الأمم المتحدة

CCPR/C/103/D/1833/2008

Distr.: General

17 January 2012

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

البلاغ رقم 1833/2008

الآراء التي اعتمدتها اللجنة في دورتها الثالثة بعد المائة، المعقودة في الفترة من 17 تشرين الأول/أكتوبر إلى 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2011

المقدَّم من : س . (تمثله المحامية آنا ليندبلاد)

ال شخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

ال دولة الطرف : السويد

تاريخ البلاغ : 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

ال وثائق المرجعية : قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي، المُحال إلى الدولة الطرف في 5 كانون الأول/ديسمبر 2008 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2011

الموضوع : ترحيل شخص يُدَّعى أنه مزدوج الميل الجنسي إلى أفغانستان

الم سائل الموضوعية : تعرُّض صاحب البلاغ لخطر التعذيب والقتل لدى عودته إلى بلده الأصلي

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية

مواد العهد : 6؛ 7

مواد البروتوكول الاختياري : 5، الفقرة 2(ب)

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة الثالثة بعد المائة)

بشأن

البلاغ رقم 1833/2008 *

المقدَّم من : س . (تمثله المحامية آنا ليندبلاد)

ال شخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

ال دولة الطرف : السويد

تاريخ البلاغ : 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المُنشَأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2011،

وقد فرغت من النظر في ا لبلاغ رقم 1833/2008، الذي قُدِّم إليها نيابة عن السيد س . بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء المعتمدة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1- صاحب البلاغ المؤرخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 هو السيد س الأفغاني الجنسية. وهو يدعي أنه ضحية انتهاك السويد لحقوقه بموجب المادتين 6 و7 من العهد. وتمثله المحامية آنا ليندبلاد.

الوقائع الأساسية

2-1 وصل صاحب البلاغ إلى السويد يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2002 وطلب اللجوء في اليوم التالي، 3 تشرين الأول/أكتوبر 2002. وأشار في طلب اللجوء إلى أنه كان عضواً نشطاً ف ي الحزب الشيوعي في أفغانستان منذ الفترة 1989-1990، وأن نشاطه الحزبي تمثل في إنتاج الأفلام الوثائقية وكتابة النصوص المسرحية والمقالات والتقارير التي تنتقد المجاهدين؛ كما أنه أدى أدواراً في مسرحياته. و جلبت له هذه الأعمال الشهرة في أفغانستان لأن أفلامه ومسرحياته اشتهرت بين الجمهور. وبعد سقوط نظام نجيب الله، اعتُقل في عام 1993 على يد المجاهدين الذين كانوا يتولون السلطة في ذلك الوقت في مزار الشريف. واقتيد إلى سجن أمني لم يكن يُحتجز به إلاّ السجناء السياسيون، حيث حُبس انفرادياً وتعرض للتعذيب اليومي، بأساليب شملت الصعق بالكهرباء والركل والضرب والانتهاك الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب. وسُجن نحو ستة أشهر دون محاكمة أو إمكانية الاستعانة بمحام. وتمكن والده في النهاية من رشوة شخص فأُفرِج عنه. وعاش صاحب البلاغ متخفياً طوال السنوات التالية، وتنقل من مدينة إلى أخرى إلى أن تمكن من مغادرة البلد في عام 2002. ويدَّعي أن المجاهدين قتلوا والده. وفي 16 آب/أغسطس 2005، رفض مجلس الهجرة في السويد طلب اللجوء الذي قدَّمه، ولكنه طعن في القرار أمام مجلس طعون الأجانب فرفض هذا الأخير ط عنه في 20 كانون الثاني/يناير 2006. وكان هذا القرار هو الرفض النهائي. وفي 7 نيسان/أبريل 2006 مُنح صاحب البلاغ تصريح إقامة مؤقتاً حتى 7 نيسان/أبريل 2007 (ومُنح التصريح أيضاً لملتمسي اللجوء الأفغان الآخرين الذين رُفضت طلباتهم) وذلك بموجب قرار مجلس الهجرة بوقف عمليات الترحيل إلى أفغانستان بسبب الوضع في البلد.

2-2 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2006 قدم صاحب البلاغ طلباً جديداً بموجب المادة 12 من قانون الأجانب، أشار فيه إلى وجود ظروف جديدة، وكرر فيه خوفه من التعرض للاضطهاد، بما في ذلك التعذيب، وقدَّم شهادة طبية من مركز الأزمات والصدمات النفسية بمستشفى داندريد في ستوكهول م تبين آثار التعذيب الذي سبق أن تعرَّض له. ورفض مجلس الهجرة في السويد طلبه في 20 حزيران/يونيه 2007، مبرراً الرفض بأن صاحب البلاغ لم يقدم أية ظروف جديدة. ورفضت محكمة الهجرة طعنه في 16 تموز/يوليه 2007.

2-3 وقدَّم صاحب البلاغ طلباً آخر للجوء في مستهل عام 2008. وكرَّر في طلبه ادعاءه أنه سيتعرَّض لخطر القتل لأنه سجين سياسي سابق غادر البلد ولا يزال يعتبر خصماً للمجاهدين بسبب أعماله السابقة. وزعم في طلبه أنّ المجاهدين لا يزالون ي تمتعون ب مراكز بالغة القوة في أفغانستان. وقدَّم صاحب البلاغ في هذه المرة وثائق، منها رسالة من مسؤولين أفغان تؤكد أنه سيتعرض للخطر إن عاد إلى أفغانستان. وفي 13 آذار/مارس 2008، رفض مجلس الهجرة في السويد طلبه، مبرراً ذلك بأن صاحب البلاغ لم يقدم أية ظروف جديدة، ولذلك لا يوجد أساس لإعادة فتح ملف قضيته.

2-4 وفي أيلول/سبتمبر و تشرين الأول/أكتوبر 2008 قدَّم صاحب البلاغ طلباً آخر إلى مجلس الهجرة في السويد كشف فيه لأول مرة أنه مزدوج الميل الجنسي باعتبار ذلك سبباً لطلب اللجوء. وبيَّن أنه أقام أول علاقة مثلية وهو في سن 15-16 سنة مع صبي آخر وأنهما ظلا معاً مدة أربع إلى خمس سنوات. وقال إنه لم يكشف قط لأحد عن ميله الجنسي، ولا حتى لأصدقائه أ و أفراد أسرته، خوفاً من التعرض للعقاب الشديد من جانب الجهات غير الحكومية أو السلطات الحكومية. وأبقى صاحب البلاغ على طلب لجوئه السابق، ولكنه أضاف أن السبب الرئيسي لاعتقاله في عام 1993 هو المسرحية التي كان قد كتبها عن ازدواجية الميل الجنسي وأدى فيها دوراً ظهر فيه وهو يُقبِّل رجلاً. و أوقف عرض المسرحية بعد أن تلقى تهديدات. وادَّعى أنه اعتُقِل من جراء ذلك واتُّهِم بأنه يعمل ضد الإسلام وبأنه خصم سياسي. وقال إنه عُذِّب، وادَّعى أنّ الاغتصاب كان جزءاً من التعذيب الذي تعرَّض له. وبعد الإفراج عنه، استمر في علاقته الجنسية مع رجال ونساء، بما في ذلك أثناء زواجه. وعاش في خوف دائم من كشف أمره وإبلاغ السلطات عنه، ممّا يعرِّضه للضّرب المبرِّح أو القتل على يد سلطات الدولة أو أفراد، إذ إن الدولة لا توفِّر الحماية.

2-5 وأثناء وجوده في السويد أقام علاقات جنسية مثلية قصيرة وطويلة، وانضمّ إلى الاتحاد السويدي لحقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسانية (الاتحاد). وأرسل الاتحاد رسائل إلى كل من مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة احتجاجاً على قرار ترحيله إلى أفغانستان. ورغم عدم كتمانه نشاطه الجنسي أثناء وجوده في السويد، فإنه لم يُخبر أي أفغاني عن ميله الجنسي خوفاً من التعرُّض للانتقام. ومع ذلك، فإنه لا يستبعد أن يكون بعض الأفغان قد علِموا بذلك وأن يبلِّغوا هذه المعلومات إلى أشخاص في أفغانستان.

2-6 وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 رفض مجلس الهجرة في السويد الطلب الجديد المقدَّم من صاحب البلاغ، وبرَّر المجلس ذلك بأن صاحب البلاغ لم يقدِّم عذراً مقبولاً لعدم كشفه عن ميله الجنسي لسلطات اللجوء في بداية الأمر. وعزا صاحب البلاغ عدم كشفه لذلك الأمر إلى الوصمة المقترنة بمزدوجي الميل الجنسي والمثليين في ثقافته، والشعور بالعار، والخوف من نظرة م حاميه السابق إليه ونظرة سلطات الهجرة والمترجمين الشفويين إليه ، والخوف من الانتقام إذا عرف أفغان آخرون بذلك. و علاوة على ذلك، لم يكن صاحب البلاغ يعرف أن الخوف من الاضطهاد بسبب الميل الجنسي مبرر وجيه لطلب الحصول على مركز اللاجئ واللجوء في السويد؛ ولم يكن يعلم مدى أهمية مثل هذه الحجة.

2-7 وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، طعن صاحب البلاغ في القرار الأخير لمجلس الهجرة أمام محكمة الهجرة. وبالإضافة إلى احتجاجه بأنه سيتعرَّض، نتيجة لظروفه الشخصية وللوضع في أفغانستان، لخطر التعذيب والاضطهاد إن عاد إلى بلده، فإنه احتجَّ أيضاً بأن مجلس الهجرة لم يطبِّق معيار الإثبات الصحيح. وقال إن المجلس طبَّق "الاختبار المحتمَل" بدلاً من معيار الإثبات الأدنى الذي ينبغي تطبيقه حال حدوث ظروف جديدة تسوِّغ إعادة فتح ملف القضية. وقدَّم الاتحاد مذكرات نيابة عنه، بيَّن فيها المشاكل الخاصة التي قد يواجهها المثليون ومزدوجو الميل الجنسي أثناء عملية اللجوء، ومنها الصعوبات المقترنة بالحديث عن ميلهم الجنسي. وساند الاتحاد حجة صاحب البلاغ بأنه سيتعرَّض لخطر الاضطهاد والتعذيب إن عاد إلى بلده. وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، احتجَّ مجلس الهجرة في مذكرة أرسلها إلى محكمة الهجرة بأن صاحب البلاغ لم يُ قدم أي عذر وجيه لعدم إشارته إلى ميله الجنسي قبل ذلك. وخلُص المجلس إلى وجود تناقض بين إفصاح صاحب البلاغ عن ميله الجنسي وممارسته للعلاقات المثلية وزيارته لأندية المثليين ، وإحجامه عن البوح بهذا الميل لسلطات الهجرة. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، أيدت محكمة الهجرة قرار مجلس الهجرة. ورأت المحكمة عدم وجود أي أُسس، بموجب المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب لعام 2005، لدراسة طلب اللجوء الجديد استناداً إلى وقائع جديدة. و بناءً على ذلك، رُحِّل صاحب البلاغ إلى أفغانستان.

2-8 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، أشار صاحب البلاغ إلى أنه كانت هناك إمكا نية الطعن رسمياً في ال قرار أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة في السويد. غير أن ذلك ما كان ليعتبر سبيل انتصاف فعالاً لسببين: أولاً، لأن خطر الترحيل كان وشيك اً ، نظراً إلى ضيق الوقت؛ وثانياً، لوجود أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة لم تكن ستوقف الترحيل، كما في قراراتها السابقة، حيث أشارت بوضوح إلى أنّ محكمة الهجرة فسرت معيار "العذر المقبول" تفسيراً صارماً. و لهذه الأسباب، رأى صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف المحلية استُنفِدت.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن إعادته قسراً إلى أفغانستان يمكن أن تعتبر انتهاكاً من جانب السويد لحقوقه بموجب المادتين 6 و7 من العهد، نظراً إلى وجود خطر حقيقي لأن يتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القا سية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولأن تتعرض حياته للتهديد في أفغانستان من جانب السلطات الأفغانية والأفراد والجماعات المسلَّحة. كما أنّ السلطات الأفغانية لن تبذل العناية الواجبة لتوفِّر له الحماية الفعلية من الجهات غير الحكومية.

3-2 ويشير صاحب البلاغ إلى معلومات قدمتها مفوضية الأمم المتحدة ل شؤون اللاجئين ووزارة الخارجية السويدية، تبين أن المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومُغايري الهوية الجنسانية لا يمكنهم العيش بحرية في أفغانستان دون التعرض لانتهاكات حقوق الإنسان . وتنص المبادئ التوجيهية لمفوضية شؤون اللاجئين المتعلقة بتقييم احتياجات ملتمسي اللجوء الأفغان إلى الحماية الدولية ( كانون الأول/ديسمبر 2007) على أنّ "العلاقات المثلية المُعلَنة غير ممكنة في أفغانستان نظراً إلى الأعراف الاجتماعية المحافظة. وبالإضافة إلى خطر تعرُّض المثليين والمثليات للعنف من جانب أفراد الأسرة أو المجتمع فإن معظم تفسيرات القانون الجنائي المطبَّق تشير إلى أنّ الأفعال المثلية تُفضي إلى عقوبة شديدة إذا ما وصلت إلى سمع وبصر السلطات" (الفقرة 9). وتشير الوثيقة نفسها إلى أنّ "العلاقات المثلية العلنية [...] لا يمكن قبولها، وأنّ على الأشخاص المثليين إخفاء ميلهم الجنسي. كما أنّ المثلية الجنسية محرمة في الإسلام، ويعاقَب عليها بالقتل بوصفها جريمة تستدعي إقامة الحدّ" (الفقرة 72). ويشير تقرير وزارة الخارجية السويدية بشأن وضع حقوق الإنسان في أفغانستان في عام 2007 ( آذار/مارس 2008) إلى أن "المثلية الجنسية العلنية غير موجودة وأن العلاقة الجنسية المثلية محرمة في الشريعة الإسلامية. ولا توجد أية حماية قانونية ضد التمييز بسبب الميل الجنسي أو الهوية الجنسانية". ويدَّعي صاحب البلاغ أيضاً أنّ المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب السوي دي ت تناقض مع المادتين 6 و7 من العهد، إذ إن مسألة "العذر الوجيه " غير ذات صلة في حال وجود خطر الإعادة القسرية. ويدَّعي كذلك أنّ المادة 19 من الباب 12 تتناقض مع الالتزام الدولي للسويد بعدم إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرَّض فيه لخطر التعذيب أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

معلومات إضافية قدمها صاحب البلاغ

4- أشارت محامية صاحب البلاغ، في رسالة مؤرخة 31 آذار/مارس 2010، إلى أنها كانت على اتصال به في أفغانستان، وأنه أبلغها أنه يعيش حياة بالغة الصعوبة متخفياً ومتنقلاً من مدينة إلى أخرى بين أفغانستان وباكستان، وأنه يخشى الظهور، ويعتمد في معيشته اليومية على المساندة المالية التي يقدمها له أخوه المقيم بالخارج.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 25 شباط/فبراير 2011 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وقدمت معلومات مفصلة بشأن التشريعات السويدية المتعلقة باللجوء. وقالت الدولة الطرف، في إشارتها إلى مفهوم "العذر المقبول" الوارد في المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب لعام 2005 ، إن محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة تفسر هذا المفهوم تفسيراً مقيداً، لا سيما في ضوء ما يلي: أن إجراءات اللجوء السويدية تستهدف ضمان دراسة طلب اللجوء من جانب مجلس الهجرة في السويد، وأن محكمة الهجرة تحافظ على أعلى مستوى ممكن من اليقين القانوني في إطار الإجراءات العادية. ومن شأن هذه الإجراءات أن تؤدي في نهاية الأمر إلى قرار يكتسب قوة قانونية ويصبح نافذاً. ومن ثم فإن من الأمور الاستثنائية اعتبار أن لدى ملتمس اللجوء عذراً وجيهاً لعدم احتجاجه بجميع الظروف ذات الصلة قبل اتخاذ مثل هذا القرار.

5-2 وتقدم الدولة الطرف أيضاً المعلومات التالية المتعلقة بوقائع قضية صاحب البلاغ، وهي معلومات تستند أساساً إلى ملفات القضية التي نظر فيها مجلس الهجرة في السويد ومحاكم الهجرة. فقد تقدم صاحب البلاغ بطلب للجوء في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2002، وهو اليوم الذي أجرى فيه مجلس الهجرة المقابلة الأولى معه. وأفاد صاحب البلاغ أثناء المقابلة بأنه شارك إبان دراسته في شعبة الشباب التابعة للحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني، وأنه بدأ العمل في الخدمة الأمنية وظل بها لمدة ثلاث سنوات. وقال إنه أوقف نشاطه عندما كان الرئيس السابق محمد نجيب الله على وشك أن يعزل من السلطة. وادعى أن من كانوا يساندون نجيب الله لا يمكنهم العيش في أفغانستان في الوقت الراهن، وأنه إذا أُرغم على العودة سيُعتقل ويُسجن، ولذلك فإنه يخشى على حياته.

5-3 وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2003، عُينت محامية كممثلة قانونية لصاحب البلاغ. وقدم صاحب البلاغ مذكرتين إلى مجلس الهجرة في 14 آذار/مارس 2005 و 18 آذار/مارس 2005، بيّن فيهما، ضمن جملة أمور، أنه اعتُقل على يد المجاهدين في عام 1993 واقتيد إلى سجن محلي احتُجز به ستة أشهر. وقال إنه اتُهم بأنه شيوعي وعدو للمجاهدين وأن هؤلاء كانوا على علم بأنشطته السابقة. وتعرض مراراً للتعذيب في شكل ضرب وركل وصعق بالكهرباء وتحرش جنسي. وقال إنه لا يزال يعاني من الإصابات التي لحقت به من جراء التعذيب. وفي مساء أحد الأيام حضر والده إلى السجن وتمكن من رشوة شخص وحصل لابنه على قرار إفراج. وبعد هروبه كان عليه أن يتوارى عن أنظار المجاهدين، فتخفى في كابول وحولها. واغتيل والده على يد المجاهدين الذين كانوا يبحثون عنه. ولم يتمكن طوال العام السابق من الاتصال بزوجته وولده. وقال أيضاً إنه يعاني من آلام في كل جسمه ومن صداع شديد ومشاكل في النوم من جراء ما تعرض له من تعذيب؛ وقدم نسخاً من الملاحظات المدونة في سجله الطبي.

5-4 وفي 16 آب/أغسطس 2005 رفض مجلس الهجرة في السويد طلبه للحصول على تصريح إقامة وتصريح عمل وشهادة مركز اللاجئ ووثيقة سفر، وأمر بترحيله إلى أفغانستان. وبناءً على معلومات من مفوضية شؤون اللاجئين والفريق الدولي المعني بالأزمات ومركز التعاون من أجل أفغانستان، رأى المجلس أن الشخص الذي كان يشغل منصباً صغيراً في الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني غير معرض للخطر في أفغانستان. ولم تتوافر معلومات تثبت أن الأعضاء السابقين في هذا الحزب معرضون للاضطهاد من الحكومة أو السلطات الأفغانية. كما أن العديد من الأعضاء السابقين في الحزب تمكنوا من العودة من الخارج وحصلوا على فرص عمل في القطاع العام، وأن الأحداث التي احتج بها صاحب البلاغ كأساس لحاجته إلى الحماية وقعت منذ وقت طويل وأنه لم يتعرض لأي أمر آخر أثناء سنوات إقامته في أفغانستان. لذلك خلص المجلس إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه معرض لخطر الاضطهاد من جانب الدولة بسبب نشاطه السياسي أو ديانته. و علاوة على ذلك، لم يكشف التقييم الشامل للظروف الإنسانية للقضية، بما في ذلك الحالة الصحية لصاحب البلاغ، عن أي ظروف بالغة القسوة تحمل السلطات السويدية على منحه تصريح إقامة بموجب المادة 4 من الباب 2 من قانون الأجانب.

5-5 وطعن صاحب البلاغ في ال قرار أمام مجلس طعون الأجانب، وذكر بصورة أساسية أنه كان نشطاً وجريئاً أثناء عضويته في الحزب الشيوعي، وأنه اعتُقل وعُذِّب كنتيجة مباشرة لنشاطه. وادّعى أن بكل منطقة أمنية في أفغانستان أفرقة خاصة تراقب العائدين، وأنه يخشى أن تعتقله هذه الأفرقة وتعذبه وتقتله. وفي 20 كانون الثاني/يناير 2006 رفض مجلس طعون الأجانب طعنه، وأيد قرار مجلس الهجرة. وبذلك أصبح القرار غير قابل لأي طعن آخر.

5-6 وفي 7 نيسان/أبريل 2006، منح مجلس الهجرة صاحب البلاغ تصريح إقامة لمدة سنة (تنتهي في 7 نيسان/أبريل 2007)، على أساس أنه مكث فترة طويلة في السويد وأن الوضع في أفغانستان يجعل من غير الممكن تنفيذ قرارات ترحيل أي شخص قسراً إلى هناك. ولم يوقَف أمر ترحيل صاحب البلاغ إلى بلده الأصلي و إنما اتُخذ قرار منح تصريح الإقامة لأسباب إنسانية، ولكن لمدة سنة واحدة.

5-7 وفي 27 نيسان/أبريل 2007 قدم صاحب البلاغ طلباً آخر لمجلس الهجرة للحصول على تصريح إقامة. وادعى في طلبه أنه يعاني من حالات صداع شديد وأنه يعالج في مركز الأزما ت والصدمات النفسية، الذي يعالج الأشخاص الذين سبق تعرضهم للتعذيب. وذكر أيضاً أنه وجد عملاً دائماً. وبعد ذلك، قدم مركز الأزمات والصدمات النفسية إلى المجلس تقريراً رسمياً مؤرخاً 13 حزيران/يونيه 2007، جاء به أن صاحب البلاغ يعاني من حالات صداع، واضطرابات في الذاكرة، ومشاكل في التركيز، وضعف في القدرة، وأنه يعالج على يد طبيب أمراض عصبية. وفي 20 حزيران/يونيه 2007 رفض المجلس طلبه بإعادة دراسة ملف قضيته بموجب المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب لعام 2005، ولم يجد أي عوائق تمنع تنفيذ قرار الطرد. وأضاف المجلس أن الوضع الأمني في المنطقة التي جاء منها صاحب البلاغ في أفغانستان لا يشكل نزاعاً مسلحاً.

5-8 وقدم صاحب البلاغ بعد ذلك رسالة ادعى فيها أنه لا يمكن أن يعود لأن جماعات المجاهدين التي سجنته لا تزال تتمتع بالسلطة في المنطقة التي أتى منها؛ ونظرت محكمة الهجرة في الرسالة بوصفها شكوى. وفي 16 تموز/يوليه 2007 رفضت محكمة الهجرة الشكوى على أساس أن الظروف الجديدة التي احتج بها صاحب البلاغ ليست إلا تحويرات وتعديلات للظروف التي سبق أن احتج بها. وقدم صاحب البلاغ إلى محكمة الهجرة رسالة أخرى ادّعى فيها أن الأشخاص الذين أجبروه على الفرار لا يزالون يهيمنون على السلطة في نصف البلد، ولا سيما في المنطقة التي أتى منها. وفي 17 أيلول/سبتمبر 2007 قررت محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة عدم منحه إذناً بالطعن في حكم محكمة الهجرة المؤرخ 16 تموز/يوليه 2007.

5-9 وفي 21 أيلول/سبتمبر 2007، قدم صاحب البلاغ رسالة إلى مجلس الهجرة أشار فيها إلى أنه لا يمكنه العودة إلى أفغانستان؛ وقدم شهادة تبين أنه سبق أن تعرض لإصابة وعولج في المستشفى لمدة عشرة أيام في عام 1993. وجاء في الشهادة أيضاً أن حياته معرضة للخطر. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 2007 رفض مجلس الهجرة إعادة النظر في قضيته لأن الوثيقة المقدمة لا تمثل دليلاً يُعتد به.

5-10 وطعن صاحب البلاغ في قرار مجلس الهجرة بعدم إعادة النظر في قضيته، وادّعى في طعنه أن نشاطه يجعل من السهل التعرف عليه في أفغانستان، بما في ذلك، من جانب رجال السلطة والحكومة. وادّعى أيضاً أنه بعد اعتقاله في عام 1993 هرب إلى مدينة أخرى، وإنه اضطر أيضاً إلى الفرار من هذه المدينة. وقال إنه تلقى رسالة من الشرطة وأن حياته معرضة مرة أخرى للخطر، وأنه لا يعرف ما إذا كانت أسرته لا تزال في البلد أم لا. وأشار إلى أنه إذا أُرغم على العودة فسوف يُتهم بالكفر والعداء للإسلام و ب أنه مسيحي، وبالتالي سيقتل. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 رفضت محكمة الهجرة طلبه عقد جلسة استماع شفوية، ولكن سمحت له بتقديم حججه القانونية كتابياً. وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 رفضت محكمة الهجرة طعنه، محتجة بعدم إيراد أية ظروف جديدة. وفي 21 شباط/فبراير 2008 قررت محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة عدم منحه إذناً بالطعن في حكم مجلس الهجرة.

5-11 وفي 3 آذار/مارس 2008 قدم صاحب البلاغ رسالة إلى مجلس الهجرة كرر فيها ادعاءاته السابقة. وفي 13 آذار/مارس 2008 قرر مجلس الهجرة رفض طلبه الثالث بإعادة دراسة القضية.

5-12 وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2008 قدم صاحب البلاغ إلى مجلس الهجرة رسالة أخرى، أُعلن أنها طعن ، ادّعى فيها لأول مرة أنه مزدوج الميل الجنسي. وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2008 رُفض ال طعن لأنه قُدم بعد المهلة الزمنية المحددة. غير أن الرسالة سُجلت باعتبارها طلباً لإعادة دراسة القضية. وبعد ذلك قدم صاحب البلاغ طلباً آخر استناداً إلى ادعائه بأنه مزدوج الميل الجنسي.

5-13 وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 قرر مجلس الهجرة رفض الطلب الرابع المقدم من صاحب البلاغ لإعادة دراسة القضية. واعتُبرت المعلومات المتعلقة بازدواجية الميل الجنسي لصاحب البلاغ ظرفاً جديداً لم تنظر فيه السلطات قبل ذلك. وقال المجلس إن وضع المثليين أ و مزدوجي الميل الجنسي في أفغانستا ن لا ي برر في حد ذاته الحماية الدولية وأن دراسة القضايا ينبغي أن تكون على أساس فردي. واعتبر المجلس أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه معرض لخطر الاضطهاد إن عاد إلى أفغانستان.

5-14 وقدم صاحب البلاغ طعناً أمام محكمة الهجرة. ومُنح مجلس الهجرة الفرصة لتقديم ملاحظاته على الطعن، حيث أفاد بأن المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب تشترط للتصريح بإعادة نظر القضية عرض ظروف جديدة لم يسبق الاحتجاج بها، أو تقديم الشخص الأجنبي سبباً مقبولاً لعدم احتجاجه بهذه الظروف قبل ذلك. وأشار المجلس إلى أنه كلما طالت الفترة التي تسبق الاحتجاج بظروف جديدة، كلما ازدادت الحاجة إلى تبرير التأخر في الاحتجاج بهذه الظروف الجديدة، وأن حجب ملتمس اللجوء لمعلومات مهمة لدراسة طلب اللجوء الذي قدمه من شأنه أن يؤثر في موثوقية الظروف الجديدة التي احتج بها. وقد مُنحت الفرصة لصاحب البلاغ في مرات عديدة وسياقات مختلفة لتقديم معلومات عن ميله الجنسي خلال السنوات الست التي أمضاها في السويد. ولم تحدد المعلومات التي قدمها زمناً محدداً، إلا "في نهاية الأمر" عندما بدأ يعيش بصورة أكثر علنية كشخص مزدوج الميل الجنسي وانضم إلى الاتحاد السويدي لحقوق ا لمثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسانية وبدأ يلتقي برجال آخرين. كما أن صاحب البلاغ لم يبين سبب عدم تمكنه من عرض هذه الظروف على السلطات، رغم صدور عدة قرارات سلبية بحقه فيما يتعلق بطلبه الحصول على الحماية. وفي ظل عدم وجود أي توضيح آخر، ثمة تناقض بين بدء ظهور صاحب البلاغ بشكل علني كشخص مزدوج الميل الجنسي، من جهة، وعدم إفصاحه عن ذلك للسلطات السويدية لعدم ثقته بها بالقدر الكافي ، من جهة أخرى. وقد أدى التأخر في الإفصاح عن المعلومات إلى ضعف الثقة في ادعائه حيث لم يثبت وجود عقبات دائمة محتملة تمنع تنفيذ أمر الطرد. وبالتال ي قرر المجلس عدم التصريح بإعادة دراسة طلب صاحب البلاغ.

5-15 وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 أيدت محكمة الهجرة قرار مجلس الهجرة. ولم يطعن صاحب البلاغ في قرار محكمة الهجرة أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة.

5-16 وفيما يتعلق باستنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، تشير الدولة الطرف إلى أن أمر طرد صاحب البلاغ أصبح نهائياً في 20 كانون الثاني/يناير 2006 عندما قرر مجلس طعون الأجانب، وهو أعلى سلطة مختصة في القضية، رفض طعن صاحب البلاغ في قرار مجلس الهجرة الصادر في 16 أيار/مايو 2005. ومع ذلك، لم يطعن صاحب البلاغ أمام محكمة استئناف شؤون الهجرة، في مرحلة لاحقة من الإجراءات، في قرار محكمة الهجرة الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 برفض طلبه إعادة نظر القضية بموجب المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب، على أساس إدعائه أنه مزدوج الميل الجنسي. و عزا صاحب البلاغ عدم طعنه في القرار إلى أن محكمة الهجرة قررت في اليوم السابق لطرده من السويد عدم وقف تنفيذ الطرد، وإلى أن لديه أسباباً وجيهة تدعو للاعتقاد بأن محكمة استئناف شؤون الهجرة سترفض طلبه بوقف تنفيذ أمر الطرد، نظراً إلى أن محكمة الاستئناف لن تمنحه على الأرجح إذناً بالطعن.

5-17 وتشير الدولة الطرف إلى أنه عندما قرر صاحب البلاغ إفادة سلطات الهجرة عن ميله الجنسي المزدوج ( تشرين الأول/أكتوبر 2008) كان أمر الطرد قد أصبح نهائياً منذ أكثر من عامين ونصف العام . ورأى مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن ميله الجنسي يمثل "ظرفاً جديداً" ولذلك كان يمكن دراسته بموجب المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب. ومع ذلك، رأت محكمة الهجرة أيضاً أن صاحب البلاغ لا يستوفي شرط "العذر المقبول" بموجب النص نفسه. وكان بمقدور صاحب البلاغ أن يطعن أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة في قرار محكمة الهجرة الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وكان بمقدوره أيضاً أن يطلب من محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة وقف تنفيذ أمر الطرد لحين النظر في الطعن. ومن صلاحيات المحكمة المعنية أن تتخذ قرارات بشأن التدابير المؤقتة ذات الصلة، وبشأن إعادة النظر في قضية صاحب البلاغ. وبناءً على ذلك، ي ع ت بر سبيل الانتصاف فعالاً في هذا الصدد. ويبدو أن صاحب البلاغ اختار بدلاً من ذلك أن يقدم شكوى إلى اللجنة. ولم ينجح صاحب البلاغ في إثبات أن تقديم طعن أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة أمر عديم الجدوى من الناحية الموضوعية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2008 كانت محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة قد أصدرت حكماً واحداً فقط بشأن مفهوم "العذر المقبول"، وهو حكم لا يتعلق بالميل الجنسي، وأشارت إلى ضرورة تقييم كل حالة على حدة. وبناءً على ذلك، ليس من المعروف على وجه اليقين كيف كانت محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة ستتعامل مع الطعن المقدم من صاحب البلاغ. وفي ضوء ما سبق، ينبغي للجنة أن تعلن عدم مقبولية هذا البلاغ نظراً إلى عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية. كما ترى الدولة الطرف أن قول صاحب البلاغ إنه معرض لخطر المعاملة التي قد تصل إلى انتهاك أحكام العهد لا يرقى إلى الحد الأدنى من الأدلة المطلوبة لأغراض المقبولية؛ و لذلك من الواضح أن البلاغ غير مستند إلى أساس غير مقبول بموجب المادتين 2 و3 من البروتوكول الاختياري.

5-18 فإذا ما خلصت اللجنة على أن البلاغ مقبول، فإن المسألة المعروضة عليها هي ما إذا كانت الإعادة القسرية لصاحب البلاغ إلى أفغانستان تمثل انتهاكاً لالتزامات السويد بموجب المادتين 6 و7 من العهد. ويترتب على اجتهاد اللجنة أن الحكم بانتهاك المادتين 6 أو 7 يستلزم التأكد من أن الشخص المعني يواجه خطر اً حقيقياً لأن يتعرض لأفعال مدرجة في المادتين 6 و7 في البلد الذي سيعاد إليه. ويُقصد بالخطر الحقيقي أن يكون هذا الخطر هو العاقبة الضرورية والمتوقعة للإعادة القسرية ( ) . وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً ( ) . ويشير الرأي القانوني للجنة إلى وجود عتبة مرتفعة لتقديم أسس وافية تسوّغ الاعتقاد بوجود خطر حقيقي في التعرض لأذى لا يمكن جبره. ومن ثم يجب النظر في جميع الوقائع والظروف، بما في ذلك وضع حقوق الإنسان بشكل عام في البلد الأصلي لصاحب البلاغ. وينبغي إيلاء الاعتبار الواجب للتقييم الذي أجرته الدولة الطرف. كما رأت اللجنة أن من اختصاص المحاكم عموماً في الدول الأطراف في العهد أن تقيّم الوقائع والأدلة في كل قضية بعينها ، ما لم يتبين بوضوح أن التقييم تعسفي أو يصل إلى مستوى إنكار العدالة ( ) .

5-19 وفيما يتعلق بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان، يشير عدد من التقارير ( ) إلى استمرار حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلد، مثل عمليات الإعدام خارج القضاء، والتعذيب، والاحتجاز غير القانوني، والاغتصاب، والمصادرة غير القانونية للممتلكات الخاصة، والاتجار بالبشر، والتمييز، والمضايقة؛ وإلى أن عدم احترام حقوق الإنسان يرتبط ارتباطاً مباشراً بالوضع الأمني في البلد؛ وإلى تفشي الجريمة الوحشية وضعف الإدارة العامة التي لا تزال في مرحلة الإنشاء؛ وإلى تواتر حدوث التعذيب على أيدي الشرطة وسلطات السجون. ويقر الدستور الجديد عقوبة الإعدام، كما ينص قانون العقوبات وقانون الحدود الإسلامية على توقيع عقوبة الإعدام على أفعال مثل القتل والردة. وثمة حساسية واضحة ضد كل ما يُعتبر نشراً للفساد الخلقي أو للرسائل غير الإسلامية.

5- 20 وفيما يتعلق بوضع المثليين ومزدوجي الميل الجنسي في أفغانستان، فإن الشريعة الإسلامية تعاقب على ممارسة الأنشطة الجنسية المثلية باعتبارها جريمة تستحق تطبيق أقسى الحدود وهو القتل. وينص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2009 على أن السلطات تطبق هذا الحظر من وقت إلى آخر، ولكنها لم توقع عقوبة الإعدام منذ سقوط حكم ط ا لبان، وإن كان ذلك لا يزال ممكناً من الناحية التقنية. أما المنظمات المكرسة لحماية أو ممارسة حرية الميل الجنسي فتعمل في الخفاء. وتنص المبادئ التوجيهية لمفوضية شؤون اللاجئين المتعلقة بتقييم احتياجات ملتمسي اللجوء الأفغان إلى الحماية الدولية ( كانون ال أول / ديسمبر 2010)، ضمن جملة أمور، على أنه "في ضوء المحرمات المجتمعية القوية، وتجريم "السلوك الجنسي المثلي"، ترى مفوضية شؤون اللاجئين أن المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية يمكن أن يكونوا معرضين للخطر بسبب انتمائهم إلى فئة مجتمعة معينة، أي بسبب ميلهم الجنسي و/ أو هويتهم الجنسانية، إذ إنهم لا يمتثلون للمعايير القانونية والدينية والاجتماعية السائدة أو يُنظر إليهم على أنهم لا يمتثلون لهذه المعايير " (الصفحة 29). غير أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية يشير إلى عدم وردود تقارير عن حالات تمييز أ و عنف بسبب الميل الجنسي، وإن كانت المحرمات الاجتماعية لا تزال قوية. ولا يمارس النشاط الجنسي المثلي بشكل علني.

5-21 وتطبق سلطات الهجرة السويدية ، عند النظر في طلب لجوء مقدم بموجب قانون الأجانب، نفس النوع من الاختبار الذي تطبقه اللجنة عند دراسة شكوى بموجب العهد. والسلطة الوطنية التي تجري المقابلة المتعلقة باللجوء هي في موقع جيد جداً يسمح لها بأن تقيّم المعلومات المقدمة من ملتمسي اللجوء وأن تقيّم موثوقية ادعاءاتهم. ومن ثم، تتوافر لسلطات الهجرة السويدية معلومات كافية، منها الوقائع والوثائق المتاحة في الملف، ب ما يضمن وجود أساس قوي لتقييم مدى احتياج صاحب البلاغ للحماية. ولذلك يجب إيلاء اعتبار كبير للتقييم الذي تجريه سلطات الهجرة السويدية. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تعتمد الدولة الطرف على قرارات مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة، وعلى الحيثيات الواردة في هذه القرارات.

5-22 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه يواجه خطراً حقيقياً للتعرّض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على يد المجاهدين في أفغانستان بسبب أنشطته في الحزب، تشير الدولة الطرف إلى أن مجلس الهجرة درس هذا الادعاء ثلاث مرات، وأن محكمة الهجرة درسته مرتين، ورُفض الادعاء في جميع هذه المرات على النحو المذكور أعلاه. و يصعب اعتبار التقييم الذي أجرته السلطات تعسفياً بشكل واضح أو يصل إلى مستوى إنكار العدالة. وعلاوة على ذلك، بيّن صاحب البلاغ في ما قدمه من معلومات أنه لم يتعرّض لتهديدات أو مضايقة أو تعذيب أو معاملة أو عقوبة لا إنسانية أو مهينة بعد إطلاق سراحه من السجن في عام 1993 وحتى وقت مغادرته لأفغانستان، وهي فترة تصل إلى نحو عشر سنوات (1993-2002). كما أشار صاحب البلاغ إلى أنه لم يتعرّض لأي أفعال من هذا القبيل منذ عودته إلى أفغانستان وحتى تاريخ تقديم ملاحظات الدولة الطرف، أي نحو عامين آخرين . وفي ضوء ما سبق، فإن الرأي الذي أعلنه مجلس الهجرة في السويد في قراره المؤرخ 16 آب/أغسطس 2005 يزداد قوة. وعلى ذلك، فإن صاحب البلاغ لم يقم الدليل على أنه يواجه خطراً حقيقياً لأنه يتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على يد المجاهدين أو جهات أخرى في أفغانستان نتيجة انخراطه السابق في النظام الشيوعي.

5-23 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه مزدوج الميل الجنسي، تشير الدولة الطرف إلى أنه لم يدّع ذلك لأول مرة إلا في طلبه الرابع المقدم إلى مجلس الهجرة في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2008، أي بعد ستة أعوام من وجوده في السويد. ومع الاعتراف بالصعوبات التي قد يواجهها أي شخص في إبلاغ الآخرين، بما في ذلك سلطات الهجرة، ب أنه مزدوج الميل الجنسي، فإن من المعقول أيضاً، في بعض الأحيان، أن يكون لطول الفترة بين وصول ملتمس اللجوء إلى البلد الذي يلتمس فيه الحماية وبين تقديمه طلب الحماية استناداً إلى ميله الجنسي تأثير على عملية تقييم ادعاءاته. ومن المبادئ الأساسية المقررة في القانون الدولي والمحلي المتعلق باللاجئين أن على الأجنبي الذي يطلب الحماية في بلد آخر أن يذكر جميع أسباب التماسه الحماية في مرحلة مبكرة قدر الإمكان من الإجراءات. وفي هذه القضية، ادعى صاحب البلاغ وجود ميل جنسي مزدوج لديه بعد ستة أعوام من وصوله، رغم أنه ظل طوال هذه السنوات على اتصال متكرر بسلطات الهجرة ومحاكم الهجرة.

5-24 وذكر صاحب البلاغ للجنة أنه لم يُفصح عن ميله الجنسي في مرحلة مبكرة من إجراءات اللجوء بسبب الوصمة المقترنة بمزدوجي الميل الجنسي والمثليين؛ والشعور بالعار، والخوف من نظرة م حاميه السابق ونظرة سلطات الهجرة والمترجمين الشفويين إلي ه ومن رد فعلهم؛ والخوف من التعرض للانتقام إذا علم الأفغان بميله الجنسي. وساق صاحب البلاغ سبباً آخر، هو أنه لم يكن يعلم أن الخوف من التعرّض للاضطهاد بسبب الميل الجنسي يمثل مبرراً مشروعاً لطلب مركز اللاجئ واللجوء في السويد. وترى الدولة الطرف أن هذه الأسباب غير كافية. فمن المفهوم أن أي شخص من أفغانستان يدعي أنه مزدوج الميل الجنسي سوف يتأثر بالمحرمات الاجتماعية. غير أن صاحب البلاغ أقام علاقات جنسية مع رجال، ثم مع نساء، منذ سن 15 سنة وحتى مغادرته لأفغانستان في عام 2002؛ وكان مسؤولاً عن إخراج مسرحية عن موضوع ازدواجية الميل الجنسي وأدى فيها دوراً؛ و بدأ علاقاته مع الرجال في السويد بعد عام فقط من وصوله؛ وبدأ يتردد على أندية المثليين ويشارك في أنشطتهم الاجتماعية بداية من عام 2004. ولذلك تستنتج الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، على المستوى الشخصي، لم يُنكر أنه مزدوج الميل الجنسي لا في أفغانستان ولا في السويد. وبالتالي ، فإن الأسباب التي ساقها لعدم إفادة سلطات الهجرة عن ميله الجنسي المزدوج في مرحلة مبكرة من العملية خوفاً من الوصمة والشعور بالعار أو خوفاً من الانتقام من الأفغان الموجودين في السويد إنما هي أسباب موضع شك. وتضيف الدولة الطرف أن السويد بلد يحترم عموماً حقوق الأفراد فيما يتع لق بميلهم الجنسي ويتسامح معهم. و كون صاحب البلاغ قد بدأ العيش علناً كشخص مزدوج الميل الجنسي اعتباراً من عام 2004 وبدأ الالتقاء بأشخاص من نفس التوجه الفكري، يشير إلى أنه كان على وعي جيد ب هذا الوضع. و لهذا السبب، من الصعب فهم سبب انتظاره ست سنوات قبل أن يحتج بميله الجنسي كأساس لطلب اللجوء، ومما يزيد الأمر غرابة أنه جاء إلى السويد بهدف محدد هو طلب الحماية. وكان صاحب البلاغ مُمثلاً بمحاميه في جميع الإجراءات المحلية، مما يثير الشك في ادعائه أنه لم يكن يعلم أن الميل الجنسي يمثل مبرراً مشروعاً لطلب مركز اللاجئ في السويد. ورغم أن من الممكن قبول بعض التأخر فيما يتعلق بالإفصاح عن أمور الميل الجنسي، ترى الدولة الطرف أن فترة ست سنوات طويلة إلى درجة غير معقولة.

5-25 وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى تناقض بين البيانات التي أدلى بها صاحب البلاغ فيما يتعلق بميله الجنسي المزدوج. فقد جاء في وثيقة قدمها الاتحاد السويدي لحقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية أن من الصعب لصاحب البلاغ أن يُبقي علاقاته بالرجال طي الكتمان، وأن من حوله بدأوا يدركون حقيقة أمره وبدأوا في مضايقته، في حين أن صاحب البلاغ أفاد في جميع البلاغات الأخرى المتعلقة بميله الجنسي المزدوج أنه لم يخبر أحداً عن ميله الجنسي وأن لا أحد يعرف بذلك. وعلاوة على ذلك، قال صاحب البلاغ إنه كان عضواً نشطاً في الحزب الشيوعي وعمل في الخدمات الأمنية للحزب طيلة ثلاث سنوات. وذكر أنه كتب وأخرج خلال هذه الفترة مسرحيات تسخر من المجاهدين. وعندما قدم ادعاءه بشأن ميله الجنسي المزدوج أبقى على ادعاءاته السابقة ولكنه عدّلها لت توافق مع بياناته السابقة. وذكر ب ذلك أن ممثلين للمجاهدين حضروا عرض مسرحيته المتعلقة بالميل الجنسي المزدوج، وأنهم هددوه وآذوه بسبب محتواها. وترى الدولة الطرف أن من غير الممكن أن يُسمح لممثلي المجاهدين بحضور مسرحية، أياً كان موضوعها، أعدتها الدوائر السرية للحزب الشيوعي يوم كان لا يزال في السلطة في أفغانستان. ومن ثمّ فإن موثوقية ادعاء صاحب البلاغ ضعيفة. وفي ضوء ما سبق، يوجد من الأسباب ما يبرر الشك في بيانات صاحب البلاغ وادعاءاته المتعلقة بخطر التعرض للقتل و/أو التعذيب أو سوء المعاملة بسبب ميله الجنسي لدى عودته إلى أفغانستان.

5-26 وتشير أيضاً الدولة الطرف ، حسب ما ذكر صاحب البلاغ ، إلى أن حادث الاعتقال والتعذيب وقع في عام 1993، ولكن صاحب البلاغ ظل في أفغانستان حتى عام 2002 دون التعرّض مرة أخرى للاعتقال والتعذيب. كما توجّه الدولة الطرف نظر اللجنة إلى أن رسالة محامية صاحب البلاغ المؤرخة 31 آذار/مارس 2010 لا تتضمن أية إشارة إلى أنه تعرّض، منذ عودته إلى أفغانستان، لأي تهديدات أو مضايقة أو معاملة محظورة بموجب المادتين 6 و7 من العهد. كما تشير هذه الرسالة إلى أن صاحب البلاغ يسافر بين أفغانستان وباكستان.

5-27 وفي الختام، ترى الدولة الطرف أن البلاغ ينبغي أن يُعتبر غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لعدم استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية؛ وبموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لعدم دعم ادعاءاته بأدلة كافية لتحقيق أغراض المقبولية، إذ إن الوثائق والظروف التي احتج بها صاحب البلاغ لا تكفي لإثبات وجود أسس قوية تدعو للاعتقاد بأنه سيواجه خطراً حقيقياً وشخصياً لأن يتعرض لمعاملة تتنافى مع المادتين 6 و7 حال عودته إلى أفغانستان. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تزعم الدولة الطرف أن هذا البلاغ لا يكشف عن حدوث انتهاك للعهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

6-1 في 4 أيار/مايو 2011 اعترفت محامية صاحب البلاغ ب أن هذا الأخير لم يطعن أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة في قرار محكمة الهجرة الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008. وفسّرت المحامية ذلك بأن محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة هي أعلى سلطة في قضايا اللجوء، وأنه يُشترط الإذن بالطعن حتى تصدر المحكمة حكماً في أية قضية. وتزعم أيضاً أن الإذن بالطعن لم يُمنح إلا في 1 أو 2 في المائة من القضايا، ولذلك فإن سبل الانتصاف المحلية استنفدت بالفعل بإصدار محكمة الهجرة قرارها المؤرخ 16 أيار/مايو 2005. كما أشارت محامية صاحب البلاغ إلى أن من الممكن تقديم طلب لإعادة النظر في القضية بموجب المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب لعام 2005، دون أي حدود زمنية وبأي عدد مطلوب من المرات بعد صدور رفض نهائي في قضية لجوء وقبل طرد ملتمس اللجوء إلى بلده الأصلي. ولذلك فإن سبيل الانتصاف القانوني بموجب الباب ذي الصلة من القانون لا يمكن أن يُستنفد بشكل كامل، لأن من الممكن دائماً لملتمس اللجوء المعرّض لخطر الطرد أن يلجأ إلى سبيل الانتصاف هذا.

6-2 ودعت المحامية إلى إيلاء الاعتبار الواجب لرأي مفوضية شؤون اللاجئين، الذي يشير إلى أن المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية قد يتعرضون للخطر بسبب انتمائهم لفئة اجتماعية معينة، وقالت إن المعلومات التي قدمها البلد تدعم ادعاءات صاحب البلاغ. وأفادت المحامية أيضاً بأنها لم تكن على اتصال بصاحب البلاغ في أفغانستان منذ 31 آذار/مارس 2010.

الملاحظات الإضافية التي قدمتها الدول الطرف

7- شددت الدولة الطرف، بموجب رسالة مؤرخة 5 تموز/يوليه 2011، على أنها تحتفظ بموقفها بشأن مقبولية هذا البلاغ وأسسه الموضوعية، على النحو الوارد في ملاحظاتها المقدمة في 5 شباط/فبراير 2011.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تُحدّد، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8-2 وقد تأكدت اللجنة وفقاً لأحكام الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-3 وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري بشأن استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تشير اللجنة إلى حجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم طعناً أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة في قرار محكمة الهجرة المؤرخ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، الذي رفض بموجب طلبه إعادة النظر في قضيته استناداً إلى ادعائه المتعلق بميله الجنسي. كما تحيط اللجنة علماً بحجج صاحب البلاغ بأن سبيل الانتصاف المعني لا يُعتبر فعالاً بالنظر إلى أن الترحيل كان وشيكاً ولأن محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة كانت سترفض على الأرجح طلبه وقف تنفيذ الترحيل ولم تكن ستمنحه إذناً بالطعن في ضوء تفسيرها الصارم لشرط "العذر الوجيه ". وفنّدت الدولة الطرف هذه الحجج، مشيرة إلى أن محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة لها سلطة اتخاذ القرار بشأن طلب التدابير المؤقتة ذات الصلة وبشأن منح إذن ب إعادة النظر في قضيه صاحب البلاغ، ولذلك فإن صاحب البلاغ لم يبين أن سبيل الانتصاف المتاح، في شكل طعن أمام المحكمة المختصة، لم يكن فعالاً أو كان عديم الجدوى من الناحية الموضوعية. وعلاوة على ذلك، بما أن القرار الوحيد لمحكمة الاستئناف لشؤون الهجرة بشأن مفهوم "العذر ال وجيه " لم يكن يتعلق بالميل الجنسي لصاحب البلاغ، إذ لم يكن صاحب البلاغ على يقين من الكيفية التي كانت محكمة الاستئناف ستتعامل بها مع طعنه، خاصة في ضوء موقف المحكمة القاضي بضرورة إجراء تقييم فردي للحالات من أجل تفسير مفهوم "العذر الوجيه ".

8-4 وتشير اللجنة، في هذا السياق، إلى رأيها القانوني بأن على أصحاب البلاغات أن يستفيدوا من جميع سبل الانتصاف القضائية من أجل استيفاء الشرط الوارد في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، إن كانت سبل الانتصاف هذه فعالة في قضية معينة ومتاحة بالفعل لصاحب البلاغ ( ) . ورغم اقتناع اللجنة بأن سبيل الانتصاف، في شكل طعن أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة، كان سيُعتبر فعالاً بالمعنى الوارد في الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، فإنها تلاحظ أن ترحيل صاحب البلاغ إلى أفغانستان نُفّذ بعد فترة قصيرة من إبلاغه بقرار محكمة الهجرة الصادر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، مما أدى إلى حرمانه من الحق في الطعن في القرار أمام محكمة الاستئناف لشؤون الهجرة خلال ثلاثة أسابيع من تاريخ صدور قرار محكمة الهجرة، على النحو المنصوص عليه في المادة 10 من الباب 16 من قانون الأجانب لعام 2005. وترى اللجنة أنه عند إتاحة سبل انتصاف محلية أخرى لملتمسي اللجوء المعرّضين لخطر الترحيل إلى بلد ثالث، يجب منحهم فترة زمنية معقولة لالتماس سبل الانتصاف الأخرى قبل تنفيذ الطرد؛ وإلا تصبح سبل الانتصاف هذه، من الناحية الواقعية، غير متاحة م ادياً وغير فعالة وعديمة الجدوى. و في هذه الظروف، ترى اللجنة عدم وجود ما يمنعها، بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من النظر في البلاغ.

8-5 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد أقام الدليل الكافي ، لأغراض المقبولية، على ادعاءاته بموجب المادتين 6 و7 من العهد. وبالنظر إلى استيفاء شروط المقبولية الأخرى، تُعلن اللجنة مقبولية البلاغ وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

9-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، على النحو المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

9-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن إعادته قسراً إلى أفغانستان ستُعرّضه لخطر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إضافة إلى تعرض حياته للتهديد بسبب ميله الجنسي. وتشير إلى أن الدول الأطراف يجب ألا تُعرّض الأفراد لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لدى عودتهم إلى بلد آخر نتيجة لتسليمهم أو طردهم أو إعادتهم قسراً ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف بأن سلطات الهجرة نظرت على النحو الواجب في طلب اللجوء المقدم من صاحب البلاغ، وأن هذه السلطات لم تجد أن وضع الأشخاص المثليين أو مزدوجي الميل الجنسي في أفغانستان يستدعي الحماية الدولية، وأن صاحب البلاغ لم يُثبت أنه معرّض لخطر الاضطهاد إن عاد إلى أفغانستان (انظر الفقرة 5-13 أعلاه). وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى أنه ينبغي للدول الأطراف في العهد بوجه عام، أن تستعرض أو تُقيّم الوقائع والأدلة لكي تقرر وجود هذا الخطر من عدمه.

9-3 ومع ذلك، تلاحظ اللجنة، في هذا البلاغ، أن المواد المعروضة عليها تبين أن سلطات الهجرة التابعة للدولة الطرف رفضت طلب صاحب البلاغ، لا على أساس ميله الجنسي وتأثير ذلك عليه في ظروف معينة في أفغانستان، وإنما على أساس أن الاحتجاج بالميل الجنسي جاء في مرحلة متأخرة من مراحل عملية اللجوء، وهو ما تراه الدولة الطرف يقوّض بشدة موثوقية صاحب البلاغ، بغض النظر عما ساقه من مبررات لتأخره في الكشف عن ادعائه - وهي الوصمة المقترنة بمزدوجي الميل الجنسي والمثليين، والشعور بالعار، والخوف من الانتقام، وعدم الدراية بأن الميل الجنسي يمثل مبرراً مشروعاً لطلب مركز اللاجئ واللجوء - وأن سلطات الدولة الطرف رأت أن صاحب البلاغ لم يستوف معيار "العذر الوجيه " بالمعنى الوارد في المادة 19 من الباب 12 من قانون الأجانب لعام 2005.

9-4 وتبين للدولة الطرف أن صاحب البلاغ لن يواجه خطر التعرض للتعذيب حال عودته إلى بلده الأصلي، رغم أن الدولة الطرف نفسها أشارت إلى تقارير دولية تفيد بأن الأنشطة الجنسية المثلية في أفغانستان يُعاقب عليها باعتبارها جريمة تستلزم تطبيق حد القتل، وهو أقصى عقوبة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، في تقييمها لخطر تعرّض صاحب البلاغ لمعاملة تتنافى مع المادتين 6 و7 من العهد لدى عودته إلى أفغانستان، ركزت أساساً على أوجه عدم الاتساق في سرد صاحب البلاغ لوقائع داعمة محددة وعلى ضعف موثوقيته استناداً إلى تأخره في تقديم ادعائه المتعلق بميله الجنسي. وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الخطر الحقيقي الذي قد يواجهه في أفغانستان في ضوء ميله الجنسي لم يحظ بالعناية الواجبة. ومن ثمّ، ترى اللجنة أن ترحيل صاحب البلاغ إلى أفغانستان، في ظل هذه الظروف، يمثل انتهاكاً للمادتين 6 و7 من العهد.

10- وإن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ترى أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 6 و7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

11- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، فإن الدولة الطرف مُلزمة بأن تتيح لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً، بما في ذلك جميع التدابير المناسبة لتيسير عودته إلى السويد، إن رغب في ذلك. كما أنها مُلزمة باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

12- و اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد سلّمت باختصاص اللجنة في تقرير ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأن الدولة الطرف قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها و الخاضعين لولايتها، تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوما ً معلومات عما اتخذته من تدابير لإ نفاذ آراء اللجنة. كما تطلب إليها نشر آراء اللجنة وترجمتها إلى اللغة الرسمية للدولة الطرف وتوزيعها على نطاق واسع.

[ اعتُمِدت بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص ال إ نكليز ي هو النص الأصلي. وس ت صدر لاحق ـ اً بالروسية والصينية والعربية كج ـ زء من تقرير اللجن ـ ة السنوي إلى الجمعية العامة ] .

تذييل

رأي فردي أعرب عنه عضو اللجنة السيد رافائيل ريفاس بوسادا

خلصت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، في الفقرة 10 من قرارها بشأن قضية س. ضد السويد ، إلى أن "الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 6 و7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". وفي الفقرة 9-4، تُبرر اللجنة استنتاجها استناداً إلى "الخطر الحقيقي الذي قد يواجهه في أفغانستان في ضوء ميله الجنسي". وبعبارة أخرى، إ ن مجرد وجود خطر أو إمكانية لأن يفقد صاحب البلاغ حياته في البلد الذي سيُرحّل إليه يمثل سبباً كافياً لتأكيد حدوث انتهاك مباشر للمادة 6 من العهد.

وأعتقد أن اللجنة، في هذه القضية وفي قضايا أخرى مماثلة، تخطئ في تطبيق المادة 6 من العهد. فإن كانت هذه المادة تكرس الحق في الحياة، فإنها تنص بكل وضوح على أنه "لا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً". و إن اللجنة، إذ رأت في هذه القضية أن صاحب البلاغ مُعرّض لخطر فقدان حياته في أفغانستان بسبب ميله الجنسي - وهو خطر لم تنظر فيه الدولة الطرف ولم تطلب الضمانات الدبلوماسية المعهودة بشأنه - وأن وجود هذا الخطر يكفي لاتخاذ قرار بحدوث انتهاك للمادة 6، يبدو أنها قد غيرت نص المادة 6 لتفسرها كما لو كانت تنص على أنه "لا يجوز تعريض أحد لخطر الحرمان من حياته تعسفاً"، وهو ما لا تقوله المادة 6. إن معناها لا يحتمل اللبس و لا يشوبه غموض. ف وحده "الحرمان من الحياة" يسوّغ تطبيقها، وإن مجرد وجود خطر حرمان الشخص من الحياة، مهما كان احتمال وجود هذا الخطر قوياً، لا يبرر استنتاج اللجنة حدوث انتهاك مباشر للمادة.

ونظراً إلى عدم وجود شك في حدوث انتهاك للمادة 7 في هذه القضية، وهو انتهاك، وفقاً لاجتهاد ا للجنة، لا يحدث فقط عندما تكون المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ذات طبيعة مادية، وإنما أيضاً عندما تكون نفسية، فكان ينبغي أن يُصاغ النص السليم للآراء على النحو التالي "حدث في هذه القضية انتهاك للمادة 7 بالاقتران مع المادة 6". والإشارة إلى المادة 6 لها ما يبررها لأن الخطر الذي قد يتعرّض له صاحب البلاغ يتضمن إمكانية الحكم عليه بالإعدام.

وأوافق على سائر عناصر آراء اللجنة.

(توقيع) رافائيل ريفاس بوسادا

[حُرر بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الإسباني هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالروسية والصينيـة والعربيـة كجزء مـن تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]