مع أنه فرنسي الجنسية. ولم تستوضح المحكمة أيضا ً من شركة رونو عن طلبات الحراك التي قدمها والتي لم تردّ عليها الشركة لمدة تسع سنوات، في حين كان الإداريون الآخرون يستفيدون من هذا الحراك كل ثلاث سنوات في المتوسط.

٥-٧ وكرر صاحب البلاغ في الختام أن محكمة النقض أنكرت العدالة في حقه بسبب الرفض غير المعلَّل للطعن الذي قدمه. واستشهد بدراسة جاء فيها أن الطعون في قضايا التمييز تؤدي، بنِسَب أعلى بكثير مقارنة بالحالات الأخرى، إلى قرارات عدم القبول أو الرفض.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للفقـرة 7 (أ) من المادة 14 من الاتفاقية، أن تقرر ما إذا كان البـلاغ مقبولاً أم لا.

٦-٢ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى المتعلقة بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية بدعوى أن صاحب البلاغ لم يدعم ادعاءاته بما يكفي من الأدلة ولم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة أيضا ً ادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف تجاهلت ممارسات شركة رونو الهادفة إلى وصم الفرنسيين من أصل أفريقي وتنميط هم بسبب لون بشرتهم. ويزعم أن هذه الممارسات قد تكون لها عواقب وخيمة على توظيف الأفارقة من طرف شركات أخرى، الأمر الذي ينتهك المادة 3 من الاتفاقية. بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب البلاغ يكتفي بتقييم معلومات عامة ولا يقدم أي معلومات أو أدلة تدعم ادعاءاته. لذا، ترى أن شكوى صاحب البلاغ المتعلقة بالمادة 3 من الاتفاقية لم تُدعم بما يكفي من الأدلة وأنها غير مقبولة بمقتضى الفقرة 7 (أ) من المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

٦-٣ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تُبد أي اعتراض آخر على مقبولية الادعاءات بشأن المواد 2 و4 و5 و6 من الاتفاقية، وعليه تنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في البلاغ، وفقا ً للفقرة 7(أ) من المادة 14 من الاتفاقية، في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها صاحب البلاغ والدولة الطرف.

٧-٢ وتحيط اللجنة علما ً بموقف صاحب البلاغ الذي يقول فيه إنه كان يتعين على رب العمل أن يقيم الدليل على أنه لم يستند إلى معيار غير قانوني لتبرير اختلاف المعاملة التي عومل بها. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بأنه لا يمكن أن يُطلب ممّن يدعون أنهم ضحايا التمييز العنصري أن يثبتوا النوايا التمييزية في حقهم ( ) . وتلاحظ اللجنة في القضية قيد النظر أن محكمة الاستئناف أشارت إلى أن صاحب البلاغ هو الذي يجب عليه أن يقيم الدليل على نظام فقدان الحظوة الذي كان ضحية له بكل السبل، بما في ذلك بمقارنة وضعه بوضع زملائه مقارنة عملية. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بمظلمة صاحب البلاغ القائلة إنه قدم، خلال الإجراءات أمام المحاكم الوطنية، بما في ذلك أمام محكمة الاستئناف، أدلة تشير إلى وجود ممارسات تنطوي على تمييز في حقه، وأنه من ثم وفى بالتزامه بتقديم المعلومات اللازمة لقل ب عبء الإثبات. وترى اللجنة أن كون المحاكم، ولا سيما محكمة الاستئناف، لم تفتأ تطلب إلى صاحب البلاغ أن يثبت النوايا التمييزية، يتعارض مع منع أي تصرف يؤدي إلى آثار تمييزية، وهو منع تنص عليه الاتفاقية، ومع إجراء انقلاب عبء الإثبات المنصوص عليه في المادة L-1134-1 (المادة L . 122-45 سابقا ً ) من قانون العمل. ولما كانت الدولة الطرف هي نفسها التي اعتمدت هذا الإجراء، فإن عدم تط بيقها له تطبيقا ً صحيحا ً ي عد انتهاكا ً لحق صاحب البلاغ في سبيل انتصاف فعال. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الحقوق المعترف بها لصاحب البلاغ بموجب المادتين 2 و6 من الاتفاقية قد انتهكت ( ) .

٧-٣ وفي ضوء ما تَقدم، لن تنظر اللجنة في مظالم صاحب البلاغ مستقلة بعضها عن بعض بمقتضى المادتين 4 و5 من الاتفاقية.

٨- وفي ضوء ظروف القضية موضع النظر، ترى اللجنة، بموجب الفقرة 7(أ) من المادة 14 من الاتفاقية، أن الوقائع المعروضة عليها تظهر انتهاك الدولة الطرف ل لمادتين 2 و6 من الاتفاقية.

٩- وتوصي اللجنة بأن تكفل الدولة الطرف تنفيذ مبدأ انقلاب عبء الإثبات تنفيذا ً تاما ً ، (أ) بتحسين الإجراءات القضائية المتاحة لضحايا التمييز العنصري، خاصة عن طريق التطبيق الصارم لمبدأ انقلاب عبء الإثبات؛ (ب) نشر معلومات واضحة عن سبل الانتصاف المحلية المتاحة للمدعى أنهم ضحايا تمييز عنصري. ويرجى من الدولة الطرف أيضا ً أن تنشر رأي اللجنة على نطاق واسع ، لا سيما في صفوف السلطات القضائية.

١٠- وتود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون تسعين يوما ً ، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.